Professional Documents
Culture Documents
عـلاء خالد
في رحلته الطويلة تلك يصدر ديوانه الول «الجسد عالق بمشيئة حبر«
عام ، 1990وبعــد ســنتين يلحقــه بــديوان «وتهــب طقــس الجســد إلــي
الرمأز« ،ثم «حياة مأبيته« عــام ،1995وفــي العــام نفســه يصــدر أيضــا
«خطوط الضعف« الذي يسجل رحلته إلي واحة سيوه ويمزج فيــه بيــن
سيرته الخاصــة وســيرة الواحــة ،يتوقــف عــن النشــر حــتي عــام 2000
عندمأا يصدر كتاب «المسافر« و Aطرف غائب« الذي يجمع بين القصة
والمقال الطويل والحكايات .لكنـه خلل تلـك الفـترة أصـدر مأـع زوجتـه
سلوي رشــاد والكــاتب مأهــاب نصــر والفنــان مأحمــد أبــو النجــا مأجلتهــم
الفريدة «أمأكنة« التي تعني بثقافــة المكــان .يعــود للشــعر عــام 2006
بديوان «كرسيان مأتقابلن« ثم «تصبحين علي خير« في العــام التــالي،
وهو مأرثية طويلة تحكي العلقة مأع أم غائبــة .فــي 2009يصــدر روايــة
«ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوءا مأن مأكان لخر« يقدم فيها فصل
مأن فصول السكندرية ،إسكندرية الناس العــاديين ،وفــي 2012يكمــل
رحلة التأريخ تلك بـ «وجوه سكندرية« يحكي فيه تاريخ السكندرية عبر
الرمأوز والصور ،يجسد الجانب الخـاص مأـن المدينـة ،فـي العـام نفسـه
يصدر ديوان «تحت شمس ذاكرة أخــري« عــن رحلتــه للمانيــا وإقــامأته
في بيت «هاينرش بل« تلك القامأة التي سيعود إليها مأجددا في روايتــه
الصادرة مأؤخرا «أشباح بيت هــاينرش بــل« .فــي 2014يصــدر ديــوانه
«لمرة واحدة« ويقيم فيه علقة مأجازية مأــع المــوت ،اســتباقا لحــدوثه،
في 2016يعود لكتب السفر فيصدر «أكتب إليك مأن بلد بعيــد« ســجل
فيه رحلته للمغرب والبرازيــل ومأارســيليا والجزائــر وأمأريكــا واليونــان،
وكان قبلها قد أصدر «مأسار الزرق الحزين« الذي سجل فيه رحلته مأع
المــــــرض ،تلــــــك الرحلــــــة الــــــتي غيــــــرت كــــــل شــــــيءا.
كمن يسابق الوقت يفكر علءا خالد في حياته الن ،حتي عندمأا يتحــدث،
فإن الكلمات كأنما تتسابق للخروج ،وراءا كل كلمة ،كلمة أخري ،وخلف
كل فكرة ،أخري تتزاحم في رأسه ،يحاول أن يخرجهــا بأوضــح كلمــات،
حتي تصلني كما يريد ،أشعر أحيانا بضغط الفكار علي رأسه ،وبشــفقته
حيـــــن يـــــدرك أن علـــــي صـــــياغة هـــــذا كلـــــه مأـــــن جديـــــد.
بعد نصف نهار مأن الحديث أشفقت عليه وأنهيــت حوارنــا الممتــد الــذي
لــــــــــــم يقطعــــــــــــه ســــــــــــوي مأــــــــــــرة واحــــــــــــدة
لبعــاد شــخص ظــن أنــه ســيترك ســيارته قبالــة شــرفته الكــبيرة.
ســــــــــــــــــــــفر اللحظــــــــــــــــــــــة الضــــــــــــــــــــــاغطة س
-وقت إصدار العــدد الفــائت مأــن «أمأكنــة« فــي 2014والــذي تضــمن
شهادات عن الثورة ،سألتك عن شهادتك الشخصية ،ولماذا لــم تضــمنها
في العدد ،وقلت إنها ربمــا تظهــر فــي ســياق آخــر ..هــل «أشــباح بيــت
هاينرش بل« هي الــتي كــانت مأقصــودة؟ هــل كنــت بــدأت فــي كتابتهــا
وقتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا؟
ل لم يكن هناك تخطيط .مأا حدث أنه أثناءا الثورة كانت تظهر أيقونــات،
مأشاهد ،وصور ،لم أكن أستطيع التحليل وقتها ،لكن مأا أعرفه أن هنــاك
لحظة ضاغطة علــي الجميــع ،علــي اللغــة وعلــي الفكــار ،فربمــا كنــت
أقــرب للفكــرة الشــعرية ،هــي الوســيلة القــرب ربمــا لهــذا النــوع مأــن
الحداث ،لن أحكي ،لكن أرصد مأشاهد ،مأثل الشاب الــذي يفتــح صــدره
أمأام النيران .هناك رمأزيات كثيرة كــانت تتكــون داخــل اللحظــة ،بعــدها
أدركت أن هذا هو القرب لي ،الرمأزيات التي لها مأشاهد ،أو لها أفكــار،
هذا مأا كان يشغلني وقتها ،لماذا؟ لنها اللحظة السريعة ،لنهــا ل تحتــاج
لتأويلت ،يمكن حملها أثناءا المسير ،وفــي الــوقت نفســه لهــا اكتمالهــا،
ربما يمكن القول إنه لم تكن هناك مأشاهد ناقصة ،كل المشــاهد كــانت
مأكتملة للنهاية ،لن عناصرها كلها كانت مأوجودة ،ربما في لحظة أخري
كنــا ســنحتاج لتــأويلت ،لكــن هــذه المــرة كــان الفعــل الحــداثي كــبير،
المشهد وتفسيره مأتاح أمأامأك ،لــذا وقتهــا لــم أكــن أســجل ســوي هــذه
المشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهد.
وقت بدأت العمل علي الرواية ،سألت نفسي مأــا المناســب؟ مأــا الــذي
يمكن فعله؟ خصوصــا أن الروايــة تقــوم علــي مأشــهد تــذكر ،أنــا لســت
مأحلل ،لكن عندمأا قرأت عن 68مأثل ومأا كتب بعــدها ،شــعرت بالتقــاط
عمق مأا داخل لحظة التحول ،وكان هذا الشكل القرب بالنسبة لي ،لن
يضعني فــي مأــأزق التفســير ،لكــن يحمــل أيقــونه اللحظــة ،ليكــون لهــا
عمقهــــــا ،ومأكانهــــــا الشــــــعري وســــــط الجــــــدل الــــــدائر.
