You are on page 1of 33

‫فـ�صـل ـيـة فـكريـة ثـقافيـة تـعنى ب�ش ـ�ؤون امل�شــرق‬ ‫العدد رقم ‪� - 14‬أيلول ‪2017‬‬

‫نصف قرن على النكسة والهزيمة مستمرة‬


‫�صفوت حامت ‪ -‬دعاء ال�شريف ‪� -‬صقر �أبوفخر ‪ -‬وليد زيتوين ‪� -‬سايد فرجنيه ‪ -‬جنيب ن�صري ‪ -‬حافظ الزين‬

‫ُكتاب العدد‪ :‬سينا مقلد – ريام أمهز – عبدالعيل فيض اهلل زاده – حممد ابراهيم خليفة شوشرتي – أبوالفضل رضائي – بريسا بختياري‬
‫والهزمية م�ستمرة‬
‫ن�صف قرن على النك�سة‬

‫‪ 50‬عاما ً على ال ّنك�سة‪ ...‬واالحتالل مازال باقيا ً‬


‫دعاء ال�شريف ‪ -‬باحثة متخ�ص�صة بالدرا�سات الإ�سرائيلية‬

‫ين بعد حرب ‪1967‬‬


‫ال�صهيو ّ‬
‫تو�سع االحتالل ّ‬
‫ّ‬

‫حرب ‪ُ 1967‬تعرف �أي�ضاً يف كلّ من �سوريا والأردن با�سم نك�سة حزيران ويف م�صر با�سم‬
‫ال�س ّتة (بالعرب ّية‪ :‬מלחמת ששת‬ ‫نك�سة ‪ 67‬وت�سمى يف �إ�سرائيل حرب الأ ّيام ّ‬
‫הימים‪ ،‬ملحمة �شي�شيت هياميم) هي احلرب ا ّلتي ن�شبت بني �إ�سرائيل وكلّ من م�صر‬
‫ال�شهر نف�سه‪ ،‬و�أ ّدت �إىل اّ‬
‫احتلل‬ ‫و�سوريا والأردن بني ‪ 5‬حزيران‪/‬يونيو ‪ 1967‬والعا�شر من ّ‬
‫ال�صراع‬
‫وال�ضفّة الغرب ّية واجلوالن‪ ،‬وتعترب ثالث حرب �ضمن ّ‬
‫�إ�سرائيل ل�سيناء وقطاع غ ّزة ّ‬
‫الدول‬‫إ�سرائيلي؛ وقد �أ ّدت احلرب �إىل مقتل ‪� 25,000 - 15,000‬إن�سان يف ّ‬
‫ّ‬ ‫العربي ال‬
‫ّ‬
‫‪31‬‬
‫الدول العرب ّية‬ ‫احلربي يف ّ‬
‫العرب ّية مقابل ‪ 800‬يف �إ�سرائيل‪ ،‬وتدمري ‪ % 80 - 70‬من العتاد ّ‬
‫مقابل ‪ % 5 - 2‬يف �إ�سرائيل‪� ،‬إىل جانب تفاوت م�شابه يف عدد اجلرحى والأ�سرى؛ كما‬
‫كان من نتائجها �صدور قرار جمل�س الأمن رقم ‪ 242‬وانعقاد ّقمة الالءات الثالث العرب ّية‬
‫ال�سوي�س وكذلك تهجري معظم مدنيي حمافظة‬ ‫يف اخلرطوم وتهجري معظم �سكان مدن قناة ّ‬
‫ال�ضفّة مبا فيها حمو قرى‬ ‫القنيطرة يف �سوريا‪ ،‬وتهجري ع�شرات الآالف من الفل�سطين ّيني من ّ‬
‫وال�ضفّة الغرب ّية‪.‬‬
‫بكاملها‪ ،‬وفتح باب اال�ستيطان يف القد�س ال�شرق ّية ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‪ ،‬كما �أ ّنها‬
‫حتتل ّ‬‫مل تنته تبعات حرب ‪ 1967‬ح ّتى اليوم‪� ،‬إذ ال َتزال �إ�سرائيل ّ‬
‫ب�ضم القد�س واجلوالن حلدودها‪ ،‬وكان من تبعاتها �أي�ضاً ن�شوب حرب �أكتوبر عام‬ ‫قامت ّ‬
‫لل�سالم‬ ‫ال�سيادة الأردن ّية‪ ،‬وقبول العرب منذ م�ؤمتر مدريد ّ‬ ‫ال�ضفّة الغرب ّية عن ّ‬ ‫‪ 1973‬وف�صل ّ‬
‫ين�ص على العودة ملا قبل حدود احلرب لقاء‬ ‫ال�سالم" ا ّلذي ّ‬ ‫عام ‪ 1991‬مببد�أ "الأر�ض مقابل ّ‬
‫اعرتاف العرب ب�إ�سرائيل‪ ،‬وم�ساملتهم �إ ّياها؛ رغم �أنّ دو ًال عرب ّية عديدة باتت تقيم عالقات‬
‫منفردة مع �إ�سرائيل �سيا�س ّية �أو اقت�صاد ّية‪.‬‬
‫ويبدو �أحياناً وك�أنّ االحتالل �أ�صبح اعتيادياً فال ّتقارير املتتالية عن ن�ساء ا�ضطررنَ للوالدة‬
‫على احلاجز �أ�صبحت دارجة‪ ،‬والأخبار املتع ّلقة بعمل ّيات القتل والعنف والهدم �أ�صبحت‬
‫غري مفاجئة و�أ�صبحت جم ّرد �أحداث تدقّ يف ناقو�س الن�سيان‪ ،‬وك�أنّ الو�ضع يف فل�سطني هو‬
‫بيعي‪� ،‬إلاّ �أنّ االحتالل ما يزال يف فل�سطني منذ خم�سني عاماً وهناك جيل‬ ‫الط ّ‬ ‫الو�ضع العادي ّ‬
‫ثالث وحتى رابع من الفل�سطين ّيني ُولدوا �أثناء االحتالل وهو الواقع الوحيد ا ّلذي يعرفونه‪.‬‬
‫وقد جاءت اتفاق ّية �أو�سلو ا ّلتي ُوقّعت قبل نحو ‪ 20‬عاماً لتخلق وهماً ب�أنّ ت�أثري "�إ�سرائيل" على‬
‫حياة الفل�سطين ّيني �أ�ضحى هام�ش ّياً تقريباً‪ .‬ولكن وحتى اليوم ما تزال �إ�سرائيل واالحتالل‬
‫إ�سرائيلي العامل الأكرث ت�أثرياً على احلياة اليوم ّية جلميع �سكان الأرا�ضي العرب ّية املحت ّلة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫الق�ضائي املالئم لواقع ق�صري الأمد‪ ،‬خلق "االحتالل‬ ‫ّ‬ ‫فتحت غطاء ا�ستغالل الإطار‬
‫والدو�س على حقوق‬ ‫ال�سلب والقمع ّ‬ ‫ال�ضفّة الغرب ّية واقعاً ال ينح�صر يف ّ‬ ‫إ�سرائيلي" يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫الإن�سان منذ نحو خم�سني عاماً فح�سب‪ ،‬بل ُيعبرّ عن نوايا بعيدة الأمد‪.‬‬
‫امل�ضي قدماً على هذا ال�شكل �آخذٌ يف التجذّ ر‪ ،‬يف‬ ‫ّ‬ ‫�إنّ الوهم القا�ضي ب�أ ّنه بالإمكان‬
‫الوقت ا ّلذي يقوم فيه هذا الواقع بتثبيت الظّ لم الأمر ا ّلذي يعني بال�ضرورة انتهاكاً‬
‫الفل�سطينيني ا ّلذين يعي�شون حتت االحتالل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اخلا�صة بال�سكان‬ ‫يومياً حلقوق الإن�سان ّ‬ ‫ّ‬
‫‪32‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫�إنّ هذا الواقع لن يتغيرّ �إال حلظة انتهاء االحتالل‪.‬‬

‫إ�رسائيلي لتربير االحتالل‬


‫ّ‬ ‫االحتيال ال‬
‫فور انتهاء حرب ‪ 1967‬احت ّلت �إ�سرائيل نحو ‪ 70,000‬دومن من مناطق ّ‬
‫ال�ضفّة �إىل منطقة نفوذ‬
‫إ�سرائيلي‪ .‬وجرى هذا االحتالل خالفاً لأحكام‬ ‫ّ‬ ‫القد�س (الغرب ّية) و�سيرّ ت عليها القانون ال‬
‫الدو ّيل‪� ،‬إذ �أنّ مكانة القد�س ال�شرق ّية كمنطقة حمت ّلة ال تختلف عن �سائر �أرجاء ّ‬
‫ال�ضفّة‬ ‫القانون ّ‬
‫إ�سرائيلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الغرب ّية‪ .‬يعاين �سكان املنطقة من انتهاكات حقوق الإن�سان من طرف االحتالل ال‬
‫�سكان الأرا�ضي املحت ّلة مت�شابهة‪ .‬على م ّر‬ ‫يف �سنة ‪ 1967‬كانت املكانة القانون ّية جلميع ّ‬
‫�ضم ع�شرات �آالف الدومنات �إىل �إ�سرائيل‪ ،‬وجرى �إعالن قطاع غ ّزة "كياناً‬ ‫ال�سنني جرى ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�صغرية‪.‬‬‫ال�ضفّة الغرب ّية فقط جرى جتزئة �أرا�ضيها �إىل ع�شرات من القطع ّ‬ ‫�سيا�س ّياً معادياً"‪� ،‬أ ّما ّ‬
‫لقد ج ّز�أت �إ�سرائيل هذه املناطق �إىل وحدات منف�صلة ومعزولة‪ ،‬تتمايز عن بع�ضها يف طريقة‬
‫إ�سرائيلي‪ ،‬ويف املكانة القانون ّية ّ‬
‫ل�سكانها‪ ،‬ويف الغايات ا ّلتي‬ ‫ّ‬ ‫تعريفها من ِق َبل االحتالل ال‬
‫إ�سرائيلي ّ‬
‫لكل منها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫و�ضعها ّ‬
‫املحتل ال‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية‪ ،‬وخروج ق ّوات اجلي�ش‬ ‫وبالرغم من التوقيع على اتفاق ّيات �أو�سلو‪ ،‬و�إقامة ّ‬
‫ال�ضفّة‬‫من قطاع غ ّزة‪ ،‬ف�إنّ �إ�سرائيل ما زالت ت�سيطر على جميع الفل�سطين ّيني ا ّلذين يعي�شون يف ّ‬
‫الغرب ّية‪ ،‬مبا يف ذلك القد�س ال�شرق ّية وكذلك قطاع غ ّزة‪ ،‬وبذلك ف�إنّ ه�ؤالء الفل�سطين ّيني‬
‫لي�سوا �شركاء يف القرارات ا ّلتي ت ّتخذها �إ�سرائيل‪ ،‬ومن خاللها تدير حياتهم وت�سيطر على‬
‫م�ستقبلهم و�سوف نتط ّرق �إىل كافّة �أبعاد ما جرى على الأر�ض املحت ّلة يف القد�س ال�شرق ّية‬
‫وال�ضفّة الغرب ّية وغ ّزة‪.‬‬
‫ّ‬

