You are on page 1of 7

‫المدخل إلى الفقه الإسلماي‬

‫المحاضرة الثانية‬
‫فضيلة الشيخ راشد بن عثمان الزهراني‬

‫بسم ال الرحنم الرحيم‪ ٍ،‬المحد ل رب العاليم‪ ٍ،‬وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممحدد‪ٍ،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه أجعيم‪.‬ن‬
‫حياكم ال أيها الحبة‪ ٍ،‬لزاال الديث ماتواصلل ماعكم حول تاريخ الفقه السلماي‪.‬ن‬
‫تقدم ماعنا ف الدرس الاضي‪ ٍ،‬تاريخ الفقه السلماي ف عصر التشريع‪ ٍ،‬ف عصر النب ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬واعتمحاد هذا العصر على القرآن‪ ٍ،‬وعلى سنة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪.‬ن‬
‫الصحابة الكرام ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬وعصر الفقه ف حياتم كان ماهلمحا وماثليا جددا كذلك‬
‫لدقة حفظهم وفهمحهم‪ ٍ،‬واستنباطهم الكبي‪ ٍ،‬وحرصهم على اقتفاء ماا جاء عنم النب الكري ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬ن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬كمحا يعلم المحيع حرصهم الشديد على التلقي عنم النب‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬عمحر بنم الطخاب ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬كان يقول‪ :‬كنت أنا وجارر ل مانم‬
‫النصار ف بن أماية‪ ٍ،‬وهي ف عوال الدينة‪ ٍ،‬وكنا نتناوب النزول إل النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ٍ،-‬‬
‫ضا ف‬ ‫ت جئته ببخ ذلك اليوم‪ ٍ،‬وإذا نزل جاءن ببخ ذلك اليوم‪ ٍ،‬وأي ل‬ ‫ينزل يولماا وأنزل يولماا‪ ٍ،‬فإذا نزل ت‬
‫صحيح البخاري عنم عقبة بنم الارث‪ ٍ،‬أنه أخبخته امارأةر أنا أرضعته هو وزاوجته‪ ٍ،‬فكان ف ماكة‪ٍ،‬‬
‫فركب مانم فوره إل النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬وقال‪ :‬يا رسول ال‪ ٍ،‬إن هذه الرأة أتت فأخبختر‬
‫بكذا‪ ٍ،‬وهنا حرصهم على ماعرفة الحكام مانم النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬فقال النب ‪-‬عليه‬
‫الصلة والسلم‪» :‬كيف وقد قيل؟«‪ ٍ،‬ث أمار أن يفارق زاوجته‪ ٍ،‬ث تزوجت بغيه‪.‬ن‬

‫ضا صلةر‬‫وهذا يدل على حرص الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬على تعلم العلم‪ ٍ،‬كان لم أي ل‬
‫وثيقةر بالقرآن الكري‪ ٍ،‬وهناك عدرد كبري مانم الصحابة كانوا يفظون القرآن‪ ٍ،‬ذكر السيوطي عدلدا‬
‫كب ليا مانهم‪ ٍ،‬وذكر ف ماقدماة هؤلء الذينم يفظون القرآن الكري اللفاء الراشدون‪ ٍ،‬كمحا نعلم ف‬
‫بئر ماعونة‪ ٍ،‬تقتل فيها سبعون مانم القراء‪ ٍ،‬وقد اشتهر عدد مانم الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬بالعناية‬
‫بالقرآن‪ ٍ،‬وقد جاء عنم النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪» :‬خذوا القرآن مانم أربعة‪ :‬مانم عبد‬
‫ال بنم ماسعود‪ ٍ،‬ومانم سال‪ ٍ،‬ومانم ماعاذ‪ ٍ،‬ومانم تأبُ بنم كعب«‪.‬ن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬جعوا القرآن ف صدورهم‪ ٍ،‬ث بعد ذلك حدث ماا يسمحى‬
‫بمحع القرآن ف الصحف‪ ٍ،‬ف عهد أبُ بكر‪ ٍ،‬ث ف عهد عمحر‪ ٍ،‬ث كان ف النهاية ف عهد عثمحان‬
‫بنم عفان ‪-‬رضي ال عنه وأرضاه‪.‬ن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬القرآن نزل بلغتهم‪ ٍ،‬وكانوا يعلمحون ماقصود الشريعة مانم‬
‫الحكام‪ ٍ،‬ولذا كانوا يتهدون‪ ٍ،‬وكانوا يتهدون حت ف عصر النبوة‪ ٍ،‬على صاحبها أفضل الصلة‬
‫وأت السلم‪ ٍ،‬سوالء ف حضرته‪ ٍ،‬وهو القليل‪ ٍ،‬أو ف غيابه وهو الكثي‪ ٍ،‬فمحثلل ف حضرة النب ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬كمحا ف غزوة حنيم‪ ٍ،‬لا قام أبو قتادة ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪ :‬كانت الغلبة ف أول‬
‫ت إليه فضربته‬ ‫العركة لنا‪ ٍ،‬للمحسلمحيم‪ ٍ،‬فأتى رجرل مانم الشركيم‪ ٍ،‬فعلى رجلل مانم السلمحيم‪ ٍ،‬فاستدر ت‬
‫ت مانها رائحة الوت‪ ٍ،‬ث سقط الرجل وماات‪ ٍ،‬فقام النب‬ ‫على عاتقه‪ ٍ،‬ث ضمحن الرجل ضمحةل شمح ت‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بعد أن ساروا‪ ٍ،‬فقال‪» :‬مانم قتل قتيلل فله سلبه«‪ ٍ،‬يعن الرجل إذا قتل‬
‫صا ف العركة فله سلبه‪ ٍ،‬ماا لدى هذا الرجل مانم سلدح ومانم ماتادع ومانم ماادل‪ ٍ،‬فهو لنم قتله‪ٍ،‬‬
‫شخ ل‬
‫فقام أبو قتادة‪ ٍ،‬فقال‪ :‬أنا‪ ٍ،‬فلم يشهد له أحرد‪ ٍ،‬ث قام النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وقال‪» :‬مانم‬
‫قتل قتيلل فله سلبه« ‪ ٍ،‬فقام أبو قتادة‪ ٍ،‬فقال‪ :‬أنا ومانم يشهد؟ فلم يشهد له‪ ٍ،‬فلمحا قالا النب ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬ف الثالثة‪ ٍ،‬قام أبو قتادة‪ ٍ،‬فقال‪ :‬أنا يا رسول ال‪ ٍ،‬قال‪» :‬ماا شأنك يا أبا‬
‫قتادة؟«‪ ٍ،‬فأخبخ النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بالبخ‪ ٍ،‬فقام رجرل فقال‪ :‬نعم يا رسول ال‪ ٍ،‬صدق‪ٍ،‬‬
‫هو قتله‪ ٍ،‬وسلب الرجل ماعي‪ ٍ،‬فأرضه عن‪ ٍ،‬يقول‪ :‬يا رسول ال‪ ٍ،‬ابق هذا الال السلب لدي‪ٍ،‬‬
‫وأعطخه أمالرا آخر‪ ٍ،‬فقام أبو بكر‪ ٍ،‬قال‪ :‬ل ها ال إذا‪ ٍ،‬تعمحد إل أسدد مانم تأسد ال فتسلبه مااله‪ ٍ،‬أعد‬
‫ع مانم الجتهاد ف‬ ‫للرجل حقه‪ ٍ،‬قال النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪» :‬أعد للرجل حقه«‪ ٍ،‬وهذا نو ر‬
