You are on page 1of 16

‫‪1‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫النظرية البنائية يف العالقات ادلولية‪:‬‬


‫من نظرية للجرس بني الوضعية ومابعد الوضعية إاىل نظرية‬
‫دلوةل العامل‬
‫طه عامثن‪2‬‬ ‫د‪ .‬أنور محمد فرج محمود‪ ،2 ،1‬م‪.‬م‪ .‬اترا‬

‫‪ 1‬جامعة التمنية البرشية‪ ،‬السلامينية‪ ،‬اإقلمي كوردس تان العراق‬


‫‪ 2‬جامعة السلامينية‪ ،‬السلامينية‪ ،‬اإقلمي كوردس تان العراق‬

‫املس تخلص‪ -‬ظهرت النظرية البنائية مع هناية احلرب الباردة‪ ،‬ودخلت الناحيتني املعرفية واملهنجية وانقساماهتا ادلاخلية بني البنائيني احلداثيني ومابعد‬
‫يف نقاشات مع العقالنيني (الواقعية والليربالية اجلديدتني) من هجة‪ ،‬احلداثيني‪.‬‬
‫والنقديني من هجة أخرى‪ ،‬واهتمهام ابلإخفاق يف التنبؤ هبذا احلدث‬
‫وتفسريه‪ .‬ففي الوقت اذلي اكن العقالنيون يركزون عىل العوامل املادية اللكامت ادلاةل‪:‬‬
‫والإقتصادية‪ ،‬ركّز البنائيون عىل العوامل الثقافية وتأثري الفاكر البنائية‪ ،‬دوةل العامل‪ ،‬الوضعية‪ ،‬مابعد الوضعية‪ ،‬العالقات ادلولية‪.‬‬
‫تشّك املصاحل وكيفية تعريف‬‫واملعايري والهوايت يف تفسري معليات ّ‬
‫البقاء وحتديد أليات السلوك ادلويل‪ ،‬وأكّدوا عىل أن املصلحة والهوية املقدمة‬
‫تعود الصول التارخيية للبنائية اإىل القرن الثامن عرش‪ ،‬وحتديد ًا ما‬ ‫تتفاعالن عرب معليات اإجامتعية اترخيية و ّ‬
‫تشلّكن بعضها البعض‪ .‬وعليه‬
‫فقد انمتت البنائية اإىل النقاش الرابع يف ادلراسة النظرية للعالقات رشحته كتاابت الفيلسوف الإيطايل (جامباتيس تا فيكو ‪ )G. Vico‬اذلي مزي‬
‫ادلولية فهيي من النظرايت مابعد الوضعية‪ ،‬ولكهنا حاولت أن تكون بني "العامل الطبيعي ‪ "Natural World‬اذلي هو من صنع هللا و"العامل‬
‫مبثابة جرس يربط الفجوة بني املناجه الوضعية ومابعد الوضعية‪ ،‬مفث ًال التارخيي ‪ "Historical World‬اذلي هو من صنع الإنسان‪ .‬أي أ َّن التأرخي‬
‫اإذا اكنت النظرايت مابعد الوضعية يوجه لها الإنتقاد‪ ،‬بأهنا تعاين من ليس منفص ًال أو مس تق ًال عن الإنسان اذلي يصنع تأرخيه اخلاص‪ ،‬كام يصنع‬
‫تقدمي بديل واقعي يف مقابل الوصف والتفسري اذلي تقدمه النظرايت ادلول واملؤسسات‪ ،‬كبناءات تأرخيية اصطناعية يف نظام اصطناعي‬
‫العقالنية‪ ،‬فا َّإن البنائية حاولت جتاوز هذا النقد ومتكنت من تقدمي أيض ًا‪(Jackson, Sorensen, 2016, p. 254).‬‬
‫ويف جمال ختصص العالقات ادلولية يعد (نيكولس أونوف) أول من‬ ‫الربانمج البحيث املطلوب لإخراج مابعد الوضعيني من املأزق‪ ،‬وذكل‬
‫جمل‬
‫بتقدمي الفرضيات العملية اليت يتطلهبا اإنشاء نظرية لوصف وتفسري قدَّم البنائية يف كتابه "عامل من صنعنا" اذلي يرى فيه‪ ،‬أ َّن ادلول وا متعات‬
‫واقع العالقات ادلولية‪ .‬ولكن مل تسمل النظرية البنائية من النقد والتقومي والعامل‪ ،‬ما يه اإل من صنع الناس من خالل تفاعالهتم التبادلية مع البناء‪،‬‬
‫واهتمت بأهنا مل تقدم شيئ ًا جديد ًا وابلغت يف فهم العوامل الثقافية مثل جفوهر البنائية هو أ َّن الفراد يصنعون اجملمتع _ادلاخيل والعاملي_ واجملمتع يصنع‬
‫املعايري والهوايت وتأثرياهتا عىل واقع العالقات دلولية‪ ،‬ابلإضافة اإىل الفراد من خالل القمي والثقافة اخلاصة به‪ ،‬وابلتايل الهوية اذلاتية اخلاصة به‬
‫وابجملمتع‪(Onuf, 1989) .‬‬ ‫اإغراقها يف اجلانب النظري ومشألكها من‬

‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬


‫اجملدل ‪ ،5‬العدد ‪ )2019(1‬؛ عدد الصفحات (‪)16‬؛ معرف الاكئن الرمقي‪10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16 :‬‬
‫أُس تمل البحث يف ‪ 12‬أيلول ‪2018‬؛ قُبل يف ‪ 5‬ترشين الول ‪2018‬‬
‫ورقة حبث منتظمة‪ :‬نُرشت يف ‪ 10‬اکنون الثاين ‪2019‬‬
‫الربيد الإلكرتوين للمؤلف ‪anwar.faraj@uhd.edu.iq :‬‬
‫حقوق الطبع والنرش ©‪ 2019‬د‪ .‬أنور محمد فرج محمود‪ ،‬م‪.‬م‪ .‬اترا طه عامثن‪ .‬هذه مقاةل الوصول الهيا مفتوح موزعة حتت رخصة املشاع الإبداعي النسبية ‪CC BY-NC-ND 4. 0 -‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪2‬‬

‫وعليه فاإن الهدف من ادلراسة هو التعرف عىل اإسهامات النظرية‬ ‫ولكن غالب ًا ما ترتبط البنائية مبقاةل (ألكساندر ويندت) "الفوىض يه‬
‫البنائية يف فهم وحتليل العالقات ادلولية من هجة وتقدمي رؤية نقدية لهذه‬ ‫ما تصنعه ادلول مهنا" اليت تطرقت اإىل معليات التغيري اليت اكنت قيد التنفيذ‬
‫النظرية من هجة أخرى داخل حقل ادلراسة النظرية للعالقات ادلولية‪.‬‬ ‫يف هناية الامثنينات وتداعيات هناية احلرب الباردة‪ ،‬وقد اكنت احلجة اجلوهرية‬
‫واملهنجية املتبعة يف ادلراسة تعمتد عىل املنطق الإس تقرايئ والرتكزي‬ ‫فهيا مبزنةل خروج عن التصورات الكرث بنيوية يف العالقات ادلولية‪ ،‬واليت‬
‫عىل عرض اإسهامات بعض مفكرين املنمتني للنظرية البنائية يف جمال العالقات‬ ‫تفرتض أ َّن ادلول مقيدة حباةل من الفوىض‪ ،‬وقد قدمت املقاةل فكرة عن اإماكنية‬
‫ادلولية فامي يعرف بدراسات (‪ ،)Literature Review Studies‬مث تقدمي‬ ‫الفعل أو الالفعل يف ظل تكل الفوىض‪(Wendt, 1992) .‬‬
‫بعض الانتقادات الساس ية لمه أطروحات النظرية البنائية من قبل ابحثني‬ ‫وخالل مثانينات القرن العرشين‪ ،‬حدد نقاشان كبريان بنية ادلراسة‬
‫منمتني اإىل نظرايت أخرى‪.‬‬ ‫النظرية حلقل العالقات ادلولية‪ ،‬النقاش الول اكن بني الواقعيني اجلدد‬
‫وتنقسم هيلكية ادلراسة اإىل أربعة مطالب‪ ،‬املطلب الول يتناول‬ ‫والليرباليني اجلدد حيث سعى الطرفان لتطبيق منطق النظرية الاقتصادية‬
‫النظرية البنائية وطبيعة التفاعل بني الهيّك والفاعل يف ظل الفوىض‪ ،‬أما‬ ‫العقالنية عىل العالقات ادلولية‪ ،‬لكهنام وصال اإىل نتاجئ خمتلفة جذر ًاي بصدد‬
‫املطلب الثاين فيشري اإىل طبيعة التوهجات مابعد الوضعية يف النظرية البنائية‪،‬‬ ‫قابلية التعاون ادلويل‪ ،‬واملاكسب النسبية أم املطلقة لدلوةل‪ ،‬وغريها من‬
‫ويدرس املطلب الثالث النظرية البنائية وحمتية دوةل العامل‪ ،‬أما املطلب الرابع‬ ‫املسأئل‪ .‬أما النقاش الثاين فاكن بني العقالنيني وأنصار النظرية النقدية‪ ،‬وفيه‬
‫مفخصص لنقد النظرية البنائية‪ ،‬وأخري ًا خمت البحث بأمه ا إلس تنتاجات‪.‬‬ ‫حتدى النقديون الإفرتاضات الوجودية (النطولوجية) واملعرفية‬
‫(ا إلبستميولوجية) واملهناجية (امليثودولوجية) للنظرايت العقالنية‪ ،‬يف حني اإهتَّ م‬
‫املطلب الول‬ ‫العقالنيون النقديني بأ َّن ليس هلم ما يقولونه بشأن العامل الواقعي للعالقات‬
‫النظرية البنائية وطبيعة التفاعل بني الهيّك والفاعل يف ظل الفوىض‬ ‫ادلولية‪.‬‬
‫ومنذ هناية احلرب الباردة‪ ،‬دخلت البنائية عىل خط اجلدالات‬
‫تعود أصول النقاش حول العالقة بني البنية (الهيّك) والفاعل‬ ‫النظرية‪ ،‬فأُزحيت حماور اجلدالات السابقة من قبل جدالني جديدين‪ :‬أحدهام‬
‫(الوكيل) اإىل تبين (ماكس فيرب ‪ )Max Weber‬للمقاربة "الفردانية‬ ‫بني البنائيني والعقالنيني‪ ،‬والخر بني البنائيني والنقديني‪ .‬واكن احملفز عىل‬
‫‪ "Individualism‬وتبىن (أميل دوركهامي ‪ )Emil Durkheim‬لـلمقاربة‬ ‫تكل النقطة‪ ،‬صعود وجِ دة النظرية البنائية يف العالقات ادلولية‪ ،‬تكل النظرية‬
‫"البنيوية ‪ "Structuralism‬يف حتليل الظواهر الإجامتعية‪ ،‬حيث أ َّن (فيرب)‬ ‫اليت حتدت عقالنية ووضعية الواقعية اجلديدة والليربالية اجلديدة‪ ،‬ويف نفس‬
‫مل ينكر وجود حياة اجامتعية اإىل جانب احلياة الفردية‪ ،‬ولكن يعتقد بوجوب‬ ‫الوقت‪ ،‬دفعت النظرية بعيد ًا عن النقد النظري ابجتاه التحليل الإمربيقي‬
‫الإهامتم والإحاطة ابخلصائص املتعلقة ابلفراد يف سبيل التوصل اإىل الفهم‬ ‫للس ياسة العاملية‪ .‬اإذ أ َّن املناقشات النظرية اخلاصة ابلبنائية جائت كبشرية‬
‫املتاكمل لسلوك الفراد‪ ،‬واملالحظ أ َّن (دوركهامي) أيض ًا ل ينكر الوجود‬ ‫بهناية مرحةل وبداية أخرى‪ ،‬أي الوضعية ومابعدها‪ ،‬وهذا التحول مل يكن يف‬
‫الفردي للشخاص‪ ،‬لكنه يرفض أن يمت تفسري الظواهر الإجامتعية يف ضوء‬ ‫الإطار النظري فقط بل ا َّإن التحول النظري اكن لحق ًا عىل التحولت العملية‬
‫خصائص فردية‪ ،‬فالفراد مه نتاج الظروف الاجامتعية‪(Wight, 2006, .‬‬ ‫يف الس ياسة ادلولية‪ ،‬فالتحول اكن يف الس ياسة (احلرب الباردة) والنظام‬
‫)‪p.64‬‬ ‫ادلويل (القطبية الثنائية)‪ ،‬وقد تطلب ذكل طرح التحليل العميل للس ياسة‬
‫يقدم (أميانويل والرش تاين) رؤية مفادها أ َّن مجيع الظواهر الاجامتعية‬ ‫والعالقات والنظام ادلويل‪.‬‬
‫انهتاء ابلعالقات ادلولية‬
‫ابتداء من الفقر والرصاع وطبيعة احلياة الاجامتعية و ً‬‫ً‬ ‫ذلكل ترتكز اإشاكلية هذه ادلراسة يف طرح التساؤل حول موقع‬
‫ميكن فهمها وتفسريها من خالل معرفة مستني أساس يتني لـ"النظام العاملي‬ ‫ومسامهة النظرية البنائية يف جمال ادلراسة النظرية للعالقات ادلولية ومدى‬
‫‪ ،"World System‬الوىل‪ :‬أ ّن مكوانته مرتابطة ومتفاعةل مع بعضها البعض‪،‬‬ ‫قدرهتا عىل الإس تجابة للتحولت اليت طرأت عىل القضااي العاملية بداية من‬
‫وأية حماوةل للفصل بيهنا وحتديدها يف جمالت مس تقةل‪ ،‬اكلظاهرة الاقتصادية‪،‬‬ ‫انهتاء احلرب الباردة ومرور ًا بتداعيات العوملة وانهتاء بربوز ظواهر جديدة ل‬
‫أو الس ياس ية س تكون مضلةل‪ .‬أما الثانية‪ :‬فهيي أ ّن احلياة داخل النظام قامئة‬ ‫ميكن تفسريها يف س ياق النظرايت العقالنية والتأملية السائدة يف احلقل‪.‬‬
‫بذاهتا‪ ،‬ول تتأثر كثري ًا ابملؤثرات اخلارجية‪ .‬وينجم عن هذا أ َّن أي سعي لتفسري‬ ‫وتتبىن ادلراسة فرضية مفادها أن النظرية البنائية بدأت من نظرية‬
‫التغيري داخل النظام ينبغي أن يركز عىل التفاعل ادلاخيل –للنظام‪ -‬دون‬ ‫حتاول جتسري العالقة بني النظرايت الوضعية ومابعد الوضعية يف احلقل ولكهنا‬
‫الاهامتم ابلعوامل اخلارجية‪(Wallerstein, 1996, p.103) .‬‬ ‫حتولت اإىل نظرية تطرح فكرة (دوةل العامل) مكحاوةل جديدة لفهم وتفسري‬
‫التحولت والتعقيدات املوجودة وتوصيف مس تقبيل حلقل العالقات ادلولية‪.‬‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫‪3‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫وهنا جند أ َّن الس يادة أصبحت قاعدة مؤسسة جائت نتيجة ممارسات‬ ‫ولغرض معاجلة هذه القضية س نتناول توضيح العالقة الإشاكلية بني‬
‫اجامتعية‪ ،‬وأدت اإىل حتديد سلوك ادلول يف هذا اجملال‪( .‬أمحد‪ ،2005 ،‬ص‬ ‫البنية والفاعل يف الفرع الول‪ ،‬وإاماكنية الفعل يف ظل الفويض من وهجة‬
‫‪)178‬‬ ‫النظر البنائية يف الفرع الثاين من هذا املطلب‪.‬‬
‫يويل البنائيون يف هذه املسأةل اهامتم ًا أكرث ابلبعاد الثقافية القميية‬
‫للفاعلني ادلوليني‪ ،‬وليس فقط ابلإعتبارات املادية املنفعية لدلوةل‪ ،‬بل المه‬
‫هو كيفية عكس ومتثيل تكل اجلوانب املادية واملعنوية عىل ح ٍد سواء‪ .‬فالرؤية‬ ‫الفرع الول‬
‫البنائية قامئة عىل اإفرتاضني للفاعل والبنية‪ ،‬لميكن الفصل بيهنام‪ ،‬ويه‪ :‬الول‪:‬‬ ‫اإشاكلية عالقة البنية والفاعل يف النظرية البنائية‬
‫هو أ َّن البيئة اليت يقوم فهيا الفاعلون أو ادلول‪ ،‬يه اإجامتعية كام أهنَّ ا مادية‬
‫ا ّإن الوجود املتنافر لدلول يف حاةل الفوىض يويح أن الفوىض منيعة‬
‫أيض ًا‪ .‬الثاين‪ :‬اإن هذا الوضع يساعد ادلول عىل فهم مصاحلهم‪ ،‬وذكل ابملساعدة‬
‫عن التغيري‪ ،‬ابلرمغ من اإماكنية تعديل أاثرها من خالل التعاون‪ ،‬اإل أ َّن البنية‬
‫الساس ية تظل يه ذاهتا‪ .‬فال حيظى السلوك املقصود‪ ،‬لس امي ذكل اذلي‬
‫يف تكوين تكل املصاحل‪(Checkel, 1998, p. 325) .‬‬
‫اإذا اكنت البنية مجموعة من احملددات والكواحب الثابتة نسبي ًا عىل سلوك‬
‫يريم اإىل تعديل البنية ذاهتا‪ ،‬إالّ ابلقليل أو الرشعية النظرية‪ .‬وهذا خيفق يف‬
‫ادلول‪ ،‬فاإن تكل الكواحب يه أيض ًا قد تشّك حمفزات مادية ومعوقات‬ ‫اإدراك الطريقة اليت ل تس تطيع فرادى ادلول اإعادة اإنشاء البنية حفسب‪ ،‬بل‬
‫س ياس ية‪ ،‬كتوازن القوى والسواق‪ ،‬والتجارة العاملية‪ ،‬ابلرمغ من هذا فاإن‬ ‫تنطوي عىل عدم اإحامتل تغيريها‪( .‬غريفتش‪ ،2008 ،‬ص ‪)349-348‬‬
‫املهم يف الرؤية البنائية يه كيف س يؤدي أو ليؤدي الفعل اإىل اإعادة اإنتاج‬
‫ترى النظرية البنائية أ َّن للبنية والفاعلني تشكيل متبادل‪ ،‬ففي رفضه‬
‫لك من الفاعل والهيّك‪ .‬ويكون للفعل أو السلوك مغزاه حتديد ًا من خالل‬
‫لإماكنية الفصل بني البنية والفاعلني يستند (ويندت) عىل ما يقول أهنَّ ام‬
‫تفاعيل جامعي‪ .‬ويطور الفاعلون عالقاهتم عرب فهمهم للخرين عرب وس يةل‬ ‫إطار ٍ‬ ‫ا ٍ‬
‫حقيقتان بدهييتان عن احلياة الاجامتعية‪ :‬الوىل‪ :‬الإعتقاد بأ َّن البرش مه فاعلون‬
‫واعون مبقاصدمه وتؤدي أفعاهلم اإىل تغيري وإاعادة اإنتاج أو حتويل اجملمتع اذلي‬
‫"املثل ‪ "Norms‬يف تعاملهم معهم‪(Hopf, 1998, p.174) .‬‬
‫فالبنائية ترى أ َّن املثل تلعب دور ًا تفسري ًاي‪ ،‬وميثل الفهم امجلاعي اذلي‬
‫يعيشون فيه‪ .‬والثانية‪ :‬يه التسلمي بأ َّن اجملمتع مكون من عالقات اجامتعية تقوم‬
‫تكون هوايت الفاعلني ومصاحلهم‬ ‫يؤدي أثر ًا معيق ًا يف سلوك الفاعلني‪ ،‬فهيي ّ‬
‫برتتيب وهيلكة التفاعل بني هؤلء الشخاص‪ ،‬فنحن حنيا يف عامل هل وجود‬
‫بناء فوقي ًا يقوم عىل قاعدة‬ ‫ومنظم وهميّك حبيث يؤثر يف سلوكنا ورؤاان‪ ،‬علامً أن َّنا والكء ذوي‬
‫ول يقترص عىل تنظمي السلوك‪ .‬كام أ َّن املثل ليست ً‬ ‫مس بق َ‬
‫مقاصد وهوايت مس تقةل يف هذا العامل ونعمل ابملقابل عىل تشكيهل وإاعادة‬
‫مادية‪ ،‬بل تساعد يف تكوين وحتديد هذه القاعدة‪ ،‬وعليه فاإن الفاعلني _ادلول‬
‫هبوايهتا_‪ ،‬والهيألك_مبثلها العاملية_ تتفاعل وتكون بعضها البعض‪.‬‬ ‫تشكيهل عىل حنو مس متر‪(Wendt, 1987, pp. 337-338) .‬‬
‫تس متد النظرية البنائية هذه الرؤية استناد ًا اإىل تفريقها بني نوعني من‬
‫)‪(Checkel, 1998, p. 336‬‬
‫وذكل ل َّن مصطلح "املثل" اذلي يس تخدمه البنائيون ينطلق من‬ ‫القواعد واليت يه القواعد املؤسسة للعالقات ادلولية‪ ،‬والقواعد املنظمة لها‪،‬‬
‫فالوىل هممتة بتفسري أصل الش ياء‪ ،‬بيامن تركز الثانية عىل توضيح العالقات‬
‫معايري اجامتعية‪ ،‬وهو يعين التوقعات املشرتكة ابلسلوك المثل لهوية معينة‪،‬‬
‫وتأخذ املثل شلكني فهيي تعمل كقواعد ُم َع ِرفة و ُم ِنش ئة للهوية‪ .‬ويف هذا فاهنا‬
‫بني هذه الش ياء (ادلول‪ ،‬النظم‪ ،‬واملؤسسات)‪ ،‬فالواقعية اجلديدة عىل سبيل‬
‫تفرز فاعلني جدد ًا أو مصاحل أو مجموعة من الفعال‪ .‬كام أهنَّ ا ويف بعض احلالت‬
‫املثال‪ ،‬ل يوجد دلهيا أي مفهوم للقواعد املؤسسة‪ ،‬فعامل هذه النظرية مكون‬
‫من فاعلني موجودين أص ًال‪ ،‬وكذكل سلوكهم‪ ،‬ذلا فهيي ل تتعرض لتفسري‬
‫تعرف هوية الفاعل اليت من خاللها ميكن حتديد ماهية السلوك اذلي جيعل‬
‫الفاعلني الخرين يقرون هبوية معينة‪ .‬وهبذا‪ ،‬فهيي مرتبطة مبارش ًة ابلهوايت‬ ‫أصل وجود مكوانت العالقات ادلولية‪.‬‬
‫امجلاعية ومتصةل ابملصاحل اخلاصة‪ ،‬فاملصاحل واملثل منش ئة لبعضها البعض‪.‬‬
‫ولتوضيح المر ميكن اعامتد "الس يادة" اكإحدى القواعد املؤسسة اليت‬
‫)‪(Björkdahl, 2002, p.16‬‬
‫تناولهتا ادلراسات البنائية‪ ،‬ونظام ادلول احلديث مل يتحقق اإل من خالل اإدراك‬
‫القاعدة املؤسسة‪ :‬الس يادة املتبادةل‪ ،‬فالس يادة مسة أصيةل مالزمة لي دوةل‬
‫الفرع الثاين‬ ‫حىت لو مل توجد دوةل أخرى‪ ،‬لكن هذه السمة لن تصبح حق ًا إالّ عندما تسمل‬
‫اإماكنية الفعل يف ظل الفوىض ادلولية‬ ‫هبا ادلول الخرى‪ .‬فاحلقوق يه قدرات اجامتعية تضفى عىل الفاعلني ومتنح‬
‫تعد الواقعية اجلديدة صاحبة الرؤية اليت تصف وتفرس العالقات‬ ‫هلم من قبل أخرين‪ ،‬أذنة هلم القيام بأعامل حمددة‪ ،‬وميكن دلوةل قوية أن‬
‫تس تخدم قدراهتا املادية يف ادلفاع عن س يادهتا ضد همينة الخرين‪ ،‬لكن حىت ادلولية بشّك عام والس ياسة ادلولية بشّك خاص من خالل مفهوم‬
‫ادلول الضعيفة تس تطيع أن تمتتع ابحلق نفسه اإذا اعرتف الخرون بس يادهتا‪( .‬الفوىض‪ )Anarchy ،‬مفث ًال يعرف (كينيث والزت ‪ )Kenneth Waltz‬بنية‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪4‬‬

