You are on page 1of 23

‫هذا مت الكبىر السممى بـ )عقيدة أهل التوحيد( للإمام التهد العال العلمة‬

‫القق العارف بال ‪ ،‬سيدي أبي عبدال ممد بن يوسف السمنوسي السمن‬
‫التلمسمان ‪ ،‬رحهم ال ‪ ،‬ونفع بعلومهم السملمي آمي آ مي آمي ‪.‬‬

‫بسمم ال الرحن الرحيم‬

‫قال السميد الشريف الشيخ الفقية المام التهد العال العلمة ‪ ،‬وحيد دهره‬
‫وفريد عصره ‪ ،‬القدوة القق ‪ ،‬الول العارف بال ‪ ،‬سيدي أبو عبدال ‪ ،‬ممد بن‬
‫يوسف السمنوسي السمن التلمسمان ‪ ،‬القطب الربان ‪ ،‬رحهم ال ووالديهم ونفعنا‬
‫بعلومهم آمي ‪.‬‬

‫وبعد ‪،‬‬
‫المد ل رب العالي ‪ ،‬والصلة والسملم على سيدنا ومولنا ممد ‪ ،‬خات‬
‫النبيي وإمام الرسلي ‪ ،‬ورضي ال تعال عن أصحاب رسول ال أجعي ‪ ،‬وعن‬
‫التابعي ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسمان إل يوم الدين ‪.‬‬
‫اعلم ‪ -‬شرح ال صدري وصدرك ‪ ،‬ويسمر لنيل الكمال ف الدارين أمري‬
‫وأمرك – أن أول ما يب قبل كل شيء على من بلغ ‪ ،‬أن ييعممل فكرره فيما يوصلهم‬
‫صل لهم‬
‫إل العلم بعبوده من الباهي القاطعة ‪ ،‬والدلة السماطعة ‪ ،‬إل أن يكون حر ر‬
‫العلمي بذلك قبل البلوغ ‪ ،‬فليشتغل بعده بالهم فالهم ‪.‬‬
‫ول يرضى لعقائده حرفة التقليد ‪ ،‬فإنا ف الآخرة غي يمرللصة عند كثي من‬
‫الققي ‪ ،‬وييشى على صاحبها الشكّ عند عروض الشبهات ‪ ،‬ونزول الدواهي‬
‫العضلت كالقب ونوه ‪ ،‬ما يفتقر فيهم إل قول ثابت بالأدلة ‪ ،‬وقوة يقي ‪ ،‬وعقد‬
‫راسخ ل يتزلزل ‪ ،‬لكونهم نتج عن قواطع الباهي ‪ ،‬ول يغت القلد ويسمتدل على أنهم‬
‫على الق بقوة تصميمهم ‪ ،‬وكثرة تعبده ‪ ،‬للنقض عليهم بتصميم اليهود والنصارىر‬
‫وعرربدرة الوثان ‪ ،‬ومن ف معناهم ‪ ،‬تقليدا لحبارهم وآبائهم الضالي الضلي ‪.‬‬

‫فصل‬
‫وإذا عرفت هذا أيها القلد ‪ ،‬الناظري لنفسمهم بعي الرحة ‪ ،‬فأقرب شيء يرجك‬
‫عن التقليد ‪ ،‬بعون ال تعال ‪ ،‬أن تنظر إل أقرب الأشياء إليك ‪ ،‬وذلك نفسميك‬
‫قال ال تعال ‪) :‬وف أنفسمكم أفل تبصرون( فتعلم على الضرورة أنك ل تكن ث‬
‫كنت ‪ ،‬فتعلم أن لك موجدا أوجدك ‪ ،‬لستحالة أن توجد نفسمك ‪ ،‬وإل لأمكن‬
‫أن توجمد ما هو أهون عليك من نفسمك ‪ ،‬وهو ذات غيك ‪ ،‬لسماواتهم لك ف‬
‫الإمكان ‪.‬‬
‫وإنا قلنا ‪ :‬هو أهون عليك ‪ ،‬لا ف إيادك نفسمرك ممن زيادة التهافت ‪،‬‬
‫والمعم بي متنافيي ‪ ،‬وهو تقدّيمك على نفسمك ‪ ،‬وترأرّخيرك عنها ‪ ،‬لوجوب سبقم‬
‫نفس مفْعملهم ‪ ،‬لزم الذوري الذكور ‪.‬‬
‫الفاعل على فمْعلهم ‪ ،‬فإذا كانت ذاتهم ي‬
‫فإذا قلتر ‪ :‬كيف أعلم ضرورة سبقم عدمي ‪ ،‬وقد كنتي ماء ف صلب أب ‪،‬‬
‫وكذا أب ف صلب أبيهم ‪ ،‬وهلم جرا ؟ ‪.‬‬
‫غاية المر أن أعلم ضرورة تول من صورة إل صورة ‪ ،‬ل من عدم ال وجود‬
‫كما ذكرت ؟ ‪.‬‬
‫فالواب ‪ :‬أن ذاتك الن أكب من النطفة الت نشأت عنها قطعا ‪ ,‬فتعلم‬
‫على الضرورة أن ما زاد كان معدوما ث كان ‪ ،‬وإذا كان معدوما ث ويمجد فل بد لهم‬
‫من ميوجمد ‪ ،‬فقد ّت لك البهان القاطع ‪ -‬بذا الزائدم من ذاتك ‪ -‬على وجود‬
‫الصانع دون حاجة إل غيه ‪.‬‬
‫ث إذا نظرت إل هذا الزائد من ذاتك ‪ ،‬وجدّرتهم جرما يرْعيمير فراغا ‪ ،‬يوز أن‬
‫يكون على ما هو عليهم من القدار الخمصوص ‪ ،‬والصفة الخمصوصة ‪ ،‬وأن يكون‬
‫على خلفهما ‪ ،‬فتعلم قطعا أن لصانعك اختيارا ف تصيص ذاتك ببعض ما جاز‬
‫عليها ‪.‬‬
‫ت عنها قطعا ‪،‬‬ ‫فيخمرج لك من هذا ‪ :‬البهاني القاطعي على أن النطفة الت نشرْأ ر‬
‫يسمتحيل أن تكون هي الوجدةر لذاتك ‪ ،‬لعدم إمكان الختيار لا حت تصص‬
‫ذاترك ببعض ما جاز عليها ‪.‬‬
‫وأيضا ‪ :‬ل طبع لا ف وجود ذاتك ‪ ،‬وإل لكنت على شكل الكرة ‪ ،‬لستواء‬
‫أجزاء النطفة ‪ ،‬ول ف نوها ‪ ،‬وإل لكنت تنمو أبدا ‪.‬‬
‫ومن هنا أيضا تعلم أن تلك النطفة ‪ ،‬وسائرر العال ‪ ،‬ل يكن ث كان ‪ ،‬إذ كلهم‬
‫مثلك ‪ ،‬جرم يعمر فراغا ‪ ،‬يكن وجوده وعدمهم ‪ ،‬واتصافهم با هو عليهم من القادير‬
‫والصفات الخمصوصة وبغيها ‪ ،‬فيحتاج كما احتجتر إل مصص يصصهم با هو‬
‫عليهم ‪ ،‬لوجوب استواء الثلي ف كل ما يب ويوز ويسمتحيل ‪.‬‬
‫وقد وجب لذاتك سرْبيق العدم ‪ ،‬فكذلك يب لسمائر العال الماثل لك ‪ ،‬إذ‬
‫لو جاز أن يكون بعض العال قديا ‪ ،‬والقدم ل يكون إل واجبا للقدي ‪ ،‬كما‬
‫يأت ‪ ،‬للزم أن يتص أحد الثلي عن مثلهم بصفة واجبة وهو مال ‪ ،‬ملما يلزم من‬
‫اجتماع متنافيي ‪ ،‬وهو أن يكون ممْثل غي مثل ‪.‬‬
‫فخمرج لك بالنظر ف ذاتك ‪ ،‬وانعقاد التماثل بينك وبي سائر المكنات ‪،‬‬
‫البهاني القاطع على حدوث العال كلهم ‪ ،‬علوه وسفلهم ‪ ،‬عرشهم وكرسيهم ‪ ،‬أصلهم وفرعهم‬
‫جيعهم عاجز عن إياد نفسمهم ‪ ،‬وعن إياد غيه ‪ ،‬كعجزك ‪ ،‬وأن الميع‬ ‫‪ ،‬وأن ر‬
‫مفتقر إل فاعل متار ‪ ،‬كافتقارك ‪ ) ،‬وإن من شيء إل يسمبح بمده ( ‪.‬‬
‫ك ذلك على‬ ‫نظرت إل تغيّر صفات العال ‪ ،‬رقبول وحيصول ‪ ،‬رلدرّل ر‬ ‫ر‬ ‫وأيضا لو‬
‫ك حدوثيها على حدوث‬ ‫حدوثها ‪ ،‬ملما يأت من استحالة تغي القدي ‪ ،‬ودرلّ ر‬
‫موصوفمها ‪ ،‬لستحالة عييرلومه عنها ‪.‬‬
‫وتقديرها حوادث ل أول لا ‪ ،‬يؤدي إل فراغ ما ل ناية لهم عددا ‪ ،‬قبل ما‬
‫وجد منها الن ‪ ،‬لكن فراغ العدد يسمتلزم انتهاء طرفيهم ‪ ،‬ففراغ ما ل ناية لهم من‬
‫عدد الوادث ميحال ‪ ،‬فما توقف عليهم الآن من وجود الوادث ‪ ،‬يب أن يكون‬
‫مال ‪ ،‬فيلزم أن تكون عدما ‪ ،‬مع تقق وجودها ‪.‬‬
‫وأيضا يلزم على وجود حوادث ل أول لا ‪ ،‬أن يقارن الوجود الأزل عدمهم ‪،‬‬
‫وأن يسمتحيل عند تطبيق ما فرغ منها بدون زيادة على نفسمهم ‪ ،‬مع زيادة ما عيملم‬
‫بي العددين من وجوب السماواة أو نقيضها ‪ ،‬وأن يصح ف كل حادث ثبوت‬
‫سبق‬
‫حكم بفراغ ما ل ناية لهم قبلهم ‪ ،‬وهكذا ل إل أول ف الأحكام ‪ ،‬وممن لزممها ي‬
‫مكوم عليهم بالفراغ ‪ ،‬فيلزم أن يسمبق أزل أزليا ‪ ،‬وإن أجيب بالنهاية ف الإحكام ‪،‬‬
‫لزم أن ما يتناهى ل يتناهى بزيادة واحد ‪.‬‬

