You are on page 1of 26

‫العشرة المبشرون بالجنة‬

‫ج‪2‬‬

‫إعداد‬
‫جنات عبد العزيز دنيا‬
‫‪1‬‬
‫تابع ماسبق عرضه‬
‫فى الجزء األول‬

‫العشرـة المبشرون بالجنة‬

‫سعد بن أبى وقاص‬ ‫بن الجراح أبو عبيدة‬


‫عبد الرحمن بن عوف‬ ‫طلحـة بن عبيد هللا‬
‫سعيد بن زيد بن عمرو‬ ‫الزبير بن العوام‬
‫بن نفيل‬

‫‪2‬‬
‫تابع ماسبق‬
‫فى الجزء االول‬

‫العشرـة المبشرون بالجنة‬


‫عرضنا فى الجزء األول من هذا العمل أربعة‬
‫من الصحابة المبشرين بالجنة وهم الخلفاء‬
‫الراشدين رضى هللا عنهم ‪:‬‬
‫أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ‪،‬‬
‫وفى هذا العرض المتواضع نقوم بذكر‬
‫بعض مناقب الستة الباقية‬
‫من العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أبو عبيدة بن الجراح‬

‫أبو عبيدة عامر بن عبد هللا بن الجراح الفهري‪ ،‬يلتقي مع النبي –صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ -‬في أحد أجداده (فهر بن مالك) أسلم على يد أبي بكر‬
‫الصديق في األيام األولى لإلسالم ‪ ،‬وهاجر إلى الحبشة في الهجرة‬
‫الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬المشاهد‬
‫كلها‪ .‬شهد له النبي بالجنة وسماه أمين األمة من العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪ .‬وأبلى يوم أحد بالء حسنا ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من‬
‫المغفر في وجنة رسول هللا من ضربة أصابته فانقلعت ثنيتاه فحسن‬
‫ثغره بذهابهما حتى قيل ما رؤى هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة‪.‬‬

‫القائمة‬ ‫‪4‬‬
‫‪-‬تابع‪-‬‬
‫أبو عبيدة بن الجراح‬

‫َقال َ ِا ْبن َم ْس ُعود ‪َ :‬ق َتل َ أَ ِبو ُع َب ْيدَ ة ْبن ا ْل َج َّراح أَ َباهُ َع ْبد هَّللا ْبن ا ْل َج َّراح‬
‫صدَّى أِل َ ِبي ُع َب ْي َدة َوأَ ُبو ُع َب ْيدَ ة‬ ‫َي ْوم أ ُ ُحد َوقِيل َ َي ْوم َبدْ ر ‪َ .‬و َكانَ ا ْل َج َّراح َي َت َ‬
‫صدَ إِ َل ْي ِه أَ ُبو ُع َب ْيدَ ة َف َق َت َل ُه ‪َ ،‬فأ َ ْن َزل َ هَّللا حِين َق َتل َ‬ ‫َيحِيد َع ْن ُه ‪َ ،‬ف َل َّما أَ ْك َث َر َق َ‬
‫َ‬ ‫هّللا‬ ‫ادَّ‬‫ح‬‫َ‬ ‫نْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ُّونَ‬ ‫وا‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ِر‬ ‫خ‬ ‫اآل‬ ‫وم‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫ِ‬ ‫هّلل‬ ‫أَ َباهُ ‪{:‬ال َت ِج ُد َق ْوما ً ُي ْؤ ِم ُنون ِبا‬
‫ِ‬
‫ير َت ُهم أول ِئ َك‬ ‫إخ َوا َن ُهم أو َعشِ َ‬ ‫اءهم أو ْ‬ ‫آباءهُم أو أ ْب َن َ‬ ‫سوله ولو كا ُنوا َ‬ ‫ور ُ‬‫َ‬
‫ت َت ْج ِري مِنْ‬ ‫وح ِم ْن ُه َو ُيدْ ِخلُ ُه ْم َج َّنا ٍ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫لوبهم اإلي َمان َوأَ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كتب في ق‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫ب‬ ‫ضوا َع ْن ُه أُو َل ِئ َك ح ِْز ُ‬ ‫َت ْح ِت َها اأْل َ ْن َها ُر َخالِدِينَ فِي َها َرضِ َي هَّللا ُ َع ْن ُه ْم َو َر ُ‬
‫هَّللا ِ أَاَل إِنَّ ح ِْز َب هَّللا ِ ُه ُم ا ْل ُم ْفل ُِحونَ }(سورة المجادلة آية ‪.) 22‬‬

