Professional Documents
Culture Documents
20
20
فريدة بن يونس
نظ ار لألشكال والممارسات الجديدة لمفساد الناتجة عن التحوالت االقتصادية واالجتماعية التي يعرفيا
العالم ،فإن التشريع السابق (الدولي والداخمي) كان غير كاف لمواجية ىذه الظاىرة الخطيرة ،مما أدى باألمم
المتحدة إلى توعية وتحسيس المجتمع الدولي بضرورة التصدي السريع والفعال لكل أشكال الفساد ،ومن ثم إبرام
اتفاقية لمكافحة الفساد ،اعتمدت من قبل الجمعية العامة باألمم المتحدة بنيويورك يوم 13أكتوبر .2001
وا دراكا من الجزائر بأن التطور والتقدم ىدف متعدد األبعاد ،يتحقق إلى حد كبير عبر وضع اآلليات وبذل
الجيود لمكافحة الفساد ،قامت بالمصادقة عمى ىذه االتفاقية (اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد) بتحفظ
وتجسيدا لمضمون االتفاقية الدولية المتعمقة بمكافحة الفساد ،وتأكيدا منو لألىمية القصوى إلعمال وتفعيل
ىذه األخيرة في توفير الوقاية من الفساد الداخمي ومكافحتو وكذا الفساد الخارجي ،قام المشرع الجزائري بسن
قانون رقم 03- 00المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،المؤرخ في 20فبراير .2000
وقد تركزت دراستنا عمى ىذا القانون خاصة ما احتواه من صور جرمية حديثة ،وكذا التدابير الالزمة
2
تمهيد:
وقبل التطرق إلى األحكام الخاصة المتعم قة بمكافحة الفساد نتناولو بالتعريف ،ونقتصر ىنا عمى التعريف
الوارد في القانون 03- 00المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،حيث تنص المادة 02منو " :يقصد بمفيوم
ىذا القانون بالفساد كل الجرائم المنصوص عمييا في الباب الرابع من ىذا القانون ،وىذه الجرائم ىي:
اختالس الممتمكات من قبل موظف عمومي أو استعماليا عمى نحو غير شرعي.
الغدر.
استغالل النفوذ.
تعارض المصالح.
تمقي اليدايا.
1
اختالس المم تمكات في القطاع الخاص.
اإلخفاء.
البالغ الكيدي.
بيدف التفرقة بين ما كان منصوص عميو في قانون العقوبات الصادر في سنة 3300المعدل والمتمم ،وما
جاءت بو اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ومن ثم القانون رقم .03- 00سنتطرق إلى أشكال التجريم
إن المشرع الجزائري عمل عمى تجريم آفة الرشوة في قانون العقوبات وخصيا بمجموعة مواد والتي لم تعالج
إالّ أشكاليا البسيطة المقترفة من قبل الموظفين العموميين ،كما تناول بعض األفعال بالمخالفة لمتشريع المعمول بو
بمناسبة إبرام الصفقات العمومية ،إال أنو نظ ار لمتطور الحاصل في ىذا المجال قام المشرع بتعديل وتحديث ىذه
0
ويقصد بجرائم الرشوة االتجار بالوظيفة أو بالمنصب واإلخالل بواجب النزاىة الذي يستوجب التحمي بو
من طرف كل من يتولى وظيفة عمومية أو خدمة عمومية .1ولجريمة الرشوة صورتين ،األولى سمبية والثانية
إيج ابية حيث تستقل كمييما بالتجريم والعقاب.فجريمة الرشوة السمبية تقوم بمجرد عرض أو وعد أو منح
الموظف العمومي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ،سواء كان ذلك لصالح الموظف ذاتو أو شخص آخر
أو كيان آخر ،مزية غير مستحقة بيدف أداء أو امتناع ىذا األخير عن عمل من صميم واجباتو.