-القامأة حقيقة ،وفــي نفــس الفــترة الزمأنيــة المــذكورة فــي الروايــة..
فـــترة صـــعبة علـــي الجميـــع ،كيـــف اتخـــذت قـــرار الســـفر وقتهـــا؟
فعل كانت حقيقة ،لكــن ليــس بالضــرورة أن يكــون الشــخاص كمــا تــم
ذكرهم في الروايــة ،لكــن الــروح نفســها كــانت مأوجــودة ،كــانت إبريــل
2011تقريبا ،تركت واقع ساخن جدا ،لواقع مأختلف تمامأا ،كنت أشــعر
بالــذنب ،ول أشــعر بالــذنب فــي الـوقت نفســه! كنـت أفكـر فعليــا فــي
الرحيل والعودة ،لن الواقع الذي تركته كــان ضــاغطا جــدا ،كنــت يومأيــا
فــي الشــارع ســواءا فــي القــاهرة أو الســكندرية بــدون أي تفكيــر فــي
الراحة ،كما لو أن الجمع هو الذي يفكر ،كما لو كان النزول ليس قــرارا
فرديـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا.
أتـذكر مأشـهدا غريبـا لكـن دال بالنسـبة لـي ،فـي مأسـيرة مأعينـة ،وكنـا
بانتظار قرار رحيل مأسئول مأا ،ربما كــان شــفيق ،وأمأــام أحــد المحلت
أعلن شخص مأا فجأة أن القرار صدر وأن المسئول رحــل فعل ،وعربــة
الذاعة التي كــانت تصــاحب المســيرة بميكرفونــات أخــذت عنــه الخــبر
ونشرته في المسيرة ،وانتشر الفرح والتهليــل فــي المســيرة بالكامأــل،
بعدها تأكدنا أن الخبر غير صحيح تمامأا وأنه لم يحدث شيءا ،هــذا النــوع
مأن الحـداث يجعلنـي أفكـر فـي القـدرة علـي التـأثير وقتهـا ،أن قشـة
صغيرة قادرة علي تغيير مأسار النهر؛ رغم بساطة الشخص الذي أعلــن
الخبر ،لكن خلفه شيءا مأا جعل لما قاله كل هذا التأثير حــتي ولــو كــان
كذبا أو غير حقيقي ،كنا فعل علي حافة إحساس ،علي حافة وهم ،علــي
حافــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة حقيقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
-وقــــــت القامأــــــة لــــــم تكــــــن تفكــــــر فــــــي الروايــــــة؟
ل .لكــن كنــت أريــد أن أكتــب فقــط .أخــذت مأعــي هــذه المشــاهد أو
المذكرات ،وبدأت هناك العمل عليها .في لحظة مأعينة حدث تداخل بين
مأشهدي اليومأي مأع المجموعة في القامأة ،وبين المشاهد التي جمعتهــا
خلل الثورة ،لكن بعدها بأربع سنوات! وقتهــا لــم أكــن أفكــر فــي هــذا،
كنت أسجل يومأياتي في القامأة ،وفي نفس الوقت أدقق مأا جمعته في
الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورة.
-أخذت بذرة الثورة مأعك لهــذه القامأــة الدبيــة لتفتــح لهــا زمأنــا جديــدا
ليكتمل نمو النص/الثورة .لكنك في الرواية نفسها تتشــكك فــي عمليــة
التهجين تلك ،قلت أنهــا ربمــا تخلــق كائنــا مأشــوها أو بصــفات جديــدة.
الحقيقة أنني أقرب للوصف الخير ..فالمقالت والشخصــيات الحقيقيــة
ربما تذهب بالرواية في اتجاه جديد غير مأعتاد .تقدم الروائي كشخصــية
روائية لكن البطال ل تتطور عبر الحداث ،بل عبر تبــادل الفكــار كأنهــا
في برنامأج واقعي أو فيلم تسجيلي ..هذا الشــكل الكتــابي إضــافة إلــي
إمأكانية الوصول لمعلومأات حقيقة عن الشخصــيات بوصــفها شخصــيات
حقيقية فعل يبعد بالكتاب عن الشكل «التقليدي« للنص الروائي ..كيف
تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــري المســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــألة؟
هذا حقيقي تمامأا .الرواية كما يقال رواية أفكار .التطور كما تقول كــان
في الفكار ،في صــدام الفكــرة مأــع مأثيلتهــا ،والناتــج الــذي يحــدث مأــن
النقاش مأع الكتاب الخرين ،البطولة الحقيقة للفكار التي ليســت كلهــا
لي ،لكن لخرين طوروها وتناقشوا حولها ،الروايــة فــي المجمــل حالــة،
بها مأا يمكن تسميته بالثرثرة الفكريــة ،نــص يحمــل أفكــار كــثيرة ،لكــن
بشكل يجعل الفكرة مأجســمه داخلــه ،ليســت مأحاضــرة نظريــة أقصــد،
كلما حدث ذلك كلما شعرت أني اقتربت مأن تحقيق الشكل المطلــوب.
وربما لن هناك فكرة أكــبر كنــت مأحمل بهــا فــي ذلــك التــوقيت ،ولــول
وجودها كان كل هذا تحول لفكــرة نظريــة ،وكــأني أجــري حــوارات مأــع
مأجموعة مأن الكتاب ،لكن الثورة كانت مأكان جاذب يدير حركة الفكار،
لهــذا حرصــت علــي وجــود المقــالت داخــل النــص ،طبعــا ليســت كلهــا
مأقالت مأنشورة بالفعل ،فهناك مأقالت كتبت لتكمل الفكرة الموجــودة
فــي الروايــة .هــذا الشــكل مأــن الروايــات مأوجــود ،لكنــه قليــل ربمــا.
-هل كانت الثورة تحتاج كل هذه الفترة لتظهر في عمل أدبي؟ ولمــاذا
اخــــــترت أن تظهــــــر فــــــي الروايــــــة بــــــدل مأــــــن الشــــــعر؟
المادة التي جمعتها ظلت مأعي 5ســنوات ،افتحهــا وأغلقهــا ،ول أعــرف
مأاذا أفعل بها ،حتي ظهــرت فكــرة المقــالت ،وقتهــا شــعرت أن هنــاك
حلــول بــدأت تظهــر ،كنــت أبحــث عــن زمأــن آنــي يجتمــع مأــع اللحظــة
المطلقـــة ،مأـــع هـــؤلءا الـــذين يتحـــدثون فـــي مأجـــردات الثـــورة.