‫فصل ‪ ) :‬ف وجوب القدم لهم تعال (‬


‫ث تقول ‪ :‬يب أن يكون هذا الصانع لذاتك ولسمائر العال قديا ‪ ،‬أي غي‬
‫مسمبوق بعدم ‪ ،‬وإل افتقر إل مدث ‪ ،‬وذلك يؤدىر إل التسملسمل ‪ ،‬إن كان مدميثهم‬
‫ليس أثرا لهم ‪ ،‬أو إل الدور إن كان ‪ ،‬والتسملسمل والدور مالن ‪ ،‬لا ف الأول من‬
‫فراغ ما ل ناية لهم بالعدد ‪ ،‬وف الثان من كون الشيء الواحد سابقا على نفسمهم‬
‫مسمبوقا با ‪.‬‬

‫فصل ‪ ) :‬ف وجوب البقاء لهم تعال (‬


‫ث تقول ‪ :‬ويب أن يكون باقيا ‪ ،‬أي ل يلحق وجودره عدم ‪ ،‬وإل لكانت‬
‫ذاتهم تقبلهما ‪ ،‬فيحتاج ف ترجيح وجوده إل مصص ‪ ،‬فيكون حادثا ‪ ،‬كيف وقد‬
‫مر بالبهان آنفا وجوبي مقدرمهم ‪ ،‬وممن هنا تعلم أن كل ما ثبت قدمهم استحال عدمهم‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬
‫ومن هنا أيضا تعلم وجوبر رترنّزههم تعال أن يكون جرما ‪ ،‬أو قائما بهم ‪ ،‬أو‬
‫ماذيا لهم ‪ ،‬أو ف جهة لهم ‪ ،‬أو مرتسمما ف خيالهم ‪ ،‬لأن ذلك كلهم يوجب ماثلتهم‬
‫للحوادث ‪ ،‬فيجب لهم ما وجب لا ‪ ،‬وذلك يقدح ف وجوب قدمهم وبقائهم ‪ ،‬بل وف‬
‫كل وصف من أوصاف ألوهيتهم ‪.‬‬

‫فصل ‪ ) :‬وجوب أن يكون تعال قادرا ‪ ،‬مريدا ‪ ،‬عالا ‪ ،‬حيا ‪ ،‬وسيعا ‪،‬‬
‫وبصيا ‪ ،‬متكلما (‬
‫ويب لذا الصانع أن يكون قادرا ‪ ،‬وإل لررما أوجدك ‪ ،‬ومريدا ‪ ،‬وإل لا‬
‫صتر بوجودٍ ‪ ،‬ول مقدار ‪ ،‬ول صفة ‪ ،‬ول زمن ‪ ،‬بدل عن نقائضها الائزة ‪،‬‬ ‫اختصر ْ‬
‫ر‬
‫فيلزم إما قدميك ‪ ،‬أو استمرار عدمك ‪.‬‬
‫ومن هنا تعلم استحالة كون الصانع طبيعة ‪ ،‬أو علة موجبة ‪ ،‬فإن أجيب عن‬
‫عدم القدي ‪ ،‬أو التسملسمل ‪ ،‬لنقل‬
‫التأخي ف الطبيعة بالانع ‪ ،‬أو فوات الشرط ‪ ،‬لزم ي‬
‫الكلم إل ذلك الانع أو ذلك الشرط ‪.‬‬
‫ث يب لصانعك أن يكون عالا ‪ ،‬وإل ل تكن على ما أنت عليهم من دقائق‬
‫الصنع ف اختصاص كل جزء منك بنفعتهم الاصة بهم ‪ ،‬وإمداده با يفظها عليهم ‪،‬‬
‫ونو ذلك من الاسن الت تعجز عقول البشر عن الإحاطة بأسرارها ‪.‬‬
‫وحرّيا ‪ ،‬وإل ل يكن بذه الأوصاف الت سبق وجوبا ‪.‬‬
‫وسيعا ‪ ،‬بصيا ‪ ،‬متكلما ‪ ،‬وإل لتصف ‪ -‬لكونهم حيا – بأضدادها ‪،‬‬
‫وأضداديها آفات ونقص ‪ ،‬وهي عليهم تعال مال ‪ ،‬لحتياجهم حينئذ إل من‬
‫يكملهم ‪ ،‬كيف وهو الغن بإطلق ‪ ،‬الفتقر إليهم كل ما سواه على العموم ‪.‬‬
‫والتحقيق ‪ :‬العتمادي ف هذه الثلثة على الدليل السممعي ‪ ،‬لأن ذاتهم تعال ل‬
‫يتعرف حت يكم ف حقهم بأنهم يب التصاف بأضدادها عند عدمها ‪ ،‬ول يسمتغن‬
‫بكونهم عالا عن كونهم سيعا بصيا ‪ ،‬لمرما نده من الفرق الضروري بي علمنا بالشيء‬
‫حال غيبتهم عنا ‪ ،‬وبي تعلق سعنا وبصرنا بهم قبل ‪.‬‬

‫) كونهم مدركا (‬
‫وبذا يثبت كونهم مدرمكا ‪ ،‬عند مرن أثبتهم ‪ ،‬والتحقيق فيهم الوقف ‪ ،‬لا تقدم من‬
‫أن التحقيق ف نفي النقائص ‪ ،‬العتمادي على السممع ‪ ،‬وقد ورد ف السممع والبصر‬
‫والكلم ‪ ،‬ول يرد ف الإدراك ‪ ،‬وجزم بعضهم بنفيهم لا رآه ملزوما للتصال بالجسمام‬
‫‪ ،‬يعن ‪ :‬ويدخل ف العلم ‪ ،‬والق انهم ل يسمتلزمهم ‪.‬‬
‫وبالملة ‪ ،‬فمجموع ما فيهم ثلثة أقوال ‪ ،‬وأقربا الوقف كما قدمناه ‪.‬‬