أما جريمة الرشوة اإليجابية فتقوم بطمب أو قبول بأي صورة من الصور كانت مزية غير مستحقة من
طرف الموظف العمومي سواء لنفسو أو لغيره أو لصالح كيان آخر ،وذلك ألداء أو امتناع عن أداء عمل
يعتبر من صميم واجباتو وترتبط ىذه الجريمة بالضرورة بصفة الموظف العموم ي ،والذي تناولتو المادة
الثانية من القانون 03- 00بالتعريف ،انتياجا بما جاء باالتفاقية والتي عرفتو بأنو :كل شخص يشغل
منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية المحمية المنتخبة ،سواء أكان
معينا أو منتخبا ،دائما أو مؤقتا ،مدفوع ا ألجر أو غير مدفوع األجر ،بصرف النظر عن رتبتو أو أقدميتو،
وتضيف في القفرة الثانية :كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ،ويساىم
بيذه الصفة في خدمة ىيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تممك الدولة كل أو بعض
رأسماليا ،أو أية مؤس سة أخرى تقدم خدمة عمومية ،ولم يكتف المشرع عند ىذا التعريف بل جاءت الفقرة
الثالثة بالقول بأن الموظف العمومي كل شخص آخر معرف أنو موظف عمومي أو في حكمو طبقا لمتشريع
وقد حاول المشرع من خالل التوسع في تعريف الموظف العمومي تدارك النقص الذي شاب المواد
1
-لحسن بوسقٌعة ،الوجيز في الجنائي الخاص ،الجزائر :دار هومه ،سنة ،2004 :ص .35
5
نص المشرع عمى ىذه الجريمة من خالل المادة 21وحدد أركانيا في صفة الموظف العمومي طبقا
لممادة 2السالفة الذكر ،و يتمثل النشاط اإلجرامي في فعل القبض ألجرة أو منفعة ،مع مالحظة أن النص
الفرنسي استعمل مصطمح ) (percevoirوالتي تعني التمقي ومرادفيا ىو مصطمح ) (recevoirواألدق ىو
ويكون النشاط اإلجرامي بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ممحق
باسم الدولة أو الجماعات المحمية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو المؤسسات العمومية ذات
والواضح أن المشرع تقصد حماية المال العام ,ولكن يؤخذ عميو من خالل ىذه المادة عدم تحديده بشكل
دقيق ألركان الجريم ة وىو ما يتنافى مع الشرعية الجنائية التي من مقتضياتيا التفسير الضيق لمنصوص
الجنائية.
-اختالس الممتمكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها عمى نحو غير شرعي:
جرم القانون 03- 00من خالل المادة 23منو االختالس ،اإلتالف ،التبديد ،الحجز عمدا بدون وجو
حق ،االستعما ل الغير الشرعي لمممتمكات واألموال التي بين يدي الموظف المعيودة إليو بحكم الوظيفة أو
بسببيا.
واذا كان االختالس ،اإلتالف ،التبديد ،الحجز عمدا بدون وجو حق ال تثير إشكاال فمألمر خالف ذلك
بالنسبة لالستعمال الغير الشرعي وذلك لصعوبة تحديده ،ال سيما وأن الفقو الجنائي يسمم بضرورة الدقة في
-الغدر:
نص المشرع عمى جريمة الغدر ابتداءا بموجب القانون 20- 22المؤرخ في ،3322- 01- 32وقد أعاد
صياغتيا في المادة 10من القانون ،03- 00ويتمثل الفعل المادي ليذه الجريمة في طمب أو تمقي أو
0
اشتراط أو األمر بتحصيل مبالغ مالية مع عممو بأنيا غير مستحقة األداء أو يزيد عن القيمة المستحقة
األداء سواء أكان ذلك لصالحو أو لصالح الطرف الذي يحصل لحسابو.
والسؤال الذي يطرح نفسو بالنسبة ليذه الجريمة عن تقدير قيمة الرسوم من قبل مفتشي الجمارك عمى
البضائع؟ ،فقانون الجمارك ينص صراحة عمى أن ىذه القيمة تحددىا إدارة الجمارك.
