You are on page 1of 4

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلةا والسلم على سيدنا محمد الصادق الوعد المين‪ ،‬اللهم أخرجنا من ظلمات‬
‫الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم‪ ،‬ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات‪.‬‬
‫القصد من وصف المؤمنين في القرآن والسنة ‪:‬‬
‫أيها الخوةا الكرام‪ ،‬لزالنا في نصوص المثال من الكتاب والسنة‪ ،‬فعن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫طفُهم‪ :‬مثرل الجسد‪ ،‬إإذِا اشتكىَ منه عضو‪ :‬تععداععىَ له سائرر الجسد‬ ‫)) عمثعرل المؤمنين في تععواددهِّم وت اررحمهم وتعا ر‬
‫سعهإر والرحدمىَ ((‬
‫بال س‬
‫] أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير[‬

‫أول نقطة‪ :‬وصف المؤمنين في القرآن والسنة ما القصد منه؟ هناك هدفان كبيران‪ ،‬أول هدف أن تعرف من هو‬
‫المؤمن‪ ،‬أو أن تتحرك نحو هذا الهدف‪ ،‬والثاني أن يكون هذا الوصف مقياسا لك‪ ،‬نقطة دقيقة أن تعرف من هو‬
‫ق فيما إذا كنت مؤمناا‪ ،‬أم لم تكن مؤمناا‪ ،‬فهذا الوصف‬
‫المؤمن‪ ،‬وأن تسعى لن تكون مؤمناا‪ ،‬إواذا أصابك قل ق‬
‫مقياس لك‪.‬‬
‫لك أخوةا مؤمنون‪ ،‬لو أن واحدا منهم أصابه خير‪ ،‬هل تفرح له؟ بكل صراحة‪ ،‬إن فرحت لهذا الخير الذي أصاب‬
‫أخاك فأنت مؤمن ورب الكعبة لماذا؟ لن المنافقين وصفهم ال عزا وجل فقال‪:‬‬
‫إ‬
‫سمؤرهِّمم ﴾‬ ‫﴿ إمن ترصمبعك عح ع‬
‫سعنةة تع ر‬
‫]سورةا التوبة الية‪[50:‬‬

‫لك أخ أخذ دكتوراه‪ ،‬لك أخ نجح بزاواجه‪ ،‬نجح بتجارته‪ ،‬هل تفرح له كما لو أن هذا النجاح لك؟ ورب الكعبة إن‬
‫فرحت لخير أصاب أخاك فأنت مؤمن‪ ،‬إواذا تألمت وانزاعجت‪ ،‬وكظمت الغيظ‪ ،‬وتمنيت لو أن هذا الخير لم يصل‬
‫إليه‪ ،‬أو تمنيت أن يزاول عنه‪ ،‬أو سعيت إلى إزاالته‪ ،‬فأنت منافق ورب الكعبة‪ ،‬الدليل الية الكريمة‪:‬‬
‫إ‬
‫سمؤرهِّمم ﴾‬
‫سعنةة تع ر‬‫﴿ إمن ترصمبعك عح ع‬
‫سديعئةة عيمفُعررحوا إبعها ﴾‬ ‫إ‬
‫﴿ ع إوإامن ترصمبركمم ع‬
‫]سورةا آل عمران الية‪[120:‬‬

‫هذا مقياس‪ ،‬امتحن إيمانك بمشاعرك تجاه أخيك إذا أصابه خير‪ ،‬أن تفرح له‪ ،‬وامتحن إيمانك بمشاعرك تجاه‬
‫أخيك إذا أصابه سوء‪ ،‬هل تتألم؟ هل تتمنى أل يصاب بهذا السوء؟‪.‬‬
‫تقسيم المجتمعات السلمية إلىَ فئات وجماعات تقسيمات ما أنزل ال بها من سلطان‪:‬‬
‫لذلك البطولة الن أن كل شيء متوفر بحياتنا‪ ،‬جامعات إسلمية‪ ،‬مراجع إسلمية‪ ،‬مؤلفات إسلمية‪ ،‬مؤتمرات‬
‫إسلمية‪ ،‬فمظاهر السلم صارخة الن‪ ،‬مساجد وال كل مسجد اطلعت عليه أو زارته في أطراف العالم‬
‫السلمي شيء ل يصدق‪ ،‬تحفة من تحف العرب‪ ،‬تكلفته تقدر بمليار ليرةا‪ ،‬مسجد فوق البحر‪.‬‬
‫شره عععلىَ املعماإء ﴾‬
‫﴿ عوعكاعن ععمر ر‬
‫]سورةا هود الية‪[7:‬‬