‫فصل ) ف صفات العان (‬


‫ث نقول ‪ :‬يتعي أن تكون هذه الأوصاف السمبع يتلزممها معانٍ تقوم بذاتهم‬
‫حّقق‬
‫تعال ‪ ،‬فيكون قادرا بقدرة ‪ ،‬مريدا بإرادة ‪ ،‬ث كذلك إل آخرها ‪ ،‬إما لمرت ر‬
‫تلزمها ف الشاهد ‪ ،‬وإما لأنا لو ثبتت بالذات للزم أن تكون الذاتي قدرةً إرادةً‬
‫لما ‪ ،‬ث كذلك ما بعدها ‪ ،‬لثبوت خاصية هذه الصفات لا ‪.‬‬ ‫مع ً‬
‫يضاد وأن ل يضادّ ‪،‬‬ ‫مال ‪ ،‬لأنهم يلزم أن ّ‬
‫معن ٌ‬‫وكون الشيء الواحد ذاتا ‪ً ،‬‬
‫وأن يسمتلزم وجود ملّ ‪ ،‬وأن ل يسمتلزمهم ‪ ،‬وذلك جرْمعٌ بي متنافيي ‪ ،‬وأن يكون‬
‫الوجودان فأكثر وجودا واحدا ‪ ،‬على القول بنفي الأحوال ‪ ،‬وأصل ذلك السمألة‬
‫الشهورة بـ ) سواد حلوة ( ‪.‬‬
‫فإن قالوا ‪ :‬ويلزم من وجودها تعليل الواجب ‪ ،‬وذلك مسمتلزم جوازره ‪.‬‬
‫العلة معلولرها الثبوتر ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬معن التعليل هنا التلزم ‪ ،‬ل إفادةي م‬
‫قالوا ‪ :‬لو وجدت للزم ترركّثر القدي با ‪ ،‬والإجاع أن القدي واحد ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬الوصوف ل يتكثر بصفاتهم ‪ ،‬بدليل أن الوهر الفرد يتصف بصفات‬
‫عديدة ‪ ،‬وهو واحد ‪ ،‬ومعن الإجاع ‪ :‬أن الوصوف بصفات اللوهية واحد ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬لو وجدت للزم تعدد الآلة ‪ ،‬لشاركتها لهم ف أخص وصفهم ‪ ،‬وهو‬
‫القدم ‪ ،‬وذلك يوجب الشتاك ف الأعم ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬منوع أن القدم صفة ثبوتية ‪ ،‬فضل عن أن يكون صفة نفسمية ‪ ،‬فضل‬
‫عن أن يكون أخص ‪ ،‬ث الإياب للأخص ف باب التماثل متنع ‪ ،‬لوجود الشتاك‬
‫ف الأعم مع انتفائهم ف الأخص ‪.‬‬

‫فصل ‪ ) :‬وجوب قدم صفات العان (‬


‫ث نقول ‪ :‬يتعي أن تكون هذه الصفات كلها قدية ‪ ،‬إذ لو كان شيء منها‬
‫حادثا ‪ ،‬للزم أن ل يعرىر عنهم ‪ ،‬أو عن التصاف بضده الادث ‪ ،‬ودليل حدوثهم ‪:‬‬
‫طريان عدمهم ‪ ،‬لا علمت من استحالة عدم القدي ‪ ،‬وما ل يتحقق ذاتهم بدون‬
‫حادث يلزم حدوثهم ضرورة ‪ ،‬وقد تقدم مْثيل ذلك ف الستدلل على حدوث العال‬
‫‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬إنا يتم ذلك إذا وجب أن القابل للشيء ل يلو عنهم ‪ ،‬أو عن‬
‫ضده ‪ ،‬ول ل يقال بواز خلوه عنهما معا ‪ ،‬ث يطرأ التصاف بما ‪ ،‬فتتحقق ذاتهم‬
‫دونما ‪ ،‬فل يلزم الدوث ؟ ‪.‬‬
‫فالواب ‪ :‬أنهم لو خل عنهما مع قبولهم لما ‪ ،‬لاز أن يلو عن جيع ما يقبلهم‬
‫من الصفات ‪ ،‬إذ القبول ل يتلف ‪ ،‬لنهم نفسمي ‪ ،‬وإل لزم الدور أو التسملسمل ‪،‬‬
‫وخلو القابل عن جيع ما يقبلهم من الصفات مال مطلقا ف الادث ‪ ،‬لوجوب‬
‫اتصافهم بالكوان ضرورة ‪ ،‬وف القدي ‪ ،‬لوجوب اتصافهم با دل عليهم فعلهم ‪ ،‬كالعلم‬
‫ضت حادثًة للزم الدور أو التسملسمل ‪ ،‬لتوقف إحداثها‬ ‫والقدرة والرادة ‪ ،‬ولو فيمر ر‬
‫عليها ‪.‬‬
‫وإذا عرفت وجوب قدم الصفات ‪ ،‬عرفت استحالةر عدمها ‪ ،‬ملما قدّمنا من‬
‫بيان استحالة العدم على القدي ‪ ،‬فخمرج لك بذا استحالةي التغي على القدي مطلقا‬
‫‪ ،‬أما ف ذاتهم ‪ ،‬فلوجوب قدمهم وبقائهم لا مر ‪ ،‬وأما ف صفاتهم فلما يذكمر الآن ‪ ،‬ومن‬
‫ّث استحال على علمهم أن يكون كسمبيا ‪ ،‬أي يصل لهم عن دليل ‪ ،‬أو ضروريا أي‬
‫يقارنهم ضرر ‪ ،‬كعلمنا بألنا ‪ ،‬أو يطرأ عليهم سهو أو غفلة ‪ ،‬واستحال على قدرتهم أن‬
‫تتاج إل آلة ‪،‬أو معاونة ‪ ،‬وعلى إرادتهم أن تكون لغرض ‪ ،‬وعلى سعهم وبصره‬
‫وكلمهم وإدراكهم ‪ -‬على القول بهم‪ -‬أن تكون بارحة أو مقابلة أو اتصال ‪ ،‬أو‬
‫يكون كلمهم حرفا أو صوتا ‪ ،‬أو يطرأ عليهم سكوت ‪ ،‬لستلزام جيع ذلك التغي‬
‫والدوث ‪.‬‬
‫فصل‬
‫ث نقول ‪ :‬يب لذه الصفات الوحدة ‪ ،‬فتكون قدرة واحدة ‪ ،‬وإرادة واحدة ‪،‬‬
‫وعلما واحدا ‪ ،‬وكذا ما بعدها ‪ ،‬ويب لا عدم النهاية ف متعلقاتا ‪ ،‬فتتعلق القدرة‬
‫والإرادة بكل مكن ‪ ،‬والعلم والكلم بميع أقسمام الكم العقلي ‪ ،‬وهي كل واجب‬
‫‪ ،‬وجائز ‪ ،‬ومسمتحيل ‪ ،‬والسممعي والبصر والإدراك ‪ -‬على القول بهم ‪ -‬بكل موجود ‪.‬‬
‫أما عدم النهاية ف متعلقاتا ‪ ،‬فلنا لو اختصت ببعض ما تصلح لهم ‪،‬‬
‫لاستحال ما يعملم جوازيه ‪ ،‬وافتقر إل مصص ‪.‬‬
‫ل يقال ‪ :‬جاز التعلق بالميع ‪ ،‬لكن منع منهم مانع ‪ ،‬لأنا نقول ‪ :‬الانع إن‬
‫ضادّ الصفةر ‪ ،‬لزم عدمها ‪ ،‬وعدمي القدي مال ‪ ،‬وإل فل أثر لهم ‪ ،‬وأيضا فالتعلق‬
‫نفسمي ‪ ،‬يسمتحيل أن ينع منهم مانع ‪ ،‬والانع ف حقنا إنا منع وجود الصفة ‪،‬‬
‫لتعددها بالنسمبة إلينا ‪ ،‬بدليل صحة ذهولنا عن أحد العلومي ‪ ،‬مع بقاء الخر ‪،‬‬
‫ل تعلقها ‪.‬‬
‫وأما دليل وحدتا ‪ ،‬فلأنا لو تعددت بتعدد متعلقاتها ‪ ،‬للزم دخول ما ل‬
‫ناية لهم عددا ف الوجود ‪ ،‬وهو مال ‪ ،‬وإل ل يكن لبعض الأعداد ترجيح على‬
‫بعض ‪ ،‬فتفتقر ف تعيي بعضها إل مصص ‪ ،‬وذلك يوجب حدوثها ‪ ،‬وقد تبي‬
‫وجوبي قمردمها هذا خلف ‪ ،‬فتعي اذاً وجوب وحدتا ‪.‬‬
‫فان قلت مثل ‪ :‬العلم ف حقنا متعدد بسمب تعدد متعلقهم ‪ ،‬وكذا غيه ‪ ،‬فلو‬
‫قام العلم مثل ف حقهم تعال مقام علوم ‪ ،‬لاز أن يقوم ف حقهم تعال مقام القدرة‬
‫والرادة وسائر الصفات ‪ ،‬بامع قيامهم مقام صفاتٍ متغايرة ‪ ،‬بل ويلزم عليهم أن‬
‫يوز قيام ذاتهم مقام الصفات كلها ‪ ،‬وذلك ما يأباه كل مسملم ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬الفرق أن التغاير ف العلوم الادثة ‪ ،‬لأجل التغاير ف التعلق مع التاد‬
‫ف النوع ‪ ،‬فحيث فرضت الوحدة ف العلم مثل ‪ ،‬زال التغاير ‪ ،‬أما العلم والقدرة‬
‫وسائر الصفات ‪ ،‬فمتغايرة ف حقائقها جنسما ‪ ،‬فلو قام بعضها مقام بعض ‪ ،‬لزم‬
‫قلب القائق ‪ ،‬ولزم ما تقدم ف مسمالة سواد حلوة ‪.‬‬

