You are on page 1of 18

‫االندلس التاريخ والمجتمع‬

‫نتيجة للفتح األموي دخل العرب األوائل إلى المنطقة الجغرافية المعروفة بشبه‬
‫جزيرة إيبيريا والتي سيطلقون عليها بعد وصولهم اسم األندلس‪ ،‬ونتيجة لهذا وجد‬
‫العديد من الفروض حول الطرق التي اتبعها المسلمون في فتح األراضي الجديدة‬
‫والمدة الزمنية التي جرى فيها ذلك‪.‬‬
‫وعلى أية حال يمكن أن نستنتج من الروايات األكثر انتشارا أن الكوندي‬
‫خوليان(يوليان ) ذا الدماء القوطية والمؤتمر بأمر القوط – وكان يسيطر على‬
‫منطقة المضيق في القرن السابع – هو الذي كان قد قبل أن يسهل لموسى ابن‬
‫نصير النزول في شبه جزيرة إيبيريا‪ ،‬وكان موسى هذا حاكما لشمال أفريقيا‬
‫ويمارس نشاطه باسم الخليفة في دمشق‪ ،‬وكون خوليان قد عرض على موسى‬
‫المساعدة دون تحفظ‪ ،‬يجب أن يخضع ألسباب أسطورية يعرضها المؤرخون‬
‫المسلمون‪ ،‬إذ يؤكدون أن الكوندي خوليان لسبب ما ؛ أو تصرف ما‪ ،‬أراد أن ينتقم‬
‫من الملك لذريق مغتصب عرش طليطلة بعد موت الملك غيطشة‪ ،‬وذلك لإلهانة‬
‫التي ارتكبها لذريق في حق ابنة يوليان‪.‬‬
‫تذكر بعض المصادر العربية أن طريف [ابن مالك] وطارق [ابن زياد] كانا أول قائدين‬
‫عسكريين بعثهما موسى بن نصير إلى شبه جزيرة إيبيريا‪ ،‬األول كان على رأس‬
‫سرية استكشافية‪ ،‬وقد سميت المنطقة التي نزل بها باسمه طريف [حتى اليوم]‬
‫أما الثاني فقد سمى الجبل الذي نزل فيه مع جنوده باسمه ؛ أي جبل طارق‪ ،‬كان‬
‫ذلك عام ‪ 711‬أو على األقل ثابت بأنه في أواخر القرن السابع خرجت سفن‬
‫إسالمية من قرطاجنة وغزت صقلية وجزر البليار وسردينه وشبه جزيرة إبيبيريا‪.‬‬
‫لنكون أوفياء لألفكار األكثر انتشارا في المصادر التاريخية العربية‪ ،‬يمكن أن نتصور‬
‫أن المواجهات بين قوات طارق وقوات الملك القوطي حدثت على شواطئ نهر‬
‫برباط‪ ،‬في محافظة قادش (اليوم) لقد كان هنالك المسرح الذي أحرز فيه‬
‫المسلمون النصر وهلك فيه لذريق‪ ،‬لقد قادت تلك الحمالت التي وجهت منذ ذلك‬
‫التاريخ بقيادة طارق وموسى نفسه‪ ،‬القوات العربية اإلسالمية ليس لالستيالء‬
‫على العاصمة القوطية طليطلة فقط‪ ،‬وإنما لالستيالء على البالد القوطية كلها‪،‬‬
‫زحوف متتالية وصل عبرها المسلمون إلى جنوب ما يعرف آنئذ بمملكة الفرنجة‪،‬‬
‫ولكن بعد ثالث سنوات أي في عام ‪ 714‬وجد القائدان أنفسهما مضطرين إلى‬
‫مغادرة شبه الجزيرة‪ ،‬الستدعاء الخليفة لهما في دمشق‪ ،‬ف ُتركت القيادة في يد‬
‫ابن من أبناء موسى‪ ،‬وقد حكمها هذا االبن من إشبيلية‪ ،‬وبوصوله إلى السلطة‬
‫بدأت األندلس فترة برز فيها كثير من األمراء والقادة العسكريين‪ ،‬معينين من قبل‬
‫الوالي في شمال أفريقيا أو من قبل الخليفة في دمشق‪ ،‬وقد أدى هؤالء القادة‬
‫واألمراء دورهم بطرق مختلفة من الحظ والنجاح‪.‬‬
‫األمراء األمويون في األندلس‪:‬‬
‫ال نحتاج إلى أن نلفت االنتباه إلى فترة االنتقال المأساوية الحرجة التي عاشها‬
‫األندلس أثناء األربعة عقود التي تقدمت وصول [‪]2‬عبد الرحمن األول[ الداخل]‬
‫إلى شبه الجزيرة‪ ،‬لقد كان شابا أمويا من دمشق‪ ،‬استطاع أن ينجو من القتل‬
‫الذي تعرضت له أسرته‪ ،‬بما دبره العباسيون بحذق ومهارة‪ ،‬وفي رأي المؤرخين‬
‫العرب أتاح له هروبه حظا من الترتيبات‪ ،‬وحاولوا أن تتصوروا ياسادة ماكان يلزم‬
‫لمسافر في ذلك الوقت من قطع أراضي فلسطين فمصر فشمال إفريقيا دون‬
‫التمتع بأدوات السفر المعاصرة‪ ،‬تالحقه مطاردات ملحة يقوم بها المخلصون‬
‫للخليفة العباسي الجديد‪.‬‬
‫االنقسامات الداخلية التي عاشتها شبه جزيرة إيبيريا بين جماعات عربية مختلفة‬
‫تنحدر من قبائل عربية مختلفة أيضا جعلت الوقت مناسبا لحضور أمير أموي شاب‬
‫يجتاز المضيق‪ ،‬اعتبر اجتيازه ذلك من قبل البعض على أنه حل سعيد لصراعاتهم‪.‬‬
‫بمجرد أن حط عبدالرحمن الداخل رحاله بمرسى المنكب في العام ‪ 755‬واتته‬
‫شهور من الحماسات المتوالية‪ ،‬كانت كافية ليكون جيشا قويا هزم به حاكم‬
‫األندلس الذي كان آنذاك‪ ،‬وأعلن نفسه أميرا ومؤسسا لألسرة األموية في قرطبة‬
‫عمر‬ ‫التي وجهت مصير البالد حتى ‪ . 1031‬كان هذا في العام ‪ 756‬عندما كان ُ‬
‫عبدالرحمن األول ستا وعشرين سنة‪.‬‬
‫وشهرته سياسيا جيدا وشاعرا ماهرا جعلتهم ينسبون إليه نجاحا في مباشرته‬
‫إصالحات في الجيش وتصميمه على دفع عملية التعريب واألسلمة في شبه‬
‫جزيرة إيبيريا‪ ،‬إضافة إلى ذلك فإن اسمه اعتيد أن يقترن بجامع قرطبة الشهير ألنه‬
‫هو الذي أمر بعد مفاوضته للمسيحيين بأن تحول كنيسة المدينة القديمة إلى‬
‫مسجد‪.‬‬
‫هشام األول ثم الحكم األول ؛ أي ابن عبدالرحمن وحفيده ورثاه في العرش‪،‬‬
‫ولنختصر الحديث عن فترة حكمهما يمكننا أن نصف فترة حكم األول بأنها فترة تمتع‬
‫فيها األندلس باالستقرار الداخلي‪ ،‬بينما عانى األندلس خالل حكم الثاني عدم‬
‫توازن‪ ،‬ومرحلة الهدوء التي صاحبت حكم هشام أسهمت في أن يشرع هذا في‬
‫حمالت عسكرية ضد المسيحيين‪ ،‬وبالمقابل فإن الفوضى التي أغضبت [أحنقت]‬
‫الحكم اضطرته ليكون مهتما بدرجة أولى بإخماد تمردات داخلية عديدة‪.‬‬
‫أما األمير عبدالرحمن الثاني فتنسب إليه المسؤولية في جعل اإلدارة القرطبية‬
‫مشرقية‪ ،‬فهذا الحامي الكريم للفنون والراعي لآلداب حكم ثالثين سنة شهد‬
‫األندلس خاللها تغيرات مهمة في ميداني العلوم والفنون‪ ،‬وهو ما يفصح بوضوح‬
‫عن اهتمام العاهل بعالم الثقافة‪ ،‬ولم يمنعه ذلك من الكفاح ضد المسيحيين‬
‫والدفاع عن شواطئ األندلس التي كانت تتعرض لتهديد نورماندي كبير‪.‬‬
‫إن حيلة [سياسة] محمد األول وليبرالية المنذر واعتدال عبدهللا أمور كلها كانت‬
‫حاضرة في المملكة األندلسية خالل الستين عاما التي سبقت وصول عبدالرحمن‬
‫الثالث المشهور إلى الحكم‪ ،‬وتحت اإلمرة النافذة لهذا األخير انطلقت األندلس في‬
‫عصر الخالفة ‪]3[.‬‬
‫الخالفة األموية في األندلس‪:‬‬
‫إضافة إلى إعادة ترسيخ عرش األندلس‪ ،‬وتقليل تهديد بعض المتمردين على‬
‫السلطة المركزية في قرطبة إلى الحد األدنى‪ ،‬فقد أعلن عبدالرحمن نفسه‬
‫خليفة وأميرا للمؤمنين‪ ،‬و كان ذلك تصرفا شجاعا قطع به جذوراالرتباطات القليلة‬
‫التي كانت تربط حكومة قرطبة بالمشرق‪ ،‬كما أبطل بذلك أيضا تأثير الخالفة‬
‫الفاطمية البارزة‪ ،‬لقد وجد في األندلس الوعي بالحاجة إلى الدفاع عن إسالم‬
‫صحيح ومناصرته في مقابل إسالم به من الهرطقة ما به [ارتوذكسي وغير‬
‫أرتوذكسي] وهذا األخير هو الفاطمي‪ ،‬وهكذ نصب عبدالرحمن الثالث نفسه‬
‫صاحب األندلس المطلق‪ ،‬وهو الذي بنى المدينة القصر؛ أي مدينة الزهراء التي‬
‫شيدت على بعد حوالي خمسة كيلو مترات من قرطبة‪.‬‬
‫لقد وضع عبدالرحمن لخليفته الحكم الثاني معدال عاليا لم يستطع الوصول إلى‬
‫تحقيقه‪ ،‬ولكنه مع ذلك لم يذهب سيطه‪ ،‬فخالل الخمسة عشر عاما من حكم هذا‬
‫الخليفة الجديد نعم األندلس بنوع من السالم واالستقرار واالزدهار‪ ،‬نعم لقد أخطأ‬
‫عندما ترك عرش قرطبة في يد ابنه الطفل هشام الثاني [المؤيد] الذي كان لسوء‬
‫الحظ بعيدا كل البعد من الحكم‪ ،‬ففوض كل المسؤوليات إلى كبار وزرائه‪.‬‬
‫لقد كان بين أولئك الوزراء الكبار الذين عرفهم األندلس أكبرهم بدون منازع‪،‬‬
‫الداهية الذكي المنصور [ابن أبي عامر ] وهو واحد من الذين عرفوا كيف يستغلون‬
‫المنصب أحسن استغالل فاستطاع من خالله أن يهتم ببناء مدينة جديدة أي‬
‫الزاهرة حيث أقام المنصور بها مع أقاربه وأصدقائه ووزرائه البعيدين من الخليفة‬
‫هشام‪ ،‬المتفهقر في قصره القرطبي ‪ ،‬المبعد عن اتخاذ القرارات في الدولة ‪.‬‬
‫ولقد أدى الطموح أو الطمع بالمنصور إلى أن يسمي في وظيفة كبير الوزراء ابنيه‬
‫من بعده اللذين نصحهما باستعمال حكمته واليد القوية في إدارة الحكومة‪ ،‬ولكن‬
‫إذا كان األول منهما قد نجح في تعضيد حالة الهدوء الداخلي والنمو االقتصادي‬
‫الجيد اللذين بلغتهما األندلس في عهد والده‪ ،‬فإن ادعاءات الثاني المفرطة‬
‫المبالغة التي جعلت الخليفة الشرعي يعينه وريثا للعرش قد قضت على استقرار‬
‫السلطة القرطبية التي أصيبت حتى الموت منذ تلك اللحظة‪.‬‬
‫إن مؤسسة الخالفة في قرطبة قد دخلت في مرحلة االنحالل غير المرئي ؛ حيث‬
‫حدثت مواجهات ومصادمات واقتتال وانقالبات‪ ،‬وبرزت شخصيات من كل نوع‪،‬‬
‫أعلنت نفسها خليفة‪ ،‬أمام اندهاش مجتمع كان عليه أن يعيش جو الحرب األهلية‬