إذا فاألمر يستدعي مراجعة الضوابط والمعايير التي تعتمد عمييا إدارة الجمارك في تحديد قيمة لمبضائع
إن اإلعفاء والتخفيض الغير القانوني في الضريبة والرسم من الجرائم التي قد نص عمييا المشرع بموجب
القانون 20- 22وذلك بمقتضى المادتين ،322- 323وقد أعاد المشرع صياغة أحكاميما في مادة واحدة
في القانون 03- 00وىي المادة ،13ويتمثل الفعل اإلجرامي في المنح أو األمر باالستفادة من إعفاءات أو
تخفيضات في الضرائب أو الرسوم بأي شكل من األشكال وميما كان السبب دون ترخيص قانوني ،لتضيف
مع مالحظة استعمال مصطمح القانون (ودون ترخيص من القانون) ،واألصح ىو مصطمح التشريع،
باعتبار أن الرسوم والضرائب ال تفرض إال بموجب التشريع (صادر عن السمطة التشريعية).
-استغالل النفوذ:
وىي من ضمن الجرائم المنصوص عمييا بموجب قانون العقوبات القديم ،مع التعديل الوارد بيا ،من
الصورة األولى :قيام الجاني بوعد أو عرض أو منح مزية غير مستحقة سواء لموظف عمومي أو لمغير،
بأي شكل كان لتحريض ذلك الموظف العمومي أو الغير عمى استغالل نفوذه الفعمي أو المفترض بغرض
الحصول على مزٌة غٌر مستحقة سواء لصالح الجانً أو لصالح الغٌر ،سواء من إدارة أو من سلطة
عمومٌة.
1
الصورة الثانية :كل من يطمب أو يقبل مزية غير مستحقة ،سواء كان موظف عمومي أو لم تكن لو صفة
الموظف العمومي ،لصالحو أو لصالح الغير لكي يستغل ىذا األخير نفوذه الفعمي أو المفترض ،بيدف
ويرى األ ستاذ لحسن بوسقيعة أن النفوذ المفترض لمجاني ال يمكنو أن يرقى لجرم النصب و االحتيال وىو ما
يعتبر تبييض األموال من األنشطة الفرعية والمتالزمة لمفساد ،وقد أحال المشرع إلى التشريع الساري
ويعتبر غسيل األموال نشاط إجرامي تعاوني لجيود خبراء المال والمصارف والقانون وتارة أصحاب التقنيات
العالية إذا تطمبت جريمة تبييض األموال الطرق اإللكترونية عبر شبكة االنترنت ،الشيء الذي جعميا جريمة
تتجاوز الحدود الجغرافية لمدولة ،وقدر الخبراء الحجم التقريبي الذي يتم تبييضو أنو يفوق 100بميون دوالر
في العالم ،ورغم عدم وضوح طرق غسيل األموال إال أنو من المتفق عميو أنو يتم تحويميا من أموال ذات
مصادر غير مشروعة كجرائم الفساد مثال ،إلى أصول ثمينة أو موجودات عقارية فيتم تمويو طابعيا الغير
وقد نصت عمى ىذه الجريمة المادة 15من القانون 03- 00لتحل محل المواد 321،320من قانون
العقوبات ويتمثل نشاطيا اإلجرامي في أخذ أو تمقي الموظف العمومي سواء مباشرة أو بعقد صوري أو
بواسطة الغير ،فوائد من العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاوالت بمناسبة إدارتيا أو اإلشراف عمييا،
1
-لحسن بوسقٌعة ،الوجيز في الجنائي الخاص ،الجزائر :دار هومه ،سنة ،2004 :ص .56
2
ٌ-ونس عرب ،دراسة في ماهية جرائم غسيل األموال ،مجلة البنوك األردنٌة ،العدد ،11نوفمبر ,2005ص .63
2
سواء بصفة جزئية أو كمية أو كان مكمفا بإصدار إذن بالدفع أو مكمفا بتصفية عممية ما ويأخذ منو فوائد أيا
كانت ،غير أن النص تعوزه الدقة مقارنة بالمواد التي كانت موجودة سالفا.
جاء المشرع بمجموعة من صور الجرائم تعتبر حديثة بالنسبة لممنظومة القانونية الجزائرية بمناسبة مكافحة
جرائم الفساد ،كجريمة اإلثراء الغير مشروع أو الرشوة المتعمقة بالموظف العمومي األجنبي عمى سبيل المثال،
إلى ج انب جرائم معروفة المبدأ من قبل المنظومة القانونية (الجزائرية) وتم توظيفيا بمناسبة الوقاية من الفساد
ومكافحتو كجريمة اإلخفاء واعاقة سير العدالة ،مضيفا مبدأ االنعدام والمشار إليو عند معالجة آثار جرائم الفساد.
