You are on page 1of 7

‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

"‫"سيميائية الصورة بين المخاطبة السينمائية والتفكير الفلسفي‬

-‫جامعة عبد الحميد بن باديس –مستغانم‬ ‫غوار نادية‬: ‫األستاذة‬

The cinema as afield of thechnical


Summary :
innovation stand by building amoving
pictoure so that one seen picture is The picture is consedeved as one of

consedered as a thousand written word ;and the discoveries of the last period and that

what links cinema and philosophy to each nade a rodical change in the level of

other is the image of the idea .this latter concepts and accordingly ,the research in

inspirers philosophy in its innovation .while the picture from the most importont

the cinema tries to cereate it ;and within issues .on head of oll the seen picture comes

this relation the production of philosophy the cinematogrophc one ,becouse it put

transforms to masses of appropoprapriate avisual dazzling , and the live picture and

novements in a seen woy of alived the moving one .this made of it a

experience ;so the sinema is importants for a productive sight mack of significance asit

philosophein different sides ;and this has the ability of change and influence .and

because of its creation and invention of it is not obvious that radical connection

new pictures for life .and with this the appears between philosophy and

bserver of the relation betwen the cinema cinema ;especially if we look at the sulject

and philosophy humself many questions from thematic side and also a philosophical

such as : one .the new cinema as an artistic


innovation depends on the technical
What can philosophy give to
elements whereas historically philosophy is
cinema ?and what can sinema give to
a witness the aniency of thinking.
philosophy ? and after all this ;we can
wonder how can we explain the deeps So ;if philosophy was a speech calle

presence of philosophy in the dit the analyse and the understouding

cinematographic creativity ?and how can purposes and visions and specific position

cinema be a responce to a philosophical and justify theses .

purpose ?

67
‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

‫ماذا ميكن للفلسفة أن تقدم للسينما ؟ وماذا ميكن‬ ‫ملخص ‪:‬‬


‫أن تقدم السينما للفلسفة ؟‪.‬‬ ‫تعترب الصورة من االكتشافات اليت عرفتها الفرتة‬
‫وعلى ضوء هذا ميكننا أن نتساءل كيف ميكن تربير‬ ‫األخرية‪ ،‬واليت أحدثت تغريا جذريا على مستوى املفاهيم‬
‫حضور فلسفي بشكل عميق داخل إبداع سينمائي؟ وكيف‬ ‫وعليه يعد البحث يف الصورة من املوضوعات املهمة للغاية‪،‬‬
‫تكون السينما استجابة ملقصد فلسفي؟‬ ‫وعلى راس كل الصور املرئية املؤثرة تأيت الصورة السينمائية‪،‬‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫بوصفها إهبارا بصريا‪ ،‬وصورة حية ومتحركة وهو ما جيعل‬


‫منها عالمة بصرية منتجة للداللة‪ ،‬كما هلا القدرة على‬
‫ال جدال يف أن البحث يف الصورة يعد من‬
‫التعبري والتأثري‪.‬‬
‫املوضوعات املهمة للغاية خاصة والصورة قد فرضت‬
‫سيطرهتا وسطوهتا على العقل اإلنساين منذ القدم‪ ،‬وأية‬ ‫وليس بديهيا أن ينشا اتصال جذري ما بني الفلسفة‬

‫ذلك إهنا امتلكت صبغة مقدسة يف الفكر القدمي وللصورة‬ ‫والسينما‪ ،‬خاصة إذا ما مت النظر إىل املسالة من وجهة‬

‫أمهيتها اخلاصة سواء يف جمال الفن أو يف جمال الدراسات‬ ‫إنشائية وكذلك فلسفية‪ ،‬فالسينما حديثة العهد كإبداع فين‬

‫اجلمالية‪ ،‬فعلى مستوى الفن تعترب الصورة جوهر الفن‬ ‫يعتمد على مقومات تقنية‪ ،‬يف حني أن الفلسفة تارخيها‬

