You are on page 1of 6

‫البعث والنشور‬

‫اعداد الطالب \ أحمد كمال العجرمي‬


‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪َ ،‬من‬

‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك ‪.‬من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‬

‫وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬صلَّى هللا عليه وعلى آله وسلم‬

‫س ِل ُمونَ أَيُّ َها النَّ ُ‬


‫اس اتَّقُوا َربَّ ُك ُم‬ ‫ق تُقَاتِ ِه َو َال ت َ ُموت ُنَّ إِ َّال َوأ َ ْنت ُ ْم ُم ْ‬ ‫(يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َ َمنُوا اتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ َح َّ‬

‫َّللاَ الَّذِي‬
‫سا ًء َواتَّقُوا َّ‬ ‫ث ِم ْن ُه َما ِر َج ًاال َكثِ ً‬
‫يرا َونِ َ‬ ‫الَّذِي َخلَقَ ُك ْم ِم ْن نَ ْف ٍس َو ِ‬
‫اح َد ٍة َو َخلَقَ ِم ْن َها َز ْو َج َها َوبَ َّ‬

‫سدِيدًا *‬ ‫علَ ْي ُك ْم َرقِيبًا يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َ َمنُوا اتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ َوقُولُوا قَ ْو ًال َ‬ ‫سا َءلُونَ بِ ِه َو ْاْل َ ْر َحا َم إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ كَانَ َ‬ ‫تَ َ‬

‫از فَ ْو ًزا ع َِظي ًما)‬


‫سولَهُ فَقَ ْد فَ َ‬ ‫ص ِلحْ لَ ُك ْم أ َ ْع َمالَ ُك ْم َويَ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َم ْن يُ ِط ِع َّ‬
‫َّللاَ َو َر ُ‬ ‫يُ ْ‬

‫أما بعد‪ :‬فإن أصدق الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشر‬

‫‪.‬اْلمور محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‬

‫ب‬ ‫اليوم‪ ،‬وإن شاء هللا ‪-‬تعالى‪ ،-‬نتحدث عن البعث والنشور‪ .‬يقول ‪-‬سبحانه ا ْل َم ْوتُ قَا َل َر ِِّ‬

‫صا ِل ًحا فِي َما ت َ َر ْكتُ ك ََّال إِنَّ َها َك ِل َمةٌ ُه َو قَائِلُ َها َو ِمن َو َرائِ ِهم بَ ْر َز ٌ‬
‫خ إِلَى يَ ْو ِم‬ ‫ون * لَعَ ِلِّي أ َ ْع َم ُل َ‬
‫ار ِجعُ ِ‬
‫ْ‬

‫يُ ْبعَثُونَ )‬
‫البعث في اللغة‬
‫ث به‪ ،‬أي‪ :‬أَرسله مع غيره وا ْبتَعَثَه أَي ً‬
‫ضا‪،‬‬ ‫البعث مأخوذ من َبعَثَهُ يَ ْبعَثُه َب ْعثًا‪ ،‬أي‪ :‬أ َ ْر َ‬
‫سلَهُ َوحْ دَه‪ ،‬و َبعَ َ‬
‫أَي‪ :‬أَرسله‬

‫فانبعث‪ ،‬وقولهم‪ :‬كنتَ في‬ ‫َ‬ ‫وقال الجوهري رحمه هللا تعالى‪" :‬بعثه وابتعثه بمعنى‪ ،‬أي‪ :‬أرسله‪،‬‬
‫ُعوث‪ :‬الجيوش‪ ،‬وبَ َعثْتُ الناقةَ‪ :‬أَث َ ْرتُها‪ ،‬و َبعَثَهُ من‬ ‫ث معه‪ ،‬والب ُ‬ ‫فالن‪ ،‬أي‪ :‬في جيشه الذي بُ ِع َ‬ ‫ٍ‬ ‫ث‬
‫َب ْع ِ‬
‫ث في السير‪ ،‬أي‪ :‬أسرع‪ ،‬وت َ َبعَّ َ‬
‫ث منِي‬ ‫ث الموتى‪ :‬نَش ََر ُه ْم ليوم البعث‪ ،‬وا ْنبَ َع َ‬ ‫منامه‪ ،‬أي‪ :‬أ َهبَّه‪ ،‬و َب َع َ‬
‫انبعث‪ ،‬كأنَّه َ‬
‫سار‬ ‫َ‬ ‫‪"[1].‬الش ْع ُر‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ِ‬

