Professional Documents
Culture Documents
السنما
السنما
السينما ،فن طلع على العالم من أوروبا ،واجتاز مرحلة تطورية طويلة ،اشتركت فيها القارة األمريكية ،أو بعبارة أدق
الواليات المتحدة األمريكية مع بعض دول أوروبية ،في مقدمتها فرنسا وإنجلترا.
المبحث األول
نشأة السينما وتطورها في العالم
دونه الفنان والمهندس والعالم اإليطالي ،ليوناردو يرجع البعض بدايات السينما ،أو بتعبير أدق ما قبل البدايات إلى ما َّ
دافنشي Leonardo da vinciمن مالحظات ذكرها جيوفاني باتستا دي البورتا ،في كتابه السحر الطبيعي Natural
Magicعام ،1558فقد الحظ دافنشي أن اإلنسان إذا جلس في حجرة تامة الظالم ،بينما تكون الشمس ساطعة خارجها،
وكان في أحد جوانبها ثقب صغير جدًا في حجم رأس الدبوس ،فإن الجالس في الحجرة المظلمة ،يمكنه أن يرى على
الحائط الذي في مواجهة هذا الثقب الصغير ظالالً أو خياالت لما هو خارج الحجرة ،مثل األشجار ،أو العربات ،أو اإلنسان
الذي يعبر الطريق ،نتيجة شعاع من الضوء ينفذ من الثقب الصغير.
أما البداية الحقيقية لميالد صناعة السينما ،فتعود إلى حوالي عام 1895م ،نتيجة للجمع بين ثالثة مخترعات سابقة هي
اللعبة البصرية ،والفانوس السحري ،والتصوير الفوتوغرافي ،فقد سجل األخوان أوجست ولويس لوميير & Auguste
مكن من عرض الصور المتحركة على الشاشة في 13فبراير 1895في Louis Lumiereاختراعهما ألول جهاز يُ ِّ
فرنسا ،على أنه لم يتهيأ لهما إجراء أول عرض عام إال في 28ديسمبر من نفس العام ،فقد شاهد الجمهور أول عرض
سينماتوغرافي في قبو الجراند كافيه ، Grand Caféالواقع في شارع الكابوسين Capucinesبمدينة باريس .لذلك
فالعديد من المؤرخين يعتبرون لويس لوميير المخترع الحقيقي للسينما ،فقد استطاع أن يصنع أول جهاز اللتقاط وعرض
الصور السينمائية ،ومن هذا التاريخ أصبحت السينما واقعا ً ملموساً .وقد شاهدت نيويورك في أبريل ،1895عرضا ً عاما ً
للصور المتحركة .ثم ما لبث آرمان وجينكينز ،أن تمكنا من اختراع جهاز أفضل للعرض ،استخدماه في تقديم أول عرض
لهما في سبتمبر من السنة نفسها -األمر الذي حدا بتوماس إديسون Thomas Edisonلدعوتهما لالنضمام إلى
الشركة التي كان قد أسسها الستغالل الكينيتوسكوب Kinetoscope.وفي العام التالي تمكن إديسون من صنع جهاز
للعرض يجمع بين مزايا الجهازين ،وأقام أول عرض عام له في أبريل 1896فلقي نجاحا ً كبيرا ً.
مر بها تطور الفيلم السينمائي من منظور ويقسم الناقد والمؤرخ السينمائي األمريكي فيليب كونجليتون ،المراحل التي َّ
التأثر بنمو السوق إلي العصور التالية:
1.عصر الريادة:1910 - 1895 :
ً
في هذا العصر بدأت صناعة الفيلم ،الكاميرا األولى ،الممثل األول ،المخرجون األول كانت التقنية جديدة تماما ،ولم تكن
هناك أصوات على اإلطالق ،ومعظم األفالم كانت وثائقية ،خبرية ،وتسجيالت لبعض المسرحيات ،وأول دراما روائية
كانت مدتها حوالي خمسة دقائق ،وبدأت تصبح مألوفة حوالي عام 1905مع بداية رواية الفنان الفرنسي جورج
ميلييه ، Georges Meliesرحلة إلى القمر A Trip to the Moonعام ( ،1902اُنظر صورة من فيلم رحلة إلى
القمر) ،وكانت األسماء الكبيرة في ذلك الوقت هي إديسون ،لوميير ،وميلييه بأفالمه المليئة بالخدع .وعند مشاهدة هذه
األفالم يؤخذ في االعتبار أنها كانت تشكل المحاوالت األولى ،وأن السينما كانت وما تزال أداة اتصال جديدة ،فال يجب أن
يُنظر إليها على أنها تافهة ،ربما تكون حقا ً بدائية ،ولكن يجب إدراك أن الطاقة والعمل الذي بذل إلنتاج هذه األفالم كان
مبهراً ،وأن أخذ المنتجين على عاتقهم مهمة إنتاج هذه األفالم كان أمرا ً متميزا ً.