‫على مدى أكثر من عشرين عاما قادت إلى ما عرف بعصر ملوك الطوائف في‬
‫القرن الحادي عشر‪.‬‬
‫عصر ملوك الطائف‪:‬‬
‫بدأ هذا العصر عندما سقطت الخالفة نهائيا‪ ،‬فأعلن كثير من القواد باسم الحكومة‬
‫وقواد المحافظات األندلسيين أنفسهم ملوكا مستقلين‪ ،‬فأصبحت البالد مجزأة في‬
‫ممالك عديدة نشبت بينها مواجهات مستمرة ال يستثنى من ذلك الدور الذي كانت‬
‫تلعبه تلك الممالك األكثر قوة لموقعها الحدودي مع المسيحيين‪ ،‬والتي كانت تتمتع‬
‫بحضور عسكري كبير أثناء عصر الخالفة‪.‬‬
‫]‪ [4‬وإن كان كل أولئك الملوك قد جمعوا الضرائب وبنوا القصور وأقطعوا األراضي‬
‫واتخذوا الجيوش‪ ،‬فقد وجدت بين الكبار منهم خالفات كبيرة‪ ،‬كما هو الشأن في‬
‫أبناء عباد بإشبيلية‪ ،‬وكذلك بنو صمادح بالمرية وملوك الطوائف [بنو األفطس]في‬
‫بطليوس وبنو جهور في قرطبة وبنو زيري في غرناطة والحموديون في مالقة‪،‬‬
‫وبنو ذي النون في طليطلة والعامريون في بلنسية والهوديون في سرقسطة‪،‬‬
‫وكذلك الممالك التي لعبت دورا أقل من أولئك في األحداث العامة في البالد‪ ،‬مثل‬
‫الذين حكموا في السهلة والجزيرة الخضراء‪ ،‬والبنت وركونة‪ ،‬وقرمونة وولبة‬
‫وشريش ولورقة ومدينة سالم ومورور ونبلة ورندة وشلب وتطيلة‪ ،‬وكل أولئك كانوا‬
‫متفرقين أمام الضغط المسيحي القادم من الشمال‪ ،‬والبربري القادم من الجنوب‪،‬‬
‫وهو ما تسبب في القضاء على ممالكهم بأيديهم واضمحاللهم‪.‬‬
‫األسر اإلفريقية التي حكمت األندلس‪:‬‬
‫إنه بالضبط الضغط الذي وصل إليهم من الجنوب أي بحضور المرابطين والموحدين‬
‫في األرضي اإليبيرية‪ ،‬فكال األسرتين يتمتع بقاعدة دينية قوية‪ ،‬وينحدر من الشمال‬
‫اإلفريقي‪ ،‬وحكم كالهما األندلس أكثر من مائة عام‪ ،‬موجها بقيادته وتصرفاته‬
‫الحياة في البالد‪ ،‬وذلك في الفترة بين نهايات القرن الحادي عشر وبدايات القرن‬
‫الثالث عشر‪.‬‬
‫برر كثير من المؤرخين وصول األفارقة إلى األراضي اإليبيرية بأنها أمر معقول‪ ،‬ألنها‬
‫استجابة لنداء اإليمان الذي ووجهه إليهم إخوتهم المسلمون األندلسيون الذين‬
‫كانوا مهددين تهديدا كبيرا بالتقدم المسيحي في أراضيهم‪ ،‬كما يعطي المؤرخون‬
‫أهمية كبيرة كيف أن سكان األندلس أبدوا استقباال للمرابطين أحسن من استقبال‬
‫الموحدين‪ ،‬وألن هؤالء األخيرين حققوا نجاحات قليلة حكموا أراضي أقل في شبه‬
‫جزيرة إيبيريا من األراضي التي حكمها المرابطون‪.‬‬
‫يتفق كثير من الدارسين على أن يبينوا أنه لوال تحالفات الممالك المسيحية‬
‫واألوقات الداخلية غير المواتية في شمال أفريقيا‪ ،‬أي المنطقة التي تخطط فيها‬
‫االمبراطوريتان استراتيجيتهما‪ ،‬لكان نجاح المرابطين والموحدين أكبر وأكثر جذبا‬
‫لالنتباه‪.‬‬
‫وعلى أي حال فإن إقامة هاتين األسرتين البربريتين في األراضي األندلسية قد‬
‫منحت البالد فترة من االستقرار استمرت قليال أو كثيرا‪ .‬ولكنها لم تكن كافية‬
‫إليقاف التقدم المسيحي‪ ،‬ونتيجة لذلك فتحت الطريق لمرحلة جديدة غاب فيها‬
‫الهالل اإلسالمي عن كثير من الميادين التي كانت تنتمي إلى المسلمين‪.‬‬
‫عصر الطوائف الجدد‪:‬‬
‫لقد عاش األندلس أثناء االنتقال بين عصري المرابطين والموحدين وبعد سقوط‬
‫هؤالء األخيرين أوضاعا شبيهة بالتي كانت قد وجدت عقب سقوط الخالفة في‬
‫قرطبة‪ ،‬فهذه العوارض المؤقتة تتصف باالنقالبات واألحداث الفوضوية التي‬
‫شهدتها المدن الرئيسة في األندلس‪ ،‬فبدأت هذه المدن في حكم نفسها دون أن‬
‫تأخذ في حسابها تعاليم السلطة المركزية‪ ،‬كما لو أنها أصبحت مدنا مستقلة‪]5[ ،‬‬
‫شبيهة بالتي كانت في عصر ملوك الطوائف‪ ،‬وهو السبب الذي حمل بعض‬
‫المؤرخين أن يعطوا هاتين الفترتين [أي عد سقوط المرابطين‪ ،‬وبعد سقوط‬
‫الموحدين] اسمي ‪ :‬عصر الطوائف الثاني‪ ،‬وعصر الطوائف الثالث‪.‬‬
‫لقد ظهر مع عصر الطوائف الثالث الناتج عن أفول نجم الموحدين حكام مستقلون‬
‫لم يكتفوا بأنهم لم يساعد بعضهم بعضا‪ ،‬بل تنافسوا فيما بينهم وتنازعوا كثيرا‪،‬‬
‫فكان ذلك عمال أخرق وظفه الملوك المسيحيون الذين كانوا يتنافسون على‬
‫األراضي اإلسالمية لفائدتهم‪.‬‬
‫مملكة بني نصر في غرناطة‪:‬‬
‫للشهرة التي ستكون لها أهميتها في حياة األندلس المستقبلية من الضروري‬
‫تقديم هذا الذكر لبعض الحكام المستقلين ونعني محمد بن يوسف بن نصر الذي‬
‫كان شخصية بارزة في أرجونة (بجيان) و ضم أراضي من المحافظتين المجاورتين‬
‫له ؛ غرناطة وجيان‪ ،‬بعد أن أعلن استقالله في قريته التي ولد بها‪ ،‬وهكذا حتى‬
‫وصل إلى بناء مملكة مهمة‪ ،‬وبواسطة دفع جزيات كبيرة إلى العرش القشتالي‬
‫استطاع أن يمكن األندلس من البقاء على قيد الحياة حتى نهايات القرن الخامس‬
‫عشر‪.‬‬
‫احتوت المملكة على قطاع يمتد على طول الشاطئ الجنوبي لشبه جزيرة إيبيريا‬
‫على البحر األبيض المتوسط شاغال تقريبا كل ما يعرف اليوم بمحافظات غرناطة‬
‫ومالقة والمرية‪ ،‬وقد مثل هذا القطاع العالمة الوحيدة واألخيرة للحضور اإلسالمي‬
‫في البالد‪ ،‬ولوضعه في أقصى الغرب كان يجاور مملكة إشبيلية التي تحده في‬
‫الشمال الغربي مع قرطبة‪ ،‬ومملكة جيان كانت في شماله‪ ،‬ومملكة مرسية كانت‬
‫في شماله الشرقي‪ ،‬وقد ترنحت حدوده طبقا للعهود والملوك‪ ،‬ألنه وإن وجد‬
‫بعض القواد الذين عرفوا كيف يوقفون التقدم المسيحي فإن القواد الذين تركوا‬
‫المسيحيين يستولون على األراضي اإلسالمية لم يكونوا قليلين‪.‬‬
‫لقد مرت المملكة بأوضاع مختلفة ؛ فأثناء القرن الثالث عشر كانت هنالك لحظات‬
‫مختلفة من اإلسقاطات واالستقرار‪ ،‬ثم بعد ذلك أي في القرن الرابع عشر‪،‬‬
‫وبخاصة بداية من نصفه الثاني‪ ،‬عاش األندلس مراحل من المجد الكبير وهي‬
‫سنوات االزدهاراالقتصادي والثقافي‪ ،‬لقد أديرت السياسة بطريقة حازمة‪،‬‬
‫وأظهرت المملكة صورة مصلحة عاملة على االزدهار‪ ،‬وقد انعكس ذلك في ميدان‬
‫العلوم والفنون واآلداب‪ ،‬ولكن الحظ أراد عالوة على ذلك أن يجلس بطريقة‬
‫متعاقبة لسلطانين من سالطين العرش الغرناطي كالهما كان ذا أهمية كبيرة في‬
‫كل األوقات ؛ وهما يوسف األول وابنه محمد الخامس‪ ،‬ولسوء الحظ فإن وفاة هذا‬
‫األخير في عام ‪ 1391‬قد جلبت أجواء مختلفة عن السابقة التي كانت تسود عصره‬
‫وعصر أبيه‪ ،‬فلقد اضمحل نجاح القرن الرابع عشر‪ ،‬والحق أن الذنب األكبر في ذلك‬
‫يحمله عرش قشتالة الذي كان غائبا على األحداث خالل بعض الوقت ولكنه‬
‫استرجع اآلن بعض حيوية أظهرها بقوة في بداية القرن الخامس عشر ولكن‬
‫مسؤولية كبيرة يمكن أن تلقى على عاتق الحكام النصريين أنفسهم‪ ،‬لقد انجروا‬
‫وراء عواطفهم وأطماعهم الشخصية‪ ،‬البالبل والخدع والمؤامرات كانت معتادة في‬
‫البالط النصري وقليل من السالطين من تعدت فترة حكمه العشرة سنوات متوالية‪،‬‬
‫معظمهم أقيل من منصبه مقتوال في مؤامرات ودسائس‪ ،‬لقد كان هكذا المنظر‬
‫العام مسيطرا على مدى القرن الخامس عشر‪ ،‬وقد كانت تلك هي العالمة‬
‫المؤسفة التي قادت إلى انتهاء المملكة‪ ،‬لقد احتضرت هذه المملكة وعاصمتها‬
‫غرناطة بشكل بطيء ‪.‬وفي اليوم الثاني من يناير من عام ألف وأربعمائة [‪]6‬‬
‫واثنين وتسعين سلم الملك الصغير كما كان يلقب أبوعبدهللا تسليما رمزيا مفاتيح‬
‫المدينة إلى الملكين فرناندو وإيسابيل فكان ذلك النشاط الرسمي هو الذي وضع‬
‫النهاية لما يقارب الثمانمائة عام من الحضور اإلسالمي في شبه جزيرة إيبيريا‪.‬‬
‫المجتمع‪:‬‬
‫سنتناول أوال األفراد واألشخاص الذين كانوا يؤلفون المجتمع األندلسي‪ ،‬ولذلك‬
‫يجب أن نأخذ في اعتبارنا العناصر المتعددة التي كونت ذلك المجتمع وهو ما‬
‫يسمح لنا بأن نصنفها خالل مجموعات ينتمي إليها كل عنصر من العناصر‪.‬‬
‫فالمجموعة األولى يكونها األشخاص الذين كانوا يدينون بدين واحد والثانية يكونها‬
‫الذين ينتمون إلى جنس واحد‪ ،‬أما األخيرة فهي التي كان يكونها األشخاص‬
‫الموالي والعبيد‪.‬‬
‫فإذا حكمنا على أن مالمح مجتمعة بفعل دين ما وهو اإلسالم يمكن أن نصنف من‬
‫خاللها مجموعة‪ ،‬فيجب أن ال ننسى أن المسلمين كانوا يتكونون من أصول جنسية‬
‫متعددة‪ ،‬وهو ما أمكن معه وجود أول انقسام بين العرب والبربر والمولدين‪ ،‬وتحت‬
‫تلك الظروف نفسها أي من الدين الواحد واختالف الجنس‪ ،‬وجد أيضا فريق آخر‪،‬‬
‫الذي يجمعهم أيضا كونهم عبيدا أو موالي‪.‬‬
‫وأخيرا فإن بين الذين لم يعتنقوا اإلسالم والذين كانوا يؤلفون األقلية الدينية في‬