‫واالختالف في تعريف البعث لغةً باعتبار ما علق به في االستعمال واإلرادة؛ فقد يُطلق ويراد به‬
‫‪:‬معنى من المعاني اآلتية‬
‫‪.‬منها اإلرسال‪ :‬يقال‪ :‬بعثت فالنًا أو ابتعثته‪ ،‬أي‪ :‬أرسلته •‬
‫‪.‬ومنها البعث ِمن النوم‪ :‬يقال‪ :‬بعثه ِمن منامه‪ :‬إذا أيقظه •‬
‫ومنها اإلثارة‪ :‬وهو أصل في معنى البعث‪ ،‬ومنه قيل للناقة‪ :‬بعثتها؛ إذا أثرتها وكانت قبل •‬
‫‪[2].‬باركةً‬

‫الراغب‬‫رحمه هللا تعالى‪" :‬أصل البعث‪ :‬إثارة الشيء وتوجيهه‪ ،‬يقال‪ :‬بعثته فانبعث‪[3] ،‬وقال َّ‬
‫علق به‪ ،‬فبعثت البعير‪ :‬أثرته وسيَّرته‪ ،‬وقوله عز وجل‬ ‫إِنَّ َما ﴿ ‪:‬ويختلف البعث بحسب اختالف ما ِ‬
‫يب الَّذِينَ يَ ْس َمعُونَ َو ْال َم ْوت َى يَ ْبعَث ُ ُه ُم هللاُ ث ُ َّم إِلَ ْي ِه ي ُْر َجعُونَ‬
‫‪ ،‬أي‪ :‬يخرجهم ويسيِرهم إلى ]‪ ﴾ [4‬يَ ْست َِج ُ‬
‫‪"[5].‬القيامة‬

‫سال؛ ]‪[6‬وقال األزهري‬ ‫رحمه هللا تعالى‪" :‬والبعث في َك َالم ْالعَ َرب على َوجْ َهيْن‪ ،‬أَحده َما‪ِ ْ :‬‬
‫اإل ْر َ‬
‫سى ﴿ ‪َ :‬كقَ ْول هللا تَعَالَى‬ ‫اإلحْ يَاء من هللا ]‪ ﴾ [7‬ث ُ َّم بَعَثْنَا ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم ُمو َ‬ ‫‪َ ،‬م ْعنَاهُ‪ :‬أرسلنَا‪ ...‬وثانيها‪ِ ْ :‬‬
‫َّ‬
‫وعز‬ ‫‪ ،"[9].‬أَي‪ :‬أحييناكم]‪ ﴾ [8‬ث ُ َّم بَعَثْنَا ُكم ِم ْن بَ ْع ِد َم ْوتِ ُك ْم ﴿ ‪:‬للموتى‪َ ،‬و ِم ْنه قَ ْوله ج َّل‬

‫الراغب رحمه هللا تعالى‪" :‬فالبعث ضربان‪ :‬بشري؛ كبعث البعير‪ ،‬وبعث اإلنسان في حاجة‪،‬‬ ‫وقال َّ‬
‫يختص به الباري‬
‫ُّ‬ ‫وإلهي‪ ،‬وذلك ضربان‪ ،‬أحدهما‪ :‬إيجاد األعيان واألجناس واألنواع؛ وذلك‬
‫بعض أوليائه؛ كعيسى صلى‬
‫َ‬ ‫َص بذلك‬
‫تعالى‪ ،‬ولم يقدر عليه أحد‪ ،‬والثاني‪ :‬إحياء الموتى‪ ،‬وقد خ َّ‬
‫‪ ،﴾"[10].‬يعني‪ :‬يوم الحشر فَ َهذَا يَ ْو ُم ْالبَ ْع ِ‬
‫ث ﴿ ‪:‬هللا عليه وسلم وأمثاله‪ ،‬ومنه قوله عزوجل‬