2.عصر األفالم الصامتة:1926-1911 :
ويتميز هذا العصر عن سابقه بكثرة التجريب في عملية مونتاج األفالم ،فلم تكن هذه المرحلة صامتة بالكامل ،فقد كانت
هناك استخدامات لطرق ومؤثرات صوتية خاصة ،بينما لم يكن هناك حوار على اإلطالق حتى المرحلة التالية ،فاختلف
الشكل ،واختفت التسجيالت المسرحية لتحل محلها الدراما الروائية ،ويعد هذا أيضا ً بداية لمرحلة األفالم الشاعرية ذات
الطابع التاريخي األسماء الشهيرة في هذه المرحلة ضمت شارلي شابلن ، Charles Chaplinديفيد جريفيث David
Griffithوغيرهم .وتكلفَّت أفالم هذه المرحلة أمواالً أكثر ،وبدأت مسألة نوعية وجودة الفيلم تثير جدالً ،كما صنعت
أنواع مختلفة من األفالم في هذه المرحلة.
3.عصر ما قبل الحرب العالمية الثانية:1940-1927 :
يتميز هذا العصر بأنه عصر الكالم أو الصوت ،ولكن فيليب كونجليتون يرى ،أن هذا التصنيف غير دقيق ،فذلك يعني أن
هناك مرحلتين في تاريخ الفيلم :الصمت والكالم.
ويبدأ هذه العصر بإنتاج أول فيلم ناطق بعنوان "مغني الجاز" عام ،1927باإلضافة إلي أفالم ناطقة أخرى متنوعة
أنتجت في هذه المرحلة ،كما شهدت أفالم الثالثينيات استخداما ً أكثر لأللوان ،وبدأت الرسوم المتحركة ،وفي هذه المرحلة
أيضا ً ظهرت العروض النهارية لألفالم ،وبدأت تتنامى في المسارح مع موجة الكوميديا ،وبروز نجوم لفن السينما
انتشرت أسماؤهم في ذلك الحين .
وقد ض َّمت أسماء هذه المرحلة أسماء مثل كالرك جابل ، Clark Gableفرانك كابرا ، Frank Capraجون
فورد ، John Fordوالممثالن اللذان استمرا إلى المرحلة الناطقة بعد ذلك ،وهما ستان لوريل، Stan Laurel
وأوليفر هاردي Oliver Hardy.وفي هذه المرحلة أيضا ً بدأت نوعية الفيلم تزداد أهميتها مع ظهور جوائز األوسكار،
وحب الجمهور للسينما .من هنا أصبح يُنظر للفيلم في هذه المرحلة كمراهق بدأ ينضج ،ويمكن التمييز بين األفالم التي
تكلف كثيراً ،وبالرغم من أن التقنية المستخدمة في صناعة الفيلم كانت ما تزال كلفت أمواالً كثيرة عن األفالم التي لم ِّ
بدائية ،لكنها بهرت العديد من رواد السينما.