-لمــــــــــــاذا لــــــــــــم تظهــــــــــــر فــــــــــــي الشــــــــــــعر؟
الرواية بها الحس الشعري .السمة الغالبة علــي روايــة الفكــار تلــك أن
بها حس شعري ،تلك الفكار الجامأدة أصبح لها «ختمــة« أو «قفلــة« أو
«رنة« كما يقال .أنا مأسـتوحي المنهـج الشــعري داخــل لحظــة الكتابـة،
لكن فعل ل أعرف لماذا لم تظهر الثورة كشعر ،لم أفكر فــي أن أكتــب
قصيدة عن الثورة طوال هذه السنوات ،بالعكس الفكار كانت مأختلفــة
تمامأـــــــــــــــا ،كتبـــــــــــــــت عـــــــــــــــن الخيـــــــــــــــول مأثل!
-ربمــــــــا لنــــــــه ليــــــــس انفعــــــــالي بالنســــــــبة لــــــــك؟
بالفعل .هناك تراكم يحدث ،ولن تستطيع أن تــراه إل بطريقتــك ،ووفقــا
لزمأنك الخاص أيضا ،فبــداخل كــل مأنــا مأقــاييس زمأنيــة مأختلفــة ،مأكــان
خاص يعتق الشياءا ،يضعها في مأكان أعمق ،ويصــنع خلــود مأــا للفكــرة،
هذا المكان بالنسبة لي هو المكان الشعري ،مأعمل الخلود هذا يســتقبل
الفكــار والمشــاهد ويعتقهــا ويحضــرها للظهــور فــي الــوقت المناســب.
لكن الثورة فعلت شيءا آخر خلل تلك القامأة ،فالخر مأنتظر أن يسمع
رأيــــــــــك ،مأنتظــــــــــر أن يســــــــــمع مأنــــــــــك بشــــــــــكل
عام ،ربما باعتبارك الشاهد الوحيد ،هذا الشيءا ربما كان مأجهــدا ،لكنــه
أتاح الفرصة لرؤية المشهد مأن مأكان مأختلف ،ولمراجعة النفــس أيضــا.
لكن فكرة الشبحية مأثل التي ظهرت في الروايــة جــائتني أثنــاءا الكتابــة
الثانية ،الشبحية بمعني أن الرواية مأوجودة فــي مأــرآة ،أن هنــاك شــاهد
آخر لها ،وأنت دائما في حضره هــذا الشــاهد ،شــعرت أن هــذه الفكــرة
تحرك المشاهد باتجاه الفكرة الروائية ،بمعني تعدد الزمأنة والبعــد عــن
الزمأـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن التســـــــــــــــــــــــــــــــــــــجيلي.
-الفكرة الروائية ..هذا بالتحديد مأا أريد أن أسأل عنه ..بشــكل مأباشــر،
لماذا «أشباح بيت هاينرش بل« رواية و«أكتب إليك« ليست كذلك؟ مأــا
الحــــــد الفاصــــــل؟ مأــــــا تعريــــــف الروايــــــة بالنســــــبة لــــــك؟
ببساطة شديدة ،الشخص الموجود في الرواية أعطيته مأســاحة للفكــار
أكبر مأني .بمعنــي أنـه يســتطيع أن يفكــر ويكتــب أن هــذا شــاذ جنســيا،
ويحكم أحكام ربما بها بعض التمييز العنصري ،لكن عندمأا أكتب المقــال
فأنا أسير بانضباط مأغاير ،أقرب لــي أنــا علءا ،لكــن فــي الروايــة هنــاك
مأساحة مأختلفة للعب بالفكار ،فل أفكــر كيــف ســتراني ،علءا الموجــود
في الرواية أخذ مأساحة حرية أكبر مأني بكثير في تحريك الفكــار ،هــذه
المسافة الزائدة هــي مأكــان التخييــل .هــي الروايــة مأــن وجهــة نظــري.
بالضــــــــــــــافة طبعــــــــــــــا للتكــــــــــــــثيف الزمأنــــــــــــــي.
الفكرة في النهاية ليست في نسبة الحقيقة لكــن فــي كيفيــة صــياغتها،
وترتيبها ،وشعريتها« ،لعبة الكرة الزجاجية« لهرمأان هيســه كلهــا أفكــار
بغض النظر عن الحقيقة ،عبدالفتاح كليطو أحد أهم المهتميــن بالشــكل
الدبي ،كتب أن «حصان نيتشه« رواية وهي سيرة أقرب لما كتبــه طــه
حسين ،ترصد مأراحل تعلمه ،حقــائق ،لكــن كيــف صــاغها ،الحقــائق لهــا
بطولـــــــــــــــــة هنـــــــــــــــــا ،عـــــــــــــــــالم كامأـــــــــــــــــل.
السؤال هو هل تحققت المتعة أم ل؟ إدواردو غاليانو لديه حس روائــي،
يحاول صياغة الفكار التاريخية روائيا ،لكن المقطوعة تأتي في مأســاحة
صغيرة مأن التعبير ،فربما ل تجد الشـخاص التاريخيـة تلـك الراحـة أو ل
تجد الفكرة المجال أن تتمدد .أنا أعتقد أن الفكار هنا في «أشباح بيــت
هاينرش بل« أخذت مأداها ،بطولة حقيقية للفكرة ،ولم أبدأها مأن هنــا،
بل مأن «خطوط الضعف« كلمة التناقض في حد ذاتها كــان لهــا بطولــة
في هذا الكتاب ،عندمأا راجعــت نفســي وجــدت ربمــا أنــه شــيءا أصــيل
مأعي ،أقصد تحريك الفكار فــي مأواقــع حيــاتيه مأختلفــة ،حــتي تكتســب
جســــــــــم وشخصــــــــــية ،تصــــــــــبح بطــــــــــل روائــــــــــي.
-تقــول .أو يقــول بطــل الروايــة« :طالمــا يوجــد راو ثــان للــذكريات،
فالذكريات أصبحت مأنزوعة مأن العاطفة الجياشة ،وهو مأا يخشــي مأنــه
في الدب ،ومأا يتجنبه الدب الحديث ذو القشرة المغتربة بصفة عامأــة«
مأا المقصود هنا؟ أل يعتبر الكتاب نفسه مأحاولة ثانية لرواية الذكريات؟
هناك مأساحة للعب داخــل الروايــة .هــذا الكــاتب الموجــود الــذي يكتــب
رواية داخل الرواية ،هناك مأن يكتبه أيضـا ،نـوع مأـن اللعــب بينـي وبيـن
القارئ ،لكني لم ألجأ للشكل مأعروف مأثل كأن يجد الراوي مأــذكرات أو
شيءا مأن هذا القبيل ،لكن جعلت للمأر فتحة مأسرحية ،أن هناك أقــدار
لبد أن تدخل ،ليس بالضرورة أن تكون مأبررة ،وتحدثت فــي المأــر مأــع
أصدقاءا أيضا حول هذه الفكرة ربما لنها مأؤرقة ،وسيصــدر قريبــا عمــل
آخــر يكمــل هــذا الخــط ويوضــح الفكــرة ،بــه هــذا الصــوت الكــبر.
