You are on page 1of 42

‫أصول في‬

‫التفسير‬
‫محمد بن صالح العثيمين‬
‫المقدمة‬

‫الحمد ل ‪ ،‬نحمده ونستعينه ‪ ،‬ونستغفره ونتوب إليه ‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده ال فهو فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ صلي ال عليه وسلم ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ‪،‬‬
‫ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬

‫فإن من المهم في كل فن أن يتعلم المرء من أصوله ما يكون عونا له على فهمه وتخريجه‬
‫على تلك الصول ‪ ،‬ليكون علمه مبنيا على أسس قوية ودعائم راسخة ً‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬من ححررم الصول‬
‫حرم الوصول ‪.‬‬

‫ومن أجل فنون العلم ‪ ،‬بل هو أجلها وأشرفها ‪ ،‬علم التفسير الذي هو تبيين معاني كلم ال‬
‫ل‪.‬‬‫ل ‪ ،‬ولعلم الفقه أصو ً‬
‫ل ‪ ،‬كما وضعوا لعم الحديث أصو ً‬‫عز وجل وقد وضع أهل العلم له أصو ً‬

‫وقد كنت كتبت من هذا العلم ما تيسر لطلب المعاهد العلمية في جامعة المام محمد بن‬
‫سعود السلمية ‪ ،‬فطلب مني بعض الناس أن أفردها في رسالة ‪ ،‬ليكون ذلك أيسر وأجمع فأجبته إلى‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫وأسأل ال تعالى أن ينفع بها ‪.‬‬

‫ويتلخص ذلك فيما يأتي ‪:‬‬

‫* القرآن الكريم ‪:‬‬


‫‪ -1‬متي نزل القرآن على النبي صلي ال عليه وسلم ‪ ،‬ومن نزل به عليه من الملئكة ؟‬

‫‪ -2‬أول ما نزل من القرآن ‪.‬‬

‫‪ -3‬نزول القرآن على نوعين ‪ :‬سببي وابتدائي ‪.‬‬

‫‪ -4‬القرآن مكي ومدني ‪ ،‬وبيان الحكمة من نزوله مفرقا ‪ .‬وترتيب القرآن ‪.‬‬

‫‪ -5‬كتابة القرآن وحفظه في عهد النبي صلي ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪-6‬جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان رضي ال عنهما ‪.‬‬

‫التفسير ‪:‬‬
‫‪-1‬معني التفسير لغة واصطلحا ‪ ،‬وبيان حكمه ‪ ،‬والغرض منه ‪.‬‬
‫‪ -2‬الواجب على المسلم في تفسير القرآن ‪.‬‬

‫‪ -3‬المرجع في التفسير إلى ما يأتي ‪:‬‬

‫أ‪-‬كلم ال تعالى بحيث يفسر القرآن بالقرآن ‪.‬‬

‫ب‪ -‬سنة الرسول صلي ال عليه وسلم ؛ لنه مبلغ عن ال تعالى ‪ ،‬وهو أعلم الناس بمراد ال‬
‫تعالى في كتاب ال ‪.‬‬

‫ج‪ .‬كلم الصحابة رضي ال عنهم ل سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ‪ ،‬لن القرآن‬
‫نزل بلغتهم وفي عصرهم ‪.‬‬

‫د‪ .‬كلم كبار التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي ال عنهم ‪.‬‬

‫هـ ‪ .‬ما تقتضيه الكلمات من المعاني الشرعية أو اللغوية حسب السياق ‪ ،‬فإن اختلف‬
‫الشرعي واللغوي ‪ ،‬أخذ بالمعني الشرعي بدليل يرجح اللغوي ‪.‬‬

‫‪ -4‬أنواع الختلف الوارد في التفسير المأثور ‪.‬‬

‫‪ -5‬ترجمة القرآن ‪ :‬تعريفها – أنواعها – حكم كل نوع ‪.‬‬

‫*‪ -‬خمس تراجم مختصرة للمشهورين بالتفسير ثلث للصحابة واثنتان للتابعين ‪.‬‬

‫* أقسام القرآن من حيث الحكام من المتشابه ‪.‬‬

‫موقف الراسخين في العلم ‪ ،‬والزائغين من المتشابه ‪.‬‬

‫التشابه ‪ :‬حقيقي ونسبي‪.‬‬

‫الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه ‪.‬‬

‫*‪ -‬موهم التعارض من القرآن والجواب عنه وأمثلة من ذلك ‪.‬‬

‫ال سقسسم ‪:‬‬

‫تعريفه – أداته‪ -‬فائدته‬

‫* القصص ‪:‬‬

‫تعريفها – الغرض منها – الحكمة من تكرارها واختلفها في الطول والقصر والسلوب ‪.‬‬
‫* السرائيليات التي أقحمت في التفسير وموقف العلماء منها ‪.‬‬

‫* الضمير ‪:‬‬

‫تعريفه – مرجعه – الظهار موضع الضمار وفائدته – اللتفات وفائدته – ضمير الفصل وفائدته‪.‬‬
‫القرآن الكريم‬
‫القرآن في اللغة ‪ :‬مصدر قرأ بمعني تل ‪ ،‬أو بمعني جمع ‪ ،‬تقول قرأ قرءا وقرآنا‪ ،‬كما تقول‬
‫‪ :‬غفر غغففرا وحغفرانا ً ‪ ،‬فعلى المعني الول ) تل ( يكون مصدرا بمعني اسم المفعول ؛ أي بمعني‬
‫متلوو‪ ،‬وعلى المعني الثاني‪ ) :‬غجغمغع( يكون مصدرا بمعني اسم الفاعل ؛ أي بمعني جامع لجمعه‬
‫الخبار والحكام )‪. (1‬‬

‫والقرآن في الشرع ‪ :‬كلم ال تعالى المنزل على رسوله وخاتم أنبيائه محمد صلي ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬المبدوء بسورة الفاتحة ‪ ،‬المختوم بسورة الناي ‪ .‬قال تعالى ‪) :‬إننا سنلحنن سننزلسنا سعسلليسك النقلرآسن‬
‫ل(ًا )النسان‪ً(23:‬ا وقال ‪) :‬إإننا أسلنسزلسنانه نقلرآنا سعسرإبييا سلسعنلنكلم ستلعإقنلوسن(ًا )يوسف‪ً(2:‬ا ‪ .‬وقد حمى ال‬
‫ستلنإزي ل‬
‫تعالى هذا القرآن العظيم من التغيير والزيادة والنقص والتبديل ‪ ،‬حيث تكفل عز وجل بحفظه فقال ‪:‬‬
‫)إإننا سنلحنن سننز لسنا الذذلكسر سوإإننا سلنه سلسحاإفنظوسن(ًا )الحجر‪ً(9:‬ا ولذلك مضت القرون الكثيرة ولم يحاول أحد من‬
‫أعدائه أن يغير فيه ‪ ،‬أو يزيد ‪ ،‬أو ينقص ‪ ،‬أو يبدل ‪ ،‬إل هتك ال ستره ‪ ،‬وفضح أمره ‪.‬‬

‫وقد وصفه ال تعالى بأوصاف كثيرة ‪ ،‬تدل على عظمته وبركته وتأثيره وشموله ‪ ،‬وأنه حاكم‬
‫على ما قبله من الكتب ‪.‬‬

‫)‬ ‫قال ال تعالى ‪) :‬سوسلسقلد آستليسناسك سسلبعا إمسن السمسثاإنيِ سوالنقلرآسن السعإظيسم(ًا )الحجر‪ً(87:‬ا‪.‬‬
‫سوالنقلرآإن السمإجيإد(ًا)يق‪ :‬من الية ‪ً(1‬ا ‪ .‬وقال تعالى ‪) :‬إكستابب أسلنسزلسنانه إسلليسك نمسباسربك إلسيندنبنروا آسياإتإه سوإلسيستسذنكسر‬
‫ص‪ً(29:‬ا )سوسهسذا إكستابب أسلنسزلسنانه نمسباسربك سفانتإبنعونه سوانتنقوا سلسعنلنكلم نتلرسحنموسن(ًا )النعام‪ً(155:‬ا‬ ‫نأونلو السألسباإب(ًا ) ي‬
‫)إإننه سلنقلرآبن سكإريبم(ًا )الواقعة‪ً(77:‬ا )إإنن سهسذا النقلرآسن سيلهإديِ إلنلإتيِ إهسيِ أسلقسونم (ًا )السراء ‪ :‬من الية ‪ً(9‬ا ‪.‬‬

‫وقال تعالى ‪) :‬سللو أسلنسز لسنا سهسذا ا لنقلرآسن سعسلى سجسبلل سلسرأسليستنه سخاإشعا نمستسصذدعا إملن سخلشسيإة النلإه سوإت ل سك‬
‫س سلسعنلنهلم سيستسفنكنروسن(ًا )الحشر‪ً(21:‬ا )سوإإسذا سما أنلنإزسللت نسوسربة سفإملننهلم سملن سينقونل أسينكلم‬ ‫السألمسثانل سنلضإرنبسها إللننا إ‬
‫سزاسدلتنه سهإذإه إإيسمانا سفسأنما انلإذيسن آسمننوا سفسزاسدلتنهلم إإيسمانا سونهلم سيلسستلبإشنروسن )‪ً(24‬ا سوأسنما انلإذيسن إفيِ نقنلوإبإهلم‬
‫ض سفسزاسدلتنهلم إرلجسا إإسلى إرلجإسإهلم سوسمانتوا سونهلم سكاإفنرون)س‪ً(25‬ا )التوبة‪ً(125-124 :‬ا ) سونأوإحسيِ إإسلنيِ‬ ‫سمسر ب‬
‫سهسذا النقلرآنن إلنألنإذسرنكلم إبإه سوسملن سبسلسغ(ًا)النعام‪ :‬من الية ‪ً(19‬ا )سفل نتإطإع السكاإفإريسن سوسجاإهلدنهلم إبإه إجسهادا‬
‫سكإبيرا(ًا )الفرقان‪ً(52:‬ا‪ .‬وقال تعالى ‪) :‬سوسننز لسنا سعسلليسك ا لإكستاسب إتلبسيانا إلنكذل سشليِلء سونهدلى سوسرلحسملة سونبلشسرى‬
‫إل لنملسإلإميسن(ًا)النحل‪ :‬من الية ‪ً(89‬ا )سوأسلنسز لسنا إسلليسك ا لإكستاسب إبا لسحذق نمسصذدقا إلسما سبليسن سيسدليإه إمسن ا لإكستاإب‬
‫سونمسهليإمنا سعسلليإه سفالحنكلم سبليسننهلم إبسما أسلنسزسل النلنه (ًا)المائدة‪ :‬من الية ‪ً(48‬ا ‪.‬‬

‫والقرآن الكريم مصدر الشريعة السلمية التي بعث بها محمد صلي ال عليه وسلم إلى كافة‬
‫الناس ‪ ،‬قال ال تعالى ‪) :‬ستسباسرسك انلإذيِ سننزسل ا لنفلرسقاسن سعسلى سعلبإدإه إلسينكوسن إل لسعاسلإميسن سنإذيرا(ًا )الفرقان‪ً(1:‬ا‬
‫س إمسن اليظنلسماإت إإسلى الينوإر إبإإلذإن سرذبإهلم إإسلى إصسراإط ا لسعإزيإز ا ل سحإميإد)‬ ‫)الر إكستابب أسلنسز لسنانه إإسلليسك إلنتلخإرسج الننا س‬
‫ض سوسوليبل إل لسكاإفإريسن إملن سعسذالب سشإديد)ل‪ً(2‬ا )ابراهيم‪-1 :‬‬ ‫‪ً( 1‬االنلإه انلإذيِ سلنه سما إفيِ النسسماسواإت سوسما إفيِ ا ل سألر إ‬
‫‪ً(2‬ا ‪.‬‬

‫)‪ (1‬ويمكن أن يكون بمعني اسم المفعول أيضاا ‪ ،‬أي بمعني مجموع ؛لنأه ججمع في المصاحف والصدور‪.‬‬
‫وسنة النبي صلي ال عليه وسلم مصدر تشريع أيضا كما قرره القرآن ‪ ،‬قال ال تعالى‪):‬سملن‬
‫ص النلسه‬ ‫نيإطإع النرنسوسل سفسقلد أسسطاسع النلسه سوسملن ستسونلى سفسما أسلرسس لسناسك سعسلليإهلم سحإفيظا(ًا )النساء‪ً(80:‬ا )سوسملن سيلع إ‬
‫سوسرنسوسلنه سفسقلد سضنل سضللل نمإبينا(ًا)الحزاب‪:‬من الية ‪ً(36‬ا)سوسما آستانكنم النرنسونل سفنخنذونه سوسما سنسهانكلم سعلننه‬
‫سفالنستنهوا سوانتنقوا النلسه إإنن النلسه سشإديند ا لإعسقاإب(ًا)الحشر‪:‬من الية ‪ً(7‬ا )نقلل إإلن نكلننتلم نتإحيبوسن النلسه سفانتإبنعوإنيِ‬
‫نيلحإبلبنكنم النلنه سوسيلغإفلر سلنكلم نذننوسبنكلم سوالنلنه سغنفوبرسرإحيبم(ًا )آل عمران‪ً(31:‬ا‬

‫‪ -1‬نزول القرآن‬
‫نزل القرآن أول ما نزل على الرسول صليِ ال عليه وسلم فيِ ليلة القدر فيِ رمضان‪ ،‬قال‬
‫ال تعالى ‪) :‬إإننا أسلنسز لسنانه إفيِ سلليسلإة ا لسقلدإر(ًا )القدر‪ً(1:‬ا )إإننا أسلنسز لسنانه إفيِ سلليسللة نمسباسرسكلة إإننا نكننا نملنإذإريسن)‪ً(3‬اإفيسها‬
‫نيلفسرنق نكيل أسلملر سحإكيلم)‪ً(4‬ا )الدخان‪ً(4-3:‬ا ‪) .‬سشلهنر سرسمسضاسن انلإذيِ أنلنإزسل إفيإه النقلرآنن نهدلى إللننا إ‬
‫س سوسبذيسنالت‬
‫إمسن النهسدى سوالنفلرسقاإن(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(185‬ا ‪.‬‬

‫وكان عمر النبيِ صليِ ال عليه وسلم أول ما نزل عليه القرآن أربعين سنة على المشهور عند أهل‬
‫العلم ‪ ،‬وقد رويِ عن ابن عباس رضيِ ال عنهما وعطاء وسعيد بن المسذيب وغيرهم ‪ .‬وهذه‬
‫الذسن هيِ التيِ يكون بها بلوغ الرشد وكمال العقل وتمام الدراك ‪.‬‬

‫والذيِ نزل القرآن من عند ال تعالى إلى النبيِ صليِ ال عليه وسلم ‪ ،‬جبريل أحد الملئكة المقربين‬
‫الكرام ‪ ،‬قال ال تعالى عن القرآن‪) :‬سوإإننه سلستلنإزينل سرذب ا لسعاسلإميسن )‪ً(192‬ا سنسزسل إبإه اليرونح ا ل سأإمينن)‪ً(193‬ا‬
‫سعسلى سق لإبسك إلستنكوسن إمسن ا لنملنإذإريسن)‪ً(194‬اإبإلسسالن سعسرإبييِ نمإبيلن)‪ً(195‬ا )الشعراء‪ً(195 -192:‬ا ‪.‬‬

‫وقد كان لجبريل عليه السلم من الصفات الحميدة العظيمة ‪ ،‬من الكرم والقوة والقرب من ال تعالى‬
‫ل لن يكون رسول ال‬ ‫والمكانة والحترام بين الملئكة والمانة والحسن والطهارة ؛ ما جعله أه ل‬
‫ش‬ ‫تعالى بوحيه إلى رسوله قال ال تعالى ‪) :‬إإننه سلسقلونل سرنسولل سكإريلم ")‪ً(19‬اإذيِ نقنولة إعلنسد إذيِ ا لسعلر إ‬
‫سمإكيلن )‪ً(20‬ا نمسطالع سثنم أسإمين)ل‪ً(21‬ا )التكوير‪ً(21 -19:‬ا ‪ .‬وقال ‪) :‬سعنلسمنه سشإديند ا لنقسوى)‪ً(5‬ا نذو إمنرلة‬
‫سفالسستسوى)‪ً(6‬اسونهسو إبا ل نأنفإق ا ل سألعسلى)‪ً(7‬ا )لنجم‪ً(7-5:‬ا ‪.‬‬

‫وقال ‪) :‬نقلل سننزسلنه نرونح ا لنقند إ‬


‫س إملن سرذبسك إبا لسحذق إلنيسثذبست انلإذيسن آسمننوا سونهدلى سونبلشسرى إل لنملسإلإميسن(ًا )النحل‪:‬‬
‫‪ً(102‬ا‬
‫‪ -2‬أول ما نزل من القرآن‬
‫أول ما نزل القرآن على وجه الطلق قطعا ً اليات الخمس الولي من سورة العلق‪ ،‬وهي قوله‬
‫تعالي ‪) :‬القسرلأ إبالسإم سرذبسك انلإذيِ سخسلسق)‪ً(1‬ا سخسلسق الإألنسساسن إملن سعسللق)‪ً(2‬ا القسرلأ سوسريبسك السألكسرنم)‪ً(3‬ا انلإذيِ سعنلسم‬
‫إبالسقسلإم)‪ً(4‬ا سعنلسم الإألنسساسن سما سللم سيلعسللم)‪ً(5‬ا )العلق‪ً(5 -1:‬ا ‪ .‬ثم فتر الوحي مدة ‪ ،‬ثم نزلت اليات الخمس‬
‫الولى من سورة المدثر ‪ ،‬وزهي قوله تعالى ‪) :‬سيا أسيسها ا لنمندذثر )‪ً(1‬ا نقلم سفسألنإذلر)‪ً(2‬ا سوسرنبسك سفسكذبلر)‪ً(3‬ا‬
‫سوإثسياسبسك سفسطذهلر)‪ً(4‬ا سواليرلجسز سفالهنجلر)‪ً(5‬ا )المدثر‪ً(5-1:‬ا ‪ .‬ففي ))الصحيحين(( ‪ :‬صحيح البخاري‬
‫ومسلم )‪ . (1‬عن عائشة رضي ال عنها في بدء الوحي قالت ‪ :‬حتى جاءه الحق ّ ‪ ،‬وهو في غار‬
‫حراء ‪ ،‬فجاءه الملك فقال اقرأ ‪ ،‬فقال النبي صليِ ال عليه وسلم ما أنا بقارئ ) يعني لست أعرف‬
‫القراءة ( فذكر الحديث ‪ ،‬وفيه ثم قال‪):‬القسرلأ إبالسإم سرذبسك انلإذيِ سخسلق)‪1‬س(ًا(ًا إلى قوله‪):‬سعنلسم ا ل إألنسساسن سما للم‬
‫س‬
‫سيلعسللم)‪ً(5‬ا(ًا )العلق‪ً(5 -1:‬ا‪ .‬وفيهما)‪ (1‬عن جابر رضي ال عنه ‪ ،‬أن النبي صليِ ال عليه وسلم قال‬
‫وهو يحدث عن فترة الوحيِ ‪ ) :‬بينا أنا أمشيِ إذ سمعت صوتا من السماء ‪ ( ....‬فذكر الحديث ‪،‬‬
‫وفيه ‪ ،‬فأنزل ال تعالى‪) :‬سيا أسيسها النمندذثر )‪ً(1‬ا نقلم سفسألنإذلر)‪ً(2‬ا إلى ) سواليرلجسز سفالهنجر)ل‪ً(5‬ا )المدثر‪ً(5-1:‬ا‬
‫‪.‬‬

‫وثمت آيات يقال فيها ‪ :‬أول ما نزل‪ ،‬والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين ‪ ،‬فتكون أولية مقيدة‬
‫مثل ‪ :‬حديث جابر رضي ال عنه في ))الصحيحين (()‪ . (2‬إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله‪ :‬أي‬
‫القرآن أنزل أول؟ قال جابر‪):‬سيا أسيسها النمندذثنر(ًا )المدثر‪ً(1:‬ا قال أبو سلمة ‪ :‬أنبئت أنه‬