‫البعث في الشرع‬
‫شرع هو‪ :‬إحياء هللا الموتى وإخرا ُجهم من قبورهم للحساب والجزاء‬ ‫‪.‬المراد بالبعث في ال َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫قال اإلمام ابن كثير رحمه هللا تعالى‪" :‬البعث‪ُ :‬ه َو ال َم َعادُ َوقِيَا ُم األ ْر َواحِ َواألجْ َ‬
‫سا ِد يَ ْو َم‬
‫ْ‬
‫‪"[11].‬ال ِقيَا َم ِة‬

‫ي؛ فَإِنَّهُ ْال ُمتَبَاد ُِر ِع ْندَ ]‪[12‬وقال السفاريني‬


‫ث فَ ْال ُم َرادُ ِب ِه‪ْ :‬ال َم َعادُ ْال ُج ْس َمانِ ُّ‬
‫رحمه هللا تعالى‪" :‬أ َّما ْالبَ ْع ُ‬
‫ق؛ ِإ ْذ ُه َو الَّذِي يَ ِج ُ‬
‫ب ا ْعتِقَادُهُ َويُ َكفَّ ُر ُم ْن ِك ُرهُ‬ ‫‪"[13].‬اإل ْ‬
‫ط َال ِ‬ ‫ِْ‬

‫وقال السيد سابق رحمه هللا تعالى عن البعث‪" :‬وهو إعادة اإلنسان رو ًحا وجسدًا‪ ،‬كما كان في‬
‫‪"[14].‬الدنيا‬
‫غ ً‬
‫رال‬ ‫وهكذا يكون حينما تتعلق إرادة هللا تبارك وتعالى بذلك؛ فيخرجون من القبور حفاة عراة ُ‬
‫‪.‬بُ ْه ًما‪ ،‬ويساقون ويجمعون إلى الموقف لمحاسبتهم ونيل كل مخلوق ما يستحقه من الجزاء العادل‬

‫َوإِذَا ﴿ ‪:‬وهذا ما تشير إليه كثير من اآليات الواردة في كتاب هللا عز وجل‪ ،‬كما قال هللا تعالى‬
‫ُور بُ ْعثِ َر ْ‬
‫ت‬ ‫‪ْ ﴾ [15].‬القُب ُ‬
‫‪ ﴾ [16].‬أَفَ َال يَ ْعلَ ُم إِذَا بُ ْعثِ َر َما فِي ْالقُب ِ‬
‫ُور ﴿ ‪:‬وقوله تعالى‬

‫عةَ ﴿ ‪:‬وقوله تعالى‬ ‫ِير ‪َ -‬وأ َ َّن ال َّ‬


‫سا َ‬ ‫علَى ُك ِل ش ْ‬
‫َيءٍ قَد ٌ‬ ‫َّللاَ ُه َو ْال َح ُّق َوأَنَّهُ يُحْ يِي ْال َم ْوت َى َوأَنَّهُ َ‬
‫ذَلِكَ بِأ َ َّن َّ‬
‫ث َم ْن فِي ْالقُب ِ‬
‫ُور‬ ‫ْب فِي َها َوأ َ َّن َّ‬
‫َّللاَ يَ ْبعَ ُ‬ ‫‪ ﴾ [17].‬آتِيَةٌ َال َري َ‬

