Professional Documents
Culture Documents
وقال أيضا" :ويجب أن يعلم :أن كل ما يدل على الحدوث ،أو على سمة النقص ،فالرب تعالى يتقدس عنه.
فمن ذلك :أنه تعالى متقدس عن االختصاص بالجهات ،واالتصاف بصفات المحدثات ،وكذلك ال يوصف بالتحول ،واالنتقال،
وال القيام ،والقعود؛ لقوله تعالى{ :ليس كمثله شيء} وقوله{ :ولم يكن له كفوا أحد} وأن هذه الصفات تدل على الحدوث ،وهللا
تعالى يتقدس عن ذلك فإن قيل أليس قد قال{ :الرحمن على العرش استوى} .قيل :بلى .قد قال ذلك ،ونحن نطلق ذلك وأمثاله
على ما جاء في الكتاب والسنة ،لكن ننفي عنه أمارة الحدوث ،ونقول :استواؤه ال يشبه استواء الخلق ،وال نقول إن العرش له
قرار ،وال مكان ،ألن هللا تعالى كان وال مكان ،فلما خلق المكان لم يتغير عما كان".كتاب( :اإلنصاف فيما يجب اعتقاده وال
يجوز الجهل به) ،ألبي بكر الباقالني (ص.)36:
وقال في "الرد على االتحادية"" :وأما قول من قال إن االتحاد هو حلول الكلمة في الناسوت من غير مماسة ،وأنه كحلول
الباري سبحانه في السماء ،وكحلوله على العرش من غير مماسة لهما ،فإنه باطل غير معقول؛ وذلك أن الباري سبحانه ليس
في السماء ،وال هو مستو على عرشه بمعنى حلوله على العرش؛ ألنه لو كان حاال في أحدهما ،ومستويا على اآلخر بمعنى
الحلول ،لوجب أن يكون مماسا لهما ال محالة".كتاب( :تمهيد األوائل في تلخيص الدالئل) ،للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب
الباقالني ،تح :عماد الدين أحمد حيدر ،مؤسسة الكتب الثقافية ،الطبعة األولى 1407هـ1987/م(ص.)111:
فإن قيل :هال أجريتم اآلية على ظاهرها من غير تعرض للتأويل ،مصيرا إلى أنها من المتشابهات التي ال يعلم تأويلها إال هللا،
قلنا :إن رام السائل إجراء االستواء على ما ينبي عنه في ظاهر اللسان ،و هو االستقرار ،فهو التزام للتجسيم ،و إن تشكك في
ذلك كان في حكم المصمم على اعتقاد التجسيم ،و إن قطع باستحالة االستقرار ،فقد زال الظاهر ،والذي دعا إليه من إجراء
اآلية على ظاهرها لم يستقم له ،وإذا أزيل الظاهر قطعا فال بد بعده في حمل اآلية على محمل مستقيم في العقول مستقر في
موجب الشرع .و اإلعراض عن التأويل حذرا من مواقعة محذور في االعتقاد يجر إلى اللبس واإليهام و استزالل العوام،
وتطريق الشبهات إلى أصول الدين ،وتعريض بعض كتاب هللا تعالى لرجم الظنون".كتاب( :اإلرشاد ) عبد الملك الجوينى ،دار
الكتب العلمية( ،ص.)23-22 :
وقال" :فإذا ثبت تقدس الباري عن التحيز واالختصاص بالجهات فيترتب على ذلك تعاليه عن االختصاص بمكان ،ومالقاة
سئلنا عن قوله تعالى {:الرحمن على العرش استوى} ،قلنا :المراد باالستواء القهر والغلبة والعلو ،ومنه
أجرام وأجسام ،فإن ُ
قول العرب استوى فالن على المملكة أي استعلى عليها واطردت له ،ومنه قول الشاعر :قد استوى بشر على العراق ...من
غير سيف ودم مهراق".كتاب( :لمع األدلة في قواعد أهل السنة والجماعة) ،عبدالملك الجويني ،تح :د.فوقية حسين محمود،
عالم الكتب -بيروت ،الطبعة الثانية1987 ،م( ،ص.)108:
وقال في "الشامل"" :وقد افترق األئمة في وجه الكالم على اآلية (الرحمن على العرش استوى) فتمنع بعضهم عن تأويلها،
وأجراها على تنزيلها ،ولكن مع القطع ينفي الجهات والمحاذيات والكيفية ،والكمية ،وهذا القائل ال يستبعد أن يكون في القرآن
أسرار ال يطلع عليها الخالئق ،والرب مستأثر بعلمها ،وإنما يجوز هذا القائل ذلك مع االعتراف بأن المغيب عن الخلق من
المعاني المكنونة ،المستأثر بعلمها المصونة ،ال تكون مما تمس الحاجة إليه في عقد أو قضية تكليف...
