Professional Documents
Culture Documents
Al Jahiz Qiyan ARabic
Al Jahiz Qiyan ARabic
من أبي موسى بن إسحاق بن موسى ومحمد بن خالد خذار خذاه وعبد هللا بن أيوب أبي
سمير ومحمد بن حماد كاتب راشد والحسن بن إبراهيم بن رباح وأبي الخيار وأبي الرنال وخاقان ُ
ي المعروف بمشرطة وعلك بن الحسن ومحمد بن بن حامد وعبد هللا بن الهيثم بن خالد اليزيد َّ
ّ
هارون كبّة وإخوانهم المستمتعين بالنعمة والمؤثرين للذة المتمتعين بالقيان وباإلخوان المعدين
لوظائف األطعمة وصنوف األشربة والراغبين بأنفسهم عن قبول شيء من الناس أصحاب الستر
والستارات والسرور والمراوءات.
الحس.
ّ إلى أهل الجهالة والجفاء وغلظ الطبع وفساد
ق بها ال برهان له محقّا ً في ت عن حجته مبطالً في اعتقاده وال ك ُّل ناط ٍ أ ّما بعد فإنه ليس ك ُّل صام ٍ
صل القضاء دون استقصاء ُحجج الخصماء و دون أن ْ
يعجل بف ْ انتحاله .والحاكم العادل من لم
يحول القول فيمن حضر من الخصماء واالستماع منه وأن تبلغ الح ّجة مداها من البيان ويشرك ّ
القاضي الخصمين في فهم ما اختصما فيه حتى ال يكون بظاهر ما يقع عليه من حكمه أعلم منه
بسره .ولذلك ما استعمل أهل الحزم والرويّة من بباطنه وال بعالنية ما ي ُْفلج الخصام منه أطبَّ منه ِّ ّ
القضاة طول الصمت وإنعام التف ُّهم والتم ُّهل ليكون االختيار بعد االختيار والحكم بعد التبيُّن.
َّ
الحق مكتفٍ بظهوره وقد ُكنّا ممسكين عن القول بح ّجتنا فيما تض َّمنه كتابنا هذا اقتصارا ً على أن
بظاهر على باطن وعلى
ٍ مستغن عن أن يُستد َّل عليه بغيره إ ْذ كان إن َّما يُستد ُّل
ٍ ُم ٌ
بين عن نفسه
الجوهر بالعرض وال يُحتاج أن يستد َّل بباطن على ظاهر.
موهوا وزخرفوا غير بالغين للفلج والغلبة عند ذوي العدْل دون أن خصماءنا ْ
وإن ّ وعلمنا ّ
وأن ك َّل دعوى ال يفلُ ُج صاحبها بمنزلة ما لم يكن بل هي على المدَّعي ك ٌّل وكربٌ
االستماع منّا َّ
سرة النُّجح أو راحة اليأس. حتَّى تؤدِّّيه إلى م ّ
صبر وانتهى إلينا عيب عصاب ٍة لو أمس ْكنا عن اإلجابة عنها واالحتجاج أن تفاقم األمر وعيل ال َّإلى ْ
بأن من شأن الحاسد تهجين ما يحسد عليه ومن ُخلق المحروم ذ َّم ما ُحرم وتصغيره فيها علما ً َّ
فإن الحسد عقوبةٌ موجبة للحاسد بما يناله منه ويشينه والطعن على أهله كان لنا في اإلمساك سعةّ . َّ
صعُدا ً
سخط لقدره مع الكرب الالزم والحزن الدائم والتنفس ُ من عصيان ربّه واستصغار نعمته وال َّ
أمر محدو ٍد يكون شكره والذي يحسد َّ
والتشاغل بما ال يُدرك وال يُحصى .وأن الذي يشكر فعلى ٍ
فعلى ما ال حد له يكون حسده .فحسده متَّسع بقدر تغيُّر اتّساع ما جسد عليه .ألنّا خفنا أن يظنّ
أن إمساكنا عن اإلجابة إقرار بصدق العضيهة وأن إغضاءنا لذي الغيبة عجز عن دفعها. جاهل َّ
فوضعنا في كتابنا هذا ُحججا ً على من عابنا بملك القيان وسبَّنا بمنادمة اإلخوان ونقم علينا إظهار
الحق فصيح -ويروي " ّ ال ِّنّعم والحديث بها .ورجونا النّصر إذ قد بدينا والبادي أظلم وكاتب
الحق فصيح " -ون ْفس المحرج ال يُقام لها وصولة الحليم المتأني ال بقاء بعدها.
