You are on page 1of 19

‫مداخلة من إعداد‪ :‬أ‪.

‬فريدة بن يونس‬
‫نظ ار لألشكال والممارسات الجديدة لمفساد الناتجة عن التحوالت االقتصادية واالجتماعية التي يعرفيا‬

‫العالم‪ ،‬فإن التشريع السابق (الدولي والداخمي) كان غير كاف لمواجية ىذه الظاىرة الخطيرة‪ ،‬مما أدى باألمم‬

‫المتحدة إلى توعية وتحسيس المجتمع الدولي بضرورة التصدي السريع والفعال لكل أشكال الفساد‪ ،‬ومن ثم إبرام‬

‫اتفاقية لمكافحة الفساد‪ ،‬اعتمدت من قبل الجمعية العامة باألمم المتحدة بنيويورك يوم ‪ 13‬أكتوبر ‪.2001‬‬

‫وا دراكا من الجزائر بأن التطور والتقدم ىدف متعدد األبعاد‪ ،‬يتحقق إلى حد كبير عبر وضع اآلليات وبذل‬

‫الجيود لمكافحة الفساد‪ ،‬قامت بالمصادقة عمى ىذه االتفاقية (اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد) بتحفظ‬

‫بالمرسوم الرئاسي رقم ‪ 322 – 00‬المؤرخ في ‪ 33‬أفريل ‪.2000‬‬

‫وتجسيدا لمضمون االتفاقية الدولية المتعمقة بمكافحة الفساد‪ ،‬وتأكيدا منو لألىمية القصوى إلعمال وتفعيل‬

‫ىذه األخيرة في توفير الوقاية من الفساد الداخمي ومكافحتو وكذا الفساد الخارجي‪ ،‬قام المشرع الجزائري بسن‬

‫قانون رقم ‪ 03- 00‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪.2000‬‬

‫وقد تركزت دراستنا عمى ىذا القانون خاصة ما احتواه من صور جرمية حديثة‪ ،‬وكذا التدابير الالزمة‬

‫لمكافحتيا والوقاية منيا داخميا ودوليا‪،‬في دراسة تحميمية تقييمية‪.‬‬

‫لنختم ىذه الدراسة بجممة من النتائج والتوصيات وفقا لمنقاط التالية‪:‬‬

‫تمييد‪( :‬تعريف الفساد)‬

‫األحكام الموضوعية المتعمقة بمكافحة الفساد‪.‬‬

‫أشكال التجريم الكالسيكية‪.‬‬

‫أشكال التجريم الجديدة‪.‬‬

‫األحكام اإلجرائية المتعمقة بمكافحة الفساد‪.‬‬

‫األحكام الخاصة بالتعامل الدولي واسترداد الموجودات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫وقبل التطرق إلى األحكام الخاصة المتعم قة بمكافحة الفساد نتناولو بالتعريف‪ ،‬ونقتصر ىنا عمى التعريف‬

‫الوارد في القانون ‪ 03- 00‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 02‬منو‪ " :‬يقصد بمفيوم‬

‫ىذا القانون بالفساد كل الجرائم المنصوص عمييا في الباب الرابع من ىذا القانون‪ ،‬وىذه الجرائم ىي‪:‬‬

‫رشوة الموظفين العموميين‪.‬‬

‫االمتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية‪.‬‬

‫الرشوة في مجال الصفقات العمومية‪.‬‬

‫رشوة الموظفين العموميين األجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية‪.‬‬

‫اختالس الممتمكات من قبل موظف عمومي أو استعماليا عمى نحو غير شرعي‪.‬‬

‫الغدر‪.‬‬

‫اإلعفاء والتخفيض الغير قانوني في الضريبة والرسم‪.‬‬

‫استغالل النفوذ‪.‬‬

‫إساءة استغالل الوظيفة‪.‬‬

‫تعارض المصالح‪.‬‬

‫أخذ فوائد بصفة غير قانونية‪.‬‬

‫التصريح أو التصريح الكاذب بالممتمكات‪.‬‬

‫اإلثراء غير المشروع‪.‬‬

‫تمقي اليدايا‪.‬‬

‫التمويل الخفي لألحزاب السياسية‪.‬‬

‫الرشوة في القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اختالس المم تمكات في القطاع الخاص‪.‬‬

‫تبييض العائدات اإلجرامية‪.‬‬

‫اإلخفاء‪.‬‬

‫إعاقة السير الحسن لمعدالة‪.‬‬

‫حماية الشيود والخبراء والمبمغين والضحايا‪.‬‬

‫البالغ الكيدي‪.‬‬

‫عدم اإلبالغ عن الجرائم‪.‬‬

‫األحكام الموضوعية المتعمقة بمكافحة الفساد‪.‬‬

‫بيدف التفرقة بين ما كان منصوص عميو في قانون العقوبات الصادر في سنة ‪ 3300‬المعدل والمتمم‪ ،‬وما‬

‫جاءت بو اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ومن ثم القانون رقم ‪ .03- 00‬سنتطرق إلى أشكال التجريم‬

‫الكالسيكية والحديثة تباعا‪.‬‬

‫أ‪ .‬أشكال التجريم الكالسيكية‪.‬‬

‫إن المشرع الجزائري عمل عمى تجريم آفة الرشوة في قانون العقوبات وخصيا بمجموعة مواد والتي لم تعالج‬

‫إالّ أشكاليا البسيطة المقترفة من قبل الموظفين العموميين‪ ،‬كما تناول بعض األفعال بالمخالفة لمتشريع المعمول بو‬

‫بمناسبة إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬إال أنو نظ ار لمتطور الحاصل في ىذا المجال قام المشرع بتعديل وتحديث ىذه‬