‫يب الَّذِينَ يَ ْس َمعُونَ َو ْال َم ْوت َى يَ ْبعَث ُ ُه ُم هللاُ ث ُ َّم ِإلَ ْي ِه ي ُْر َجعُونَ ﴿ ‪:‬وقوله تعالى‬‫‪ِ ﴾ [18].‬إنَّ َما يَ ْست َِج ُ‬
‫ظاهرا؛ وذلك أن )البعث( وبالمقارنة بين المعنى الشرعي لكلمة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والمعنى اللغوي لها نجد ترابطا‬
‫‪:‬من معاني البعث في اللُّغة اإلثارة لما كان ساكنًا ِمن قبل‪ ،‬وكذا اإلرسال كما في قوله تعالى‬
‫وال أ َ ِن ا ْعبُدُوا هللاَ ﴿‬ ‫‪َ ﴾ [19].‬ولَقَ ْد بَ َعثْنَا فِي ُك ِل أ ُ َّم ٍة َّر ُ‬
‫س ً‬

‫وهذا ما جاء في كلمة البعث مرادًا بها معناها الشرعي الذي هو إرسال الحياة إلى األموات‬
‫‪.‬وإثارتها من جديد‪ ،‬لتتهيَّأ لما يراد منها من االنطالق إلى الموقف للحساب‬

‫فالبعث هو‪ :‬المعاد الجسماني فإنه المتبادر عند اإلطالق؛ إذ هو الذي يجب اعتقاده ويَكفر منكره؛‬
‫المحقق ابن القيم‬
‫ِ‬ ‫‪:‬رحمه هللا تعالى ]‪[20‬كما قال اإلمام‬
‫‪"[21].‬معاد األبدان متَّفَق عليه بين المسلمين‪ ،‬واليهود‪ ،‬والنصارى"‬

‫ث ْال ُج ْس َمانِ َّ‬


‫ي‪[22] ،‬ولهذا قال اإلمام الرازي‬ ‫"وال ش ََّك أ َ َّن َم ْن أ َ ْن َك َر ْال َح ْش َر َو ْال َب ْع َ‬
‫رحمه هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ص ِري َح ْالقُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫‪..."[23].‬فَقَ ْد أ َ ْن َك َر َ‬

‫تعريف النشور‬
‫‪:‬النشر في اللغة‬
‫الراغب األصفهاني رحمه هللا تعالى للنشر معاني عديدة‬
‫‪.‬ذكر َّ‬
‫‪.‬منها‪ :‬البسط‪ ،‬واالنتشار‪ ،‬وتقلب اإلنسان في حوائجه والتفرق‬

‫ت ﴿ ‪:‬أما مجيئه بمعنى البسط فمثل قوله تعالى •‬ ‫ف نُش َِر ْ‬ ‫‪ ،:‬ومنه قوله تعالى]‪َ ﴾ [24‬و ِإذَا ال ُّ‬
‫ص ُح ُ‬
‫ت نَ ْش ًرا ﴿‬
‫‪ ،.‬أي‪ :‬المالئكة التي تنشر الرياح أو الرياح التي تنشر السحاب]‪َ ﴾ [25‬والنَّا ِش َرا ِ‬

‫سبَاتًا ﴿ ‪:‬وأما مجيئه بمعنى االنتشار فمثل قوله تعالى •‬ ‫َو ُه َو الَّذِي َجعَ َل لَ ُك ُم اللَّ ْي َل ِلبَا ً‬
‫سا َوالنَّ ْو َم ُ‬
‫ورا‬
‫ش ً‬ ‫‪ ،.‬أي‪ :‬جعل فيه االنتشار وابتغاء الرزق]‪َ ﴾ [26‬و َجعَ َل النَّ َه َ‬
‫ار نُ ُ‬