ّ ِّ ولسان
2
محرم وال ريبة ثم وص ْفنا فضل النعمة علينا ونقضْنا أقوال َّ اطراح الغيرة في غيرفبيَّنَّا الح ّجة في ِّ ّ
شرح واإلفهام ومهما أدمجنا وطوينا موجز جامعٍ لما قصدْنا .فمهما أطنبنا فيه فلل َّ
ٍ خصمائنا بقو ٍل
ي يُنشر واألصول َّ
صر والملخص يختصر والمطو َّ المطول يق َّ
ّ فليخف حمله .واعتمدنا على َّ
أن َّ
تتفرع وباهلل الكفاية والعون.
إن الفروع ال محالة راجعةٌ إلى أصولها واألعجاز الحقةٌ بصدورها والموالي تب ٌع ألوليائها وأمور ّ
سحابسحاب وال َّ َّ ٌ َّ
العالم ممزوجة بالمشاكلة ومنفردة بالمضادَّة وبعضها ِّعلة لبعض كالغيث علة ال َّ
والزرع علَّته الحبّ والدَّجاجة علَّتها البيضة والبيضة
الزرع َّوالرطوبة وكالحبّ ِّعلّته َّ
علَّة الماء ُّ
علَّتها الدجاجة واإلنسان علّته اإلنسان.
والفلك وجميع ما تحويه أقطار األرض وك ُّل ما ت ُقلُّه أكنافها لإلنسان خو ٌل ومتا ٌ
ع إلى حين.
س ِّ ّخر له من روحه وألطفه عند نفسه " األُنثى " فإنّها ُخلقت له ليسكن إليها إالّ ّ
أن أقرب ما ُ
و ُجعلت بينه وبينها مودّة ورحمة.
محرما ً في كتاب هللا وسنّة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فمبا ٌح ُمطلق.
َّ وك ُّل شيءٍ لم يُوجد
قياس ما لم نخرج من التحريم دليالً على حسنه وداعيا ً إلىٌ وليس على استقباح الناس واستحسانهم
حالله.
ولم نعلم للغيرة في غير الحرام وجها ً ولوال وقوع التحريم لزالت الغيرة ولزمنا قياس من ُّ
أحق
هن بمنزلة المشا ّم والتُّفَّاح الذي يتهاداه
بهن من أحد وإنَّما َّ
بالنساء فإنَّه كان يقال :ليس أحدٌ أولى َّ
المقربين.
ّ َّ
منهن على وفرق الباقي َّ
منهن َّ الناس بينهم .ولذلك اقتصر من له العدَّة على الواحدة
غير أنّه لما عزم الفريضة بالفرق بين الحالل والحرام اقتصر المؤمنون على الح ِّدّ المضروب لهم
ور ّخصوه فيما تجاوزه .فلم يكن بين رجال العرب ونسائها حجابٌ وال كانوا يرضون مع سقوط
الحجاب بنظرة الف ْلتة وال لحظة ال ُخ ْلسة دون أن يجتمعوا على الحديث والمسامرة ويزدوجوا في
الزير المشتَّق من الزيارة .وك ّل ذلك بأعين المناسمة والمثافنة ويس َّمى المولع بذلك من الرجال ِّ ّ
األولياء وحضور األزواج ال ينكرون ما ليس بمنكر إذا أمنوا المنكر حتّى لقد حسك في صدر
أخي بُثينة من جميل ما حسك من استعظام المؤانسة وخروج العذر عن المخالطة وشكا ذلك إلى
شمه فكمنا لجمي ٍل عند إتيانه بثينة ليقتاله فلما دنا لحديثه وحديثها سمعاه يقول زوجها َّ
وهزه ما ح ّ
الرجال والنساء فيما يشفي غليل العشق ويُطفئ نائرة الشوق ممتحنا ً لها :هل لك فيما يكون بين ِّ ّ
إن الحبَّ إذا نكح فسد! فأخرج سيفا ً قد كان أخفاه تحت ثوبه فقال :أ ّما قالت :ال .قال :ولم قالتَّ :
وهللا لو أ ْنعمت لي لمألته منك! فل َّما سمعا بذلك وثقا بغيبه وركنا إلى عفافه وانصرفا عن قتله
وأباحاه النظر والمحادثة.