‫المواد لتتناسب مع األفعال المقترفة‪.‬‬

‫رشوة الموظفين العموميين‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪0‬‬
‫ويقصد بجرائم الرشوة االتجار بالوظيفة أو بالمنصب واإلخالل بواجب النزاىة الذي يستوجب التحمي بو‬

‫من طرف كل من يتولى وظيفة عمومية أو خدمة عمومية ‪ .1‬ولجريمة الرشوة صورتين‪ ،‬األولى سمبية والثانية‬

‫إيج ابية حيث تستقل كمييما بالتجريم والعقاب‪.‬فجريمة الرشوة السمبية تقوم بمجرد عرض أو وعد أو منح‬

‫الموظف العمومي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬سواء كان ذلك لصالح الموظف ذاتو أو شخص آخر‬

‫أو كيان آخر‪ ،‬مزية غير مستحقة بيدف أداء أو امتناع ىذا األخير عن عمل من صميم واجباتو‪.‬‬

‫أما جريمة الرشوة اإليجابية فتقوم بطمب أو قبول بأي صورة من الصور كانت مزية غير مستحقة من‬

‫طرف الموظف العمومي سواء لنفسو أو لغيره أو لصالح كيان آخر‪ ،‬وذلك ألداء أو امتناع عن أداء عمل‬

‫يعتبر من صميم واجباتو وترتبط ىذه الجريمة بالضرورة بصفة الموظف العموم ي‪ ،‬والذي تناولتو المادة‬

‫الثانية من القانون ‪ 03- 00‬بالتعريف‪ ،‬انتياجا بما جاء باالتفاقية والتي عرفتو بأنو ‪ :‬كل شخص يشغل‬

‫منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية المحمية المنتخبة‪ ،‬سواء أكان‬

‫معينا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬مدفوع ا ألجر أو غير مدفوع األجر‪ ،‬بصرف النظر عن رتبتو أو أقدميتو‪،‬‬

‫وتضيف في القفرة الثانية‪ :‬كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر‪ ،‬ويساىم‬

‫بيذه الصفة في خدمة ىيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تممك الدولة كل أو بعض‬

‫رأسماليا‪ ،‬أو أية مؤس سة أخرى تقدم خدمة عمومية‪ ،‬ولم يكتف المشرع عند ىذا التعريف بل جاءت الفقرة‬

‫الثالثة بالقول بأن الموظف العمومي كل شخص آخر معرف أنو موظف عمومي أو في حكمو طبقا لمتشريع‬

‫والتنظيم المعمول بيما‪.‬‬

‫وقد حاول المشرع من خالل التوسع في تعريف الموظف العمومي تدارك النقص الذي شاب المواد‬

‫‪ 310،321‬من قانون العقوبات‪ ،‬حيث لم تشمل جميع صور الجريمة‪.‬‬

‫الرشوة في مجال الصفقات العمومية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬لحسن بوسقٌعة‪ ،‬الوجيز في الجنائي الخاص‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار هومه‪ ،‬سنة‪ ،2004 :‬ص ‪.35‬‬

‫‪5‬‬
‫نص المشرع عمى ىذه الجريمة من خالل المادة ‪ 21‬وحدد أركانيا في صفة الموظف العمومي طبقا‬

‫لممادة ‪ 2‬السالفة الذكر‪ ،‬و يتمثل النشاط اإلجرامي في فعل القبض ألجرة أو منفعة‪ ،‬مع مالحظة أن النص‬

‫الفرنسي استعمل مصطمح )‪ (percevoir‬والتي تعني التمقي ومرادفيا ىو مصطمح )‪ (recevoir‬واألدق ىو‬

‫استعمال مصطمح التمقي‪.‬‬

‫ويكون النشاط اإلجرامي بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ممحق‬

‫باسم الدولة أو الجماعات المحمية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو المؤسسات العمومية ذات‬

‫الطابع الصناعي والتجاري أو المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬

‫والواضح أن المشرع تقصد حماية المال العام‪ ,‬ولكن يؤخذ عميو من خالل ىذه المادة عدم تحديده بشكل‬

‫دقيق ألركان الجريم ة وىو ما يتنافى مع الشرعية الجنائية التي من مقتضياتيا التفسير الضيق لمنصوص‬

‫الجنائية‪.‬‬

‫‪ -‬اختالس الممتمكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها عمى نحو غير شرعي‪:‬‬

‫جرم القانون ‪ 03- 00‬من خالل المادة ‪ 23‬منو االختالس‪ ،‬اإلتالف‪ ،‬التبديد‪ ،‬الحجز عمدا بدون وجو‬

‫حق‪ ،‬االستعما ل الغير الشرعي لمممتمكات واألموال التي بين يدي الموظف المعيودة إليو بحكم الوظيفة أو‬

‫بسببيا‪.‬‬

‫واذا كان االختالس‪ ،‬اإلتالف‪ ،‬التبديد‪ ،‬الحجز عمدا بدون وجو حق ال تثير إشكاال فمألمر خالف ذلك‬

‫بالنسبة لالستعمال الغير الشرعي وذلك لصعوبة تحديده‪ ،‬ال سيما وأن الفقو الجنائي يسمم بضرورة الدقة في‬

‫صياغة مصطمحات التجريم التي تعد من شروط النص الجنائي‪.‬‬

‫‪ -‬الغدر‪:‬‬

‫نص المشرع عمى جريمة الغدر ابتداءا بموجب القانون ‪ 20- 22‬المؤرخ في ‪ ،3322- 01- 32‬وقد أعاد‬

‫صياغتيا في المادة ‪ 10‬من القانون ‪ ،03- 00‬ويتمثل الفعل المادي ليذه الجريمة في طمب أو تمقي أو‬

‫‪0‬‬
‫اشتراط أو األمر بتحصيل مبالغ مالية مع عممو بأنيا غير مستحقة األداء أو يزيد عن القيمة المستحقة‬