‫القائمة‬ ‫‪5‬‬
‫‪-‬تابع‪-‬‬
‫أبو عبيدة بن الجراح‬

‫وثبت من وجوه عن أنس أن رسول هللا قال ‪(:‬إن لكل أمة أمينا وأمين‬
‫هذه األمة أبو عبيدة بن الجراح)‪.‬‬
‫عينه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أمير األمراء في الشام‪ ،‬وبذلك‬
‫صار تحت امرته أكثر جيوش االسالم طوال وعرضا‪ ..‬عتادا وعددا‪..‬‬
‫فما كنت تحسبه حين تراه إال واحدا من المقاتلين‪ ..‬وفردا عاديا من‬
‫المسلمين‪ ..‬وذات يوم‪ ،‬وأمير المؤمنين عمر الفاروق يعالج في المدينة‬
‫شؤون عالمه المسلم الواسع‪ ،‬جاءه الناعي‪ ،‬أن أبا عبيدة قد مات‪..‬‬
‫غصتا بالدموع‪..‬‬
‫وأسبل الفاروق جفنيه على عينين ّ‬
‫إن أمانة أبي عبيدة على مسؤولياته‪ ،‬لهي أبرز خصاله‪..‬‬

‫القائمة‬ ‫‪6‬‬
‫طلحة بن عبيد هللا‬

‫صقر يوم أحد ‪ :‬إنه طلحة بن عبيـد اللـه بن عثمان التيمـي القرشي ‪،‬‬
‫أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ‪.‬لقد كان طلحة ‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬من‬
‫أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد المشركين ‪ ،‬وهاجر إلى‬
‫المدينة‪.‬‬
‫في غزوة أحد رأى طلحة بن عبيد هللا رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬والدم يسيل من وجنتيه ‪ ،‬فجن جنونه وقفز أمامه يضرب المشركين‬
‫بيمينه ويساره ‪ ،‬وسند الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم وحمله بعيدا عن‬
‫الحفرة التي زلت فيها قدمه ‪،‬‬

‫القائمة‬ ‫‪7‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫طلحة بن عبيد هللا‬
‫( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا هللا عليه فمنهم من قضى نحبه‬
‫ومنهم من ينتظر‪ ،‬وما بدّ لوا تبديال)‪...‬‬
‫تال الرسول صلى هللا عليه وسلم هذه اآلية الكريمة‪ ،‬ثم استقبل وجوه‬
‫سره أن ينظر الى رجل‬ ‫أصحابه‪ ،‬وقال وهو يشير الى طلحة‪ ":‬من ّ‬
‫يمشي على األرض‪ ،‬وقد قضى نحبه‪ ،‬فلينظر الى طلحة"‪!!..‬‬
‫ولم تكن ثمة بشرى يتم ّناها أصحاب رسول هللا‪ ،‬وتطير قلوبهم شوقا‬
‫إليها أكثر من هذه التي ق ّلدها النبي طلحة بن عبيد هللا‪..‬‬
‫‪-‬ص َّلى هللاُ َع َل ْي ِه‬
‫هللا َ‬
‫س ْو ِل ِ‬ ‫ت مِنْ ف ِِّي َر ُ‬‫سم ِْع ُ‬ ‫عن على رضى هللا عنه َ‬
‫الج َّنةِ)‪.‬‬
‫اي فِي َ‬ ‫ار َ‬ ‫(ط ْل َح ُة َو ُّ‬
‫الز َب ْي ُر َج َ‬ ‫س َّل َم‪َ -‬يقُ ْولُ‪َ :‬‬
‫َو َ‬

‫القائمة‬ ‫‪8‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫طلحة بن عبيد هللا‬