‫)القسرلأ إبالسإم سرذبسك انلإذيِ سخسلسق(ًا )العلق‪ً(1:‬ا فقال جابر ‪ :‬ل أخبرك إل بما قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ) :‬جاورت فيِ حراء فلما قضيت جواريِ هبطت ‪ً(...‬ا‬
‫فذكر الحديث وفيه ‪ ) :‬فأتيت خديجة فقلت ‪ :‬دثرونيِ ‪ ،‬وصبوا عليِ ماء باردا ‪ ،‬وأنزل عليِ ‪) :‬سيا‬
‫أسيسها النمندذثنر(ًا )المدثر‪ً(1:‬ا إلى قوله ‪):‬سواليرلجسز سفالهنجلر(ًا )المدثر‪ً(5-1:‬ا (ًا‪.‬‬

‫فهذه الولية التيِ ذكرها جابر رضيِ ال عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحيِ ‪ ،‬أو أول ما نزل‬
‫فيِ شأن الرسالة ؛ لن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت نبوة النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وما نزل من‬
‫سورة المدثر ثبتت به الرسالة فيِ قوله ) نقلم سفسألنإذلر(ًا )المدثر‪ً(2:‬ا‬

‫ولهذا قال أهل العلم ‪ :‬إن النبي صلى ال عليه وسلم نبئ ب)القسرلأ(ًا )العلق‪ً(1:‬ا وأرسل ب ا لنمندذثنر(ًا‬
‫)المدثر‪ً(1:‬ا‬
‫)‪ (1‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب ب دء الوحي ‪ ،‬باب ‪ : 1‬كيف كان بدء الوحي إلى رسول ا صلي ا عليه وسلم ‪، ...‬‬
‫أصول في التفسير ‪ ،‬حديث رقم ‪ 3‬؛ ومسلم كتاب اليمان باب ‪ :73‬بدء الوحي إلى رسول ا صلي ا عليه وسلم ‪،‬‬
‫حديث رقم ‪. 160 {252 } 403‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب بدء الوحي ‪ ،‬باب ‪ : 1‬كيف كان بدء الوحي إلى رسول ا صلي ا عليه وسلم ‪ ،‬حديث‬
‫رقم ‪ 4‬؛ ومسلم كتاب اليمان باب ‪ :73‬بدء الوحي إلى رسول ا صلي ا عليه وسلم ‪ ،‬حديث رقم ‪{255 } 406‬‬
‫‪. 161‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب التفسير ‪ ،‬باب ‪ 3‬قوله ‪) :‬هيا أهيَيهها اللرمددثثرر( حديث رقم ‪ 4924‬؛ ومسلم كتاب اليمان باب‬
‫‪ :73‬بدء الوحي إلى رسول ا صلي ا عليه وسلم ‪ ،‬حديث رقم ‪161 {257 } 409‬‬
‫‪ -3‬نزول القرآن ابتدائيِ وسببيِ‬
‫ينقسم نزول القران إلى قسمين ‪:‬‬

‫الول ‪ :‬ابتدائيِ ‪ :‬ابتدائيِ ‪ :‬وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه ‪ ،‬وهو غالب آيات القران‪ ،‬ومنه‬
‫قوله تعالى ‪) :‬سوإملننهلم سملن سعاسهسد النلسه سلإئلن آستاسنا إملن سفلضإلإه سلسننصندسقنن سوسلسننكوسننن إمسن النصاإلإحيسن(ًا )التوبة‪:‬‬
‫‪ً(75‬ا‬

‫اليات فإنها نزلت ابتداء فيِ بيان حال بعض المنافقين ‪ ،‬وأما ما اشتهر من أنها نزلت فيِ ثعلبة ابن‬
‫حاطب فيِ قصة طويلة ‪ ،‬ذكرها كثير من المفسرين ‪ ،‬وروجها كثير من الوعاظ ‪ ،‬فضعيف ل صحة‬
‫‪.‬‬
‫له ‪ً(3).‬ا‬

‫القسم الثانيِ ‪ :‬سببيِ ‪ :‬وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه ‪ .‬والسبب ‪:‬‬

‫أ‪ -‬إما سؤال يجيب ال عنه مثل )سيلسسألوسنسك سعإن السأإهنلإة نقلل إهسيِ سمسواإقينت إللننا إ‬
‫س سوالسحذج (ًا )البقرة‪:‬‬
‫من الية ‪ً(189‬ا ‪.‬‬

‫ض‬‫ب‪ -‬أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذير مثل ‪) :‬سوسلإئلن سسسأ لستنهلم سلسينقونلنن إإنسما نكننا سننخو ن‬
‫سوسن لسعنب(ًا)التوبة‪ :‬من الية ‪ً(65‬ا اليتين نزلتا فيِ رجل من المنافقين قال فيِ غزوة تبوك فيِ‬
‫مجلس ‪ :‬ما رأينا مثل قران هؤلء أقرب بطونا ‪ ،‬ول أكذب ألسنا ‪ ،‬ول أجبن عند اللقاء ‪،‬‬
‫يعنيِ رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه ‪ ،‬فبلغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ونزل القرآن فجاء الرجل يعتذر النبيِ صلى ال عليه وسلم فيجيبه ) أسإبالنلإه سوآسياإتإه‬
‫سوسرنسوإلإه نكلننتلم ستلسستلهإزنئوسن(ًا)التوبة‪ :‬من الية ‪ً(65‬ا )‪ً(4‬ا‪.‬‬

‫ج‪ -‬أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل ‪):‬سقلد سسإمسع النلنه سقلوسل انلإتيِ نتسجاإدنلسك إفيِ سزلوإجسها سوستلشستإكيِ‬
‫إسلى النلإه سوالنلنه سيلسسمنع ستسحانوسرنكسما إنن النلسه سسإميبع سبإصيبر( )المجادلة‪(1:‬‬

‫)‪ (3‬رواه الطبرانأي ‪ ،‬وفيه على بن يزيد اللهانأي وهو متروك ‪.‬‬

‫)‪ (4‬ذكر هذه الحادثة ابن كثير في تفسيره )‪ ،(2/368‬والطبري أيضا ا )‪(10/172‬‬
‫فوائد معرفة أسباب النزول ‪:‬‬

‫‪ -1‬معرفة أسباب النزول مهمة جدا ‪ ،‬لنها تؤدي على فوائد كثيرة منها ‪:‬‬

‫بيان أن القران نزل من ال تعالى ‪ ،‬وذلك لن النبيِ صلى ال عليه وسلم يسأل عن الشيِء ‪،‬‬
‫فيتوقف عن الجواب أحيانا ‪ ،‬حتى ينزل عليه الوحيِ ‪ ،‬أو يخفيِ المر الواقع‪ ،‬فينزل الوحيِ مبينا له‬
‫‪ .‬مثال الول ‪ :‬قوله تعالى ‪) :‬سوسيلسسألوسنسك سعإن اليروإح نقإل اليرونح إملن أسلمإر سرذبيِ سوسما نأوإتينتلم إمسن الإعلإم إنلا‬
‫ل(ًا )السراء ‪ً(85:‬ا ‪ .‬ففيِ صحيح البخاريِ ")‪ً(1‬ا عن عبد ال ابن مسعود رضيِ ال عنه ‪ :‬أن‬ ‫سقإلي ل‬
‫رجل من اليهود قال ‪ :‬يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ‪ ،‬وفيِ لفظ ‪ :‬فأمسك النبيِ صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فلم يرد عليهم شيئا ‪ ،‬فعلمت أنه يوحى إليه‪ ،‬فقمت مقاميِ ‪ ،‬فلما نزل الوحيِ قال )سوسيلسسألوسنكس‬
‫ل(ًا )السراء ‪ً(85:‬ا الية مثال الثانيِ‬ ‫سعإن اليروإح نقإل اليرونح إملن أسلمإر سرذبيِ سوسما نأوإتينتلم إمسن ا لإع لإم إنلا سقإلي ل‬
‫قوله تعالى )سينقونلوسن سلإئلن سرسجلعسنا إسلى السمإديسنإة سلنيلخإرسجنن السأسعيز إملنسها السأسذيل(ًا)المنافقون‪ :‬من الية ‪ً(8‬ا‬
‫وفيِ صحيح البخاريِ )‪ (2‬أن زيد ابن أرقم رضيِ ال عنه سمع عبد ال ابن أبى رأس المنافقين‬
‫يقول ذلك ‪ ،‬يريد أنه العز ورسوله ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه الزل ‪ ،‬فأخبر زيد عمه بذلك‬
‫‪ ،‬فأخبر به النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فدعا النبيِ صلى ال عليه وسلم زيدا فأخبره بما سمع ثم‬
‫أرسل إلى عبد ال ابن أبيه وأصحابه ‪ ،‬فحلفوا ما قالوا ‪ ،‬فصدقهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فأنزل ال تصديق زيد فيِ هذه الية ؛ فاستبان المر رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪ -2‬بيان عناية ال تعالى برسوله صلى ال عليه وسلم فيِ الدفاع عنه مثال ذلك قوله تعالى ‪:‬‬
‫)سوسقاسل انلإذيسن سكسفنروا سللول نذزسل سعسلليإه النقلرآنن نجلمسللة سواإحسدلة سكسذإلسك إلنسثذبست إبإه نفسؤاسدسك سوسرنتلسنانه ستلرإتي ل‬
‫ل(ًا‬
‫)الفرقان‪ً(32:‬ا وكذلك آيات الفك ؛ فإنها دفاع عن فراش النبيِ صلى ال عليه وسلم وتطهير له عن‬
‫ما دنسه به الفاكون ‪.‬‬

‫‪ -3‬بيان عناية ال تعالى بعباده فيِ تفريج كرباتهم وإزالة غموضهم ‪ .‬مثال ذلك آية التيمم ‪ ،‬ففيِ "‬
‫صحيح البخاريِ " )‪ (3‬أنه ضاع عقد لعائشة رضيِ ال عنها ‪ ،‬وهيِ مع النبيِ صلى ال عليه وسلم‬
‫فيِ بعض أسفاره فأقام النبيِ صلى ال عليه وسلم لطلبه ‪ ،‬وأقام الناس على غير ماء ‪ ،‬فشكوا ذلك‬
‫إلى أبيِ بكر ‪ ،‬فذكر الحديث وفيه ‪ :‬فأنزل ال أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير ‪ :‬ما هيِ بأول‬
‫بركتكم يا آل أبيِ بكر ‪ .‬والحديث فيِ البخاريِ مطولل ‪.‬‬

‫‪ -4‬فهم الية على الوجه الصحيح ‪ .‬مثال ذلك قوله تعالى ‪) :‬إنن النصسفا سوالسملرسوسة إملن سشسعاإئإر النلإه‬
‫سفسملن سحنج السبليست أسإو العستسمسر سفل نجسناسح سعسلليإه أسلن سينطنوسف إبإهسما(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(158‬ا أيِ يسعى بينهما‬
‫)‪ (1‬أخرجه البخاري كتاب العلم باب قوله تعالي )وما أؤتيتم من العلم إل قليل(حديث رقم )‪ (125‬ومسلم كتاب‬
‫صفات المنافقين وأحكامهم باب سؤال اليهود النبي صلى ا عليه وسلم عن الروح ‪ ،‬وقوله )ويسألونأك عن الروح ‪(...‬‬
‫الية ‪ .‬حديث رقم )‪.(2794‬‬

‫‪ ( 2)2‬أخرجه البخاري كتاب التفسير سورة المنافقون باب قوله )إذا جاءك المنافقون قالوا إنأك لرسول ا ( الية ‪.‬‬
‫حديث رقم )‪ (4900‬ومسلم كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب صفات المنافقين وأحكامهم ‪.‬حديث رقم )‪.(367‬‬

‫‪ ( 3)3‬أخرجه البخاري كتاب التيمم قوله تعالي )فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداا طيبا ا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه‬
‫حديث رقم )‪ (334‬ومسلم كتاب الحيض باب التيمم حديث رقم )‪(367‬‬
‫‪ ،‬فإن ظاهر قوله ‪) :‬سفل نجسناسح سعسلليهإ(ًا )البقرة‪ :‬من الية ‪ً( 158‬ا أن غاية أمر السعيِ بينهما ‪ ،‬أن‬
‫يكون من قسم المباح ‪ ،‬وفيِ صحيح البخاريِ " )‪ (4‬عن عاصم بن سليمان قال ‪ :‬سألت أنس بن‬
‫مالك رضيِ ال عنه عن الصفا والمروة ‪ ،‬قال ‪ :‬كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ‪ ،‬فلما كان السلم‬
‫أمسكنا عنهما ‪ ،‬فأنزل ال تعالى ‪ ) :‬إإنن النصسفا سوا لسملرسوسة إملن سشسعاإئإر النلإه )البقرة‪ :‬من الية ‪ً(158‬ا‬
‫إلى قوله ‪) :‬أسلن سينطنوسف إبإهسما(ًا )البقرة‪ :‬من الية ‪ً(158‬ا وبهذا عرف أن نفيِ الجناح ليس المراد به‬
‫بيان أصل السعيِ ‪ ،‬وإنما المراد نفيِ تحرجهم بإمساكهم عنه ‪ ،‬حيث كانوا يرون أنهما من أمر‬
‫الجاهلية ‪ ،‬أما أصل حكم السعيِ فقد تبين بقوله‪):‬إملن سشسعاإئإر النلإه (ًا)البقرة‪:‬من الية ‪ً(158‬ا‬

‫عموم اللفظ وخصوص السبب ‪:‬‬

‫إذا نزلت الية لسبب خاص ‪ ،‬ولفظها عام كان حكمها شامل لسببها ‪ ،‬ولكل ما يتناوله‬
‫لفظها ‪ ،‬لن القران كان نزل تشريعا عاما لجميع المة فكانت العبرة بعموم لفظه ل بخصوص سببه‬
‫‪.‬‬

‫مثال ذلك ‪ :‬آيات اللعان ‪ ،‬وهيِ قوله تعالى ‪) :‬سوانلإذيسن سيلرنموسن أسلزسواسجنهلم سوسللم سينكلن سلنهلم نشسهسدانء إإنلا‬
‫أسلننفنسنهلم(ًا)النور‪ :‬من الية ‪ً(6‬ا ) إإلن سكاسن إمسن النصاإدإقيسن(ًا)النور‪ :‬من الية ‪ً(9‬ا إلى قوله تعالى ‪:‬‬
‫)سوانلإذيسن سيلرنموسن أسلزسواسجنهلم (ًا)النور‪ :‬من الية ‪ً(6‬ا ففيِ صحيح البخاريِ " )‪ً(1‬امن حيث ابن عباس‬
‫رضيِ ال عنهما ‪ :‬أن هلل بن أمية قذف امرأته عند النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ :‬البينة أو حد فيِ‬
‫ظهرك ‪ ،‬فقال من الحد ‪ ،‬فنزل جبريل ‪ ،‬وأنزل عليه ‪) :‬إإلن سكاسن إمسن النصاإدإقيسن (ًا)النور‪ :‬من الية ‪ً(6‬ا‬

‫فهذه اليات نزلت بسبب قذف هلل بن أمية لمرأته ‪ ،‬لكن حكمها شامل له ولغيره ‪ ،‬بدليل ما رواه‬
‫البخاريِ من حديث سهل بن سعد رضيِ ال عنه ‪ ،‬أن عويمر العجلنيِ جاء إلى النبيِ صلى ال‬
‫عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬رجل وجد مع امرأته رجل أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع ؟ فقال‬
‫النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ :‬قد أنزل ال القرآن فيك وفيِ صاحبتك ‪ .‬فأمرهما رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بالملعنه بما سميِ ال فيِ كتابه ‪ ،‬فلعنها ‪ .‬الحديث )‪ً(2‬ا ‪.‬‬

‫فجعل البنيِ صلى ال عليه وسلم حكم هذه اليات شامل لهلل بن أمية وغيره ‪.‬‬

‫المكيِ والمدنيِ‬
‫نزل القران على النبيِ صلى ال عليه وسلم مفرقا فيِ خلل ثلث وعشرين سنة ‪ ،‬قضيِ رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أكثرها بمكة ‪ ،‬قال ال تعالى )سونقلرآنا سفسرلقسنانه إلستلقسرأسنه سعسلى الننا إ‬
‫س سعسلى نملكلث‬

‫‪ ( 4)4‬أحرجه البخاري كتاب الحج باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬ومسلم كتاب الحج باب بيان أن السعي‬
‫بين الصفا والمروة ركن ل يصح الحج إل به حديث رقم )‪(1278‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخاري كتاب الشهادات باب إذا دعي أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة ‪ .‬حديث رقم )‬
‫‪.(2671‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه البخاري كتاب التفسير سورة النور باب قوله عز وجل )هوالدذذيهن يهلررموهن أهلزهواهجهرلم هولهلم يهركلن لههرلم رشهههدارء(‬
‫)‪ (423‬ومسلم كتاب اللعان حديث رقم )‪.(1492‬‬ ‫الية ‪ .‬حديث رقم‬
‫سوسننزلسنانه ستلنإزي ل‬
‫ل(ًا )السراء ‪ً(106:‬ا ولذلك قسم العلماء رحمهم ال تعالى القرآن إلى قسمين ‪ :‬مكيِ‬
‫ومدنيِ ‪:‬‬

‫فالمكيِ ‪ :‬ما نزل على النبيِ صلى ال عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة ‪.‬‬

‫والمدنيِ ‪ :‬ما نزل على النبيِ صلى ال عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة ‪.‬‬

‫وعلى هذا فقوله تعالى ‪ :‬السيلوسم أسلكسملنت سلنكلم إديسننكلم سوأسلتسملمنت سعسللينكلم إنلعسمإتيِ سوسرإضينت سلنكنم السلم إدينا (ًا‬
‫)المائدة‪ :‬من الية ‪ً(3‬ا من القسم المدنيِ وإن كانت قد نزلت على النبيِ صلى ال عليه وسلم فيِ‬
‫حجة الوداع بعرفة ‪ ،‬ففيِ الصحيح البخاريِ )‪ً(3‬اعن عمر رضيِ ال عنه أنه قال ‪ :‬قد عرفنا ذلك‬
‫اليوم ‪ ،‬والمكان الذيِ نزلت فيه على النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة‬
‫‪.‬‬

‫ويتميز القسم المكيِ عن المدنيِ من حيث السلوب والموضوع ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أما من حيث السلوب فهو ‪:‬‬

‫‪ -1‬الغالب في المكي قوة السلوب ‪ ،‬وشدة الخطاب‪ ،‬لن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون ‪،‬‬
‫ول يليق بهم إل ذلك ‪ ،‬أقرأ سورتي المدثر ‪ ،‬والقمر ‪.‬‬

‫أما المدني ‪ :‬فالغالب في أسلوبه البين ‪ ،‬وسهولة الخطاب ‪ ،‬لن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ‪،‬‬
‫أقرا سورة المائدة ‪.‬‬

‫‪ -2‬الغالب في المكي قصر اليات‪ ،‬وقوة المحاجة ‪ ،‬لن غالب المخاطبين معادون مشاقون ‪،‬‬
‫فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ‪ ،‬أقرا سورة الطور ‪.‬‬

‫أما المدني ‪ :‬فالغالب فيه طول اليات ‪ ،‬وذكر الحكام ‪ ،‬مرسلة بدون محاجة ‪ ،‬لن حالهم تقتضي ذلك‬
‫‪ ،‬أقرأ الدين في سورة البقرة ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وأما من حيث الموضوع فهو ‪:‬‬

‫الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ‪ ،‬خصوصا ما يتعلق بتوحيد اللوهية واليمان‬
‫بالبعث ‪ ،‬لن غالب المخاطبين ينكرون ذلك ‪.‬‬

‫‪ -1‬أما المدني ‪ :‬فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملت ‪ ،‬لن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم‬
‫التوحيد والعقيدة السليمة ‪ ،‬فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملت‪.‬‬

‫‪ -2‬الفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لقتضاء الحال ‪ ،‬ذلك‬
‫حيث شرع الجهاد ‪ ،‬وظهر النفاق بخلف القسم المكي ‪.‬‬
‫) )‪ (3‬أخرجه البخاري كتاب اليمان باب زيادة اليمان ونأقصانأه حديث رقم )‪ (45‬ومسلم كتاب التفسير باب في‬
‫تفسير آيات متفرقة حديث رقم ) ‪. (3015‬‬
‫فوائد معرفة المدنيِ والمكيِ ‪:‬‬

