Professional Documents
Culture Documents
حول فلسفة تعليم العلوم المدرسية في سورية
حول فلسفة تعليم العلوم المدرسية في سورية
العامة
ّ تأسست عام ،2015مق ّرها مدينة دمشق ،تُعنى بالسياسات ٌ
بحثية مستق ّلة ّ ٌ
مؤسسة
والشؤون اإلقليمية والدولية ،وقضايا العلوم السياسية واالجتماعية والثقافية واالقتصادية
ّ
الشامل (نظر ّيًا ،وتطبيق ّيًا)، المعرفي
ّ والقانونية والعسكرية واألمنية ،وذلك بالمعنى
باإلضافة إلى عنايتها بالدراسات المستقبلية/االستشرافية ،وتركيزها على السياسات
والقضايا ال ّراهنة ،ومتابعة فاعلي السياسة المحلية واإلقليمية والدولية ،على أساس النّقد
والتقييم ،واستقصاء التداعيات المحتملة والبدائل والخيارات الممكنة حيالها.
سورية -دمشق -مزة فيالت غربية -خلف بناء االتصاالت -شارع تشيلي -بناء الحالق 85
www.dcrs.sy
info@dcrs.sy
حول فلسفة تعليم العلوم املدرسية في سورية
مقاربة إطارية للتحديات واالحتياجات
محمد سعيد الطاغوس
ِمداد
ّ ً
العلمي لدى الطالب. .1املستويات الضعيفة عموما في بعض مهارات التفكير
.2النقص املتزايد باهتمام الطالب بالعلم.
ّ
العلمي في األغلب مع الظواهر واألحداث في الحياة اليومية .3انعكاسات ذلك في التعامل غير
لدى الغالبية العظمى من الطالب.
ّ ّ
العلمي واالستراتيجيات املفترضة لتحقيق مثل نحو مركز أسس التكوين
يمس سؤالنا إذن على ٍ
هذا التكوين .ومن أجل تفصيل املشكلة التي نود معالجتها ،سنحاول تناول بعض الصعوبات التي لها
ً
عالقة مع تعليم العلوم في سورية بغية إبراز بعض التأثيرات املهمة في العملية التعليمية .نقف أوال
عند الصعوبات املرتبطة بطبيعة املعرفة العلمية ومراحل واستراتيجيات نقلها ،ثم نتناول بعض
الصعوبات املتعلقة بتعليم العلوم ودور املدرسة ،باإلضافة إلى املشكالت الخاصة بمحتوى وهيكلية
ً
البرامج واملناهج التعليمية املدرسية .ال تطمح هذه الورقة املبدئية التي تفترض أوراقا تفصيلية تتبعها،
إال إلى اإلشارة إلى الطابع املعقد واملتعدد األبعاد ملشكلة تعليم العلوم.
َّإن املراقب لالستراتيجيات التربوية التي يعتمدها املعلمون لدينا ،سواء عن وعي أو غير وعي ،في
تدريس موادهم العلمية ،يجد بأنها تقوم على النقاط اآلتية:
ً ً ً ً ً ا
أوال ،تتبنى عموما مفهوما تجريبيا استقرائيا وصورة تقليدية عن العلم متأخرة جدا (تعود ربما
إلى القرن الثامن عشر) عن الصورة التي يحملها العلم اليوم .يفترض هذا املفهوم أن النماذج
ً ً
والنظريات العلمية تتشكل تدريجيا من الوقائع التي تقدمها املالحظة بدون دور ألي فروض ،إذ تمثيال
فإنها تقدم وكأن العالم أو املالحظ وحده قام بمالحظة وقائع،ال حص ًرا ،عندما تعرض نظرية ماّ ،
واستطاع بعبقريته الفذة فقط صياغتها ،بمعزل عن أي سياق تاريخي اجتماعي وحيثيات رافقت
تكوين وبناء هذه النظرية .على هذا النحو ،يبدو املنهج العلمي وكأنه مجرد إجراء موحد تستقرأ أو
تشتق القوانين والنظريات فيه من املالحظة الدقيقة للوقائع .يستبعد مثل هذا املفهوم الصفة
البنائية للعلم ،ويقلل من دور الفروض والنظريات ،ويعطي املالحظ قيمة وهمية تخفي خاصيته
االجتماعية.
