Professional Documents
Culture Documents
مانيفستو
مانيفستو
إعداد الطالب :حممد براء علي ديب إشراف :الدكتور إبراهيم زعري
توشك حرب اخلريف العربي الذي غزا جسم البالد العربية منذ مثانية سنوات على الوقوف
عند منعطف طرقٍ حميّر
احلرب يف بالدنا احلبيبة باملفهوم العسكري انتهت وبات باإلمكان القول أن ما تبقى من معارك
هي خواتيمٌ النتصارٍ عسكريّ جتلّيه املصاحلات يف الغوطة واجلنوب والقلمون ثم ريفي محص
ومحاة
وما تبقى من مساحات هي جغرافيا سهلة بالكاد ميكن اعتبارها تهديداً أمنياً ال عسكريّ
لكن خسارة الوكيل ونزول األصيل على الساحة وإن كان يثبت نظرية الدولة عن كون ما حدث
يف العقد األخري هو مؤامرة خارجيّة إال أنه عقد املسألة
وبكل األحوال فإن لإلعالم دوراً أخالقيّ يف مواقفَ كهذه وإن كان باملفهوم األخالقيّ نفسه ال
جيوز إجباره على اختاذ موقفٍ معيّن إال أنّ الدولة حبكم سلطتها ميكنها أن تفعل شيئاً أرقى
من جمرد سياساتٍ صارمة تتماشى مع املصلحة العليا للدولة
والذي سأعرضه ليس مبثابة خمط شاملٍ لسياسة إعالميّة جديدة فهذه نقلة قد ال تتحق دفعةً
واحدة مهما كانت احلجج دامغة
إمنا هو استباقٌ للحدث وجماراة له والذي أقصده هو خملفات األزمات اليت تتخذ شكل احلرب
األهلية
وحنن وإن كنا خنتلف يف هذه التسمية اجلدلية اليت حتجم املؤامرة وتعطي مربرات ساذجة ال
تواسي دموع األمهات الثكاىل والتضحيات اجلسام ألبناء سوريا
لكن الواقع جيربنا أن نتعامل مع هذه الفرضية ويبدو أن الدولة فطنت مبكراً إىل هذا األمر وليس
إنشاؤها لوزارة املصاحلة سوى ترمجة لفهمها العمي لطبيعة احلدث
على كل حال فإنه رغم التعقيدات يتأمل البعض أنه مع نهاية هذا العام ستنتهي احلرب وليس
غرضي هنا أن استشرف الشكل الذي ستعود فيه سوريا وإن كانت قد تفقد جزءاً من مساحتها
أو ال
ولكن يفهم أن أي حديثٍ عن عودة االستقرار وبداية مشروع دولة ما بعد احلرب لن يتم بال
معوقات وهنا ليس جماملة أن نقول أن هذا العمل منوط باإلعالم والذي يعترب شكالً من أشكال
القوة الناعمة الذي يوازي أهمية القوة الصلبة
لكن اإلعالم كما ذكرنا لديه نزعة فطرية حنو احلرية وهذه احلرية أقرب إىل أن تكون حرية
متمردة غري مضبوطة لذا ال معنى للوعظ األخالقي معها إن مل يكن يتكلم بشروطها
و هو على الرغم من هذه النزعة حنو احلرية فإنه حيب تقمص دور الضحية ويستمتع باجللد
ونفهم من هذا كله أنه ال حيب العمل يف الظالل وحصد النتائج لكنه يف الوقت ذاته قد يضحي
بنفسه من أجل غاية أخالقيّة إن كانت بالطريقة اليت حيبها وهذه الشخصية املتناقضة مل
جتاريها احلكومة لذا فإنه من املستبعد أن تنجح يف مرحلة ما بعد احلرب إن مل تقدم
التنازالت
وقبل أن نقفز إىل االحتماالت ينبغي أن نوضح رؤيتنا حول املوضوع إن الفكرة ببساطة هي محلة
منظمة من الندوات اإلعالمية جمانية النشر أي أن عرضها سيكون حقاً مشروع ًا على أي وسيلة
أرادت ذلك على أن تنشر تلك الندوات على شبكة االنرتنت أيضاً