‫فصل ) الوحدانية (‬
‫ث نقول ‪ :‬يب لذا الصانع أن يكون واحدا ‪ ،‬إذ لو كان معهم ثان ‪ ،‬للزم‬
‫عجزها ‪ ،‬أو عجزي أحدها عند الختلف ‪ ،‬وقهريها ‪ ،‬أو قهري أحدها عند‬ ‫ي‬
‫التفاق الواجب ‪ ،‬مع استحالة ما علم إمكانهم لكل واحد باعتبار النفراد ‪ ،‬ونفي‬
‫وجوب الوجود لكل واحد منهما ‪ ،‬للستغناء بكل منهما عن كل منهما ‪ ،‬فإن ل‬
‫يب اتفاقهما ‪ ،‬بل جاز اختلفهما ‪ ،‬لزم قبولما العجز ‪ ،‬وعاد الأول ‪.‬‬
‫ويلزم أيضا ف التفاق مطلقا ‪ ،‬العجزي ‪ ،‬لأن الفعل الواحد يسمتحيل عليهم‬
‫النقسمام ‪ ،‬فيتمانعان فيهم ‪ ،‬فيلزم عجزها ‪ ،‬أو عجز أحدها ‪ ،‬كما ف الختلف ‪،‬‬
‫والعجزي على الإلهم مال ‪ ،‬لأنهم يضاد القدرة ‪ ،‬فإن كان قديا لزم استحالة عدمهم ‪،‬‬
‫فيجب أن ل يقدر هذا الإلهم على شيء دائما ‪ ،‬وإن كان حادثا فضده ‪ ،‬وهو‬
‫القدرة القدية ‪ ،‬فيسمتحيل عدمها ‪ ،‬فل يوجد العجز ‪ ،‬وأيضا فيسمتحيل اتصاف‬
‫الإلهم بصفة حادثة ‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فلم ل يوز أن ينقسمم العالريم بينهما قسممي ‪ ،‬فيكون أحدها‬
‫قادرا على أحد القسممي والآخر على الآخر فل يلزم التمانع ؟ ‪.‬‬
‫استحالة التناهي ف مقدورات الإلهم ومراداتهم ‪،‬‬
‫ي‬ ‫فالواب ‪ :‬أنهم قد تقرر قبلي‬
‫فيسمتحيل هذا الفرض الذي ذكر ف السمؤال ‪ ،‬وأيضا ‪ ،‬فالقسممان إن كانا معا ف‬
‫الواهر ‪ ،‬لزم من تعلق القدرة ببعضها تعلقها بالميع للتماثل ‪ ،‬فيلزم التمانع ‪ ،‬وإن‬
‫خر العراضر ‪ ،‬فذلك ل يعقل ‪ ،‬إذ القدرة على‬ ‫كان أحد القسممي الواهرر ‪ ،‬والآ ي‬
‫إياد الواهر ل تعقل بدون القدرة على أعراضها ‪ ،‬وكذلك العكس ‪ ،‬للتلزم الذي‬
‫بينهما ‪ ،‬ث ذلك ل يدفع التمانع عندما يريد أحدها أن يوجد الواهر والآخر ل‬
‫يريد أن يوجد عرضهم ‪.‬‬
‫ويصح إثبات هذ العقد – وهو الوحدانية ‪ -‬بالدليل السممعي ‪ ،‬ومررنرعيهم بعض‬
‫الققي ‪ ،‬وهو رأيي ‪ ،‬لأن ثبوت الصانع ل يتحقق بدونا ‪ ،‬ول أثر للدليل السممعي‬
‫ف ثبوت الصانع ‪ ،‬فكذا ما يتوقف عليهم ‪ ،‬وال اعلم ‪.‬‬
‫ويصح أن يسمتدل على الوحدانية با تقدم ف وحدة الصفات ‪ ،‬فنقول ‪ :‬يلزم‬
‫من تعدد الإلهم وجودي ما ل ناية لهم عددا ‪ ،‬إن تعدد بعدد المكنات ‪ ،‬والحتياج إل‬
‫مصص إن وقف دون ذلك ‪ ،‬وكلها مال ‪.‬‬
‫وبذا الدليل بعينة ‪ -‬أعن دليل التمانع ‪ -‬يسمتدل على أنهم جل وعل هو‬
‫الوجد لأفعال العباد ‪ ،‬ول تأثي لقدرتم الادثة فيها ‪ ،‬بل هي موجودة مقارنة لا ‪.‬‬
‫وإنا قلنا بوجود قدرة مقارنة ‪ ،‬لا نده من الفرق الضروري بي حركة‬
‫الضطرار وحركة الختيار ‪.‬‬

‫) الكسمب (‬
‫وعن تعلق هذه القدرة الادثة بالقدور ف ملها ‪ ،‬مقامرنة لهم ‪ ،‬من غي تأثي‬
‫عب أهل السمنة – رضي ال عنهم ‪ -‬بالكسمب ‪ ،‬وهو متعلق التكليف الشرعي ‪،‬‬
‫وأمارة على الثواب والعقاب ‪ ،‬فبطل إذن مذهب البية ‪ ،‬وهو إنكار القدرة الادثة‬
‫‪ ،‬لا فيهم من جحد الضرورة ‪ ،‬وإبطال مل التكليف ‪ ،‬وأمارة الثواب والعقاب ‪،‬‬
‫ومن هنا كان بدعةً ‪.‬‬
‫ومذهبي القدرية)‪ ، (1‬وهو كون العبد يتع أفعالرهم ‪ ،‬على وفق مراده ‪ ،‬بالقدرة‬
‫الت خلق ال لهم ‪ ،‬لا علمت من دليل الوحدانية ‪ ،‬واستحالة شريك مع ال تعال أّيا‬
‫كان ‪.‬‬
‫ويلزم فيهم أيضا استحالة ما علم إمكانهم ‪ ،‬إذ الأفعال يصح تعلق القدرة القدية‬
‫با ‪ ،‬قبل تعلق القدرة الادثة ‪ ،‬فلو منعتها القدرة الادثة للزم ما ذكر ‪ ،‬وترجيح‬
‫الرجوح ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ل يزل يقدر عليها ‪ ،‬بأن يسملب القدرة الادثة ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فقد لزم إذن أن ل يقدر عليها مع وجود القدرة الادثة ‪ ،‬وأيضا ‪ :‬من‬
‫أصلكم وجوب مراعاة الصلاح والأصلح ‪ ،‬فل يكن سلبها عندكم بعد التكليف ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬فكيف يثيبهم أو يعاقبهم على غي فعلهم ؟‬
‫معللي ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬يفعل ما يشاء ‪ ،‬ل يسمأل عما يفعل ‪ ،‬والثواب والعقاب غي ّ‬
‫وإنا الأفعال أمارات شرعية عليهما ‪ ،‬يلق ال تعال منها ف كل مكلف ما يدل‬
‫شرعا على ما أراد بهم ف عقباه ‪ ،‬فكلّ ميسمر لا خلق لهم ) ولو شاء ربك لعل‬
‫الناس أمة واحدة ( نسمألهم سبحانهم حسمن الاتة بفضلهم ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬كيف ييدح العبد أو يذم على غي ما فعل ؟ ويلزم أن تكون للعباد‬
‫الجة ف الآخرة ‪ ،‬وقد قال ال تعال ‪ ) :‬لئل يكون للناس على ال حجة بعد‬
‫الرسل ( ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أي وبطل مذهب القدرية ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬من معن ما قبلهم ‪ ،‬وأيضا ‪ :‬فيبطل بسمألة خلق الداعي والقدرة الادثة‬
‫وبعلمهم القدي اليط بكل شيء ‪ ،‬والق أن العبد مبور ف قالب متار ‪ ،‬فحسمن‬
‫فيهم ررْعي الأمرين ‪ ،‬على تقدير تسمليم أصل التحسمي والتقبيح العقليي ‪.‬‬