‫كان مقتل عثمان قد تش ّكل في نفسية طلحة‪ ،‬حتى صار عقدة حياته‪..‬‬
‫يحرض عليه‪ ،‬وانما ناصر‬‫كل هذا‪ ،‬مع أنه لم يشترك بالقتل‪ ،‬ولم ّ‬
‫المعارضة ضدّ ه‪ ،‬يوم لم يكن يبدو أن المعارضة ستتمادى وتتأزم حتى‬
‫تتحول الى تلك الجريمة البشعة‪..‬وحين أخذ مكانه يوم الجمل مع الجيش‬
‫المعادي لعلي بن أبي طالب والمطالب بدم عثمان‪ ،‬كان يرجو أن يكون‬
‫في موقفه هذا ك ّفارة تريحه من وطأة ضميره‪..‬وكان قبل بدء المعركة‬
‫يدعو ويضرع بصوت تخنقه الدموع‪ ،‬ويقول‪ ":‬اللهم خذ مني لعثمان‬
‫اليوم حتى ترضى"‪..‬وأقلع طلحة و الزبير ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬عن‬
‫االشتراك في هذه الحرب ‪،‬ولكن دفعا حياتهما ثمنا النسحابهما ‪ ،‬و لكن‬
‫لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ‪.‬‬
‫القائمة‬ ‫‪9‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫طلحة بن عبيد هللا‬
‫فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ‪،‬‬
‫علي –‬
‫وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته ‪ ...‬وحين كان ّ‬
‫رضى هللا عنه ‪ -‬يستعرض شهداء المعركة راح يصلي عليهم جميعا‪،‬‬
‫الذين كانوا معه‪ ،‬والذين كانوا ضدّ ه‪ ..‬ولما فرغ من دفن طلحة والزبير‪،‬‬
‫وقف يودعهما بكلمات جليلة‪ ،‬اختتمها قائال‪ ":‬اني ألرجو أن أكون أنا‪،‬‬
‫وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال هللا فيهم‪(:‬ونزعنا ما صدورهم‬
‫من غل ّ اخوانا على سرر متقابلين) "‪..‬ثم قال‪ ":‬سمعت أذناي هاتان‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪ ":‬طلحة والزبير‪ ،‬جاراي في‬
‫الج ّنة"‪...‬وكان قتله في سنة ست وثالثين في جمادي اآلخرة وقيل في‬
‫رجب وهو ابن ‪ 62‬سنة أو نحوها وقبره بظاهر البصرة ‪.‬‬
‫القائمة‬ ‫‪10‬‬
‫الزبير بن العوام‬

‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫س َّل َم ”إِنَّ لِ ُكلِّ َن ِب ٍّي‬ ‫حواري رسول هللا؛ َ َقال َ الرسول َ‬ ‫ّ‬
‫الز َب ْي ُر“‪ (.‬والحواري هو‪ :‬الناصر المخلص)‪..‬‬ ‫ي ُّ‬ ‫َح َو ِار ًّيا َو َح َو ِار َّ‬
‫الزبير بن العوام يلتقي نسبه مع الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في‬
‫قصي بن كالب كما أن أمه صفية عمة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ ،‬وزوجته أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ‪.‬ال يجيء ذكر طلحة إال‬
‫ويذكر الزبير معه‪..‬وال يجيء ذكر الزبير إال ويذكر طلحة معه‪..‬فحين‬
‫كان الرسول عليه الصالة والسالم يؤاخي بين أصحابه في مكة قبل‬
‫الهجرة‪ ،‬آخى بين طلحة والزبير‪.‬وطالما كان عليه الصالة و السالم‬
‫يتحدث عنهما معا‪ ..‬مثل قوله‪ ":‬طلحة والزبير جاراي في الجنة"‪.‬‬
‫القائمة‬ ‫‪11‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫الزبير بن العوام‬

