You are on page 1of 19

‫أدب صدر اإلسالم‬

‫مفهوم أدب عصر صدر اإلسالم‬


‫يقصد ابألدب يف عصر صدر اإلسالم‪ ،‬هو النتاج الثقايف‬
‫واألديب من لغة وأدب وشعر ونثر خالل الفرتة املمتدة من بعثة‬
‫النيب حممد إىل آخر أايم اخللفاء الراشدين‪ ،‬والذي ينتهي‬
‫مبقتل علي بن أيب طالب عام ‪ 40‬هـ‬
‫مصادر األدب يف عصر صدر اإلسالم‬
‫القرآن‪ -‬احلديث ‪ -‬األدب‬
‫لقد حصر علماء اللغة واألدب والنقاد مصادر األدب يف عصر‬
‫صدر اإلسالم إىل ثالثة مصادر رئيسية‬
‫هي القرآن‪ ،‬واحلديث‪ ،‬واألدب اجلاهلي‪ ،‬فقد استلهم األدب‬
‫اإلسالمي أفكاره وأساليبه من هذه املصادر الثالثة‪.‬‬
‫القرآن الكرمي‬
‫القرآن هو كالم هللا ومعجزة النيب حممد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫‪ ،‬حتدى هللا به بالغة اإلنس واجلن‪ ،‬وهو حجة‬
‫هللا على الناس كافة وعلى العرب خاصة؛ ألنه نزل بلغة العرب‪.‬‬
‫فيه تبيان لكل شيء‪ .‬والقرآن كنز احلكمة والعلم واملعرفة‪ ،‬ما‬
‫فرط هللا فيه من شيء‪ ،‬وال تزال األايم تكشف من عجائبه‬
‫كل يوم جديد‪.‬‬
‫السور املكية‬
‫كلها تدور حول توحيد هللا وإثبات وحدانيته أبدلة من آايته‬
‫وخملوقاته‪ ،‬وتعظيم أمر التوحيد والرتغيب فيه ابجلنة‪ ،‬وهتويل‬
‫أمر الشرك وإنذار املشركني بعذاب جهنم‪.‬‬
‫السور املدنية‬
‫ففيها تشريعات سياسية وقضائية واجتماعية وعسكرية‪،‬‬
‫تكفل سعادة الفرد واجملتمع وفيها أيضا آداب ترسم‬
‫طرق األخالق الكرمية‪ ،‬وأتمر بكل معروف وتنهى عن‬
‫كل منكر‪ ،‬مث إهنا توضح فروض العبادات واملعامالت‪.‬‬
‫لغة القرآن‬
‫نزل القرآن بلغة قريش وفيه بعض ألفاظ‬
‫من لغات القبائل املضرية واليمنية‪ .‬فقد ذكروا أن كلمة(فشل)‬
‫مبعىن جنب هي من لغة محري‪ ،‬وأن كلمة (األرائك) مبعىن‬
‫(األسرة) هي أيضا مينية وأن كلمة (املوئل) مبعىن (امللجأ) هي‬
‫من لغة كنانة وأن كلمة (السائح) مبعىن الصائم هي من‬
‫لغة هذيل‪ .‬أما األلفاظ اليت قيل‬
‫أهنا أعجميةكاإلبريق والسندس واإلستربق والكافور واألكواب‬
‫والقوارير فاملعتقد أهنا يف حكم العربية وأهنا كانت جزءا من لغة‬
‫العرب قبل نزول القرآن بقرون طويلة والدليل قول القرآن ‪( :‬إان‬
‫أنزلنه قرءاان عربيا لعلكم تعقلون)‬
‫إعجاز القرآن‬
‫لقد أيد هللا رسله مبعجزات‪ ،‬وكانت معجزة‬
‫كل رسول من جنس ما حيسنه قومه‪ ،‬فلما كان السحر منتشرا‬
‫يف زمن ‪ ,‬جاءت معجزته مبا هو أعظم من‬
‫أعمال السحرة وهو العصا‪ ،‬وانفجار الصخر وانفالق البحر وملا‬
‫كان قوم عيسى ‪ ،‬ابرعني يف الطب جاءت معجزته‬
‫إببراء األكمه واألبرص وإحياء املوتى‪ .‬وملا‬
‫كان العرب يف اجلاهلية يتباهون ابلبيان والبالغة جاءت‬
‫معجزة حممد ابلقرآن‪ .‬فقد حتدى هللا العرب أن أيتوا مبثله‪ ،‬مبا فيه‬