‫فصل ) التولد (‬
‫وإذا عرفت استحالة تأثي القدرة الادثة ف ملها ‪ ،‬بطل لذلك أيضا تأثيها‬
‫بواسطة مقدورها ف غي ملها ‪ ،‬كرمي الجر ‪ ،‬والضرب بالسميف ‪ ،‬ونو ذلك ما‬
‫يوجد عادة بواسطة حركة اليد مثل ‪ ،‬وهو السممى بالتولد عند القدرية ‪ ،‬موس هذه‬
‫المة ‪ ،‬مع ما فيهم – على مذهبهم ‪ -‬من وجود أثر بي مؤثرين ‪ ،‬ووجود فعل من‬
‫غي فاعل ‪ ،‬أو فاعل من غي إرادة ول علم بالفعول ‪ ،‬ونو ذلك من الستحالت‬
‫الذكورة ف الطولت ‪.‬‬
‫واتفق الكثر على عدم تولد الشبع والري ونوها عن الأكل والشرب‬
‫وشبههما ‪ ،‬وذلك ما ينقض أيضا على القائلي بالتولد ‪ ،‬وبال التوفيق ‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكر ف أوصافهم تعال إل هنا هو كلهم ما يب ف حقهم تعال ‪،‬‬
‫وإذا علم ما يب ف حقهم تعال ‪ ،‬يعلم ما يسمتحيل ‪ ،‬وهو ضد ذلك الواجب ‪.‬‬

‫فصل ) الرؤية (‬
‫ويوز ف حقهم تعال أن يرىر بالأبصار على ما يليق بهم جل وعل ‪ ،‬ل ف جهة‬
‫‪ ،‬ول ف مقابلة ‪ ،‬لقولهم تعال ‪ ) :‬إل ربا ناظرة ( ‪ ،‬ولسمؤال موسى كليمهم عليهم‬
‫مرها ‪ ،‬ولجاع السملف الصال ‪ ،‬قبل‬ ‫السملم لا ‪ ،‬إذ لو كانت مسمتحيلة ما رجمهل أ ر‬
‫ظهور البدع ‪ ،‬على ابتهالم إل ال تعال ‪ ،‬وطلبهم النظر إل وجههم الكري ‪،‬‬
‫ولديث ‪ ) :‬ستون ربكم ( ونو ذلك ما ورد ‪ ،‬والظواهر إذا كثرت ف شيء‬
‫أفادت القطع بهم ‪.‬‬
‫ول يعارضها قولهم تعال ‪ ) :‬ل تدركهم الأبصار ( لأن الإدراك أخصّ ‪ ،‬لإشعاره‬
‫بالإحاطة ‪ ،‬ول شك أنا منتفية مطلقا ‪ ،‬سلمنا أنهم الرؤية ‪ ،‬لكن الراد ف الدنيا ‪،‬‬
‫أو هو من باب الكل ل الكلية ‪.‬‬
‫ول قولهم عز وجل ‪ ) :‬لن تران ( لن الراد ‪ :‬ف الدنيا ‪ ،‬إذ هو السمؤول لوسى‬
‫عليهم السملم ‪ ،‬والصل ف الواب الطابقة ‪ ،‬ولذا قال ‪ ) :‬لن تران ( ول يقل ‪ :‬ل‬
‫أيرر ‪ ،‬أو ‪ :‬ل تكن رؤيت ‪ ،‬وقد يسمتأنس لذلك با تقرر ف النطق أن نقيض الوقتية‬
‫يؤخذ فيهم وقتها العي ‪.‬‬
‫وأما إثباتا بالدليل العقلي الشهور ‪ ،‬وهو أن مصحح الرؤية الوجود‬
‫عي الوجود ‪ ،‬فل يصح أن يكون علة ‪.‬‬ ‫فضعيف ‪ ،‬لأن الوجود ي‬
‫ومعتمد من أحالا من البتدعة أنا تسمتدعي الهة والقابلة ‪ ،‬وهو باطل لأن‬
‫ذلك مفرّع على انبعاث الأشعة ‪ ،‬فتتصل بالرئي ‪ ،‬وذلك لو صح لوجب أن ل‬
‫يرىر الإنسمان إل قدر حدقتهم ‪ ،‬وهو باطل على الضرورة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬إنا يكون ذلك لتصال الشعاع بالواء وهو مضيء ‪ ،‬فأعان على رؤية‬
‫ما قابلهم كالبلور يالمعْيمن بإشراقهم على رؤية ما فيهم ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فيلزم أن ل يرىر من الواء إل قدر حدقتهم ‪ ،‬وإيضا فنحن نرىر والواء‬
‫مظلم ‪ ،‬وما نرىر والواء مشرق ‪.‬‬
‫وما ينقض عليهم ‪ ،‬عدم رؤية الوهر الفرد ‪ ،‬مع اتصال الشعاع بهم ‪ ،‬ول ينالهم‬
‫من ذلك وحدره ‪ ،‬إل ما ينالهم مع غيه ‪ ،‬ورؤية الكبي مع البعد صغيا ‪ ،‬مع اتصال‬
‫الشعاع والقابلة بميعهم ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬إنا ذلك لأن الشعاع نفذ من زاوية حادة لثلث قاعدتهم الرئي ‪ ،‬فقام‬
‫خطا مسمتقيما بوسط القاعدة على زوايا قائمة ‪ ،‬ومعلوم أنهم أصغر ما يقوم عليها‬
‫من سائر الطوط ‪ ،‬فزيادة ذلك البعد لغيه منعت من رؤية طرف الرئي ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فيلزم إذا انتقل الرئي إل مقدار تلك الزيادة من البعد أن ل يرىر‬
‫والشاهدة تكذبهم ‪.‬‬
‫وما ينقض عليهم رؤية الأكوان ‪ ،‬مع أن الأشعة ل تتصل با ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬الرئي ما اتصلت بهم ‪ ،‬أو قام با اتصلت بهم ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فيلزم أن تيرىر الطعوم والروائح ‪ ،‬لقيامها با اتصلت بهم ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬إنا ذلك فيما يقبل الرؤية ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فها هو البعيد يرىر دون لونهم ‪.‬‬
‫وما ينقض عليهم ‪ ،‬رؤية قرص الشمس مع عدم رؤية ما دونا من الطي إذا‬
‫عل ف الو ‪ ،‬ورؤية النار على البعد دون ما دونا ‪ ،‬وأيضا النبعاث إنا يكون عن‬
‫اعتماد إل جهة ‪ ،‬والسمب يبطلهم ‪.‬‬
‫ث لزوم القابلة يبطل رؤية الإنسمان نفسمرهم ف الرآة والاء ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ل تتثبت الأشعة فيهما لعدم التضريس ‪ ،‬فانعكسمت إل الرائي ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فيلزم أن ل يرىر الرآة والاء ‪ ،‬لعدم قاعدة الأشعة فيهما ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬إنا يرىر صورة منطبعة ل نفسمهم فيهما ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬فيلزم أن ل تبعد ببعده ‪.‬‬
‫وما يلزم على اشتاط القابلة أن ل يرىر الرائي إل قدر ذاتهم ‪ ،‬إذ ل يقابل‬
‫أكب منها ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬الشعاع أعان على ذلك ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬قد تقدم جوابهم ‪.‬‬
‫ولو سلم ذلك كلهم ‪ ،‬فرؤية ال تعال لكل موجود ‪ ،‬ول بنية ‪ ،‬ول شعاع ‪،‬‬
‫وليس ف جهة ‪ ،‬ول مقابلة ‪ ،‬يهدم ما أصلوه ‪.‬‬
‫وأيضا ‪ :‬فما ثبت من رؤية النب صلى ال عليهم وسلم النة من موضعهم ‪ ،‬مع‬
‫غاية البعد ‪ ،‬وكثافة الجب ‪ ،‬ينع ما تيلوه من الأشعة والوانع ‪.‬‬
‫وإذا تقرر هذا ‪ ،‬فالبصر عند أهل الق عبارة عن معنً يقوم بحّل ّما ‪ ،‬يتعلق‬
‫الرئيات ‪ ،‬ويتعدد ف حقنا بتعددها ‪ ،‬وما ل يرر من الوجودات فلموانع قامت بالل‬
‫على حسمبها ‪ ،‬وهل قام ف العمى مانع واحد يضاد جيع الدراكات ؟ أو موانع‬
‫تعددت بتعدد ما فاتت رؤيتهم من الوجودات ؟ فيهم تردد ‪.‬‬