4.العصر الذهبي للفيلم: 1954-1941 :
أحدثت الحرب العالمية الثانية كل أنواع التغيرات في صناعة الفيلم ،فخالل وبعد الحرب ازدهرت الكوميديا بشكل ملحوظ،
وتربَّعت األفالم الموسيقية على عرش السينما ،كما انتشرت أفالم الرعب ،ولكن باستخدام ضئيل للمؤثرات الخاصة بسبب
ارتفاع تكاليف اإلنتاج ،فقد صنعت نفقات اإلنتاج فرقا ً ملحوظا ً بين الميزانيات الكبيرة والصغيرة لألفالم ،ولجأت
مكلفة للعامة ،وذلك لجذب الجماهير .لذلك ظهرت استوديوهات السينما الستخدام ميزانيات صغيرة إلنتاج أفالم غير ِّ
األفالم الجماهيرية في هذه المرحلة والتي يمكن تصنيفها إلى أفالم استخبارات ،أفالم غابات ،واألفالم االستغاللية .أما
أفالم الخيال العلمي فقد ظهرت حوالي عام .1950واألسماء الكبيرة القليلة التي ظهرت في هذه المرحلة هي كاري
جرانت ، Cary Grantهمفري بوجارت ، Humphrey Bogartأودري هيبورن ، Audrey Hepburnهنرى
فوندا ،Henry Fondaفريد أستيرFred Astaire.
5.العصر االنتقالي للفيلم:1966-1955 :
يُسمي فيليب كونجليتون هذه المرحلة بالعصر االنتقالي ،ألنه يمثل الوقت الذي بدأ فيه الفيلم ينضج بشكل حقيقي ،فقد
ظهرت في هذا العصر التجهيزات الفنية المتطورة للفيلم من موسيقى ،وديكور ،وغير ذلك .وفي هذا العصر بدأت األفالم
من الدول المختلفة تدخل إلى الواليات المتحدة األمريكية من خالل حوائط هوليوود السينمائية ،وبدأت األفالم الجماهيرية
تستبدل بأفالم رخيصة ،كما بدأت االستوديوهات الكبيرة تفقد الكثير من قوتها في مجال التوزيع .كما ظهر لصناعة الفيلم
عدو جديد يسمى التليفزيون ،مما أبرز المنافسة حول نوعية المنتج وجودته .وبدأت السينما تقتحم موضوعات اجتماعية
الملونة لتصبح األغلبية بجوار األبيض واألسود ،وضمت األسماء الكبيرة في سينما هذه َّ أكثر نضجاً ،وانتشرت األفالم
المرحلة ألفريد هتشكوك ، Alfred Hitchcockمارلين مونرو ، Marilyn Monroوإليزابيث تايلور Elizabeth
Taylor.
وبدأت الحرب الباردة لتغير وجه هوليوود ،وظهرت المؤثرات الخاصة ،وبرزت الفنون األخرى المصاحبة كالديكور
واالستعراضات.
6.العصر الفضي للفيلم1979-1967 :
يرى بعض المؤرخين أن هذه الفترة بالفعل ،هي مرحلة الفيلم الحديث ،وكانت مرحلة جديدة وقتها ويبدأ العصر الفضي
فيلمي الخريج و بوني وكاليد عام .1967 َ للسينما بإنتاج
وقد ظهرت عدة أفالم خالية من الصور المتحركة .وكان من جراء انتشار هذه النوعية من األفالم الناضجة ،الخارجة عن
وتكونت األسماء الشهيرة التي حكمت هذا العصر أمثال فرانسيس َّ األخالق العامة ،أن ظهرت أنظمة جديدة للرقابة
كوبول ، Francis Coppolaوداستن هوفمان ، Dustin Hoffmanومارلون براندو Marlon
Brando.انخفضت نسبة أفالم األبيض واألسود إلى %3من األفالم المنتجة في هذه الفترة .فأصبحت هوليوود تعرف
كبير بين الميزانيات الكبيرة والضئيلة لألفالم ،كما يمكن أيضا ً مقارنة
ق ٌ حقا ً كيف تصنع أفالما ً ،وأصبح هناك فار ٌ
الجوانب األخرى الغير مادية للفيلم ،لذا ال يجب أن ينظر لألفالم ذات الميزانية الضئيلة على أنها رديئة.