‫صالة ُ فَانتَش ُِروا فِي ﴿ ‪:‬وأما مجيئه بمعنى تقلُّب اإلنسان في حوائجه قوله تعالى •‬ ‫ت ال َّ‬ ‫فَإِذَا قُ ِ‬
‫ضيَ ِ‬
‫تفرقوا فيها‪ ،‬وقوله تعالى]‪ ﴾[27‬األ َ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫‪ ،[29].‬أي‪ :‬تفرقوا]‪ ﴾ [28‬فَإِذَا َ‬
‫ط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا ﴿ ‪ ،:‬أي‪َّ :‬‬
‫متى يكون البعث؟‬
‫البعث ‪ -‬أطال هللا بعمرك على طاعته ‪ -‬يكون بعد النفخة الثانية‪ ،‬ولكن قبل النفخة ينزل ماء من‬
‫السماء تنبت منه أجساد العباد‪ ،‬دل على ذلك‪ :‬حديث ابن عمرو رضي هللا عنهما عند مسلم‪ ،‬وقد‬
‫صغَى ِليتًا َو َرفَ َع ِليتًا‪ ،‬قَا َل َوأ َ َّو ُل َم ْن‬ ‫ور‪ ،‬فَالَ يَ ْس َمعُهُ أ َ َحدٌ إِالَّ أ َ ْ‬‫ص ِ‬ ‫تقدَّم مرفوعا‪ " :‬ث ُ َّم يُ ْنفَ ُخ فِي ال ُّ‬
‫اس‪ .‬ث ُ َّم ي ُْر ِس ُل َّللاُ‪ ،‬أ َ ْو قَا َل يُ ْن ِز ُل َّللاُ‬
‫صعَ ُق النَّ ُ‬ ‫صعَ ُق‪َ ،‬ويَ ْ‬ ‫ض إِبِ ِل ِه‪ .‬قَالَ‪ :‬فَيَ ْ‬‫ط َح ْو َ‬ ‫يَ ْس َمعُهُ َر ُج ٌل يَلُو ُ‬
‫اس‪ ،‬ث ُ َّم يُ ْنفَ ُخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَإِذَا ُه ْم قِيَا ٌم‬ ‫شاك) فَت َ ْنبُتُ ِم ْنهُ أَجْ َ‬
‫سادُ النَّ ِ‬ ‫ان ال َّ‬ ‫الط ُّل‪ ،‬أ َ ِو ِ‬
‫الظ ُّل (نُ ْع َم ُ‬ ‫ط ًرا َكأَنَّهُ َّ‬ ‫َم َ‬
‫اس هَلموا إِلَى َربِ ُك ْم‪َ ،‬وقِفُو ُه ْم إِنَّ ُه ْم َم ْسؤُولُونَ‬ ‫ظ ُرونَ ‪ ،‬ث ُ َّم يُقَالُ‪ :‬يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬ ‫‪..."[3].‬يَ ْن َ‬

‫وإنبات األجساد بعد نزول المطر عليها يماثل إنبات النبات من األرض إذا نزل الماء عليها‪ ،‬ولذا‬
‫كثيرا ما يضرب هللا ‪-‬تعالى ‪ -‬في كتابه الكريم المثل للبعث‪ ،‬والنشور‪ ،‬بإحياء األرض بالنبات‪،‬‬ ‫ً‬
‫سقنَاهُ ِلبَلَ ٍد ﴿ ‪:‬قال تعالى‬ ‫ْ‬ ‫س َحابًا ثِقَ ًاال ُ‬‫ت َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ي َرحْ َمتِ ِه َحتَّى ِإذَا أقَل ْ‬ ‫الريَا َح بُ ْش ًرا بَيْنَ يَدَ ْ‬ ‫َّ‬
‫َو ُه َو الذِي ي ُْر ِس ُل ِ‬
‫َّ‬
‫موت َى لَ َعل ُك ْم تَذَ َّك ُرونَ‬ ‫ْ‬
‫ت َكذَلِكَ نُ ْخ ِر ُج ال ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت فَأنزَ لنَا بِ ِه ال َماء فَأ ْخ َرجْ نَا ِب ِه ِمن ُك ِل الث َم َرا ِ‬
‫األعراف‪َّ ﴾[ :‬م ِي ٍ‬
‫‪57].‬‬