‫فصل ) ل يب على ال تعال شيء (‬


‫خلق العباد ‪ ،‬وخلق أعمالم ‪ ،‬وخلق الثواب‬ ‫ومن الائزات ف حقهم تعال ‪ ،‬ي‬
‫والعقاب عليها ‪ ،‬ل يب عليهم شيء من ذلك ‪ ،‬ول مراعاة صلح ول أصلح ‪،‬‬
‫وإل لوجب أن ل يكون تكليفٌ ‪ ،‬ول منة دنيوية ‪ ،‬ول أخروية ‪.‬‬
‫والأفعال كلها ‪ ،‬خيها وشرها ‪ ،‬نفعها وضرها ‪ ،‬مسمتوية ف الدللة على باهر‬
‫قدرتهم جل وعز ‪ ،‬وسعة علمهم ‪ ،‬ونفوذ إرادتهم ‪ ،‬ل يتطرق لذاتهم العلية من ذلك‬
‫كمال ول نقص ‪ ،‬كان ال ول شيء معهم ‪ ،‬وهو الآن على ما كان عليهم ‪ ،‬فأكرم‬
‫ليل إليهم ‪ ،‬أو قضاء‬
‫سبحانهم من شاء با ل يكيف من أنواع النعيم بجرد فضلهم ‪ ،‬ل ٍ‬
‫حق وجب لهم عليهم ‪ ،‬وعردررل فيمن شاء با ل يطاق وصفهم من أصناف الحيم ‪ ،‬ل‬
‫لإشفاء غيط ‪ ،‬ول لضرر نالهم من قمربلهم ‪.‬‬
‫وكل النوعي دال على سعة ملكهم ‪ ،‬وانقياد جيع المكنات لإرادتهم ‪ ،‬وعدم‬
‫تعاصيها على باهر قدرتهم ‪ ،‬كل منها واقع على ما ينبغي من جريهم على وفق علمهم‬
‫وإرادتهم ‪ ،‬من غي أن يتجدد لهم بذلك كمال أو نقص ‪ ،‬ل حال ‪ ،‬ول مآل ‪،‬‬
‫فالوجوب إذن والظلم عليهم مالن ‪ ،‬إذ الوجوب يسمتدعي تعاصي بعض المكنات‬
‫‪ ،‬والظلم يسمتدعي التصرف على خلف ما ينبغي ‪.‬‬
‫ومن هنا تعلم استحالة أن يكون فعلهم تعال لغرض ‪ ،‬لأنهم لو كان لهم غرض ف‬
‫الفعل لوجبهم عليهم ‪ ،‬وإل ل يكن لهم علة ‪ ،‬فيكون مقهورا ‪ ،‬كيف وربك يلق ما‬
‫يشاء ويتار ؟ ‪.‬‬
‫وأيضا ‪ :‬فالغرض إما قدي ‪ ،‬فيلزم قمدريم الفعل ‪ ،‬وقد مر برهاني حدوثهم ‪ ،‬أو‬
‫حادث ‪ ،‬فيفتقر إل غرض ث كذلك ‪ ،‬ويتسملسمل فيؤدي إل حوادث ل أول لا ‪،‬‬
‫وقد مر برهان بطلنهم ‪.‬‬
‫وأيضا ‪ :‬فالغرض إما مصلحة تعود إليهم ‪ ،‬أو إل فعلهم ‪ ،‬فالأول مال ‪،‬‬
‫لستلزامهم اتصاف ذاتهم العلية بالوداث ‪ ،‬والثان مال ‪ ،‬لعدم وجوب مراعاة‬
‫الصلح والأصلح ‪ ،‬ولأنهم قادر على إيصال تلك الصلحة إل العبد مثل من غي‬
‫واسطة ‪ ،‬ولأنهم يلزم فيهم تعليل الشيء بنفسمهم ‪ ،‬أو التسملسمل ‪ ،‬لنقل الكلم ال تلك‬
‫الصلحة نفسمها ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬إذا ل يكن غرضٌ ‪ ،‬فالفعل سررفهم ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬السمفهمي يعرفا ما فيمعل مع الهل بالعواقب ‪ ،‬أو ترجيح اللذات الاضرة ‪،‬‬
‫حت يفعل السمفيهم ما فيهم ضرره ‪ ،‬أو حتفهم ‪ ،‬وهو ل يشعر ‪ ،‬وأين هذا من فعل‬
‫التعال عن تدد كمالٍ أو نقصان ‪ ،‬الذي ل يعزب عن علمهم شيء على الإطلق‬
‫‪ ،‬من سر وإعلن ؟ ‪.‬‬

‫فصل ) السمن والقبح (‬


‫عدم رجحان بعض الأفعال على بعض ‪ ،‬بالنسمبة‬
‫وإذا عرفت ‪ -‬با ذكر ‪ -‬ر‬
‫إليهم تعال ‪ ،‬عرفت جهالة من تسموّر على الغيب ‪ ،‬ورأىر أن العقل يتوصل وحده‬
‫دون شرع ‪ ،‬إل إدراك السمن والقبيح عنده جل وعل ‪ ،‬على أنهم لو سلم لم ذلك‬
‫وجهم من النظر ف ذلك‬
‫جدل ‪ ،‬ل يزمم العقلي بشيء من ذلك ‪ ،‬لتعارض أ ٍ‬
‫متضادة ‪ ،‬فإنا ل نعرف وجوب اليان ‪ ،‬ول ترير الكفران ‪ ،‬إل بعد ميء الشرع ‪.‬‬

