Professional Documents
Culture Documents
أندريه لالاند
أندريه لالاند
2
أندريه الالند
لقد عاش أندريه الالند فيلسوفاً ،مع الفالسفة وطالبها ،وألجل الفلسفة ،فهي عنده مفتاح كل علم ،فمن ال يسأل ويتسائل
ويندهش ،ماذا يمكنه أن يعرف وأن يعلم؟ وحين ظن الكثيرون أن الفلسفة قد هرمت وشاخت ،وأن أوالدها ،العلوم
والتقنيات ،شارفوا على االنتهاء من أكلها ،وقف الالند في مطلع القرن ،تحديداً عام ،1901مؤسسا ً جمعية فرنسية،
تنهض بالفلسفة إلى العصر ،فاستغرق عمله مع أعضاء الجمعية ومراسليها نحو ربع قرن ،وكانت في أثناء ذلك ،تصدرا ً
أجزاء المعجم تباعا ً في كراريس فلسفية ،تجريبية ،يمتحنها الفيلسوف والقارئ والدارس الناقد في آن.
وال بد لنا هنا من التعريف بهذا المعجم الموسوعي الذي تفوق مواده األلفي مادة ،المرتبة بالفرنسية ،ثم باليونانية والالتينية
(عند توافر المصطلح) ،ثم باأللمانية واإلنكليزية واإليطالية ،على اختالف المعاني واالستعماالت .ثم أخيراً بالعربية .هذا
في مستوى ترويسة المصطلح .أما في مستوى متن المصطلح وهوامشه ،ومستوى التعليقات عليه ،والتذييالت في آخر
المعجم (فضالً عن تعريب النصوص الالتينية واليونانية ،عن الفرنسية ،كما هي في الالند أصالً) ،فهو مبني أساسا ً على
الفرنسية وفلسفتها ،مستفيد باالقتباس ،من شواهد وأمثلة ،بنصوص ألمانية وإنكليزية( ،أثبتناها في مواضعها وعربناها،
باستثناء عناوين الكتب غير المتوافرة بالعربية) ،وكذلك بنصوص يونانية والتينية ،يجد القارئ العربي تعريبها في آخر
المعجم ،حيث هناك إحاالت إلى الصفحة والسطر ،في كل مادة معنية.
هذا على صعيد بناء المعجم ،أما على صعيد مضمونه ،فسوف يكتشف القارئ العربي مدى دقة العقول العلمية وتفانيها في
استخراج الحقيقة من مصادرها ،مما يؤشر ،مجددا ً على أن الفلسفة هي من نتاج العقول الصابرة حتى آخر رمق ،وأن
الذين ينفد صيرهم إنما يحرمون أنفسهم من حكمة العقل وفلسفته وعلومه وتقنياته ،من هنا تبدأ ،إذاً مأثرة هذا العمل الجليل
في مؤاده ومحتواه .وثمالة أن ما فيه من تعريفات وأمثلة وشواهد ،كانت موضع نقاش وسجال واحتجاج ،تمادى بها
الزمان ،وقد استعرض عمر فالسفة من عدة أجيال .إال أنهم فالسفة مستنيرون ،مصممون على العمل معا ً بمنهجية
ومثابرة ،إلى أن نجح هذا المشروع الفريد الذي كرس له أندريه الالند وصحبه معظم حياتهم ،إلى ذلك بذل الفالسفة جهوداً
قصوى حتى تمكنوا من تقديم تحليل جليل للغة الفلسفة ،ال سيما في المالحظ والتعليقات المصاحبة للمنون .والجديد في هذا
العمل هو البرهان ،بالملموس ،على أن التحليل العلمي للغة ،وال سيما لغة الفلسفة ،هو من صميم الصنعة الفلسفية ،وبذلك
توافر للباحث المتفلسف نموذج جديد من عمل مرموق ،يستفاد منه في كل حقل ،حيث يعبر عن العلم بلغة .وعليه ،فإن
السجال الدائر حول كل لفظ وممايزاته وتعارض معانيه ،يحيلنا إلى تمايزات المذاهب الفلسفية ومسائلها واختباراتها .وهذا
السجال يقدم لنا ،بدوره أول فحص عيادي ،عياني للفكر الفلسفي.
إن وظيفة هذا المعجم الموسوعي في الفلسفة ،تتحدد بحاجة الدارسين إليه ،وبقدرة الفالسفة على إحيائه جيالً بعد جيل،
شيمة أي عمل ال يستمر إال بالعمل عليه ،أي باإلضافة والتصويب والتحديث مع كل طبعة.
إن هذا المعجم يخاطب الطالب الجامعيين ،خصوصا ً بتحليله اللغة الفلسفية الذي يشكل جانبه الثابت ،كما يخاطب الدارسين
والباحثين في الفلسفة وعلومها ،من خالل الجانب المتحول أو المتطور ،جانب النقد والتعليق والمقارنة والمقابسة.
يبقى أن نشير إلى أن الهدف الرئيس من وضع هذا المعجم الموسوعي ،المقرر في جلسة الجمعية الفلسفية الفرنسية ،يوم
،1901/5/23كان التوفيق بين الفالسفة -قدر اإلمكان -بخصوص ما يعنون بالكلمات ،ال سيما كلمات الفالسفة
المحترفين.
كما ويهدف للكشف عن الوجود الطبيعي للمطابقات القائمة ،بانتظام ،بين الكلمات واألشياء ،وبما أن لكل كلمة عدة معان
واستعماالت ،فإنها مع ذلك تملك دوماً ،على األقل ،معنى مركزياً ،نوعياً ،ال تكون المعاني األخرى سوى وجه من وجوه
تطبيقه ،تملك معنى مميزاً ،يتعين على النقد الفلسفي اكتشافه.
ويقدم "أندريه الالند" تعريفا ً لإلبستمولوجيا يرى فيه أن هذه الكلمة تعني فلسفة العلوم ،والتي تعني في أساسها دراسة نقدية
لمبادئ العلوم وفروضها ونتائجها بغية تحديد أيها المنطقي (ال النفساني) وقيمتها ومداها الموضوعي.