‫معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة ‪ ،‬وذلك أن فيها فوائد منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬ظهور بلغة القران في أعلى مراتبها ‪ ،‬حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ‪،‬‬
‫أو لين وسهولة ‪.‬‬

‫‪ -2‬ظهور حكمه التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الهم على ما تقتضيه حال‬
‫المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ ‪.‬‬

‫‪ -3‬تربية الدعاة إلى ال تعالى ‪ ،‬وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في السلوب والموضوع ‪،‬‬
‫من حيث المخاطبين ‪ ،‬بحيث يبدأ بالهم فالهم ‪ ،‬وستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها‬
‫‪.‬‬

‫‪ -4‬تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ‪ ،‬يتحقق فيهما شروط النسخ ‪ ،‬فإن‬
‫المدنية ناسخة للمكية ‪ ،‬لتأخر المدنية عنها ‪.‬‬
‫الحكمة من نزول القرآن الكريم‬
‫من تقسيم القرآن إلى مكيِ ومدنيِ ‪ ،‬يتبين أنه نزل على النبيِ صلى ال عليه وسلم مفرقا ‪ .‬ولنزوله‬
‫على هذا الوجه حكم كثيرة منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬تثبيت قلب النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لقوله تعالى ‪) :‬سوسقاسل انلإذيسن سكسفنروا سللول نذزسل سعسلليإه ا لنقلرآنن‬
‫نجلمسللة سواإحسدلة سكسذإلسك إلنسثذبست إبإه نفسؤاسدسك سوسرنتلسنانه ستلرإتي ل‬
‫ل)‪ً(32‬ا سول سيلأنتوسنسك إبسمسثلل إنلا إجلئسناسك إبالسحذق سوأسلحسسسن‬
‫ستلفإسيرا)‪ً(33‬ا )الفرقان‪ً(33-32:‬ا‬

‫‪ -2‬أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ‪ ،‬حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا ‪ ،‬لقوله تعالى ‪) :‬‬
‫سونقلرآنا سفسرلقسنانه إلستلقسرأسنه سعسلى الننا إ‬
‫س سعسلى نملكلث سوسننز لسنانه ستلنإزي ل‬
‫ل(ًا )السراء ‪ً( 106:‬ا‬

‫‪ -3‬تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القران وتنفيذه ‪ ،‬حيث يتشوق الناس بلهف وشوق إلى نزول‬
‫الية ‪ ،‬ل سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما فيِ آيات الفك واللعان ‪.‬‬

‫‪ -4‬التدرج فيِ التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال ‪ ،‬كما فيِ آيات الخمر الذيِ نشأ الناس عليه ‪،‬‬
‫ألفوه ‪ ،‬وكان من الصعب عليهم أن يجابهوا بالمنع منه منعا باتا ‪ ،‬فنزل فيِ شأنه أول قوله تعالى ‪:‬‬
‫س سوإإلثنمنهسما أسلكسبنر إملن سنلفإعإهسما(ًا)البقرة‪:‬‬
‫)سيلسسألوسنسك سعإن السخلمإر سوالسمليإسإر نقلل إفيإهسما إإلثبم سكإبيبر سوسمسناإفنع إللننا إ‬
‫من الية ‪ً(219‬ا فكان فيِ هذه الية تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث إن العقل يقتضيِ أن ل‬
‫يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه ‪.‬‬

‫ثم نزل ثانيا قوله تعالى ‪ ) :‬سيا أسيسها انلإذيسن آسمننوا ل ستلقسرنبوا النصلسة سوأسلننتلم نسسكاسرى سحنتى ستلعسلنموا سما‬
‫ستنقونلوسن(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(43‬ا فكان فيِ هذه الية تمرين على تركه فيِ بعض الوقات وهيِ‬
‫أوقات الصلوات ‪ ،‬ثم نزل ثالثا قوله تعالى ‪ ) :‬سيا أسيسها انلإذيسن آسمننوا إإنسما السخلمنر سوالسمليإسنر سوالسألنسصانب‬
‫س إملن سعسمإل النشليسطاإن سفالجستإننبونه سلسعنلنكلم نتلفإلنحوسن(ًا )المائدة‪ً(90:‬ا ) إإنسما نيإريند النشليسطانن أسلن‬ ‫سوا ل سألزلنم إرلج ب‬
‫نيوإقسع سبليسننكنم ا لسعسداسوسة سوا لسبلغسضاسء إفيِ ا لسخلمإر سوا لسمليإسإر سوسينصندنكلم سعلن إذلكإر النلإه سوسعإن النصلإة سفسهلل أسلننتلم‬
‫نملنستنهوسن(ًا )المائدة‪ً(91:‬ا )سوأسإطينعوا النلسه سوأسإطينعوا النرنسوسل سوالحسذنروا سفإإلن ستسونللينتلم سفالعسلنموا أسنسما سعسلى‬
‫سرنسوإلسنا ا لسبلنغ ا لنمإبينن(ًا )المائدة‪ً(92:‬ا فكان فيِ هذه اليات المنع من الخمر منها باتا فيِ جميع‬
‫الوقات ‪ ،‬بعد أن هيئت النفوس ‪ ،‬ثم مرنت على المنع منه فيِ بعض الوقات ‪.‬‬
‫ترتيب القران ‪:‬‬

‫ترتيب القرآن ‪ :‬تلوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب فيِ المصاحف ومحفوظ فيِ الصدور ‪.‬‬

‫وهو ثلثة أنواع ‪:‬‬

‫النوع الول ‪ :‬ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة فيِ موضعها من الية ‪ ،‬وهذا ثابت بالنص‬
‫والجماع ‪ ،‬ول نعلم مخالفا فيِ وجوبه وتحريم مخالفته ‪ ،‬فل يجوز أن يقرأ ‪ :‬ال الحمد رب‬
‫العالمين بدل من )ا لسحلمند إلنلإه سرذب ا لسعاسلإميسن(ًا )الفاتحة‪ً(2:‬ا‬

‫النوع الثانيِ ‪ :‬ترتيب اليات بحيث تكون كل آية فيِ موضعها من السورة ‪ ،‬وهذا ثابت بالنص‬
‫والجماع ‪ ،‬وهو واجب على القول الراجح ‪ ،‬وتحرم مخالفته ول يجوز أن يقرأ ‪ :‬مالك يوم الدين‬
‫الرحمن الرحيم بدل من ‪) :‬النرلحسمإن النرإحيإم(ًا )الفاتحة‪ً(3:‬ا )سماإلإك سيلوإم الذديإن(ًا )الفاتحة‪ً(4:‬ا ففيِ‬
‫صحيح البخاريِ )‪ً(1‬اأن عبد ال بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضيِ ال عنهم فيِ قوله تعالى ‪:‬‬
‫)سوانلإذيسن نيستسونفلوسن إملننكلم سوسيسذنروسن أسلزسواجا سوإصنيلة إلسألزسواإجإهلم سمستاعا إإسلى ا لسحلوإل سغليسر إإلخسرالج (ًا)البقرة‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(240‬ا قد نسخها الية الخرى يعنيِ قوله تعالى‪ ) :‬سوانلإذيسن نيستسونفلوسن إملننكلم سوسيسذنروسن أسلزسواجا‬
‫سيستسرنبلصسن إبسألننفإسإهنن أسلرسبسعسة أسلشنهلر سوسعلشرا (ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(234‬ا وهذه قبلها فيِ التلوة قال ‪ :‬فلم‬
‫تكتبها ؟ فقال عثمان رضيِ ال عنه ‪ :‬يا ابن أخيِ ل أغير شيئا منه من مكانه ‪.‬‬

‫ورويِ المام أحمد وأبو داود والنسائيِ والتزمذيِ ‪0‬من حديث عثمان رضيِ ال عنه ‪ :‬أن النبيِ‬
‫صلى ال عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ‪ ،‬فكان إذا نزل عليه الشيِء ‪ ،‬دعا بعض‬
‫من كان يكتب‪،‬فيقول ‪ ،‬ضعوا هذه اليات فيِ السورة التيِ يذكر فيها كذا وكذا )‪ً(2‬ا النوع الثالث ‪:‬‬
‫ترتيب السور بحيث تكون كل سورة فيِ موضعها من المصحف ‪ ،‬وهذا ثابت بالجتهاد فل يكون‬
‫واجبا وفيِ " صحيح المسلم " )‪ً(3‬اعن حذيفة بن اليمان رضيِ ال عنه ‪ :‬أنه صلى ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ذات ليلة ‪ ،‬فقرأ النبيِ صلى ال عليه وسلم البقرة ‪ ،‬ثم النساء ‪ ،‬ثم آل عمران ‪ ،‬ورويِ‬
‫البخاريِ )‪ً(4‬اتعليقا عن الحنف ‪ :‬أنه قرأ فيِ الولى بالكهف ‪ ،‬وفيِ الثانية بيوسف أ ويوسف أو‬
‫يونس‪ ،‬وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما ‪.‬‬

‫قال شيخ السلم ابن تيميه ‪ " :‬تجور قراءة هذه قبل هذه ‪ ،‬وكذا فيِ الكتابة ‪ .‬ولهذا تنوعت‬
‫مصاحف الصحابة رضيِ ال عنهم فيِ كتابتها ‪ ،‬لكن لما اتفقوا على المصحف فيِ زمن عثمان‬
‫رضيِ ال عنه ‪ ،‬صار هذا مما سنة ا\لخلفاء الراشدون ‪ ،‬وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب‬
‫أتباعها " أهـ ‪.‬‬
‫صهن بذأ هلنأفرذسذهدن أهلربههعةه أهلشهررر‬
‫)‪ (1‬أخرجه البخاري كتاب التفسير باب )هوالدذذيهن يرتههوفدلوهن ذملنركلم هويههذرروهن أهلزهواجا ا يهتههربد ل‬
‫هوهعلشراا ‪ (...‬الية حديث رقم )‪.(4530‬‬

‫)‪ (2‬أحمد )‪ (399‬وأبو داوود ) ‪ ،(786‬والنسائي في السنن الكبرى )‪ (8007‬والترمزي )‪(3086‬‬

‫)‪ (3‬أخرجه مسلم كتاب الصلة المسافرين باب استحباب تطويل القراءة في صلة الليل حديث رقم )‪.(772‬‬

‫)‪ (4‬أخرجه البخاري كتاب الذان باب الجمع بين السورتين في الركعة ‪..‬‬
‫كتابة القرآن وجمعه‬
‫لكتابة القرآن وجمعه ثلث مراحل ‪:‬‬

‫المرحلة الولى ‪ :‬فيِ عهد النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وكان العتماد فيِ هذه المرحلة على الحفظ‬
‫أكثر من العتماد على الكتابة ‪ ،‬لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ‪ ،‬ولذلك‬
‫لم يجمع فيِ مصحف بل كان من سمع آية حفظها ‪ ،‬أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ‪ ،‬ورقاع‬
‫الجلود ‪ ،‬ولخاف الحجارة ‪ ،‬وكسر الكتاف وكان القراء عددا كبيرا‪.‬‬

‫ففيِ " صحيح البخاريِ ")‪ ([1]1‬عن أنس بن مالك رضيِ ال عنه ‪ :‬أن البنيِ صلى ال عليه وسلم‬
‫بعث سبعين رجل يقال لهم ‪ :‬القراءة ‪ ،‬فعرض لهم حيان من بنيِ سليم رعل وذكوان عند بئر معونة‬
‫فقتلوهم ‪ ،‬وفيِ الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الربعة ‪ ،‬وعبد ال بن مسعود‪ ،‬وسالم مولى أبيِ‬
‫خليفة ‪ ،‬وأبيِ بن كعب ‪ ،‬ومعاذ بن جبل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وأبيِ الدرداء رضيِ ال عنهم ‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬فيِ عهد أبيِ بكر رضيِ ال عنه فيِ السنة الثانية عشرة من الهجرة ‪ .‬وسببه أنه‬
‫قتل فيِ وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ‪ ،‬سالم مولى أبيِ حذيفة ‪ ،‬أحد من أمر النبيِ صلى‬
‫ال عليه وسلم بأخذ القرآن منهم ‪.‬‬

‫فأمر أبو بكر رضيِ ال عنه بجمعه لئل يضيع ‪ ،‬ففيِ صحيح البخاريِ" )‪ً(2‬اأن عمر بن الخطاب‬
‫أشار على أبيِ بكر رضيِ ال عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ‪ ،‬فتوقف تورعا ‪ ،‬فلم يزل عمر‬
‫يراجعه حتى شرح ال صدر أبيِ بكر لذلك ‪ ،‬فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ‪ ،‬وعنده عمر فقال له أبو‬
‫بكر ‪ :‬إنك رجل شاب عاقل ل نتهمك ‪ ،‬وقد كنت تكتب الوحيِ لرسول ال صلى ال عليه وسلم فتتبع‬
‫القرآن فاجمعه ‪ ،‬قال ‪ :‬فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ‪ ،‬فكانت الصحف‬
‫عند أبيِ بكر حتى توفاه ال ‪ ،‬ثم عند عمر حياته ‪ ،‬ثم عند حفصة بنت عمر رضيِ ال عنهما ‪ .‬رواه‬
‫البخاريِ مول ‪.‬‬

‫وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ‪ ،‬حتى قال على رضيِ ال عنه‪ :‬أعظم‬
‫الناس فيِ المصاحف أجرا أبو بكر ‪ ،‬رحمه ال على أبيِ بكر هو أول من جمع كتاب ال ‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪ :‬فيِ عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضيِ ال عنه فيِ السنة الخامسة‬
‫والعشرين ‪ ،‬وسببه اختلف الناس فيِ القراءة بحسب اختلف الصحف التيِ فيِ أيديِ الصحابة‬
‫رضيِ ال عنهم فخيفت الفتنة ‪ ،‬فأمر عثمان رضيِ ال عنه أن تجمع هذه الصحف فيِ مصحف‬
‫واحد ؛ لئل يختلف الناس ‪ ،‬فيتنازعوا فيِ كتاب ال تعالى ويتفرقوا‪.‬‬

‫‪ ( [1])1‬أخرجه البخاري كتاب الجهاد باب العون بالمدد حديث رقم )‪.(3064‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه البخاري كتاب التفسير باب قوله ) لقد جاءكم رسول من أنأفسكم عزيز عليه ما عنتم ( الية ‪.‬‬
‫ففيِ " صحيح البخاريِ " )‪ً(3‬اأن حذيفة بن اليمان قد على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ‪ ،‬وقد‬
‫أفزعه اختلفهم فيِ القراءة ‪ ،‬فقال ‪ :‬أمير المؤمنين أدرك هذه المة قبل أن يختلفوا فيِ الكتاب‬
‫اختلف اليهود والنصارى ‪ ،‬فأرسل عثمان إلى حفصة ‪ ،‬ففعلت ‪ ،‬فأمر زيد بن ثابت ‪ ،‬وعبد ال بن‬
‫الزبير ‪ ،‬وسعيد بن العاص ‪ ،‬وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها فيِ المصاحف ‪ .‬وكان‬
‫زيد بن ثابت أنصاريا والثلثة قرشييت – وقال عثمان للرهط الثلثة القرشيين ‪ :‬إذا اختلفتم أنتم‬
‫وزيد بن ثابت فيِ شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ‪ ،‬ففعلوا حتى إذا‬
‫نسخوا الصحف فيِ المصاحف ‪ ،‬رد عثمان الصحف إلى حفصة ‪ ،‬وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما‬
‫نسخوا ‪ ،‬وأمر بما سواه من القرآن فيِ كل صحيفة أو مصحف أن يحرق ‪.‬‬

‫وقد فعل عثمان رضيِ ال عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضيِ ال عنهم ‪ ،‬لما رويِ أبن أبيِ‬
‫داود )‪ً(1‬اعن على رضيِ ال عنه أنه قال ‪ :‬وال ما فعل فيِ المصاحف إل عن ملء منا ‪ ،‬قال ‪ :‬أرى‬
‫أن نجمع الناس على مصحف واحد ‪ ،‬فل تكون فرقة ول اختلف‪ ،‬قلنا ‪ ،‬فنعم ما رأيت ‪.‬‬

‫وقال مصعب بن سعد ‪ :‬أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ‪ ،‬أو قال‬
‫‪ :‬لم ينكر ذلك منهم أحد ‪ ،‬وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضيِ ال عنه التيِ وافقه‬
‫المسلمون عليها ‪ ،‬وكانت مكملة لجمع خليفة رسول ال صلى ال عليه وسلم أبيِ بكر رضيِ ال‬
‫عنه ‪.‬‬

‫والفرق بين جمعه وجمع أبيِ بكر رضيِ ال عنهما أن الغرض من جمعه فيِ عهد أبيِ بكر ال عنه‬
‫تقييد القرآن كله مجموعا فيِ مصحف ‪ ،‬حتى ل يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الجتماع‬
‫على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لختلف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الجتماع على‬
‫مصحف واحد ‪.‬‬

‫وأم الغرض من جمعه فيِ عهد عثمان رضيِ ال عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا فيِ مصحف‬
‫واحد ‪ ،‬يحمل الناس على الجتماع عليه لظهور الثر المخيف باختلف القراءات‪.‬‬

‫وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع المة ‪،‬‬
‫واتفاق الكلمة ‪ ،‬وحلول اللفة ‪ ،‬واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق المة ‪ ،‬واختلف الكلمة ‪ ،‬تفشو‬
‫البغضاء ‪ ،‬والعداوة ‪.‬‬

‫وقد بقيِ على ما كان عليه حتى الن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ‪ ،‬يتلقاه الصغير عن‬
‫الكبير ‪ ،‬لم تعبث به أيديِ المفسدين ‪ ،‬ولم تطمسه أهواء الزائغين ‪ .‬فلله الحمد ل رب السماوات‬
‫ورب الرض رب العالمين ‪.‬‬

‫)‪ (3‬أخرجه البخاري كتاب فضاءل القرءان باب جمع القرءان حديث رقم )‪.(4987‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه الخطيب في كتاب فضائل القرءان للوصل المدرج ‪ 954 / 2‬؛ وفي السناد المحفوظ )محمد بن أبان‬
‫الجعفلي ( علل الدار قطني ‪ ،230 – 229/ 3‬قال ابن معين )ضعيف ‪ 9‬الجرح والتعديل للرازي ‪ 200/ 7‬أخرجه أبي‬
‫داود في كتاب المصاحف صـ ‪ 22‬أخرجه أبي داود في كتاب المصاحف صـ ‪. 12‬‬
‫التفسير‬
‫التفسير لغة ‪ :‬من الفسر ‪ ،‬وهو ‪ :‬الكشف عن المغطى ‪.‬‬

‫وفيِ الصطلح ‪ .‬بيان معانيِ القرآن الكريم ‪.‬‬

‫وتعلم التفسير واجب لقوله تعالى ‪) :‬إكستابب أسلنسزلسنانه إسلليسك نمسباسربك إلسيندنبنروا آسياإتإه سوإلسيستسذنكسر نأونلو السألسباإب(ًا‬
‫ص‪ً(29:‬ا ولقوله تعالى ‪) :‬أسسفل سيستسدنبنروسن ا لنقلرآسن أسلم سعسلى نقنلولب أسلقسفانلسها(ًا )محمد‪ً(24:‬ا‬ ‫)ي‬

‫وجه الدللة من الية الولى أن ال تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛‬
‫أن يتدبر الناس آياته ‪ ،‬ويتعظوا بما فيها ‪.‬‬

‫والتدبر هو التأمل فيِ اللفاظ للوصول إلى معانيها ‪ ،‬فإذا لم يكن ذلك ‪ ،‬فاتت الحكمة من إنزال‬
‫القرآن ‪ ،‬وصار مجرد ألفاظ ل تأثير لها ‪.‬‬

‫ولنه ل يمكن التعاظ بما فيِ القرآن بدون فهم معانيه ‪.‬‬

‫ووجه الدللة من الية الثانية أن ال تعالى وبخ أولئك الذين ل يتدبرون القرآن ‪ ،‬وأشار إلى أن‬
‫ذلك من القفال على قلوبهم ‪ ،‬وعدم وصول الخير إليها ‪.‬‬