‫األداء سواء أكان ذلك لصالحو أو لصالح الطرف الذي يحصل لحسابو‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسو بالنسبة ليذه الجريمة عن تقدير قيمة الرسوم من قبل مفتشي الجمارك عمى‬

‫البضائع؟‪ ،‬فقانون الجمارك ينص صراحة عمى أن ىذه القيمة تحددىا إدارة الجمارك‪.‬‬

‫إذا فاألمر يستدعي مراجعة الضوابط والمعايير التي تعتمد عمييا إدارة الجمارك في تحديد قيمة لمبضائع‬

‫محل فرض الرسوم‪ ،‬لتفادي انتشار الجرائم في ىذا الصدد‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعفاء والتخفيض الغير القانوني في الضريبة والرسم‪:‬‬

‫إن اإلعفاء والتخفيض الغير القانوني في الضريبة والرسم من الجرائم التي قد نص عمييا المشرع بموجب‬

‫القانون ‪ 20- 22‬وذلك بمقتضى المادتين ‪ ،322- 323‬وقد أعاد المشرع صياغة أحكاميما في مادة واحدة‬

‫في القانون ‪ 03- 00‬وىي المادة ‪ ،13‬ويتمثل الفعل اإلجرامي في المنح أو األمر باالستفادة من إعفاءات أو‬

‫تخفيضات في الضرائب أو الرسوم بأي شكل من األشكال وميما كان السبب دون ترخيص قانوني‪ ،‬لتضيف‬

‫المادة التسميم المجاني لمحاصيل مؤسسات الدولة‪.‬‬

‫مع مالحظة استعمال مصطمح القانون (ودون ترخيص من القانون)‪ ،‬واألصح ىو مصطمح التشريع‪،‬‬

‫باعتبار أن الرسوم والضرائب ال تفرض إال بموجب التشريع (صادر عن السمطة التشريعية)‪.‬‬

‫‪ -‬استغالل النفوذ‪:‬‬

‫وىي من ضمن الجرائم المنصوص عمييا بموجب قانون العقوبات القديم‪ ،‬مع التعديل الوارد بيا‪ ،‬من‬

‫خالل صورتين تناولتيما المادة ‪ 12‬من القانون ‪ 03- 00‬وىما‪:‬‬

‫الصورة األولى‪ :‬قيام الجاني بوعد أو عرض أو منح مزية غير مستحقة سواء لموظف عمومي أو لمغير‪،‬‬

‫بأي شكل كان لتحريض ذلك الموظف العمومي أو الغير عمى استغالل نفوذه الفعمي أو المفترض بغرض‬

‫الحصول على مزٌة غٌر مستحقة سواء لصالح الجانً أو لصالح الغٌر‪ ،‬سواء من إدارة أو من سلطة‬
‫عمومٌة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬كل من يطمب أو يقبل مزية غير مستحقة‪ ،‬سواء كان موظف عمومي أو لم تكن لو صفة‬

‫الموظف العمومي‪ ،‬لصالحو أو لصالح الغير لكي يستغل ىذا األخير نفوذه الفعمي أو المفترض‪ ،‬بيدف‬

‫الحصول عل منافع غير مستحقة من إدارة أو سمطة عمومية‪.‬‬

‫ويرى األ ستاذ لحسن بوسقيعة أن النفوذ المفترض لمجاني ال يمكنو أن يرقى لجرم النصب و االحتيال وىو ما‬

‫قضى بو االجتياد القضائي الفرنسي ‪.1‬‬

‫‪ -‬تبييض العائدات اإلجرامية‪:‬‬

‫يعتبر تبييض األموال من األنشطة الفرعية والمتالزمة لمفساد‪ ،‬وقد أحال المشرع إلى التشريع الساري‬

‫المعمول ب و في ىذا المجال حسب المادة ‪ 02‬من القانون ‪.03- 00‬‬

‫ويعتبر غسيل األموال نشاط إجرامي تعاوني لجيود خبراء المال والمصارف والقانون وتارة أصحاب التقنيات‬

‫العالية إذا تطمبت جريمة تبييض األموال الطرق اإللكترونية عبر شبكة االنترنت‪ ،‬الشيء الذي جعميا جريمة‬

‫تتجاوز الحدود الجغرافية لمدولة‪ ،‬وقدر الخبراء الحجم التقريبي الذي يتم تبييضو أنو يفوق ‪ 100‬بميون دوالر‬

‫في العالم‪ ،‬ورغم عدم وضوح طرق غسيل األموال إال أنو من المتفق عميو أنو يتم تحويميا من أموال ذات‬

‫مصادر غير مشروعة كجرائم الفساد مثال‪ ،‬إلى أصول ثمينة أو موجودات عقارية فيتم تمويو طابعيا الغير‬

‫مشروع فتبدو وكأنيا ذات مصدر مشروع ‪. 2‬‬

‫‪ -‬أخذ فوائد بصفة غير قانونية‪:‬‬

‫وقد نصت عمى ىذه الجريمة المادة ‪ 15‬من القانون ‪ 03- 00‬لتحل محل المواد ‪ 321،320‬من قانون‬

‫العقوبات ويتمثل نشاطيا اإلجرامي في أخذ أو تمقي الموظف العمومي سواء مباشرة أو بعقد صوري أو‬

‫بواسطة الغير‪ ،‬فوائد من العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاوالت بمناسبة إدارتيا أو اإلشراف عمييا‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬لحسن بوسقٌعة‪ ،‬الوجيز في الجنائي الخاص‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار هومه‪ ،‬سنة‪ ،2004 :‬ص ‪.56‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ٌ-‬ونس عرب‪ ،‬دراسة في ماهية جرائم غسيل األموال‪ ،‬مجلة البنوك األردنٌة‪ ،‬العدد ‪ ،11‬نوفمبر ‪ ,2005‬ص ‪.63‬‬