-جريمة الرشوة في صورتها المستحدثة 4ونتناوليا عبر صورتين استحدثيما المشرع وىما:
رشوة الموظف العمومي األجنبي وموظفوا المنظ مات الدولية العمومية :والجديد بالنسبة لجريمة الرشوة
المعروفة ىو صفة الجاني ،فيو الموظف العمومي األجنبي وموظف المنظمات الدولية العمومية ,وعرف
الموظف العمومي في ديباجة ىذا القانون (ق )03- 00عمى أنو :كل شخص يشغل منصب تشريعي أو
تنفيذي أو إداري أو قضائي لدى بمد أجنبي سواء كان معينا أو منتخبا ،وكل من يمارس وظيفة عمومية
لدى بمد أجنبي بما في ذلك ىيئ ة أو مؤسسة عمومية .ليضيف أن موظف المنظمة الدولية العمومية ىو:
كل مست خدم دولي أو كل شخص تأذن لو مؤسسة من ىذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنيا.
الرشوة في القطاع الخاص :أكدت االتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ،ومن ثم القانون 03- 00عمى أن
القطاع الخاص شريك فعال في التنمية االقتصادية وعميو يجب تأطير نشاطو بصورة دقيقة ،فتم تجريم
الرشوة في القطاع الخاص بنص المادة (00القانون ،)03- 00محتفظة بنفس األركان ،غير أن صياغة
المادة جاءت غير دقيقة لعدم ضبطيا لمصفة في الجريمة عكس ما فعل سابقا ،وكذا بالنسبة لمنشاط
اإلجرامي فمم تحدد الواجبات التي يشمميا النص ،أم أن كل الواجبات يشمميا التجريم؟
3
-اختالس الممتمكات في القطاع الخاص:
جرم المشرع فعل االختالس في القطاع الخاص بنص المادة (03من القانون ،)03- 00والجاني ىو كل
شخص يعيد إليو بإدارة كيان تابع لمقطاع الخاص أو يكون عامال فيو ،يقوم باختالس األموال أو األوراق
مع أن وصف السرقة أو خيانة األمانة يفي بالغرض بالنسبة ليذا الفعل وبالتالي كان عمى المشرع
-جريمة اإلخفاء:
ونفس األمر بالنسبة ليذه الجريمة ،فالمشرع لم يأت بجديد بالنسبة لمتجريم طالما أن المواد ،122 ،121
123من قانون العقوبات تستغرق جميع متحصالت األفعال الموصوفة بأنيا جناية أو جنحة بما فييا جرائم
الفساد ،لكن بالنسبة لمعقوبة فقد شددىا سواء بالنسبة لعقوبة الحبس أو الغرامة.
وكذلك األمر بالنسبة لجريمة عدم اإلبالغ عن الجرائم التي نص عمييا المشرع في القانون 03- 00في
المادة ، 01والتي تعتبر من الجرائم الكالسيكية إلى حد ما وقد استعمميا المشرع في عدة مناسبات منيا
جرائم اإلرىاب والماسة بأمن الدولة ،وكان عمى المشرع اإلحالة إلييا فقط ليتفادى مشكل التضخم في
ونفس الشيء يقال بالنسبة لجريمة البالغ الكيدي المنصوص عمييا في المادة ،00فاألولى كان بالمشرع
أن يحيل إلى المادة 305من قانون العقوبات واإلشارة أن البالغ الكيدي في باب جرائم الفساد يقع تحت
30
-إعاقة سير العدالة:
و لمجريمة ثالث صور حسب نص المادة 00من القانون ،03- 00فالفقرة األولى منيا تطرقت إلى
الشخص الذي يستخدم قوتو البدنية أو التيديد أو الترىيب أو الوعد بمزية غير مستحقة أو عرضيا أو
منحيا ،لمتح ريض عمى اإلدالء بشيادة زور أو منع اإلدالء بالشيادة أو تقديم األدلة في إجراء يتعمق بارتكاب
أفعال مجرمة وفقا ليذا القانون ،لتضيف القفرة الثانية كل من استعمل الوسائل السابقة لعرقمة سير التحريات
الجارية بشأن األفعال المجرمة وفقا ليذا القانون لتكمل الفقرة الثال ثة المادة بالصفة الثالثة لمجاني ،كل من
ويعاب عمى ىذه الصياغة استعماليا لمصطمح التحريض ,وىذا األخير يكون لغير العاقل.