‫كان رفيع الخصال عظيم الشمائل ‪ ،‬يدير تجارة ناجحة وثراؤه عريضا‬
‫لكنه أنفقه في اإلسالم حتى مات مدينا‪.‬‬
‫وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ولقد أسلم الزبير‪ ،‬اسالما مبكرا‪،‬‬
‫إذ كان واحدا من السبعة األوائل الذين سارعوا إلى الإسالم‪ ،‬وأسهموا‬
‫في طليعته المباركة في دار األرقم‪..‬وكان عمره يومئذ خمس عشر‬
‫سنة‪ ..‬ففي األيام األولى للإسالم‪ ،‬والمسلمون يومئذ قلة يستخفون في‬
‫دار األرقم‪ ..‬سرت إشاعة ذات يوم أن الرسول قتل‪ ..‬فما كان من الزبير‬
‫اال أن استل ّ سيفه وامتشقه‪ ،‬وسار في شوارع مكة‪ ،‬على حداثة سنه‬
‫كالإعصار‪!..‬‬
‫القائمة‬ ‫‪12‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫الزبير بن العوام‬
‫باع الزبير دارا له بست مئة ألف فقيل له يا أبا عبد هللا غبنت قال كال‬
‫هي في سبيل هللا‪.‬‬
‫وعلى الرغم من شرف الزبير في قومه فقد حمل حظه من اضطهاد‬
‫قريش وعذابها ‪ ،‬وكان الذي تولى تعذيبه عمه‪ ..‬وكان يناديه وهو تحت‬
‫وطأة العذاب‪ ":‬أكفر برب محمد‪ ،‬أدرأ عنك العذاب"‪،‬فيجيبه الزبير الذي‬
‫غض العظام‪..‬يجيب عمه في تح ّد‬ ‫ّ‬ ‫لم يكن يوم ذاك أكثر من فتى ناشئ‪،‬‬
‫رهيب‪ ":‬ال وهللا ال أعود لكفر أبدا"‪.‬‬
‫ويهاجر الزبير الهجرتين األولى والثانية‪ ،‬ثم يعود ليشهد المشاهد كلها‬
‫مع رسول هللا‪ .‬ال تفتقده غزوة وال معركة‪.‬‬

‫القائمة‬ ‫‪13‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫الزبير بن العوام‬
‫وفي يوم الجمل‪ ،‬على النحو الذي ذكرنا في حديثنا السالف عن حياة‬
‫سيدنا طلحة كانت نهاية سيدنا الزبير ومصيره‪ ..‬فبعد أن رأى الحق‬
‫نفض يديه من القتال‪ ،‬وتبعه نفر من الذين كانوا يريدون للفتنة دوام‬
‫االشتعال‪ ،‬وطعنه القاتل الغادر وهو بين يدي ربه يصلي‪ ..‬ودفن بوادي‬
‫السباع وجلس علي رضي هللا عنه يبكي عليه هو وأصحابه ‪.‬‬