‫‪2‬‬
‫سواء بصفة جزئية أو كمية أو كان مكمفا بإصدار إذن بالدفع أو مكمفا بتصفية عممية ما ويأخذ منو فوائد أيا‬

‫كانت‪ ،‬غير أن النص تعوزه الدقة مقارنة بالمواد التي كانت موجودة سالفا‪.‬‬

‫ب ‪ -‬أشكال التجريم الجديدة‪:‬‬

‫جاء المشرع بمجموعة من صور الجرائم تعتبر حديثة بالنسبة لممنظومة القانونية الجزائرية بمناسبة مكافحة‬

‫جرائم الفساد‪ ،‬كجريمة اإلثراء الغير مشروع أو الرشوة المتعمقة بالموظف العمومي األجنبي عمى سبيل المثال‪،‬‬

‫إلى ج انب جرائم معروفة المبدأ من قبل المنظومة القانونية (الجزائرية) وتم توظيفيا بمناسبة الوقاية من الفساد‬

‫ومكافحتو كجريمة اإلخفاء واعاقة سير العدالة‪ ،‬مضيفا مبدأ االنعدام والمشار إليو عند معالجة آثار جرائم الفساد‪.‬‬

‫و نتناول ىذه الجرائم كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬جريمة الرشوة في صورتها المستحدثة‪ 4‬ونتناوليا عبر صورتين استحدثيما المشرع وىما‪:‬‬

‫‪ ‬رشوة الموظف العمومي األجنبي وموظفوا المنظ مات الدولية العمومية‪ :‬والجديد بالنسبة لجريمة الرشوة‬

‫المعروفة ىو صفة الجاني‪ ،‬فيو الموظف العمومي األجنبي وموظف المنظمات الدولية العمومية‪ ,‬وعرف‬

‫الموظف العمومي في ديباجة ىذا القانون (ق ‪ )03- 00‬عمى أنو‪ :‬كل شخص يشغل منصب تشريعي أو‬

‫تنفيذي أو إداري أو قضائي لدى بمد أجنبي سواء كان معينا أو منتخبا‪ ،‬وكل من يمارس وظيفة عمومية‬

‫لدى بمد أجنبي بما في ذلك ىيئ ة أو مؤسسة عمومية‪ .‬ليضيف أن موظف المنظمة الدولية العمومية ىو‪:‬‬

‫كل مست خدم دولي أو كل شخص تأذن لو مؤسسة من ىذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنيا‪.‬‬

‫‪ ‬الرشوة في القطاع الخاص‪ :‬أكدت االتفاقية الدولية لمكافحة الفساد‪ ،‬ومن ثم القانون ‪ 03- 00‬عمى أن‬

‫القطاع الخاص شريك فعال في التنمية االقتصادية وعميو يجب تأطير نشاطو بصورة دقيقة‪ ،‬فتم تجريم‬

‫الرشوة في القطاع الخاص بنص المادة ‪(00‬القانون ‪ ،)03- 00‬محتفظة بنفس األركان‪ ،‬غير أن صياغة‬

‫المادة جاءت غير دقيقة لعدم ضبطيا لمصفة في الجريمة عكس ما فعل سابقا‪ ،‬وكذا بالنسبة لمنشاط‬

‫اإلجرامي فمم تحدد الواجبات التي يشمميا النص‪ ،‬أم أن كل الواجبات يشمميا التجريم؟‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬اختالس الممتمكات في القطاع الخاص‪:‬‬

‫جرم المشرع فعل االختالس في القطاع الخاص بنص المادة ‪(03‬من القانون ‪ ،)03- 00‬والجاني ىو كل‬

‫شخص يعيد إليو بإدارة كيان تابع لمقطاع الخاص أو يكون عامال فيو‪ ،‬يقوم باختالس األموال أو األوراق‬

‫المالية أو أشياء ذات قيمة مالية بمناسبة مزاولة النشاط‪.‬‬

‫مع أن وصف السرقة أو خيانة األمانة يفي بالغرض بالنسبة ليذا الفعل وبالتالي كان عمى المشرع‬

‫االستغناء عن ىذا النص‪ ،‬ومن ثم تجنب مشكمة التضخم في القوانين‪.‬‬

‫‪ -‬جريمة اإلخفاء‪:‬‬

‫ونفس األمر بالنسبة ليذه الجريمة‪ ،‬فالمشرع لم يأت بجديد بالنسبة لمتجريم طالما أن المواد ‪،122 ،121‬‬

‫‪ 123‬من قانون العقوبات تستغرق جميع متحصالت األفعال الموصوفة بأنيا جناية أو جنحة بما فييا جرائم‬

‫الفساد‪ ،‬لكن بالنسبة لمعقوبة فقد شددىا سواء بالنسبة لعقوبة الحبس أو الغرامة‪.‬‬

‫‪ -‬جريمة عدم اإلبالغ عن الجرائم‪:‬‬

‫وكذلك األمر بالنسبة لجريمة عدم اإلبالغ عن الجرائم التي نص عمييا المشرع في القانون ‪ 03- 00‬في‬

‫المادة ‪ ، 01‬والتي تعتبر من الجرائم الكالسيكية إلى حد ما وقد استعمميا المشرع في عدة مناسبات منيا‬

‫جرائم اإلرىاب والماسة بأمن الدولة‪ ،‬وكان عمى المشرع اإلحالة إلييا فقط ليتفادى مشكل التضخم في‬

‫القوانين ‪ -‬كما ذكرنا سابقا ‪ -‬ال سيما بالنسبة لمقانون الجنائي‪.‬‬

‫‪ -‬جريمة البالغ الكيدي‪:‬‬

‫ونفس الشيء يقال بالنسبة لجريمة البالغ الكيدي المنصوص عمييا في المادة ‪ ،00‬فاألولى كان بالمشرع‬

