You are on page 1of 60

‫الدستور المغربي �‬

‫المستجدات‬
‫وحصيلة التفعيل‬
‫‪2017 - 2011‬‬
‫دراســـة على ضــوء ‪ :‬حـــقــــوق اإلنــســـــان‪،‬‬
‫المعـارضة‪ ،‬القضـاء الدستـوري والالمركــزية‬

‫ورقة سياسات‬

‫‪3‬‬
‫المنظمـــة العربيـــــة‬
‫للقــانون الدستوري‬

‫المحرر‪:‬‬
‫ّ‬
‫حسن طارق‬
‫الدستور المغربي‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل (‪)2017-2011‬‬
‫دراسة على ضوء ‪ :‬حقوق اإلنسان‪ ،‬المعارضة‪ ،‬القضاء الدستوري والالمركزية‬

‫النســخة اإللكترونيــة مــن هــذا المنشــور متاحــة برخصــة المشــاع اإلبداعــي ‪ CCL‬نســب المصنــف ‪ -‬غيــر تجــاري ‪-‬‬
‫الترخيـص بالمثـل ‪ 3.0‬ولـك حريـة نسـخ المنشـور وتوزيعـه ونقلـه ألى وسـط أو شـكل‪ ،‬وكذلـك فـي مزجـه وتحويلـه‬
‫وباإلضافـة إليـه‪ ،‬شـريطة أال يكـون ذلـك ألغـراض تجاريـة‪ ،‬وأن تنسـب المنشـور لصاحبـه بطريقـة مناسـبة‪ ،‬وأن‬
‫تقـوم بتوزيـع المنشـور بنفـس شـروط هـذا الترخيـص‪ .‬الطالع علـى الشـروط الكاملـة لهـذه الرخصـة انظـر هـذا‬
‫الرابـط ‪.>/http://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/3.0< :‬‬

‫اآلراء الــواردة بهــذا المنشــور ال تعكــس بالضــرورة آراء المنظمــة العربيــة للقانــون الدســتوري‪.‬‬

‫المنظمة العربية للقانون الدستوري‬


‫حي البحيرة ‪ -‬تونس ‪ -‬الجمهورية التونسية‬
‫هاتف‪)+216( 502 860 71 :‬‬
‫البريد االلكتروني‪contact@dustour.org:‬‬
‫‪www.dustour.org‬‬

‫تم نشر هذا الكتاب بدعم من المؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات‬


‫المحتويات‬
‫‪6‬‬ ‫الملخص التنفيذي‬

‫‪7‬‬ ‫تقديم‬

‫‪ .1‬الحماية الدستورية للحقوق الفردية بين التقدم‬


‫الدستوري وضعف المالءمة التشريعية والتنظيمية ‪10‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪ 1.1‬دستور ‪ 2011‬والتأسيس لدستور حقوق اإلنسان‬

‫‪12‬‬ ‫‪ 2.1‬االعتراف الدستوري بالمرجعيات الدولية لحقوق اإلنسان‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 3.1‬توسيع المشرع الدستوري من الحقـوق والحريات‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 4.1‬االرتقاء بالحريات والحقوق األساسية إلى مصاف المبادئ فوق دستورية‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 5.1‬الحماية الدستورية البعدية للحريات والحقوق األساسية‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 6.1‬الحماية التشريعية للحريات والحقوق األساسية‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 7.1‬الضمانات المؤسساتية لحقوق اإلنسان من دستور ‪2011‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪ 1.7.1‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬


‫‪15‬‬ ‫‪ 2.7.1‬مؤسسة الوسيط‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪ 3.7.1‬مجلس الجالية المغربية بالخارج‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪ 4.7.1‬هيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫خاتمة‬
‫المحتويات‬
‫‪ .2‬المعارضة البرلمانية في الدستور المغربي‪:‬‬
‫‪17‬‬ ‫التحول وحدوده‬
‫‪18‬‬ ‫‪ 1.2‬عناصر التحول الدستوري في وضعية المعارضة البرلمانية‬

‫‪18‬‬ ‫‪ 1.1.2‬التحديد القانوني للمقصود بالمعارضة‬


‫‪18‬‬ ‫‪ 2.1.2‬ضمان الحماية الدستورية والقانونية للمعارضة‬
‫‪19‬‬ ‫‪ 1.2.1.2‬دسترة مفهوم "المعارضة"‬
‫‪19‬‬ ‫‪ 2.2.1.2‬تمكين المعارضة من حقوق خاصة ‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 2.2‬عوائق التحول في وضعية المعارضة البرلمانية‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 1.2.2‬على مستوى اإلطار القانوني‬


‫‪21‬‬ ‫‪ 1.1.2.2‬غموض مفهومها القانوني ‬
‫‪22‬‬ ‫‪ 2.1.2.2‬محدودية حقوقها الخاصة‬

‫‪23‬‬ ‫‪ 2.2.2‬على مستوى تفعيل الحقوق المخولة لها ‬


‫‪23‬‬ ‫‪1.2.2.2‬موقف األغلبية البرلمانية‬
‫‪23‬‬ ‫‪ 2.2.2.2‬موقف القضاء الدستوري ‬

‫‪25‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪ .3‬القضاء الدستوري بين التأويل الرئاسي‬


‫‪27‬‬ ‫والتأويل البرلماني‬
‫‪28‬‬ ‫المرحلة األولى‬
‫‪28‬‬ ‫المرحلة الثانية‬
‫‪29‬‬ ‫المرحلة الثالثة‬
‫المحتويات‬
‫‪ 1.3‬القضاء الدستوري بين تحصين استقاللية هيئات الحكامة‪،‬‬
‫وتكريس األثر المهيكل للقانون التنظيمي المتعلق بالتعيين‬
‫‪30‬‬ ‫في مناصب المسؤولية ‪ :‬في إرهاصات تأويل رئاسي للدستور‬

‫‪ 2.3‬القضاء الدستوري ومسألة تنصيب الحكومة ‪:‬‬


‫‪32‬‬ ‫في ترسيخ التأويل الرئاسي للدستور‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪ .4‬تحوالت‪ ‬التنظيم الدستوري للسلطات‪ ‬المحلية‬


‫‪39‬‬ ‫في‪ ‬المغرب‪ ‬من‪ ‬خالل دستور‪2011 ‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪ 1.4‬أسس التأطير الدستوري لالمركزية اإلدارية في دستور ‪2011‬‬

‫‪ 2.4‬حدود التأطير الدستوري لالمركزية اإلدارية‬


‫‪43‬‬ ‫في دستور ‪2011‬‬

‫‪46‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪47‬‬ ‫خاتمة عامة ‬

‫‪50‬‬ ‫الهوامش ‬

‫‪58‬‬ ‫حول المحرر‬


‫ يذيفنتلا صخلملا‬ ‫‪6‬‬

‫الملخص التنفيذي‬
‫تســعى هــذه الدراســة إلــى تحليــل أربعــة محــاور متقاطعــة وذات العالقــة بأهــم‬
‫المســتجدات التــي عرفتهــا الوثيقــة الدســتورية لســنة ‪ ،2011‬يتعلــق األمــر بالحمايــة‬
‫الدســتورية للحقــوق الفرديــة بيــن التقــدم الدســتوري وضعــف المالئمــة التشــريعية‬
‫والتنظيميــة ‪ ،‬المعارضــة البرلمانيــة فــي الدســتور المغربــي بيــن أهميــة التحــول‬
‫وحــدوده ‪ ،‬القضــاء الدســتوري بيــن التأويــل الرئاســي والتأويــل البرلمانــي ‪ ،‬وأخيــرا‬
‫تحــوالت التنظيــم الدســتوري للســلطات المحليــة ‪.‬‬

‫ينطلــق التحليــل مــن خــال اســتثمار المفاتيــح األساســية التــي قمنــا بتطويرهــا فــي‬
‫كتابــات ســابقة ‪،‬خاصــة منهــا مــا يتعلــق بالتوتــرات المهيكلــة للدســتور المغربــي ‪،‬وأساســا‬
‫للتوتر"االســتراتيجي" الحاصــل بيــن القراءتيــن البرلمانيــة والرئاســية‪ ،‬ثــم مــن خــال تمحيــص‬
‫فرضيتيــن مركزيتيــن‪.‬‬

‫تتعلــق الفرضيــة األولــى‪ :‬بمــدى اســتيعاب الدســتور المغربــي لضمانــات حقــوق األفــراد‬
‫وتدعيــم حقــوق المعارضــة البرلمانيــة وإرســاء قضــاء دســتوري مســتقل قــادر علــى حمايــة‬
‫الحقــوق الدســتورية وضبــط التــوازن بيــن الســلطات وإقــرار تنظيــم محلــي يعطــي اختصاصــات‬
‫للجماعــات الترابيــة‪.‬‬

‫وترتبــط الفرضيــة الثانيــة‪ :‬بتقييــم الممارســة الواقعيــة للمســتجدات الدســتورية‪ ،‬ومــدى تفعيــل‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫التطــورات الدســتورية ذات الصلــة بحقــوق األفــراد وبضمانــات المعارضة وباســتقاللية القضاء‬
‫الدســتوري وتماســك التنظيــم المحلي‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫ميدقت‬

‫تقديم‬
‫انطلقــت مرحلــة النقــاش العمومــي حــول اإلصــاح الدســتوري لســنة ‪ 2011‬بعــد‬
‫ســقوط نظــام الرئيــس التونســي زيــن العابديــن بــن علــي‪ 1‬وخــروج "حركــة ‪20‬‬
‫فبرايــر" فــي المغــرب‪ 2‬مطالبــة بإصالحــات سياســية واقتصاديــة واجتماعيــة عجلــت‬
‫بخطــاب ملكــي فــي التاســع مــن مــارس ســنة ‪ 2011‬برهــن علــى التفاعــل الســريع‬
‫وفتــح المجــال لإلصــاح الدســتوري‪.‬‬
‫مــع احتجاجــات الشــارع المغربــي‪َ ،‬‬

‫الغــرض منهــا اإلصغــاء والتشــاور مــع‬ ‫عيــن الملــك لجنــة استشــارية‪َ ،‬‬‫وفــي هــذا الســياق‪َّ ،‬‬
‫المنظمــات الحزبيــة والنقابيــة ومــع الفعاليــات الشــبابية والجمعويــة والفكريــة والعلميــة‬
‫المؤهلــة وتلقــي تصوراتهــا بشــأن مراجعــة الدســتور؛ لترفــع إلــى الملــك حصيلــة أعمالهــا؛‬
‫حيــث اســتقبلت اللجنــة االستشــارية أغلــب األحــزاب السياســية والنقابــات المهنيــة وعــددا غيــر‬
‫المقاربــة التشــاركية التــي كانــت مبنيــة‬
‫قليــل مــن مكونــات المجتمــع مــن خــال اعتمادهــا علــى ُ‬
‫باألســاس علــى هاجــس امتصــاص الغضــب الشــعبي‪.‬‬

‫لقــد شــكل ســياق تبلــور دســتور ‪ ،2011‬انعطافــة حاســمة فــي مســار "النمــوذج المغربــي‬
‫لإلصــاح"‪ ،‬الــذي تكــرس منــذ بدايــة األلفيــة الثالثــة‪ ،‬وهــو نمــوذج‪ ،‬تأســس علــى نجــاح الدولــة‬
‫فــي تحويــل النقــاش مــن اإلطــار الماكــرو سياســي‪ ،‬إلــى إطــارات جزئيــة‪ :‬القضــاء‪ ،‬الجهويــة‪،‬‬
‫التنميــة البشــرية‪ ،‬حقــوق اإلنســان‪ ...‬ثــم االنطــاق مــن خطــاب اإلصــاح كمرجعيــة واضحــة‬
‫للسياســات العموميــة مــع الحــرص علــى إعطائــه أبعــادا أكثــر تقنيــة وأقــل تسيســا‪ ،‬حيــث‬
‫يختــزل فــي مــا ســمى بالحكامــة ممــا جعــل خيــار التحديــث ينتصــر علــى خيــار الدمقرطــة‪...‬‬
‫وأخيــرا ارتكــز هــذا النمــوذج علــى تحكــم الدولــة فــي أجنــدة اإلصالح عبــر "تأميمهــا" إليديولوجيا‬
‫اإلصــاح التــي أصبحــت جــزءا مــن المشــترك العمومــي‪ ،‬ممــا كســر احتكاريــة الحقــل الحزبــي‬
‫إلنتــاج مطالــب اإلصــاح‪ ،‬خاصــة مــع قــدرة الدولــة علــى بلــورة مرجعيــات حديثــة لإلصــاح‬
‫(تقريــر اإلنصــاف والمصالحــة‪ ،‬تقريــر الخمســينية‪ )...‬بــل ونجاحهــا فــي عمليــة "اختصــار دورة‬
‫المطالــب" حيــث لــم تبقــى الدولــة أســيرة لمطالــب المجتمــع واألحــزاب بقدرمــا خلقــت آليــات‬
‫مؤسســية وموضوعاتيــة إلنتــاج المطالــب والتوصيــات وتشــغيل "التغديــة الذاتيــة" للنظــام‬
‫السياســي‪.‬‬

‫لكــن هــذا النمــوذج تبينــت محدوديتــه مــع آثــار الحــراك اإلقليمــي الــذي انطلــق فــي عــام‬
‫‪ 2011‬وشــكلت ديناميــة ‪ 20‬فبرايــر امتــداده المغربــي‪ ،‬خاصــة باعتبارهــا طلبــا مكثفــا علــى‬
‫السياســة وعلــى اإلصــاح الدســتوري الشــامل‪ ،‬وبقراءتهــا كلحظــة حاملــة لمعادلــة جديــدة‬
‫لإلصــاح السياســي والدســتوري‪ ،‬معادلــة تتجــاوز "المحــاورة الثنائيــة" التــي ظلــت تطبــع‬
‫ملــف اإلصالحــات المؤسســاتية‪ ،‬بيــن األحــزاب وبيــن الدولــة‪ ،‬ممــا يطــرح الســؤال حــول حــدود‬
‫التحــوالت العميقــة فــي النســيج االجتماعــي وهــل توحــي بميــاد‪ ،‬مــا يســميه بعــض الباحثيــن‪،‬‬
‫مجتمــع المواطنيــن القــادر علــى التعبيــر الذاتــي عــن مطالبــه دون الحاجــة إلــى المــرور الحتمــي‬
‫عــن طريــق الوســاطات "التقليديــة" خاصــة مــع التوفــر علــى إمكانيــات ولــوج ســهل إلــى‬
‫"الفضــاء العمومــي"‪.‬‬
‫ميدقت‬ ‫‪8‬‬

‫إن ســياق دســتور ‪ ،2011‬ال يرتبــط فقــط بعــودة اإلشــكالية الدســتورية إلــى الواجهــة كعقــدة‬
‫مركزيــة ألي إصــاح‪ ،‬وبالحاجــة إلــى إصــاح "السياســة" و"المؤسســات"‪ ،‬ولكنــه يرتبــط‬
‫بالعمــق المجتمعــي الــذي انطلقــت منــه المطالــب الدســتورية وبــدور الشــارع فــي احتضــان‬
‫هــذه المطالــب‪ ،‬ثــم باتســاع غيــر مســبوق لدائــرة الحــوار العمومــي حــول قضايــا الدســتور‪.‬‬

‫الشــك أن هــذه الشــروط التاريخيــة التــي أطــرت مسلســل بلــورة دســتور ‪ ،2011‬قــد انعكســت‬
‫بالضــرورة علــى طبيعــة هــذه الوثيقــة‪ ،‬فعمــق المطالــب الدســتورية والطريقــة التــي قدمــت‬
‫بهــا‪ ،‬والخلفيــة اإلقليميــة الضاغطــة‪ ،‬جعلــت موضــوع ومضمــون اإلصــاح الدســتوري ينتقــل‬
‫مــن دائــرة ضبــط التــوازن بيــن البرلمــان والحكومــة‪ ،‬إلــى دائــرة أكثــر أهميــة وهــي توزيــع‬
‫الصالحيــات داخــل الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬ومــن جهــة اخــرى أدى انفتــاح الحــوار العمومــي حــول‬
‫المراجعــة الدســتورية‪ ،‬علــى المجتمــع المدنــي والحركــة الجمعويــة إلــى صياغــة دســتور ال تعتبــر‬
‫الســلطة والمؤسســات هاجســه الوحيــد‪ ،‬بقــدر مــا يجســد كذلــك دســتورا للمواطنــة وللحقــوق‪.‬‬

‫أمــا مرحلــة مــا بعــد دخــول دســتور ‪ 2011‬حيــز التنفيــذ‪ ،‬فقــد كانــت مطبوعــة بالجــدل السياســي‬
‫حــول تفعيــل وتأويــل نصــوص الدســتور واحتــرام روحــه؛ حيــث َخيــم نقــاش سياســي داخــل‬
‫المشــهد السياســي المغربي يرفع شــعار تفعيل الدســتور‪ ،‬اســتخدمته الحكومة لبناء َ‬
‫وشــرعنة‬
‫برامجهــا وسياســتها العموميــة والقطاعيــة‪ ،‬كمــا أن المعارضــة البرلمانيــة اعتمــدت فــي جــزء من‬
‫اســتراتيجيتها وخطاباتهــا علــى مســألة الضغــط علــى الحكومــة وتحميلهــا مســؤولية التماطــل‬
‫فــي تفعيــل الدســتور‪ ،‬وتأثــرت هــذه المرحلــة بالســياق االحتجاجــي والسياســي للــدول العربيــة‪،‬‬
‫ممــا جعــل إعمــال وتأويــل الدســتور فــي المغــرب يتأرجــح بيــن النفــس الديمقراطــي والتفســير‬
‫الســلطوي‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫لكــن الواقــع أن مرحلــة االختبــار الحقيقــي للدســتور ووضــع مقتضياتــه أمــام محــك الممارســة‬
‫بعــد نهايــة الواليــة التشــريعية األولــى التــي تلــت دخــول الدســتور حيــز التنفيــذ‪ ،‬وتنظيــم‬
‫انتخابــات تشــريعية فــي الســابع مــن أكتوبــر مــن ســنة ‪ 2016‬لفــرز حكومــة جديــدة‪ ،‬حيــث عرفــت‬
‫هــذه المرحلــة بــروز العديــد مــن اإلشــكاالت واألســئلة الدســتورية والسياســية التــي أفرزتهــا‬
‫بعــض البياضــات والفراغــات الدســتورية وتميــزت هــذه المرحلــة بســيادة نقــاش عمومــي‬
‫سياســي‪/‬إعالمي يبحــث علــى حلــول ســريعة وعلــى إجابــات شــبه جاهــزة فــي الدســتور لــكل‬
‫اإلشــكاالت الدســتورية والسياســية بمــا فيهــا القضايــا التــي ال عالقــة لهــا بالنــص الدســتوري‪.‬‬

‫وبنــاء علــى هــذا التقديــم‪ ،‬تســعى هــذه الدراســة إلــى تحليــل أربعــة محــاور متقاطعــة وذات‬
‫العالقــة بأهــم المســتجدات التــي عرفتهــا الوثيقــة الدســتورية لســنة ‪ ،2011‬مــن خــال‬
‫اســتثمار المفاتيــح األساســية التــي قمنــا بتطويرهــا فــي كتابــات ســابقة‪ ،‬خاصــة منهــا مــا‬
‫يتعلــق بالتوتــرات المهيكلــة للدســتور المغربــي‪ ،‬وأساســا للتوتر"االســتراتيجي" الحاصــل بيــن‬
‫القراءتيــن البرلمانيــة والرئاســية‪ ،‬ثــم أساســا مــن خــال تمحيــص فرضيتيــن مركزيتيــن‪.‬‬

‫تتعلــق الفرضيــة األولــى‪ :‬بمــدى اســتيعاب الدســتور المغربــي لضمانــات حقــوق األفــراد‬
‫وتدعيــم حقــوق المعارضــة البرلمانيــة وإرســاء قضــاء دســتوري مســتقل قــادر علــى حمايــة‬
‫الحقــوق الدســتورية وضبــط التــوازن بيــن الســلطات وإقــرار تنظيــم محلــي يعطــي اختصاصــات‬
‫للجماعــات الترابيــة‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫ميدقت‬

‫وترتبــط الفرضيــة الثانيــة‪ :‬بتقييــم الممارســة الواقعيــة للمســتجدات الدســتورية‪ ،‬ومــدى تفعيــل‬
‫التطــورات الدســتورية ذات الصلــة بحقــوق األفــراد وبضمانــات المعارضة وباســتقاللية القضاء‬
‫الدســتوري وتماســك التنظيــم المحلي‪.‬‬

‫وارتباطــا بالفرضيــات المومــأ إليهــا أعــاه‪ ،‬يمكــن طــرح األســئلة التاليــة‪ :‬كيــف تمثلــت وتصــورت‬
‫النخــب السياســية هــذه التحــوالت الدســتورية؟ وهــل نجحــت فــي تفعيلهــا علــى مســتوى‬
‫الممارســة العمليــة؟ أم ظلــت وفيــة للثقافــة الدســتورية والسياســية لمرحلــة مــا قبــل‬
‫دســتور‪2011‬؟ وهــل اســتطاعت المؤسســات التمثيليــة مواكبــة ومســايرة فلســفة المشــرع‬
‫الدســتوري التــي تشــكل امتــدادا لدســاتير مــا بعــد "انفجــارات" ‪2011‬؟ أم تأثــرت بالتحــوالت‬
‫واالرتــدادات التــي عرفتهــا العديــد مــن الــدول العربيــة نتيجــة تراجــع النفــس االحتجاجــي وتعقــد‬
‫مســار االنتقــال الســلمي الســلس فــي بعــض األنظمــة السياســية العربيــة‪.‬‬

‫ولتفكيــك وتحليــل الفرضيتيــن المشــار إليهــا أعــاه‪ ،‬ولإلجابــة علــى األســئلة الســابق ذكرهــا‪،‬‬
‫ســيتم االعتمــاد علــى الخطاطــة المنهجيــة التاليــة‪:‬‬

‫‪1.1‬الحمايــة الدســتورية للحقــوق الفرديــة بيــن التقــدم الدســتوري وضعــف المالءمــة‬


‫التشــريعية والتنظيميــة‪.‬‬

‫‪2.2‬المعارضة البرلمانية في الدستور المغربي‪ :‬التحول وحدوده‬

‫‪3.3‬القضاء الدستوري بين التأويل الرئاسي والتأويل البرلماني‬

‫‪4.4‬تحوالت التنظيم الدستوري للسلطات المحلية‬


‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪.1‬‬
‫الحماية‪ ‬الدستورية‬
‫للحقوق‪ ‬الفردية‬
‫بين‪ ‬التقدم‪ ‬الدستوري‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫وضعف‪ ‬المالءمة‬
‫التشريعية والتنظيمية‬
‫‪11‬‬ ‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬

‫‪ .1‬الحماية‪ ‬الدستورية‪ ‬للحقوق‪ ‬الفردية‬
‫بين‪ ‬التقدم‪ ‬الدستوري‪ ‬وضعف‪ ‬المالءمة‬
‫التشريعية والتنظيمية‬
‫عمــل المغــرب علــى دســترة الحقــوق والحريــات منــذ دســتوره األول‪ ،‬الصــادر فــي ‪،1962 14‬‬
‫‪3‬‬

‫هــذا األخيــر الــذي نــص علــى بعــض الحقــوق والحريــات فــي إطــار مقاربــة تــازم الحقــوق‬
‫بالواجبــات‪.‬‬

‫وفــي هــذا الســياق‪َ ،‬خصــص المشــرع فــي ظــل الدســاتير الثالثــة األولــى (دســتور ‪،1962‬‬
‫دســتور ‪ 4،1970‬دســتور ‪ )51972‬البــاب األول‪ ،‬الموســوم بأحــكام عامــة‪ ،‬للحقــوق والحريــات‬
‫الــذي يتجــزأ إلــى ثالثــة محــاور‪َ 6:‬يهتــم المحــور األول بالمبــادئ األساســية‪ 7،‬ويعالــج المحــور‬
‫الثانــي حقــوق المواطــن السياســية‪ 8،‬ويتعــرض المحــور الثالــث لحقــوق المواطــن االقتصاديــة‬
‫‪9‬‬
‫واالجتماعيــة‪.‬‬

‫ولمــا نُ طالــع بتفصيــل دقيــق مــا ورد فــي البــاب األول مــن الدســاتير المغربيــة الثالثــة األولــى‬
‫َ‬
‫ــــ (‪ )1972– 1970– 1962‬ــــ نجــد أن هنــاك تداخــا بيــن أســس النظــام الدســتوري والحقــوق‬
‫والحريــات وااللتزامــات‪ ،‬وهــذا مــا يعنــي أن الفصــول المخصصــة للحقــوق والحريــات ال تتجــاوز‬
‫تســعة فصــول دســتورية‪ 10،‬بمــا فيهــا مســاواة المغاربــة أمــام القانــون‪ 11،‬وبتقلدهــم للوظائــف‬
‫والمناصــب العموميــة ومســاواة المــرأة والرجــل فــي التمتــع بالحقــوق السياســية‪ 12،‬وضمــان‬
‫حريــات التعبيــر والتجــول واآلراء وتأســيس الجمعيــات واالنخــراط فــي المنظمــات النقابيــة‬
‫والسياســية‪ 13،‬وعــدم انتهــاك حرمــة المنــزل وتفتيشــه‪ 14‬وســرية المراســات‪ 15‬إال طبــق‬
‫الشــروط واإلجــراءات المنصــوص عليهــا فــي القانــون‪.‬‬

‫أمــا الحقــوق االقتصاديــة واالجتماعيــة‪ ،‬فقــد خصــص لهــا المشــرع ثالثــة فصــول تتعلــق بحــق‬
‫‪18‬‬
‫المواطنيــن علــى الســواء فــي التربيــة والشــغل‪ 16،‬واإلضــراب‪ 17،‬والملكيــة الخاصــة‪.‬‬

‫وفــي ذات المنحــى‪ ،‬حافــظ المشــرع فــي دســتوري ‪ 191992‬و‪ 201996‬علــى نفــس الحقــوق‬
‫والحريــات التــي تضمنتهــا الدســاتير الســابقة‪ ،‬وعــزز المشــرع الدســتوري وضعيــة الحقــوق‬
‫باإلشــارة فــي تصديــر الدســتور بــأن الدولــة تتعهــد بالتــزام مــا تقتضيــه مواثيقهــا مــن مبــادئ‬
‫وحقــوق وواجبــات وتؤكــد تشــبثها بحقــوق اإلنســان كمــا هــي متعــارف عليهــا عالميــا‪.‬‬
‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 1.1‬دستور ‪ 2011‬والتأسيس لدستور حقوق اإلنسان‬


‫فتــح خطــاب ‪ 9‬مــارس ‪ 2011‬النقــاش العمومــي حــول إصــاح الدســتور‪ 21،‬مــن خــال دعــوة‬
‫الخطــاب الملكــي إلــى "ترســيخ دولــة الحــق والمؤسســات وتوســيع مجــال الحريــات الفرديــة‬
‫والجماعيــة وضمــان ممارســتها وتعزيــز منظومــة حقــوق اإلنســان بــكل أبعادهــا‪ ،‬السياســية‬
‫واالقتصاديــة واالجتماعيــة والتنمويــة والثقافيــة والبيئيــة وال ســيما بدســترة التوصيــات‬
‫الوجيهــة لهيــأة اإلنصــاف والمصالحــة وااللتزامــات الدوليــة للمغــرب‪ ...‬ودســترة هيئــات الحكامة‬
‫الجيــدة وحقــوق اإلنســان وحمايــة الحريــات"‪.‬‬

‫وضمــن هــذا الســياق‪ ،‬انخرطــت األحــزاب السياســية ومنظمــات المجتمــع المدنــي الحقوقيــة‬ ‫ِ‬
‫فــي الحــوار العمومــي حــول اإلصــاح الدســتوري الــذي خلــق تقاطبــات واختالفــات حــادة حــول‬
‫التصــورات المقترحــة فــي المــادة الحقوقيــة‪.‬‬

‫وفــي هــذا اإلطــار‪ ،‬طالبــت الجمعيــات الحقوقيــة‪ 22‬بالعديــد مــن االقتراحــات‪ ،‬تتمحــور فــي‬
‫االعتــراف بأولويــة وســمو التشــريع الدولــي علــى القوانيــن الوطنيــة‪ 23،‬ودســترة الحريــات‬
‫والحقــوق األساســية‪ ،‬وخاصــة الحــق فــي الحيــاة‪ ،‬والحــق فــي الســكن الالئــق‪ ،‬والحــق فــي‬
‫التعليــم والشــغل والصحــة والتفكيــر والتعبيــر‪ ،‬والحــق فــي المســاواة بيــن الجنســين فــي‬
‫الحقــوق المدنيــة والسياســية واالقتصاديــة والثقافيــة واالجتماعيــة‪...‬‬

‫‪ 2.1‬االعتراف الدستوري بالمرجعيات الدولية لحقوق‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫اإلنسان‬
‫لقــد أجــاب المشــرع الدســتوري عــن إشــكالية العالقــة بيــن تصديــر الدســتور وبنــوده‪ ،‬حيــث‬
‫نصــت وثيقــة ‪ 2011‬علــى أن التصديــر ُيشــكل جــزءا ال يتجــزأ مــن هــذا الدســتور‪.‬‬

‫وفــي هــذا التوجــه‪ ،‬أقــرت توطئــة الدســتور المغربــي‪ ،‬بــأن الدولــة تتعهــد بالتــزام مــا تقتضيــه‬
‫مواثيقهــا مــن مبــادئ وحقــوق وواجبــات وتؤكــد تشــبثها بحقــوق اإلنســان كمــا هــي متعــارف‬
‫عليهــا عالميــا‪ ،‬كمــا تؤكــد التزامهــا بحمايــة منظومتــي حقــوق اإلنســان والقانــون الدولــي‬
‫اإلنســاني والنهــوض بهمــا‪ ،‬واإلســهام فــي تطويرهمــا‪ ،‬مــع مراعــاة الطابــع الكونــي لتلــك‬
‫الحقــوق‪ ،‬وعــدم قابليتهــا للتجــزيء‪ ،‬وحظــر ومكافحــة كل أشــكال التمييــز‪ ،‬بســبب الجنــس‬
‫أو اللــون أو المعتقــد أو الثقافــة أو االنتمــاء االجتماعــي أو الجهــوي أو اللغــة أو‪ ‬اإلعاقــة أو أي‬
‫وضــع شــخصي مهمــا كان‪.‬‬