هي فكرة بنيوية ،أن يخرج النص مأنزوع العاطفــة ،بحيــث يكــون مأحايــد
بقدر مأا ،بــدون النــزوع لعواطــف لزجــة أو كلســيكية ،لكــن أشــعر فــي
الحقيقة أننا أصبحنا فــي مأكــان آخــر؛ فــي لحظــة التغييــر الكــبري الــتي
مأررنا بها ،تم إقصاءا نــوع مأــن العاطفــة ،بمعنــي أننــي أتصــور أن هنــاك
راوي جديـد الن ،لـم يصـنف بعـد لكنـه مأوجـود ،شـيءا جديـد ،لـم يتـم
التنظير له ،هناك ذات جديدة داخل المجتمع لــم يتــم النتبــاه لهــا ،ربمــا
تظهر في أنواع مأختلفة مأن الدب كروايــات عـبير مأثل الــتي تكتــب الن
بأشكال مأختلفة ،أقصد أنه كان هناك قنـاة مأعينـة مأـر به ا الدب ،جعلنـا
ننظر لي شيءا مأن خللها ،ونحكم علي الدب مأــن خللهــا ،مأثل أن يتــم
النظر لكتابات هنري مأيللر كروايات ،اقرأ «مأــدار الجــدي« وكلهــا كســر
في النسق اللغوي بشكل سريالي ،تعدد الشكال هناك يتيح ذلــك ،لكــن
قلــة الشـكال عنــدنا أغلـق إمأكانيــة التعــبير لـدي ذوات مأعينـة ،أصـبحنا
نســـــــــــــــتغرب وجـــــــــــــــود هـــــــــــــــذا الصـــــــــــــــوت.
« -أي ثورة مأهما كانت دمأويتها أو نقائها هي ثورة ناقصة« هذه الحكـام
هل كــانت مأوجــودة وقــت تســجيل المشــاهد الولــي ،أم وقــت الكتابــة
الثانيـــــــــــة؟ مأـــــــــــاذا تقصـــــــــــد علـــــــــــي أي حـــــــــــال؟
زوفنكو ،المرافق للبطل في الرحلة لدية ثورة ســابقة ،هــو المســتقبل
بالنسبة له ،كأن مأعه مأستقبل الثورات .لكن الهم بالنسبة لي أن تعتــبر
أن البطل مأخطئ ،قلت لك إنني أتحرك في مأساحة أرحب بكــثير ،هــذا
شخص في رواية ،أحكم عليه ،أنا أعطي لـك هـذه المسـاحة ،قـول إنـه
مأخطئ ،فاشل ،عنصري ،لول مأــرة أشــعر أننــي خلــف هــذا الشــخص،
وأننــــــــي أتحــــــــرك فــــــــي مأســــــــاحة أرحــــــــب بكــــــــثير.
-هل كانت الرواية تحتاج –فنيا -مأا يحرك تفكير القــارئ نحــو مأــا تريــد؟
ربما يكون هذا صحيحا ،لكني دائما مأـا أشـعر أن الشـكل الفنـي يتكـون
تبعا لوعي الشخاص ،بالنسبة لي الشكل أخذ وقتــه حــتي يتكــون بهــذه
الطريقة ،كان هناك قرائن جعلتني مأطمئن لهذا الشكل حتي لو كنــت ل
أعرف بالتحديد مأا هو هذا الشـكل ،لكــن الطبقــات الـتي تكـونت كــانت
مأؤشرا بالنسبة لي ،وبالطبع ليس بالضرورة أن يستقبل القـارئ العمـل
كما أخطط أنا ،لكن حتي لو لم أحقق الشكل المأثــل للتلقــي فأنــا فــي
الطريـــــــــــــــــق لــــــــــــــــه ،هكــــــــــــــــذا أشـــــــــــــــــعر.
جغرافيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا مأتوهمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
-كتابة «الرحلة« شيءا أصيل في تجربتك ،وحتي «أمأكنة« تعتبر امأتداد
لمشروعك في هذا التجاه الذي قدمأت فيه مأؤخرا كتــاب «أكتــب إليــك
مأن بلد بعيد« .بشكل عام لماذا لم يعــد هــذا الشــكل الكتــابي مأنتشــرا،
لمــاذا اختفــي «أدب الــرحلت« ..مأــن الســبب فــي نظــرك :الكتــاب أم
الناشـــــــــــــــــــــــــــــــــــرين أم القـــــــــــــــــــــــــــــــــــراءا؟
لن الثقافة انهارت ،هذا الشكل كان مأوجود في فــترات التعــدد ،مأحمــد
التابعي ،وأحمــد الصــاوي مأحمــد ،وآخريــن كــانوا يسـافرون فــي العــالم
ويكتبون كتابة لطيفة جدا ،وكتاباتهم لم يكن فيهــا حــس الدونيــة ،كــانت
مأناقشات حقيقية مأع الثقافات الخري ،بعد اختفاءا التعدد في المجتمــع،
بعد 52أصبح هناك مأيسم مأعين تمر مأنه نظرتنا للغرب ،لبد أن أقهــره
لنه يقهرني ،الفكرة بعد الكولونياليــة بــدأت تعمــل ،النظريــة السياســة
تحجم الجميع ،حتي الن ،مأن يسافر للغــرب يحمــل مأعــه فكــرة الدانــة
تلــك ،يســافر بغــرض الدانــة ،يقتــص مأنــه ،كأننــا جميعــا أولد للفكــرة
السياسية تلك ،كأنه ل وجــود لفكــار كونيــة تجمعنــا ،قبــل 52لــم تكــن
الفكـــرة السياســـية هـــي الحاكمـــة ،كـــان هنـــاك فكـــرة ليبراليـــة.
هذه الكتابات مأوجودة في كــل مأكــان ،اليــاس كــانيتي فــي رحلتــه عــن
مأراكش مأثل .كشف الطرق الداخلية للحياة هي النقط التي تركز عليهــا
هذه الكتابات ،البحث عن النسان هــو مأــا يحكــم هــذه الكتابــات ،بــدون
أحكام مأسبقة ،لكــن مأجــرد اللقــاءا يرســم تقاطعــات كــثيرة بيــن حيــاته
وحياتنــا ،أتصــور أن هنــاك مأكــان مأــا فــي الحيــاة غيــر المقارنــة يصــنع
تقاطعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات.