‫االحتالل يف مدينة القد�س‪ ...‬بداية امل�ؤامرة‬


‫ين على القد�س �أن بد�أ اال�ستيطان فيها‪ ،‬منذ مطلع القرن‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫كان من نتائج الترّ كيز ّ‬
‫الع�شـرين‪� ،‬أي يف وقت مبكر باملقارنة مع بدء اال�ستيطان يف الأرا�ضي الفل�سطين ّية ا ّلتي َّمت‬
‫اّ‬
‫احتللها فيما بعد‪ .‬وكان لتلك املحاوالت اال�ستيطان ّية املبكرة �أهداف عديدة �أبرزها‪:‬‬
‫إ�سالمي للمدينة‪.‬‬
‫العربي‪/‬ال ّ‬‫‪ - 1‬طم�س الطابع ّ‬
‫‪33‬‬
‫‪ - 2‬تغيري الو�ضع الدميوغرايف فيها‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬ل�صالح اليهود‪ ،‬كي يغدوا �أكرثية فيها‪،‬‬
‫ويغدو العرب �أقل ّية‪.‬‬
‫وقد �أتت هذه املحاوالت ثمارها املرج ّوة �صهيون ّياً‪ ،‬حني �أ�صدرت �سلطات االنتداب الربيطا ّ‬
‫ين‬
‫والديني يف‬
‫ّ‬ ‫اليهودي اجلغرا ّيف‬
‫ّ‬ ‫قرار تر�سيم حدود بلد ّية القد�س مراعي ًة فيه ما �أ�سمته "الوجود‬
‫امتدت حدود هذا الوجود نحو �سبعة كيلومرتات غرب‬ ‫القد�س"‪ .‬وبناء على هذه املراعاة‪ّ ،‬‬
‫البلدة القدمية‪ ،‬ومئات الأمتار �شرقاً وجنوباً‪ .‬وحني �أعاد الربيطان ّيون تر�سيم حدود القد�س‪،‬‬
‫بني عامي ‪ 1921‬و‪َّ ،1948‬ركزوا على توزيع ق�سمها ّ‬
‫الغربي كالتايل‪:‬‬
‫(‪� )% 40‬أمالك �إ�سالم ّية‪� )% 26.12( ،‬أمالك يهود ّية‪� )% 13.86( ،‬أمالك م�سيح ّية‪.‬‬
‫�أحدثت هذه النتيجة ر َّد فعل غا�ضباً من قبل العرب املقد�س ّيني‪َّ ،‬متخ�ض عنه توت ٌر يف عالقاتهم‬
‫حدةً‪ ،‬ب�شكل ملحوظ‪ ،‬تناغم‬ ‫مع امل�ستوطنني اليهود ا ّلذين هاجروا �إليها‪ .‬ومما زاد هذا ال ّتوتر َّ‬
‫ت�ضمنه قرار ال ّتق�سيم رقم (‪ )181‬ا ّلذي �صدر‬ ‫ين للقد�س مع ما َّ‬ ‫تق�سيم امل�ستعمر الربيطا ّ‬
‫بتاريخ ‪ ،1947 /11 /29‬بخ�صو�ص القد�س‪ ،‬فقد جاء فيه‪:‬‬
‫( ُتو�ضَ ع القد�س حتت �إدارة دول ّية‪ ،‬كمنطقة منف�صلة‪ ،‬ويقوم جمل�س و�صاية بتلك الإدارة نيابة‬
‫عن الأمم امل ّتحدة‪ ،‬وت�شمل حدود القد�س القرى واملناطق املحيطة بها وهي‪�" :‬أبو دي�س" من‬
‫ال�شّ رق‪ ،‬و"عني كارم" من الغرب‪ ،‬و"�شعفاط" من ال�شّ مال‪ ،‬و"بيت حلم" من اجلنوب)‪.‬‬
‫حدة بني العرب واليهود‪ ،‬يف القد�س‪ ،‬ح ّتى بلغ ذروته قبيل الإعالن‬ ‫َّ‬
‫وظل ال ّتوتر يزداد ّ‬
‫ال�صدام امل�س ّلح ا ّلذي وقع بني‬
‫ين عام ‪ .1948‬وبعد توقُّف ّ‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫�سمي عن قيام الكيان ّ‬‫ال ّر ّ‬
‫تق�سيم املدينة مبوجب اتفاق ّية الهدنة ا ّلتي ُو ِّق َعت بني الأردن وذلك الكيان‬
‫الطرفني �آنذاك‪َّ ،‬مت ُ‬‫ّ‬
‫بتاريخ ‪ ،1949 /04 /03‬وا ّلتي ّن�صت على �أنّ َّ‬
‫يتم ال ّتق�سيم كما يلي‪:‬‬
‫اليهودي‪ :‬وتعادل م�ساحته (‪ )% 84.13‬من م�ساحة القد�س‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القطاع‬
‫العربي‪ :‬وتعادل م�ساحته (‪ )% 11.48‬من م�ساحة القد�س‪.‬‬
‫القطاع ّ‬
‫قطاع هيئة الأمم والأرا�ضي احلرام‪ :‬وتعادل م�ساحته (‪ )% 3.49‬من م�ساحة القد�س‪� ،‬أو‬
‫(‪ ،)% 4.4‬ح�سب م�صادر �أخرى‪.‬‬
‫وهكذا احت ّلت �إ�سرائيل يف جولتها الأوىل من ّ‬
‫ال�صراع مع العرب‪ ،‬حول القد�س‪ ،‬اجلزء الأكرب‬
‫‪34‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ال�سيطرة‬
‫تتم لها ّ‬ ‫منها‪� ،‬إال �أنّ �أطماعها ظ ّلت حتوم حول اجلزء املتبقّي‪ ،‬حماول ًة ابتالعه‪ ،‬كي ّ‬
‫الكاملة على املدينة‪ ،‬لك ّنها مل ت�ستطع حتقيق تلك الأطماع‪� ،‬إال بعد عدوان حزيران عام‬
‫ال�شرقي منها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ،1967‬حني احت ّلت الق�سم‬
‫وخالل فرتة ما بني االحتاللني‪� ،‬أي بني عامي ‪ 1948‬و‪ ،1967‬قام الإ�سرائيل ّيون بتدمري‬
‫الغربي من القد�س ا ّلذي احت ّلوه عام ‪ ،1948‬تدمرياً �شبه كامل‪ ،‬بعد �أن طردوا خارجه‬‫ال�شّ طر ّ‬
‫�أكرث من (‪ )98000‬ن�سمة من �سكانه الفل�سطين ّيني‪ ،‬كانوا ميثّلون الغالبية فيه‪ .‬وقد غادروه من‬
‫دون �أمالكهم ّ‬
‫بالطبع‪.‬‬
‫ال�شرقي‪ ،‬بعدوان ‪ ،1967‬بادر عدد من كبار امل�س�ؤولني الإ�سرائيل ّيني‬ ‫ّ‬ ‫وفور احتالل �شطر القد�س‬
‫املحتل منذ عام ‪ ،1948‬وتوحيد املدينة حتت‬ ‫�ضمه �إىل �سابقه ّ‬ ‫�إىل �إعالن عزم حكومتهم ّ‬
‫ال�ضم زعمهم (�أن القد�س‪ ،‬بق�سميها‪،‬‬ ‫ال�سيطرة الإ�سرائيل ّية‪ .‬وكانت ذريعتهم يف ت�سويغ ذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫كانت "مدينة يهود ّية"‪ ،‬منذ �أقدم الع�صور‪ ،‬وينبغي �أنّ تعود كذلك)‪ .‬وبالفعل‪� ،‬ضَ َّمن عد ٌد‬
‫من قادة �إ�سرائيل الأوائل هذا ال ّزعم يف ت�صريحاتهم ا ّلتي �أعقبت عدوان ‪ 1967‬مبا�شرة‪.‬‬
‫�سويغي وا�ضحاً يف ال ّت�صريح ا ّلذي �أدىل به ديفيد بن‬ ‫فعلى �سبيل املثال‪ ،‬بدا هذا ال ّزعم ال ّت ّ‬
‫نهائي‪ ،‬دمج قطاعي القد�س‬ ‫غوريون‪ ،‬يوم ‪ ،1967 /06 /12‬قائ ًال‪� :‬إن اليهود "ق ّرروا‪ ،‬ب�شكل ّ‬
‫يف دولة �إ�سرائيل‪ ،‬وحتويل القد�س و�ضواحيها‪ ،‬عملياً‪� ،‬إىل مدينة يهود ّية �إ�سرائيل ّية‪� ،‬إىل �أبد‬
‫الآبدين‪ ...‬تلك املدينة العا�صمة الأبد ّية ل�شعب خالد‪ ،‬منذ �أيام داوود امللك‪ ،‬ح ّتى نهاية‬
‫جميع الأجيال‪� ،‬إذا وجدت مثل هذه ال ّنها ّية"‪.‬‬
‫عما قاله‬‫ال�سابقني‪ّ ،‬‬ ‫وال يكاد يختلف ت�صريح ليفي �إ�شكول‪� ،‬أحد ر�ؤ�ساء وزراء �إ�سرائيل ّ‬
‫بن غوريون‪ ،‬يف نف�س جل�سة الكني�ست ا ّلتي انعقدت يوم ‪ ،1967 /6 /12‬فقد قال‬
‫الدولة‪ ،‬ا ّلتي ي�ص ّلي فيها‬ ‫املرة الأوىل‪ ،‬منذ قيام ّ‬ ‫�إ�شكول‪" :‬القد�س ُو ِّحدت‪ ،‬وهذه هي ّ‬
‫اريخي‪ ،‬وكذلك ي�ص ّلون عند قرب‬ ‫اليهود بجوار حائط املبكى‪/‬بقايا دار قد�سنا وما�ضينا ال ّت ّ‬
‫�أ ّمنا راحيل‪."...‬‬
‫�صرح مو�شيه دايان‪ ،‬يف ‪� ،1967 /06 /07‬أمام (حائط‬ ‫وال�صياغة تقريباً‪ّ ،‬‬
‫وبنف�س املعنى ّ‬
‫املقد�سة‪ ،‬وعدنا �إىل �أكرث �أماكننا قد�س ّية‪ ،‬ولن‬ ‫املبكى) قائالً‪" :‬لقد �أعدنا توحيد املدينة ّ‬
‫نبارحها �أبداً"‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫�ضم القد�س عام ‪1967‬‬
‫قرار ّ‬
‫"حق"‬
‫إ�سرائيلي يف القد�س �أو ما ي�سمى ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلق ال‬
‫خ�ضم هذه االنتهاكات بد�أت �أ�سطورة ّ‬ ‫ويف ّ‬
‫اليهودي على تلك‬‫ّ‬ ‫اليهود فيها‪ ،‬عقب احتاللها كاملة عام ‪ ،1967‬وحاولوا �إ�ضافة الطابع‬
‫ال�شرقي ا ّلذي كان ابتالعه‬
‫ّ‬ ‫الأ�ساطري‪ ،‬و�إعطاءها ُبعداً دينياً و�آخر تاريخ ّياً‪ ،‬لتربير ابتالع �شطرها‬
‫خ�ضم ذلك ك ّله‪� ،‬سارعت حكومة �إ�سرائيل‪� ،‬آنذاك‪� ،‬إىل‬ ‫�أحد �أهم �أهداف عدوان ‪1967‬؛ يف ّ‬
‫املحتل قدمياً‪ ،‬واعتبارها‬
‫املحتل حديثاً �إىل غرب ّيها ّ‬
‫�شرقي القد�س ّ‬ ‫�ضم ّ‬ ‫الإعالن ر�سم ّياً عن ّ‬
‫ب�شطريها معاً جزءاً من �إ�سرائيل‪ ،‬يقع �ضمن حدودها‪ .‬وهكذا‪ ،‬وقبل �أنّ تربد نريان العدوان‪،‬‬
‫ال�ضم ا ّلذي ّمت الإعالن عنه يف اليوم ال ّتايل‬
‫�أق َّر الكني�ست يوم الثالثاء ‪ ،1967 /06 /27‬قرار ّ‬
‫‪ ،1967 /06 /28‬ون�شـره يف (الوقائع الإ�سرائيل ّية‪/‬كتاب القوانني) ذي الرقم (‪.)499‬‬
‫ومنذ ذلك ال ّتاريخ‪ ،‬بذلت احلكومات الإ�سرائيل ّية املتعاقبة جهوداً كبرية يف �سبيل تغيري‬
‫أر�ض ومعا َمل و�سكاناً‪ ،‬عن طريق القيام مبمار�سات‬ ‫العربي‪/‬الإ�سالمي للقد�س‪ ،‬ملكي َة � ٍ‬ ‫الطابع ّ‬ ‫ّ‬
‫ين فيها ل�صالح‬ ‫ال�سكا ّ‬
‫عي �إىل تغيري رجحان امليزان ّ‬ ‫ال�س ُّ‬‫وال�صور‪ ،‬كان �أبر َزها ّ‬
‫متعددة الأ�ساليب ّ‬ ‫ّ‬
‫�شك �أنّ هذه املمار�سة كانت الأب�شع �أي�ضاً لأنّ تنفيذها‬ ‫اليهود‪ ،‬كي يغدوا غالبية �سكانها‪ .‬وال ّ‬
‫كان يعني املبا�شرة بطرد �أكرب عدد من �سكان القد�س العرب‪ ،‬وتكثيف م�شاريع اال�ستيطان‬
‫فيها وحولها‪ ،‬وترغيب اليهود يف �سكناها‪ ،‬كما �أف�صح بن غوريون �صراحةً‪� ،‬أمام الكني�ست يف‬
‫جل�سته ا ّلتي انعقدت يف ‪ ،1967 /07 /31‬مقرتحاً تو�سيع �أعمال اال�ستيطان يف كال �شطري‬
‫كل اخلدمات الالزمة لإقامة اليهود‬ ‫كل احلواجز املوجودة بينهما‪ ،‬وتوفري ّ‬ ‫القد�س‪ ،‬بعد �إزالة ّ‬
‫كل النواحي‪ .‬لأنّ تن�شيط م�شاريع اال�ستيطان‪ ،‬كما قال‪" :‬داخل‬ ‫يف كليهما �إقام ًة مريحة من ّ‬
‫القد�س و�ضواحيها‪ ،‬هو وحده ا ّلذي يكفل �إعادة القد�س لل�شّ عب‪� ،‬إىل الأبد"‪.‬‬
‫اال�سرتاتيجي لـنتنياهو‪ ،‬يف‬
‫ّ‬ ‫موحدة حتت االحتالل‪ ،‬كما َّرجح امل�ست�شار‬ ‫�أي ُيث ِّبت بقاءها َّ‬
‫فرتة رئا�سته للوزارة‪ .‬وذلك بدعوى �أنّ الإ�سرائيل ّيني �صاروا غالبية �سكان القد�س‪ ،‬وما عاد‬
‫إ�سرائيلي‪ ،‬تقلي�ص‬
‫ّ‬ ‫ممكناً‪ ،‬بالتايل‪� ،‬إخراجهم منها ّ‬
‫جمدداً‪ .‬وهو ما يعني يف منظور ال ّتفاو�ض ال‬
‫إ�سرائيل على االن�سحاب من القد�س‪،‬‬ ‫الدولية ا ّلتي قد ُتكرِه � َ‬‫وال�ضغوط ّ‬
‫ال�سيا�س ّية ّ‬
‫اخليارات ّ‬
‫ك ّلياً �أو جزئياً‪� ،‬أو ُتكرهها‪ ،‬يف � ّأي مفاو�ضات ت�سوية مقبلة‪ ،‬مع العرب‪ ،‬على القبول ب�إعادة‬
‫تق�سيمها �إىل �شطرين‪ ،‬يكون �أحدهما عا�صمة للفل�سطين ّيني‪.‬‬
‫ين‪ ،‬يف القد�س‪ ،‬مل�صلحة اليهود‪ ،‬قام الإ�سرائيل ّيون‬ ‫ال�سكا ّ‬
‫وبالإ�ضافة �إىل حماولة تغيري امليزان ّ‬
‫‪36‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ين‪ ،‬كما‬ ‫ال�سكا ّ‬


‫ب�إجراءات �أخرى لتهويد املدينة‪ ،‬نفَّذوها بال ّتزامن مع جهودهم لتغيري طابعها ّ‬
‫ُيبينِّ ا�ستقراء تواريخ تلك الإجراءات‪ ،‬كتغيري ما كان �سائداً فيها من �أنظمة وقوانني‪ ،‬وتغيري‬
‫معاملها العرب ّية الإ�سالم ّية وامل�سيح ّية‪ ،‬و�أ�سماء مدنها و�أحيائها‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫منذ �أنّ احت ّلت �إ�سرائيل تلك املناطق ا ّتخذت �سلطات االحتالل الإ�سرائيل ّية �سيا�سات مت ّيز‬
‫ال�سكان الفل�سطين ّيني القاطنني فيها‪ ،‬وتعمل بطرق عديدة على رفع ن�سبة اليهود يف‬ ‫�ضد ّ‬‫ّ‬
‫املدينة وتقلي�ص ن�سبة الفل�سطين ّيني؛ وذلك بهدف خلق واقع دميغرا ّيف وجغرا ّيف يكبح �أ ّية‬
‫ال�سيادة الإ�سرائيل ّية يف القد�س ال�شّ رق ّية‪ .‬يف �سبيل ذلك �صادرت‬ ‫حماولة م�ستقبل ّية لزعزعة ّ‬
‫خم�ص�صة ك ّلها لليهود‬ ‫ال�سكان الفل�سطين ّيني وبنت ‪ 12‬ح ّياً ّ‬ ‫ال�سلطات �آالف الدومنات من ّ‬ ‫ّ‬
‫�ضمها �إىل �إ�سرائيل‪ .‬مكانة هذه الأحياء‪ ،‬من‬ ‫فقط‪ ،‬وذلك فوق املناطق املحت ّلة ا ّلتي جرى ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‪.‬‬
‫الدويل‪ ،‬ال تختلف عن مكانة امل�ستوطنات يف �أرا�ضي مناطق ّ‬ ‫ناحية القانون ّ‬

‫العن�رصي يف القد�س‪ ...‬والقد�س الكربى‬


‫ّ‬ ‫جدار الف�صل‬

‫العن�صري يف القد�س نتيجة ملنع ما �أ�سمته �إ�سرائيل "العلم ّيات‬


‫ّ‬ ‫مل ي� ِأت بناء جدار الف�صل‬
‫الإرهاب ّية والتخريب ّية" بل جاء بنا�ؤه من �أجل ا�ستكمال ف�صل وعزل القد�س ب�شكل مطلق‬
‫عن واقعها اجلغرا ّيف ولتحقيق ّ‬
‫خمطط القد�س الكربى‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫ال�شرقي من القد�س حيث كانت‬ ‫ّ‬ ‫فبعد نك�سة حزيران يف عام ‪ ،1967‬احت ّلت "�إ�سرائيل" اجلزء‬
‫والغربي‬
‫ّ‬ ‫ال�شرقي‬
‫ّ‬ ‫م�ساحتها كمدينة تبلغ ‪ 6000‬دومن‪ ،‬و�أ�صبحت م�ساحة مدينة القد�س بفرعيها‪،‬‬
‫‪ 44,100‬دومن‪ .‬لكن "�إ�سرائيل" �أقدمت على م�صادرة ‪� 64‬ألف دومن من �أرا�ضي ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‬
‫(�أي �أكرث من �ضعف م�ساحة املدينة بحدودها ال ّتاريخ ّية)‪ ،‬اقتطعتها من �أرا�ضي �أكرث من ‪28‬‬
‫مدينة وقرية بع�ضها ّمت �إلغا�ؤها ك ّلياً مثل قرى �صور باهر وجبل املكرب والنبي �صموئيل وح ّولتها‬
‫�إىل �أحياء داخل ّية يف مدينة القد�س ومن بيت جاال وبيت حلم وبيت �ساحور وبيت �إك�سا وقطنة‪.‬‬
‫�ضمت ‪12‬‬ ‫ونتيجة لذلك �أ�صبحت م�ساحة مدينة القد�س ما يقارب من ‪� 126‬ألف دومن بعد �أنّ ّ‬
‫�ألف دومن من مناطق فل�سطين ّية احت ّلت قبل عام ‪� 1948‬إىل القد�س‪.‬‬
‫وبعد �أنّ فر�ضت حقائق على الأر�ض بد�أت �إ�سرائيل يف عام ‪ 2002‬ب�إجراءات عمل ّية لإقامة‬
‫متتد من كتلة م�ستعمرات غو�ش عت�صيون يف حمافظة بيت حلم (جنوب‬ ‫القد�س الكربى ا ّلتي ّ‬
‫القد�س)‪ ،‬وكتلة م�ستعمرات غفعات زئيف يف �شمال غرب القد�س وم�ستعمرات بنيامني‬
‫يف ال�شّ مال ومعاليه �أدوميم وامل�ستعمرات القريبة منها البالغة ‪ 8‬م�ستعمرات من ال�شّ رق‪.‬‬
‫(امل�سماة �إ�سرائيل ّياً �صحراء يهودا) مناطق‬
‫وبالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬توجد يف منطقة برية القد�س ّ‬
‫تدريبات ع�سكر ّية �إ�سرائيل ّية ومتن ّزهات طبيع ّية متن ّوعة‪ .‬وت�صل م�ساحة برية القد�س �إىل ما‬
‫خلطة‬‫يقارب ‪ 600‬كم وت�صل ح ّتى م�شارف البحر امليت و�أريحا وت�صل م�ساحة القد�س طبقاً ّ‬
‫القد�س ‪ 2000‬وا ّلتي ن�شرها مركز "مبكوم" �إىل �أكرث من ‪ 250‬كم‬