‫فصل ) النبوات (‬
‫بعث الرسل إل العباد ليبلغوهم أمر ال‬‫ومن الائزات ‪ ،‬ويب الإيان بهم ‪ ،‬ي‬
‫سبحانهم ونيهم وإباحتهم ‪ ،‬وما يتعلق بذلك من خطاب الوضع ‪ ،‬لا عرفت أن الفعل‬
‫ل يدرك دون شرع ‪ ،‬طاعة ول معصية ول ما بينهما ‪.‬‬
‫وتفضل سبحانهم بتأييدهم بالعجزات الدالة على صدقهم ‪ ،‬وهي فعل ال‬
‫سبحانهم الارق للعادة ‪ ،‬القارن لدعوىر الرسالة ‪ ،‬متحدىر بهم قبل وقوعهم ‪ ،‬غي‬
‫مكذب ‪ ،‬يعجز من يبغي معارضتهم عن الإتيان بثلهم ‪.‬‬
‫فاحتز بالأول من القدي ‪ ،‬فليس فعل ل تعال ‪ ،‬فل يكون معجزة ‪ ،‬ودخل‬
‫فيهم الفعل الذي تعلقت القدرة الادثة بهم ‪ ،‬كتلوة النب صلى ال عليهم وسلم القرآن‬
‫‪ ،‬فهو معجزة لرسول ال صلى ال عليهم وسلم ‪ ،‬دون غيه ‪ ،‬إذ غيه إذا تله ‪ ،‬إنا‬
‫اللك ‪ ،‬ودخل فيهم ما ل تتعلق بهم القدرة الادثة ‪،‬‬ ‫يكيهم ‪ ،‬وليس هو الخذ لهم عن ر‬
‫كإحياء الوتى ‪ ،‬وتكثي الطعام ‪ ،‬وانقياد الجر والشجر ‪ ،‬وغي ذلك ‪.‬‬
‫وعّي بعض أصحابنا ف العجزة أن تكون من النوع الثان ل الأول ‪ ،‬فتكون‬
‫معجزة القرآن على هذا ف نظمهم الخمصوص ‪ ،‬واطلع النب صلى ال عليهم وسلم‬
‫على ذلك دون سائر الناس ‪ ،‬وكل الأمرين ليس هو من فعلهم ‪ ،‬ول كسمبهم ‪ ،‬وهذا‬
‫الثان أظهر ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قد يتحدىر النب بعدم الفعل ‪ ،‬كما قال عليهم الصلة والسملم ‪) :‬‬
‫قد عصمن رب ( ‪ ،‬وكما قال نوح عليهم السملم ‪ ) :‬فكيدون جيعا ( وقال ‪ ) :‬ث‬
‫اقضوا إل ول تنظرون ( فقد وقع التحدي بعدم الفعل ‪ ،‬كالضرب والقتل ‪.‬‬
‫فالواب ‪ :‬أن إعلمهم وإخباره بذلك على وفق ما ظهر ‪ ،‬هو العجزة ‪ ،‬وهو‬
‫فعل ال خلقهم لهم ‪.‬‬
‫ومنهم من قريد هذا العتاض ‪ ،‬فزاد لإدخال ما ورد بعد قولهم ف شروط‬
‫العجزة ‪ :‬وهو فعل ل تعال ‪ ،‬فقال ‪ :‬أو ما يقوم مقامهم ‪.‬‬
‫واحتز بقولهم ‪ ) :‬خارق للعادة ( من العتاد ‪ ،‬فإنهم يسمتوي فيهم الصادق‬
‫والكاذب ‪ ،‬ومن العتاد ‪ :‬السمحر ونوه ‪ ،‬وإن كان سببهم العادي نادرا ‪ ،‬خلفا لن‬
‫جعل السمحر خارقا ‪ ،‬لكن لسمبب خاص بهم ‪ ،‬ومن العتاد أيضا ما يوجد ف بعض‬
‫الأجسمام من الواص ‪ ،‬كجذب الديد بجر الغناطيس ‪.‬‬
‫وبقولهم ‪ ) :‬مقارنا لدعوىر الرسالة ( ما وقع بدون دعوىر ‪ ،‬أو بدعوىر غي‬
‫دعوىر الرسالة ‪ ،‬كدعوىر الولية ‪.‬‬
‫وبقولهم ‪ ) :‬متحدىر بهم قبل وقوعهم ( أي يقول ‪ :‬آيةي صدقي كذا ‪ ،‬ما وقع‬
‫بدون تديهم ‪ ،‬كالإرهاص ونوه ‪ ،‬أو تدىر بهم لكن بعد وجوده ‪.‬‬
‫وهل يوز تأخي العجزة عن موتهم ؟ قولن للأشعري ‪ ،‬وقال بالثان أبو بكر‬
‫الباقلن ‪ ،‬وهو الظاهر ‪ ،‬فإن حفظ ما نص عليهم من أحكام شرعهم ف حياتهم ل‬
‫باعث على تلقيهم منهم ‪.‬‬
‫وبقولهم ‪ ) :‬غي مكذب ( ما إذا قال ‪ :‬آية صدقي أن يْنمطق الي يدي ‪،‬‬
‫فنطقت بتكذيبهم ‪ ،‬وف تكذيب اليت التحدي بإحيائهم ‪ ،‬قولن للقاضي وإمام‬
‫الرمي ‪ ،‬واختار بعض التاخرين عدمر القدح ف تكذيب اليد وشبهها ‪ ،‬لعدم‬
‫التحدي بتصديقها ‪.‬‬
‫وهل دللة العجزة على صدق الرسل دللة عقلية ‪ ،‬أو وضعية ‪ ،‬أو عادية‬
‫بسمب القرائن ؟ اقوال ‪.‬‬
‫أما على الأولي فيسمتحيل صدورها على يد الكاذب ‪ ،‬لا يلزم على الأول من‬
‫نقض الدليل العقلي ‪ ،‬وعلى الثان من اليْلف ف خبه جل وعل ‪ ،‬إذ تصديق‬
‫الكاذب كذب ‪ ،‬والكذب عليهم جل وعل مال ‪ ،‬لأن خبه على وفق علمهم ‪،‬‬
‫فيكون صدقا ‪ ،‬فلو انتفى لنتفى العلم ملزومهم ‪ ،‬وهو مال لا عرفت من وجوبهم ‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قد وجدنا العالممر ّمنا بالشيء يب عنهم بالكذب ؟‬
‫قلنا ‪ :‬كلمنا ف الب النفسمي ‪ ،‬ل ف الألفاظ ‪ ،‬لستحالة اتصاف الباري‬
‫تعال با ‪ ،‬والعال منا بالشيء يسمتحيل أن يب الزء من قلبهم ‪ ،‬الذي قام بهم العلم‬
‫‪ ،‬بب كذب على غي وفق علمهم ‪ ،‬غايتهم أن يد ف نفسمهم تقديرر الكذب ل‬
‫الكذب ‪.‬‬
‫وأيضا ‪ :‬لو اتصف الباري تعال بالكذب ‪ ،‬ول تكون صفتهم إل قدية ‪،‬‬
‫لستحال اتصافهم بالصدق ‪ ،‬مع صحة اتصافهم بهم ‪ ،‬لجل وجوب العلم لهم تعال ‪،‬‬
‫ففيهم استحالة ما علمت صحتهم ‪.‬‬
‫وأما إن قلنا ‪ :‬إن دللة العجزة عادية بسمب القرائن ‪ ،‬فحيث حصل العلم‬
‫الضروري عنها بصدق الآت با ‪ ،‬فإنهم يسمتحيل أن يكون كاذبا ‪ ،‬وإل لنقلب‬
‫العلم الضروري جهل ‪ ،‬ول يْيرم سبحانهم وتعال عادرتهم من أول الدنيا إل الآن إل‬
‫بعدم تكي الكاذب من العجزات ‪ ،‬وإذا خيل بسمحر ونوه ‪ ،‬أظهر ال فضيحتهم‬
‫عن قرب ‪ ،‬فللهم المد على معاملتهم ف ذلك ونوه ‪ ،‬بحض الفضل والكرم ‪.‬‬
‫ويوز أن تظهر العجزة على يد الكاذب لو انرقت العادة ‪ ،‬ول يصل حينئذ‬
‫لم صدقممهم ‪ ،‬وإل لكان الهل علما ‪ ،‬وتويز خرق العادة عند حصول العلم‬ ‫با عم ي‬
‫حّق ل يقدح ف العلم ‪ ،‬إذ ل يلزم من جواز الشيء وقوعهم ‪ ،‬أل‬ ‫بالصدق ف حق الي م‬
‫ترىر أنا نولز استمرارر عدمم العال ‪ ،‬مع علمنا ضرورةً بوجوده ‪ ،‬إذ معنى الواز أنهم‬
‫لو قدر واقعا ل يلزم منهم مال لذاتهم ‪ ،‬ل أنهم متمل الوقوع ‪.‬‬

‫فصل ) عصمة النبياء (‬


‫وإذا علم صدق الرسل ‪ ،‬عليهم الصلة والسملم ‪ ،‬لدللة العجزة ‪ ،‬وجب‬
‫تصديقهم ف كل ما أتوا بهم عن ال تعال ‪ ،‬ويسمتحيل عليهم الكذب عقل ‪،‬‬
‫والعاصي شرعا ‪ ،‬لأنا مأمورون بالقتداء بم ‪ ،‬فلو جازت عليهم العصية ‪ ،‬لكنا‬
‫مأمورين با ) قل إن ال ل يأمر بالفحشاء ( وبذا تعرف عدمر وقوع الكروه منهم‬
‫‪ ،‬بل والباح على الوجهم الذي يقع من غيهم ‪ ،‬وبال تعال التوفيق ‪.‬‬