‫حضرة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪.‬ن‬
‫ضا مانم الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬ف عدم وجود النب ‪-‬صلى‬ ‫كذلك كان الجتهاد أي ل‬
‫يم أحرد‬‫ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬ففي غزوة بن قريظة‪ ٍ،‬لا قال النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪» :‬ل يصل ي‬
‫مانكم العصر إل ف بن قريظة« ‪ ٍ،‬بعض الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬فهمحوا مانم الديث‪ ٍ،‬أن‬
‫النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يثهم على السي‪ ٍ،‬ولكنم ل يعن أن تصلي الصلة بعد وقتها‪ٍ،‬‬
‫فصلى هؤلء الصلة ف الطخريق‪ ٍ،‬ومانهم مانم ترك الصلة حت وصل إل بن قريظة‪ ٍ،‬وصلى الصلة‬
‫بعد وقتها‪ ٍ،‬فقال ابنم القيم ‪-‬رحه ال‪ :‬فهؤلء سلكوا ماسلك أهل الظاهر‪ ٍ،‬الذينم صلوا ف بن‬
‫قريظة‪ ٍ،‬والخرون سلكوا ماسلك أصحاب العان والقياس؛ لنم أخذوا مافهوم المار مانم النب‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أنه يثهم على السراع ف الطخريق‪.‬ن‬
‫ضا اثنان مانم الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهمحا‪ -‬حضرتم الصلة ول يكنم لديهم ماارء‪ ٍ،‬فتيمحمحا‪ٍ،‬‬‫أي ل‬
‫وقبل أن يرج الوقت توجد الاء‪ ٍ،‬فأحدها أعاد الوضوء بالاء وصلى‪ ٍ،‬أعاد الصلة‪ ٍ،‬والخر ل تيعد‪ٍ،‬‬
‫فلمحا أخبخ النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬قال للذي ل تيعد‪» :‬أصبت السنة«‪ ٍ،‬بعن أنه ل يلزماه أن‬
‫يعيد الصلة‪ ٍ،‬وقال للذي أعاد الصلة وتوضأ‪ ٍ،‬قال‪» :‬لك الجر مارتيم«‪.‬ن‬
‫ت مانم الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬ف هذا المار‪ ٍ،‬واجتهاداتم ف‬
‫إذن كان هناك اجتهادا ر‬
‫هذا الباب كثيرة‪.‬ن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬يذكر ابنم القيم ف "نإعلم الوقعيم"ن أن الذي تحفظت عنهم‬
‫الفتوى مانم الصحابة ماائة ونيف وثلثيم نفلسا‪ ٍ،‬هؤلء الذينم تحفظ عنهم العلم مانم الصحابة‬
‫‪-‬رضوان ال عليهم‪.‬ن‬
‫وقد جعلهم ابنم القيم ‪-‬رحه ال‪ -‬ثلث طبقادت‪ ٍ،‬طبقة الكثرينم‪ ٍ،‬وطبقة التوسطخيم‪ ٍ،‬وطبقة‬
‫القليم‪ ٍ،‬فجعل مانم طبقة الكثرينم‪ :‬عمحر بنم الطخاب‪ ٍ،‬وعلي بنم أبُ طالب‪ ٍ،‬وعائشة أم الؤمانيم‪ٍ،‬‬
‫وعبد ال بنم ماسعود‪ ٍ،‬وعبد ال بنم عباس‪ ٍ،‬وزايد بنم ثابت‪ ٍ،‬وعبد ال بنم عمحر‪ ٍ،‬فهؤلء كانوا مانم‬
‫الكثرينم مانم الصحابة ف رواية الفقه‪.‬ن‬
