Professional Documents
Culture Documents
Roger Scruton - Beauty
Roger Scruton - Beauty
املس تخلص -ظهرت النظرية البنائية مع هناية احلرب الباردة ،ودخلت الناحيتني املعرفية واملهنجية وانقساماهتا ادلاخلية بني البنائيني احلداثيني ومابعد
يف نقاشات مع العقالنيني (الواقعية والليربالية اجلديدتني) من هجة ،احلداثيني.
والنقديني من هجة أخرى ،واهتمهام ابلإخفاق يف التنبؤ هبذا احلدث
وتفسريه .ففي الوقت اذلي اكن العقالنيون يركزون عىل العوامل املادية اللكامت ادلاةل:
والإقتصادية ،ركّز البنائيون عىل العوامل الثقافية وتأثري الفاكر البنائية ،دوةل العامل ،الوضعية ،مابعد الوضعية ،العالقات ادلولية.
تشّك املصاحل وكيفية تعريفواملعايري والهوايت يف تفسري معليات ّ
البقاء وحتديد أليات السلوك ادلويل ،وأكّدوا عىل أن املصلحة والهوية املقدمة
تعود الصول التارخيية للبنائية اإىل القرن الثامن عرش ،وحتديد ًا ما تتفاعالن عرب معليات اإجامتعية اترخيية و ّ
تشلّكن بعضها البعض .وعليه
فقد انمتت البنائية اإىل النقاش الرابع يف ادلراسة النظرية للعالقات رشحته كتاابت الفيلسوف الإيطايل (جامباتيس تا فيكو )G. Vicoاذلي مزي
ادلولية فهيي من النظرايت مابعد الوضعية ،ولكهنا حاولت أن تكون بني "العامل الطبيعي "Natural Worldاذلي هو من صنع هللا و"العامل
مبثابة جرس يربط الفجوة بني املناجه الوضعية ومابعد الوضعية ،مفث ًال التارخيي "Historical Worldاذلي هو من صنع الإنسان .أي أ َّن التأرخي
اإذا اكنت النظرايت مابعد الوضعية يوجه لها الإنتقاد ،بأهنا تعاين من ليس منفص ًال أو مس تق ًال عن الإنسان اذلي يصنع تأرخيه اخلاص ،كام يصنع
تقدمي بديل واقعي يف مقابل الوصف والتفسري اذلي تقدمه النظرايت ادلول واملؤسسات ،كبناءات تأرخيية اصطناعية يف نظام اصطناعي
العقالنية ،فا َّإن البنائية حاولت جتاوز هذا النقد ومتكنت من تقدمي أيض ًا(Jackson, Sorensen, 2016, p. 254).
ويف جمال ختصص العالقات ادلولية يعد (نيكولس أونوف) أول من الربانمج البحيث املطلوب لإخراج مابعد الوضعيني من املأزق ،وذكل
جمل
بتقدمي الفرضيات العملية اليت يتطلهبا اإنشاء نظرية لوصف وتفسري قدَّم البنائية يف كتابه "عامل من صنعنا" اذلي يرى فيه ،أ َّن ادلول وا متعات
واقع العالقات ادلولية .ولكن مل تسمل النظرية البنائية من النقد والتقومي والعامل ،ما يه اإل من صنع الناس من خالل تفاعالهتم التبادلية مع البناء،
واهتمت بأهنا مل تقدم شيئ ًا جديد ًا وابلغت يف فهم العوامل الثقافية مثل جفوهر البنائية هو أ َّن الفراد يصنعون اجملمتع _ادلاخيل والعاملي_ واجملمتع يصنع
املعايري والهوايت وتأثرياهتا عىل واقع العالقات دلولية ،ابلإضافة اإىل الفراد من خالل القمي والثقافة اخلاصة به ،وابلتايل الهوية اذلاتية اخلاصة به
وابجملمتع(Onuf, 1989) . اإغراقها يف اجلانب النظري ومشألكها من
وعليه فاإن الهدف من ادلراسة هو التعرف عىل اإسهامات النظرية ولكن غالب ًا ما ترتبط البنائية مبقاةل (ألكساندر ويندت) "الفوىض يه
البنائية يف فهم وحتليل العالقات ادلولية من هجة وتقدمي رؤية نقدية لهذه ما تصنعه ادلول مهنا" اليت تطرقت اإىل معليات التغيري اليت اكنت قيد التنفيذ
النظرية من هجة أخرى داخل حقل ادلراسة النظرية للعالقات ادلولية. يف هناية الامثنينات وتداعيات هناية احلرب الباردة ،وقد اكنت احلجة اجلوهرية
واملهنجية املتبعة يف ادلراسة تعمتد عىل املنطق الإس تقرايئ والرتكزي فهيا مبزنةل خروج عن التصورات الكرث بنيوية يف العالقات ادلولية ،واليت
عىل عرض اإسهامات بعض مفكرين املنمتني للنظرية البنائية يف جمال العالقات تفرتض أ َّن ادلول مقيدة حباةل من الفوىض ،وقد قدمت املقاةل فكرة عن اإماكنية
ادلولية فامي يعرف بدراسات ( ،)Literature Review Studiesمث تقدمي الفعل أو الالفعل يف ظل تكل الفوىض(Wendt, 1992) .
بعض الانتقادات الساس ية لمه أطروحات النظرية البنائية من قبل ابحثني وخالل مثانينات القرن العرشين ،حدد نقاشان كبريان بنية ادلراسة
منمتني اإىل نظرايت أخرى. النظرية حلقل العالقات ادلولية ،النقاش الول اكن بني الواقعيني اجلدد
وتنقسم هيلكية ادلراسة اإىل أربعة مطالب ،املطلب الول يتناول والليرباليني اجلدد حيث سعى الطرفان لتطبيق منطق النظرية الاقتصادية
النظرية البنائية وطبيعة التفاعل بني الهيّك والفاعل يف ظل الفوىض ،أما العقالنية عىل العالقات ادلولية ،لكهنام وصال اإىل نتاجئ خمتلفة جذر ًاي بصدد
املطلب الثاين فيشري اإىل طبيعة التوهجات مابعد الوضعية يف النظرية البنائية، قابلية التعاون ادلويل ،واملاكسب النسبية أم املطلقة لدلوةل ،وغريها من
ويدرس املطلب الثالث النظرية البنائية وحمتية دوةل العامل ،أما املطلب الرابع املسأئل .أما النقاش الثاين فاكن بني العقالنيني وأنصار النظرية النقدية ،وفيه
مفخصص لنقد النظرية البنائية ،وأخري ًا خمت البحث بأمه ا إلس تنتاجات. حتدى النقديون الإفرتاضات الوجودية (النطولوجية) واملعرفية
(ا إلبستميولوجية) واملهناجية (امليثودولوجية) للنظرايت العقالنية ،يف حني اإهتَّ م
املطلب الول العقالنيون النقديني بأ َّن ليس هلم ما يقولونه بشأن العامل الواقعي للعالقات
النظرية البنائية وطبيعة التفاعل بني الهيّك والفاعل يف ظل الفوىض ادلولية.
ومنذ هناية احلرب الباردة ،دخلت البنائية عىل خط اجلدالات
تعود أصول النقاش حول العالقة بني البنية (الهيّك) والفاعل النظرية ،فأُزحيت حماور اجلدالات السابقة من قبل جدالني جديدين :أحدهام
(الوكيل) اإىل تبين (ماكس فيرب )Max Weberللمقاربة "الفردانية بني البنائيني والعقالنيني ،والخر بني البنائيني والنقديني .واكن احملفز عىل
"Individualismوتبىن (أميل دوركهامي )Emil Durkheimلـلمقاربة تكل النقطة ،صعود وجِ دة النظرية البنائية يف العالقات ادلولية ،تكل النظرية
"البنيوية "Structuralismيف حتليل الظواهر الإجامتعية ،حيث أ َّن (فيرب) اليت حتدت عقالنية ووضعية الواقعية اجلديدة والليربالية اجلديدة ،ويف نفس
مل ينكر وجود حياة اجامتعية اإىل جانب احلياة الفردية ،ولكن يعتقد بوجوب الوقت ،دفعت النظرية بعيد ًا عن النقد النظري ابجتاه التحليل الإمربيقي
الإهامتم والإحاطة ابخلصائص املتعلقة ابلفراد يف سبيل التوصل اإىل الفهم للس ياسة العاملية .اإذ أ َّن املناقشات النظرية اخلاصة ابلبنائية جائت كبشرية
املتاكمل لسلوك الفراد ،واملالحظ أ َّن (دوركهامي) أيض ًا ل ينكر الوجود بهناية مرحةل وبداية أخرى ،أي الوضعية ومابعدها ،وهذا التحول مل يكن يف
الفردي للشخاص ،لكنه يرفض أن يمت تفسري الظواهر الإجامتعية يف ضوء الإطار النظري فقط بل ا َّإن التحول النظري اكن لحق ًا عىل التحولت العملية
خصائص فردية ،فالفراد مه نتاج الظروف الاجامتعية(Wight, 2006, . يف الس ياسة ادلولية ،فالتحول اكن يف الس ياسة (احلرب الباردة) والنظام
)p.64 ادلويل (القطبية الثنائية) ،وقد تطلب ذكل طرح التحليل العميل للس ياسة
يقدم (أميانويل والرش تاين) رؤية مفادها أ َّن مجيع الظواهر الاجامتعية والعالقات والنظام ادلويل.
انهتاء ابلعالقات ادلولية
ابتداء من الفقر والرصاع وطبيعة احلياة الاجامتعية و ًً ذلكل ترتكز اإشاكلية هذه ادلراسة يف طرح التساؤل حول موقع
ميكن فهمها وتفسريها من خالل معرفة مستني أساس يتني لـ"النظام العاملي ومسامهة النظرية البنائية يف جمال ادلراسة النظرية للعالقات ادلولية ومدى
،"World Systemالوىل :أ ّن مكوانته مرتابطة ومتفاعةل مع بعضها البعض، قدرهتا عىل الإس تجابة للتحولت اليت طرأت عىل القضااي العاملية بداية من
وأية حماوةل للفصل بيهنا وحتديدها يف جمالت مس تقةل ،اكلظاهرة الاقتصادية، انهتاء احلرب الباردة ومرور ًا بتداعيات العوملة وانهتاء بربوز ظواهر جديدة ل
أو الس ياس ية س تكون مضلةل .أما الثانية :فهيي أ ّن احلياة داخل النظام قامئة ميكن تفسريها يف س ياق النظرايت العقالنية والتأملية السائدة يف احلقل.
بذاهتا ،ول تتأثر كثري ًا ابملؤثرات اخلارجية .وينجم عن هذا أ َّن أي سعي لتفسري وتتبىن ادلراسة فرضية مفادها أن النظرية البنائية بدأت من نظرية
التغيري داخل النظام ينبغي أن يركز عىل التفاعل ادلاخيل –للنظام -دون حتاول جتسري العالقة بني النظرايت الوضعية ومابعد الوضعية يف احلقل ولكهنا
الاهامتم ابلعوامل اخلارجية(Wallerstein, 1996, p.103) . حتولت اإىل نظرية تطرح فكرة (دوةل العامل) مكحاوةل جديدة لفهم وتفسري
التحولت والتعقيدات املوجودة وتوصيف مس تقبيل حلقل العالقات ادلولية.
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
3 جمةل جامعة التمنية البرشية
وهنا جند أ َّن الس يادة أصبحت قاعدة مؤسسة جائت نتيجة ممارسات ولغرض معاجلة هذه القضية س نتناول توضيح العالقة الإشاكلية بني
اجامتعية ،وأدت اإىل حتديد سلوك ادلول يف هذا اجملال( .أمحد ،2005 ،ص البنية والفاعل يف الفرع الول ،وإاماكنية الفعل يف ظل الفويض من وهجة
)178 النظر البنائية يف الفرع الثاين من هذا املطلب.
يويل البنائيون يف هذه املسأةل اهامتم ًا أكرث ابلبعاد الثقافية القميية
للفاعلني ادلوليني ،وليس فقط ابلإعتبارات املادية املنفعية لدلوةل ،بل المه
هو كيفية عكس ومتثيل تكل اجلوانب املادية واملعنوية عىل ح ٍد سواء .فالرؤية الفرع الول
البنائية قامئة عىل اإفرتاضني للفاعل والبنية ،لميكن الفصل بيهنام ،ويه :الول: اإشاكلية عالقة البنية والفاعل يف النظرية البنائية
هو أ َّن البيئة اليت يقوم فهيا الفاعلون أو ادلول ،يه اإجامتعية كام أهنَّ ا مادية
ا ّإن الوجود املتنافر لدلول يف حاةل الفوىض يويح أن الفوىض منيعة
أيض ًا .الثاين :اإن هذا الوضع يساعد ادلول عىل فهم مصاحلهم ،وذكل ابملساعدة
عن التغيري ،ابلرمغ من اإماكنية تعديل أاثرها من خالل التعاون ،اإل أ َّن البنية
الساس ية تظل يه ذاهتا .فال حيظى السلوك املقصود ،لس امي ذكل اذلي
يف تكوين تكل املصاحل(Checkel, 1998, p. 325) .