‫األندلس ويشكلون جزءا من المسرح االجتماعي األندلسي وهم اليهود من جانب‬
‫والمستعربون من جانب آخر‪.‬‬
‫ولنبدأ أوال بالذين ينتمون إلى أجناس مختلفة ولكنهم عاشوا في األندلس يدينون‬
‫بدين واحد ؛ أي العرب والبربر والمولدين‪.‬‬
‫ونبدأ أوال بالعرب‪:‬‬
‫فبوصول المسلمين األوائل إلى شبه جزيرة إيبيريا في عام ‪ 711‬دخل إليها‬
‫جماعات من أصول عربية‪ ،‬وهم الذين أطلق عليهم اسم البلديين‪ ،‬وبعد ثالثين‬
‫سنة انضاف إلى هؤالء الذين والوا استيالءهم على الشواطئ األندلسية الحقا‪،‬‬
‫مجموعة كبيرة من الجنود أو المهاجرين والذين لقبوا بالشآميين‪ ،‬وقد كان على‬
‫رأس هؤالء القائد المدعو ببلج بن بشر‪ ،‬وقد توزعوا في مناطق مختلفة من‬
‫األندلس مثيرين بذلك غيرة العرب الذين كانوا قد استقروا منذ فترة سابقة في‬
‫األندلس في جوانب عديدة من الحياة‪ ،‬وهكذا كان األمر بين الذين أداروا أعنة‬
‫األمور في األندلس منذ البداية حتى سقوط الخالفة في القرن الحادي عشر‪،‬‬
‫سواء كان ذلك على المستوى االقتصادي أم االجتماعي أم السياسي‪ ،‬شغلوا‬
‫المناصب الكبيرة وتحولوا إلى إقطاعيين كبار يملكون األراضي الشاسعة والمدن‬
‫والقالع التي أعطوها أسماءهم في كثير من األحيان‪.‬‬
‫فبين أولئك الجنود المسلمين الذين استقروا في األندلس في البداية لم يوجد‬
‫عرب كثيرون‪ ،‬وبتحليل تسلسل نسب كثير من أولئك المعتبرين [ ‪ ]7‬من هذا‬
‫الجنس يمكن أن نالحظ أن كثيرين من األشخاص هم الذين لهم قرابة مع العرب‬
‫األصليين عن طريق الوالء‪ ،‬وماذا يعني هذا ؟ الذي يعنيه هو أن ما حدث في‬
‫األندلس حدث أيضا في المشرق والشمال اإلفريقي‪ ،‬وهو كثرة المدعويين‬
‫بالموالي جمع المولى‪ ،‬وهو مصطلح يميز به الشخص غير العربي الذي ارتبط‬
‫بقبيلة عربية أو شخصية عربية ذات نفوذ‪ ،‬وهي من أصل عربي صحيح‪ ،‬بعد أن‬
‫اعتنق اإلسالم‪ ،‬وتحفظه هذه القبيلة وترعاه كفرد من أبنائها‪ ،‬وال تتبناه القبيلة‬
‫ليحمل اسمها فقط بل أيضا نسبها وعاداتها وتقاليدها ‪ .‬وهذا العنصر من عناصر‬
‫السكان من الناحية النظرية وباعتباره مسلما يجب أن يتمتع منذ اللحظة األولى‬
‫التي اعتنق فيها اإلسالم بالحقوق نفسها التي يتمتع بها العرب‪ ،‬ولكن في‬
‫الممارسة فإن الخطأ في الخلط بين اإلسالم واالستعراب جعل المعتبرين عربا‬
‫خلصا يقيمون مسافات بينهم وبين المولدين واعتبارهم لهم مواطنين من الدرجة‬
‫الثانية‪ ،‬مطالبين لهم في حاالت كثيرة بدفع الجزية التي كان من المفروض أن‬
‫يدفعها أهل الذمة فقط ألنهم ليسوا مسلمين‪ ،‬ومهما كان فإن المولدين قد تعاونوا‬
‫جدا في حاالت كثيرة مع العرب لينتصر التعريب واألسلمة لألراضي الجديدة‪.‬‬
‫و بال شك وجد أندلسيون منحدرون من العرب ولكنهم كانوا أقلية‪ ،‬وكانوا واعين‬
‫للوضع البارز الذي يمكن أن يصل إليه من يقوده إلى ذلك أصل عربي واضح أو‬
‫انتماء إلى ساللة مولى مشرقي مرتبط بأسرة ذات نفوذ وتأثير‪.‬‬
‫وقد حمل ذلك على التفاخر [وربما إلى درجة التبجح ] باألنساب ومع ذلك فإن‬
‫عددهم القليل إضافة إلى توزعهم الممتد عبر كل أراضي شبه جزيرة إيبيريا‬
‫جعلهم يقترنون بزوجات من أهل البالد األصليين وهو ما جعل شعورهم القبلي‬
‫غير المتجذر منذ البداية يذوب ويتبخر مع مرور الوقت‪ ،‬إلى درجة يمكن معها القول‬
‫بأنه بعد القرن العاشر – وال نقول القرون أو األجيال الالحقة – كثر السكان الذين‬
‫لم يكن لهم جنس معروف أو انتساب محدد‪[ ،‬أو باألحرى شجرة نسب‪] .‬‬
‫لقد تزايد بشكل واضح عدد العرب الذين كانوا قليلين حينما استقروا في البداية‬
‫في شبه جزيرة إيبيريا‪ ،‬وقد اقترنوا مع نساء إيبيريات األصل كثيرات‪ ،‬وفي حاالت‬
‫كثيرة عبر الزواج‪ ،‬وفي حاالت أخرى عبر نظام الجواري واإلماء‪ ،‬ولكن بالرغم من أن‬
‫العنصر العربي كان ناميا وكانت سلطته نافذة فإن المسؤولين اإلداريين لم يصلوا‬
‫إلى تكوين نواة تنفيذية عملية منظمة وصلبة من القبائل المختلفة‪ ،‬لقد وجدت‬
‫يوميا النزعات االنفرادية الدائمة واالحتكاكات واالختالفات‪ ،‬لقد كان التنافر أو عدم‬
‫التوافق الذي يوقظه بعض األجناس في أخرى إلى درجة اإللف حتى إن بعض‬
‫الجماعات قد تحالفت مع المسيحيين أو البربر في أحالف مؤقتة ومحددة‪ ،‬ومن‬
‫األمور األكثر إثارة للعجب أن تلك األحالف كان يتحالف فيها عرب أو بربر مع‬
‫المسيحيين أو البربر ضد العرب أو البربر‪ ،‬ولم يكن مستغربا في مثل هذه الظروف‬
‫أن يجند الحكام العرب أفرادا ليسوا عربا بهدف تكوين جيش قوي وحرس شخصي‬
‫مخلص لهم‪.‬‬
‫لقد انعكس بصورة واضحة التفرق التقليدي في بالد األندلس في زمنها األول كما‬
‫هو الشأن في مناطق أخرى كثيرة فتحها اإلسالم ؛ حيث [‪ ]8‬جلب الناس معهم‬
‫ذلك التفرق واالختالف من أمكنتهم األصلية ؛ أي عرب الشمال أو القيسيين وعرب‬
‫الجنوب أو الكلبيين‪.‬‬
‫وكما هو منطقي فقد دخل األندلس ضمن الموجات العربية [الطوالع العربية]‬
‫أناس من كال الفريقين ؛ أي عرب الشمال وعرب الجنوب‪ ،‬وتوزعوا في مناطق‬
‫مختلفة من شبه جزيرة إيبيريا حاملين معهم نزاعاتهم وخالفاتهم ومواجهاتهم‬
‫التقليدية‪ ،‬لقد تحولت األندلس إلى مسرح مستقبل للصراعات والتنافس الذي كان‬
‫موجودا في المشرق منذ القديم‪ ،‬ولم يؤد ذلك إال إلى التفرق والتأزم االجتماعي‬
‫ل في أحيان كثيرة إال عبر الحرب التي تسيل فيها الدماء‪.‬‬ ‫والسياسي الذي لم ُيح َّ‬
‫ونتحدث اآلن عن البربر وال أحد يجادل في أن البربر الذين دخلوا األندلس مع‬
‫الجماعات األولى التي دخلت هناك كانوا أكثر عددا من العرب ألنهم كانوا يكونون‬
‫األساس في جنس سكان شمال أفريقيا‪ ،‬وليس غريبا أن يتبع الموجات البربرية‬
‫األولى موجات أخرى كثيرة تدخل األندلس في القرون الالحقة‪ ،‬لقرب المسافة‬
‫التي تفصل بين شبه جزيرة إيبيريا وشمال أفريقيا‪ ،‬وهكذا كان البربر يكونون جزءا‬
‫مهما من سكان األندلس‪.‬‬
‫لقد وضحت الفروق بينهم وبين ذوي الجذور العربية فورا ؛ فبعد دخولهم إلى شبه‬
‫جزيرة إيبيريا مباشرة ظهر للبربر الفرق بينهم وبين العرب خصوصا وأن العرب كانوا‬
‫أقل في العدد ولكنهم ذهبوا بالجزء األكبر من الغنائم التي حصل عليها العرب‬
‫والبربر مجتمعين‪ ،‬وعلى هامش ذلك فإن الجيوش العربية والبربرية لم تصل مطلقا‬
‫إلى تفاهم ‪ ،‬وفعال فبعد مرور المرحلة األولى من الفتح توزعت الفرق والجماعات‬
‫في المناطق الجغرافية لشبه جزيرة إيبيريا وكان يحكم ذلك خط تقسيم توجهه‬
‫أسباب عرقية‪.‬‬
‫وبوجه عام فقد بحث العرب عن الغنى الذي توفره الوديان‪ ،‬بينما البربر كانوا‬
‫معتادين على مناطق المنحدرات الوعرة في أمكنتهم األصلية التي هاجروا منها‪،‬‬
‫ولذلك كان عليهم أن يحلوا المناطق الجبلية من األندلس‪.‬‬
‫وبالتحليل العام للخط الذي كان يتحرك فيه البربر خالل العهود التاريخية المختلفة‬
‫ُيستدل على أن هذا الشعب في األندلس‪ ،‬لم يتحول إلى عنصر عرقي متجانس‬
‫قادر على ضمان وحدته ونجاحه فيما يعترضه من معرقالت في صراعه مع العرب‬
‫أو صراعه مع المسيحيين‪.‬‬
‫وكان العرب على العكس من ذلك الوضع الذي وجد عليه البربر فالعنصر البربري‬
‫ظهرت فيه كثير من الثلمات في لحظات فاصلة في تاريخه‪ ،‬فتفرقه الداخلي في‬
‫االنتماء إلى تجمعات حول هذه أو تلك من القبائل‪ ،‬قاده في كثير من األحيان إلى‬
‫التنافس والحرب بين جماعاته المختلفة‪ ،‬وهو ما لم يؤد إلى شيء سوى إلى‬
‫إضعافه في ساعات ربما كان فيها‪ ،‬في مسيس الحاجة إلى قوة كبيرة وتماسك‬
‫أكبر‪.‬‬
‫وقد كانت تلك الطريقة من التصرف معتادة من البربر سواء أكان ذلك في زمن‬
‫الفتح أو في عصر بني أمية ومن واالهم‪.‬‬
‫في بداية القرن الحادي عشر شكل البربرمن سكان األندلس جانبا يحسب‬
‫حسابه‪ ،‬يمكنه أن يميل كفة ميزان السلطة في صالح جهة أو ضدها‪ ،‬حتى إنهم‬
‫كانوا في وضع يمكنهم أن يقيموا التعادل والهدوء أو يغيروا أزمنة الحرب أو أزمنة‬
‫السالم في البالد‪ ،‬وقد وصلوا إلى الحد الذي كانوا فيه ذوي تأثير كبير؛ إذ أنهم في‬
‫أوقات الثورات التي سبقت سقوط الخالفة القرطبية وصلوا إلى إجالس شخص‬
‫اختاروه للجلوس في عرش الخليفة‪.‬‬
‫بعد ذلك [‪ ]9‬أي في القرن الحادي عشر برزت ممالكهم الطائفية وملكوا مناطق‬
‫جغرافية فسيحة‪.‬‬
‫لقد كان األفارقة الموحدون والمرابطون من البربر سادوا شبه جزيرة إيبيريا بين‬
‫أواخر القرن الحادي عشر وجزءا من الثالث عشر ‪ .‬لقد أشرت سابقا إلى أن‬
