You are on page 1of 16

‫الطبيعة القانونية للمقاطعة اإلدارية يف القانون اجلزائري‬

‫وعالقتها باجلماعات احمللية‬


The juridical nature of administrative departments in Algerian law
and its relationship with locals collectivities

benkhelifas40@yahoo.fr
2018 09 16 2018 05 30

*******
ّ :‫ملخّص‬
‫ مقاطعات إدارية في صورة‬،2015 ‫أنشأ املشرع الجزائري في إطار التنظيم اإلداري املحلي سنة‬
‫ خصها‬،‫ تعمل تحت سلطة الوالي‬،141/15 ‫ والتنفيذي‬140/15‫واليات منتدبة بموجب املرسومين الرئاس ي‬
‫ تتقاطع غالبيتها مع املهام املنوطة بالدائرة التي تبقى رغم وجودها اإلداري الذي يعود‬،‫املشرع بمهام معينة‬
‫ بحيث أنها لم تنظم‬،‫ محل جدل قائم حول وجودها القانوني الذي يكتنفه الكثير من الغموض‬،‫لعقود‬
.‫بموجب قانون وإنما ثم اإلشارة إليها فقط في بعض املراسيم عن طريق اإلشارة إلى رئيس الدائرة‬
‫إن إنشاء مثل هذا الجهاز قانونا يستوجب تحديد العالقة القانونية التي تربطه بسائر األجهزة‬
.‫ البلدية وأكثر منهما الدائرة‬،‫املحلية خاصة الوالية‬
.‫ عدم التركيز‬،‫ املصالح الخارجية للدولة‬،‫ الوصاية‬،‫ الدائرة‬،‫ الوالية املنتدبة‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract:
The Algerian legislator established in the farm of local administrative
organization in 2015, administrative department in the form of wilayas delegated
,in accordance of decrees 15/140 and 15/141, operating under the authority of the
wali. the legislator has attributed this departments of some tasks , intersected with
those attributed to the Daïra, which despite its administrative presence goes back
decades, is the subject of a controversy over its legal existence, in which is not
enveloped by the law but by the decrees, referring to Chief Daira.
The establishment of such a device requires the determination of the legal
relationship that binds it to other local devices more specifically the Wilaya, the
commune and Daïra.

876 2018 891 876 03 09


‫‪key words: Delegated wilaya, Daïra, tutelage, exteriors services state,‬‬
‫‪decentralization.‬‬
‫ّ‬
‫مقدّمـ ـ ــة‪ّ :‬‬
‫اتبعت الجزائر أسلوب الالمركزية بصفة تكميلية إلى جانب أسلوب املركزية اإلدارية الذي أخذته‬
‫بصفة أساسية‪ ،‬لكن ألن هذه األخيرة ال يمكن األخذ بها على إطالقها فإنها اتبعت أسلوب عدم التركيز‬
‫اإلداري للتخفيف من أعباء املركزية اإلدارية وبالتالي التخفيف من البيروقراطية وتقريب اإلدارة من‬
‫املواطن(‪ ،)1‬يقوم أسلوب عدم التركيز اإلداري على أساس فكرة التفويض(‪ ،)2‬وذلك بأن تعهد السلطات‬
‫املركزية‪ ،‬بعض صالحياتها إلى كبار املوظفين اإلداريين في الواليات واألقاليم كالوالي‪ ،‬رئيس الدائرة‪ ،‬مدراء‬
‫املصالح الخارجية للدولة أو ما يعبر عنهم باملدراء التنفيذيون على املستوى الوالئي‪ ،‬لكن دون منحهم‬
‫االستقالل القانوني أو انفصال األجهزة القائمين عليها عن اإلدارة املركزية وهذا ما يسمى بالتفويض في‬
‫السلطة‪.‬‬
‫من هذه األجهزة‪ ،‬الدائرة التي تعتبر في القانون الجزائري مصلحة خارجية لإلدارة املركزية‪ ،‬تــاب ـعــة‬
‫للواليـ ــة‪ ،‬وبالتالي امتدادا إقليميا لإلدارة املركزية على املستوى املحلي كجهة عدم تركيز منوط بها مهام‬
‫عديدة وهامة سواء بنصوص قانونية أو بالتفويض من الوالي‪ ،‬ورغم الجدل القائم بشأن وضعها القانوني‬
‫إال أن القانون الجزائري أثار إشكالية أخرى باستحداثه جهازا جديدا على املستوى املحلي أطلق عليه‬
‫الوالية املنتدبة‪ ،‬أثار جدال أكبر حيث الزال غير واضح املعالم على اعتبار أنه ال يمتلك الشخصية املعنوية‬
‫من جهة‪ ،‬ويحمل اسم "الوالية" وهي هيئة تحوز على الشخصية املعنوية من جهة أخرى مع إضافة‬
‫مصطلح "املنتدبة" والذي يعرف عند املشرع الجزائري بتحديد مهام معينة لجهاز إداري معين‪.‬‬
‫واملتمعن لهذه الواليات املنتدبة املستحدثة املنصوص عليها قانونا بمصطلح "املقاطعات اإلدارية"‬
‫يجدها في األصل كانت دوائر وحتى املهام املنوطة بها تتقاطع مع املهام الخاصة بالدوائر‪ ،‬إذن ما طبيعة‬
‫هذه املقاطعات وما عالقتها بباقي األجهزة اإلدارية على املستوى املحلي وخاصة الدائرة التي لم يذكرها‬
‫املرسوم الرئاس ي ‪)3(140/15‬املتعلق بإنشاء هذه الواليات فيما يخص إشراف هذه األخيرة عليها واكتفى‬
‫بذكر إشرافها على البلدية التي تعتبر جماعة إقليمية قاعدية وأكثر من ذلك ما الهدف من إنشاء هذا‬
‫الجهاز في األساس‪.‬‬
‫سنحاول اإلجابة على هذه اإلشكالية من خالل املبحثين التاليين‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الطبيعة القانونية لجهازي الدائرة واملقاطعة اإلدارية (الوالية املنتدبة)‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬العالقة القانونية للمقاطعة اإلدارية باألجهزة اإلدارية املحلية‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪877‬‬
‫املبحث األولّ ّ‬
‫الطبيعة القانونية لجهازي الدائرة واملقاطعة اإلدارية في القانون الجزائريّ ّ‬
‫يتميز التنظيم اإلداري املحلي في الجزائر بنوع من الخصوصية مقارنة بالتشريعات املقارنة حيث‬
‫يقسم إلى أجهزة إدارية تعلوها الوالية التي تشرف على عدة أجهزة من بينها الدائرة واملقاطعة اإلدارية‬
‫املستحدثة كمصالح غير ممركزة للدولة والبلدية كجماعة قاعدية‪ .‬وألن العالقة القانونية تظهر بشكل جلي‬
‫بين جهازين من نفس الطبيعة فإننا خصصناهما بالدراسة في مبحث كامل‪ ،‬نتعرض في األول للطبيعة‬
‫القانونية لجهاز الدائرة ونتعرض في الثاني للطبيعة القانونية لجهاز املقاطعة اإلدارية (الوالية املنتدبة)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الطبيعة القانونية لجهاز الدائرة ّ‬
‫رغم أن الدائرة ليس لها نظام قانوني كما هوالحال بالنسبة للبلدية إال أنها تتمتع بوجود مادي‬
‫واسع باعتبارها امتدادا إقليميا لإلدارة املركزية على املستوى املحلي كجهة عدم تركيز‪ ،‬فاملشرع اعتبرها‬
‫من أجهزة اإلدارة العامة للوالية‪ ،‬وبذلك سوف نتطرق إلى تعريف الدائرة (فرع أول) وإلى الطبيعة‬
‫القانونية لرئيس الدائرة (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف جهاز الدائرة‬
‫تعتبر الدائرة تقسيما إداريا داخل الوالية‪ ،‬حيث يقسم إقليم الوالية إلى عدة دوائر تضم كل‬
‫واحدة منها عدة بلديات وبالتالي هي ليست جماعة إقليمية وذلك حسب ما نص عليه الدستور الجزائري‬
‫في املادة ‪ 16‬منه التي حصرت الجماعات اإلقليمية في البلدية والوالية فقط(‪)4‬وهو نفس ما ذهبت إليه‬
‫مختلف الدساتير السابقة منذ االستقالل‪.‬‬
‫هذا االتجاه للمؤسس الدستوري تجسد بموجب القوانين حيث أن أول نص قانوني أشار إلى‬
‫الدائرة كتقسيم إداري هو األمر ‪ 38/69‬املتضمن قانون الوالية(‪)5‬في املادة ‪ 166‬منه‪ ،‬والذي جاء فيه أن‬
‫الدائرة هي تقسم إداري تعين حدوده الترابية أو تعدل أو تلغى بموجب مرسوم يصدر بناء على تقرير من‬
‫وزير الداخلية‪.‬‬
‫ورغم أن األمر ‪ 38/69‬الذي يعتبر أول نص قانوني ينظم جهاز الوالية بعد االستقالل‪ ،‬أشار إلى‬
‫الدائرة‪ ،‬إال أن القوانين التي عدلته أو التي ألغته وأهمها القانون ‪)6(09-90‬والقانون ‪)7(07-12‬لم تتطرق‬
‫إليها أبدا‪ ،‬فنظم جهاز الدائرة بعد إلغاء هذا األمر بموجب مراسيم تنظيمية حيث تم اإلشارة إلى الدائرة‬
‫تبعا لإلشارة إلى رئيس الدائرة‪ ،‬كاملرسوم التنفيذي ‪ 230-90‬املحدد لقائمة الوظائف السامية(‪ )8‬في اإلدارة‬
‫املحلية‪ ،‬واملرسوم التنفيذي ‪ 306-91‬املحدد لقوائم البلديات املنشطة من طرف رئيس الدائرة‪ ،‬وكذلك في‬
‫املرسوم التنفيذي ‪)9(215-94‬الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية وهياكلها وقبل ذلك باملرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 31-82‬املحدد لصالحيات رئيس الدائرة(‪.)10‬‬
‫تتم ـت ـع الدائرة بكـامـل صــالح ـيـات الوصاي ــة والرقابــة عــلى البـلديــات التــاب ـعــة لـه ـا (‪ ،)11‬بت ـفـويـض من‬
‫الوال ــي‪ ،‬ولي ــست عــلب ــة بــريد‪ ،‬فهــي تــلعب دورا هـامـا فــي عدم التـركــيز اإلداري فبالرغــم من السـلطـات‬

