Professional Documents
Culture Documents
الصيام منزلته و فضله
الصيام منزلته و فضله
إخبارا عن مريم -رضي هللا عنها ﴿ -:فَإِ َّما ت ََريِ َّن ِمنَ
ً الصيا ُم لغةً هو :اإلمساكُ ،يقالُ :صام اإلنسان إذا سكت وامتن َع عن الكالم ،قال هللا -تعالى -
ص ْو ًما فَلَ ْن أُك َِل َم ْاليَ ْو َم إِ ْن ِسيًّا ﴾ [مريم]26 :؛ أي :نذرتُ إمسا ًكا عن الكالم ،وكان مشروعًا في شريعتهم ال في ْالبَش َِر أ َ َحدًا فَقُو ِلي إِنِي نَذَ ْرتُ ِل َّ
لر ْح َم ِن َ
شريعتنا.
مكانة الصيام وفضله:
أوالً -مكانة صيام رمضان:
صيام رمضان أحد أركان اإلسالم ومبانيه ال ِعظام؛ فعن عبدهللا بن عمر -رضي هللا عنهما -قال :قال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم (( :-بُني
اإلسالم على خمس :شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدًا رسول هللا ،وإقام الصالة ،وإيتاء الزكاة ،والحج ،وصوم رمضان))؛ متفق عليه ،وفي لفظ
لمسلم(( :وصيام رمضان ،والحج)) ،فقال رجل :الحج ،وصيام رمضان ،قال :ال(( ،صيام رمضان والحج)) ،هكذا سمعته من رسول هللا -صلى
هللا عليه وسلم[1].
ثانيًا -فضل رمضان وصيامه:
ِلصيام رمضان فضائل كثيرة نُ ِ
وجزها فيما يلي:
الفضيلة األولى :أن من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غَفر هللا له ما تقدم من ذنبه؛ فعن أبي هريرة -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم -قالَ (( :من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ُ
غفر له ما تقدم من ذنبِه))؛ متفق عليه[2].
والمراد باإليمان :التصديق بوجوب صومه ،واالعتقاد بحق فرضيته ،وباالحتساب :طلب الثواب من هللا -تعالى -قال الخطابي -رحمه هللا -في
معنى االحتساب :هو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه ،طيبةً نفسه بذلك ،غير ُمستث ِقل لصيامه ،وال مستطيل أليامه؛ اهـ ] ،[3فهنيئًا لمن فرح
برمضان ،واستقبله بالبشر والسرور ،سعيدًا بلُقياه ،فَ ِر ًحا بعطاء ربه فيه ،فصامه كما أحب هللا َو ْفق شريعة هللا ،وحفظ فيه سمعه وب َ
صره ولسانه
حرم هللا ،هنيئًا له بمغفرة الذنوب ،ورضا عالم الغيوب.
وجوارحه عما َّ
خص هللا به شهر رمضان من أنه إذا دخل فُتِحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب ،و ُ
غلقت أبواب جهنم فلم يُفتَح منها باب ،كما في َّ الفضيلة الثانية :ما
سلسلت حديث أبي هريرة -رضي هللا عنه -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال(( :إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة ،و ُ
غ ِلقت أبواب جهنم ،و ُ
الشياطين))؛ ُمتَّفق عليه[4].
وذلك عالمةً لدخول هذا الشهر الكريم ي ِ
ُدركها أهل السماء ،ويَستش ِعرها أهل األرض المؤمنون بخبر الصادق المصدوق ،وفي هذا تعظيم لهذا
الشهر ،وإشعار بمكانته وحرمته ،وفيه إيذان بكثرة األعمال الصالحة فيه ،وترغيب للعاملين بطاعة هللا -تعالى -وإشعار بقلة المعاصي من أهل
اإليمان؛ ولهذا ت َكثُر الطاعات في هذا الشهر وتق ُّل ال ُمنكَرات ،ويُق ِبل المؤمنون على ربهم ،وفي علم المؤمنين بذلك تحفيز لهم وتشجيع على فعل
الطاعات وترك ال ُمنكَرات ،ورفع ل ِه َممهم ،ودعوة لهم إلى تعظيم هذا الشهر الكريم كما ع َّ
ظمه هللا -تعالى -بهذه الخصائص التي ال تَكون في غيره.
مردَتهم بالسالسل واألغالل تعظي ًما لهذا الشهر الكريم ،وليَمتنِعوا من
الفضيلة الثالثة :ما خص هللا به شهر رمضان من تصفيد الشياطين جميعًا أو َ
الحق،
ِ صلوا إلى ما يريدون من عباد هللا من اإلضالل عن
إيذاء المؤمنين وإغوائهم ،فال يَخلصوا إلى ما كانوا يَخلصون إليه في غير رمضان ،وال يَ ِ
والتثبيط عن الخير ،وهذا من معونة هللا لعباده المؤمنين ْ
أن حبَس عنهم عدوهم الذي يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير؛ ولذلك ت َِجد عند الناس
من الرغبة في الخير والعزوف عن الشر في هذا الشهر أكثر مما يكون في غيره من الشهور.
ُذر المكلَّف ،كأنه يقال له :قد ُكفَّت عنك الشياطين فال تتعلَّ ْل بهم في ْ
ترك الطاعة وال ِفعل وفي تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفعِ ع ِ
المعصية ،فما بقي إال هواك ون ْفسك األمارة بالسوء ،فلتكن قويًّا عليها تكبَح جماحها ،وتأطرها على الحق ً
أطرا ،وليعلم المسلم أنه كلما حافظ على
مجرد عادة ،لم يُحافظ عليه عما يَجرحه ،ولم يلتزم بآدابه كان
َّ صيامه والتزم بآدابه كان تأثير الشياطين عليه أق َّل وبُعدهم عنه أكبر ،وإذا كان صيامه
تأثيرها عليه بحسب بُعدِه عن الصيام الحقيقي.
الفضيلة الرابعة :أن هللا -تعالى -خص رمضان بليلة شريفة هي أشرف الليالي وأفضلها ،وهي ليلة القدر ،ولهذه الليلة فضائل كثيرة ،منها :أن هللا -
تعالى -أنزل فيها القرآن الكريم ،ومنها :أن ثواب العمل يُضا َعف فيها إلى ثواب ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ،ومنها :أن من قام هذه الليلة غفَر هللا
له ما تقدَّم من ذنبه[5].
الفضيلة الخامسة :أن من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفَر هللا له ما تقدَّم من ذنبه؛ فعن أبي هريرة -رضي هللا عنه -أن رسول هللا -صلى هللا عليه
وسلم -قال(( :من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا ُ
غفر له ما تقدم من ذنبه))؛ متفق عليه[6].