‫وهذا الفهم يفرس ما يطرحه (ويندت) بأن الفوىض يه ما ميكن أن‬ ‫املنظومة ادلولية استناد ًا اإىل ثالثة عنارص رئيس ية‪ ،‬واليت يقول أهنا تقرر‬
‫تصنعه ادلول‪ ،‬فليس هناكل منطق للفوىض متأصل بذاته ومس تقل عام ترغبه‬ ‫سلوك ادلول بطريقة بنيوية وبغض النظر عن السامت ادلاخلية لهذه ادلول‪،‬‬
‫ادلول أو تعتقده‪( .‬ويندت‪ ،2006 ،‬ص ‪)212‬‬ ‫وأول هذه العنارص هو املبدأ املنظم لهذه البنية وهو فوضويهتا‪ ،‬واثنهيا‪ ،‬هو‬
‫ومن انحية أخرى أ َّن البنائيني يعملون اإستناد ًا اإىل مسلمة أ َّن البنية‬ ‫توزيع القوة بني ادلول داخل هذه البنية‪ ،‬واثلهثا هو التشابه الوظيفي لهذه‬
‫ادلولية املعارصة عبارة عن "ثقافة متوسطة" أو جممتع يتشّك حول مجموعة من‬ ‫ادلول‪ .‬ومبا أ َّن مجيع ادلول متشاهبة وظيفي ًا يف حبهثا عن المن وتعزيز اإماكانت‬
‫القواعد واملعايري بغض النظر عن املنافسة السائدة بني أعضاهئا‪ ،‬ولهذا تؤكد‬ ‫البقاء‪ ،‬فأن العنرص الثالث يسقط تلقائي ًا من التعريف‪ ،‬لهذا ميكن القول أ َّن‬
‫البنائية أ َّن وضع الفوىض ليس عائق ًا أمام ظهور وتطور سلوك تعاوين بشّك‬ ‫تعريف (والزت) للبنية هو يف احلقيقة ثنايئ البعاد‪ :‬الفوضوية وتوزيع القوة‪.‬‬
‫كبري‪(Dunne, 1999, p. 327) .‬‬ ‫وإاستناد ًا اإىل واقعيته‪ ،‬فاإن أمه عنرص من عنارص تعريف البنية اذلي يعد‬
‫ذلكل يؤكدون عىل أن رؤية الواقعية اجلديدة يه رؤية قارصة لهنَّ ا‬ ‫املتغري السبيب الرئيس اذلي يعود اإليه الفضل يف اإحداث اخملرجات ادلولية‬
‫حمدودة‪ ،‬واحلقيقة أ َّن رؤيتنا تتحدد وتتأثر بتفسرياتنا ورؤاان املتعددة اليت‬ ‫هو عنرص الفوضوية‪ ،‬مبعىن غياب حكومة مركزية أوسلطة عليا يف املنظومة‬
‫جائت نتيجة التفاعل بيننا كفاعلني وبني العامل من حولنا كبناء ومواقفنا‬ ‫ادلولية‪( .‬العتييب‪ ،2010 ،‬ص ‪)128-126‬‬
‫النطولوجية والبس متولوجية عن هذا العامل‪.‬‬ ‫ولكن عند البنائيني ا َّإن هذا التعريف مرفوض ومتدارك يف الوقت‬
‫وفق ًا للنظرية البنائية والقول لـ(نيكولس أونوف) فاإن "الفعل يأيت‬ ‫نفسه‪ ،‬وذكل ل َّن البنائية خمتلفة عن النظرايت العقالنية يف التعامل مع نتاجئ‬
‫قبل العامل وأ َّن العامل ليس معطى مس بق ًا بل إان ّه الفعل اذلي يصنع العامل"‪.‬‬ ‫ثقافة الفوىض‪ ،‬وميكن تلخيص رؤية البنائية بأهنا تستند عىل س ندين‬
‫)‪(Onuf, 1989, p.2‬‬ ‫أساس يني ميكن المتيزي بيهنام اكليت‪:‬‬
‫فالتفاعل بني العامل والفرد‪ ،‬أو الفرد واجملمتع‪ ،‬ومن أجل دراسة معلية‬ ‫أولً‪ :‬طبيعة الفوىض‪ :‬اإن تبين الواقعيني اجلدد للمهنج "املادي" و"الفردي"‬
‫التأثري املتبادل بيهنام جيب البدء من الوسط‪ ،‬أي من ألية التأثري بيهنام‪ ،‬وتكل‬ ‫يدفعهم اإىل القول بأ َّن الفوضوية يه ما جيعل من الس ياسة ادلولية ذات طبيعة‬
‫اللية يه "القواعد ‪ ،"Rules‬ويه متثل العبارة اليت توهجنا اإىل ما جيب أن‬ ‫رصاعية عىل الطريقة "الهوبزية"‪ ،‬وبشئ من احلمتية‪ ،‬أي أن َّه يف ظل هذه‬
‫نفعهل‪ ،‬ويف هذه احلاةل فاإن عبارة "ما هو اليشء اذلي يؤلف املعيار أو املقياس‬ ‫احلاةل تكون احلروب أمر ًا ممكن احلدوث دامئ ًا‪ ،‬وتعمل ادلول بشّك مس متر‬
‫اذلي جيب أن يفعهل الناس يف ظروف متشاهبة‪ ،‬ولكمة " جيب ‪"Should‬‬ ‫عىل تطوير قدراهتا املادية العسكرية للحفاظ عىل أمهنا وبقاهئا‪ .‬ولكن اإذا اكنت‬
‫يه اليت ختربان برضورة الالزتام ابلقاعدة‪ ،‬أو حتمل النتاجئ وقاعدة أخرى تطبق‬ ‫الفوىض من صنع ادلول كام تدعي البنائية‪ ،‬فس يكون لها أكرث من منطق‪،‬‬
‫خاصة حباةل عدم تطبيق القاعدة الوىل‪(Onuf, 1999, p.59) .‬‬ ‫فالفوىض حبد ذاهتا يه وعاء فارغ ليس هل منطق فطري حقيقي‪ ،‬فالفوضوايت‬
‫ميكن تعريف الهوايت‪ ،‬بأهنا يه أساس املصاحل‪ ،‬ما يعين أ َّن اجلهات‬ ‫تكتسب أكرث من منطق كنتيجة لمنط البنية اذلي نتصورها بداخلها‪.‬‬
‫الفاعةل "تعرف مصاحلها يف معلية تعريف املواقف"‪ .‬واملؤسسات يه مجموعات‬ ‫(ويندت‪ ،2006،‬ص ‪)346‬‬
‫أو هيألك ساكنة نسبي ًا من الهوايت واملصاحل‪ ،‬واليت عادة ما ترشع وتؤسس‬ ‫أي أ َّن البنائية تقدم تصور ًا مفاهميي ًا خمتلف ًا للمفهوم جاعةل منه مفهوم ًا ترتتب‬
‫عىل شّك قواعد أو معايري‪ ،‬ولكن ليس لها قوة حتفزيية مبقتىض تفاعل اجلهة‬ ‫عليه تعددية سلوكية خمتلفة عن تكل المنطية السلوكية اليت تقول هبا الواقعية‪،‬‬
‫الفاعةل اجامتعي ًا مع املعرفة امجلاعية ومشاركهتا فهيا‪ ،‬وتعد "املساعدة اذلاتية"‬ ‫فالبنائية ل ترفض الفوىض بقدر ما ترفض النظر اإلهيا عىل أهنَّ ا قوة مادية حبتة‬
‫يف حد ذاهتا مؤسسة مضن الفوىض ولكهنا ليست املؤسسة الوحيدة املمكنة‪،‬‬ ‫خالية من الفاكر واملعايري‪ ،‬ول ميكن تغيريها أو حتايش أاثرها‪(Sampson, .‬‬
‫حيث أن َّه ميكننا الإشارة اإىل أمثةل من النظمة المنية الكرث تعاونية‪ ،‬وعليه‪،‬‬ ‫)‪2002, p.429‬‬
‫فاإن السلطة واملؤسسات ليسا تفسريين متعارضني‪ ،‬كام يفرتض غالب ًا‪ ،‬ومن‬ ‫يرشح (تيد هوف) رؤية (ويندت) حول "غياب السلطة املركزية‬
‫أجل الانطالق من الهيّك اإىل الفعل –أو التطبيق‪ ،-‬مفن الرضوري مراعاة‬ ‫عن النظام ادلويل" بأهنَّ ا رؤية انجتة عن تفاعل اجامتعي أنتجته ممارسات قام‬
‫"هيّك الهوايت واملصاحل يف النظام‪ ،‬واذلي بين بطريقة "بينذاتية‬ ‫هبا الفاعلون يف النظام ادلويل واليت أثرت وتأثرت يف الوقت نفسه ببنية هذا‬
‫‪ "Intersubjective‬أو تفاعل أشخاص‪ ،‬واملعاين اليت تنظم من خاللها‬ ‫النظام‪ ،‬أي أ َّن رؤية ادلول لطبيعة النظام ادلويل والنتاجئ املرتتبة عىل هذه‬
‫الفعال‪ ،‬تنبع من معلية التفاعل‪(Wendt, 1992, p. 396-397) .‬‬ ‫الطبيعة يه نتاج معليات وعالقات اجامتعية بني الوحدات الفاعةل‪ ،‬ويه غالب ًا‬
‫وعليه ميكن القول بأن معلية التفاعل هممة ومركزية ابلنس بة للنظرية‬ ‫ادلول وتفاعلها مع بنية النظام ادلويل‪(Hopf, 1998, p.174) .‬‬
‫البنائية‪ ،‬لهنا تودل اإماكنية اإنتاج وإاعادة اإنتاج املواقف اخملتلفة بناء عىل أمناط‬
‫خمتلفة من التفاعل ابلإستناد اإىل هوايت الفاعلني وانعاكسها عىل كيفية تعريف‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫‪5‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫اإميانه بوجود مبادئ أخالقية حمددة ميكن تطبيقها عىل مجيع القضااي‪.‬‬ ‫املصاحل‪ .‬وتنشأ القواعد نتيجة التفاعل بني الفاعل والبنية وكيفية التوصل اإىل‬
‫حيث تتعاون ادلول مع بعضها البعض وحيث حتل مفاهمي أخرى مبنية‬ ‫صيغة معقوةل ومقبوةل للعالقة بني املثل واملصاحل وإانتاج هوية حمددة مضن‬
‫عىل "الهوية امجلعية ‪ "Common Identity‬حمل مفهوم (هوبز) القامئ‬ ‫ثقافة سائدة‪.‬‬
‫عىل "مساعدة‪-‬اذلات"‪ ،‬وحيث حيل التعاون احلقيقي حمل احلرب‬ ‫اثني ًا‪ :‬نتاجئ الفوىض‪ :‬حاولت البنائية اإدخال جانب اإجامتعي ثقايف هواييت‬
‫ادلامئة‪ ،‬كام يف منظومة مابعد ‪( .1945‬ويندت‪ ،2006 ،‬ص ‪)408‬‬ ‫معياري يف تعريف ووصف البنية ادلولية‪ ،‬وإاذا متت معلية مزج هذه اجلوانب‬
‫فالفوىض البنيوية يه حاةل متثل ثقاف ًة "هوبزية"‪ ،‬واعامتد تكل الثقافة‬ ‫واعادة تعريفها وفق ًا للصورة املتودلة مهنا مجيع ًا‪ ،‬فاإن الفوىض س تكون بنتاجئ‬
‫فقط يف وصف وتفسري الس ياسة ادلولية يه أحادية معرفية وقصور‬ ‫خمتلفة‪ ،‬حيث أهنَّ ا تنتقد الواقعية اجلديدة لإيعازها أ َّن بنية النظام ادلويل يه‬
‫أنطولويج من وهجة نظر البنائية‪ .‬فاعامتد "الهوبزية" يف البنية يه هتميش‬ ‫بنية فوضوية ل تتيح لفاعلهيا سوى مفاهمي وثقافات أمهها (مساعدة اذلات‬
‫ملنطقيات أخرى ليست أقل تأثري ًا من تكل املعمتدة من قبل الواقعية اجلديدة‪.‬‬ ‫‪ ،)Self-Help‬يف ظل (املعضةل المنية ‪ ،)Security Dilemma‬فالبنائية‬
‫ففي ظل وحمتية وجود ثقافة واحدة هوبزية‪ ،‬فاإن النتاجئ اليت تودلها تكل‬ ‫ل ترفض فوضوية النظام ادلويل‪ ،‬بل تطرح احامتليات اختالف طبيعة ونتاجئ‬
‫الثقافة يه لصيقة هبا يه فقط‪ ،‬ولكن اإذا مت اإعامتد قراءة الثقافات الخرى‬ ‫الفوىض ادلولية‪ ،‬اإذ هناك عىل القل ثالث ثقافات خمتلفة‪:‬‬
‫للفوىض‪ ،‬فاإن نتاجئها س تكون خمتلفة ابختالف الثقافة املعمتدة‪.‬‬ ‫أ‪ .‬الثقافة الهوبزية ‪ :Hobbesean View‬تتسم هذه الرؤية بأهنَّ ا تنسجم‬
‫وتتطابق مع رؤية الواقعية اجلديدة لبنية النظام ادلويل اذلي جيعل ادلول‬
‫املطلب الثاين‬ ‫تعيش يف حاةل من عدم الوضوح وخوف من تزايد قوة أي دوةل أخرى‪،‬‬
‫طبيعة التوهجات مابعد الوضعية يف النظرية البنائية‬ ‫وذلكل تسعى لك دوةل اإىل زايدة قوهتا اذلاتية اليت تقود اإىل نظام الاعامتد‬
‫عىل اذلات‪ ،‬وهذا يقود اإىل نوع من س باق التسلح وسلسةل من‬
‫يف أواخر مثانينات القرن العرشين‪ ،‬تضافر عامالن لهتميش التحليل‬ ‫الإجراءات املتتالية من الس ياسات اليت تقود اإىل حرب الّك ضد الّك‪.‬‬
‫اجملمتعي يف دراسات عمل العالقات ادلولية‪ .‬أما الول فاكن املادية الطاغية‬ ‫وهنا تفهم ادلول وتنظر اإىل بعضها البعض عىل أهنَّ ا أعداء‪ ،‬وحيث احلرب‬
‫للمنظورات الكربى‪ ،‬فبالنس بة للواقعيني اجلدد اكن احملدد السايس لسلوك‬ ‫والرصاع هام السلوك السائد‪ ،‬كام يف منظومة ماقبل ‪( .1648‬ويندت‪،‬‬
‫ادلول هو التوزيع السائد للقدرات املادية بني ادلول يف النظام العاملي‪ ،‬وهو‬ ‫‪ ،2006‬ص ‪)360‬‬
‫حمدد مينح ادلوةل حمفز ًا قو ًاي للبقاء‪ ،‬اذلي يقوده بدوره التنافس من أجل القوة‪،‬‬ ‫ب‪ .‬الثقافة اللوكية ‪ :Lockean View‬حتتل هذه الرؤية موقع الوسط بني‬
‫أما الليرباليون اجلدد‪ ،‬فبالرمغ من افرتاضهم أمهية املؤسسات ادلولية‪ ،‬فقد رأوا‬ ‫الرؤى الثالث‪ ،‬اإذ تستند اإىل الفلسفة الس ياس ية لـ(جون لوك)‪،‬‬
‫مصاحل ادلوةل‪ ،‬مادي ًة بصورة أساس ية‪ .‬أما العامل الثاين فقد اكن التصور‬ ‫وبدورها تعمتد عىل أفاكر (هيوغو غروش يوس ‪،)Hugo Gracious‬‬
‫العقالين السائد عن الفعل الإنساين اذلي تلخص يف السعي ابعتبارمه فاعلني‬ ‫اذلي يعد ادلوةل وحدة فاعةل مس تقةل يف ظل غياب السلطة املركزية‬
‫اسرتاتيجيني منعزلني اكذلرات يسعون وراء مصاحلهم اذلاتية‪ ،‬ومه بذا افرتضوا‬ ‫من النظام ادلويل‪ ،‬وهذه ادلول تتنافس وتتصارع من أجل حتقيق‬
‫لّك منطي ًا للعقالنية الداتية عند مجيع الفاعلني الس ياس يني‪ .‬وابجامتع هذان‬
‫ش ً‬ ‫مصاحلها‪ ،‬ولكن هذا التنافس يكون من خالل مجموعة من القواعد املتفق‬
‫العامالن أي مادية وعقالنية النظرايت السائدة‪ ،‬فقد مت هتميش اجلوانب‬ ‫علهيا بني ادلول‪ .‬وهنا تفهم ادلول وتنظر اإىل بعضها البعض عىل أهنَّ ا‬
‫الإجامتعية للحياة ادلولية‪ ،‬ما مل يمت اخزتال املسار الإجامتعي اإىل جمرد تنافس‬ ‫متنافسة‪ ،‬ولكهنا مع ذكل تلزتم مببدأ "عش ودع غريك يعش"‪ ،‬وتعرتف‬
‫اإسرتاتيجي يدفعه السعي وراء القوة‪( .‬مسيث‪ ،2006 ،‬ص ‪)344‬‬ ‫حبق لك مهنا يف البقاء‪ ،‬كام يف منظومة ودول ويس تفاليا بعد ‪.1648‬‬
‫تقدم البنائية نقد ًا للطبيعة الوضعية ملهنجية التيار الرئييس يف‬ ‫(ويندت‪ ،2006 ،‬ص ‪)385‬‬
‫العالقات ادلولية‪ ،‬اليت تعكس اجتاه ًا تغلب عليه الحادية املهنجية والفكرة‬ ‫ج‪ .‬الثقافة الاكنتية ‪ :Kantian View‬تعمتد هذه الرؤية عىل أفاكر‬
‫القائةل بأن العلوم الطبيعية والعلوم الاجامتعية يه من نوع واحد‪ .‬والنتاجئ (وفق ًا‬ ‫الفيلسوف الملاين (اإميانويل اكنت ‪ )Immanuel Kant‬اذلي رأى‬
‫للوضعية) تعد رشعية وحصيحة عندما تأيت عرب اإجراءات ووسائل حمددة‪.‬‬ ‫أ َّن النظام ادلويل يشّك جممتع ًا أو نظام ًا عاملي ًا فيه قمي مشرتكة مقبوةل‬
‫ووفق ًا للبنائية فاإن هذه الطريقة تزنع عن العمل هممته الوىل حبس بانه "منوذجا‬ ‫من الوحدات مجيعها‪ .‬والعامل باكمهل هو موطن ل إالنسانية فهو ل يرى أ َّن‬
‫للمعرفة ‪( ."Paradigm of Knowledge‬أمحد‪ ،2005 ،‬ص ‪)167‬‬ ‫غياب السلطة املركزية يعين الرصاع واحلياة يف حرب الّك ضد الّك‪.‬‬
‫من هنا ظهرت البنائية مستندة اإىل السس الفكرية القامئة عىل منوذج‬ ‫وهذه الرؤية تركز عىل وجود "نظام أخاليق عاملي" ويه تتخذ مفهوم ًا‬
‫ممتزي بذاته‪ ،‬س نقوم بدراسة السس اذلاتية لتكل الفلسفة من خالل تناول‬ ‫للطبيعة البرشية أكرث تفاؤ ًل‪ ،‬وإاجيابية‪ ،‬وميكن اعتباره عاملي ًا من حيث‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪6‬‬