‫أن يحيل إلى المادة ‪ 305‬من قانون العقوبات واإلشارة أن البالغ الكيدي في باب جرائم الفساد يقع تحت‬

‫طائمة تجريم المادة السالفة الذكر‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬إعاقة سير العدالة‪:‬‬

‫و لمجريمة ثالث صور حسب نص المادة ‪ 00‬من القانون ‪ ،03- 00‬فالفقرة األولى منيا تطرقت إلى‬

‫الشخص الذي يستخدم قوتو البدنية أو التيديد أو الترىيب أو الوعد بمزية غير مستحقة أو عرضيا أو‬

‫منحيا‪ ،‬لمتح ريض عمى اإلدالء بشيادة زور أو منع اإلدالء بالشيادة أو تقديم األدلة في إجراء يتعمق بارتكاب‬

‫أفعال مجرمة وفقا ليذا القانون‪ ،‬لتضيف القفرة الثانية كل من استعمل الوسائل السابقة لعرقمة سير التحريات‬

‫الجارية بشأن األفعال المجرمة وفقا ليذا القانون لتكمل الفقرة الثال ثة المادة بالصفة الثالثة لمجاني‪ ،‬كل من‬

‫رفض عمدا ودون تبرير تزويد الييئة بالوثائق والمعمومات المطموبة‪.‬‬

‫ويعاب عمى ىذه الصياغة استعماليا لمصطمح التحريض‪ ,‬وىذا األخير يكون لغير العاقل‪.‬‬

‫‪ -‬الجرائم الماسة بالشهود‪ ،‬الخبراء‪ ،‬المبمغين والضحايا‪:‬‬

‫وصفة الجاني بالنسبة ليذا النوع من الجرائم حسب المادة ‪ 05‬كل من يمجأ إلى االنتقام أو الترىيب أو‬

‫التيديد بأية طريقة كانت أو بأي شكل من األشكال ضد الشيود أو الخبراء أو الضحايا أو المبمغين أو أفراد‬

‫عائالتيم وسائر األشخاص الوثيق الصمة بيم‪.‬‬

‫‪ -‬جريمة إخالل الموظف العمومي بالتزام اإلبالغ عن تعارض المصالح‪:‬‬

‫وجاء المشرع بسن التزام عمى عاتق الموظف العمومي في نص المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 03- 00‬وىو‬

‫ضرورة إخبار سمطتو الرئاسية بتعارض مصالحو الخاصة مع المصمحة العامة‪.‬‬

‫والسؤال المطروح ماىي ىذه المصالح التي يكون الموظف العمومي ممزما باإلبالغ عنيا؟‪ ،‬ولو افترضنا أن‬

‫نواب البرلمان قاموا باالعتراض عمى قانون يمكن لو أن يصيب مصالحيم (ال سيما أنيم مشمولين بتعريف‬

‫الموظف العمومي)‪ ،‬كما حصل ابتداءا عند عرض مشروع القانون الذي يقضي بوجوب التصريح‬

‫بالممتمكات‪ ،‬فكيف يكون الحل؟‪.‬‬

‫فاألجدر الدقة والحص ر السيما وأن الشرعية الجنائية تقتضي الدقة والوضوح كما سبق وأن ذكرنا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬تمقي الهدايا‪:‬‬

‫نص القانون عمى تجريم تمقي اليدايا في المادة ‪ 12‬منو‪ ،‬محددا أركانيا من خالل قبول الموظف العمومي‬

‫ليدية أو أي مزية غير مستحقة‪ ،‬من شأنيا أن تؤثر عمى سير إجراء ما أو معامم ة ما‪ ،‬ليا عالقة بميامو‪،‬‬

‫ويمحق التجريم مقدم اليدية كذلك‪.‬‬

‫والمالحظ أوال بالنسبة ليذا النص أنو مستغرق في جريمة الرشوة‪ ،‬وثانيا ىل يمكن أن يجد النص طريقو‬

‫إلى التطبيق خاصة وأنو مألوف ومعروف في واقعنا عمى أنو من السموكيات الحضارية؟ رغم أنيا بريئة‬

‫منو؟‪.‬‬

‫‪ -‬التمويل الحفي لألحزاب السياسية‪:‬‬

‫وىي مسألة في غاية األىمية نص عمييا القانون العضوي المتعمق باألحزاب السياسية الصادر باألمر رقم‬

‫‪ 03- 31‬المؤرخ في ‪ 00‬مارس ‪ ،3331‬وقد أحال إليو القانون ‪ ،03- 00‬غير أن العنوان ال يعكس محتوى‬

‫المادة‪ ،‬حيث نصت عمى تجريم كل من يقوم بعممية ت مويل نشاط حزب سياسي بصورة خفية‪ ،‬واألصح أن‬

‫تعنون‪ :‬بالعمميات السرية في تمويل نشاط األحزاب السياسية وىو ما ورد في النص بالمغة الفرنسية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التصريح أو التصريح الكاذب بالممتمكات‪:‬‬

‫قام المشرع بسن ىذا االلتزام لتفعيل جريمة اإلثراء غير مشروعا وصور ىذه الجريمة حسب المادة ‪10‬‬

‫من القانون ‪ ، 03- 00‬عدم التصريح بالممتمكات من قبل الموظف العمومي الخاضع لمثل ىذا االلتزام عمدا‪،‬‬

‫أو قيامو بتصريح غير كامل أو غير صحيح أو خاطئ أو أدلى عمدا بمالحظات خاطئة‪ ،‬أو خرق عمدا‬

‫االلتزامات التي يفرضيا عميو القانون‪.‬‬

‫وكان األجدر بالمشرع عن ونتيا بالجرائم المتعمقة بالتصريح بالممتمكات ألنو ووفقا لمعنوان الوارد في النص‬

‫المذكور ال يشمل سوى صورتين‪.‬‬

‫‪ -‬اإلثراء غير المشروع‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫إن اإلثراء غير المشروع مستمد من مفيوم اإلثراء بال سبب‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 11‬من القانون ‪03- 00‬‬