ُّ ا
النسبي للنظريات وللنماذج التي يقترحها العلم لصالح تقديمها ثانيا ،يغيب في املناهج الطابع
في صورتها املطلقة .بمعنى آخر ،عندما يتم تدريج املعرفة في أحد الفروع العلمية توزع املراحل التي
اجتازتها نظريات هذا الفرع على سنوات متتالية ،لكن في كل مرة ال يراعى فيها إظهار الصيغة النسبية
السعة أو العمق لهذه النظرية أو تلك .يعيق مثل هذا العرض فهم املؤقتة التي ستتغير ،إما من حيث َّ
الطالب لإلمكانيات وللحدود التي تقترحها هذه النماذج على الفعل والتجارب الجديدة ،كما أنه يقصر
دور املجرب على البرهنة؛ بينما يكون دوره األساس في التعامل مع النماذج النظرّية الختبار حدودها
وقدراتها.
العلمي الذي يقدم للطالب إلى ّ
ّ ا
مجرد تمرين سطحي يقوم على تطبيق خطي ثالثا ،يختزل املنهج
ً ً
لسلسلة من املراحل املحددة مسبقا .ونادرا ما تعرض هذه التمارين في صورة منهج لحل املشكالت.
العلمي إلى َّأن إنتاج العلم لم يعد نتاج أعمال أفراد معزولين بقدر ما هو
ّ تشير صيرورة التطور
نتاج تعاون وتكامل خبراء .هذه الخاصية االجتماعية البارزة للعلم تعارض الخاصية الفردية
الكتساب املعارف العلمية في سياق املدرسة العادي .املدرسة ال توفر للطالب الفرصة في تبادل
معارفهم ووجهات نظرهم في إطار حاالت واقعية لحل املشكالت ،ألن الصيغة التعليمية التي مازالت
إلى اليوم هي الصيغة التقليدية التي يتم بموجبها نقل املعارف ممن يعرف إلى من ال يعرف دون العناية
ً
بمسارات التواصل في املمارسة العلمية .يخلق هذا األمر مصدرا إلشكالية التمييز بين العلم كما أنتج
ّ
والعلم الذي نعلمه في املدارس .وإذا كان هدف التعليم ليس فقط نقل املضامين للطالب ،وإنما
ّ
االجتماعي في مسار ّ
التفاعلي تمكينهم من املنهج العلمي ،فمن املؤكد أننا بحاجة إلى عدم إغفال البعد
بناء املعارف الجديدة عبر تبادل األفكار وتصادم وجهات النظر.
في تأكيدنا على خطورة التباين بين الخاصية االجتماعية للعلم املنتج والخاصية الفردية للعلم
ّ
املدرس ي ،ال نود في الواقع الدفاع عن فكرة أن املعرفة القابلة ألن تعلم في املدرسة مجرد نسخ بسيطة
عن املعرفة العلمية املحترفة ،ألن هذه األخيرة ال يمكن أن تقدم بكليتها أو كما هي ،بل من الضروري
ً
أن يتم تنقيتها وتعديلها وفقا لألهداف التكوينية الخاصة للتعليم ،والستخدامها بطريقة مختلفة عن
بعدة تصفيات منظمة ،مثل :فرزونمذجة تلك التي ميزت سياق إنتاجها ،يمكن لهذا االنتقال أن يتم ّ
املعارف .وهذا يتطلب الدخول في نقاشات ترتبط بالسياسات التعليمية بين مجموعات من
اختصاصات مختلفة ،ومن بينها الهيئة العلمية املعنية بصياغة املعرفة املدرسية ووضع املناهج.