‫‪878‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬


‫املم ـنــوحة للبـلدي ــة فــي إط ــار الــالمــركــزي ــة‪ ،‬ن ـجـد أن الدولــة تقـوم ب ـمـراقــبة أمـوالـهـا‪ ،‬ممــتلكــات ـهـا ومــوظـفـيـها‬
‫بـواسـطـة الوصاية اإلدارية التي تقوم بها الواليــة والدائرة بتفويض من هذه األخيرة‪.‬‬
‫تن ـق ـســم الواليـة إلى دوائـر ال تتمتع بالشخصـية املعنويـة‪ ،‬ويــعين ع ــلى رأس كــل منــها رئـي ـس دائـرة‬
‫ي ـسـاعــده كـاتب عام‪ ،‬وه ـو ممثــل الوال ــي عــلى مســتوي إق ــلي ــمي‪ ،‬ي ـعــين ب ـمــرس ــوم رئ ــاس ــي‪ ،‬ويق ــوم بمساعدة‬
‫الوال ـي‪.‬‬
‫تـضــم الدائرة عــدة بــلدي ــات‪ ،‬يــنش ـط ـهــا رئ ـيـس الدائ ــرة‪ ،‬ورغم تبني الجزائر نسبيا ملفهوم الجماعات‬
‫املحلية في القانون الفرنس ي بعد االستقالل إال أنه ي ـخ ـتل ــف مع ـنــاهــا في القانون الفــرنــس ي ع ـنــه في القـ ــانــون‬
‫الج ـزائ ــري‪ ،‬فتعني الــدائــرة فــي القــانــون اإلداري الفــرن ــس ي ‪ Arrondissement‬هــي الك ـيــان اإلقليمي الذي‬
‫تق ـســم امل ـحــافظــة ‪ Département‬إلي ــه تق ـل ـيــدي ـا‪ .‬وقد تعــرضـت الدائ ـرة إال انتقادات عــديــدة فـي فــرن ـســا‬
‫بســبب مســاحــتهــا املحــدودة جــدا وعــدم تمــتع ـهــا بالش ـخ ـصــية االع ـت ـبــاريــة وكذلك بســبب كـل تــمثــيل‬
‫ديــمق ـراطي ف ـي ـهـا‪ ،‬نظ ـرا ل ـهــاتــه االنت ـقــادات دعا الب ـعــض إللغائها كت ـق ـســيم إداري إال أن هــذا األمر لــم‬
‫يتــحقق واكتفى فقــط باختصار عــددهـ ـا(‪ ،)12‬ويــتم ـتــع نــائــب امل ـح ــافظ ‪ Sous-Préfet‬الذي يشرف عليها‬
‫بقــلي ــل مـن الس ــلطــات الخــاص ــة ألن مه ـم ـتـه األساسية تكـمـن فــي إعــالم امل ـحــافظ بالــوضــع القــائـم فـي‬
‫دائــرتــه وت ـكـويــن ح ـل ـقــة وصــل بــين الب ــلديــات وامل ـحــافظــات(‪.)13‬‬
‫أما الدائرة في القانون الجزائري فهــي ع ـبــارة عــن مقــاطعــة إداريــة تــاب ـعــة للواليــة تن ـش ــأ بمــوجــب‬
‫مرسوم وزاري‪ ،‬وال تتمتع بالشخصية املعــنويــة‪ ،‬فلم يــرد ذكرها في املــادة ‪ 49‬من القــانـون املدنــي(‪)14‬واكتفى‬
‫املشرع فيها في إطــار املجـموعــة املحــلية بذكر الوالية والبــلديــة‪.‬‬
‫البد من اإلشارة هنا في إطار مفهوم عدم التركيز إلى أن املصادقة على املداوالت البلدية تكون من‬
‫قبل رئيس الدائرة رغم أن املــادة ‪ 57‬من قــانــون البـلدي ــة‪ ،‬نصت بصـريح الع ـبــارة أن الجهــات املخــولــة‬
‫للمصــادقــة عــلى املــداوالت تتمثل في والي الواليــة‪ ،‬ولم يــرد في هذا القــانون مــا ي ـشــير إلى أن الوالي ي ـمــارس‬
‫هــذه الوظيفة عن طريــق رئــيس الدائ ــرة الذي يأخذ ســلطت ــه في املص ــادقــة عــلى املداوالت بموجب تفــويــض‬
‫مــن الوالي استنادا للم ــرس ــوم التنفيذي ‪.215/94‬‬
‫وعليه ألهمية جهاز الدائرة في اإلدارة املحلية وأهم املصالح الخارجية للوالية‪ ،‬كان على املشرع أن‬
‫يعيره اهتماما أك ــبر‪ ،‬في ـخ ــصص له أح ـك ــامــا في ق ــانــون الوالي ــة الجديد ‪07/12‬فتنظيميا ه ــي الج ـهــة الوص ــيــة‬
‫األكثر اقترابا من الب ـلديـات ومتــابــعة أعمالها‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬املركز القانوني لرئيس الدائرة ّ‬
‫يعتبر منصب رئيس الدائرة من املناصب السامية في الدولة وبالتالي هو وظيفة سامية من وظائف‬
‫اإلدارة املحلية‪ ،‬فقبل سنة ‪ 1986‬كان رئيس الدائرة يعين بموجب قرار وزاري‪ ،‬تم أصبح بعد ذلك يعين‬
‫بموجب مرسوم تنفيذي بناء على اقتراح من وزير الداخلية وذلك حسب ما جاء في املادة ‪ 12‬من املرسوم‬
‫التنفيذي ‪)15(230/90‬املتضمن القانون األساس ي الخاص بالوظائف العليا في اإلدارة اإلقليمية‪ ،‬من بينهم‬
‫رئيس الدائرة‪ ،‬أما بعد سنة ‪ 1999‬فأصبح يعينه رئيس الجمهورية بموجب مرسوم رئاس ي وذلك بموجب‬
‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪879‬‬
‫املرسوم التنفيذي ‪ )16(239-99‬املتعلق بالتعين في الوظائف املدنية والعسكرية وهذا تطبيقا لنصوص‬
‫الدستور ‪ ،1996‬حيث بالرجوع إلى آخر تعديل له املشار إليه أعاله نجد املادة ‪ 92‬منه تنص على‪" :‬يعين‬
‫رئيس الجمهورية في الوظائف واملهام اآلتية وذكر من بينها الوظائف املدنية والعسكرية في الدولة"‪.‬‬
‫هذا التطور في تدرج النصوص التي يتم تعين رئيس الدائرة بها‪ ،‬يدل على األهمية القصوى التي يوليها‬
‫املشرع إلى هذا الشخص وإلى الصالحيات امللقاة على عاتقه بأن جعل تعيينه يكون من اختصاص أعلى‬
‫سلطة في الدولة أال وهي رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫وبذلك يعتبر رئيس الدائرة هو املتصدر لهرم الجهاز اإلداري بالدائرة وهو املسير وهو الذي يساعد‬
‫الوالي في تنفيذ القوانين والتنظيمات املعمول بها وقرارات الحكومة وقرارات املجلس الشعبي الوالئي‬
‫وكذلك قرارات مجلس الوالية‪ ،‬وهو الذي ينشط وينسق ويراقب أعمال البلديات امللحقة به‪ ،‬ويتصرف‬
‫كذلك في أية جهة يفوضها إليه الوالي(‪.)17‬وهذا االختصاص ظهر لرئيس الدائرة منذ املرسوم ‪ 31/82‬امللغى‬
‫املشار إليه أعاله‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 02‬منه على أنه يشرف رئيس الدائرة على تسيير الدائرة‪ ،‬تحث سلطة‬