‫الهيكلية‬
‫ّ‬ ‫خطّ ة القد�س‬

‫�إنّ جمع ّية "مبكوم" ا ّلتي تطالب منذ �سنني بتغيري �سيا�سة ال ّتخطيط يف القد�س ال�شّ رق ّية �أخذت على عاتقها درا�سة ّ‬
‫اخلطة‬
‫اخلطة جمموعة عمل قامت بجوالت ميدان ّية و�أمعنت ال ّنظر يف وثائق هذه ّ‬
‫اخلطة‪،‬‬ ‫و�شكلت اجلمعية لدى عر�ض ّ‬ ‫اجلديدة‪ّ ،‬‬
‫ال�س ّيد مو�شيه كوهني خالل لقاء عقد معه‪ ،‬كما �إىل رئي�س مدير ّية‬
‫الهيكلي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّثم ّقدمت ا�ستنتاجاتها �إىل رئي�س طاقم ال ّتخطيط‬
‫املهني ا ّلذي يعمل معه‪.‬‬ ‫املعماري �شماي �أ�سيف ّ‬
‫والطاقم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الداخل ّية املهند�س‬
‫ال ّتخطيط يف وزارة ّ‬

‫‪38‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫�سكانها �إىل منطقة نفوذ املدينة‬‫�شرقي القد�س مع ّ‬ ‫�ضم �أرا�ضي ّ‬ ‫يف يونيو‪/‬حزيران ‪ّ 1967‬مت ّ‬
‫املوحدة" ثالثة �أ�ضعاف تقريباً �أي من ‪� 38‬ألف دومن �إىل ‪� 108‬آالف‬ ‫لتزداد م�ساحة "املدينة ّ‬
‫ال�سنني ثلث‬ ‫ال�سكان العرب ت�سعة و�ستني �ألف ن�سمة‪ .‬وقد �صودر على مدار ّ‬ ‫كما زاد عدد ّ‬
‫امل�ساحة امل�ضمومة ل�صالح بناء �أحياء جديدة من �أجل ّ‬
‫ال�سكان اليهود ّمما �أ ّدى �إىل تقلي�ص‬
‫ال�سكن وال ّتطوير ّ‬
‫لل�سكان الفل�سطين ّيني‪.‬‬ ‫م�ساحة ّ‬
‫قامت يف املدينة طفرة هائلة من العمران وال ّتطوير ال �س ّيما يف الأحياء اليهود ّية ا ّلتي �أقيمت‬
‫حي على حدة بعيداً من ال ّنظرة‬ ‫على الأرا�ضي امل�صادرة‪ .‬متّت بلورة خطط هيكل ّية ّ‬
‫لكل ّ‬
‫ال�سائد يف املدينة �إجما ًال ويف ق�سمها‬
‫املركب ّ‬‫ال�شّ مول ّية العا ّمة‪ ،‬وبتجاهل الو�ضع ال ّتخطيطي ّ‬
‫رقي على وجه اخل�صو�ص‪� .‬أ�ضف �إىل ذلك �أنّ اخلطط املذكورة �أخرجت �إىل ح ّيز ال ّتنفيذ‬ ‫ال�شّ ّ‬
‫ال�سكان العرب واليهود‪ ،‬بحيث‬ ‫�سيا�سة تخطيط معلنة تتمحور حول احلفاظ على ن�سب ّ‬
‫لل�سكان اليهود رغم ن�سبة النم ّو الأ�سرع‬ ‫الدميوغرايف الوا�ضح ّ‬ ‫ت�سعى للإبقاء على التف ّوق ّ‬
‫املحد من البناء‪.‬‬
‫ال�سيا�سة بعدم ال ّتخطيط �أو التخطيط ّ‬ ‫لل�سكان العرب‪ .‬وكثرياً ما ترتجم هذه ّ‬‫ّ‬
‫بعد �إقرار احلاجة �إىل تخطيط �شامل للقد�س بكاملها وب�أجزائها كافة‪ ،‬بد�أت عمل ّية تخطيط‬
‫خا�ص مبدينة‬
‫هيكلي ّ‬‫بعيدة املدى ووا�سعة ال ّنطاق يفرت�ض �أنّ تنتهي ولأ ّول م ّرة بطرح تخطيط ّ‬
‫القد�س‪.‬‬
‫حتد القد�س �أكرث من �سبعة مدن عرب ّية هي رام اهلل والبرية وبيتونيا وبيت حلم وبيت‬ ‫وبذلك ّ‬
‫جاال وبيت �ساحور ومنطقة �أريحا ومنحدرات البحر امل ّيت‪ .‬ويبدو يل �أنّ ال ّ‬
‫الدرا�سات‬
‫حتدثت عن م�ساحة مناطق ال ّتدريبات الع�سكر ّية وال املتن ّزهات‬ ‫الفل�سطين ّية وال العرب ّية ّ‬
‫املخططات امل�ستقبل ّية لهذه املنطقة من بناء م�ستوطنات جديدة‬ ‫الطبيع ّية الإ�سرائيل ّية وال ّ‬
‫ّ‬
‫متتد ح ّتى منحدرات البحر امل ّيت وا ّلتي ال تعرف م�ساحتها‬
‫ومناطق �سياح ّية وغري ذلك‪ ،‬ا ّلتي ّ‬
‫تتحدث عن ‪ 600‬كم‪.‬‬ ‫الدقّة رغم �أنّ بع�ض امل�صادر الإ�سرائيل ّية ّ‬
‫على وجه ّ‬

‫תכנית אלון خطّ ة �ألون القد�س الكربى‬


‫ُطرح مو�ضوع القد�س الكربى لأول م ّرة يف �شهر �أيلول من عام ‪ 1967‬من ِق َبل وزير ال ّتعليم‬
‫حل �شاملة مع العرب �سم ّيت ّ‬
‫بخطة �ألون‪.‬‬ ‫خطة ّ‬ ‫إ�سرائيلي حينها يغيئال �ألون ا ّلذي طرح ّ‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫ال�شرقي‬
‫ّ‬ ‫املوحدة ب�شق ّيها‬ ‫حتدثت ّ‬
‫اخلطة عن القد�س ّ‬ ‫ويف ما يتع ّلق مبدينة القد�س ال�شرق ّية ّ‬
‫‪39‬‬
‫لل�سيادة الإ�سرائيل ّية على برية القد�س‬
‫تدريجي ّ‬
‫ّ‬ ‫ومد‬
‫ال�سيادة الإ�سرائيل ّية ّ‬
‫والغرب ّية حتت ّ‬
‫املمتدة ح ّتى مداخل مدينة �أريحا ومنحدرات البحر امل ّيت ح ّتى منطقة م�ستعمرات غو�ش‬ ‫ّ‬
‫عت�صيون يف منطقة بيت حلم يف اجلنوب وجبال رام اهلل والبرية يف ال�شّ مال‪.‬‬

‫ُ‬
‫�ضابط اال�ستخبارات‬ ‫كتاب خطة �ألون ا ّلذي ي�أتي بتفا�صيل ّ‬
‫املخطط وقد �أ ّلف هذا الكتاب‬
‫ّبلوما�سي يروحام كوهني وقامت بن�شره دار هاكيبوت�س هم�ؤحد عام ‪1973‬‬
‫ّ‬ ‫إ�سرائيلي والد‬
‫ّ‬ ‫ال‬

‫خطة �آلون ‪1967‬‬

‫‪40‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ين يف‬
‫وجاء يف الكتاب �أ ّنه ُبعيد حرب ‪ ،1967‬با�شر حزب العمل عمل ّيات البناء اال�ستيطا ّ‬
‫الدرجة الأوىل‪� ،‬إ�ضافة �إىل ما حتويه من‬‫الأرا�ضي املحت ّلة؛ انطالقاً من كونها منطقة �أمن ّية من ّ‬
‫م�ساحات هائلة لل ّزراعة‪ ،‬وم�صادر املياه اجلوفية‪ ،‬وقد بد�أت عمل ّيات اال�ستيطان على يد �سالح‬
‫(الـ ناحل הנח"ל) (נוער חלוצי לוחם نوعار حلوت�س لوحيم)‬
‫�سميت با�سم‬ ‫الطليعة املقاتلة"‪� ،‬إذ ُبني العديد من املواقع اال�ستيطان ّية ا ّلتي ّ‬
‫وتعني "�شبيبة ّ‬
‫(ناحل)‪ ،‬وذلك على طول ّ‬
‫خط الهدنة ومناطق الغور‪.‬‬
‫خمطط ُعرف با�سم "م�شروع �ألون"‬ ‫وما لبثت هذه العمل ّية �أنّ حت ّولت �إىل �سيا�سة ذات ّ‬
‫إ�سرائيلي يف حينه؛ وذلك بناء على‬ ‫ّ‬ ‫أعده يغال �ألون‪ ،‬وزير العدل ال‬ ‫ين‪ ،‬ا ّلذي � ّ‬
‫اال�ستيطا ّ‬
‫ال�سيادة على الأر�ض‬ ‫للحل (الت�سوية)‪ ،‬ب�ش�أن ّ‬‫ا�سرتاتيج ّية ت�ضييق جمال اخليارات املتاحة ّ‬
‫املحت ّلة‪ ،‬عرب تطبيق الأمر الواقع باال�ستيالء على الأر�ض وتنفيذ عمل ّية ا�ستيطان ّية وا�سعة‪،‬‬
‫على طول غور الأردن‪ ،‬من جنوب غور بي�سان‪ ،‬وحتى جنوب �صحراء اخلليل‪ ،‬بطول ‪115‬‬
‫كلم وعر�ض ‪ 20‬كلم‪.‬‬
‫املخطط‪ُ ،‬بني يف عهد حزب العمل وحتى عام ‪1977‬م‪ 34 ،‬م�ستوطنة‪( ،‬منها‬ ‫ويف �ضوء هذا ّ‬
‫‪ 12‬يف مدينة القد�س)‪ ،‬وكانت م�ستوطنة كفار عت�صيون هي الأوىل ا ّلتي ُبنيت �سنة ‪1967‬م‪،‬‬
‫ّثم كريات �أربع �سنة ‪1968‬م‪ّ ،‬مما يدل على �أنّ اال�ستيطان كان يتجاوز ح ّتى م�شروع �ألون‪،‬‬
‫اال�سرتاتيجي نحو ا�ستيطان متن ّوع الأهداف يف �أماكن ومواقع يف حميط‬‫ّ‬ ‫أمني‬
‫واملفهوم ال ّ‬
‫القد�س وبيت حلم‪ ،‬وكذلك على طول ّ‬
‫اخلط الأخ�ضر‪.‬‬
‫ين يف �صحيفة (דבר دافار الإ�سرائيل ّية) بتاريخ‬ ‫وقد قال �ألون نف�سه عن م�شروعه اال�ستيطا ّ‬
‫‪" :1974 /02 /17‬لقد �أقيمت‪ :‬امل�ستعمرات الإ�سرائيل ّية يف �ضوء الأهم ّية اال�سرتاتيج ّية‬
‫يا�سي من �أجل حدود �آمنة"‪.‬‬
‫ال�س ّ‬ ‫ملتطلبات الأمن‪ ،‬وكحافز لل ّن�ضال ّ‬
‫ولتحقيق م�شروعه عملياً‪ ،‬دعا �إىل جت ّنب ّ‬
‫�ضم مناطق بها كثافة �سكان ّية فل�سطين ّية‪ ،‬قائ ًال �إ ّنه يف‬
‫املناطق املذكورة بخطته يجب �إقامة م�ستعمرات مدن ّية وريف ّية وقواعد ع�سكر ّية دائمة‪ ،‬ب�أ�سرع‬
‫�شرقي القد�س وبلداتها القدمية‪.‬‬‫وقت ممكن‪ ،‬وفق متطلبات الأمن‪ ،‬وي�شمل ذلك ّ‬
‫ين ح ّتى �أواخر عام ‪1970‬م‪ ،‬وقد جاء‬ ‫�أ ّما يف قطاع غ ّزة‪ ،‬فقد ت�أخرت عمل ّية البناء اال�ستيطا ّ‬
‫ين يف حميط القطاع‪ ،‬وتق�سيمه �إىل ثالث كتل‬ ‫يف م�شروع �ألون – �ضرورة و�ضع حزام ا�ستيطا ّ‬
‫فل�سطين ّية‪ ،‬تف�صلها حواجز ماد ّية‪ ،‬وكانت امل�ستوطنات هي هذه احلواجز املاد ّية املطلوبة‪ ،‬وهي‬
‫‪41‬‬
‫عبارة عن ثالث جمموعات من امل�ستوطنات‪.‬‬
‫‪ 1-‬م�ستوطنات يف �شمال القطاع (�إيرز‪� ،‬إيلي �سيناي‪ ،‬ني�سانيت ونت�سارمي)‪.‬‬
‫‪ 2-‬م�ستوطنات دير البلح ومركزها م�ستوطنة كفار داروم‪.‬‬
‫‪ 3-‬كتلة م�ستوطنات خانيون�س (غو�ش قطيف‪ ،‬جاين طال‪ ،‬نت�سار حزاين‪ ،‬نفيه دكاليم‪،‬‬
‫دوغيت‪ ،‬جديد‪ ،‬موراغ‪ ،‬غان �أور ورفيح يام)‪.‬‬
‫ي�سمى باملنطقة الو�سطى ورئي�س‬ ‫ويف نهاية عام ‪ 1994‬و�ضع اجلرنال �إيالن بريان قائد ما ّ‬
‫خطة �إعادة انت�شار اجلي�ش‬‫إ�سرائيلي ّ‬
‫ّ‬ ‫املرحلي يف نف�س القيادة ال ّتابعة للجي�ش ال‬
‫ّ‬ ‫�إدارة االتفاق‬
‫ت�ضمنت �إقامة القد�س الكربى ا ّلتي ّ‬
‫ت�ضم معاليه �أدوميم‬ ‫ال�ضفّة الغرب ّية ا ّلتي ّ‬
‫إ�سرائيلي يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫كل حماور ّ‬
‫الطرق امل�ؤد ّية �إليها مثل �شاع ‪45‬‬ ‫وغفعات زئيف وغو�ش عت�صيون‪ ،‬وال�سيطرة على ّ‬
‫يتعمق يف �أرا�ضي بلدة بيتونيا وي�صل �إىل عني عريك وهو يبعد ‪ 4 - 3‬كم عن �شارع‬ ‫ا ّلذي ّ‬
‫‪ 443‬و�شارع ‪ 60‬يف اجلنوب املو�صل �إىل القد�س من غو�ش عت�صيون و�شارع ‪�( 80‬شارع �ألون)‪.‬‬
‫بخطة حا�ضن القد�س‪.‬‬ ‫اخلطة ّ‬‫و�س ّميت تلك ّ‬ ‫ُ‬
‫املخططات املذكورة ُبني اجلدار الفا�صل يف مدينة القد�س مع �إدخال بع�ض‬ ‫وبناء على ّ‬
‫الطفيفة والتي ال تكاد ُتذكر ل�صالح الفل�سطين ّيني‪ ،‬وذلك لتحقيق الأهداف‬ ‫ال ّتعديالت ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية و�إقامة القد�س‬
‫‪ .1‬عزل وف�صل القد�س ال�شّ رق ّية عن بقية �أرا�ضي ّ‬
‫الكربى‪.‬‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية �أو‬
‫ال�سكان العرب وترحيلهم من ّ‬ ‫‪ .2‬تهجري وتفريغ القد�س ال�شّ رق ّية من ّ‬
‫�إىل � ّأي مكان �آخر‪.‬‬
‫‪ .3‬يف حال عدم ّمتكنها من تهجري العرب‪ ،‬فعلى الأقل ح�شرهم يف �أحياء �صغرية‬
‫ين‬
‫ال�سكا ّ‬ ‫حماطة بامل�ستوطنات واجلدران وال�شّ وارع‪ ،‬وتكون غري قابلة للنم ّو والتط ّور ّ‬
‫يا�سي‪.‬‬
‫وال�س ّ‬ ‫واالجتماعي ّ‬
‫ّ‬ ‫واالقت�صادي‬
‫ّ‏‬
‫‪ .4‬خلق حقائق على الأر�ض مثل �إقامة م�ستوطنات ومناطق �صناع ّية و�سياح ّية يهود ّية‬
‫ودعم هجرة اليهود �إىل املدينة و�ضواحيها بهدف �إيجاد �أغلبية يهودية يف القد�س ال�شرق ّية‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫املقد�سة الإ�سالم ّية وامل�سيح ّية نظراً‬