‫مــع اإلشــارة بشــكل غامــض فــي خاتمــة تصديــر الدســتور إلــى جعــل االتفاقيــات الدوليــة‪،‬‬
‫كمــا صــادق عليهــا المغــرب‪ ،‬وفــي نطــاق أحــكام الدســتور‪ ،‬وقوانيــن المملكــة وهويتهــا‬
‫الوطنيــة الراســخة تســمو فــور نشــرها علــى التشــريعات الوطنيــة‪ ،‬والعمــل علــى مالءمــة هــذه‬
‫التشــريعات مــع مــا تتطلبــه تلــك المصادقــة‪.‬‬

‫إن اإلقــرار الدســتوري المعيــاري بالمرجعيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان ســيضخ روحــا ذات‬
‫نفــس حقــوق فــي فلســفة التشــريع المغربــي‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬

‫‪ 3.1‬توسيع المشرع الدستوري من الحقـوق والحريات‬


‫الوثيقــة الدســتورية لســنة ‪ 2011‬تشــكل جوابــا دســتوريا عــن جــزء مــن المطالــب الحقوقيــة التــي‬
‫رفعتهــا الجمعيــات الحقوقيــة خــال مــا ُعـ ِرف إعالميــا "بالربيــع العربي"‪.‬‬

‫المعنــون‬‫ومــن مظاهــر هــذا الجــواب الدســتوري‪ ،‬تخصيــص الوثيقــة الدســتورية البــاب الثانــي ُ‬
‫بالحريــات والحقــوق األساســية الــذي يتضمــن ‪ 22‬فصــا‪ 24،‬هــذا فضــا علــى أن المشــرع‬
‫‪25‬‬
‫الدســتوري وضــع فصــوال تتضمــن ضمانــات حقوقيــة فــي أبــواب أخــرى مــن الدســتور‪.‬‬

‫ويالحــظ أن دســتور ‪ 2011‬تبنــى نفــس المقاربــة الحقوقيــة الدســتورية التــي تضمنهــا الدســتور‬
‫اإلســباني لســنة ‪( 1978‬الفصــل الثانــي المعنــون بالحقــوق والحريــات)‪ 26،‬وهــو نفــس التوجــه‬
‫‪28‬‬
‫الــذي ســار عليــه الدســتوران التونســي‪ 27‬والمصــري‪.‬‬

‫هكــذا اعتــرف الدســتور المغربــي لســنة ‪ 2011‬بمجموعــة مــن الحقــوق التــي تضمنهــا العهــد‬
‫الدولــي للحقــوق المدنيــة السياســية‪ ،‬نذكــر منهــا‪:‬‬

‫❙المساواة بين الرجل والمرأة‪.‬‬ ‫❙‬


‫❙حماية الحق في الحياة‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙الحق في السالمة وحماية الممتلكات وتجريم التعذيب‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙دسترة مبدأ قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙حرية الرأي والصحافة والحق في الحصول على المعلومات‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙حرية االجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي والمشاركة المدنية والسياسية‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙تكريس الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙الحق في الصحة والتعليم والتنشئة والتكوين والسكن والشغل وولوج الوظائف‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙الحــق فــي الحمايــة الحقوقيــة واالجتماعيــة واالقتصاديــة لألســرة وإلزاميــة التعليــم‬ ‫❙‬
‫األساســي‪.‬‬

‫‪ 4.1‬االرتقاء بالحريات والحقوق األساسية إلى مصاف‬


‫المبادئ فوق دستورية‬
‫المقصــود بالمبــادئ أو القواعــد المافــوق دســتورية‪ 29،‬النصــوص المحظــورة موضوعـــيا مــن‬
‫المراجعــة الدســتورية‪ 30،‬وهــذا مــا يعنــي أن الســلطة التأسيســية الفرعيــة المكلفــة بمراجعــة‬
‫‪31‬‬
‫الدســتور يتوجــب عليهــا احتــرام المبــادئ المحصنــة دســتوريا مــن التعديــل‪.‬‬

‫ووعيــا مــن المشــرع الدســتوري بأهميــة الحريــات والحقــوق األساســية وبمكانتهــا‪ ،‬فإنــه ارتقــى‬
‫بهــا إلــى مكانــة القواعــد الدســتورية المحصنــة مــن التعديــل أو المراجعــة‪ ،‬حيــث نــص فــي‬
‫الفصــل ‪ 175‬مــن دســتور ‪ 2011‬علــى أنــه‪" :‬ال يمكــن أن تتنــاول المراجعــة األحــكام المتعلقــة‬
‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬ ‫‪14‬‬

‫بالديــن اإلســامي‪ ،‬وبالنظــام الملكــي للدولــة‪ ،‬وباالختيــار الديمقراطيــة لألمــة‪ ،‬وبالمكتســبات‬


‫فــي مجــال الحريــات والحقــوق األساســية المنصــوص عليهــا فــي هــذا الدســتور"‪.‬‬

‫‪ 5.1‬الحماية الدستورية البعدية للحريات والحقوق‬


‫األساسية‬
‫لحمايــة تطبيــق القوانيــن التــي تَ خــرق أو تَ نتهــك روح فلســفة الحقوق والحريات األساســية التي‬
‫يضمنهــا الدســتور‪ ،‬فتــح المشــرع الدســتوري لألطــراف بموجــب الفصــل ‪ 133‬مــن الدســتور‪،‬‬
‫الحــق فــي تقديــم دفوعــات إلــى المحكمــة الدســتورية‪ ،‬إذا كان القانــون الــذي ســيطبق فــي‬
‫‪32‬‬
‫النــزاع يمــس بالحقــوق والحريــات التــي يضمنهــا الدســتور‪.‬‬

‫‪ 6.1‬الحماية التشريعية للحريات والحقوق األساسية‬


‫مــن أهــم مظاهــر الحمايــة الدســتورية للحريــات والحقــوق األساســية فــي دســتور ‪،2011‬‬
‫إســناد الســلطة التشــريعية الحــق فــي التشــريع بشــكل حصــري فــي مجــال الحريــات والحقــوق‬
‫األساســية‪ 33،‬كمــا هــو واضــح مــن منطــوق الفصــل ‪ 71‬مــن الدســتور‪ 34،‬فالبرلمــان باعتبــاره‬
‫امتــدادا لشــرعية اإلرادة الشــعبية والتمثيــل الشــعبي‪ ،‬يكــون أحــرص علــى ضمــان احتــرام‬
‫الحريــات والحقــوق األساســية المنصــوص عليهــا فــي الدســتور‪ ،‬ســواء تعلــق األمــر بوظيفــة‬
‫التشــريع أو الرقابــة التــي مــن خاللهــا يســائل الســلطة التنفيذيــة عــن مــدى التزامهــا واحترامهــا‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪35‬‬
‫للحقــوق والحريــات األساســية الدســتورية‪.‬‬

‫‪ 7.1‬الضمانات المؤسساتية لحقوق اإلنسان من‬


‫دستور ‪2011‬‬
‫حــرص دســتور ‪ 2011‬علــى دســترة العديــد مــن المؤسســات والهيئــات التــي تتولــى صالحيــة‬
‫‪36‬‬
‫تدعيــم وحمايــة حقــوق اإلنســان مــن تعســف الســلطات العامــة ‪:‬‬

‫‪ 1.7.1‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬


‫وفــي هــذا الســياق‪ ،‬وبعــد أزيــد مــن ‪ 20‬ســنة علــى إحــداث المجلــس االستشــاري لحقــوق‬
‫اإلنســان‪ 37،‬نــص الفصــل ‪ 161‬مــن الدســتور علــى أن المجلــس الوطنــي لحقــوق اإلنســان‬
‫مؤسســة وطنيــة تعدديــة ومســتقلة تتولــى النظــر فــي جميــع القضايــا المتعلقــة بالدفــاع عــن‬
‫حقــوق اإلنســان والحريــات وحمايتهــا‪ ،‬وبضمــان ممارســتها الكاملــة‪ ،‬والنهــوض بهــا وبصيانــة‬
‫كرامــة وحقــوق وحريــات المواطنــات والمواطنيــن‪ ،‬أفــراد وجماعــات‪ ،‬وذلــك فــي نطــاق الحــرص‬
‫التــام علــى احتــرام المرجعيــات الوطنيــة والكونيــة فــي هــذا المجــال‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬

‫‪ 2.7.1‬مؤسسة الوسيط‬
‫فــي إطــار تقويــة آليــات حمايــة حقــوق اإلنســان تــم إحــداث مؤسســة الوســيط فــي ‪ 17‬مــارس‬
‫‪ 382011‬لتُ عــوض مؤسســة ديــوان المظالــم‪ 39،‬كمــا عمــل المشــرع الدســتوري إلــى االرتقــاء بهــا‬
‫إلــى مصــاف المؤسســات الدســتورية مــن خــال الفصــل ‪ 162‬مــن دســتور ‪ ،2011‬حيــث نــص‬
‫علــى أن الوســيط مؤسســة وطنيــة مســتقلة ومتخصصــة‪ُ ،‬مهمتهــا الدفــاع عــن الحقــوق فــي‬
‫نطــاق العالقــات بيــن اإلدارة والمرتفقيــن‪ ،‬واإلســهام فــي ترســيخ ســيادة القانــون‪ ،‬وإشــاعة‬
‫مبــادئ العــدل واإلنصــاف‪ ،‬وقيــم التخليــق والشــفافية فــي تدبيــر اإلدارات والمؤسســات‬
‫العموميــة والجماعــات الترابيــة والهيئــات التــي تمــارس صالحيــات الســلطة العموميــة‪.‬‬

‫‪ 3.7.1‬مجلس الجالية المغربية بالخارج‬


‫أحــدث مجلــس الجاليــة المغربيــة بالخــارج فــي ســنة ‪ 40،2007‬بهــدف ضمــان المتابعــة والتقييــم‬
‫للسياســات العموميــة للمغــرب تجــاه مواطنيهــا المهاجريــن وتحســينها بغيــة ضمــان حقوقهــم‬
‫وتكثيــف مشــاركتهم فــي التنميــة السياســية واالقتصاديــة والثقافيــة واالجتماعيــة للدولــة‬
‫ووعيــا مــن المشــرع الدســتوري بأهميــة مجلــس الجاليــة المغربيــة بالخــارج‪ ،‬عمــل االرتقــاء بــه إلــى‬
‫مصــاف المجالــس الدســتورية‪ ،‬حيــث نــص فــي الفصــل ‪ 163‬من دســتور ‪ 2011‬على أن يتولى‬
‫مجلــس الجاليــة المغربيــة بالخــارج‪ ،‬علــى الخصــوص‪ ،‬إبــداء آرائــه حــول توجهــات السياســات‬
‫العموميــة التــي تمكــن المغاربــة المقيميــن بالخــارج مــن تأميــن الحفــاض علــى عالقــات متينــة‬
‫مــع هويتهــم المغربيــة وضمــان حقوقهــم وصيانــة مصالحهــم‪ ،‬وكــذا المســاهمة فــي التنميــة‬
‫البشــرية والمســتدامة فــي وطنهــم المغــرب وتقدمــه‪.‬‬

‫‪ 4.7.1‬هيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز‬


‫اتســاقا مــع الفقــرة األولــى مــن الفصــل ‪ 19‬مــن الدســتور ‪ 2011‬الــذي ينــص علــى أن الرجــل‬
‫والمــرأة يتمتعــان‪ ،‬علــى قــدم المســاواة‪ ،‬بالحقــوق والحريات المدنية والسياســية واالقتصادية‬
‫واالجتماعيــة والثقافيــة والبيئيــة الــواردة فــي هــذا البــاب مــن الدســتور‪ ،‬وفــي ُمقتضياتــه‬
‫األخــرى‪ ،‬وكــذا فــي االتفاقيــات والمواثيــق الدوليــة‪ ،‬كمــا صــادق عليهــا المغــرب وكل ذلــك فــي‬
‫نطــاق أحــكام الدســتور وثوابــت المملكــة وقوانينهــا‪.‬‬

‫وفــي ســياق تحقيــق فلســفة المناصفــة بيــن الرجــال والنســاء‪ ،‬نــص الفصــل ‪ 164‬مــن الدســتور‬
‫علــى أن الهيئــة المكلفــة بالمناصفــة ومحاربــة جميــع أشــكال التمييــز‪ ،‬المحدثــة بموجــب الفصــل‬
‫‪ 19‬مــن الدســتور‪ ،‬تســهر بصفــة خاصــة‪ ،‬علــى احتــرام الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا‬
‫فــي الفصــل المذكــور مــع مراعــاة االختصاصــات المســندة للمجلــس الوطني لحقوق اإلنســان‪.‬‬
‫‪1‬يميظنتلاو ةيعيرشتلا ةمءالملا‪ ‬فعضو‪ ‬يروتسدلا‪ ‬مدقتلا‪ ‬نيب ةيدرفلا‪ ‬قوقحلل‪ ‬ةيروتسدلا‪ ‬ةيامحلا ‪1.‬‬ ‫‪16‬‬

‫خاتمة‬
‫يظهــر‪ ،‬إنــه بالرغــم مــن التقــدم المعيــاري للوثيقــة الدســتورية فــي مــادة الحقــوق الفرديــة‪،‬‬
‫فــإن المشــرع ُملــزم بإعــادة النظــر فــي تعديــل نصــوص القوانيــن العاديــة قصــد تجويدهــا‬
‫ومالءمتهــا مــع فصــول دســتور ‪ 2011‬التــي أضحت تتيح هامشــا واســعا مــن الحريات والحقوق‬
‫الفرديــة‪ ،‬كمــا أن المنظومــة القانونيــة والتنظيميــة فــي حاجــة إلــى نفــس ديمقراطــي لمواكبــة‬
‫االجتهــادات القضائيــة والتوجهــات واالتفاقيــات الدوليــة‪.‬‬

‫وإذا كانــت الحكومــة المنبثقــة عــن االنتخابــات التشــريعية فــي أكتوبــر ‪ ،2016‬قــد وجــدت‬
‫نفســها مرغمــة علــى التعبيــر عــن إرادة تســريع الوثيــرة التشــريعية؛ لتفعيــل مــا تبقــى مــن‬
‫قوانيــن تنظيميــة وقوانيــن عاديــة ُمرتبطــة ببعــض المؤسســات والهيئــات المنصــوص عليهــا‬
‫فــي الوثيقــة الدســتورية‪ ،‬فــإن مســار الوضــع الحقوقــي‪ ،‬فــي عالقــة مــع ماعــرف بــ"حــراك‬
‫الريــف" قــد أعــاد بقــوة طــرح الســؤال الكبيــر حــول محدوديــة الضمانــات الدســتورية والقانونيــة‬
‫والقضائيــة‪ ،‬الالزمــة الحتــرام حقــوق اإلنســان؟‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪17‬‬ ‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬

‫‪.2‬‬
‫المعارضة‪ ‬البرلمانية‬
‫في‪ ‬الدستور‪ ‬المغربي ‪:‬‬
‫التحول‪ ‬وحدوده‬
‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪ .2‬المعارضة‪ ‬البرلمانية‪ ‬في‪ ‬الدستور‪ ‬‬
‫المغربي‪ : ‬التحول‪ ‬وحدوده‬
‫ظلــت المعارضــة فــي المغــرب حاضــرة فــي جميــع التجــارب البرلمانيــة دون أن تتمتــع بوضــع‬
‫قانونــي خــاص يكســبها حقوقــا محــددة تميزهــا عــن األغلبيــة البرلمانيــة‪ ،‬ويعطيهــا وضعــا‬
‫امتيازيــا إزائهــا‪ ،‬اللهــم مــا يتعلــق ببعــض "الحقــوق الضمنيــة" التــي كانــت متاحــة لجميــع‬
‫البرلمانييــن بغــض النظــر عــن اختياراتهــم السياســية‪ ،‬قبــل أن يحــدث دســتور ‪ 2011‬بعــض‬
‫التحــول علــى هــذا المســتوى‪ 41،‬لــم تعــد معــه المعارضــة مجــرد فاعــل سياســي بــل أصبحــت‬
‫أيضــا موقعــا قانونيــا‪ ،‬كمــا لــم تعــد مختزلــة فــي مؤسســة الحــزب السياســي وإنمــا امتــدت‬
‫إلــى فضــاء البرلمــان عبــر قنــاة فــرق المعارضــة البرلمانيــة‪ 42،‬وإن كان هــذا التحــول لــم يمنــع مــن‬
‫اســتمرار عملهــا مكبــا بعــدد مــن القيــود‪ ،‬التــي تحــد كثيــرا مــن هامــش تحركهــا‪.‬‬

‫‪ 1.2‬عناصر التحول الدستوري في وضعية‬


‫المعارضة البرلمانية‬
‫يتجلــى هــذا التحــول الــذي طــرأ علــى وضعيــة المعارضــة البرلمانيــة فــي اإلطــار القانونــي‬
‫المغربــي فــي جانبيــن أساســيين‪:‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪ 1.1.2‬التحديد القانوني للمقصود بالمعارضة‪.‬‬
‫عــادة مــا ينصــرف مفهــوم المعارضــة البرلمانيــة إلــى التعــارض الموجــود بيــن الحكومــة وجــزء‬
‫مــن مكونــات البرلمــان‪ ،‬هــي بالتحديــد الفــرق والمجموعــات البرلمانيــة التــي لــم تصــوت‬
‫علــى البرنامــج الحكومــي‪ ،‬والتــي ال يشــارك الحــزب السياســي الــذي تديــن بالــوالء إليــه فــي‬
‫الحكومــة‪ .‬بيــد أن هــذا التعريــف ال يبــدو فــي جميــع الحــاالت دقيقــا فــي تحديــد المقصــود بهــا‪،‬‬
‫علــى اعتبــار أن عــدم المشــاركة فــي الحكومــة قــد ال يمنــع مــن مســاندتها والتصويــت لفائــدة‬
‫المبــادرات الصــادرة عنهــا‪.‬‬

‫علــى هــذا األســاس اتجهــت بعــض األنظمــة القانونيــة نحــو وضــع تعريــف للمعارضــة البرلمانيــة‬
‫يرتكــز علــى أســاس "االختيــار السياســي"‪ ،‬ويــروم إعطــاء المعنييــن بهــا أنفســهم صالحيــة‬
‫تحديــد موقعهــم السياســي‪ ،‬كمــا هــو الحــال فــي فرنســا‪ ،‬حيــث تنــص المــادة ‪ 19‬مــن نظــام‬
‫الجمعيــة الوطنيــة الفرنســية علــى أنــه "يتــم تشــكيل الفــرق فــي أعقاب تســليم رئيس المجلس‬
‫لتصريــح سياســي موقــع مــن قبــل أعضائهــا‪ ،‬مرفــق بالئحــة األعضــاء وبالنــواب المنتســبين‬
‫وكــذا اســم رئيــس الفريــق‪ .‬ويمكــن للتصريــح أن يشــير إلــى انتمــاء الفريــق إلــى المعارضــة‪.‬‬
‫تنشــر هــذه الوثائــق فــي الجريــدة الرســمية"‪.‬‬

‫هــذا االتجــاه هــو نفســه الــذي ســلكه المشــرع المغربــي‪ ،‬حيــث عمــل النظــام الداخلــي لمجلــس‬
‫النــواب‪ ،‬بعــد ســكوت الدســتور عــن الموضــوع‪ ،‬علــى ربــط االنتمــاء إلــى المعارضــة البرلمانيــة‬
‫‪19‬‬ ‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬

‫بشــرطين أساســيين‪:‬‬

‫❙تقديــم الفــرق والمجموعــات النيابيــة التــي تتبنــى هــذا االختيــار لتصريــح مكتــوب يعلــن‬ ‫❙‬
‫‪43‬‬
‫عنــه لــدى رئاســة المجلــس‪ ،‬وينشــر فــي الجريــدة الرســمية‪.‬‬
‫❙إشــعار كل رئيــس فريــق نيابــي لرئيــس المجلــس النــواب باختيــاره المعارضــة‪ ،‬وأن يتــم‬ ‫❙‬
‫‪44‬‬
‫اإلعــان عــن ذلــك فــي الجلســة العموميــة المواليــة لهــذا اإلشــعار‪.‬‬
‫هــذا يعنــي أن االنتمــاء إلــى المعارضــة البرلمانيــة فــي النظــام القانونــي المغربــي ال يرتبــط‬
‫فقــط بعــدم المشــاركة فــي الحكومــة‪ ،‬كمــا هــو الحــال فــي التجربــة اإلنجليزيــة حيــث يصبــح‬
‫الحــزب غيــر المشــارك فــي الحكومــة بصفــة تلقائيــة حزبــا فــي المعارضــة‪ ،‬بــل يتطلــب بالضــرورة‬
‫إشــهاره والتصريــح العلنــي بــه‪ ،‬وأن يتخــذ طابعــا مؤسســيا مــن خــال مؤسســة الفريــق‬
‫أو المجموعــة البرلمانيــة‪ 45،‬وإن كان هــذا التحديــد لمفهــوم المعارضــة البرلمانيــة يبقــى هــو‬
‫اآلخــر ملتبســا ويثيــر بعــض المالحظــات علــى نحــو مــا ســنوضح ذلــك فيمــا بعــد‪.‬‬

‫‪ 2.1.2‬ضمان الحماية الدستورية والقانونية للمعارضة‪.‬‬


‫تبــرز الحمايــة القانونيــة للمعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬مــن جهــة أولــى‪ ،‬فــي إقــرار الوثيقــة الدســتورية‬
‫بوجودهــا‪ ،‬ومــن جهــة ثانيــة‪ ،‬فــي تخويلهــا بعــض الحقــوق الخاصــة خــارج إطــار قاعــدة التمثيــل‬
‫النســبي ومبــدأ المســاواة فــي التمثيــل بيــن البرلمانييــن‪.‬‬

‫‪ 1.2.1.2‬دسترة مفهوم "المعارضة"‬


‫إذا كان االعتــراف الدســتوري بحقــوق المعارضــة البرلمانيــة يعــد اختيــارا أساســيا لعــدد مــن‬
‫الديمقراطيــات الجديــدة‪ ،‬فقــد حــاول الدســتور المغربــي لســنة ‪ 2011‬مســايرة هــذا التوجــه‬
‫عندمــا عمــل‪ ،‬وألول مــرة‪ ،‬علــى اإلقــرار الصريــح بشــرعية المعارضــة البرلمانيــة مــن خــال التأكيد‬
‫‪46‬‬
‫علــى أنهــا "مكــون أساســي فــي المجلســين‪ ،‬وتشــارك فــي وظيفتــي التشــريع والمراقبة"‪،‬‬
‫والتســليم بحقهــا فــي "ممارســة الســلطة عــن طريــق التنــاوب الديمقراطــي‪ ،‬محليــا وجهويــا‬
‫ووطنيــا"‪ 47،‬عــاوة علــى تحديــد قائمــة بالحقــوق المتاحــة لهــا‪ 48،‬قبــل أن يســند مهمــة تحديــد‬
‫كيفيــة ممارســتها لتلــك الحقــوق إلــى قوانيــن تنظيميــة أو قوانيــن أو النظــام الداخلــي لــكل‬
‫‪49‬‬
‫مجلــس مــن مجلســي البرلمــان‪.‬‬

‫‪ 2.2.1.2‬تمكين المعارضة من حقوق خاصة‬


‫إلــى جانــب االعتــراف الدســتوري بشــرعيتها فــي الوجــود‪ ،‬تتحــدد مكانــة المعارضــة البرلمانيــة‬
‫فــي النظــام القانونــي المغربــي أيضــا عبــر تمكينهــا مــن بعــض الحقــوق الخاصــة‪ .‬بحيــث ال‬
‫يقتصــر األمــر علــى الحقــوق التــي تســتفيد منهــا فــي إطــار مــا هــو مقــرر لجميــع البرلمانييــن‬
‫بغــض النظــر عــن انتماءاتهــم السياســية فــي إطــار األغلبيــة أو المعارضــة‪ ،‬أي ما يمكن تســميته‬
‫بـ"الحقــوق الضمنيــة"‪ ،‬بــل يشــمل اإلقــرار لهــا ببعــض الحقــوق الخاصــة‪ ،‬التــي تخولهــا إلــى حــد‬
‫مــا وضعــا "امتيازيــا" إزاء األغلبيــة البرلمانيــة‪ .‬بحيــث يمكــن التمييــز بيــن نوعيــن مــن الحقــوق‬
‫المقــررة لهــا ‪:‬‬
‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬ ‫‪20‬‬

‫❙الحقــوق التــي تشــترك فيهــا مــع األغلبيــة البرلمانيــة‪ ،‬مــن قبيــل مراقبــة وتتبــع‬ ‫❙‬
‫العمــل الحكومــي‪ ،‬والتمثيــل فــي األجهــزة المســيرة للبرلمــان وفــي بعــض الهيئــات‬
‫الدســتورية األخــرى‪ 50،‬واللجــوء إلــى القضــاء الدســتوري بغــرض الطعــن فــي‬
‫دســتورية القوانيــن‪ ،‬واالســتفادة مــن المــوارد البشــرية والماليــة المرصــودة للفــرق‬
‫والمجموعــات البرلمانيــة‪ 51،‬ومــن التمويــل العمومــي المخصــص لألحــزاب السياســية‬
‫الممثلــة فــي البرلمــان‪ ،‬فضــا عــن امتــاك حيــز زمني في وســائل اإلعــام العمومية‬
‫يتناســب مــع تمثيليتهــا‪ ،‬وفقــا لمــا هــو محــدد فــي إطــار مــا يعــرف بتنظيــم التعدديــة‬
‫السياســية‪ 52.‬علمــا أن بعــض هــذه الحقــوق حتــى لــو كانــت متاحــة لجميــع البرلمانييــن‪،‬‬
‫بغــض النظــر عــن انتمائهــم لألغلبيــة أو للمعارضــة‪ ،‬فإنهــا تبــدو بطبيعتهــا متاحــة‬
‫للمعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬مثــل ملتمــس الرقابــة‪ ،‬الــذي ال يمكــن تصــور تقديمــه مــن قبــل‬
‫األغلبيــة البرلمانيــة ضــد نفســها‪ ،‬والمطالبــة بتشــكيل لجــان تقصــي الحقائــق‪ ،‬وبدرجــة‬
‫أقــل اللجــوء إلــى القضــاء الدســتوري‪ ،‬الــذي يعتبــره الفقــه الدســتوري فــي بعــض‬
‫‪53‬‬
‫البلــدان‪ ،‬كألمانيــا مثــا‪" ،‬أداة مؤسســة مــن أجــل المعارضــة وفــي خدمتهــا"‪.‬‬

‫❙الحقــوق الخاصــة بالمعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬والتــي تتخــذ شــكل امتيــازات تقتصــر عليهــا‬ ‫❙‬
‫دون غيرهــا‪ ،‬وتبــرز فــي أربعــة مجــاالت أساســية‪:‬‬
‫❙تخصيــص يــوم واحــد علــى األقــل فــي الشــهر لدراســة مقترحــات القوانيــن‪ ،‬ومــن‬ ‫❙‬
‫بينهــا تلــك المقدمــة مــن قبــل المعارضــة‪ 54،‬وإعطــاء األســبقية فــي مناقشــة‬
‫التعديــات التــي تقدمهــا فــرق المعارضــة فــي الحالــة التــي تكــون فيهــا تلــك‬
‫التعديــات متعــددة‪ 55،‬وتخصيــص حصــة زمنيــة فــي حــدود ‪ 10‬دقائــق فــي بدايــة‬
‫الجلســة المخصصــة لدراســة مقترحــات القوانيــن لــكل فريــق مــن المعارضــة‬
‫لتقديــم البيانــات والتوضيحــات بخصــوص مقترحــات القوانيــن المقدمــة مــن‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫قبلــه واألســباب التــي أدت إلــى تأخيــر البــث‪ 56،‬فضــا عــن حصــة زمنيــة أخــرى‬
‫‪57‬‬
‫بالمناصفــة مــع األغلبيــة لمناقشــة مقترحــات القوانيــن المقدمــة مــن قبلهــا‪،‬‬
‫‪58‬‬
‫ونفــس قاعــدة المناصفــة تطبــق بخصــوص موضــوع أســئلة السياســة العامــة‪.‬‬
‫❙تولــي مناصــب محــددة فــي بعــض اللجــان والمهــام ذات الطابــع الرقابــي‪،‬‬ ‫❙‬
‫حيــث تعطــي األســبقية لفــرق المعارضــة لالختيــار مــا بيــن تولــي منصــب رئيــس‬
‫أو مقــرر اللجنــة النيابيــة لتقصــي الحقائــق‪ 59،‬ومنصــب رئيــس أو مقــرر مهمــة‬
‫‪61‬‬
‫اســتطالعية‪ 60،‬وكــذا منصــب رئيــس أو مقــرر لجنــة مراقبــة صــرف الميزانيــة‪.‬‬
‫❙رئاســة لجنتيــن علــى األقــل تكــون مــن بينهــا وجوبــا اللجنــة المكلفــة بالتشــريع فــي‬ ‫❙‬
‫مجلــس النــواب فقــط‪ 62،‬فضــا عــن تولــي منصــب محاســب و‪ /‬أو منصــب أميــن‬
‫بالمجلــس‪ ،‬حيــث يخصــص باألســبقية هذيــن المنصبيــن للمعارضــة ال يترشــح‬
‫‪63‬‬
‫لهمــا إال نائبــة أو نائــب منهــا‪.‬‬
‫❙تقديــم اقتراحــات لمكتــب المجلــس بهــدف تعزيــز دور الدبلوماســية البرلمانيــة‪،‬‬ ‫❙‬
‫والمســاهمة في جميع الشــعب البرلمانية بنســبة ال تقل عن تمثيليتها‪ 64.‬عالوة‬
‫علــى مراعــاة حضــور المعارضــة البرلمانيــة فــي تشــكيل الوفــود البرلمانيــة فــي‬
‫‪65‬‬
‫المهــام الخارجيــة‪ ،‬والتمثيــل فــي مجموعــات "األخــوة والصداقــة البرلمانيــة"‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬

‫‪ 2.2‬عوائق التحول في وضعية المعارضة البرلمانية‬


‫مــن نافلــة القــول إن هــذه المســتجدات التــي حملهــا دســتور ‪ 2011‬قــد ســمحت باشــتراك‬
‫التجربــة المغربيــة مــع عــدد مــن التجــارب المقارنــة فــي االعتــراف الدســتوري بوجــود المعارضــة‬
‫البرلمانيــة‪ ،‬وفــي التأكيــد علــى أهميتهــا فــي العمليــة السياســية‪ ،‬وفــي اإلقــرار باســتفادتها‬
‫مــن بعــض الحقــوق‪ .‬لكــن مــع ذلــك تبــدو المعارضــة البرلمانيــة فــي الحالــة المغربــي محكومــة‬
‫بعــدد مــن القيــود أو الحــدود‪.‬‬

‫‪ 1.2.2‬على مستوى اإلطار القانوني‬


‫لئــن كان يصعــب تجاهــل الحيــز الــذي خصصــه الدســتور المغربــي للمعارضــة البرلمانيــة‬
‫ولحقوقهــا‪ ،‬بالشــكل الــذي جعلــه يتجــاوز دســاتير بعــض الــدول األوروبيــة التــي ال تتضمــن‬
‫إقــرارا مباشــرا بحقــوق مــن هــذا النــوع‪ ،‬مــع ذلــك فــإن الحمايــة الدســتورية لحقــوق المعارضــة‬
‫البرلمانيــة فــي المغــرب تظــل محــدودة عندمــا نأخــذ بعيــن االعتبــار المعطيــات التاليــة‪:‬‬

‫‪ 1.1.2.2‬غموض مفهومها القانوني‬


‫إن محاولــة التحديــد القانونــي للمقصــود بالمعارضــة البرلمانيــة هــي فــي حــد ذاتهــا مســألة‬
‫مهمــة وإيجابيــة‪ ،‬لكــن ذلــك ال يمنــع مــن تســجيل أن هــذه المحاولــة قــد حملــت فــي طياتهــا‬
‫بعــض جوانــب االلتبــاس‪ ،‬يبــدو مــن بينهــا مــا يلــي‪:‬‬

‫❙عــدم اســتقرار الدســتور علــى توظيــف مصطلــح واحــد فــي تحديــد هــذا الفاعــل‬ ‫❙‬
‫‪66‬‬
‫السياســي الجديــد‪ ،‬إذ ظــل يتأرجــح بيــن اســتعمال "المعارضــة البرلمانيــة"‬
‫و"المعارضــة"‪ 67،‬و"فــرق المعارضــة"‪ 68،‬الشــيء الــذي يطــرح التســاؤل حــول مــا‬
‫إذا كان المشــرع الدســتوري يقصــد بذلــك كيانــا قانونيــا وسياســيا واحــدا‪ ،‬أم يتصــور‬
‫إمكانيــة وجــود معارضــة خــارج إطــار الفــرق والمجموعــات البرلمانيــة‪ ،‬تســتفيد هــي‬
‫األخــرى مــن حقــوق غيــر تلــك المرتبطــة بالتمثيــل البرلمانــي؟‪.‬‬
‫❙أن هــذا التحديــد لمفهــوم المعارضــة البرلمانيــة ال يتضمنــه النظــام الداخلــي لمجلــس‬ ‫❙‬
‫المستشــارين‪ ،‬الشــيء الــذي يثيــر إشــكالية تحديــد المقصــود بهــا علــى مســتوى‬
‫هــذا المجلــس‪ .‬إذ رغــم أن الممارســة المتبعــة فرضــت االرتبــاط بيــن فــرق المعارضــة‬
‫البرلمانيــة واألحــزاب السياســية التــي ال تشــارك فــي الحكومــة فــي المجلســين معــا‪،‬‬
‫فــإن هــذا المعيــار قــد ال يبــدو دائمــا مفيــدا‪ ،‬خاصــة فــي ظــل وجــود فــرق برلمانيــة فــي‬
‫مجلــس المستشــارين ال تعــد امتــدادا مباشــرا لألحــزاب السياســية (فــرق النقابــات‬
‫المهنيــة واتحــاد المقــاوالت)‪ ،‬فضــا عــن إمكانيــة عدم مســايرة بعض الفــرق البرلمانية‬
‫لمواقــف األحــزاب السياســية التــي ترشــح باســمها األعضــاء الذيــن تتكــون منهــم‪.‬‬
‫❙ال يفيــد فــي تحديــد موقــع الفــرق البرلمانيــة أو المجموعــات البرلمانيــة التــي ال تقــدم‬ ‫❙‬
‫مثــل هــذا التصريــح وال تشــارك فــي الحكومــة‪ ،‬وبالتالــي مــا إذا كانــت ستحســب علــى‬
‫األغلبيــة البرلمانيــة أم علــى المعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬وتســتفيد هــي كذلــك مــن الحقــوق‬
‫المخولــة لهــذه األخيــرة؟‪.‬‬
‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬ ‫‪22‬‬

‫❙ال يجيــب هــذا التحديــد لمفهــوم المعارضــة البرلمانيــة علــى الوضعيــة التــي يكــون‬ ‫❙‬
‫فيهــا فريــق أو مجموعــة برلمانيــة تصــرح بأنهــا تنتمــي إلــى المعارضــة البرلمانيــة ولكــن‬
‫ســلوكها السياســي فــي البرلمــان يبــدو متماشــيا مــع مواقــف الحكومــة وأغلبيتهــا‬
‫ومؤيــدا الختياراتهــا‪ ،‬خاصــة وأن االنتمــاء إلــى المعارضــة البرلمانيــة يفتــرض فيــه أن‬
‫يعكــس موقفــا سياســيا معينــا ويعبــر عــن اختيــار محــدد وليــس مجــرد التصريــح بذلــك‬
‫وفقــا لشــكليات ومســاطر معينــة‪.‬‬
‫❙ال يأخذ بعين االعتبار وضعية البرلمانيين غير المنتمين للفرق أو المجموعات البرلمانية‬ ‫❙‬
‫عندما يجعل الفريق أو المجموعة البرلمانية إطارا لممارسة المعارضة البرلمانية‬
‫لحقوقها‪ ،‬مع أن الدستور نفسه لم يربط ممارسة كل حقوق المعارضة بالفريق أو‬
‫المجموعة البرلمانية‪ ،‬خاصة عندما نص على أنه "يخصص يوما واحدا على األقل في‬
‫‪69‬‬
‫الشهر لدراسة مقترحات القوانين ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة"‪.‬‬
‫❙ال يقيــد االلتــزام بهــذا التصريــح بســقف زمنــي معيــن‪ ،‬بحيــث أن إعطــاء اإلمكانيــة‬ ‫❙‬
‫للفريــق أو المجموعــة البرلمانيــة صاحبــة التصريــح لســحبه فــي أي وقــت قــد يجعــل‬
‫الحيــاة السياســية والبرلمانيــة منهــا علــى وجــه التحديــد تحــت رحمــة تقلبــات مثيــرة‪،‬‬
‫ويفتــح المجــال لمــا يمكــن تســميته "بانتهازيــة التموقــع"‪ 70،‬الشــيء الــذي قــد‬
‫يتناقــض مــع "فكــرة االســتقرار" التــي يبــدو أن المشــرع الدســتوري قــد ركــز عليهــا‬
‫‪71‬‬
‫وهــو يحــدد "جــدول زمنــي" النتخــاب وإعــادة انتخــاب أجهــزة مجلســي البرلمــان‪.‬‬

‫‪ 2.1.2.2‬محدودية حقوقها الخاصة‬


‫يرتبــط اإلقــرار القانونــي بحقــوق المعارضــة البرلمانيــة بشــكل عــام بضمــان مســاهمتها الفعالــة‬
‫فــي القــرار البرلمانــي‪ ،‬وأيضــا بحمايتهــا مــن إمكانيــة هيمنــة األغلبيــة‪ .‬بيــد أن طبيعــة الحقــوق‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫المقــررة لهــا فــي النظــام القانونــي المغربــي ال يبــدو أنهــا تذهــب بعيــدا فــي تأميــن مثــل هــذه‬
‫األهــداف‪ ،‬لالعتبــارات التاليــة‪:‬‬

‫❙أن أغلــب تلــك الحقــوق إمــا أنهــا ليســت موقوفــة عليهــا بــل تشــاركها فيهــا أيضــا‬ ‫❙‬
‫األغلبيــة‪ ،‬حيــث تبــدو قائمــة الحقــوق التــي ينــص عليهــا الفصــل العاشــر مــن الدســتور‬
‫تقريبــا هــي نفســها التــي تقرهــا فصــول أخــرى منــه لجميــع البرلمانييــن بغــض النظــر‬
‫عــن اختياراتهــم السياســية ومواقفهــم المؤيــدة أو المعارضــة للحكومــة‪ ،‬وإمــا أنهــا ال‬
‫تعطيهــا اختصاصــا محــددا‪ ،‬مــن قبيــل النــص علــى حقهــا فــي "ممارســة الســلطة عــن‬
‫طريــق التنــاوب الديمقراطــي‪ ،‬محليــا وجهويــا ووطنيــا‪ ،‬فــي نطــاق أحــكام الدســتور"‪.‬‬
‫ويمكــن أن نضيــف إلــى ذلــك أن بعــض هــذه الحقــوق المقــررة فــي ظــل الوضعيــة‬
‫الجديــدة للمعارضــة البرلمانيــة تبــدو محــدودة جــدا علــى اعتبــار أنهــا كانــت تحصــل علــى‬
‫أكبــر منهــا مــن خــال نظــام التمثيــل النســبي (مثــا رئاســة اللجــان)‪ ،‬عــاوة علــى أن‬
‫‪72‬‬
‫بعضهــا يبقــى بــدون تفعيــل حتــى اآلن‪.‬‬
‫❙تجاهـل الوثيقـة الدسـتورية لعـدد مـن الحقـوق المهمـة التـي تقرهـا لهـا أنظمـة‬ ‫❙‬
‫دسـتورية عديدة‪ ،‬حيث تعطيها األسـبقية في طرح األسـئلة الرقابية‪ ،‬وافتتاح الجلسـة‬
‫المخصصـة لهـا‪ ،‬وطـرح أكبـر عـدد ممكـن منهـا‪ ،‬واستشـارتها قبـل اإلقـدام علـى مبادرة‬
‫حـل البرلمـان‪ ،‬ورئاسـتها للجنـة المعنيـة بقوانين المالية (البوندسـتاغ األلماني‪ ،‬مجلس‬
‫النـواب اإلسـباني ومجلـس الجمهوريـة البرتغالـي)‪ ،‬فضلا عـن إطالعهـا علـى حقيقـة‬
‫الظـروف المحيطـة ببعـض القضايـا الكبـرى فـي البلاد وأخـذ رأيهـا فيهـا (بريطانيـا مثلا)‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬

‫❙أن عــدم تجســيد حقــوق المعارضــة البرلمانيــة فــي إطــار نــص قانونــي خــاص‪،‬‬ ‫❙‬
‫واالكتفــاء بإدراجهــا ضمــن النظــام الداخلــي لــكل مجلــس مــن مجلســي البرلمــان ـ رغــم‬
‫ســماح الدســتور بإمكانيــات أخــرى لتأطيــر تلــك الحقــوق بمــا فــي ذلــك إدراجهــا فــي‬
‫قانــون تنظيمــي‪ .‬حــد نســبيا مــن أهميــة هــذه الحقــوق‪ ،‬وجعــل مــن الصعــب الحديــث‬
‫عــن نظــام قانونــي خــاص بالمعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬الــذي يبــدو أوضــح فــي التعبيــر عــن‬
‫حقوقهــا ألنــه يقــر لهــا بحقــوق مباشــرة بصفتهــا معارضــة برلمانيــة‪.‬‬

‫‪ 2.2.2‬على مستوى تفعيل الحقوق المخولة لها‬


‫يشــكل عــدم تحكــم المعارضــة البرلمانيــة فــي التفعيــل التشــريعي لحقوقهــا المنصــوص عليهــا‬
‫فــي الوثيقــة الدســتورية مظهــرا آخــر مــن مظاهــر حــدود التحــول فــي وضعيتهــا فــي النظــام‬
‫القانونــي المغربــي‪ ،‬حيــث يتوقــف تحديــد مضمــون هــذه الحقــوق‪ ،‬مــن جهــة أولــى‪ ،‬علــى إرادة‬
‫األغلبيــة البرلمانيــة‪ ،‬ومــن جهــة ثانيــة علــى اجتهــادات القضــاء الدســتوري‪.‬‬

‫‪ 1.2.2.2‬موقف األغلبية البرلمانية‬


‫فــي ظــل عــدم وجــود إجــراءات تشــريعية خاصــة تعطــي للمعارضــة البرلمانيــة بعــض االمتيــاز‬
‫فــي إقــرار الحقــوق المكفولــة لهــا دســتوريا‪ ،‬تبقــى هــذه األخيــرة متوقفــة علــى إرادة األغلبيــة‬
‫البرلمانيــة‪ ،‬التــي يمكنهــا‪ ،‬مــن خــال اقتســامها مــع المعارضــة البرلمانيــة لحــق المبــادرة‬
‫التشــريعية وتقديــم التعديــات‪ ،‬فضــا عــن تفوقهــا العــددي‪ ،‬أن تكبــح كل مبــادرات المعارضــة‬
‫البرلمانيــة فــي هــذا المجــال‪ ،‬وأن تتحكــم بالتالــي فــي صياغــة مضمــون الحقــوق المقــررة لهــا‪.‬‬

‫هــذه الوضعيــة قــد ال يغيــر فيهــا كثيــرا اعتيــاد مكونــات البرلمــان المغربــي علــى التوافــق‬
‫فــي اعتمــاد النظــام الداخلــي المتضمــن لهــذه الحقــوق‪ ،‬علــى اعتبــار أن التوافــق نفســه قــد‬
‫يعكــس فــي بعــض األحيــان إرادة الطــرف القــوي‪ ،‬خاصــة عندمــا نأخــذ بعيــن االعتبــار تصلــب‬
‫األغلبيــة البرلمانيــة فــي مواقفهــا‪ ،‬أو باألحــرى الحكومــة المنبثقــة عنهــا‪ ،‬فــي التعاطــي مــع‬
‫المبــادرة التشــريعية‪ ،‬ليــس فقــط عندمــا حاولــت إعطــاء تفســير لمقتضيــات الدســتور يســمح‬
‫لهــا باحتــكار المبــادرة التشــريعية فــي مجــال القوانيــن التنظيميــة‪ ،‬وإنمــا أيضــا عندمــا لجــأت فــي‬
‫حــاالت أخــرى إلــى تقديــم مشــاريع قوانيــن مضــادة فــي نفــس القضايــا التــي كانــت فــرق مــن‬
‫المعارضــة البرلمانيــة قــد قدمــت بشــأنها مقترحــات قوانيــن‪.‬‬

‫‪ 2.2.2.2‬موقف القضاء الدستوري‬


‫إذا كان القضــاء الدســتوري يحظــى بأهميــة خاصــة فــي حمايــة الحقــوق والحريــات‪ ،‬ويتصــرف‬
‫فــي الكثيــر مــن التجــارب الديمقراطيــة باعتبــاره فــي خدمــة المعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬فيبــدو أن‬
‫األمــر ليــس كذلــك فــي الحالــة المغربيــة‪ .‬فــإذا مــا اســتثنينا اتجــاه المجلــس الدســتوري فــي‬
‫إحــدى قراراتــه نحــو توســيع دائــرة الفاعليــن الذيــن يدخلــون فــي نطــاق المعارضــة البرلمانيــة‪،‬‬
‫ويحــق لهــم بالتالــي االســتفادة مــن الحقــوق المخولــة لهــا‪ 73،‬فقــد اتجهــت معظــم اجتهاداتــه‬
‫نحــو إبــداء بعــض التحفــظ إزاء إقــرار النظاميــن الداخلييــن لمجلســي البرلمــان لبعــض الحقــوق‬
‫الخاصــة بهــذا المكــون السياســي‪ ،‬منطلقــا فــي ذلــك مــن ثالثــة اعتبــارات‪:‬‬
‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬ ‫‪24‬‬

‫❙عــدم جــواز حصــر حــق دســتوري فــي فــرق المعارضــة دون ســائر النــواب‪ ،‬كجــواب‬ ‫❙‬
‫علــى مقتضيــات المــادة ‪ 41‬النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب التــي كانــت تــروم إلــزام‬
‫رئيــس مجلــس النــواب بإحالــة طلــب داخــل أجــل ثمانيــة أيــام إلــى المحكمــة الدســتورية‬
‫بغــرض البــث فــي الخــاف القائــم بيــن فريــق مــن المعارضــة والحكومــة فــي الحالــة‬
‫التــي تدفــع فيهــا هــذه األخيــرة بعــدم قبــول مقتــرح قانــون مصــدره الفريــق المذكــور‬
‫أثنــاء الجلســة المخصصــة للتصويــت بحكــم أنــه ال يدخــل فــي مجــال القانــون وتشــبث‬
‫‪74‬‬
‫الفريــق صاحــب المقتــرح بموقفــه‪.‬‬
‫❙ضــرورة احتــرام الحــدود الدســتورية المرســومة لحقــوق المعارضــة‪ ،‬فــي رده علــى مــا‬ ‫❙‬
‫تضمنتــه المادتــان ‪ 43‬و‪ 222‬مــن النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب مــن مقتضيــات‬
‫تهــدف إلــى تخصيــص منصــب واحــد فــي المحكمــة الدســتورية ال يرشــح فيــه إال عضو‬
‫تقترحــه المعارضــة‪ ،‬علــى أن يراعــى هــذا المبــدأ عنــد تجديــد كل فئــة مــن أعضائهــا‪،‬‬
‫مبــررا ذلــك بكــون الدســتور‪ ،‬وتحديــدا الفصــل ‪ 10‬منــه‪ ،‬يحصــر حــق المعارضــة فــي‬
‫هــذا المجــال فــي اقتــراح المرشــحين وفــي انتخــاب أعضــاء المحكمــة الدســتورية‪.‬‬
‫❙عــدم إعطــاء المعارضــة البرلمانيــة صالحيــات يخولهــا الدســتور إلــى هيئــات محــددة‪،‬‬ ‫❙‬
‫علــى نحــو مــا بــرز ذلــك فــي موقفــه مــن مقتضيــات المــادة ‪ 42‬مــن النظــام الداخلــي‬
‫لمجلــس النــواب التــي كانــت تتيــح لهــا إمكانيــة تحديــد المــدة الزمنيــة الخاصــة بهــا فــي‬
‫مناقشــة ملتمــس الرقابــة الــذي تكــون هــي مصــدره‪ ،‬بالنظــر إلــى أن الدســتور أوكل‬
‫مهمــة وضــع جــدول أعمــال المجلــس إلــى مكتبــه وليــس إلــى أجهــزة أخــرى‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪25‬‬ ‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬

‫خاتمة‬
‫ً‬
‫حقوقــا‪ ،‬أم أمــام مركــز‬ ‫هــل نحــن أمــام وضــع دســتوري للمعارضــة أم أمــام مكانــة تخولهــا‬
‫قانونــي للمعارضــة ؟‪.‬‬

‫إذا كان الدســتور قــد اعتمــد كلمــة المكانــة كمــرادف لمصطلــح "‪ "un statut‬الــوارد فــي الصيغــة‬
‫الفرنســية مــن الدســتور‪ ،‬فانــه علــى مســتوى خطــاب الفاعليــن هنــاك تأرجــح بيــن "المكانــة"‬
‫خصــص الخطــاب الملكــي بمناســبة‬ ‫و "النظــام الخــاص"‪ ،‬بمــا فــي ذلــك الخطــب الملكيــة‪ ،‬حيــث ّ‬
‫افتتــاح الســنة التشــريعية الثالثــة مــن الواليــة التاســعة‪ ،‬فقــرات قويــة للدعــوة «إلــى إخــراج‬
‫النظــام الخــاص بالمعارضــة البرلمانيــة‪ ،‬لتمكينهــا مــن النهــوض بمهامهــا‪ ،‬فــي مراقبــة العمــل‬
‫الحكومــي والقيــام بالنقــد البنــاء وتقديــم االقتراحــات والبدائــل الواقعيــة" وفــي مناســبة‬
‫أخــرى‪ ،‬ليســت ســوى افتتــاح الســنة التشــريعية الثانيــة‪ ،‬تطــرق الخطــاب الملكــي حينهــا‬
‫الحترام «الوضــع القانونــي للمعارضــة البرلمانيــة ولحقوقهــا الدســتورية"‪.‬‬

‫الوجــه اآلخــر‪ ،‬واألكثــر تعقيــدا‪ ،‬إلشــكالية مكانــة المعارضــة‪ ،‬يوجــد فــي االجتهــاد الــذي طــوره‬
‫المجلــس الدســتوري حــول مســألة النظــام الخــاص للمعارضــة‪ ،‬بمناســبة مراقبتــه للنظــام‬
‫الداخلــي لمجلــس النــواب ســواء فــي قــراره بتاريــخ ‪ 16‬فبرايــر ‪ ،2012‬أو بتاريــخ ‪ 22‬غشــت‬
‫‪.2013‬‬

‫مضمــون هــذا االجتهــاد‪ ،‬يرتبــط بتأكيــد هــذا المجلــس علــى أن «منــح المعارضــة حقــا خاصــا‬
‫ـس واضــح بمبــدأ النســبية‬ ‫بهــا دون أن يمنــح أيضــا لألغلبيــة» أمــر مخالــف للدســتور وفيــه مـ ٌّ‬
‫وبقاعــدة المســاواة فــي التمثيــل الديمقراطــي بيــن جميــع نــواب األمــة‪ .‬فــا يمكــن التمييــز‬
‫بيــن النــواب فــي ممارســة حقوقهــم الدســتورية ومهامهــم البرلمانيــة بســبب انتمائهــم إلــى‬
‫ـتوري فهما معينـ ًـا لمســألة‬
‫ً‬ ‫فــرق نيابيــة دون أخرى!وهــذا مــا يعنــي بالضبــط ان للقضــاء الدسـ‬
‫الوضــع الخــاص‪ ،‬الــذي يعطــي المعارضــة وضعــا متقدمــا عمــا يتيحــه لهــا النظــام العــام (التمثيل‬
‫النســبي)‪.‬‬

‫وهنــا فــإن هامــش التأويــل لــدى القاضــي الدســتوري يتســع كلمــا كان هنــاك متســع مــن‬
‫المســاحة بيــن المبــادئ العامــة وبعــض المقتضيــات الخاصــة‪.‬‬

‫لذلــك فهــذا القاضــي ينطلــق مــن مبــدأ المســاواة كمبــدأ عــام‪ ،‬ومــن قواعــد تشــجيع المشــاركة‬
‫ـات خاصــة ‪.‬‬
‫النســائية أو ضمــان مكانــة المعارضــة كمقتضيـ ٍ‬

‫وهنا ُيطرح السؤال الضروري ‪:‬متى نطبق المبدأ العام ؟متى نطبق القواعد الخاصة؟ ‪.‬‬

‫متــى نعــود الــى منطــق المســاواة أو مــا يســميه المجلــس الدســتوري قاعــدة التمثيــل‬
‫الديمقراطــي المبنيــة علــى االنتخابــات ونتائجهــا ؟ومتــى نُ طبــق قاعــدة "المكانــة التــي حــرص‬
‫الدســتور علــى تخويلهــا للمعارضــة (الفصليــن ‪ :)69 / 10‬مثــا فــي حالــة اقتســام الحصــة‬
‫المتعلقــة بالنــواب فــي الجلســة الشــهرية ‪.‬‬

‫فــي حالــة المقتضيــات الخاصــة بالمشــاركة النســائية‪ ،‬فــإن القضــاء الدســتوري كان واضحـ ًـا فــي‬
‫‪ 2‬هدودحو‪ ‬لوحتلا‪ : ‬يبرغملا‪ ‬روتسدلا‪ ‬يف‪ ‬ةيناملربلا‪ ‬ةضراعملا ‪2.‬‬ ‫‪26‬‬

‫تحديــد الحجــج المحــددة لــكال االختياريــن‪ :‬البقــاء فــي مســتوى القاعــدة العامــة أو اللجــوء إلــى‬
‫المقتضيــات الخاصــة‪ ،‬حيــث اعتبــر المجلــس الدســتوري اعتبــر أن اإلجــراءات المؤقتــة للتحفيــز‬
‫اإليجابــي‪ ،‬تبقــى مطبوعــة بالخصائــص التاليــة‪ :‬المحــدودة‪ ،‬االســتثنائية والمرحليــة‪ ،‬وإذا كان‬
‫المقصــود بهــا هــو تدخــل المشـ ّـرع لتصحيــح اختــاالت مجتمعيــة وثقافيــة‪ ،‬لــن تمكــن النســاء ‪-‬‬
‫لحظــة االقتــراع العــام ‪ -‬مــن تمثيليــة مالئمــة‪ ،‬فإنــه مــن غيــر المقبــول نقــل العمــل بهــذه التدابيــر‬
‫مــن المجتمــع إلــى داخــل مؤسســات النخبــة مثــل مجلــس النــواب‪.‬‬

‫لكــن فــي حالــة وضــع المعارضــة‪ ،‬فــان المجلــس الدســتوري ال يوضــح لنــا فــي قراراتــه‪ ،‬متــى‬
‫يتــم االنتقــال مــن النظــام العــام أو قاعــدة ‪:‬المســاواة بيــن النــواب‪ ،‬إلــى قاعــدة النظــام الخــاص‬
‫للمعارضــة‪ ،‬ممــا يجعــل المجلــس الدســتوري يمــارس ســلطة تقديريــة كبيــرة فــي هــذا الشــأن ‪.‬‬

‫فــي النهايــة فــان الوقــوف علــى النــص الدســتوري‪ ،‬والنظاميــن الداخلييــن للبرلمــان واجتهادات‬
‫ـا تعميــم منطــق المســاواة والنســبية كقاعــدة‬‫القاضــي الدســتوري‪ ،‬يوضــح أننــا تجاوزنــا قليـ ً‬
‫وحيــدة للعمــل البرلمانــي‪ ،‬لكننــا لــم نصــل بعــد إلــى مســتوى النظــام الخــاص للمعارضــة ‪.‬‬

‫المجلــس الدســتوري اعتبــر أن اللجــوء إلــى إعمــال قواعــد المكانــة الخاصــة هــو بمثابــة اســتثناء‬
‫علــى قاعــدة عامــة هــي التمثيــل الديمقراطــي لذلــك المجلــس الدســتوري ال يقــرأ الفصــول ‪10‬‬
‫و‪( 69‬كقواعــد خاصــة واســتثنائية تتعلــق بالمكانــة التــي تخــول للمعارضــة ممارســة حقوقهــا)‬
‫إال علــى ضــوء الفصــل ‪ 11‬والفصــل ‪( 47‬كقواعــد عامــة تتعلــق باالنتخابــات الحــرة كأســاس‬
‫لمشــروعية التمثيــل الديمقراطــي) وهنــا فــإن "اللغــة" هنــا تبــدو بليغــة ‪ :‬هنــاك مكانــة‬
‫ً‬
‫خاصــا‪.‬‬ ‫ً‬
‫نظامــا‬ ‫للمعارضــة فقــط وليــس‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫علــى مســتوى الممارســة عندمــا نعــود إلــى معطيــات الواليــة التشــريعية التاســعة ‪ 2011‬ـــــــ‬
‫‪ ،2016‬نجــد أن الحصيلــة التشــريعية بشــكل عــام ال تتجــاوز ‪ 7%‬تقريبــا مــن القوانيــن المصادقــة‬
‫عليهــا بمبــادرة برلمانيــة فــي مقابــل ‪ 93%‬مــن القوانيــن المصادقــة عليهــا التــي ولــدت بمبــادرة‬
‫حكوميــة‪ ،‬وإذا تعمقنــا فــي الحصيلــة التشــريعية للمعارضــة فإنهــا ال تتجــاوز ‪ 1%‬علــى أبعــد‬
‫تقديــر مــن القوانيــن المصادقــة عليهــا بمبــادرة برلمانيــة‪.‬‬

‫أمــا علــى المســتوى الرقابــي‪ ،‬فالمعارضــة لــم تســتطع فــي عالقتهــا مــع الســلطة التنفيذيــة‬
‫أن تفعــل أي مــن اآلليــات الرقابيــة األساســية‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬

‫‪.3‬‬
‫القضاء‪ ‬الدستوري‬
‫بين‪ ‬التأويل‪ ‬الرئاسي‬
‫والتأويل البرلماني‬
‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪ .3‬القضاء‪ ‬الدستوري‪ ‬بين‪ ‬التأويل‬
‫الرئاسي‪ ‬والتأويل البرلماني‬
‫منذ دخول أول دستور حيز التنفيذ‪ 75،‬شهدت مؤسسة القضاء الدستوري بالمغرب تطورا يمكن‬
‫تقسيمه وفق ثالثة مراحل مترابطة‪ 76،‬برزت بعد انطالق العـمل باللجنة الدستورية المؤقتة‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫المرحلة األولى‪:‬‬
‫المشــرع الدســتوري غرفــة‬ ‫امتــدت مــن وثيقــة ‪ 1962‬إلــى دســتور ‪ 78،1972‬حيــث َأحــدث ُ‬
‫دســتورية لــدى لمجلــس األعلــى‪ُ ،‬أنيطــت بهــا اختصاصــات محــدودة جــدا فــي مــادة مراقبــة‬
‫‪79‬‬

‫دســتورية القوانيــن؛ إذ اقتصــرت فقــط علــى الرقابــة اإللزاميــة القبليــة للقوانيــن التنظيميــة‬
‫والقوانيــن الداخليــة لمجلســي البرلمــان‪ 80،‬والبــت فــي منازعــات االنتخابــات التشــريعية‪ ،‬والنظر‬
‫فــي صحــة العمليــات االســتفتائية‪ ،‬والبــت فــي تنــازع االختصــاص بيــن الحكومــة والبرلمــان‬
‫بخصــوص الطبيعــة التشــريعية أو‪ ‬التنظيميــة للنصــوص القانونيــة‪ 81،‬والنظــر فــي إمكانيــة‬
‫تغييــر النصــوص الصــادرة فــي صيغــة قانــون بمرســوم بعــد رأي ُمطابق من الغرفة الدســتورية‬
‫لــدى المجلــس األعلــى‪ 82،‬باإلضافــة إلــى استشــارة الملــك لرئيــس الغرفــة الدســتورية قبــل حــل‬
‫مجلــس النــواب‪.‬‬