‫من بديع نظم ؛ وحسن أتليف وروعة أسلوب‪ ،‬ودقة عرض‪ .‬ولذا‬
‫فعندما مسعه العرب وهم أمراء البيان أكربوه وعجزوا عن أن يردوه‬
‫إىل نوع من أنواع الكالم املعروفة فقالوا مضطربني ‪:‬‬
‫إنه شعر شاعر‪ ،‬أو فعل ساحر‪ ،‬أو سجع كاهن ووصفهم إايه‬
‫أبنه نوع من هذه األنواع اليت تشرتك يف فتنة العقل دليل على‬
‫فعله القوي يف نفوسهم‪ .‬وببالغة القرآن حتدى هللا العرب‪ ،‬إال أن‬
‫هناك وجوها أخرى إلعجاز القرآن مل يقع فيها التحدي‬
‫أسلوب القرآن‬
‫ألفاظ القرآن هلا نسق بالغي حري العقول وأعجز البلغاء‪ ،‬فما‬
‫تستطيع مهما أوتيت من بالغة أن تستبدل بكلمة واحدة‬
‫من القرآن كلمة مثلهـا يف بالغتها‪.‬‬
‫واآلايت القرآنية مسجوعة الفواصل غالبا‪ ،‬وهذا من حكـمة هللا‬
‫جل وعال وفضله؛ ألن السجع سهل على القراء حفظها‪ .‬ولكل‬
‫من السور املكية واملدنية خصائص تتميز هبا غالبا‪.‬‬
‫فالسور املكية قصرية اآلايت‪ ،‬أسلوهبا‬
‫يثري العواطف والعقول معا‪ ،‬وهي حارة اللهجة فيها هتويل‬
‫وتكرار وجدل وإقنـاع‪ .‬والسـور املدنية طويلة اآلايت‪ ،‬هادئة‬
‫اللهجة‪ ،‬عذبة األلفاظ فيها وضوح يناسب التعليم ودقة‬
‫تناسب التشريع‪.‬‬
‫خصائص أسلوب القرآن‬
‫‪ -1‬التكرار‪ :‬وذلك لتثبيت املعىن يف النفوس‪ ،‬ومن السور اليت‬
‫يتضح فيها التكرار البليغ سورة القمر‪ ،‬وسورة الرمحن‪ ،‬وسورة‬
‫املرسالت‪.‬‬
‫‪ -2‬االلتفات‪ :‬وهو االنتقال من ضمري إىل ضمري كأن ينتقل‬
‫من ضمري الغائب إىل املخاطب أو املتكلم كقول القرآن ‪:‬‬
‫(وحشرهنم فلم نغادر منهم أحدا * وعرضوا على ربك صفا لقد‬
‫جئتموان كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن جنعل لكم موعدا)‬
‫(‪ .‬فقد تكلم هللا عن املشركني بضمري الغائب يف‬
‫قوله ‪(:‬وحشرانهم) مث بضمري املخاطب يف قوله‪(:‬جئتموان)‪.‬‬
‫وتكلم جل وعال عن نفسه فقال‪( :‬وحشرانهم) بضمري املتكلم‬
‫مث قال ‪( :‬وعرضوا على ربك)‪ .‬والسر يف بالغة االلتفات أن‬
‫إطالة اإلنصات إىل أسلوب واحد أتيت ابلراتبة على املعىن‪ ،‬ومن‬
‫مث فهو أييت مزيال لتلك الراتبة وجمددا لنشاط السامع‪.‬‬
‫‪-3‬اإلجياز‪ :‬ولذلك فقد اجتمع بني دفيت املصحف من‬
‫أمر التشريع والعقيدة والعلوم ما مل تتسع‬
‫له جملدات التفسري الكبرية‪.‬‬
‫‪-4‬ضرب املثل ‪ :‬ومعظم أمثال القرآن حمسوسة ؛ وذلك‬
‫لتثبيت األمور املعنوية وتوضيحها يف األذهان‪.‬‬
‫احلديث النبوي‬
‫تعريفه ‪ :‬احلديث ‪-‬أو السنة النبوية‪ -‬هو قول الرسول أو فعله‬
‫أو تقريره‪.‬‬
‫وظيفة احلديث‬
‫احلديث هو املصدر الثاين من مصادر التشريع يف‬
‫اإلسالم بعد القرآن ورمبا جاء يف نفس املرتبة ألن هللا قد أعطى‬