‫ومسته األساسية وذلك الن الفن يف ابسط معانيه هو إبداع‬ ‫شاهد على الفكر يف أقدم ردهاته ‪.‬فإذا كانت الفلسفة‬

‫صور أو أشكال معربة وقابلة لإلدراك احلسي‪ ،‬أما بالنسبة‬ ‫خطابا مسته التحليل واإلفهام عند مقاصد ورؤى ومواقف‬

‫ألمهيتها يف جمال الدراسات اجلمالية نالحظ أن للصورة‬ ‫حمددة وتربر أطروحات معينة‪ ،‬فان السينما مبا هي جمال‬

‫أمهيتها الكبرية نظرا لبالغتها وتنوع داللتها ومن هذا‬ ‫إبداعي تقين يقوم على بناء صورة متحركة حبيث تعرب‬

‫املنطلق اهتم بدراستها العديد من الفالسفة يف كل‬ ‫الصورة املرئية الواحدة بألف كلمة مكتوبة ومن هذا املنطلق‬

‫العصور‪.‬‬ ‫ميكننا القول أن فهم الفيلم ال يتم عرب املكتوب بل عرب‬


‫املشاهدة والعالقة بني اجملالني تكمن أساسا يف جتسيد‬
‫فمنذ القدم أعلن أفالطون أن هناك نوعني من‬
‫املفكر فيه على الشاشة أي يف االنتقال من الفكرة إىل‬
‫الصورة ‪:‬صورة مزيفة للحقائق املوجودة يف عامل املثل تبعد‬
‫الصورة ويف خضم هذه العالقة يتحول منتوج الفلسفة إىل‬
‫عن احلقيقة حبيث يوهم صاحبها الناس بأنه يصور هلم‬
‫كتل من احلركات املتالئمة داخل تشكل مرئي لتجربة‬
‫احلقيقة وهو يف الواقع مزيف‪ ،‬واألخرى صورة حقيقية‬
‫معاشة‪.‬‬
‫تصدر عن فنان جيد يلم باحلقائق املوجودة يف عامل املثل‬
‫‪1‬‬
‫ويعرب عنها يف صورة مجالية‪.‬‬ ‫وعليه السينما هتم الفيلسوف على أكثر من صعيد‬
‫وذلك بفضل خلقها وابتكارها صورا جديدة للحياة وهبذا‬
‫ومل خيتلف احلال يف الفكر اجلمايل املعاصر‪ ،‬حيث‬
‫فان املتأمل يف عالقة الفلسفة بالسينما تراوده عدة‬
‫ظهر االهتمام بالصورة بوضوح عند العديد من الفالسفة‬
‫تساؤالت من بينها‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

‫*توضح الصور للمشاهدين ردود أفعال ومشاعر‬ ‫الذين مل يرتددوا حلظة يف تتويج الصورة أو الشكل على‬
‫‪2‬‬
‫الناس املشرتكني يف األحداث وميكن من خالل الصور‬ ‫باقي العناصر العمل الفين‪.‬‬
‫التعبري عن عاطفة الفرح‪ ،‬احلزن‪ ،‬اخلوف‪ ،‬الغضب وذلك‬ ‫ومن هنا ميكن القول بان االهتمام بالصورة يف تطور‬
‫أكثر من الكلمات‪.‬‬ ‫مستمر ولكنه قد زاد بشكل ملحوظ يف اآلونة األخرية‬
‫*الصور جتعل من املتلقي عاطفيني وذلك بإثارة‬ ‫لدرجة دفعتنا إىل القول بان العصر الذي نعيش فيه هو من‬
‫الذكريات املاضية وتوقعات املستقبل فصور طفل يلعب‬ ‫الناحية الفنية عصر الصورة‪ ،‬وخاصة املتحركة منها اليت‬
‫‪4‬‬
‫ميكن أن جتعل املتفرج سعيد ‪.‬‬ ‫استحوذت على العقل والوجدان ‪.‬‬