‫العنصر الديني يعتبر رابطة موحدة بين العرب والبربر‪ ،‬وبشكل شبيه بذلك يجب أن‬
‫تجمعهم اللغة العربية التي استعملها ووظفها البربر األوائل منذ وصولهم إلى‬
‫األندلس‪ ،‬فأنا أقول بأنهم منذ وصولهم الشواطئ األندلسية يبدو لي بالفعل لم‬
‫يتأخروا في ترك لغتهم الخاصة وعاداتهم لصالح العربية والرومانثي ‪ ،‬ومن الممكن‬
‫القول إن اآلصرة اللغوية قد قربت إلى حد كبير بين الجاليتين العربية والبربرية أو‬
‫األندلسية والبربرية‪ ،‬فلنفكر في شيء محدد أو مادي ؛ فاألفارقة الشماليون كانوا‬
‫يحملون معهم إلى األراضي الجديدة لهجاتهم‪ ،‬وعلى أية حال فإن البربر قد عرفوا‬
‫كيف يمارسون اللغة والدين والعادات العربية في حذق ومهارة‪ ،‬لقد تُرجم ذلك‬
‫فعال في األسلمة والتعريب اللذين مروا بتجربتهما‪ ،‬وذلك هو ما أتاح لهم االمتزاج‬
‫السريع في المجتمع األندلسي‪.‬‬
‫العنصر اآلخر الذي كان قد تكون منه المجتمع األندلسي هو عنصر المولدين‪ :‬وهو‬
‫المصطلح القشتالي ‪ mulad?n‬مفرده ?‪ mulad‬مشتق من العربي مولد والذي‬
‫معناه من الناحية االشتقاقية االبن بالتبني ؛ فبذلك اللقب كان يلقب األندلسيون‬
‫ذوو األصل اإليبيري الذين اعتنقوا اإلسالم ‪ ،‬حسنا‪ ،‬لكن يوجد من الكتاب من يفرق‬
‫داخل هذا العنصر بين المسالمة وهم سكان شبه الجزيرة اإليبيرية الذين اعتنقوا‬
‫اإلسالم اقتناعا أو طمعا وبين المولدين‪ ،‬وإن كان ال فرق بينهما‪ ،‬فإن أبناء‬
‫المسالمة وعقبهم هم الذين أطلق عليهم المولدون ؛ أي أنهم مسلمون منذ‬
‫الوالدة‪ ،‬وإن كان علينا أن نعتبر حاالت أخرى كثيرة من األشخاص الذين ولدوا‬
‫مسلمين نتيجة أو ثمرة لزواج العرب أو البربر بزوجات إيبيريات ؛ وهو أمر مألوف‬
‫في عصورالفتح‪.‬‬
‫لقد كون المولدون العنصر األكثر عددا باختالطهم بالمجتمع األندلسي ويمكن فهم‬
‫ذلك بسهولة‪ ،‬لقد كانوا مسلمين ذوي نسب إسباني وإضافة إلى ذلك كونوا‬
‫الجماعة الكبيرة من سكان األندلس التي وجدتها‬
‫الجيوش العربية والبربرية عند وصولها إلى شبه جزيرة إيبيريا‪ ،‬وكثير من‬
‫االختصاصيين يشرحون أن هذه الشريحة الكبيرة من السكان هي التي كانت‬
‫تخضع لنير القوط اإلداري والمالي وعند وصول النظام الجديد إلى شبه الجزيرة‬
‫علقت عليه آماال كثيرة في تحسن أوضاعها لذلك ثقفوا أنفسهم وتعلموا دين هؤالء‬
‫الناس القادمين من الخارج الذين تلقوا منهم أيضا حماية ورعاية‪.‬‬
‫منطقيا فإن عملية األسلمة التي مروا بها كان قد صحبها أيضا التعريب الذي رئيت‬
‫آثاره في توظيف اللغة العربية وتقليد الموضات والتقاليد العربية وفي تبني‬
‫األنساب واألسماء العربية اإلسالمية بشكل كامل‪.‬‬
‫يوجد أكثر من حالة وصل فيها أولئك إلى أن يتنكروا ألصولهم اإلسبانية أو يخبئوها‪،‬‬
‫عالوة على ذلك فإن وضعهم مولدين‪ ،‬وهو مع ذلك مورد ال يجب أن يوظف التصرف‬
‫الجلي لشخصيات عديدة اعترفت بنسبها اإليبيري بكل فخر وكبرياء ؛ وبخاصة‬
‫أولئك الذين حسبوا ضمن حلقات السلسلة في نسبهم وأجدادهم أو في أقاربهم‬
‫أشخاص المعون أو باألحرى لهم سلف جدير بالتذكر لمجدهم أو لقيامهم بعمل‬
‫مذكور يتعلق بهم‪.‬‬
‫]‪[10‬فيما يتعلق بالمعتنقين المجبرين عبر روابط الذمة فإنها حاالت تستحق‬
‫االعتبار على حدة‪ ،‬فهي تقفل قصص شخصيات متواضعة بما في ذلك العبيد‬
‫المعتقين الذين بقوا مرتبطين باألمراء األمويين وصعدوا بشكل سريع في السلم‬
‫االجتماعي للسكان وارتقوا إلى درجة أن بعض أحفادهم تقلدوا فيما بعد مناصب‬
‫في الجيش أو في اإلدارة‪.‬‬
‫لقد شكل المولدون قاعدة صلبة أسندت المجتمع األندلسي‪ ،‬ليس ألنهم كانوا‬
‫أكثرية أمام العرب والبربر فقط بل أيضا ألنهم عرفوا كيف يكسبون ثقة مراكز‬
‫القوى‪ ،‬حتى وصلوا إلى شغل مواضع ذات أهمية قصوى في الميادين السياسية‬
‫والدينية والثقافية للبالد‪ ،‬لقد كثرت حاالت المولدين الذين أصبحوا رجال دين‬
‫بارزين‪ ،‬وقادة عسكريين مشهورين وعلماء ذائعي الصيت ورجال آداب‪ ،‬ووزراء‬
‫محبوبين مشهورين وأمناء للبالطات والقصور األندلسية ‪ ،‬وبال شك كان عليهم أن‬
‫يعتنقوا اإلسالم عن اقتناع أكيد‪ ،‬ولكن يجب أن نفترض أن كثيرا منهم كانوا يعتنقون‬
‫الدين الجديد واضعين أمامهم المنافع العديدة التي سيجنونها من اعتبارهم ضمن‬
‫الجالية المؤمنة‪ ،‬كأعضاء متساويين في الحقوق مثل بقية المسلمين‪.‬‬
‫وعلى هامش هذا بشكل عام ‪ ،‬نذكر أن المؤرخين تحدثوا منذ تاريخ مبكر جدا‪ ،‬عن‬
‫توتر في العالقات بين المولدين والعرب كان على رأس أسبابها أن هؤالء األخيرين‬
‫تعودوا على معاملة األولين مسلمين من الدرجة الثانية‪ ،‬توترات واحتكاكات لم‬
‫يخل منها أبدا مجتمع التعايش بين مجموعة وأخرى‪.‬‬
‫حسنا ؛ لقد تناولنا بالدرجة األولى المجموعات العرقية المختلفة التي تعايشت‬
‫في األندلس ممارسة الدين نفسه‪ ،‬واآلن يأتي دور فقرة أخرى أي الحديث عن‬
‫عنصر كان يمارس الدين اإلسالمي ولكن أنتجته أجواء عرقية مختلفة جدا‪ ،‬إنه‬
‫العنصر الذي كان ينتمي إلى جماعة مكونة من أشخاص لم يكونوا أحرارا‪ ،‬إنني‬
‫أشير كما تتصورون إلى العبيد الذين كانوا يمثلون جانبا من أقليا من السكان الذين‬
‫يكونون أيضا جزءا من المجتمع األندلسي وكثير منهم كانوا ضمن المغانم التي‬
‫غنمها المسلمون في حمالت عسكرية تصدوا بها للمسيحيين‪ ،‬وجزء آخر كبير‬
‫منهم انتهى به المطاف إلى األندلس عبر التبادل التجاري النشط ؛ الذي كان‬
‫يشترى ضمنه بالنقود عبيد غنموا بالدرجة األولى في مناطق الشمال اإلفريقي‬
‫وأوربا‪ ،‬ونعرف أيضا مما يقول بعض الرحالة المشارقة الداخلين إلى األندلس في‬
‫عصر بني أمية أن كثيرا من هؤالء العبيد كان مصدرهم غزوات قام بها قراصنة‬
‫أندلسيون في شاطئ أوربا على البحر األبيض المتوسط‪.‬‬
‫لقد كان بنو أمية – المعروفون بكثرة أسراهم – هم أول من اختار أن يدخل في‬
‫حماه عبيدا واردين من تلك المناطق‪ ،‬محاولين بذلك تعويض عدم الثقة أو الخيانة‬
‫التي يستوحونها في كثير من األحيان من أهل جنسهم أنفسهم أو أهل عرقهم‬
‫أنفسهم ؛ أي العرب وال نقول من الذين ينتمون إلى أعراق أخرى ‪ .‬ففي القرن‬
‫التاسع جعل األمير الحكم األول حرسه الشخصي مكونا من العبيد‪ ،‬وهؤالء هم‬
‫خ ْرس‪ ،‬وقد دعوا بهذا االسم ألنهم لم يكونوا يعرفون العربية‪ ،‬وبعد‬‫الذين سموا ال ُ‬
‫ذلك بفترة أي مع عبدالرحمن الثالث وصل قرطبة ما هو أكثر من ثالثة عشر ألف‬
‫عبد [‪ ]11‬استقر كثير منهم في البالط القرطبي‪.‬‬
‫وبفضل اإلخالص الذي بذلوه تجاه أسيادهم في هذا العصر تمتعوا بامتيازات كبيرة‬
‫قبل العرب والبربر حتى إنهم زحزحوا هذين الفريقين عن تولي الوظائف اإلدارية‬
‫العامة‪ ،‬وبعض منهم شغل وظائف متواضعة وغير ذات أهمية للتمتع بمواقع ذات‬
‫امتياز حقيقي‪ ،‬أتاحت لهم إمكانية التأثير في سياسة القصر وأجواء أخرى ‪ .‬ومن‬
‫هناك بدأوا يلعبون دورا بارزا في البالد وإن لم يصلوا أبدا إلى تكوين نواة اجتماعية‬
‫متماسكة كثيرا‪.‬‬
‫أكثرية العبيد كانوا قد حصلوا بطريقة إلقاء القبض عليهم أو شرائهم منذ أن كانوا‬
‫أطفاال ‪ ,‬و لهذا في الغالب ما يكونون مسلمين ‪ ،‬فيدربون ويثقفون بالمذهب الجديد‬
‫الذي عليهم أن يمارسوه‪ ،‬سواء كان ذلك في الممارسات الدينية أو عادات القصر‬
‫والبالط‪ ،‬وأخيرا فإن عددا كبيرا منهم تخصصوا فيما بعد في أعمال الريف من فالحة‬
‫وغيرها‪ ،‬ومع ذلك أيضا فإن عددا كبيرا من العبيد [أو الصقالبة ] موهوبون بصفات‬
‫خاصة يربون بسببها ألن يكونوا جزءا من البالط وليشغلوا مناصب رفيعة في إدارة‬
‫البالد‪ ،‬ولقد تعلموا الحديث بالعربية طبقا لذكائهم وكفاءتهم‪ ،‬لقد كانوا مختصين‬
‫في القيام بأعمال ووظائف معينة‪ ،‬فكانوا ينظمون خدمات القصر مثل عمل المطبخ‬
‫أو المنسوجات كما كانوا يؤلفون جزءا من الجيش ويوجهون السياسة ويقودون‬
‫الفروسية ويخدمون في مكتبة القصر‪ ،‬ويقدمون خدمات للزوجين في القصر‬
‫ويديرون خدمات حريم القصر‪ ،‬إلخ ‪ .‬وكثير منهم مارسوا اآلداب العربية بنجاح‪.‬‬
‫لقد عرف العبيد األوربيون ذوو األصل الفرنجي أو النورماندي باسم الصقالبة‬
‫المأخوذ من اللفظ ‪ Eslavos‬ثم عمم هذا اللقب فيما بعد على كل عبيد البالط الذين‬
‫أسروا أو اشتروا من أوربا وخاصة من فرنسا وإيطاليا والممالك المسيحية في‬
‫شبه جزيرة إيبيريا‪ ،‬كانوا مخصيين أو غيرهم ‪ .‬وفي لوثينا وهي اليوم قرية في‬
‫المحافظة اإلسبانية قرطبة كان اليهود الذين تخصصوا في تجارة العبيد هم الذين‬
