You are on page 1of 4

‫‪1‬‬

‫النظر الثلث‪:‬‬
‫في تولد اإلنسان‬

‫النظر الثلث‪ :‬في تولد اإلنسان‬


‫اعلم أن الغذاء إذا ورد المعده واعلم أن الغذاء إذا ورد المعده وثرت فيها القوة الهاضمة‬
‫تصيفة وتجذب ما فيه إلى الكبد‪ .‬فالكبد بقسمه على جميع البدن وما فضل من الغذاء في‬
‫الهضم األخير يبعث إلى النخاع إلى األنثيين فيستحل فيها إلى طبيعة المني يدغدغ ويهيج‬
‫اضطراب القدم فال يسكن إال بنفض تلك المادة فيكون ذلك سبب اجتماع الذكر واألنثى فإذا‬
‫حصلت النطفة في الرحم صار نطفة الذكر واألنثى ممتزجين على شكل كرة فتنعقد عليها‬
‫بحرارة الرحم فشرة رقيقة كما ترى في العحين إذا وضع في شيء حار وتتشبت بها أفواه‬
‫العروق التي يرد منها دم الحيض إلى الرحم ثم إن القوة المصورة بإذن هللا تعالى تجمع‬
‫‪2‬‬

‫دهنية النظفة فتأخذ منها حصة إلى الوسط إعداد للقلب ومن عن يمينه حصة الكبد ومن‬
‫أعاله حصة للدماغ ثم تخلق السرة متصلة بوريد وشريان‪ .‬وهذا يتم في ستة أيام‪.‬‬

‫ثم تأخذ في التخطيط والتنقيظ ويتم ذلك إلى خمسة عشر يوما ثم ينفذ دم الحيض في جميع‬
‫الكرة فيصير علقة وبعده باثنين عشر يوما تصير الرطوبة لحما متميز األجزاء وتمتد رطوبة‬
‫النخاع فإنه أساس البدن وبعده بسبعة أيام ينفصل الرأس عن المنكبين واألطراف من‬
‫الضلوع والبطن إلى أربعين يوما ثم تظهر عظامة وتكسى العظام بالحم المتولد من دم الحيض‬
‫كما قال هللا تعالى""‬

‫فصل‪ :‬في وضع الجنين في الرحم‬

‫قال بقراط إنه جالس ورأسه على ركبتيه وعضداه ملتصقان بأضالعه ويداه حاملتان لرأسه‬
‫نحو رأس األم ورجاله نحو رجليها مقبوض األعضاء على غاية ما يمكن من الهندام ووجهه‬
‫إلى صلب حاملته وصلبه إلى مراقها وكونه على هذا الوضع بعناية هللا عز وجل‪.‬‬

‫وذلك أن رأس أثقل من سائر األعضاء فاحتيج إلى ما يحمله فأسند بالركبتين والركبتان‬
‫ضعيفتان رطبتان خفف عنهما بأن عاونتهما اليدان في الحمل وصير الوجه غلى جانب‬
‫صلبها ليكون أحفظ من المصادمات بدفع الصلب وصلبه إلى جهة مراقها ألن صلبه أبعد عن‬
‫قبول اآلفة ألن هذا الرضع موافق جدا لسهولة الوالدة ألن رأسه إذا كان قريبا من رجليه‬
‫وانحل الرباط من الرحم جاء على رأسه ألن الرأس ثقيل يهوي إلى أسفل بسرعة وأيضا فإن‬
‫أقرب األشكال إلى المستدير المنحني والمستدير أبعد عن قبول اآلفلت فلذلك جعل شكل الجنين‬
‫على هذا الوجه ليكون أبعد عن قبول اآلفات وألن القلب الذي هو ينبوع الحياة يكون محفوظا‬
‫وأن شكله على هذه الهيئة ضروري الوقوع ألن الجنين في موضع ضيق فجمع بالحكمة‬
‫اإللهية سائر أعضائه وجعله كالكرة ليسعى في ذلك الموضع الضيق كما أنا نحن إذا كنا في‬
‫موضع ضيق جمعنا أعضاءنا فيكون شكلنا قريبا من شكل الجنين في الرحم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫فصل‪ :‬في سبب الذكورة و األنوثة‬

‫زعم بعضهم أن السبب لذلك زيادة حرارة خلقها هللا تعالى للمادة التي يخلق منها الذكور‬
‫ونقصانها في المادة التي يخلق منها األنثى وكذلك تبرز أعضاء التناسل من هذا وتخفى من‬
‫هذه‪ .‬ثم إذا كانت الحرارة الغريزية في أصل الخلقة كاملة خرج الذكر تام األعضاء قوي‬
‫التذكير‪ .‬وإن نقصت أنقصت قوة تذكيره فتشبه أفعاله أفعال النساء‪.‬‬

‫وهكذا قوة التأنيث فإن من اإلناث من تشبه أفعال الرجال‪ .‬وإذا تصورت هذه المرتب فربما‬
‫يقع فيها مرتبة غريبة بعيدة االتفاق فيكون المولود ال ذكر و الأثنى بل خنثى‪ .‬ومنهم من‬
‫زعم أن األغلب على خلقة الذكور وقوعها على خلقة الذكور وقوعها في الجانب األيمن من‬
‫الرحم‪.‬‬

‫وفي خلقه األنثى وقوعها في الجانب األيسر وربما يعين على اإلناث الفصل الحار والبلد‬
‫الحاروالريح الجنوب وسن الكهولة كما أن أضداده تعين على الذكور وهو الفصل البارد‬
‫والبلد البارد والريح الشمال وسن الشباب‪.‬‬

‫وزعم قوم أن نطفة الذكر إن جرت من يمينه إلى يمينها كان الولد ذكرا تام الذكورة وإن‬
‫جرت من يساره إلى يسارها كان الولد أنثى تام األنوثى‪ .‬وإن جرت من يمينه إلى يسارها‬
‫كان ذكر مؤنثا كما ترى في الرجال من تشبه أفعاله أفعال النساء‪ .‬وإن جرت من يساره إلى‬
‫يمينها كانت أنثى مذكرة كما ترى في النساء من تشبه أفعالها أفعال الرجال‪ .‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫فصل‪ :‬في وضع الحمل‬

‫اعلم أن القوة اإللهية إذا كملت في المولود أبرزته القوة الموجودة في الرحم إذ لو بقي الرحم‬
‫بعد كماله الحتاج إلى غذاء كثير لكبره وال يسهل خروجه لكبره والوعاء ال يحمله فيفضي‬
‫إلى هالكه وهالك أمه‪ ،‬فإذا كمل المولود كفت القوة المسكة عن اإلمساك وتحركت الدافعة‬
‫لدفع وهو أيضا يتحرك بيده ورجليه فينشق الغشاء المطيف به وانحال رباط الجنين فيقع‬
‫كالشيء الوقع من أعلى إلى أسفل فعند ذلك ينقبض قعر الرحم ويفتح عنقه ويبدئ بالرطوبات‬
‫التي كانت في األغشية قبل ورود الجنين لينزلق البحرى فيسهل الخروج‪.‬‬

‫والخروج إذا كان طبيعيا يبتدئ بالرأس ألن أعاليه أثقل من أسافله فإن من السرة إلى الرأس‬
‫أثقل مما هو من السرة إلى القدم فينزل الثقيل أو ال ُم يتبعه الخفيف بتقدير العزيز العليم‪.‬‬

You might also like