‫فمنه يُر َّكب الخلق يوم القيامة‪ ،‬وتقد َّم‬ ‫عجْ ب الذنب)‪ِ ،‬‬ ‫وتقد َّم أن جسد اإلنسان يبلى في القبر إال‪َ ( :‬‬
‫اء َما ًء فَيَ ْنبُتُونَ َك َما يَ ْنبُتُ‬ ‫ُ‬
‫عا‪" :‬ث َّم يُ ْن ِز ُل َّللاُ ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي هللا عنه مرفو ً‬
‫ْ‬
‫ب‪[4]" ،‬البَ ْق ُل‬ ‫ب الذَّنَ ِ‬ ‫عجْ ُ‬‫احدًا َو ُه َو َ‬ ‫ْ‬
‫عظ ًما َو ِ‬ ‫َي ٌء ِإالَّ يَ ْبلَى‪ِ ،‬إالَّ َ‬‫ان ش ْ‬
‫س ِ‬ ‫اإل ْن َ‬
‫ْس ِمنَ ِ‬ ‫"ولَي َ‬‫عا‪َ :‬‬ ‫‪ ،‬وعنه مرفو ً‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ب الخَل ُق يَ ْو َم ال ِقيَا َم ِة‬ ‫‪"[5].‬و ِم ْنهُ ي َُر َّك ُ‬
‫َ‬

‫‪.‬هو النَّبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬فيبعث وأول من تنشق عنه األرض‬

‫سو ُل َّللاِ صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أَنَا َ‬


‫س ِيدُ َولَ ِد آدَ َم َي ْو َم‬ ‫عن أبي ُه َري َْرة َ رضي هللا عنه‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫ْال ِق َيا َم ِة‪َ ،‬وأ َ َّو ُل َم ْن يَ ْنش َُّق َ ْ‬
‫ع ْنهُ القَب ُْر‪َ ،‬وأ َ َّو ُل شَافِعٍ َوأ َ َّو ُل ُم ْشفَّعٍ‬
‫سمى هللا تعالى اليوم الذي يحل فيه الدمار بالعالم ‪ ،‬ثم يعقبه البعث والنشور ‪ ،‬للجزاء والحساب‬
‫بأسماء كثيرة ‪ ،‬وقد اعتنى أهل العلم بذكر هذه األسماء قال ابن حجر العسقالني أنها بلغت‬
‫‪:‬الخمسين اسما من تلك األسماء‬

‫ق ۚ َٰذَلِكَ يَ ْو ُم ْال ُخ ُروجِ} سورة ق اآلية ‪ 42‬يوم الخروج‬ ‫ص ْي َحةَ بِ ْال َح ِ‬