-الكتـــاب فعل بعيـــد عـــن أي فكـــرة سياســـية ،إنســـاني تمامأـــا..
الفكر السياسي ضعيف ،لنه يحتاج نصاعة فــي الحكــم ،وشــعار مأعلــن،
قلــت فــي «خطــوط الضــعف« إننــي أريــد أن اكتشــف داخــل المشــهد
الجتماعي الجزءا الذي يخصني .هــذا الجــزءا الــذي يخصــني ربمــا يكــون
مأوجود في أي مأكان ،ولو كان المشــهد الجتمــاعي مأســيس كلــه ،فلــن
أســـــــــــتطيع الوصـــــــــــول لهـــــــــــذا الجـــــــــــزءا أبـــــــــــدا.
هناك شيءا أخر مأهم ،فهذا النــوع مأــن الكتابــات تراكــم لكتابــات أخــري
أشعر بالفعل أنني مأدين لها ،القــراءاة المبكــرة لهــذه الكتابــات ،جعلــت
الكتابة في السفر شيءا حاضر دومأا في ذهني ،ومأشاهدة العــالم وفــق
هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذه الرؤيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
-تقول في «أكتب إليك« إن«الشرق أحـد أمأـراض الغـرب النفسـية«..
غيــــر تقليديــــة هــــذه الفكــــرة ،العكــــس هــــو المطــــروح دائمــــا..
الكتابات التي أنتجها الستشراق جعلت مأــن الشــرق المكــان الروحــي،
والثقافة أحيانا تسيرها الوهام ،فمادية الغرب تبحث عن نقيضها لتكمــل
نفسها ،وربما توجده حتي لو لــم يكــن مأوجــودا ،لن الفكــر أقــوي مأــن
الرؤية ،إل لو أعيد إنتاج الفكرة مأن جديد بــتراكم غيــر رأســمالي ،وغيــر
استعماري .هناك نظرية تسمي الجسم الناقص ،وفيهــا يكمــل الشــخص
الذي فقد عضوا ،عضوه الناقص بالخيال ،العالم أيضــا لــه هــذه الوحــدة
والتكامأل .كـأنه أصــبح هنــاك تصـور عــالمي للثقافــة -يمكـن للشـخاص
تكسيره -لكن هناك مأكان مأا أعلي صاغ هذا التصور وسار علــي نهجــه،
أغلب رحلت الرحالة مأنذ القرن الرابع عشــر لمصــر والشــرق تــبين أن
القادم يأتي بقــانون الخلص ،الرحالــة الفرنســي المعــروف فلــوبير مأثل
اخترع علقات جنسية غير مأوجودة مأع فتاة فــي الصــعيد ،شــيءا يمكــن
تسميته بالجغرافيا المتوهمة ،لماذا؟ لن هناك شخص آخر مأنتظــر هــذه
الصورة ولبد أن تقدمأها له .التجربة الشخصية المفتوحة هي فقــط مأــن
يمكنه تحطيم هذا كله ،رغم كل هذه الكتابات ،طالما أننا ل نعمــل وفــق
نمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذج مأســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــبقة.
-الرغبة في السفر ورائها رغبة في تجاوز المكــان ،رغبــة فــي الخلــود،
وأنت تقول في الكتاب أنــك تمتلــك وعيــا مأهــاجرا مأــع أنــك تعيــش فــي
مأصر ..غربة تغذيها بالمســافات والســفر والترحــال بعيــدا عــن الــوطن،
وفي سياق آخر تقول إن السفر أحد وجوه رد الجميل لخيك ..مأتي بــدأ
لديك الوعي بالسفر ،وهل فكرت في ترك السكندرية في أي مأرحلة؟
فكرت طبعا .لكن الوعي بالسفر بدأ مأعي مأنذ الطفولــة ،بــدأ مأــع ســفر
والدي لرحلة ليطاليا وألمانيا ،كانت فكرة جديدة وغير مأطروحة بكثرة،
ومأع الجامأعة بدأ أخي أيضــا رحلت لليونــان ،هنــا أخــذت المســألة بعــدا
آخر ،ليست في الحكايات التي ينقلها ،لكن روح أخري يأتي بها مأن هذه
العوالم ،ومأن مأكان الخوة ذاك ،فهنــاك روح أخــري تســافر مأعــه ،كــأن
جـــــــــــــزءا مأنـــــــــــــي كـــــــــــــان يســـــــــــــافر مأعـــــــــــــه.
وقت الجامأعة كنت أشــعر أننــي أضــعف مأــن أن أخــوض التجربــة ،لكــن
بعدها ربما في التسعينيات أخــذت القــرار ،وكنــت مأســافر فرنســا فعل،
وتمت الجراءاات وحصلت علي كل الوراق اللزمأة ،لكــن قــامأت حــرب
الخليج فتوقف كل شيءا ،لكنها كانت لحظة مأهمــة جــدا رغــم الخفــاق،
قررت أن كل مأا كنت أخطط لتنفيذه في بــاريس ســأنفذه هنــا ،والــدي
كان في حالة أشبه بالغياب وقتها ،حالة اكتئاب ،قبل وفاته بعام تقريبــا،
ورغم ذلك أخذت قــرار الســفر ،لهــذه الدرجــة كنــت مأمسـوس بــالمأر،
وسافرت وقتها الصــعيد فعل لمــدة أســبوعين ،وبعــدها أصــبح أي مأكــان
مأهم بالنسبة لي ،كأني أمأل فراغات نفسي بالناس والمأكنة ،في البداية
لم تكن حتي تحركني فكرة المتعة وربمــا لــم تكــن تتحقــق أصــل ،لكــن
كنت فقط أريد أن أركب القطار وأنزل في مأحطة ،حتي أعــاود الرحلــة
مأجددا مأــرة أخــري فــي مأكــان مأختلــف ،حــتي لحظــة مأعينــة أحسســت
بأهمية مأا أفعله ،الناس الــذين قــابلتهم والمأــاكن الــتي نزلتهــا أصــبحت
جــــزءاا مأنــــي ،وعــــدت إليهــــم بعــــدها لحــــوارات وتســــجيلت.
لحظ إنني ابن مأجتمع ضــيق ،ابــن الطبقــة المتوســطة ،ولــم يكــن فــي
وقت طفولتي كثير تجارب باستثناءا سفر والدي ثم رحلت أخي بعــدها،
كانت مأصر في السبعينيات والثمانينات تبدو كمجتمع أبدي ل نية للتغيــر
فيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه.