وصفة الجاني بالنسبة ليذا النوع من الجرائم حسب المادة 05كل من يمجأ إلى االنتقام أو الترىيب أو
التيديد بأية طريقة كانت أو بأي شكل من األشكال ضد الشيود أو الخبراء أو الضحايا أو المبمغين أو أفراد
وجاء المشرع بسن التزام عمى عاتق الموظف العمومي في نص المادة 02من القانون 03- 00وىو
والسؤال المطروح ماىي ىذه المصالح التي يكون الموظف العمومي ممزما باإلبالغ عنيا؟ ،ولو افترضنا أن
نواب البرلمان قاموا باالعتراض عمى قانون يمكن لو أن يصيب مصالحيم (ال سيما أنيم مشمولين بتعريف
الموظف العمومي) ،كما حصل ابتداءا عند عرض مشروع القانون الذي يقضي بوجوب التصريح
فاألجدر الدقة والحص ر السيما وأن الشرعية الجنائية تقتضي الدقة والوضوح كما سبق وأن ذكرنا.
33
-تمقي الهدايا:
نص القانون عمى تجريم تمقي اليدايا في المادة 12منو ،محددا أركانيا من خالل قبول الموظف العمومي
ليدية أو أي مزية غير مستحقة ،من شأنيا أن تؤثر عمى سير إجراء ما أو معامم ة ما ،ليا عالقة بميامو،
والمالحظ أوال بالنسبة ليذا النص أنو مستغرق في جريمة الرشوة ،وثانيا ىل يمكن أن يجد النص طريقو
إلى التطبيق خاصة وأنو مألوف ومعروف في واقعنا عمى أنو من السموكيات الحضارية؟ رغم أنيا بريئة
منو؟.
وىي مسألة في غاية األىمية نص عمييا القانون العضوي المتعمق باألحزاب السياسية الصادر باألمر رقم
03- 31المؤرخ في 00مارس ،3331وقد أحال إليو القانون ،03- 00غير أن العنوان ال يعكس محتوى
المادة ،حيث نصت عمى تجريم كل من يقوم بعممية ت مويل نشاط حزب سياسي بصورة خفية ،واألصح أن
تعنون :بالعمميات السرية في تمويل نشاط األحزاب السياسية وىو ما ورد في النص بالمغة الفرنسية.
قام المشرع بسن ىذا االلتزام لتفعيل جريمة اإلثراء غير مشروعا وصور ىذه الجريمة حسب المادة 10
من القانون ، 03- 00عدم التصريح بالممتمكات من قبل الموظف العمومي الخاضع لمثل ىذا االلتزام عمدا،
أو قيامو بتصريح غير كامل أو غير صحيح أو خاطئ أو أدلى عمدا بمالحظات خاطئة ،أو خرق عمدا
وكان األجدر بالمشرع عن ونتيا بالجرائم المتعمقة بالتصريح بالممتمكات ألنو ووفقا لمعنوان الوارد في النص
32
إن اإلثراء غير المشروع مستمد من مفيوم اإلثراء بال سبب ،وقد نصت المادة 11من القانون 03- 00
عمى أن كل موظف عمومي ال يمكنو تقديم تبرير معقول لمزيادة المعتبرة التي طرأت عمى ذمتو المالية
أما الفقرة الثانية فأضافت شكل جديد من التجريم الذي ال مبرر لو وىو المساىمة عمدا في التستر عمى
المصدر غير المشروع لمجاني ألنو مستغرق في جريمة عدم اإلبالغ واإلخفاء.