‫‪ ،‬فقال تعالى {يَ ْو َم يَ ْس َمعُونَ ال َّ‬
‫‪ ، .‬وسمي بذلك ألن العباد يخرجون فيه من قبورهم ‪ ،‬عندما ينفخ في الصور‬
‫عةُ} سورة القارعة اآلية القـــارعة‬ ‫عةُ * َو َمآ أَد َْراكَ َما ْال َق ِ‬
‫ار َ‬ ‫ار َ‬‫عةُ * َما ْال َق ِ‬
‫ار َ‬‫‪ ،‬فقال تعالى { ْال َق ِ‬
‫‪ ، 3-1‬وسمي بذلك كما قال اإلمام القرطبي ألنها تقرع القلوب ‪ ،‬بأهوالها ويقال قد أصابتهم‬
‫‪.‬قوارع الدهر أي أهواله وشدائده‬
‫‪ ،‬قال هللا تعالى { َٰ َهذَا يَ ْو ُم ْال َف ْ‬
‫ص ِل الَّذِي ُكنتُم بِ ِه ت ُ َك ِذبُونَ } سورة الصافات اآلية ‪ ، 21‬يوم الفصل‬
‫‪ .‬وسمي بذلك ألن هللا تعالى يفصل فيه ‪ ،‬بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون‬
‫صلَ ْونَ َها يَ ْو َم الد ِ‬
‫ِين } سورة االنفطار اآلية ‪ -14‬يوم الدين‬ ‫‪ ،‬قال تعالى { َوإِ َّن ْالفُ َّج َ‬
‫ار لَ ِفي َج ِح ٍيم يَ ْ‬
‫‪ ، 15‬والدين في لغة العرب هو الجزاء والحساب وسمي هذا اليوم بذلك ‪ ،‬ألن هللا تعالى يجزي‬
‫‪.‬العباد ويحاسبهم في هذا اليوم‬
‫صا َّخةُ } سورة عبس اآلية ‪ ، 33‬قال اإلمام القرطبي ‪ ،‬عن الصاخة‬
‫ت ال َّ‬‫‪ ،‬قال تعالى { َفإِذَا َجا َء ِ‬
‫عكرمة ‪ ،‬أن الصاخة هي النفخة األولى والطامة هي النفخة الثانية ‪ ،‬وقال ابن العربي الصاخة‬
‫‪ .‬التي تورث الصمم وإنها المسمعة ‪ ،‬وهذا من بديع الفصاحة‬
‫الطا َّمةُ ْال ُكب َْرى} سورة النازعات اآلية ‪ ، 34‬وسميت الطامة الكبرى‬ ‫ت َّ‬‫‪ ،‬قال تعالى { َفإِذَا َجا َء ِ‬
‫عةُ َم ْو ِعدُ ُه ْم‬
‫سا َ‬
‫بذلك ألنها تطم على كل أمر هائل مفزع ‪ ،‬كما قال تعالى في سورة القمر {بَ ِل ال َّ‬
‫عةُ أ َ ْدهَى َوأ َ َم ُّر} قال القرطبي الطامة الغالبة من قولك ‪ :‬طم الشيء إذا عال وغلب‬ ‫سا َ‬
‫‪َ .‬وال َّ‬
‫ي األ َ ْم ُر َو ُه ْم فِي َ‬
‫غ ْف َل ٍة َو ُه ْم ال يُؤْ ِمنُونَ } يوم الحسرة‬ ‫‪ ،‬قال تعالى { أَنذ ِْر ُه ْم َي ْو َم ْال َحس َْر ِة ِإ ْذ قُ ِ‬
‫ض َ‬
‫سورة مريم اآلية ‪ ، 39‬وسمي بذلك لشدة تحسر العباد في ذلك اليوم وندمهم وتندمهم ‪ ،‬يتحسر‬
‫‪ .‬المؤمنون بسبب عدم االستزادة من أعمال البر والتقوى‬
‫َّللاِ ۚ َحت َّ َٰى إِذَا َجا َءتْ ُه ُم‬
‫اء َّ‬‫أما الكفار لعدم إيمانهم مصدقًا لقول هللا تعالى { قَ ْد َخس َِر الَّذِينَ َكذَّبُوا بِ ِلقَ ِ‬
‫سا َء‬‫ور ِه ْم ۚ أ َ َال َ‬ ‫علَ َٰى ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫ار ُه ْم َ‬ ‫علَ َٰى َما فَ َّر ْ‬
‫طنَا فِي َها َو ُه ْم يَحْ ِملُونَ أ َ ْوزَ َ‬ ‫عةُ بَ ْغتَةً قَالُوا يَا َحس َْرتَنَا َ‬
‫سا َ‬
‫ال َّ‬
‫‪َ .‬ما َي ِز ُرونَ } سورة األنعام اآلية ‪31‬‬

‫ولكن ما السر في كثرة األسماء ‪ ،‬يقول اإلمام القرطبي ‪ ،‬وكل من عظم شأنه تعددت صفاته ‪،‬‬
‫وكثرت أسماؤه ‪ ،‬وهذا مهيع كالم العرب ‪ ،‬فالقيامة لما عظم أمرها وكثرت أهوالها ‪ ،‬سماها هللا‬

You might also like