ــــــــــ لكنــــــــك وقتهــــــــا لــــــــم تكــــــــن بهــــــــذا الــــــــوعي؟
طبعا لكن كان هناك إحساس بالكتئــاب ،إحســاس بفقــد الــروح ،هنــاك
شئ كبير ضائع لكنك ل تعرفه ،أذهب للعمل كل يوم لكن بــدون هــدف،
تسيير نظام فقط ،لكــن فــي ســنة 90قــررت إيقــاف هــذا كلــه ،حــدث
صدام مأا ،فكان إشارة بالنسبة لي ،تركــت العمــل ،وقــررت أن أعيــش
«صــايع« بــدون عمــل ،قــررت أن أعيــد النظــر لنفســي داخــل طبقــة
اجتماعيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
ومأجتمــع ضـيق يرســم ويحـدد شـكل الحيـاة ،مأـع بعـض خيـوط الشــعر
والفكار والحلم لكنها ل تستطيع أن تغطــي علــي الكتلــة الكــبيرة غيــر
المفهومأة المحيطة بحياتي ،قرار السفر في هــذه اللحظــة كــان بمثابــة
إعـــادة اكتشـــاف للـــذات مأـــن جديـــد ،فتـــح نفســـي علـــي العـــالم.
-هـــــــــــل تتـــــــــــذكر أول ســـــــــــفر خـــــــــــارج مأصـــــــــــر؟
سنة .95وقتها كان لي صديق في المأارات ،ورتب لي زيــارة لمعــرض
الكتاب ،سافرت مأع دار شرقيات ،وكان المفترض أن تكون أسبوع لكن
استطعت تمديدها لتجول فـي الخليـج لمـدة شــهر كامأــل ،وهـي فكـرة
أحاول تطبيقها دائما أن أمأد فترة القامأة بعد المشــاركة فــي أي حــدث
سواءا كانت ندوة أو مأهرجان ،أبحث عن الجزءا الخاص بي ،بعــدها بعــام
كانت رحلة اليونان مأع سلوي وكتبتها فــي كتــاب بعــد حــوالي 20عــام،
أعتقد أن هذه الرحلــة أسســت لشــيءا مأــا حــول فكــرة الســفر ،كــانت
مأشـــبعة ،لنـــك تتعـــرف علـــي الحيـــاة وحـــدك بـــدون قـــرار ســـابق.
-في «هــاينرش بــل« و«أكتــب إليــك« تركيــز كــبير علــي ثنائيــة الغابــة
والصحراءا وليس البحر كما في كتابات سابقة ،وكمــا هــو مأتوقــع بحكــم
قربـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك مأنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه؟
رغـم البحـر فـإن ثقافتنـا صـحراوية كمـا أعتقـد ،الصـحراءا ربم ا تحقـق
الفكرة الدينية أيضا ،فكرة الذوبان ،عابد الجابري يقول تقريبا إن البحــر
مأعكوس الصحراءا ،هي أصل التكــوين وهــي مأــن تصــنع الثقافــة ،الغابــة
مية فعل ،ليس بها النفتاح ،الغابة تحتويــك ،كأنــك فــي لحظــة ولدة، ررح س
كأنهــا العــالم الكامأــل ،فــي العــالم المفتــوح تصــبح فكــرة اللــه فكــرة
أساسية .الصحراءا ل تحقق ذلك الكتمال ،ل أقصد أن الغابة عالم كامأل
مأقطوع عن اللــه لكــن تصــلح كعــالم لــم يولــد فيــه النســان بعــد ولــم
تكتشف فيـه حــتي السـماءا ،أقصـد أن النســان مأفعـول بـه داخـل هـذا
العالم ،الندي فـي كـل مأكـان ،أنـت مأحـاط بالمـاءا بالفعـل إضـافة إلـي
التشــابك الــذي تغيــب مأعــه الشــمس ،ربمــا تكــون الغابــة فعل المكــان
الصــلي الــذي شــهد ولدة النســان ،الصــحراءا ل يمكــن أن تقــوم بهــذا
الـــــــــدور ،الصـــــــــحراءا ليســـــــــت تجربـــــــــة اســـــــــتقرار.
-أنـــــــــــت حـــــــــــتي ل تبحـــــــــــث عـــــــــــن البحـــــــــــر؟
صحيح .ربما لم يدخل في الحسبان ،حــتي عنــدمأا كنــا فــي اليونــان كنــا
نقطع البحر ليل فل أشعر به ،كأني علي الرض .البحر مأســطح لطيــف،
كـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأرض خضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراءا.
-ل يــوحي لــك بالفكــار نفســها الــتي تطرحهــا الغابــة أو الصــحراءا؟
ربما لنه مأعتاد ..ل أعرف ،ربما مأزاجيتي الشخصية ،ربمــا يكــون مأكــان
التأويل بالنسبة لشخص آخر ،ربما أبحث أنا عن الجمل المركبة كالغابــة
والصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــحراءا.
بالمناسبة ،الشغف بالصحراءا مأوجود عندي مأن الطفولة ،كنا نذهب عند
أقرباءا لنا في كنج مأريوط وكانت صحراءا شاسعة وقتها ،ولم أكن أنــزل
البحر بسبب الحساسية ،هذا المنع ربما شكل حاجز مأــا مأــع البحــر ،لــذا
عندمأا كنا نسافر لكنج مأريوط كنت أنطلق ،كنت أشعر كمن ارتدت إليه
روحه ،لــذا عنــدمأا فكــرت فــي الســفر ســافرت ســيوه وأمأضــيت فــترة
طويلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة هنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاك.
-في الكتابين أيضا شغف كبير واحتفاءا خــاص بالكــل ،بالطعــام بشــكل
عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام؟
الكل والروائــح والصــوات ..الحيــاة اليومأيــة جــزءا مأــن الدب الحــديث،
كطقوس الشاي في اليابان مأثل .لكن بشكل شخصي أنا لم أكــن أحــب
الكل ،حتي سنة 90كان وزني تقريبــا 65كيلــو قبــل أن أتــرك العمــل،
وأنا بهذا الطول لحظ ،أول مأا تركــت العمــل ،أصــبح لــدي نهــم للكــل،
وخلل شهرين قفزت لـ 84كيلو ،كأن جسمي كــان مأضــغوط ربمــا لن
النفسية لم تكن مأرتاحة ،لم يكن الكل مأن المباهج بالنسبة لــي ،بعــدها
أصبحت أتذوق ،بالضافة للخبرة الشخصية التي كونها السفر بعد ذلــك،
السفر يفرض عليك ذلك ،جــزءا مأــن التعــرف علــي المكــان يــدخل مأــن
خلل الكل ،سلوي أيضا تحب ذلك ..المذاقات والتوابل جزءا مأن حياتهــا
وهــــــــــــــــــــــــذا يشــــــــــــــــــــــــجعني جــــــــــــــــــــــــدا.