‫الوالي السلمية باعتبارها مقاطعة إدارية تابعة للوالية لها‪.‬‬
‫في هذا اإلطار أوكل املشرع الجزائري لرئيس الدائرة الكثير من الصالحيات فجاء في املادة ‪ 10‬من‬
‫املرسوم ‪ 215-94‬املحدد ألجهزة اإلدارة العامة في الوالية وهياكلها اختصاصات رئيس الدائرة في إطار‬
‫القوانين والتنظيمات املعمول بها تحت سلطة الوالي وبتفويض منه‪ ،‬فهو ينسق وينشط عمليات تحضير‬
‫املخططات التنموية للبلديات وتنفيذها وفي هذا املجال تقوم البلدية بتحضير املخططات التنموية مع‬
‫مراعاة احتياجات السكان في ذلك وتوضع املشاريع املراد انجازها حسب األولويات‪ ،‬ترسل هده املخططات‬
‫املراد انجازها إلى رئيس الدائرة وفي هذا اإلطار يقوم رئيس الدائرة بتجسيد أهداف التنمية‪ ،‬كما يمكن‬
‫لرئيس الدائرة اقتراح التغيير في ترتيبها‪ ،‬ألنه يقوم تحت سلطة ورقابة الوالي وبتفويض منه باإلشراف على‬
‫كل التوجهات وينشطها ويشرف على تنفيذها(‪.)18‬‬
‫إضافة إلى ذلك يقوم رئيس الدائرة باملصادقة على مداوالت املجالس الشعبية البلدية وفق‬
‫الشروط التي يحددها القانون والتي يكون موضوعها امليزانيات والحسابات الخاصة بالبلديات والهيئات‬
‫البلدية املشتركة من بلديات تابعة لنفس الدائرة(‪ ،)19‬كما يقوم رئيس الدائرة بمراقبة املداوالت بدقة ولكل‬
‫وثائق امليزانية والحسابات ومدى مطابقتها للميزانية األولية واإلضافية وبعد التأكد من صحتها يصادق‬
‫رئيس الدائرة عليها ويحيلها إلى البلدية‪ ،‬مع العلم أن تنفيذ مثل هذه املداوالت مرتبط بمصادقة رئيس‬
‫الدائرة عليها من خالل التفويض املمنوح له‪ .‬كما يصادق على مداوالت املجالس الشعبية البلدية املتعلقة‬
‫بتعريفات حقوق مصلحة الطرقات وتوقف السيارات والكراء لفائدة البلديات‪.‬‬
‫ومن ضمن صالحيات رئيس الدائرة املصادقة على املداوالت التي تحدد شروط اإليجار التي ال‬
‫تتعدى مدتها تسعة (‪ )09‬سنوات‪ ،‬كما يمكن له تغيير تخصيص امللكية البلدية املخصصة للخدمة‬
‫العامة‪ ،‬باإلضافة إلى املصادقة على املناقصات والصفقات العمومية واملحاضر واإلجراءات‪ ،‬كما أن الهبات‬
‫والوصايا تعتبر من مكونات ممتلكات البلدية حيث يصادق رئيس الدائرة على مداوالت التي يكون‬
‫‪880‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬
‫موضوعها الهبات والوصايا املقدمة للبلدية‪ ،‬ويدخل في اختصاصاته املوافقة على قرارات ومداوالت تسيير‬
‫املستخدمين ماعدا تلك املتعلقة بحركات النقل وإنهاء املهام(‪.)20‬‬
‫كما يسهر رئيس الدائرة زيادة على ذلك على اإلحداث الفعلي والتسيير املنتظم للمصالح املترتبة‬
‫على ممارسة الصالحيات املخولة بموجب التنظيم املعمول به للبلديات التي ينشطها‪ ،‬إضافة إلى قيامه‬
‫بالحث والتشجيع لكل مبادرة فردية أو جماعية للبلديات التي ينشطها‪ ،‬والرامية إلى إنشاء الوسائل‬
‫والهياكل التي من شأنها تلبية االحتياجات األولية للمواطنين وتطبيق املخططات املحلية للتنمية‪.‬‬
‫وقد أكدت املادة ‪ 11‬من نفس املرسوم التنفيذي على نشر قرارات رئيس الدائرة في مدونة القرارات‬
‫اإلدارية للوالية‪.‬‬
‫يعين أمين عام بالدائرة‪ ،‬يساعد رئيس الدائرة في تنفيذ مهامه‪ ،‬كما ينشأ على مستوى الدائرة‬
‫مجلس شعبي يضم مسؤولي مصالح الدولة الذين يغطي نشاطهم البلديات التي ينشطها‪ ،‬ويعلم رئيس‬
‫الدائرة الوالي عن حال البلديات التي ينشطها ويعلمه دوريا بكل ما يختص بمهمته(‪.)21‬‬
‫كما يمكن لرئيس الدائرة إبداء رأيه في تعيين مسؤولي الهياكل التقنية التابعة للدائرة‪ ،‬ويعقد أسبوعيا وفي‬
‫دورة عادية اجتماعا يضم مسؤولي مصالح الدولة بالدائرة‪ ،‬وفي دورة غير عادية كلما اقتضت الظروف‬
‫ذلك‪ .‬ويحرر محاضر هذه االجتماعات ويرسل نسخة منها إلى الوالي‪.‬‬
‫وفي الحقيقة جل هذه الصالحيات هي في األصل من اختصاص الوالي‪ ،‬ألنه هو الوص ي على‬
‫البلديات التابعة لواليته ولكنه فوضها لرئيس الدائرة‪ ،‬ألنه يتعذر عليه القيام بها لكثرتها من جهة‬
‫ولتشتت البلديات وبعدها عن مقر الوالية من جهة أخرى‪ ،‬لولم ينش ئ املشرع الدوائر ويعين عليها رؤوساء‬
‫الدوائر ما كان يمكن للوالي أن يقوم بكل هذه الصالحيات املوجودة في مختلف البلديات‪ ،‬ومن هنا تظهر‬
‫لنا أهمية هذا الجهاز داخل هيئة الوالية في التنظيم الجزائري‪.‬‬
‫وعليه يعتبر رئيس الدائرة هو عين الوالي على املنطقة التي يرأسها ويسيرها‪ ،‬وعليه خالل ممارسة‬
‫مهامه ارتداء بذله خاصة السيما في املناسبات الرسمية أوحين معاينته لورشات األشغال وهوما جاء في‬
‫املرسوم التنفيذي ‪.)22( 248/15‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للمقاطعة اإلدارية ّ‬
‫استحدث املشرع الجزائري جهاز إداري في التنظيم اإلداري الجزائري أطلق عليه الوالية املنتدبة‪،‬‬
‫حيث حول بعض الدوائر املوجودة في مختلف الواليات إلى واليات منتدبة يسيرها والة منتدبون‪ ،‬حدد‬
‫املرسوم الرئاس ي السابق اإلشارة إليه ‪ 140/15‬املقاطعات التي استحدثت والبلديات والدوائر التابعة لها في‬
‫ج ـدول بامللح ـق التابع لهذا املرسوم وه ـذا حسب املادة الثانية منه‪ ،‬فما الطبيعة القانـونية للوالي املنت ـدب‬
‫(الفرع األول)‪ ،‬وماهي املصالح التابعة لهذه املقاطعة اإلدارية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪881‬‬