َّإن ما ينبغي التنبيه إليه بخصوص آلية االنتقال من املعرفة املحترفة إلى املعرفة املدرسية هو
أنه رغم الفائدة التي نحصل عليها من هذا االنتقال في تسهيل عملية تعليم الطالب ،إال َّأن هذه
ً ً ّ
العملية يمكن أن تسهم أيضا في خلق فجوة ،وربما تخلق تناقضا في بعض الحاالت بين هذين النمطين
من املعرفة؛ ذلك عندما تحول طبيعة املعرفة عبر إضمار أو إزاحة األسئلة التي تتيح اإلجابة أو تبدل
مواقعها أو تعدل الشبكة العالئقية التي تربطها بغيرها من املفاهيم .وهذا يؤدي في بعض األحيان إلى
انتزاع املفاهيم من سياقها الشخص ي والتاريخي .األمر الذي يتطلب من مصممي املناهج تدقيق
األهد اف واملهام التي تندب لها املعرفة العلمية الخاصة بعملية التعليم ،ألن املعرفة ذاتها يمكن أن
تلبي غايات مختلفة بحسب السياق الذي تعرض فيه واألهداف التي تندب لتحقيقها ،واضعين نصب
أعينهم ضرورة اإلجابة عن السؤال اآلتي :كيف تكون املعارف العلمية مالئمة للتعليم ووفق أي غاية؟
لعل النتيجة التي يمكن تسجيلها بخصوص اآلليات التي رصدناها هي َّأن مشكلة نقل املعارفَّ
التعليمي التربو ّي ليس فقط
ّ من ميدان إلى آخر تثير تساؤالت تعليمية وتربوية أساسية .إن الهدف
ً ّ
جعل املعلومات قابلة ألن تعلم؛ بل أيضا ينبغي إعطاؤها داللة عملية قابلة لالستخدام والنقل إلى
سياقات مختلفة غير تلك التي اكتسبت فيها .وبالنتيجة إذا كان على املعرفة العلمية أن تنتزع من
ليس الحفظ ببساطة إعادة عن ظهر قلب ،لكنه بالتأكيد يفترض القدرة على الفهم الذي
ّ
يخوله القيام باستنتاجات وتعميم اإلجابات على أسئلة أخرى .وهذا يتطلب تنظيم املفاهيم بشكل
صحيح في الذاكرة الداللية التي كلما اغتنت باملعلومات زادت قدرتها على ّ
تقبل معلومات جديدة.
لذلك ومن أجل تعزيز فهم املصطلحات العلمية ،نقترح على واضعي املناهج األخذ بالحسبان النقاط
اآلتية:
َّإن تعليم الرياضيات والعلوم التي تعزز املحاكمة املنطقية وتطوير قدرات التجريد الخاصة
ّ
بالفكر العملياتي الصوري يمكن أن يقوما بهذه املهمة .لكن الطريقة التي تعلم بموجبها هذه العلوم
تعاني من خلل .فاإلصرار على التحديد الدقيق للنتائج في حل مسألة رياضية أكثر من التنبيه إلى
.4الدافع املدرس ي
ُّ ً
يخص الدافع أو ردود يوجد من األبعاد األخرى املهمة أيضا واملرتبطة بعملية تعليم العلوم بعد
ً ّ
الشعورية وحاالت الطالب إزاء االختصاصات العلمية .من املعروف جيدا حاالت القلق النفس ّي الفعل
املتولدة من التعامل مع الرياضيات وبعض العلوم األخرى ،فاالهتمام والدافع الذي يتكون عند
ً
الطالب ال يعود فقط إلى األسلوب الجذاب املستخدم في تعليم هذه العلوم؛ بل يرتبط أيضا بالصورة
ً التي يقدم بها هذا العلم أو ذاك والصورة التي ّ
يكونها الطالب أنفسهم عنه .وهنا نجد أن طالبا كثيرين
يميلون إلى املبالغة في تقدير الصعوبات التي تواجههم مع التخصصات العلمية ،كما يميلون لالعتقاد
غير الدقيقَّ ،أن هذه الصعوبات تنتج عن عدم امتالكهم القدرات العقلية الالزمة للنجاح في هذه
العلوم.