‫اشتغلوا بإخصاء جزء كبير من الصقالبة الحقا بعد أن اختاروا أحسنهم‪ ،‬وعرضوهم‬
‫للبيع بعد ذلك االختيار وذلك الخصي كما شكل هؤالء العبيد المخصيين جزءا من‬
‫الحرس وجزءا من فريق الخدمات في القصر أو جزءا من الحريم‪ ،‬حيث أصبحوا‬
‫أعضاء فاعلين ال غنى عنهم‪ ،‬ولكن لم يخص كل الصقالبة‪ ،‬فالغالب أن الذين‬
‫خصصوا لجيش األمراء والخلفاء لم يخصوا وكان من بين هؤالء الصقالبة من صعد‬
‫في سلم الوظيفة حتى وصل رئاسة الجيش المكون من الصقالبة بالطبع وكان‬
‫هؤالء الرؤساء يحملون لقب الفتيان ومعنى هذا اللفظ في العربية الشاب أو‬
‫الحدث ولكنه في األندلس استعمل ليميز به بعض العبيد الذين كانوا يعملون في‬
‫خدمة الملك وبرزوا داخل القصر بمكانتهم المهمة ‪ .‬وبعض الحاالت النادرة من‬
‫هؤالء برزوا كفتيان كبار وصلوا إلى تشكيل قواتهم الخاصة من الصقالبة‪ ،‬التي‬
‫استطاعوا أن يستولوا بها على أراض خاصة في الساحل الشرقي والجنوب‬
‫الشرقي من شبه جزيرة إيبيريا وهي األراضي التي قامت فيها ممالك الطوائف‬
‫وحكمها أولئك الفتيان أنفسهم وذلك بعد سقوط خالفة قرطبة في بداية القرن‬
‫الحادي عشر‪.‬‬
‫]‪[12‬بعض من أولئك انتهوا إلى أن يصبحوا معتقين من قبل مالكيهم فتحولوا إلى‬
‫موال كما شرحنا في حينه فبقوا مرتبطين بأسيادهم بالوالء يتلقون منهم الرعاية‬
‫والحماية ويحملون أسماءهم القبلية وأنسابهم وقد كان العتق البد أن يجري في‬
‫حياة السيد‪ ،‬ويمكن أن يحدث أن يوصي السيد بالعتق عند موته‪.‬‬
‫بعض العبيد وصل إلى جمع أموال كثيرة وأمالك واسعة وهو سبب حسدهم‬
‫وكرههم الذي وجدوه من كثير من العرب والبربر‪ ،‬وقد آلت ثروة المخصيين إلى‬
‫أيدي أسيادهم أو ورثة هؤالء األسياد‪ ،‬ألن المخصي ال عقب له بالطبع‪.‬‬
‫وقد ثُمن الصقالبة أكثر من غيرهم من العبيد من ذوي الجنس األسود الذين كان‬
‫ينظر إليهم الملوك المسلمون واألسياد على أنهم أقل ذكاء ولذلك كانوا يبعدونهم‬
‫عنهم درجات‪ ،‬يوجد تفصيالت ذات معنى كبير على أن ذلك كان موجودا وواضحا ؛‬
‫فعلى سبيل المثال نعرف أن الحرس الشخصي لعبد الرحمن الثالث من الجنس‬
‫األسود وإن كانوا يتمتعون بمكانة ال يحسدون عليها‪ ،‬فقد كانوا بعد الصقالبة في‬
‫الحاشية التي نظمها ألخذ البيعة للخليفة الحكم الثاني‪ ،‬وبعد ذلك في عهد‬
‫المنصور ثبت أن العبيد السود وإن كثر عددهم فقد استمروا باقين إلى الوراء في‬
‫الطبقات االجتماعية‪ ،‬ونذكر أيضا معلومات تعين بوجه عام أنهم استخدموا مشاة‬
‫وفرسانا في الجيوش كما وظف عدد ال بأس به من هؤالء في البريد للياقتهم‬
‫الجسدية‪.‬‬
‫ويستحق عالم الجواري في األندلس حديثا خاصا أو شروحات خاصة‪ ،‬فقد عرفت‬
‫الجواري هناك قيمة كبيرة‪ ،‬وبخاصة الالئي كن من أصل باسكي أو إفرنجي‪،‬‬
‫فتراجم كثير من األمراء والخلفاء في الكتب التاريخية واألدبية تحدد كيف أن كثيرا‬
‫من أمهات هؤالء الملوك كن من تلك األصول‪ ،‬وقد دفع فيهن الثمن العالي ألنه من‬
‫العادة أن يكن مثقفات ثقافة جيدة‪ ،‬ولم تثمن الجارية لجمالها وتميزها الشخصيين‬
‫فقط‪ ،‬وعلى أهمية هذين العنصرين فقد أضيف إليهما أيضا معارفها وعلمها وزينتها‬
‫أو غنجها وهو ما يزيد من المنافسة واإلقبال عليها في السوق‪.‬‬
‫فباإلضافة إلى قيمة المظهر‪ ،‬فإن النساء الصقلبيات النساء ذوات السحنة البيضاء‬
‫والشعر األشقر كن كثيرات في حريم ااألمراء والخلفاء وأشراف العرب فهن في‬
‫بعض األحيان جواري أو محظيات وفي أحيان أخرى هن زوجات‪ ،‬ومن المدهش أو‬
‫المفاجئ اكتشاف كيف أن عددا كبيرا من الجواري قد وصلن إلى ترك تأثير قوي‬
‫في أسيادهن وكذلك األمر فإن القول بأن أكثر من واحدة منهن كانت وراء قرارات‬
‫كبيرة وخطيرة اتخذها حكام أندلسيون ليس من التجذيف في شيء‪.‬‬
‫فالعبدة الجارية كان لها أكثر من فرصة يمكنها فيها أن تصبح محررة إذا خلفت‬
‫أوالدا من سيدها‪ ،‬وعندما يحدث ذلك فإنها تصبح ذات درجة خاصة أي أم ولد‪،‬‬
‫وهي مكانة تجعلها في منزلة بين المنزلتين ؛ أي بين الحرية والعبودية‪.‬‬
‫ن لشرطهن الشكلي أو مظهرهن العام‬ ‫م َّ‬
‫ومن الواضح أنه ليس كل[‪ ]13‬الجواري ُيث َّ‬
‫وطريقتهن في الحياة‪،‬بل كانت توجد أخريات من الدرجة الثانية أو من الطابور‬
‫الثاني موظفات في مهام البيت األكثر صعوبة من حيث العمل واألكثر جحودا‬
‫لقيمة من يقدمها‪ ،‬كما كان يوجد الجواري السوداوات‪ ،‬وفيما يتعلق بهؤالء األخيرات‬
‫فإننا نعرف أنهن كن مثمنات جدا‪ ،‬ففي بعض النصوص التي وصلتنا نجد الثناء‬
‫عليهن إلجادتهن في عمل المطبخ وفن الطبخ وينظر إليهن على أساس أنهن‬
‫جواري ممتازات‪.‬‬
‫وبعد النظر في مجموع العناصر االجتماعية التي كونت سكان األندلس وهي‬
‫عناصر انتمت إلى أعراق مختلفة ولكنها مارست دينا واحدا وهو اإلسالم من‬
‫المناسب أن نتحدث عن األقليات غير المسلمة التي تعايشت مع جميع تلك‬
‫العناصر‪ ،‬ونقصد المسيحيين واليهود‪.‬‬
‫فقد وجد في األندلس عملية مشابهة لما وجد في مناطق أخرى من العالم‬
‫اإلسالمي ؛ كثير من السكان األصليين اعتنقوا بإرادتهم معتقد أسياد شبه الجزيرة‬
‫اإليبيرية الجدد‪ ،‬ولكن كان أيضا هناك سكان أصليون تمسكوا بإيمانهم المسيحي‬
‫وتابعوا ممارسة دينهم‪ ،‬لقد أطلق على المسيحيين واليهود مصطلح أهل الكتاب‬
‫وهو تعبير يراد به األمم والجاليات التي تعتقد في وجود إله واحد ولها كتب موحاة‬
‫من عند هللا وهو ظرف يجمع المنتمين إليه في نظام خاص يمكن من التطبيق‬
‫الحر للشعائر الدينية متفق مع القواعد المحددة بالقانون‪.‬‬
‫كما يسمى هؤالء أيضا بأهل الذمة ويسمونهم هكذا ألنهم أناس محفوظو الدماء‬
‫واألموال وجميع الحقوق ونظير دفع جزية على األنفس وضريبة على األرض تكون‬
‫لهم حرية ممارسة دينهم وحرية رقابهم كما يعرفون أيضا بالمعاهدين تمييزا لهم‬
‫بأنهم الذين بينهم وبين المسلمين معاهدة ولكن مع مضي الوقت في األندلس‬
‫خصص المسيحيون بلفظ المعاهدين وخصص اليهود بلفظ الذميين‪.‬‬
‫لقد اشتغل اليهود وكذلك المسيحيون بأنظمة مختلفة عن الذي عند المسلمين‬
‫ولكنهم رغم ذلك استطاعوا أن يندمجوا في الحياة االجتماعية لألندلس‪ ،‬وفعال فإن‬
‫كلتا الجاليتين انتهتا إلى االستعراب ولوحظ في حاالت ليست قليلة أن التفريق‬
‫صعب بين أعضاء هاتين الجاليتين والمسلمين ‪ .‬لقد كانت لهم حرية العمل والتملك‬
‫وكان لهم قضاؤهم الخاص الذي كانوا يحتكمون إليه في حاالت متنوعة كثيرة‪ ،‬ولم‬
‫يكن مسموحا لهم بالدعاية لدينهم‪ ،‬وال بالشهادة على المسلم في الخصومات‬
‫بين المسلم والذمي‪ ،‬كذلك ال يستطيعون ملك السالح وال شغل الوظائف‬
‫الرسمية في اإلدارة وال يسمح لهم ببناء كنائس جديدة أو بيع جديدة‪ ،‬وفي العموم‬
‫فإنه مسموح لهم باستعمال التي كانوا يملكونها من قبل‪ ،‬وهكذا فمعلوم أن بعض‬
‫الجاليات المسيحية وصلت إلى مقاسمة المسلمين في كنائسهم والمثال على‬
‫ذلك كنيسة سان بيثينتي في قرطبة‪ ،‬ومع ذلك فإننا نعرف حاالت ليست قليلة‬
‫النظرية فيها مختلفة عن التطبيق‪ ،‬فإضافة إلى بناء معابد مسيحية ويهودية في‬
‫بعض المدن الخاضعة لإلسالم نعرف أيضا أن عددا كبيرا من المناصب اإلدارية‬
‫المهمة شغله أشخاص ليسوا مسلمين‪.‬‬
‫]‪[14‬وفي العموم فإن سكان األندلس غير المسلمين قد هيئت لهم ولو نظريا‬
‫فرص للحياة الكريمة‪ ،‬وال يبدو أنهم وجدوا عراقيل ذات بال تمنعهم من المشاركة‬
‫في النمو االجتماعي واالقتصادي والثقافي للبالد‪ ،‬المؤرخون العرب اعتادوا أن‬
‫يستعملوا مصطلح النصارى للتعبير عن المسيحيين‪ ،‬وعندمما استعرب هؤالء أي‬
‫عندما تمكنوا من اللغة والثقافة العربيتين واتبعوا التقليعات والعادات الشرقية‬
‫الخاصة بالعرب عرفوا بالمستعربين مفرد مستعرب مأخوذ من اللفظ القشتالي‬
‫موثارابي‪ moz?rabe .‬فهؤالء المستعربون كانوا يؤلفون نواة جاليات كثيرة في مدن‬
‫مثل قرطبة وإشبيلية وطليطلة وفي هذه المدن وهذه الجاليات بالرغم من أنهم‬
‫كانت لهم أحياؤهم الخاصة المتجانسة فقد كانوا يعيشون نوعا من الحياة خاليا من‬
‫صراعات كبيرة مع المسلمين‪ ،‬فكانوا مزارعين أو بنائين أو غير ذلك‪.‬‬
‫وفي طليطلة مثال ؛ أي حيث كان المستعربون كثرا معظمهم تخصصوا في التجارة‬
‫وفي وظائف صناعية مثل صاغة الفضة وصناعة الفخار والعطور واألعشاب‪ ،‬وقد‬
‫كان اقتصادهم في المعتاد جيدا وكانوا يمارسون ديانتهم وكل طقوسها الخاصة‬
‫دون أية موانع ذات قيمة‪ ،‬كما كانوا يملكون محاكمهم وقوانينهم الخاصة ويتمتعون‬