اإذا اكنت البنية مجموعة من احملددات والكواحب الثابتة نسبي ًا عىل سلوك
يريم اإىل تعديل البنية ذاهتا ،إالّ ابلقليل أو الرشعية النظرية .وهذا خيفق يف
ادلول ،فاإن تكل الكواحب يه أيض ًا قد تشّك حمفزات مادية ومعوقات اإدراك الطريقة اليت ل تس تطيع فرادى ادلول اإعادة اإنشاء البنية حفسب ،بل
س ياس ية ،كتوازن القوى والسواق ،والتجارة العاملية ،ابلرمغ من هذا فاإن تنطوي عىل عدم اإحامتل تغيريها( .غريفتش ،2008 ،ص )349-348
املهم يف الرؤية البنائية يه كيف س يؤدي أو ليؤدي الفعل اإىل اإعادة اإنتاج
ترى النظرية البنائية أ َّن للبنية والفاعلني تشكيل متبادل ،ففي رفضه
لك من الفاعل والهيّك .ويكون للفعل أو السلوك مغزاه حتديد ًا من خالل
لإماكنية الفصل بني البنية والفاعلني يستند (ويندت) عىل ما يقول أهنَّ ام
تفاعيل جامعي .ويطور الفاعلون عالقاهتم عرب فهمهم للخرين عرب وس يةل إطار ٍ ا ٍ
حقيقتان بدهييتان عن احلياة الاجامتعية :الوىل :الإعتقاد بأ َّن البرش مه فاعلون
واعون مبقاصدمه وتؤدي أفعاهلم اإىل تغيري وإاعادة اإنتاج أو حتويل اجملمتع اذلي
"املثل "Normsيف تعاملهم معهم(Hopf, 1998, p.174) .
فالبنائية ترى أ َّن املثل تلعب دور ًا تفسري ًاي ،وميثل الفهم امجلاعي اذلي
يعيشون فيه .والثانية :يه التسلمي بأ َّن اجملمتع مكون من عالقات اجامتعية تقوم
تكون هوايت الفاعلني ومصاحلهم يؤدي أثر ًا معيق ًا يف سلوك الفاعلني ،فهيي ّ
برتتيب وهيلكة التفاعل بني هؤلء الشخاص ،فنحن حنيا يف عامل هل وجود
بناء فوقي ًا يقوم عىل قاعدة ومنظم وهميّك حبيث يؤثر يف سلوكنا ورؤاان ،علامً أن َّنا والكء ذوي
ول يقترص عىل تنظمي السلوك .كام أ َّن املثل ليست ً مس بق َ
مقاصد وهوايت مس تقةل يف هذا العامل ونعمل ابملقابل عىل تشكيهل وإاعادة
مادية ،بل تساعد يف تكوين وحتديد هذه القاعدة ،وعليه فاإن الفاعلني _ادلول
هبوايهتا_ ،والهيألك_مبثلها العاملية_ تتفاعل وتكون بعضها البعض. تشكيهل عىل حنو مس متر(Wendt, 1987, pp. 337-338) .
تس متد النظرية البنائية هذه الرؤية استناد ًا اإىل تفريقها بني نوعني من
)(Checkel, 1998, p. 336
وذكل ل َّن مصطلح "املثل" اذلي يس تخدمه البنائيون ينطلق من القواعد واليت يه القواعد املؤسسة للعالقات ادلولية ،والقواعد املنظمة لها،
فالوىل هممتة بتفسري أصل الش ياء ،بيامن تركز الثانية عىل توضيح العالقات
معايري اجامتعية ،وهو يعين التوقعات املشرتكة ابلسلوك المثل لهوية معينة،
وتأخذ املثل شلكني فهيي تعمل كقواعد ُم َع ِرفة و ُم ِنش ئة للهوية .ويف هذا فاهنا
بني هذه الش ياء (ادلول ،النظم ،واملؤسسات) ،فالواقعية اجلديدة عىل سبيل
تفرز فاعلني جدد ًا أو مصاحل أو مجموعة من الفعال .كام أهنَّ ا ويف بعض احلالت
املثال ،ل يوجد دلهيا أي مفهوم للقواعد املؤسسة ،فعامل هذه النظرية مكون
من فاعلني موجودين أص ًال ،وكذكل سلوكهم ،ذلا فهيي ل تتعرض لتفسري
تعرف هوية الفاعل اليت من خاللها ميكن حتديد ماهية السلوك اذلي جيعل
الفاعلني الخرين يقرون هبوية معينة .وهبذا ،فهيي مرتبطة مبارش ًة ابلهوايت أصل وجود مكوانت العالقات ادلولية.
امجلاعية ومتصةل ابملصاحل اخلاصة ،فاملصاحل واملثل منش ئة لبعضها البعض.
ولتوضيح المر ميكن اعامتد "الس يادة" اكإحدى القواعد املؤسسة اليت
)(Björkdahl, 2002, p.16
تناولهتا ادلراسات البنائية ،ونظام ادلول احلديث مل يتحقق اإل من خالل اإدراك
القاعدة املؤسسة :الس يادة املتبادةل ،فالس يادة مسة أصيةل مالزمة لي دوةل
الفرع الثاين حىت لو مل توجد دوةل أخرى ،لكن هذه السمة لن تصبح حق ًا إالّ عندما تسمل
اإماكنية الفعل يف ظل الفوىض ادلولية هبا ادلول الخرى .فاحلقوق يه قدرات اجامتعية تضفى عىل الفاعلني ومتنح
تعد الواقعية اجلديدة صاحبة الرؤية اليت تصف وتفرس العالقات هلم من قبل أخرين ،أذنة هلم القيام بأعامل حمددة ،وميكن دلوةل قوية أن
تس تخدم قدراهتا املادية يف ادلفاع عن س يادهتا ضد همينة الخرين ،لكن حىت ادلولية بشّك عام والس ياسة ادلولية بشّك خاص من خالل مفهوم
ادلول الضعيفة تس تطيع أن تمتتع ابحلق نفسه اإذا اعرتف الخرون بس يادهتا( .الفوىض )Anarchy ،مفث ًال يعرف (كينيث والزت )Kenneth Waltzبنية
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 4
وهذا الفهم يفرس ما يطرحه (ويندت) بأن الفوىض يه ما ميكن أن املنظومة ادلولية استناد ًا اإىل ثالثة عنارص رئيس ية ،واليت يقول أهنا تقرر
تصنعه ادلول ،فليس هناكل منطق للفوىض متأصل بذاته ومس تقل عام ترغبه سلوك ادلول بطريقة بنيوية وبغض النظر عن السامت ادلاخلية لهذه ادلول،
ادلول أو تعتقده( .ويندت ،2006 ،ص )212 وأول هذه العنارص هو املبدأ املنظم لهذه البنية وهو فوضويهتا ،واثنهيا ،هو
ومن انحية أخرى أ َّن البنائيني يعملون اإستناد ًا اإىل مسلمة أ َّن البنية توزيع القوة بني ادلول داخل هذه البنية ،واثلهثا هو التشابه الوظيفي لهذه
ادلولية املعارصة عبارة عن "ثقافة متوسطة" أو جممتع يتشّك حول مجموعة من ادلول .ومبا أ َّن مجيع ادلول متشاهبة وظيفي ًا يف حبهثا عن المن وتعزيز اإماكانت
القواعد واملعايري بغض النظر عن املنافسة السائدة بني أعضاهئا ،ولهذا تؤكد البقاء ،فأن العنرص الثالث يسقط تلقائي ًا من التعريف ،لهذا ميكن القول أ َّن
البنائية أ َّن وضع الفوىض ليس عائق ًا أمام ظهور وتطور سلوك تعاوين بشّك تعريف (والزت) للبنية هو يف احلقيقة ثنايئ البعاد :الفوضوية وتوزيع القوة.
كبري(Dunne, 1999, p. 327) . وإاستناد ًا اإىل واقعيته ،فاإن أمه عنرص من عنارص تعريف البنية اذلي يعد
ذلكل يؤكدون عىل أن رؤية الواقعية اجلديدة يه رؤية قارصة لهنَّ ا املتغري السبيب الرئيس اذلي يعود اإليه الفضل يف اإحداث اخملرجات ادلولية
حمدودة ،واحلقيقة أ َّن رؤيتنا تتحدد وتتأثر بتفسرياتنا ورؤاان املتعددة اليت هو عنرص الفوضوية ،مبعىن غياب حكومة مركزية أوسلطة عليا يف املنظومة
جائت نتيجة التفاعل بيننا كفاعلني وبني العامل من حولنا كبناء ومواقفنا ادلولية( .العتييب ،2010 ،ص )128-126
النطولوجية والبس متولوجية عن هذا العامل. ولكن عند البنائيني ا َّإن هذا التعريف مرفوض ومتدارك يف الوقت
وفق ًا للنظرية البنائية والقول لـ(نيكولس أونوف) فاإن "الفعل يأيت نفسه ،وذكل ل َّن البنائية خمتلفة عن النظرايت العقالنية يف التعامل مع نتاجئ
قبل العامل وأ َّن العامل ليس معطى مس بق ًا بل إان ّه الفعل اذلي يصنع العامل". ثقافة الفوىض ،وميكن تلخيص رؤية البنائية بأهنا تستند عىل س ندين
)(Onuf, 1989, p.2 أساس يني ميكن المتيزي بيهنام اكليت:
فالتفاعل بني العامل والفرد ،أو الفرد واجملمتع ،ومن أجل دراسة معلية أولً :طبيعة الفوىض :اإن تبين الواقعيني اجلدد للمهنج "املادي" و"الفردي"
التأثري املتبادل بيهنام جيب البدء من الوسط ،أي من ألية التأثري بيهنام ،وتكل يدفعهم اإىل القول بأ َّن الفوضوية يه ما جيعل من الس ياسة ادلولية ذات طبيعة
اللية يه "القواعد ،"Rulesويه متثل العبارة اليت توهجنا اإىل ما جيب أن رصاعية عىل الطريقة "الهوبزية" ،وبشئ من احلمتية ،أي أن َّه يف ظل هذه
نفعهل ،ويف هذه احلاةل فاإن عبارة "ما هو اليشء اذلي يؤلف املعيار أو املقياس احلاةل تكون احلروب أمر ًا ممكن احلدوث دامئ ًا ،وتعمل ادلول بشّك مس متر
اذلي جيب أن يفعهل الناس يف ظروف متشاهبة ،ولكمة " جيب "Should عىل تطوير قدراهتا املادية العسكرية للحفاظ عىل أمهنا وبقاهئا .ولكن اإذا اكنت
يه اليت ختربان برضورة الالزتام ابلقاعدة ،أو حتمل النتاجئ وقاعدة أخرى تطبق الفوىض من صنع ادلول كام تدعي البنائية ،فس يكون لها أكرث من منطق،
خاصة حباةل عدم تطبيق القاعدة الوىل(Onuf, 1999, p.59) . فالفوىض حبد ذاهتا يه وعاء فارغ ليس هل منطق فطري حقيقي ،فالفوضوايت
ميكن تعريف الهوايت ،بأهنا يه أساس املصاحل ،ما يعين أ َّن اجلهات تكتسب أكرث من منطق كنتيجة لمنط البنية اذلي نتصورها بداخلها.
الفاعةل "تعرف مصاحلها يف معلية تعريف املواقف" .واملؤسسات يه مجموعات (ويندت ،2006،ص )346
أو هيألك ساكنة نسبي ًا من الهوايت واملصاحل ،واليت عادة ما ترشع وتؤسس أي أ َّن البنائية تقدم تصور ًا مفاهميي ًا خمتلف ًا للمفهوم جاعةل منه مفهوم ًا ترتتب
عىل شّك قواعد أو معايري ،ولكن ليس لها قوة حتفزيية مبقتىض تفاعل اجلهة عليه تعددية سلوكية خمتلفة عن تكل المنطية السلوكية اليت تقول هبا الواقعية،
الفاعةل اجامتعي ًا مع املعرفة امجلاعية ومشاركهتا فهيا ،وتعد "املساعدة اذلاتية" فالبنائية ل ترفض الفوىض بقدر ما ترفض النظر اإلهيا عىل أهنَّ ا قوة مادية حبتة
يف حد ذاهتا مؤسسة مضن الفوىض ولكهنا ليست املؤسسة الوحيدة املمكنة، خالية من الفاكر واملعايري ،ول ميكن تغيريها أو حتايش أاثرها(Sampson, .
حيث أن َّه ميكننا الإشارة اإىل أمثةل من النظمة المنية الكرث تعاونية ،وعليه، )2002, p.429
فاإن السلطة واملؤسسات ليسا تفسريين متعارضني ،كام يفرتض غالب ًا ،ومن يرشح (تيد هوف) رؤية (ويندت) حول "غياب السلطة املركزية
أجل الانطالق من الهيّك اإىل الفعل –أو التطبيق ،-مفن الرضوري مراعاة عن النظام ادلويل" بأهنَّ ا رؤية انجتة عن تفاعل اجامتعي أنتجته ممارسات قام
"هيّك الهوايت واملصاحل يف النظام ،واذلي بين بطريقة "بينذاتية هبا الفاعلون يف النظام ادلويل واليت أثرت وتأثرت يف الوقت نفسه ببنية هذا
"Intersubjectiveأو تفاعل أشخاص ،واملعاين اليت تنظم من خاللها النظام ،أي أ َّن رؤية ادلول لطبيعة النظام ادلويل والنتاجئ املرتتبة عىل هذه
الفعال ،تنبع من معلية التفاعل(Wendt, 1992, p. 396-397) . الطبيعة يه نتاج معليات وعالقات اجامتعية بني الوحدات الفاعةل ،ويه غالب ًا
وعليه ميكن القول بأن معلية التفاعل هممة ومركزية ابلنس بة للنظرية ادلول وتفاعلها مع بنية النظام ادلويل(Hopf, 1998, p.174) .
البنائية ،لهنا تودل اإماكنية اإنتاج وإاعادة اإنتاج املواقف اخملتلفة بناء عىل أمناط
خمتلفة من التفاعل ابلإستناد اإىل هوايت الفاعلني وانعاكسها عىل كيفية تعريف
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
5 جمةل جامعة التمنية البرشية
اإميانه بوجود مبادئ أخالقية حمددة ميكن تطبيقها عىل مجيع القضااي. املصاحل .وتنشأ القواعد نتيجة التفاعل بني الفاعل والبنية وكيفية التوصل اإىل
حيث تتعاون ادلول مع بعضها البعض وحيث حتل مفاهمي أخرى مبنية صيغة معقوةل ومقبوةل للعالقة بني املثل واملصاحل وإانتاج هوية حمددة مضن
عىل "الهوية امجلعية "Common Identityحمل مفهوم (هوبز) القامئ ثقافة سائدة.