‫ومن هذا يتجلى لنا بان الصورة عبارة عن رموز‬ ‫ويرجع اهتمامنا وتركيزنا على الصورة السينمائية دون‬
‫بصرية األلوان واألشكال واحلركات ومع دخول الصورة إىل‬ ‫غريها إىل انه إذا كانت الصورة قد فرضت سلطاهنا‬
‫عامل الفنون فقد احتلت موقعا مرموقا بالنسبة للصحف‬ ‫وسطوهتا على العقل اإلنساين منذ القدم ‪.‬فان هذه السيطرة‬
‫واجملاالت وذلك الحتوائها على عنصر اإلثارة يف حني‬ ‫قد زادت بشكل قوي وخاصة مع اخرتاع السينما اليت‬
‫يتخذها املخرج وسيلة للتجميل وتوصيل ما يريد إيصاله‬ ‫منحتها احلركة واحليوية‬
‫للمتلقي وهلذا توصف الصورة السينمائية بأهنا عالمة‬ ‫*سيميائية الصورة وتأثيرها‪:‬‬
‫أيقونية خالية من الغموض أي من السهل استيعاهبا‬
‫إن الصورة هي "لغة عاملية" فاإلنسان يف أي مكان‬
‫وفهمها إذ تقدم جاهزة وتبدو كأهنا نقل شفاف للواقع‪.‬‬
‫يستطيع أن يشاهد صور غريه املنشورة على صفحات‬
‫* الصورة بين التعبير السينمائي والتفكير‬ ‫الصحف‪ ،‬واملعروضة على الشاشات وأن يفهم منها ما‬
‫الفلسفي‪:‬‬ ‫يتالءم مع مستواه الفكري والثقايف مىت أتيح له ذلك وليس‬
‫تعترب السينما أداة مهمة من أدوات التعبري الفين‬ ‫شرط دائما أن يكون من العاملني بلغة كتابتها‪ ،‬أو‬
‫‪3‬‬
‫اإلبداعي شديدة التأثري على اجلمهور املشاهد ‪ ،‬فهي تعرب‬ ‫تقدميها‪.‬‬
‫عن الواقع بأسلوب إبداعي جنده يف األفالم بصور متحركة‪،‬‬ ‫بالتايل ميكن القول بان الصورة تزيل حواجز وعوائق‬
‫وعليه فالسينما هي تعامل منظم مع الطبيعة يتم عن طريق‬ ‫اللغة‪ ،‬بني بين البشر‪ ،‬حبيث ميكن فهم مضمون الصورة‬
‫جتمع منسق خلصائص سينمائية معينة تتميز مبجموعة من‬ ‫دون أن نكون متمكنني من لغة مرسليها كما تستطيع أن‬
‫العالمات أو اإلشارات وهذا ما جيعل منها نظاما‬ ‫تلعب دورا فعاال ومؤثرا كوسيلة اتصال إنسانية عامة‬
‫‪5‬‬
‫سيميائيا‪.‬‬ ‫تساعده يف حياته‪.‬‬
‫وهبذا صرح جيل دولوز بان السينما ممارسة جديدة‬ ‫ويتجلى تأثري الصورة من خالل ‪:‬‬
‫للصور والعالمات وجيب على الفلسفة أن تؤسس النظرية‬
‫*تعطي الصورة للمتلقي إحساسا بالشعور بأهنم‬
‫اخلاصة هبا باعتبارها ممارسة مفهوميه‬
‫يشاهدون ويشرتكون يف احلدث ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

‫كانت تعترب جمال للرتفيه واملتعة والتسلية وذلك عن طريق‬ ‫لقد بدأت مغامرة السينما كمغامرة الفلسفة كهف‬
‫الصورة ‪.‬‬ ‫أفالطون وصور مضاءة من اخللف وقاعة مظلمة مع صور‬