‫لنبيه حق التشريع يف بعض األمور فالقرآن احتوى على أصول‬
‫الدين وقواعد األحكام العامة ونص على بعضها وترك بيان‬
‫بعضها الباقي للرسول‪.‬‬
‫وتتخلص وظائف احلديث يف توضيح القرآن وتفصيل إمجاله‬
‫وتقييد إطالقه وختصيص عمومه‪.‬‬
‫خصائص أسلوب احلديث‬
‫كالم النيب آية يف الفصاحة والبالغة وقمة يف البيان وهو‬
‫أبلغ كالم صدر عن بشر ولكن بالغة القرآن يف أفق ال تناله‬
‫بالغة اإلنسان‪.‬وترجع بالغة النيب إىل عدة أسباب‪:‬‬
‫أوهلا‪ :‬أنه مؤيد ابلوحي واإلهلام‪.‬‬
‫اثنيها‪ :‬موهبته الفطرية‪.‬‬
‫اثلثها‪ :‬نشأته يف قريش واسرتضاعه يف بين سعد وهم أفصح‬
‫العرب‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬تضلعه من لغة القرآن وعلمه بلغة العرب‪.‬‬
‫مميزات احلديث‬
‫‪ -1‬أنه موجز إجياز بليغا فاأللفاظ القليلة تشتمل‬
‫على معان كثرية كقوله "قل آمنت مث استقم"‪.‬وهلذا مسي جوامع‬
‫الكلم‪.‬‬
‫‪-2‬أنه خال من التكلف والزخرف ينساب من‬
‫طبع صادق ونبع غزير صاف‪.‬‬
‫‪ -3‬أن معانيه مستقاة من معاين القرآن ومقاصده ولذلك فإن‬
‫أغلب أحكامه ما هي إال صدى لصوت القرآن‪.‬‬
‫‪-4‬أنه سهل اللفظ خياطب يف سهولته العامة واخلاصة مع‬
‫مالئمته حلالة املخاطب‪.‬‬
‫‪-5‬أن فيه كثريا من األمثال اليت توضح املعىن وتقربه‬
‫إىل األذهان‪.‬‬
‫مناذج من جوامع الكلم‬
‫‪” -1‬إمنا بعثت فيكم ألمتم مكارم األخالق“‬
‫‪ ” -2‬اجلنة حتت ظالل السيوف ”‬
‫‪” -3‬ليس الغىن عن كثرة العرض ولكن الغىن غىن النفس“‬
‫‪” -4‬ما زال جربيل يوصيين ابجلار حىت ظننت أنه سيورثه“‬
‫‪” -5‬العلماء ورثة األنبياء“‬
‫‪” -6‬من سره أن يبسط له يف رزقه وينسأ له يف أجله‬
‫فليصل رمحه“‬
‫موقف اإلسالم من الشعر‬
‫يظن بعض دارسي األدب أن اإلسالم حارب شعر بينما‬
‫الصحيح انه مل حياربه لذاته وإمنا حارب الفاسد من مناهج‬
‫الشعراء ويتمثل هذا املعىن يف اآلية اليت صنفت الشعراء إىل فئتني‬
‫فئة ضالة وأخرى مهتدية حيث يقول ‪( :‬والشعراء يتبعهم الغاوون‬
‫* امل تر أهنم يف كل واد يهيمون * وأهنم يقولون ما ال يفعلون *‬
‫إال الذين آمنوا وعملوا الصاحلات وذكروا هللا كثريا وانتصروا من‬
‫بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) بل‬
‫إن اإلسالم ذهب إىل أبعد من هذا حني اختذ الشعر سالحا‬
‫من أسلحة الدعوة وعده نوعا من أنواع اجلهاد فجعل الشاعر‬
‫على ثغرة من ثغور اإلسالم ال يسدها إال هو وأمثاله من األدابء‬
‫وقد أدرك اإلسالم قيمة الكلمة الشعرية وشدة أتثريها ولذا‬
‫كان النيب يشجع شعر اجليد املنطوي على مثل عليا وكان‬
‫يستمع إليه ويعجب مبا اشتمل عليه من حكمة حىت لقد‬
‫قال"إن من البيان‬
‫لسحرا وإن من الشعر حلكمة "وملا استأذن حسان بن اثبت يف‬