‫‪ .5‬املحافظة على �سيادة �إ�سرائيل على الأماكن ّ‬
‫القد�سي ال�شّ ريف ويف غريه من الأماكن‪ ،‬ومنع‬
‫ّ‬ ‫�إىل ما ّتدعيه من حقوقها يف احلرم‬
‫الو�صول �إليها‪.‬‬

‫هدم قرية الكعابنة من بيت حنينا‪-‬بلد �شما ّ‬


‫يل القد�س‬

‫املخططات قامت �إ�سرائيل بال ّتالعب يف القوانني و�أدخل الكني�ست تعديالت‬ ‫ولإمتام هذه ّ‬
‫ال�صادر يف ‪ 1948 /07 /26‬يخ ّول مبوجبه احلكومة‬ ‫ال�سلطة والقانون" ّ‬ ‫على قانون "ترتيب ّ‬
‫ال�سابقة" �إىل حدود دولتها‪ .‬ووفق ذلك ن�شرت‬ ‫ب�ضم �أ ّية م�ساحة من "�أر�ض �إ�سرائيل ّ‬ ‫ّ‬
‫ت�ضم مبوجبه البلدة القدمية يف القد�س وم�ساحات‬ ‫�سكرتارية احلكومة يف ‪� 1967 /06 /28‬أمراً ّ‬
‫خا�صة من ال�شّ مال واجلنوب �إىل‬ ‫وا�سعة �أخرى (مل تذكر م�ساحتها) من جميع املناطق‪ّ .‬‬
‫دولة �إ�سرائيل‪ .‬وبالإ�ضافة �إىل القانون املذكور‪� ،‬ألغت احلكومة الإ�سرائيل ّية البلد ّية الأردن ّية‬
‫موحدة ‪-‬‬ ‫وامل� ّؤ�س�سات الأردن ّية الأخرى املوجودة يف القد�س ال�شرق ّية‪ ،‬وح ّولتها �إىل بلدية ّ‬
‫�ضم ‪� 80‬ألف دومن �إىل حدود مدينة القد�س منها �ستة �آالف دومن م�ساحة‬ ‫الطريقة مت ّ‬‫بهذه ّ‬
‫البلد ّية الأردن ّية �أي ما يعادل �أكرث من ‪ 1.5‬من م�ساحة ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‪.‬‬
‫ولتثبيت ما َّمت القيام به من �إجراءات تهويدها‪ ،‬منذ �صدور قرار �ضمها عام ‪ ،1967‬ولإ�ضفاء‬
‫لون من "ال�شّ رعية" على تلك الإجراءات‪� ،‬أ�صدر الكني�ست‪ ،‬عام ‪ ،1980‬ما ُعرِف بـ "قانون‬
‫‪43‬‬
‫القد�س" ا ّلذي � ّأكد يف بنده الأ ّول �إعالن القد�س ب�شطريها‪ ،‬عا�صم ًة ّ‬
‫موحدة لإ�سرائيل‪ .‬فماذا‬
‫ت�ضمن هذا القانون �أي�ضاً‪ ،‬وما �أهم �أهدافه؟‬
‫َّ‬

‫ال�صادر عام ‪ 1980‬و�أهدافه‬ ‫قانون القد�س ّ‬


‫تقدمت ع�ضو الكني�ست جيئوال كوهني‪ ،‬من حركة " َه ْتحِ َّيا"‪ ،‬مب�شروع ُ�س ّمي‪،‬‬ ‫يف عام ‪ّ ،1980‬‬
‫"قانون القد�س"‪ .‬ويف ذات الوقت‪ ،‬طرح �إمري رون من حزب "مبام"‪ ،‬م�شـروعاً مماث ًال‪ .‬وبعد‬
‫مناق�شة كال امل�شروعني‪ ،‬ا�س ُتخل َِ�ص من م�ضمونيهما ما �صار ُيع َرف‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬بـ "قانون القد�س"‬
‫ا ّلذي �صادق �أع�ضاء الكني�ست على �صيغته ال ّنهائ ّية‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1980 /07 /20‬ب�أغلبية (‪)69‬‬
‫ت�ضمنت تلك ال�صيغة‪ ،‬كما ن�شـرتها‬ ‫�صوتاً ّ‬
‫�ضد (‪ ،)15‬وامتناع ثالثة �أع�ضاء عن ال ّت�صويت‪ .‬وقد ّ‬
‫�صحيفتا (هت�سوفيه‪ ،)1980 /07 /31 ،‬و(ه�آرت�س‪ ،)1980 /08 /01 ،‬البنود الأربعة التالية‪:‬‬
‫املوحدة هي عا�صمة �إ�سرائيل‪.‬‬
‫‪ - 1‬القد�س ّ‬
‫املقد�سة حمفوظة من �إحلاق � ّأي �ضرر بها‪� ،‬أو � ّأي �شيء ي�سيء �إىل حر ّية‬
‫‪ - 2‬تبقى الأماكن ّ‬
‫املقد�سة‪.‬‬
‫ال�سماو ّية �إىل �أماكنهم ّ‬
‫و�صول �أبناء الديانات ّ‬
‫�سكانها‪ ،‬عن طريق ر�صد‬‫‪ - 3‬حتر�ص احلكومة الإ�سرائيل ّية على تطوير و�إنعا�ش القد�س ورفاهية ّ‬
‫خا�صة لبلد ّية القد�س ت�سمى "منحة العا�صمة"‪.‬‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬وال �سيما تقدمي منحة �سنوية ّ‬
‫الطاقات ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولة‪ ،‬لتطويرها يف املجاالت‬ ‫خا�صة ب�ش�أن ما يتعلق بن�شاطات ّ‬ ‫‪ - 4‬تمُ نح القد�س �أف�ضل ّية ّ‬
‫االقت�صاد ّية وغريها من املجاالت الأخرى‪.‬‬
‫وبالإ�ضافة �إىل ذلك‪� ،‬أ�صدرت حمكمة العدل الإ�سرائيل ّية قراراً يف عام ‪ 1988‬اعتربت فيه‬
‫يحق لهم احل�صول على ّ‬
‫كل‬ ‫�سكان القد�س ال�شرق ّية �سكاناً دائمني ولي�سوا مواطنني‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�صعيد �صدر عن احلكم‬ ‫اليهودي يف املدينة‪ ،‬وعلى نف�س ّ‬ ‫ّ‬ ‫االمتيازات ا ّلتي يح�صل عليها‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية وقطاع غ ّزة �أوامر ع�سكرية تلغى مبوجبها القوانني‬ ‫إ�سرائيلي يف ّ‬
‫ّ‬ ‫الع�سكري ال‬
‫ّ‬
‫ال�سيطرة على �أرا�ضي الفل�سطين ّيني وتهجريهم مبا‬ ‫تعدلها من �أجل ا�ستكمال ّ‬ ‫الأردن ّية �أو ّ‬
‫واملعدلة) �أكرث من‬
‫يف ذلك القد�س ال�شّ رق ّية وحميطها‪ ،‬وبلغ جمموع هذه الأوامر (اجلديدة ّ‬
‫ع�سكري �شملت خمتلف مناحي حياة الفل�سطين ّيني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪� 1500‬أمر‬
‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيني‪ ،‬وتعا ُملها معهم كغرباء �أو‬
‫ال�سلطات الإ�سرائيل ّية احتياجات ّ‬‫وتتجا ُهل ّ‬
‫‪44‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ك�أجانب‪ ،‬انعك�س على نح ٍو وا�ضح يف �إقامة اجلدار الفا�صل داخل املدينة‪ .‬امل�سار ا ّلذي جرى‬
‫اختياره لبناء اجلدار �أبقى ‪� 8‬أحياء فل�سطين ّية وراء اجلدار‪ ،‬مبا فيها خم ّيم �شعفاط لالجئني‪.‬‬
‫ت�شكل جزءاً من منطقة‬ ‫يعي�ش يف هذه الأحياء �أكرث من مئة �ألف �إن�سان‪ ،‬وفقاً للتقديرات‪ .‬وهي ّ‬
‫�سكانها ال�ضرائب لبلد ّية القد�س‪ .‬ولكن بلد ّية القد�س والوزارات‬ ‫نفوذ بلد ّية القد�س‪ ،‬ويدفع ّ‬
‫�سكانها باخلدمات‬‫احلكوم ّية املختلفة تتجاهل تلك الأحياء فتمتنع عن دخولها وترف�ض تزويد ّ‬
‫احليو ّية‪ ،‬وبذلك حت ّولت هذه الأحياء �إىل مناطق يبدو عليها الإهمال ال�شّ ديد‪ .‬هذه الأحياء‬
‫الطرق‪ ،‬وخدمات‬ ‫حمرومة من اخلدمات البلد ّية الأ�سا�س ّية واحليو ّية‪ ،‬مثل �إخالء النفاية‪� ،‬شقّ ّ‬
‫الترّ ب ّية والتعليم‪ .‬كما �أ ّنها تعاين نق�صاً حا ّداً يف عدد ّ‬
‫ال�صفوف ال ّتعليم ّية وريا�ض الأطفال‪ .‬البنية‬
‫ال�س ّكان‪ ،‬ومل يطر�أ‬
‫ل�سد احتياجات ّ‬ ‫ال�ص ّح ّي يف تلك الأحياء ال تكفي ّ‬ ‫وال�صرف ّ‬‫ال ّتحت ّية للمياه ّ‬
‫ال�سكان �أي�ضاً من قيود �شديدة على حركتهم وتنقّلهم‪ ،‬وذلك ج ّراء‬ ‫عليها � ّأي تطوير‪ .‬يعاين ّ‬
‫عرقلتها على احلواجز واالزدحام ا ّلذي ت�س ّببه تلك احلواجز يف ّ‬
‫الطرق امل�ؤد ّية �إليها‪.‬‬
‫الغربية‬
‫ّ‬ ‫ال�ض ّفة‬
‫االحتالل يف ّ‬

‫ال�ض ّفة الغرب ّية ح�سب اتفاق �أو�سلو‪ ،‬حيث ي�شري اللون الأ�صفر الغامق �إىل املناطق ذات ّ‬
‫ال�سيادة‬ ‫ال�سلطة الفل�سطين ّية يف ّ‬
‫مناطق ّ‬
‫الفل�سطين ّيةالتا ّمة‪،‬بينمااللونالأ�صفر الفاحتفهومناطقذات�سيطرةفل�سطين ّية‪�-‬إ�سرائيل ّيةم�شرتكة‪�،‬أ ّمااللون الأبي�ضفهو‬
‫البني يبينّ التّج ّمعات اال�ستيطان ّية الإ�سرائيل ّية منذ حرب ‪1967‬‬
‫ال�سيطرة الإ�سرائيل ّية الأمن ّية املبا�شرة‪ .‬اللون ّ‬
‫مناطق حتت ّ‬

‫‪45‬‬
‫بال�ضفّة الغرب ّية لوقوعها غرب نهر‬‫ال�ضفّة الغرب ّية منطقة جيو�سيا�س ّية تقع يف فل�سطني‪�ُ ،‬س ِّم َيت ّ‬
‫ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية ما يقارب ‪ % 21‬من م�ساحة فل�سطني االنتداب ّية (من‬ ‫الأردن‪ .‬ت�شكل م�ساحة ّ‬
‫ال ّنهر �إىل البحر) ‪� -‬أي حواىل ‪ 5,860‬كم‪ .²‬ت�شمل هذه املنطقة جغراف ّياً جبال نابل�س وجبال‬
‫وغربي غور الأردن وت�شكل مع قطاع غ ّزة الأرا�ضي الفل�سطين ّية املتبق ّية‬ ‫القد�س وجبال اخلليل ّ‬
‫بعد قيام �إ�سرائيل على بق ّية فل�سطني عام ‪ ،1948‬كما قامت �إ�سرائيل باحتالل ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية ا�سم "يهودا وال�سامرة" وذلك‬ ‫وقطاع غ ّزة عام ‪ .1967‬تطلق �إ�سرائيل على ّ‬
‫ا�ستمرار منها يف عمل ّية تهويد الأر�ض وال ّتاريخ يف فل�سطني‪.‬‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية ج�سماً متمايزاً قبل حرب ‪ 1948‬وقيام �إ�سرائيل‪ ،‬وبعد احلرب؛ ُ�ض َّمت‬ ‫مل تكن ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية �إىل الأردن يف م�ؤمتر �أريحا عام ‪ ،1951‬ثم احت ّلتها �إ�سرائيل خالل حرب ‪،1967‬‬ ‫ّ‬
‫ال�ضفّة‬ ‫ت�شكل �أرا�ضي ّ‬‫وظ ّلت الأردن تعتربها قانونياً �أرا�ضي �أردنية حمت ّلة ح ّتى عام ‪ّ .1988‬‬
‫ا�صطلح على ت�سميتها الأرا�ضي الفل�سطين ّية‬ ‫الغرب ّية اجلزء الأكرب م�ساحة من الأرا�ضي ا ّلتي ُ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية ‪ -‬مبا فيها القد�س ال�شرق ّية ‪ -‬وقطاع غ ّزة)‪ ،‬ا ّلتي ي�ؤمل �أنّ‬ ‫املحت ّلة (التي ّ‬
‫ت�ضم ّ‬
‫منظمة‬ ‫الدولتني ا ّلتي تفاو�ض على �إقامتها ّ‬ ‫حل ّ‬ ‫يح�صل عليها الفل�سطينيون �ضمن مفاو�ضات ّ‬
‫التحرير الفل�سطينية منذ عام ‪ .1991‬بدءاً من عام ‪ ،1994‬يقع الفل�سطين ّيون حتت �سلطة‬
‫ال�ضفّة‬‫ال�س ّكانية الفل�سطين ّية الكثيفة �ضمن �أرا�ضي ّ‬ ‫جمعات ّ‬ ‫فل�سطيني يف ال ّت ّ‬
‫ّ‬ ‫ذاتي‬
‫حكم ّ‬
‫الغرب ّية كجزء من اتفاق �أو�سلو با�ستثناء مدينة القد�س‪.‬‬
‫فل�سطينية‪ ..‬با ّدعاء �أ ّنها �أرا�ضي دولة‬
‫ّ‬ ‫اال�ستيالء على � ٍ‬
‫أرا�ض‬

‫בג"ץ ‪ 390/79‬דויקאת נ›‬


‫ממשלת ישראל‪ ,‬עמ›‬
‫‪ 4‬לפסק דינו של מ"מ‬
‫הנשיא (כתוארו אז) לנדוי‪.‬‬
‫ق � ��رار حم �ك �م��ة ال� �ع ��دل ال�ع�ل�ي��ا‬
‫‪ 390/79‬املُ �� �س � ّم��ى "�ألون‬
‫موريه" ا ّلذي ق ّيد من �إمكان ّيات‬
‫ق�ي��ام احل�ك��وم��ة ب ��إع�لان �إق��ام��ة‬
‫م�ستوطنات على �أرا���ض مبلكية‬
‫خا�صة ُ�صودرت ب�أوامر ع�سكر ّية‬ ‫ّ‬
‫‪46‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫�سمى "�ألون موريه" ا ّلذي ق ّيد من �إمكانيات‬