عىل "مساعدة-اذلات" ،وحيث حيل التعاون احلقيقي حمل احلرب اثني ًا :نتاجئ الفوىض :حاولت البنائية اإدخال جانب اإجامتعي ثقايف هواييت
ادلامئة ،كام يف منظومة مابعد ( .1945ويندت ،2006 ،ص )408 معياري يف تعريف ووصف البنية ادلولية ،وإاذا متت معلية مزج هذه اجلوانب
فالفوىض البنيوية يه حاةل متثل ثقاف ًة "هوبزية" ،واعامتد تكل الثقافة واعادة تعريفها وفق ًا للصورة املتودلة مهنا مجيع ًا ،فاإن الفوىض س تكون بنتاجئ
فقط يف وصف وتفسري الس ياسة ادلولية يه أحادية معرفية وقصور خمتلفة ،حيث أهنَّ ا تنتقد الواقعية اجلديدة لإيعازها أ َّن بنية النظام ادلويل يه
أنطولويج من وهجة نظر البنائية .فاعامتد "الهوبزية" يف البنية يه هتميش بنية فوضوية ل تتيح لفاعلهيا سوى مفاهمي وثقافات أمهها (مساعدة اذلات
ملنطقيات أخرى ليست أقل تأثري ًا من تكل املعمتدة من قبل الواقعية اجلديدة. ،)Self-Helpيف ظل (املعضةل المنية ،)Security Dilemmaفالبنائية
ففي ظل وحمتية وجود ثقافة واحدة هوبزية ،فاإن النتاجئ اليت تودلها تكل ل ترفض فوضوية النظام ادلويل ،بل تطرح احامتليات اختالف طبيعة ونتاجئ
الثقافة يه لصيقة هبا يه فقط ،ولكن اإذا مت اإعامتد قراءة الثقافات الخرى الفوىض ادلولية ،اإذ هناك عىل القل ثالث ثقافات خمتلفة:
للفوىض ،فاإن نتاجئها س تكون خمتلفة ابختالف الثقافة املعمتدة. أ .الثقافة الهوبزية :Hobbesean Viewتتسم هذه الرؤية بأهنَّ ا تنسجم
وتتطابق مع رؤية الواقعية اجلديدة لبنية النظام ادلويل اذلي جيعل ادلول
املطلب الثاين تعيش يف حاةل من عدم الوضوح وخوف من تزايد قوة أي دوةل أخرى،
طبيعة التوهجات مابعد الوضعية يف النظرية البنائية وذلكل تسعى لك دوةل اإىل زايدة قوهتا اذلاتية اليت تقود اإىل نظام الاعامتد
عىل اذلات ،وهذا يقود اإىل نوع من س باق التسلح وسلسةل من
يف أواخر مثانينات القرن العرشين ،تضافر عامالن لهتميش التحليل الإجراءات املتتالية من الس ياسات اليت تقود اإىل حرب الّك ضد الّك.
اجملمتعي يف دراسات عمل العالقات ادلولية .أما الول فاكن املادية الطاغية وهنا تفهم ادلول وتنظر اإىل بعضها البعض عىل أهنَّ ا أعداء ،وحيث احلرب
للمنظورات الكربى ،فبالنس بة للواقعيني اجلدد اكن احملدد السايس لسلوك والرصاع هام السلوك السائد ،كام يف منظومة ماقبل ( .1648ويندت،
ادلول هو التوزيع السائد للقدرات املادية بني ادلول يف النظام العاملي ،وهو ،2006ص )360
حمدد مينح ادلوةل حمفز ًا قو ًاي للبقاء ،اذلي يقوده بدوره التنافس من أجل القوة، ب .الثقافة اللوكية :Lockean Viewحتتل هذه الرؤية موقع الوسط بني
أما الليرباليون اجلدد ،فبالرمغ من افرتاضهم أمهية املؤسسات ادلولية ،فقد رأوا الرؤى الثالث ،اإذ تستند اإىل الفلسفة الس ياس ية لـ(جون لوك)،
مصاحل ادلوةل ،مادي ًة بصورة أساس ية .أما العامل الثاين فقد اكن التصور وبدورها تعمتد عىل أفاكر (هيوغو غروش يوس ،)Hugo Gracious
العقالين السائد عن الفعل الإنساين اذلي تلخص يف السعي ابعتبارمه فاعلني اذلي يعد ادلوةل وحدة فاعةل مس تقةل يف ظل غياب السلطة املركزية
اسرتاتيجيني منعزلني اكذلرات يسعون وراء مصاحلهم اذلاتية ،ومه بذا افرتضوا من النظام ادلويل ،وهذه ادلول تتنافس وتتصارع من أجل حتقيق
لّك منطي ًا للعقالنية الداتية عند مجيع الفاعلني الس ياس يني .وابجامتع هذان
ش ً مصاحلها ،ولكن هذا التنافس يكون من خالل مجموعة من القواعد املتفق
العامالن أي مادية وعقالنية النظرايت السائدة ،فقد مت هتميش اجلوانب علهيا بني ادلول .وهنا تفهم ادلول وتنظر اإىل بعضها البعض عىل أهنَّ ا
الإجامتعية للحياة ادلولية ،ما مل يمت اخزتال املسار الإجامتعي اإىل جمرد تنافس متنافسة ،ولكهنا مع ذكل تلزتم مببدأ "عش ودع غريك يعش" ،وتعرتف
اإسرتاتيجي يدفعه السعي وراء القوة( .مسيث ،2006 ،ص )344 حبق لك مهنا يف البقاء ،كام يف منظومة ودول ويس تفاليا بعد .1648
تقدم البنائية نقد ًا للطبيعة الوضعية ملهنجية التيار الرئييس يف (ويندت ،2006 ،ص )385
العالقات ادلولية ،اليت تعكس اجتاه ًا تغلب عليه الحادية املهنجية والفكرة ج .الثقافة الاكنتية :Kantian Viewتعمتد هذه الرؤية عىل أفاكر
القائةل بأن العلوم الطبيعية والعلوم الاجامتعية يه من نوع واحد .والنتاجئ (وفق ًا الفيلسوف الملاين (اإميانويل اكنت )Immanuel Kantاذلي رأى
للوضعية) تعد رشعية وحصيحة عندما تأيت عرب اإجراءات ووسائل حمددة. أ َّن النظام ادلويل يشّك جممتع ًا أو نظام ًا عاملي ًا فيه قمي مشرتكة مقبوةل
ووفق ًا للبنائية فاإن هذه الطريقة تزنع عن العمل هممته الوىل حبس بانه "منوذجا من الوحدات مجيعها .والعامل باكمهل هو موطن ل إالنسانية فهو ل يرى أ َّن
للمعرفة ( ."Paradigm of Knowledgeأمحد ،2005 ،ص )167 غياب السلطة املركزية يعين الرصاع واحلياة يف حرب الّك ضد الّك.
من هنا ظهرت البنائية مستندة اإىل السس الفكرية القامئة عىل منوذج وهذه الرؤية تركز عىل وجود "نظام أخاليق عاملي" ويه تتخذ مفهوم ًا
ممتزي بذاته ،س نقوم بدراسة السس اذلاتية لتكل الفلسفة من خالل تناول للطبيعة البرشية أكرث تفاؤ ًل ،وإاجيابية ،وميكن اعتباره عاملي ًا من حيث
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 6
يويل (ويندت) أمهية كبرية ابملعايري( )Standardsاملس متدة من الساس الفكري ل إالدراك يف الفرع الول ،وتناول اإجامتعية البىن أساس
القواعد ( ، )Rulesفهيي تشّك أساس املعىن يف احلياة الاجامتعية ،فالبنائية لمتاثل ادلول يف الفرع الثاين.
اليت يطرهحا تشدد عىل المهية الكبرية للقواعد ابلنس بة للواقع الاجامتعي،
فهيي اليت تنظم وتضبط سري العامل من مجيع نواحيه ،ذلا فهو يركز عىل رضورة الفرع الول
الانطالق من القواعد ،فالقاعدة ميكن تعريفها حبسب (ويندت) بـ"أهنا بيان فكرية املعايري أساس اختالف الإدرأاكت
أو مقوةل خترب الناس عام جيب أن يفعهل"(Zehfuss, 2002, p. 19) . شلكت املفاهمي املادية كـ(القوة واملصلحة واملؤسسات ادلولية) معظم
املشلكة للترصف وتكل القواعد لبد وهو بذكل يبني أمهية القواعد ّ النقاشات النظرية طيةل الفرتة اليت اكنت النظرايت العقالنية سائدة .واحلقيقة
أن تكون فكرية .ويف هذا السبيل ف إان ّنا نرى أ ّن (ويندت) يلوج يف فلسفة أ ّن املادية أنكرت عىل الفاكر واملعايري والقمي املشرتكة أن تمتتع مباكنة العةل
العمل يف كتاابته ،فهو يرى أ ّن ما يرشحه يف العالقات ادلولية حيتاج اإىل الس ببية ،واخزتلت العقالنية املسار الاجامتعي يف الاسرتاتيجية وجتاهلت
السانيد واملبربرات املثبتة علمي ًا ،ل ّن فكرية القواعد والسس ل تتفق (عىل خصوصيات اجملمتع والهوية واملصاحل واملنافسة .لكن البنائيني أعادوا البحث
القل) مع مادية السس اليت تقوم علهيا النظرايت العقالنية. السوس يولويج اإىل قلب عمل العالقات ادلولية ،عن طريق اإعادة تصور املسار
شلكه الواقعيون يرى (ويندت) بأ ّن (الإجامع املادي) اذلي ً الاجامتعي ابعتباره جما ًل تأسيس ي ًا للقمي واملامرسات ،وعن طريق تسكني
والليرباليون ،أدى اإىل حتول مفاهميها اإىل اإشاكلية ،وليست مسلامت ،مما أدى الهوايت واملصاحل الفردية يف ذكل اجملال( .مسيث ،2006 ،ص )345
اإىل تشكيل رؤى خمتلفة قامئة عىل الاهامتم بـالفاكر ا ً
إبتداء من وخيتلف البنائيون عن العقالنيني يف تصوراهتم للمنطق املهمين اذلي
(س نايدر Snyderوبريك Brukeوسابني ،)Sapinاذلين بدؤوا مرشوع ًا حيمك سلواكت ونشاطات الفواعل أو الوالكء ،فاذا اكن العقالنيون يعرفون
حبثي ًا حول ادلور اذلي تؤديه نظم املعتقدات والقناعات والإدرأاكت يف صناعة السلوك ابلعتبارات املادية البحتة ،فان البنائيني يرون أ ّن السلوك حمكوم
القرار يف الس ياسة اخلارجية .وقد تطور هذا املرشوع بشّك كبري ،ابإضافات ابلإعتبارات املثالية والقميية ،فادلول يف سلواكهتا دامئ ًا ما تبحث عن التطابق
تنظريية متعددة حول الهوية ،واليديولوجيات ،والثقافة والفاكر .مبعىن أخر، بني سلوكها ومربرات رشعنته .علامً أ ّن هذا الطرح البنايئ ل يدل عىل رفض
حتولت مفاهمي الاجتاه السائد ذاهتا متثل اإشاكلية ،ومل تعد تؤخذ عىل أهنا املادية رفض ًا اتم ًا ،ولكهنم يقرتحون العودة اإىل البىن واملعاين املشرتكة بيهنا،
مسلامت يف نظرية العالقات ادلولية ،وأصبح العلامء املاديون يواهجون معلية واليت عىل أساسها تدرك وتفهم هذه الترصفات ،فاإىل جانب املدلول املادي
اإحياء مثالية تمتثل يف مواهجة السؤال التايل "ما هو الفرق اذلي ميكن أن للظواهر توجد مدلولت معنوية وفكرية وقميية تؤثر عىل اإدراكها وفهمها،
ُحتدثه الفاكر؟" يف الس ياسة ادلولية( .ويندت ،2006 ،ص).140-139 وبدوهنا يكون الإدراك املادي انقص ًا(Philips, 2007, p. 63) .
يدَّعي (ويندت) بأنه يف اإماكن البنائية أن تكون مبثابة جرس يربط واحلقيقة أ ّن السؤال اذلي يتبادر اإىل اذلهن هو عن جدوى اإس ناد
الفجوة بني املناجه الوضعية ومابعد الوضعية يف العالقات ادلولية .فهيي من السس اإىل الفكر أو املثالية ،ل املادية؟ مفا يه احلمكة من أن تكون أسس
انحية تشرتك مع الواقعية والليربالية يف السامت الساس ية للس ياسات العاملية، القوة واملصلحة (مث ًال) فكرية أم ل؟
وهذا هو اجلانب الوضعي اذلي يتبناه ،وهيمت من انحية أخرى هبوية الفواعل حياول (ألكساندر ويندت) الإجابة عىل هذا السؤال يف كتابه
والطريقة اليت يتشّك هبا سلوكهم وأفعاهلم ،وهذا اجلانب من املوضوعات (النظرية الاجامتعية للس ياسة ادلولية) بقوهل "اإن كثري ًا من القدرة الظاهرة
الساس ية يف مدخل مابعد الوضعية( .فرج ،2007 ،ص )431 للرشوحات املادية اإمنا هو يف احلقيقة معمتد عىل وجود مسلامت مغمورة أو
فالبنائيون يعيبون عىل املنفعيني ويف مقدمهتم الليرباليني اجلدد نظرهتم مضنية عن حمتوى الفاكر وتوزيعها .فالفكرة الاساس ية هنا يه أ ّن معىن
"الفردية" للفاكر واملعتقدات ،وذكل حني أحلقوها ابلفراد وأخرجوها من القوة ،وحمتوى املصاحل اإمنا هام من معل الفاكر وليسا ذاتيني .فاإذا اكن احلال
دائرة الفعل امجلاعي ،حيث قالوا بأ ّن طبيعة ادلول وهوايهتا يه حمددة سلف ًا كذكل ،فاإننا ل نس تطيع أن ّنقمي نتاجئ املادية عىل أهنا هبذا الشّك إالّ بعد أ ْن
كاكئنات عقالنية ومنفعية تسعى دامئ ًا اإىل املزيد من الرثوة ،والرفاه نوحض الرشوط املثالية (الفاكر) لرشوحات القوة واملصلحة ونعرفه".