‫الرد على املشركني أذن له وقال "اهجهم ومعك روح القدس "‬
‫وهكذا كان الصحابة رضوان هللا عليهم حيث كانت سريهتم‬
‫تبعا ملا جاء به الرسول فقد اقتفوا أثره وحتروا سنته فما نفع‬
‫من شعر أو حسن قبلوه وشجعوه عليه وما كان فيه ضرر أو قبح‬
‫نبذوه وحاسبوا عليه‪.‬‬
‫وخالصة القول أن اإلسالم وقف من شعر موقفا وسطا فلم‬
‫يؤيده ومل يعارضه وإمنا عده كالما كأي كالم فحسنه حسن وهو‬
‫مقبول وسيئة سيئ وهو مرفوض وما يقال عن الشعر يقال عن‬
‫بقية فنون األدب األخرى‪.‬‬
‫حال الشعر يف صدر اإلسالم‬
‫يذكر بعض دارسي األدب أن الشعر يف هذا العصر قد أصيب‬
‫ابلضعف وتعرض لفرتة من الركود ويف هذا الكالم شيء من‬
‫اخلطأ وشيء من الصواب إما انه أصيب ابلضعف فكالم غري‬
‫صحيح ألنه مبين على خلط بني الضعف من جهة‬
‫وبني اللني والسهولة مــن جهة أخــرى وذلك‬
‫ألن اإلسالم صادف يف العرب قلواب قاسية فأالهنا وطباعا جافية‬
‫فرققها ومن مث أصبح الشعراء خيتارون من الكلمات ألينها‬
‫ومن األساليب أسهلها وابتعدوا عن األلفاظ اجلافة الغليظة‬
‫والرتاكيب الوعرة وشعر حسان يف اجلاهلية واإلسالم خري شاهد‬
‫على ما نقول وإما انه تعرض لفرتة من الركود فصحيح وذلك‬
‫لألسباب التالية ‪-:‬‬
‫‪ -1‬انبهار العرب ببالغة القرآن ومألت‬
‫نفوسهم عقيدة اإلسالم وآدابه ويف أثـناء ذلك شغلوا ابلفتوحات‬
‫فصرفهم كل ذلك عن قول الشعر إال قليال‪ .‬ولعل أدل واقعة‬
‫تدلل على شدة االنبهار هي قصة الوليد ابن املغرية ومقولته‬
‫الشهرية واصفا القرآن (الوليد بن املغرية‪ :‬وهللا إن له حلالوة وإن‬
‫عليه لطالوة(حسن ومالحة يف الكالم) وإن أسفله ملغدق(فاض)‬
‫وإن أعاله ملثمر وإنه ليعلو وال يعلى عليه وإنه ليحطم ما حتته‬
‫وما يقول هذا بشر)‬
‫‪ -2‬سقوط منزلة الشعراء لتكسبهم ابلشعر وخضوعهم يف‬
‫سبيل العطاء للممدوحني وبذلك عال شان اخلطابة واخنفض‬
‫شأن الشعر وخصوصا بعد أن صارت اخلطابة هي الوسيلة‬
‫الطيعة املرنة لنشر دعوة اإلسالم‪.‬‬
‫‪-3‬أن نفر من الشعراء الذين ظلوا على الشرك من أمثال عبد‬
‫هللا بن الزبعري هجوا رسول هللا فأمر النيب برتك رواية شعرهم‪.‬‬
‫‪ -4‬إن اإلسالم حارب العصبيات وحرم اخلمر‬
‫وقاوم اهلجاء القبلي املقذع والغزل الفاحش ومل يشجع‬
‫رحالت اللهو والقنص وكل هذه األمور كانت وقودا جزال لشعلة‬
‫الشعر فلما قاومها اإلسالم اقتصرت أغراض‬
‫شعر املخضرمني على مناقضة شعراء املشركني وعلى‬
‫مدح الرسول وأصحابه‪ ...‬ومع هذا فلم خيل هذا العصر من‬
‫أصوات شاعرية عذبة انبعثت من أمثال لبيد بن‬
‫ربيعة واخلنساء وحسان بن اثبت وكعب بن زهري وعبد هللا بن‬
‫رواحة وكعب بن مالك وغريهم‪.‬‬
‫أسلوب الشعر يف صدر اإلسالم‬
‫يعد الشعر يف عصر صدر اإلسالم امتدادا لسابقه يف العصر‬