‫الذي أمر ببناء هذا المسجد فوق البحر من هذه الية‪ ،‬أنا اطلعت على مساجد في أطراف العالم السلمي يكاد‬
‫النسان ل يصدق هذا الفن‪ ،‬وهذه الفخامة في المساجد‪ ،‬مؤتمرات إسلمية موجودةا‪ ،‬مؤلفات إسلمية بالمليين‪،‬‬
‫كل شيء يخطر في بالك موجود‪ ،‬أما الحب الذي كان بين المؤمنين في عهد الصحابة الن غير موجود‪ ،‬وهذا‬
‫الحب أحد لوازام اليمان‪ ،‬ما لم يكن انتماؤك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناا‪ ،‬أما تقسيم المجتمعات السلمية‬
‫إلى فئات وجماعات‪ ،‬هذه التقسيمات ما أنزال ال بها من سلطان‪ ،‬ال عزا وجل في القرآن الكريم أكد على‬
‫مقياسين‪ ،‬مقياس العلم والعمل‪ ،‬فإذا كنت مؤمنا علماا‪ ،‬ومستقيما سلوكاا‪ ،‬فأنت أخي في ال‪ ،‬لو كنت من جماعة‬
‫أخرى‪ ،‬تقسيم المجتمع السلمي لجماعات إسلمية‪ ،‬وهذه الجماعات متناحرةا‪ ،‬تتراشق التهم‪ ،‬كقل يكفر الخر‪،‬‬
‫شيء غير معقول‪.‬‬

‫سافرت إلى بلد‪ ،‬إلى أقصى بلد في الرض‪ ،‬إلى جنوب الرض‪ ،‬وجدت في المدينة التي فيها سبعمئة ألف مسلم‪،‬‬
‫المسلمون فريقان‪ ،‬كل فريق يتهم الخر بأبشع التهم‪ ،‬زارت الفريق الول‪ ،‬زارت الفريق الثاني‪ ،‬ألقيت عندهم‬
‫محاضرات في الذاعة‪ ،‬هناك دعوةا ثانية جاءتني بعد سنتين دعاني الفريق الخر‪ ،‬زارت الول قلت لهم‪ :‬أنا لكل‬
‫المسلمين‪ ،‬و لكن التفرقة‪ ،‬وتقسيم الناس إلى جماعات‪ ،‬إوالى أقليات‪ ،‬إوالى فقاعات‪ ،‬ل ننجح الن إل إذا كان‬
‫النتماء إلى مجموع المؤمنين‪ ،‬هذا الحديث من أقوى الحاديث ‪:‬‬
‫طفُهم ‪ -‬التعاطف شعور‬ ‫)) عمثعرل المؤمنين ‪ -‬مجموع المؤمنين‪ -‬في تععواددهِّم ‪ -‬المودة بينهم ‪ -‬وت اررحمهم وتعا ر‬
‫داخلي‪ ،‬والتراحم سلوك‪ ،‬والمودة تعبير عن الحب ‪ -‬مثرل الجسد‪ ،‬إإذِا اشتكىَ منه عضو تععداععىَ له سائرر الجسد‬
‫سعهإر والرحدمىَ ((‬
‫بال س‬
‫التفُرقة بين المسلمين هِّي الورقة الرابحة الوحيدة بيد أعدائهم ‪:‬‬
‫أخواننا الكرام‪ ،‬من باب الحلم‪ ،‬أنت تصور أحدث رقم سمعته قبل أيام أن المسلمين صار عددهم مليار‬
‫وثمانمئة مليون‪ ،‬أي أكثر من ربع سكان الرض‪ ،‬يتربعون على منطقة إستراتيجية تعد أول منطقة في العالم‪،‬‬
‫عندهم ثروات باطنية‪ ،‬هي أغلى ثروات في الرض‪ ،‬ومع ذلك هم أفقر الشعوب‪ ،‬وبينهم مناحرات‪ ،‬وعداوات‪ ،‬بل‬
‫وحروب‪ ،‬بل إن أعداء المسلمين يتعاونون وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة‪.‬‬