بناء اجامتعي ًا ينتج التفاعل
الاقتصادي ،بيامن ينظر البنائيون للفاكر فوصفها ً (ويندت ،2006 ،ص )144
املس متر واملتبادل بني الفراد ،واذلي ينتج بدوره مايسمى ابلفاكر امجلعية ا ّإن ما يقصده (ويندت) ،هنا هو أ ّن ما مت حبثه عن القوة واملصلحة
املشرتكة أو مايعربون عنه بـ"القصد أو الفهم امجلاعي" ،واذلي يعمتد عىل واملؤسسات مل يكمتل ،فالصول احلقيقية للسس املادية احملركة للعالقات
املامرسة الاجامتعية اليت ميكهنا أ ْن تعيد اإنتاج هذا الفهم( .أمحد ،2005 ،ص ادلولية يه ليست مادي ًة بدورها ،بل يه معنوية أو فكرية.
)176
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
7 جمةل جامعة التمنية البرشية
عىل هوايهتا الاجامتعية ،أي كيف تنظر ادلول اإىل نفسها مقاب ًةل ابدلول فالبحث عن املصلحة ل ميكن أن يوجد بصورة معزوةل عن التأثري
الخرى يف اجملمتع ادلويل ،اإذ تقوم ادلول ببناء مصاحلها الوطنية عىل أساس والتأثُر الاجامتعي ،مفا أمهية اإمتالك شئ معني ا ْإن مل يمت قياسه من جانب،
هذه الهوايت .ويوافق البنائيون عىل أن الفوىض يه مزية النظام ادلويل، ومن جانب أخر فاإن الاختيار الاجامتعي لن يمت مامل حتتك الصفات اذلاتية
لكهنم يرون أهنا ل تعين شيئ ًا يف حد ذاهتا ل ّن هناك اختالف بني الفوىض ذلات منا ِفسة.
بعنارص أخرى يف اطار ماميكن اعتباره فوز ًا ٍ
النامجة عن الاصدقاء اختالف ًا كبري ًا عن تكل النامجة عن العداء ،ابلرمغ من
أ ّن الثنتني ممكنتان ،فاملهم هو أ ّن تنوع البىن الاجامتعية ممكن يف ضل الفرع الثاين
الفوىض .فقد تكون لدلوةل هوايت اإجامتعية خمتلفة ،تعاونية أو تنازعية وأ ّن البىن الإجامتعية أساس لعدم متاثل ادلول
مصاحلها تتنوع وفق ًا لها( .غريفتش ،وأوالكهان ،2008 ،ص )109 قام البنائيون نتسليط الضوء عىل عدة أفاكر رئيس ية فامي يتعلق بأمهية
يرى (ويندت) بأننا نبالغ يف الافرتاض اإذا كنّا نفكر بأ ّن ادلول دلهيا البنية الإجامتعية يف الس ياسة والس ياسة ادلولية ،وقد جسلت (اكرين ماري
مصاحل قامئة قبل التفاعل .فال يوجد ما يسمى مبعضةل أمنية تلقائية لدلول ،ا ّإن فريك) أمهها يف ثالث نقاط أساس ية ،ميكن تلخيصها يف( :فريك،2016 ،
مثل هذا الادعاء أو ذكل اذلي يقول :ا ّإن ادلول يه يف وضع الفراد يف مثل الصفحات )435-433
"صيد الوعول" الشهري لـ(روسو) يفرتض مس بق ًا أ ّن ادلول قد حصلت عىل أو ًل :اإن فكرة البناء الاجامتعي تقرتح وجود اختالف عرب الس ياق بد ًل من
مصاحل أاننية وهوايت قبل معليات تفاعلها ،وبد ًل من ذكل فان املساعدة وجود واقع موضوعي منفرد .فالنظرايت التقليدية يف العالقات ادلولية ،غالب ًا
اذلاتية ل تظهر إالّ من جراء التفاعل بني ادلول( .مسيث ،2004 ،ص)396 ما اإفرتضت متاثل ادلول ،عرب الزمان واملاكن ،أما التغيريات اليت ظهرت مع
ا ّإن القبول التلقايئ ملفاهمي املعايري والقمي والقواعد الاجامتعية جيب أل هناية احلرب الباردة ،فقد كشفت عن أمهية الس ياق التأرخيي وأاثرت
يعمي الباحث الاجامتعي عن حقيقة كون أ ًاي من هذه املفاهمي موصل بواسطة تسأولت عن الانتقال من الرصاع اإىل التعاون أو التحول من السالم اإىل
معلية تفاعل اجامتعي معلية رضورية ليس لتغيري هذه املفاهمي فقط ولكن احلرب.
بنفس القدر رضورية من أجل الإبقاء علهيا يف صيغة اثبتة .فالعملية الاجامتعية اثني ًا :أكد البنائيون عىل البعاد الإجامتعية للعالقات ادلولية ،وأظهروا أمهية
يف حياة امجلاعة يه اليت ختلق القواعد ،وحتافظ علهيا ،وليست القواعد يه املعايري ،والقواعد ،واللغة عىل هذا املس توى .أما أمهية أفاكر غورابتشوف
اليت ختلق حياة امجلاعة وحتافظ علهيا( .ويندت ،2006 ،ص )262 يف وضع ح ّد للحرب الباردة ،وازدايد أمهية معايري التدخل الإنساين ،وانتشار
هيمت البنائيون ابلعالقة بني الهيّك الفردي والهيّك الاجامتعي ،لكهنم القمي ادلميقراطية الليربالية ،فقد أدّت اإىل اإاثرة تساؤلت نقدية حول تأكيد
يركزون كذكل عىل دور املعايري وطرق الادراك املشرتك للسلوك املرشوع، الواقعية حرص ًاي عىل املصلحة املادية والقوة .وقد شدّد البنائيون عىل أهنّ م
فالهيألك لتقوم ابلتقييد حفسب ،وإانّام تقوم أيض ًا بتشكيل هوية اجلهات الفاعةل. سعوا اإىل اإعطاء تفسري "أفضل" ،مبين عىل حتليل للكيفية اليت جتمتع فهيا
فالفراد يف البنائية يوهجهم "منطق املالمئة" أي أ ّن ماهو عقالين هو حمصةل العوامل املادية مع العوامل الفكرية يف بناء خمرجات خمتلفة.
للرشعية ،كام يعرف من خالل القمي واملعايري املشرتكة مضن املؤسسات أو اثلث ًا :حاجج البنائيون بأن الس ياسة ادلولية ،وبعيد ًا من الواقع املوضوعي ،يه
الهيألك الاجامتعية الخرى .ل ّن اذلات ،وفق ًا لهذا املنطق تصبح اجامتعية من "عامل من صنعنا" .ورد ًا عىل كرثة حمددات "البناء" يف النظرية الواقعية
خالل اكتساهبا هوية مؤسس ية وحتقيقها ،مفث ًال ليست الاعتبارات املتعلقة اجلديدة والليربالية اجلديدة ،قدّم البنائيون احامتل "الفاعلية "Agency
ابلقوة يه السبب اذلي جيعل من معايري حقوق الانسان مقيدة ،بل إان ّه كوهنا وشدّدوا عىل معليات التفاعل .ول يعين ذكل أ ّن دلى اجلهات الفاعةل حرية
من اخلاصيات التأسيس ية لدلول ادلميقراطية ،ويه تصبح أيض ًا مك ِونة لإدراك اتمة يف اختيار ظروفها ،بل اإهنّ ا تتخذ خيارات أثناء معلية تفاعلها مع الاخرين،
ادلوةل عىل املس توى ادلويل( .فريك ،2016 ،ص )438-437 ونتيجة ذلكل ،فاإهنّ ا جتلب اإىل الوجود "وقائع" ممتزية تأرخيي ًا ،وثقافي ًا،
ويف س ياق التوهجات مابعد الوضعية للبنائية حيسب لها مساعدهتا وس ياس ي ًا.
عىل اإعادة تنش يط التنظري القميي يف العالقات ادلولية .ومل يكن ذكل بسبب ا ّإن الظواهر الاجامتعية مثل (ادلول والتحالفات واملؤسسات ادلولية)
أهنم اس تغرقوا يف التأمل الفلسفي حول طبيعة اخلري والرش ،وهو مرشوع ويه املواضيع امجلاعية للعالقات ادلولية ،قد ت َبين عىل املادة الساس اليت
اكتسب دفعة قوية مر ًة اخرى بسبب تعدد الزمات الخالقية اليت تودلت يه الطبيعة الإنسانية ،ولكهنا تأخذ أشاك ًل تأرخيية ،وثقافية ،وس ياس ية معينة
عن هناية احلرب الباردة ومسرية العوملة .لكن البنائيني كشفوا ضعف القوة يه نتاج التفاعل البرشي يف عامل اجامتعي .فادلول تمتتع هبوية مؤسس ية تودل
التفسريية للزنعة الشكية القامئة عىل املادة ،والقامئة عىل اإعالء شأن احلساابت أهدافها الرئيس ية اكلمن املادي والاس تقرار والاعرتاف من جانب الخرين
العسكرية والرثوة .ورمغ أ ّن تكل املثالية الإمربيقية اليت قدمهتا البنائية لتقدم والتمنية الاقتصادية .ومع ذكل تعمتد الطريقة اليت حتقق عربها ادلول أهدافها
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 8
بشّك مس تقل عن الإنسان والعوامل اجملمتعية ،ويه يف هذا تبدو يف قلب اإجاابت للس ئةل اليت طرهحا منظرو الخالق ادلولية ،لكهنا تسهم يف تطور
النظرايت ما بعد الوضعية (أنطولوجي ًا) ،أما خبصوص اإعرتافها ابلفوىض التنظري الخاليق ذي توجه فكري وأكرث فلسفية .وذكل بوس يلتني :الوىل،
ادلولية ،وادلوةل كفاعل أسايس فهيي هبذا تقرتب من العقالنية (أبس متولوجي ًا)، يه اإضفاء الرشعية عىل هكذا نوع من التنظري وإاماكنية حدوث تغيري دويل
ومبا أ ّن البنائية ترى القيام مبهام املرحةل البينية نظر ًاي ومعلي ًا يه مسأةل رضورية تقوده الفاكر .والثانية :يه املساعدة يف توضيح ديناميات ومياكنزيمات هذا
(ميثودولوجي ًا). التغيري( .مسيث ،2006 ،ص )347-346
ومبا أ ّن ا إلبستميولوجيا متعلقة ابإماكنية أن تكون لنا معرفة موضوعية ومن النقاط املهمة ،اإاثرة مسأةل الهوية النظرية العاملية للبنائية،
عن البىن اخلارجية ،أم ل ،فا ّإن البنائية تقر ابملرشوع العلمي املبين عىل فالواقعية والليربالية تدعيان مشوهلام ادلويل ،ولكن فامي خيص التطبيق فاهنام
تكذيب النظرايت يف مقابل الشواهد والدةل الإمربيقية ،وهو ما يقول عنه أمريكيتان ابإمتياز .حيث يرى (ريتشارد نيد ليبو) "أنه سواء منوذهجام املعريف،
(ويندت) "أ ّن العلامء ،وليس الفالسفة مه من يقررون يف الهناية ماهو علمي". أو جمالهتام ليست أكرث دولية من لعبة البيس بول المريكية .وابلرمغ من وجود
)(Wendt, 1995, p. 75 أاكدمييني منترشين حول العامل ينمتون للجانب الواقعي أو الليربايل ،اإل أ ّن
للتقرب من الوضعية العلمية ،وهذا ويف هذا القول حماوةل رصحية ّ وجود املبادئ والسانيد النظرية يه خاصة ابلمريكيني حىت وإا ْن اكن يف
التقرب يؤهل البنائية اإىل أن تكون نظرية الرض الوسطى بني الوضعيني ّ ضل وجود أعضاء أوروبيني مغروسني يف التنظري المرييك ،فاإن ذكل ل
ومابعد الوضعيني ،حيث أ ّن البنائيني يقرون ابلوجود املوضوعي للبىن ينفي اإنامتء افرتاضاهتم الساس ية وبناهئم الابس متولويج للمريكيني .وممّا يعزز
الاجامتعية واذلي يقابل وجود الفراد كحقائق اإجامتعية خارجية عن البىن. الوجود العاملي للبنائية ،فهو مضهم الربيطانيني ،والمريكيني ،وكذكل املنظرين
ومن جانب أخر ،تمتزي البنائية ابإعرتاف رصحي فامي خيص مسأةل الوروبيني أيض ًا"(Lebow, 2016, p. 61) .