‫وفــي هــذا الســياق‪ ،‬تألفــت الغرفــة الدســتورية بالمجلــس األعلــى فــي ظــل دســتور ‪ 1962‬مــن‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫خمســة أعضــاء‪ ،‬فباإلضافــة لرئيــس المجلــس األعلــى الــذي يتولــى رئاســـة الغرفــة الدســتورية‪،‬‬
‫ُي ِعيــن الملــك بمرســوم ملكــي لمــدة ســت ســنوات قــاض مــن الغرفــة اإلداريــة للمجلــس‬
‫األعلــى وأســتاذ بكليــة الحقــوق‪ ،‬وعضويــن ُي َعيــن أحدهمــا رئيــس مجــس النــواب واآلخــر رئيــس‬
‫‪83‬‬
‫مجلــس المستشــارين‪ ،‬وذلــك فــي مســتهل مــدة النيابــة أو إثــر كل تجديــد جزئــي‪.‬‬

‫وقــد عرفــت تشــكيلة الغرفــة الدســتورية تغيــرا طفيفــا فيمــا يتعلــق بتركيبتهــا‪ ،‬حيــث أضحــت مــع‬
‫إقــرار دســتور ‪ 1970‬تتألــف مــن الرئيــس الــذي يــرأس بقــوة القانــون المجلــس األعلــى وقــاض‬
‫مــن الغرفــة اإلداريــة للمجلــس األعلــى وأســتاذ بكليــة الحقــوق يعينــان بظهيــر شــريف لمــدة‬
‫‪84‬‬
‫ســت ســنوات‪ ،‬وعضــو يعينــه رئيــس مجلــس النــواب‪ ،‬وذلــك فــي مســتهل مــدة النيابــة‪.‬‬

‫المشــرع مــن خــال دســتور ‪ 1972‬مــن تركيبــة الغرفــة الدســتورية‬ ‫وفــي ذات الســياق‪ ،‬وســع ُ‬
‫لتصــل إلــى ســبعة أعضــاء‪ ،‬إذ تشــمل باإلضافــة إلــى الرئيــس ثالثــة أعضــاء يعينــون بظهيــر‬
‫شــريف لمــدة النيابــة التشــريعية‪ ،‬وثالثــة أعضــاء يعينهــم فــي مســتهل مــدة النيابــة رئيــس‬
‫‪85‬‬
‫مجلــس النــواب بعــد استشــارة فـــرق المجلــس‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪:‬‬
‫انطلقــت مــع دســتور ‪ 86،1992‬حيــث عرفــت مؤسســة القضــاء الدســتوري تطــورا نســبيا‬
‫ومحــدودا مــن خــال تدعيــم اســتقالله المؤسســاتي وتوســيع اختصاصاتــه وتمطيــط (الزيــادة‬
‫فــي) مدتــه والرفــع مــن عــدد أعضائــه‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬

‫وفــي هــذا اإلطــار‪َ ،‬غــدا المجلــس الدســتوري ُيمــارس باإلضافــة إلــى االختصاصــات التــي‬
‫كانــت مســندة للغرفــة الدســتورية للمجلــس األعلــى‪ ،‬البــت القبلــي وغيــر اإللزامــي للقوانيــن‬
‫(العاديــة) قبــل إصــدار األمــر بتنفيذهــا بإحالــة مــن لــدن الملــك أو الوزيــر األول أو رئيــس مجلــس‬
‫النــواب أو ربــع أعضــاء مجلــس النــواب‪ 87،‬باإلضافــة إلــى استشــارة الملــك لرئيــس المجلــس‬
‫‪88‬‬
‫الدســتوري قبــل اإلعــان عــن حالــة االستـــثناء‪.‬‬

‫وفيمــا يتعلــق بتركيبــة المجلــس الدســتوري‪ ،‬فقــد حددهــا دســتور ‪ 1992‬فــي تشــكيلة تتألــف‬
‫مــن تســعة أعضــاء‪ ،‬أربعــة منهــم‪ ،‬يعنيهــم الملــك لمــدة ســت ســنوات‪ ،‬وأربعــة أعضــاء يعينهــم‬
‫رئيــس مجلــس النــواب لنفــس المــدة بعــد استشــارة الفــرق النيابيــة‪ ،‬باإلضافــة إلــى رئيــس‬
‫‪89‬‬
‫المجلــس الدســتوري الــذي يعيــن مــن لــدن الملــك‪.‬‬

‫وفيمــا يخــص دســتور ‪ 1996‬الــذي تشــبث بنفــس االختصاصــات التــي كانــت َمنُ وطــة للمجلــس‬
‫الدســتوري فــي ظــل دســتور ‪ ،1992‬غيــر أنــه أحــدث تـــغييرا شــكليا علــى تركيبــة المجلــس‬
‫الدســتوري‪ ،‬الــذي أصبــح يتألــف مــن اثنــي عشــر عضــوا بفعــل تبنــي المشــرع الدســتوري لنظــام‬
‫الثنائيــة المجلســية‪ ،‬مــع اإلشــارة إلــى توســيع مــدة عضويــة المجلــس الدســتوري إلــى تســع‬
‫‪90‬‬
‫ســنوات غيــر قابلــة للتجديــد مــع مراعــاة التجديــد األولــي‪.‬‬

‫وقــد يكــون مفيــدا التذكيــر‪ ،‬بــأن هــذه المرحلــة تميــزت بتبنــي المشــرع الدســتوري لمعجــم‬
‫‪91‬‬
‫دســتوري مغايــر مــن خــال تعويـــض مصطلــح القوانيــن الداخلية للبرلمــان باألنظمــة الداخلية‪،‬‬
‫واالرتقــاء بالغرفــة الدســتورية إلــى مجلــس دســتوري مســتقل‪ ،‬ودستـــرة ُح ِجيــة وعــدم قابليــة‬
‫قــرارات المجلــس الدســتوري للطعــن‪ 92،‬باإلضافــة إلــى التنصيــص علــى عــدم إمكانيــة تجديــد‬
‫‪93‬‬
‫مهــام أعضــاء المجلــس الدســتورية للتجديــد‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪:‬‬
‫انطلقــت معياريــا مــع دســتور ‪ 2011‬التــي نصــت علــى إحــداث محكمــة دســتورية‪ 94،‬التــي‬
‫تتألــف مــن اثنــي عشــر عضــوا‪ ،‬يعينــون لمــدة تســع ســنوات غيــر قابلــة للتجديــد‪ ،‬ســتة أعضــاء‬
‫يعينهــم الملــك‪ ،‬مــن بينهــم عضــو يقترحــه األميــن العــام للمجلــس العلمــي األعلــى‪ ،‬وســتة‬
‫أعضــاء ُينتخــب نصفهــم مــن قبــل مجلــس النــواب‪ ،‬وينتخــب النصــف األخــر مــن قبــل مجلــس‬
‫المستشــارين مــن بيــن المترشــحين الذيــن يقدمهــم مكتــب كل مجلــس‪ ،‬وذلــك بعــد التصويــت‬
‫باالقتــراع الســري وبأغلبيــة ثلثــي األعضــاء الذيــن يتألــف منهــم كل مجلــس‪ ،‬مــع اإلشــارة‪ 95‬إلــى‬
‫أن الملــك يعيــن رئيــس المحكمــة الدســتورية مــن بيــن األعضــاء الذيــن تتألــف منهــم المحكمــة‬
‫‪96‬‬
‫الدســتورية‪.‬‬

‫واستشــعارا مــن المشــرع بأهميــة مســؤولية أعضــاء المحكمــة الدســتورية‪ ،‬فإنــه اشــترط فــي‬
‫أعضائهــا المشــهود لهــم بالتجــرد والنزاهــة‪ ،‬التكويــن فــي المجــال القانونــي وضــرورة توفــر‬
‫الكفــاءة القضائيــة أو الفقهيــة أو‪ ‬اإلداريــة مــن خــال تجربــة تفــوق خمــس عشــرة ســنة‪.‬‬

‫وممــا يتعيــن ذكــره‪ ،‬هــو أن المشــرع الدســتوري عمــل علــى توســيع اختصاصــات القضــاء‬
‫الدســتوري فــي نطــاق دســتور ‪.2011‬‬
‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬ ‫‪30‬‬

‫فباإلضافــة إلــى االختصاصــات التــي كان يمارســها المجلــس الدســتوري فــي ظــل دســتوري‬
‫‪98‬‬
‫‪ 1992‬و‪ 97،1996‬أصبحــت المحكمــة الدســتورية تنظــر فــي الرقابــة علــى المعاهــدات الدوليــة‪،‬‬
‫بإحالــة اختياريــة مــن ذوي االختصــاص‪ 99،‬والنظــر فــي الدفوعــات الدســتورية مــن قبــل األطــراف‬
‫اســتنادا إلــى الفصــل ‪ 133‬مــن الدســتور‪ ،‬ثــم مراقبــة األنظمــة الداخليــة للمجالــس المنظمــة‬
‫‪100‬‬
‫بمـــوجب قوانيــن تنظيميــة‪.‬‬

‫وخــال الفتــرة الممتــدة مــا بيــن دخــول الوثيقــة الدســتورية حـــيز التنفيــذ‪ 101‬والســنة األخـــيرة مــن‬
‫الواليــة التشــريعية‪ 102‬التاســعة أصــدر المجلــس الدســتوري‪ 204 103‬قــرارا‪.‬‬

‫‪ 1.3‬القضاء الدستوري بين تحصين استقاللية هيئات‬


‫الحكامة‪ ،‬وتكريس األثر المهيكل للقانون التنظيمي‬
‫المتعلق بالتعيين في مناصب المسؤولية ‪:‬‬
‫في إرهاصات تأويل رئاسي للدستور‬
‫الدســتور المغربــي الــذي جــاءت إصالحاتــه الجديــدة‪ ،‬لكــي تحــاول إغنــاء الطابــع التمثيلــي‬
‫وســلطة االقتــراع العــام وتقويــة التأويــل البرلمانــي‪ ،‬هــو نفســه الــذي أفــرد بابــا كامــا لمــا‬
‫أســماه بهيئــات حمايــة الحقــوق والحريــات والحكامــة الجيــدة والتنميــة البشــرية والمســتدامة‬
‫والديمقراطيــة التشــاركية‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫​وإذا كان النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب‪ ،‬فــي صيغتــه األولــى‪ ،‬قبــل مالحظــات المجلــس‬
‫ا لدســتوري‪ ،‬قــد جعــل مــن وضعيــة هــذه المؤسســات شــبيهة بالمؤسســات العموميــة‬
‫والمقــاوالت العموميــة التــي توجــد تحــت طائلة‪ ‬الرقابــة البرلمانيــة‪ ،‬بمــا فــي ذلــك امكانيــة‬
‫مثــول رؤســائها أمــام اللجــن النيابيــة المعنيــة بمجــال اشــتغالها‪ ،‬فــإن المجلــس الدســتوري أقــر‬
‫عــدم دســتورية ذلــك المقتضــى مــن النظــام الداخلــي انطالقــا مــن مبــدأ "اســتقاللية" هــذه‬
‫المؤسســات المدرجــة فــي خانــة هيئــات الحكامــة الجيــدة‪.‬‬

‫​ما معنى هذه "االستقاللية" خاصة في عالقة بالسلطة التشريعية؟ أين تبدأ سلطة المنتخبين‬
‫وأين تنتهي‪ ،‬أين موقع "المؤسسات الوطنية" من مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟‬

‫​وباختصار‪ ،‬كيف يمكن تصور عالقة المؤسسات التمثيلية بالمؤسسات الوطنية؟‬

‫إنهــا األســئلة التــي أجــاب عنهــا المجلــس الدســتوري‪ ،‬بعيــدا عــن التأويــل البرلمانــي للوثيقــة‬
‫الدســتورية‪ .‬وبنفــس الروح‪ ‬اعتبــر المجلــس الدســتوري إن تقييــم السياســات العموميــة ال‬
‫يمكــن أن يكــون عمــا للجــان البرلمانيــة‪ ،‬وإنــه يمكــن اختــزال كل هــذه "الصالحيــة البرلمانيــة‬
‫الكبــرى"‪ ،‬فــي مجــرد جلســة ســنوية واحــدة للمجلســين مجتمعيــن!‪.‬‬

‫علــى أن‪ ‬التأويــل المهيــكل للحيــاة الدســتورية‪ ،‬والــذي بلــوره المجلــس الدســتوري تجلــى‬
‫بمناســبة مراقبتــه للقانــون التنظيمــي رقــم ‪ 02.12‬المتعلــق بالتعييــن فــي المناصــب العليــا‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬

‫لقــد ارتبطــت اإلشــكالية الدســتورية التــي يطرحهــا القانــون التنظيمــي رقــم ‪ 02.12‬بالحجــم‬
‫الــذي جــاءت بــه الئحــة المؤسســات والمقــاوالت العموميــة اإلســتراتيجية (‪ 20‬مؤسســة و‪17‬‬
‫مقاولــة)‪ ،‬خاصــة عندمــا نجــد أن العديــد مــن هــذه المؤسســات والمقــاوالت مــن الصعــب‬
‫تصنيفهــا فــي خانــة الهيئــات ذات الطبيعــة اإلســتراتيجية‪.‬‬

‫الجديــر بالمالحظــة فــي هــذا الســياق أن القانــون التنظيمــي المذكــور لــم يكلــف نفســه أن‬
‫يقــدم التعريــف الــذي يعطيــه لمفهــوم "اإلســتراتيجية" وال أن يســتعرض مؤشــرات التصنيــف‬
‫والمعاييــر المعتمــدة لفــرز المؤسســات والمقــاوالت اإلســتراتيجية عــن غيرهــا‪.‬‬

‫الحكومــة مــن جهتهــا ومــن خــال عــرض الوزيــر الــذي قــدم مشــروع القانــون التنظيمــي أمــام‬
‫مجلــس النــواب (لجنــة العــدل والتشــريع يــوم ‪ 27‬مــارس ‪ )2012‬حــددت االعتبــارات التــي تمــت‬
‫مراعاتهــا فــي ضبــط الئحــة المؤسســات والمقــاوالت العموميــة اإلســتراتيجية فيمــا يلــي‪:‬‬

‫❙الطبيعة اإلستراتيجية؛‬ ‫❙‬


‫❙األدوار المحورية التي تضطلع بها في الميادين االقتصادية واالجتماعية والثقافية؛‬ ‫❙‬
‫❙األوراش الكبرى المهيكلة التي تتولى إنجازها‪.‬‬ ‫❙‬
‫ومــن الواضــح أن األمــر ال يتعلــق هنــا بمعاييــر دقيقــة لمحــددات الطبيعــة اإلســتراتيجية‬
‫الــذي علــى أساســه تختلــف مســطرة التعييــن فــي الوظائــف الســامية داخــل المؤسســات‬
‫والمقــاوالت العموميــة‪.‬‬

‫إن اإلشــكالية الدســتورية هنــا تتجلــى فــي كــون تمطيــط معيــار الطبيعــة اإلســتراتجية وعــدم‬
‫تدقيــق القانــون التنظيمــي للمؤشــرات الواضحــة لهــذا المعيــار‪ ،‬يجعــل جــزءا مــن الصالحيــات‬
‫ذات العالقــة بالمجــال الحصــري للحكومــة ينــزاح إلــى المجــال المشــترك‪ ،‬وهــو مــا يجعل من هذا‬
‫القانــون يذهــب فــي تجــاه تأويــل رئاســي للوثيقــة الدســتورية‪ ،‬التــي جعلــت المجلــس الــوزاري‬
‫محتفظــا بصالحيــات ذات طابــع إســتراتيجي وتوجيهــي وتحكيمــي‪ ،‬مقابــل جعــل الحكومــة‬
‫مســؤولة عــن تنفيــذ برنامجهــا الحكومــي وعــن تدبيــر السياســات العموميــة والقطاعيــة‪ ،‬والتــي‬
‫انطلقــت مــن ربــط المســؤولية بالمحاســبة كأحــد مقومــات النظــام الدســتوري‪...‬‬

‫إن تنصيــص الفصــل ‪ 89‬مــن الدســتور علــى أن الحكومــة تمــارس الســلطة التنفيذيــة وعلــى‬
‫أنهــا تعمــل تحــت ســلطة رئيســها علــى تنفيــذ البرنامــج الحكومــي وعلــى ضمــان تنفيــذ‬
‫القوانيــن وأنهــا تمــارس اإلشــراف والوصايــة علــى المؤسســات والمقــاوالت العموميــة‪،‬‬
‫وتنصيــص الفصــل ‪ 102‬علــى خضــوع هــذه األخيــرة للرقابــة البرلمانيــة‪ ،‬يجعــل مــن العالقــة‬
‫بيــن الحكومة‪ ‬وهــذه المؤسســات والمقــاوالت‪ ،‬هــي األصــل‪ ،‬وبالتالــي فاالســتثناء هــو مــا‬
‫تقــره المــادة ‪ 49‬عندمــا تنــص علــى أن الئحــة المؤسســات والمقــاوالت اإلســتراتيجية التــي‬
‫يتــم تعيــن المســؤولون عنهــا فــي المجلــس الــوزاري‪ ،‬تحــدد بقانــون تنظيمــي‪.‬‬

‫لذلــك البــد مــن التســاؤل عمــا إذا كان منطــق اإلســتثناء‪ ،‬والمحدوديــة الــذي أســبغه الدســتور‬
‫علــى هــذه المنشــئات‪ ،‬يمكن أن يجعــل مجموعها‪ ‬يصــل إلــى كل هــذا العــدد (‪ )37‬مــن‬
‫المؤسســات والمقــاوالت‪ ،‬خاصــة عندمــا نطلــع علــى أن البعــض منهــا ذو نشــاط محلــي ال‬
‫يرقــى إلــى الطبيعــة اإلســتراتيجية التــي تفتــرض بالضرورة إشــعاعا وطنيــا‪ ،‬أو عندما نجد بعض‬
‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬ ‫‪32‬‬

‫المؤسســات أو المقــاوالت ال تشــكل ســوى آليــات مؤسســية لتفعيــل البرامــج الحكوميــة دون‬
‫أن يحظــى نشــاطها بــأي بعــد إســتراتيجي بالنســبة للدولــة ولســيادتها االقتصاديــة وتوازناتهــا‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬أو عندمــا يؤثــر المعيــار المالــي الــذي اعتمــد فــي غالبيــة الالئحــة كمعيــار "محــدد"‬
‫علــى المنطــق الســليم للتصنيــف حيــث نجــد مثــا "الصنــدوق الوطنــي للضمــان االجتماعــي"‬
‫ضمــن خانــة المؤسســات اإلســتراتيجية مقابــل "الصنــدوق المغربــي للتقاعــد" الــذي صنــف‬
‫خــارج هــذه الالئحــة؛ أو" الصنــدوق المغربــي للتنميــة الســياحية" كمقاولــة إســتراتيجية مقابــل‬
‫"المكتــب الوطنــي للســياحة "كمؤسســة غيــر إســتراتيجية‪.‬‬

‫ولذلــك انتظــر الباحثــون‪ ،‬مناســبة مــرور هــذا القانــون إلــى المجلــس الدســتوري‪ ،‬للتعــرف علــى‬
‫الطريقــة التــي سيفســر بهــا القضــاء الدســتوري‪ ،‬مفهــوم "االســتراتيجية" كمفهــوم غامــض‪،‬‬
‫مــن جهــة‪ ،‬ومحــدد مــن جهــة أخــرى لنــوع مــن تدبيــر الصالحيــات التنفيذيــة‪ ،‬لكــن هــذا المجلــس‬
‫تجاهــل نهائيــا هــذا الــدور التفســيري‪ ،‬ممــا جعلــه عمليــا مدعمــا للتأويــل الــذي قــام بــه المشــرع‪،‬‬
‫وهــو تأويــل بعيــد عــن المنطــق البرلمانــي‪.‬‬

‫إن المؤشــرات المذكــورة البــد وأن توحــي بالخالصــة األوليــة التاليــة‪ :‬لقــد بنــي القضــاء‬
‫الدســتوري المغربــي "عقيدتــه" االجتهاديــة علــى المغــاالة فــي تقييــد وعقلنــة البرلمــان‪ ،‬لذلــك‬
‫كان البــد مــن طــرح الســؤال عمــا إذا كان مــن خــال هــذه العينــة مــن القــرارات ‪-‬مــع التوازنــات‬
‫المؤسســية الجديــدة‪ -‬ســيتحول إلــى مدافــع عــن تقييــد وعقلنــة الحكومــة مقابــل الصالحيــات‬
‫الملكيــة؟‬

‫الجــواب ســيكون إيجابيــا بالتأكيــد‪ ،‬خاصــة مــع تكريــس هــذا االتجــاه مــن خــال قــرارات أخــرى‪،‬‬
‫نعــرض لواحــد مــن أهمهــا فــي الفقــرة التاليــة‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪ 2.3‬القضاء الدستوري ومسألة تنصيب الحكومة‪:‬‬
‫في ترسيخ التأويل الرئاسي للدستور‪.‬‬
‫بعــد خــروج حــزب االســتقالل مــن التحالــف الحكومــي‪ ،‬والتحــاق حــزب التجمــع الوطنــي لألحــرار‬
‫بحكومــة الســيد عبــد اإللــه بنكيــران (ســنة ‪ ،)2012‬أثيــر نقــاش دســتوري وسياســي يتعلــق‬
‫بإشــكالية تنصيــب البرلمــان للحكومــة‪ 104‬فــي نســختها الثانيــة‪.‬‬

‫وفــي هــذا اإلطــار‪ ،‬تقدمــت المعارضــة بطعــن فــي القانــون المالــي لســنة ‪2014‬‬
‫‪105‬‬

‫رقــم ‪ 013 / 10‬لــدى المجلــس الدســتوري‪ ،‬الــذي أصــدر قــرارا صــرح فيه‪ 106،‬بأن المآخذ المســتدل‬
‫بهــا للطعــن فــي دســتورية قانــون الماليــة برســم ســنة ‪ ،2014‬ال تنبنــي علــى أســاس دســتوري‬
‫صحيح‪.‬‬

‫وبذلــك يكــون المجلــس الدســتوري فــي قــراره رقــم ‪ ،13 / 931‬الصــادر بتاريــخ ‪ ،2013‬قــد أعــاد‬
‫النقــاش مــن جديــد حــول "إشــكالية" تنصيــب الحكومــة‪ ،‬وهــو النقــاش الــذي كانــت قــد عرفتــه‬
‫حكومــة د‪ .‬عبــد اإللــه بنكيــران فــي أيامهــا األولــى‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬

‫والواقـع أن النقـاش حـول مـدى حاجـة حكومـة ذ‪ .‬عبـد االلـه بنكيـران الثانيـة للتنصيـب البرلمانـي‪،‬‬
‫فعليـا حتـى قبـل تعييـن هـذه الحكومـة‪ ،‬إذ عبر البعض عن ضرورة المرور من مسـطرة‬ ‫ً‬ ‫قـد انطلـق‬
‫الفصل ‪ ،88‬إبان انطالق مشـاورات رئيس الحكومة من أجل بناء أغلبية سياسـية ونيابية جديدة‪.‬‬

‫و إذا كانــت المعارضــة البرلمانيــة قــد دافعــت علــى ضــرورة عــرض الحكومــة المذكــورة لبرنامــج‬
‫ـا‬ ‫جديــد أمــام مجلــس النــواب‪ ،‬للحصــول علــى الثقــة‪ ،‬فــإن جـ ً‬
‫ـزءا مــن األغلبيــة الحكوميــة‪ ،‬ممثـ ً‬
‫ً‬
‫وســطا لهــذا الجــدل السياســي‬ ‫حــا‬
‫ً‬ ‫فــي حــزب التقــدم واالشــتراكية‪ ،‬قــد اعتبــر أن هنــاك‬
‫والدســتوري‪ ،‬يكمــن فــي تقديــم رئيــس الحكومــة لتصريــح أمــام البرلمــان‪ ،‬يليــه نقــاش وال‬
‫يكــون متبوعـ ًـا بــأي تصويــت‪.‬‬

‫ـواء داخــل جماعــة الباحثيــن الدســتوريين‪ ،‬وداخــل الفاعليــن‪ ،‬فــإن الحجــج قــد تباينــت دفاعـ ًـا‬ ‫وسـ ٌ‬
‫عــن التنصيــب البرلمانــي‪ ،‬أو دفاعـ ًـا عــن غيــاب الحاجــة إليــه‪.‬‬

‫المدافعــون عــن التنصيــب البرلمانــي‪ ،‬انطلقــوا مــن كــون المنطــق البرلمانــي الــذي صــار يحكــم‬ ‫ُ‬
‫عالقــة الحكومــة بمجلــس النــواب‪ ،‬يســتوجب اعتبــار الحكومــة فــي نســختها الثانيــة‪ ،‬حكومــة‬
‫جديــدة‪ ،‬ألننــا أمــام أغلبيــة سياســية جديــدة‪ ،‬وهــو مــا ُي َحتــم اللجــوء إلــى تعاقــد جديــد مــع‬
‫مجلــس النــواب ؛فــي صيغــة تصويــت بالثقــة‪ .‬‬

‫المقابــل المؤيــدون لعــدم جــدوى حصــول الحكومــة علــى التنصيــب‪ ،‬انطلقــوا مــن التركيــز‬ ‫فــي ُ‬
‫علــى موقــع رئيــس الحكومــة‪ ،‬الــذي يعيــن بنــاء علــى نتائــج االنتخابــات وال يمكــن إعفــاءه مــن‬
‫مهامــه‪ ،‬فحــاالت اإلعفــاء تشــمل الحكومــة ككل‪ ،‬إذا لــم تحصــل علــى األغلبيــة الموصوفــة‬
‫الالزمــة لنيــل ثقــة مجلــس النــواب‪ ،‬ســواء عنــد عــرض برنامجهــا الحكومــي أو بمبــادرة مــن‬
‫رئيســها الــذي يمكنــه أن يطلــب ثقــة مجلــس النــواب حســب الفصــل ‪ ،103‬أو عنــد التصويــت‬
‫علــى ملتمــس الرقابــة مــن طــرف مجلــس النــواب‪ ،‬أو عنــد تقديــم رئيــس الحكومــة الســتقالته‪.‬‬

‫بعــد دقائــق مــن التصويــت علــى مشــروع قانــون ماليــة ‪ ،2014‬بمجلــس النــواب‪ ،‬يــوم ‪ 27‬دجنبــر‬
‫‪ ،2013‬تــم وضــع عريضــة موقعــة مــن طــرف أعضــاء بهــذا المجلــس‪ ،‬تٌ حيــل هــذا القانــون علــى‬
‫المجلــس الدســتوري‪ ،‬للطلــب بالتصريــح بعــدم دســتوريته‪.‬‬

‫رســالة اإلحالــة تضمنــت خمســة مآخــذ‪ ،‬أولهــا يتعلــق بعــدم تنصيــب الحكومــة‪ ،‬حيــث تــم اعتبــار‬
‫أن مشــروع القانــون تــم تقديمــه مــن طــرف حكومــة جديــدة غيــر منصبــة‪ ،‬علمــا ان الدســتور‬
‫حــرص علــى ربــط انطالقــة عمــل الحكومــة بالحصــول علــى ثقــة مجلــس النــواب‪ ،‬وهــو مــا يجعــل‬
‫مــن المنطقــي أن تشــتغل األغلبيــة الجديــدة‪ ،‬خاصــة بعــد انســحاب وزراء حــزب االســتقالل‬
‫وانضمــام التجمــع الوطنــي لألحــرار‪ ،‬علــى صياغــة برنامــج حكومــي جديــد يكــون موضــوع تعاقــد‬
‫جديــد مــع مجلــس النــواب‪ ،‬ويتفــرع عنــه قانــون الماليــة كأداة لتنفيــذ البرنامــج الحكومــي‪.‬‬

‫‪ ‬قــرار المجلــس الدســتوري‪ ،‬الــذي صــدر ثالثــة أيــام بعــد ذلــك‪ ،‬قضــى بأنــه ليــس هنالــك مــا‬
‫ً‬
‫دســتوريا لتنصيــب جديــد للحكومــة القائمــة‪ ،‬انطالقــا مــن الحيثيات‪/‬العناصــر التاليــة‪:‬‬ ‫يدعــو‬

‫❙إمكانيــة حصــول تعديــات وتغييــرات جزئيــة فــي أعضائهــا والهيئــات المكونــة لهــا‪،‬‬ ‫❙‬
‫بعــد تعيينهــا مــن طــرف الملــك وتنصيبهــا مــن لــدن مجلــس النــواب‪( .‬الفقــرات ‪،4 ،3‬‬
‫‪ 5‬مــن الفصــل ‪)47‬‬
‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬ ‫‪34‬‬

‫❙كــون إعفــاء الحكومــة بكاملهــا ال يترتــب إال عــن اســتقالة رئيــس الحكومــة‪( .‬الفقــرة ‪6‬‬ ‫❙‬
‫مــن الفصــل ‪)47‬‬
‫❙اعتبــار أن تجديــد الهيــكل التنظيمــي للحكومــة وتركيبتهــا وتوزيــع الصالحيــات بيــن‬ ‫❙‬
‫أعضائهــا ومــا يطــرأ علــى كل ذلــك مــن تغييــرات بعــد تنصيبهــا‪ ،‬أمــور تعــود إلــى‬
‫الملــك وإلــى رئيــس الحكومــة‪( .‬الفصليــن ‪ 47‬و‪)90‬‬
‫❙انســحاب هيئــة حزبيــة مــن الحكومــة وانضمــام هيئــة أخــرى إليهــا‪ ،‬ينــدرج فــي مســار‬ ‫❙‬
‫الســلوك السياســي للهيئــات الحزبيــة التــي يعــود إليهــا وحدهــا تبريــر ذلــك أمــام‬
‫ناخبيهــا والــرأي العــام‪.‬‬
‫❙الفصـل ‪ 88‬يجعـل مـن تنصيـب الحكومـة يتم على أسـاس البرنامـج الذي يعرضه رئيس‬ ‫❙‬
‫الحكومـة أمـام مجلسـي البرلمـان‪ ،‬وهـو البرنامـج الـذي تعمـل الحكومـة تحـت سـلطة‬
‫رئيسـها علـى تنفيـذه‪ ،‬وبالتالـي التنصيـب ينصـب علـى البرنامـج وليـس علـى التركيبـة‪.‬‬
‫❙عــدم تقديــم الحكومــة لبرنامــج جديــد‪ ،‬بعــد تغييــر بعــض مكوناتهــا‪ ،‬يعــد بمثابــة التــزام‬ ‫❙‬
‫مــن الحكومــة المعدلــة بمواصلــة تنفيــذ البرنامــج األصلــي الــذي نالــت علــى أساســه‬
‫ثقــة مجلــس النــواب‪.‬‬
‫ً‬
‫انطالقا من كل ما سبق‪ ،‬يمكن تقديم المالحظات السريعة التالية‪:‬‬