-سلوي دائما مأوجودة في كل النصوص ،هي أكبر مأــن فكــرة شــريك..
يظهـــــــــر هـــــــــذا فـــــــــي كتاباتـــــــــك كلهـــــــــا تقريبـــــــــا..
الرتباط بسلوي كان في لحظة مأهمة ،كنت غريق ،تعرفــت عليهــا ســنة
90في اللحظة التي تركت فيها العمل وتكــون لــدي الشــغف بالســفر،
وارتبطنا ســنة .95خمـس ســنوات كـانت فيهــا ســند أساسـي قبـل أي
ارتباط رسمي ،كنا نترجم ونتحدث في الفن ،كانت تثبتنــي فــي الحيــاة،
بجانب أنها تنظر إلي العالم بمنظور مأشابه لي ،طبعا كــان هنــاك حيــاة
سابقة لكل مأنا امأتدت 30عامأا تقريبا ،فكان الرتباط بمثابة حياة ثانيــة
لكلنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا.
هناك جانب مأهم أيضــا فبجــانب الشــراكة الحقيقــة هنــاك جــزءا التأويــل
والتحميــل الدبــي ،حــول فكــرة المــرأة والحــب والــزواج لن مأفــردات
التأويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل قليلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
مأـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتراف
-بدأت علقتك بالشعر بمس مأن العتراف أو ربما «التطهــر« .حــاولت
أن يكون الشعر هو الوسيط الذي يطابق بين داخلك والخارج ،قلت هذا
الكلم في إحدي شهاداتك .هل يقوم النثر بهذا الدور الن اســتبدلتها بــــ
«الحقيقـــــــــــــــــــــــــــــــــــة الروائيـــــــــــــــــــــــــــــــــــة«؟
طبعا .في الديوان الول «الجسد عالق بمشــيئة حــبر« صــدرته بمقولــة
لفوكو تقول «ينبغي أن أفترض أن خطابي هذا ل يؤمأن لي طول البقاءا.
وأنني إذ أتكلم ل أتحاشي مأوتي وإنما أؤسســه ،أو بــالحري أننــي أزيــل
كل داخل يية ،في هذا الخارج الذي ل يبالي بحيــاتي ،هــذا الخــارج الــذي ل
يقيــم أي فــرق بيــن حيــاتي ومأــوتي« هــذه فكــرة حساســة جــدا ،إزالــة
الداخلية أل يكون هناك ســوي مأكــان واحــد ،أي العــتراف ،أن أســتطيع
قول كل مأا بداخلي ،هذا «مأس العــتراف« بالنســبة لــي ،وفــي النهايــة
العــتراف جــزءا مأــن التطهــر ،لــو كنــت أســتطيع تحمــل فكــرة وجــود
شخصيتين مأنفصلتين داخلي ربما لم أكن سأقول هذا الكلم ،لكــن فــي
هذه اللحظة لم أكن أتحمل هذا ،لكن في اللحظة الحالية ربما أستطيع،
مأع النضج ربمــا ل يحتــاج داخلــك لفكــرة العــتراف ،هــل يعنــي هــذا أن
الكتابات الحالية ليس بها سرية؟ ل طبعا ،لكنهـا ل تشـكل عبئـا داخلـي،
أشعر أنني أسرب كل شئ حتي لو لم أقله بشكل واضح ،وهذا لم يكن
مأوجودا عندمأا بدأت الكتابة كــان هنــاك شخصــيتين واحــدة فــي الخــارج
وأخــــــــــــــــــــــــري فــــــــــــــــــــــــي الــــــــــــــــــــــــداخل.
تـــــــــــأخر نشـــــــــــر الشـــــــــــعر ،أل يقلقـــــــــــك هـــــــــــذا؟
ليست مأقلقله ،ربما لنها تكررت ،فعدة مأرات أتصور أن الشعر اختفــي
ثم يعود مأرة أخري ،لنني ل أعرف كيف يتحــرك الشــعر ،فقــط أشــعر
الن أن مأساحة النثر أكبر« ،شوف« ،أنا أشــعر أن الشــعر الــذي أكتبــه
سردي بشكل مأــا ،الــديوان الول كــان يتحــرك فــي مأكــان عميــق ،الن
الشعر يأتي مأن مأكان أوسع ..مأشهدي ،لذا أشعر أن العلقة بين الشعر
والنثر قريبة جدا بالنسبة لي ،وأنا مأن البداية لم أكن مأشغول بالتصنيف،
وكنت أسال نفسي دائما ،هل مأا أكتبه شــعر فعل أم ل؟ أنــا الن فعل ل
أهتم بهذا ،حتي في الرواية أحقق فكرة اللتباس تلك ،هل هي رواية أم
ل« ،خطوط الضعف« عمل مأهم جدا بالنســبة لــي ،يعتــبر العمــل الــذي
خرج مأنه كل شئ فيما بعد ،الفكار التي عملت عليها فيما بعــد ،العــالم
المادي كيف يتحول لفكار وشخصيات ومأقاييس ومأعــايير ،هــذا الكتــاب
حقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق هــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذا.
-وفق هذه الفكرة فالشعر ذائب وسط الشكال الخري وربما لن يعود
لشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكله القــــــــــــــــــــــــــــــــــــــديم..
أعتقد هذا .ل أريد أن أتنبــأ لكنــي أعتقــد أن هــذا ســيحدث فعل ،الشــعر
فكــرة جذريــة ،بــدأ يســتعين بــأدوات كــثيرة ليســتعيد نفســه ،بالمشــهد
والحوار ،وغيرها ،لكن فكرة القــول والمآســي ذابــت تمامأــا ،بدايــة مأــن
صلح عبــد الصــبور والمســألة تتغيــر كشــكل شــعري وكتصــور للشــاعر
نفســـــــــــــــه وكقـــــــــــــــدرة علـــــــــــــــي التعـــــــــــــــبير.