املابعدايت فهيا ،فهيي تعي عدم اإس تقاللها عن النظرايت الوضعية املمتثةل مضن بناء
والواحض أ ّن صفة العاملية اليت حياول البعض اإحلاقها ابلبنائية يه ً
النظرايت العقالنية يف العالقات ادلولية (الواقعية اجلديدة والليربالية اجلديدة) عىل اإفرتاضني ،الول :هو وجود املبادي النظرية واملتغريات املعرفية اليت
بشّك اكمل وقطعي ،وهو ما دعا اإىل تسميهتا جبرس نظري للربط بني ٍ تشمل من مه ليسوا يف بؤرة س ياسات القوة ،واملصلحة اليت تستند اإلهيا
العقالنيني والتأمليني ،وذكل لهنا تش متل عىل أبعاد أنطولوجية بسامت مابعد الواقعية والليربالية ،وهذه ميكن أن تكون الثقافة ،والإدراك الثقايف لم ٍة ما
وضعية ،وفهيي تضم اإسهامات أبستميولوجية بروح وضعية يف بعض احلالت. همام اكن موقعها من س ياسات القوة املصلحة الغربية .أما الثاين :فهو وجود
يرشح (ويندت) هذا التوجه البيين يف البنائية بدعوته اإىل رضورة منظرين ل ينمتون اإىل املدارس المريكية.
بناء جرس بني التقليدين (العقالين والتأميل) من خالل تطوير جحة تفسريية،
بد ًل من الإدعاء الليربايل القائل أ ّن بوسع املؤسسات ادلولية حتويل هوايت الفرع الثالث
ادلول ومصاحلها ،ميكن أ ْن تكون اإسرتاتيجية البنائية يه بناء ذكل اجلرس عن البنائية وجرس الهوة بني العقالنيني والتأمليني
طريق اجملادةل ضد الواقعية اجلديدة بأ ّن املساعدة اذلاتية ل تعطى من قبل تنمتي البنائية اإىل مرحةل النقاش الرابع يف العالقات ادلولية ،فهيي من
البنية الفوضوية مبعزل عن العملية ،وإا ّن املساعدة اذلاتية وس ياسة القوة ل النظرايت مابعد الوضعية ولكن ميكن اعتبارها نظرية للتقريب ما بني
تنجامن منطقي ًا أو عفو ًاي من الفوىض ،وإاذا كنّا اليوم جند أنفس نا يف عامل النظرايت العقالنية والتأملية ،وابلرمغ من أ ّن مفاهميها عن طبيعة العالقات
املساعدة اذلاتية فا ّإن هذا يعود اإىل العملية ل اإىل البنية .فال يوجد منطق ادلولية يف احلقبة مابعد الوضعية ليست جديد ًة لكي ًا فهيي تعود اإىل املفاهمي
للفوىض مبعزل عن املامرسات اليت توجد وتعطي صفة فورية لبنية من الهوايت الـ"هيغلية" يف الفكر الس يايس ،اإل أ ّن إاس متدادها من الفكر وربطه
واملصاحل بد ًل من بنة أخرى ،وليس للبنية وجود أو قوى عرضية طارئة يف ابلعالقات ادلولية مكحاوةل للتفسري والتحليل من هجة ،واس تثنائيهتا الفكرية
معزل عن العملية .اإن املساعدة اذلاتية وس ياسة القوة مؤسس تان وليس تا واعامتدها عىل السس الصيةل اليت حترك العالقات ادلولية من هجة أخرى
مستني أساس يتني للفوىض( .مسيث ،2004 ،ص )398 همد لإعتبارها مرحشة قوية لإعطاء الإجاابت اجلذرية عىل الحداث القامئة يف
النظرية والواقع ادلويل.
من هنا وقعت عىل عاتق البنائية مسأةل التوفيق بني البعاد العقالنية
وإاجياد البينية النظرية اليت تكفل تقارب النظرايت العقالنية من هجة ومابعد
الوضعية من هجة أخرى .وذكل بفعل مجموعة من العوامل النطولوجية
وا إلبستميولوجية وامليثودولوجية ،فهيي ترفض أن يكون التعامل مع الواقع
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
9 جمةل جامعة التمنية البرشية
واللوكية والاكنتية) .واثني ًا :الإعرتاف :حيث أ ّن نتيجة سعي الفراد وامجلاعات املطلب الثالث
للحصول عىل الإعرتاف هبم فا ّإن النظام سيتطور ويتغري نتيجة عدم الإس تقرار النظرية البنائية وحمتية دوةل العامل
يف املرحةل الوىل حنو مرحةل أخرى ،وهذه السس يه اليت طرهحا (هيغل)
مضن "رصاع الضداد " و"الإعرتاف". يطرح (جون مريشامير) مخس فرضيات للواقعية اجلديدة ،ويه:
اإذا اكن من املمكن الإفرتاض أن النظام ادلويل يتحرك من حاةل اإىل أو ًل :النظام ادلويل هو فوضوي .اثني ًا :أ ّن لدلول قابليات جهومية ،اثلث ًا :عدم
أخرى ،فاإىل أية مرح ٍةل هنائية يتوجه النظام ادلويل؟ وما يه الليات املتبعة؟ التأكد من نوااي ادلول الخرى ،رابع ًا :رغبة ادلول يف البقاء ،وخامس ًا :عقالنية
وجييب (ويندت) بأن ّه هناك ثالث صور هنائية ،ويه(Wendt, 2003, : ادلول يف تفكريها وسلوكها .ويقوم (ويندت) مبناقشة هذه الفرضيات ويطرح
)p. 492-494 فرضيتني اإضافيتني ويه أو ًل :الإلزتام املهنجي بكون ادلول يه وحدة التحليل،
الصورة الوىل :صورة الفيدرالية السلمية العاملية املكونة من ادلول واثني ًا :أمهية التنظري املمهنج عىل املس توى النظايم ادلويل(Wendt, .
ادلميقراطية ،كام حدده (اكنت) .والرصاع هنا هو ما ميكن أ ْن خيلق )1995, p. 72
"الإختالطية غري الاجامتعية ،"Unsociable sociabilityأي أنه ابلرمغ يرى (ويندت) أ ّن الواقعية اجلديدة البنيوية يه ليست بنيوي ًة مبا يكفي
من الوجود امجلاعي لدلول فا ّإن ذكل لن خيلق دلهيا الهوية امجلاعية .وستُبقي أو اإهنّ ا ليست متصةل ابلهيّك ابلصورة املطلوبة .فالتصور املفاهميي اذلي تقدمه
ادلول عىل س يادهتا. الواقعية اجلديدة للفوضوية ادلولية ،وكوهنا بنية مادية رصفة وخالية من أي
الصورة الثانية :صورة العامل الواقعي "من النظرية الواقعية" اذلي تصارع فيه حمتوى ثقايف أو اإجامتعي ،يبدو عاجز ًا عن رشح اإماكنية التغيري يف الس ياسة
ادلول القومية للحصول عىل الإعرتاف ،كام حدده (هيغل .وهنا احلرب يه ادلولية .وهو ما تداركه (ويندت) يف أطروحته عن حمتية دوةل العامل ( Why
الإحامتل الكرث قوة .أما الرصاع فهو للحصول عىل اعرتاف يُمكّن ادلول .)a World State is Inevitableوحيث أ ّن فشل الواقعية اجلديدة يف
احلصول عىل الإعرتاف اذلي س يخلق التحول من الهوية اذلاتية لدلول حنو التنبؤ ابهنيار بنية احلرب الباردة بوصفه دلي ًال قو ًاي عىل جعزها عن رشح
هوية جامعية. التغيري ،ويف ذكل يذهب لك من (اكتزينش تني) و (ويندت) اإىل القول بأنه
الصورة الثالثة :صورة نشوء دوةل العامل ،حيث يرى (ويندت) بأ ّن التطور متغري بشّك يريع وبني عامل الواقعية اجلديدة اجلامد. تناقض ظاهر بني عامل ّ
التكنولويج سيسهل مامل يمتكن ل (اكنت) ول (هيغل) من أخذه يف )(Katzenstein, 1989, p. 291
احلس بان ،أي اإماكنية تسهيل التواصل عرب ادلول ،وتسخري التكنولوجيا لهذا ينتقد (ويندت) قائ ًال" :فاذا اكنت احلرب الباردة يه س ند الواقعية
الغرض أكرث من تسخريها للحصول عىل ترسانة عسكرية مغزاها وجود معضةل اجلديدة فا ّإن تكل احلرب اكنت واقع ًا وحقيق ًة لنا ولـ(مريشاميري) عىل حد
أمنية حتاول ادلوةل الس يطرة علهيا ،وابلتايل اإنتاج فوىض ملكفة ماد ًاي يف بنية سواء"(Wendt, 1995, p. 75) .
النظام ادلويل. فكيف ميكن التحليل استناد ًا اإىل وجودها واس متراريهتا كام يف الواقعية
وابلتايل فا ّإن من املمكن القول أ ّن الرصاع بني ادلول س ينتج "دوةل اجلديدة ،ولكن يف ذات الوقت التحليل استناد ًا اإىل اإغفالها كام تهتم بذكل
العامل" .وذكل اعامتد ًا عىل العواقب الاكرثية اليت ميكن أ ْن حيدهثا الرصاع من البنائية ،فالواقع ادلويل ل ميكن حرصه يف اإطار حمدد أو نظرية واحدة .حيث
أجل البقاء ،وما ميكن أ ْن ختلقه مسأةل التطور التكنولويج ،ويف ظل أخذ ل ميكن الإستبقاء عىل الإدعاءات الواقعية من نفس املنطلقات اإىل عني
هذين العاملني بنظر الإعتبار فا ّإن النظام ادلويل سيتطور من مرحةل اإىل الهناايت وبصورة مس مترة .بل جيب توضيح ما ميكن أ ْن حيمهل واقع معني من
أخرى. رشوط تغيريه ،وتوهجه اإىل حاةل قد تكون هنائية ،فالنظام مييل اإىل التطور
وحيدد (ويندت) مخس مراحل أساس ية ،يبني فهيا تطور من نظام حنو حاةل هنائية ومرحةل أخرية ومس تقرة .وهذه القراءة اخملتلفة طورها
ادلول اإىل دوةل العامل ،اكليت: (ويندت) فالبنائية كنظرية ميكهنا حتليل التغيري والإس تقرار يف النظام ادلويل.
املرحةل الوىل :نظام ادلول :System of Statesويه مرحةل الال اإعرتاف وهبذا ميكن القول أ ّن (ويندت) قد حاول توجيه النظرية البنائية حنو تأسيس
اللكي ،أي مرحةل "حرب الّك ضد الّك" كام يسمهيا (هوبز) ،ويشرتط فهيا مفاهمي التغيري ادلويل واماكنية وألية حصولها ،من جانب ،والرتكزي عىل املعايري
حتقق ثالثة رشوط خارجية يه ،حقيقة وجود دول ميكهنا أن تتفاعل خارجي ًا، ادلولية اخلاصة ابلبنية ادلولية من جانب أخر ،وذكل اعامتد ًا عىل الإنتقادين
وحقيقة غياب أليات لفرض التعاون بني تكل ادلول ،والإعتقاد املشرتك بأهنم الساس يني الذليَن وهجهام (ويندت) للواقعية اجلديدة.
"أعداء" ،وهنا سيمت الرتكزي عىل طبيعة سلوكهم جتاه بعضهم البعض ،وذكل يستند (ويندت) يف أطروحته عن "حمتية ادلوةل العاملية" عىل
س ندين أساس يني ،هام :أو ًل :الفوىض ،ابحامتلية حتقق نتاجئها الثالث (الهوبزية
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 10
املنطق الثابت القوى هو ماسيتفوق عىل أية ثقاف ٍة أخرى ،فالإنفصال لن بسبب عدم وجود الإعرتاف بيهنم ،وحيث ل توجد الهوايت امجلاعية يف
يعود خيار ًا ،مبا أ ّن الإنامتء هو "عام واثبت للجامعات"(Wendt, 2003, . النظام ،وحيث ل متكل ادلول اخلصوصية(Wendt, 2003, p. 517) .
)p. 526-228 املرحةل الثانية :جممتع ادلول : The Society of Statesا ّإن الال اإس تقرار يف
ومن اجلدير ابلرشح ،هو كون هذه املراحل اإفرتاضية متثل ما يعتقده املرحةل الهوبزية ،قد يمت حسمه ابلتحول اإىل جممتع ادلول ،أو الوصول اإىل
(ويندت) من رضورة الصريورة والتحول ،علامً أ ّن أبعاد ًا واسعة من هذه "الثقافة اللوكية" يف الفوىض ،يف هذه املرحةل تعرتف ادلول بس يادة بعضها
املراحل قد حتققت فامي مىض ،مثل "نظام ادلول" و"جممتع ادلول" ،هذا من دون س يادة الفراد املوجودين ،وهنا يوجد يشء من التضامن اذلي يدعهم
جانب ،ومن جانب أخر فا ّإن من املمكن حتقق هذه املراحل لك مهنا يف منطق ٍة ينظرون اإىل أنفسهم كـ"حنن" حمدً دون بقواعد اثبتة ،ويؤدي هذا الوجود اإىل
ما ،ففي الوقت اذلي تعيش فيه ادلول الغربية ومضن مجموعة المن امجلاعي، تعاون حمدود ،مع وجود هوية جامعية سطحية ،واحامتل نشوء احلروب احملددة
ف إان ّنا نرى أ ّن ادلول يف منطقة الرشق الوسط حىت وإا ْن اكن من بيهنا أعضاء واليت ليست حرو ًاب بنيوية .ولكن ابلرمغ من ذكل س يكون هناك مصدرين
مضن نفس املفهوم للمن امجلاعي "تركيا مث ًال" ،نراها تعيش وتعايش املرحةل لال اإس تقرار يف النظام ،الول :هو أنه ابلرمغ من عدم هتديد تكل احلروب
الوىل "نظام ادلول" من تطور النظام ادلويل ،أي أ ّن املراحل اليت س نأيت لوجود ادلول ،فاهنا حرب ملكفة اإقتصاد ًاي ،ومؤثره سلب ًا عىل حاةل التنافس
عىل رشهحا اإستناد ًا عىل رؤية (ويندت) لتحقق "دوةل العامل" يه متصةل املطلوب بني ادلول .واثني ًا :هو أنه ابلرمغ من كون ادلول يف احلروب احملدودة
ابلزمان واملاكن حامتً. غري همددة يف بقاهئا ،فا ّإن مواطنهيا همددون يف حياهتم ،ومبا أ ّن املواطنني غري
وميكن أن يطرح سؤال حول ،ما اإذا اكن امليل حنو التطور من مرحةل معرتف هبم" بصفة منفصةل عن دوهلم فاإهنّ م ليرغبون يف التضحية "ممزيين أو ٍ
اإىل أخرى يه مسة التارخي ،مفا اذلي مينع دوةل العامل من التطور اإىل منوذج ابنفسهم ،فالتضحية حتمل املعاين فقط يف الثقافة الهوبزية ،وحيث تتناسب
أخر أو مرحةل أخرى؟ وهذا السؤال أيض ًا ميكن الإجابة عليه عن طريق فهم حاجات ادلول مع حاجات الفراد(Wendt, 2003, p. 518) .