‫يف عام ‪� 1979‬صدر قرار املحكمة العليا املُ ّ‬
‫خا�صة ُ�صودرت ب�أوامر ع�سكر ّية‪،‬‬
‫قيام احلكومة ب�إعالن �إقامة م�ستوطنات على �أرا�ض مبلك ّية ّ‬
‫وح�صرها يف احلاالت ا ّلتي يكون فيها االعتبار ال ّ‬
‫أ�سا�سي من وراء م�صادرة الأرا�ضي اعتباراً‬
‫أرا�ض �أُعلنت‬ ‫�أمن ّياً‪ .‬ويف �أعقاب هذا القرار‪� ،‬أعلنت ّ‬
‫الدولة �أنّ امل�ستوطنات لن ُتبنى �إال على � ٍ‬
‫�أ ّنها �أرا�ضي دولة‪ .‬ولك ّنها عندما رغبت ب�إقامة م�ستوطنات على مثل هذه الأرا�ضي‪ ،‬ا�صطدمت‬
‫احلكومة مب�شكلة‪ :‬م�ساحة الأرا�ضي ا ّلتي كانت م�سجلة ك�أرا�ضي دولة يف عام ‪ 1967‬كانت‬
‫وتركزت غالبيتها يف غور الأردن و�صحراء "يهودا"‪ ،‬يف‬ ‫حمدودة (قرابة ‪ 527,000‬دومن)‪ّ ،‬‬
‫"من�صة اجلبل" (�سل�سلة اجلبال بني القد�س‬
‫الدولة ب�إقامة امل�ستوطنات يف مناطق ّ‬ ‫حني رغبت ّ‬
‫واخلليل)‪.‬‬
‫ال�سلطات من �أجل �إعالن �أرا�ض �إ�ضاف ّية ك�أرا�ضي دولة بغية زيادة موجودات‬ ‫وعليه �سعت ّ‬
‫الأرا�ضي ا ّلتي ميكن �أنّ تكون متوفرة لغر�ض �إقامة امل�ستوطنات‪ .‬وقد جرت هذه الإعالنات‬
‫عرب �إعادة كتابة التعليمات وال ُّنظم وتب ّني تف�سري خمتلف متاماً لقانون الأرا�ضي العثما ّ‬
‫ين‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية)‪ ،‬عن ال ّتف�سري ا ّلذي كان م ّتبعاً‬
‫ينظم م�س�ألة امللك ّية على الأرا�ضي يف ّ‬ ‫(الذي ّ‬
‫ين‪ .‬وعرب هذه الو�سيلة‪� ،‬أعلنت �إ�سرائيل بني‬ ‫يف الفرتة العثمان ّية و�أ ّيام االنتداب واحلكم الأرد ّ‬
‫الأعوام ‪� 2002 - 1979‬أك َرث من ‪ 900,000‬دومن على �أ ّنها �أرا�ضي دولة‪� ،‬أي زيادة مقدارها‬
‫ال�ضفّة قبل االحتالل‪ .‬وتوجد اليوم يف‬ ‫الدولة ا ّلتي كانت يف ّ‬‫قرابة ‪ % 170‬عن ن�سبة �أرا�ضي ّ‬
‫الدولة‪،‬‬ ‫ال�سيطرة الإ�سرائيل ّية التا ّمة قرابة ‪ 1.2‬مليون دومن من �أرا�ضي ّ‬‫منطقة ‪ C‬الواقعة حتت ّ‬
‫ما يعادل ‪ % 36.5‬من م�ساحة املنطقة ‪ %21( C‬من م�ساحة ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية) ‪ .‬كما توجد قرابة‬
‫الدولة يف منطقتي ‪ A‬و‪ ،B‬حيث تتبع �صالح ّية ال ّتخطيط‬ ‫‪ 200,000‬دومن �إ�ضافية من �أرا�ضي ّ‬
‫لل�سلطة الفل�سطين ّية‪.‬‬
‫فيها ّ‬
‫يقوم ال ّتف�سري اجلديد ا ّلذي ا ّتبعته �إ�سرائيل بالت�سهيل للغا ّية عمل ّية �إ�شهار الأرا�ضي ك�أرا�ضي‬
‫خا�صة �أو جماع ّية‬
‫أرا�ضي مبلك ّية فل�سطين ّية ّ‬
‫دولة‪ ،‬ح ّتى لو اع ُتربت هذه الأرا�ضي قبل ذلك � َ‬
‫وفق ال ّتف�سري ا ّلذي ا ّتبعته �سلطات االنتداب واحلكومة الأردن ّية لقانون الأرا�ضي‪ .‬وجرى‬
‫مت�شددة �أمام الفل�سطين ّيني تتع ّلق‬
‫ذلك‪ ،‬من �ضمن جممل الأمور‪ ،‬عرب فر�ض مطالب ّ‬
‫زراعي متوا�صل ك�شرط الزم للح�صول على حقوق ملك ّية الأر�ض من خالل‬ ‫با�ست�صالح ّ‬
‫حق ا�ستخدام‬ ‫التجمعات الأهل ّية الفل�سطين ّية ّ‬ ‫جتاهل تعليمات القوانني املحل ّية ا ّلتي متنح ّ‬
‫جماع ّياً لأرا�ضي ال ّرعي و� ٍ‬
‫أرا�ض عا ّمة �أخرى‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫م�سح مقارنٌ �أجرته بت�سيلم يف منطقة رام اهلل‪ ،‬لغر�ض ال ّتقرير "حتت غطاء ال�شّ رع ّية" ا ّلذي ُن�شر‬
‫ٌ‬
‫عام ‪ ،2012‬يك�شف فوارق دراماتيك ّية يف ن�سبة امل�ساحة ا ّلتي ُعرفت كممتلكات حكوم ّية‬
‫العقاري (الطابو)‪ ،‬وبني ن�سبة‬‫ّ‬ ‫على يد احلكومة الأردن ّية يف املناطق ا ّلتي ُ�س ّجلت يف ّ‬
‫ال�سجل‬
‫ي�سجلها الأردن ّيون يف‬ ‫املناطق ا ّلتي �أ�شهرتها �إ�سرائيل ك�أرا�ضي دولة‪ ،‬يف املناطق ا ّلتي مل ّ‬
‫العقاري (الطابو)‪ .‬و ُتع ّزز نتائج امل�سح من اال�ستنتاج القا�ضي ب�أنّ ق�سماً كبرياً من‬
‫ّ‬ ‫ال�سجل‬ ‫ّ‬
‫خا�صة‪�ُ ،‬سرقت‬ ‫ُ‬
‫الأرا�ضي ا ّلتي �أ�شهِرت ك�أرا�ضي دولة هي يف الواقع ممتلكات فل�سطين ّية ّ‬
‫من �أ�صحابها ال�شّ رع ّيني عرب تدلي�س ومناورات ق�ضائ ّية‪ ،‬ومن خالل انتهاك القوانني املح ّل ّية‬
‫والدول ّية‪.‬‬
‫ّ‬

‫ال�سيطرة على الأرا�ضي خالفاً للقواعد الأ�سا�س ّية ّ‬


‫اخلا�صة بالإجراء ال ّنزيه وملبادئ‬ ‫يتم �إجراء ّ‬
‫ّ‬
‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيون على دراية ب�أنّ �أرا�ضيهم‬ ‫العدالة ّ‬
‫الطبيع ّية‪ .‬ويف �أحيان كثرية مل يكن ّ‬
‫الدولة‪ ،‬وعند اكت�شافهم لذلك كان موعد اال�ستئناف قد فات؛ كما �أنّ‬ ‫ُ�س ّجلت على ا�سم ّ‬
‫الفل�سطيني ا ّلذي ّيدعي �أنّ الأر�ض تابعة له؛ وح ّتى �إذا جنح‬
‫ّ‬ ‫عبء الإثبات يقع دائماً على‬
‫�صاحب الأر�ض ب�إثبات �أنّ الأر�ض ملك ّيته حقاً‪ ،‬ف�ستجد يف بع�ض الأحيان حاالت �س ُيجرى‬
‫الدولة برغم ذلك‪ ،‬با ّدعاء �أ ّنها ُمنحت للم�ستوطنة بح�سن ن ّية‪.‬‬
‫ت�سجيل الأر�ض فيها على ا�سم ّ‬
‫وح ّتى لو كان احلديث يدور عن مناطق �أُع ِلنت جميعها �أرا�ضي دولة وفقاً للقانون‪ ،‬ف�إنّ‬
‫ين�ص على �أنّ هذه الأرا�ضي ‪ -‬وتلك ا ّلتي �أُعلنت قبل عام ‪ُ - 1967‬يفرت�ض‬ ‫الدو ّيل ّ‬‫القانون ّ‬
‫الفل�سطيني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫خم�ص�صة ال�ستخدام ّ‬
‫�سكان املنطقة املحت ّلة‪� ،‬أي اجلمهور‬ ‫�أن تكون �أرا�ضي عا ّمة ّ‬
‫‪48‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ال�سيادة‬ ‫ولي�س ال�ستخدام �إ�سرائيل �أو مواطنيها‪� .‬إ�سرائيل‪ ،‬كدولة حمت ّلة‪ ،‬لي�ست �صاحبة ّ‬
‫على الأر�ض ولذلك فهي ال تتم ّتع مبلك ّية الأرا�ضي‪ ،‬ح ّتى لو �أُعلنت هذه الأرا�ضي ب�أ ّنها‬
‫"�أرا�ضي دولة"‪ .‬ويف واقع الأمر‪ ،‬حتظر �إ�سرائيل ب�شكل �شبه ك ّل ّي البناء وال ّتطوير الفل�سطين ّيني‬
‫ح�صري للم�ستوطنات واجلي�ش ومن�ش�آت‬ ‫ّ‬ ‫تخ�ص�صها ب�شكل �شبه‬ ‫يف هذه الأرا�ضي‪ ،‬وهي ّ‬
‫الدولة يف منطقة ‪ C‬موجودة يف مناطق‬ ‫البنى ال ّتحت ّية الإ�سرائيل ّية‪ :‬قرابة ‪ % 94‬من �أرا�ضي ّ‬
‫نفوذ امل�ستوطنات واملجال�س الإقليم ّية ال ّتابعة لها‪.‬‬
‫أرا�ضي من تلك ا ّلتي �أُعلنت �أرا�ضي دولة ل�صالح‬ ‫تخ�ص�ص � َ‬ ‫الإدارة املدن ّية ال تكاد ّ‬
‫الفل�سطين ّيني‪ .‬ووفق معطيات و ّفرتها الإدارة املدن ّية يف �أعقاب ال ّتما�س ّقدمته جمع ّية حقوق‬
‫ال�ضفّة‬ ‫خ�ص�صت للفل�سطين ّيني منذ اّ‬
‫احتلل ّ‬ ‫املواطن وجمع ّية "مبكوم"‪ ،‬ف�إنّ الإدارة املدن ّية ّ‬
‫الغرب ّية عام ‪ ،1967‬ما ال يزيد عن ‪ % 0.7‬من الأرا�ضي ا ّلتي �أعلنت �أرا�ضي دولة يف منقطة‬
‫‪( C‬قرابة ‪ 8,600‬دومن)‪ .‬وي�أتي هذا يف مقابل ‪ % 31‬من الأرا�ضي (ما يقرب ‪ 400,000‬دومن)‬
‫ال�صهيون ّية ا ّلتي تن�شط يف جمال تطوير امل�ستوطنات؛ و‪% 8‬‬ ‫ا ّلتي خُ ّ�ص�صت لله�ستدروت ّ‬
‫(قرابة ‪ )103,000‬دومن خُ ّ�ص�صت ملجال�س امل�ستوطنات املحل ّية ول�شركات الهواتف اخللو ّية‬
‫الإ�سرائيل ّية؛ و‪( % 12‬قرابة ‪ 160,000‬دومن) خُ ّ�ص�صت للوزارات احلكوم ّية و�شركات البنى‬
‫ال ّتحت ّية الإ�سرائيل ّية مثل بيزك و�شركة الكهرباء ومكوروت‪ .‬وقد جرى ح�ساب هذه ال ّن�سب‬
‫الدولة على االلتما�س‪ ،‬من‬ ‫باالعتماد على تقديرات الإدارة املدن ّية ا ّلتي وردت يف �أعقاب ر ّد ّ‬
‫خالل ال ّت�شديد على �أنّ احلديث يجري عن تقديرات فقط‪ ،‬وهي ت�ستند بدورها �إىل خرائط‬
‫الدولة يف مناطق ‪ C‬يبلغ ‪ 1.3‬مليون دومن‬ ‫"لي�ست دقيقة بتاتاً"‪ ،‬وا ّلتي تفيد ب�أنّ حجم �أرا�ضي ّ‬