‫يويل (ويندت) أمهية كبرية ابملعايري(‪ )Standards‬املس متدة من‬ ‫الساس الفكري ل إالدراك يف الفرع الول‪ ،‬وتناول اإجامتعية البىن أساس‬
‫القواعد (‪ ، )Rules‬فهيي تشّك أساس املعىن يف احلياة الاجامتعية‪ ،‬فالبنائية‬ ‫لمتاثل ادلول يف الفرع الثاين‪.‬‬
‫اليت يطرهحا تشدد عىل المهية الكبرية للقواعد ابلنس بة للواقع الاجامتعي‪،‬‬
‫فهيي اليت تنظم وتضبط سري العامل من مجيع نواحيه‪ ،‬ذلا فهو يركز عىل رضورة‬ ‫الفرع الول‬
‫الانطالق من القواعد‪ ،‬فالقاعدة ميكن تعريفها حبسب (ويندت) بـ"أهنا بيان‬ ‫فكرية املعايري أساس اختالف الإدرأاكت‬
‫أو مقوةل خترب الناس عام جيب أن يفعهل"‪(Zehfuss, 2002, p. 19) .‬‬ ‫شلكت املفاهمي املادية كـ(القوة واملصلحة واملؤسسات ادلولية) معظم‬
‫املشلكة للترصف وتكل القواعد لبد‬ ‫وهو بذكل يبني أمهية القواعد ّ‬ ‫النقاشات النظرية طيةل الفرتة اليت اكنت النظرايت العقالنية سائدة‪ .‬واحلقيقة‬
‫أن تكون فكرية‪ .‬ويف هذا السبيل ف إان ّنا نرى أ ّن (ويندت) يلوج يف فلسفة‬ ‫أ ّن املادية أنكرت عىل الفاكر واملعايري والقمي املشرتكة أن تمتتع مباكنة العةل‬
‫العمل يف كتاابته‪ ،‬فهو يرى أ ّن ما يرشحه يف العالقات ادلولية حيتاج اإىل‬ ‫الس ببية‪ ،‬واخزتلت العقالنية املسار الاجامتعي يف الاسرتاتيجية وجتاهلت‬
‫السانيد واملبربرات املثبتة علمي ًا‪ ،‬ل ّن فكرية القواعد والسس ل تتفق (عىل‬ ‫خصوصيات اجملمتع والهوية واملصاحل واملنافسة‪ .‬لكن البنائيني أعادوا البحث‬
‫القل) مع مادية السس اليت تقوم علهيا النظرايت العقالنية‪.‬‬ ‫السوس يولويج اإىل قلب عمل العالقات ادلولية‪ ،‬عن طريق اإعادة تصور املسار‬
‫شلكه الواقعيون‬ ‫يرى (ويندت) بأ ّن (الإجامع املادي) اذلي ً‬ ‫الاجامتعي ابعتباره جما ًل تأسيس ي ًا للقمي واملامرسات‪ ،‬وعن طريق تسكني‬
‫والليرباليون‪ ،‬أدى اإىل حتول مفاهميها اإىل اإشاكلية‪ ،‬وليست مسلامت‪ ،‬مما أدى‬ ‫الهوايت واملصاحل الفردية يف ذكل اجملال‪( .‬مسيث‪ ،2006 ،‬ص ‪)345‬‬
‫اإىل تشكيل رؤى خمتلفة قامئة عىل الاهامتم بـالفاكر ا ً‬
‫إبتداء من‬ ‫وخيتلف البنائيون عن العقالنيني يف تصوراهتم للمنطق املهمين اذلي‬
‫(س نايدر ‪ Snyder‬وبريك ‪ Bruke‬وسابني ‪ ،)Sapin‬اذلين بدؤوا مرشوع ًا‬ ‫حيمك سلواكت ونشاطات الفواعل أو الوالكء‪ ،‬فاذا اكن العقالنيون يعرفون‬
‫حبثي ًا حول ادلور اذلي تؤديه نظم املعتقدات والقناعات والإدرأاكت يف صناعة‬ ‫السلوك ابلعتبارات املادية البحتة‪ ،‬فان البنائيني يرون أ ّن السلوك حمكوم‬
‫القرار يف الس ياسة اخلارجية‪ .‬وقد تطور هذا املرشوع بشّك كبري‪ ،‬ابإضافات‬ ‫ابلإعتبارات املثالية والقميية‪ ،‬فادلول يف سلواكهتا دامئ ًا ما تبحث عن التطابق‬
‫تنظريية متعددة حول الهوية‪ ،‬واليديولوجيات‪ ،‬والثقافة والفاكر‪ .‬مبعىن أخر‪،‬‬ ‫بني سلوكها ومربرات رشعنته‪ .‬علامً أ ّن هذا الطرح البنايئ ل يدل عىل رفض‬
‫حتولت مفاهمي الاجتاه السائد ذاهتا متثل اإشاكلية‪ ،‬ومل تعد تؤخذ عىل أهنا‬ ‫املادية رفض ًا اتم ًا‪ ،‬ولكهنم يقرتحون العودة اإىل البىن واملعاين املشرتكة بيهنا‪،‬‬
‫مسلامت يف نظرية العالقات ادلولية‪ ،‬وأصبح العلامء املاديون يواهجون معلية‬ ‫واليت عىل أساسها تدرك وتفهم هذه الترصفات‪ ،‬فاإىل جانب املدلول املادي‬
‫اإحياء مثالية تمتثل يف مواهجة السؤال التايل "ما هو الفرق اذلي ميكن أن‬ ‫للظواهر توجد مدلولت معنوية وفكرية وقميية تؤثر عىل اإدراكها وفهمها‪،‬‬
‫ُحتدثه الفاكر؟" يف الس ياسة ادلولية‪( .‬ويندت‪ ،2006 ،‬ص‪).140-139‬‬ ‫وبدوهنا يكون الإدراك املادي انقص ًا‪(Philips, 2007, p. 63) .‬‬
‫يدَّعي (ويندت) بأنه يف اإماكن البنائية أن تكون مبثابة جرس يربط‬ ‫واحلقيقة أ ّن السؤال اذلي يتبادر اإىل اذلهن هو عن جدوى اإس ناد‬
‫الفجوة بني املناجه الوضعية ومابعد الوضعية يف العالقات ادلولية‪ .‬فهيي من‬ ‫السس اإىل الفكر أو املثالية‪ ،‬ل املادية؟ مفا يه احلمكة من أن تكون أسس‬
‫انحية تشرتك مع الواقعية والليربالية يف السامت الساس ية للس ياسات العاملية‪،‬‬ ‫القوة واملصلحة (مث ًال) فكرية أم ل؟‬
‫وهذا هو اجلانب الوضعي اذلي يتبناه‪ ،‬وهيمت من انحية أخرى هبوية الفواعل‬ ‫حياول (ألكساندر ويندت) الإجابة عىل هذا السؤال يف كتابه‬
‫والطريقة اليت يتشّك هبا سلوكهم وأفعاهلم‪ ،‬وهذا اجلانب من املوضوعات‬ ‫(النظرية الاجامتعية للس ياسة ادلولية) بقوهل "اإن كثري ًا من القدرة الظاهرة‬
‫الساس ية يف مدخل مابعد الوضعية‪( .‬فرج‪ ،2007 ،‬ص ‪)431‬‬ ‫للرشوحات املادية اإمنا هو يف احلقيقة معمتد عىل وجود مسلامت مغمورة أو‬
‫فالبنائيون يعيبون عىل املنفعيني ويف مقدمهتم الليرباليني اجلدد نظرهتم‬ ‫مضنية عن حمتوى الفاكر وتوزيعها‪ .‬فالفكرة الاساس ية هنا يه أ ّن معىن‬
‫"الفردية" للفاكر واملعتقدات‪ ،‬وذكل حني أحلقوها ابلفراد وأخرجوها من‬ ‫القوة‪ ،‬وحمتوى املصاحل اإمنا هام من معل الفاكر وليسا ذاتيني‪ .‬فاإذا اكن احلال‬
‫دائرة الفعل امجلاعي‪ ،‬حيث قالوا بأ ّن طبيعة ادلول وهوايهتا يه حمددة سلف ًا‬ ‫كذكل‪ ،‬فاإننا ل نس تطيع أن ّنقمي نتاجئ املادية عىل أهنا هبذا الشّك إالّ بعد أ ْن‬
‫كاكئنات عقالنية ومنفعية تسعى دامئ ًا اإىل املزيد من الرثوة‪ ،‬والرفاه‬ ‫نوحض الرشوط املثالية (الفاكر) لرشوحات القوة واملصلحة ونعرفه"‪.‬‬
‫بناء اجامتعي ًا ينتج التفاعل‬
‫الاقتصادي‪ ،‬بيامن ينظر البنائيون للفاكر فوصفها ً‬ ‫(ويندت‪ ،2006 ،‬ص ‪)144‬‬
‫املس متر واملتبادل بني الفراد‪ ،‬واذلي ينتج بدوره مايسمى ابلفاكر امجلعية‬ ‫ا ّإن ما يقصده (ويندت)‪ ،‬هنا هو أ ّن ما مت حبثه عن القوة واملصلحة‬
‫املشرتكة أو مايعربون عنه بـ"القصد أو الفهم امجلاعي"‪ ،‬واذلي يعمتد عىل‬ ‫واملؤسسات مل يكمتل‪ ،‬فالصول احلقيقية للسس املادية احملركة للعالقات‬
‫املامرسة الاجامتعية اليت ميكهنا أ ْن تعيد اإنتاج هذا الفهم‪( .‬أمحد‪ ،2005 ،‬ص‬ ‫ادلولية يه ليست مادي ًة بدورها‪ ،‬بل يه معنوية أو فكرية‪.‬‬
‫‪)176‬‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫‪7‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫عىل هوايهتا الاجامتعية‪ ،‬أي كيف تنظر ادلول اإىل نفسها مقاب ًةل ابدلول‬ ‫فالبحث عن املصلحة ل ميكن أن يوجد بصورة معزوةل عن التأثري‬
‫الخرى يف اجملمتع ادلويل‪ ،‬اإذ تقوم ادلول ببناء مصاحلها الوطنية عىل أساس‬ ‫والتأثُر الاجامتعي‪ ،‬مفا أمهية اإمتالك شئ معني ا ْإن مل يمت قياسه من جانب‪،‬‬
‫هذه الهوايت‪ .‬ويوافق البنائيون عىل أن الفوىض يه مزية النظام ادلويل‪،‬‬ ‫ومن جانب أخر فاإن الاختيار الاجامتعي لن يمت مامل حتتك الصفات اذلاتية‬
‫لكهنم يرون أهنا ل تعين شيئ ًا يف حد ذاهتا ل ّن هناك اختالف بني الفوىض‬ ‫ذلات منا ِفسة‪.‬‬
‫بعنارص أخرى يف اطار ماميكن اعتباره فوز ًا ٍ‬
‫النامجة عن الاصدقاء اختالف ًا كبري ًا عن تكل النامجة عن العداء‪ ،‬ابلرمغ من‬
‫أ ّن الثنتني ممكنتان‪ ،‬فاملهم هو أ ّن تنوع البىن الاجامتعية ممكن يف ضل‬ ‫الفرع الثاين‬
‫الفوىض‪ .‬فقد تكون لدلوةل هوايت اإجامتعية خمتلفة‪ ،‬تعاونية أو تنازعية وأ ّن‬ ‫البىن الإجامتعية أساس لعدم متاثل ادلول‬
‫مصاحلها تتنوع وفق ًا لها‪( .‬غريفتش‪ ،‬وأوالكهان‪ ،2008 ،‬ص ‪)109‬‬ ‫قام البنائيون نتسليط الضوء عىل عدة أفاكر رئيس ية فامي يتعلق بأمهية‬
‫يرى (ويندت) بأننا نبالغ يف الافرتاض اإذا كنّا نفكر بأ ّن ادلول دلهيا‬ ‫البنية الإجامتعية يف الس ياسة والس ياسة ادلولية‪ ،‬وقد جسلت (اكرين ماري‬
‫مصاحل قامئة قبل التفاعل‪ .‬فال يوجد ما يسمى مبعضةل أمنية تلقائية لدلول‪ ،‬ا ّإن‬ ‫فريك) أمهها يف ثالث نقاط أساس ية‪ ،‬ميكن تلخيصها يف‪( :‬فريك‪،2016 ،‬‬
‫مثل هذا الادعاء أو ذكل اذلي يقول‪ :‬ا ّإن ادلول يه يف وضع الفراد يف مثل‬ ‫الصفحات ‪)435-433‬‬
‫"صيد الوعول" الشهري لـ(روسو) يفرتض مس بق ًا أ ّن ادلول قد حصلت عىل‬ ‫أو ًل‪ :‬اإن فكرة البناء الاجامتعي تقرتح وجود اختالف عرب الس ياق بد ًل من‬
‫مصاحل أاننية وهوايت قبل معليات تفاعلها‪ ،‬وبد ًل من ذكل فان املساعدة‬ ‫وجود واقع موضوعي منفرد‪ .‬فالنظرايت التقليدية يف العالقات ادلولية‪ ،‬غالب ًا‬
‫اذلاتية ل تظهر إالّ من جراء التفاعل بني ادلول‪( .‬مسيث‪ ،2004 ،‬ص‪)396‬‬ ‫ما اإفرتضت متاثل ادلول‪ ،‬عرب الزمان واملاكن‪ ،‬أما التغيريات اليت ظهرت مع‬
‫ا ّإن القبول التلقايئ ملفاهمي املعايري والقمي والقواعد الاجامتعية جيب أل‬ ‫هناية احلرب الباردة‪ ،‬فقد كشفت عن أمهية الس ياق التأرخيي وأاثرت‬
‫يعمي الباحث الاجامتعي عن حقيقة كون أ ًاي من هذه املفاهمي موصل بواسطة‬ ‫تسأولت عن الانتقال من الرصاع اإىل التعاون أو التحول من السالم اإىل‬
‫معلية تفاعل اجامتعي معلية رضورية ليس لتغيري هذه املفاهمي فقط ولكن‬ ‫احلرب‪.‬‬
‫بنفس القدر رضورية من أجل الإبقاء علهيا يف صيغة اثبتة‪ .‬فالعملية الاجامتعية‬ ‫اثني ًا‪ :‬أكد البنائيون عىل البعاد الإجامتعية للعالقات ادلولية‪ ،‬وأظهروا أمهية‬
‫يف حياة امجلاعة يه اليت ختلق القواعد‪ ،‬وحتافظ علهيا‪ ،‬وليست القواعد يه‬ ‫املعايري‪ ،‬والقواعد‪ ،‬واللغة عىل هذا املس توى‪ .‬أما أمهية أفاكر غورابتشوف‬
‫اليت ختلق حياة امجلاعة وحتافظ علهيا‪( .‬ويندت‪ ،2006 ،‬ص ‪)262‬‬ ‫يف وضع ح ّد للحرب الباردة‪ ،‬وازدايد أمهية معايري التدخل الإنساين‪ ،‬وانتشار‬
‫هيمت البنائيون ابلعالقة بني الهيّك الفردي والهيّك الاجامتعي‪ ،‬لكهنم‬ ‫القمي ادلميقراطية الليربالية‪ ،‬فقد أدّت اإىل اإاثرة تساؤلت نقدية حول تأكيد‬
‫يركزون كذكل عىل دور املعايري وطرق الادراك املشرتك للسلوك املرشوع‪،‬‬ ‫الواقعية حرص ًاي عىل املصلحة املادية والقوة‪ .‬وقد شدّد البنائيون عىل أهنّ م‬
‫فالهيألك لتقوم ابلتقييد حفسب‪ ،‬وإانّام تقوم أيض ًا بتشكيل هوية اجلهات الفاعةل‪.‬‬ ‫سعوا اإىل اإعطاء تفسري "أفضل"‪ ،‬مبين عىل حتليل للكيفية اليت جتمتع فهيا‬
‫فالفراد يف البنائية يوهجهم "منطق املالمئة" أي أ ّن ماهو عقالين هو حمصةل‬ ‫العوامل املادية مع العوامل الفكرية يف بناء خمرجات خمتلفة‪.‬‬
‫للرشعية‪ ،‬كام يعرف من خالل القمي واملعايري املشرتكة مضن املؤسسات أو‬ ‫اثلث ًا‪ :‬حاجج البنائيون بأن الس ياسة ادلولية‪ ،‬وبعيد ًا من الواقع املوضوعي‪ ،‬يه‬
‫الهيألك الاجامتعية الخرى‪ .‬ل ّن اذلات‪ ،‬وفق ًا لهذا املنطق تصبح اجامتعية من‬ ‫"عامل من صنعنا"‪ .‬ورد ًا عىل كرثة حمددات "البناء" يف النظرية الواقعية‬
‫خالل اكتساهبا هوية مؤسس ية وحتقيقها‪ ،‬مفث ًال ليست الاعتبارات املتعلقة‬ ‫اجلديدة والليربالية اجلديدة‪ ،‬قدّم البنائيون احامتل "الفاعلية ‪"Agency‬‬
‫ابلقوة يه السبب اذلي جيعل من معايري حقوق الانسان مقيدة‪ ،‬بل إان ّه كوهنا‬ ‫وشدّدوا عىل معليات التفاعل‪ .‬ول يعين ذكل أ ّن دلى اجلهات الفاعةل حرية‬
‫من اخلاصيات التأسيس ية لدلول ادلميقراطية‪ ،‬ويه تصبح أيض ًا مك ِونة لإدراك‬ ‫اتمة يف اختيار ظروفها‪ ،‬بل اإهنّ ا تتخذ خيارات أثناء معلية تفاعلها مع الاخرين‪،‬‬
‫ادلوةل عىل املس توى ادلويل‪( .‬فريك‪ ،2016 ،‬ص ‪)438-437‬‬ ‫ونتيجة ذلكل‪ ،‬فاإهنّ ا جتلب اإىل الوجود "وقائع" ممتزية تأرخيي ًا‪ ،‬وثقافي ًا‪،‬‬
‫ويف س ياق التوهجات مابعد الوضعية للبنائية حيسب لها مساعدهتا‬ ‫وس ياس ي ًا‪.‬‬
‫عىل اإعادة تنش يط التنظري القميي يف العالقات ادلولية‪ .‬ومل يكن ذكل بسبب‬ ‫ا ّإن الظواهر الاجامتعية مثل (ادلول والتحالفات واملؤسسات ادلولية)‬
‫أهنم اس تغرقوا يف التأمل الفلسفي حول طبيعة اخلري والرش‪ ،‬وهو مرشوع‬ ‫ويه املواضيع امجلاعية للعالقات ادلولية‪ ،‬قد ت َبين عىل املادة الساس اليت‬
‫اكتسب دفعة قوية مر ًة اخرى بسبب تعدد الزمات الخالقية اليت تودلت‬ ‫يه الطبيعة الإنسانية‪ ،‬ولكهنا تأخذ أشاك ًل تأرخيية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬وس ياس ية معينة‬
‫عن هناية احلرب الباردة ومسرية العوملة‪ .‬لكن البنائيني كشفوا ضعف القوة‬ ‫يه نتاج التفاعل البرشي يف عامل اجامتعي‪ .‬فادلول تمتتع هبوية مؤسس ية تودل‬
‫التفسريية للزنعة الشكية القامئة عىل املادة‪ ،‬والقامئة عىل اإعالء شأن احلساابت‬ ‫أهدافها الرئيس ية اكلمن املادي والاس تقرار والاعرتاف من جانب الخرين‬
‫العسكرية والرثوة‪ .‬ورمغ أ ّن تكل املثالية الإمربيقية اليت قدمهتا البنائية لتقدم‬ ‫والتمنية الاقتصادية‪ .‬ومع ذكل تعمتد الطريقة اليت حتقق عربها ادلول أهدافها‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪8‬‬