الرؤية البنائية وفهم السس الفلسفية فامي خيص تغ َُري مفهوم الس ياسة، املرحةل الثالثة :جممتع العامل :World Societyا ّإن اإشاكلية احلرب قد مت حلها
والإعرتاف هو ما ميكن أ ْن يدع املرحةل تبقى مغلقة عىل ذاهتا العاملية، من خالل جممتع المن املتعدد ،مما يضيف متطلبات تسوية غري عنيفة
فالس ياسة س تكون حيهنا س ياس ًة داخلية ،وفلسف ًة شامةل ل إالدارة واحلمك للرصاعات اخلاصة برشوط احلدود يف النظام ،والإعرتاف املشرتك عىل
العاملي .فوجود ادلول ابلصورة احلالية ،وابلس يادة اليت متلكها يه ما خيلق مس توى النظام يبدأ الن ابلتوسع حنو مض الفراد أيض ًا ابلإضافة اإىل ادلول
الفوىض ويمنهيا ،ولكن حاملا يتغري وجود ادلول والس يادة والفوىض ،فالتعريف وهذه املرحةل ميكن تسميهتا ابلكوزموبوليتانية أو جممتع العامل ،وحيث يقيّد
اذلايت املؤقت هو ما جيعل التأسيس املشرتك ممكن ًا ،أي اإاتحة الفرصة أمام وحيدّد النظام أجزاءه أكرث ،فالجزاء ليست مس تقةل وحرة يف بدء احلرب،
الخر ،لتأسيس اذلات العاملية. لّك أكرث تضامنية للفراد وادلول عىل حد وبفعل ذكل س يطور النظام ش ً
واملال َحظ أ ّن (ويندت) قد حاول صياغة مفهوم خمتلف لالعرتاف سواء .وابلرمغ من تكل التضامنية فا ّإن املرحةل تفتقر للحامية امجلاعية من
ابدلول والفاعلني ادلوليني ،ويظهر ذكل بوضوح حني يطرح السؤال التايل العدوان(Wendt, 2003, p. 520) .
نفسه :من اذلي س يعرتف ابدلوةل العاملية؟ واجلواب ميكن أ ْن يس متد من املرحةل الرابعة :المن امجلاعي :Collective Securityيتطلب حتقق هذه
مناقشات (ويندت) استناد ًا اإىل الرؤية البنائية اليت يتبناها ،فالفراد مه من رشوط خارجية ،ل تتعلق فقط ابلفراد وادلول فقط ،حيث أهنا ٍ املرحةل
س يعرتف ابدلوةل العاملية ،اليت بدورها مزيهتم ابعرتافها هبم .ا ّإن هذه الرؤية قامت ابلإعرتاف بس يادة بعضها البعض ،وحاولت القيام بتسوية املنازعات
يه يف أتون الرؤية البنائية للمعرفة والتحليل ،فالبنائية ترى أ ّن الظروف اليت سلمي ًا ،وقامت ابدلفاع عن أعضاهئا ضد الهتديدات اخلارجية .وميكن القول
يعيشها الإنسان والوعي بتكل الظروف يه ما س يخلق عوامل التحول اإىل أ ّن النظام وصل اإىل مرحةل "الثقافة الاكنتية" من "الصداقة" ،حيث أ ّن
ظروف غريها ،أي أ ّن الفراد وامجلاعات حتاول احلصول عىل الإعرتاف للعضاء فهم أمعق لهويهتا امجلاعية مع أخذ أمهنا بنظر الاعتبار .ويف عامل اليوم
خبصوصياهتا ومتايزاهتا ،يف سبيل اس مترار ذاهتا ،وليس فقط وجودها املادي فا ّإن مرحةل أساس ية من المن امجلاعي قد حتققت ولو بصورة إاقلميية يف
ومصاحلها ،كام تدعي بذكل الواقعية اجلديدة مث ًال ،وهذه اخلصوصيات التطبيقات ،أي كام حدث يف حرب اخلليج الوىل ،فالتحالفات ادلامئية وقفت
الاجامتعية أص ًال ،والوعي هبا ،هو يف مرح ٍةل معينة قد يمت احتواهئا يف منوذج بصورة جامعية ضد العدوان(Wendt, 2003, p. 522) .
ادلوةل احلايل ،إالّ أ ّن هذا المنوذج ليس اخملرج الوحيد حلسم الامتيزات املرحةل اخلامسة :دوةل العامل :The World stateميكن الوصول اإىل هذه
والس يطرة عىل الرصاعات اليت قد تقوم نتيجة الفوىض اليت س ببهتا مسأةل املرحةل حني تتحول س يادة ادلول حنو املس توى العاملي ،حيث لحيتاج
وجود ادلول كفاعل أسايس يف العالقات ادلولية. الإعرتاف ابلفراد اإىل حدود ادلول لتتوسط الفراد والإعرتاف هبم ،حيث أ ّن
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
11 جمةل جامعة التمنية البرشية
يضف الكثري اإىل جمال اختصاص العالقات ادلولية مبا أ ّن النتيجة يف اجملال وميكن القول أ ّن النظرية البنائية تتوجه حنو تأسيس مفاهمي التغيري
العميل يه ذاهتا. ادلويل واماكنية وألية حصولها ،حيث تقدم البنائية جما ًل أوسع للتغيري البنيوي
اثني ًا :النقد املوجه اإىل البنائية يف مسامههتا يف جمال املعايري والهوايت :إا ّن وإاماكنية أكرب للتحول يف الثقافات ادلولية ،فتصور البنائية للبنية ادلولية عىل
التغيريات اليت رافقت انهتاء احلرب الباردة ،والعمليات اجلارية للعوملة ،أعانت أهنا "ثقافة" تقطهنا دول لها "هوايت" خمتلفة ويف حاةل تفاعل مس متر يسمح
اهامتم البنائيني خبصوصيات الثقافة والهوية واخلربة عىل خلق جمال يف دراسة لها مبناقشة اإماكنية حتويل وتغيري مثل هذه الثقافة من خالل التفاعل املس متر
التارخي والس ياسة العاملية (Agius, 2013, p. 90) .ومن خالل البحث لهذه الوحدات ،فاحدى أمه النتاجئ املرتتبة عىل البنائية للفوىض عىل أهنا بنية
الإمربيقي الطويل كشف البنائيون عن ضعف القوة التفسريية ذات الطابع ثقافية و ُمشَ لكة بطريقة اجامتعية هو أهنا ترشح اإماكنية حدوث التغيري يف بنية
املادي ،كام بينوا كيفية تطور املعايري ادلولية ،وكيف صارت الفاكر والقمي الس ياسة ادلولية عن طريق الفاعلني وإارادهتم يف احلصول عىل الاعرتاف،
تشلّكن احلركة الس ياس ية ،وكيف تكيف الطروحة واخلطاب النتاجئ ،وكيف فـ"صنع ادلول للفوىض" قامئ عىل وعهيا مبا تريد وإاهامتهما بتحقيق ما هو يف
تبين الهوية الفاعلني والفاعلية ،ولك ذكل بطرق تتناقض مع توقعات النظرايت مدى وعهيا بوجوده.
املادية والعقالنية(Herring, 2013, p. 46) .
ولكن عىل الرمغ من ذكل تواجه البنائية العديد من التحدايت ،حول املطلب الرابع
اإشاكلية املعايري الإجامتعية ،واليت حيددها (جيفري تش يّك) بثالثة حتدايت، رؤية نقدية للنظرية البنائية
ويه :التحدي الول ،كثري ًا ما يمت اإساءة فهم الطابع املعياري للمعايري يف حد
تشّك ،وتعيد تشكيل هوايت ذاهتا ،فاملعايري اليت جيادل البنائيون أهنا ّ عىل الرمغ من أ ّن النظرية البنائية ساعدت عىل اإعادة تنش يط التنظري
ومصاحل ادلول ،قد ل تكون مرغوب ًة أخالقي ًا ،ذلا ينبغي اإيالء الاهامتم القميي يف عمل العالقات ادلولية ،وذكل لهنم بذلوا الكثري من اجلهد إليضاح
بـ"الش ياء السيئة" أيض ًا لهنا موجودة ومبنية اإجامتعي ًا بدورها ،فال جيب أ ْن قوة تأثري الفاكر واملعتقدات واملعايري والقمي يف تشكيل الس ياسة العاملية،
تقترص املعايري عىل الخالقية مهنا فقط .أما التحدي الثاين فهو يف تركزي أغلب ولكن هذا اجلهد الكبري مل يسمل من توجيه الس ئةل اجلدية والنقد املهنجي من
البنائيني عىل املعايري مكفاهمي بينذاتية ،وجامعية ،مما س يؤدي اإىل اإهامل املعايري قبل املنظرين والباحثني من النظرايت الخرى يف احلقل .وميكن ذكر بعض
مكفاهمي ذاتية ،وفردية ،أما التحدي الثالث ،ف إا ّن تأثري البنية الإجامتعية عىل هذه الس ئةل والانتقادات يف النقاط التية:
الفاعل ليس حمتي ًا بشّك مس متر ،حيث ينبغي الإنتباه اإىل احلالت اليت ل أولً :النظرية البنائية مل تقدم جديداً حلقل العالقات ادلولية :هناك من يرى
تؤثر فهيا املعايري عىل مصاحل وهوايت ادلول(Checkel, 1998, p. 332) . بأنه أصبح من الرضوري أ ْن حتدد البنائية لنفسها جما ًل مضن الإختصاص
اثلث ًا :الإنقسام املهنجي وعدم الإنسجام ا إلبستميولويج :حفني يشدّد الوضعيون العلمي لنظرايت العالقات ادلولية مفواضيعها الس ياس ية يه ما تشّك يف
عىل الطرائق المكية ،ويشدّد التأمليون عىل الطرائق النوعية ،فا ّإن البنائيني الهناية جمال الإختصاص العلمي ،ل ّن البنائية تبدو حىت الن أقرب اإىل نظرية
يشدّدون عىل التعددية املهنجية ،ولكن أنفسهم يعانون من اخلالف ثقافية وليست نظرية س ياس ية ،ومن حيث كوهنا أقرب اإىل املدخل وليس
والإختالف ا إلبستميولويج ،فهم أنفسهم وقعوا يف ذات املأزق اذلي وقعت النظرية(Kratochwil, 1996, p. 206) .
فيه نقاشات الوضعيني ومابعد الوضعيني ،حيث مثل هذا املأزق خط التصدع ففي الوقت اذلي تدافع فيه النظرايت العقالنية عن (منطق العواقب،
الرئييس بني البنائيني احلداثيني ونظراهئم مابعد احلداثيني "النقديني" ،علامً أ ّن ،)Logic of Consequencesفا ّإن البنائية تدافع عن (منطق املالمئة،
البنائيني احلداثيني حمسوبني بشّك أسايس عىل الولايت املتحدة المريكية، ،)Logic of Appropriatenessإالّ أ ّن املنطقني غري خمتلفني جد ًا يف
يف الوقت اذلي ينمتي أغلب البنائيني النقديني اإىل الوروبيني. النتيجة ،فاإذا اكن مفاد منطق العواقب/النتاجئ ،هو أ ّن الفواعل أاننية وعقالنية
ذلكل يرى (مارس يل فالريي) "أ ّن البنائية تعاين من مشلكة عدم الترصف ،ويه تسعى لتعظمي املنفعة ،ويه تتفاعل وتتفاوض حسب ما متليه
الإنسجام ا إلبستميولويج ،ل ّن تباعد واختالف أجندات البنائيني فامي بيهنم مصاحلها وتفضيالهتا ،فا ّإن منطق املالمئة مفاده أ ّن الفواعل هممتون ابلقيام
يكشف عن حتفظهم وإاجحاهمم عن بناء ابرادامي شامل للس ياسة العاملية ،مفن ابلفعل املالمئ يف ظل وجود معايري ضابطة ومشلكة للسلوك ،يه اليت ميكن
الصعب امجلع بني الإجتاهات البنائية احلداثية وتكل اليت تتبىن توهجات نقدية". اعتبارها (قواعد اللعبة (Finnemore, .)Rules of the Game
)(Valerie, 2001, p. 4 )Sikkink, 2001
ويذهب (جيفري تش يّك) اإىل أ ّن الفرق بني تيارات البنائية النقدية والنتيجة يه ذاهتا ،مبا أ ّن الفواعل متجهة حنو أهدافها مبا يتوافق مع
والبنائية احلداثية هو يف الساس فرق إابستميولويج ،ففي الوقت اذلي يعتقد مصاحلها وإارادهتا ابلهناية .أي أ ّن تغيري املنطق اذلي تستند اإليه النظرية مل
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 12
الزمات والرصاعات اليت يسهل تفسريها دلى املنظورين الواقعي والليربايل، كون املعىن ،جند أهنم حيافظون عىل احلداثيون أ ّن التفاعل الرمزي هو ما يُ ّ
بيامن تعجز املعطيات النظرية للبنائية عن تقدمي تفسري لرصاعات اكلرصاع يف الافرتاض الوضعي بأ ّن احلقيقة الإجامتعية تبقى موجودة بشّك مس تقل عن
اخلليج (العريب) ،فتكل ميكن تفسريها وفق ًا لامنذج "توازن القوى" و"توازن تصور املُنَ ِظر ،ذلكل جندمه يشددون عىل أمهية العامل الامربيقية يف املقاربة
الهتديد" ونظرية "الردع" كام تذهب الواقعية ،أو ميكن تفسري وقوف دول لتكل احلقيقة " املوجودة هناك خارج ًا" مما ي ُ َقرب البنائيني التقليديني من
اخلليج العريب وادلول العربية مع الكويت ضد العراق طبق ًا لنظرايت "ا إلرتباط العقالنيني ،أما التأويليون والنقديون مهنم ،فيعتربون أ ّن العامل "املوجود هناك
املؤسيس والإس تقرار ابلهمينة" كام يرى الليرباليون اجلدد .بيامن ل تس تطيع خارج ًا" هو عامل مبين يف حد ذاته ،مما يتطلب فهم خمتلف الطرق اليت جتعهل
البنائية تقدمي تفسري ذلكل ،ل ّن ذكل يتناقض مع معطياهتا النظرية القائةل بأ ّن مبني ًا ابلكيفية اليت يبدو علهيا ،مما جيعلهم أقرب اإىل التأمليني مهنم اإىل
ادلول ذات الهوايت والقمي واملعايري والهيّك الاجامتعي املتقارب ل تتصارع العقالنيني(Checkel, 2004, p. 3) .