‫وكان سلف المة على تلك الطريقة الواجبة ‪ ،‬يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لنهم بذلك يتمكنون‬
‫من العمل بالقرآن على مراد ال به فإن العمل بما ل يعرف معناه غير ممكن ‪.‬‬

‫وقال أبو عبد الرحمن السلميِ ‪ :‬حدثنا الذيِ كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد ال بن‬
‫مسعود وغيرهما ‪ ،‬أنهم كانوا إذا تعلموا من النبيِ صلى ال عليه وسلم عشر آيات ‪ ،‬لم يجاوزوها ‪،‬‬
‫حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا ‪.‬‬

‫قال الشيخ السلم ابن تيميه ‪ :‬والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا فيِ فن من العلم كالطب والحساب ‪،‬‬
‫ول يستشرحوه فكيف بكلم ال تعالى الذيِ هو عصمتهم ‪ ،‬وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم‬
‫ودنياهم ‪ .‬ويجب على أهل العلم ‪ ،‬أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى ‪) :‬‬
‫سوإإلذ أسسخسذ النلنه إميسثاسق انلإذيسن نأونتوا ا لإكستاسب سلنتسبذي ن ننه إللننا إ‬
‫س سول ستلكنتنموسننه (ًا)آل عمران‪ :‬من الية ‪ً(187‬ا‬
‫وتبين الكتاب للناس شامل لتبين ألفاظه ومعانيه ‪ ،‬فيكون تفسير القرآن ‪ ،‬مما أخذ ال العهد على‬
‫أهل العلم ببيانه ‪.‬‬

‫والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ‪ ،‬وهيِ التصديق‬
‫بأخباره والنتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذيِ أراده ال ؛ ليعبد ال بها على بصيره ‪.‬‬
‫الواجب على المسلم فيِ تفسير القرآن‬

‫الواجب على المسلم فيِ تفسير القرآن أن يشعر نفسه حين يفسر القرآن بأنه مترجم عن ال تعالى‬
‫‪ ،‬شاهد عليه بما أريِ بد من كلمه فيكون معظما لهذه الشهادة خائفا من أن يقول على ال بل علم‬
‫ش سمــا‬ ‫‪ ،‬فيقع فيما حرم ال ‪ ،‬فيخزيِ بذلك يوم القيامة ‪ ،‬قال ال تعالى ‪) :‬نقلل إنسما سحنرسم سرذبسيِ السفسواإح س‬
‫سظسهسر إملنسها سوسما سبسطسن سوالإألثسم سوالسبلغسيِ إبسغليإر السحذق سوأسلن نتلشإرنكوا إبالنلإه سما سللم نيسنذزلل إبإه نسلسطانا سوأسلن ستنقونلــوا‬
‫سعسلى النلإه سما ل ستلعسلنموسن(ًا )لعراف‪ً(33:‬اــ وقال تعالى ‪) :‬سوسيلوسم الإقسياسمإة ستسرى انلإذيسن سكسذنبوا سعسلى النلــإه‬
‫س إفيِ سجسهنسم سملثولى إللنمستسكذبإريسن(ًا )الزمر‪ً(60:‬ا‬ ‫نونجونهنهلم نملسسوندبة أسسللي س‬

‫المرجع فيِ تفسير القرآن‬


‫يرجع فيِ تفسير القرآن إلى ما يأتيِ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬كلم ال تعالى ‪ :‬فيفسر القرآن بالقرآن ‪ ،‬لن ال تعالى هو الذيِ أنزله ‪ ،‬وهو أعلم بما‬
‫أراد به ‪ .‬وذلك أمثلة منها ‪:‬‬

‫‪-1‬قوله تعالى ‪) :‬سأل إإنن أسلوإلسياسء النلإه ل سخلوبف سعسلليإهلم سول نهلم سيلحسزننوسن(ًا )يونس‪ً(62:‬ا‬

‫فقد فسر أولياء ال بقوله فيِ الية التيِ تليها ‪) :‬انلإذيسن آسمننوا سوسكاننوا سينتنقوسن(ًا )يونس‪ً(63:‬ا‬

‫‪ -2‬قوله تعالى ‪) :‬سوسما سألدسراسك سما النطاإرنق(ًا )الطارق‪ً(2:‬ا فقد فسر الطارق بقوله فيِ الية الثانية ‪:‬‬
‫)النلجنم النثاإقنب(ًا )الطارق‪ً(3:‬ا ‪.‬‬

‫ض سبلعسد سذإلسك سدسحاسها(ًا )النازعـات‪ً(30:‬ا فقد فسر دحاها بقوله فيِ اليتين‬ ‫‪ -3‬قوله تعالى ‪) :‬سوالسألر س‬
‫بعدها ‪) :‬أسلخسرسج إملنسها سماسءسها سوسملرسعاسها(ًا )النازعـات‪ً(31:‬ا)سوالإجسباسل أسلرسساسها(ًا )النازعـات‪ً(32:‬ا‪.‬‬

‫ب ‪ -‬كلم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فيفسر القرآن بالسنة ‪ ،‬لن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم مبلغ عن ال تعالى‪ ،‬فهو أعلم الناس بمراد ال تعالى كلمه ‪.‬‬

‫ولذلك أمثلة منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬قوله تعالى ‪) :‬إلنلإذيسن أسلحسسننوا النحلسسنى سوإزسياسدبة (ًا)يونس‪ :‬من الية ‪ً(26‬ا ففسر النبيِ صلى ال‬
‫عليه وسلم الزيادة بالنظر إلى وجه ال تعالى ‪ ،‬فيما رواه ابن جرير وابن أبيِ حام صريحا من‬
‫حديث أبيِ موسى )‪ً(1‬ا وأبيِ بن كعب )‪ً(2‬ا ‪ .‬ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة )‪ً(3‬ا فيِ "‬
‫صحيح مسلم " )‪ً(4‬اعن صهيب بن سنان عن النبيِ صلى ال عليه وسلم فيِ حديث قال فيه ‪" :‬‬
‫فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ‪ ،‬ثم تل هذه الية )‬
‫)‪ (1‬أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ‪ ، 6/1945‬حديث رقم ‪ ، 10341‬وأخرجه الللكائي في شرح العتقاد المجلد‬
‫الثانأي ‪ ، 459-3/458‬حديث رقم ‪785‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه الطبري في تفسيره ‪ ، 15/69‬حديث رقم ‪ ،17633‬واللكائي في شرح أصول العتقاد ‪ ،‬والمجلد‬
‫الثانأي ‪.3/456‬‬
‫إلنلإذيسن أسلحسسننوا النحلسسنى سوإزسياسدبة سول سيلرسهنق نونجوسهنهلم سقستبر سول إذنلبة نأوسلإئسك أسلصسحانب السجننإة نهلم إفيسها‬
‫سخاإلندوسن(ًا )يونس‪ً(26:‬ا‬

‫‪ -2‬قوله تعالى ‪) :‬سوأسإعيدوا سلنهلم سما السستسطلعنتلم إملن نقنولة (ًا)لنفال‪ :‬من الية ‪ً(60‬ا فقد فسر النبيِ صلى‬
‫ال عليه وسلم القوة بالرميِ ‪ .‬رواه مسلم )‪ً(4‬ا ‪ ،‬وغيره من حديث عقبة نب عامر رضيِ ال عنه ‪.‬‬

‫ج‪ -‬كلم الصحابة رضيِ ال عنهم ل سيما وو العلم منهم والعناية بالتفسير ‪ ،‬لن القرآن‬
‫نزل بلغتهم وفيِ عصرهم ‪ ،‬ولنهم بعد النبياء أصدق الناس فيِ طلب الحق ‪ ،‬وأسلمهم من الهواء‬
‫‪ ،‬وأطهرهم من المخالفة التيِ تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب ‪ .‬ولذلك أمثلة كثيرة جدا‬
‫منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬قوله تعالى‪ ):‬سوإلن نكلننتلم سملرسضى أسلو سعسلى سسسفلر أسلو سجاسء أسسحبد إملننكلم إمسن ا لسغاإئإط أسلو لسملسنتنم الذنسساسء (ًا‬
‫)النساء‪ :‬من الية ‪ً(43‬ا فقد صح عن ابن عباس رضيِ ال عنهما‪ :‬أنه فسر الملمسة بالجماع)‪ً(6‬ا‪.‬‬

‫)‪ (3‬أخرجه الطبري في تفسيره ‪ ، 1568‬حديث رقم ‪ ،17633‬واللكائي في شرح أصول العتقاد ‪ ،‬والمجلد الثانأي‬
‫‪457-.3/456‬‬

‫)‪ (4‬أخرجه مسلم ص ‪ ، 709‬كتب اليمان باب ‪ : 80‬إثبات روية المؤمنين في الخرة ربهم سبحانأه وتعالى ‪ ،‬حديث‬
‫رقم ‪. 181 (298) 450 ، 181 (297)449‬‬

‫)‪ (5‬أخرجه مسلم ص ‪ ، 1020‬كتاب المارة ‪ ،‬باب ‪ : 52‬فضل الرمي والحث عليه ‪ ، ...‬حديث رقم ‪(167 ) 4946‬‬
‫‪ ،1917‬والترمذي ص ‪ ،1963‬كتاب تفسير القرآن ‪ ،‬باب ‪ : 8‬ومن سورة النأفال ‪ ،‬حديث رقم ‪ ، 30832‬باب ‪: 23‬‬
‫سند الترمذي مبهم ‪ ،‬وأخرجه أبو داؤد ص ‪ ، 1409‬كتاب الجهاد ‪ ،‬باب ‪ 19‬الرمي في سبيل ا ‪ ،‬حديث رقم ‪،2813‬‬
‫وأخرجه غيرهم أيضا‬

‫)‪ (6‬أخرجه عبد الرزاق في مصنفه )‪ ، (1/134‬وابن أبي شيبة في مصنفه )‪(1/192‬‬

‫)‬

‫)‬
‫د‪ -‬كلم التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضيِ ال عنهم ‪ ،‬لن التابعين‬
‫خير الناس بعد الصحابة ‪ ،‬وأسلم من الهواء ممن بعدهم ‪ .‬ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا فيِ‬
‫عصرهم ‪ ،‬فكانوا أقرب إلى الصواب فيِ فهم القرآن ممن بعدهم ‪.‬‬

‫قال شيخ السلم ابن تيميه )‪ً(1‬ا ‪ :‬إذا أجمعوا – يعنيِ التابعين – على الشيِء فل يرتاب فيِ كونه‬
‫حجة ‪ ،‬فإن اختلفوا فل يكون قول بعضهم حجة على بعض ول على من بعدهم ‪ ،‬ويرجع فيِ ذلك إلى‬
‫لغة القرآن ‪ ،‬أو ألسنة ‪ ،‬أو عموم لغة العرب ‪ ،‬أو أقوال الصحابة فيِ ذلك ‪.‬‬

‫وقال أيضا ‪ :‬من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ‪ ،‬كان مخطئا فيِ‬
‫ذلك ‪ ،‬بل مبتدعا ‪ ،‬وإن كان مجتهدا مغفورا له خطوة ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬فمن خالف قولهم وفسر القرآن‬
‫بخلف تفسيرهم ‪ ،‬فقد أخطأ فيِ الدليل والمدلول جميعا ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬ما تقتضيه الكلمات من المعانيِ الشرعية أو اللغوية حسب السياق لوله تعالى ‪) :‬إإننا‬
‫س إبسما أسسراسك النلنه (ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(105‬ا وقوله ‪) :‬إننا‬ ‫أسلنسز لسنا إسلليسك ا لإكستاسب إبا لسحذق إلستلحنكسم سبليسن الننا إ‬
‫سجسعلسنانه نقلرآنا سعسرإبييا سلسعنلنكلم ستلعإقنلوسن(ًا )الزخرف‪ً(3:‬ا وقوله ‪) :‬سوسما أسلرسسلسنا إملن سرنسولل إنلا إبإلسساإن سقلوإمإه‬
‫إلنيسبذيسن سلنهلم (ًا)ابراهيم‪ :‬من الية ‪ً(4‬ا ‪.‬‬

‫فإن اختلف المعنى الشرعيِ واللغويِ ‪ ،‬أخذ بما يقتضيه الشرعيِ ‪ ،‬لن القرآن نزل لبيان الشرع ‪ ،‬ل‬
‫لبيان اللغة إل أن يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغويِ فيؤخذ به ‪.‬‬

‫مثال ما اختلف فيه المعنيان ‪ ،‬وقدم الشرعيِ ‪ :‬قوله تعالى فيِ المنافقين ‪) :‬سول نتسصذل سعسلى أسسحلد إملننهلم‬
‫سماست أسسبدا (ًا)التوبة‪ :‬من الية ‪ً(84‬ا فالصلة فيِ اللغة الدعاء ‪ ،‬وفيِ الشرع هنا الوقوف على الميت‬
‫للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعيِ ‪ ،‬لنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب ‪،‬‬
‫وأما منع الدعاء لهم على وه الطلق فمن دليل آخر ‪.‬‬

‫ومثال ما اختلف فيه المعنيان ‪ ،‬وقدم فيه اللغويِ بالدليل ‪ :‬قوله تعالى )نخلذ إملن أسلمسواإلإهلم سصسدسقلة‬
‫نتسطذهنرنهلم سونتسزذكيإهلم إبسها سوسصذل سعسلليإهلم(ًا)التوبة‪ :‬من الية ‪ً(103‬ا فالمراد بالصلة هنا الدعاء ‪ ،‬وبدليل‬
‫ما رواه مسلم )‪ً(2‬ا عن عبد ال بن أبيِ أوفيِ ‪ ،‬قال ‪ :‬كان النبيِ صلى ال عليه وسلم إذا أتى‬
‫بصدقة قوم ‪ ،‬صلى عليهم ‪ ،‬فأتاه أبيِ بصدقته فقال ‪ " :‬اللهم صل على آل أبيِ أوفيِ " ‪.‬‬

‫وأمثلة ما اتفق فيه المعنيان الشرعيِ واللغويِ كثيرة ‪ :‬كالسماء والرض والصدق والكذب والحجر‬
‫والنسان ‪.‬‬

‫) )‪ (1‬مجموع الفتاوى ‪.‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه البخاري ص ‪ ، 342‬كتاب المغازي ‪ ،‬باب ‪ : 36‬غزوة الحديبية ‪ ،‬حديث رقمن ‪ ،4166‬ومسلم ص‬
‫‪ ،849‬كتاب الزكاة ‪ ،‬باب ‪ : 54‬الدعاء لمن أتى بصدقة ‪ ،‬حديث رقم ‪. 1078 (176 ) 2492‬‬
‫الختلف الوارد فيِ التفسير المأثور‬
‫الختلف الوارد فيِ التفسير المأثور على ثلثة أقسام ‪:‬‬

‫الول ‪ :‬اختلف فيِ اللفظ دون المعنى ‪ ،‬فهذا ل تأثير له فيِ معنى الية ‪ ،‬مثاله قوله تعالى ‪:‬‬
‫)سوسقسضى سريبسك أسنلا ستلعنبندوا إنلا إنيانه(ًا )السراء ‪ً(23:‬ا قال ابن عباس ‪ :‬قضيِ ‪ :‬أمر ‪ ،‬وقال مجاهد ‪:‬‬
‫وصيِ ‪ ،‬وقال الربيع بن انس ‪ :‬أوجب ‪ ،‬وهذه التفسيرات معناها واحد ‪ ،‬او متقارب فل تأثير لهذا‬
‫الختلف فيِ معنى الية ‪.‬‬

‫الثانيِ ‪ :‬اختلف فيِ اللفظ والمعنى ‪ ،‬والية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما ‪ ،‬فتحمل الية‬
‫عليهما ‪ ،‬وتفسر بهما ‪ ،‬ويكون الجمع بين هذا الختلف أن كل واحد من القولين ذك على وجه‬
‫التمثيل ‪ ،‬لما تعنيه الية أو التنويع ‪ ،‬مثاله قوله تعالى ‪) :‬سوالتنل سعسلليإهلم سنسبسأ انلإذيِ آستليسنانه آسياإتسنا سفالنسسلسخ‬
‫س‬
‫إملنسها سفسألتسبسعنه النشليسطانن سفسكاسن إمسن السغاإويسن(ًا )لعراف‪ً(175:‬ا )سوسللو إشلئسنا سلسرسفلعسنانه إبسها سوسلإكننه أسلخسلسد إإسلى‬
‫ض سوانتسبسع سهسوانه )لعراف‪ً(176:‬ا قال ابن مسعود ‪ :‬هو رجل من بنيِ إسرائيل ‪ ،‬وعن ابن‬ ‫السألر إ‬
‫عباس أنه ‪ :‬رجل من أهل اليمن ‪ ،‬وقيل ‪ :‬رجل من أهل لبلقاء‪.‬‬

‫والجمع بين هذه القوال ‪ :‬أن تحمل الية عليها كلها ‪ ،‬لنها تحتملها من غير تضاد ‪ ،‬ويكون كل‬
‫قول ذكر على وجه التمثيل ‪.‬‬

‫ومثال آخر قوله تعالى (ًاسسكلأسا إدسهاقا(ًا )النبأ‪ً(34:‬ا قال ابن عباس ‪ :‬دهاقا مملوءة ‪ ،‬وقال مجاهد ‪:‬‬
‫متتابعة ‪ ،‬وقال عكرمة ‪ :‬صافية ‪ .‬ول منافاة بين هذه القوال ‪ ،‬والية تحتملها فتحمل عليها جميعا‬
‫ويكون كل قول لنوع من المعنى ‪.‬‬

‫القسم الثالث ‪ :‬اختلف اللفظ والمعنى ‪ ،‬والية ل تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما ‪ ،‬فتحمل الية‬
‫على الرجح منهما بدلله السياق أو غيره ‪.‬‬

‫مثال ذلك ‪ :‬قوله تعالى ‪) :‬إإنسما سحنرسم سعسللينكنم السمليستسة سوالندسم سوسللحسم الإخلنإزيإر سوسما أنإهنل إبإه إلسغليإر النلإه سفسمإن‬
‫الضنطنر سغليسر سبالغ سول سعالد سفل إإلثسم سعسلليإه إإنن النلسه سغنفوبر سرإحيبم(ًا )البقرة‪ً(173:‬ا قال ابن عباس ‪ :‬غير باع‬
‫فيِ الميتة ول عاد من أكله ‪ ،‬وقيل ‪ :‬غير خارج على المام الثانيِ ‪ ،‬ولن المقصود بحل ما ذكر دفع‬
‫الضرورة ‪ ،‬وهيِ واقعة فيِ حال الخروج على المام ‪ ،‬وفيِ حال الفسر المحرم وغير ذلك ‪.‬‬

‫ومثال آخر قوله تعالى ‪) :‬سوإلن سطنللقنتنمونهنن إملن سقلبإل أسلن ستسميسونهنن سوسقلد سفسرلضنتلم سلنهنن سفإريسضلة سفإنلصنف سما‬
‫سفسرلضنتلم إنلا أسلن سيلعنفوسن أسلو سيلعنفسو انلإذيِ إبسيإدإه نعلقسدنة الذنسكاإح(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(237‬ا قال على بن أبيِ‬
‫طالب رضيِ ال عنه فيِ الذيِ بيده عقدة النكاح ‪ :‬هو الزوج ‪ ،‬وقال ابن عباس‪ :‬هو الوليِ ‪،‬‬
‫والراجح الول لدللة المعنى عليه ‪ ،‬ولنه قد رويِ فيه حديث عن النيِ صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ترجمه القرآن‬

‫الترجمة لغة ‪ :‬تطلق على معالن ترجع إلى البيان واليضاح ‪ .‬وفيِ الصطلح ‪ :‬التعبير عن الكلم‬
‫بلغة أخرى ‪ .‬وترجمة القران ‪ :‬التعبير عن معناه بلغة أخرى والترجمة نوعان ‪:‬‬

‫أحدهما ‪ :‬ترجمة حرفية ‪ ،‬وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها ‪.‬‬

‫الثانيِ ‪ :‬ترجمة معنوية ‪ ،‬أو تفسيرية ‪ ،‬وذلك بأن يعبر عن معنى الكلم بلغة أخرى من غير مراعاة‬
‫المفردات والترتيب ‪.‬‬