َّإن مثل هذه الرؤية النخبوية تؤدي إلى أن يسود االعتقاد ب َّ
أن العلم غير متاح للجميع ،ألنه
يفترض توافر مهارات ال يمتلكها الجميع .حاالت الرسوب املدرس ي لدى العديد من الطالب تعزز بشكل
ّ واسع الشعور بعدم القدرة ،وتشكل بدورها مصدر قلق اتجاه التعليم ّ
بعامة .تولد مثل هذه
اإلخفاقات مواقف انهزامية وانسحابية لدى العديد من الطالب .تشير بعض الدراسات إلى أن
اإلخفاق في مادة الرياضيات وبعض العلوم األخرى ال يعزى فقط للخاصية الصورية املجردة لهذه
ً
العلوم ،كما أنه ال ينتج فقط عن ضعف املناهج التعليمية ،بل ينتج أيضا عن نقص في االهتمام الذي
يبدو هو ذاته كنتيجة ضمنية للشعور باإلخفاق املتولد عن االصطدام بهذه العلومَّ .إن مدارك
الطالب عن الصعوبات الداخلية لتعلم العلوم وعن قدراته الخاصة ليست على األغلب دقيقة .لذلك
ال بد من التأكيد على ضرورة مكافحة األوهام التي ّ
تقوض ثقة الطالب بالعلم وبقدراتهم الخاصة.
.1دوراملدرسة
ُّ
أصبحت مصادر تعلم العلوم والتربية العلمية اليوم متعددة لدرجة تتجاوز بكثير حدود
ّ
االجتماعي ،وبدرجة أقل املكتبات، املدرسة ،إذ َّإن اإلذاعة والتلفاز ،اإلنترنت ومواقع التواصل
والصحف واملجالت العلمية التخصصية والعامة ،الجمعيات العلمية وغيرها ،كلها تسهم اليوم في
ّ
العلمي عند من لديه مثل هذا الفضول ،وتثير اهتمام غير املهتمين بالعلم والفكر تلبية الفضول
النقدي والثقافة العلمية .تتيح هذه "املدارس املوازية" إمكانات عديدة ،وت ّغير من الدور التقليدي
للمدرسة بوصفها املكان األفضل للتعليم .ال يمكن للمدرسة تجاهل أو منافسة هذه األماكن ،كما ال
يمكنها إهمال املكتسبات التي امتلكها الطالب في نطاق تجاربهم ومبادراتهم خارج املدرسة .وينبغي عليها
إذن أن تأخذ بالحسبان املصادر املختلفة
ال َّبد من االنتباه إلى الخيارات بخصوص ما للمعلومات املتاحة للطالب من منظورّ ،أن
يجب تعليمه في املدرسة واألهداف املرجوة ً
دورها أصبح مرتبطا بعالقتها بتلك املؤسسات
منهاَّ ،
ألن هذه األهداف ال َّبد أن تركز على األخرى ،ال سيما وأن املناهج الجيدة في
إكساب املعارف األساسية ملمارسة املهنة املدارس السورية تفترض مشاركة الطالب عبر
املستقبلية ،وإرشاد الطالب الكتساب القدرة البحث عن طريق شبكة اإلنترنت عن
على إدارة معارفه و إثراء محاكماته العقلية. املعلومات ،في حين ،أنها لم تطور آلية مناسبة
ومضبوطة لتنفيذ هذا اإلجراء.
وال ّبد ضمن هذا اإلطار من االنتباه إلى الخيارات بخصوص ما يجب تعليمه في املدرسة
بعامة ال َّبد أن تركز على إكساب املعارف األساسية ملمارسة واألهداف املرجوة منهاَّ ،
ألن هذه األهداف ّ
املهنة املستقبلية ،وتعزيز الثقافة العلمية واعتياد املنهجية العلمية ،وإرشاد الطالب الكتساب
القدرة على إدارة معارفه وإثراء محاكماته العقلية.