مع بعضها البعض .وإاجام ًل فهيي تقول الكثري جد ًا عن القليل جد ًا من العالقات رابع ًا :اإشاكلية جتسري الفجوة بني الوضعيني ومابعد الوضعيني :إا ّن البنائيني
ادلولية(Barnett, 1993) . حياولون جتسري الفجوة بني التفسري والفهم ،والعقالنية والتأملية ،والوضعية
وإاجام ًل فالبنائيون جييدون وصف التغيريات وفق املعايري والفاكر، ومابعد الوضعية ومتثل هذه الثنائيات اإجام ًل نقاش ًا بني نظرتني اإحداها مؤيدة
مبعىن أ ّن قدرهتم عىل تفسري الحداث والتطورات ترتبط بفهم طبيعة الفاكر للعلمية وأخرى معادية لها ،فالقضية املس يطرة مضن العالقات ادلولية
واجتاهاهتا ،إالّ أ ّن دلهيم قدرة حمدودة يف فهم معل املؤسسات والظروف ونظرايهتا متيل اإىل أ ّن الطريقة الراهنة يف العالقات ادلولية يه طريقة غري
املؤسساتية واملادية الرضورية دلمع انبثاق اإجامع حول القمي والفاكر اجلديدة، ممثرة(Patomäki, Wight, 2000, p. 12-18) .
مما يعد مسأ ًةل عىل البنائية الرتكزي علهيا(Snyder, 2004, p. 62) . ا ّإن التشكيك يف جناح البنائية يف جتسري الهوة بني العقالنية والتأملية
فالسس وذكل التطور اذلي متت اإضافته للبنائية حلقه مجموعة من من شأنه أ ْن ينهتيي اإىل التشكيك يف جدوى التيبولوجيا الثالثية (العقالنية-
الإنتقادات اليت طالت أس باب وظروف التغيري ادلويل ابلكيفية اليت تقرتهحا البنائية – التأملية) املقرتحة مضن النقاش الرابع ،حيث أ ّن البنائية اإذا مل ت ُكن
البنائية واليت ميكن تركزيها يف أ ّن العالقة بني "التغري يف العالقة املتعلقة موفقة يف جتسري الهوة ،فاإهنا متيل ابلتايل حنو التيبولوجيا الثنائية (العقالنية-
ابلفاكر "The Change in Ideational Relationsو"التغري يف التأملية) ،وجتعل النقاش الرابع يرتد حنو نقاش اثلث أخر(Wendt, 2000, .
العوامل املادية "The Change in Material Factorsمل يكن اإطالق ًا )p. 180
ابلوضوح والبساطة اليت تتصورها البنائية يف فهم هناية احلرب الباردة .مبعىن ذلكل ينتقد (ستيف مسيث) فكرة التجسري ويرى بأ ّن حماوةل خلق
أنه من غري الواحض ما اإذا اكن التغيري يف الفاكر حيدث بشّك مس تقل أم أنه املنطقة الوسطى بني العقالنيني والتأمليني يه خاطئة أساس ًا ،وذكل ل ّن من
حيدث اإس تجابة لتغيري سابق يف العوامل املادية ،وذكل اإستناد ًا اإىل أنه ،اإذا الواحض أنه ل يقوم ابلتوفيق بني مجموعتني تشرتاكن يف الرأي نفسه حول كيفية
اكن الفاعل القوي دامئ ًا يفكر يف فعل ما متكّنه قوته من فعهل ،فا ّإن التغيري يف تفسري املعرفة ،فالعقالنيون مه ببساطة "وضعيون" من حيث الساس كام
طبيعة وجحم قوته يؤدي اإىل تغيري يف أفاكر الفاعل حول ما ميكنه أو لميكنه أ ّن التأمليني مه من أنصار مابعد الوضعية ،اذلين ميلكون فكر ًة خمتلفة جد ًا
فعهل(Checkel, 2008, p. 79) . بشأن كيفية تفسري املعرفة ،ولهذا فهم ل ميكن مجعهم أو خلق أرضية وسطى
سادس ًا :الال رضورة احلمتية لدلوةل العاملية :لقد حاولت البنائية تقدمي أجندات بيهنم ،فامي يستبعد بعضهم البعض الخر( .مسيث ،2004 ،ص )399
حبثية خاصة ابلتغيري يف الس ياسة ادلولية ،وابلرمغ من اإماكن اعتبار أطروحة خامس ًا :القصور يف تناول تأثري القوة وتفسري التغيري يف العالقات ادلولية:
ادلوةل العاملية لـ(ويندت) حماوةل ابرزة يف ذكل اجملال ،إالّ أهنا حتتوي عىل تسبب صعود البنائية يف العودة اإىل شّك أكرث سوس يولوجية وتأرخيية يف عمل
مجموعة من الثغرات ،وميكن اإجاملها اكليت: العالقات ادلولية ،من خالل تقدمي البعد الإجامتعي ابعتباره جما ًل تأسيس ي ًا،
.1منطق احلمتية يف حتقق ادلوةل العاملية :ا ّإن املقاربة الوضعية يه اليت ترتبط وأعادوا التأرخي ابعتباره جمال البحث الإمربيقي ،وأكدوا عىل قابلية املامرسة
ابلزنعة احلمتية ،املرتبطة بـ"حمتية الإنتظامات Regularity الس ياس ية للتغيري( .مسيث ،2006 ،ص )352
،"Determinismمبعىن أنه اإذا إارتبط وقوع مجموعة من الحداث (س، فبالرمغ من اإماكنية اعتبار البنائية ،القرب من معاجلة طبيعة البناء والعالقات
س ،1س ... ،2س )9وبشّك منتظم بوقوع مجموعة الحداث (ع ،ع،1 السائدة بني ادلول الصغرية ،حيث أ ّن الفاكر والقمي واملعايري الخالقية حتتل
ع ... ،2ع )9فاإنه ميكن بناء قانون عام ،عىل شّك عالقة س ببية حمتية الولوية دلى صناع القرار يف هذه ادلول .ولكن ابلرمغ من ذكل ،فال ميكن
مفادها "لكام حدث (س) أدى ابلرضورة اإىل حدوث (ع) .وهذه الس ببية اإناكر أ ّن البنائية بتجاهلها لعتبارات القوة والطبيعة الفوضوية للنظام ادلويل
احلمتية شلكت جوهر الفلسفة الوضعية(Kurki, 2006, p. 38 ) . ابعتبارها صف ًة ذاتية هل ،فهيي تقف عاجزة عن تقدمي تفسري مقبول لبعض
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
13 جمةل جامعة التمنية البرشية
حيث كيف ميكن الإعرتاف هبوية من يعترب العنف اذلي ميارسه هو ما س يجرب ولكن البنائية تشدّد عىل رضورة رفض التحليل يف الس ياسة ادلولية
الطراف الخرى ل إالنصياع هل(Burns, 2018, p. 4, 7, 17) . استناد ًا عىل البحث يف الس باب ،وابلتايل بناء العالقة الس ببية احلمتية بني
وختام ًا ،وابلرمغ من الإنتقادات املطروحة عن البنائية ،فاإهنا تبقى من املتغريات املوجودة مضن العالقات ادلولية ،وهذا يؤدي اإىل القول بأ ّن اذلي
أكرث احملاولت التنظريية يف جمال نظرايت العالقات ادلولية جناع ًة حبمك تع ّمقها حاول (ويندت) التنظري هل اكن انقص ًا حبمك أ ّن القول حبمتية واقع معني اكدلوةل
يف جمالت غري مت َعمق فهيا قب ًال اكلثقافة والإختالفات الهوايتية واجملمتعية ،ممّا العاملية من شأنه أن يلغي دور الفاعل الإجامتعي اذلي يستند اإىل دوافع غري
ساعد عىل فهم أكرث وضوح ًا وأمشل مدى ،يف فهم العوامل اليت تتعلق قابةل للتنبؤ ،كحرية الإختيار ،وا إلرادة احلرة ،وهو ما يتعارض مع مقوةل احلمتية
ات مل حيتسب مبجمتعات خمتلفة عن اجملمتعات الغربية ،ثقاف ًة ،وفهامً ،وارتباط ٍ عند (ويندت) ،وهو ما ميثل اإنتقاد ًا للمنطق اذلايت لنظريته .حيث أ ّن ادلوةل
لها حساب قب ًال مضن الس ياسة ادلولية ،فالبنائية جتاوزت حدود النظرية العاملية ،يه ممكنة التحقق وميكن التناقش بشأن حتققها أو عدمه ،ولكهنا
التقليدية ووصلت اإىل أفاق علمية مرتبطة ابلعمل والإنسان بصورة مبارشة، ليست واقع ًة مضن احلمتية بأي شّك من الشاكل ،وهذه النقطة متثل نقد ًا
وعامة ،فالرؤية البنائية للعلوم واجملمتعات أصبحت متثل ما ميكن تقريبه من للمنطق اخلاريج لنظريته (Shannon, 2005, p. 581-7) .اإذ كيف يتحمتّ
(التنوير) فامي خيص الثقافة وارتباطات اجملمتعات ،وحماوةل اكتشاف املضامني حتقّق شئ ما وعوامل نشوئه غري حمتّمة؟
العلمية لها. .2منطق العاملية يف شّك ومضمون ادلوةل :اإذا افرتضنا مع (ويندت) جد ًل
أن الهوية سابقة عىل املصلحة ،مبا أن الفاعل ل ميكن أن يعرف ماذا يريد قبل
اخلامتة وا إلس تنتاجات: التغري يف أن يعرف من هو ،وإاذا اإفرتضنا جد ًل كذكل أن ّ
التغري يف الهوية و ّ
يف ختام البحث ميكن تسجيل أمه النقاط املس تخلصة من النقاشات الواردة التغريالتغري يف البنية يأيت بعد ّ
البنية ل حيداثن بشّك مرتادف ،من حيث أن ّ
يف البحث ،اكليت: يف الهوية ،فا ّإن هذا ل حيل اإشاكلية الس ببية يف املنطق البنايئ ،بل يضعها
.1شهدت ادلراسة النظرية حلقل العالقات ادلولية يف هناية القرن املايض التغري يف الهويةأمام معضةل "السبب/املصدر السايس" مبعىن ،اإذا اكن ّ
نقاشان كبريان ،الول بني الواقعيني والليرباليني اجلدد من داخل التغري يف الهوية؟ وهنا تبدوالتغري يف البنية مفا يه أس باب أو مصادر ّ يس بق ّ
النظرايت العقالنية ،والثاين بني العقالنيني والنقديني ،ودخلت النظرية البنائية جيدة يف الإجابة عىل الس ئةل اليت تبدأ بـ"كيف؟" ،بيامن تبقى سيئة
البنائية اإىل احلقل لتشارك بفاعلية يف النقاشني ،لتحاور العقالنيني من يف الإجابة عن الس ئةل اليت تبدأ بـ"ملاذا"( .محيش ،2017 ،ص )278
هجة والنقديني من هجة أخرى .مفن هجة حت ّدت وضعية الواقعية املعرتف فالإفرتاض حبمتية العاملية لدلوةل اليت يقرتهحا يضع امجلاعات َ
والليربالية اجلديدتني ،ومن هجة أخرى دفعت النظرية بعيد ًا عن النقد هبم مضن امجلاعات اليت تصارع من أجل الإعرتاف هبا ،مبا أن وجودها أصبح
النظري للنقديني ابجتاه التحليل الإمربيقي للس ياسة العاملية. همدد ًا من قبل امجلاعات اليت لزالت تصارع ل إالعرتاف ،وهذه مسأةل انقشها
.2هناك عوامل متعددة تقف خلف صعود البنائية كنظرية يف حقل لك من (ابول هريتزوك) يف مقاهل (السلطة العابرة يه ما س تفعهل هبا :ملاذا
العالقات ادلولية ،أبرزها هناية احلرب الباردة وعدم قدرة النظرايت ادلوةل العاملية ليست حمتية) ) (Hartzog, 2018و(تميويث برينز) يف مقاهل
العقالنية عىل التنبؤ هبا ،ويف نفس الوقت أدت هذه التحولت غري (ما مشلكة ادلوةل العاملية) ) (Burns, 2018أ ّن ادلوةل العاملية يه نتيجة
املتوقعة اإىل عدم قبول ادعاء النقديني بأن النظرية يه اليت تقود املامرسة. ّك للفوىض أو الالتراتبية ،اإذ كيف ميكن أ ْن تؤدي الالتراتبية اإىل الرتاتبية وبش ٍ
.3ترى النظرية البنائية أ َّن للبنية والفاعلني تشكيل متبادل ،وتس متد هذه تودل الفوىض التنظمي عاملي ًا وبشّكِ دوةل؟ اجلواب احلمتي حمتي؟ وكيف س ّ
تفرس
الرؤية من تفريقها بني القواعد املؤسسة للعالقات ادلولية واليت ّ لهذا السؤال س يكون :مبا أ ّن ادلوةل يه ذات نظام تراتيب والبنية ادلولية يه
أصل الش ياء ،والقواعد املنظمة اليت تقوم بتوضيح العالقات بني هذه ل تراتبية ،ل ميكن لدلوةل أ ْن تكون بنية ،والبنية بدورها ل ميكن أ ْن تكون
الش ياء .مفث ًال ترى البنائية بأ َّن املُثُ َل تلعب أثر ًا معيق ًا يف سلوك دوةل ،واخملرج قد يكون ،أ ْن يكون لدلوةل العاملية مفهوم ًا خمتلف ًا عن ادلوةل
تكون هوايت الفاعلني ومصاحلهم ول يقترص عىل تنظمي الفاعلني ،فهيي ّ اليت عرفناها (Hartzog, 2018, p. 12) .وهو ما مل يقدمه (ويندت).