‫عمى أن كل موظف عمومي ال يمكنو تقديم تبرير معقول لمزيادة المعتبرة التي طرأت عمى ذمتو المالية‬

‫مقارنة بمداخميو المشروعة‪.‬‬

‫أما الفقرة الثانية فأضافت شكل جديد من التجريم الذي ال مبرر لو وىو المساىمة عمدا في التستر عمى‬

‫المصدر غير المشروع لمجاني ألنو مستغرق في جريمة عدم اإلبالغ واإلخفاء‪.‬‬

‫والس ؤال الذي يطرح في ىذا الصدد ىو نقل عبء اإلثبات إلى المتيم ليثبت عدم ارتكابو الجرم‪ ،‬مستحدثا‬

‫قاعدة جديدة وىو نقل عبء اإلثبات إلى المتيم مناقضا بذلك مبادئ الفقو الجنائي التي من أىميا مبدأ قرينة‬

‫البراءة‪ ،‬فالمتيم غير مطالب بإثبات براءتو وجية االتيام ىي المكمفة ب تقديم دليل اإلدانة لممحكمة ليطرح‬

‫السؤال‪:‬‬

‫ىل اإلرادة الداخمية والدولية تتجو حاليا لممساس بمبادئ اعتبرت أساسية لحقوق اإلنسان؟‪.‬‬

‫‪ -‬بطالن وانعدام العقود والصفقات المتحصل عميها من جرائم الفساد‪4‬‬

‫نص المشرع في المادة ‪ 55‬من القانون ‪ 03- 00‬أن كل عقد أو صفقة أو براءة أو امتياز أو ترخيص‬

‫متحصل عميو من ارتكاب أحد الجرائم المنصوص عمييا في ىذا القانون يمكن التصريح ببطالنو وانعدام‬

‫آثاره من قبل الجية القضائية التي تنظر في الدعوى مع مراعاة حقوق الغير حسن النية‪.‬‬

‫ويثار التساؤل بالنسبة لالنعدام كجزاء في التشريع اإلجرائي الجزائري باعتبار أنو ال يزال محال لمجدل في‬

‫دول ليا ثقافات عريقة‪ ،‬بسبب عدم وجود نصوص تعرفو أو تحدد حاالتو أو آثاره؟‪.‬‬

‫ويرى األستاذ أحمد فتحي سرور أنو يقصد باالنعدام عدم الوجود في عالم القانون حتى ولو وجد البناء‬

‫المادي لمعقد أو اإلبراء‪ ،‬ويرى األستاذان عبد الرءوف ميدي وفتحي والي أن عدم الوجود يختمف عن عدم‬

‫الصحة‪ ،‬فالعقد الباطل موجود من الوجية القانونية ولكنو غير صالح إلنتاج آثاره القانونية ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد فتحً سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربٌة سنة‪ ،1993 :‬ص ‪.292‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -‬األحكام اإلجرائية المتعمقة بمكافحة الفساد‪:‬‬

‫ال أىمية لمقواعد الموضوعية من دون قواعد إجرائية‪ ،‬فيذه األخيرة ىي التي تنقميا من حالة السكون إلى‬

‫حالة الحركة‪ ،‬وتضعيا موضع التطبيق‪.‬‬

‫وقد جاء القانون ‪ 03- 00‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو بأحكام إجرائية خاصة‪ ،‬نتناوليا كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬أساليب التحري الخاصة‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 50‬من القانون ‪ 03- 00‬عمى إمكانية المجوء لمتسميم المراقب أو إتباع أساليب تحري خاصة‬

‫كالترصد اإللكتروني واالختراق بإذن من السمطة القضائية‪ ،‬مع إعطاء ىذه األدلة المتوصل إلييا بيذه الطرق‬

‫الحجية‪ ،‬لنصطدم بضرب مبدأ آخر من مبادئ التشريعات الحديثة أال وىو شرعية الدليل؟‪ ،‬ىذا من جية‬

‫ومن جية أخرى ماىي التقنيات الخاصة المنصوص عمييا في ىذه المادة؟‪.‬‬

‫والتسرب كما جاء بو القانون رقم ‪ 22- 00‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2000‬في المادة ‪ 05‬مكرر ‪ 32‬بأنو‬

‫قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكمف بتنسيق العممية‬

‫بمراقبة األشخاص المشتبو بارتكابيم جناية أو جنحة بإييام أ نو فاعل معيم أو شريك ليم أو خاف أو يوفر‬

‫ليم اإلخفاء مع إمكانية استعمالو ليوية مستعارة‪ ،‬و يمكن لو‪:‬‬

‫اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسميم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو وثائق أو معمومات متحصل عمييا‬

‫من ارتكاب الجرائم أو مستعممة في ارتكابيا‪.‬‬

‫استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي ىذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي وكذا وسائل‬

‫النقل أو التخزين أو اإليواء أو الحفظ أو االتصال‪.‬‬

‫ولعل عدم نجاعة الوسائل الكالسيكية في قانون العقوبات لمكافحة ىذا النوع من الجرائم ىو الذي أدى‬

‫بالمشرع إلى استحداث مثل ىذه األساليب ‪ ،‬لكن ما يؤخذ عميو عدم وضع ضوابط لالستخدام الصحيح لمثل‬

‫ىذه الطرق ال سيما وأنو لم يرتب جزاءات جنائية في حالة استعمال رخص التسرب في غير محميا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫فإذا كانت حماية المجتمع من ىذا النوع من الجرائم عمى درجة من األىمية‪ ،‬فإن حماية الحق في‬

‫الخصوصية ال تقل عن ىذه ا لدرجة خصوصا وقد كفل الدستور حمايتيا بموجب المواد ‪ 00- 13‬منو‪.‬‬