‫بممارسة عبادتهم في كنائسهم بكل حرية‪ ،‬وليالحظ السادة الكرام كم هو مدهش‬
‫أنهم لم ينسوا لغتهم الخاصة بل كانوا يتحدثون العربية كما يتحدثون الرومانثية‪.‬‬
‫وظاهرة أخرى مختلفة وهي ظاهرة االستعراب فلم تواجههم أية مشقة فيه بل‬
‫ساروا معه بقوة في تواز ساعدتهم عليه بطريقة أو بأخرى جاذبية الثقافة العربية‬
‫وسحرها‪ ،‬لقد انعكس ذلك مثال في أسمائهم التي تبنوها في أحيان كثيرة من‬
‫العربية‪ ،‬وكثيرا ما كانوا يجمعون إلى أسمائهم الالتينية أسماء عربية عرفوا بها‬
‫أيضا‪ ،‬وقد لوحظ هذا االستعراب أيضا في عاداتهم االجتماعية‪.‬‬
‫لقد تميزوا بتنظيمهم الخاص وقد كان على رأس ذلك التنظيم موظف مسيحي كان‬
‫يحمل اسم قومس وهو مصطلح مأخوذ من الالتينية كومس ‪ comes‬وقد كان هذا‬
‫المسؤول في هذا المنصب هو المشغول بإدارة الجالية وتعيين الممثلين المكلفين‬
‫بقبض الضرائب‪ ،‬كما يتولى هذا القومس الوساطة بين جاليته والحكومة المركزية‬
‫‪.‬‬
‫كما كان لهذه الجالية قاضيها الخاص الذي عرف بقاضي النصارى الذي يبث في‬
‫في حل القضايا التي تنشأ بين المستعربين فقط‪ ،‬أما إذا كان أحد المتخاصمين‬
‫مسلم أو كانت المسألة متعلقة بشأن الدولة فإن العملية ستكون خارج نطاق‬
‫اختصاصه وستحال إلى قضاة مسلمين‪.‬‬
‫ومع ذلك الذي قيل فإن هذه الحياة لم تخل من تناقضات أو عدم توازن فقد‬
‫شوشت مرارا ببعض التمردات التي أظهر فيها المستعربون بوضو تام عدم‬
‫رضاهم‪ ،‬وفي سبيل تحقيق هذا الهدف األخير ال يبدو لي أنه من التوفيق أن‬
‫ننسى هنا ذكر واحد من األحداث التي استهلك فيها حبر كثير عبر الزمن منذ‬
‫حدوثها حتى منتصف القرن التاسع تحت حكم عبدالرحمن الثاني‪ ،‬وأشير هنا‬
‫بالتحديد إلى شهداء قرطبة الذي هو كابوس مؤسف وهو وإن أدانه األساقفة‬
‫أنفسهم وصل إلى أن يتجذر بين بعض [‪]15‬المستعربين حتى وصل إلى جعل‬
‫العالقات التي كانت طبيعية بين المسلمين والمسيحيين غريبة وشاذة واضعا‬
‫هؤالء األخيرين في وضع حرج ‪.‬فمسألة شهداء قرطبة كان يرأسها فريق قليل من‬
‫المسيحيين رجاال ونساء كانوا فزعين من فكرة أن نمو التعريب سيقود أهلهم و‬
‫ذويهم إلى األسلمة ‪ ،‬فاختاروا التطوع الذاتي للشهادة طريقة يعلنوا فيها إيمانهم‬
‫ليفوزوا بالخلود في الحياة األخرى واختاروا أن يسبوا محمدا أو اإلسالم علنا‪ ،‬ألنهم‬
‫يعلمون أن هذا أمر مجرم في القانون اإلسالمي‪ ،‬ومن ثم فإن طالب الشهادة كان‬
‫يعرض على القاضي ويستتاب من كالمه في حضور القاضي فإن لم يتب فإنه‬
‫سيحكم عليه بالموت‪ ،‬وبهذه الطريقة سلم كثير من الشباب في حياتهم‪ ،‬وتلك‬
‫القصص سجلت في نصوص عديدة حررها مستعربون‪.‬‬
‫وجد مستعربون ذوو مكانة معترف بها لعبوا دورا بارزا في الحياة الثقافية‬
‫والسياسية واالجتماعية واالقتصادية لألندلس وقد كان أغلب هؤالء شخصيات‬
‫عملت في إدارة الدولة في وظائف عالية ومناصب ذات أهمية في أروقة بالطات‬
‫الحكام المسلمين ومن بين ذلك بعض القسس المكلفين في مرات عديدة بمهام‬
‫دبلماسية ذات أهمية كبيرة في تطور أحداث بالط الخالفة‪.‬‬
‫ففي عصر الحكم األول اتخذ هذا األمير حرسا مسيحيا بقيادة أحد القوامسة أو‬
‫القسس‪ ،‬وقد وصلتنا أخبار تفيد كيف أنه في القرن الحادي عشر كان يوجد‬
‫عسكريون مسيحيون بدرجات مختلفة ضمن جيوش بعض ملوك الطوائف‪ ،‬وفي‬
‫هذه الفترة أيضا أي في القرن الحادي عشر ظهر جليا أن وسطاء مستعربين كثرا‬
‫لعبوا دورا بارزا في التدخل في العالقات بين جماعات مسيحية وأخرى مسلمة‬
‫فلقد حبذوا تبادل المعلومات وهو أمر يدل بعد المقارنة على كم كان التأثير في‬
‫ميدان الفن كبيرا في شمال شبه جزيرة إيبيريا‪ ،‬وكذلك في المعمار والعادات لتلك‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫وانطالقا من وجهة النظر هذه من المناسب أن نبرز الدور البارز الذي قام به‬
‫المستعربون في مجال التبادل االجتماعي والثقافي بين الجاليات والجماعات‬
‫المختلفة ‪ ،.‬وقد برز عدد غير قليل منهم في علوم الطب سواء مكتشفين لألدوية‬
‫أو متعمقين في معرفة آثار وفوائد النباتات واألشجار‪ ،‬كما كانوا يحيطون علما‬
‫بالنشاط األدبي الذي نماه الكثير منهم واالهتمام الكبير الذي كان لهم تجاه‬
‫المعارف العلمية العربية بوجه عام‪.‬‬
‫ومن المعلومات التي بين أيدينا يمكننا أن نعلم أنه لم يكن غريبا أن نجد زيجات‬
‫مختلطة بين المستعربين والمسلمين‪ ،‬ومن المسلم به أنه وجدت نساء مسيحيات‬
‫تزوجن بمسلمبن‪ ،‬وعلى أية حال ال يجب أن يبدو لنا غريبا أو خياليا حديث بعض‬
‫الكتاب عن أسر مؤلفة من أعضاء مختلفي المعتقدات الدينية وهو إطار لم تنقصه‬
‫بالتأكيد المناقشات والصراع‪.‬‬
‫]‪[16‬وبشكل عام جدا يمكننا الحديث عن عالقة هادئة ومعتدلة بين المستعربين‬
‫والمسلمين في القرون األولى ‪ ،‬وهو وضع بدأ يتغير منذ القرن الحادي عشر مع‬
‫الثورات أو التمرد الذي حصل في البالد والذي ترك أثره في الجاليتين‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فبالرغم من أنه كان معتادا بعد سقوط الخالفة نزوع المستعربين إلى الهجرة إلى‬
‫شمال شبه جزيرة إيبيريا وجدت حاالت كثيرة كانت تقام فيها مراسم العبادة‬
‫المسيحية في المدن اإلسالمية ‪.‬ولنسوق مثاال مثاال من هذا األخير الذي قلناه‬
‫نذكر أن المستعربين في غرناطة في القرن الحادي عشر كانوا يجتمعون ألداء‬
‫طقوسهم الدينية في كنيسة كانت موجودة خارج سور المدينة‪.‬‬
‫وقد تدهور الوضع الحقا ؛ عندما لطخت لوثة التوتر والتعصب المسمومة قليال‬
‫أوكثيرا العالقات بين الطوائف الدينية‪ ،‬وهو ما وجد خالل حكم المرابطين‬
‫والموحدين وهي الفترة التي ثبت فيها مثال أن المستعربين أجبروا على أن يلبسوا‬
‫بطريقة خاصة‪ ،‬لقد أجبروا على أن يحملوا مالبس خاصة من أجل تمييزهم عن‬
‫المسلمين بسهولة‪.‬‬
‫لقد وجدت جاليات يهودية بارزة في كل التجمعات الحضرية المختلفة في األندلس‬
‫‪ ،‬وقد شكلت هذه الجاليات مع المسيحيين كما ذكرنا سابقا ما سمي بأهل‬
‫الكتاب‪ ،‬أي كانت لليهود أيضا حريتهم في ممارسة دينهم ولكن دائما من خالل‬
‫المحافظة على قواعد إسالمية قانونية منظمة‪ ،‬لقد أسهم كثير من اليهود الذين‬
‫كانوا على درجة من األهمية وبشكل كبير في الحياة األندلسية ‪ .‬وقد فعلوا ذلك‬
‫من خالل أنشطة متنوعة ولكن بشكل خاص من خالل األطباء والمترجمين والتجار‬
‫ودارسي العلوم‪ ،‬لقد وجد أيضا منتجون جيدون لآلداب‪.‬‬
‫لقد كان كثير من اليهود أطباء ممتازين‪ ،‬ونملك كثيرا من المعلومات عن أطباء مهرة‬
‫كانت لهم جدارة شخصية بلغت بهم من النجاح ما جعلهم يدخلون البالطات‬
‫األموية‪ ،‬وهذا األمر‪ -‬كما حصل في حال المستعربين – يكشف عن أنه أمر‬
‫شخصي فردي أكثر من أنه ينتمي إلى جماعة أو فريق‪ ،‬مع استقالل عن‬
‫الخصوصية الدينية يؤكد رقي األندلس االجتماعي‪ ،‬ولنعطي بعض األمثلة على‬
‫ذلك نذكر أن يهود مملكة غرناطة اتفاقا مع ظروفهم أهل ذمة كانوا كما هو‬
‫منطقي مجبرين على الحياة طبقا لما يتفق والقواعد التي يفرضها الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ولكن إضافة إلى ذلك نعرف أن اليهود في غرناطة أمروا في بعض‬
‫األوقات بأن يستعملوا مالبس وغطاء رأس خاصة ليميزوا بها عن المسلمين‪ ،‬كان‬
‫يحدث هكذا مثال في القرن الرابع عشر وهذا القرن كان ضمن عصر حكم فيه ضمن‬
‫من حكم في األندلس السلطان محمد الخامس الغني باهلل الذي كان بشكل عام‬
‫متسامحا مع اليهود حتى أصبحت غرناطة في عهده ملجأ لكثير من اليهود الهاربين‬
‫من االضطهاد والمجازر التي كانت تالحقهم في أراض مسيحية‪.‬‬
‫وقد شكل يهود األندلس – مثل مسيحييها – جاليات مغلقة شيئا ما‪ ،‬حيث تمتعت‬
‫بمؤسساتها الخاصة التي كان يرأسها رؤساء خاصون فكل تجمع يهودي كان يختار‬
‫من بين أعضائه ممثال ‪ . . .‬بطريقة [‪]17‬تشبه طريقة اختيار القومس في‬
‫المستعربين‪ ،‬وهذا الممثل هو الذي كان مكلفا بأناسه أمام الحاكم المسلم‪.‬‬
‫لقد حافظ اليهود على لغتهم ومعتقداتهم وتقاليدهم ولكنهم مثل المستعربين‬
‫وظفوا أيضا العربية أداة للتعبير وتبنوا عادات وطرائق كانت قد وصلت مع العرب‬
‫من الشرق‪ ،‬إنني أشير هنا إلى عملية التعريب بكل معانيها‪ ،‬بالفعل فإن الجالية‬
‫اليهودية قد مرت بعملية مركزة من التعريب‪ ،‬وهي ظاهرة ترجمت في التشابه‬
‫في التقاليد الخاصة والثقافة الخاصة باإلقليم الذي كانوا يسكنونه وفي التوظيف‬