‫ّاتي‬
‫اتفاقية �أو�سلو واحلكم الذ ّ‬
‫ّ‬
‫بالذات بتثبيت �سيطرتها على‬ ‫خالفاً لأهدافها املعلنة‪ ،‬ف�إنّ اتفاق ّية �أو�سلو ت�سمح لإ�سرائيل ّ‬
‫املهمة يف حياة ّ‬
‫�سكانها‬ ‫ال�ضفّة‪ ،‬وا�ستغاللها لأغرا�ضها وال ّت�أثري على ال ّنواحي ّ‬ ‫جميع مناطق ّ‬
‫الفل�سطين ّيني اليوم ّية‪.‬‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية لفرتة م�ؤقتة كان من املفرت�ض �أنّ ت�ستم ّر خلم�س‬ ‫ال�سيطرة على ّ‬ ‫كيف؟ ُق ّ�سمت ّ‬
‫احلل الدائم‪ ،‬وفق ما يلي‪ :‬نحو ‪ % 40‬من مناطق‬ ‫�سنوات �إىل حني ال ّتوقيع على اتفاق ّية ّ‬
‫ال�ضفّة‪ ،‬ا ّلتي كانت يف غالبيتها منطقة فل�سطين ّية عمران ّية �أثناء ال ّتوقيع على االتفاق ّية وا ّلتي‬‫ّ‬
‫ال�سيطرة الكاملة‬ ‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيني ُنقلت �إىل ّ‬ ‫كانت تعي�ش فيها الغالب ّية ال�ساحقة من ّ‬
‫‪49‬‬
‫لل�سلطة الفل�سطين ّية ُوع ّرفت هذه املناطق كمناطق ‪ A‬و‪ .B‬و�أبقت �إ�سرائيل حتت‬ ‫�أو اجلزئ ّية ّ‬
‫و�س ّميت مناطق ‪ C‬والتي �شملت – من‬ ‫ال�ضفّة ُ‬
‫�سيطرتها الكاملة نحو ‪ % 60‬من مناطق ّ‬
‫�ضمن ما �شملت ‪ -‬مناطق امل�ستوطنات ب ُر ّمتها‪.‬‬
‫خم�ص�صة خلدمة احتياجاتها فقط‪ ،‬من خالل جتاهل تا ّم‬ ‫تتعامل �إ�سرائيل مع منطقة ‪ C‬وك�أّنها ّ‬
‫لكون االتفاق ّية م�ؤقتة‪ :‬فقد ا�ستغ ّلت املنطقة من �أجل تو�سيع امل�ستوطنات‪ ،‬حيث زاد عدد‬
‫امل�ستوطنني منذ ذلك احلني �أكرث من ثالثة �أ�ضعاف‪.‬‬
‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيني ا ّلذين ي�سكنون هذه‬
‫ويف الوقت ذاته ال ترى نف�سها ملتزمة بتاتاً �أمام ّ‬
‫املنطقة والذين يرتاوح تعدادهم وفق ال ّتقديرات بني ‪� 300 - 200‬ألف ن�سمة‪ ،‬ومتنعهم ب�شكل‬
‫�شبه تا ّم من � ّأي بناء وتطوير مب�س ّوغات خمتلفة‪.‬‬
‫لقد �أعلنت �إ�سرائيل م�ساحات وا�سعة جداً يف ّ‬
‫ال�ضفّة كمناطق ع�سكر ّية و�أرا�ضي دولة ُيحظر‬
‫ال�ض ّيقة ا ّلتي بقيت متتنع الإدارة املدن ّية عن جتهيز ّ‬
‫خمططات هيكل ّية‬ ‫البناء فيها‪ .‬ويف املنطقة ّ‬
‫تهدد‬‫ال�س ّكان‪ .‬وعندما يبني الفل�سطين ّيون جمبرَ ين من دون ت�صاريح بناء ّ‬ ‫تل ّبي احتياجات ّ‬
‫الإدارة املدن ّية بهدم بيوتهم‪ ،‬ويف كثري احلاالت تنفّذ هذه ال ّتهديدات‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ال�سيا�سة –‪ ‬من �ضمن ما تهدف �إليه‪� - ‬إىل �إق�صاء الفل�سطين ّيني عن املنطقة بغية‬ ‫تهدف هذه ّ‬
‫ال�سيا�سة ب�شكل عنيف جداً يف تعامل‬ ‫�ضمها �إىل �إ�سرائيل م�ستقب ًال‪ّ .‬‬
‫وتتج�سد هذه ّ‬ ‫ت�سهيل ّ‬
‫ال�سلطات‬ ‫التجمعات �شبه ال ّر ّحالة املنت�شرة يف منطقة ‪ C‬حيث تطرد ّ‬ ‫�إ�سرائيل مع ع�شرات ّ‬
‫�سكانها ‪� -‬أو حتاول طردهم‪ - ‬من بيوتهم ومن مناطق �سكناهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية والتي ُ�س ّميت منطقتا ‪ A‬و‪ ،B‬لي�ست متوا�صلة‬ ‫�إن املناطق ا ّلتي ُنقلت �إىل ّ‬
‫مركبة من ع�شرات "اجلزر" املحاطة مبناطق ُع ّرفت كمناطق ‪ .C‬فمث ًال‪ ،‬ورغم �أنّ الغالب ّية‬ ‫بل ّ‬
‫ال�ضفّة يعي�شون يف هذه املناطق‪� ،‬إال �أنّ الغالبية الكبرية من‬ ‫ال�ساحقة من الفل�سطين ّيني يف ّ‬ ‫ّ‬
‫ظل يف منطقة ‪ ،C‬ومن �ضمنها � ٍ‬
‫أرا�ض‬ ‫روري لتطوير هذه البلدات ّ‬ ‫ال�ض ّ‬ ‫احتياطي الأرا�ضي ّ‬
‫خا�صة‪ّ � .‬أي �أنّ ا�ستخدام‬‫كثرية كانت يف مناطق نفوذ بلد ّية واملوجودة يف ق�سم منها مبلك ّيات ّ‬
‫منطقتي ‪ A‬و‪ ،B‬لإقامة م�شاغل‬ ‫ْ‬ ‫هذه الأرا�ضي من �أجل تو�سيع البلدات ا ّلتي ظ ّلت يف‬
‫�شق ال�شّ وارع‪ ،‬ك ّلها خا�ضعة ملوافقة من �إ�سرائيل ا ّلتي متتنع يف‬
‫ومد خطوط مياه �أو ّ‬ ‫�صناع ّية ّ‬
‫الغالب عن �إ�صدار هذه ال ّت�صاريح‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‪ ،‬ا ّلذين‬
‫�سكان ّ‬‫�شخ�صي على جميع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سيطرة ب�شكل‬ ‫وتوا�صل �إ�سرائيل �أي�ضاً ّ‬
‫لفل�سطيني من مدينة �إىل �أخرى ومن‬‫ّ‬ ‫كل انتقال‬ ‫يتبعون ظاهر ّياً ُحلكم ّ‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية‪ّ :‬‬
‫منطقة �إىل منطقة منوط بعبور منطقة خا�ضعة ل�سيطرة �إ�سرائيل احل�صر ّية‪ ،‬وبهذا ُيفر�ض عليهم‬
‫ال�س ّكان‬ ‫ال�سيطرة على ّ‬
‫�سجل ّ‬ ‫االحتكاك مع قوات الأمن الإ�سرائيل ّية‪ .‬توا�صل �إ�سرائيل �أي�ضاً ّ‬
‫ال�ضفّة‪،‬‬
‫الع�سكري يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ال�ضفّة وتوا�صل ت�سيري جهاز الق�ضاء‬ ‫وحتديد من ُيعترب من �سكان ّ‬
‫منطقتي ‪ A‬و‪� .B‬إىل جانب‬ ‫ْ‬ ‫والتي حتاكم فيه �آالف الفل�سطين ّيني �سنوياً ومن �ضمنهم �سكان‬
‫إ�سرائيلي وال‬
‫ّ‬ ‫ال�سفر �إىل اخلارج من دون ت�صريح �‬ ‫ال�ضفّة الغرب ّية ّ‬
‫ذلك ال ميكن جلميع �سكان ّ‬
‫ال�سلطات‬ ‫ال�ضفّة من دون مثل هذا ال ّت�صريح‪� .‬إنّ ّ‬ ‫الدخول �إىل ّ‬ ‫ميكن للمواطنني الأجانب ّ‬
‫منطقتي ‪ A‬و‪.B‬‬
‫ْ‬ ‫الإ�سرائيل ّية خم ّولة باعتقالهم وطردهم ح ّتى لو كانوا موجودين يف‬
‫‪52‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫الغربية من الو�ضع امل�ؤقت للو�ضع الدائم‬


‫ّ‬ ‫ال�ض ّفة‬
‫تق�سيم ّ‬

‫‪53‬‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية يف اتفاق ّيات �أو�سلو �إىل ثالثة �أنواع من املناطق‪:‬‬
‫كما ذكرنا لقد جرى تق�سيم ّ‬
‫مناطق ‪ A‬و‪ :B‬لدى توقيع االتفاق ّيات كانت هذه املناطق يف معظمها م�ساحات فل�سطين ّية م�أهولة‪،‬‬
‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيني‪ .‬ت�شكل املنطقتان ‪ A‬و‪ B‬نحو ‪% 40‬‬‫�سكن فيها‪ ،‬حينئذٍ واليوم – معظم ّ‬
‫ال�ضفّة‪ ،‬وقد ّمت نقلها ر�سم ّياً �إىل ّ‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية لتكون حتت �سيطرتها الكاملة �أو‬ ‫من م�ساحة ّ‬
‫توا�صل جغرا ّيف بني هذه املناطق‪ ،‬وهي مك ّونة من ‪" 165‬جزيرة" متناثرة‬ ‫اجلزئ ّية‪ .‬لي�س هنالك ُ‬
‫يف �أنحاء ّ‬
‫ال�ضفّة‪.‬‬
‫كل امل�ساحة املتبق ّية ّمت تعريفها على �أ ّنها مناطق ‪ ،C‬وتوجد حتت �سيطرة‬ ‫שטח مناطق ‪ّ :C‬‬
‫�إ�سرائيل الكاملة‪ .‬هذا جمال متوا�صل‪ ،‬توجد داخله "جزر" من مناطق ّمت تعريفها كمناطق‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‪ .‬هذه امل�ساحة ت�شمل تقريباً موارد‬
‫‪ A‬و‪ ،B‬وي�شكل حواىل ‪ ٪ 60‬من م�ساحة ّ‬
‫�أرا�ضي البلدات الفل�سطين ّية كافّة وامل�ستوطنات واملناطق كافّة ا ّلتي ت�ستهدف �إ�سرائيل‬
‫تنميتها‪.‬‬
‫النهائي؛‬
‫ّ‬ ‫كان ُيفرت�ض �أنّ ي�ستم ّر هذا التق�سيم خلم�س �سنوات فقط‪� ،‬إىل حني توقيع اال ّتفاق‬
‫م�ضي �أكرث من ع�شرين �سنة على و�ضعه‪.‬‬ ‫ولكن �إ�سرائيل ما زالت تط ّبقه ح ّتى اليوم وبعد ّ‬
‫لل�س ّكان الفل�سطين ّيني‪ ،‬كما تعيق‬ ‫إقليمي ّ‬ ‫ين وال ّ‬ ‫وال ت�ستجيب �إىل احتياجات ال ّتطوير املد ّ‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية هي‬ ‫االقت�صادي‪ .‬كذلك‪ُ ،‬ين�شئ هذا التق�سيم وهماً ب�أنّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫احتماالت النم ّو‬
‫ولكن ما يجري‬ ‫ال�ضفّة الغرب ّية‪ّ ،‬‬‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيني يف ّ‬ ‫امل�س�ؤولة ال ّرئي�سية عن حياة معظم ّ‬
‫بال�سكوت‬ ‫ال�سلطة – مهما كان هام�ش ّياً‪ - ‬يتط ّلب موافقة (ولو ّ‬ ‫فعلياً هو �أنّ � ّأي قرار ت ّتخذه هذه ّ‬
‫عنه‪� ،‬أحياناً) ّ‬
‫ال�سلطات الإ�سرائيل ّية‪.‬‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية وف�صلها عنها‪ ،‬هو �إجراء‬ ‫متييز املناطق ‪ C‬عن املناطق ا ّلتي ُنقلت �إىل ّ‬
‫الفل�سطيني‪ .‬املناطق ‪ A‬و‪ B‬غري م ّت�صلتني‬ ‫ّ‬ ‫ا�صطناعي ال يعك�س الواقع اجلغرايف �أو احل ّيز‬
‫ّ‬
‫جغراف ّياً‪ ،‬و�إنمّ ا تت�شكل من ع�شرات "اجلزر" املحاطة مب�ساحات �شا�سعة ومم ّرات �ض ّيقة جرى‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‬
‫�سكان ّ‬ ‫تعريفها على �أ ّنها مناطق ‪ .C‬وهكذا‪ ،‬ف�إ ّنه برغم �أنّ الغالب ّية العظمى من ّ‬
‫احتياطي الأر�ض ا ّلالزم لتطوير البلدات‬ ‫ّ‬ ‫الفل�سطين ّيني يعي�شون يف هذه املناطق‪� ،‬إ ّال �أنّ‬
‫يف تلك املناطق قد بقي �ضمن املناطق ‪ ،C‬وي�شمل ذلك �أرا�ضي كانت �ضمن نطاق نفوذ‬
‫خا�صة‪ّ � .‬أي ا�ستخدام لهذه الأرا�ضي‬ ‫أرا�ض مبلك ّية ّ‬‫جمال�س تلك البلدات‪ ،‬بل وجزء منها � ٍ‬
‫لغر�ض تو�سيع البلدات ا ّلتي بقيت �ضمن املناطق ‪ A‬و‪� ،B‬إقامة امل�صانع واملن�ش�آت ال ّزراع ّية‬
‫‪54‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫الطرق‪ ،‬يحتاج �إىل م�صادقة من �إ�سرائيل‪ ،‬و�إ�سرائيل متتنع عن ذلك‪.‬‬ ‫ومد �شبكة املياه �أو تعبيد ّ‬‫ّ‬
‫الدويل ‪ -‬يف تنا ُوله معطيات عام ‪� - 2011‬أ ّنه لوال القيود ا ّلتي تفر�ضها �إ�سرائيل‬ ‫يق ّر البنك ّ‬
‫الفل�سطيني ارتفاعاً‬
‫ّ‬ ‫املحلي الإجما ّيل‬ ‫االقت�صادي يف مناطق ‪ّ ،C‬‬
‫ل�سجل ال ّناجت ّ‬ ‫ّ‬ ‫على ال ّتطوير‬
‫قيمته ‪ 4.3‬مليار دوالر �سنوياً‪ .‬منذ ذلك مل يطر�أ �أي تغيرّ ملحوظ يف �سيا�سات �إ�سرائيل‪.‬‬
‫ال�ضفّة والأردن‪ ،‬وعلى جميع‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬ت�سيطر �إ�سرائيل على جميع معابر احلدود بني ّ‬
‫الطرق امل�ؤ ّدية �إىل املناطق ‪ A‬و‪B‬؛ وعليه ف�إ ّنها متلك مطلق ّ‬
‫ال�صالح ّية لتق ّرر � ّأي الب�ضائع تدخل‬ ‫ّ‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية خ�صو�صاً‪.‬‬‫ال�ضفّة عموماً و�إىل املناطق ا ّلتي ُنقلت �إىل ّ‬
‫�إىل ّ‬