وإحدى الشروط الرئيسة يف هذا املشروع هو أال يكون حتت رعاية حكومية مباشرة إمنا جيب أن
يعلن أنه مشروع تعاوني ترعاه رموز إعالمية خمتلفة االجتاهات و خصوصاً تلك اليت متلك
هلجة ختاطب القلوب على غرار اإلعالمي جورج قرداحي و هنا ننوه أنه بعكس ما قد توحيه
الندوات خالل امسها فإنها ال ختاطب العقل كما يتوقع منها وإمنا ختاطب القلوب وهذه
الطريقة أجدى كون مرحلة التهيئة الفكرية ستحتاج وقتاً أطول مما منلك
وخماطبة القلوب ليست ضرباً من االستخفاف باملتلقي بقدر ما هي مراعاة ملصلحته وحلاله
الفيزيائية والنفسية املنهكة
وينبغي أن نعلم أن الشعوب كما النساء حتب الكالم العذب واحلنان وتفضله على الرخاء
والرفاه فمخاطبة هذه العواطف تهدئ أعصابه وتساعد الدولة على السري يف عملية إعادة اهليكلة
إن التخطي للربنامج يتطلب باإلضافة لإلعالميني احملرتفني يف التقديم والتنقيني خرباءً يف علم
نظريات االتصال وصناعة الرأي العام
إن هذين العلمني احلديثني نظرياً نفتقر إليهم يف بالدنا على الرغم من كونهما أساساً يف بنيان
الدولة املعاصرة
باإلضافة إىل النظريات العلمية فإن األزمة يف سوريا على تعقيداتها قد تكون مربكة يف تركيباتها
التاريخ حيفل باحلروب األهلية لكنه مل يشهد نظرياً ملثل الذي جرى يف سوريا أبداً فهي من
حيث الصراع الدولي تشبه أزمة اخلنازير واحلرب األهلية يف كوريا يف اخلمسينيات
أما الصراعات بني الطوائف واملذاهب فأشد غرابةً من أن نشبهها باحلربني اللبنانيتني
فهي موقع إنكارٍ من طرف احلكومة بينما تكون وسيلة جتييشٍ لدى الطرف اآلخر وبكل
األحوال فإن خطر االنزالق حنو هذا املستنقع جتاوزناه بفضل السياسة احلذرة للحكومة وكون
اجليش يضم أربعة وستني طائفة وإثنية وعرق متحدون ضد اإلرهاب وكون الدولة أصرت منذ
البداية على الفصل بني التيار الفكري املستقل هلؤالء اجلماعات واحلرب وأحد أبرز األسباب
هو احلكمة اليت تصرف بها حلفاء سوريا وأقصد هنا
روسيا وإيران اللتان يف تنسيقهما املتقن عملتا على حتجيم الربوباغندا اإلعالمية اليت كانت
تزعم بوجود خطر التشيّع وتؤجج الفنت والنعرات بني الناس
رجوعاً إىل موضوعنا األساسي فقد أشرنا إىل ضرورة االستعانة خبربات الشعوب وجتاربها لتساند
الدراسات النظرية وبينا كيف أن حاجتنا إىل أمثلة متعددة هي انعكاس لتعقيد أزمتنا
يف املقدمة لدينا قطاع اقتصادي مرتاجع بنسبة تضخم ارتفعت إىل 98باملئة بعد أن كان 4.4
باملئة قبيل األزمة
وتنشي قطاع الطاقة ليس من األمور املضمونة يف املستقبل القريب إذ تسيطر أمريكا على منابع
الثروات وهذا يتطلب البحث عن بديلٍ مؤقت للتعويض
ووجه االستفادة من هذه الندوات يف هذا احلقل هو املعلومات املخيفة عن وجود كميات هائلة
من الغاز يف الساحل واليت على أقل تقديرٍ هلا ميكن أن جتعل سوريا ثالث أكرب مصدر للغاز يف
العامل وبعض الدراسات تقدر أن الكميات أكرب بكثري
إن التنقيب والعمل على هذه استخراج هذه الكميات حيتاج تكنلوجيا متقدمة ال تتوافر لدينا و
هذا اجلانب جيب أن يعيه الشعب من خالل هذه الندوات لئال تستغل هذه الثغرة وتفتح علينا