‫اجلاهلي ألن شعراء هذا العصر هم أنفسهم شعراء العصر‬
‫اجلاهلي وهلذا فقد كانوا يسمون ابملخضرمني إال أن هذا ال مينع‬
‫أن يكون قد حدث شيء من التغيري يف أسلوب الشعر ومعانيه‬
‫أما أسلوب الشعر يف هذا العصر فقد اختلف بشكل يسري عن‬
‫أسلوب الشعر اجلاهلي وذلك من خالل أتثره أبسلوب‬
‫القران وأسلوب احلديث وأتثره بعاطفة املسلم الرقيقة فالورع‬
‫والتقوى وخمافة هللا أوجدت أسلواب يبتعد‬
‫عن اجلفاء والغلظة واخلشونة اليت هي ابرز مسات الشعر اجلاهلي‬
‫ومن هنا فقد أصبح الشاعر اإلسالمي خيتار األلفاظ اللينة‬
‫والرتاكيب السهلة الواضحة اليت تؤدي املعىن بشكل دقيق‬
‫أما أوزان الشعر وأخيلته ونظام القصيدة فقد بقيت على ما‬
‫كانت عليه يف العصر اجلاهلي ألن مثل هذا التغيري‬
‫يتطلب وقتا ليس ابلقصري وأما معاين الشعر فقد اختلفت‬
‫بشكل كبري عن معاين الشعر اجلاهلي الذي مل يكن يقف عند‬
‫حد معني أو فكر حمدد ومن مث أصبح الشاعر يف‬
‫هذا العصر خيتار من املعاين ما خيدم اإلسالم ويدعوا إليه مستقيا‬
‫معظم هذه املعاين من القران واحلديث ولكن من غري املقبول أن‬
‫يقال إن معاين الشعر اإلسالمي قد انفصلت انفصاال اتما‬
‫عن معاين الشعر اجلاهلي ألن األدب اجلاهلي ‪-‬كما ذكر‬
‫سابقا‪ -‬هو املصدر الثالث من املصادر اليت يستقي منها األدب‬
‫اإلسالمي أفكاره وأساليبه وهلذا فان املعاين اليت أمهلها شعر‬
‫هي املعاين اليت نفاها اإلسالم فلم تعد صاحلة للبقاء كالشعر‬
‫الذي يدعوا للعصبية وكالغزل الفاحش واهلجاء املقذع واملدح‬
‫الكاذب ووصف اخلمر أما املعاين اليت مل ينفها اإلسالم فقد‬
‫بـقيـت متداولة لدى الشعراء مع تغري القيم اليت يعتمدون عليها‬
‫يف تلك املعاين فإذا كانت‬
‫قيم املدح يف اجلاهلية هي الشجاعة والكرم واجلود فإهنا‬
‫يف اإلسالم تعين التمسك ابلدين والتحلي حبسن اخللق والورع‬
‫والزهد وإذا كانت قيم الفخر يف اجلاهلية هي‬
‫األحساب والقبيلة فإهنا يف اإلسالم تعين االنتساب لإلسالم‬
‫وإتباع الرسول وهكذا يف بقية األغراض إال أن هذا ال مينع أن‬
‫جيمع الشاعر بني القيم القدمية والقيم اجلديدة اليت جاء‬
‫هبا اإلسالم‪.‬‬
‫وأخريا نشري إىل أن هناك موضوعات جدت وطرأت يف هذا‬
‫العصر كشعر الدعوة ونشر عقائد اإلسالم ووصف الفتوحات‬
‫اإلسالمية وأماكن اجلهاد كما وجدت يف هذا العصر البذرة‬
‫األوىل للشعر السياسي الذي برز فيما بعد يف عصر بين‬
‫أمية بسبب تعدد األحزاب السياسية‪.‬‬

‫النثر يف عصر صدر اإلسالم‬


‫يتجلى عصر صدر اإلسالم وهو عصر يبدأ بظهور اإلسالم إىل‬
‫هناية اخللفاء الراشدين ‪ .‬ومنت أبرز ما مييز به هذا العصر هو‬
‫حدوث التغيريات العامة واالنقالابت الشاملة من قيم حياة‬