‫بشّك مس تقل عن الإنسان والعوامل اجملمتعية‪ ،‬ويه يف هذا تبدو يف قلب‬ ‫اإجاابت للس ئةل اليت طرهحا منظرو الخالق ادلولية‪ ،‬لكهنا تسهم يف تطور‬
‫النظرايت ما بعد الوضعية (أنطولوجي ًا)‪ ،‬أما خبصوص اإعرتافها ابلفوىض‬ ‫التنظري الخاليق ذي توجه فكري وأكرث فلسفية‪ .‬وذكل بوس يلتني‪ :‬الوىل‪،‬‬
‫ادلولية‪ ،‬وادلوةل كفاعل أسايس فهيي هبذا تقرتب من العقالنية (أبس متولوجي ًا)‪،‬‬ ‫يه اإضفاء الرشعية عىل هكذا نوع من التنظري وإاماكنية حدوث تغيري دويل‬
‫ومبا أ ّن البنائية ترى القيام مبهام املرحةل البينية نظر ًاي ومعلي ًا يه مسأةل رضورية‬ ‫تقوده الفاكر‪ .‬والثانية‪ :‬يه املساعدة يف توضيح ديناميات ومياكنزيمات هذا‬
‫(ميثودولوجي ًا)‪.‬‬ ‫التغيري‪( .‬مسيث‪ ،2006 ،‬ص ‪)347-346‬‬
‫ومبا أ ّن ا إلبستميولوجيا متعلقة ابإماكنية أن تكون لنا معرفة موضوعية‬ ‫ومن النقاط املهمة‪ ،‬اإاثرة مسأةل الهوية النظرية العاملية للبنائية‪،‬‬
‫عن البىن اخلارجية‪ ،‬أم ل‪ ،‬فا ّإن البنائية تقر ابملرشوع العلمي املبين عىل‬ ‫فالواقعية والليربالية تدعيان مشوهلام ادلويل‪ ،‬ولكن فامي خيص التطبيق فاهنام‬
‫تكذيب النظرايت يف مقابل الشواهد والدةل الإمربيقية‪ ،‬وهو ما يقول عنه‬ ‫أمريكيتان ابإمتياز‪ .‬حيث يرى (ريتشارد نيد ليبو) "أنه سواء منوذهجام املعريف‪،‬‬
‫(ويندت) "أ ّن العلامء‪ ،‬وليس الفالسفة مه من يقررون يف الهناية ماهو علمي"‪.‬‬ ‫أو جمالهتام ليست أكرث دولية من لعبة البيس بول المريكية‪ .‬وابلرمغ من وجود‬
‫)‪(Wendt, 1995, p. 75‬‬ ‫أاكدمييني منترشين حول العامل ينمتون للجانب الواقعي أو الليربايل‪ ،‬اإل أ ّن‬
‫للتقرب من الوضعية العلمية‪ ،‬وهذا‬ ‫ويف هذا القول حماوةل رصحية ّ‬ ‫وجود املبادئ والسانيد النظرية يه خاصة ابلمريكيني حىت وإا ْن اكن يف‬
‫التقرب يؤهل البنائية اإىل أن تكون نظرية الرض الوسطى بني الوضعيني‬ ‫ّ‬ ‫ضل وجود أعضاء أوروبيني مغروسني يف التنظري المرييك‪ ،‬فاإن ذكل ل‬
‫ومابعد الوضعيني‪ ،‬حيث أ ّن البنائيني يقرون ابلوجود املوضوعي للبىن‬ ‫ينفي اإنامتء افرتاضاهتم الساس ية وبناهئم الابس متولويج للمريكيني‪ .‬وممّا يعزز‬
‫الاجامتعية واذلي يقابل وجود الفراد كحقائق اإجامتعية خارجية عن البىن‪.‬‬ ‫الوجود العاملي للبنائية‪ ،‬فهو مضهم الربيطانيني‪ ،‬والمريكيني‪ ،‬وكذكل املنظرين‬
‫ومن جانب أخر‪ ،‬تمتزي البنائية ابإعرتاف رصحي فامي خيص مسأةل‬ ‫الوروبيني أيض ًا"‪(Lebow, 2016, p. 61) .‬‬
‫املابعدايت فهيا‪ ،‬فهيي تعي عدم اإس تقاللها عن النظرايت الوضعية املمتثةل مضن‬ ‫بناء‬
‫والواحض أ ّن صفة العاملية اليت حياول البعض اإحلاقها ابلبنائية يه ً‬
‫النظرايت العقالنية يف العالقات ادلولية (الواقعية اجلديدة والليربالية اجلديدة)‬ ‫عىل اإفرتاضني‪ ،‬الول‪ :‬هو وجود املبادي النظرية واملتغريات املعرفية اليت‬
‫بشّك اكمل وقطعي‪ ،‬وهو ما دعا اإىل تسميهتا جبرس نظري للربط بني‬ ‫ٍ‬ ‫تشمل من مه ليسوا يف بؤرة س ياسات القوة‪ ،‬واملصلحة اليت تستند اإلهيا‬
‫العقالنيني والتأمليني‪ ،‬وذكل لهنا تش متل عىل أبعاد أنطولوجية بسامت مابعد‬ ‫الواقعية والليربالية‪ ،‬وهذه ميكن أن تكون الثقافة‪ ،‬والإدراك الثقايف لم ٍة ما‬
‫وضعية‪ ،‬وفهيي تضم اإسهامات أبستميولوجية بروح وضعية يف بعض احلالت‪.‬‬ ‫همام اكن موقعها من س ياسات القوة املصلحة الغربية‪ .‬أما الثاين‪ :‬فهو وجود‬
‫يرشح (ويندت) هذا التوجه البيين يف البنائية بدعوته اإىل رضورة‬ ‫منظرين ل ينمتون اإىل املدارس المريكية‪.‬‬
‫بناء جرس بني التقليدين (العقالين والتأميل) من خالل تطوير جحة تفسريية‪،‬‬
‫بد ًل من الإدعاء الليربايل القائل أ ّن بوسع املؤسسات ادلولية حتويل هوايت‬ ‫الفرع الثالث‬
‫ادلول ومصاحلها‪ ،‬ميكن أ ْن تكون اإسرتاتيجية البنائية يه بناء ذكل اجلرس عن‬ ‫البنائية وجرس الهوة بني العقالنيني والتأمليني‬
‫طريق اجملادةل ضد الواقعية اجلديدة بأ ّن املساعدة اذلاتية ل تعطى من قبل‬ ‫تنمتي البنائية اإىل مرحةل النقاش الرابع يف العالقات ادلولية‪ ،‬فهيي من‬
‫البنية الفوضوية مبعزل عن العملية‪ ،‬وإا ّن املساعدة اذلاتية وس ياسة القوة ل‬ ‫النظرايت مابعد الوضعية ولكن ميكن اعتبارها نظرية للتقريب ما بني‬
‫تنجامن منطقي ًا أو عفو ًاي من الفوىض‪ ،‬وإاذا كنّا اليوم جند أنفس نا يف عامل‬ ‫النظرايت العقالنية والتأملية‪ ،‬وابلرمغ من أ ّن مفاهميها عن طبيعة العالقات‬
‫املساعدة اذلاتية فا ّإن هذا يعود اإىل العملية ل اإىل البنية‪ .‬فال يوجد منطق‬ ‫ادلولية يف احلقبة مابعد الوضعية ليست جديد ًة لكي ًا فهيي تعود اإىل املفاهمي‬
‫للفوىض مبعزل عن املامرسات اليت توجد وتعطي صفة فورية لبنية من الهوايت‬ ‫الـ"هيغلية" يف الفكر الس يايس‪ ،‬اإل أ ّن إاس متدادها من الفكر وربطه‬
‫واملصاحل بد ًل من بنة أخرى‪ ،‬وليس للبنية وجود أو قوى عرضية طارئة يف‬ ‫ابلعالقات ادلولية مكحاوةل للتفسري والتحليل من هجة‪ ،‬واس تثنائيهتا الفكرية‬
‫معزل عن العملية‪ .‬اإن املساعدة اذلاتية وس ياسة القوة مؤسس تان وليس تا‬ ‫واعامتدها عىل السس الصيةل اليت حترك العالقات ادلولية من هجة أخرى‬
‫مستني أساس يتني للفوىض‪( .‬مسيث‪ ،2004 ،‬ص ‪)398‬‬ ‫همد لإعتبارها مرحشة قوية لإعطاء الإجاابت اجلذرية عىل الحداث القامئة يف‬
‫النظرية والواقع ادلويل‪.‬‬
‫من هنا وقعت عىل عاتق البنائية مسأةل التوفيق بني البعاد العقالنية‬
‫وإاجياد البينية النظرية اليت تكفل تقارب النظرايت العقالنية من هجة ومابعد‬
‫الوضعية من هجة أخرى‪ .‬وذكل بفعل مجموعة من العوامل النطولوجية‬
‫وا إلبستميولوجية وامليثودولوجية‪ ،‬فهيي ترفض أن يكون التعامل مع الواقع‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫‪9‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫واللوكية والاكنتية)‪ .‬واثني ًا‪ :‬الإعرتاف‪ :‬حيث أ ّن نتيجة سعي الفراد وامجلاعات‬ ‫املطلب الثالث‬
‫للحصول عىل الإعرتاف هبم فا ّإن النظام سيتطور ويتغري نتيجة عدم الإس تقرار‬ ‫النظرية البنائية وحمتية دوةل العامل‬
‫يف املرحةل الوىل حنو مرحةل أخرى‪ ،‬وهذه السس يه اليت طرهحا (هيغل)‬
‫مضن "رصاع الضداد " و"الإعرتاف"‪.‬‬ ‫يطرح (جون مريشامير) مخس فرضيات للواقعية اجلديدة‪ ،‬ويه‪:‬‬
‫اإذا اكن من املمكن الإفرتاض أن النظام ادلويل يتحرك من حاةل اإىل‬ ‫أو ًل‪ :‬النظام ادلويل هو فوضوي‪ .‬اثني ًا‪ :‬أ ّن لدلول قابليات جهومية‪ ،‬اثلث ًا‪ :‬عدم‬
‫أخرى‪ ،‬فاإىل أية مرح ٍةل هنائية يتوجه النظام ادلويل؟ وما يه الليات املتبعة؟‬ ‫التأكد من نوااي ادلول الخرى‪ ،‬رابع ًا‪ :‬رغبة ادلول يف البقاء‪ ،‬وخامس ًا‪ :‬عقالنية‬
‫وجييب (ويندت) بأن ّه هناك ثالث صور هنائية‪ ،‬ويه‪(Wendt, 2003, :‬‬ ‫ادلول يف تفكريها وسلوكها‪ .‬ويقوم (ويندت) مبناقشة هذه الفرضيات ويطرح‬
‫)‪p. 492-494‬‬ ‫فرضيتني اإضافيتني ويه أو ًل‪ :‬الإلزتام املهنجي بكون ادلول يه وحدة التحليل‪،‬‬
‫الصورة الوىل‪ :‬صورة الفيدرالية السلمية العاملية املكونة من ادلول‬ ‫واثني ًا‪ :‬أمهية التنظري املمهنج عىل املس توى النظايم ادلويل‪(Wendt, .‬‬
‫ادلميقراطية‪ ،‬كام حدده (اكنت)‪ .‬والرصاع هنا هو ما ميكن أ ْن خيلق‬ ‫)‪1995, p. 72‬‬
‫"الإختالطية غري الاجامتعية ‪ ،"Unsociable sociability‬أي أنه ابلرمغ‬ ‫يرى (ويندت) أ ّن الواقعية اجلديدة البنيوية يه ليست بنيوي ًة مبا يكفي‬
‫من الوجود امجلاعي لدلول فا ّإن ذكل لن خيلق دلهيا الهوية امجلاعية‪ .‬وستُبقي‬ ‫أو اإهنّ ا ليست متصةل ابلهيّك ابلصورة املطلوبة‪ .‬فالتصور املفاهميي اذلي تقدمه‬
‫ادلول عىل س يادهتا‪.‬‬ ‫الواقعية اجلديدة للفوضوية ادلولية‪ ،‬وكوهنا بنية مادية رصفة وخالية من أي‬
‫الصورة الثانية‪ :‬صورة العامل الواقعي "من النظرية الواقعية" اذلي تصارع فيه‬ ‫حمتوى ثقايف أو اإجامتعي‪ ،‬يبدو عاجز ًا عن رشح اإماكنية التغيري يف الس ياسة‬
‫ادلول القومية للحصول عىل الإعرتاف‪ ،‬كام حدده (هيغل‪ .‬وهنا احلرب يه‬ ‫ادلولية‪ .‬وهو ما تداركه (ويندت) يف أطروحته عن حمتية دوةل العامل ( ‪Why‬‬
‫الإحامتل الكرث قوة‪ .‬أما الرصاع فهو للحصول عىل اعرتاف يُمكّن ادلول‬ ‫‪ .)a World State is Inevitable‬وحيث أ ّن فشل الواقعية اجلديدة يف‬
‫احلصول عىل الإعرتاف اذلي س يخلق التحول من الهوية اذلاتية لدلول حنو‬ ‫التنبؤ ابهنيار بنية احلرب الباردة بوصفه دلي ًال قو ًاي عىل جعزها عن رشح‬
‫هوية جامعية‪.‬‬ ‫التغيري‪ ،‬ويف ذكل يذهب لك من (اكتزينش تني) و (ويندت) اإىل القول بأنه‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬صورة نشوء دوةل العامل‪ ،‬حيث يرى (ويندت) بأ ّن التطور‬ ‫متغري بشّك يريع وبني عامل الواقعية اجلديدة اجلامد‪.‬‬ ‫تناقض ظاهر بني عامل ّ‬
‫التكنولويج سيسهل مامل يمتكن ل (اكنت) ول (هيغل) من أخذه يف‬ ‫)‪(Katzenstein, 1989, p. 291‬‬
‫احلس بان‪ ،‬أي اإماكنية تسهيل التواصل عرب ادلول‪ ،‬وتسخري التكنولوجيا لهذا‬ ‫ينتقد (ويندت) قائ ًال‪" :‬فاذا اكنت احلرب الباردة يه س ند الواقعية‬
‫الغرض أكرث من تسخريها للحصول عىل ترسانة عسكرية مغزاها وجود معضةل‬ ‫اجلديدة فا ّإن تكل احلرب اكنت واقع ًا وحقيق ًة لنا ولـ(مريشاميري) عىل حد‬
‫أمنية حتاول ادلوةل الس يطرة علهيا‪ ،‬وابلتايل اإنتاج فوىض ملكفة ماد ًاي يف بنية‬ ‫سواء"‪(Wendt, 1995, p. 75) .‬‬
‫النظام ادلويل‪.‬‬ ‫فكيف ميكن التحليل استناد ًا اإىل وجودها واس متراريهتا كام يف الواقعية‬
‫وابلتايل فا ّإن من املمكن القول أ ّن الرصاع بني ادلول س ينتج "دوةل‬ ‫اجلديدة‪ ،‬ولكن يف ذات الوقت التحليل استناد ًا اإىل اإغفالها كام تهتم بذكل‬
‫العامل"‪ .‬وذكل اعامتد ًا عىل العواقب الاكرثية اليت ميكن أ ْن حيدهثا الرصاع من‬ ‫البنائية‪ ،‬فالواقع ادلويل ل ميكن حرصه يف اإطار حمدد أو نظرية واحدة‪ .‬حيث‬
‫أجل البقاء‪ ،‬وما ميكن أ ْن ختلقه مسأةل التطور التكنولويج‪ ،‬ويف ظل أخذ‬ ‫ل ميكن الإستبقاء عىل الإدعاءات الواقعية من نفس املنطلقات اإىل عني‬
‫هذين العاملني بنظر الإعتبار فا ّإن النظام ادلويل سيتطور من مرحةل اإىل‬ ‫الهناايت وبصورة مس مترة‪ .‬بل جيب توضيح ما ميكن أ ْن حيمهل واقع معني من‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫رشوط تغيريه‪ ،‬وتوهجه اإىل حاةل قد تكون هنائية‪ ،‬فالنظام مييل اإىل التطور‬
‫وحيدد (ويندت) مخس مراحل أساس ية‪ ،‬يبني فهيا تطور من نظام‬ ‫حنو حاةل هنائية ومرحةل أخرية ومس تقرة‪ .‬وهذه القراءة اخملتلفة طورها‬
‫ادلول اإىل دوةل العامل‪ ،‬اكليت‪:‬‬ ‫(ويندت) فالبنائية كنظرية ميكهنا حتليل التغيري والإس تقرار يف النظام ادلويل‪.‬‬
‫املرحةل الوىل‪ :‬نظام ادلول ‪ :System of States‬ويه مرحةل الال اإعرتاف‬ ‫وهبذا ميكن القول أ ّن (ويندت) قد حاول توجيه النظرية البنائية حنو تأسيس‬
‫اللكي‪ ،‬أي مرحةل "حرب الّك ضد الّك" كام يسمهيا (هوبز)‪ ،‬ويشرتط فهيا‬ ‫مفاهمي التغيري ادلويل واماكنية وألية حصولها‪ ،‬من جانب‪ ،‬والرتكزي عىل املعايري‬
‫حتقق ثالثة رشوط خارجية يه‪ ،‬حقيقة وجود دول ميكهنا أن تتفاعل خارجي ًا‪،‬‬ ‫ادلولية اخلاصة ابلبنية ادلولية من جانب أخر‪ ،‬وذكل اعامتد ًا عىل الإنتقادين‬
‫وحقيقة غياب أليات لفرض التعاون بني تكل ادلول‪ ،‬والإعتقاد املشرتك بأهنم‬ ‫الساس يني الذليَن وهجهام (ويندت) للواقعية اجلديدة‪.‬‬
‫"أعداء"‪ ،‬وهنا سيمت الرتكزي عىل طبيعة سلوكهم جتاه بعضهم البعض‪ ،‬وذكل‬ ‫يستند (ويندت) يف أطروحته عن "حمتية ادلوةل العاملية" عىل‬
‫س ندين أساس يني‪ ،‬هام‪ :‬أو ًل‪ :‬الفوىض‪ ،‬ابحامتلية حتقق نتاجئها الثالث (الهوبزية‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪10‬‬