‫قال‪ :‬وهناك التوسطخون‪ ٍ،‬ومانهم‪ :‬أبو بكر الصديق ‪-‬رضي ال عنه‪ ٍ،-‬ومانهم عثمحان بنم عفان‪ٍ،‬‬
‫أبو ماوسى الشعري‪ ٍ،‬أم سلمحة‪ ٍ،‬أبو سعيد الدري‪ ٍ،‬جابر بنم عبد ال‪ ٍ،‬عبد ال بنم عمحرو بنم‬
‫العاص‪ ٍ،‬عبد ال بنم الزبي‪ ٍ،‬وماعاذ بنم جبل‪ ٍ،‬فهؤلء كانوا مانم التوسطخيم‪.‬ن‬
‫هناك القليم‪ ٍ،‬ماثل‪ :‬أبو الدرداء‪ ٍ،‬النعمحان بنم بشي‪ ٍ،‬أم حبيبة‪ ٍ،‬حفصة‪ ٍ،‬أبو عبيدة بنم الراح‪ٍ،‬‬
‫أبو ذر‪ ٍ،‬أبُ بنم كعب‪ ٍ،‬هؤلء يعتبخون مانم القليم ف رواية الديث‪.‬ن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬جعوا القرآن‪ ٍ،‬وجعوا السنة‪ ٍ،‬وكتابة السنة‪ ٍ،‬طبلعا ماا يتعلق‬
‫بالقرآن كان هناك ماا يسمحى بكتبة الوحي‪ ٍ،‬وقد عد بعضهم أربعيم مانم كتبة الوحي‪ ٍ،‬مانهم اللفاء‬
‫ضا أم الؤمانيم عائشة ‪-‬رضي ال عنها‪ -‬أنا كانت تكتب‬ ‫الربعة‪ ٍ،‬وماعاوية‪ ٍ،‬ومانهم مانم ذكر أي ل‬
‫الوحي‪ ٍ،‬وهناك مانم كان يكتب سنة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬والفقهاء والعلمحاء ‪-‬رحهم‬
‫ال‪ -‬يتوقفون ف حكم كتابة سنة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬ورد ف الديث الصحيح أن‬
‫النب ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬قال‪» :‬ل تكتبوا عن شيلئا‪ ٍ،‬ومانم كتب عن شيلئا فليمححه«‪ ٍ،‬فأخذ‬
‫العلمحاء مانم هذا أنه ل يوزا تدوينم السنة‪ ٍ،‬ول كتابتها‪ ٍ،‬بل ذهب بعضهم إل ماا هو أبعد مانم هذا‪ٍ،‬‬
‫ضا أن النب ‪-‬صلى‬ ‫وهو أنه ل يوزا الخذ بالسنة‪ ٍ،‬وإنا تيكتفى بالقرآن‪ ٍ،‬ويستدلون على هذا أي ل‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬لا حضرته الوفاة‪ ٍ،‬قال‪» :‬ائتون بكتادب أكتب لكم كتالبا ل تتلفوا بعدي«‪ٍ،‬‬
‫فقال عمحر‪ :‬النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬به وجع‪ ٍ،‬ولكنم حسبنا كتاب ال‪ ٍ،‬فيه الي والدى‪ٍ،‬‬
‫ضا ل يوزا كتابة سنة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬ولشك أن هذا‬ ‫فقالوا‪ :‬هذا دليرل على أنه أي ل‬
‫القول مارجورح‪ ٍ،‬أولل لنه ورد مانم الحاديث ماا يدل على أن النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أذن‬
‫بكتابة الديث‪ ٍ،‬النب ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬قال‪» :‬اكتبوا لبُ شاه«‪ ٍ،‬عبد ال بنم عمحرو بنم‬
‫العاص كان له صحيفرة‪ ٍ،‬تسمحى الصادقة‪ ٍ،‬ذكر بعض أهل السي أن فيها ألف حديث‪ ٍ،‬وهناك‬
‫جاعة مانم الصحابة كانوا يكتبون عنم النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬فقالوا‪ :‬كيف نمحع بيم‬
‫الديثيم؟ إماا أن يكون الديث الول مانسولخا‪ ٍ،‬حديث النهي عنم الكتابة مانسورخ بذه‬