السلوك ،وعليه فاإن الفاعلني هبوايهتم ،والهيألك مبثلها العاملية تتفاعل ومن انحية اإعامتد "الإعرتاف" كس ن ٍد للتغيري يرى (تميويث برينز) ،أ ّن
وتكون بعضها البعض. ادلوةل اليت يقرتهحا يه غري مقبوةل حىت قبل مناقشة مسوغاهتا وظروف
.4تقدم البنائية تصور ًا خمتلف ًا ملفهوم الفوىض وجتاعل منه مفهوم ًا ترتتب حتققها ،لهنّ ا ترشعن معل اجلهات املتطرفة أو "هوايهتا" ،بغض النظر عن
عليه تعددية سلوكية ،فالبنائية ل ترفض الفوىض بقدر ما ترفض النظر الوسائل العنيفة اليت يمت اإس تعاملها من قبلهم من أجل احلصول عىل الإعرتاف،
اإلهيا عىل أهنَّ ا قوة مادية حبتة خالية من الفاكر واملعايري .بل يذهب
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 14
.10حيدد (ويندت) مخس مراحل أساس ية للتطور من نظام ادلول اإىل (أونوف) اإىل أ ّن الفعل يأيت قبل العامل وأ َّن العامل ليس معطى مس بق ًا بل
دوةل العامل ،ويه( :نظام ادلول ،جممتع ادلول ،جممتع العامل ،المن امجلاعي، ا ّإن الفعل يصنع العامل .وهذا الفهم يفرس ما يطرحه (ويندت) بأن الفوىض
دوةل العامل) .وعىل الرمغ من أن هذه املراحل اإفرتاضية لكننا نرى أ ّن يه ما ميكن أن تصنعه ادلول ،فليس هناكل منطق للفوىض متأصل
أبعاد ًا واسعة من هذه املراحل قد حتققت يف املايض ،مثل نظام ادلول بذاته ومس تقل عام ترغبه ادلول أو تعتقده .وعليه هناك ثالث ثقافات
وجممتع ادلول ،ومن املمكن أن تتحقق هذه املراحل يف مناطق خمتلفة للفوىض ،ويه :الهوبزية واللوكية والاكنتية.
من العامل يف املس تقبل .ووفق ًا للبنائية فا ّإن اذلي يقوم ابلعرتاف بدوةل قدمت البنائية نقد ًا للطبيعة الوضعية ملهنجية التيار الرئييس يف العالقات .5
العامل مه الفراد ،أي أ ّن الفراد وامجلاعات حتاول احلصول عىل الإعرتاف ادلولية وهتميش التحليل اجملمتعي يف أواخر القرن العرشين ،واليت نتجت
خبصوصياهتا ومتايزاهتا. عن تضافر عاملني ،هام :املادية الطاغية للمنظورات الكربى ،والتصور
.11وتعرضت النظرية البنائية للنقد والتقومي ،فهناك من يرى بأهنا مل تضف العقالين السائد عن الفعل الإنساين .وأعاد البنائيون البحث
جديد ًا وإاهنا مل حتدد لنفسها جما ًل مضن اختصاص العالقات ادلولية، السوس يولويج اإىل العالقات ادلولية ،عن طريق اإعادة تصور املسار
وإاهنا أقرب اإىل نظرية ثقافية وليست نظرية س ياس ية ،ويه أقرب اإىل الاجامتعي ابعتباره جما ًل تأسيس ي ًا للقمي واملامرسات.
املدخل وليس النظرية ،ابلإضافة اإىل النقد املوجه اإىل فهمها للقمي ساعدت النظرية البنائية ويف س ياق توهجاهتا مابعد الوضعية عىل اإعادة .6
واملعايري والهوية. تنش يط التنظري القميي يف العالقات ادلولية ،وذكل ببذل هجد كبري
.12ومن الإنتقادات املوهجة اإىل البنائيني ،الإنقسام ادلاخيل اذلي يعانون لتوضيح تأثري الفاكر واملعايري والقمي يف تشكيل الس ياسة العاملية .وهو
منه فامي بيهنم من الناحية ا إلبستميولوجية ،فعىل الرمغ من تشديدمه عىل مرشوع اكتسب دفعة قوية بسبب تعدد الزمات الخالقية اليت
التعددية املهنجية فاإهنم يعانون من التصدع بني البنائيني احلداثيني تودلت عن هناية احلرب الباردة ومسرية العوملة ،وقام البنائيون بكشف
احملسوبني عىل الولايت املتحدة ،ونظراهئم مابعد احلداثيني "النقديني" ضعف القوة التفسريية للزنعة الشكية القامئة عىل اإعالء شأن احلساابت
املنمتني اإىل أورواب. العسكرية والرثوة املادية.
تنمتي البنائية اإىل مرحةل النقاش الرابع يف العالقات ادلولية ،فهيي من .7
قامئة املصادر: النظرايت مابعد الوضعية ولكهنا حتاول أن تكون مبثابة جرس يربط
الفجوة بني املناجه الوضعية ومابعد الوضعية يف العالقات ادلولية .فهيي
أولً :العربية: من انحية تشرتك مع الوضعيني (الواقعية والليربالية) يف السامت
أمحد ،حسن احلاج عيل ( )2005العامل املصنوع :دراسة يف البناء الإجامتعي للس ياسة الساس ية للس ياسات العاملية ،وهتمت من انحية أخرى مبوضوعات مابعد
العاملية ،جمةل "عامل الفكر" ،الكويت ،اجمللس الوطين للثقافة والفنون والداب،
العدد (.)4
الوضعية ابلرتكزي عىل هوية الفواعل والطريقة اليت يتشّك هبا سلوكهم
محيش ،محمد )2017( .النقاش اخلامس يف العالقات ادلولية :حنو اإحقام نظرية التعقد وأفعاهلم.
داخل احلقل ،أطروحة دكتوراه غري منشورة ،اجلزائر ،جامعة ابتنة ،لكية احلقوق يطرح (ويندت) كحد أبرز املنظرين البنائيني أطروحته عن "حمتية .8
والعلوم الس ياس ية. ادلوةل العاملية" عىل س ندين أساس يني ،هام :الفوىض بنتاجئها الثالث
العتييب ،عبد هللا بن جرب )2010( .النظرية يف العالقات ادلولية بني املدرسة الواقعية الهوبزية واللوكية والاكنتية .والإعرتاف حيث س تؤدي نتيجة سعي الفراد
اجلديدة واملدرسة البنائية ،جمةل "شؤون اإجامتعية" ،مجعية الإجامتعيني ،الس نة وامجلاعات للحصول عىل الإعرتاف هبم اإىل تطور وتغري النظام من مرحةل
( ،)27العدد (.)108 حنو مرحةل أخرى.
غريفتش ،مارتن )2008( .مخسون مفكراً يف العالقات ادلولية ،ديب ،ترمجة ونرش مركز
اخلليج للحباث.
خيمن (ويندت) بأنه من املمكن الإفرتاض أن النظام ادلويل يتطور من .9
ساس
غريفتيش ،مارتن .وأوالكهان ،تريي )2008( .مفاهمي أ ية يف العالقات ادلولية، حاةل اإىل أخرى ،وهناك ثالث صور هنائية لهذا التطور ،ويه :صورة
ديب ،ترمجة ونرش :مركز اخلليج للحباث. الفيدرالية السلمية العاملية املكونة من ادلول ادلميقراطية (تصور اكنت)،
مسيث ،كريستيان رويس )2006( .البنائية ،يف :سكوت بورتش يل وأخرون (حترير)، وصورة العامل الواقعي اذلي تتصارع فيه ادلول القومية للحصول عىل
نظرايت العالقات ادلولية ،ترمجة :صفار ،محمد .القاهرة ،املركز القويم للرتمجة. الإعرتاف (تصور هيغل) ،وصورة نشوء دوةل العامل حيث أ ّن التطور
مسيث ،ستيف )2004( .مقارابت جديدة للنظرية ادلولية ،يف :جون بيليس وستيف التكنولويج سيسهل مامل يمتكن ل (اكنت) ول (هيغل) من أخذه يف
مسيث ،عوملة الس ياسة العاملية ،ديب ،ترمجة ونرش مركز اخلليج للحباث. احلس بان (تصور ويندت).
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
15 جمةل جامعة التمنية البرشية
Hopf, T. (1998). The promise of constructivism in international مركز، السلامينية،) النظرية الواقعية يف العالقات ادلولية2007( . أنور محمد،فرج
relations theory. International security, 23(1), 171-200. .كوردس تان لدلراسات الإسرتاتيجية
Jackson, R., & Sorensen, G. (2016). Introduction to international ،) وستيف مسيث (حترير، وميليا كوريك، تمي دان: يف،) البنائية2016( . اكرين،فريك
relations: theories and approaches. Oxford university املركز، بريوت، دميا اخلرضا: ترمجة، التخصص والتنوع:نظرايت العالقات ادلولية
press. .العريب للحباث ودراسة الس ياسات
Katzenstein, P. J. (1989). International relations theory and the عبد، العتييب: ترمجة،) النظرية الاجامتعية للس ياسة ادلولية2006( . ألكس ندر،ويندت
analysis of change. Global changes and theoretical . جامعة املكل سعود، الرايض.هللا بن جرب
challenges: Approaches to World Politics for the 8-1990s,
Lexington, Lexington Box.
Kratochwil, F. (1996). Is the ship of culture at sea or
returning. The return of culture and identity in IR : الإجنلزيية:اثني ًا
theory, 221. Agius, C. (2013). Social Constructivism. Contemporary security
Kurki, M. (2006). Causes of a divided discipline: rethinking the studies. Oxford university press.
concept of cause in International Relations Barnett, M. (1993). Institutions, roles, and disorder: The case of
theory. Review of International Studies, 32(2), 189-216. the Arab states system. International Studies
Lebow, R. N. (2016). IR Theory as Identity Discourse, in: Booth, Quarterly, 37(3), 271-296.
K., & Erskine, T. (Eds.). International relations theory Björkdahl, A. (2002). Norms in international relations: Some
today. John Wiley & Sons. conceptual and methodological reflections. Cambridge
Onuf, N., Kubàlkovà, V., & Kowert, P. (1998). Constructivism: Review of International Affairs, 15(1), 9-23.
A User’s Manual. Vendulka Kubàlkovà et al. Burns, T. (2018). What’s wrong with a World State?
International Relations in a Constructed World, Sharp, http://Worldgoveronment research network.org, Date of
London. visit: 2/6/2018.
Onuf, N. (1989). World of Our Making. Columbia, University Checkel, J. T. (2008). Constructivism and Foreign
of South Carolina Press. policy. Foreign policy: theories, actors, cases. Oxford
Philips, A. B. (2007). Constructivism, In: Griffiths, M. University Press.
(Ed.). International relations theory for the twenty-first Checkel, J. T. (2004). Social constructivism in global and
century: an introduction. Routledge. European politics: a review essay. Review of International
Patomäki, H., & Wight, C. (2000). After Postpositivism? The Studies, 30(2), 229-244.
promises of critical realism. International Studies Checkel, J. T. (1998). The constructive turn in international
Quarterly, 44(2), 213-237. relations theory. World politics, 50(2), 324-348.
Sampson, A. B. (2002). Tropical anarchy: Waltz, Wendt, and the Dunne, T. (1995). The social construction of international
way we imagine international society. European Journal of International
politics. Alternatives, 27(4), 429-457. Relations, 1(3), 367-389.
Shannon, V. P. (2005). Wendt’s violation of the constructivist Finnemore, M., & Sikkink, K. (2001). Taking stock: the
project: Agency and why a world state is not constructivist research program in international relations
inevitable. European Journal of International and comparative politics. Annual review of political
Relations, 11(4), 581-587. science, 4(1), 391-416.
Snyder, J. (2004). One world, rival theories. Foreign policy, Hartzog, P. B. (2018). Panarchy Is What We Make of It: Why a
(145), 52. World State Is Not Inevitable. https://academiaedu.edu,
Valerie, M. (2001). The constructivist Debate; Bringing Date of visit: 2/6/2018.
Hermeneutics. In properly) in, paper presented at the Herring, E. (2013). Social Constructivism. Contemporary
2001 ISA conference (Vol. 21). security studies. Oxford university press.
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16
جمةل جامعة التمنية البرشية 16
JUHD | https://doi.org/10.21928/juhd.v5n1y2019.pp1-16