‫مثال ذلك ‪ :‬قوله تعالى ‪) :‬إإننا سجسع لسنانه نقلرآنا سعسرإبييا سلسعنلنكلم ستلعإقنلوسن(ًا )الزخرف‪ً(3:‬ا فالترجمة الحرفية ‪:‬‬
‫أن يترجم كلمات هذه الية كلملة كلمة فيترحم )إنا (ًا ثم )جعلناه(ًا ثم )قرآنا(ًا ثم ) عربيا(ًا وهكذا ‪.‬‬

‫والترجمة المعنوية ‪ :‬أن يترجم معنى الية كلها بقطع النظر عن معنى كل لكمة وترتيبها‪ ،‬وهيِ‬
‫قريبة من معنى التفسير الجماليِ ‪.‬‬

‫حكم ترجمة القرآن ‪:‬‬


‫الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم ‪ ،‬وذلك أنه يشترط‬
‫فيِ هذا النوع من الترجمة شروط ل يمكن تحققها معها وهيِ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬وجود مفردات فيِ اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وجود أدوات للمعانيِ فيِ اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للدوات فيِ اللغة المترجم‬
‫منها ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تماثل اللغتين المترجم منها وإليها فيِ ترتيب الكلمات حين تركيبها فيِ الجمل والصفات‬
‫والضافات وقال بعض العلماء ‪ :‬إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها فيِ بعض آية ‪ ،‬أو نحوها‪،‬‬
‫ولكنها وغن أمكن تحققها فيِ نحو ذلك – محرمة لنها ل يمكن أن تؤديِ المعنى بكماله ‪ ،‬ول أن‬
‫تؤثر فيِ النفوس تأثير القرآن المبين ‪ ،‬ول ضرورة تدعو إليها؛ للستغناء عنها بالترجمة المعنوية‬
‫‪.‬‬

‫وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنة حسا فيِ بعض الكلمات فهيِ ممنوعة شرعا ‪ ،‬اللهم إل أن‬
‫يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها ‪ ،‬من غير أن يترجم كله فل بأس ‪.‬‬
‫وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهيِ جائزة فيِ الصل لنه ل محذور فيها ‪ ،‬وقد تجب حين تكون‬
‫وسيلة إلى إبلغ القرآن والسلم لغير الناطقين باللغة العربية ‪ ،‬لن إبلغ ذلك واجب‪ ،‬وما ل يتم‬
‫الواجب إل به فهو واجب ‪.‬‬

‫لكن يشترط لجواز ذلك شروط ‪:‬‬

‫الول ‪ :‬أن ل تجعل بديل عن القرآن بحيث يستغنيِ بها عنه ‪ ،‬وعلى هذا فل بد أن يكتب القرآن‬
‫باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ‪ ،‬لتكون كالتفسير له ‪.‬‬

‫الثانيِ ‪ :‬أن يكون المترجم عالميا بمدلولت اللفاظ فيِ اللغتين المترجم منها وإليها‪ ،‬وما تقتضيه‬
‫حسب السياق ‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬أن يكون عالما بمعانيِ اللفاظ الشرعية فيِ القرآن ‪ .‬ول تقبل الترجمة للقرآن الكريم إل‬
‫من مأمون عليها ‪ ،‬بحيث يكون مسلما مستقيما فيِ دينه ‪.‬‬

‫المشتهرون بالتفسير من الصحابة‬

‫أشتهر بالتسفير جماعة من الصحابة ‪ ،‬ذكر السيوطي منهم ‪ :‬الخلفاء الربعة أبا بكر وعمر وعثمان‬
‫وعليا رضي ال عنهم ‪ ،‬إل أن الرواية عن الثلثة الولين لم تكن كثيرة ‪ ،‬لنشالغهم بالخلفة ‪ ،‬وقلة‬
‫الحاجة إلى النقل في ذلك لكثرة العالمين بالتفسير ‪.‬‬

‫ومن المشتهرين بالتفسير من الصحابة أيضا ‪ :‬عبد ال بن مسعود وعبد ال بن عباس ‪ ،‬فلنترجم‬
‫لحياة على بن أبيِ طالب مع هذين رضيِ ال عنهم ‪.‬‬

‫‪ -1‬على بن أبيِ طالب ‪:‬‬


‫هو ابن عم الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وزوج فاطمة رضيِ ال عنه وعنها ‪ ،‬وأول من آمن به‬
‫من قرابته ‪ ،‬اشتهر بهذا السم ‪ .‬وكنيته أبو الحسن ‪ ،‬وأبو تراب ‪.‬‬

‫ولد قبل بعثة النبيِ صلى ال عليه وسلم بعشر سنين ‪ ،‬وتربيِ فيِ حجر النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وشهد معه المشاهد كلها ‪ ،‬وكان صاحب اللواء فيِ معظمها ‪ ،‬ولم يتخلف إل عن غزوة تبوك ‪،‬‬
‫خلفه النبيِ صلى ال عليه وسلم فيِ أهله ‪ ،‬وقال له ‪ " :‬أما ترضى أن تكون منيِ بمنزلة هارون من‬
‫موسى ‪ ،‬إل أنه ل نبيِ بعديِ " )‪ً(1‬ا ‪ ،‬نقل له من المناقب والفضائل ما لم ينقل لغيره ‪ ،‬وهلك به‬
‫‪ (1‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب المغازي ‪ ،‬باب غزوة تبوك ‪ ،‬حديث رقم )‪ ، (4416‬ومسلم كتاب فضائل‬ ‫)‬
‫الصحابة ‪ ،‬باب فضائل على بن أبي طالب ‪ .‬حديث رقم )‪. (6218‬‬

‫)‪ (2‬وذلك لن أباه مات في الجاهلية ‪ ،‬وأدركت أمه السلما فأسلمت ‪.‬‬
‫طائفتان ‪ :‬النواصب الذين نصبوا له العداوة ‪ ،‬وحاولوا إخفاء مناقبة ‪ ،‬والروافض الذيِ بالغوا فيما‬
‫زعموه من حبه ‪ ،‬وأحدثوا له من المناقب التيِ وضعوها ما هو فيِ غنى عنه ‪ ،‬بل هو عند التأمل‬
‫من المثالب ‪.‬‬

‫اشتهر رضيِ ال عنه بالشجاعة والذكاء مع العلم والذكاء من معضلة ليس لها أبو حسن ‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة النحويين ‪ :‬قضية ول أبا حسن لها ‪ ،‬ورويِ عن عليِ أنه كان يقول ‪ :‬سلونيِ سلونيِ وسلونيِ‬
‫عن كتاب ال تعالى ‪ ،‬فوال ما من آية إل وأنا أعلم أنزلت بليل أو نهار ‪ ،‬وقال ابن عباس رضيِ ال‬
‫عنهما ‪ :‬إذا جاءنا الثبت عن عليِ لم نعدل به ‪ ،‬ورويِ عنه أنه قال ‪ :‬ما أخذت من تفسير القرآن‬
‫فعن عليِ بن أبيِ طالب ‪ .‬كان أحد أهل الشورى الذيِ رشحهم عمر رضيِ ال عنه لتعيين الخليفة ‪،‬‬
‫فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف فأبيِ إل بشروط لم يقبل بعضها ‪ ،‬ثم بايع عثمان فبايعه عليِ‬
‫والناس ‪ ،‬ثم بويع بالخلفة بعد عثمان حتى قتل شهيدا فيِ الكوفة ليلة السابع عشر من رمضان ‪،‬‬
‫سنة أربعين من الهجرة رضيِ ال عنه ‪.‬‬

‫‪ -2‬عبد ال بن مسعود ‪:‬‬


‫هو عبد ال بن مسعود بن غافل الهزلي ‪ ،‬وأمه أم عبد كان ينسب إليها أحيانا )‪ ، (2‬وكان من السابقين‬
‫الولين في السلم ‪ ،‬وهاجر الهجرتين ‪ ،‬وشهد بدرا ‪ ،‬وما بعدها من المشاهد ‪.‬‬

‫تلقى من النبيِ صلى ال عليه وسلم بضعا وسبعين سورة من القرآن ‪ ،‬وقال له النبيِ صلى ال‬
‫عليه وسلم فيِ أول السلم ‪ " :‬إنك لغلم معلم " )‪ً(3‬ا ‪ ،‬وقال ‪ " :‬من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما‬
‫أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ")‪ً(4‬ا ‪ ،‬وفيِ " صحيح البخاريِ " ) ‪ً(5‬ا أن ابن مسعود رضيِ‬
‫ال عنه قال ‪ :‬لقد علم أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم أنيِ من أعلمهم بكتاب ال ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وال الذيِ ل إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب ال إل وأنا أعلم أين نزلت ‪ ،‬ول أنزلت آية من‬
‫كتاب ال إل ‪,‬أنا أعلم فيمن أنزلت ‪ ،‬ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب‬

‫‪ (3‬أخرجه أحمد )‪. (462 ،1/379‬‬ ‫)‬

‫أخرجه بن ماجه )‪. (138‬‬ ‫‪(4‬‬ ‫)‬

‫‪ (5‬أخرجه البخاري ص ‪ ، 434 – 433‬كتاب فضائل القرآن ‪ ،‬باب ‪ : 8‬القراء من أصحاب رسول ا‬ ‫)‬
‫صلى ا عليه وسلم ‪ ،‬حديث رقم ‪. 5000‬‬

‫)‬
‫ال تبلغه البل لركبت إليه ‪ ،‬وكان ممن خدم النبيِ صلى ال عليه وسلم فكان صاحب نعليه وطهوره‬
‫ووسادة حتى قال أبو موسى الشعريِ ‪ :‬قدمت أنا وأخيِ من اليمن فمكثنا حينا ما نرى من دخوله‬
‫ودخول أمه على النبيِ صلى ال عليه وسلم )‪ً(1‬ا ‪ ،‬ومن أجل ملزمته تأثر به وبهديه ‪ ،‬حتى قال‬
‫فيه حذيفة ‪ :‬ما أعرف أحدا أقرب هديا وسمتا ودل بالنبيِ صلى ال عليه وسلم من ابن أم عبد)‬
‫‪ً(2‬ا ‪.‬‬

‫بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة ‪ ،‬ليعلمهم أمور دينهم ‪ ،‬وبعث عمارا أمير وقال ‪ :‬إنهما من‬
‫النجباء من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأقتدوا بهما ‪ ،‬ثم أمره عثمان على الكوفة ‪ ،‬ثم‬
‫عزله ‪ ،‬وأمره بالرجوع إلى المدينة ‪ ،‬فتوفيِ فيها سنة اثنتين وثلثين ‪ ،‬ودفن بالبقيع وهو ابن بضع‬
‫وسبعين سنة ‪.‬‬

‫‪ -3‬عبد ال بن عباس ‪:‬‬


‫هو ابن عم الرسول ال صلى ال عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلث سنين لزم النبيِ صلى ال عليه‬
‫وسلم لنه ابن عمه‪ ،‬وخالته ميمونة تحت النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وضمنه النبيِ صلى ال‬
‫عليه وسلم إلى صدره وقال ‪ :‬اللهم علمه الحكمة‪ ،‬وفيِ رواية ‪ :‬الكتاب )‪ً(3‬ا ‪ ،‬وقال له حين وضع‬
‫له وضوءه ‪ :‬اللهم فقه فيِ الدين )‪ً(4‬ا ‪ ،‬فكان بهذا الدعاء المبارك حبر المة فيِ نشر التفسير‬
‫والفقه ‪ ،‬حيث وفقه ال تعالى للحرص على العلم والجد فيِ طلبه والصبر على تلقيه وبذله ‪ ،‬فنال‬
‫بذلك مكانا عاليا حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسة ويأخذ بقوله‪ ،‬فقال‬
‫المهاجرون ‪ :‬أل تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ ! فقال لهم ‪ :‬ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول‬
‫وقلب عقول ‪ ،‬ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬ما تقولون فيِ قول‬
‫ال تعالى ‪) :‬إإسذا سجاسء سنلصنر النلإه سوا لسفلتنح(ًا )النصر‪ً(1:‬ا حتى ختم السورة ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬أمرنا أن‬
‫نحمد ال ونستغفره إذا فتح علينا ‪ ،‬وسكت بعضهم ‪ ،‬فقال عمر لبن عباس ‪ :‬أكذلك تقول ؟ قال ‪ :‬ل‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬فما تقول؟ قال ‪ :‬هو أجل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أعلمه ال له إذا جاء نصر ال ‪،‬‬
‫والفتح فتح مكة ‪ ،‬فذلك علمة أجلك فسبح بحمد ربك ‪ ،‬واستغفره إنه كان توابا ‪ ،‬قال عمر ‪ :‬ما‬
‫أعلم منها إل ما تعلم ‪ ،‬وقال ابن مسعود رضيِ ال عنه ‪ :‬لنعم ترجمان القرآن ابن عباس ‪ ،‬لو أدرك‬
‫أسناننا ما عاشره منا أحد ‪ ،‬أيِ ما كان نظيرا له ‪ ،‬هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلثين‬
‫سنة ‪ ،‬فما ظنك بما اكتسب بعهده من العلم ‪.‬‬
‫‪ (1‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب فضائل أصحاب النبي ‪ ،‬باب فضل عائشة رضي ا عنها ‪ ،‬حديث رقم )‬ ‫)‬
‫‪ ، (3763‬ومسلم ‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة ‪ ،‬باب في فضائل عبد ا بم مسعود وأمه رضي ا عنهما ‪،‬‬
‫حديث رقم )‪. (2460‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب فضائل أصحاب النبي ‪ ،‬باب فضل عائشة حديث رقم )‪. (2762‬‬

‫)‪ (3‬أخرجه البخاري ن كتاب فضائل أصحاب النبي ‪ ،‬باب ذكر ابن عباس رضي ا عنهما ‪ .‬حديث رقم )‬
‫‪. (3756‬‬

‫)‪ (4‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب الوضوء ‪ ،‬باب وضع الماء عند الخلء ‪ .‬حديث رقم )‪. (143‬‬
‫وقال ابن عمر لسائل سأله بما أنزل عن آية ‪ :‬انطلق إلى ابن عبسا فا سأله فإنه اعلم من بقيِ بما‬
‫أنزل على محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقال عطاء ‪ :‬ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها‬
‫وأعظم خشية ‪ ،‬إن أصحاب الفقه عنده ‪ ،‬وأصحاب القرآن عنده ‪ ،‬وأصحاب الشعر عنده ‪ ،‬يصدرهم‬
‫كلهم من واد واسع ‪.‬‬

‫وقال أبو وائل ‪ :‬خطبنا ابن عباس وهو على الموسم ) أيِ وال على موسم الحج من عثمان رضيِ‬
‫ال عنه (ًا فافتتح سورة النور لجعل يقرأ ويفسر ‪ ،‬فجعلت أقول ما رأيت‪ ،‬ول سمعت كلم رجل مثله‬
‫‪ ،‬ولو سمعته فارس والروم والترك لسلمت ‪ ،‬وله البصرة فلما قبل مضى إلى الحجاز ‪ ،‬فأقام فيِ‬
‫مكة ‪ ،‬ثم خرج منها إلى الطائف فمات فيها سنة ثمان وستين عن إحدى وسبعين سنة ‪.‬‬

‫المشتهرون بالتفسير من التابعين‬

‫اشتهر بالتفسير من التابعين كثيرون فمنهم ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أهل مكة وهم أتباع ابن عباس كمجاهد وعكرمة وعطاء بن أبيِ رباح ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أهل المدينة وهم اتباع أبيِ بن كعب ‪ ،‬كزيد بن أسلم وأبيِ العالية ومحمد بن كعب القرطبيِ ‪.‬‬

‫ج‪ -‬أهل الكوفة وهم أتباع ابن مسعود ‪ ،‬كقتادة وعلقمة ‪ ،‬والشعبيِ ‪ .‬فلنترجم لحياة اثنين من‬
‫هؤلء ‪ :‬مجاهد وقتادة ‪.‬‬

‫‪ -1‬مجاهد ‪:‬‬
‫هو مجاهد بن جبر المكيِ مولى السائب بن أبى السائب المخزوميِ ولد سنة إحدى وعشرين من‬
‫الهجرة ‪ ،‬وأخذ تفسير القرآن عن ابن عباس رضيِ ال عنهما ‪ ،‬رويِ ابن إسحاق عنه أنه قال ‪:‬‬
‫عرضت المصحف على ابن عباس ثلث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله‬
‫عنها ‪ ،‬وكان سفيان الثوريِ يقول ‪ :‬إذا جاءت التفسير عن مجاهد فحسبك به‪ ،‬واعتمد تفسيره‬
‫الشافعيِ والبخاريِ وكان كثيرا ما ينقل عنه فيِ " صحيحه" وقال الذهبيِ فيِ آخر ترجمته ‪ :‬أجمعت‬
‫المة على إمامة مجاهد والحتجاج به ‪ ،‬توفيِ فيِ مكة وهو ساجد سنة أربع ومائة ‪ ،‬عن ثلث‬
‫وثمانين سنة ‪.‬‬

‫قتادة ‪:‬‬
‫هو قتادة بن دعامة السدوسيِ البصريِ ولد أكمة أيِ أعميِ سنة إحدى وستين ‪ ،‬وجد فيِ طلب العلم‬
‫‪ ،‬وكان له حافظة قوية حتى قال فيِ نفسه ‪ :‬ما قلت لمحدث قط أعد ليِ ‪ ،‬وما سمعت أذنايِ شيئا قط‬
‫إل وعاه قلبيِ ‪ ،‬وذكره المام أحمد فأطنب فيِ ذكره فجعل ينشر من علمه وفقه ومعرفته بالختلف‬
‫والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه ‪ ،‬وقال ‪ :‬قلما تجد من يتقدمه أما المثل لعل ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو أحفظ أهل‬
‫البصرة‪ ،‬لم يسمع شيئا إل حفظه ‪ ،‬وتوفيِ ف واسط سنة سبع عشرة ومائة ‪ ،‬عن ستة وخمسين‬
‫سنة ‪.‬‬
‫القرآن محكم ومتشابه‬
‫يتنوع القرآن الكريم باعتبار الحكام والتشابه إلى ثلثة أنواع ‪:‬‬

‫النوع الول ‪ :‬الحكام العام الذيِ وصف به القرآن كله ‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪ ) :‬إكستابب أنلحإكسملت آسيانتنه نثنم‬
‫نفذصسللت إملن سلندلن سحإكيلم سخإبيلر(ًا)هود‪ :‬من الية ‪ً(1‬ا وقوله )الر إت لسك آسيانت ا لإكستاإب ا لسحإكيإم(ًا )يونس‪ً(1:‬ا‬
‫وقوله )سوإننه إفيِ أنذم الإكستاإب سلسدليسنا سلسعإلييِ سحإكيبم(ًا )الزخرف‪ً(4:‬ا ‪.‬‬

‫ومعنى هذا الحكام التقان والجودة فيِ ألفاظه ومعانيه فهو فيِ غاية الفصاحة والبلغة ‪ ،‬أخباره‬
‫كلها صدق نافعة ‪ ،‬ليس فيها كذب ‪ ،‬ول تناقض ‪ ،‬ول لغو ل خير فيه ‪ ،‬وأحكامه لكها عدل ‪ ،‬وحكمه‬
‫ليس فيها جور ول تعارض ول حكم سفيه ‪.‬‬

‫النوع الثانيِ ‪ :‬التشابه العام الذيِ وصف به القرآن كله ‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪) :‬النلنه سننزسل أسلحسسسن السحإديإث‬
‫إكستابا نمستسشاإبها سمسثاإنسيِ ستلقسشإعير إملننه نجنلوند انلإذيسن سيلخسشلوسن سرنبنهلم نثنم ستإلينن نجنلوندنهلم سونقنلونبنهلم إإسلى إذلكإر النلإه(ًا‬
‫)الزمر‪ً(23:‬ا ومعنى هذا التشابه ‪ ،‬أن القرآن كله يشبه بعضه بعضا فيِ الكمال والجودة والغايات‬
‫الحميدة ) سوسللو سكاسن إملن إعلنإد سغليإر النلإه سلسوسجندوا إفيإه الخإتلفا سكإثيرا(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(82‬ا‬