‫كنت مرةا في ألمانيا‪ ،‬و أنا بالسيارةا قالوا لي‪ :‬نحن الن في هولندا‪ ،‬أين الحدود؟ ل يوجد أية لوحة إذا كيف‬
‫عرفتم؟ قال‪ :‬من لوحات السيارات‪ ،‬اختلف لونهم‪.‬‬
‫كنت مرةا بايطاليا‪ ،‬أخ دعاني إلى مكتبه فزارته في إيطاليا‪ ،‬ثم دعاني إلى بيته‪ ،‬كان في بلد آخر في سويسرا‪،‬‬
‫معقول‪ ،‬بيته ببلد‪ ،‬ومكتبه ببلد آخر‪ ،‬ل يوجد حد‪ ،‬ول لوحة‪ ،‬لكن أنا عندما طلبت التأكيد على ذلك‪ ،‬قال لي‪:‬‬
‫يوجد بالطريق صف أحجار عرضي‪ ،‬هذا الفرق بين سويس ار وايطاليا‪ ،‬دول فيها بينها حروب ل يعلمها إل ال‪،‬‬
‫وقوميات‪ ،‬فكرت فأصبحت دولة واحدةا‪ ،‬عملتها واحدةا اليورو‪ ،‬ينطق بلسانها واحد‪ ،‬تصور أوربا بكاملها‪ ،‬السوق‬
‫المشترك‪ ،‬ينطق بلسانها واحد‪ ،‬والعملة واحدةا‪ ،‬والموال تنطلق بل قيد أو شرط‪ ،‬معقول هؤلء بذكائهم اتحدوا‪،‬‬
‫ونحن مليار وثمانمئة مليون مسلم‪ ،‬نملك ثروات ل يعلمها إل ال‪ ،‬نتمتع بموقع استراتيجي أول في العالم‪ ،‬ونحن‬
‫أفقر الشعوب من التفرقة!‪.‬‬
‫لذلك أيها الخوةا اعتقدوا يقينا أن الطغاةا بالرض معهم ورقة رابحة وحيدةا‪ ،‬هي التفرقة بين المسلمين‪ ،‬هذه الورقة‬
‫الرابحة الوحيدةا‪ ،‬نحن بوعينا نستطيع أن نسقطها‪ ،‬أو أن نأخذها منهم بالتعاون‪.‬‬
‫مؤمن بالله العظيم‪ ،‬مؤمن بالنبي الكريم‪ ،‬مؤمن بالقرآن الكريم‪ ،‬لماذا تعاديه؟ لذلك ال وصف فرعون وهو طاغية‬
‫سيدنا موسى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ض عوعجعععل أعمهِّلععها إشعيع ا ﴾‬
‫﴿ إسن إفمرععموعن عععل إفي املعمر إ‬
‫]سورةا القصص الية‪[4:‬‬

‫هذا شأن الطغاةا‪ ،‬التفرقة بين المسلمين‪ ،‬لما جاء الغرب إلى بلد مجاور واحتله‪ ،‬أول شيء قسمه إلى عربي‪،‬‬
‫وكردي‪ ،‬وآشوري‪ ،‬وسني‪ ،‬وشيعي‪ ،‬أي هناك تركيزا واضح جدا على التفرقة‪.‬‬
‫علىَ النسان أن يكون انتماؤه إلىَ مجموع المؤمنين كي يكون مؤمن ا ‪:‬‬
‫لذلك أيها الخوةا أتمنى على الواحد منكم إن كان له جامع‪ ،‬على العين والرأس‪ ،‬لكن أخاك بالجامع الثاني أخوك‬
‫باليمان‪ ،‬ل تعاديه‪ ،‬ل تنظر له نظرةا دنيا‪ ،‬نحن من جامع فلن‪ ،‬يجب أن يكون انتماؤك إلى مجموعة مؤمنين‬
‫حتى تكون مؤمن ا‪.‬‬
‫طفُهم((‬
‫)) عمثعرل المؤمنين في تععواددهِّم وت اررحمهم وتعا ر‬

‫يجب أن تكون مودتك لكل المؤمنين‪ ،‬لكل المسلمين‪ ،‬وأن تكون رحمتك وعطاؤك لكل المسلمين‪ ،‬وتعاطفك مع كل‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫طفُهم مثرل الجسد‪ ،‬إإذِا اشتكىَ منه عضو‪ :‬تععداععىَ له سائرر الجسد‬ ‫)) عمثعرل المؤمنين في تععواددهِّم وت اررحمهم وتعا ر‬
‫سعهإر والرحدمىَ ((‬
‫بال س‬
‫] أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير[‬