‫الفرع األول ‪:‬النظام القانوني للوالي املنتدب‪.‬‬
‫من خالل استقراءنا للتنظيم اإلداري الذي جاء به نظام محافظة الجزائر الكبرى بموجب املرسوم‬
‫التنفيذي ‪ ،480/97‬نالحظ التركيبة البشرية النوعية لبعض املوظفين ومنهم الوالة املنتدبين املشرفين على‬
‫الدوائر اإلدارية‪ ،‬كهيئات تتوسط والية الجزائر ومجموعة البلديات املوجودة على إقليمها‪ ،‬بدال عن الدائرة‬
‫تحت إشراف رئيس الدائرة التي كان معموال بها قبل نظام املحافظة‪ ،‬يعملون تحت سلطة الوزير محافظ‬
‫الجزائر الكبرى‪ ،‬هذه السلطة تحولت إلى والي والية الجزائر حاليا‪ ،‬نفس املبدأ تم تبنيه بإنشاء الواليات‬
‫املنتدبة‪ّ .‬‬
‫فيعتبر الوالي املنتدب الهيئة التنفيذية للوالية املنتدبة‪ ،‬وقد نص املرسوم الرئاس ي ‪240/99‬املتعلق‬
‫بالتعيين في الوظائف املدنية والعسكرية العليا‪ ،‬املشار إليه أعاله‪ ،‬على هذه الوظيفة على أساس أنها من‬
‫الوظائف السامية‪ ،‬حيث كان آنذاك في الجزائر العاصمة إضافة إلى الوالي‪ ،‬والة منتدبون ملساعدته نظرا‬
‫لحجم املهام لهذه الوالية‪.‬‬
‫يتم تعيين الوالي املنتدب من طرف رئيس الجمهورية‪ ،‬وذلك بموجب مرسوم رئاس ي وفي غالب‬
‫األحوال يعين من بين األمناء العامون ورؤساء الدوائر كما أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يعينه خارج هذه‬
‫الوظائف وهذا ما جاء في املرسوم الرئاس ي‪ . 240/99‬ويتم إنهاء مهام الوالي املنتدب بنفس اإلشكال التي‬
‫يتم بها التعيين‪ ،‬أي بموجب مرسوم رئاس ي وتكون غالبا دون تسبيب أو تبرير‪ ،‬كما تنتهي باالستقالة أو‬
‫الوفاة وغيرها من الحاالت التي تطبق علبها القواعد العامة التي تحكم الوظيفة العامة(‪.)23‬‬
‫يمارس الوالي املنتدب اختصاصات عديدة وهامة‪ ،‬تحت سلطة والي الوالية حيث يعتبر الوالي‬
‫املنتدب ممثال للدولة فيقوم بتنفيذ القرارات والتعليمات التي يتلقاها وذلك تحت سلطة والي الوالية‪.‬‬
‫وباستقراء األحكام الواردة في املرسوم الرئاس ي ‪ 140/15‬نالحظ أن املهام التي يقوم بها الوالي‬
‫املنتدب هي نفسها التي يقوم بها تقريبا رئيس الدائرة‪ ،‬حيث أن الوالي املنتدب ينشط وينسق ويراقب تحت‬
‫سلطة والي الوالية أنشطة البلديات التابع للمقاطعة اإلدارية وكذا مصالح الدولة املوجودة بها(‪ ،)24‬فأعطى‬
‫املشرع صالحيات تنشيط البلديات التابعة للمقاطعة إلى الوالي املنتدب لكن تحت سلطة والي الوالية‪.‬‬
‫كذلك بإمكان الوالي املنتدب أن يبادر بأعمال تأهيل املصالح واملؤسسات العمومية على املستوى‬
‫املقاطعة اإلدارية وبهذه الصفة وجب على مصالح الدولة إن تكيف توزيع املرافق العمومية التابعة لها‬
‫(‪.)25‬‬
‫وتزويدها بالوسائل املالية والبشرية واملادية الضرورية‬
‫كما يسهر تحت سلطة والي الوالية على تنفيذ القوانين والتنظيمات املعمول بها وقرارات الحكومة‬
‫ومجلس الوالية ومداوالت املجلس الشعبي الوالئي على مستوى املقاطعة اإلدارية وهي نفسها مهام رئيس‬
‫الدائرة (‪ ،)26‬كما يسهر الوالي املنتدب وتحت سلطة والي الوالية وبمساهمة مصالح أمن املقاطعة اإلدارية‬
‫على حفظ النظام العام واألمن العمومي‪ ،‬كما يمكنه أن يقترح على والي الوالية أي تدبير يراه ضروريا‬
‫لحفظ النظام العام و األشخاص واملمتلكات وهوما ورد في املادة السادسة من املرسوم الرئاس ي ‪.140/15‬‬

‫‪882‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬


‫كل هذه املهام املذكورة يقوم بها رئيس الدائرة في نطاق اختصاص الدائرة وهوما يجعلنا نتساءل‬
‫عن دور الوالي املنتدب وبالتالي الوالية املنتدبة وما الهدف من إنشاءها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق هناك بعض الوظائف التي حددها املشرع الجزائري يقوم بها الوالي املنتدب على‬
‫وجه الخصوص ويمكن القول بأنها هي ما يميزه عن رئيس الدائرة‪ ،‬لكن قد يقوم بها هذا األخير بتفويض‬
‫من الوالي‪ ،‬فنصت املادة السابعة على أنه" يكلف الوالي املنتدب تحت سلطة والي الوالية على الخصوص‬
‫بتحضير برامج التجهيز واالستثمار العمومي وتنفيذها ومتابعتها‪ ،‬السهر على السير الحسن للمصالح‬
‫واملؤسسات العمومية‪ ،‬وتنشيط ومراقبة أنشطتها تطبيقا للقوانين والتنظيمات املعمول بها‪ ،‬السهر على‬
‫احترام الشروط التنظيمية املتعلقة بالبناء والتهيئة والتعمير‪ ،‬السهر على تنفيذ التدابير املتعلقة بحفظ‬
‫البيئة وحمايتها‪ ،‬تنسيق املهام املتعلقة بالنشاط االجتماعي وبالصحة العمومية‪ ،‬ترقية األنشطة التفافية‬
‫والرياضية والشبابية‪ ،‬السهر على تطبيق القوانين والتنظيمات التي تحكم األنشطة التجارية‪ ،‬املبادرة بكل‬
‫إجراء تحفيزي لترقية التشغيل واإلدماج املنهي واالجتماعي‪ ،‬املبادرة بكل عمل يحفز التنمية االقتصادية‬
‫وترقية األنشطة الفالحية وتشجيع كل مبادرة تحفز االستثمار‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مصالح املقاطعة اإلدارية ّ‬
‫تتكون الوالية املنتدبة من اإلدارة العامة للمقاطعة اإلدارية (أوال) املديريات املنتدبة (ثانيا) مجلس‬
‫املقاطعة اإلدارية (ثالثا)‪.‬‬
‫ا‬
‫أول‪ :‬اإلدارة العامة للمقاطعة اإلدارية ّ‬
‫ّ‬
‫نصت املادة الثامنة من املرسوم الرئاس ي ‪ 140-15‬على أنه يزود الوالي املنتدب بإدارة تتشكل من‪،‬‬
‫أمانة عامة يديرها أمين عام‪ ،‬ديوان يديره رئيس الديوان ومديرية متدربة للتنظيم والشؤون العامة‬
‫واإلدارة املحلية يديرها مدير منتدب‪ ،‬تتفرع عند االقتضاء إلى مديرين منتدبين‪ ،‬وأحالنا في تحدد مهام‬
‫هذه الهياكل وتنظيمها وسيرها إلى التنظيم‪ ،‬وهوما تجسد في املرسوم التنفيذي ‪ 141/15‬املتعلق بتنظيم‬
‫املقاطعة اإلدارية(‪،)27‬ويعتبر مصطلح "املقاطعة اإلدارية" مصطلح أطلقه املشرع على الوالية املنتدبة‬
‫كمقاطعة تابعة للوالية وتشرف بدورها على مجموعة من الواليات‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى هذا املرسوم التنفيذي ‪ 141/15‬في املادة الرابعة منه نجد أن مهام األمين العام‬
‫للوالية املنتدبة الذي يعين بموجب مرسوم رئاس ي‪ ،‬والتي يباشرها تحت سلطة الوالي املنتدب تتمثل في‬
‫تنسيقه أنشطة مصالح وأجهزة الدولة وتنشيطها ومتابعتها‪.‬‬
‫كما ينسق ويتابع أنشطة املديرين املنتدبين وينشط ويتابع تنفيذ برامج التجهيزات العمومية‪،‬‬
‫ينظم اجتماعات مجلس املقاطعة اإلدارية التي يتولى أمانتها‪ ،‬ويكون رصيد الوثائق واملحفوظات وسيره‬
‫وينشط وينسق أعمال وأنشطة املصالح املكلفة بالتنشيط البلدي وبالتنظيم والشؤون العامة(‪.)28‬‬
‫تنظم األمانة العامة للمقاطعة اإلدارية في مصلحتين أو ثالث مصالح‪ ،‬تضم كل مصلحة أربع‬
‫مكاتب على األكثر‪ ،‬ويحدد تنظيم هذه املكاتب واملصالح بقرار مشترك بين الوزير املكلف بالداخلية‬

‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪883‬‬


‫والجماعات املحلية والوزير املكلف باملالية والسلطة املكلفة بالوظيفة العامة وهوما نصت عليه املادة‬
‫السادسة من نفس املرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته من خالل استقراء املادة السابعة من املرسوم التنفيذي ‪ 141/15‬هو تلقى‬
‫األمين العام للمقاطعة اإلدارية وفي حدود صالحياته تفويضا باإلمضاء من والي الوالية رغم أنه يعمل تحت‬
‫سلطة الوالي املنتدب واألصح في مجال التفويض اإلداري تلقي التفويض من السلطة التي تعلو السلطة‬
‫املفوض إليها وليس السلطة التي تعلو الجهة املفوضة مما يشكل غموضا في الطبيعة القانونية لكل من‬
‫الوالي املنتدب واألمين العام للوالية املنتدبة هوما يجعلنا نتساءل مرة أخرى عن أهمية منصب الوالي‬
‫املنتدب في تنظيم اإلدارة املحلية‪ .‬ونفس املالحظة بالنسبة لرئيس الديوان الذي يتلقى هو أيضا تفويضا‬
‫باإلمضاء من قبل الوالي حسب املادة ‪ 10‬من نفس املرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫هذا بالنسبة لألمانة العامة أما بالنسبة للديوان فيساعد الديوان‪ ،‬املوضوع تحت سلطة الوالي‬
‫املنتدب مباشرة والذي يديره رئيس الديوان‪ ،‬الوالي املنتدب في ممارسة مهامه تماما كالدور الذي يقوم به‬
‫رئيس الديوان الوالية بالنسبة للوالي‪ ،‬وبهذه الصفة يكلف على الخصوص بالعالقات الخارجية‬
‫والتشريفات‪ ،‬العالقة مع أجهزة اإلعالم والصحافة‪ ،‬التنسيق ومتابعة تنفيذ اإلجراءات التي تتخذ في إطار‬
‫(‪.)29‬‬
‫التنسيق مع مصالح األمن املوجودة في إقليم بلديات املقاطعة اإلدارية وينشط مصلحة البريـد ويراقبها‬
‫باستقراء املرسوم التنفيذي السالف الذكر نالحظ تشابه من حيث األجهزة مع تنظيم الوالية‬
‫فنجد الوالية املنتدبة تضم أيضا مصالح التنظيم والشؤون العامة واإلدارة املحلية حسب ما ورد في املادة‬
‫التاسعة منه وتجمع هاتين املصلحتين في مديرية منتدبة واحدة يديرها مدير منتدب يعمل تحت سلطة‬
‫الوالي املنتدب لكنه يمكنه تلقي التفويض باإلمضاء من الوالي مباشرة حسب ما جاء في املادة ‪ 10‬من نفس‬
‫املرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫لكن يمكن أن تنشأ مديريتان مستقلتان واحدة للتنظيم والشؤون العامة (‪ )DRAG‬وأخرى لإلدارة‬
‫املحلية (‪ ،)DAL‬وذلك إذا كانت طبيعة وحجم املهام تستدعي ذلك‪ ،‬يحدد تنظيم هده املديريات بقرار‬
‫مشترك بين الوزير املكلف بالداخلية والجماعات املحلية والوزير الكلف باملالية والسلطة املكلفة بالوظيفة‬
‫العامة(‪.)30‬‬
‫ا‬
‫ثاني ّا‪ :‬املديريات املنتدبة‬
‫استحدث املشرع الجزائري بموجب املرسومان املذكوران أعاله‪ ،‬الرئاس ي ‪ 140/15‬والتنفيذي‬
‫‪ 141/15‬مديريات منتدبة تقوم بمهام املصالح الخارجية للدولة أي املصالح غير ممركزة للدولة على‬
‫املستوى الوالئي‪ ،‬ولكن على مستوى املقاطعة اإلدارية فقط‪ ،‬وباستحداث هذه املصالح يكون املشرع اعتبر‬
‫الوالية املنتدبة تماما كجهاز الوالية عندما تكون هيئة غير ممركزة للدولة‪.‬‬
‫وقد أكدت املادة ‪ 13‬من املرسوم التنفيذي‪ 141/15‬على أن املدير املنتدب يقوم بنفس املهام التي‬
‫يقوم بها املدير الوالئي على مستوى املقاطعة اإلدارية‪ ،‬وعليه هناك لكل وزارة مديرية منتدبة تقوم بنفس‬

‫‪884‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬


‫املهام التي تقوم بها املديرية الوالئية حصرتها املادة ‪ 12‬من نفس املرسوم التنفيذي‪ ،‬نذكر على سبيل املثال‬
‫املديرية املنتدبة للطاقة‪ ،‬املديرية املنتدبة للتجارة املديرية املنتدبة للسكن والعمران والتجهيزات العمومية‪.‬‬
‫وما يؤكد صفة املدير املنتدب وعالقته مع الوالي في إطار العمل غير املمركز للوالية تكليف هذا‬
‫األخير للمدير املنتدب بمهام منوطة لقطاع آخر بعد أخذ رأي املوالي املنتدب‪ ،‬وهذا حسب املادة ‪،13‬‬
‫الفقرة الثانية من نفس املرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫تحدد مصالح ومكاتب املديريات املنتدبة بموجب قرار مشترك بين كل من الوزير املعني أو الوزراء‬
‫املعنيين ووزير املالية والسلطة املكلفة بالوظيفة العمومية بموجب املادة ‪ 15‬من املرسوم التنفيذي‬
‫‪.141/15‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬مجلس املقاطعة اإلدارية ّ‬‫ّ‬
‫يشكل مجلس املقاطعة اإلدارية اإلطار التشاوري ملصالح الدولة على مستوى املقاطعة اإلدارية‪،‬‬
‫واإلطار التنسيقي ألنشطتها‪ ،‬وأعمالها‪ ،‬السيما في مجال تنفيذ قرارات مجلس الوالية وهذا ما ورد في املادة‬
‫‪ 16‬من املرسوم التنفيذي ‪.141/15‬‬
‫يخضع سير مجلس املقاطعة اإلدارية لنفس القواعد املطبقة على مجلس الوالية‪ ،‬السيما تلك‬
‫املنصوص عليها بموجب املرسوم التنفيذي‪ 215/94‬الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية وهياكلها‬
‫وهذا ما جاء في نص املادة ‪ 17‬من املرسوم التنفيذي ‪ 141/15‬املتضمن تنظيم املقاطعة اإلدارية وسيرها‪.‬‬
‫وبالرجوع ألحكام املرسوم التنفيذي ‪215/94‬في املادة ‪ 18‬منه نجده منح ملجلس الوالية‪ ،‬اقتراح‬
‫وتنفيذ كل إجراء من شأنه أن يسهل تجسيد األهداف التي تنشدها الدولة‪ ،‬ويزيد في نتائج تنظيم املصالح‬
‫الخارجية للدولة وعملها باالتصال مع الوزير املختص‪.‬‬
‫أما فيما يخص دورات املقاطعة اإلدارية فيجتمع املجلس في دورة عادية مرتين في الشهر برئاسة‬
‫الوالي املنتدب‪ ،‬كما يمكن للمجلس ان يعقد اجتماعات غير عادية وذلك بناء على استدعاء من الوالي‬
‫املنتدب وذلك عندما يقتض ي الوضع ذلك وهوما نصت عليه املادة ‪ 19‬من املرسوم التنفيذي ‪.141/15‬‬
‫يجب على هذا املجلس تبليغ الوالي املنتدب بجميع املعلومات أو التقارير أو الدراسات أو‬
‫اإلحصائيات الالزمة ألداء مهام مجلس املقاطعة اإلدارية واطالعه‪ ،‬كما املديرين الوالئيين بانتظام بالشؤون‬
‫التي يضطلعون بها(‪.)31‬‬
‫املبحث الثاني ّ‬
‫العالقة القانونية للمقاطعة اإلدارية باألجهزة اإلدارية املحلية ّ‬
‫بعد استحداث جهاز جديد على املستوى املحلي في بعض الواليات في الجزائر فإنه ال بد من تبيين‬
‫العالقة التي تربط هذا الجهاز بمختلف األجهزة اإلقليمية سواء التي تنشط في إطار النظام املركزي أوفي‬
‫إطار النظام الالمركزي وخاصة جهاز الدائرة‪.‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪885‬‬


