Professional Documents
Culture Documents
Dhel Al Nafidha
Dhel Al Nafidha
http://rwayatmash33rghalia.blogspot.com
2
مقدم
3
4
يف شارعنا الضيق ومع تقابل البناايت وتقارهبا رمبا نرى مابداخل
الشقق يف البناية املقابلة لنا إذا كانت مفتوحة النوافذ ,لذا حترص نساء
جيدا أو على األقل إسدال الستائر ..إال أان ! وملاذا
احلي على غلقها ً
أفعل والشقة املقابلة لشقيت هجرهتا صاحبتها منذ عام تقريبًا ,يقولون
أبهنا انتحرت أو رمبا هربت ..ال أحد يعلم ,وابلرغم من ذلك ُشرفتها
دائما مفتوحةً على مصرعيها ,تعبث هبا رايح الشتاء فأجفل من صوت
ً
ارتطامها ابحلائط ليبتسم زوجي متسليًا من هيئيت املرتعبة بال سبب .أما
ُ
اليوم فلقد كان األمر ُُمتل ًفا ,يبدو أنين سأُسدل ستائري أان األُخرى,
الشرفة املقابلة على غري
الحظت وأان أفتح انفذيت أان ُهناك من تقف يف ُ
دققت
ُ متاما ..تنظر يل وتبتسم! ,وعندما
املُتوقع ,كانت تقف قباليت ً
النظر فيها عرفتها ..رابه إهنا هي جاريت القدمية نفسها ..إذن فهي مل
تنتحر! ,مازالت على قيد احلياة ولكن ..ملاذا يظهر عليها تقدم السن
هبذا الشكل؟! ,وملاذا هي شاحبة هكذا وكأن دماء احلياة فرت منذ
شهور من وجهها؟! وكأهنا دخلت عقدها السادس فجأة ,لقد كانت
شابة مجيلة منذ عام واحد فقط فماذا حدث؟! تساؤالت وتساؤالت
5
وعقلي الشارد فيها مل ُيعد إىل الواقع إال برتبيتة من يد زوجي على كتفي
الشرفة املقابلة..
متساءال عن سبب وقفيت تلك حمدقة يف ُ
ً من اخللف
أشرد
الفارغة! :ها ..لقد عادت جارتنا ..كانت تقف أمامي قبل أن ُ
..أمل تشاهدها؟! كعادته املتسلية ببعض تصرفايت الغريبة يرفع كفه
ُ
ساخرا مين ويتكرر
ً جبانب رأسه يف حركة تدل على جنوين وينصرف
املشهد يوميًا ,كلما فتحت انفذيت أجدها تقف قباليت تنظر وتبتسم
ولغرابة املوقف يظهر من خلفها زجاج ابب شرفتها املفتوح والشروخات
الطويلة على اجلوانب ويف املنتصف كالسرطان منتشرة وكأن الزجاج
متهشما يف أي حلظة ,فتومهت أن تلك
ً ينتظر ملسة واحدة ليسقط
التصدعات هي السبب يف عدم ظهور انعكاس للمرأة فيه !! ولكن
قررت أن أقطع الشك ابليقني
كيف وأان أرى انعكاس واضح لنافذيت! ُ
وأُحدثها متسائلة عن أخبارها وأين اختفت فجأة ,فلم ترد ..واكتفت
أبن تُشري يل أبن أذهب إليها يف شقتها ,وكأنين استطعت قراءة عينيها
يف تلك اللحظة وعرفت أبنين سأعرف ما أريده عنها عندما فقط أذهب
إليها ..هناك! حتدثت مع زوجي فرفض ومل يُراعي فضويل خوفًا منه على
6
مسعيت يف احلي ,فمن هي اليت جترؤ على مصاحبة " أرملة ُمستباحة" .
كان هذا اللقب هو ما اطلقه عليها شباب احلي بعد أن توىف زوجها
وابتت تعيش وحدها دون رجل ,ال فرق بينها وبني املطلقة ..كالمها
ُ
ُمستباحة ..كالمها موصومة ابلعهر وإن كانت مرمي العذراء كالمها زهرة
تنتظر نغز األشواك من حوهلا من كل اجتاه ويف أية حلظة ..تطاول
العابثني حىت وضعوا يف ليلة من الليايل ُسلم خشيب ضخم وصلوا به إىل
الطابق األول حيث جدار شرفتها اخلارجي وكتبوا فوقه خبط ُُم َدر ُممور
لت أذكر وجه املرأة وهي
وبلون طالء فاقع " الليلة بـ 100جنية" الز ُ
تُطل مبعظم جسدها خارج سور الشرفة ُحماولة قراءة ما كتبوه عنها,
مازلت أمسع ضحكات رجال احلي ,مازلت أرى شحوب ومالحمها وقتئذ
وهي تسقط بداخل شرفتها وقد ختلت عنها قدميها كما ختلت الرمحة
أبدا تلك الليلة اليت مسعت
والشهامة عن جرياهنا رجال ونساء .ال أنسى ً
فيها صوت صراخها للحظات قليلة وكأهنا تستغيث وفجأة سكت
ففتحت انفذيت أنظر فالحظت
ُ صراخها فلم أتبني هل كانت هي أم ال
حركة غري عادية من خلف الستائر املسدلة وكأن أحدهم يطارها داخل
ُ
7
أيضا سكت كل شىء وأظلمت شقتها من تلك الليلة شقتها وفجأة ً
حىت انقضى العام .وهاهي تعود شاحبة عجوز تدعوين لزايرهتا ابإلشارة
فقط ..وزوجي يرفض ,الفضول قاتلي ال حمالة إن مل أذهب .ويف اليوم
التايل ضربت بكل شىء عرض احلائط وعزمت على الذهاب إليها,
وبداخلي يصرخ أن هناك خطأ ما ,أرتديت مالبسي بتوتر حىت تعثرت
أثناء خروجي من غرفة نومي بطرف سريري املغطى ابملفارش الباهتة واليت
ُ
جدا فلن
يوما ما وأان أقول لنفسي أن البناايت متقاربة ً
كانت بيضاء ً
يالحظ أحد خروجي من بناييت ودخويل للبناية املقابلة وإذا قابلت
إحداهن يف طريقها لنزول الدرج فسأتصنع صعودي للطابق الثاين وهكذا
موصدا فدخلت على الفور
ً لن يعرف أحد .مل يراين أحد ومل أجد الباب
وقفت ُهنيهة ألتقط أنفاسي اهلاربة
ُ أغلقت الباب خلفي كاللصوص,
و ُ
متاما ,ال أاثث وال أدوات كهرابية وال
وأنظُر يف الشقة حويل ,إهنا فارغة ً
أشخاص ..فقط الستائر على الشرفة تُالعبها الرايح هنا وهناك بال
اجتاه ,انديتها بصوت منخفض فلم ُُييبين إآل اجلدران املختنقة ابلوحدة
وابلغبار العالق فوقها طبقات فوق طبقات ,أغوتين الستائر املتالعبة
8
ابلدخول للشرفة فأخذتين قدماي إليها ببطء وحذر وكأنين أخشى أن
أيضا
الشرفة فارغة كالشقة ً أجدها ُهناك ..ولكن مل حيدث ,كانت ُ
فرفعت بصري إىل انفذيت بتلقائية وقد كانت املرة األوىل الىت أرى فيها
أيضا منذ عام أن
انفذيت من مكان مقابل هلا ..وقد كانت املرة األوىل ً
متاما " أرملة ..
أحلظ تلك العبارة املكتوبة على احلائط أسفل انفذيت ً
مستباحة ..الليلة بـ 100جنية" .
متت
9