‫القائمة‬ ‫‪14‬‬
‫سعد بن أبى وقاص‬

‫األسد في براثنه ؛هو سعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك بن‬
‫أهيب عبد مناف القرشي الزهري المكي وزهرة أهل آمنة بنت وهب أم‬
‫الرسول – صلى هللا عليه وسلم ‪.‬سعد بن أبى وقاص هو أحد العشرة‬
‫وأحد السابقين األولين ‪ ،‬وأحد الستة أهل الشورى‪ .‬لقد عانق االسالم‬
‫وهو ابن سبع عشرة سنة‪ ،‬وكان اسالمه مبكرا‪ .‬ورد أن رسول هللا –‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن‬
‫أبي وقاص مقبال قال لمن معه ‪":‬هذا خالي فليرني أمرؤ خاله" ‪.‬‬
‫عن ابن عمر قال كنا جلوسا عند النبي قال ‪(:‬يدخل عليكم من هذا الباب‬
‫رجل من أهل الجنة ) فطلع سعد بن أبي وقاص ‪.‬‬
‫القائمة‬ ‫‪15‬‬
‫‪ -‬تابع ‪-‬‬
‫سعد بن أبى وقاص‬
‫وقر عينه‪،‬‬
‫سره ّ‬ ‫ذات يوم وقد رأى الرسول صلى هللا عليه وسلم منه ما ّ‬
‫دعا له هذه الدعوة المأثورة‪ "..‬اللهم سدد رميته‪ ..‬وأجب دعوته"‪.‬‬
‫كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين‪ ،‬وكان له سالحان‬
‫عدوا أصابه‪ ..‬واذا دعا هللا دعاء‬
‫رمحه ودعاؤه اذا رمى في الحرب ّ‬
‫أجابه‪ !!..‬وهكذا عرف بين إخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف‬
‫القاطع‪ .‬هذا هو األسد في براثنه‪ ،‬كما وصفه عبد الرحمن بن عوف‪..‬‬
‫وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم‪..‬‬
‫بعد أن أسلم سعد بن أبي و ّقاص ‪ ،‬سمعت أمه بخبر اسالمه‬
‫حتى ثارت ثائرتها فأقبلت عليه تقول ‪ (:‬يا سعد ما هذا الدين الذي‬
‫اعتنقته فصرفك عن دين أمك و أبيك؟‬
‫القائمة‬ ‫‪16‬‬
‫‪ -‬تابع ‪-‬‬
‫سعد بن أبى وقاص‬
‫وهللا لتدعن دينك الجديد أو ال آكل وال أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك‬
‫حزنا علي ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر)‬
‫فقال ‪ (:‬التفعلي يا أماه فأنا ال أدع ديني ألي شيء ) ‪ ،‬إال أن أمه‬
‫اجتنبت الطعام ‪ ،‬ومكثت أياما على ذلك فهزل جسمها وخارت قواها ‪،‬‬
‫فلما رأها سعد قال لها‪ ( :‬يا أماه اني على شديد حبي لك ألشد حبا هلل‬
‫ولرسوله ووهللا لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفسا بعد نفس ما‬
‫تركت ديني هذا بشيء)‪ .‬فلما رأت الجد أذعنت وأكلت وشربت ‪ .‬قيل‬
‫ص ْي َنا اإل ْنسانَ ِب َوالِدَ ْي ِه َح َم َل ْت ُه أ ُّم ُه َوهْ نا ً‬
‫نزلت اآلية التالية فى سعد ‪َ {:‬و َو ّ‬
‫إلي ال َمصير‬ ‫ش ُكر لي ولوالدَ ْي َك ّ‬ ‫صاله في عا َم ْين أن ا ْ‬
‫على َوهْ ن وفِ َ‬

‫القائمة‬ ‫‪17‬‬
‫‪ -‬تابع ‪-‬‬
‫سعد بن أبى وقاص‬
‫س لك ِب ِه ِعلم فال ُتطِ ْعهما‬ ‫ش ِرك ِبي ما ل ْي َ‬‫وإن جاهَدَ اك على أن ُت ْ‬
‫الي ُث ّم ّ‬
‫إلي َم ْر ِجعكـم‬ ‫أناب ّ‬
‫َ‬ ‫سبيـل َمنْ‬‫صا ِح ْب ُهما في الدنيا َم ْعروفـا وا ّت ِبع َ‬
‫و َ‬
‫َفأ َن ّب َئكـم بما ُك ْن ُتم تعملـون } سورة لقمان ( آية ‪.)15 - 14‬‬
‫في حجة الوداع‪ ،‬كان سعد مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأصابه‬
‫المرض‪ ،‬وذهب الرسول يعوده‪ ،‬فسأله سعد قائال‪":‬يا رسول هللا‪ ،‬إني‬
‫ذو مال وال يرثني إال إبنة‪ ،‬أفأتص ّدق بثلثي مالي‪..‬؟ قال النبي‪ :‬ال‪ .‬قال‪:‬‬
‫فبنصفه؟ قال النبي‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فبثلثه‪..‬؟ قال النبي‪ :‬نعم‪ ،‬والثلث كثير‪..‬‬
‫إنك إن تذر ورثتك أغنياء‪ ،‬خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس‪،‬‬
‫وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه هللا إال أجرت بها‪ ،‬حتى اللقمة‬
‫تضعها في فم امرأتك"‪..‬‬
‫القائمة‬ ‫‪18‬‬
‫‪ -‬تابع ‪-‬‬
‫سعد بن أبى وقاص‬
‫ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة‪ ..‬فقد رزق بعد هذا أبناء آخرين‪..‬‬
‫ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يديه و كان مقدم الجيوش‬
‫يوم وقعة القادسية ونصر هللا دينه ونزل سعد بالمدائن وأبلى بالء‬
‫عظيما‪ ..‬ويمتد العمر بسعد‪ ..‬وتجيء الفتنة الكبرى‪ ،‬فيعتزلها بل ويأمر‬
‫أهله وأوالده أال ينقلوا إليه شيئا من أخبارها‪..‬‬
‫وروى نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد أن سعدا مات وهو ابن اثنتين‬
‫وثمانين سنة في سنة ست وخمسين ‪.‬‬