‫االحتالل وكارثة امل�ستوطنات‬


‫�إن امل�ستوطنات اليوم هي العامل الأكرث ت�أثرياً على واقع احلياة يف ّ‬
‫ال�ضفّة الغرب ّية‪� :‬إنّ مئات‬
‫الآالف من امل�ستوطنني الإ�سرائيل ّيني يعي�شون يف �أكرث من ‪ 200‬م�ستوطنة وب�ؤرة ا�ستيطان ّية‬
‫الدو ّيل‪ ،‬وبع�ضها ح ّتى‬
‫ين ّ‬ ‫ال�ضفّة حيث �شُ ّيدت ك ّلها خالفاً لأحكام القانون الإن�سا ّ‬
‫يف �أرجاء ّ‬
‫إ�سرائيلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خالفاً للقانون ال‬
‫الدومنات من الأرا�ضي مبا فيها مناطق رعي ومناطق زراع ّية ان ُتزعت من‬ ‫مئات �آالف ّ‬
‫الفل�سطين ّيني ل�صالح �إقامة امل�ستوطنات‪ .‬لقد �أُعلن عن ق�سم كبري من هذه املناطق كـ "�أرا�ضي‬
‫دولة"‪ ،‬من خالل اال�ستناد �إىل تف�سري م�شكوك به للقانون؛ وقد ُنهبت مناطق �أخرى من‬
‫الفل�سطين ّيني لهذا الغر�ض بوا�سطة فر�ض الوقائع على الأر�ض ومن خالل اللجوء �إىل الق ّوة‪.‬‬
‫�إىل جانب ذلك خُ ّ�ص�صت ل�صالح امل�ستوطنات ‪ -‬وب�سخاء كبري ‪ -‬م�ساحات �شا�سعة تزيد‬
‫م�ساحتها كثرياً عن املنطقة العمران ّية فيها‪ .‬وقد �أُعلنت جميع مناطق امل�ستوطنات "مناطق‬
‫ع�سكر ّية مغلقة" ُيحظر دخول الفل�سطين ّيني �إليها من دون ت�صريح‪.‬‬
‫حجم الأرا�ضي‬ ‫اخلا�صة بالفل�سطين ّيني َ‬
‫تتجاوز �إ�سقاطات امل�ستوطنات على حقوق الإن�سان ّ‬
‫�شق مئات‬ ‫ا ّلتي ا�ستولوا عليها لغر�ض �إقامتها بكثري‪ :‬فقد ُ�صودرت �أرا�ض �أخرى ل�صالح ّ‬
‫الطرق وال�شّ وارع االلتفاف ّية ل�صالح امل�ستوطنني؛ كما ُن�صبت احلواجز‬ ‫الكيلومرتات من ّ‬
‫والو�سائل املُق ّيدة الأخرى ا ّلتي ال تق ّيد �إال حركة الفل�سطين ّيني وفقاً ملوقع امل�ستوطنات؛ ف� ً‬
‫ضال‬
‫فعلي ‪ -‬تقع داخل مناطق امل�ستوطنات وخارجها ‪-‬‬ ‫عن �إغالق �أرا�ض زراع ّية كثرية ب�شكل ّ‬
‫ال�ضفّة‪،‬‬
‫بوجه مالكيها الفل�سطين ّيني‪ .‬كما تق ّرر م�سار جدار الف�صل امللتوي داخل مناطق ّ‬
‫‪55‬‬
‫وذلك بالأ�سا�س من �أجل �إبقاء �أكرث ما ميكن من امل�ستوطنات وامل�ساحات ال�شا�سعة ا ّلتي‬
‫تخ�ص�صها �إ�سرائيل لتو�سيع هذه امل�ستوطنات يف اجلهة الغرب ّية للجدار‪.‬‬
‫ّ‬
‫وت�ؤ ّدي �إقامة اجلدار يف م�ساره احلا ّيل �إىل �إحلاق �ضرر �شديد بحقوق الفل�سطين ّيني ا ّلذين‬
‫ي�سكنون بجواره‪ ،‬حيث ُحب�س بع�ضهم يف داخل " ُم�س َّورات"‪� ،‬إذ �أي�ضاً ي�ش ّو�ش روتني حياتهم‪:‬‬
‫ويحد من �إمكان ّية احل�صول على‬‫يحد من قدرتهم على الو�صول �إىل �أرا�ضيهم الزراع ّية ّ‬ ‫فهو ّ‬
‫اخلدمات احليو ّية وااللتقاء ب�أفراد العائلة والأ�صدقاء ا ّلذين ظ ّلوا يف اجلهة الأخرى من اجلدار‬
‫ويحول دون تطوير هذه املناطق‪.‬‬
‫�إنّ وجود م�ستوطنني �إ�سرائيل ّيني يف ّ‬
‫ال�ضفّة ووجود امل�ستوطنات والب�ؤر اال�ستيطان ّية املنت�شرة يف‬
‫أ�سا�سي وراء وجود �أعداد كبرية من قوات الأمن الإ�سرائيل ّية‬
‫ال�سبب ال ّ‬ ‫كل مناطقها ّ‬
‫ي�شكالن ّ‬ ‫ّ‬
‫جمة بغية �أنّ ت�ضمن عدم خرق الفل�سطين ّيني‬ ‫وتخ�ص�ص هذه القوات موار َد ّ‬ ‫ال�ضفّة‪ّ .‬‬ ‫يف ّ‬
‫املخ�ص�صة لإبعادهم من مناطق امل�ستوطنات‪ ،‬و�أي�ضاً بغية منعهم من ّ‬
‫امل�س‬ ‫الأوامر الع�سكر ّية ّ‬
‫بامل�ستوطنني وامل�ستوطنات وهذا لي�س �أخالقياً ولي�س قانونياً‪ ،‬رغم كون امل�ستوطنات انتهاكاً‬
‫الدو ّيل‪ .‬يخلق وجود ق ّوات الأمن بهذا ال�شكل ّ‬
‫متا�ساً يوم ّياً بينهم‬ ‫ين ّ‬‫لأحكام القانون الإن�سا ّ‬
‫ال�س ّكان الفل�سطين ّيني وي�ؤ ّدي بدوره �إىل انتهاك ق ّوات الأمن حلقوق الإن�سان‪ ،‬مبا يف ذلك‬‫وبني ّ‬
‫املمار�سات العنيفة و�إطالق ال ّنار خالفاً للقانون‪.‬‬
‫ال�سياد ّية‪� ،‬إال �أنّ �إ�سرائيل �سيرّ ت‬ ‫ال�ضفّة الغرب ّية لي�ست جزءاً من مناطق ّ‬
‫الدولة ّ‬ ‫ورغم �أنّ ّ‬
‫غالبية القوانني الإ�سرائيل ّية على امل�ستوطنات وامل�ستوطنني‪ .‬ونتيج ًة لذلك‪ ،‬يتم ّتع امل�ستوطنون‬
‫الدول الدميقراط ّية‪ ،‬على �شاكلة مواطني دولة �إ�سرائيل ا ّلذين‬ ‫بكل احلقوق املكفولة ملواطني ّ‬ ‫ّ‬
‫ي�سكنون يف داخل حدود اخلط الأخ�ضر‪.‬‬
‫تتعا َمل �إ�سرائيل مع املناطق ‪ C‬على �أ ّنها ُوجدت لتخدم �أغرا�ضها فقط‪ ،‬وك�أ ّنها تقع �ضمن‬
‫ت�ستغل هذه املناطق لأجل تو�سيع امل�ستوطنات‪ .‬وقد ت�ضاعفت ن�سبة‬ ‫ّ‬ ‫نطاق �سيا ّدتها‪� .‬إ ّنها‬
‫امل�ستوطنني ثالث م ّرات و�أكرث منذ توقيع اتفاق ّيات �أو�سلو‪ .‬يعي�ش اليوم �آالف امل�ستوطنني‬
‫ال�ضفّة‪ ،‬وجميعها‬
‫مرخ�صة يف �أنحاء ّ‬ ‫مرخ�صة وغري ّ‬‫الإ�سرائيل ّيني يف �أكرث من مئتي م�ستوطنة ّ‬
‫إ�سرائيلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدويل‪ ،‬وجزء منها خالفاً ح ّتى للقانون ال‬
‫�أقيمت خالفاً لأحكام القانون الإن�ساين ّ‬
‫�سلب مئات �آالف الدومنات‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫لأجل �إقامة هذه امل�ستوطنات جرى على م ّر ال�سنني ُ‬
‫خ�ص�ص بك َرم للم�ستوطنات‪ .‬لقد �أُعلن جزء كبري من هذه‬ ‫أرا�ضي زراعية‪ ،‬ل ُت ّ‬
‫مراع و� َ‬ ‫�أرا�ضي ٍ‬
‫‪56‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫امل�ساحات "�أرا�ضي دولة"‪ ،‬وذلك ا�ستناداً �إىل ت�أويل م�شبوه للقانون وبتجا ُهل حلقيقة �أ ّنه‬
‫ال�س ّكان‬
‫تخ�ص�ص خلدمة ّ‬ ‫أر�ض عا ّمة ينبغي �أنّ ّ‬
‫يف جميع الأحوال ـ يدور احلديث هنا عن � ٍ‬
‫و�سلبت �أرا�ضي �أخرى بطريقة فر�ض الأمر الواقع وبا�ستخدام العنف‪ .‬جميع‬ ‫الفل�سطين ّيني؛ ُ‬
‫مناطق اال�ستيطان �أُعلنت "مناطق ع�سكر ّية مغلقة" يمُ نع الفل�سطينيون من دخولها من دون‬
‫�إذن م�سبق‪.‬‬

‫�سيا�سة ال ّتخطيط والبناء يف امل�ستوطنات‬


‫الع�سكري �أمراً �صا َد َر عمل ّية ال ّتخطيط من �أيدي الفل�سطين ّيني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال�ضفّة �أ�صدر القائد‬
‫بعد احتالل ّ‬
‫�سكانها – خالفاً‬ ‫وي�سمح الأمر ذاته بعمل جلان ال ّتخطيط يف امل�ستوطنات‪ ،‬فيما يحظى ّ‬
‫للفل�سطينيني ‪ -‬بتمثيل كامل يف عمل ّيات التخطيط‪ .‬ح ّتى �أنّ الإدارة املدن ّية غيرّ ت ل�صالح‬
‫ال�ساحقة‬‫امل�ستوطنات غايات الأرا�ضي الواردة يف اخلرائط االنتداب ّية‪ :‬فربغم �أنّ الغالبية ّ‬
‫ال�ضفّة �أقيمت على �أرا�ض ُمع ّرفة يف هذه اخلرائط ب�أ ّنها �أرا�ض زراع ّية‪،‬‬ ‫من امل�ستوطنات يف ّ‬
‫ال�سنوات مئات اخلرائط‬ ‫�صدقت على م ّر ّ‬‫�إلاّ �أنّ م� ّؤ�س�سات ال ّتخطيط ال ّتابعة للإدارة املدن ّية ّ‬
‫الهيكلية اجلديدة‪ ،‬ا ّلتي غيرّ ت غايات الأرا�ضي و�سمحت بت�أ�سي�س امل�ستوطنات‪ .‬ويف غالبية‬
‫و�صدقت الإدارة‬
‫رجعي‪� ،‬أو وفق �أوامر ع�سكر ّية‪ّ .‬‬ ‫احلاالت‪ ،‬جرى ت�صديق عمل ّيات البناء ب�أثر ّ‬
‫ال�س ّكان‬
‫املدن ّية �أي�ضاً �إقامة م�ستوطنات �صغرية بلغ عدد �سكانها ع�شرات �أو مئات قليلة من ّ‬
‫وقت ت�أ�سي�سها‪ ،‬وم�ستوطنات تقع على بعد كيلومرتات معدودة فقط عن م�ستوطنات قائمة‪.‬‬
‫�صدقت الإدارة املدن ّية البناء يف مواقع �أثر ّية ومواقع طبيع ّية يف نطاق‬ ‫ويف ع�شرات احلاالت ّ‬
‫امل�ستوطنات‪ ،‬وبناء على املعلومات املتوفّرة لدى الإدارة املدن ّية‪ ،‬فقد جرى يف قرابة ‪ 75%‬من‬
‫امل�ستوطنات بناء من دون الرتاخي�ص املالئمة‪.‬‬
‫ال�سنوات ‪ 2010 - 2002‬ما ال يزيد عن ‪ 176‬رخ�صة‬ ‫وفيما �أ�صدرت الإدارة املدن ّية بني ّ‬
‫بناء للفل�سطين ّيني‪ ،‬جرى يف تلك الفرتة ت�شييد ‪ 15,000‬وحدة �سكن ّية على ال ّأقل يف‬
‫اجلزئي واملُق ّيد يف البلدات‬
‫ّ‬ ‫امل�ستوطنات‪ ،‬مع تراخي�ص �أو بدونها‪ .‬ويف مقابل ال ّتخطيط‬
‫الفل�سطين ّية يف املنطقة ‪ ،C‬فقد ُج ّهزت للم�ستوطنات الواقعة يف نف�س املنطقة خرائط هيكل ّية‬
‫ومف�صلة‪ ،‬ت�شمل م�ساحات عا ّمة وم�ساحات خ�ضراء‪ ،‬كما �أنّ كثافة البناء فيها متدن ّية‬ ‫ع�صر ّية ّ‬
‫حتد وحت�صر امل�ساحة العمران ّية يف القرى‬ ‫يف حاالت كثرية‪ .‬وخالفاً للخرائط الهيكل ّية ا ّلتي ّ‬
‫الفل�سطين ّية القليلة ا ّلتي ُج ّهزت لها مثل هذه اخلرائط‪ ،‬ف�إنّ مناطق نفوذ امل�ستوطنات ّ‬
‫متتد على‬
‫‪57‬‬
‫م�ساحات �شا�سعة‪ ،‬ت�شمل امل�ساحات الزراع ّية ا ّلتي ميكن تطوير البلدة فوقها م�ستقب ًال‪ ،‬وذلك‬
‫مبا يخ�ضع لت�صديق اخلرائط الهيكل ّية‪.‬‬
‫ال�سنوات ‪ ،2012 - 2000‬ف�إنّ عدد �أوامر الهدم‬ ‫ووفقاً ملعطيات الإدارة املدن ّية بخ�صو�ص ّ‬
‫وعدد عمل ّيات الهدم ا ّلتي متّت على �أر�ض الواقع ّ‬
‫�ضد بيوت تابعة لفل�سطين ّيني يف املنطقة ‪،C‬‬
‫كانا �أعلى بقرابة ‪� 3.5‬أ�ضعاف من عدد الأوامر وعمل ّيات الهدم ّ‬
‫�ضد بيوت تابعة مل�ستوطنني‪،‬‬
‫ال�س ّكان‪.‬‬
‫وذلك ن�سبة �إىل عدد ّ‬
‫�إ�ضافة �إىل امل�ستوطنات ا ّلتي �شُ يدت بت�صديق من احلكومة الإ�سرائيل ّية والإدارة املدن ّية‪،‬‬
‫�أقيمت يف منطقة ‪� C‬أكرث من ‪ 100‬ب�ؤرة ا�ستيطان ّية‪ ،‬من دون خرائط هيكل ّية ومن دون قرار‬
‫يا�سي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إنّ �إقامة جزء كبري من هذه‬ ‫ال�س ّ‬ ‫حكومي ومن دون ت�صديق من امل�ستوى ّ‬ ‫ّ‬
‫الب�ؤر متّت بال ّتن�سيق مع جهات حكوم ّية و�أمن ّية خمتلفة ‪ -‬مبا فيها الإدارة املدن ّية‪ - ‬وبدعمها‪.‬‬
‫ال�سلطات ّ‬
‫الطرف عن عدم قانون ّية الب�ؤر اال�ستيطان ّية‪ ،‬وو�صلتها بالبنى ال ّتحت ّية‬ ‫غ�ضت ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫املتقدمة‪ ،‬ومل ت�س َع يف غالبية احلاالت �إىل هدمها‪.‬‬
‫ّ‬