والس ؤال الذي يطرح في ىذا الصدد ىو نقل عبء اإلثبات إلى المتيم ليثبت عدم ارتكابو الجرم ،مستحدثا
قاعدة جديدة وىو نقل عبء اإلثبات إلى المتيم مناقضا بذلك مبادئ الفقو الجنائي التي من أىميا مبدأ قرينة
البراءة ،فالمتيم غير مطالب بإثبات براءتو وجية االتيام ىي المكمفة ب تقديم دليل اإلدانة لممحكمة ليطرح
السؤال:
ىل اإلرادة الداخمية والدولية تتجو حاليا لممساس بمبادئ اعتبرت أساسية لحقوق اإلنسان؟.
نص المشرع في المادة 55من القانون 03- 00أن كل عقد أو صفقة أو براءة أو امتياز أو ترخيص
متحصل عميو من ارتكاب أحد الجرائم المنصوص عمييا في ىذا القانون يمكن التصريح ببطالنو وانعدام
آثاره من قبل الجية القضائية التي تنظر في الدعوى مع مراعاة حقوق الغير حسن النية.
ويثار التساؤل بالنسبة لالنعدام كجزاء في التشريع اإلجرائي الجزائري باعتبار أنو ال يزال محال لمجدل في
دول ليا ثقافات عريقة ،بسبب عدم وجود نصوص تعرفو أو تحدد حاالتو أو آثاره؟.
ويرى األستاذ أحمد فتحي سرور أنو يقصد باالنعدام عدم الوجود في عالم القانون حتى ولو وجد البناء
المادي لمعقد أو اإلبراء ،ويرى األستاذان عبد الرءوف ميدي وفتحي والي أن عدم الوجود يختمف عن عدم
الصحة ،فالعقد الباطل موجود من الوجية القانونية ولكنو غير صالح إلنتاج آثاره القانونية .1
1
-أحمد فتحً سرور ،الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،القاهرة ،دار النهضة العربٌة سنة ،1993 :ص .292
31
-األحكام اإلجرائية المتعمقة بمكافحة الفساد:
ال أىمية لمقواعد الموضوعية من دون قواعد إجرائية ،فيذه األخيرة ىي التي تنقميا من حالة السكون إلى
وقد جاء القانون 03- 00المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو بأحكام إجرائية خاصة ،نتناوليا كالتالي:
تنص المادة 50من القانون 03- 00عمى إمكانية المجوء لمتسميم المراقب أو إتباع أساليب تحري خاصة
كالترصد اإللكتروني واالختراق بإذن من السمطة القضائية ،مع إعطاء ىذه األدلة المتوصل إلييا بيذه الطرق
الحجية ،لنصطدم بضرب مبدأ آخر من مبادئ التشريعات الحديثة أال وىو شرعية الدليل؟ ،ىذا من جية
ومن جية أخرى ماىي التقنيات الخاصة المنصوص عمييا في ىذه المادة؟.
والتسرب كما جاء بو القانون رقم 22- 00المؤرخ في 20ديسمبر 2000في المادة 05مكرر 32بأنو
قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكمف بتنسيق العممية
بمراقبة األشخاص المشتبو بارتكابيم جناية أو جنحة بإييام أ نو فاعل معيم أو شريك ليم أو خاف أو يوفر
اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسميم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو وثائق أو معمومات متحصل عمييا
استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي ىذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي وكذا وسائل
ولعل عدم نجاعة الوسائل الكالسيكية في قانون العقوبات لمكافحة ىذا النوع من الجرائم ىو الذي أدى
بالمشرع إلى استحداث مثل ىذه األساليب ،لكن ما يؤخذ عميو عدم وضع ضوابط لالستخدام الصحيح لمثل
ىذه الطرق ال سيما وأنو لم يرتب جزاءات جنائية في حالة استعمال رخص التسرب في غير محميا.
30
فإذا كانت حماية المجتمع من ىذا النوع من الجرائم عمى درجة من األىمية ،فإن حماية الحق في
الخصوصية ال تقل عن ىذه ا لدرجة خصوصا وقد كفل الدستور حمايتيا بموجب المواد 00- 13منو.