‫الحاديث‪ ٍ،‬وإماا أن يكون النهي عنم كتابة الحاديث والقرآن ف صفحدة واحددة؛ حت ل يتلط‬
‫القرآن بسنة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬وقد ذكر النووي ‪-‬رحه ال‪ -‬عنم القاضي أن الصحابة‬
‫ف ف هذا المار‪ ٍ،‬لكنم المار فيمحا بعد أصبح إجالعا على جوازا كتابة سنة النب‬ ‫كان بينهم اختل ر‬
‫الكري ‪-‬عليه أفضل الصلة وأت السلم‪.‬ن‬
‫خلصة المار‪ :‬أن عصر الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬كانت الدللة لديهم‪ ٍ،‬أو ف ماصادر‬
‫الفقه كانت القرآن والسنة‪ ٍ،‬واجتهاد الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم وأرضاهم‪ ٍ،-‬فيمحا بعد استقرت‬
‫ماصادر التشريع على أربعة ماصادر‪ :‬القرآن كلم ال ‪-‬سبحانه وتعال‪ ٍ،-‬وسنة النب ‪-‬صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ٍ،-‬والصحيح أن سنة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬إذا صحت سواءل كانت ماتواترلة أو‬
‫ضا المار الثالث‪:‬‬ ‫آحالدا‪ ٍ،‬فإنه يب العمحل با‪ ٍ،‬سوالء ف العقائد‪ ٍ،‬أو ف الحكام‪ ٍ،‬أو ف السلوك‪ ٍ،‬أي ل‬
‫القياس‪ ٍ،‬والقياس مانم ماصادر التشريع السلماي‪ ٍ،‬الت جاءت عنم النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ٍ،-‬‬
‫والقياس كمحا يذكر العلمحاء‪ :‬هو حل فردع على أصدل‪ ٍ،‬ف حكدم جامادع بينهمحا‪ ٍ،‬فله أربعة أركادن‪:‬‬
‫الصل‪ ٍ،‬وهو الذي يسمحى القيس عليه‪ ٍ،‬والفرع وهو القيس‪ ٍ،‬والكم الشرعي الذي يراد إثباته‪ٍ،‬‬
‫والعلة الشتكة بيم الصل والفرع‪ ٍ،‬فلبد أولل ف هذه العلة مانم تريج الناط ث تقيق الناط‪ ٍ،‬ث‬
‫بعد ذلك تنقيح الناط‪ ٍ،‬وماعرفة العلة الصحيحة الت تمحع بيم الصل والفرع‪.‬ن وهناك أدلةر كثيةر‬
‫على جوازا القياس‪.‬ن‬
‫ضا المار الرابع مانم ماصادر التشريع‪ ٍ،‬وهو الجاع‪ ٍ،‬والجاع استدل له الشافعي ‪-‬رحه ال‬ ‫أي ل‬
‫ب ب‬ ‫ب‬
‫يم لرهت ايلتردى روييرتيبيع ري‬
‫غييرر‬ ‫تعال‪ -‬بقول ال ‪-‬سبحانه وتعال‪﴿ :‬رورمانم يترشاقبق اليرتسورل مانم بيريعد رماا تريبري ي ر‬
‫صلببه رجرهنيرم﴾َ ]النساء‪ ٍ،[115 :‬والجاع هو إجاع علمحاء أهل عصر‬ ‫ب‬ ‫بب‬
‫رسببيبل اليتمحيؤمان ر‬
‫يم نيتروله رماا تريرويل رونت ي‬
‫على ماسألدة‪ ٍ،‬فإذا أجع علمحاء أهل عصر على ماسألدة‪ ٍ،‬فإن هذا الجاع يكون على مانم بعدهم‬
‫ث كثير بيم‬ ‫كذلك‪ ٍ،‬ول يوزا نقض هذا الجاع‪ ٍ،‬وماسألة الجاع مانم السائل الت فيها حدي ر‬
‫العلمحاء‪ ٍ،‬بيم إماكانية وقوعه‪ ٍ،‬وعدم إماكانيته‪ ٍ،‬فمحنم العلمحاء مانم قال‪ :‬ل يكنم أن يقع الجاع‪ٍ،‬‬