‫فصل ) إثبات نبوة سيدنا ممد صلى ال عليهم وسلم (‬


‫ونبينا ومولنا ممد ‪ ،‬صلى ال عليهم وسلم ‪ ،‬قد علم ضرورةً ادعاؤه الرسالة ‪،‬‬
‫وتدىر بعجزات ل ياط با ‪ ،‬وأفضلها القرآن العظيم ‪ ،‬الذي ل تزل تقرع أساعر‬
‫البلغاءم بتضليل كل دين غي الإسلم آياتيهم ‪ ،‬وترك لطلب العارضة ‪ ،‬على سبيل‬
‫حية اللسمن التوقدي الفطنة ‪ ،‬القوياء العارضة ‪ ،‬نظما ونثرًا ‪ ،‬الائضي‬ ‫التعجيز ‪ ،‬ر‬
‫ف كل فن من فنون البلغة طول وعرضا ‪ ،‬بيث ل تغلب عن معارضتهم أمنع‬
‫كلمة ‪ ،‬وإن ل يرعّرض فيها بعجزهم ‪ ،‬فكيف وهم يسممعون ف تعجيزهم صريحر‬
‫قولهم تعال ‪ ) :‬فأتوا بعشر سور مثلهم مفتيات ( ث ترـنرـّزل معهم فقال ‪ ) :‬فأتوا بسمورة‬
‫من مثلهم ( ث صرح بعجز الميع ‪ ،‬جنلهم وإنسمهم ‪ ،‬مفتقي أو متمعي فقال ‪) :‬‬
‫قل لئن اجتمعت الإنس والن على أن يأتوا بثل هذا القرآن ل يأتون بثلهم ولو كان‬
‫بعضهم لبعض ظهيا ( ومع ذلك ل تتحرك أنرـرفتيـيهم ‪ ،‬وهم البولون عليها ‪ ،‬ومن‬
‫عادتم أنم ل يتمالكون معها ضبطر أنفسمهم عند ورود أدن معارض يقدح ف‬
‫حتف أنفهم ‪ ،‬فكيف با هو من نوع البلغة الت‬ ‫مناصبهم ‪ ،‬وإن كان ف ذلك ي‬
‫هي كلمهم ‪ ،‬وتدب فيهم دبيبا ‪ ،‬حت إنم ف كل واد يهيمون ‪.‬‬
‫لكن القوم أخرسهم ‪ ،‬أنم أحسموا أن الأمر إلي ‪ ،‬ل تكن مقاومتهم ‪ ،‬إما لأنهم‬
‫ليس ف طوقهم ‪ ،‬وهو الصح ‪ ،‬أو للصرفة ‪ ،‬وها قولن ‪.‬‬
‫ومن ل يسمتح منهم ‪ ،‬وانتدب لقاومة هذا الأمر الإلي ‪ ،‬كمسميلمة ‪ ،‬افتضح‬
‫خمررقرٍة يتضاحك منها إل قيام السماعة ‪.‬‬
‫وأتى بر ْ‬
‫ولو أنم نيمقل لم القرآن نرْقرل غيه من الكلم ‪ ،‬نقل آحاد ‪ ،‬لأمكن العتذار‬
‫حمررلمتهم وصيحيفهم وإشادة أمره الأرضي‬‫عنهم بعدم الوصول ‪ ،‬كلّ ‪ ،‬بل امتلأت بم ر‬
‫كلها ‪ ،‬سهلها وجبلها ‪ ،‬بدوها وحضرها ‪ ،‬برها وبرها ‪ ،‬مؤمنها وكافرها ‪ ،‬جنها‬ ‫ّ‬
‫وإنسمها ‪ ،‬وتطاولت أزمنتهم على تلك الصفة قريبا من تسمعمائة سنة ‪ ،‬أفيسمتيب‬
‫عاقل بعد هذا ف كونهم من عند ال جل وعل ‪ ،‬صدق بهم نبيهم صلى ال عليهم وسلم‬
‫؟‪.‬‬
‫الطابقة ‪ ،‬وماسن علوم‬ ‫هذا ‪ ،‬مع ما فيهم من الإخبار ‪ ،‬قبل الوقوع ‪ ،‬بالغيوب م‬
‫الشريعة الشتملة على ما ل يقدمر البشر على ضبطهم من الصال الدنيوية‬
‫والخروية ‪ ،‬وترير الدلة ‪ ،‬والرد على الخمالفي بالباهي القطعية ‪ ،‬وسرد قصص‬
‫الاضي ‪ ،‬وتزكية النفس بواعظ يغرق ف أدن بارها جيعي وعظ الواعظي ‪ ،‬هذا كلهم‬
‫على يد نب أمي ‪ ،‬ل يط قطّ كتابا ‪ ،‬ول حصلت لهم مالطة لذوي علم ما يكن‬
‫با تصيل أدن شيء من ذلك ‪ ،‬عرملمر ذلك كلهم بالضرورة ‪ ) :‬وما كنت تتلو من‬
‫قبلهم من كتاب ول تطهم بيمينك إًذا لرتاب البطلون ( ‪.‬‬
‫ذاتهم‬
‫ث هذا إل ما لهم من العجزات الت ل تصى ‪ ،‬ث إل ما جبلت عليهم ي‬
‫الكرية من الكمالت الت كادت أن تيْفصمح ‪ ،‬بل أفصحت ‪ ،‬قبل مبعثهم برسالتهم ‪،‬‬
‫خلقا وخلقا ‪ ،‬ث مع ذلك كلهم ‪ ،‬أكد ال تعال صدقرهم بذكره باسهم وبميع وصفهم ف‬
‫الكتب الاضية ‪ ،‬قال تعال ‪ ) :‬الذين يتبعون النب الرسول الأمي ‪ ..‬الية ( وأطلق‬
‫ألسمنة الأحبار ‪ ،‬قريبا من مبعثهم ‪ ،‬بميع ذلك ‪ ،‬حت أنهم سبحانهم بفضلهم ما أكد بهم‬
‫العرب قبلهم من التسممي باسهم الاص بهم ‪ ،‬إل أناسا‬
‫ر‬ ‫زوال اللبس عن نبوتهم ‪ ،‬أْن منع‬
‫قليلي تسمموا قريبا من مولده باسهم ‪ ،‬رجاء حصول النبوة لم ‪ ،‬لا سعوا من الأحبار‬
‫‪ ،‬ث من عظيم فضل ال تعال ‪ ،‬ف إزالة اللبس ‪ ،‬أنهم ل يطلق لسمانر أحد من‬
‫أولئك الذين تسمموا باسهم ‪ ،‬بدعوىر النبوة ‪.‬‬

‫فصل ) السممعيات (‬
‫وإذا وفقت لعلم هذا كلهم ‪ ،‬حصل لك العلمي ضرورة بصدق رسالة نبينا‬
‫ومولنا ممد ‪ ،‬صلى ال عليهم وسلم ‪ ،‬فوجب الإيان بهم ف كل ما جاء بهم عن ال‬
‫سبحانهم ‪ ،‬جلة وتفصيل ‪ ،‬كالشر والنشر لعي هذا البدن ‪ ،‬ل لثلهم إجاعا ‪ ،‬وف‬
‫كونهم عن تفريقٍ أو عدمٍ مض ‪ ،‬تردد ‪ ،‬باعتبار ما دل عليهم الشرع ‪ ،‬أما الواز‬
‫العقلي فيهما فاتفاق ‪.‬‬
‫وف إعادة الأعراض بأعيانا طريقتان ‪ ،‬الأول ‪ :‬تعاد بأعيانا باتفاق ‪ ،‬والثانية‬
‫‪ :‬قولن ‪ ،‬والصحيح منهما إعادتا بأعيانا ‪ ،‬وف إعادة عي الوقت قولن ‪،‬‬
‫وكالصراط وكاليزان ‪ ،‬وف كون الوزون صحف الأعمال ‪ ،‬أو أجسماما تلق أمثلة لا‬
‫‪ ،‬تردد ‪ ،‬والنة والنار وعذاب القب وسؤالهم ‪.‬‬
‫ول يقدح فيهم مشاهدتينا للميت على نو ما وضع ف قبه ‪ ،‬لأن ف الوت وما‬
‫بعده خوارق عادات أخب با الشرع ‪ ،‬وهي جائزة ‪ ،‬فوجب الإيان با على ظاهرها‬
‫‪.‬‬
‫وأما ما استحال ظاهره نو ‪ ) :‬على العرش استوىر ( فإنا نصرفهم عن ظاهره‬
‫اتفاقا ‪ ،‬ث إن كان لهم تأويل واحد ‪ ،‬تعي الملي عليهم ‪ ،‬وإل وجب التفويض مع‬
‫التنزيهم ‪ ،‬وهو مذهب الأقدمي ‪ ،‬خلفا لإمام الرمي‪.‬‬

‫فصل ) الشفاعة والوض وتطاير الصحف (‬


‫وما جاء بهم ‪ ،‬صلى ال عليهم وسلم ‪ ،‬ويب الإيان بهم ‪ ،‬نفوذ الوعيد ف طائفة‬
‫من عصاة أمتهم ‪ ،‬ث يرجون بشفاعتهم ‪ ،‬صلى ال عليهم وسلم ‪.‬‬
‫والوضي ‪ ،‬وهل هو قبل الصراط ‪ ،‬أو بعده ‪ ،‬أو ها حوضان أحدها قبل‬
‫الصراط والخر بعده ‪ ،‬وهو الصحيح ‪ ،‬أقوال ‪.‬‬
‫وتطاير الصحف ‪ ،‬إل غي ذلك ما علم من الدين ضرورةً ‪ ،‬وعلمهم مفصل ف‬
‫الكتاب والسمنة ‪ ،‬وكتب علماء الأمة ‪.‬‬
‫واعلم أن أصول الأحكام الت منها يتلقى ‪ :‬الكتاب ‪ ،‬والسمنة ‪ ،‬وإجاع الأمة‬
‫‪ ،‬وقياس الأئمة ‪ ،‬واتباع السملف الصال ‪ ،‬واقتفاء آثارهم ناةٌ لن تسمك بهم ‪.‬‬
‫وأفضل الناس بعد نبينا ومولنا ممد ‪ ،‬صلى ال عليهم وسلم ‪ ،‬أبو بكر ‪ ،‬ث‬
‫عمر ‪ ،‬ومتار مالك الوقفي فيما بي عثمان وعلي ‪ ،‬رضي ال عنهما وعمن قبلهما‬
‫‪ ،‬والصحابة ‪ ،‬رضي ال عنهم ‪ ،‬كلهم أئمة عدول ‪ ،‬بأيهم اقتديتم اهتديتم ‪ ،‬نفعنا‬
‫ال تعال ببهم ‪ ،‬وأماتنا على سنتهم ‪ ،‬وحشرنا ف زمرتم ‪ ،‬آمي يارب العالي ‪.‬‬
‫الخمرجة ‪ -‬بفضل ال ‪ -‬من ظلمات الهل‬ ‫ي‬ ‫فهذه عقيدة أهل التوحيد ‪،‬‬
‫نف كل مبتدع عنيد ‪ ،‬نسمألهم سبحانهم أن ينفع با‬
‫والتقليد ‪ ،‬الرغمة ‪ -‬بعون ال ‪ -‬أ ر‬
‫بفضلهم ‪ ،‬ويشرح با صدر كل من يسمعى ف تصيلها بمرطوْملهم ‪ ،‬وصلل اللهم على‬
‫سيدنا ومولنا ممد ‪ ،‬عدد ما ذكرك وذكره الذاكرون ‪ ،‬وغفل عن ذكرك وذكره‬
‫الغافلون ‪ ،‬ورضي ال تعال عن أهلهم وصحبهم أجعي ‪ ،‬والمد ل رب العالي ‪.‬‬

‫تت العقيدة بمد ال وعونهم وحسمن توفيقهم ‪.‬‬

You might also like