‫*حدود ما يمكن للفلسفة القيام به‪:‬‬ ‫متحركة باألبيض واألسود واأللوان وعليه أصبحت العالقة‬
‫بني السينما والفلسفة ذات معىن عندما قرر اإلنسان‬
‫ما زلت تعار يف الفلسفة تتنوع بتنوع مشاكل‬
‫الذهاب إىل السينما وقد حتول كهف أفالطون إىل قاعة‬
‫عصرها ‪ ،‬وقد طغت اليوم املسائل اإلنسانية والوجودية‬
‫سينمائية حينها وجب عليها االنفتاح على أمناط جديدة‬
‫حيث كانت الفلسفة عند القدماء معرفة موسوعية‪ ،‬مشولية‪،‬‬
‫من التفكري وعندها سطر أفالطون أسطورة الكهف وبذلك‬
‫كونية االجتاه وقفزت قفزة واسعة فاجتهت إىل البحث يف‬
‫‪8‬‬
‫مهد وبدون قصد إىل تقارب السينما والفلسفة ‪.‬‬
‫ماهية اإلنسان وشروط كماله وسعادته‪.‬‬
‫وقد صاغ هذا املعىن" غودار"‪:‬‬
‫وتتبدى مشولية الفكر الفلسفي بشكل متجدد عند"‬
‫‪6‬‬
‫"أنا أفكر ‪ ،‬إذن فالسينما موجودة "‬
‫تيبودي "(‪ )1936-1874‬عندما اعترب " أن الفلسفة‬
‫ليست العلم بكل شيء بل هي علم الكل احمليط بكل‬ ‫وعليه فالسينمائي يضع صورا وأصوات حية‪ ،‬بينما‬
‫‪9‬‬
‫شيء "‬ ‫يعاجل الفيلسوف مفاهيم جمردة وغري مرئية ‪.‬‬

‫وعليه بدأ معىن الفلسفة ينفتح على مسائل جديدة‬ ‫رغم ظهور السينما كان متأخرا باملقارنة مع الفنون‬
‫متعلقة باإلنسان املعاصر ومسائل جديدة يف حياته‬ ‫األخرى لكنه يف مرحلة الفلسفة هناك آليات مفامهية‬
‫واملتعلقة بانفتاحه على جماالت جديدة كاألدب واملسرح‬ ‫تشتغل هبا السينما هي يف الواقع مفاهيم هلا عمق وجتذر‬
‫والسينما‪.‬‬ ‫فلسفي يعود بالتفكري إىل "أمثولة الكهف" ألفالطون‬
‫الواردة يف الكتاب السابع من اجلمهورية ‪.‬‬
‫وتغوص الفلسفة مع "برغسون "(‪)1969-1883‬‬
‫فتصبح الفلسفة حاضرة يف كل نواحي حياتنا حبيث أصبح‬ ‫وهبذا أنشأت الفلسفة مع السينما عالقة متقاربة من‬
‫اإلنسان ال يستطيع االستغناء عن الفلسفة إهنا حاضرة‬ ‫جهة ومتباعدة من جهة أخرى حبيث استثمرت الفلسفة‬
‫دائما ويف كل مكان هي منتشرة عند العموم باألمثال‬ ‫السينما يف شخصيات كثرية مثل ‪":‬برغسون" و"دولوز"‬
‫‪10‬‬
‫الشعبية وأقوال احلكمة‪.‬‬ ‫و"غودار" وغريهم وقد تطورت السينما على مدى ما‬
‫يزيد عن قرن من الزمن وبرز دور "دولوز "يف خلق عوامل‬
‫لقد تأكد لنا أن الفلسفة هي مشروع حبث عن‬
‫احلقيقة وليست متلكا هلا وإهنا تفكري دائم يف معارفنا‬ ‫وأزمنة متطورة ويف هذا الصدد قال "دولوز" ‪:‬‬

‫ومشاعرنا ومستجدات حياتنا إال أن جمال التفكري الفلسفي‬ ‫"إن السينما ال تعرض صورا فقط ‪ ،‬فهي حتيطها‬
‫‪7‬‬
‫قد اتسع بشكل مدهش وازداد غىن مع تطور العلوم‬ ‫بعامل حمدد"‪.‬‬
‫وتقنيات تطبيقاهتا‪ ،‬وعليه فان أي معرفة ميكن أن تكون‬ ‫وعليه جند بان السينما منذ ظهورها مارست تأثريا‬
‫موضوع تفكري فلسفي ‪.‬‬ ‫قويا على رجال األدب والفنانني واملثقفني والفالسفة بعدما‬