‫اجلاهلية إىل حياة اإلسالمية ‪.‬‬

‫أ)‪ .‬العوامل اليت أثرت يف النثر يف عصر صدر اإلسالم‬


‫‪ -‬حتول النظم االجتماعية و القيم االجتماعية و العقائد الدينية‬
‫‪ -‬التغيري من انحية قيم اقتصادية و رقى عقلية العربية‬
‫‪ -‬احلاجة إىل نشر الدعوة وانقالب السياسة احلكومية‬
‫‪ -‬القران الكرمي‬
‫‪ -‬احلديث النبوي‬

‫ب)‪ .‬من بعض النماذج النثر يف عصر صدر اإلسالم‬


‫اخلطابة‬ ‫‪.1‬‬
‫منها خطبة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف حجة الوداع ‪:‬‬
‫احلمد هلل أمحده واستعينه ونعوذ ابهلل من شرور أنفسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا من يهد هللا فال مضل له ومن يضلله فال‬
‫هادي له ‪.......‬اخل‬
‫وأما أغراضها ‪:‬‬
‫حتميس اجليوش وحتريضهم على القتال‬ ‫‪-‬‬
‫للمصاحل الدينية‬ ‫‪-‬‬
‫للحث على التقوى وتقوية اإلميان‬ ‫‪-‬‬
‫وأما أسلوهبا ‪:‬‬
‫عذبة ألفاظها‬ ‫‪-‬‬
‫متانة أسلوهبا‬ ‫‪-‬‬
‫قوة أتثريها‬ ‫‪-‬‬
‫اقتباس من القران واحلديث النبوي‬ ‫‪-‬‬
‫انتهاجها منهجا يف اإلرشاد‬ ‫‪-‬‬
‫اإلقناع‬ ‫‪-‬‬
‫ابتدائها حبمد هللا والصالة على رسوله‬ ‫‪-‬‬
‫‪ .2‬الرسائل‬
‫كتب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل أهل جنران ‪:‬‬
‫‪....‬فإين أدعوكم إىل عبادة هللا من عبادة العباد ‪,‬‬
‫وأدعوكم إىل والية هللا من والية العباد‪......‬اخل‬
‫أغراض الرسائل ‪:‬‬
‫لنشر الدعوة إىل اإلسالم‬ ‫‪-‬‬
‫لتنظيم حكومة الدول‬ ‫‪-‬‬
‫لتقوية عماده‬ ‫‪-‬‬
‫لتوسيع احلكومة اإلسالمية‬ ‫‪-‬‬
‫وأسلوهبا ‪:‬‬
‫جزل األلفاظ‬ ‫‪-‬‬
‫قوة الرتاكيب‬ ‫‪-‬‬
‫اإلجيار والبساطة وخاليا من التطويل‬ ‫‪-‬‬
‫يبدأ ابلبسملة وختتم ابلسالم‬ ‫‪-‬‬
‫احلكم‬ ‫‪.3‬‬
‫قال علي كرم هللا وجهه ‪:‬‬
‫" رأي الشيخ خري من جلد الغالم " وقال‪" :‬الناس‬
‫أعداء ما جهل"‬
‫أغراض احلكم ‪:‬‬
‫ملقارنة حياة الناس وأتتى لتهذيب حياة املسلمني وتدعوا‬ ‫‪-‬‬
‫إىل العمل الصاحل ‪.‬‬
‫وأسلوهبا ‪:‬‬
‫‪ -‬موجز وبسيط يف األسلوب وجزيل يف األلفاظ ‪.‬‬
‫‪ .4‬الوصااي‬
‫كقول علي بن أىب طالب لولده حسن ‪ ,‬حيث يقول ‪:‬‬
‫" احفظ عىن أربعا وأربعا ما يفروك ما عملت معهن‬
‫أعىن الغىن العقل وأكرب الفقر احلمقى وأوحش الوحش العجب‬
‫وأكرم احلسب اخللق‪.......‬اخل‪.‬‬
‫أغراض الوصااي ‪:‬‬
‫لإلرشاد إىل حسن احلياة‬ ‫‪-‬‬
‫لتحسني املعاشرة يف احليات االجتماعية‬ ‫‪-‬‬
‫لعيش احد عيشة حسنة بني الناس‬ ‫‪-‬‬
‫لنظر الدعوة واإلظهار قيم األخالق اإلسالمية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وأسلوهبا ‪:‬‬
‫‪ -‬عبارة واضحة وبعمل موجز وبسيط دو التكلف مييل‬
‫إىل احلكمة و جزل األلفاظ‬

You might also like