7.العصر الحديث للفيلم1995-1980 :
بدأ هذا العصر عام ،1977عندما أنتج فيلم "حروب النجوم ،" Star Warsالذي ُيعد أول إسهام للكمبيوتر والتقنية
الحديثة في تصميم المؤثرات الخاصة .لكن فيليب كونجليتون يبدأ هذا العصر عام ،1980ألنه يعتبر أن فيلم
"اإلمبراطورية تقاوم" نقطة
أشهر عشر خدع فـي تاريخ السينما العالمية:
قبل التطور المذهل الذي حققته السينما من خالل توظيفها الحاسبات اآللية ،خالل السنوات الماضية ،عرفت السينما
العالمية العديد من أساليب الخدع البصرية ،واستخدمتها في أفالم كثيرة أبهرت الماليين من مشاهدي السينما.
وحدد النقاد أبرز هذه األفالم في عشرة أفالم هي:
*رحلة إلى القمر.1902 ،
*فاوست.1926 ،
*كينج كونج.1933 ،
*لص بغداد.1940 ،
*متروبولس.1926 ،
* 20ألف فرسخ تحت الماء.1954 ،
*رحلة السندباد السابعة.1958 ،
*أوديسا الفضاء .1968 ،2001
*حرب الكواكب.1977 ،
*المدمر .1991 ،2
المبحث الثاني
نشأة السينما العربية وتطورها
1.السينما فـي مصر:
كانت مصر من أوائل بالد العالم التي عرفت الفن السينمائي عام ،1896باإلسكندرية ،وفي العام نفسه ،قدم أول عرض
سينمائي في حديقة األزبكية بالقاهرة.
وقد أرسلت دار لوميير الفرنسية عام 1897مبعوثا ً لها إلى مصر ليقوم بتصوير أول شرائط سينمائية عن بعض المناظر
في اإلسكندرية ،والقاهرة ،والمناطق األثرية على نيل مصر ،وبلغ عدد هذه الشرائط 35شريطا ً عرضت في جميع دول
العالم.
وأقيم أول عرض سينمائي في مصر في ديسمبر ،1897بمدينة اإلسكندرية بواسطة أحد أجهزة لوميير ،على أنه ما لبث
أن توقف العرض حتى عام ،1900عندما أقيمت أول صالة للعرض يملكها م.س كونجولينوس بالمدينة نفسها.
أما في القاهرة فلم يبدأ عرض األفالم السينمائية إال في أبريل 1900في صالة قهوة سانتي بجوار الباب الشرقي لحديقة
األزبكية ،بواسطة فرانشسكو بونفيلي وزوجته .وكانت أسعار الدخول تتراوح بين قرش واحد وثالثة قروش ،وأحدث ذلك
العرض دهشة عظيمة ولقي نجاحا ً كبيراً ،مما نبه إلى عظم ما يمكن أن يدره االستغالل السينمائي من أرباح .وهكذا بدأ
تأسيس دور خاصة للعرض السينمائي .وشهد عام 1905وجود ثالثة دور للعرض في القاهرة .ويتألف جمهور السينما
في ذلك الوقت أساسا ً من عامة الشعب ،فضالً عن التالميذ ،والطالب الذين أقبلوا عليها لكونها تسلية رخيصة الثمن،
عالوة على حداثة اختراعها .أما المثقفون واألوساط المحافظة فلم تبد عليها إقباالً يذكر.
بدأ أول تصوير سينمائي مصري قامت به محالت عزر ودوريس باإلسكندرية عام ،1907وجرى التحميض والطبع في
معاملها ،وقامت بعرض باكورة إنتاجها باإلسكندرية.
تكونت عام 1917باإلسكندرية شركة سيتشيا السينمائية اإليطالية ،بهدف إنتاج أفالم روائية نظرا ً العتدال الطقس
وسطوع الشمس معظم أوقات السنة ،إذ لم تكن اإلضاءة الصناعية قد تقدمت في ذلك الوقت ،وقام بتمويل رأس المال بنك
روما بمبلغ 20ألف جنيه ،وكان أول إنتاجها الفيلم الروائي القصير "نحو الهاوية".