‫النوع الثالث ‪ :‬الحكام الخاص ببعضه ‪ ،‬والتشابه الخاص ببعضه ‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪) :‬نهسو انلإذيِ‬
‫أسلنسزسل سعسلليسك ا لإكستاسب إملننه آسيابت نملحسكسمابت نهنن أنيم ا لإكستاإب سوأنسخنر نمستسشاإبسهابت سفسأنما انلإذيسن إفيِ نقنلوإبإهلم سزليبغ‬
‫سفسينتإبنعوسن سما ستسشاسبسه إملننه البإتسغاسء ا لإفلتسنإة سوالبإتسغاسء ستلأإويإلإه سوسما سيلعسلنم ستلأإويسلنه إنلا النلنه سوالنراإسنخوسن إفيِ ا لإع لإم‬
‫سينقونلوسن آسمننا إبإه نكيل إملن إعلنإد سرذبسنا سوسما سينذنكنر إإنلا نأونلو ا ل سأ لسباإب(ًا )آل عمران‪ً(7:‬ا ‪.‬‬

‫ومعنى هذا الحكام أن يكون معنى الية واضحا جليا ‪ ،‬ل خفاء فيه ‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪) :‬سيا أسيسها‬
‫س إإننا سخسللقسنانكلم إملن سذسكلر سوأنلنسثى سوسجسعلسنانكلم نشنعوبا سوسقسباإئسل إلستسعاسرنفوا(ًا )الحجرات‪ً(13:‬ا‪ ،‬وقوله‪) :‬سيا‬ ‫الننا ن‬
‫س العنبندوا سرنبنكنم انلإذيِ سخسلسقنكلم سوانلإذيسن إملن سقلبإلنكلم سلسعنلنكلم ستنتنقوسن(ًا )البقرة‪ً(21:‬ا وقوله ‪ ) :‬سوأسسحنل‬
‫أسيسها الننا ن‬
‫النلنه ا لسبليسع(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(275‬ا وقوله )نحذرسملت سعسللينكنم ا لسمليستنة سوالندنم سوسللحنم ا لإخلنإزيإر سوسما أنإهنل إلسغليإر‬
‫النلإه إبإه (ًا)المائدة‪ :‬من الية ‪ً(3‬ا وأمثال ذلك كثيرة ‪.‬‬

‫ومعنى هذا التشابه ‪ :‬أن يكون معنى الية مشتبها خفيا بحيث يتوهم منه الواهم ما ل يليق بال‬
‫تعالى ‪ ،‬أو كتابه أو رسوله ‪ ،‬ويفهم منه العالم الراسخ فيِ العلم خلف ذلك ‪.‬‬

‫مثاله ‪ :‬فيما يتعلق بال تعالى ‪ ،‬أن يتوهم واهم من قوله تعالى ‪) :‬سبلل سيسدانه سملبنسوسطستاإن(ًا)المائدة‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(64‬ا أن ل يدين مماثلتين ليديِ المخلوقين ‪.‬‬

‫ومثاله فيما يتعلق بكتاب ال تعالى ‪ ،‬أن يتوهم واهم تناقض القرآن وتكذيب بعضه بعضا حين يقول‬
‫‪) :‬سما أسسصاسبسك إملن سحسسسنلة سفإمسن النلإه سوسما أسسصاسبسك إملن سسذيسئلة سفإملن سنلفإسسك (ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(79‬ا ويقول‬
‫فيِ موضع آخر ‪ ) :‬سوإإلن نتإصلبنهلم سحسسسنبة سينقونلوا سهإذإه إملن إعلنإد النلإه سوإإلن نتإصلبنهلم سسذيسئبة سينقونلوا سهإذإه إملن‬
‫إعلنإدسك نقل نكيل إملن إعلنإد النلإه(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(78‬ا‬
‫ومثاله فيما يتعلق برسول ال ‪ ،‬أن يتوهم واهم من قوله تعالى )سفإإلن نكلنست إفيِ سشيك إمنما أسلنسزلسنا إإسلليسك‬
‫سفالسسأإل انلإذيسن سيلقسرنأوسن ا لإكستاسب إملن سقلبإلسك سلسقلد سجاسءسك ا لسحيق إملن سرذبسك سفل ستنكوسننن إمسن ا لنملمستإريسن(ًا )يونس‪:‬‬
‫‪ً(94‬ا ظاهره أن النبيِ صلى ال عليه وسلم كان شاكا فيما أنزل إليه ‪.‬‬

‫موقف الراسخين فيِ العلم‬

‫والزائغين من المتشابه‬
‫إن موقف الراسخين فيِ العلم من المتشابه وموقف الزائغين منه بينه ال تعالى فقال فيِ الزائغين ‪:‬‬
‫)سفسأنما انلإذيسن إفيِ نقنلوإبإهلم سزليبغ سفسينتإبنعوسن سما ستسشاسبسه إملننه البإتسغاسء الإفلتسنإة سوالبإتسغاسء ستلأإويإلإه(ًا)آل عمران‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(7‬ا وقال فيِ الراسخين فيِ العلم ‪ ) :‬سوالنراإسنخوسن إفيِ ا لإع لإم سينقونلوسن آسمننا إبإه نكيل إملن إعلنإد سرذبسنا(ًا‬
‫)آل عمران‪ :‬من الية ‪ً(7‬ا فالزائغين يتخذون من هذه اليات المشتبهات وسيلة للطعن فيِ كتاب ال‬
‫‪ ،‬وفتنة الناس عنه ‪ ،‬وتأويله لغير ما أراد ال تعالى به ‪ ،‬فيضلون ‪ ،‬ويضلون ‪.‬‬

‫ويقولون فيِ المثال الول ‪ :‬إن ال تعالى يدين حقيقتين على ما يليق بجلله وعظمته ‪ ،‬ل تماثلن‬
‫أيديِ المخلوقين ‪ ،‬كما أن له ذات ل تماثل ذوات المخلوقين ‪ ،‬لن ال تعالى يقول ‪) :‬ليس سكإملثإلإه‬
‫سشليِبء سونهسو النسإمينع ا لسبإصينر(ًا)الشورى‪ :‬من الية ‪ً(11‬ا ‪.‬‬

‫ويقولون فيِ المثال الثانيِ ‪ :‬إن الحسنة والسيئة كلتاهما يتقدير ال عز وجل ‪ ،‬لكن الحسنة سببها‬
‫التفضل من ال تعالى على عباه ‪ ،‬أما السيئة فعل العبد كما قال تعالى)سوسما أسسصاسبنكلم إملن نمإصيسبلة سفإبسما‬
‫سكسسسبلت أسليإدينكلم سوسيلعنفو سعلن سكإثيلر(ًا )الشورى‪ً(30:‬ا فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيِء إلى‬
‫سببه ‪ ،‬ل من إضافته إلى مقدرة ‪ ،‬أما إضافة الحسنة والسيئة إلى ال تعالى فمن باب إضافة الشيِء‬
‫إلى مقدرة ‪ ،‬وبهذا يزول ما يوهم الختلف بين اليتين لنفكاك الجهة ‪.‬‬

‫ويوقون فيِ المثال الثالث ‪ :‬أن النبيِ صلى ال عليه وسلم لم يقع منه شك فيما أنزل إليه ‪ ،‬بل هو‬
‫أعلم الناس به ‪ ،‬وأقواهم يقينا كما قال ال تعالى فيِ نفس السورة ‪ ) :‬نقلل سيا أسيسها الننا ن‬
‫س إلن نكلننتلم إفيِ‬
‫سشيك إملن إديإنيِ سفل أسلعنبند انلإذيسن ستلعنبندوسن إملن ندوإن النلإه (ًا)يونس‪ :‬من الية ‪ً(104‬ا المعنى إن كنت فيِ‬
‫شك منه فأنا على يقين منه ‪ ،‬ولهذا ل أعبد الذين تعبدون من دون ال ‪ ،‬بل أكفر بهم وأعبد ال ‪.‬‬

‫ول يلزم من قوله ‪) :‬سفإلن نكلنست إفيِ سشيك إمنما أسلنسزلسنا إسلليسك(ًا)يونس‪ :‬من الية ‪ً(94‬ا أن يكون الشك جائزا‬
‫على الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أو واقعا منه ‪ .‬أل ترى قوله تعالى ‪) :‬نقلل إإلن سكاسن إللنرلحسمإن سوسلبد‬
‫سفسأسنا أسنونل السعاإبإديسن(ًا )الزخرف‪ً(81:‬ا هل يلزم منه أن يكون الولد جائزا على ال تعالى أو حاصل ؟ كل‬
‫‪ ،‬فهذا لم يكن حاصل‪ ،‬ول جائزا على ال تعالى ‪ ،‬قال ال تعالى ‪ ) :‬سوسما سيلنسبإغيِ إللنرلحسمإن أسلن سينتإخسذ‬
‫سوسلدا(ًا )مريم‪ً(92:‬ا )إإلن نكيل سملن إفيِ النسسماسواإت سوا ل سألر إ‬
‫ض إإنلا آإتيِ النرلحسمإن سعلبدا(ًا )مريم‪ً(93:‬ا‬

‫ول يلزم من قوله تعالى ‪) :‬سفل ستنكوسننن إمسن النملمستإريسن(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(147‬ا ) السحيق إملن سرذبسك سفل‬
‫ستنكوسننن إمسن النملمستإريسن(ًا )البقرة‪ً(147:‬ا أن يكون المتراء واقعا من الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫لن النهيِ عن الشيِء قد يوجه إلى من لم يقع منه ‪ ،‬أل ترى قوله تعالى ‪) :‬سول سينصيد ن سك سعلن آسياإت‬
‫النلإه سبلعسد إإلذ أنلنإزسللت إإسلليسك سوالدنع إإسلى سرذبسك سول ستنكوسننن إمسن النملشإرإكيسن(ًا )القصص‪ً(87:‬ا ومن المعلوم أنهم‬
‫لم يصدون النبيِ صلى ال عليه وسلم عن آيات ال ‪ ،‬وأن النبيِ صلى ال عليه وسلم لم يقع منه‬
‫شرك‪.‬والغرض من توجيه النهيِ إلى من ل يقع منه ‪ :‬التنديد بمن وقع منهم والتحذير من منهاجهم‬
‫‪ ،‬وبهذا يزول الشتباه ‪ ،‬وظن ما ل يليق بالرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫أنواع التشابه فيِ القرآن‬


‫التشابه الواقع فيِ القرآن نوعان ‪:‬‬

‫أحدهما ‪ :‬حقيقيِ وهو ما ل يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات ال عز وجل ‪ ،‬فإننا وإن كنا نعلم‬
‫معانيِ هذه الصفات ‪ ،‬لكننا ل ندرك حقائقها ‪ ،‬وكيفيتها لقوله تعالى ‪ ) :‬سول نيإحينطوسن إبإه إعللما(ًا‬
‫)طـه‪ :‬من الية ‪ً(110‬ا وقوله تعالى ‪) :‬ل نتلدإرنكنه السألبسصانر سونهسو نيلدإرنك السألبسصاسر سونهسو النلإطينف السخإبينر(ًا‬
‫ش‬ ‫)النعام‪ً(103:‬ا ولهذا لما سئل المام مالك رحمه ال تعالى عن قوله تعالى ‪) :‬النرلحسمنن سعسلى السعلر إ‬
‫السستسوى(ًا )طـه‪ً(5:‬ا كيف استوى قال ‪ :‬الستواء غير مجهول ‪ ،‬والكيف غير معقول ‪ ،‬واليمان به‬
‫واجب ‪ ،‬والسؤال عنه بدعة ‪ ،‬وهذا النوع ل يسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه ‪.‬‬

‫النوع الثانيِ ‪ :‬نسبيِ وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض ‪ ،‬فيكون معلوما‬
‫للراسخين فيِ العلم دون غيرهم ‪ ،‬وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه ؛ لمكان الوصول إليه ‪،‬‬
‫س سونهدلى‬‫إذ ل يوجد فيِ القرآن شئ ل يتبين معناه لحد من الناس ‪ ،‬قال ال تعالى ‪) :‬سهسذا سبسيابن إللننا إ‬
‫سوسملوإعسظبة إللنمنتإقيسن(ًا )آل عمران‪ً(138:‬ا وقال ‪ ) :‬سوسننزلسنا سعسلليسك الإكستاسب إتلبسيانا إلنكذل سشليِلء(ًا)النحل‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(89‬ا وقال ‪) :‬سفإإسذا سقسرلأسنانه سفانتإبلع نقلرآسننه(ًا )القيامة‪ً(18:‬ا وقال ‪) :‬نثنم إإنن سعسلليسنا سبسياسننه(ًا )القيامة‪ً(19:‬ا‬
‫س سقلد سجاسءنكلم نبلرسهابن إملن سرذبنكلم سوأسلنسز لسنا إإسللينكلم ننورا نمإبينا(ًا )النساء‪ً(174:‬ا ‪.‬‬ ‫وقال ‪) :‬سيا أسيسها الننا ن‬

‫س سكإملثإلإه سشليِبء(ًا)الشورى‪ :‬من الية ‪ً(11‬ا حيث‬


‫وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى ‪ ) :‬سللي س‬
‫اشتبه على أهل التعطيل ‪ ،‬ففهموا منه انتفاء الصفات عن ال تعالى ‪ ،‬وأدعوا أن ثبوتها يستلزم‬
‫المماثلة ‪ ،‬واعرضوا عن اليات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له ‪ ،‬وأن إثبات أصل المعنى ل‬
‫يستلزم المماثلة ‪.‬‬

‫ومنها قوله تعالى ) سوسملن سيلقنتلل نملؤإمنا نمستسعذمدا سفسجسزانؤنه سجسهننم سخاإلدا إفيسها سوسغإضسب النلنه سعسلليإه سوسلسعسننه سوأسسعند‬
‫سلنه سعسذابا سعإظيما(ًا )النساء‪ً(93:‬ا حيث اشبته على الوعيدية ‪ ،‬ففهموا منه أن قابل المؤمن عمدا مخلد‬
‫فيِ النار ‪ ،‬وطردوا ذلك فيِ جميع أصحاب الكبائر ‪ ،‬واعرضوا عن اليات الدالة على أن كل ذنب‬
‫دون الشرك فهو تحت مشيئة ال تعالى ‪.‬‬

‫ومنها قوله تعالى ‪) :‬أسسللم ستلعسللم أسنن النلسه سيلعسلنم سما إفيِ النسسماإء سوالسألر إ‬
‫ض إإنن سذإلسك إفيِ إكستالب إإنن سذإلسك سعسلى النلإه‬
‫سيإسيبر(ًا )الحج‪ً(70:‬ا حيث اشتبه على الجبرية ‪ ،‬ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله ‪ ،‬وادعوا أنه‬
‫ليس له إرادة ول قدرة عليه ‪ ،‬وأعرضوا عن اليات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة ‪ ،‬وأن فعل‬
‫العبد نوعان ‪ :‬اختياريِ ‪ ،‬وغير اختياريِ ‪.‬‬
‫والراسخون فيِ العلم أصحاب العقول ‪ ،‬يعرفون كيف يخرجون هذه اليات المتشابهة إلى معنى‬
‫يتلءم مع اليات الخرى ‪،‬فيبقى القرآن كله محكما ل اشتباه فيه ‪.‬‬

‫الحكمة فيِ تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه‬


‫لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الختبار به تصديقا وعمل لظهور معناه ‪ ،‬وعدم المجال‬
‫لتحريفه ‪ ،‬والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ‪ ،‬ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ‪،‬‬
‫وهدى للناس ‪ ،‬ولما أمكن العمل به ‪ ،‬وبناء العقيدة السليمة عليه ‪ ،‬ولكن ال تعالى بحكمته جعل‬
‫منه آيات محكمات ‪ ،‬يرجع إليهم عند التشابه ‪ ،‬وآخر متشابهات امتحانا للعبد ‪ ،‬ليتبين صادق‬
‫اليمان ممن فيِ قلبه زيغ ‪ ،‬فإن صادق اليمان يعلم أن القرآن كله من عند ال تعالى ‪ ،‬وما كان من‬
‫عند ال فهو حق ‪ ،‬ول يمكن أن فيه باطل ‪ ،‬أو تناقض لقوله تعالى‪) :‬ل سيلأإتيإه ا ل سباإطنل إملن سبليإن سيسدليإه‬
‫سول إملن سخ لإفإه ستلنإزيبل إملن سحإكيلم سحإميلد(ًا )فصلت‪ً(42:‬ا‬

‫وقوله تعالى )سللو سكاسن إملن إعلنإد سغليإر النلإه سلسوسجندوا إفيإه الخإتلفا سكإثيرا(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(82‬ا ‪.‬‬

‫وأما من فيِ قلبه زيغ ‪ ،‬فيتخذ من المتشابه سبيل إلى تحريف المحكم واتباع الهوى فيِ التشكيك فيِ‬
‫الخبار والستكبار عن الحكام ‪ ،‬ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين فيِ العقائد والعمال ‪ ،‬يحتجون‬
‫على انحرافهم بهذه اليات المتشابهة ‪.‬‬

‫موهم التعارض فيِ القرآن‬


‫التعارض فيِ القرآن أن تتقابل آيتان ‪ ،‬بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الخرى ‪ ،‬مثل أن تكون‬
‫إحداهما مثبته لشئ والخرى نافية فيه ‪.‬‬

‫ول يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبريِ ‪ ،‬لنه يلزم كون إحداهما كذبا ‪ ،‬وهو مستحيل‬
‫فيِ أخبار ال تعالى ‪ ،‬قال ال تعالى ‪ ) :‬سوسملن أسلصسدنق إمسن النلإه سحإديثا(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(87‬ا )سوسملن‬
‫ل(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(122‬ا (ًا ول يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما‬ ‫أسلصسدنق إمسن النلإه إقي ل‬
‫حكميِ ؛ لن الخيرة منهما ناسخة للولى قال ال تعالى )سما سنلنسسلخ إملن آسيلة أسلو ن لنإسسها سنلأإت إبسخليلر إملنسها‬
‫أسلو إملثإلسها(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(106‬ا وإذا ثبت النسخ كان حكم الولى غير قائم ول معارض للخيرة ‪.‬‬

‫وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ‪ ،‬فحاول الجمع بينهما ‪ ،‬فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف‬
‫‪ ،‬وتكل المر إلى عالمه ‪.‬‬

‫وقد ذكر العلماء رحمهم ال أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ‪ ،‬بينوا الجمع فيِ ذلك ‪ .‬ومن أجمع ما‬
‫رأيت فيِ هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الضطراب عن أيِ الكتاب " للشيخ محمد المين‬
‫الشنقيطيِ رحمه ال تعالى ‪.‬‬
‫فمن أمثلة ذلك قوله تعالى فيِ القرآن ‪ ) :‬نهدلى إللنمنتإقيسن(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(2‬ا وقوله فيه ‪) :‬سشلهنر‬
‫سرسمسضاسن انلإذيِ أنلنإزسل إفيإه ا لنقلرآنن نهدلى إللنناس(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(185‬ا فجعل هداية القرآن فيِ الية‬
‫الولى خاصة بالمتقين ‪ ،‬وفيِ الثانية عامة للناس ‪ ،‬والجمع بينهما أن الهداية فيِ الولى هداية‬
‫التوفيق والنتفاع ‪ ،‬والهداية فيِ الثانية هداية التبيان والرشاد ‪.‬‬