فعمى المشرع محاولة الموازنة بين الحقوق األساسية وأشكال التجريم الحديثة بدال من التضحية بيا.
نص القانون 03- 00حسب المادة 31منو عمى أن يتم إنشاء ىيئة وطنية مكمفة بالوقاية من الفساد
ومكافحتو قصد تنفيذ اإلستراتجية الوطنية في مجال مكافحة الفساد ،لتنص المادة 32عمى أن الييئة سمطة
إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وقد حددت مياميا المادة ،20عمى أن تضطمع
ىذه األخيرة بميام استشارية ،وتوجيو سياسة مكافحة الفساد ،لكن المثير لمتساؤل ىو البند السابع حيث ينص
عمى أن الييئة تستعين بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات عالقة بالفساد ،ليطرح السؤال ىل
الييئة جية تحري أم تحقيق أم سمطة جديدة فوق النيابة العامة بمناسبة مكافحة الفساد؟ ،لتضيف المادة 22
في عالقة الييئة بالسمطة القضائية أنو عندما تتوصل الييئة إلى وقائع ذات وصف جزائي تحول الممف إلى
وزير العدل حافظ األختام الذي بدوره يخطر النائب العام المختص بتحريك الدعوى العمومية عند االقتضاء،
فكيف يمكن القول أن الييئة تستعين بالنيا بة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات عالقة بالفساد ،ثم
النيابة أو الحكم أو التحقيق ،لتحوليا إلى وزير العدل حافظ األختام المشرف عمى النيابة العامة التي كانت
قد سممت المعمومات سمفا ،الذي يخطر النائب العام المختص بتحريك الدعوى العمومية ،والسؤال الذي
يطرح نفسو في ىذا الصدد ,ما طبيعة إخطارات ىذه الييئة؟ وكيف يمكن تكييف محاضرىا؟.
وكما ىو معروف أن البحث والتحري من صميم عمل الضبطية القضائية فكان األولى أن يعطي المشرع
ىذه الييئة صفة الضبطية القضائية ليحقق انسجاما في مياميا مع النيابة العامة.
35
حيث نص في المادة 53من القانون 03- 00أنو يمكن تجميد أو حجز العائدات واألموال الغير
المشروعة الناتجة عن ارتكاب جريمة أو أكث ر من الجرائم المنصوص عمييا في ىذا الباب بقرار قضائي أو
بأمر من السمطة المختصة ،لتضيف الفقرة الثانية من نفس المادة أنو في حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص
عمييا في ىذا القانون تأمر الجية القضائية بمصادرة العائدات واألموال غير المشروعة وذلك مع مراعاة
واذا كان التجميد أو الحجز يعدان من قبيل اإلجراءات المؤقتة أثناء سير الخصومة الجزائية فإن المصادرة
وقد عرف المشرع الجزائري المصادرة بموجب قانون العقوبات في المادة 35منو عمى أنيا األيمولة
النيائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة ،أو ما يعادل قيمتيا عند االقتضاء ,مع اإلشارة إلى ما ال
إن الجيود التي تبذليا الدولة عمى صعيد تشريعاتيا الداخمية عمى أىميتيا ،تبقى غير كافية ما لم تقترن
-التعاون القضائي:
ينص المشرع في المادة 51من القانون 03- 00عمى أنو مع مراعاة مبدأ المعاممة بالمثل وفي حدود ما
تسمح بو المعاىد ات واالتفاقات والترتيبات ذات الصمة والقوانين ،تقام عالقات تعاون قضائي عمى أوسع
نطاق ممكن خاصة مع الدول األطراف في االتفاقية في مجال التحريات والمتابعات واإلجراءات القضائية
المتعمقة بالجرائم المنصوص عمييا في ىذا القانون ،والمقصود من االتفاقية اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
30
الفساد ،وبالرجوع إلى ىاتو األخيرة نجد أن إستراتجية مكافحة الفساد والوقاية منو عمى المستوى الدولي
التعاون بمناسبة الخصومة الجزائية وكذا اإلجراءات الموالية ليا في تنفيذ األحكام الجزائية.