أبواب التخوين
إحدى املشكالت الرئيسة األخرى هي إعادة اإلعمار الذي يتطلب مبالغ خيالية ال تستطيع
اقتصاديات حلفائنا حتملها عدا الصني وستتطلب قروضاً ضخمة يستبعد أن تطلبها سوريا من
دول اخلليج
هذه املبالغ وحبسب تصريح السيد الرئيس مؤخراً تصل إىل 022مليار دوالر والفكرة اليت
ستأخذ الندوات على عاتقها نقلها للجمهور هي احلاجة إىل تأمني هذه املبالغ بطرق غري
تقليدية حتفظ كربياء وطننا
هذه الطرق ستكون عن طري مبادرات شعبية يف دول العامل جلمع التربعات من أجل إعادة
إعمار سوريا ترعاها جهاتٌ خمتلفة حتت مسميات خمتلفة وهذا أحد نقاط القوة يف سوريا إذ أن
التنوع العرقي والطائفي سيشجع شعوب العامل على مزيدٍ من التقديم وهذا ما أثبتته التجربة يف
معلوال على أقل تقدير
أحد أهم الوسائل يف هذا اجملال ستكون التربع االلكرتوني الذي ميكن أن يروج له ما يسمى
حديثاً اإلعالم البديل والذي حيظى بقاعدة شعبية خميفة يف اخلارج قلبت الطاولة على
ماكينات اإلعالم الغربية الكربى
وبعيداً عن االقتصاد فإن إحدى املشكالت الكربى يف سوريا ما بعد احلرب هي جتنب احلوادث
االنتقامية ولعل هذه أعقد املصاعب الذي يعتربها البعض غري قابلة للحل حتى مضي جيل
واحدٍ على أقل تقدير
لكن التجربة أثبتت تارخيياً وعلى أرضنا أنه يف حاالت الفوضى ميكن فعل كل شيء أن األعداء
يصبحون أصدقاء عندما يصبح عدوهم مشرتك وأن املنتصر ميلك مفتاح قلوب الناس
لكن التساؤل هنا حول كيفية استغالل فكرة الندوات يف دعم هذه اخلطة ولنكون أدق العنوان
الشامل للخطة والذي سينطوي حتته تفاصيل كثرية حباجة لكثري من الدراسة
إن الندوات إذا ضمت أطرافاً من املنتصرين يف مقابل أطراف أخرى من األقليات اليت انتصرت
للدولة يف جغرافيا حمسوبة على املعارضة ميكن أن حتقن الدماء وتكون بداية جيدة لالنتقال
بالتدريج إىل مرحلة أصعب
إن وجود هذين الطرفني على طاولةٍ واحدة واملبالغة يف توصيف العدوان الكبري الذي يواجه
البالد وينوي أن يفتك بها سيعمل على جعل اجلمهور يتسامى فوق جراحه تدرجيياً إذ أن
أنظاره ستتوجه إىل ذلك الوحش املخيف الذي خييم ظله على اجلميع
من ثم إن ترسيخ فكرة متيز سوريا كلوحة فسيفسائية عجيبة تضم 44إثنية وطائفة وعرق
ومذهب يبعث على إثارة الكربياء يف النفوس وحنن ال نقصد هنا الكربياء السليب الذي يسكر
النفس ثم يكون كبالون اهلواء سرعان ما ينفجر
بل نقصد من خالل ذلك اخلوف على فقدان ما منلكه واالرتداد عن اإلقدام عن أي تهور يعيدنا
إىل حالنا السابقة
لعل ما أردفته وجيز وبليغ وال يويف ح املسألة يف شرحه البسي واملفتقر إىل مزيدٍ من الرؤية
والدراسة لكنه لنقول مانفيستو أي أنه رؤية عامة ملخط جيب أن يكون على قدرٍ أكرب من
اإلمعان حيتاج إىل دعمٍ كبري وحبدود حجم البحث قدمت أمثلة على قضايا رئيسة وأردفتها
حبلولٍ ستقدم كرسائل غري مباشرة خالل هذه احللقات اليت ستطول واليت آمل أن حتظى
بإقبالٍ كثيف يوازيه حتضريٌ مكثف وذكي خلدمة مصلحة سامية