‫ونظير هاتين اليتين ‪ ،‬قوله تعالى فيِ الرسول صلى ال عليه وسلم ‪) :‬إنسك ل ستلهإديِ سملن أسلحسبلبست‬
‫سوسلإكنن النلسه سيلهإديِ سملن سيسشانء(ًا )القصص‪ً(56:‬ا وقوله فيه ) سوإن سك سلستلهإديِ إسلى إصسرالط نملسستإقيلم(ًا)الشورى‪:‬‬
‫من الية ‪ً(52‬ا فالولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ‪) :‬سشإهسد النلنه أسننه ل إسلسه إنلا نهسو سوالسملإئسكنة سونأونلو الإعلإم(ًا )آل عمران‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(18‬ا وقوله )سوسما إملن إسلله إنلا النله(ًا)آل عمران‪ :‬من الية ‪ً(62‬ا وقوله ‪ ):‬سفل ستلدنع سمسع النلإه إسلها‬
‫آسخسر سفستنكوسن إمسن ا لنمسعنذإبيسن(ًا )الشعراء‪ً(213:‬ا وقوله ‪ ) :‬سفسما أسلغسنلت سعلننهلم آإلسهنتنهنم انلإتيِ سيلدنعوسن إملن ندوإن‬
‫النلإه إملن سشليِلء سلنما سجاسء أسلمنر سرذبسك سوسما سزاندونهلم سغليسر ستلتإبيلب(ًا)هود‪ :‬من الية ‪ً(101‬ا ففيِ اليتين‬
‫الوليين نفيِ اللوهية عما سوى ال تعالى وفيِ الخريين إثبات اللوهية لغيره ‪.‬‬

‫والجمع بين ذلك أن اللوهية الخاصة بال عز وجل هيِ اللوهية الحق ‪ ،‬وأن المثبتة لغيره هيِ‬
‫اللوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى ‪) :‬سذإلسك إبسأنن النلسه نهسو السحيق سوأسنن سما سيلدنعوسن إملن ندوإنإه نهسو السباإطنل سوأسنن‬
‫النلسه نهسو ا لسعإلييِ ا لسكإبينر(ًا )الحج‪ً(62:‬ا ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ‪ ) :‬نقلل إإنن النلسه ل سيلأنمنر إبالسفلحسشاإء(ًا)لعراف‪ :‬من الية ‪ً(28‬ا وقوله )سوإإسذا‬
‫أسسرلدسنا أسلن نلهإلسك سقلرسيلة أسسملرسنا نملتسرإفيسها سفسفسسنقوا إفيسها سفسحنق سعسلليسها السقلونل سفسدنملرسناسها ستلدإميرا(ًا )السراء ‪ً(16:‬ا‬
‫ففيِ الية الولى نفيِ أن يأمر ال تعالى بالفحشاء ‪ ،‬وظاهر الثانية أن ال تعالى يأمر بما هو فسق‬
‫‪ .‬والجمع بينهما أن المر فيِ الية الولى هو المر الشرعيِ ‪ ،‬وال تعالى ل يأمر شرعا بالفحشاء‬
‫لقوله تعالى ‪) :‬إإنن النلسه سيلأنمنر إبا لسعلدإل سوا ل إألحسساإن سوإإيستاإء إذيِ ا لنقلرسبى سوسيلنسهى سعإن ا لسفلحسشاإء سوا لنملنسكإر‬
‫سوا لسبلغإيِ سيإعنظنكلم سلسعنلنكلم ستسذنكنروسن(ًا )النحل‪ً(90:‬ا والمر فيِ الية الثانية هو المر الكونيِ ‪ ،‬وال تعالى‬
‫يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته قلوه تعالى ‪) :‬إإنسما أسلمنرنه إإسذا أسسراسد سشليئا أسلن سينقوسل سلنه نكلن‬
‫سفسينكونن(ًا )ييـس‪ً(82:‬ا ‪.‬‬

‫ومن رام زيادة أمثلة فليرجع إلى كتاب الشيخ الشنقيطيِ المشار إليه آنفا ‪.‬‬

‫موهم التعارض فيِ القرآن‬


‫التعارض فيِ القرآن أن تتقابل آيتان ‪ ،‬بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الخرى ‪ ،‬مثل أن تكون‬
‫إحداهما مثبته لشئ والخرى نافية فيه ‪.‬‬

‫ول يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبريِ ‪ ،‬لنه يلزم كون إحداهما كذبا ‪ ،‬وهو مستحيل‬
‫فيِ أخبار ال تعالى ‪ ،‬قال ال تعالى ‪ ) :‬سوسملن أسلصسدنق إمسن النلإه سحإديثا(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(87‬ا )سوسملن‬
‫ل(ًا)النساء‪ :‬من الية ‪ً(122‬ا (ًا ول يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما‬ ‫أسلصسدنق إمسن النلإه إقي ل‬
‫حكميِ ؛ لن الخيرة منهما ناسخة للولى قال ال تعالى )سما سنلنسسلخ إملن آسيلة أسلو ن لنإسسها سنلأإت إبسخليلر إملنسها‬
‫أسلو إملثإلسها(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(106‬ا وإذا ثبت النسخ كان حكم الولى غير قائم ول معارض للخيرة ‪.‬‬

‫وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ‪ ،‬فحاول الجمع بينهما ‪ ،‬فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف‬
‫‪ ،‬وتكل المر إلى عالمه ‪.‬‬

‫وقد ذكر العلماء رحمهم ال أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ‪ ،‬بينوا الجمع فيِ ذلك ‪ .‬ومن أجمع ما‬
‫رأيت فيِ هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الضطراب عن أيِ الكتاب " للشيخ محمد المين‬
‫الشنقيطيِ رحمه ال تعالى ‪.‬‬

‫فمن أمثلة ذلك قوله تعالى فيِ القرآن ‪ ) :‬نهدلى إل لنمنتإقيسن(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(2‬ا وقوله فيه ‪) :‬سشلهنر‬
‫سرسمسضاسن انلإذيِ أنلنإزسل إفيإه النقلرآنن نهدلى إللنناس(ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(185‬ا فجعل هداية القرآن فيِ الية‬
‫الولى خاصة بالمتقين ‪ ،‬وفيِ الثانية عامة للناس ‪ ،‬والجمع بينهما أن الهداية فيِ الولى هداية‬
‫التوفيق والنتفاع ‪ ،‬والهداية فيِ الثانية هداية التبيان والرشاد ‪.‬‬

‫ونظير هاتين اليتين ‪ ،‬قوله تعالى فيِ الرسول صلى ال عليه وسلم ‪) :‬إإن سك ل ستلهإديِ سملن أسلحسبلبست‬
‫سوسلإكنن النلسه سيلهإديِ سملن سيسشانء(ًا )القصص‪ً(56:‬ا وقوله فيه ) سوإإنسك سلستلهإديِ إإسلى إصسرالط نملسستإقيلم(ًا)الشورى‪:‬‬
‫من الية ‪ً(52‬ا فالولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ‪) :‬سشإهسد النلنه أسننه ل إإسلسه إإنلا نهسو سوا لسملإئسكنة سونأونلو ا لإع لإم(ًا )آل عمران‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(18‬ا وقوله )سوسما إملن إسلله إنلا النله(ًا)آل عمران‪ :‬من الية ‪ً(62‬ا وقوله ‪ ):‬سفل ستلدنع سمسع النلإه إسلها‬
‫آسخسر سفستنكوسن إمسن ا لنمسعنذإبيسن(ًا )الشعراء‪ً(213:‬ا وقوله ‪ ) :‬سفسما أسلغسنلت سعلننهلم آإلسهنتنهنم انلإتيِ سيلدنعوسن إملن ندوإن‬
‫النلإه إملن سشليِلء سلنما سجاسء أسلمنر سرذبسك سوسما سزاندونهلم سغليسر ستلتإبيلب(ًا)هود‪ :‬من الية ‪ً(101‬ا ففيِ اليتين‬
‫الوليين نفيِ اللوهية عما سوى ال تعالى وفيِ الخريين إثبات اللوهية لغيره ‪.‬‬

‫والجمع بين ذلك أن اللوهية الخاصة بال عز وجل هيِ اللوهية الحق ‪ ،‬وأن المثبتة لغيره هيِ‬
‫اللوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى ‪) :‬سذإلسك إبسأنن النلسه نهسو ا لسحيق سوأسنن سما سيلدنعوسن إملن ندوإنإه نهسو ا ل سباإطنل سوأسنن‬
‫النلسه نهسو ا لسعإلييِ ا لسكإبينر(ًا )الحج‪ً(62:‬ا ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ‪ ) :‬نقلل إإنن النلسه ل سيلأنمنر إبا لسفلحسشاإء(ًا)لعراف‪ :‬من الية ‪ً(28‬ا وقوله )سوإإسذا‬
‫أسسرلدسنا أسلن نلهإلسك سقلرسيلة أسسملرسنا نملتسرإفيسها سفسفسسنقوا إفيسها سفسحنق سعسلليسها ا لسقلونل سفسدنملرسناسها ستلدإميرا(ًا )السراء ‪ً(16:‬ا‬
‫ففيِ الية الولى نفيِ أن يأمر ال تعالى بالفحشاء ‪ ،‬وظاهر الثانية أن ال تعالى يأمر بما هو فسق‬
‫‪ .‬والجمع بينهما أن المر فيِ الية الولى هو المر الشرعيِ ‪ ،‬وال تعالى ل يأمر شرعا بالفحشاء‬
‫لقوله تعالى ‪) :‬إنن النلسه سيلأنمنر إبالسعلدإل سوالإألحسساإن سوإإيستاإء إذيِ النقلرسبى سوسيلنسهى سعإن السفلحسشاإء سوالنملنسكإر‬
‫سوالسبلغإيِ سيإعنظنكلم سلسعنلنكلم ستسذنكنروسن(ًا )النحل‪ً(90:‬ا والمر فيِ الية الثانية هو المر الكونيِ ‪ ،‬وال تعالى‬
‫يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته قلوه تعالى ‪) :‬إنسما أسلمنرنه إسذا أسسراسد سشليئا أسلن سينقوسل سلنه نكلن‬
‫سفسينكونن(ًا )ييـس‪ً(82:‬ا ‪.‬‬

‫ومن رام زيادة أمثلة فليرجع إلى كتاب الشيخ الشنقيطيِ المشار إليه آنفا ‪.‬‬
‫القسم‬
‫القسم الثانيِ ‪ :‬بفتح القاف والسين ‪ ،‬اليمين ‪ ،‬وهو ‪ :‬تأكيد الشيِء بذكر معظم بالواو ‪ ،‬أو إحدى‬
‫أخواتها ‪ ،‬وأدواته ثلث ‪:‬‬

‫الواو – مثل قوله تعالى ‪) :‬سفسوسرذب النسسماإء سوالسألر إ‬


‫ض إإننه سلسحيق(ًا)الذريات‪ :‬من الية ‪ً(23‬ا ويحذف معها‬
‫العامل وجوبا ‪ ،‬ول يليها إل اسم ظاهر ‪.‬‬

‫والباء – مثل قوله تعالى )ل أنلقإسنم إبسيلوإم الإقسياسمإة(ًا )القيامة‪ً(1:‬ا ويجوز معها ذكر العامل كما فيِ هذا‬
‫ص‪ً(82:‬ا ويجوز‬ ‫المثال ‪ ،‬ويجوز حذفه كقوله تعالى عن إبليس ‪) :‬سقاسل سفإبإعنزإتسك سلنألغإوسيننهلم أسلجسمإعيسن(ًا ) ي‬
‫أن يليها اسم ظاهر كما مثلنا ‪ ،‬وأن يليها ضمير كما فيِ قولك ‪ :‬ال ربيِ وبه أحلف لينصرن‬
‫المؤمنين ‪.‬‬

‫والتاء – مثل قوله تعالى ‪) :‬النلإه سلنتلسسأنلنن سعنما نكلننتلم ستلفستنروسن(ًا)النحل‪ :‬من الية ‪ً(56‬ا ويحذف معها‬
‫العامل وجوبا ‪ ،‬ول يليها إل اسم ال ‪ ،‬أو رب مثل ‪ :‬ترب الكعبة لحجن إن شاء ال ‪.‬‬

‫والصل ذكر المقسم به ‪ ،‬وهو كثير كما فيِ المثل السابقة ‪ .‬وقد يحذف وحده مثل قولك ‪ :‬أحلف‬
‫عليك لتجتهدن ‪.‬‬

‫وقد يحذف مع العامل وهو كثير مثل قوله تعالى ‪) :‬نثنم سلنتلسسأنلنن سيلوسمإئلذ سعإن النإعيإم(ًا )التكاثر‪ً(8:‬ا‬

‫والصل ذكر المقسم عليه ‪ ،‬وهو كثير مثل قوله تعالى ‪ :‬ن)لل سبسلى سوسرذبيِ سلنتلبسعنثن(ًا)التغابن‪ :‬من الية‬
‫‪ً(7‬ا وقد يحذف جوازا مثل قوله تعالى ‪) :‬ق سوا لنقلرآإن ا لسمإجيإد(ًا )يق‪ً(1:‬ا وتقديره ليهلكن ‪.‬‬

‫وقد يحذف وجوبا إذا تقدمه ‪ ،‬أو اكتنفه ما يغنيِ عنه ‪ ،‬قاله ابن هشام فيِ المغنيِ ومثل له بنحو ‪:‬‬
‫زيد قائم وال ‪ ،‬وزيد وال قائم ‪.‬‬

‫وللقسم فائدتان ‪:‬‬

‫إحداهما ‪ :‬بيان عظمة المقسم به ‪.‬‬

‫والثانية ‪ :‬بيان أهمية المقسم عليه ‪ ،‬وإرادة توكيده ‪ ،‬ولذا ل يحسن القسم إل فيِ الحوال التالية ‪:‬‬

‫الولى ‪ :‬أن يكون المقسم عليه ذا أهمية ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬أن يكون المخاطب مترددا فيِ شأنه ‪.‬‬

‫الثالثة ‪ :‬أن يكون المخاطب منكرا له ‪.‬‬

‫القصص‬
‫القصص والقص لغة ‪ :‬تتبع الثر ‪.‬‬

‫وفيِ الصطلح ‪ :‬الخبار عن قضية ذات مراحل ‪ ،‬يتبع بعضها بعضا ‪.‬‬

‫ص إبسما أسلوسحليسنا إإسلليسك‬


‫ص سعسلليسك أسلحسسسن ا لسقسص إ‬
‫وقصص القرآن أصدق القصص ؛ لقوله تعالى ‪) :‬سنلحنن سننق ي‬
‫سهسذا ا لنقلرآن(ًا )يوسف‪ :‬من الية ‪ً(3‬ا وذلك لشتمالها على أعلى درجات الكمال فيِ البلغة وجلل‬
‫المعنى ‪.‬‬

‫أنفع القصص ‪ ،‬لقوله تعالى ‪) :‬سلسقلد سكاسن إفيِ سقسصإصإهلم إعلبسربة إلنأوإليِ ا ل سأ ل سباب(ًا)يوسف‪ :‬من الية‬
‫‪ً(111‬ا ‪ .‬وذلك لقوة تأثيرها فيِ إصلح القلوب والعمال والخلق ‪.‬‬

‫وهيِ ثلثة أقسام ‪:‬‬

‫*‪ -‬قسم عن النبياء والرسل ‪ ،‬وما جرى لهم مع المؤمنين بهم والكافرين ‪.‬‬

‫* ‪ -‬وقسم عن أفراد وطوائف ‪ ،‬جرى لهم ما فيه عبرة ‪ ،‬فنقلة ال تعالى عنهم ‪ ،‬كقصة مريم ‪،‬‬
‫ولقمان ‪ ،‬والذيِ مر على قرية وهيِ خاوية على عروشها ‪ ،‬وذيِ القرنين ‪ ،‬وقارون ‪ ،‬وأصحاب‬
‫الكهف ‪ ،‬وأصحاب الفيل ‪ ،‬وأصحاب الخدود وغير ذلك ‪.‬‬

‫*‪ -‬وقسم عن حوادث وأقوام فيِ عهد النبيِ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬كقصة غزوة بدر ‪ ،‬وأحد ‪،‬‬
‫والحزاب ‪ ،‬وبنيِ قريظة ‪ ،‬وبنيِ النضير ‪ ،‬وزيد بن حارثة ‪ ،‬وأبيِ لهب ‪ ،‬وغير ذلك ‪.‬‬

‫وللقصص فيِ القرآن حكم كثيرة عظيمة منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬بيان حكمة ال تعالى فيما تضمنته هذه القصص ؛ قوله تعالى ‪) :‬سوسلسقلد سجاسءنهلم إمسن ا ل سألنسباإء سما إفيإه‬
‫نملزسدسجبر(ًا )القمر‪ً(4:‬ا )إحلكسمبة سباإلسغبة سفسما نتلغإن اليننذنر(ًا )القمر‪ً(5:‬ا‬

‫‪ -2‬بيان عدله تعالى بعقوبة المكذبين ؛ لقوله تعالى عن المكذبين ‪ ) :‬سوسما سظسللمسنانهلم سوسلإكلن سظسلنموا‬
‫أسلننفسسنهلم سفسما أسلغسنلت سعلننهلم آإلسهنتنهنم انلإتيِ سيلدنعوسن إملن ندوإن النلإه إملن سشليِلء سلنما سجاسء أسلمنر سرذبك(ًا)هود‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(101‬ا‬

‫‪ -3‬بيان فضله تعالى بمثوبة المؤمنين ؛ لقوله تعالى ‪) :‬إإنلا آسل نلولط سننجليسنانهلم إبسسسحر نعمة من عندنا‬
‫كذلك نجزيِ من شكر ل(ًا )القمر‪ً(34:‬ا‬

‫‪ -4‬تسلية النبيِ صلى ال عليه وسلم عما أصابه من المكذبين له ؛ لقوله تعالى ‪) :‬سوإإلن نيسكذذنبوسك‬
‫سفسقلد سكنذسب انلإذيسن إملن سقلبإلإهلم سجاسءلتنهلم نرنسنلنهلم إبالسبذيسناإت سوإباليزنبإر سوإبالإكستاإب النمإنيإر(ًا )فاطر‪ً(25:‬ا )نثنم أسسخلذنت‬
‫انلإذيسن سكسفنروا سفسكليسف سكاسن سنإكيإر(ًا )فاطر‪ً(26:‬ا ‪.‬‬

‫‪ -5‬ترغيب المؤمنين فيِ اليمان بالثبات عليه والزدياد منه ‪ ،‬إذ علموا نجاة المؤمنين السابقين‪،‬‬
‫وانتصار من أمروا بالجهاد ‪ ،‬لقوله تعالى ‪) :‬سفالسستسجلبسنا سلنه سوسننجليسنانه إمسن ا لسغذم سوسكسذإلسك نلنإجيِ ا لنملؤإمإنيسن(ًا‬
‫)النبياء‪ً(88:‬ا وقوله ‪) :‬سوسلسقلد أسلرسسلسنا إملن سقلبإلسك نرنس ل‬
‫ل إإسلى سقلوإمإهلم سفسجانءونهلم إبالسبذيسناإت سفالنستسقلمسنا إمسن انلإذيسن‬
‫أسلجسرنموا سوسكاسن سحيقا سعسلليسنا سنلصنر ا لنملؤإمإنيسن(ًا )الروم‪ً(47:‬ا‬

‫‪ -6‬تحذير الكافرين من الستمرار فيِ كفرهم ‪ ،‬لقوله تعالى ‪) :‬أسسفسللم سيإسينروا إفيِ السألر إ‬
‫ض سفسيلننظنروا‬
‫سكليسف سكاسن سعاإقسبنة انلإذيسن إملن سقلبإلإهلم سدنمسر النلنه سعسلليإهلم سوإللسكاإفإريسن أسلمسثانلسها(ًا )محمد‪ً(10:‬ا ‪.‬‬

‫‪ -7‬إثبات رسالة النبيِ صلى ال عليه وسلم فإن أخبار المم السابقة ل يعلمها إل ال عز وجل ‪،‬‬
‫لقوله تعالى‪) :‬إتلسك إملن أسلنسباإء السغليإب ننوإحيسها إسلليسك سما نكلنست ستلعسلنمسها أسلنست سول سقلونمسك إملن سقلبإل سهسذا سفالصإبلر إنن‬
‫السعاإقسبسة إللنمنتإقيسن(ًا )هود‪ً(49:‬ا وقوله‪) :‬أسسللم سيلأإتنكلم سنسبنأ انلإذيسن إملن سقلبإلنكلم سقلوإم ننولح سوسعالد سوسثنموسد سوانلإذيسن إملن‬
‫سبلعإدإهلم ل سيلعسلنمنهلم إنلا النلنه (ًا)إبراهيم‪ :‬من الية ‪ً(9‬ا ‪.‬‬