‫‪70‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

‫وبالتايل ليس بديهيا أن ينشأ اتصال جذري ما بني‬ ‫ومن هذا املنطلق يضع بعض دارسي الفلسفة‬
‫الفلسفة والسينما‪ ،‬خاصة إذا ما مت النظر إىل املسالة من‬ ‫ألنفسهم أماال عريقة لدرجة غري معقولة عند دراستهم أو‬
‫وجهة إنشائية وكذلك فلسفية "فالسينما حديثة العهد‬ ‫تفكريهم الفلسفي حبيث يتوقعون أن تقدم هلم صورة كاملة‬
‫كإبداع فين يعتمد على مقومات تقنية‪ ،‬يف حني أن‬ ‫ومفصلة للمأزق اإلنساين ويظنون أن الفلسفة ستكشف‬
‫الفلسفة تارخيها شاهد على الفكر منذ القدم‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫هلم معىن احلياة وتفسر هلم كل جانب من جوانب‬
‫‪11‬‬
‫الفلسفة خطابا مسته التحليل واإلفهام‪ ،‬فان السينما هي‬ ‫وجودنا‬
‫جمال إبداعي تقين يقوم على بناء صورة متحركة ‪.‬‬ ‫وعليه إن دراسة الفلسفة ليست بديال من دراسة‬
‫هكذا افتتح دولوز عصرا جديدا للفلسفة وإن كان‬ ‫الفن واألدب والسينما وتركز تلك املوضوعات املختلفة‬
‫قد سبقه يف ذلك فالسفة‪ ،‬ولكنه بشر بان فيلسوف‬ ‫على مسات خمتلفة يف احلياة وعليه أال نفرط يف توقعاتنا من‬
‫املستقبل هو فنان مستكشف العوامل القدمية إال أن‬ ‫الفلسفة ‪.‬‬
‫التفلسف أصبح يضم قطاعات ‪ ،‬فاحتفال مدونة دولوز‬ ‫وهبذا كثرت األسئلة حول عالقة الفلسفة بالسينما‬
‫بالسينما جيعل الفكر منفتحا وأكثر من ذي قبل على‬ ‫والعكس‪ ،‬حيث جند العديد من املخرجني الكبار يتجادلون‬
‫اجملاالت احليوية للتجربة اإلنسانية والسينمائيون ال ميكن‬ ‫مع الفلسفة ويصنعون رؤى خاصة هبم تدل على خمرجني‬
‫عزهلم من صنف املفكرين الن التفكري ال ينحصر يف‬ ‫مفكرين وفالسفة عظام لديهم قدرة على التعبري عن‬
‫االنشغال باملاهيات بل يكون بواسطة منط جديد املفهوم‬ ‫أفكارهم اجلادة بالصورة السينمائية‬
‫الصورة –احلركة والصورة –الزمن حيث استثمر فيهما دولوز‬
‫*حضور السينما في الممارسة االفلسفية ‪:‬‬
‫مجلة من املفاهيم الفلسفية لتحليل اخلطاب السينمائي‬
‫لدى املخرجني العامليني أمثال‪ :‬برتولوتشي‪ ،‬فلليين‪ ،‬غودار‪،‬‬ ‫إذا كان دولوز قد اعتربا لفلسفة إبداعا للمفاهيم فهو‬