‫ف ل تيعلبخ بالجاع‪ ٍ،‬وإنا يقول‪:‬‬ ‫ولذا الماام أحد ‪-‬رحه ال‪ -‬ل تيعلبخ ف ماسألدة ليس فيها خل ر‬
‫ل أعرف فيه خللفا‪ ٍ،‬لكنم الجاع الصحيح أنه مكرنم‪ ٍ،‬وخاصةل ف عصر الصحابة ‪-‬رضوان ال‬
‫عليهم‪ ٍ،-‬ومانم بعدهم‪ ٍ،‬فهو مكرنم إذا اجتمحع علمحاء عصدر على أن يمحعوا هذا المار‪ ٍ،‬ويكون بثابة‬
‫إجادع‪.‬ن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬كانوا ف ماكة وف الدينة وبدءوا ماع الفتوحات السلماية بدءوا‬
‫يرجون إل العراق وإل ماناطق أخرى‪ ٍ،‬هذا المار سيبب حركةل علمحيةل فقهيةل ف التعاطي ماع‬
‫الحكام الشرعية‪ ٍ،‬وأصبح لدينا مادرستان كبيتان‪ :‬الدرسة الول‪ ٍ،‬مادرسة أهل الرأي‪ ٍ،‬وهذه كان‬
‫ماقرها ف العراق‪ ٍ،‬والدرسة الخرى‪ ٍ،‬مادرسة أهل الديث وكان ماقرها ف الجازا ف مادينة النب‬
‫صا‪ ٍ،‬لن الرأي إذا كان مابنليا على‬‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ٍ،-‬حينمحا نقول مادرسة الرأي ليس تنق ل‬
‫دليل صحيدح‪ ٍ،‬فال ‪-‬عيز وجيل‪ -‬أمارنا بالنظر وبالستدلل وبعرفة الحكام‪ ٍ،‬فإذا كان مابنديا على‬
‫نظدر صحيدح كمحا يقول ابنم القيم فل يكون ماذماولماا‪ ٍ،‬الرأي الذي ل يبن على دليدل مانم القرآن‬
‫والسنة هو الرأي الذي يكون فيه الذنب‪.‬ن‬
‫عمحر بنم الطخاب ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬يقولون هو النواة الول لظهور مادرسة الرأي‪ ٍ،‬الت فيها‬
‫الستنباط وفيها القياس وماقايسة الماور والنظر فيها والستدلل‪ ٍ،‬كمحا كان يفعل أماي الؤمانيم عمحر‬
‫بنم الطخاب ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬كان إذا وردت عليه ماسألةر يمحع لا كبار الصحابة ‪-‬رضوان ال‬
‫عليهم‪ ٍ،-‬فيسمحع مانم رأي هذا ورأي هذا‪ ٍ،‬ث بعد ذلك يصدر عنم رأيه ‪-‬رضي ال عنه‪.-‬ن‬
‫مانم أشهر مانم صار على طريقة عمحر ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬الصحابُ الليل عبد ال بنم ماسعود‪ٍ،‬‬
‫حت كان عبد ال بنم ماسعود ل يرج عنم رأدي رآه عمحر بنم الطخاب ‪-‬رضي ال عنه‪.‬ن‬
‫ذهب ابنم ماسعود ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬إل العراق‪ ٍ،‬وبدأ ف تكوينم هذه الدرسة‪ ٍ،‬فمحدرسة أهل‬
‫الرأي ف العراق‪ ٍ،‬تأثرت بالصحابُ الليل عبد ال بنم ماسعود ‪-‬رضي ال عنه‪.‬ن‬
‫ضا لبد أن نعلم أمالرا ماهدمحا‪ ٍ،‬الصحابة الذينم ذهبوا إل العراق‪ ٍ،‬كان عددهم قليلل‪ ٍ،‬بينمحا‬
‫أي ل‬
‫الكثرة الكاثرة مانم أصحاب النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هم ف الدينة‪ ٍ،‬فالذينم ذهبوا إل العراق‬