‫‪ 1.1‬القــرار دون أن يفتــرض ذلــك أجــاب بوضــوح علــى األســئلة التــي أثيــرت خــال المحطــة‬
‫األولــى للنقــاش حــول إشــكالية التنصيــب‪ ،‬حيــث أبــرز بشــكل واضــح التمييــز بيــن‬
‫لحظتــي التعييــن الملكــي والتنصيــب البرلمانــي‪ ،‬فــي مســطرة تشــكل الحكومــة وفقـ ًـا‬
‫لمقتضيات دســتور ‪ .2011‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪2.2‬تحاشــي قــرار المجلــس الدســتوري‪ ،‬بشــكل واضــح‪ ،‬أدنــى إشــارة إلــى مفهــوم‬
‫"األغلبيــة الحكوميــة"‪ ،‬إذ رغــم أن المعجــم الدســتوري المنبثــق مــن وثيقــة ‪،2011‬‬
‫هيكال‬
‫ً‬ ‫تبنــى هــذا المفهــوم (الفصــل ‪ ،)98‬ورغــم أن هــذا المفهــوم يبقــى مؤسسـ ًـا ُ‬
‫وم‬
‫وحاســما‪ ،‬فــي الطابــع البرلمانــي للعالقــة برلمان‪/‬حكومــة‪ ،‬كمــا تصورهــا الدســتور‬‫ً‬
‫نصـ ًـا وروحــا‪ ،‬فــإن القــرار المذكــور لــم يتحــدث بالمطلــق‪ ،‬عــن تغييــر األغلبيــة كمصــدر‬
‫ً‬
‫ـا عنــاء البحــث عــن كلمــات ومصطلحــات أخــرى‪،‬‬
‫لــكل هــذا الجــدل حــول التنصيــب‪ ،‬مفضـ ً‬
‫مثــل ‪" :‬التعديــات فــي هيكلهــا التنظيمــي"(أي الحكومــة)‪" ،‬تغييــرات جزئيــة فــي‬
‫أشــخاص أعضائهــا !والهيئــات المكونــة لهــا"‪" ،‬تحديــد تركيبــة وتوزيــع الصالحيــات‬
‫بيــن أعضاءهــا"‪" ،‬التغييــر الــذي طــرأ علــى بعــض مكوناتهــا"‪" ،‬انســحاب هيئــة حزبيــة‬
‫وانضمــام هيئــة أخــرى إليهــا"‪...‬‬

‫إن هــذا الغياب‪/‬التغييــب‪ ،‬يوضــح إلــى أي مــدى كان مــن شــأنه أن ُيشــوش مفهــوم‬
‫ً‬
‫عوضــا عــن‬ ‫األغلبيــة علــى تحليــل المجلــس الدســتوري الــذي ركــز على"البرنامــج"‬
‫"األغلبيــة" كموضــوع للتنصيــب‪ .‬‬

‫‪3.3‬يعتبــر قــرار المجلــس الدســتوري أنــه بعــد لحظتــي التعييــن الملكــي والتنصيــب‬
‫البرلمانــي‪ ،‬يمكــن إن تعــرف الحكومــة تعديــات وتغييــرات جزئيــة فــي أعضائهــا‬
‫والهيئــات المكونــة لهــا‪ ،‬والواقــع أن حــدود هــذه التغييــرات الجزئيــة‪ ،‬تبقــى غامضــة‪،‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬

‫كاف للقــول بــأن الحكومــة تظــل نفســها‬ ‫ٍ‬ ‫فاعتبــار بقــاء رئيــس الحكومــة فــي موقعــه‬
‫بالرغــم مــن تغييــر األغلبيــة‪ ،‬قــد يجعلنــا أمــام تغييــرات جذريــة وغيــر جزئيــة لألغلبيــة‪،‬‬
‫مثــا‬
‫ً‬ ‫وفقــا لمنطــق القــرار اســتمرارية الحكومــة‪ .‬وهكــذا‬‫ً‬ ‫ومــع ذلــك يمكــن تصــور‬
‫يكفــي اســتمرار حــزب رئيــس الحكومــة ضمــن األغلبيــة الحكومــة‪ ،‬حتــى بالرغــم مــن‬
‫ـرا جزئيـ ًـا ‪-‬للقــول‬
‫إمكانيــة تغييــر كل مكونــات التحالــف الحكومي‪-‬وهــذا طبعـ ًـا ليــس تغييـ ً‬
‫بأننــا أمــام نفــس الحكومــة‪.‬‬

‫‪4.4‬يعتبــر القــرار‪ ،‬فــي الحيثيــة الثالثــة‪ ،‬بشــأن مأخــذ عــدم التنصيــب‪ ،‬أن تحديــد الهيــكل‬
‫التنظيمــي وتركيبتهــا وتوزيــع الصالحيــات بيــن أعضائهــا ومــا يطــرأ علــى كل ذلــك مــن‬
‫تغييــرات بعــد تنصيبهــا‪ ،‬أمــور تعــود إلــى الملــك وإلــى رئيــس الحكومــة وفــق أحــكام‬
‫الفصليــن ‪47‬و ‪ 90‬مــن الدســتور‪.‬‬

‫والواقــع أن اإلحالــة هنــا علــى الفصــل ‪ ،90‬تطــرح أكثــر مــن ســؤال فالفصــل الــذي‬
‫يتطــرق لممارســة رئيــس الحكومــة للســلطة التنظيميــة‪ ،‬وإمكانيــة تفويضــه لبعــض‬
‫ســلطه للــوزراء‪ ،‬ال عالقــة لهــا بموضــوع تغييــر بنيــة الحكومــة الــذي طرحتــه عريضــة‬
‫النــواب حــول عــدم دســتورية قانــون ماليــة ‪.2014‬‬

‫أمــا اإلحالــة علــى الفصــل ‪ ،47‬فتوضــح المخاطــر التــي مــن شــأنها تكييــف المســألة‬
‫المعروضــة علــى المجلــس الدســتوري انطالقـ ًـا فقــط مــن مقتضيــات هــذا الفصــل‪،‬‬
‫ً‬
‫وأساســا الفصــل ‪.88‬‬ ‫دون ربطهــا بباقــي فصــول الدســتور‬

‫المتضمنــة فــي‬
‫إن قــراءة المجلــس الدســتوري لصالحيــات الملــك ورئيــس الحكومــة ُ‬
‫الفصــل ‪( 47‬أساسـ ًـا الفقــرات الثالثــة والرابعــة والخامســة)‪ ،‬كصالحيــات تنتمــي إلــى‬
‫زمــن مــا بعــد التنصيــب البرلمانــي‪ ،‬دون أي حــرص علــى ربطهــا بالفصــل ‪ ،88‬هــي‬
‫فــي الحقيقــة قــراءة مــن شــأنها أن تصــل إلــى حــد إفــراغ مبــدأ التنصيــب والفصــل ‪88‬‬
‫نفســه مــن أي ُمحتــوى‪ ،‬وهــو مــا يعنــي فــي النهايــة تعزيــز التأويــل الرئاســي للوثيقــة‬
‫الدســتورية‪.‬‬

‫ً‬
‫وفقــا لهــذه الرؤيــة‪ ،‬أن الحكومــة التــي بمجــرد حصولهــا علــى‬ ‫إذ يمكــن أن نتصــور‬
‫التنصيــب البرلمانــي‪ ،‬تصبــح عرضــة للتعديــات الجزئيــة والهيكليــة وحتــى لتغيــر‬
‫األغلبيــة المكونــة لهــا‪ ،‬وكل هــذه التحــوالت التــي ال يحدهــا إال بقــاء رئيــس الحكومــة‬
‫فــي موقعــه‪ ،‬تتــم تحــت يافطــة الفصــل ‪.47‬‬

‫‪5.5‬تقــر الحيثيــة الرابعــة بــأن انســحاب هيئــة حزبيــة وانضمــام هيئــة أخــرى‪ ،‬ينــدرج فــي‬
‫مســار الســلوك السياســي للهيئــات الحزبيــة‪ ،‬وهــو مــا يعنــي بالمخالفــة انــه ال يأثــر‬
‫علــى الوضــع القانونــي والدســتوري للحكومــة‪ ،‬والواقــع ان المجلــس الدســتوري هنــا‪،‬‬
‫ال يفكــر فــي احتمــال انســحاب الهيئــة الحزبيــة التــي ينتمــي اليهــا رئيــس الحكومــة‬
‫نفســه‪ ،‬انســحاب الشــك أنــه ســيدفع هــذا األخيــر إلــى تقديــم اســتقالته‪ ،‬وهــو مــا‬
‫ـرا علــى‬‫ســيجعله ليــس مجــرد عمــل ينــدرج فــي مســار الســلوك السياســي‪ ،‬بــل مؤثـ ً‬
‫وضــع الحكومــة ككل‪.‬‬
‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪6.6‬يجعــل المجلــس الدســتوري‪ - ،‬مؤسسـ ًـا لقاعــدة جديــدة؟‪ ،-‬اإلرادة المنفــردة للحكومــة‪،‬‬
‫فــي تغييــر برنامجهــا األصلــي‪ ،‬قــادرة علــى إطــاق مســطرة التنصيــب البرلمانــي‪.‬‬
‫وهنــا البــد أن نتســاءل عــن شــرعية هــذه اإلمكانيــة‪ ،‬فــي عالقــة مع مقتضيــات الفصل‬
‫‪ 88‬مــن الدســتور التــي تربــط بيــن التنصيــب والتعييــن الملكــي للحكومــة الجديــدة‪.‬‬

‫‪7.7‬الحيثيــة الثامنــة التــي تســتعرض الفصــول الدســتورية المنظمــة ألدوات مســاءلة‬


‫البرلمــان للحكومــة‪ ،‬ال تبــدو مقنعــة فــي ســياق بنــاء حجــج قــرار المجلــس الدســتوري‪،‬‬
‫فمضمــون اإلحالــة (عريضــة الطعــن) يتعلــق هنــا بإشــكالية التنصيب‪ ،‬وليــس بموضوع‬
‫آخــر‪.‬‬

‫‪8.8‬فيمــا يشــبه خالصــة تركيبيــة للجــزء المتعلــق بالتنصيــب‪ ،‬فــي هــذا القــرار‪ ،‬تأتــي‬
‫الحيثيــة التاســعة لتكتــف حجــج المجلــس الدســتوري‪ ،‬حيــث تعتبــر انــه ليــس هنــاك مــا‬
‫يدعــو لتنصيــب جديــد‪ ،‬مادامــت الحكومــة لــم يتــم إعفاؤهــا بكامــل أعضائهــا مــن لــدن‬
‫الملــك نتيجــة اســتقالة رئيســها‪ ،‬ومادامــت لــم تقــرر تغييــر برنامجهــا األصلــي‪.‬‬

‫وهنــا فــإن هــذه الخالصــة تختــزل إمكانيــة قيــام حكومــة جديــدة فــي حالــة واحــدة هــي إعفائهــا‬
‫بكامــل أعضائهــا مــن طــرف الملــك وفــق الفقــرة السادســة مــن الفصــل ‪ 47‬مــن الدســتور‪،‬‬
‫وهــذا مــا يخالــف الواقــع حيــث يمكــن تصــور حــاالت أخــرى مثــل عــدم تصويــت األغلبيــة المطلقــة‬
‫ألعضــاء مجلــس النــواب علــى منــح الثقــة للحكومــة (الفصل‪ ،)103‬أو بالتصويــت على ملتمس‬
‫الرقابــة (الفصل ‪ .)105‬‬

‫عمليـ ًـا فــإن قــرار المجلــس الدســتوري قــد حســم النقــاش حــول مســألة التنصيــب البرلمانــي‪،‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫عندمــا انتصــر إلــى فكــرة ربــط التنصيــب بالبرنامــج‪ ،‬لكــن مــن جهــة أخــرى فــإن هــذا النقــاش‬
‫أبــرز مأزقـ ًـا حقيقيـ ًـا فــي منطــق البنــاء الدســتوري‪ ،‬يتجلــى فــي عــدم الربــط بيــن قيــام أغلبيــة‬
‫جديــدة وبيــن تشــكيل حكومــة جديــدة‪ ،‬وهــو مــا مــن شــأنه فــي العمــق المــس بالقــراءة التــي‬
‫كمحــدد رئيســي للعالقــة بيــن الحكومــة والبرلمــان داخــل‬
‫طالمــا انطلقــت مــن الطابــع البرلمانــي ُ‬
‫دســتور ‪.2011‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪3‬يناملربلا ليوأتلاو‪ ‬يسائرلا ليوأتلا‪ ‬نيب‪ ‬يروتسدلا‪ ‬ءاضقلا ‪3.‬‬

‫خاتمة‬
‫شــهد القضــاء الدســتوري تطــورا تدريجيــا خــال الدســاتير المغربيــة الســتة‪ ،‬هــذا التطــور يرتبــط‬
‫ثالثــة محــددات أساســية‪:‬‬

‫‪1.1‬يتعلــق بأثــر التطــورات الدســتورية علــى توســيع اختصاصــات القضــاء الدســتوري التــي‬
‫أضحــت تشــمل النظــر فــي الدفوعــات الدســتورية المقدمــة مــن قبــل المواطنيــن؛‬

‫‪2.2‬يهــم التغيــرات التــي مســت تركيبــة القضــاء الدســتوري فــي المغــرب مــن خــال‬
‫واشــتراط التكويــن فــي أعضــاء المحكمــة الدســتورية؛‬

‫‪3.3‬يرتبــط بتغيــر المعجــم الدســتوري الــذي يعبــر فــي حمولتــه عــن تجليــات التغيــرات التــي‬
‫لحقــت بهــذه المؤسســة انطالقــا مــن مرحلــة الغرفة الدســتورية لــدى المجلس األعلى‬
‫مــرورا بمفهــوم المجلــس الدســتوري وانتهــاء بالمحكمــة الدســتورية بــكل مــا لهــذه‬
‫المفاهيــم مــن دالالت فقهيــة ودســتورية‪ .‬األميــر الــذي يحيــل إلــى إشــكالية المدرســة‬
‫التــي ســلكها المشــرع الدســتوري وهــل أخــد بالمدرســة السياســية أم القضائيــة؟‬

‫الجمــع بيــن أســلوب االنتخــاب والتعيــن واالنتقــال مــن مفهــوم المجلــس الدســتوري إلــى‬
‫المحكمــة الدســتورية واالنفتــاح علــى الدفوعــات الدســتورية المقدمــة مــن لــدن المواطنين‪ .‬كل‬
‫ذلــك يجعــل القضــاء الدســتوري المغربــي "يترنــح" بيــن الهيئــة القضائيــة والهيئــة السياســية‪.‬‬

‫وبالرغــم مــن تغيــر وتطــور القضــاء الدســتوري المغربــي مــن حيــث التركيبــة واالختصاصــات‬
‫والتســمية‪ ،‬فإنــه ظــل محافظــا مــن حيــث المالمــح الكبــرى المتعلقــة بعقيدتــه االجتهاديــة‪،‬‬
‫وتُ ظهــر العديــد مــن القــرارات ســواء الصــادرة عــن الغرفــة الدســتورية أو المجلــس الدســتوري‬
‫او المحكمــة الدســتورية غلبــة التأويــل والتفســير الرئاســي للقوانيــن التنظيميــة واألنظمــة‬
‫الداخليــة مــن جهــة‪ ،‬ومــن جهــة ثانيــة‪ ،‬عــدم قــدرة القضــاء الدســتوري علــى إصــدار قــرارات‬
‫دســتورية جريئــة مــن شــأنها أن تزيــل بياضــات وفراغــات الفصــول الدســتورية‪.‬‬
‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪.4‬‬
‫تحوالت‪ ‬التنظيم‬
‫الدستوري‪ ‬للسلطات‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫المحلية‪ ‬في‪ ‬المغرب‬
‫من‪ ‬خالل دستور ‪2011‬‬
‫‪39‬‬ ‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬

‫‪ .4‬تحوالت‪ ‬التنظيم‪ ‬الدستوري‬
‫للسلطات‪ ‬المحلية‪ ‬‬
‫في‪ ‬المغرب‪ ‬من‪ ‬خالل دستور ‪2011‬‬
‫لئــن كان اعتمــاد التنظيــم اإلداري الالمركــزي‪ ،‬الــذي يســمح بنقــل جــزء مــن اختصاصــات الدولــة‬
‫إلــى جماعــات ومؤسســات تتمتــع بالشــخصية القانونيــة‪ ،‬علــى أن تمــارس هــذه األخيــرة‬
‫االختصاصات المخولة لها بكيفية مســتقلة‪ ،‬وإن كانت هذه االســتقاللية ال تمنع من اســتمرار‬
‫إشــراف الدولــة عليهــا أو وصايتهــا عليهــا‪ ،‬قــد بــرز (النظــام الالمركــزي) فــي المغــرب كاختيــار‬
‫أساســي منــذ الســنوات األولــى لالســتقالل‪ ،‬فالمالحــظ أن التأطيــر الدســتوري لهــذا االختيــار‬
‫لــم يحــظ باهتمــام كبيــر‪ ،‬رغــم مــا يمثلــه مــن ضمانــات بالنســبة لهيئــات التنظيــم الالمركــزي‪،‬‬
‫خاصــة وأنــه يعــد أول مظهــر مــن مظاهــر تكريــس اســتقاللها فــي مواجهــة الســلطة المركزيــة‪.‬‬

‫فلم يتجاوز الحيز المخصص لموضوع الالمركزية اإلدارية في الدستور األول حدود أربعة‬
‫فصول‪ ،‬األول منها يحدد الجماعات المحلية بالمملكة في العماالت واألقاليم والجماعات‪،‬‬
‫ويؤكد على أن إحداثها يكون بقانون‪ 107،‬والثاني يشير إلى أن انتخابها لمجالس مكلفة بتدبير‬
‫شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق الشروط التي يحددها القانون‪ 108،‬والثالث يعطي للعمال في‬
‫العماالت واألقاليم صالحية تنفيذ مجالس العماالت ومجالس األقاليم‪ ،‬إلى جانب دورهم في‬
‫تنسيق نشاط اإلدارات والسهر على تطبيق القانون‪ 109،‬بينما يتولى الرابع التأكيد على تمثيل‬
‫تلك الجماعات في الغرفة الثانية بالبرلمان‪ ،‬من خالل النص على أن مجلس المستشارين‬
‫يتركب‪ ،‬فيما يرجع لثلثي أعضائه‪ ،‬من أفراد منتخبين في كل عمالة وإقليم من لدن جماعة‬
‫‪110‬‬
‫ناخبة تتألف من أعضاء مجالس العماالت واألقاليم والمجالس الحضرية والقروية‪...‬‬

‫ورغــم أن موضــوع الالمركزيــة اإلداريــة قــد ظــل فــي صلــب النقــاش حــول اإلصــاح الدســتوري‬
‫والسياســي‪ ،‬فــإن المراجعــات الدســتورية الالحقــة علــى دســتور ‪ 1962‬لــم تغيــر بشــكل كبيــر‬
‫مــن اختيــارات المشــرع الدســتوري فــي هــذا المجــال‪ ،‬إذ لــم يدخــل علــى التأطيــر الدســتوري لــه‬
‫ســوى تعديــات محــدودة‪ ،‬تمثلــت أساســا فــي إعطــاء القانــون ـ أي البرلمــان ـ صالحيــة إحــداث‬
‫جماعــات محليــة أخــرى غيــر تلــك المحــددة فــي الدســتور‪ 111،‬ومراجعــة تمثيليــة الجماعــات المحليــة‬
‫فــي البرلمــان ســواء مــن خــال جعلهــا تتــم فــي إطــار مجلــس النــواب فــي ارتبــاط باالنتقــال مــن‬
‫التكويــن الثنائــي إلــى التكويــن األحــادي للبرلمــان انطالقــا مــن دســتور ‪ 112،1970‬أو فــي إطــار‬
‫مجلــس المستشــارين مــع العــودة إلــى الثنائيــة المجلســية فــي ظــل دســتور ‪ 113،1996‬وجعــل‬
‫النظــام االنتخابــي لمجالــس الجماعــات المحليــة ضمــن المجــاالت التــي تعــد مــن اختصــاص‬
‫البرلمــان‪ 114،‬وتوســيع دائــرة الجماعــات المحليــة لكــي تشــمل الجهــات إلــى جانــب العمــاالت‬
‫واألقاليــم والجماعــات الحضريــة والقرويــة‪ 115،‬وإحــداث مجالــس جهويــة للحســابات أســندت‬
‫‪116‬‬
‫إليهــا مهمــة مراقبــة حســابات الجماعــات المحليــة وهيئاتهــا وكيفيــة قيامهــا بتدبيــر شــؤونها‪،‬‬
‫فضــا عــن تمديــد صالحيــة العمــال فــي تنفيــذ مقــررات الجماعــات المحليــة لتشــمل مجالــس‬
‫‪117‬‬
‫الجهــات إلــى جانــب مجالــس العمــاالت واألقاليــم‪.‬‬
‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬ ‫‪40‬‬

‫لذلــك‪ ،‬فقــد تطلــب األمــر انتظــار صــدور دســتور ‪ ،2011‬لكــي يتخــذ التأطيــر الدســتوري لنظــام‬
‫الالمركزيــة اإلداريــة بعــدا جديــدا‪ ،‬حيــث أعــاد النظــر فــي الكثيــر مــن الجوانــب المرتبطــة بمــا‬
‫يمكــن تســميته "بالقانــون الدســتوري للجماعــات الترابيــة"‪ ،‬وإن كان ذلــك لــم يمنــع اســتمراره‬
‫مقيــدا بعــدد مــن الحــدود‪ ،‬علــى نحــو مــا ســنوضح ذلــك فــي هــذه الورقــة‪ ،‬مــن خــال المحوريــن‬
‫التالييــن‪ :‬محــددات التأطيــر الدســتوري لالمركزيــة اإلداريــة فــي دســتور ‪ ،2011‬وحــدود التأطيــر‬
‫الدســتوري لالمركزيــة اإلداريــة فــي دســتور ‪.2011‬‬

‫‪ 1.4‬أسس التأطير الدستوري لالمركزية اإلدارية‬


‫في دستور ‪2011‬‬
‫مقارنــة بالوثائــق الدســتورية الســابقة‪ ،‬يبــدو أن التنظيــم اإلداري الالمركــزي قــد حظــي باهتمــام‬
‫غيــر مســبوق مــن جانــب المشــرع الدســتوري فــي ظــل دســتور ‪ ،2011‬الــذي حمــل عــددا مــن‬
‫المســتجدات ســمحت بإعطــاء نفــس جديــد لالمركزيــة اإلداريــة‪ ،‬كمــا مكنــت مــن جعــل هــذه‬
‫األخيــرة فــي قلــب القانــون الدســتوري‪ ،‬علــى نحــو مــا يبــدو جليــا فــي القضايــا التاليــة‪:‬‬

‫الحيــز الــذي خصصــه لموضــوع التنظيــم اإلداري عمومــا وللتنظيــم اإلداري الالمركــزي خصوصــا‪،‬‬
‫حيــث أفــرد للجهــات والجماعــات الترابيــة األخــرى بابــا خاصــا (البــاب التاســع)‪ ،‬يتكــون مــن إثنــى‬
‫عشــر فصــا (مــن الفصــل ‪ 135‬إلــى الفصــل ‪ ،)146‬عــاوة علــى فصــول أخــرى ال تنــدرج فــي‬
‫هــذا البــاب تناولــت هــي األخــرى بعــض الجوانــب المتعلقــة بموضــوع الالمركزيــة اإلداريــة‪،‬‬
‫مثــل التأكيــد علــى الطابــع الالمركــزي للتنظيــم الترابــي للمملكــة (ف ‪ ،)1‬وتمكيــن المواطنيــن‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫مــن حــق الحصــول علــى المعلومــة الموجــودة فــي حــوزة اإلدارة العموميــة والمؤسســات‬
‫المنتخبــة والهيئــات المكلفــة بمهــام المرفــق العــام (ف ‪ ،)27‬وتعبئــة الجماعــات الترابيــة ـ إلــى‬
‫جانــب الدولــة والمؤسســات العموميــة ـ لــكل الوســائل المتاحــة‪ ،‬لتيســير أســباب اســتفادة‬
‫المواطنــات والمواطنيــن‪ ،‬علــى قــدم المســاواة‪ ،‬مــن بعــض الحقــوق‪ ،‬مثــل الحــق فــي الصحــة‬
‫والحمايــة االجتماعيــة والتغطيــة الصحيــة والحصــول علــى تعليــم عصــري‪(...‬ف ‪ ،)31‬وتمثيــل‬
‫الجماعــات الترابيــة فــي إطــار مجلــس المستشــارين (ف ‪ ،)63‬وإدراج نظــام الجماعــات الترابيــة‬
‫ومبــادئ تحديــد دوائرهــا الترابيــة‪ ،‬ونظامهــا االنتخابــي ومبــادئ تقطيــع دوائرهــا االنتخابيــة‬
‫(ف ‪ ،)71‬وإيــداع مشــاريع القوانيــن المتعلقــة بالجماعــات الترابيــة وبالتنمية الجهوية باألســبقية‬
‫لــدى مجلــس المستشــارين (ف ‪ )78‬وتصويــت مجلــس النــواب النهائــي باألغلبيــة المطلقــة‬
‫ألعضائــه الحاضريــن علــى مشــاريع القوانيــن المتعلقــة بالجماعــات الترابيــة وبالتنميــة الجهويــة‬
‫(ف ‪ ،)84‬ومصادقــة مجلــس النــواب النهائيــة علــى مشــاريع القوانيــن التنظيميــة المتعلقــة‬
‫بالجماعــات الترابيــة بأغلبيــة أعضائــه (ف ‪ ،)85‬فضــا عــن تخويــل المجالــس الجهويــة للحســابات‬
‫مهمــة مراقبــة حســاب الجهــات والجماعــات الترابيــة األخــرى وهيئاتهــا‪ ،‬وكيفيــة قيامهــا بتدبيــر‬
‫شــؤونها (ف ‪.)149‬‬

‫‪118‬‬
‫التأكيــد علــى أن التنظيــم الترابــي للمملكــة تنظيــم ال مركــزي‪ ،‬يقوم على الجهويــة المتقدمة‪،‬‬
‫ويرتكــز علــى عــدد مــن المبــادئ تتعلــق بالتدبيــر الحــر والتعــاون والتضامــن‪ ،‬وتأميــن مشــاركة‬
‫المعنييــن فــي تدبيــر شــؤونهم والرفــع مــن مســاهمتهم فــي التنميــة البشــرية المندمجــة‬
‫والمســتدامة‪ 119،‬بــكل مــا لهــذه المبــادئ مــن دالالت فقهيــة ودســتورية تتعلــق بإعطــاء‬
‫‪41‬‬ ‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬

‫الجماعــات الترابيــة مزيــدا مــن الحصانــة واالســتقاللية التــي تســمح لهــا بالقيــام بأدوارهــا فــي‬
‫مجــال التنميــة المجاليــة وتعزيــز الالمركزيــة الترابيــة‪ ،‬وتكريــس الديمقراطيــة التشــاركية علــى‬
‫المســتوى الترابــي‪.‬‬

‫االنتقــال مــن الحديــث عــن "الجماعــات المحليــة" إلــى الحديــث عــن "الجماعــات الترابيــة"‪،‬‬
‫بــكل مــا قــد يؤشــر عليــه ذلــك مــن تغيــر فــي مصــدر مشــروعية الشــأن المحلــي وعالقــة هــذا‬
‫األخيــر بســلطة الدولــة‪ .‬فــإذا كان "المحلــي" يحيــل مباشــرة علــى وجــود المركــزي‪ ،‬الــذي يعطيــه‬
‫ســبب وجــوده ويضبــط إطــار اختصاصاتــه وحــدود تدخالتــه‪ ،‬ويشــكل بالتالــي نوعــا مــن العالقــة‬
‫العموديــة التــي تنطــوي بالضــرورة علــى شــكل مــن التبعيــة وتؤســس لوصايــة الطــرف ٌ‬
‫األقــوى‬
‫علــى الطــرف األضعــف‪ ،‬فــإن "الترابــي" قــد يقلــب هــذه العالقــة علــى اعتبــار أنــه يعتــرف‬
‫للشــأن المحلــي بوجــود أصيــل نابــع مــن رغبــة العيــش المشــترك المعبــر عنهــا محليــا‪ .‬فتصبــح‬
‫بذلــك مشــروعية الوجــود والتدخــل متأصلــة فــي المجــال الترابــي وليــس مجــرد ممارســة‬
‫‪120‬‬
‫اختصاصــات تخلــت عنهــا الدولــة‪.‬‬

‫الرقــي باإلطــار القانونــي المنظــم للجماعــات الترابيــة إلــى مســتوى قانــون تنظيمــي‪ ،‬يحظــى‬
‫بقيمــة قانونيــة واعتباريــة فــي هرميــة وتراتبيــة القوانيــن الوطنيــة‪ ،‬ويعــد امتــدادا ماديــا‬
‫للدســتور نفســه‪ ،‬بالنظــر لخصوصيــة المســار التشــريعي المتبــع فــي تقديمــه واعتمــاده‪،‬‬
‫بعدمــا كانــت الدســاتير الســابقة تجعــل أمــر إحــداث وتنظيــم هــذه الجماعــات مــن اختصــاص‬
‫قوانيــن عاديــة‪ ،‬بــكل مــا كان يعينــه ذلــك مــن جعــل التنظيــم الالمركــزي تحــت رحمــة التقلبــات‬
‫السياســية‪ ،‬وخضــوع القوانيــن المؤطــره لــه لمراجعــات متعــددة‪ ،‬وغيــر مدروســة فــي كثيــر مــن‬
‫األحيــان‪.‬‬