‫دوسيكا‪.... ،‬اخل ‪.‬‬ ‫ال يفصل ما بني إبداع املفاهيم وإبداع الصور وهي املهمة‬
‫اليت يتكفل باجنازها اإلبداع السينمائي‬
‫كما اعترب دولوز أن (الصورة –احلركة) هي الصورة‬
‫املميزة للصورة السينمائية وقد حدد الصورة بالصورة –‬ ‫فالعالقة بني الفلسفة والسينما ممكنة رغم التباعد بني‬
‫‪13‬‬
‫اإلدراك‪ ،‬الصورة – اإلحساس ‪ -‬الصورة –الفعل‬ ‫اجملالني فالسينما هي جمال للتفكري الفلسفي ‪ ،‬ومن ناحية‬
‫ثانية جتد الفلسفة يف السينما مبا هو إبداع ‪ ،‬فالعالقة تبدو‬
‫وعليه جند دولوز قد نظر للصورة السينمائية من‬
‫مزدوجة وهو أمر ال ينجز البحث فيه من جهة الفالسفة‬
‫خالل ثالثة أمناط أساسية وبذلك صنف األفالم حبسب‬
‫الذين انشغلوا مبسألة السينما فحسب ‪ ،‬وإمنا كذلك هو‬
‫أمناط صورها حبيث لكل نوع من أنواع الصورة –احلركة له‬
‫أمر يستوجب الغوص فيه ضمن الدراسات وأحباث املنظرين‬
‫ما يوازيه والصورة يف احلركة وحركية الكامريا ‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫يف جمال السينما‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

‫إذن جند دولوز من هذا املنطلق ميز بني الصورة‬ ‫*جيل دولوز وفلسفة السينما‪:‬‬
‫احلركة والصورة الزمن ‪.‬‬ ‫تربز أمهية دولوز للسينما يف أهنا تكتسي سبقا‬
‫الخاتمة‬ ‫خمصصا هلذا الطابع الفين والذي يعلن فيه الفيلسوف منذ‬

‫ختاما ميكننا القول بان السينما "لغة صور" هلا‬ ‫البداية هدف مشروعه حيث يقول "ليس هذه الدراسة‬

‫مفرداهتا وبياهنا وقواعدها ‪ ،‬والفلسفة منط من املعرفة يعلو‬ ‫تارخيا للسينما وإمنا صنافة حماولة يف تصنيف الصور‬
‫‪14‬‬
‫على كل األغراض‪ ،‬مادمت تقوم على خلق املفاهيم‪،‬‬ ‫والدالالت (العالمات)‪.‬‬

‫والتفكري بالصورة عرب السينما خمتلف عن التفكري الفلسفي‬ ‫هبذا يتحدد الغرض من استخالص مفاهيم احلقل‬
‫وحىت عن تفكري إنسان عادي واملقاربة بني الفلسفة‬ ‫السينمائي وآليات تفكري الفيلم ذلك أن الصورة السينمائية‬
‫والسينما مل تنطوي على أي خلط بينهما‪ ،‬بل كان ظاهرها‬ ‫أصبحت تقرر قناعات توجه الرأي العام وحتدد املشهد‬
‫مييل إىل إقرار التشابه بينهما ولكن باطنها كان يضمر‬ ‫التارخيي مما يؤهلها الن تكتسي منزلة ال ميكن للفيلسوف‬
‫حرص شديد منه على متييز كل منها عن األخر وعدم‬ ‫جتاهلها‪.‬‬
‫اخللط بينهما‪.‬‬ ‫وهذا ما يعكسه برغسوين باملشروع الدولوزي للسينما‬
‫الهوامش‪:‬‬ ‫عرب الرسالة الثالثة املعربة عن سعادة وتفاؤل يرتقبه برغسون‬