ألن الفساد يجد المناخ المالئم واألفضل لالستئثار في قطاع المؤسسات المصرفية ،وألن جميع
متحصالت جرائم الفساد تمر عمى ىذه القطاعات بغرض التمويو واخفاء آثار الجريمة ،لذلك ال بد من قواعد
خاصة بمكافحة الفساد في ىذا الصدد ،وىو ما نصت عميو المادة 52من اتفاقية مكافحة الفساد بإنشاء
وحدة معمومات استخبارية تتبع المعامالت المالية المشبوىة وتقوم بتحميميا واحالتيا إلى السمطات المختصة
بالمتابعة.
ولكن ىذا يصطدم مع مبدأ ناضل من أجمو الكثيرون أال وىو السرية المصرفية التي تعني امتناع البنك أو
المؤسسة المصرفية عن تقديم أي معمومة ميما كان نوعيا ألي كان عن حالة الحساب البنكي الجاري
وانشاء ىذه الوحدة يبدو أنو آلية فعالة لكنيا تجد صعوبة في الواقع ،فاإلرادة الدولية ليس من السيل أن
تتعاون في مجال تبادل المعمومات ،خاصة وأن سوق المعمومات الدولية مرتبط بأجيزة المخابرات ىذه
األخيرة التي ال تعترف بمفيوم الفساد في سبيل الحصول عمى المعمومة . 1
1
.-ارجع إلى المادة 52- 42من اتفاقٌة المم المتحدة لمكا فحة الفساد.
31
نص القانون 03- 00في مادتو 52عمى أنو دون اإلخالل باألحكام القانونية المتعمقة بتبييض األموال
وتمويل اإلرىاب وبغرض الكشف عن العمميات المالية المرتبطة بالفساد يتعين عمى المصارف والمؤسسات
المالية غير المصرفية إتباع تدابير خاصة بغرض الوقاية من غسيل العائدات اإلجرامية.
وفي قراءة ليذه التدابير الخاصة نجدىا تنص عمى فحص ىوية الزبائن المالكين أو المنتفعين مع الفحص
الدقيق لحساباتيم ،وكذا أنواع الحسابات والعمميات التي تتطمب م تابعة خاصة مع األخذ بعين االعتبار
خاتمة:
نقول في األخير أنو لتطويق ظاىرة الفساد وإليجاد آليات لمواجيتيا أو عمى األقل لمتقميل من مظاىرىا
البد من التحديد الدقيق لكل أسبابيا ،والتي من أىميا احتكار السمطة والمشروعات والخدمات وانعدام الرقابة
ولقد توصمنا من خالل دراستنا إلى مجموعة من النتائج والتوصيات نوردىا كما يمي:
ضرورة إعادة النظر من طرف المشرع الجزائري لصياغة مصطمحات التجريم فالصياغة الغير دقيقة والغير
محددة تتنافى مع الشرعية الجنائية التي من مقتضياتيا التفسير الضيق لمنصوص الجنائية.
القانون لم يتضمن حموال بديمة لمسألة الحصانة التي قد تقف حائال أمام ردع بعض المخالفين الذين
يتسترون وراءىا خاصة وأن التجربة تثبت أن حاالت إسقاط الحصانة نادرة جدا.
*
وقد سبق االنهٌار المدوي لبنك الخلٌفة (فً الجزائر) تقرٌرا من االستخبارات الفرنسٌة من أن بنك الخلٌفة ٌخسر سنوٌا ما ال ٌقل عن 500ملٌون أورو,
32
وجوب عدم وضع استثناءات خاصة بعدم ا لمسائمة الجنائية لمدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية
العامة إذ جعميا تقتصر عمى الشخص المعنوي الخاص ،وعميو يتعين منح صالحيات أوسع لمييأة الوطنية
لموقاية من الفساد ومكافحتو لتعميم نشاطيا عمى مختمف الييئات اإلدارية المركزية والالمركزية.
ضرورة مراجعة ال ضوابط والمعايير التي تعتمد عمييا إدارة الجمارك في تحديد قيمة البضائع محل فرض
ضرورة زيادة الوعي العام لدى أفراد المجتمع حول أىمية األموال العامة وحرمتيا عن طريق األجيزة القائمة
.
33