‫وتعتبر املقاطعة اإلدارية جهاز إداري غير واضح املعالم باعتبار أن املشرع لم يعطيها الشخصية‬
‫املعنوية ولم ينص عليها دستوريا‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة أخرى تطلق السلطة التنفيذية في الدولة على‬
‫هذا الجهاز "الوالية املنتدبة" وهي تسمية تتضمن شقين "الوالية" اسم يتعلق بجهاز له الشخصية املعنوية‬
‫وهو الوالية ومصطلح "منتدبة" الذي نقصد به بتخصيص القانون لجهة إدارية لتقوم بمهام معينة‪.‬‬
‫فمن خالل ما سبق ما طبيعة العالقة التي تربط املقاطعة اإلدارية بالدائرة على وجه الخصوص‬
‫(املطلب األول) وكذا بجهازي الوالية والبلدية (املطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬العالقة القانونية للمقاطعة اإلدارية بجهاز الدائرة ّ‬
‫باستقراء أحكام املرسومين ‪ 140/15‬و‪ 141/15‬املذكورين أعاله اللذان لم يشيرا صراحة لعالقة‬
‫الدائرة باملقاطعة اإلدارية على عكس إشارته لعالقة هذه األخيرة بالبلدية والوالية‪ ،‬يمكن القول أن‬
‫العالقة بين الجهازين هي عالقة سلطة رئاسية‪ ،‬حيث أن العالقة التي تربط رئيس الدائرة بالوالي املنتدب‬
‫هي عالقة الرئيس بمرؤوسه‪ ،‬حيث يخضع له ويراقبه كونه موظف تابع له رئاسيا‪ ،‬وذلك بالرجوع للملحق‬
‫التابع للمرسوم الرئاس ي ‪ 140/15‬الذي وضع قائمة املقاطعات اإلدارية املستحدثة والدوائر والبلديات‬
‫التابعة لها والتي تشرف عليها‪.‬‬
‫وعليه تؤدي هذه العالقة بين الجهازين إلى ممارسة السلطة الرئاسية من الوالي املنتدب على رئيس‬
‫الدائرة وهي التي تعتبر عنصر من العناصر النظام املركزي‪ ،‬تشمل مجموعة من االختصاصات التي يتمتع‬
‫بها الرئيس في مواجهة مرؤوسيه وأعمالهم لضمان عمل إداري أفضل‪ ،‬وهكذا يكون للوالي املنتدب الحق في‬
‫مراقبة األعمال التي يقوم بها رئيس الدائرة‪ ،‬له الحق في إجازتها أو تعديلها أو إبطالها وإصدار األوامر‬
‫وليس لرئيس الدائرة سلطة الرفض‪ ،‬فاملرؤوس يعتبر مسؤوال عن أعماله املفوضة له ألن التفويض يكون‬
‫في االختصاص وبذلك يكون رئيس الدائرة مسؤوال عن التصرفات املفوضة له من قبل الوالي‪ ،‬وبالتالي‬
‫فطبيعة عدم التركيز في الدائرة تكمن من خالل وجود سلم إداري‪ ،‬رقابة رئاسية والتفويض‪.‬‬
‫لكن بالرغم من هذه السلطة الرئاسية هناك مجموعة من املهام يقوم بها الوالي املنتدب هي‬
‫نفسها املهام التي خولها القانون لرئيس الدائرة (الفرع األول) وهي األصل ومهام أخرى ليست بكثيرة ينفرد‬
‫بها الوالي املنتدب دون رئيس الدائرة ( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تشابه املهام بين رئيس الدائرة ّوالوالي املنتدب ّ‬
‫منح القانون‪ ،‬الوالي املنتدب مهمة السهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات املعمول بها وقرارات‬
‫الحكومة ومجلس الوالية وكذا مداوالت املجلس الشعبي الوالئي على مستوى املقاطعة اإلدارية تحت‬
‫سلطة الوالي وذلك حسب املادة الخامسة من املرسوم الرئاس ي ‪ 140/15‬وهي املهام التي يقوم بها رئيس‬
‫الدائرة استنادا للمرسوم التنفيذي ‪ 215/94‬املحدد ألجهزة اإلدارة العامة في الوالية‪ ،‬لكن هذا األخير عبر‬
‫عنها بمساعدة رئيس الدائرة للوالي في ممارستها‪ ،‬بمعنى أن الوالي يقوم بها ويساعده في ذلك رئيس الدائرة‬
‫حيث نصت املادة التاسعة من هذا املرسوم التنفيذي على "يساعد رؤساء الدوائر‪ ،‬الوالي في تنفيذ‬

‫‪886‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬


‫القوانين والتنظيمات املعمول بها وقرارات الحكومة وقرارات املجلس الشعبي الوالئي وكذلك قرارات‬
‫مجلس الوالية‪".‬‬
‫إذن هذه املهام يقوم بها الوالي املنتدب تحت سلطة الوالي ويقوم بها رئيس الدائرة في إطار‬
‫مساعدته للوالي لكن في الواليات التي ال تتضمن مقاطعات إدارية وهذا يجعلنا أمام ثالث احتماالت‬
‫بالنسبة لرئيس الدائرة عندما نكون بصدد واليات تتضمن والية منتدبة‪ ،‬فإما أن رئيس الدائرة ال يقوم‬
‫بتاتا بهذه املهام إال في إطار التفويض من الوالي املنتدب أوأنه يقوم بها في إطار مساعدته للوالي وفي هذا‬
‫االحتمال األخير ش يء من الغموض من منطلق أن رئيس الدائرة يعلوه الوالي املنتدب فهل سيساعد موظف‬
‫السلطة السلمية التي تعلو السلطة التي تعلوه وهوما يعلنا نستفسر عن موضع نص املادة ‪ 09‬من‬
‫املرسوم التنفيذي ‪ 215/94‬بالنسبة لرؤساء دوائر الواليات املنتدبة‪ ،‬خاصة وأن املرسومين ‪140/15‬‬
‫و‪ 141/15‬املذكوران أعاله سكتا عن توضيح وضع رئيس الدائرة بالنسبة للوالي املنتدب وكذا الوالي‬
‫بالنسبة للواليات التي تشمل مقاطعات إدارية‪.‬‬
‫أما االحتمال الثالث فهو األقرب إلى املنطق حيث أن رئيس الدائرة يقوم بمساعدة الوالي املنتدب‬
‫وليس الوالي في مهمة تنفيذ القوانين والتنظيمات وقرارات الحكومة‪ ،‬فرئيس الدائرة يمثل الوالي املنتدب‬
‫على مستوى دائرته وهو بمثابة جهاز تنفيذي بتفويض من الوالي املنتدب‪.‬‬
‫هذا الغموض القانوني ينطبق على باقي املهام التي يقوم بها رئيس الدائرة وكذا الوالي املنتدب‬
‫حيث أن كالهما ينشطان وينسقان ويراقبان تحت سلطة والي الوالية أنشطة البلديات التابع للمقاطعة‬
‫اإلدارية وكذا مصالح الدولة املوجودة بها‪ ،‬وعليه نسجل نفس املالحظة بخصوص تنفيذ هذه املهام‬
‫بالنسبة لرئيس الدائرة في وجود والي منتدب في الوالية‪.‬‬
‫البد من القول في األخير أن إعطاء القانون نفس االختصاصات لجهازين إداريين أحدهما يعلو‬
‫الثاني فيه إشكال قانوني كبير‪ ،‬مما يجعلنا نتساءل عن األولية في ممارسة هذه املهام بين الجهازين في‬
‫املقاطعات اإلدارية التي تشمل على دوائر كاملقاطعة اإلدارية" بني عباس "ودائرة "بني عباس"‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تميز مهام الوالي املنتدب عن رئيس الدائرة‬
‫وفي هذا السياق هناك بعض الوظائف التي حددها املشرع الجزائري يقوم بها الوالي املنتدب على‬
‫وجه الخصوص ويمكن القول بأنها هي ما يميزه عن رئيس الدائرة‪ ،‬لكن قد يقوم بها هذا األخير بتفويض‬
‫من الوالي‪ ،‬فنصت املادة السابعة من املرسوم الرئاس ي ‪ 140/15‬على أنه " يكلف الوالي املنتدب تحت‬
‫سلطة والي الوالية على الخصوص بتحضير برامج التجهيز واالستثمار العمومي وتنفيذها ومتابعتها‪ ،‬السهر‬
‫على السير الحسن للمصالح واملؤسسات العمومية‪ ،‬وتنشيط ومراقبة أنشطتها تطبيقا للقوانين‬
‫والتنظيمات املعمول بها‪ ،‬السهر على احترام الشروط التنظيمية املتعلقة بالبناء والتهيئة والتعمير‪ ،‬السهر‬
‫على تنفيذ التدابير املتعلقة بحفظ البيئة وحمايتها‪ ،‬تنسيق املهام املتعلقة بالنشاط االجتماعي وبالصحة‬
‫العمومية‪ ،‬ترقية األنشطة التفافية والرياضية والشبابية‪ ،‬السهر على تطبيق القوانين والتنظيمات التي‬

‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪887‬‬


‫تحكم األنشطة التجارية‪ ،‬املبادرة بكل إجراء تحفيزي لترقية التشغيل واإلدماج املنهي واالجتماعي‪ ،‬املبادرة‬
‫بكل عمل يحفز التنمية االقتصادية وترقية األنشطة الفالحية وتشجيع كل مبادرة تحفز االستثمار‪.‬‬
‫كما يسهر الوالي املنتدب وتحت سلطة والي الوالية وبمساهمة مصالح أمن املقاطعة اإلدارية على‬
‫حفظ النظام العام واألمن العمومي‪ ،‬كما يمكنه أن يقترح على والي الوالية أي تدبير يراه ضروري لحفظ‬
‫النظام العام وأمن األشخاص واملمتلكات وهوما ورد في املادة السادسة من املرسوم الرئاس ي ‪.140/15‬‬
‫إذا كنا أنشأنا مقاطعة إدارية تشرف على مجموعة من الدوائر من الوالية دون باقي الدوائر فيهاكما‬
‫هو مبين في امللحق التابع للمرسوم الرئاس ي ‪ ،140/15‬فمن يقوم بنفس املهام ونفس اإلشراف الذي تقوم‬
‫به املقاطعة اإلدارية على باقي دوائر الوالية التي لم ننشأ لها هذا الجهاز املستحدث‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫للمقاطعة اإلدارية بني عباس بالنسبة لدوائر بني عباس‪ ،‬كرزاز‪ ،‬الواتة‪ ،‬تبلبالة‪ ،‬أوالد خضير وإيقلي‪،‬‬
‫فاملهام التي تقوم بها الوالي املنتدب والتي هي غير املنوطة برئيس الدائرة من يقوم بها بالنسبة لدائرة بني‬
‫ونيف مثال‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬العالقة القانونية للمقاطعة اإلدارية بالجماعات املحلية ّ‬
‫إن إنشاء والية منتدبة كمقاطعة على املستوى املحلي تبرز أهمية إبراز العالقة القانونية بين هذا‬
‫الجهاز والوالية كجماعة محلية (الفرع األول) وبينه وبين البلدية كجماعة إقليمية قاعدية في الدولة (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العالقة القانونية للمقاطعة اإلدارية بالو ّلية ّ‬
‫يعتبر جهاز الوالية في الجزائر كما سبق بيانه جماعة إقليمية في الدولة‪ ،‬وبإحداث املشرع الجزائري‬
‫ملقاطعة إدارية في شكل والية منتدبة داخل الوالية‪ ،‬البد أن يخلق عالقة قانونية بين الجهازين‪ ،‬ظهرت من‬
‫خالل املرسوم الرئاس ي ‪.140/15‬‬
‫فتتمثل العالقة بينهما من حيث املقاطعة اإلدارية جهاز تابع إداريا للوالية‪ ،‬فيعمل الوالي املنتدب‬
‫تحت سلطة الوالي‪ ،‬وهوما نصت عليه صراحة املواد من ‪ 03‬إلى ‪ 07‬من نفس املرسوم‪ ،‬حيث نصت املادة‬
‫الثالثة "ينشط والي منتدب وينسق ويراقب تحت سلطة والي الوالية‪ ،"......‬ونصت املادة الخامسة على‬
‫"يسهر الوالي املنتدب‪ ،‬تحت سلطة الوالي على تنفيذ القوانين والتنظيمات املعمول بها وقرارات الحكومة‪"....‬‬
‫وأيضا بينت املادة السادسة االختصاصات التي يمارسها الوالي املنتدب تحت سلطة الوالي فيسهر الوالي‬
‫املنتدب على حفظ النظام العام واألمن العمومي‪.‬‬
‫كما نصت املادة السابعة على "يكلف الوالي املنتدب‪ ،‬تحت سلطة والي الوالية‪ ،‬تحضير برامج‬
‫التجهيز واالستثمار العمومية وتنفيذها وتنميتها‪ ،‬السهر على السير الحسن للمصالح واملؤسسات العمومية‪،‬‬
‫السهر على احترام الشروط التنظيمية املتعلقة بالبناء والتهيئة والتعمير والسهر على تنفيذ التدابير املتعلقة‬
‫بحفظ البيئة وحمايتها"‪ ،‬وغيرها من االختصاصات‪.‬‬
‫وبالتالي يعمل الوالي املنتدب عند ممارسته لالختصاصات املذكورة في املواد أعاله تحت سلطة‬
‫الوالي استنادا ملقتضيات السلطة الرئاسية بما تفرضه من الرقابة اإلدارية‪.‬‬
‫‪888‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬
‫كذاك إلى جانب ممارسة الصالحيات تحت رقابة الوالي‪ ،‬يمكن للوالي املنتدب الحصول على‬
‫تفويض باإلمضاء من الوالي في حدود اختصاصه يمنحه صفة اآلمر بالصرف وذلك حسب املادة ‪ 12‬من‬
‫املرسوم الرئاس ي ‪ ،140/15‬واألمر الغريب في هذا اإلطار هو حصول املدراء املنتدبون على نفس التفويض‬
‫من الوالي‪ ،‬وهوما ورد في الفقرة الثانية من املادة ‪ 12‬من نفس املرسوم‪ ،‬فبالرجوع ملبادئ القانون اإلداري‬
‫التي تحكم قواعد التفويض ال يمكن للسلطة السلمية منح التفويض سواء بالتوقيع أو اإلمضاء لجهة‬
‫تدنو الجهة التي تدنوها مباشرة فهذا انتهاك ملبدأ التدرج اإلداري الذي يعتبر أحد عناصر السلطة السلمية‬
‫في النظام املركزي‪.‬‬
‫ويلزم كل من الوالي املنتدب واملدراء املنتدبون إعالم الوالي بكل العمليات التي يقومون بها في إطار‬
‫هذا التفويض وهوما أضافته املادة ‪ 12‬في الفقرة الرابعة منها‪ ،‬عالوة على إرسال الوالي املنتدب ولو بما‬
‫يحصل على هذا التفويض بتقرير كل شهر على الوضعية العامة في املقاطعة وهذا بناء على املادة ‪ 13‬من‬
‫نفس املرسوم الرئاس ي‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬العالقة القانونية للمقاطعة اإلدارية بالبلدية ّ‬
‫إن العالقة التي تربط املقاطعة اإلدارية بالبلدية اختزلتها مادتين من املرسوم الرئاس ي ‪140/15‬‬
‫وهما املادتان ‪ 02‬و‪03‬حيث جاء في الثانية بأنه تحدث داخل بعض الواليات مقاطعات إدارية يسيرها والة‬
‫منتدبون وتحدد قائمة البلديات التابعة لها في الجدول امللحق باملرسوم التنفيذي املذكور‪ ،‬أما املادة‬
‫الثالثة منه ورد فيها بأن الوالي املنتدب ينشط ويراقب تحت سلطة والي الوالية أنشطة البلديات التابعة‬
‫للمقاطعة اإلدارية وكذا مصالح الدولة املوجودة بها‪.‬‬
‫وباستقراء هاتين املادتين نالحظ أن الدور الذي تقوم به املقاطعة اإلدارية في مواجهة البلدية هو‬
‫نفسه الدور الذي تقوم به الدائرة ويعني ذلك بأن الوالية املنتدبة ستقوم بدور اإلشراف واملراقبة‬
‫والتنشيط للبلديات التابعة لها بموجب القانون‪ ،‬وهوما يجعلنا نثير نفس اإلشكال الذي أثير سابقا‬
‫بالنسبة للعالقة بين الدائرة والبلدية‪ ،‬من حيث أن عضو معين يشرف ويراقب وأحيانا يمارس الوصاية‬
‫بموجب التفويض‪ ،‬على شخص منتخب وهو الحال بين رئيس الدائرة ورئيس البلدية من جهة وبين الوالي‬
‫املنتدب ورئيس البلدية من جهة أخرى‪ ،‬وهذا اإلشكال يأخذنا إلى إشكال ثاني يتعلق بمدى خضوع رئيس‬
‫البلدية في نفس الوقت لكليهما فلمن يخضع من باب أولى للوالي املنتدب الذي يمارس نفسه سلطة سلمية‬
‫على رئيس الدائرة أو يخضع لهذا األخير الذي يمارس نفس مهام الوالي املنتدب على البلدية‪.‬‬
‫الخاتم ــة‪:‬‬
‫نصل في األخير إلى أنه يجب إعادة االعتبار لجهاز البلدية بصفتها قاعدة لالمركزية اإلدارية املكرسة‬
‫دستوريا‪ ،‬وتحديد االختصاصات املوكلة لها تحديدا دقيقا على اعتبار أن املشرع ذكرها على سبيل العموم‬
‫سواء في القانون ‪ 10/11‬أو املراسيم التنفيذية الصادرة منذ ‪ 1980‬املتعلقة بالبلدية‪ .‬وكذا يستوجب‬

‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪889‬‬


‫إعادة التقسيم اإلداري البلدي على أساس معايير اقتصادية وليس جغرافية بحيث تكون البلدية النامية‬
‫مكملة للبلدية األقل نموا‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يجب إعادة النظر في معايير الترشح ملنصب رئيس املجلس الشعبي البلدي التي‬
‫يجب أن تقوم على الكفاءة العلمية والخبرة اإلدارية حتى يمكنه من التكفل باملهام املوكلة إليه وعدم‬
‫السماح لرئيس الدائرة بفرض الوصاية عليه‪ ،‬ولو أننا نميل هنا إلى الرأي القائل بضرورة إتباع نظام‬
‫التعيين لهذا املنصب عوض االنتخاب أو بعبارة أخرى فصل املهام بين منصب رئيس املجلس الشعبي‬
‫البلدي الذي يقوم على االنتخاب ويقوم بمهام سير املجلس‪ ،‬ومنصب رئيس البلدية القائم على التعيين‬
‫واملكلف كهيئة تنفيذية بتسيير البلدية‪.‬‬
‫أما بالنسبة الستحداث جهاز املقاطعة اإلدارية "الوالية املنتدبة" في التنظيم اإلداري الجزائري لم‬
‫يضف شيئا إلى هذا التنظيم سوى الغموض والخلط في املهام خاصة بين الوالي املنتدب ورئيس الدائرة‪،‬‬
‫حيث تقاطعت أهداف الجهازين من حيث أنهما يعمالن على تخفيف العمل عن الوالي ومساعدته‪ .‬فتعتبر‬
‫الوالية املنتدبة في طبيعتها القانونية أحيانا كالدائرة من حيث املهام املنوطة بها ومن حيث عالقة الوالي‬
‫املنتدب بالوالي تماما كعالقة الوالي برئيس الدائرة وأحيانا كالوالية من حيث طبيعة األجهزة والهياكل‬
‫التابعة لها فنجد األمين العام‪ ،‬الديوان وكذا مجلس املقاطعة الذي يخضع في سيره لنفس القواعد‬
‫املطبقة على مجلس الوالية‪.‬‬
‫هذا ما يجعلنا نتساءل عن دور الوالي املنتدب وبالتالي املقاطعة اإلدارية املشرف عليهاوما الهدف‬
‫من إنشائها خاصة وأن كل هذه املقاطعات تقع في واليات جنوبية‪ ،‬فهل إنشاؤها يعود لعوامل جغرافية‬
‫تتعلق بشساعة الواليات في الجنوب مثال؟ !!‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الهوامش‪ّ :‬‬
‫(‪ )1‬املواد ‪ 14 ،13 ،12‬من املرسوم التنفيذي ‪ 131-28‬الصادر في ‪1988 /07/04‬الذي ينظم العالقة بين اإلدارة واملواطن‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪87‬‬
‫الصادر في ‪.1988./07/27‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪Yves BOUSSOLE, Délégations de pouvoir, de fonctions, Territorial éditions, France, 2009, p.34.‬‬
‫(‪ )3‬املرسوم الرئاس ي ‪ 140/15‬رقم ‪ 140-15‬الصادر في ‪ 2015/05/17‬املتضمن إحداث مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات وتحديد بعض‬
‫القواعد الخاصة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 29‬الصادرة في ‪.2015/05/31‬‬
‫(‪ )4‬دستور سنة ‪ 1996‬املعدل واملتمم بالقانون ‪ 01-06‬املتضمن التعديل الدستوري الصادر في ‪ 2016/03/06‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 14‬الصادرة في‬
‫‪.2016/03/07‬‬
‫(‪ )5‬األمر ‪ 38-69‬املتضمن قانون الوالية الصادر في ‪ ،1969/05/22‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 44‬الصادرة ‪( .1969/05/23‬امللغى)‬
‫(‪ )6‬القانون ‪ 09/90‬الصار في ‪ 1990/04/07‬املتعلق بالوالية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 15‬الصادرة في ‪(.1990/04/11‬امللغى)‬
‫(‪ )7‬القانون ‪ 07/12‬الصادر في‪ 2012/02/21‬املتعلق بقانون الوالية ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 12‬الصادرة في ‪.2012/02/29‬‬
‫(‪ )8‬املرسوم التنفيذي ‪ 230/90‬الصادر في‪ 1990/07/25‬املتعلق بتحديد أحكام القانون األساس ي الخاص باملناصب والوظائف العليا في اإلدارة‬
‫املحلية‪ .‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 31‬الصادرة في ‪.1990/07/ 28‬‬

‫‪890‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬


‫(‪ )9‬املرسوم التنفيذي ‪ 215/94‬الصادر في ‪ 1994/07/23‬الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية وهياكلها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 48‬الصادرة في‬
‫‪.1994/07/27‬‬
‫(‪ )10‬املرسوم ‪ 31/82‬الصادر في ‪ 1982/01/23‬املتعلق بصالحيات رئيس الدائرة ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 04‬الصادرة في ‪.1982/01/26‬‬
‫(‪ )11‬شويح بن عثمان‪ ،‬دور الجماعات املحلية في التنمية املحلية‪ ،‬دراسة حالة البلدية‪ ،‬مذكرة ماجيستير في القانون العام‪،2011/2010 ،‬‬
‫جامعة تلمسان‪ ،‬ص‪25.‬‬
‫(‪ )12‬أحمد محيو‪ ،‬محاضرات في املؤسسات اإلدارية ـترجمة الدكتور عرب صاصيال‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ب‪.‬س‪.‬ن‪ ،‬ص‪.279.‬‬
‫)‪(13‬‬
‫‪Chabane BENAKEZOUH,La Déconcentration en Algérie,du centralisme au déconcentralisme, Office des‬‬
‫‪publications universitaires, 1984, p.106 et 107.‬‬
‫(‪ )14‬األمر رقم ‪ 58-75‬الصادر في ‪ 1975/09/26‬املتضمن القانون املدني املعدل واملتمم بالقانون رقم ‪ 05-07‬الصادر في ‪،2007/05/13‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 32‬الصادرة في ‪.2007/05/13‬‬
‫(‪ )15‬املرسوم التنفيذي ‪230/90‬املتضمن القانون األساس ي الخاص باملناصب العليا في اإلدارة املحلية ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 31‬الصادرة في ‪/07/28‬‬
‫‪(.1990‬ملغى)‬
‫(‪)16‬‬
‫املرسوم الرئاس ي ‪ 240/99‬الصادر في ‪ 1990/10/17‬املتضمن التعيين في املناصب والوظائف العليا في اإلدارة املحلية ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 76‬الصادرة في ‪.1999/10/31‬‬
‫(‪ )17‬املادة ‪/09‬ف‪ 2‬وف‪ 3‬من املرسوم التنفيذي ‪.215/94‬‬
‫(‪ )18‬املادة ‪/10‬ف‪ 2‬من املرسوم التنفيذي ‪.215/94‬‬
‫(‪ )19‬املادة ‪ /10‬ف‪ 3‬من املرسوم التنفيذي ‪.215/94‬‬
‫(‪ )20‬علي بن ترجا هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106.‬‬
‫(‪ )21‬املادة ‪ 13‬من املرسوم التنفيذي ‪.215/94‬‬
‫(‪ )22‬املرسوم التنفيذي ‪ 248/15‬الصادر في ‪ 2015/09/23‬الذي يحدد بذلة خاصة يرتديها الوالة ورؤساء الدوائر ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم‪ 51‬الصادرة في‬
‫‪.2015/09/27‬‬
‫(‪ )23‬املادة ‪ 216‬من األمر ‪ 03/06‬الصادر في ‪ 2006/07/15‬املتضمن القانون األساس ي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 46‬الصادرة في‬
‫‪.2006/07/16‬‬
‫(‪ )24‬املادة الثالثة من املرسوم الرئاس ي ‪.140-15‬‬
‫(‪ )25‬املادة الرابعة من نفس املرسوم الرئاس ي‪.‬‬
‫(‪ )26‬املادة الخامسة من نفس املرسوم الرئاس ي‪.‬‬
‫(‪ )27‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 141-15‬الصادر في ‪ 2015/05/17‬املتضمن تنظيم املقاطعة اإلدارية وسيرها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج رقم ‪ 29‬الصادرة في‬
‫‪.2015/05/31‬‬
‫(‪ )28‬املادة الخامسة من املرسوم التنفيذي ‪.141/15‬‬
‫(‪ )29‬املادة الثامنة من نفس املرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫(‪ )30‬املادة ‪ 11‬من نفس املرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫(‪ )31‬املادة ‪ 20‬من نفس املرسوم التنفيذي‪.‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪891 876‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪891‬‬

You might also like