‫بلــورة تصــور جديــد لعالقــة ممثلــي الســلطة المركزيــة فــي العمــاالت واألقاليــم بالمجالــس‬
‫المنتخبــة‪ ،‬أضحــى قائمــا علــى أســاس ممارســة المراقبــة اإلداريــة‪ 121،‬وتقديــم المســاعدة‬
‫لرؤســاء المجالــس المذكــورة‪ ،‬وخاصــة رؤســاء مجالــس الجهــات‪ ،‬علــى تنفيــذ المخططــات‬
‫والبرامــج التنمويــة وتنســيق المصالــح الخارجيــة‪ 122،‬ال علــى أســاس الوصايــة‪ ،‬علــى نحــو مــا‬
‫يظهــر مــن خــال تأكيــد الدســتور علــى ارتــكاز التنظيــم الجهــوي والترابــي علــى مبــادئ التدبيــر‬
‫الحــر‪ 123،‬وعلــى أن الجماعــات الترابيــة أشــخاص اعتباريــة‪ ،‬خاضعة للقانون العام‪ ،‬تســير شــؤونها‬
‫بكيفيــة ديمقراطيــة‪ 124،‬ومــن خــال اعتــراف الدســتور صراحــة للجماعــات الترابيــة‪ ،‬داخــل دائرتهــا‬
‫الترابيــة‪ ،‬بســلطة تنظيميــة لممارســة صالحياتهــا‪ 125.‬وكذلــك‪ ،‬مــن خــال تأكيــده علــى تولــي‬
‫رؤســاء مجالــس الجهــات‪ ،‬ورؤســاء مجالــس الجماعــات الترابيــة األخــرى‪ ،‬بتنفيــذ مــداوالت هــذه‬
‫المجالــس ومقرراتهــا‪ 126،‬بعدمــا كان هــذا األمــر مــن قبــل مــن اختصــاص العمــال فيمــا يخــص‬
‫مجالــس الجهــات ومجالــس العمــاالت واألقاليــم‪.‬‬

‫التأكيــد علــى الطابــع الديمقراطــي فــي تســيير الجماعــات الترابيــة لشــؤونها‪ ،‬وإدخــال تعديــات‬
‫علــى طريقــة انتخــاب مجالســها‪ ،‬يــروم باألســاس انتخــاب مجالــس الجهــات ومجالــس الجماعــات‬
‫باالقتــراع العــام المباشــر‪ 127،‬خصوصــا عندمــا يتــم ربــط هــذه الطريقــة فــي االنتخــاب بتأكيــد‬
‫الدســتور أيضــا علــى أن االنتخابــات الحــرة والنزيهــة والشــفافة هــي أســاس مشــروعية التمثيــل‬
‫‪128‬‬
‫الديمقراطــي‪.‬‬
‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬ ‫‪42‬‬

‫التأكيــد علــى مســاهمة الجهــات والجماعــات الترابيــة األخــرى فــي تفعيــل السياســة العامــة‬
‫للدولــة‪ ،‬وفــي إعــداد السياســة الترابيــة‪ ،‬مــن خــال ممثليهــا فــي مجلــس المستشــارين‪،‬‬
‫ومراجعــة حجــم وكيفيــة تمثيلهــا فــي هــذا المجلــس‪ ،‬حيــث أضحــى ثالثــة أخمــاس أعضائــه‬
‫يمثلــون الجماعــات الترابيــة‪ ،‬ويتوزعــون علــى جهــات المملكــة بالتناســب مــع عــدد ســكانها‪ ،‬ومــع‬
‫مراعــاة اإلنصــاف بيــن الجهــات‪ ،‬علــى أن ينتخــب المجلــس الجهــوي علــى مســتوى كل جهــة مــن‬
‫بيــن أعضائــه الثلــث المخصــص للجهــة مــن هــذا العــدد‪ ،‬بينمــا ينتخــب الثلثــان المتبقيــان مــن‬
‫قبــل هيئــة ناخبــة تتكــون‪ ،‬علــى مســتوى الجهــة‪ ،‬مــن أعضــاء المجالــس الجماعيــة ومجالــس‬
‫‪129‬‬
‫العمــاالت واألقاليــم‪.‬‬

‫خلــق إمكانيــات جديــدة للتواصــل بيــن المواطنيــن والجماعــات الترابيــة‪ ،‬وتوســيع دائــرة إشــراكهم‬
‫فــي عملهــا تتبعــا ومراقبــة واقتراحــا‪ ،‬يتجــاوز حــدود المشــاركة فــي انتخــاب أعضائهــا‪ ،‬مــن خــال‬
‫اعتمــاد نوعيــن مــن اآلليــات‪ :‬آليــات للحــوار والتشــاور يتمثــل هدفهــا الرئيســي فــي تيســير‬
‫مســاهمة المواطنيــن والمواطنــات والجمعيــات فــي إعــداد برامــج التنميــة وتتبعهــا‪ 130،‬وتقديــم‬
‫عرائــض الهــدف منهــا مطالبــة المجلــس بــإدراج نقطــة تدخــل فــي اختصاصــه فــي جــدول‬
‫‪131‬‬
‫أعمالــه‪.‬‬

‫إعــادة تدقيــق مجــال اختصــاص األنــواع الثالثــة للجماعــات الترابيــة‪ ،‬عبــر تحديــد وتمييــز مجــاالت‬
‫اختصــاص كل واحــدة منهــا‪ ،‬والنــص الدســتوري علــى عــدم جــواز ممارســة أيــة جماعــة ترابيــة‬
‫للوصايــة علــى جماعــة ترابيــة أخــرى‪ ،‬مــع التأكيــد فــي نفــس الوقــت علــى إعطــاء دور أكبــر‬
‫للجهــة‪ ،‬يســمح لهــا بــأن تتبــوأ‪ ،‬تحــت إشــراف رئيــس مجلســها‪ ،‬مكانــة الصــدارة بالنســبة‬
‫للجماعــات الترابيــة األخــرى‪ ،‬فــي عمليــات إعــداد وتتبــع برامــج التنميــة الجهويــة‪ ،‬والتصاميــم‬
‫‪132‬‬
‫الجهويــة إلعــداد التــراب‪ ،‬فــي نطــاق احتــرام االختصاصــات الذاتيــة لهــذه الجماعــات الترابيــة"‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫التأكيــد علــى أهميــة دعــم الدولــة للجماعــات الترابيــة‪ ،‬ســواء مــن خــال رصــد مــوارد ماليــة‬
‫لهــا‪ ،‬أو مــن خــال ضــرورة اقتــران كل اختصــاص تنقلــه الدولــة إليهــا بتحويــل المــوارد الماليــة‬
‫المطابقــة‪ 133،‬وكذلــك مــن خــال إحــداث لفائــدة الجهــات صنــدوق للتأهيــل االجتماعــي يهــدف‬
‫إلــى ســد العجــز فــي مجــاالت التنميــة البشــرية‪ ،‬والبنيــات التحتيــة األساســية والتجهيــزات‪،‬‬
‫فضــا عــن صنــدوق للتضامــن بيــن الجهــات‪ ،‬يهــدف إلــى التوزيــع المتكافــئ للمــوارد قصــد‬
‫‪134‬‬
‫التقليــص مــن التفاوتــات بينهــا‪.‬‬

‫إعطــاء دور أكبــر للقضــاء فــي الرقابــة علــى ســير أعمــال مجالــس الجماعــات الترابيــة‪ ،‬علــى‬
‫حســاب الســلطات اإلداريــة‪ ،‬بحيــث كرســت القوانيــن التنظيميــة المنبثقــة عــن الدســتور ســلطة‬
‫القضــاء اإلداري فــي حــل المجالــس المذكــورة‪ ،‬وعــزل أعضاءهــا والتصريــح ببطــان مداوالتهــا‬
‫ووقــف تنفيــذ مقرراتهــا المشــوبة بعيــوب قانونيــة‪ 135،‬وكــذا البــث فــي بعــض النزاعــات التــي‬
‫‪136‬‬
‫قــد تثــور بيــن ممثلــي الــوالة والعمــال والمجالــس المنتخبــة‪.‬‬

‫تعزيــز تمثيليــة النســاء فــي مجالــس وهيئــات الجماعــات الترابيــة‪ ،‬حيــث ينــص الدســتور‬
‫علــى تمتــع الرجــل والمــرأة‪ ،‬علــى قــدم المســاواة‪ ،‬بالحقــوق والحريــات المدنيــة والسياســية‬
‫واالقتصاديــة واالجتماعيــة والثقافيــة والبيئيــة (‪ ،)...‬وعلــى ســعي الدولــة إلــى تحقيــق مبــدأ‬
‫المناصفــة بيــن الرجــال والنســاء‪ ،‬وعلــى أن تحــدث لهــذه الغايــة هيئــة للمناصفــة ومكافحــة‬
‫كافــة أشــكال التمييــز‪ 137‬ويحيــل علــى القانــون أمــر ســن مقتضيــات مــن شــأنها تشــجيع تكافــؤ‬
‫‪43‬‬ ‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬

‫الفــرص بيــن النســاء والرجــال فــي ولــوج الوظائــف االنتخابيــة‪ 138،‬كمــا يــدرج ســن أحــكام تتعلــق‬
‫بتحســين تمثيليــة النســاء داخــل مجالــس الجماعــات الترابيــة ضمــن القضايــا التــي يجعلهــا تحــدد‬
‫‪139‬‬
‫بقانــون تنظيمــي‪.‬‬

‫محاصــرة ظاهــرة الترحــال السياســي بيــن األحــزاب السياســية‪ ،‬وجعــل حريــة المنتخــب فــي تغييــر‬
‫انتمــاءه السياســي مقيــدة بحقــوق الناخبيــن وحقــوق الهيئــات السياســية التــي رشــحته لمهــام‬
‫انتدابيــة"‪ 140،‬مــن خــال نــص الدســتور علــى التجريــد مــن الصفــة البرلمانيــة بالنســبة لــكل مــن‬
‫تخلــى عــن انتمــاءه السياســي الــذي ترشــح باســمه خــال االنتخابــات‪ ،‬أو عــن الفريــق أو المجموعــة‬
‫البرلمانيــة التــي ينتمــي إليهــا‪ 141،‬قبــل أن تتولــى بعــض القوانيــن التنظيميــة التــي يحيــل عليهــا‬
‫الدســتور توســيع دائــرة تطبيــق هــذا اإلجــراء لكــي يشــمل‪ ،‬إلــى جانــب أعضــاء البرلمــان‪ ،‬المنتخبيــن‬
‫فــي إطــار الجماعــات الترابيــة والغــرف المهنيــة وممثلــي المأجوريــن والمنظمــات المهنيــة‬
‫للمشــغلين‪ ،‬حيــث نــص القانــون التنظيمــي لألحــزاب السياســية علــى منــع "كل عضــو فــي أحــد‬
‫مجلســي البرلمــان أو فــي مجالــس الجماعــات الترابيــة أو فــي الغــرف المهنيــة (مــن) التخلــي عــن‬
‫االنتمــاء للحــزب السياســي الــذي ترشــح باســمه لالنتخابــات"‪ .‬وكذلــك فعلــت القوانيــن التنظيمية‬
‫للجماعــات الترابيــة‪ ،‬عندمــا نصــت علــى أن "يجــرد العضــو المنتخــب فــي بمجلــس الجهــة (أو‬
‫الجماعــة) الــذي تخلــى خــال مــدة االنتــداب عــن االنتمــاء للحــزب السياســي الــذي ترشــح باســمه‬
‫مــن صفــة العضويــة فــي المجلــس"‪ 142.‬ونفــس االتجــاه ســلكته األنظمــة األساســية الخاصــة‬
‫بالغــرف المهنيــة عندمــا نصــت علــى تجريــد العضــو المنتخــب بالغرفــة‪ ،‬الــذي تخلــى خــال مــدة‬
‫‪143‬‬
‫االنتــداب عــن االنتمــاء للحــزب السياســي الــذي ترشــح باســمه‪ ،‬مــن صفــة العضويــة فيهــا‪.‬‬

‫‪ 2.4‬حدود التأطير الدستوري لالمركزية اإلدارية‬


‫في دستور ‪2011‬‬
‫لئــن كان يصعــب تجاهــل أهميــة المســتجدات التــي حملهــا دســتور ‪ ،2011‬والتــي توقفنــا‬
‫عندهــا ســابقا‪ ،‬ومــا تجســده مــن تحــول مــن جانــب المشــرع الدســتوري فــي تصــوره للمكانــة‬
‫المعياريــة للتنظيــم الالمركــزي وللجماعــات الترابيــة‪ ،‬وإدراكــه لحاجــة هــذا التنظيــم إلــى ضمانــات‬
‫دســتورية‪ ،‬وليســت فقــط تشــريعية‪ ،‬تؤمــن للمؤسســات التــي تجســده الثبــات واالســتقرار‪،‬‬
‫مــع ذلــك فــإن التأطيــر الدســتوري لالمركزيــة الترابيــة‪ ،‬ال يــزال يواجــه بعــدد مــن الحــدود‪ ،‬التــي‬
‫تجعــل مــن الصعــب القــول بتكريــس الدســتور لتوجــه عميــق ومهيــكل لالمركزيــة اإلداريــة‪ ،‬وفقــا‬
‫لمــا يبــرز مــن خــال المالحظــات التاليــة‪:‬‬

‫عــدم اســتيعاب الدســتور لســقف النقــاش الــذي كان مطروحــا قبــل ‪ ،2011‬وأدى ســنة ‪2010‬‬
‫إلــى إحــداث لجنــة استشــارية كلفــت بوضــع مشــروع تصــور جديــد حــول "الجهويــة المتقدمــة"‪،‬‬
‫حيــث كان تقديــم المغــرب لمبــادرة الحكــم الذاتــي حــول قضيــة الصحــراء ســنة ‪ ،2007‬منعطفــا‬
‫فــي اتجــاه تعزيــز التفكيــر مــن االنتقــال مــن الجهويــة اإلداريــة إلــى الجهويــة السياســية‪ .‬لذلــك‪،‬‬
‫فقــد ظــل الدســتور محكومــا بســقف الالمركزيــة اإلداريــة علــى الطريقــة الفرنســية‪ ،‬ومبتعــدا‬
‫بخطــوات واضحــة عــن اعتمــاد الالمركزيــة السياســية‪ ،‬رغــم أن الوضــع الخاص الــذي تعرفه بعض‬
‫مناطــق المغــرب (تحديــدا الجنــوب المغربــي)‪ ،‬كان يقتضــي الرفــع مــن مســتوى الالمركزيــة‬
‫فيــه‪ ،‬واســتحضار التجــارب المعتمــدة فــي عــدد مــن الــدول الموحــدة‪ ،‬وخاصــة إســبانيا وإيطاليــا‪.‬‬
‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬ ‫‪44‬‬

‫أن التفعيــل التشــريعي لمقتضيــات الدســتور المتعلقــة بالالمركزيــة‪ ،‬وعلــى وجــه التحديــد‬
‫مقتضيــات الفصــل ‪ 146‬مــن الدســتور الــذي يعــرض القضايــا التــي تحــدد بقانــون تنظيمــي‪،‬‬
‫واتجاهــه ـ أي التفعيــل التشــريعي‪ .‬نحــو تأطيــر الجماعــات المذكــورة بأربعــة قوانيــن تنظيميــة‬
‫وليــس قانونــا تنظيميــا واحــدا (القانــون التنظيمــي المتعلقــة بكيفيــة انتخــاب أعضــاء مجالــس‬
‫الجماعــات الترابيــة‪ ،‬القانــون التنظيمــي للجهــات‪ ،‬القانــون التنظيمــي المتعلــق بالجماعــات‪،‬‬
‫القانــون التنظيمــي المتعلــق بمجالــس العمــاالت واألقاليــم)‪ ،‬أدى إلــى وضعيــة أضحــت‬
‫معهــا الجماعــات الترابيــة بمســتوياتها الثالثــة مؤطــرة بنصــوص يطبعهــا التشــتت‪ ،‬وفــي‬
‫بعــض األحيــان عــدم االنســجام‪ ،‬ومــا يطرحــه هــذا األمــر مــن تســاؤل حــول مــدى دســتورية‬
‫ذلــك فــي ظــل حديــث الدســتور عــن قانــون تنظيمــي بصيغــة المفــرد‪ ،‬ومــدى تأثيــره علــى‬
‫المردوديــة الوظيفيــة للوحــدات الترابيــة المذكــورة‪ ،‬علــى اعتبــار أنــه يحــول دون التوفــر علــى‬
‫مدونــة للجماعــات الترابيــة تعكــس رؤيــة موحــدة لــأدوار‪ ،‬وتصــورا منســجما للوظائــف التــي‬
‫تقــوم بهــا فــي مجــال التنميــة الترابيــة‪ 144،‬ســيما وأن تجربــة الالمركزيــة فــي المغــرب ظلــت‬
‫مؤطــرة بنصــوص مختلفــة مــن حيــث المرجعيــات السياســية‪ /‬ومتفاوتــة مــن حيــث المضاميــن‬
‫‪145‬‬
‫واألهــداف‪.‬‬

‫أن الدســتور عندمــا يعطــي للقانــون ســلطة إحــداث كل جماعــة ترابيــة أخــرى‪ ،‬فــإن ذلــك يطــرح‬
‫التســاؤل حــول مــا إذا كان المشــرع العــادي‪ ،‬أي البرلمــان‪ ،‬قــد أصبــح مؤهــا لخلــق أصنــاف‬
‫جديــدة مــن الجماعــات الترابيــة متميــزة عــن تلــك األصنــاف الثالثــة التــي يحددهــا الدســتور أم‬
‫علــى العكــس فــإن هــذا المقتضــى ال يخولــه ســوى إمكانيــة إحــداث جماعــات ترابيــة تنتمــي إلى‬
‫هــذه أو تلــك مــن الفئــات التــي يحددهــا الدســتور؟ ويصبــح طــرح هــذا التســاؤل أكثــر مشــروعية‬
‫عندمــا نأخــذ بعيــن االعتبــار أن الدســتور نفســه لــم يــدرج إحــداث الجماعــات الترابيــة ضمــن‬
‫الفصــل ‪ 71‬الــذي حــدد المجــاالت التــي تعــد مــن اختصــاص القانــون‪ ،‬كمــا أن التجــارب الســابقة‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫أظهــرت أن مهمــة إحــداث الجماعــات الترابيــة ظــل اختصاصــا خالصــا للمشــرع الدســتوري‪ .‬لذلــك‪،‬‬
‫مطــروح علــى القضــاء الدســتوري المغربــي أن يوضــح هــذا االلتبــاس‪ ،‬تمامــا كمــا فعــل نظيــره‬
‫الفرنســي ســنة ‪ 1982‬عندمــا أقــر بدســتورية لجــوء المشــرع لتغييــر الوضــع الخــاص لمدينــة‬
‫‪146‬‬
‫باريــس‪ ،‬ومــا وراء البحــار‪ ،‬وخلــق الجماعــة الترابيــة لجــزر)‪.(Mayotte‬‬

‫أن التأكيــد علــى عــدم وجــود عالقــة هرميــة أو تراتبيــة بيــن األشــكال الثالثــة للجماعــات الترابيــة‬
‫التــي يحددهــا الدســتور مــن خــال النــص علــى عــدم جــواز وصايــة أيــة جماعــة ترابيــة علــى‬
‫أخــرى‪ ،‬والحــرص علــى تمييــز الجهــة عــن باقــي الجماعــات الترابيــة‪ ،‬ليــس فقــط مــن خــال‬
‫اســتعمال اســم الجهــة منفصــا عــن الجماعــات الترابيــة األخــرى‪ ،‬وإنمــا أيضــا عبــر النــص الصريــح‬
‫علــى إعطــاء الجهــة مــكان الصــدارة ـ مقارنــة بباقــي الجماعــات الترابيــة األخــرى ـ فــي عمليــات‬
‫إعــداد وتتبــع برامــج التنميــة الجهويــة‪ ،‬والتصاميــم الجهويــة إلعــداد التــراب‪ ،‬فــي نطــاق احتــرام‬
‫االختصاصــات الذاتيــة للجماعــات الترابيــة األخــرى‪ 147،‬يمكــن أن يثيــر التســاؤل حــول مــا المقصود‬
‫بهــذه الصــدارة بالضبــط‪ ،‬حيــث قــد يــؤدي ذلــك إلــى إثــارة بعــض االلتبــاس فــي طبيعــة العالقــة‬
‫الناظمــة بيــن المســتويات الثالثــة للجماعــات الترابيــة‪ ،‬ويجعــل مســألة ترســيم الحــدود بينهــا‬
‫موضــوع تنــازع‪.‬‬

‫عــدم تعميــم مســطرة االقتــراع العــام المباشــر علــى جميــع مجالــس الجماعــات الترابيــة‪ ،‬مــن‬
‫خــال اســتمرار اســتثناء مجالــس العمــاالت واألقاليــم مــن دائــرة الجماعــات الترابيــة التــي ال‬
‫يجــري انتخــاب مجالســها بهــذه الكيفيــة‪ ،‬الشــيء الــذي مــن شــأنه أن يبقــي هــذا النــوع مــن‬
‫‪45‬‬ ‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬

‫المجالــس فــي دائــرة الشــك حــول مــدى مصداقيــة ونزاهــة انتخابهــا‪ ،‬حيــث أثبتــت التجــارب‬
‫الســابقة كيــف ســمح تــرك مصيــر تشــكيل مجالــس الجماعــات الترابيــة بيــد "الناخبيــن الكبــار"‬
‫بتحويــل انتخابــات مكاتبهــا إلــى مناســبة للتالعــب بــإرادة الناخبيــن‪.‬‬

‫اســتمرار التقســيم االنتخابــي والتقســيم الترابــي للجماعــات الترابيــة منفلتيــن مــن دائــرة‬
‫اختصــاص البرلمــان‪ ،‬وهمــا اللذيــن ظــا موضــوع جــدل حــول مــدى توظيفهــا مــن طــرف اإلدارة‪،‬‬
‫وتحديــدا وزارة الداخليــة‪ ،‬فــي التحكــم فــي مجريــات العمليــات االنتخابيــة وفــي رســم خريطــة‬
‫نتائجهــا‪ .‬بحيــث إذا كان إدراج الدســتور لمبــادئ تحديــد الدوائــر الترابيــة للجماعــات الترابيــة ومبــادئ‬
‫تقطيــع دوائرهــا االنتخابيــة فــي إطــار اختصــاص القانــون‪ 148،‬قــد شــكل خطــوة فــي اتجــاه عــدم‬
‫إبقــاء موضــوع التقســيم الترابــي واالنتخابــي محتكــرا مــن طــرف الســلطة التنفيذيــة فإنهــا‬
‫تظــل خطــوة غيــر مكتملــة فــي ظــل عــدم جعــل هندســة التقســيم الترابــي واالنتخابــي نفســها‬
‫ـ وليــس مجــرد مبادئهــا ـ مــن اختصــاص الجهــاز التشــريعي‪.‬‬

‫الغمــوض الــذي ال يــزال يلــف طبيعــة عالقــة مجالــس الجماعــات الترابيــة وممثلــي الســلطة‬
‫المركزيــة فــي الجهــات والعمــاالت واألقاليــم‪ .‬فالمشــرع الدســتوري‪ ،‬ومعــه المشــرع العــادي‪،‬‬
‫تجنبــا الحديــث عــن "الوصايــة اإلداريــة" فــي عالقــة المجالــس بالســلطات المذكــورة فــي‬
‫اســتحضار واضــح لالعتراضــات التــي ظلــت تواجــه بهــا هــذه المســألة علــى امتــداد التجــارب‬
‫الجماعيــة الســابقة‪ ،‬وتحدثــا بــدال عــن ذلــك عــن تخويــل للــوالة فــي الجهــات والعمــال فــي‬
‫العمــاالت واألقاليــم صالحيــة ممارســة "المراقبــة اإلداريــة"‪ ،‬كمــا أناطــا بهــم مهمــة مســاعدة‬
‫رؤســاء الجماعــات الترابيــة‪ ،‬وخاصــة رؤســاء المجالــس الجهويــة‪ ،‬علــى تنفيــذ المخططــات‬
‫والبرامــج التنمويــة‪ 149،‬بيــد أن التأكيــد علــى عــدم وجــود أي تناقــض بيــن المراقبــة اإلداريــة‬
‫وطبيعــة الجماعــات الترابيــة باعتبارهــا ذات شــخصية قانونيــة وتتمتــع باالســتقالل اإلداري‬
‫والمالــي‪ 150،‬خصوصــا فــي دولــة موحــدة ـ ال يمنــع مــن التأكيــد علــى أن الرقابــة اإلداريــة ال‬
‫تكــون كذلــك إال إذا اقتصــرت علــى مراقبــة الشــرعية التــي ال يمكــن أن تكــون إال رقابــة الحقــة‪،‬‬
‫أمــا عندمــا تتحــول إلــى رقابــة قبليــة‪ ،‬وفقــا لالتجــاه الــذي ســلكه المشــرع العــادي عندمــا ربــط‬
‫قابليــة مقــررات محــددة لمجالــس الجماعــات الترابيــة للتنفيــذ بضــرورة التأشــير القبلــي عليهــا من‬
‫قبــل الســلطة الحكوميــة المكلفــة بالداخليــة بالنســبة لمجالــس الجهــات‪ 151،‬ومجالــس الجماعــات‬
‫عندمــا يتعلــق األمــر بالمقــررات الخاصــة بالتدبيــر المفــوض للمرافــق والمنشــآت العموميــة‬
‫الجماعيــة‪ 152،‬أو العامــل بالنســبة لمجالــس العمــاالت واألقاليــم‪ 153،‬ومجالــس الجماعــات فيمــا‬
‫يتعلــق بعــدد مــن االختصاصــات غيــر تلــك المتعلقــة بالتدبيــر المفــوض‪ 154،‬فــإن ذلــك يجعــل مــن‬
‫هــذه الرقابــة أشــبه بوصايــة مقنعــة‪ .‬علمــا أن تدخــل ممثلــي الســلطة المركزيــة فــي شــؤون‬
‫مجالــس الجماعــات الترابيــة ال ينحصــر عنــد هــذا الحــد‪ ،‬بــل يمكــن أن يمتــد ليشــمل إمكانيــة‬
‫‪155‬‬
‫الحلــول محــل رؤســاءها فــي اختصاصاتهــم فــي بعــض الحــاالت‪.‬‬
‫‪4‬تسد لالخ‪ ‬نم‪ ‬برغملا‪ ‬يف ةيلحملا‪ ‬تاطلسلل يروتسدلا‪ ‬ميظنتلا‪ ‬تالوحت ‪4.‬ت ‪44.‬‬ ‫‪46‬‬

‫خاتمة‬
‫مــع دســتور ‪ ،2011‬يمكــن القــول إن متغيــرات كبــرى همــت بالمجــال المحلــي خاصــة علــى‬
‫مســتوى ارتفــاع الفصــول الدســتورية ذات الصلــة بالجماعــات الترابيــة‪ ،‬وربــط تفعيلهــا‬
‫بالقوانيــن التنظيميــة‪ .‬كل هــذا مــن شــأنه لــم يشــفع مــن تحــرر رؤســاء الجماعــات الترابيــة مــن‬
‫هيمنــة ممثلــي الســلطة المركزيــة‪ ،‬حيــث ســاهم فــي ذلــك الغمــوض الــذي ال يــزال يلــف‬
‫طبيعــة عالقــة مجالــس الجماعــات الترابيــة وممثلــي الســلطة المركزيــة فــي الجهــات والعمــاالت‬
‫واألقاليــم‪ .‬فالمشــرع الدســتوري‪ ،‬ومعــه المشــرع العــادي‪ ،‬تجنبــا الحديــث عــن "الوصايــة‬
‫اإلداريــة" فــي عالقــة المجالــس بالســلطات المذكــورة فــي اســتحضار واضــح لالعتراضــات‬
‫التــي ظلــت تواجــه بهــا هــذه المســألة علــى امتــداد التجــارب الجماعيــة الســابقة‪ ،‬وتحدثــا بــدال‬
‫عــن ذلــك عــن تخويــل الــوالة فــي الجهــات والعمــال فــي العمــاالت واألقاليــم صالحية ممارســة‬
‫"المراقبــة اإلداريــة"‪ ،‬كمــا أناطــا بهــم مهمــة مســاعدة رؤســاء الجماعــات الترابيــة‪ ،‬وخاصــة‬
‫رؤســاء المجالــس الجهويــة‪ ،‬علــى تنفيــذ المخططــات والبرامــج التنمويــة‪ 156،‬بيــد أن التأكيــد‬
‫علــى عــدم وجــود أي تناقــض بيــن المراقبــة اإلداريــة وطبيعــة الجماعــات الترابيــة باعتبارهــا ذات‬
‫شــخصية قانونيــة وتتمتــع باالســتقالل اإلداري والمالــي‪ 157،‬خصوصــا فــي دولــة موحــدة ـ ال‬
‫يمنــع مــن التأكيــد علــى أن الرقابــة اإلداريــة ال تكــون كذلــك إال إذا اقتصــرت علــى مراقبــة‬
‫الشــرعية التــي ال يمكــن أن تكــون إال رقابــة الحقــة‪ ،‬أمــا عندمــا تتحــول إلــى رقابــة قبليــة‪ ،‬وفقــا‬
‫لالتجــاه الــذي ســلكه المشــرع العــادي عندمــا ربــط قابليــة مقــررات محــددة لمجالــس الجماعــات‬
‫الترابيــة للتنفيــذ بضــرورة التأشــير القبلــي عليهــا مــن قبــل الســلطة الحكوميــة المكلفــة بالداخلية‬
‫بالنســبة لمجالــس الجهــات‪ 158،‬ومجالــس الجماعــات عندمــا يتعلــق األمــر بالمقــررات الخاصــة‬
‫بالتدبيــر المفــوض للمرافــق والمنشــآت العموميــة الجماعيــة‪ 159،‬أو العامــل بالنســبة لمجالــس‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫واألقاليــم‪ 160،‬ومجالــس الجماعــات فيمــا يتعلــق بعــدد مــن االختصاصــات غيــر تلــك‬ ‫العمــاالت ٌ‬
‫المتعلقــة بالتدبيــر المفــوض‪ ،‬فــإن ذلــك يجعــل مــن هــذه الرقابــة أشــبه بوصايــة مقنعــة‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫علمــا أن تدخــل ممثلــي الســلطة المركزيــة فــي شــؤون مجالــس الجماعــات الترابيــة ال ينحصــر‬
‫عنــد هــذا الحــد‪ ،‬بــل يمكــن أن يمتــد ليشــمل إمكانيــة الحلــول محــل رؤســاءها فــي اختصاصاتهــم‬
‫‪162‬‬
‫فــي بعــض الحــاالت‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫ ةماع ةمتاخ‬