وفي عام 1917تكونت الشركة السينمائية المصرية باإلسكندرية ،من مصور يدعى أمبرتو دوريس باالشتراك مع بعض
اإليطاليين ،وبنك روما ،وأنتجت فيلمين قصيرين هما الزهور المميتة وشرف البدوي .وعرض الفيلمان ألول مرة في عام
1918بسينما سانت كلير في اإلسكندرية .وقد أفلست الشركة بعد عرض الفيلمين بستة أشهر بسبب الخسارة الكبيرة
التي تكبدتها بسببهما .وفي نفس العام أخرج الرتشي ،فيلما ً قصيرا ً باسم مدام لوريتا قامت بتمثيله فرقة فوزي
الجزايرلي .وفي عام 1922أقدمت فرقة فوزي منيب على تمثيل فيلم "الخاتم المسحور" ،وقدمت في العام التالي فرقة
سار فيلم "العمة األمريكانية".
علي الك َّ
وفي عام ،1920فكر بعض رجال األعمال المصريين ،وفي مقدمتهم طلعت حرب في وضع حجر األساس لبناء مصر
الصناعية ،فأسسوا بنك مصر برأسمال قدره 80ألف جنيه .ومما ال شك فيه أن بنك مصر قام بدور فعال في نشر سياسة
التصنيع ،وفي حث األمة على اإلقبال على الصناعة.
وتم إنتاج أول فيلم روائي طويل عام ،1923وهو فيلم "في بالد توت عنخ آمون" ،وكان تنفيذه وتصويره في مصر،
وعرض بالخارج ،ويحكي قصة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون ،وبلغت تكاليف الفيلم 1900جنيه ،وتوالى بعد ذلك
عرض األفالم الروائية الطويلة المنتجة في مصر ،فقد عرض فيلم "ليلى" من إنتاج عزيزة أمير في نوفمبر،1927
وبلغت التكلفة اإلجمالية حوالي ثالثة آالف جنيه ،وقد عرض الفيلم بدار عرض سينما متروبول بالقاهرة.
تأسست شركة مصر للتمثيل والسينما عام 1925برأسمال 15ألف جنيه ،بعد أن كانت قسما ً للسينما تابعا ً لشركة مصر
لإلعالنات كأحد شركات بنك مصر ،الذي أسسه طلعت حرب ليكون ركنا ً من أركان النهضة االقتصادية المصرية ،وقد
طالب في ذاك الوقت محمد كريم بتمصير صناعة السينما ،وبضرورة إنشاء شركة قومية للسينما برأسما ٍل مصري.
وكانت نقطة التحول في هذه الصناعة ،تشييد استوديو مصر عام ،1934حيث توالى إنتاج األفالم المصرية ،وكثر عدد
تخرج منها كافة العاملين في الحقل المشتغلين في هذا الحقل الجديد .ويعتبر استوديو مصر المدرسة األولى التي َّ
السينمائي .كما أرسى قواعد العمل السينمائي ،ومثل مرحلة تطور هامة في تاريخ صناعة السينما وسحبها من أيدي
األجانب وتركيزها في يد المصريين ،كما أرسلت بعثات السينمائيين المصريين للتدريب في الخارج ليكونوا نواة لهذه
الصناعة.
ً
وأنشأ يوسف وهبي أول استوديو أقامه فنان مصري ،وفقا ألحدث المواصفات الفنية ،وهو استوديو رمسيس ،وقد كان
نجاح استوديو مصر حافزا ً إلنشاء استوديوهات جالل والما بحدائق القبة ،وناصيبيان بالفجالة ،واألهرام بالجيزة ،وتوجو
مزراحي بالقاهرة واإلسكندرية ،واستوديو شبرا ،كذلك أنشئ معمل بالظاهر للطبع والتحميض.