‫تكرار القصص‬
‫من القصص القرآنية ما ل يأتيِ إل مرة واحدة ‪ ،‬مثل قصة لقمان ‪ ،‬وأصحاب الكهف ‪ ،‬ومنها ما‬
‫يأتيِ متكررا حسب ما تدعو إليه الحاجة ‪ ،‬وتقتضيه المصلحة ‪ ،‬ول يكون هذا المتكرر على وجه‬
‫واحد ‪ ،‬بل يختلف فيِ الطول والقصر واللين والشدة وذكر بعض جوانب القصة فيِ موضع دون آخر‬
‫‪.‬‬

‫ومن الحكمة فيِ هذا التكرار ؟‬

‫‪ -1‬بيان أهمية تلك القصة لن تكرارها يدل على العناية بها ‪.‬‬

‫‪ -2‬توكيد تلك القصة لتثبت فيِ قلوب الناس ‪.‬‬

‫‪ -3‬مراعاة الزمن وحال المخاطبين بها ‪ ،‬ولهذا تجد اليجاز والشدة غالبا فيما أتى من القصص فيِ‬
‫السور المكية والعكس فيما أتى فيِ السور المدنية ‪.‬‬

‫‪ -4‬بيان بلغة القرآن فيِ ظهور هذه القصص على هذا الوجه وذاك الوجه على ما تقضيه الحال‬

‫‪ -5‬ظهور صدق القرآن ‪ ،‬وأنه من عند ال تعالى ‪ ،‬حيث تأتيِ هذه القصص متنوعة بدو تناقص ‪.‬‬
‫السرائيليات‬
‫السرائيليات ‪ :‬الخبار المنقولة عن بنيِ إسرائيل من اليهود وهو الكثر ‪ ،‬أو من النصارى ‪ .‬وتنقسم هذه‬
‫الخبار إلى ثلثة أنواع ‪:‬‬

‫الولى ‪ :‬ما أقره السلم ‪ ،‬وشهد بصده فهو حق ‪.‬‬

‫مثاله ‪ :‬ما رواه البخاريِ وغيره عن ابن مسعود رضيِ ال عنه قال ‪ :‬جاء حبر من الحبار إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا محمد ‪ ،‬إنا نجد أن ال يجعل السماوات على إصبع ‪ ،‬وسائر الخلئق على إصبع‬
‫فيقول ‪ :‬أنا الملك ‪ ،‬فضحك النبيِ صلى ال عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ‪ ،‬ثم قرأ رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪) :‬سوسما سقسدنروا النلسه سحنق سقلدإرإه سوا ل سألر ن‬
‫ض سجإميعا سقلبسضنتنه سيلوسم ا لإقسياسمإة سوالنسسماسوانت سملطإونيابت‬
‫إبسيإميإنإه نسلبسحاسننه سوستسعاسلى سعنما نيلشإرنكوسن(ًا )الزمر‪ً(67:‬ا )‪ً(1‬ا‬

‫الثانيِ ‪ :‬ما أنكره السلم وشهد بكذبه فهو باطل ‪.‬‬

‫اليهود تقول إذا جامعها من ورائها ‪ ،‬جاء الولد أحول ؛ فنزلت ‪) :‬إنسسانؤنكلم سحلربث سلنكلم سفلأنتوا سحلرسثنكلم أسننى إشلئنتلم (ًا‬
‫)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(223‬ا )‪ً(2‬ا‬

‫الثالث ‪ :‬ما لم يقره السلم ‪ ،‬ولم ينكره ‪ ،‬فيجب التوقف فيه ‪ ،‬لما رواه البخاريِ )‪ً(3‬ا عن أبيِ هريرة رضيِ ال‬
‫عنه قال ‪ :‬كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ‪ ،‬ويفسرونها بالعربية لهل السلم ‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ل تصدقوا أهل الكتاب ول تكذبوهم ‪ ،‬وقولوا‪ ) :‬آسمننا إبانلإذيِ أنلنإزسل إسلليسنا سوأنلنإزسل إسللينكلم(ًا‬
‫)العنكبوت‪ :‬من الية ‪ً(46‬ا الية ‪ ،‬ولكن التحدث بهذا النوع جائز ‪ ،‬إذا لم يخش محذور ؛ لقول النبيِ صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬بلغوا عنيِ ولو آية ‪ ،‬وحدثوا عن بنيِ إسرائيل ول حرج ‪ ،‬ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده‬
‫م النار " رواه البخاريِ )‪. (4‬‬

‫وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذيِ فائدة فيِ الدين كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه ‪.‬‬

‫وأما سؤال أهل الكتاب عن شئ من أمور الدين ‪ ،‬فإنه حرام لما رواه المام أحمد عن جابر بن عبد ال رضيِ‬
‫ال عنهما قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل تسألوا أهل الكتاب عن شئ ؛ فإنهم لن يهدوكم ‪،‬‬
‫وقد ضلوا ‪ ،‬فإنكم إما أن تصدقوا بباطل ‪ ،‬أو تكذبوا بحق ‪ ،‬وإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إل أن‬
‫يتبعنيِ " )‪ً(5‬ا‪.‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتب التفسير ‪ ،‬باب قوله ‪ ) :‬وما قدروا ا حق قدره ( حديث رقم )‪ ، (4811‬ومسلم ‪ ،‬كتاب صفات‬
‫المنافقين وأحكامهم ‪ ،‬باب صفة القيامة والجنة والنار ‪ .‬حديث رقم )‪. (2786‬‬

‫)‪ (2‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب التفسير ‪ ،‬باب ) نأساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنأى شئتم ( حديث رقم )‪ ، (4528‬ومسلم ‪ ،‬كتاب‬
‫النكاح ‪ ،‬باب جواز جماعة امرأته في قبلها ‪ ،‬من قدامها أو من ورائها ‪ ،‬من غير تعرض للدبر ‪ .‬حديث رقم (‪. (1435‬‬

‫)‪ (3‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب التفسير ‪ ،‬ببا ‪) : 11‬قولو آمنا بال وما أنأزل إلينا ( ‪ ،‬حديث رقم ‪. 4485‬‬

‫)‪ 4‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب أحاديث النأبياء ‪ ،‬باب ‪ : 50‬ما ذكر عن بني إسرائيل ‪ ،‬حديث رقم ‪. 3461‬‬

‫)‪ (5‬أحمد )‪. (387 ، 3/338‬‬


‫ورويِ عن البخاريِ )‪ً(6‬ا عن عبد ال بن عباس رضيِ ال عنهما أنه قال ‪ :‬يا معشر المسلمين كيف تسألون‬
‫أهل الكتاب عن شئ ‪ ،‬وكتابكم الذيِ أنزل ال على نبيكم صلى ال عليه وسلم أحدث الخبار بال محضا ‪ ،‬لم‬
‫يشب ‪ ،‬وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتاب ال ‪ ،‬وغيروا ‪ ،‬فكتبوا بأيدهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هو من عند ال ؛‬
‫ليشتروا بذلك ثمنا قليل أو ل ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ فل وال رأينا رجل منهم يسألكم عن‬
‫الذيِ أنزل إليكم‪.‬‬

‫موقف العلماء من السرائيليات‬

‫اختلفت موافق العلماء ‪ ،‬ول سيما المفسرون من هذه السرائيليات على ثلثة أنحاء ‪:‬‬

‫أ‪ -‬فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها ‪ ،‬ورأيِ أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها ‪ ،‬مثل ابن جرير‬
‫الطبريِ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ومنهم من أكثر منها ‪ ،‬وجردها من السانيد غالبا ‪ ،‬فكان حاطب ليل مثل البغويِ الذيِ قال شيخ السلم‬
‫ابن تيميه )‪ً(1‬ا عن تفسيره ‪ :‬إنه مختصر من الثعلبيِ ‪ ،‬لكنه خاصته عن الحاديث الموضوعية والراء‬
‫المبتدعة ‪ ،‬وقال عن الثعلبيِ ‪ :‬إنه حاطب ليل ينقل ما وجد فيِ كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ومنهم من ذكر كثيرا منها‪ ،‬وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو النكار مثل ابن كثير ‪.‬‬

‫د‪ -‬ومنهم من بالغ فيِ ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرا للقرآن كمحمد رشيد رضا ‪.‬‬

‫)‪ (6‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب الشهادات ‪ ،‬باب ل يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها ‪ .‬حديث رقم )‪. (6929) ، (2685‬‬

‫)‪ (1‬مجموع الفتاوى )‪. (13/304‬‬


‫الضمير‬
‫الضمير لغة ‪ :‬من الضمور وهو الهزال لقلة حروفه أو من الضمار وهو الخفاء لكثرة استتاره ‪.‬‬

‫وفيِ الصطلح ‪ :‬ما كنيِ به عن الظاهر اختصارا وقيل ‪ :‬ما دل على حضور ‪ ،‬أو غيبة ل من مادتهما‪.‬‬

‫فالدال على الحضور نوعان ‪:‬‬

‫أحدهما ‪ :‬ما وضع للمتكلم مثل ‪) :‬سوأنسفذو ن‬


‫ض أسلمإريِ إسلى النله(ًا)غافر‪ :‬من الية ‪ً(44‬ا ‪.‬‬

‫الثانيِ ‪ :‬ما وضع للمخاطب مثل ‪) :‬إصسراسط انلإذيسن أسلنسعلمست سعسلليإهلم (ًا)الفاتحة‪ :‬من الية ‪ً(7‬ا ‪.‬‬

‫وهذان ل يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلله الحضور عنه ‪ .‬والدال على الغائب ‪ ،‬ما وضع للغائب ‪ .‬ولبد له من‬
‫مرجع يعود عليه ‪.‬‬

‫والصل فيِ المرجع أن يكون سابقا على الضمير لفظا ورتبه مطابقا له لفظا ومعنى مثل ‪) :‬سوسناسدى ننوبح سرنبنه (ًا‬
‫)هود‪ :‬من الية ‪ً(45‬ا ‪.‬‬

‫وقد يكون مفهوما من مادة الفعل السابق مثل ‪ ) :‬العإدنلوا نهسو أسلقسرنب إللنتلقسوى (ًا)المائدة‪ :‬من الية ‪ً(8‬ا ‪.‬‬

‫وقد يسبق رتبة ل لفظا مثل ‪:‬‬ ‫وقد يسبق لفظا ل رتبة مثل ‪) :‬سوإإإذ البستسلى إلبسراإهيسم (ًا)البقرة‪ :‬من الية ‪ً(124‬ا‬
‫)حمل كتابه الطالب (ًا ‪.‬‬

‫س إمنما ستسرسك إإلن سكاسن سلنه سوسلد(ًا)النساء‪ :‬من‬‫وقد يكون مفهوما من السياق مثل ‪ ) :‬سوإلسأسبسوليإه إلنكذل سواإحلد إملننهسما اليسند ن‬
‫الية ‪ً(11‬ا فالضمير يعود على الميت المفهوم من قوله ‪) :‬مما ترك (ًا ‪.‬‬

‫وقد ل يطابق الضمير معنى مثل ‪ ) :‬ولقد خلقنا النسان من سلسلة من طين (ًا ثم جعلناه نطفة (ًافالضمير يعود‬
‫على النسان باعتبار اللفظ ‪ ،‬لن المجعول نطفة ليس النسان الول ‪.‬‬

‫وإذا كان المرجع صالحا للمفرد والجمع جاز عود الضمير عليه بأحدهما مثل ‪ ) :‬سوسملن نيلؤإملن إبالنلإه سوسيلعسملل‬
‫سصاإلحا نيلدإخ لنه سجننالت ستلجإريِ إملن ستلحإتسها ا ل سألنسهانر سخاإلإديسن إفيسها أسسبدا سقلد أسلحسسسن النلنه سلنه إرلزقا(ًا)الطلق‪ :‬من الية ‪ً(11‬ا‬

‫والصل اتحاد مرجع الضمائر إذا تعددت مثل ‪) :‬سعنلسمنه سشإديند ا لنقسوى)‪ً(5‬ا نذو إمنرلة سفالسستسوى)‪ً(6‬ا وهو بالفق العليِ‬
‫)‪ً(7‬انثنم سدسنا سفستسدنلى)‪ً(8‬ا سفسكاسن سقاسب سقلوسسليإن أسلو سألدسنى)‪ً(9‬ا سفسألوسحى إسلى سعلبإدإه سما أسلوسحى)‪ً(10‬ا)لنجم‪ً(10-7:‬ا فضمائر‬
‫الرفع فيِ هذه اليات تعود إلى شديد القوى وهو جبريل ‪.‬‬

‫والصل عود الضمير على أقرب مذكور إل فيِ المتضايفين فيعود على المضاف ؛ لنه المتحدث عنه مثال أول‬
‫‪) :‬سوآستليسنا نموسسى ا لإكستاسب سوسجسع لسنانه نهدلى إلسبإنيِ إلسرائيل(ًا)السراء ‪ :‬من الية ‪ً(2‬ا ‪.‬‬

‫ومثال الثانيِ ) سوإلن ستنعيدوا إنلعسمست النلإه ل نتلحنصوسها (ًا)إبراهيم‪ :‬من الية ‪ً(34‬ا ‪.‬‬

‫وقد يأتيِ على خلف الصل فيما سبق بدليل يدل عليه ‪.‬‬
‫الظهار فيِ موقع الضمار‬

‫الصل أن يؤتى فيِ مكان الضمير بالضمير لنه أبين للمعنى وأخصب للفظ ‪ ،‬ولهذا ناب الضمير بقوله تعالى‬
‫) أعد ال لهم مغفرة وأجرا عظيما (ًا عن عشرين كلمة المذكورة قبله ‪ ،‬وربما يؤتى مكان الضمير بالسم‬
‫الظاهر وهو ما يسمى ) الظهار فيِ موضع الضمار (ًا ‪ .‬وله فوائد كثيرة ‪ ،‬تظهر بحسب السياق منها ‪:‬‬

‫الحكم على مرجعه بما يقتضيه السم الظاهر ‪.‬‬

‫بيان علة الحكم ‪.‬‬

‫عموم الحكم لكل متصف بما يقتضيه السم الظاهر ‪.‬‬

‫مثال ذلك قوله تعالى ‪ ) :‬سكاسن سعنديوا إلنلإه سوسملإئسكإتإه سونرنسإلإه سوإجلبإريسل سوإميسكاسل سفإإنن النلسه سعنديو إللسكاإفإريسن(ًا)البقرة‪ :‬من‬
‫الية ‪ً(98‬ا ولم يقل فإن ال عدو له ‪ ،‬فأد هذا الظهار ‪:‬‬

‫الحكم بالكفر على من كان عدوا ل وملئكته ورسله وجبريل وميكائيل ‪.‬‬

‫إن ال عدو لهم بكفرهم ‪.‬‬

‫أن كل كافر ال عدو له ‪.‬‬

‫مثل آخر ‪ :‬قوله تعالى ‪) :‬سوانلإذيسن نيسمذسنكوسن إبالإكستاإب سوأسسقانموا النصلسة إإننا ل نإضينع أسلجسر النملصإلإحيسن(ًا )لعراف‪:‬‬
‫‪ً(170‬ا ولم يقل أنا ل نضيع أجرهم ‪ ،‬ثلثة أمور ‪:‬‬

‫الحكم بالصلح للذين يمسكون الكتاب ‪ .‬ويقيمون الصلة ‪.‬‬

‫إن ال أجرهم لصلحهم ‪.‬‬

‫أن كل مصلح وله أجر غير مضاع عند ال تعالى ‪.‬‬

‫وقد يتعين الظهار ‪ ،‬كما لو تقدم الضمير مرجعان ‪ ،‬يصلح عوده إلى كل منهما والمراد أحدهما مثل ‪ :‬اللهم‬
‫أصلح المسلمين ولة أمورهم وبطانة ولة أمورهم ‪ ،‬إذ لو قيل ‪ :‬وبطانتهم ‪ ،‬لوهم أن يكون المراد بطانة‬
‫المسلمين ‪.‬‬

‫ضمير الفصل‬
‫ضمير الفصل ‪ :‬حرف بصيغة ضمير الرفع المنفصل يقع بين المبتدأ والخبر إذا كان معرفتين‬

‫ويكون بضمير المتكلم كقوله تعالى ‪) :‬إ نإنيِ أسسنا النلنه ل إسلسه إنلا أسسنا (ًا)طـه‪ :‬من الية ‪ً(14‬ا وقوله )سوإننا سلسنلحنن‬
‫النصايفوسن(ًا )الصافات‪ً(165:‬ا وبضمير المخاطب كقوله تعالى ‪ ) :‬نكلنست أسلنست النرإقيسب سعسلليإهم(ًا)المائدة‪ :‬من الية‬
‫‪ً(117‬ا وضمير الغائب كقوله تعالى ‪ :‬وأولئك هم المفلحون وله ثلثة فوائد ‪:‬‬

‫الولى ‪ :‬التوكيد ‪ ،‬فإن قولك ‪ :‬زيد هو أخوك أوكد من قولك ‪ :‬زيد أخوك ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬الحصر ‪ ،‬وهو اختصاص ما قبله لما بعده ‪ ،‬فإن قولك المجتهد هو الناجح يفيد اختصاص المجتهد‬
‫بالنجاح ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الفصل ‪:‬أيِ التمييز بين كونه ما بعده خبرا ‪ ،‬أو تابعا ‪ ،‬فإن قولك ‪ :‬زيد الفاضل يحتمل أن تكون الفاضل‬
‫صفة لزيد ‪ ،‬والخبر منتظر ‪ ،‬ويحتمل أن تكون الفاضل خبرا ‪ ،‬وإذا قلت ‪ :‬زيد هو الفاضل ‪ ،‬تعين أن تكون‬
‫الفاضل خبرا ‪ ،‬لوجود ضمير الفصل ‪.‬‬

‫اللتفات‬
‫اللتفات ‪ :‬تحويل أسلوب الكلم من وجه إلى آخر ‪ ،‬وله صور منها ‪:‬‬

‫اللتفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى ‪) :‬السحلمند إلنلإه سرذب السعاسلإميسن*النرلحسمإن النرإحيإم*سماإلإك سيلوإم الذديإن* إنياسك‬
‫سنلعنبند سوإنياسك سنلسستإعينن(ًا فحول الكلم من الغيبة إلى الخطاب فيِ قوله ‪ :‬إياك ‪.‬‬

‫اللتفات من الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى ‪ ) :‬سحنتى إسذا نكلننتلم إفيِ ا لنف ل إك سوسجسرليسن إبإهلم (ًا)يونس‪ :‬من الية ‪ً(22‬ا‬
‫فحول الكلم من الخطاب إلى الغيبة بقوله وجرينا بهم ‪.‬‬

‫اللتفات من الغيبة إلى التكلم ‪ ،‬كقوله تعالى )سوسلسقلد أسسخسذ النلنه إميسثاسق سبإنيِ إإلسرائيسل سوسبسعلثسنا إملننهنم الثسنليِ سعسشسر سنإقيبا(ًا‬
‫)المائدة‪ :‬من الية ‪ً(12‬ا فحول الكلم من الغيبة إلى التكلم فيِ قوله وعينا ‪.‬‬

‫اللتفات من التكلم إلى الغيبة ‪ ،‬كقوله تعالى ‪) :‬إإننا أسلعسطليسناسك السكلوسثسر)‪ً(1‬اسفسصذل إلسرذبسك سوالنسحر)ل‪ً(2‬ا فحول الكلم من‬
‫التكلم إلى الغيبة بقوله ‪ :‬لربك ‪.‬‬

‫لللتفات فوائد منها ‪:‬‬

‫حمل المخاطب على النتباه لتغير وجه السلوب عليه ‪.‬‬

‫حمله على التفكير فيِ المعنى ‪ ،‬لن تغيير وجه السلوب ‪ ،‬يؤديِ إلى التفكير فيِ السبب ‪.‬‬

‫دفع السآمة والملل عنه ‪ ،‬لن بقاء السلوب على وجه واحد ‪ ،‬يؤديِ إلى الممل غالبا ‪.‬‬

‫وهذه الفوائد عامة لللتفاتات فيِ جميع صوره أم الفوائد الخاصة فتتعين فيِ كل صورة ‪ ،‬حسب ما يقتضيه‬
‫المقام ‪.‬‬

‫وال أعلم ‪ .‬وصليِ ال وسلم على بينا محمد ‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ .‬تم ل الحمد رب العالمين ‪.‬‬

You might also like