‫كانوا أقل‪ ٍ،‬فوصول الديث إليهم ليس كوصول الديث إل صحابة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫ف الدينة‪.‬ن‬
‫ضا هؤلء مادرسة أهل الرأي‪ ٍ،‬يسمحونه أحيالنا الرائتييم‪ ٍ،‬لاذا؟ لنم يكثرون أرأيت‪ ٍ،‬أرأيت‪ٍ،‬‬
‫أي ل‬
‫فيبحثون ف السائل ويولدونا حت يصلوا إل دليل كل ماسألدة‪.‬ن‬
‫هذا المار ليس ماقبولل ف مادرسة أهل الديث‪ ٍ،‬لاذا؟‬
‫ب مانم‬
‫ت متلفرة‪ ٍ،‬وقري ر‬
‫مادرسة أهل الرأي نشأت ف العراق‪ ٍ،‬والعراق بلرد ماتآدخ‪ ٍ،‬وفيه حضارا ر‬
‫بلد فارس‪ ٍ،‬فهناك ماسائل كثيرة تدث للناس هناك‪ ٍ،‬ل تدث لهل الدينة‪ ٍ،‬فالياة ف الدينة‬
‫أبسط وأسهل بكث دي مانم الياة الت يعيشها أهل العراق ونو ذلك‪ ٍ،‬ولذا بدأت تتباينم هذه‬
‫الدارس بدرسة أهل الرأي‪ ٍ،‬مادرسة أهل الديث‪ ٍ،‬الت تعتمحد على أحاديث النب ‪-‬صلى ال عليه‬
‫ضا تتمحيز مادرسة أهل الرأي بالبت ف أي ماسألدة‪ ٍ،‬بينمحا مادرسة أهل‬ ‫وسلم‪ -‬وعلى الوقوف فيها‪ ٍ،‬أي ل‬
‫الديث‪ ٍ،‬إذا ل يدل الدليل على ماسألدة مانم السائل‪ ٍ،‬كمحا أتى رجرل إل سال ماول أبُ حذيفة‪ٍ،‬‬
‫فسأله ف ماسألدة‪ ٍ،‬قال‪ :‬ل أعرف‪ ٍ،‬فقال‪ :‬رحك ال‪ ٍ،‬مانم أسأل؟ فذهب فسأل‪ ٍ،‬ث عاد إليه‪ ٍ،‬قال‪:‬‬
‫أنا أرضى بقولك‪ ٍ،‬فمحاذا ترى ف هذه السألة؟ فقال له‪ :‬أرأيت إن أخبختك برأيي الن‪ ٍ،‬ث ذهبت‪ٍ،‬‬
‫وتغي رأيي بعد ذلك‪ ٍ،‬كيف أصل إليك؟ فتجد أن لديهم تفلظا مانم القول برأدي ليس له دليرل‬
‫واضرح مانم القرآن‪ ٍ،‬ومانم سنة النب ‪-‬عليه أفضل الصلة وأت السلم‪.‬ن‬
‫مادرسة أهل الديث أنتجت لنا ماا يسمحى بالفقهاء السبعة‪ ٍ،‬وهم الفقهاء البارزاينم ف هذه‬
‫الدرسة‪ ٍ،‬وقد جعهم الناظم ف قوله‪:‬‬
‫روايتهم ليست عنم العلم خارجة‬ ‫إذا قيل مانم ف العلم سبعة أبر‬
‫سعيرد أبو بكر سليمحان خارجة‬ ‫فقل‪ :‬هم عبيد ال عروة قاسرم‬

‫فهؤلء هم الفقهاء السبعة الذينم انتشروا واشتهروا ف الدينة‪ ٍ،‬وتيعرفون باسم الفقهاء السبعة‪ٍ،‬‬
‫والسيوطي وغيه ‪-‬رحهم ال‪ -‬اختلفوا ف عدهم‪ ٍ،‬هناك عدد مانم السأاء ت الجاع عليها‪ ٍ،‬وهناك‬
‫أسأاء ت الختلف فيها‪.‬ن‬
‫وهاتيم الدرستيم بنا لء عليها‪ ٍ،‬تأسست الدارس الت تليها‪ ٍ،‬مادرسة أبُ حنيفة‪ ٍ،‬ومادرسة‬
‫الشافعي‪ ٍ،‬ومادرسة الماام ماالك‪ ٍ،‬ومادرسة الماام أحد ‪-‬رحهم ال رحةل واسعلة‪.‬ن‬
‫لعلنا ‪-‬إن شاء ال‪ -‬ف اللقاء القادم نصصه عنم عصر الذاهب الربعة‪ ٍ،‬الت تأسست‪ٍ،‬‬
‫ونبيم فيه أهم الصطخلحات الت لدى هذه الدارس‪ ٍ،‬نسأل ال ‪-‬عيز وجيل‪ -‬بنه وكرماه أن يوفقنا‬
‫وإياكم جيلعا لا يب ويرضى‪ ٍ،‬وإل لقادء قاددم‪ ٍ،‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬ن‬

You might also like