‫املنطق الثابت القوى هو ماسيتفوق عىل أية ثقاف ٍة أخرى‪ ،‬فالإنفصال لن‬ ‫بسبب عدم وجود الإعرتاف بيهنم‪ ،‬وحيث ل توجد الهوايت امجلاعية يف‬
‫يعود خيار ًا‪ ،‬مبا أ ّن الإنامتء هو "عام واثبت للجامعات"‪(Wendt, 2003, .‬‬ ‫النظام‪ ،‬وحيث ل متكل ادلول اخلصوصية‪(Wendt, 2003, p. 517) .‬‬
‫)‪p. 526-228‬‬ ‫املرحةل الثانية‪ :‬جممتع ادلول ‪ : The Society of States‬ا ّإن الال اإس تقرار يف‬
‫ومن اجلدير ابلرشح‪ ،‬هو كون هذه املراحل اإفرتاضية متثل ما يعتقده‬ ‫املرحةل الهوبزية‪ ،‬قد يمت حسمه ابلتحول اإىل جممتع ادلول‪ ،‬أو الوصول اإىل‬
‫(ويندت) من رضورة الصريورة والتحول‪ ،‬علامً أ ّن أبعاد ًا واسعة من هذه‬ ‫"الثقافة اللوكية" يف الفوىض‪ ،‬يف هذه املرحةل تعرتف ادلول بس يادة بعضها‬
‫املراحل قد حتققت فامي مىض‪ ،‬مثل "نظام ادلول" و"جممتع ادلول"‪ ،‬هذا من‬ ‫دون س يادة الفراد املوجودين‪ ،‬وهنا يوجد يشء من التضامن اذلي يدعهم‬
‫جانب‪ ،‬ومن جانب أخر فا ّإن من املمكن حتقق هذه املراحل لك مهنا يف منطق ٍة‬ ‫ينظرون اإىل أنفسهم كـ"حنن" حمدً دون بقواعد اثبتة‪ ،‬ويؤدي هذا الوجود اإىل‬
‫ما‪ ،‬ففي الوقت اذلي تعيش فيه ادلول الغربية ومضن مجموعة المن امجلاعي‪،‬‬ ‫تعاون حمدود‪ ،‬مع وجود هوية جامعية سطحية‪ ،‬واحامتل نشوء احلروب احملددة‬
‫ف إان ّنا نرى أ ّن ادلول يف منطقة الرشق الوسط حىت وإا ْن اكن من بيهنا أعضاء‬ ‫واليت ليست حرو ًاب بنيوية‪ .‬ولكن ابلرمغ من ذكل س يكون هناك مصدرين‬
‫مضن نفس املفهوم للمن امجلاعي "تركيا مث ًال"‪ ،‬نراها تعيش وتعايش املرحةل‬ ‫لال اإس تقرار يف النظام‪ ،‬الول‪ :‬هو أنه ابلرمغ من عدم هتديد تكل احلروب‬
‫الوىل "نظام ادلول" من تطور النظام ادلويل‪ ،‬أي أ ّن املراحل اليت س نأيت‬ ‫لوجود ادلول‪ ،‬فاهنا حرب ملكفة اإقتصاد ًاي‪ ،‬ومؤثره سلب ًا عىل حاةل التنافس‬
‫عىل رشهحا اإستناد ًا عىل رؤية (ويندت) لتحقق "دوةل العامل" يه متصةل‬ ‫املطلوب بني ادلول‪ .‬واثني ًا‪ :‬هو أنه ابلرمغ من كون ادلول يف احلروب احملدودة‬
‫ابلزمان واملاكن حامتً‪.‬‬ ‫غري همددة يف بقاهئا‪ ،‬فا ّإن مواطنهيا همددون يف حياهتم‪ ،‬ومبا أ ّن املواطنني غري‬
‫وميكن أن يطرح سؤال حول‪ ،‬ما اإذا اكن امليل حنو التطور من مرحةل‬ ‫معرتف هبم" بصفة منفصةل عن دوهلم فاإهنّ م ليرغبون يف التضحية‬ ‫"ممزيين أو ٍ‬
‫اإىل أخرى يه مسة التارخي‪ ،‬مفا اذلي مينع دوةل العامل من التطور اإىل منوذج‬ ‫ابنفسهم‪ ،‬فالتضحية حتمل املعاين فقط يف الثقافة الهوبزية‪ ،‬وحيث تتناسب‬
‫أخر أو مرحةل أخرى؟ وهذا السؤال أيض ًا ميكن الإجابة عليه عن طريق فهم‬ ‫حاجات ادلول مع حاجات الفراد‪(Wendt, 2003, p. 518) .‬‬
‫الرؤية البنائية وفهم السس الفلسفية فامي خيص تغ َُري مفهوم الس ياسة‪،‬‬ ‫املرحةل الثالثة‪ :‬جممتع العامل ‪ :World Society‬ا ّإن اإشاكلية احلرب قد مت حلها‬
‫والإعرتاف هو ما ميكن أ ْن يدع املرحةل تبقى مغلقة عىل ذاهتا العاملية‪،‬‬ ‫من خالل جممتع المن املتعدد‪ ،‬مما يضيف متطلبات تسوية غري عنيفة‬
‫فالس ياسة س تكون حيهنا س ياس ًة داخلية‪ ،‬وفلسف ًة شامةل ل إالدارة واحلمك‬ ‫للرصاعات اخلاصة برشوط احلدود يف النظام‪ ،‬والإعرتاف املشرتك عىل‬
‫العاملي‪ .‬فوجود ادلول ابلصورة احلالية‪ ،‬وابلس يادة اليت متلكها يه ما خيلق‬ ‫مس توى النظام يبدأ الن ابلتوسع حنو مض الفراد أيض ًا ابلإضافة اإىل ادلول‬
‫الفوىض ويمنهيا‪ ،‬ولكن حاملا يتغري وجود ادلول والس يادة والفوىض‪ ،‬فالتعريف‬ ‫وهذه املرحةل ميكن تسميهتا ابلكوزموبوليتانية أو جممتع العامل‪ ،‬وحيث يقيّد‬
‫اذلايت املؤقت هو ما جيعل التأسيس املشرتك ممكن ًا‪ ،‬أي اإاتحة الفرصة أمام‬ ‫وحيدّد النظام أجزاءه أكرث‪ ،‬فالجزاء ليست مس تقةل وحرة يف بدء احلرب‪،‬‬
‫الخر‪ ،‬لتأسيس اذلات العاملية‪.‬‬ ‫لّك أكرث تضامنية للفراد وادلول عىل حد‬ ‫وبفعل ذكل س يطور النظام ش ً‬
‫واملال َحظ أ ّن (ويندت) قد حاول صياغة مفهوم خمتلف لالعرتاف‬ ‫سواء‪ .‬وابلرمغ من تكل التضامنية فا ّإن املرحةل تفتقر للحامية امجلاعية من‬
‫ابدلول والفاعلني ادلوليني‪ ،‬ويظهر ذكل بوضوح حني يطرح السؤال التايل‬ ‫العدوان‪(Wendt, 2003, p. 520) .‬‬
‫نفسه‪ :‬من اذلي س يعرتف ابدلوةل العاملية؟ واجلواب ميكن أ ْن يس متد من‬ ‫املرحةل الرابعة‪ :‬المن امجلاعي ‪ :Collective Security‬يتطلب حتقق هذه‬
‫مناقشات (ويندت) استناد ًا اإىل الرؤية البنائية اليت يتبناها‪ ،‬فالفراد مه من‬ ‫رشوط خارجية‪ ،‬ل تتعلق فقط ابلفراد وادلول فقط‪ ،‬حيث أهنا‬ ‫ٍ‬ ‫املرحةل‬
‫س يعرتف ابدلوةل العاملية‪ ،‬اليت بدورها مزيهتم ابعرتافها هبم‪ .‬ا ّإن هذه الرؤية‬ ‫قامت ابلإعرتاف بس يادة بعضها البعض‪ ،‬وحاولت القيام بتسوية املنازعات‬
‫يه يف أتون الرؤية البنائية للمعرفة والتحليل‪ ،‬فالبنائية ترى أ ّن الظروف اليت‬ ‫سلمي ًا‪ ،‬وقامت ابدلفاع عن أعضاهئا ضد الهتديدات اخلارجية‪ .‬وميكن القول‬
‫يعيشها الإنسان والوعي بتكل الظروف يه ما س يخلق عوامل التحول اإىل‬ ‫أ ّن النظام وصل اإىل مرحةل "الثقافة الاكنتية" من "الصداقة"‪ ،‬حيث أ ّن‬
‫ظروف غريها‪ ،‬أي أ ّن الفراد وامجلاعات حتاول احلصول عىل الإعرتاف‬ ‫للعضاء فهم أمعق لهويهتا امجلاعية مع أخذ أمهنا بنظر الاعتبار‪ .‬ويف عامل اليوم‬
‫خبصوصياهتا ومتايزاهتا‪ ،‬يف سبيل اس مترار ذاهتا‪ ،‬وليس فقط وجودها املادي‬ ‫فا ّإن مرحةل أساس ية من المن امجلاعي قد حتققت ولو بصورة إاقلميية يف‬
‫ومصاحلها‪ ،‬كام تدعي بذكل الواقعية اجلديدة مث ًال‪ ،‬وهذه اخلصوصيات‬ ‫التطبيقات‪ ،‬أي كام حدث يف حرب اخلليج الوىل‪ ،‬فالتحالفات ادلامئية وقفت‬
‫الاجامتعية أص ًال‪ ،‬والوعي هبا‪ ،‬هو يف مرح ٍةل معينة قد يمت احتواهئا يف منوذج‬ ‫بصورة جامعية ضد العدوان‪(Wendt, 2003, p. 522) .‬‬
‫ادلوةل احلايل‪ ،‬إالّ أ ّن هذا المنوذج ليس اخملرج الوحيد حلسم الامتيزات‬ ‫املرحةل اخلامسة‪ :‬دوةل العامل ‪ :The World state‬ميكن الوصول اإىل هذه‬
‫والس يطرة عىل الرصاعات اليت قد تقوم نتيجة الفوىض اليت س ببهتا مسأةل‬ ‫املرحةل حني تتحول س يادة ادلول حنو املس توى العاملي‪ ،‬حيث لحيتاج‬
‫وجود ادلول كفاعل أسايس يف العالقات ادلولية‪.‬‬ ‫الإعرتاف ابلفراد اإىل حدود ادلول لتتوسط الفراد والإعرتاف هبم‪ ،‬حيث أ ّن‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫‪11‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫يضف الكثري اإىل جمال اختصاص العالقات ادلولية مبا أ ّن النتيجة يف اجملال‬ ‫وميكن القول أ ّن النظرية البنائية تتوجه حنو تأسيس مفاهمي التغيري‬
‫العميل يه ذاهتا‪.‬‬ ‫ادلويل واماكنية وألية حصولها‪ ،‬حيث تقدم البنائية جما ًل أوسع للتغيري البنيوي‬
‫اثني ًا‪ :‬النقد املوجه اإىل البنائية يف مسامههتا يف جمال املعايري والهوايت‪ :‬إا ّن‬ ‫وإاماكنية أكرب للتحول يف الثقافات ادلولية‪ ،‬فتصور البنائية للبنية ادلولية عىل‬
‫التغيريات اليت رافقت انهتاء احلرب الباردة‪ ،‬والعمليات اجلارية للعوملة‪ ،‬أعانت‬ ‫أهنا "ثقافة" تقطهنا دول لها "هوايت" خمتلفة ويف حاةل تفاعل مس متر يسمح‬
‫اهامتم البنائيني خبصوصيات الثقافة والهوية واخلربة عىل خلق جمال يف دراسة‬ ‫لها مبناقشة اإماكنية حتويل وتغيري مثل هذه الثقافة من خالل التفاعل املس متر‬
‫التارخي والس ياسة العاملية‪ (Agius, 2013, p. 90) .‬ومن خالل البحث‬ ‫لهذه الوحدات‪ ،‬فاحدى أمه النتاجئ املرتتبة عىل البنائية للفوىض عىل أهنا بنية‬
‫الإمربيقي الطويل كشف البنائيون عن ضعف القوة التفسريية ذات الطابع‬ ‫ثقافية و ُمشَ لكة بطريقة اجامتعية هو أهنا ترشح اإماكنية حدوث التغيري يف بنية‬
‫املادي‪ ،‬كام بينوا كيفية تطور املعايري ادلولية‪ ،‬وكيف صارت الفاكر والقمي‬ ‫الس ياسة ادلولية عن طريق الفاعلني وإارادهتم يف احلصول عىل الاعرتاف‪،‬‬
‫تشلّكن احلركة الس ياس ية‪ ،‬وكيف تكيف الطروحة واخلطاب النتاجئ‪ ،‬وكيف‬ ‫فـ"صنع ادلول للفوىض" قامئ عىل وعهيا مبا تريد وإاهامتهما بتحقيق ما هو يف‬
‫تبين الهوية الفاعلني والفاعلية‪ ،‬ولك ذكل بطرق تتناقض مع توقعات النظرايت‬ ‫مدى وعهيا بوجوده‪.‬‬
‫املادية والعقالنية‪(Herring, 2013, p. 46) .‬‬
‫ولكن عىل الرمغ من ذكل تواجه البنائية العديد من التحدايت‪ ،‬حول‬ ‫املطلب الرابع‬
‫اإشاكلية املعايري الإجامتعية‪ ،‬واليت حيددها (جيفري تش يّك) بثالثة حتدايت‪،‬‬ ‫رؤية نقدية للنظرية البنائية‬
‫ويه‪ :‬التحدي الول‪ ،‬كثري ًا ما يمت اإساءة فهم الطابع املعياري للمعايري يف حد‬
‫تشّك‪ ،‬وتعيد تشكيل هوايت‬ ‫ذاهتا‪ ،‬فاملعايري اليت جيادل البنائيون أهنا ّ‬ ‫عىل الرمغ من أ ّن النظرية البنائية ساعدت عىل اإعادة تنش يط التنظري‬
‫ومصاحل ادلول‪ ،‬قد ل تكون مرغوب ًة أخالقي ًا‪ ،‬ذلا ينبغي اإيالء الاهامتم‬ ‫القميي يف عمل العالقات ادلولية‪ ،‬وذكل لهنم بذلوا الكثري من اجلهد إليضاح‬
‫بـ"الش ياء السيئة" أيض ًا لهنا موجودة ومبنية اإجامتعي ًا بدورها‪ ،‬فال جيب أ ْن‬ ‫قوة تأثري الفاكر واملعتقدات واملعايري والقمي يف تشكيل الس ياسة العاملية‪،‬‬
‫تقترص املعايري عىل الخالقية مهنا فقط‪ .‬أما التحدي الثاين فهو يف تركزي أغلب‬ ‫ولكن هذا اجلهد الكبري مل يسمل من توجيه الس ئةل اجلدية والنقد املهنجي من‬
‫البنائيني عىل املعايري مكفاهمي بينذاتية‪ ،‬وجامعية‪ ،‬مما س يؤدي اإىل اإهامل املعايري‬ ‫قبل املنظرين والباحثني من النظرايت الخرى يف احلقل‪ .‬وميكن ذكر بعض‬
‫مكفاهمي ذاتية‪ ،‬وفردية‪ ،‬أما التحدي الثالث‪ ،‬ف إا ّن تأثري البنية الإجامتعية عىل‬ ‫هذه الس ئةل والانتقادات يف النقاط التية‪:‬‬
‫الفاعل ليس حمتي ًا بشّك مس متر‪ ،‬حيث ينبغي الإنتباه اإىل احلالت اليت ل‬ ‫أولً‪ :‬النظرية البنائية مل تقدم جديداً حلقل العالقات ادلولية‪ :‬هناك من يرى‬
‫تؤثر فهيا املعايري عىل مصاحل وهوايت ادلول‪(Checkel, 1998, p. 332) .‬‬ ‫بأنه أصبح من الرضوري أ ْن حتدد البنائية لنفسها جما ًل مضن الإختصاص‬
‫اثلث ًا‪ :‬الإنقسام املهنجي وعدم الإنسجام ا إلبستميولويج‪ :‬حفني يشدّد الوضعيون‬ ‫العلمي لنظرايت العالقات ادلولية مفواضيعها الس ياس ية يه ما تشّك يف‬
‫عىل الطرائق المكية‪ ،‬ويشدّد التأمليون عىل الطرائق النوعية‪ ،‬فا ّإن البنائيني‬ ‫الهناية جمال الإختصاص العلمي‪ ،‬ل ّن البنائية تبدو حىت الن أقرب اإىل نظرية‬
‫يشدّدون عىل التعددية املهنجية‪ ،‬ولكن أنفسهم يعانون من اخلالف‬ ‫ثقافية وليست نظرية س ياس ية‪ ،‬ومن حيث كوهنا أقرب اإىل املدخل وليس‬
‫والإختالف ا إلبستميولويج‪ ،‬فهم أنفسهم وقعوا يف ذات املأزق اذلي وقعت‬ ‫النظرية‪(Kratochwil, 1996, p. 206) .‬‬
‫فيه نقاشات الوضعيني ومابعد الوضعيني‪ ،‬حيث مثل هذا املأزق خط التصدع‬ ‫ففي الوقت اذلي تدافع فيه النظرايت العقالنية عن (منطق العواقب‪،‬‬
‫الرئييس بني البنائيني احلداثيني ونظراهئم مابعد احلداثيني "النقديني"‪ ،‬علامً أ ّن‬ ‫‪ ،)Logic of Consequences‬فا ّإن البنائية تدافع عن (منطق املالمئة‪،‬‬
‫البنائيني احلداثيني حمسوبني بشّك أسايس عىل الولايت املتحدة المريكية‪،‬‬ ‫‪ ،)Logic of Appropriateness‬إالّ أ ّن املنطقني غري خمتلفني جد ًا يف‬
‫يف الوقت اذلي ينمتي أغلب البنائيني النقديني اإىل الوروبيني‪.‬‬ ‫النتيجة‪ ،‬فاإذا اكن مفاد منطق العواقب‪/‬النتاجئ‪ ،‬هو أ ّن الفواعل أاننية وعقالنية‬
‫ذلكل يرى (مارس يل فالريي) "أ ّن البنائية تعاين من مشلكة عدم‬ ‫الترصف‪ ،‬ويه تسعى لتعظمي املنفعة‪ ،‬ويه تتفاعل وتتفاوض حسب ما متليه‬
‫الإنسجام ا إلبستميولويج‪ ،‬ل ّن تباعد واختالف أجندات البنائيني فامي بيهنم‬ ‫مصاحلها وتفضيالهتا‪ ،‬فا ّإن منطق املالمئة مفاده أ ّن الفواعل هممتون ابلقيام‬
‫يكشف عن حتفظهم وإاجحاهمم عن بناء ابرادامي شامل للس ياسة العاملية‪ ،‬مفن‬ ‫ابلفعل املالمئ يف ظل وجود معايري ضابطة ومشلكة للسلوك‪ ،‬يه اليت ميكن‬
‫الصعب امجلع بني الإجتاهات البنائية احلداثية وتكل اليت تتبىن توهجات نقدية"‪.‬‬ ‫اعتبارها (قواعد اللعبة ‪(Finnemore, .)Rules of the Game‬‬
‫)‪(Valerie, 2001, p. 4‬‬ ‫)‪Sikkink, 2001‬‬
‫ويذهب (جيفري تش يّك) اإىل أ ّن الفرق بني تيارات البنائية النقدية‬ ‫والنتيجة يه ذاهتا‪ ،‬مبا أ ّن الفواعل متجهة حنو أهدافها مبا يتوافق مع‬
‫والبنائية احلداثية هو يف الساس فرق إابستميولويج‪ ،‬ففي الوقت اذلي يعتقد‬ ‫مصاحلها وإارادهتا ابلهناية‪ .‬أي أ ّن تغيري املنطق اذلي تستند اإليه النظرية مل‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪12‬‬