‫خاتمة عامة‬
‫طــوال هــذه الســنوات الســتة‪ ،‬بالغــة الكثافــة‪ ،‬مــن حيــث الوقائــع واألحــداث‪ ،‬التــي تفصلنــا‬
‫عــن لحظــة دخــول الدســتور لحيــز التنفيــذ‪ ،‬لــم يتعلــق األمــر فقــط‪ ،‬بتطبيــق الميثــاق السياســي‬
‫الجديــد الــذي بــات ينظــم عالقــات الســلط وصالحيــات المؤسســات وحضــور المواطــن فــي‬
‫الفعــل العمومــي‪ ،‬بــل لقــد كنــا أمــام مرحلــة مفتوحــة الســتكمال بنــود هــذا الميثــاق نفســه‪،‬‬
‫ذلــك أن الواليــة التشــريعية التاســعة (‪ )2016 / 2011‬شــكلت‪ ،‬كذلــك‪ ،‬واليــة “تأسيســية” مــن‬
‫حيــث كتابــة النصــف الثانــي مــن الكتلــة الدســتورية الــذي تــم ترحيلــه إلــى القوانيــن التنظيميــة‬
‫همــت شــؤون الســلطات التنفيذيــة والتشــريعية والقضائيــة‪ ،‬فضــا عــن‬ ‫كثيــرة العــدد‪ ،‬والتــي ّ‬
‫مجــال الديمقراطيــة التشــاركية والبعــد الجهــوي للديمقراطيــة المحليــة‪ ،‬باإلضافــة إلــى تنظيــم‬
‫بعــض مؤسســات الدولــة ذات األهميــة الكبيــرة‪ ،‬أو قضايــا ثقافيــة واجتماعيــة ذات حساســية‬
‫خاصــة ‪.‬‬

‫لذلــك ظــل ســؤال االبتعــاد أو االقتــراب مــن روح وثيقــة ‪ ،2011‬حاضــرا خــال التــداول فــي كل‬
‫هــذه القوانيــن‪ ،‬والتــي الشــك أن بعضهــا تحــول إلــى نصــوص ضروريــة لفهــم وتأطيــر الحيــاة‬
‫السياســية والدســتورية‪ ،‬كمــا هــو الحــال بالنســبة إلــى القانــون التنظيمــي الشــهير المتعلــق‬
‫بالتعييــن فــي المناصــب العليــا‪ ،‬والــذي أصبــح عمليــا نصــا مهيــكال للعالقــة بيــن المؤسســة‬
‫الملكيــة وبيــن الحكومــة‪ ،‬خاصــة أنــه كان حاســما فــي توضيــح الحــدود الفاصلــة بيــن حقــل‬
‫السياســات العموميــة وحقــل اإلشــراف االســتراتيجي‪ ،‬وهــو األمــر الضــروري لفهــم الصيغــة‬
‫الجديــدة لتوزيــع الصالحيــات داخــل الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬هــذا التوزيــع الــذي شــكل عمليــا الركــن‬
‫الرئيــس لإلصــاح الدســتوري األخيــر‪ .‬خــال هــذه الســنوات‪ ،‬عايشــنا طبيعــة األثــر الــذي اســتطاع‬
‫خلقــه الدســتور‪ ،‬فــي عالقــة بعــودة جزئيــة للسياســة وللرهانــات السياســية للحقــل االنتخابــي‪،‬‬
‫نتيجــة الربــط بيــن صناديــق االقتــراع وبيــن القــرار السياســي‪ ،‬ونتيجــة تســييس مؤسســة رئيــس‬
‫الحكومــة‪ ،‬وبنــاء ســلطة تنفيذيــة – مبدئيــا‪ -‬علــى فكــرة الحكومــة السياســية‪ .‬كمــا تابعنــا ســيال‬
‫مــن القــرارات الصــادرة عــن المجلــس الدســتوري‪ ،‬وهــو مــا يخفــي وراءه مســارا مــن االجتهــادات‬
‫القضائيــة‪ ،‬والتــي شــكل بعضهــا مجهــودا تأويليــا حقيقيــا ال يمكــن بتاتــا اليــوم‪ ،‬قــراءة بعــض‬
‫فصــول الدســتور بمعــزل عنهــا‪.‬‬

‫خــال هــذه الســنوات‪ ،‬تابعنــا ســلوك الفاعليــن األساســيين‪ ،‬فــي عالقــة بااللتــزام بحــدود‬
‫الشــرعية الدســتورية وفــي القــدرة علــى ممارســة الصالحيــات الجديــدة‪ ،‬وكان الرهــان هــو تجــاوز‬
‫مرحلــة مــن التطبيــق التقريبــي للدســتور‪ ،‬واالبتعــاد عــن نــوع مــن الثقافــة السياســية التــي‬
‫تجعــل الفاعليــن ال يهتمــون بالضــرورة بالحــرص علــى احتــرام الدســتور المكتــوب أمــام إغــراء‬
‫ثقافــة الدســتور الضمنــي غيــر المــدون‪ ،‬وأمــام ســطوة تقاليــد اإلشــارات السياســية وخطابــات‬
‫الثقــة والتوافــق وشــعار‪" :‬النــص ال يهــم"‪.‬‬

‫خــال هــذه الســنوات‪ ،‬عايشــنا كيــف أصبــح نقــاش الدســتورية مــن عدمهــا واحــدا مــن ثوابــت‬
‫النقــاش السياســي فــي عــدد وافــر مــن المحطــات‪ ،‬وكيــف أصبــح االســتناد إلــى الدســتور حجــة‬
‫متــرددة فــي الحــوار السياســي‪ ،‬وركنــا أساســيا فــي بنــاء خطــاب السياســات العموميــة ‪.‬‬
‫ ةماع ةمتاخ‬ ‫‪48‬‬

‫الوضــع الدســتوري للمغــرب مــا بعــد ‪ ،2011‬يقــرأه عــدد غيــر قليــل مــن الباحثيــن مــن خــال‬
‫زاويتيــن مترابطتيــن؛ زاويــة نصيــة ونظريــة مرتبطــة بالتوجــه الدســتوري الــذي ســلكه المشــرع‪،‬‬
‫والــذي يعتبــر ظاهريــا توجهــا دســتوريا اســتطاع أن يســتجيب لجــزء مــن المطالــب واالقتراحــات‬
‫الدســتورية التــي رفعــت قبــل وخــال مرحلــة النقــاش العمومــي حــول اإلصــاح الدســتوري‬
‫لســنة ‪.2011‬‬

‫زاويــة ثانيــة‪ ،‬تحيــل علــى إشــكالية ثقافــة تمثــل النــص الدســتوري‪ ،‬حيــث أظهــرت الممارســة‬
‫السياســية بــأن الفاعليــن السياســيين غيــر قادريــن علــى مســايرة الخــط الدســتوري المتقــدم‪،‬‬
‫وهــذا مــا جعــل الممارســة الدســتورية العمليــة تبــدو أقــرب مــا يكــون إلــى مرحلــة مــا قبــل‬
‫دســتور ‪.2011‬‬

‫ً‬
‫تميــزا‬ ‫وعلــى قصــر التجربــة الدســتورية الحاليــة‪ ،‬فإنهــا تبقــى‪ ،‬بــدون منــازع‪ ،‬التجربــة األكثــر‬
‫بتضخــم الحديــث عــن "التأويــل"‪ ،‬إذ ال يــكاد يتــم ذكــر دســتور ‪ ،2011‬إال مقترنـ ًـا بالحاجــة إلــى‬
‫"التأويــل الديمقراطــي"‪ ،‬ســواء فــي خطابــات األحــزاب أو الصحافــة أو المجتمــع المدنــي‪ ،‬بــل‬
‫وحتــى داخــل خطــاب المؤسســات‪ .‬‬

‫وإذا كان خطــاب بعــض الفاعليــن السياســيين قــد ربــط بيــن "نجــاح" التجربــة الدســتورية الحاليــة‬
‫ـا مــا يتــم االنتبــاه إلــى أن هــذا الحديــث المتضخــم‪ ،‬هــو‪ ،‬فــي النهايــة‪،‬‬
‫وهــذا التأويــل‪ ،‬فــإن قليـ ً‬
‫دليــل علــى "الحــدود الموضوعيــة للنــص الدســتوري"‪ ،‬والتــي ال تجعلــه منتجـ ًـا آثــاره اإليجابيــة‪،‬‬
‫إال انطالقـ ًـا مــن نوعيــة القــراءة التــي تقــدم لــه‪ ،‬مــا يعنــي فــي التحليــل نفســه‪ ،‬تعليــق أهميــة‬
‫النــص‪ ،‬علــى الطريقــة التــي ســيتمثله بهــا الفاعلــون األساســيون‪ ،‬وبالتالــي‪ ،‬تــرك الدســتور‬
‫"رهينــة" للحيــاة السياســية‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫يبين "فحص" الوثيقة الدســتورية ‪" 2011‬قابليتها" القانونية والسياســية لتأويالت متباينة‪،‬‬
‫ليــس ألســباب لهــا عالقــة بالصياغــة والشــكل‪ .‬ولكــن‪ ،‬أساسـ ًـا لنهــوض النــص الدســتوري علــى‬
‫جملــة مــن "التوتــرات" المهيكلــة‪ ،‬وتفتــح البــاب‪ ،‬موضوعيـ ًـا‪ ،‬أمــام إمكانــات تأويليــة متعددة‪.‬‬

‫تتعلــق هــذه التوتــرات بتعايش‪/‬تنــازع المنطقيــن الرئاســي والبرلمانــي‪ ،‬داخــل هندســة توزيــع‬
‫الســلطات‪ ،‬داخــل الدســتور‪ ،‬ثــم بتعايــش ‪ /‬تنــازع النمطيــن التمثيلــي والتشــاركي‪ ،‬داخــل تصــور‬
‫هــذا الدســتور لفكــرة الديمقراطيــة‪ ،‬ثــم بتعايش‪/‬تنــازع مرجعيتــي الهويــة والمواطنــة‪ ،‬داخــل‬
‫البنــاء القيمــي الــذي تقترحــه وثيقــة ‪.2011‬‬

‫ويقودنــا التحليــل فــي خاتمــة هــذه الدراســة إلــى أن قوة الحضور المجتمعــي التي طبعت الفعل‬
‫السياســي‪ ،‬جعلــت مســار مسلســل الدســترة يتجــه إلــى تبنــي جيــل جديد مــن الحريــات والحقوق‪،‬‬
‫عبــر توســيع المرجعيــة الحقوقيــة وتعزيــز ضمانــات حماياتهــا‪ ،‬وتقويــة الحقــوق االقتصاديــة‬
‫واالجتماعيــة‪ ،‬الشــيء الــذي جعــل دســتور ‪ 2011‬يحقــق تقدمــا ملحوظــا مــن الناحيــة المعياريــة‬
‫مــن خــال تقويــة دعائــم الحقــوق السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة والثقافيــة‪ .‬فــي حيــن‬
‫تطــرح مســألة مــدى مالءمــة القوانيــن العاديــة للمبــادئ الدســتورية‪ ،‬والتطبيــق العملــي للدولــة‬
‫مــن خــال االســتجابة للحــد األدنــى مــن الحقــوق االقتصاديــة واالجتماعيــة والتطبيــق القضائــي‬
‫للحقــوق السياســية االقتصاديــة واالجتماعيــة والثقافيــة الــواردة فــي الدســتور صعوبــات كبيــرة‬
‫الشــيء الــذي جعــل النفــس االحتجاجــي بــدأ يعــود بشــكل تدريجــي للســاحة المجتمعيــة‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫ ةماع ةمتاخ‬

‫و مــن المؤكــد كذلــك‪ ،‬أن المشــرع الدســتوري لســنة ‪ ،2011‬حــرص علــى االعتــراف بحقــوق‬
‫المعارضــة‪ ،‬لكــن الممارســة واالجتهــاد الدســتوري أبانــا عــن الحــدود الموضوعية لهــذا االعتراف‪،‬‬
‫والــذي لــم يصــل فــي النهايــة إلــى درجــة ترســيم "وضــع خــاص" للمعارضــة‪ ،‬بقــدر مــا يتعلــق‬
‫األمــر بمجــرد "مكانــة" تخــول بضعــة حقــوق حــرص القاضــي الدســتوري جيــدا علــى تحويلهــا‬
‫إلــى حــاالت اســتثنائية ال تخــل بالقاعــدة العامــة المبنيــة علــى مبــدأ التمثيــل الديمقراطــي‪.‬‬

‫وفــي نفــس الســياق‪ ،‬حاولــت هــذه الدراســة اســتحضار تقاليــد وتجربــة القضــاء الدســتوري فــي‬
‫المغــرب‪ ،‬وتحليــل ســياق تطــور مراحلهــا‪ ،‬وبينــت القــرارات التــي أصدرهــا القضــاء الدســتوري مــا‬
‫بعــد دخــول وثيقــة دســتور ‪ 2011‬حيــز التنفيــذ‪ ،‬انخراطــه ضمــن عقيــدة اجتهاديــة حريصــة علــى‬
‫تكريس"التأويــل الرئاســي" للوثيقــة الدســتورية‪.‬‬

‫ويعــد موضــوع التطــور الدســتوري للســلطات المحليــة حالــة مدرســية للوقــوف علــى مفارقــة‬
‫التقــدم المعيــاري واالرتبــاك العملــي‪.‬‬

‫إن توســيع الفصــول الدســتورية المنظمــة للجماعــات الترابيــة‪ ،‬وربطهــا بصالحيــات جديــدة‬
‫تتطلــب صــدور قوانيــن تنظيميــة ومراســيم تنظيميــة لتفعيلهــا‪ ،‬ســاهم فــي تدشــين بنــاء‬
‫قانونــي خــاص بالتنظيــم المحلــي يمكــن وصفــه "بالقانــون الدســتوري للجماعــات الترابيــة"‪.‬‬
‫إال أن أثر تحوالت التنظيم الدســتوري للســلطات المحلية في المغرب من‪ ‬خالل دســتور‪2011 ‬‬
‫ظــل مرتبطــا بتأخــر صــدور المراســيم المنصــوص عليهــا فــي القوانيــن التنظيميــة ذات الصلــة‬
‫بالجماعــات الترابيــة‪ ،‬وبقلــة المــوارد الماليــة وبضعــف تكويــن جــزء عريــض مــن المنتخبيــن‬
‫المحلييــن‪.‬‬

‫ولقــد حاولــت الدراســة أن تجيــب علــى الفرضيتيــن اللتيــن طرحتــا فــي مقدمــة الدراســة‪ ،‬وذلــك‬
‫مــن خــال اســتخالص خالصتيــن رئيســيتين‪ :‬األولــى تتعلــق باســتيعاب دســتور‪ 2011‬للعديــد‬
‫مــن المســتجدات المرتبطــة بالمحــاور المدروســة‪ ،‬إال أن أثــر هــذه المســتجدات علــى مســتوى‬
‫الممارســة الواقعيــة يظــل جــد محــدود بســبب تخلــف ثقافــة الفاعلييــن السياســيين وبســبب‬
‫ضعــف المالءمــة التشــريعية وضبابيــة اإلرادة السياســية الحقيقيــة فــي تفعيــل الدســتور‪.‬‬
‫ شماوهلا‬ ‫‪50‬‬

‫الهوامش‬
‫‪1‬فــي ‪ 14‬ينايــر ‪ ،2011‬تنحــى الرئيــس الســابق زيــن العابديــن بــن علــي عــن الســلطة‪ ،‬وغــادر تونــس إلــى المملكــة‬ ‫‪1‬‬
‫العربيــة الســعودية‪.‬‬
‫‪"2‬حركــة ‪ 20‬فبرايــر"‪ ،‬حركــة خرجــت مــن العالــم االفتراضــي عــن طريــق الوســائط الجديــدة (الفاســبوك‪ ،‬والتويتــر‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫واليوتــوب)؛ حيــث تشــكلت أول نــواة لهــذه الحركــة فــي ‪ 26‬ينايــر ‪ 2011‬مــن خــال مجموعــة (فايســبوكية)‪،‬‬
‫أطلقــت عــن نفســها "حركــة حريــة وديمقراطيــة اآلن"‪ ،‬وهــذا ال يعنــي أن "حركــة حريــة وديموقراطيــة اآلن" هــي‬
‫األولــى مــن حيــث التأســيس‪ ،‬حيــث ســبقتها مجموعــات أخــرى‪ ،‬إال أنهــا اختفــت بســبب القرصنــة أو عــدم التــزام‬
‫نشــطائها‪ ،‬وبعــد ســقوط نظــام بــن علــي‪ ،‬تأسســت العديــد مــن المجموعــات (الفايســبوكية)‪ ،‬التــي شــكلت‬
‫القاعــدة األولــى لحركــة ‪ 20‬فبرايــر‪ ،‬مثــل "مــن أجــل حــوار صريــح مــع الملــك"‪ ،‬و"‪ 11‬فبرايــر يــوم االنتفاضــة مــن‬
‫اجــل الكرامــة"‪...‬‬
‫‪3‬دســتور ‪ ،1962‬الــذي صــدر األمــر بتنفيــذه بتاريــخ ‪ 17‬رجــب ‪ ،)1962( 1382‬الجريــدة الرســمية عــدد ‪ ،2616‬بتاريــخ‬ ‫‪3‬‬
‫‪ ،1962‬الصفحــة‪.2993 :‬‬
‫‪4‬دســتور ‪ 1970‬الــذي صــدر األمــر بتنفيــذه بموجــب ظهيــر شــريف رقــم ‪ ،1.70.176‬بتاريــخ ‪ 5‬جمــادى األولــى ‪1390‬‬ ‫‪4‬‬
‫(‪ 9‬يوليــو ‪ ،)1970‬الجريــدة الرســمية عــدد ‪ ،3010‬مكــرر بتاريــخ ‪ 10‬يونيــو ‪ ،1970‬ص‪.1769 :‬‬
‫‪5‬دســتور ‪ 1972‬الــذي صــدر األمــر بتنفيــذه بموجــب ظهيــر شــريف بتاريــخ ‪ 23‬محــرم ‪ 10( 1392‬مــارس ‪)1972‬‬ ‫‪5‬‬
‫الجريــدة الرســمية عــدد ‪ 3098‬بتاريــخ ‪ 28‬مــن دســتور ‪.1972‬‬
‫‪6‬مــع اإلشــارة إلــى مالحظــة علــى مســتوى هندســة دســتور ‪ 10‬مــارس ‪ 1972‬الــذي حــذف عناويــن محــاور البــاب‬ ‫‪6‬‬
‫األول واكتفــى بعنــوان واحــد هــو‪ :‬أحــكام عامــة ـــــ المبــادئ األساســية‪.‬‬
‫‪7‬المحور األول ُمعنون بالمبادئ األساسية يتضمن سبعة فصول (من الفصل األول إلى الفصل السابع)‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪8‬المحور الثاني موسوم بحقوق المواطن السياسية يتضمن خمسة فصول (من الفصل ‪ 18‬إلى الفصل ‪.)12‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪9‬المحــور الثالــث معنــون بحقــوق المواطــن االقتصاديــة واالجتماعيــة يتضمــن ســتة فصــول (مــن الفصــل ‪ 13‬إلــى‬ ‫‪9‬‬
‫الفصــل ‪.)18‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪1 10‬الفصــول ‪ 15 14- 13- 12- 11- – 10 9- 8- – 5‬مــن الدســاتير المغربيــة الثالثــة ‪ 31 – 1962‬يوليــو ‪10 – 1970‬‬
‫مــارس ‪.1972‬‬
‫‪1 11‬الفصل ‪ 8‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 12‬الفصل ‪ 9‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 13‬الفصل ‪ 10‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 14‬الفصل ‪ 11‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 15‬الفصل ‪ 13‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 16‬الفصل ‪ 14‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 17‬الفصل ‪ 15‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 18‬الفصل ‪ 15‬من الدساتير المغربية الثالثة األولى‪.‬‬
‫‪1 19‬دســتور ‪ 1992‬الــذي صــدر األمــر بتنفيــذه بموجــب ظهيــر شــريف بتاريــخ ‪ 11‬مــن ربيــع اآلخــر ‪ 9( 1413‬اكتوبــر‪،)1992‬‬
‫الجريــدة الرســمية عــدد ‪ ،4172‬بتاريــخ ‪ 16‬مــن ربيــع اآلخــر ‪ 14( 1413‬أكتوبــر ‪.)1992‬‬
‫‪2 20‬دســتور ‪ 1996‬الــذي صــدر األمــر بتنفيــذه بموجــب ظهيــر شــريف بتاريــخ ‪ 23‬مــن جمــادى األولــى ‪1417‬‬
‫(‪ 7‬اكتوبر ‪ )1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4420‬بتاريخ ‪ 26‬من جمادى األولى ‪ 10( 1417‬اكتوبر ‪.)1996‬‬
‫‪2 21‬حســن طــارق‪ :‬الدســتور المغربــي‪ :‬جــدل الهويــة والمواطنــة‪ ،‬دســتور حقــوق اإلنســان‪ ،‬قــراءات وأبحــاث‪ ،‬تنســيق‬
‫حســن طــارق‪ ،‬أحمــد مفيــد‪ ،‬جمــال خطابــي‪ ،‬المجلــة المغربيــة للسياســات العموميــة‪ ،‬سلســلة دفاتــر حقــوق‬
‫اإلنســان ‪ 1-‬الصفحــة‪.40 :‬‬
‫‪2 22‬انظر‪:‬‬
‫❙مذكــرة الوســيط مــن أجــل الديمقراطيــة وحقــوق اإلنســان المقدمــة إلــى اللجنــة االستشــارية لمراجعــة‬ ‫❙‬
‫الدســتور‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫ شماوهلا‬

‫❙مذكرة المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان المرفوعة إلى اللجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙مذكرة منتدى الحقيقة واإلنصاف المرفوعة إلى اللجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙مذكرة مركز دراسات حقوق اإلنسان والديمقراطية المرفوعة إلى اللجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙مذكرة المرصد األمازيغي للحقوق والحريات المرفوعة إلى اللجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙مذكــرة الشــبكة األمازيغيــة مــن أجــل المواطنــة والحريــات المرفوعــة إلــى اللجنــة االستشــارية لمراجعــة‬ ‫❙‬
‫الدســتور‪.‬‬
‫❙مذكرة الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي المرفوعة إلى اللجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬ ‫❙‬
‫‪2 23‬راجع مذكرة المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان المرفوعة إلى اللجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬
‫‪2 24‬الباب الثاني المخصص للحريات والحقوق األساسية (من الفصل ‪ 19‬إلى الفصل ‪ 40‬من الدستور)‪.‬‬
‫‪2 25‬الفصول من ‪ 6‬إلى ‪ 18‬من الباب األول من دستور ‪2011‬‬
‫❙الفصــول مــن ‪ 117‬إلــى ‪ 128‬مــن المحــور المتعلــق بحقــوق المتقاضيــن وقواعــد ســر العدالــة مــن البــاب‬ ‫❙‬
‫الســابع مــن دســتور ‪.2011‬‬
‫❙الفصول ‪ 133‬من الباب الثامن الموسوم بالمحكمة الدستورية من دستور ‪2011‬‬ ‫❙‬
‫❙الفصول ‪ 156 - 154‬من الباب الثاني عشر المعنون بالحكامة الجيدة من دستور ‪2011‬‬ ‫❙‬
‫‪2 26‬انظــر القســم األول مــن الفصــل الثانــي المعنــون بالحقــوق والحريــات مــن الدســتور اإلســباني لســنة ‪ ،1978‬نــص‬
‫الدســتور االســباني منشــور بالموقع االلكتروني التالي‪www.constituteproget.org/conctitution/spain :‬‬
‫‪2 27‬انظــر البــاب الثانــي المعنــون بالحقــوق والحريــات مــن الدســتور التونســي لســنة ‪ ،2014‬نــص الدســتور منشــور‬
‫بالموقــع االلكترونــي التالــي‪www.iort.gov.tn :‬‬
‫‪2 28‬انظــر البــاب الثالــث المعنــون بالحقــوق والحريــات مــن الدســتور المصــري لســنة ‪ ،2014‬منشــور بالموقــع‬
‫االلكترونــي التالــي‪www.constituteproject.org :‬‬
‫‪2 29‬حــول المافــوق دســتورية أو القواعــد المحصنــة‪ ،‬انظــر‪ :‬يوســف حاشــي‪ ،‬فــي النظريــة الدســتورية‪ ،‬منشــورات‬
‫الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬دار ابــن النديــم للنشــر والتوزيــع‪ ،‬الطبعــة األولــى‪ ،‬بيــروت‪ ،2009 ،‬الصفحــة‪.212 :‬‬
‫‪3 30‬عمــر حــوري‪ :‬القانــون الدســتوري‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬دار ابــن النديــم للنشــر والتوزيــع‪ ،‬الطبعــة‬
‫األولــى‪ ،‬بيــروت‪ ،2011 ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪3 31‬مصطفــى قلــوش‪ :‬المبــادئ العامــة للقانــون الدســتوري‪ ،‬شــركة بابــل للطباعــة والنشــر والتوزيــع – الربــاط –‬
‫الطبعــة الرابعــة – ص ‪ 160‬ومــا بعدهــا‪.‬‬
‫‪3 32‬نــص الفصــل ‪ 133‬مــن دســتور ‪ 2011‬علــى مــا يلــي‪" :‬تختــص المحكمــة الدســتورية بالنظــر فــي كل دفــع متعلــق‬
‫بعــدم دســتورية قانــون أثيــر أثنــاء النظــر فــي قضيــة وذلــك إذا دفــع أحــد األطــراف بــأن القانــون‪ ،‬الــذي ســيطبق‬
‫فــي النــزاع‪ ،‬يمــس بالحقــوق وبالحريــات التــي يضمنهــا الدســتور يحــدد قانــون تنظيمــي شــروط وإجــراءات تطبيــق‬
‫هــذا الفصــل"‪.‬‬
‫‪3 33‬أحمــد مفيــد‪ :‬ضمانــات الحقــوق والحريــات األساســية فــي دســتور ‪ ،2011‬دســتور حقــوق اإلنســان‪ ،‬قــراءات‬
‫وأبحــاث‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪3 34‬ينــص الفصــل ‪ 71‬مــن دســتور ‪ 2011‬علــى مــا يلــي‪" :‬يختــص القانــون‪ ،‬باإلضافــة إلــى المــواد المســندة إليــه‬
‫صراحــة بفصــول أخــرى مــن الدســتور بالتشــريع فــي المياديــن التاليــة‪:‬‬
‫الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير‪ ،‬وفي فصول أخرى من هذا الدستور؛ ‪"....‬‬
‫‪3 35‬حســن طــارق‪ :‬مــن الثــورة إلــى الدســتور الهويــة والديمقراطيــة فــي دســتور الربيــع‪ ،‬سلســلة الحــوار العمومــي‪،‬‬
‫طــوب بريــس – الربــاط – ط ‪ 1-‬يونيــو ‪ 2014-‬ص ‪.88‬‬
‫‪3 36‬الشــريف تيشــيت‪ :‬الحقــوق والحريــات األساســية فــي ظــل دســتور ‪ ،2011‬دســتور حقــوق اإلنســان بعــد خمــس‬
‫ســنوات حصيلــة وآفــاق‪ ،‬مجلــة مســالك الفكــر والسياســة واالقتصــاد‪ ،‬العــدد ‪ ،40 / 39‬مطبعــة النجــاح الجديــدة‬
‫‪ -‬الــدار البيضــاء‪ ،‬الطبعــة األولــى‪ ،2016 ،‬الصفحــة‪.63 :‬‬
‫‪3 37‬للمزيــد مــن التفاصيــل حــول التطــور التاريخــي للمجلــس الوطنــي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬انظــر‪ :‬عبــد الواحــد األثيــر‪:‬‬
‫اليــات حمايــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬منشــورات الوســيط مــن أجــل الديمقراطيــة وحقــوق اإلنســان‪ ،‬ينايــر ‪،2014‬‬
‫الصفحــة‪.35 :‬‬
‫ شماوهلا‬ ‫‪52‬‬