‫يجب أن تقلق لسوء أصاب أخاك‪ ،‬يجب أن تفرح لخير أصاب أخاك‪ ،‬والية الكريمة دقيقة جدا‪:‬‬
‫إ‬
‫سمؤرهِّمم ﴾‬
‫سعنةة تع ر‬‫﴿ إمن ترصمبعك عح ع‬
‫سديعئةة عيمفُعررحوا إبعها ﴾‬ ‫إ‬
‫﴿ ع إوإامن ترصمبركمم ع‬
‫أي ل يوجد إنسان إل ويعلم حقيقته‪ ،‬والدليل‪:‬‬
‫صيعرةة * عولعمو أعملعقىَ عمععاإذِيعرهر ﴾‬
‫﴿ بإل امإل منسارن ععلىَ عنمفُإسإه ب إ‬
‫ع‬ ‫ع ع‬ ‫ع‬
‫]سورةا القيامة[‬

‫قالوا‪ :‬بإمكانك أن تخدع معظم الناس لبعض الوقت‪ ،‬وبإمكانك أن تخدع بعض الناس لكل الوقت‪ ،‬أما أن تخدع‬
‫كل الناس لكل الوقت فهذا من سابع المستحيلت‪ ،‬أنا أضيف على هذا القول‪ :‬أما أن تخدع نفسك لثانية واحدةا‬
‫فمستحيل‪ ،‬الدليل‪:‬‬
‫صيعرةة * عولعمو أعملعقىَ عمععاإذِيعرهر ﴾‬
‫﴿ بإل امإل منسارن ععلىَ عنمفُإسإه ب إ‬
‫ع‬ ‫ع ع‬ ‫ع‬
‫من دلئل قدرة ال عز وجل المودة و الرحمة بين المؤمنين ‪:‬‬
‫ل يقوي المسلمين إل أن يكون انتماؤهم إلى الجميع‪ ،‬أنت تحب كل المؤمنين لكن هناك نظرات ضيقة جداا‪ ،‬هناك‬
‫انتماء إلى فقاعات‪ ،‬انتماؤك إلى جامع واحد‪ ،‬أي إذا كان لك جار من جامع ثان تقول‪ :‬هذا ليس من أخواني‪،‬‬
‫خير إن شاء ال‪ ،‬من قال لك ليس من أخوانك؟ له عند ال مكانة كبيرةا‪ ،‬هذا الفكر القديم الذي عشناه في‬
‫الخمسينات يجب أن ينتهي‪ ،‬يجب أن يكون انتماؤك إلى مجموع المؤمنين‪ ،‬لذلك‪:‬‬
‫طفُهم‪ :‬مثرل الجسد‪ ،‬إإذِا اشتكىَ منه عضو‪ :‬تععداععىَ له سائرر الجسد‬ ‫)) عمثعرل المؤمنين في تععواددهِّم وت اررحمهم وتعا ر‬
‫سعهإر والرحدمىَ ((‬
‫بال س‬
‫] أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير[‬

‫هذا الذي يرفع قدر المسلمين‪ ،‬هذا الذي يقويهم‪ ،‬هذا الذي ينمي بينهم المودةا والرحمة‪ ،‬وال عزا وجل من دلئل‬
‫قدرته أن جعل هذه المودةا والرحمة بين المؤمنين‪ ،‬لقوله تعالى ‪:‬‬
‫سعيمجععرل لعرهرم السرمحعمرن روددا ﴾‬ ‫﴿إسن السإذِيعن عآمرنوا وعإملروا ال س إ إ‬
‫صالعحات ع‬ ‫ع عع‬
‫]سورةا مريم[‬

‫قال علماء التفسير‪ :‬ود فيما بينهم‪ ،‬وقال بعض العلماء‪ :‬ود فيما بينهم وبين ال‪ ،‬نعيد أخي ار قراءةا الحديث‪:‬‬
‫طفُهم‪ :‬مثرل الجسد‪ ،‬إإذِا اشتكىَ منه عضو‪ :‬تععداععىَ له سائرر الجسد‬ ‫)) عمثعرل المؤمنين في تععواددهِّم وت اررحمهم وتعا ر‬
‫سعهإر والرحدمىَ ((‬
‫بال س‬
‫] أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير[‬

‫والحمد ل رب العالمين‬

You might also like