‫الزمات والرصاعات اليت يسهل تفسريها دلى املنظورين الواقعي والليربايل‪،‬‬ ‫كون املعىن‪ ،‬جند أهنم حيافظون عىل‬ ‫احلداثيون أ ّن التفاعل الرمزي هو ما يُ ّ‬
‫بيامن تعجز املعطيات النظرية للبنائية عن تقدمي تفسري لرصاعات اكلرصاع يف‬ ‫الافرتاض الوضعي بأ ّن احلقيقة الإجامتعية تبقى موجودة بشّك مس تقل عن‬
‫اخلليج (العريب)‪ ،‬فتكل ميكن تفسريها وفق ًا لامنذج "توازن القوى" و"توازن‬ ‫تصور املُنَ ِظر‪ ،‬ذلكل جندمه يشددون عىل أمهية العامل الامربيقية يف املقاربة‬
‫الهتديد" ونظرية "الردع" كام تذهب الواقعية‪ ،‬أو ميكن تفسري وقوف دول‬ ‫لتكل احلقيقة " املوجودة هناك خارج ًا" مما ي ُ َقرب البنائيني التقليديني من‬
‫اخلليج العريب وادلول العربية مع الكويت ضد العراق طبق ًا لنظرايت "ا إلرتباط‬ ‫العقالنيني‪ ،‬أما التأويليون والنقديون مهنم‪ ،‬فيعتربون أ ّن العامل "املوجود هناك‬
‫املؤسيس والإس تقرار ابلهمينة" كام يرى الليرباليون اجلدد‪ .‬بيامن ل تس تطيع‬ ‫خارج ًا" هو عامل مبين يف حد ذاته‪ ،‬مما يتطلب فهم خمتلف الطرق اليت جتعهل‬
‫البنائية تقدمي تفسري ذلكل‪ ،‬ل ّن ذكل يتناقض مع معطياهتا النظرية القائةل بأ ّن‬ ‫مبني ًا ابلكيفية اليت يبدو علهيا‪ ،‬مما جيعلهم أقرب اإىل التأمليني مهنم اإىل‬
‫ادلول ذات الهوايت والقمي واملعايري والهيّك الاجامتعي املتقارب ل تتصارع‬ ‫العقالنيني‪(Checkel, 2004, p. 3) .‬‬
‫مع بعضها البعض‪ .‬وإاجام ًل فهيي تقول الكثري جد ًا عن القليل جد ًا من العالقات‬ ‫رابع ًا‪ :‬اإشاكلية جتسري الفجوة بني الوضعيني ومابعد الوضعيني‪ :‬إا ّن البنائيني‬
‫ادلولية‪(Barnett, 1993) .‬‬ ‫حياولون جتسري الفجوة بني التفسري والفهم‪ ،‬والعقالنية والتأملية‪ ،‬والوضعية‬
‫وإاجام ًل فالبنائيون جييدون وصف التغيريات وفق املعايري والفاكر‪،‬‬ ‫ومابعد الوضعية ومتثل هذه الثنائيات اإجام ًل نقاش ًا بني نظرتني اإحداها مؤيدة‬
‫مبعىن أ ّن قدرهتم عىل تفسري الحداث والتطورات ترتبط بفهم طبيعة الفاكر‬ ‫للعلمية وأخرى معادية لها‪ ،‬فالقضية املس يطرة مضن العالقات ادلولية‬
‫واجتاهاهتا‪ ،‬إالّ أ ّن دلهيم قدرة حمدودة يف فهم معل املؤسسات والظروف‬ ‫ونظرايهتا متيل اإىل أ ّن الطريقة الراهنة يف العالقات ادلولية يه طريقة غري‬
‫املؤسساتية واملادية الرضورية دلمع انبثاق اإجامع حول القمي والفاكر اجلديدة‪،‬‬ ‫ممثرة‪(Patomäki, Wight, 2000, p. 12-18) .‬‬
‫مما يعد مسأ ًةل عىل البنائية الرتكزي علهيا‪(Snyder, 2004, p. 62) .‬‬ ‫ا ّإن التشكيك يف جناح البنائية يف جتسري الهوة بني العقالنية والتأملية‬
‫فالسس وذكل التطور اذلي متت اإضافته للبنائية حلقه مجموعة من‬ ‫من شأنه أ ْن ينهتيي اإىل التشكيك يف جدوى التيبولوجيا الثالثية (العقالنية‪-‬‬
‫الإنتقادات اليت طالت أس باب وظروف التغيري ادلويل ابلكيفية اليت تقرتهحا‬ ‫البنائية – التأملية) املقرتحة مضن النقاش الرابع‪ ،‬حيث أ ّن البنائية اإذا مل ت ُكن‬
‫البنائية واليت ميكن تركزيها يف أ ّن العالقة بني "التغري يف العالقة املتعلقة‬ ‫موفقة يف جتسري الهوة‪ ،‬فاإهنا متيل ابلتايل حنو التيبولوجيا الثنائية (العقالنية‪-‬‬
‫ابلفاكر ‪ "The Change in Ideational Relations‬و"التغري يف‬ ‫التأملية)‪ ،‬وجتعل النقاش الرابع يرتد حنو نقاش اثلث أخر‪(Wendt, 2000, .‬‬
‫العوامل املادية ‪ "The Change in Material Factors‬مل يكن اإطالق ًا‬ ‫)‪p. 180‬‬
‫ابلوضوح والبساطة اليت تتصورها البنائية يف فهم هناية احلرب الباردة‪ .‬مبعىن‬ ‫ذلكل ينتقد (ستيف مسيث) فكرة التجسري ويرى بأ ّن حماوةل خلق‬
‫أنه من غري الواحض ما اإذا اكن التغيري يف الفاكر حيدث بشّك مس تقل أم أنه‬ ‫املنطقة الوسطى بني العقالنيني والتأمليني يه خاطئة أساس ًا‪ ،‬وذكل ل ّن من‬
‫حيدث اإس تجابة لتغيري سابق يف العوامل املادية‪ ،‬وذكل اإستناد ًا اإىل أنه‪ ،‬اإذا‬ ‫الواحض أنه ل يقوم ابلتوفيق بني مجموعتني تشرتاكن يف الرأي نفسه حول كيفية‬
‫اكن الفاعل القوي دامئ ًا يفكر يف فعل ما متكّنه قوته من فعهل‪ ،‬فا ّإن التغيري يف‬ ‫تفسري املعرفة‪ ،‬فالعقالنيون مه ببساطة "وضعيون" من حيث الساس كام‬
‫طبيعة وجحم قوته يؤدي اإىل تغيري يف أفاكر الفاعل حول ما ميكنه أو لميكنه‬ ‫أ ّن التأمليني مه من أنصار مابعد الوضعية‪ ،‬اذلين ميلكون فكر ًة خمتلفة جد ًا‬
‫فعهل‪(Checkel, 2008, p. 79) .‬‬ ‫بشأن كيفية تفسري املعرفة‪ ،‬ولهذا فهم ل ميكن مجعهم أو خلق أرضية وسطى‬
‫سادس ًا‪ :‬الال رضورة احلمتية لدلوةل العاملية‪ :‬لقد حاولت البنائية تقدمي أجندات‬ ‫بيهنم‪ ،‬فامي يستبعد بعضهم البعض الخر‪( .‬مسيث‪ ،2004 ،‬ص ‪)399‬‬
‫حبثية خاصة ابلتغيري يف الس ياسة ادلولية‪ ،‬وابلرمغ من اإماكن اعتبار أطروحة‬ ‫خامس ًا‪ :‬القصور يف تناول تأثري القوة وتفسري التغيري يف العالقات ادلولية‪:‬‬
‫ادلوةل العاملية لـ(ويندت) حماوةل ابرزة يف ذكل اجملال‪ ،‬إالّ أهنا حتتوي عىل‬ ‫تسبب صعود البنائية يف العودة اإىل شّك أكرث سوس يولوجية وتأرخيية يف عمل‬
‫مجموعة من الثغرات‪ ،‬وميكن اإجاملها اكليت‪:‬‬ ‫العالقات ادلولية‪ ،‬من خالل تقدمي البعد الإجامتعي ابعتباره جما ًل تأسيس ي ًا‪،‬‬
‫‪ .1‬منطق احلمتية يف حتقق ادلوةل العاملية‪ :‬ا ّإن املقاربة الوضعية يه اليت ترتبط‬ ‫وأعادوا التأرخي ابعتباره جمال البحث الإمربيقي‪ ،‬وأكدوا عىل قابلية املامرسة‬
‫ابلزنعة احلمتية‪ ،‬املرتبطة بـ"حمتية الإنتظامات ‪Regularity‬‬ ‫الس ياس ية للتغيري‪( .‬مسيث‪ ،2006 ،‬ص ‪)352‬‬
‫‪ ،"Determinism‬مبعىن أنه اإذا إارتبط وقوع مجموعة من الحداث (س‪،‬‬ ‫فبالرمغ من اإماكنية اعتبار البنائية‪ ،‬القرب من معاجلة طبيعة البناء والعالقات‬
‫س‪ ،1‬س‪ ... ،2‬س‪ )9‬وبشّك منتظم بوقوع مجموعة الحداث (ع‪ ،‬ع‪،1‬‬ ‫السائدة بني ادلول الصغرية‪ ،‬حيث أ ّن الفاكر والقمي واملعايري الخالقية حتتل‬
‫ع‪ ... ،2‬ع‪ )9‬فاإنه ميكن بناء قانون عام‪ ،‬عىل شّك عالقة س ببية حمتية‬ ‫الولوية دلى صناع القرار يف هذه ادلول‪ .‬ولكن ابلرمغ من ذكل‪ ،‬فال ميكن‬
‫مفادها "لكام حدث (س) أدى ابلرضورة اإىل حدوث (ع)‪ .‬وهذه الس ببية‬ ‫اإناكر أ ّن البنائية بتجاهلها لعتبارات القوة والطبيعة الفوضوية للنظام ادلويل‬
‫احلمتية شلكت جوهر الفلسفة الوضعية‪(Kurki, 2006, p. 38 ) .‬‬ ‫ابعتبارها صف ًة ذاتية هل‪ ،‬فهيي تقف عاجزة عن تقدمي تفسري مقبول لبعض‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫‪13‬‬ ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