فإن سلك سالك هذه الطريقة ،وكان يعتقد تقدس القديم عن مشابهة الحوادث ،ويؤمن باستوائه على عرشه ،وينكف عن تكييفه
وتأويله ،فال يعترض على من قال ذلك بما يقطع به.
ثم نقول للمتمسكين باآلية المدّعين التّمسك بالظواهر ليس لكم المزيد على ظاهرها وتعدى مطلقها ...ومن سلك من أصحابنا
سبيل إثبات هذه الصفات بظواهر هذه اآليات ،ألزمه سوق كالمه أن يجعل االستواء والمجيء والنزول والجنب من الصفات
تمسكا بالظاهر".كتاب( :الشامل في أصول الدين) ،لعبد الملك الجويني ،حققه وقدم له علي سامي النشار وفيصل بدير عون
وشهيد محمد مختار،نشر منشأة المعارف باالسكندرية( ،ص 550:وما بعدها).
وقال" :وذهب أئمة السلف إلى االنكفاف عن التأويل ،وإجراء الظواهر على مواردها ،وتفويض معانيها إلى الرب .فقال :والذي
نرتضيه رأيا وندين هللا به عقيدة :اتباع سلف األمة ،والدليل السمعي القاطع في ذلك إجماع األمة ،وهو حجة متبعة ،وهو مستند
معظم الشريعة.وقد درج صحب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها ،وهم صفوة
اإلسالم ،والمستقلون بأعباء الشريعة ،وكانوا ال يألون جهدا في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها ،وتعليم الناس ما
يحتاجون إليه منها؛ فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغا أو محتوما ،ألوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع
الشريعة ،وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين على اإلضراب عن التأويل ،كان ذلك هو الوجه المتبع ،فحق على ذي الدين
أن يعتقد تنزه هللا عن صفات المحدثين ،وال يخوض في تأويل المشكالت ،ويكل معناها إلى الرب تعالى ...،فلتجر آية االستواء
والمجيء ،وقولهِ {:ل َما َخلَ ْقتُ ِب َي َدي} [صَ { ،]75:و َي ْبقَى َو ْجهُ َر ِّبكَ ذُو ْال َجال ِل َواإل ْك َر ِام}[الرحمن ،]27:وقوله {:ت ِ
َجْري
بِأ َ ْعيُ ِننَا} [القمر ،]14:وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرناه" .كتاب( :العقيدة النظامية في األركان
اإلسالمية) ،إمام الحرمين الجويني ،تحقيق وتعليق محمد زاهد الكوثري ،المكتبة األزهرية للتراث1412 ،هـ1992/م(ص-33:
.)34
وقال أيضا في األربعين في أصول الدين في األصل الثاني في التقديس ..." :وأنه مستو على العرش على الوجه الذي قاله،
وبالمعنى الذي أراده ،استواء منزها عن المماسة واالستقرار ،والتمكن والحلول واالنتقال.
ال يحمله العرش ،بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ،ومقهورون في قبضته ،وهو فوق العرش وفوق كل شيء إلى
ثخوم الثرى ،فوقية ال تزيده قربا إلى العرش والسماء ،كما ال تزيده بعدا عن األرض والثرى ،بل هو رفيع الدرجات عن
العرش ،كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى"....كتاب( :األربعين في أصول الدين) ،ألبي حامد الغزالي عني به بوجمعة عبد
القادر مكري ،دار المنهاج الطبعة األولى 1426هـ2006/م (ص)40:
وقال في ..." :العلم بأنه تعالى مستو على عرشه بالمعنى الذي أراد هللا تعالى باالستواء وهو الذي ال ينافي وصف الكبرياء وال
يتطرق إليه سمات الحدوث والفناء وهو الذي أريد باالستواء إلى السماء حيث قال في القرآن{ :ثم استوى إلى السماء وهي
دخان} وليس ذلك إال بطريق القهر واالستيالء كما قال الشاعر :قد استوى بشر على العراق ...من غير سيف ودم مهراق"
.كتاب( :إحياء علوم الدين) ألبي حامد الغزالي ،دار المعرفة -بيروت (.)108 /1