يكاد يجمع المشتغلون بالسينما في مصر على أن فيلم ليلى الذي أنتجته عزيزة أمير وعرض في 16نوفمبر 1927في
دار سينما متروبول بالقاهرة ،أول األفالم المصرية الطويلة إنتاجاً .ذلك أنه على الرغم من أن فيلم "قبلة في الصحراء"،
قد سبق فيلم ليلى في العرض ،حيث عرض في أواخر فبراير .1927إال أنه قد تولى إنتاجه اثنان من األجانب هما إبراهيم
وبدر الما اللذان وفدا على مصر من شيلي بأمريكا الجنوبية ،ومعهما بعض األموال ،وأجهزة التصوير السينمائي،
واستقرا في اإلسكندرية حيث كونا شركة كوندور فيلم .وعلى أي حال فقد تعاقبت بعد ذلك المحاوالت إلنتاج األفالم
الطويلة ،وكثر المشتغلون بهذه الصناعة الوليدة من منتجين ،وفنيين ،وفنانين سواء من المصريين أو من األجانب .ومع
ذلك فلم يلبث إدخال الصوت في األفالم في أواخر الثالثينيات أن تمخض عن إصابة الصناعة المصرية الناشئة بخسارة
فادحة ،وإن لم يثبط ذلك من عزيمة السينمائيين المصريين الذين عمدوا إلى تحويل جهودهم نحو إنتاج األفالم الناطقة
،ولكن عدم وجود أجهزة لتسجيل الصوت في مصر ،وصعوبة استيرادها أدى إلى تسجيل الصوت في باريس ،األمر الذي
كان يكبد المنتجين نفقات باهظة ،وخاصة بسبب اضطرارهم إلى نقل معظم الفنانين والفنيين إلى هناك.
وتهيأت للمصريين منذ البداية ،في منافسة األفالم األجنبية في األسواق العربية ،ميزة تولَّدت عن إدخال الصوت في
صناعة األفالم ،أال وهي نطق األفالم المصرية باللغة العربية التي يتكلم بها سكان الشرق العربي قاطبة .وكان فيلم
"أنشودة الفؤاد" الذي أنتجته شركة "النحاس فيلم" باالشتراك مع "إخوان بهنا" أول األفالم الناطقة .وسجل الصوت
في استوديوهات جومونت بفرنسا ،وعرض الفيلم في عام .1931وتاله فيلم "أوالد الذوات" الذي أخرجه محمد كريم
لحساب يوسف وهبي ،وسجل الصوت في استوديوهات توبيس كالنج في باريس .ولقي الفيلم األخير نجاحا ً كبيراً عند
عرضه في سينما رويال في القاهرة .وأمعن المنتجون المصريون في تزويد أفالمهم باألغاني ،وهكذا أنتجت شركة
بيضافون عام ،1933أول فيلم ظهر فيه الفنان محمد عبدالوهاب وهو "الوردة البيضاء" ،فنجح نجاحا ً كبيراً ،وفي عام
1935ظهرت أم كلثوم في باكورة أفالمها "وداد" الذي أنتجته شركة مصر للتمثيل والسينما.
وأنتج أول فيلم مصري -أجنبي مشترك عام 1933مع شركة جومونت الفرنسية هو فيلم "ياقوت أفندي" .وفي عام
1947ظهر اإلنتاج المشترك بين مصر والعراق بفيلم "القاهرة -بغداد" ،وباالشتراك مع إيطاليا عام 1950بفيلم
"الصقر".
وتعتبر مرحلة األربعينيات مرحلة انتعاش الفيلم المصري ،حيث ارتفع معدل اإلنتاج السينمائي من تسعة أفالم في الموسم
1939/38حتى وصل إلى 16فيلما ً في الموسم ،1945/44ويرجع ذلك نتيجة لدخول رؤوس أموال أغنياء الحرب
العالمية الثانية ،والحرب الكورية ،إلى ميدان صناعة السينما مع زيادة القوة الشرائية في نفس الوقت لدى المواطنين
والمترددين على دور العرض السينمائي .وارتفع متوسط إنتاج األفالم في الفترة من عام 1945إلى عام 1951من - 20
50فيلما ً سنوياً ،وبلغ عدد األفالم المنتجة 241فيلماً ،أي نحو ثالثة أضعاف األفالم المصرية المنتجة منذ عام .1927
ووصل عدد دور العرض السينمائي إلى 244دارا ً للعرض عام ،1949كما وصل عدد االستوديوهات إلى 5استوديوهات
بها 11ساحة للتصوير.