‫غير المختلف للغة العبرية واللغة العربية‪ ،‬وهي ثنائية غنية تركت في بعض‬
‫األحيان أثرها في تاريخ األدب اليهودي‪.‬‬
‫لقد أبرز بوضوح أكثر من مرة‪ ،‬كيف أن اليهود الذين كانوا يسكنون في شبه جزيرة‬
‫إيبيريا كغيرهم في مناطق أخرى كثيرة استقبلوا دخول العرب إلى أراضيهم برضا‬
‫[إن لم يكن أعجابا] فكما يرى البعض لقد رأى اليهود في الواصلين حديثا اليد‬
‫المنقذة التي ستخلصهم من اضطهادات ومتابعات مألوفة أو معتادة‪ ،‬وقد وثق‬
‫الفاتحون من طرفهم في اليهود معترفين كما يبدو بالثمن الذي قدمه هؤالء‬
‫األخيرون في مهام إدارية فأوكل إليهم تنظيم بعض الميادين التي سيحكمونها‬
‫بكفء عندما كان الفاتحون يتقدمون إلى شمال البالد‪.‬‬
‫و على الرغم من وجود بعض االحتكاكات العرضية فقد ثبت وجود عهود من‬
‫التعايش السلمي بين كلتا الجاليتين‪ ،‬لقد وجدت فترات من االنسجام والتوافق مر‬
‫فيها المسلمون واليهود بصفاء أو أزمة حسبما أملت األحداث العامة التي كانت‬
‫تحدث في البالد‪ ،‬لقد مضت قرون قبل أن تواجه الجاليتان ظاهرة التفتيش تلك‬
‫العملية القاسية التي أجبرت كثيرا من اليهود على الخروج من شبه جزيرة إيبيريا‬
‫والبحث عن األمن والرعاية في أقطار ذات دين إسالمي عاشوا فيها حياة هادئة‬
‫بشكل عام دون أن تخلو من اضطرابات كبيرة‪.‬‬
‫لقد وجد يهود برزوا في الميدان اللغوي كلفوا أنفسهم مثال بكتابة أول نحو عبري‬
‫في اللغة العربية وال نقول في ميدان الشعر‪.‬وكما هو معروف ؛ فقد استعملوا في‬
‫بعض األحيان الشعر العربي مصدرا ملهما لهم سواء أكان ذلك على المستوى‬
‫الشكلي أم على مستوى المضمون‪ ،‬وإذا اتجهنا إلى تخصصات علمية مثل الفلك‬
‫والفلسفة والطب على الخصوص فلن نستطيع أن نصل إلى سرد كل ما كان لهم‬
‫من إنجازات‪ .‬هذا دون أن ننسى حقل الفكر والفلسفة ؛ فليس من العدالة أن‬
‫ننسى الدور الكبير الذي لعبه اليهود في نشر الفكر العربي والفلسفة العربية في‬
‫مناطق أوربا‪ ،‬فتكوينهم الجيد سهل لهم هذه المهمة‪ ،‬وكثير منهم الذين استطاعو‬
‫بتمكنهم من العبرية ومعرفة واسعة بالعربية والالتينية أن يبدأوا العمل الصعب‬
‫والضروري وهو ترجمة عدد كبير من الكتب العربية ذات المضمون الموضوعي‬
‫األكثر غنى إلى الالتينية‪.‬‬
‫من الممكن أن المجتمع األندلسي كان مشتتا في اتفاقه مع انتماءاته العرقية‬
‫والدينية ولهذا يبدو عطاؤه أو بناؤه قليال‪ ،‬مقارنة بما لوكان متحدا ومتكامال من كل‬
‫الفرق والطوائف‪ ،‬و لو طبق المجتمع األندلسي تطبيقا حرفيا المبادئ اإلسالمية‬
‫من اعتبار كل معتنقي اإلسالم سواسية دون تفريق بسبب العرق أو الوضع‬
‫االجتماعي لكان بكل تأكيد قد بلغ مرحلة مثلى في التعايش [‪ ]18‬التام بين كل‬
‫عناصره وطوائفه ‪ .‬لكن الممارسة أملت واقعا مختلفا كثيرا‪ ،‬فالظروف السياسية‬
‫واالقتصادية في هذه الممارسة تدخلت إلى درجة إنه لم يكن من السهل دائما‬
‫إيجاد توازن اجتماعي بين السكان‪.‬‬
‫ودون أن يغيب عن أنظارنا ما قدمناه سابقا يمكننا أن نقول ‪ :‬سكان األندلس من‬
‫الناحية التقليدية وأخذا في االعتبار لوضعهم الذي يشغلونه في الهرم االجتماعي‬
‫كانوا مقسمين في ثالث طبقات ‪:‬الخاصة‪ ،‬والعامة والعبيد‪ ،‬ونبدأ باألولى وهي‬
‫الخاصة ‪ :‬فلقد كانت هذه الطبقة وحتى عصر الفتنة المعروفة التي قادت إلى‬
‫سقوط الخالفة في بدايات القرن الحادي عشر مكونة من تجمعين كبيرين‪ ،‬يتكون‬
‫األول يمن األسرة الحاكمة‪ ،‬أما الثاني فيتألف من األرستقراطية العربية ومن‬
‫ينحدر منها أو ينتسب إليها وقد ظهرت هذه الطبقة بداية منذ القرن العاشر حينما‬
‫ارتقى الموالي وأخيرا األعيان في المجتمع ‪ ،‬وقد كون التجمع األول أو الطبقة‬
‫األولى األمويون المسمون أيضا القرشيين النتمائهم إلى قبيلة قريش المشهورة‬
‫النتماء محمد [صلى هللا عليه وسلم ]إليها‪ ،‬وهي واحدة من القبائل التي تكون‬
‫مجموعة القبائل الشمالية‪ ،‬وكل األعضاء المنتمين إلى قبيلة قريش خصصت لهم‬
‫مرتبات يستلمونها نقدا و عينا ‪ .‬أريد أن أقول إن األمراء والخلفاء لم يكتفوا فقط‬
‫بقصورهم التي يسكنونها بل ملكوا عددا كبيرا من الممتلكات‪ ،‬وأسرهم القريبة‬
‫مثل أبنائهم كانوا يملكون أيضا منياتهم [أو قصورهم ]الخاصة وعقاراتهم الريفية‪،‬‬
‫وهذه القصور والممتلكات تجعلهم شخصيات موظفة في خدمة الحاكم‪ ،‬والنفقات‬
‫التي تستهلكها هذه الممتلكات للمحافظة عليها وتنميتها كلها تغطى من خزينة‬
‫الدولة أو من بيت مال المسلمين‪ ،‬وال يجب أن يدفع أصحابها أية ضرائب على تلك‬
‫الممتلكات‪ ،‬إضافة إلى أن مصالحهم القبلية مضمونة عبر الدم الملكي الذي يجري‬
‫في عروقهم‪ ،‬وأكثر هؤالء الخاصة كانوا يسكنون قرطبة ويوجدون بكثرة موزعين‬
‫في كل أقاليم األندلس‪ ،‬واتفاقا مع القواعد المنظمة التي يمكن أن تلحظ من خالل‬
‫نصوص تركها لنا بعض المؤرخين‪ ،‬كان القرشيون يشغلون المكانة األكثر امتيازا‬
‫في كل األعمال واألنشطة الرسمية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باألرستقراطية العربية فقد كانت تتكون من عدد من األسر ليست‬
‫كثيرة جدا كانت تلعب أدوارا مهمة في اإلدارة سواء على المستوى المدني أو‬
‫الديني والعسكري‪ ،‬وقد كان أعضاء تلك األسر رؤساء عسكريون بارزون وحكام‬
‫قادرون ووزراء مفوضون أو قضاة مشهورون‪ ،‬كل أولئك مجتمعين كانوا يكونون‬
‫األقلية الحاكمة التي كان بيدها مقود البالد‪ ،‬وبعض [‪]19‬األسر التي نالت رضا‬
‫األمراء والخلفاء ثبت أنها وخالل أجيال قد تمتعت بذلك النظام وحافظت على‬
‫امتيازاتها متزاوجة بين بعضها والبعض اآلخر محولة الوظائف والمناصب إلى إرث‬
‫يشغله القريب بعد الميت‪ ،‬وقد وصلت بعض األسر عبر هذا الطريق إلى تجميع‬
‫ثروات طائلة‪.‬‬
‫وقد اجتمع إلى هذه األرستقراطية العربي أرستقراطية أخرى اجتمعت مع‬
‫السابقة وهي األرستقراطية المتكونة من الموالي ونذكر اآلن بأنهم لم يكونوا عربا‬
‫باألصل بل أغلبهم من العبيد القدامى بقوا مرتبطين نسبا بجماعة عرقية عربية أو‬
‫بشخصية ذات نفوذ وذات أصل عربي‪ ،‬وذلك بعد أن اعتنق أولئك العبيد اإلسالم‪،‬‬
‫فتلقوا الحماية والرعاية من أولئك الجماعات أو تلك الشخصيات كما تسموا‬
‫بأسمائهم القبلية وانتسبوا بنسبهم‪ ،‬وتبنوا عاداتهم وتقاليدهم‪ ،‬وعاجال أم آجال‬
‫كانت هذه األرستقراطية البالطية المرتبطة بوشائج الوالء لبني أمية تبرز للعرب‬
‫في مواقع عديدة تعتبر مفاتيح لإلدارة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك لم يكن غريبا أن نجد من هذه االرستقراطية أشخاصا تتولى‬
‫وظائف هامة داخل القصر مثل رئاسة الوزارة‪ ،‬وداخل المجموعة أو الجماعة‬
‫نفسها يوجد تدرج يتمايزون به فيما بينهم‪ ،‬وقد كان هؤالء االرستقراطيون من‬
‫الموالي مثل السابقين لهم من االستقراطيين أيضا حالفتهم حظوظ كثيرة‪.‬‬
‫وننهي الحديث عن فقرة طبقة األرستقراطية بتناول فريق آخر كان ضمن هذه‬
‫الطبقة وهو فريق األعيان الذين كانوا جميعا يؤلفون المدعوة بالطبقة المتوسطة‪،‬‬
‫وأشير هنا – باإلضافة إلى آخرين – إلى مئات ومئات القضاة والفقهاء والموظفين‬
‫والتجار الذين كانوا يعيشون حياة الثراء التي كانت مزدهرة أو ناجحة في كثير من‬
‫األحيان فكانوا يسهمون إلى حد كبير في التقدم االقتصادي والسياسي والثقافي‬
‫للبالد‪.‬‬
‫لقد استبدلت االرستقراطية العربية بأرستقراطية أخرى وهي أقل درجة من‬
‫العربية كانت مؤلفة من أفراد ذوي أصل عرقي مختلف متنوع جدا إذا أخذنا في‬
‫حسابنا صعود أو ارتقاء المعتقين أو الموالي المنحدرين من مناطق عديدة وإن‬
‫كنت أقول بأنهم مبدئيا كانوا ذوي أصل بربري‪ ،‬هذه األرستقراطية الجديدة وصلت‬
‫إلى حيازة أمالك واسعة أيضا ولكنها بالطبع أقل مما جمعه األرستقراطيون في‬
‫عصور سابقة‪.‬‬
‫وبعد أن تحدثنا فيما يتعلق بفقرة الخاصة يأتي اآلن دور الحديث عن طبقة العامة‪،‬‬
‫تشير المصادر العربية في نصوص عديدة منها إلى أفراد تقلدوا وظائف وقاموا‬
‫بأنشطة عديدة جدا‪ ،‬يمكن بوجه عام أن يجمعوا في طبقة الصناع والناس الذين‬
‫يتمعشون مما يدخل عليهم عملهم‪ ،‬وقد كانوا يشكلون ما سمي بالعامة مؤلفون‬
‫من أشخاص من كل األعراق وبكل الظروف‪ ،‬وقد كانوا موجودين في مدن كبرى‬
‫مكونين معظم البالد والدعامة األساسية للمجتمع‪ ،‬وقد كان ضمن العامة أيضا‬
‫المستعربون والبربر والمولدون واليهود‪ ،‬ويباشر العامة أعماال كثيرة من الجزارة‬