‫القائمة‬ ‫‪19‬‬
‫عبد الرحمن‬
‫بن عوف‬

‫عبد الرحمن بن عوف ولد بعد عام الفيل بعشر سنين ‪ .‬وهو أحد‬
‫العشرة وأحد الستة أهل الشورى وأحد السابقين البدريين القرشي‬
‫الزهري وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى اإلسالم‪ .‬وكان إسمه في‬
‫الجاهلية عبد عمرو وقيل عبد الكعبة فسماه النبي عبد الرحمن‪.‬‬
‫ومن مناقبه أن النبي شهد له بالجنة وأنه من أهل بدر الذين قيل لهم‬
‫( اعملوا ما شئتم ) ومن أهل هذه اآلية ْ{ لقد رضي هللا عن المؤمنين‬
‫إذ يبايعونك تحت الشجرة } الفتح ‪( 18‬بيعة الرضوان )‪.‬‬
‫هاجر الى الحبشة الهجـرة األولى والثانية‪ ‬كما هاجر الى المدينة مع‬
‫المسلميـن وشهـد المشاهد كلها ‪.‬‬

‫القائمة‬ ‫‪20‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫عبد الرحمن بن عوف‬

‫ولما هاجر إلى المدينة كان فقيرا ال شيء له فآخى رسول هللا بينه وبين‬
‫سعد بن الربيع أحد النقباء فعرض عليه أن يشاطره نعمته وأن يطلق‬
‫له أحسن زوجتيه فقال له بارك هللا لك في أهلك ومالك ولكن دلني على‬
‫السوق فذهب فباع واشترى وربح ‪.‬‬
‫وضعه عمر رضي هللا عنه مع أصحاب الشورى الستة الذين جعل‬
‫الخالفة فيهم من بعده قائال‪ ":‬لقد توفي رسول هللا وهو عنهم راض"‪.‬‬
‫وكان محظوظا في التجارة الى ح ّد أثار عجبه ودهشه فقال‪ " :‬لقد‬
‫رأيتني‪ ،‬لو رفعت حجرا‪ ،‬لوجدت تحت فضة وذهبا"‪!!..‬‬

‫القائمة‬ ‫‪21‬‬
‫‪ -‬تابع –‬
‫عبد الرحمن بن عوف‬

‫وقد كان كثير اإلنفاق في سبيل هللا ؛قدّ م يوما لجيوش الإسالم خمسمائة‬
‫فرس‪ ،‬ويوما آخر ألفا وخمسمائة راحلة‪ .‬وعند موته‪ ،‬أوصى بخمسين‬
‫ألف دينار في سبيل هللا‪ ،‬وأوصى لكل من بقي ممن شهدوا بدرا‬
‫بأربعمائة دينار‪ ،‬حتى أن عثمان بن عفان رضي هللا عنه‪ ،‬أخذ نصيبه‬
‫من الوصية برغم ثرائه وقال‪ ":‬إن مال عبد الرحمن حالل صفو‪ ،‬وإن‬
‫الطعمة منه عافية وبركة"‪.‬‬
‫ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره‪ ،‬وهو‬
‫نموذج باهر للمؤمن العظيم‪ ،‬مما جعل النبي صلى هللا عليه وسلم يضعه‬
‫شرهم بالجنة‪..‬‬‫مع العشرة الذين ب ّ‬