‫فعمى المشرع محاولة الموازنة بين الحقوق األساسية وأشكال التجريم الحديثة بدال من التضحية بيا‪.‬‬

‫‪ -‬هيئة مكافحة الفساد والطبيعة القانونية إلخطاراتها‪:‬‬

‫نص القانون ‪ 03- 00‬حسب المادة ‪ 31‬منو عمى أن يتم إنشاء ىيئة وطنية مكمفة بالوقاية من الفساد‬

‫ومكافحتو قصد تنفيذ اإلستراتجية الوطنية في مجال مكافحة الفساد‪ ،‬لتنص المادة ‪ 32‬عمى أن الييئة سمطة‬

‫إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وقد حددت مياميا المادة ‪ ،20‬عمى أن تضطمع‬

‫ىذه األخيرة بميام استشارية‪ ،‬وتوجيو سياسة مكافحة الفساد‪ ،‬لكن المثير لمتساؤل ىو البند السابع حيث ينص‬

‫عمى أن الييئة تستعين بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات عالقة بالفساد‪ ،‬ليطرح السؤال ىل‬

‫الييئة جية تحري أم تحقيق أم سمطة جديدة فوق النيابة العامة بمناسبة مكافحة الفساد؟‪ ،‬لتضيف المادة ‪22‬‬

‫في عالقة الييئة بالسمطة القضائية أنو عندما تتوصل الييئة إلى وقائع ذات وصف جزائي تحول الممف إلى‬

‫وزير العدل حافظ األختام الذي بدوره يخطر النائب العام المختص بتحريك الدعوى العمومية عند االقتضاء‪،‬‬

‫فكيف يمكن القول أن الييئة تستعين بالنيا بة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات عالقة بالفساد‪ ،‬ثم‬

‫ال لمقضاة سواء‬


‫تقوم بتكييف ىذه الوقائع عمى أن ليا وصف جزائي‪ ،‬مع العمم أن سمطة التكييف ال تكون إ ّ‬

‫النيابة أو الحكم أو التحقيق‪ ،‬لتحوليا إلى وزير العدل حافظ األختام المشرف عمى النيابة العامة التي كانت‬

‫قد سممت المعمومات سمفا‪ ،‬الذي يخطر النائب العام المختص بتحريك الدعوى العمومية‪ ،‬والسؤال الذي‬

‫يطرح نفسو في ىذا الصدد‪ ,‬ما طبيعة إخطارات ىذه الييئة؟ وكيف يمكن تكييف محاضرىا؟‪.‬‬

‫وكما ىو معروف أن البحث والتحري من صميم عمل الضبطية القضائية فكان األولى أن يعطي المشرع‬

‫ىذه الييئة صفة الضبطية القضائية ليحقق انسجاما في مياميا مع النيابة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬تجميد وحجز األموال واسترداد الممتمكات والمصادرة‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫حيث نص في المادة ‪ 53‬من القانون ‪ 03- 00‬أنو يمكن تجميد أو حجز العائدات واألموال الغير‬

‫المشروعة الناتجة عن ارتكاب جريمة أو أكث ر من الجرائم المنصوص عمييا في ىذا الباب بقرار قضائي أو‬

‫بأمر من السمطة المختصة‪ ،‬لتضيف الفقرة الثانية من نفس المادة أنو في حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص‬

‫عمييا في ىذا القانون تأمر الجية القضائية بمصادرة العائدات واألموال غير المشروعة وذلك مع مراعاة‬

‫حاالت استرجاع األرصدة أو حقوق الغير حسن النية‪.‬‬

‫واذا كان التجميد أو الحجز يعدان من قبيل اإلجراءات المؤقتة أثناء سير الخصومة الجزائية فإن المصادرة‬

‫تعتبر بمثابة آثار لمحكم الصادر في الموضوع‪.‬‬

‫وقد عرف المشرع الجزائري المصادرة بموجب قانون العقوبات في المادة ‪ 35‬منو عمى أنيا األيمولة‬

‫النيائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة‪ ،‬أو ما يعادل قيمتيا عند االقتضاء‪ ,‬مع اإلشارة إلى ما ال‬

‫يمكن مصادرتو كاستثناء‪.‬‬

‫األحكام الخاصة بالتعاون الدولي واسترداد الموجودات‪.‬‬

‫إن الجيود التي تبذليا الدولة عمى صعيد تشريعاتيا الداخمية عمى أىميتيا‪ ،‬تبقى غير كافية ما لم تقترن‬

‫بإجراءات عممية قانونية تتخذىا الدول بيدف التواصل والتعاون بينيا‪.‬‬

‫وىي حسب القانون ‪:03- 00‬‬

‫‪ -‬التعاون القضائي‪:‬‬

‫ينص المشرع في المادة ‪ 51‬من القانون ‪ 03- 00‬عمى أنو مع مراعاة مبدأ المعاممة بالمثل وفي حدود ما‬

‫تسمح بو المعاىد ات واالتفاقات والترتيبات ذات الصمة والقوانين‪ ،‬تقام عالقات تعاون قضائي عمى أوسع‬

‫نطاق ممكن خاصة مع الدول األطراف في االتفاقية في مجال التحريات والمتابعات واإلجراءات القضائية‬

‫المتعمقة بالجرائم المنصوص عمييا في ىذا القانون‪ ،‬والمقصود من االتفاقية اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬

‫‪30‬‬
‫الفساد‪ ،‬وبالرجوع إلى ىاتو األخيرة نجد أن إستراتجية مكافحة الفساد والوقاية منو عمى المستوى الدولي‬

‫تستدعي التنسيق والتعاون عمى عدة مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬التعاون بمناسبة البحث والتحري وكذا اإلجراءات المتزامنة مع ىذه المرحمة‪.‬‬