ً
أما األهداف وراء تعليم العلوم ،فيمكن أن تكون متعددة جدا ومن مستويات مختلفة :مهنية،
اجتماعية ،عملية ،فكرية ،أخالقية ،وحتى للمتعة .وألنه من غير املمكن تعليم كل ش يء ،ال بد من
القيام باختيارات خاضعة للغايات املوضوعة للتربية العلمية .نعتقد أن أحد أهم التحديات التربوية
األساسية في تعليم العلوم هو:
َّإن التحدي اآلخر مرتبط بالهيكلية أو ببنية البرامج .فقد فصلت املناهج بموجب املنطق
ً ّ
التخصص ي الصلب واملغلق ،بمعنى أن املواد تقدم منفصلة ومعزولة عن بعضها بعضا دون أي
تقاطعات أو أدوار ،رياضيات ،فيزياء ،كيمياء ،وغيرها ،دون التنبيه إلى التداخالت والتفاعالت املمكنة
والقائمة بين الرياضيات والفيزياء أو غيرها من العلوم .األمر الذي أدى إلى تقطيع املضامين بحسب
ً
التخصصات وداخل كل تخصص .في الرياضيات مثال ،ال وجود ألي اهتمام بربط فروع الرياضيات
ً
ببعضها بعضا وتفاعلها ضمن هذا العلم .وبالتالي نتج عن ذلك إهمال تكامل املعارف والتفاعل
التعليمي بين االختصاصات املختلفة ،كما أدى الطابع التجزيئي لبرامج تدريس العلوم إلى أن تتعارض
ً
هذه األخيرة ،وتتناقض أحيانا مع امليل املعاصر لتفاعل التخصصات في املقاربة العلمية للظواهر.
-أليس من األفضل عدم التوسع في املضامين لصالح تعميق أكبر ملا هو موجود؟
-أال يجب أن نضحي بالقليل من االكتمال لصالح املزيد من الدقة؟
ً ً
ال تقتصر خيارات من هذا القبيل على تعديالت بسيطة؛ بل تتطلب نهجا جديدا يركز على
تعميق وتمكين عدد أقل من املفاهيم املركزية واملتكاملة .وبغض النظر عن املقاربة املنهجية املقترحة،
ً
أي مناهج تغطية عدد كبير من املوضوعات املجزأة وضمن م ّدة دائما أن نطلب من ّ يبقى املحظور
زمنية قصيرة ،ألن النتيجة املباشرة ملثل هذا الطلب ستكون بالضرورة دفع الطالب إلى حفظ
املصطلحات العلمية والخوارزميات التي ال تفيد إال في حل املشكالت املعروضة في املقرر أو اإلجابة
عن أسئلة االمتحان.
ً ّ ً
ملحة ليس فقط بينما في املقاربة التكاملية لتعليم العلوم ،تبرز ضرورة التغيير ،بوصفها مهمة
في املضامين؛ بل في مناهج التعليم وهيكليتها.
ال تنحصر مهمة املعلم في نقل املعلومات؛ بل
ّ
املفاهيمي ،أي وإذا كنا نريد تطوير التفكير
تمتد إلى تنظيم حاالت التعليم وتصميم
بناء شبكة مفاهيم قابلة للتوسيع التدريجي
استراتيجيات التدخل التي تعزز عملية تطوير
عبر دمجها بمفاهيم جديدة ،من الضروري
املفاهيم لدى املتعلم.
إعادة النظر في املناهج باتجاه يجعلها أكثر
ً ً
تماسكا وانسجاما.
َّإن النتيجة التي نختم بها هذا البند من الصعوبات هي أنه ال يمكن تغيير النهج باتجاه تعددية
ضمن التخصص وتكامل أكبر للمعرفة بوساطة تغيير البرامج فقط؛ بل يستلزم األمر تعديل مهمة
ّ
مدعو ملهمة مزدوجة بخصوص املادة التي يدرسها، املعلم وعالقته باملادة التي يدرسها .فهذا األخير
ً ً ً
ألن عليه أال يكون كالطبيب األخصائي فقط؛ بل عليه أيضا أن يكون طبيبا عاما يساعد الطالب في
ً
توجيه معارفه وترسيخها ،وإقامة الروابط التي تعطيها مغزى أعمق .ينبغي عليه أيضا أن يفهم
التمثيالت والتصورات التي يمتلكها الطالب قبل التعليم والنظر في ضرورة عدم الفصل بين املعرفة
الشخصية واملعرفة املدرسية .لذلك ال تنحصر مهمة املعلم في نقل املعلومات؛ بل تمتد إلى تنظيم
هل يمكن تعليم التفكير؟ يبدو َّأن االستراتيجيات التربوية التي وضعت بموجبها املناهج
ً ً
الدراسية لم تتوقف طويال أمام هذا السؤال املرتبط بفلسفة التعليم ،فالسؤال يبدو عبثيا من وجهة
ً ً
نظر من يعتقد َّأن التفكير يتطور آليا عن طريق النضج ،أو عفويا عن طريق املناهج الدراسية.