‫قطاع غ ّزة‬
‫خطة "االنف�صال" عن قطاع غ ّزة‪� :‬أخلت جميع امل�ستوطنات‪،‬‬ ‫يف عام ‪� ،2005‬أمتّت �إ�سرائيل ّ‬
‫الع�سكري‪ .‬يف �أيلول ‪ ،2007‬يف �أعقاب �سيطرة‬ ‫ّ‬ ‫�سحبت ق ّوات اجلي�ش و�أعلنت انتهاء احلكم‬
‫حما�س على القطاع‪� ،‬أعلنته �إ�سرائيل "كياناً معادياً"‪ ،‬لت�صبح مكانة قطاع غ ّزة م�شابهة ملكانة‬
‫دولة معادية‪ .‬وتت�ص ّور �إ�سرائيل‪ ،‬وفقاً لذلك‪� ،‬أ ّنها يف ِح ّل من � ّأي التزام �أو م�س�ؤول ّية جتاه‬
‫ال�س ّكان عدا �أدنى الواجبات الإن�سان ّية للحيلولة دون حدوث �أزمة حا ّدة يف القطاع‪.‬‬ ‫ّ‬
‫لقد ا�ستغ ّلت �إ�سرائيل �سيطرتها على املعابر ففر�ضت ح�صاراً على قطاع غ ّزة قبل ت�سع �سنوات‬
‫تقريباً‪ ،‬يف حزيران ‪2007‬؛ وما زال م�ستمراً ح ّتى اليوم‪ .‬منذ فر�ض احل�صار منعت وما زالت‬
‫ال�سكان من القطاع‪� ،‬سوى يف حاالت �شا ّذة‪ .‬يف �سنوات احل�صار الأوىل‬ ‫�إ�سرائيل متنع خروج ّ‬
‫منعت �إ�سرائيل ال ّت�صدير من القطاع‪ ،‬و�إدخال �آالف املُنتجات �إليه‪� ،‬ضمنها �أ�صناف غذائ ّية‬
‫كثرية‪ .‬اليوم‪ ،‬متنع �إ�سرائيل �إدخال الب�ضائع ذات "اال�ستخدام املزدوج"‪ ،‬وفق تعريف‬
‫�إ�سرائيل‪ .‬و ُيق�صد بذلك �أنّ هذه الب�ضائع ميكن ا�ستخدامها لأغرا�ض مدن ّية وع�سكر ّية يف‬
‫�آنّ واحد‪ .‬يف هذا الإطار‪ ،‬فر�ضت قيوداً على �إدخال مواد البناء كالإ�سمنت واحلديد‪ ،‬واملواد‬
‫‪58‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫اخلام امل�ستخدمة يف �صناعة الأثاث‪� .‬أ ّما الت�صدير فما زالت �إ�سرائيل متنعه منعاً �شبه تا ّم‪.‬‬
‫اقت�صادي يف قطاع غ ّزة‪ .‬لقد �أُغلقت معظم امل�صانع ومئات ّ‬
‫املحال‬ ‫ّ‬ ‫لقد ت�س ّبب احل�صار يف انهيار‬
‫الغذائي ل�شرائح وا�سعة من ّ‬
‫ال�سكان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتبدى �إ�سقاطات احل�صار يف انعدام الأمن‬ ‫اخلا�صة‪ّ .‬‬‫ّ‬
‫ويف اعتماد وا�سع ال ّنطاق على الإغاثة الإن�سان ّية‪ ،‬كما يف ن�سبة البطالة ا ّلتي هي من الأعلى‬
‫اب‪.‬‬
‫وخا�صة يف �أو�ساط اجليل ال�شّ ّ‬‫يف العامل‪ّ ،‬‬
‫البنية التحت ّية واخلدمات العا ّمة يف قطاع غ ّزة يف �أ�سو�أ حال‪ % 95 :‬من املياه امل�ستخ َرجة يف‬
‫ال�سكان ل�ساعات معدودة‬ ‫قطاع غ ّزة مل ّوثة وغري �صاحلة لل�شّ رب؛ الكهرباء ت�صل �إىل بيوت ّ‬
‫فقط يف اليوم‪ ،‬ويعود ذلك يف جزء منه �إىل نق�ص الوقود‪ .‬تقلي�ص تزويد الكهرباء ي�ؤثر على‬
‫ال�صحي‪ ،‬من حيث يعتمد عملهما على توفّر كهرباء متوا�صلة‪.‬‬ ‫وال�صرف ّ‬ ‫منظومتي املياه ّ‬
‫ال�سكان وال يوفّر العالجات‬ ‫م�ستوى ال يفي باحتياجات ّ‬ ‫ً‬ ‫اخلدمات الط ّبية �أ�صبحت يف‬
‫الالزمة لهم‪.‬‬
‫منذ انف�صال �إ�سرائيل عن غ ّزة دارت ثالث جوالت قتال ّية على القطاع‪ :‬عمل ّية "الر�صا�ص‬
‫ال�سحاب" يف ت�شرين الثاين ‪،2012‬‬ ‫امل�صبوب"‪ ،‬ا ّلتي انتهت يف بداية ‪ ،2009‬عمل ّية "عمود ّ‬
‫وعمل ّية "اجلرف ال�صامد" يف �شه َري متّوز و�آب ‪ .2014‬لقد كانت الأ�ضرار ا ّلتي �س ّببتها‬
‫وخا�صة يف الأوىل ويف الثّالثة ـــــ‬
‫�إ�سرائيل لقطاع غ ّزة يف �أثناء هذه احلمالت الع�سكر ّية ــــ ّ‬
‫ج�سيمة؛ فعدا الأعداد الكبرية من القتلى واجلرحى‪ ،‬ت�س ّببت �إ�سرائيل يف �أ�ضرار كبرية‬
‫للمباين ال�سكن ّية‪ ،‬للزراعة‪ ،‬وللبنى التحت ّية الكهرب ّية وال�صح ّية واملائ ّية ـ والتي كانت �أ� ً‬
‫صال‬
‫على و�شك االنهيار ب�سبب احل�صار امل�ستم ّر‪.‬‬
‫االقت�صادي‬
‫ّ‬ ‫حذرت جلنة الأمم امل ّتحدة لل ّتجارة وال ّتنم ّية من �أ ّنه ما مل يطر�أ تغيرّ يف املنحى‬ ‫لقد ّ‬
‫لل�سكن‪ .‬كان ذلك يف تقرير عن‬ ‫ف�سوف ت�صبح غ ّزة مع حلول عام ‪ 2020‬مكاناً ال ي�صلح ّ‬
‫الو�ضع يف غ ّزة ن�شرته اللجنة يف بداية �أيلول ‪ .2015‬تط ّرق ال ّتقرير �إىل الإ�سقاطات ال ّناجمة‬
‫(حينئذ) وثالث جوالت قتال ّية‪ ،‬فن ّوه �إىل �أنّ ن�سبة البطالة يف‬ ‫ٍ‬ ‫عن ثماين �سنوات من احل�صار‬
‫الغذائي‪ ،‬و�أنّ‬
‫ّ‬ ‫القطاع قد بلغت الذروة ‪ ،% 44‬و�أنّ ن�سبة ‪ % 72‬من ال َأ�سر قد فقدت الأمن‬
‫عك�سي‪ ،‬و�أنّ �إعادة �إعمار القطاع ت�سري بوترية‬ ‫ّ‬ ‫منحى‬
‫تدل على ً‬ ‫االقت�صادي ّ‬
‫ّ‬ ‫م�ؤ�شّ رات النم ّو‬
‫تتم �إعادة بناء �سوى جزء �ضئيل من املباين والبنى ال ّتحت ّية‬ ‫�أبط�أ ّمما ينبغي ‪ -‬فح ّتى اليوم مل ّ‬
‫الدعم املا ّيل للقطاع وا�ستمرار‬ ‫توا�صل ّ‬ ‫ا ّلتي جرى تهدميها‪ .- ‬ويف هذا الواقع‪ ،‬من ّ‬
‫احليوي ح ّقاً ُ‬
‫‪59‬‬
‫ولكن ذلك ال ي�سعه �إعادة �إعمار القطاع وت�أهيله‪ .‬ما ْمل يطر�أ حت ُّول‬
‫منظمات الإغاثة‪ّ ،‬‬ ‫عمل ّ‬
‫معدو ال ّتقرير �إىل �أنّ فر�صة �إعادة �إعمار القطاع معدومة‪.‬‬
‫كبري يف �سيا�سات �إ�سرائيل‪ ،‬ي�شري ّ‬

‫�إ�رسائيل وانتهاك قرارات جمل�س الأمن‬


‫بالدخول من‬ ‫الدويل ّ‬ ‫كيف ميكن ال�سماح لدولة تتجاهل با�ستمرار قرارات جمل�س الأمن ّ‬
‫بوابات الأمم امل ّتحدة؟‬
‫الفل�سطيني‬
‫ّ‬ ‫العربي‬
‫ّ‬ ‫الدولية املتع ّلقة بال�شعب‬
‫ح�سب امل�شهد الأممي و�أر�شيف القرارات ّ‬
‫وحقوقه املغت�صبة‪ ،‬ف�إن هناك اليوم نحو ‪ 845‬قراراً دولياً �صادراً عن الأمم امل ّتحدة وم�ؤ�س�ساتها‬
‫كل هذه القرارات املُلزمة منها وغري املُلزمة �أ�صبحت مرتاكمة مغبرّ ة‬ ‫وجلانها املختلفة‪ .‬غري �أنّ ّ‬
‫الدولة العرب ّية و�ضربت بها عر�ض احلائط‪� ،‬أو بعد‬ ‫الدول ّية‪ ،‬بعد �أنّ رف�ضتها ّ‬
‫املنظمة ّ‬‫على رفوف ّ‬
‫�ضدها‪.‬‬ ‫الظلم والعربدة ّ‬
‫والطغيان ّ‬ ‫�أنّ ا�ستخدمت الواليات امل ّتحدة "فيتو" ّ‬
‫يجب فتح ملف العالقات بني "�إ�سرائيل" والأمم امل ّتحدة‪ ،‬وعلى نحو �أدقّ ملف ّ‬
‫ال�سيا�سات‬
‫الإ�سرائيل ّية االحتقار ّية جتاه الأمم امل ّتحدة وقراراتها يف الق�ضية الفل�سطين ّية‪.‬‬

‫"الو�صايا الع�رش تقول ال تقتل"‬


‫ين ميكن �أنّ ت ّربروا جمازر‬
‫وعلى رغم تلك القوانني الوا�ضحة‪ ،‬فب� ّأي دين �أو � ّأي نظام قانو ّ‬
‫الأطفال الأبرياء؟‬
‫"ينبغي منع �إ�سرائيل من دخول مق ّر الأمم امل ّتحدة ب�سبب جتاهلها دعوة جمل�س الأمن لوقف‬
‫�إطالق النار يف غ ّزة"‪�" ،‬إ�سرائيل ال تلتزم بقرار الأمم امل ّتحدة املُلزم يف ما يتعلق بوقف �إطالق‬
‫النار هذه عادة لإ�سرائيل‪ ،‬ف�إ�سرائيل دولة مل تلتزم مبئات من قرارات الأمم امل ّتحدة يف املا�ضي‪.‬‬
‫ا�ستهدفت �إ�سرائيل الأمم امل ّتحدة يف غ ّزة �أثناء وجود (الأمني العام للأمم امل ّتحدة) بان كي‬
‫حتدياً للعامل و�سخرية منه"‪.‬‬
‫ي�شكل ّ‬ ‫مون يف �إ�سرائيل‪ ،‬ما ّ‬
‫ففي �أقرب و�أحدث مواقف لها ولقا ّدتها‪ ،‬وبينما زعم اجلرنال باراك يف لقاء مع جنود �إ�سرائيل ّيني‬
‫"�أن �إ�سرائيل حترتم الأمم امل ّتحدة" ‪" -‬يديعوت" ‪� ،2009 /01 /13‬أعربت وزيرة اخلارج ّية‬
‫الإ�سرائيل ّية ت�سيبي ليفني عن "رف�ض احلكومة الإ�سرائيل ّية القاطع لقرار وقف �إطالق ال ّنار‬
‫‪60‬‬
‫ن�صف قرن على النك�سة والهزمية م�ستمرة‬

‫ال�صادر عن جمل�س الأمن"‪ ،‬بل ودعت نظراءها العرب ا ّلذين قالت �إنهم "انتقلوا �إىل العي�ش‬
‫ّ‬
‫يف نيويورك" �إىل فهم �أنّ القرار "ال يعني لإ�سرائيل �شيئاً ــــــ وكاالت‪."2009 /01 /12 ،‬‬
‫وقبل ذلك كتب روين �سفري يف "يديعوت" ‪� 2009 /01 /04‬أنّ "احلكومة الإ�سرائيل ّية‬
‫�أعربت عن ارتياحها حلقيقة �أنه مل يتخذ جمل�س الأمن قراراً يتع ّلق مبا يجري يف غ ّزة"‪.‬‬
‫وقالت م�صادر �سيا�س ّية �إ�سرائيل ّية‪" :‬ح ّتى لو ا ّتخذ جمل�س الأمن قراراً ّ‬
‫�ضد �إ�سرائيل‪ ،‬ف�إنه ال‬
‫يجب االنفعال من ذلك‪ ،‬وبالت�أكيد ف�إنّ الأمر لن يعيق العمل ّية الرب ّية"‪.‬‬
‫إ�سرائيلي بالأمم امل ّتحدة وقراراتها لي�س جديداً �أو عابراً �أو‬
‫ّ‬ ‫والالفت �أنّ هذا اال�ستخفاف ال‬
‫كل قراراتها جتاه‬ ‫إ�سرائيلي للأمم امل ّتحدة رغم �أنّ ّ‬
‫ّ‬ ‫مل ّرة واحدة‪ .‬فهناك تراث من االحتقار ال‬
‫"�إ�سرائيل" مع وقف التنفيذ‪.‬‬
‫فقد كان دافيد بن غوريون �أ ّول رئي�س للحكومة الإ�سرائيل ّية قد ك ّناها ‪ -‬و�صفها ‪ -‬باحتقار‬
‫قائ ًال‪:‬‬
‫"�أوم �شموم" (�أوم ‪ -‬اخت�صار هيئة الأمم امل ّتحدة بالعرب ّية‪� ،‬شموم ‪ -‬ال �شيء)‪ .‬يف حرب عام‬
‫‪ - 1948‬عن "معاريف" العرب ّية ‪.2006 /08/ 13‬‬
‫لل�سيا�سات الإجرامية الإ�سرائيل ّية عن‬ ‫إ�سرائيلي املناه�ض ّ‬
‫ّ‬ ‫ويوثّق لنا اوري افنريي الي�ساري ال‬
‫بن غوريون قائ ًال‪" :‬لقد خرق بن غوريون �آنذاك من دون تر ّدد قرارات وقف �إطالق ال ّنار‬
‫ا ّلتي �أ�صدرتها هيئة الأمم امل ّتحدة عندما كان الأمر مريحاً له (لقد �شاركت ‪ -‬اي افنريي ‪-‬‬
‫ال�سنوات‪ ،‬معظم‬ ‫عدة حمالت كهذه)‪ .‬لقد خرق هو ومن خلفه‪ ،‬طيلة ع�شرات ّ‬ ‫كجندي يف ّ‬
‫ّ‬
‫ال�سوفيات ّية ودول العامل الثالث‬ ‫القرارات املتع ّلقة بنا‪ ،‬با ّدعاء �أنّ هناك �أغلبية م�سيطرة للكتلة ّ‬
‫�ضد �إ�سرائيل"‪.‬‬
‫ّ‬
‫إ�سرائيلي املعروف �ألوف بن اليوم يف ّ‬
‫ظل املحرقة الإ�سرائيل ّية يف غ ّزة ليتحدّ ث عن‬ ‫ّ‬ ‫وي�أتي املح ّلل ال‬
‫إ�سرائيلي مع الأمم امل ّتحدة وقراراتها يف "ه�آرت�س"‪:2009 /01 /12 ،‬‬
‫ّ‬ ‫هذا التعاطي االحتقاري ال‬
‫"عندما ا ّتخذ جمل�س الأمن خالفاً لر�أي �إ�سرائيل‪ ،‬القرار رقم ‪ ،1860‬وا ّلذي دعا �إىل وقف �إطالق‬
‫ال ّنار يف غ ّزة‪ ،‬فمن ا ّلذي �أعلن �أنه لن يقبل به وم�ضى يف القتال؟ �إنّها بالطبع �إ�سرائيل"‪ ،‬وي�شرح‬
‫بن اخللفيات قائ ًال ‪":‬مل تق ّرر �إ�سرائيل بعد �إذا كانت ترغب يف � ّأن ت�صبح ع�ضواً طبيع ّياً يف املجتمع‬
‫تظل وحيدة يف اخلارج‪ ،‬بد�أت هذه احلرية منذ قيام‬ ‫الدّ و ّيل‪ ،‬و�أن تدفع ثمن هذه ّ‬
‫"الطبيع ّية"‪� ،‬أو �أن ّ‬
‫‪61‬‬
‫ال�سيا�س ّيني الإ�سرائيل ّيني ب�أن‬
‫طبيعي لدى ّ‬
‫ميل ّ‬ ‫الدّ ولة تقريباً وا�ستم ّرت منذ ذلك الوقت‪ ،‬هنالك ٌ‬
‫منظمة معادية‪ ،‬ت�سيطر‬ ‫يروا الأمم امل ّتحدة وم�ؤ�س�ساتها "�صحراء"‪ ،‬كما كان قال دافيد بن غوريون‪ّ ،‬‬
‫فيها غالبية معار�ضة لإ�سرائيل‪ ،‬حيث ال ينقذنا من �أيدي ه�ؤالء �سوى الفيتو الأمريكي"‪.‬‬
‫و�أبعد من ذلك ‪ -‬ففي تعقيبه على قرارات للجمع ّية العا ّمة للأمم امل ّتحدة اتخذت يف نهاية‬
‫الدول ّية يف وزارة اخلارج ّية الإ�سرائيل ّية‪ ،‬روين‬ ‫نوفمرب ‪ ،2006‬قال نائب املدير العام ّ‬
‫للمنظمات ّ‬
‫ال�شنو ‪ -‬ياعر‪� ،‬إنّ هذه القرارات هي "نكتة"‪ ...‬وبر�أيه‪" :‬الأمم امل ّتحدة تعترب �أنّ تلك القرارات‬
‫عدة‬
‫كل ّ‬ ‫خا�صة‪ ،‬فتلك قرارات متك ّررة تتخذ ّ‬ ‫"تقليد ّية"‪ ،‬ويزيد‪" :‬ال حتمل الإدانة � ّأي معانٍ ّ‬
‫ولكن القرارات �أ�صبحت تقليداً‪ ،‬فقد حدث‬ ‫�سنوات"‪ ،‬وي�شرح‪" :‬قد يكون هناك من تفاج�أ‪ّ ،‬‬
‫ويلخ�ص‪" :‬ال جديد حتت ال�شم�س"‪.‬‬ ‫ال�سنة املا�ضية وقبل ‪ 20‬عاماً وقبل ‪ 30‬عاماً"‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ويف اخلتام نقول ك ّلما �سمح العامل با�ستمرار هذا الواقع ازداد �سوءاً‪ّ � .‬إن الو�ضع ال ّراهن‬
‫�صعب‪ ،‬ولكنّ تقديراً واقع ّياً للموقف يجب � ّأن ي�أخذ باحل�سبان االحتماالت امل�ستقبل ّية‬
‫املتو ّقعة‪ .‬هل يف يف الأعوام املقبلة �ستبقى هنالك جت ّمعات �س ّكان ّية فل�سطين ّية يف منطقة‬
‫الفل�سطيني امل�شلول؟ كم ح ّياً فل�سطين ّياً �سيجرى‬
‫ّ‬ ‫الأغوار؟ كيف �ستكون حالة االقت�صاد‬
‫ف�صله عن القد�س ال�شرق ّية؟ وكيف �ستكون حياة ماليني الفل�سطين ّيني يف قطاع غ ّزة؟‬

‫‪62‬‬

You might also like