‫‪ -1‬د جنالء مصطفى فتحي غراب ‪" ،‬سيميولوجيا الصورة املرئية‬ ‫هلذه املقاربة ‪,‬مع العلم أن املكاتبات بني الفيلسوفني‬
‫وعالقتها باللغة اللسانية "‪ ،‬جملة الفتوحات‪ ،‬العدد‪ ،3‬جامعة بين‬ ‫تعكس هذه الروح التواصلية بينهما‬
‫سويف ‪ ،‬مصر ‪ ،‬جوان‪ ،2016‬ص‪.12‬‬
‫حيث يشري دولوز يف احملاضرة األوىل حول الفلسفة‬
‫‪-2‬نفس اجمللة‪ ،‬ص‪16‬‬ ‫والسينما إىل كتب أساسية ثالث سامهت يف نشأة تفكري‬
‫‪-3‬قدور عبد اهلل ثاين‪ ،‬سيميائية الصورة ‪ ،‬مغامرة سيميائية يف‬ ‫فلسفي حول السينما وهي مؤلفي برغسون "مادة وذاكرة"و‬
‫اشهر اإلرساليات البصرية يف العامل ‪ ،‬الوراق للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان‬ ‫"التطوع املبدع" فضال عن كتاب كانط "نقد ملكة احلكم"‬
‫‪ -‬األردن ‪ ،2007 ،‬ص‪152‬‬ ‫‪15‬‬
‫الذي ربط فيه بني الفن واملخيلة ‪.‬‬
‫‪-4‬نفس املرجع ‪ ،‬ص (‪)156-155‬‬
‫وهبذا جند بان دولوز يسعى إىل استجالء املفاهيم‬
‫‪-5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫اليت سامهت السينما يف تشكيلها مستثمرا اإلرث الربغسوين‬
‫‪-6‬عزالدين اخلطايب‪ ،‬حوار الفلسفة والسينما‪ ،‬برغسون‪ ،‬دولوز‪،‬‬
‫وبذلك يعتقد دولوز ان عبقرية بروغسون قد مكنته من‬
‫غودارو اخرون‪ ،‬منشورات عامل الرتبية‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫اخرتاع مفهومي السينما الرئيسيني احلركة والزمن حيث يقول‬
‫‪ ،2006‬ص‪.85‬‬
‫دولوز‪:‬‬
‫‪ -7‬جيل دولوز‪ ،‬الصورة –احلركة أو فلسفة الصورة‪ ،‬تر حسن عودة‪،‬‬
‫منشورات وزارة الثقافية‪ ،‬املؤسسة العامة للسينما‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫"لقد كانت أطروحته املتمثلة يف املقاطع املتحركة‬
‫‪16‬‬
‫‪ ،1997‬ص ‪. 261‬‬ ‫والصور الزمنية هي اليت ارتبطت بطريقة جبوهر السينما"‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫والفلسفة‬ ‫محور السينما‬ ‫آفاق سينمائية‬

‫‪-8‬إبراهيم مشس الدين‪ ،‬يف إنشاء الفلسفي‪ ،‬دار الكتب العلمية‬


‫بريوت لبنان‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.11‬‬

‫‪-9‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪-10‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫‪-11‬نيغيل واربورتون‪ ،‬الفلسفة األسس‪ ،‬تر‪:‬حممد عثمان‪ ،‬مر‪:‬مسري‬


‫كرم‪ ،‬الشبكة العربية لألحباث والنشر بريوت لبنان‪ ،‬ط‪، 2009 ،1‬‬
‫ص‪.22‬‬

‫‪-12‬مؤلف مجاعي‪ ،‬حوار الفلسفة والسينما‪ ،‬تر عزالدين اخلطايب‪،‬‬


‫مشورات عامل الرتبية األردن‪ ،2006 ،‬ص‪105‬‬

‫الصورة –احلركة أو فلسفة الصورة‪ ،‬م س‪،‬‬ ‫‪-13‬جيل دولوز‪،‬‬


‫ص‪.209‬‬

‫‪-14‬عتويت زهية‪" ،‬املنعطف الفلسفي للدراسات السينمائية‬


‫"(برغسون‪ ،‬دولوز‪ ،‬مريلوبونيت )‪ ،‬جملة التدوين‪ ،‬العدد‪ ،8‬جامعة‬
‫وهران‪ ،2‬ديسمرب‪ ،2016‬ص‪.72‬‬

‫‪ -15‬جيل دولوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪3‬‬

‫‪-16‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪8‬‬

‫‪73‬‬

You might also like