‫القائمة‬ ‫‪22‬‬
‫سعيد بن زيد بن‬
‫عمرو بن ُن َف ْيل‬
‫سعيد بن زيد بن عمرو بن ُن َف ْيل العدوي القرشي ‪ ،‬من خيار الصحابة‬
‫ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته ‪ ،‬ولد بمكة عام(‪ 22‬قبل الهجرة)‬
‫وهاجر إلى المدينـة ‪ ،‬شهد المشاهد كلها إال بدرا لقيامه مع طلحة‬
‫بتجسس خبر العير ‪ ،‬وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ‪ ،‬كان من‬
‫السابقين إلى اإلسالم هو وزوجته ( فاطمة بنت الخطـاب )‪ .‬عن سعيد‬
‫بن زيد قال أشهد على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أني سمعته يقول‬
‫”اثبت حراء فما عليك إال نبي أو صديق أو شهيد وعدهم رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير‬
‫وسعد وابن عوف وسعيد بن زيد “(صحيح سنن ابن ماجة باختصار‬
‫السند)‪.‬‬
‫القائمة‬ ‫‪23‬‬
‫سعيد بن زيد بن‬
‫عمرو بن ُن َف ْيل‬

‫كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى هللا من عبادة األصنام وساح في‬
‫أرض الشام يتطلب الدين القيم فرأى النصارى واليهود فكره دينهم وقال‬
‫اللهم إني على دين ابراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السالم‬
‫كما ينبغي وال رأى من يوقفه عليها وهو من أهل النجاة فقد شهد له‬
‫النبي بأنه ( يبعث أمة وحده ) رأى النبي ولم يعش حتى بعث ‪ .‬وكان‬
‫الخطاب عمه قد آذاه فنزح عنه إلى أعلى مكة فنزل حراء فوكل به‬
‫الخطاب شبابا سفهاء ال يدعونه يدخل مكة فكان ال يدخلها إال سرا ‪.‬‬
‫والظاهر أن زيدا رحمه هللا توفي قبل المبعث فقد نقل ابن إسحاق أن‬
‫ورقة بن نوفل رثاه بأبيات ‪.‬‬
‫القائمة‬ ‫‪24‬‬
‫سعيد بن زيد بن‬
‫عمرو بن ُن َف ْيل‬

‫أسلم سعيد بن زيد و سنه لم تجاوز العشرين بعد‪ ،‬وأسهم مع المسلمين‬


‫في استالل عرش كسرى وتقويض ملك قيصر‪،‬وكانت له في كل موقعة‬
‫غر مشهود ٌّة ‪ .‬وشهد حصار دمشق‬
‫مواقف ٌّ‬
‫ُ‬ ‫خاض غمارها المسلمون‬
‫وفتحها ‪،‬وكان واليا عليها ‪.‬‬
‫مات سعيد بن زيد بالعقيق ‪ ،‬فغسله سعد بن أبي وقاص ‪ ،‬وكفنه ‪،‬وخرج‬
‫معه ‪.‬وتوفي سعيد سنة إحدى وخمسين ‪ ،‬وهو ابن بضع وسبعين سنة‬
‫‪ ،‬ودفن بالمدينة‪.‬‬

‫إلى المراجع‬
‫القائمة‬ ‫‪25‬‬
‫هذا ما تيسر من سيرة العشرة المبشرين بالجنة وهم أفضل‬
‫قريش ‪ ،‬وأفضل السابقين المهاجرين ‪ ،‬وأفضل البدريين ‪ ،‬وسادة‬
‫هذه األمة في الدنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫‪----------------------------------------------------------‬‬
‫المراجع‬
‫‪ -‬سير أعالم النبالء للذهبى‬
‫‪ -‬رجال حول الرسول لخالد محمد خالد‬
‫‪ -‬كتاب ‪:‬عثمان بن ع َّفان (ذي النورين)‪ .‬للمؤلف الشيخ محمد‬
‫رضا األديب المصري محمد رضا‬
‫‪ -‬من كتاب رجال ونساء أنزل هللا فيهم قرآنا ً للدكتورعبد الرحمن‬
‫عميرة‬
‫‪gannatdonya@gmail.com‬‬
‫‪26‬‬

You might also like