‫‪3 38‬بموجــب ظهيــر شــريف رقــم ‪ ،1.11.25‬صــادر فــي ‪ 12‬مــن ربيــع اآلخــر ‪ 17( 1432‬مــارس ‪ )2011‬بإحــداث مؤسســة‬
‫الوســيط‪ .‬الجريــدة الرســمية‪ ،‬عــدد ‪ ،5926‬بتاريــخ ‪ 12‬ربيــع اآلخــر ‪ 17( 1432‬مــارس ‪ ،)2011‬ص‪.802 :‬‬
‫‪3 39‬أحــدث ديــوان المظالــم بموجــب ظهيــر شــريف رقــم ‪ ،1.01298‬صــادر فــي ‪ 9‬ديســمبر ‪ ،2001‬القاضــي بإحــداث‬
‫مؤسســة ديــوان المظالــم‪ ،‬جريــدة رســمية‪ ،‬عــدد ‪ ،4963‬بتاريــخ ‪ 24‬ديســمبر ‪ ،2001‬ص‪.4281 :‬‬
‫‪4 40‬بموجب ظهير شريف رقم ‪ 1.07.08‬بتاريخ ‪.2007‬‬
‫‪4 41‬وجبــت اإلشــارة هنــا إلــى أننــا اعتمدنــا كثيــرا علــى مــا كتبــه األســتاذ أحمــد بــوز حــول وضعيــة المعارضــة البرلمانيــة‬
‫فــي ظــل دســتور ‪ ،2011‬فــي الفصــل الســادس مــن الكتــاب الصــادر لــه حــول "البرلمــان المغربــي‪ :‬البنيــة‬
‫والوظائــف‪ ،‬منشــورات المجلــة المغربيــة للعلــوم االجتماعيــة والسياســية‪ ،‬ســنة ‪ ،2016‬مطبعــة المعــارف‬
‫الجديــدة‪.‬‬
‫‪4 42‬أتركيــن محمــد‪" :‬نظــام المعارضــة البرلمانيــة‪ :‬دراســة فــي المفهــوم ودروس التجــارب المقارنــة"‪ ،‬منشــورات‬
‫مجلــة الحقــوق‪ ،‬سلســلة الدراســات واألبحــاث‪ ،‬عــدد ‪ ،8‬ســنة ‪ ،2014‬ص ‪.11‬‬
‫‪4 43‬المادة ‪ 35‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪4 44‬المادة ‪ 40‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪4 45‬مــن المعلــوم أن كل مــن النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب والنظــام الداخلــي لمجلــس المستشــارين يميــزان‬
‫بيــن نوعيــن مــن التشــكيالت السياســية داخلهمــا‪ :‬الفريــق البرلمانــي الــذي يحتــاج تكوينــه التوفــر علــى عــدد معيــن‬
‫مــن األعضــاء ال يقــل عــن ‪ 20‬فــي مجلــس النــواب‪ ،‬و‪ 6‬فــي مجلــس المستشــارين‪ .‬ثــم المجموعــات البرلمانيــة‪،‬‬
‫التــي يحتــاج تكوينهــا إلــى التوفــر علــى عــدد أقــل مــن البرلمانييــن يتحــدد فــي أربعــة فــي مجلــس النــواب‬
‫و‪ 3‬في مجلس المستشارين‪.‬‬
‫‪4 46‬الفصل ‪ 60‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪4 47‬الفصل ‪ 10‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪4 48‬الفصالن ‪ 10‬و‪ 82‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪4 49‬الفصالن ‪ 10‬و‪ 69‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪5 50‬مثــل المحكمــة الدســتورية‪ ،‬حيــث يعطيهــا الفصــل ‪ 10‬مــن الدســتور الحــق فــي المســاهمة فــي اقتــراح‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫المترشــحين لعضويتهــا وفــي انتخــاب مــن تراهــم أهــا لهــذه المهمــة‪.‬‬
‫‪5 51‬يتولــى مكتــب المجلــس تحديــد هــذه المــوارد الماليــة علــى أســاس قاعــدة التمثيــل النســبي مــع مراعــاة تحديــد‬
‫نســبة تــوزع بالتســاوي بيــن الفــرق البرلمانيــة ونســبة أخــرى تــوزع بالتســاوي بيــن المجموعــات البرلمانيــة‪ ،‬علــى‬
‫أن ال يقــل مجمــوع هاتيــن النســبتين اللتيــن يحددهمــا المكتــب فــي مســتهل الواليــة التشــريعية عــن ‪ 30‬فــي‬
‫المائــة (المــادة ‪ 22‬مــن النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب)‪ .‬نفــس األمــر ينطبــق علــى المــوارد البشــرية‪ ،‬حيــث‬
‫يخصصهــا مكتــب المجلــس علــى أســاس قاعــدة التمثيــل النســبي مــع مراعــاة حــد أدنــى للفــرق البرلمانيــة وحــد‬
‫أدنــى للمجموعــات البرلمانيــة‪ ،‬وأن يراعــى فــي هــذا التوزيــع حقــوق النائبــات والنــواب غيــر المنتســبين (المــادة‬
‫‪ 22‬مــن النظــام الداخلــي لمجلــس النــواب)‪.‬‬
‫‪5 52‬قــرار المجلــس األعلــى لالتصــال الســمعي البصــري رقــم ‪ 46 / 06‬صــادر بتاريــخ ‪ 2006‬بشــأن قواعــد ضمــان‬
‫التعبيــر عــن تعدديــة تيــارات الفكــر والــرأي فــي خدمــات االتصــال الســمعي البصــري خــارج فتــرات الحمــات‬
‫االنتخابيــة‪ ،‬وأيضــا قــراره رقــم ‪ 46 / 11‬صــادر بتاريــخ ‪ 11‬أكتوبــر ‪ 2011‬المتعلــق بضمــان التعدديــة السياســية فــي‬
‫وســائل اإلعــام العموميــة خــال فتــرة االنتخابــات التشــريعية العامــة (‪.)2011‬‬
‫‪5 53‬وليــم جيــل‪" ،‬المعارضــة البرلمانيــة‪ :‬دراســة فــي القانــون المقــارن"‪ ،‬مجلــة القانــون العــام وعلــم السياســة‬
‫(النســخة العربيــة)‪ ،‬عــدد ‪ 5‬ســنة ‪ ،2006‬ص ‪.1373‬‬
‫‪5 54‬الفصل ‪ 82‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪5 55‬المادة ‪ 143‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪5 56‬المادة ‪ 41‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪5 57‬المادة ‪ 41‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪5 58‬المادة ‪ 207‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪5 59‬المادة ‪ 43‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪6 60‬المادة ‪ 42‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫ شماوهلا‬

‫‪6 61‬المادة ‪ 47‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬


‫‪6 62‬الفصل ‪ 10‬من دستور ‪ ،2011‬والمادة ‪ 44‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪6 63‬المادة ‪ 46‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪6 64‬المادتان ‪ 45‬و‪ 81‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪6 65‬المادة ‪ 85‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫‪6 66‬الفصل ‪ 10‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪6 67‬الفصالن ‪.82 / 60‬‬
‫‪6 68‬الفصالن ‪ 10‬و‪ 69‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪6 69‬الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 82‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪7 70‬أتركين محمد ‪:‬نظام المعارضة البرلمانية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪7 71‬تنــص الفقــرة ‪ 3‬مــن الفصــل ‪ 62‬مــن الدســتور المغربــي علــى أنــه "ينتخــب رئيــس مجلــس النــواب وأعضــاء‬
‫المكتــب‪ ،‬ورؤســاء اللجــان الدائمــة ومكاتبهــا‪ ،‬فــي مســتهل الفتــرة النيابيــة‪ ،‬ثــم فــي ســنتها الثالثــة عنــد دورة‬
‫أبريــل لمــا تبقــى مــن الفتــرة المذكــورة"‪ .‬وتنــص الفقــرة ‪ 3‬مــن الفصــل ‪ 63‬علــى أنــه "ينتخــب رئيــس مجلــس‬
‫المستشــارين وأعضــاء المكتــب‪ ،‬ورؤســاء اللجــان الدائمــة ومكاتبهــا‪ ،‬فــي مســتهل الفتــرة النيابيــة‪ ،‬ثــم عنــد‬
‫منتصــف الواليــة التشــريعية للمجلــس"‪.‬‬
‫‪7 72‬مقتضيــات الفقــرة ‪ 2‬مــن الفصــل ‪ 82‬مــن الدســتور‪ ،‬التــي تنــص علــى تخصيــص يــوم فــي الشــهر لمناقشــة‬
‫مقترحــات القوانيــن المقدمــة مــن طــرف المعارضــة البرلمانيــة‪.‬‬
‫‪7 73‬أنظر‪ :‬قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 13 / 929‬بتاريخ ‪.2013‬‬
‫‪7 74‬أنظر‪ :‬قراراه رقم ‪ 2013 / 924‬صادر بتاريخ ‪.2013 22‬‬
‫‪7 75‬دســتور ‪ 1962‬الــذي صــدر األمــر بتنفيــذه بتاريــخ ‪ 17‬رجــب ‪ ،1382‬الجريــدة الرســمية‪ ،‬عــدد ‪ 2616‬مكــرر بتاريــخ‬
‫‪ ،1962‬الصفحــة‪.2993 :‬‬
‫‪7 76‬للمزيــد مــن التفاصيــل حــول المراحــل الثالثــة انظــر‪ :‬رشــيد المــدور‪ ،‬تطــور الرقابــة الدســتورية فــي المغــرب‪ ،‬مجلــة‬
‫دراســات دســتورية‪ ،‬المحكمــة الدســتورية للبحريــن‪ ،‬المجلــد الثالــث‪ ،‬العــدد الســادس‪ ،‬ينايــر ‪ ،2016‬الصفحــات‬
‫مــن ‪ 43‬إلــى ‪.75‬‬
‫‪7 77‬التي انطلقت من ‪ 11‬يونيو إلى ‪ 20‬يونيو ‪.1963‬‬
‫‪7 78‬دســتور ‪ 10‬مــارس ‪ 1972‬الــذي صــدر بموجــب الظهيــر الشــريف رقــم ‪ 172-061‬بتاريــخ ‪ 23‬محــرم ‪ 1392‬هـــ ‪10‬‬
‫مــارس ‪ 1972‬نشــر بالجريــدة الرســمية بتاريــخ ‪ 15‬مــارس ‪ 1972‬تحــت عــدد ‪ ،3098‬الصفحــة‪.626 :‬‬
‫‪7 79‬رشــيد المــدور‪ ،‬مســتجدات القضــاء الدســتوري فــي نطــاق دســتور ‪ ،2011‬تجربــة اإلصــاح الدســتوري فــي‬
‫المغــرب‪ ،‬تنســيق وتقديــم ســعد الديــن العثمانــي‪ ،‬منتــدى العالقــات والدوليــة‪ ،‬الطبعــة األولــى‪ ،‬قطــر ‪،2015‬‬
‫الصفحــة ‪.98 :‬‬
‫‪8 80‬لالطــاع علــى مقومــات مراقبــة دســتورية األنظمــة الداخليــة للبرلمــان وأشــكالها وتقنياتهــا ووســائلها ومنهجهــا‬
‫فــي التطبيــق المغربــي يراجــع ‪ :‬رشــيد المــدور‪ ،‬إشــكالية النظــام الداخلــي للبرلمــان فــي ضــوء الدســتور‪ ،‬سلســلة‬
‫مؤلفــات وأعمــال جامعيــة‪ ،‬رقــم ‪ ،REMALD ،111‬الربــاط ‪.2016‬‬
‫نــص الفصــل ‪ 56‬مــن دســتور ‪ 1962‬علــى مــا يلــي‪ :‬يمكــن للحكومـــة أن تدفــع بعــدم القبــول كل اقتــراح أو‬ ‫❙ ‬ ‫‪81‬‬
‫تعديــل ال يدخــل فــي حيــز اختصــاص القانــون وإذا حــدث خــاف‪ ،‬فــإن الغرفــة الدســتورية مــن المجلــس‬
‫األعلــى تبــت فيــه فــي ظــرف ثمانيــة أيــام بطلــب مــن المجلــس البرلمانــي أو مــن الحكومــة‪.‬‬
‫❙نــص الفصــل ‪ 52‬مــن دســتور ‪ 1970‬و‪ 1972‬علــى مــا يلــي‪ :‬يمكــن للحكومــة أن تدفــع بعــدم القبــول كل‬ ‫❙‬
‫اقتــراح أو تعديــل ال يدخــل فــي حيــز اختصــاص القانــون وإذا حــدث خــاف‪ ،‬فــإن الغرفــة الدســتورية مــن‬
‫المجلــس األعلــى تبــت فــي ظــرف ثمانيــة أيــام بطلــب مــن مجلــس النــواب أو مــن الحكومــة"‪.‬‬
‫ينــص الفصــل ‪ 50‬مــن دســتور ‪ 1962‬علــى مــا يلــي‪ :‬إن النصــوص الصــادرة فــي صيغــة قانــون قـــبل اإلعــان‬ ‫‪❙ 82‬‬
‫بإجــراء العمــل بهــذا الدســتور يمكــن تغييرهــا بمرســوم بعــد رأي مطابــق مــن الغرفــة الدســتورية بالمجلــس‬
‫األعلــى إذا كان مضمــون تلــك النصــوص داخــا فــي اختصــاص الســلطة التنظيميــة‪.‬‬
‫ شماوهلا‬ ‫‪54‬‬

‫❙ينــص الفصــل ‪ 47‬مــن دســتور ‪ 1970‬علــى مــا يلــي‪ :‬إن النصــوص الصــادرة فــي صيغــة قانــون يمكــن‬ ‫❙‬
‫تغييرهــا بظهيــر شــريف بعــد رأي مطابــق مــن الغرفــة الدســتورية بالمجلــس األعلــى إذا كان مضمــون تلــك‬
‫النصــوص داخــا فــي اختصــاص الســلطة التنظيميــة"‪.‬‬
‫❙ينــص الفصــل ‪ 47‬مــن دســتور ‪ 1972‬علــى مــا يلــي‪ :‬إن النصــوص الصــادرة فــي صيغــة قانــون يمكــن‬ ‫❙‬
‫تغييرهــا بمرســوم بعــد رأي مطابــق مــن الغرفــة الدســتورية بالمجلــس األعلــى إذا كان مضمــون تلــك‬
‫النصــوص داخــا فــي اختصــاص الســلطة التنظيميــة‪.‬‬
‫‪8 83‬الفصل ‪ 101‬من دستور ‪.1962‬‬
‫‪8 84‬الفصل ‪ 94‬من دستور ‪.1970‬‬
‫‪8 85‬الفصل ‪ 95‬من دستور ‪.1972‬‬
‫‪8 86‬دســتور ‪ 23‬جمــادى األولــى ‪ )1996( 1447‬بتنفيــذ نــص الدســتور المراجــع‪ ،‬الجريــدة الرســمية عــدد ‪ 4420‬بتاريــخ‬
‫‪ 26‬جمــادى األولــى ‪ ،)1996( 1417‬الصفحــة‪.2281 :‬‬
‫‪8 87‬الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 79‬من دستور ‪.1992‬‬
‫‪8 88‬طبقا الفصل ‪ 35‬من دستور ‪.1992‬‬
‫‪8 89‬الفصل ‪ 95‬من دستور ‪.1972‬‬
‫‪9 90‬نــص الفصــل ‪ 79‬مــن دســتور ‪ 1996‬علــى مــا يلــي‪ :‬يتألــف المجلــس الدســتوري مــن ســتة أعضــاء يعينهــم‬
‫الملــك لمــدة تســع ســنوات‪ ،‬وســتة اعضــاء يعيــن ثالثــة منهــم رئيــس مجلــس النــواب وثالثــة رئيــس مجلــس‬
‫المستشــارين لنفــس المــدة بعــد استشــارة الفــرق‪ ،‬ويتــم كل ثــاث ســنوات تجديــد ثلــث كل فئــة مــن أعضــاء‬
‫المجلــس الدســتوري‪.‬‬
‫❙يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين األعضاء الذين يعينهم‪.‬‬ ‫❙‬
‫❙مهمة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري غير قابلة للتجديد‪.‬‬ ‫❙‬
‫‪9 91‬أضحــى المشــرع الدســتوري منــذ دســتور ‪ 1992‬يســتعمل مصطلــح "النظــام الداخلــي" عــوض مصطلــح‬
‫"القانــون الداخلــي"‪.‬‬
‫‪9 92‬راجع أيضا الفصول ‪ 42‬و‪ 79‬من دستور ‪.1992‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪9 93‬عمــل دســتور ‪ .1992‬علــى دعــم اســتقاللية أعضــاء المجلــس الدســتوري مــن خــال تمطيــط مــدة عضويتهــم إلــى‬
‫تســع ســنوات كأصــل عــام وربــط ذلــك بعــدم القابليــة لتجديــد العضويــة‪.‬‬
‫‪9 94‬الفصل ‪ 129‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪9 95‬الفصل ‪ 130‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪9 96‬الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 130‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪9 97‬طــارق التلمســاني‪ :‬مــا بيــن طبيعــة واختصاصــات المحكمــة الدســتورية‪ ،‬القضــاء الدســتوري بالمغــرب المحكمــة‬
‫الدســتورية ونظــم الرقابــة علــى دســتورية القوانيــن‪ ،‬مســالك فــي الفكــر والسياســة واالقتصــاد العــدد ‪،37/38‬‬
‫مطبعــة النجــاح الجديــدة – الــدار البيضاء‪،‬الصفحــة‪.65 :‬‬
‫‪9 98‬عبــد الحــق بلفقيــه‪ :‬القضــاء الدســتوري بالمغــرب دراســة مقارنــة‪ ،‬القضــاء الدســتوري بالمغــرب المحكمــة‬
‫الدســتورية ونظــم الرقابــة علــى دســتورية القوانيــن‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬الصفحــة‪.43 :‬‬
‫‪9 99‬تنص الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 55‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي‪:‬‬
‫❙إذا صرحــت المحكمــة الدســتورية‪ ،‬إثــر إحالــة الملــك‪ ،‬أو رئيــس الحكومــة‪ ،‬أو رئيــس مجلــس النــواب‪ ،‬أو رئيــس‬ ‫❙‬
‫مجلــس المستشــارين‪ ،‬أو ســدس أعضــاء المجلــس األول‪ ،‬أو ربــع أعضــاء المجلــس الثانــي‪ ،‬األمــر إليهــا‪ ،‬أن‬
‫التزامــا دوليــا يتضمــن بنــدا يخالــف الدســتور‪ ،‬فــإن المصادقــة علــى هــذا االلتــزام ال تقــع إال بعــد مراجعــة‬
‫الدســتور‪.‬‬
‫‪1 100‬أنظــر‪ :‬الفقــرة الثانيــة مــن المــادة ‪ 22‬مــن القانــون التنظيمــي رقــم ‪ 066.13‬المتعلــق بالمحكمــة الدســتورية‪،‬‬
‫الصــادر بموجــب الظهيــر الشــريف رقــم ‪ ،1.14.139‬بتاريــخ ‪ 16‬مــن شــوال ‪ 13( 1435‬أغســطس ‪ ،)2014‬المنشــور‬
‫بالجريــدة الرســمية‪ ،‬عــدد ‪ ،6288‬بتاريــخ ‪ 8‬ذو القعــدة ‪ 4( 1435‬ســبتمبر ‪ ،)2014‬الصفحــة‪6661 :‬‬
‫‪1 101‬بمقتضــى الظهيــر الشــريف رقــم ‪ 1-11-91‬صــادر فــي ‪ 27‬مــن شــعبان ‪ 29( 124‬يوليــو ‪ )2011‬بتنفيــذ نــص‬
‫الدســتور بجريــدة رســمية عــدد ‪ 5964‬مكــرر بتاريــخ ‪ 28‬شــعبان ‪ 30( 1432‬يوليــو ‪ )2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪1 102‬إلى حدود سنة ‪ 2016‬وخاصة القرار رقم ‪.1019 / 16‬‬
‫‪55‬‬ ‫ شماوهلا‬

‫‪1 103‬ينــص الفصــل ‪ 177‬مــن دســتور ‪ 2011‬علــى مــا يلــي‪ :‬يســتمر المجلــس الدســتوري القائــم حاليــا فــي ممارســة‬
‫صالحياتــه إلــى أن يتــم تنصيــب المتعلــق بالمحكمــة الدســتورية علــى مــا يلــي‪ :‬كمــا تحــال باقــي األنظمــة الداخلية‬
‫للمجالــس المنظمــة بموجــب قوانيــن تنظيميــة إلــى المحكمــة الدســتورية للبــت فــي مطابقتهــا الدســتور مــن‬
‫لــدن رئيــس كل مجلــس‪.‬‬
‫❙انظــر ايضــا‪ :‬رشــيد المــدور‪ :‬مســتجدات القضــاء الدســتوري فــي نطــاق دســتور ‪ ،2011‬تجربــة اإلصــاح‬ ‫❙‬
‫الدســتوري فــي المغــرب‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬الصفحــة‪.7 :‬‬
‫‪1 104‬حســن طــارق‪ :‬المجلــس الدســتوري وإشــكالية التنصيــب‪ :‬هــل حســم النقــاش فعــا؟ الـــتنصيب البرلمانــي لحكومة‬
‫بنكيــران الثانيــة إشــكاليات ومواقــف‪ ،‬منشــورات سلســلة الحــوار العمومــي‪ ،‬مطبعــة طــوب بريــس‪ -‬الربــاط‪،‬‬
‫‪ ،2014‬الصفحــة‪.5 :‬‬
‫‪1 105‬اســتنادا للفصــل ‪ 177‬مــن دســتور ‪ 29‬يوليــو ‪ 2011‬الــذي ينــص علــى أن المجلــس الدســتوري القائــم حاليــا‬
‫يســتمر فــي ممارســة صالحياتــه إلــى أن يتــم تنصيــب المحكمــة الدســتورية‪.‬‬
‫‪1 106‬بنــاء علــى القــرار رقــم ‪ 931/13‬م د ملــف عــدد‪ 1388 / 13 :‬الصــادر عــن المجلــس الدســتوري بتاريــخ ‪ 26‬صفــر‬
‫‪ 1435‬الموافــق ‪ 30‬ديســمبر ‪2013‬‬
‫‪1 107‬الفصل ‪ 93‬من دستور ‪.1962‬‬
‫‪1 108‬الفصل ‪ 94‬من دستور ‪.1962‬‬
‫‪1 109‬الفصل ‪ 95‬من دستور ‪.1962‬‬
‫‪1 110‬الفصل ‪ 45‬من دستور ‪.1962‬‬
‫‪1 111‬الفصل ‪ 86‬من دستور ‪.1970‬‬
‫‪1 112‬الفصل ‪ 43‬من دستور ‪.1970‬‬
‫‪1 113‬الفصل ‪ 38‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪1 114‬الفصل ‪ 45‬من دستور ‪.1972‬‬
‫‪1 115‬الفصل ‪ 94‬من دستور ‪.1992‬‬
‫‪1 116‬الفصل ‪ 98‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪1 117‬الفصل ‪ 100‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪1 118‬الفصل ‪ 1‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 119‬الفصل ‪ 136‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 120‬عبــد الرحمــان حــداد‪" :‬الوصايــة فــي مشــاريع القوانيــن التنظيميــة للجماعــات الترابيــة"‪ ،‬المجلــة المغربيــة‬
‫للسياســات العموميــة‪ ،‬عــدد ‪ ،16‬صيــف ‪ ،2015‬ص ‪.93 / 92‬‬
‫‪1 121‬الفصل ‪ 145‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 122‬الفصل ‪ 145‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 123‬الفصل ‪ 136‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 124‬الفصل ‪ 135‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 125‬الفصل ‪ 168‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 126‬الفصل ‪ 138‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 127‬الفصل ‪ 135‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 128‬الفصل ‪ 11‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 129‬الفصل ‪ 63‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 130‬الفصل ‪ 139‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 131‬الفصل ‪ 139‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 132‬الفصل ‪ 143‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 133‬الفصل ‪ 141‬من دستور ‪.2011‬‬
‫ شماوهلا‬ ‫‪56‬‬

‫‪1 134‬الفصل ‪ 142‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪1 135‬م ‪ 66‬مــن القانــون التنظيمــي للجهــة‪ ،‬م ‪ 64‬مــن القانــون التنظيمــي لمجالــس العمــاالت واألقاليــم‪ ،‬م ‪ 63‬مــن‬
‫القانــون التنظيمــي للجماعــات‪.‬‬
‫‪1 136‬كمــا فــي حالــة اعتــراض الوالــي علــى النظــام الداخلــي لمجلــس الجهــة‪ ،‬وعلــى المقــررات التــي ال تدخــل فــي‬
‫صالحيــات المجلــس أو المتخــذة خرقــا ألحــكام القانــون التنظيمــي‪ ،‬وإبقــاء المجلــس المعنــي علــى المقــرر‬
‫موضــوع التعــرض‪ ،‬المنصــوص عليهــا فــي م‪ 114 .‬مــن القانــون التنظيمــي للجهــات‪.‬‬
‫‪1 137‬الفصل ‪ 19‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 138‬الفصل ‪ 30‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 139‬الفصل ‪ 146‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 140‬قــرار المجلــس الدســتوري رقــم ‪ 2011‬ـ ‪ 818‬صــادر بتاريــخ ‪ 20‬أكتوبــر ‪ ،2011‬والمتعلــق بمراقبــة دســتورية القانــون‬
‫التنظيمــي لألحزاب السياســية‪.‬‬
‫‪1 141‬الفصل ‪ 61‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 142‬م ‪ 54‬مــن القانــون التنظيمــي للجهــة‪ ،‬أ‪.‬م ‪ 51‬مــن القانــون التنظيمــي للجماعــات‪ ،‬و‪.‬م ‪ 52‬مــن القانــون‬
‫التنظيمــي لمجالــس العمــاالت واألقاليــم‪.‬‬
‫‪1 143‬م ‪ 14‬مكــرر مــن القانــون رقــم ‪ 59.15‬يتعلــق بتغييــر القانــون رقــم ‪ 4.97‬بمثابــة النظــام األساســي لغــرف الصيــد‬
‫البحــري‪ ،‬و‪.‬م ‪ 25‬مكــرر مــن القانــون رقــم ‪ 60.15‬المغيــر والمتمــم للقانــون رقــم ‪ 27.08‬بمثابــة النظــام األساســي‬
‫للغــرف الفالحيــة‪ ،‬و‪.‬م ‪ 38‬مكــرر مــن القانــون رقــم ‪ 61.15‬المغيــر والمتمــم للقانــون رقــم ‪ 18.09‬بمثابــة النظــام‬
‫األساســي لغــرف الصناعــة التقليديــة‪ .‬ثــم المــادة ‪ 47‬مكــرر مــن القانــون رقــم ‪ 62.15‬المغيــر والمتمــم للقانــون‬
‫رقــم ‪ 38.12‬بمثابــة النظــام األساســي لغــرف التجــارة والصناعــة والخدمــات‪.‬‬
‫‪1 144‬مذكــرة جمعيــة الجهــات المغربيــة حــول مســودة مشــروع القانــون التنظيمــي المتعلــق بالجهــة‪ ،‬بتاريــخ يوليــو‬
‫‪.2014‬‬
‫‪1 145‬مذكرة جمعية الجهات المغربية حول مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجهة‪ ،‬يوليوز ـ غشت ‪.2014‬‬
‫‪voir de Mohammed El Yaagoubi: «les fondements constitutionnels de la décentralisation de la régionalisation1 146‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫‪avancée» dans «le droit constitutionnel des collectivités territoriales: Etudes comparées », sous la direction de‬‬
‫‪A.Mecherfi , 2015, p 132.‬‬

‫‪1 147‬الفصل ‪ 143‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪1 148‬الفصل ‪ 71‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪1 149‬الفصل ‪ 145‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪voir l’article de Amal Mecheri sur «les collectivités territoriales dans la constitution marocaine» et1 150‬‬
‫‪l’article de Mohammed El Yaagoubi sur les fondements constitutionnels de la décentralisation de la régionalisation‬‬
‫‪avancée» dans «le droit constitutionnel des collectivités territoriales: Etudes comparées», sous la‬‬
‫‪direction de A.Mecherfi, 2015.‬‬
‫‪1 151‬م ‪ 115‬من القانون التنظيمي للجهة‪.‬‬
‫‪1 152‬م ‪ 118‬من القانون التنظيمي للجماعات‪.‬‬
‫‪1 153‬م ‪ 109‬من القانون التنظيمي لمجالس العماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪1 154‬م ‪ 118‬من القانون التنظيمي للجماعات‪.‬‬
‫‪1 155‬انظر ما تنص عليه م ‪ 77‬و‪ 79‬من القانون التنظيمي للجهة‪.‬‬
‫‪1 156‬الفصل ‪ 145‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪voir l’article de Amal Mecheri sur «les collectivités territoriales dans la constitution marocaine» et l’article1 157‬‬
‫‪de Mohammed El Yaagoubi sur les fondements constitutionnels de la décentralisation de la régionalisation‬‬
‫‪avancée» dans «le droit constitutionnel des collectivités territoriales: Etudes comparées», sous la‬‬
‫‪direction de A.Mecherfi, 2015.‬‬
‫‪1 158‬م ‪ 115‬من القانون التنظيمي للجهة‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫ شماوهلا‬

‫‪1 159‬م ‪ 118‬من القانون التنظيمي للجماعات‪.‬‬


‫‪1 160‬م ‪ 109‬من القانون التنظيمي لمجالس العماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪1 161‬م ‪ 118‬من القانون التنظيمي للجماعات‪.‬‬
‫‪1 162‬انظر ما تنص عليه م ‪ 77‬و‪ 79‬من القانون التنظيمي للجهة‪.‬‬
‫ شماوهلا‬ ‫‪58‬‬

‫حول المحرر‬
‫األســتاذ الدكتــور‪ /‬حســن طــارق‪ ،‬نائــب رئيــس الجمعيــة المغربيــة للعلــوم السياســية‪ ٬‬عمــل‬
‫حاليــا أســتاذا للتعليــم العالــي فــي كليــة الحقــوق السويســي بجامعــة محمــد الخامــس الربــاط ‪-‬‬
‫المغــرب‪ .‬عضــو بمجلــس النــواب المغربــي برســم الواليــة التشــريعية التاســعة (‪.)2016-2011‬‬
‫حصــل علــى دكتــوراه فــي القانــون العــام و العلــوم السياســية مــن كليــة الحقــوق أكــدال بالربــاط‬
‫بجامعــة محمــد الخامــس عــام ‪.2004‬‬

‫يشــرف علــى إدارة تحريــر المجلــة المغربيــة للسياســات العموميــة‪ .‬عضــو فــي المكتــب‬
‫التنفيــذي للجمعيــة المغربيــة للقانــون الدســتوري‪ .‬مديــر فريــق األبحــاث حــول األداء الدســتوري‬
‫والسياســي‪.‬‬

‫الدستور المغربي ‪ :‬المستجدات وحصيلة التفعيل‬


‫المنظمة العربية للقانون الدستوري‬

‫ الجمهورية التونسية‬- ‫ تونس‬،2 ‫ضفاف البحيرة‬


)+216( 71 860 502 :‫هاتف‬
contact@dustour.org :‫البريد االلكتروني‬

www.dustour.org

This Publication was made possible with generous


support from the Open Society Foundation.”

This Policy Paper is published with assistance from


international IDEA

You might also like