‫حيث كيف ميكن الإعرتاف هبوية من يعترب العنف اذلي ميارسه هو ما س يجرب‬ ‫ولكن البنائية تشدّد عىل رضورة رفض التحليل يف الس ياسة ادلولية‬
‫الطراف الخرى ل إالنصياع هل‪(Burns, 2018, p. 4, 7, 17) .‬‬ ‫استناد ًا عىل البحث يف الس باب‪ ،‬وابلتايل بناء العالقة الس ببية احلمتية بني‬
‫وختام ًا‪ ،‬وابلرمغ من الإنتقادات املطروحة عن البنائية‪ ،‬فاإهنا تبقى من‬ ‫املتغريات املوجودة مضن العالقات ادلولية‪ ،‬وهذا يؤدي اإىل القول بأ ّن اذلي‬
‫أكرث احملاولت التنظريية يف جمال نظرايت العالقات ادلولية جناع ًة حبمك تع ّمقها‬ ‫حاول (ويندت) التنظري هل اكن انقص ًا حبمك أ ّن القول حبمتية واقع معني اكدلوةل‬
‫يف جمالت غري مت َعمق فهيا قب ًال اكلثقافة والإختالفات الهوايتية واجملمتعية‪ ،‬ممّا‬ ‫العاملية من شأنه أن يلغي دور الفاعل الإجامتعي اذلي يستند اإىل دوافع غري‬
‫ساعد عىل فهم أكرث وضوح ًا وأمشل مدى‪ ،‬يف فهم العوامل اليت تتعلق‬ ‫قابةل للتنبؤ‪ ،‬كحرية الإختيار‪ ،‬وا إلرادة احلرة‪ ،‬وهو ما يتعارض مع مقوةل احلمتية‬
‫ات مل حيتسب‬ ‫مبجمتعات خمتلفة عن اجملمتعات الغربية‪ ،‬ثقاف ًة‪ ،‬وفهامً‪ ،‬وارتباط ٍ‬ ‫عند (ويندت)‪ ،‬وهو ما ميثل اإنتقاد ًا للمنطق اذلايت لنظريته‪ .‬حيث أ ّن ادلوةل‬
‫لها حساب قب ًال مضن الس ياسة ادلولية‪ ،‬فالبنائية جتاوزت حدود النظرية‬ ‫العاملية‪ ،‬يه ممكنة التحقق وميكن التناقش بشأن حتققها أو عدمه‪ ،‬ولكهنا‬
‫التقليدية ووصلت اإىل أفاق علمية مرتبطة ابلعمل والإنسان بصورة مبارشة‪،‬‬ ‫ليست واقع ًة مضن احلمتية بأي شّك من الشاكل‪ ،‬وهذه النقطة متثل نقد ًا‬
‫وعامة‪ ،‬فالرؤية البنائية للعلوم واجملمتعات أصبحت متثل ما ميكن تقريبه من‬ ‫للمنطق اخلاريج لنظريته‪ (Shannon, 2005, p. 581-7) .‬اإذ كيف يتحمتّ‬
‫(التنوير) فامي خيص الثقافة وارتباطات اجملمتعات‪ ،‬وحماوةل اكتشاف املضامني‬ ‫حتقّق شئ ما وعوامل نشوئه غري حمتّمة؟‬
‫العلمية لها‪.‬‬ ‫‪ .2‬منطق العاملية يف شّك ومضمون ادلوةل‪ :‬اإذا افرتضنا مع (ويندت) جد ًل‬
‫أن الهوية سابقة عىل املصلحة‪ ،‬مبا أن الفاعل ل ميكن أن يعرف ماذا يريد قبل‬
‫اخلامتة وا إلس تنتاجات‪:‬‬ ‫التغري يف‬ ‫أن يعرف من هو‪ ،‬وإاذا اإفرتضنا جد ًل كذكل أن ّ‬
‫التغري يف الهوية و ّ‬
‫يف ختام البحث ميكن تسجيل أمه النقاط املس تخلصة من النقاشات الواردة‬ ‫التغري‬‫التغري يف البنية يأيت بعد ّ‬
‫البنية ل حيداثن بشّك مرتادف‪ ،‬من حيث أن ّ‬
‫يف البحث‪ ،‬اكليت‪:‬‬ ‫يف الهوية‪ ،‬فا ّإن هذا ل حيل اإشاكلية الس ببية يف املنطق البنايئ‪ ،‬بل يضعها‬
‫‪ .1‬شهدت ادلراسة النظرية حلقل العالقات ادلولية يف هناية القرن املايض‬ ‫التغري يف الهوية‬‫أمام معضةل "السبب‪/‬املصدر السايس" مبعىن‪ ،‬اإذا اكن ّ‬
‫نقاشان كبريان‪ ،‬الول بني الواقعيني والليرباليني اجلدد من داخل‬ ‫التغري يف الهوية؟ وهنا تبدو‬‫التغري يف البنية مفا يه أس باب أو مصادر ّ‬ ‫يس بق ّ‬
‫النظرايت العقالنية‪ ،‬والثاين بني العقالنيني والنقديني‪ ،‬ودخلت النظرية‬ ‫البنائية جيدة يف الإجابة عىل الس ئةل اليت تبدأ بـ"كيف؟"‪ ،‬بيامن تبقى سيئة‬
‫البنائية اإىل احلقل لتشارك بفاعلية يف النقاشني‪ ،‬لتحاور العقالنيني من‬ ‫يف الإجابة عن الس ئةل اليت تبدأ بـ"ملاذا"‪( .‬محيش‪ ،2017 ،‬ص ‪)278‬‬
‫هجة والنقديني من هجة أخرى‪ .‬مفن هجة حت ّدت وضعية الواقعية‬ ‫املعرتف‬ ‫فالإفرتاض حبمتية العاملية لدلوةل اليت يقرتهحا يضع امجلاعات َ‬
‫والليربالية اجلديدتني‪ ،‬ومن هجة أخرى دفعت النظرية بعيد ًا عن النقد‬ ‫هبم مضن امجلاعات اليت تصارع من أجل الإعرتاف هبا‪ ،‬مبا أن وجودها أصبح‬
‫النظري للنقديني ابجتاه التحليل الإمربيقي للس ياسة العاملية‪.‬‬ ‫همدد ًا من قبل امجلاعات اليت لزالت تصارع ل إالعرتاف‪ ،‬وهذه مسأةل انقشها‬
‫‪ .2‬هناك عوامل متعددة تقف خلف صعود البنائية كنظرية يف حقل‬ ‫لك من (ابول هريتزوك) يف مقاهل (السلطة العابرة يه ما س تفعهل هبا‪ :‬ملاذا‬
‫العالقات ادلولية‪ ،‬أبرزها هناية احلرب الباردة وعدم قدرة النظرايت‬ ‫ادلوةل العاملية ليست حمتية) )‪ (Hartzog, 2018‬و(تميويث برينز) يف مقاهل‬
‫العقالنية عىل التنبؤ هبا‪ ،‬ويف نفس الوقت أدت هذه التحولت غري‬ ‫(ما مشلكة ادلوةل العاملية) )‪ (Burns, 2018‬أ ّن ادلوةل العاملية يه نتيجة‬
‫املتوقعة اإىل عدم قبول ادعاء النقديني بأن النظرية يه اليت تقود املامرسة‪.‬‬ ‫ّك‬ ‫للفوىض أو الالتراتبية‪ ،‬اإذ كيف ميكن أ ْن تؤدي الالتراتبية اإىل الرتاتبية وبش ٍ‬
‫‪ .3‬ترى النظرية البنائية أ َّن للبنية والفاعلني تشكيل متبادل‪ ،‬وتس متد هذه‬ ‫تودل الفوىض التنظمي عاملي ًا وبشّكِ دوةل؟ اجلواب احلمتي‬ ‫حمتي؟ وكيف س ّ‬
‫تفرس‬
‫الرؤية من تفريقها بني القواعد املؤسسة للعالقات ادلولية واليت ّ‬ ‫لهذا السؤال س يكون‪ :‬مبا أ ّن ادلوةل يه ذات نظام تراتيب والبنية ادلولية يه‬
‫أصل الش ياء‪ ،‬والقواعد املنظمة اليت تقوم بتوضيح العالقات بني هذه‬ ‫ل تراتبية‪ ،‬ل ميكن لدلوةل أ ْن تكون بنية‪ ،‬والبنية بدورها ل ميكن أ ْن تكون‬
‫الش ياء‪ .‬مفث ًال ترى البنائية بأ َّن املُثُ َل تلعب أثر ًا معيق ًا يف سلوك‬ ‫دوةل‪ ،‬واخملرج قد يكون‪ ،‬أ ْن يكون لدلوةل العاملية مفهوم ًا خمتلف ًا عن ادلوةل‬
‫تكون هوايت الفاعلني ومصاحلهم ول يقترص عىل تنظمي‬ ‫الفاعلني‪ ،‬فهيي ّ‬ ‫اليت عرفناها‪ (Hartzog, 2018, p. 12) .‬وهو ما مل يقدمه (ويندت)‪.‬‬
‫السلوك‪ ،‬وعليه فاإن الفاعلني هبوايهتم‪ ،‬والهيألك مبثلها العاملية تتفاعل‬ ‫ومن انحية اإعامتد "الإعرتاف" كس ن ٍد للتغيري يرى (تميويث برينز)‪ ،‬أ ّن‬
‫وتكون بعضها البعض‪.‬‬ ‫ادلوةل اليت يقرتهحا يه غري مقبوةل حىت قبل مناقشة مسوغاهتا وظروف‬
‫‪ .4‬تقدم البنائية تصور ًا خمتلف ًا ملفهوم الفوىض وجتاعل منه مفهوم ًا ترتتب‬ ‫حتققها‪ ،‬لهنّ ا ترشعن معل اجلهات املتطرفة أو "هوايهتا"‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫عليه تعددية سلوكية‪ ،‬فالبنائية ل ترفض الفوىض بقدر ما ترفض النظر‬ ‫الوسائل العنيفة اليت يمت اإس تعاملها من قبلهم من أجل احلصول عىل الإعرتاف‪،‬‬
‫اإلهيا عىل أهنَّ ا قوة مادية حبتة خالية من الفاكر واملعايري‪ .‬بل يذهب‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ ‫‪14‬‬