‫وبيع السمك وعمل الخبز حتى الكناسة والحراسة وبيع العطور‪ ،‬مرورا بقائمة‬
‫طويلة من األعمال ذات الطابع العام التي كانوا يشغلونها من التجارة أو الصناعة‪،‬‬
‫وهو ما استدعى لكل أولئك وسطا معيشيا متواضعا ولكنه كاف للحياة الكريمة‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫]‪[20‬ليس هذا فقط بل كانت بينهم فوارق‪ ،‬يمكن أن يفرق فيهم بين طبقة تعيش‬
‫في رخاء أوسع وتسكن في بيوت وأحياء الئقة جدا‪ ،‬وطبقة أخرى أكثر تواضعا‬
‫بالكاد تبقى على قيد الحياة في وسط الفقر والجوع‪.‬‬
‫من المفترض أن سكان الريف من المزارعين أكثر تجانسا من سكان المدن وهذا‬
‫يتسبب في حياة غير مستقرة نتيجة تذبذب الطموح أو تمايله إلى التي قادت‬
‫المحاصيل ؛ ففي بعض األحوال في األندلس كما هو في كل أقاليم العالم وعبر‬
‫كل المراحل اإلنسانية حملت الظروف كثيرا من المزارعين على ترك األرض‬
‫واالتجاه إلى الحواضر الكبرى ليفتحوا ألنفسهم طريقا هناك‪ ،‬نعم كان يوجد‬
‫مزارعون من كل نوع‪ ،‬فقد ثبت لنا أن كثيرا منهم كان يمكث كل حياته معتنيا بأراض‬
‫معينة دون أن يعتق نفسه منها حتى بعد أن يتغير مالكوها بطريقة كانموا يمثلون‬
‫فيها جزءا إلى جانب الحيوانات والجنائن والحدائق والحقول ويتهاداهم الخاصة‬
‫فيما بينهم أو ينتقلون من ملكية إلى أخرى يعيشون بوجه عام وجودا مزعزعا‪،‬‬
‫وإلى جانب هؤالء كان يوجد نوع آخر من المزارعين حر يعمل ضمن عقود بالشروط‬
‫الخاصة التي يتفق عليها مع مالك األراضي الكبيرة المتسعة الذي يستأجرون منه‬
‫أرضا زراعية ومن المعتاد أنهم كانوا يحتفظون ألنفسهم بجزء صغير من المحاصيل‪.‬‬
‫يمكن أن نتحدث عن نوع آخر من المزارعين يملك أراضي صغيرة تخضع لدفع‬
‫العشر[لعله الزكاة] الذي تجمعه الدولة‪.‬‬
‫وجاء اآلن دور الحديث عن الطبقة الثالثة واألخيرة ؛ أي العبيد‪ :‬فكما يعلم حضرات‬
‫السادة أن العبيد استعملوا شكال من أشكال التجارة المشتركة التي درت أرباحا‬
‫كثيرة على من مارسها وقد قبلها اإلسالم أو أبقى عليها وتسامح معها‪ ،‬وعالوة‬
‫على ذلك فقد ازدهرت تجارة العبيد بشكل كبير في المنطقة التي انتشر فيها‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولم تكن األندلس استثناء من ذلك‪ ،‬ولهذا عرف ازدهار كثير من أسواق‬
‫العبيد في المدن األندلسية حيث كانوا يباعون و ُيشتر ْونَ ‪ ،‬وقد وصلوا إلى شبه‬
‫الجزيرة غنائم في الحرب أو بواسطة تجار التهريب ‪ .‬الذين كانوا يحضرونهم من‬
‫بعض مناطق أفريقيا وبعض مناطق أوربا أيضا من الشرق والغرب‪ ،‬يفترض أنه ال‬
‫حاجة في أن نصر على بيان األعمال التي كانوا يقومون بها في القصور وفي‬
‫بيوت الخاصة من الناس‪ ،‬وال أعتقد أنه من الواجب أن أذكر بالمبالغ المرتفعة التي‬
‫كان من الالزم دفعها ثمنا لجواري معينات خصوصا أولئك الالئي اشترين بثمن‬
‫خاص‪ ،‬نعم حدث هذا‪ ،‬ويجب أال ننسى هذا التفصيل الذي أضعه بين أيديكم ‪ :‬عتق‬
‫الرقاب كما هو معلوم يعتبر في اإلسالم عمال حسنا‪.‬‬
‫أخيرا لم أحاول إال أن أضع بعض العالمات حول العدد التقريبي لسكان األندلس من‬
‫أجل أن تكون لنا فكرة عن الديمغرافية والتوسع الحضري في هذا الجزء من العالم‬
‫اإلسالمي فسأوجز مركزا على القول بأن إحصاءات االختصاصيين تقول بأنه فيما‬
‫بين نهايات القرن الحادي عشر وبدايات الثاني عشر كان يوجد باألندلس على أقل‬
‫تقدير عشرة مدن يتجاوزعدد سكانها الخمسة عشر ألف نسمة ويبرز بين تلك‬
‫المدن قرطبة وإشبيلية والمرية وبلنسية وسرقسطة كأمثلة على ذلك‪.‬‬
‫سيرة علمية مختصرة للدكتور خوان كاستيَّا براثالِس‬
‫‪DR. Juan Castilla Brazales‬‬
‫معلومات إدارية‪:‬‬
‫–مقر العمل ‪ :‬مدرسة الدراسات العربية [التابعة للمجلس األعلى لألبحاث العلمية‬
‫بإسبانيا‪]Escuela de Estudios ?rabes‬‬
‫عنوان العمل‪:‬‬
‫–كويستا دلتشابيث رقم ‪ 18010 ،22‬غرناطة‪ ،‬إسبانيا‬
‫‪Cuesta del Chapiz ,22‬‬
‫‪18010 Granada, Espa?a‬‬
‫–هواتف العمل‪:‬‬
‫‪Telefono: 958222290 /958222291/958223459‬‬
‫‪Fax;958224754‬‬
‫–عنوان السكن ‪:Residencial Villas Blancas , Calle Torre de las Infantas,8,‬‬
‫‪18290Champarral, Granad.‬‬
‫–هاتف السكن ‪95845304 :‬‬
‫–الهاتف النقال ‪639737728 :‬‬
‫–مؤهله‪ :‬الدكتوراه في اللغة السامية‬
‫التكوين األكاديمي‪:‬‬
‫–الليسانس ‪ :‬الفلسفة واآلداب من جامعة غرناطة عام‪.1984‬‬
‫–شهادة الكفاءة في البحث‪ :‬جامعة غرناطة ‪.1986‬‬
‫–دراسات الدكتوراه ‪:‬جامعة غرناطة ‪.1986‬‬
‫–الدكتوراه في اللغة السامية من جامعة غرناطة ‪.1991‬‬
‫األنشطة ذات الصبغة العلمية الوظيفية‪:‬‬
‫–ممنوح من جامعة المستنصرية في بغداد ‪.1985-1984‬‬
‫–ممنوح من قبل المعهد اإلسباني العربي للثقافة ‪.1986‬‬
‫–ممنوح في جامعة القاهرة‪.1987‬‬
‫–ممنوح في جامعة تونس ‪.1988‬‬
‫–ممنوح قبل الدكتوراه للتكوين الشخصي باحثا من قبل المجلس األعلى لألبحاث‬
‫العلمية ‪.1991-1988‬‬
‫– ممنوح قبل الدكتوراه لتكوين الشخصي باحثا من قبل المجلس األندلسي ‪1988‬‬
‫‪.‬‬
‫–أستاذ اللغة والحضارة العربيتين في كلية اإلنسانيات بجامعة جيَّان ‪.1992‬‬
‫–متعاقد بصفته أستاذا مشاركا مع جامعة مرسية ‪.1992‬‬
‫–متعاقد مع المجلس األعلى لألبحاث العلمية تحت بند “الباحثون الشباب”‪.1993‬‬
‫–أستاذ بقسم الدراسات العربية واإلسالمية بجامعة غرناطة حيث قدم فيه‬
‫المواد‪ :‬مدخل إلى اإلسالم المغربي – مدخل إلى الفقه اإلسالمي‪ -‬تواريخ عربية‬
‫– تدوين التاريخ (‪).1999-1995‬‬
‫الوضع الوظيفي الحالي‪:‬‬
‫المؤسسة التابع لها‪ :‬المجلس األعلى لألبحاث العلمية‪.‬‬
‫المركز‪ :‬مدرسة الدراسات العربية‪.‬‬
‫الدرجة الوظيفية ‪ :‬باحث مرسم‪.‬‬
‫المهمة المكلف بها ‪ :‬مدير‪.‬‬
‫آخر األعمال العلمية‪:‬‬
‫أ‪-‬الكتب‪:‬‬
‫حدث في يوم ما‪ ،‬في األندلس‪ ،‬غرناطة‪ ،‬مديرية الثقافة بإقليم أندلثيا‪،2000 ،‬‬ ‫َ‬ ‫–‬
‫‪ 462‬صفحة‪.‬‬
‫حدث في يوم ما ‪ ،‬في األندلس‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬مديرية الثقافة بالمجلس األندلسي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫–‬
‫غرناطة ‪ 462 ،203‬صفحة‪.‬‬
‫في البحث عن غرناطة األندلسية‪ ،‬غرناطة ‪ 415 2002‬صفحة‪.‬‬
‫األندلسيون الذاكرة المحفوظة‪ ،‬التراث األندلسي‪ ،‬غرناطة ‪1072 2004‬صفحة‪،‬‬
‫جزآن‪.‬‬
‫ب‪ -‬األبحاث بالدوريات والكتب المشتركة‪:‬‬
‫“ –شيخان أندلسيان مشهوران في القرن الحادي عشر” [المسيحي] األندلس –‬
‫المغرب ‪ )1999(7‬ص ‪.82-65‬‬
‫“ –أول قاضي قضاة في األندلس” مجلة الدراسات العربية والعبرية جامعة‬
‫غرناطة ‪.47-57 )1999(48‬‬
‫“ –أخبار علمية في مصادر عربية عن األندلس” الطب في األندلس‪ ،‬التراث‬
‫األندلسي‪ ،‬غرناطة ‪.68-29 ،1999‬‬
‫“ –ابن حزم مؤرخ وعالم نسب ” ألفية ابن حزم (‪ )994-1064‬نصوص ومقاالت ‪،‬‬
‫مجلس قرطبة‪ ،‬قرطبة ‪،1999‬ص ‪.105-101‬‬
‫” –كتاب “اقتباس األنوار” مصدر إلعادة بناء األعمال الجغرافية للرازي ” قرطبة‬
‫‪.67-41)2000(5‬‬
‫” –التراث األندلسي ” إميلس ‪.18-26 )2001(3‬‬
‫“ –قصيدة عربية لم تنشر” بدير القديس فرانسيسكو في الحمراء‪ ،‬كراسات‬
‫الحمراء‪.21-39) 2001(37 ،‬‬
‫“ –ابن عفيف ” موسوعة األندلس ‪.415-420 )2002( 1‬‬
‫“ –ابن أبي دليم ” موسوعة األندلس‪.349-352)2002(1‬‬
‫” –فتح األندلس” موسوعة األندلس ‪.166-170 )2002(1‬‬
‫“ –الحمراء ” تاريخ غرناطة‪ ،‬المجلس الغرناطي‪180-169 ،2002 ،‬‬
‫“ –الرحالة خيرونيمو مونثير” الرحالة التاريخي‪ ،‬التراث األندلسي ‪1-15 )2003(13‬‬
‫‪.‬‬
‫“ –غرناطة ‪ :‬رجوع إلى الماضي اإلسالمي ” مغامرة التاريخ ‪.76-83 )2003(51‬‬
‫–االستشارة العلمية‪ ،‬إرشاد ومضمون نصوص الذاكرة الثابتة الرسمية للحمراء‬
‫عبر اتفاق التعاون بين مدرسة الدراسات العربية ومؤسسة الهاتف ومؤسسة‬
‫رعاية قصور الحمراء وجنة العريف (‪) .2004‬‬
‫” –األندلس ‪ :‬يوم العيد” مغامرة التاريخ ‪(82‬اغسطس‪ )2005‬ص‪.76-72‬‬
‫“ –مدرسة الدراسات العربية في عيد ميالدها الخامس والسبعين ” أوراق‬
‫‪.298-289 )2006(23‬‬
‫٭ محاضرة ُألقيت في مركز الجهاد بتاريخ ‪2007/3/7‬ف‬
‫بقلم المستعرب الدكتور خوان كاستيا براثالس‬
‫مدير مدرسة الدراسات العربية بغرناطة‬
‫وأستاذ بالجامعات األندلسية‬
‫بإسبانيا‬
‫ترجمة الدكتور عبدهللا الزيات‬
‫جامعة الفاتح‬
‫بليبيا‬

You might also like