‫‪ ‬التعاون بمناسبة تسميم المشتبو فييم والمتيمين‪.‬‬

‫‪ ‬التعاون بمناسبة الخصومة الجزائية وكذا اإلجراءات الموالية ليا في تنفيذ األحكام الجزائية‪.‬‬

‫‪ -‬التعاون الدولي في مجال المصارف‪:‬‬

‫ألن الفساد يجد المناخ المالئم واألفضل لالستئثار في قطاع المؤسسات المصرفية‪ ،‬وألن جميع‬

‫متحصالت جرائم الفساد تمر عمى ىذه القطاعات بغرض التمويو واخفاء آثار الجريمة‪ ،‬لذلك ال بد من قواعد‬

‫خاصة بمكافحة الفساد في ىذا الصدد‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 52‬من اتفاقية مكافحة الفساد بإنشاء‬

‫وحدة معمومات استخبارية تتبع المعامالت المالية المشبوىة وتقوم بتحميميا واحالتيا إلى السمطات المختصة‬

‫بالمتابعة‪.‬‬

‫ولكن ىذا يصطدم مع مبدأ ناضل من أجمو الكثيرون أال وىو السرية المصرفية التي تعني امتناع البنك أو‬

‫المؤسسة المصرفية عن تقديم أي معمومة ميما كان نوعيا ألي كان عن حالة الحساب البنكي الجاري‬

‫لعمالئيا إال بحكم قضائي صادر عن جيات قضائية نظامية و مستقمة‪.‬‬

‫وانشاء ىذه الوحدة يبدو أنو آلية فعالة لكنيا تجد صعوبة في الواقع‪ ،‬فاإلرادة الدولية ليس من السيل أن‬

‫تتعاون في مجال تبادل المعمومات‪ ،‬خاصة وأن سوق المعمومات الدولية مرتبط بأجيزة المخابرات ىذه‬

‫األخيرة التي ال تعترف بمفيوم الفساد في سبيل الحصول عمى المعمومة ‪. 1‬‬

‫‪ -‬التعاون في منع وكشف وتحويل العائدات اإلجرامية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .-‬ارجع إلى المادة ‪ 52- 42‬من اتفاقٌة المم المتحدة لمكا فحة الفساد‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫نص القانون ‪ 03- 00‬في مادتو ‪ 52‬عمى أنو دون اإلخالل باألحكام القانونية المتعمقة بتبييض األموال‬

‫وتمويل اإلرىاب وبغرض الكشف عن العمميات المالية المرتبطة بالفساد يتعين عمى المصارف والمؤسسات‬

‫المالية غير المصرفية إتباع تدابير خاصة بغرض الوقاية من غسيل العائدات اإلجرامية‪.‬‬

‫وفي قراءة ليذه التدابير الخاصة نجدىا تنص عمى فحص ىوية الزبائن المالكين أو المنتفعين مع الفحص‬

‫الدقيق لحساباتيم‪ ،‬وكذا أنواع الحسابات والعمميات التي تتطمب م تابعة خاصة مع األخذ بعين االعتبار‬

‫المعمومات التي تبمع ليا في إطار التعامل مع السمطات األجنبية*‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫نقول في األخير أنو لتطويق ظاىرة الفساد وإليجاد آليات لمواجيتيا أو عمى األقل لمتقميل من مظاىرىا‬

‫البد من التحديد الدقيق لكل أسبابيا‪ ،‬والتي من أىميا احتكار السمطة والمشروعات والخدمات وانعدام الرقابة‬

‫الصارمة التي تحاسب كل منحرف حتى ولو كان من الكبار‪.‬‬

‫ولقد توصمنا من خالل دراستنا إلى مجموعة من النتائج والتوصيات نوردىا كما يمي‪:‬‬

‫ضرورة إعادة النظر من طرف المشرع الجزائري لصياغة مصطمحات التجريم فالصياغة الغير دقيقة والغير‬

‫محددة تتنافى مع الشرعية الجنائية التي من مقتضياتيا التفسير الضيق لمنصوص الجنائية‪.‬‬

‫القانون لم يتضمن حموال بديمة لمسألة الحصانة التي قد تقف حائال أمام ردع بعض المخالفين الذين‬

‫يتسترون وراءىا خاصة وأن التجربة تثبت أن حاالت إسقاط الحصانة نادرة جدا‪.‬‬

‫*‬
‫وقد سبق االنهٌار المدوي لبنك الخلٌفة (فً الجزائر) تقرٌرا من االستخبارات الفرنسٌة من أن بنك الخلٌفة ٌخسر سنوٌا ما ال ٌقل عن ‪ 500‬ملٌون أورو‪,‬‬

‫‪32‬‬
‫وجوب عدم وضع استثناءات خاصة بعدم ا لمسائمة الجنائية لمدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية‬

‫العامة إذ جعميا تقتصر عمى الشخص المعنوي الخاص‪ ،‬وعميو يتعين منح صالحيات أوسع لمييأة الوطنية‬

‫لموقاية من الفساد ومكافحتو لتعميم نشاطيا عمى مختمف الييئات اإلدارية المركزية والالمركزية‪.‬‬

‫ضرورة مراجعة ال ضوابط والمعايير التي تعتمد عمييا إدارة الجمارك في تحديد قيمة البضائع محل فرض‬

‫الرسوم لتفادي انتشار الجرائم في ىذا الصدد‪.‬‬

‫ضرورة الرقابة عمى الوسائل المستعممة أثناء الحمالت االنتخابية‪.‬‬

‫تعزيز حرية التعبير باعتبارىا من أىم آليات الرقابة عمى الفساد‪.‬‬

‫ضرورة زيادة الوعي العام لدى أفراد المجتمع حول أىمية األموال العامة وحرمتيا عن طريق األجيزة القائمة‬

‫عمى التربية والتعميم وكذا عن طريق وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪33‬‬

You might also like