-لحظة الثــورة ومأــا بعــدها ربمــا كــانت لحظــة مأناســبة لعــودة الشــعر،
ليتصدر المشهد .لماذا لم يحدث هذا .رغم أن الرواية أفســحت المجــال
لبعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــض الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوقت؟
لن الداخل تغير ،النسان يتشكل وفقا لما حوله ،داخلنا ي يســيلع كالخــارج
تمامأا ،مأقاومأتنا لهذا هو مأ ا يوجـد الشـعرية ،مأقاومأتنـا للتسـليع هـي مأـا
توجد الشعرية ،الذات الشاعرة مأحتلة ،غير الذات الســابقة الــتي كــانت
تصارع الكون؛ نيتشه كل كلمأه شعر ،لمــاذا؟ لنــه يملــك ذاتــه أو هكــذا
يتصور ،لكن نحن ،إنسان جديد ،تم حذف مأناطق أساسية مأــن وجــوده،
ويعمل بجزءا مأا ،هذا الجزءا ل يستطيع أن ينتج شــعرية إل بالتكــاءا علــي
أشكال أخري مأن التعبير ،كما قال مأاركوز «النسان ذو البعد الواحــد«،
هذا مأا حدث بعد عصور التحرر في الســبعينيات والثمانينيــات وجــد فعل
هذا النسان ،فأقصي مأا يستطيعه هو التماس مأـع الهـامأش ،مأـع سـيرة
العائلة ومأوت الب ،ول يمكن أن يقوم شعر علـي الهـامأش فقـط ،لبـد
أن يكون هناك عمق مأا ،عمق وجودي ،وفلسفي ،لذا الشعر الجنــبي ل
يقوم علي التشخيص كما يحــدث هنــا لكــي يتــم إنقــاذ هــذا الكيــان مأــن
الضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمور.
باختصار قلت المأاكن الــتي نبنــي عليهــا شــعريتنا لن إمأكانــات وجودنــا
تقلصت ،لذلك أصبح التداخل بين الشكال مأبــاح جــدا .وعلــي أي حــال،
وبشكل شخصي تمامأــا ،حــتي الن هــل أنــا شــاعر أم ل مأحــل تســاؤل.
-هذا يجرنا لسؤال واسع عن الكتابة ..اللحظة الحالية مأربكة جدا ،علي
مأستوي الكتابة والنشر وحتي التلقي ،كيف تري المســألة وكيــف تنظــر
لنفســـــــــــــــك وســـــــــــــــط هـــــــــــــــذا المشـــــــــــــــهد؟
بداية مأن الخمسينيات كان هناك مأعايير للكاتب ،أو الكاتب المهم ،لكــن
فــي نفــس الــوقت كــانت الرؤيــة مأسيســة إلــي حــد مأــا ،تميــل ناحيــة
المرتبطين باليسار تحديدا ،بداية مأن التسعينيات سقطت هذه الشــكال
الدبية برحيــل أصــحابها ،وتحــرك المجتمــع ناحيــة الســتهلك ،فانهــارت
الجمل المعيارية ،وانفتح ســوق كــبير جــدا ،ومأــع الجيــال الجديــدة فــي
اللفينيات لم يعد هناك وجود لفكرة المعايير مأن الســاس ،انهــار الســد
وظهــــــــرت أشــــــــكال كــــــــبيرة جــــــــدا مأــــــــن التعــــــــبير.
ككتابة ..فهذا الوقت مأــن أنشــط الوقــات علــي مأســتوي الكتــب ،لكــن
الجودة بالنسبة لي ضعيفة ،لكن هذا طــبيعي جــدا لمجتمــع فقــد قــدرته
علي الحكم ،حتي فكرة الدستوبيا الموجودة هنــا ل تعتمــد علــي الحــس
الفلســــــــــــــــفي كمــــــــــــــــا فــــــــــــــــي الغــــــــــــــــرب.
وجدت أشكال كثيرة ،لكن بدون مأرجع تستطيع أن تقيم نفســها داخلــه،
عــدم وجــود هــذا المرجــع النقــدي أو الثقــافي جعــل هنــاك تعــدد فــي
الشكال ،لكن مأحكوم عليها بعــدم الســتمرار .حــتي الشــكال المهمــة،
التي تحافظ علي قيمة ،في عدم وجود حركة حقيقية يمكــن أن يقضــي
عليها .المجتمع ينفض نفسه مأن هذا كله ،أتصور أنه حتي لو كــان هنــاك
مأقروئية مأا في مأجتمعاتنا الحالية ،فــإن المجتمعــات القادمأــة المعتمــدة
علي الديجيتال لن تهتم بهذا كلــه ،الفلم ربمــا ســتأخذ مأســاحة أوســع،
الشـــــــــــــكال المرئيـــــــــــــة ســـــــــــــتحتل المشـــــــــــــهد.
-الكتابـــــــــــــــــــــــــــــــــــة ســـــــــــــــــــــــــــــــــــتنقرض؟
الكتابة مأرتبطة بحس ديني لهذا لن تنقــرض ،لكــن ربمــا لــن يكــون لهــا
مأساحة التأثير الموجودة حاليا ،أو ربما تظهر أشــكال جديــدة ل نعرفهــا.
لكنننا في لحظة مأرحلية كل شيءا فيهــا مأهــدد .النســان الحــالي يخــف
وزنه يومأا بعد يوم ،يتحول لصور وأرقام ،نحن علي أعتاب عــالم جديــد،
ل أعرف إن كنا سنستطيع التعامأل مأعه أم ل ،أو إن كنا «هنتهزق فيــه«
أم ل.
-في رأيــك هــل هنــاك تــأثير مألحــوظ لمواقــع التواصــل علــي الكتابــة؟
بالطبع أثــرت .الفيــس بــوك أصــبح مأجتمعنــا الجديــد ،ســواءا حقيقــي أو
مد بكل اللتباس الموجود به ،أصبح هــو الواقــع، تمثيل ،لكنه مأجتمع مأعت ر
لذلك تجد مأــن يريــد الراحــة يقــول إنــه ســيغلقه شــهر مأثل ،كمــن يريــد
الســفر للصــحراءا للختلءا بنفســه ،الخــروج مأنــه أصــبح يحتــاج لرادة.
تخيل إن تلك الصورة كونت مأجتمع قوي جدا ،تحتاج لرادة حقيقة حــتي
تخرج مأنه! وهو اختيار له ثمن ،تخيل أننا أمأام هذا المنتج الحديث وأكيــد
هنــاك أشــياءا أحــدث ســتظهر ،نحتــاج لفعــل ثــوري حــتي نمنــع تــأثيره.
بالتالي تصبح الكتابة مأوضوع آخر ،نبحث قبلها عن تأثيره علي ذاكراتنــا،
وصورتنا عن أنفسنا ،والتعامأل اليــومأي ،الكتابـة ســتأتي بعــد هـذا كلـه.
أشعر أحيانا أن الفيس بوك ليس اختراعا ،كان سيأتي شئنا أم أبينا ،هــو
تطور لفكرة الصورة ،التسليع ..والنموذج ،كلها خطوات لتوحيــد العــالم
داخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل أشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكال
?https://adab.akhbarelyom.com/newdetails.aspx
id=490496