والواقع أنه يمكن إضافة مثل هذا الرأي لالئحة املعوقات التي رصدناها في هذه الورقة ،ويمكن
إجمالها على النحو اآلتي:
ّ
إضافي، ّ
والذاتي ملهارات التفكير دون بذل أي جهد ّ
التلقائي .1االعتقاد غير الدقيق حول التعلم
والنظر إلى أن اكتساب هذه املهارات نتيجة حتمية لعملية التعليم.
ّ
العلمي ،وعدم تقدير األبعاد الثقافية واالجتماعية أو تأويلها .2تجاهل البعد اإلنساني للمنهج
على نحو يعيق العملية التعليمية.
.3اقتصار تركيز النظام التربو ّي املدرس ّي على تحقيق األهداف واملها ات املعرفية ّ
الدنيا مثل: ر
(الحفظ والتذكر واالنتباه) على حساب تطوير مهارات التفكير العليا مثل( :التفكير النقدي
واإلبداعي وما وراء املعرفي املرتبط بعمليات التخطيط واملراقبة والتقويم) ،وكذلك انحسار
العملية التربوية والتقويمية على تحصيل النتائج النهائية دون العناية باملسارات واآلليات التي
أفضت إليها ،وسيادة الطابع التجزيئي للبرامج.
.4تجاهل التكوين السابق للمتعلم ومدى مالءمته ملا يكتسب في املدرسة ،وباملقابل إضمار
الداللة العلمية التي تجعل املعلومات املدرسية قابلة للنقل إلى سياقات مختلفة.
ّ
وتدني مستوى العناية باألوهام التي ّ
تقوض ثقة .5عدم العناية بمستوى الدافعية واإلنجاز،
الطالب بقدراته وبجدوى املعارف التي اكتسبها.
ّ
املعلمون في الطرائق واالستراتيجيات الالزمة .6انخفاض مستوى التدريب الكافي الذي يتلقاه
لتعليم التفكير ومهارته ،وانحساره في التركيز على ثنائية املرسل واملستقبل.
باللغة العربية
"العالقة بين مستوى مهارات االستقصاء وقدرات. منى وعبد هللا أمبوسعيدي، العفيفية.1
مجلة جامعة النجاح ألبحاث العلوم،"التفكير املنطقي لدى طلبة الصف العاشر
.2014 ،28 املجلد،اإلنسانية
ّ "االستدالل املنطقي وعالقته. غسان، املنصور.2
، مجلة جامعة دمشق،"بحل املشكالت
.2012 ، العدد األول،28 املجلد
مجلة جامعة،" "التحصيل في الرياضيات وعالقته بمهارات التفكير. غسان، املنصور.3
.2011 ، العدد الثالث والرابع،27 املجلد،دمشق
باللغة الفرنسية
4. Legendre, Marie-Françoise. "Problématique de l’apprentissage et de
l’enseignement des sciences au secondaire". un état de la question, Revue des
sciences de l’éducation, Volume 20, numéro 4, 1994.
5. Prignon, Pascale et Muriel Ruol. "Les enjeux pédagogiques, philosophiques et
sociaux de l'éducation à la citoyenneté", Centre Interfaces - Pôle de Pédagogie
Charnière et Pôle de Philosophie et Action Sociale, juin 2004.
6. Reboul, Olivier. La philosophie de l"éducation. éd. PUF, col. QSJ n°2441, 1989.
7. Reboul, Olivier. Qu’est-ce qu’apprendre?. Paris : Ed PUF, collection l’éducateur,
1980, 10 ème édition, 2010.
Damascus - syria
Te l : + 9 6 3 1 1 6 1 1 4 7 7 6
Fax: +963 116 114 731
w w w. d c r s . s y
info@dcrs.sy