‫‪ .10‬حيدد (ويندت) مخس مراحل أساس ية للتطور من نظام ادلول اإىل‬ ‫(أونوف) اإىل أ ّن الفعل يأيت قبل العامل وأ َّن العامل ليس معطى مس بق ًا بل‬
‫دوةل العامل‪ ،‬ويه‪( :‬نظام ادلول‪ ،‬جممتع ادلول‪ ،‬جممتع العامل‪ ،‬المن امجلاعي‪،‬‬ ‫ا ّإن الفعل يصنع العامل‪ .‬وهذا الفهم يفرس ما يطرحه (ويندت) بأن الفوىض‬
‫دوةل العامل)‪ .‬وعىل الرمغ من أن هذه املراحل اإفرتاضية لكننا نرى أ ّن‬ ‫يه ما ميكن أن تصنعه ادلول‪ ،‬فليس هناكل منطق للفوىض متأصل‬
‫أبعاد ًا واسعة من هذه املراحل قد حتققت يف املايض‪ ،‬مثل نظام ادلول‬ ‫بذاته ومس تقل عام ترغبه ادلول أو تعتقده‪ .‬وعليه هناك ثالث ثقافات‬
‫وجممتع ادلول‪ ،‬ومن املمكن أن تتحقق هذه املراحل يف مناطق خمتلفة‬ ‫للفوىض‪ ،‬ويه‪ :‬الهوبزية واللوكية والاكنتية‪.‬‬
‫من العامل يف املس تقبل‪ .‬ووفق ًا للبنائية فا ّإن اذلي يقوم ابلعرتاف بدوةل‬ ‫قدمت البنائية نقد ًا للطبيعة الوضعية ملهنجية التيار الرئييس يف العالقات‬ ‫‪.5‬‬
‫العامل مه الفراد‪ ،‬أي أ ّن الفراد وامجلاعات حتاول احلصول عىل الإعرتاف‬ ‫ادلولية وهتميش التحليل اجملمتعي يف أواخر القرن العرشين‪ ،‬واليت نتجت‬
‫خبصوصياهتا ومتايزاهتا‪.‬‬ ‫عن تضافر عاملني‪ ،‬هام‪ :‬املادية الطاغية للمنظورات الكربى‪ ،‬والتصور‬
‫‪ .11‬وتعرضت النظرية البنائية للنقد والتقومي‪ ،‬فهناك من يرى بأهنا مل تضف‬ ‫العقالين السائد عن الفعل الإنساين‪ .‬وأعاد البنائيون البحث‬
‫جديد ًا وإاهنا مل حتدد لنفسها جما ًل مضن اختصاص العالقات ادلولية‪،‬‬ ‫السوس يولويج اإىل العالقات ادلولية‪ ،‬عن طريق اإعادة تصور املسار‬
‫وإاهنا أقرب اإىل نظرية ثقافية وليست نظرية س ياس ية‪ ،‬ويه أقرب اإىل‬ ‫الاجامتعي ابعتباره جما ًل تأسيس ي ًا للقمي واملامرسات‪.‬‬
‫املدخل وليس النظرية‪ ،‬ابلإضافة اإىل النقد املوجه اإىل فهمها للقمي‬ ‫ساعدت النظرية البنائية ويف س ياق توهجاهتا مابعد الوضعية عىل اإعادة‬ ‫‪.6‬‬
‫واملعايري والهوية‪.‬‬ ‫تنش يط التنظري القميي يف العالقات ادلولية‪ ،‬وذكل ببذل هجد كبري‬
‫‪ .12‬ومن الإنتقادات املوهجة اإىل البنائيني‪ ،‬الإنقسام ادلاخيل اذلي يعانون‬ ‫لتوضيح تأثري الفاكر واملعايري والقمي يف تشكيل الس ياسة العاملية‪ .‬وهو‬
‫منه فامي بيهنم من الناحية ا إلبستميولوجية‪ ،‬فعىل الرمغ من تشديدمه عىل‬ ‫مرشوع اكتسب دفعة قوية بسبب تعدد الزمات الخالقية اليت‬
‫التعددية املهنجية فاإهنم يعانون من التصدع بني البنائيني احلداثيني‬ ‫تودلت عن هناية احلرب الباردة ومسرية العوملة‪ ،‬وقام البنائيون بكشف‬
‫احملسوبني عىل الولايت املتحدة‪ ،‬ونظراهئم مابعد احلداثيني "النقديني"‬ ‫ضعف القوة التفسريية للزنعة الشكية القامئة عىل اإعالء شأن احلساابت‬
‫املنمتني اإىل أورواب‪.‬‬ ‫العسكرية والرثوة املادية‪.‬‬
‫تنمتي البنائية اإىل مرحةل النقاش الرابع يف العالقات ادلولية‪ ،‬فهيي من‬ ‫‪.7‬‬
‫قامئة املصادر‪:‬‬ ‫النظرايت مابعد الوضعية ولكهنا حتاول أن تكون مبثابة جرس يربط‬
‫الفجوة بني املناجه الوضعية ومابعد الوضعية يف العالقات ادلولية‪ .‬فهيي‬
‫أولً‪ :‬العربية‪:‬‬ ‫من انحية تشرتك مع الوضعيني (الواقعية والليربالية) يف السامت‬
‫أمحد‪ ،‬حسن احلاج عيل (‪ )2005‬العامل املصنوع‪ :‬دراسة يف البناء الإجامتعي للس ياسة‬ ‫الساس ية للس ياسات العاملية‪ ،‬وهتمت من انحية أخرى مبوضوعات مابعد‬
‫العاملية‪ ،‬جمةل "عامل الفكر"‪ ،‬الكويت‪ ،‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون والداب‪،‬‬
‫العدد (‪.)4‬‬
‫الوضعية ابلرتكزي عىل هوية الفواعل والطريقة اليت يتشّك هبا سلوكهم‬
‫محيش‪ ،‬محمد‪ )2017( .‬النقاش اخلامس يف العالقات ادلولية‪ :‬حنو اإحقام نظرية التعقد‬ ‫وأفعاهلم‪.‬‬
‫داخل احلقل‪ ،‬أطروحة دكتوراه غري منشورة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬جامعة ابتنة‪ ،‬لكية احلقوق‬ ‫يطرح (ويندت) كحد أبرز املنظرين البنائيني أطروحته عن "حمتية‬ ‫‪.8‬‬
‫والعلوم الس ياس ية‪.‬‬ ‫ادلوةل العاملية" عىل س ندين أساس يني‪ ،‬هام‪ :‬الفوىض بنتاجئها الثالث‬
‫العتييب‪ ،‬عبد هللا بن جرب‪ )2010( .‬النظرية يف العالقات ادلولية بني املدرسة الواقعية‬ ‫الهوبزية واللوكية والاكنتية‪ .‬والإعرتاف حيث س تؤدي نتيجة سعي الفراد‬
‫اجلديدة واملدرسة البنائية‪ ،‬جمةل "شؤون اإجامتعية"‪ ،‬مجعية الإجامتعيني‪ ،‬الس نة‬ ‫وامجلاعات للحصول عىل الإعرتاف هبم اإىل تطور وتغري النظام من مرحةل‬
‫(‪ ،)27‬العدد (‪.)108‬‬ ‫حنو مرحةل أخرى‪.‬‬
‫غريفتش‪ ،‬مارتن‪ )2008( .‬مخسون مفكراً يف العالقات ادلولية‪ ،‬ديب‪ ،‬ترمجة ونرش مركز‬
‫اخلليج للحباث‪.‬‬
‫خيمن (ويندت) بأنه من املمكن الإفرتاض أن النظام ادلويل يتطور من‬ ‫‪.9‬‬
‫ساس‬
‫غريفتيش‪ ،‬مارتن‪ .‬وأوالكهان‪ ،‬تريي‪ )2008( .‬مفاهمي أ ية يف العالقات ادلولية‪،‬‬ ‫حاةل اإىل أخرى‪ ،‬وهناك ثالث صور هنائية لهذا التطور‪ ،‬ويه‪ :‬صورة‬
‫ديب‪ ،‬ترمجة ونرش‪ :‬مركز اخلليج للحباث‪.‬‬ ‫الفيدرالية السلمية العاملية املكونة من ادلول ادلميقراطية (تصور اكنت)‪،‬‬
‫مسيث‪ ،‬كريستيان رويس‪ )2006( .‬البنائية‪ ،‬يف‪ :‬سكوت بورتش يل وأخرون (حترير)‪،‬‬ ‫وصورة العامل الواقعي اذلي تتصارع فيه ادلول القومية للحصول عىل‬
‫نظرايت العالقات ادلولية‪ ،‬ترمجة‪ :‬صفار‪ ،‬محمد‪ .‬القاهرة‪ ،‬املركز القويم للرتمجة‪.‬‬ ‫الإعرتاف (تصور هيغل)‪ ،‬وصورة نشوء دوةل العامل حيث أ ّن التطور‬
‫مسيث‪ ،‬ستيف‪ )2004( .‬مقارابت جديدة للنظرية ادلولية‪ ،‬يف‪ :‬جون بيليس وستيف‬ ‫التكنولويج سيسهل مامل يمتكن ل (اكنت) ول (هيغل) من أخذه يف‬
‫مسيث‪ ،‬عوملة الس ياسة العاملية‪ ،‬ديب‪ ،‬ترمجة ونرش مركز اخلليج للحباث‪.‬‬ ‫احلس بان (تصور ويندت)‪.‬‬

‫‪JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16‬‬
15 ‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬

Hopf, T. (1998). The promise of constructivism in international ‫ مركز‬،‫ السلامينية‬،‫) النظرية الواقعية يف العالقات ادلولية‬2007( .‫ أنور محمد‬،‫فرج‬
relations theory. International security, 23(1), 171-200. .‫كوردس تان لدلراسات الإسرتاتيجية‬
Jackson, R., & Sorensen, G. (2016). Introduction to international ،)‫ وستيف مسيث (حترير‬،‫ وميليا كوريك‬،‫ تمي دان‬:‫ يف‬،‫) البنائية‬2016( .‫ اكرين‬،‫فريك‬
relations: theories and approaches. Oxford university ‫ املركز‬،‫ بريوت‬،‫ دميا اخلرضا‬:‫ ترمجة‬،‫ التخصص والتنوع‬:‫نظرايت العالقات ادلولية‬
press. .‫العريب للحباث ودراسة الس ياسات‬
Katzenstein, P. J. (1989). International relations theory and the ‫ عبد‬،‫ العتييب‬:‫ ترمجة‬،‫) النظرية الاجامتعية للس ياسة ادلولية‬2006( .‫ ألكس ندر‬،‫ويندت‬
analysis of change. Global changes and theoretical .‫ جامعة املكل سعود‬،‫ الرايض‬.‫هللا بن جرب‬
challenges: Approaches to World Politics for the 8-1990s,
Lexington, Lexington Box.
Kratochwil, F. (1996). Is the ship of culture at sea or
returning. The return of culture and identity in IR :‫ الإجنلزيية‬:‫اثني ًا‬
theory, 221. Agius, C. (2013). Social Constructivism. Contemporary security
Kurki, M. (2006). Causes of a divided discipline: rethinking the studies. Oxford university press.
concept of cause in International Relations Barnett, M. (1993). Institutions, roles, and disorder: The case of
theory. Review of International Studies, 32(2), 189-216. the Arab states system. International Studies
Lebow, R. N. (2016). IR Theory as Identity Discourse, in: Booth, Quarterly, 37(3), 271-296.
K., & Erskine, T. (Eds.). International relations theory Björkdahl, A. (2002). Norms in international relations: Some
today. John Wiley & Sons. conceptual and methodological reflections. Cambridge
Onuf, N., Kubàlkovà, V., & Kowert, P. (1998). Constructivism: Review of International Affairs, 15(1), 9-23.
A User’s Manual. Vendulka Kubàlkovà et al. Burns, T. (2018). What’s wrong with a World State?
International Relations in a Constructed World, Sharp, http://Worldgoveronment research network.org, Date of
London. visit: 2/6/2018.
Onuf, N. (1989). World of Our Making. Columbia, University Checkel, J. T. (2008). Constructivism and Foreign
of South Carolina Press. policy. Foreign policy: theories, actors, cases. Oxford
Philips, A. B. (2007). Constructivism, In: Griffiths, M. University Press.
(Ed.). International relations theory for the twenty-first Checkel, J. T. (2004). Social constructivism in global and
century: an introduction. Routledge. European politics: a review essay. Review of International
Patomäki, H., & Wight, C. (2000). After Postpositivism? The Studies, 30(2), 229-244.
promises of critical realism. International Studies Checkel, J. T. (1998). The constructive turn in international
Quarterly, 44(2), 213-237. relations theory. World politics, 50(2), 324-348.
Sampson, A. B. (2002). Tropical anarchy: Waltz, Wendt, and the Dunne, T. (1995). The social construction of international
way we imagine international society. European Journal of International
politics. Alternatives, 27(4), 429-457. Relations, 1(3), 367-389.
Shannon, V. P. (2005). Wendt’s violation of the constructivist Finnemore, M., & Sikkink, K. (2001). Taking stock: the
project: Agency and why a world state is not constructivist research program in international relations
inevitable. European Journal of International and comparative politics. Annual review of political
Relations, 11(4), 581-587. science, 4(1), 391-416.
Snyder, J. (2004). One world, rival theories. Foreign policy, Hartzog, P. B. (2018). Panarchy Is What We Make of It: Why a
(145), 52. World State Is Not Inevitable. https://academiaedu.edu,
Valerie, M. (2001). The constructivist Debate; Bringing Date of visit: 2/6/2018.
Hermeneutics. In properly) in, paper presented at the Herring, E. (2013). Social Constructivism. Contemporary
2001 ISA conference (Vol. 21). security studies. Oxford university press.

JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
‫جمةل جامعة التمنية البرشية‬ 16

Wallerstein, I. (1996). The inter-state structure of the modern


world-system. International Theory: positivism and
beyond, 87-107.
Wendt, A. E. (1987). The agent-structure problem in
international relations theory. International
organization, 41(3), 335-370.
Wendt, A. (1992). Anarchy is what states make of it: the social
construction of power politics. International
organization, 46(2), 391-425.
Wendt, A. (1995). Constructing international
politics. International security, 20(1), 71-81.
Wendt, A. (2000). On the Via Media: a response to the
critics. Review of international studies, 26(1), 165-180.
Wendt, A. (2003). Why a world state is inevitable. European
journal of international relations, 9(4), 491-542.
Wight, C. (2006). Agents, structures and international relations:
politics as ontology. Cambridge University Press.
Zehfuss, M. (2002). Constructivism in international relations:
the politics of reality. Cambridge University Press.

JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16

You might also like