3
وقيس ولُبنى
ٍ َّ
وعزة عروة وكث ِّيّر
وتلك المحادثة كانت سبب الوصلة بين جمي ٍل وبثينة وعفراء و ُ
وأسماء وم ِّقّش وعبد هللا بن عجالن وهند.
وكانت ضباعة من بني عامر بن قُرط بن عامر بن صعصعة تحت عبد هللا بن ُجدعان زمانا ً ال
شيخ الكبير الذي ال يولد له قولي ي :ما تصنعين بهذا ال َّ تلد فأرسل إليها هشام بن المغيرة المخزوم ُّ
تتزوجي هشام بن المغيرة. يطلّقك .فقالت لعبد هللا ذلك فقال لها :إ ِّنّي أخاف عليك أن َّ له حتّى ِّ
أتزوجه.
قالت :ال ّ
قال :فإن فعلت فعليك مائة من اإلبل تنحرينها في الحزورة وتنسجين لي ثوبا ً يقطع ما بين
عريانة.األخشبيْن والطواف بالبيت ُ
قالت :ال أطيقه.
قريش في ٍ يكرثك وأنا أيسر هشام فأخبرتْه الخبر فأرسل إليها :ما أيسر ما سألك وما ُ ٍ ْ
وأرسلت إلى
المال ونسائي أكثر نساء رجل من قريش وأنت أجمل النِّّساء فال تأب َّْي عليه.
ي ما قلت. فإن تزوجت هشاما ً فعل َّ طلّ ْقني ْ فقالت البن ُجدعانِّ :
فتزوجها هشا ٌم فنحر عنها ماءة ً من ال ُج ُزر وجمع نساءه فنسجن ثوبا ً يسع َّ فطلَّقها بعد استيثاقه منها
عريانةٌ المطلب بن أبي وداعة :لقد أبصرتها وهي ُ َّ عريانة فقال ما بين األخشبين ثم طافت بالبيت ُ
أدبرت وأستقبلها إذا أقبلت فما رأيت شيئا ً مما خلق هللا أحسن ْ تطوف بالبيت وإنِّّي لغال ٌم أتْبعها إذا
ناظر
ٍ ُ
منها واضعةً يدها على ركبها وهي تقول :اليوم يبدو بعضه أو كلُّه فما بدا منه فال أحلُّه كم
إن النساء إلى اليوم من بنات الخلفاء وأ ّمهاتهن فمن أخثم مثل الق ْعب با ٍد ظلُّه قال :ثم َّ فيه فما يملُّه ْ
شفات الوجوه ونحو ذلك ال يكمل ح ٌّج إال به. دونهن يطفن بالبيت مك َّّ
وأعرس عمر بن الخطاب رضي هللا عنه بعاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نُفيل وكانت قبله عند عبد
تتزوج بعده أبدا ً على أن نحلها قطعةً من ماله هللا بن أبي بكر فمات عنها بعد أن اشترط عليها أال َّ
سوى اإلرث فخطبها عمر بن الخطاب رضي هللا عنه وأفتاها بأن يعطيها مثل ذلك فأقسمت ال
ينفك جلدي أغبرا فلما ابتنى بها عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أولم تنفك عيني سخينةً عليك وال ُّ ُّ
ي بن أبي طالب عليه السالم قصد لبيت حجلتها فرفع ودعا المهاجرين واألنصار فل َّما دخل عل ُّ
ينفك جلدي أصفرا فخجلت تنفك عيني سخينةً عليك وال ُّ سِّجف ونظر إليها فقال :فأقسمت ال ُّ ال ّ
ي ٍ إياها بنقض ما وتشورها عند تعيير عل ّ ُّ فأطرقت وساء عمر رضي هللا عنه ما رأى من خجلها
فارقت عليه زوجها فقال :يا أبا الحسن رحمك هللا ما أردت إلى هذا فقال :حاجةٌ في نفسي
قضيتها.
هذا.
ي صلى هللا عليه وسلم َّ
وأنتم تروون أن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه كان أغير الناس وأن النب َّ
قال له " :إني رأيت قصرا ً في الجنة فسألت :لمن هذا القصر فقيل :لعمر بن الخطاب.
فلم يمنعني من دخوله إالّ لمعرفتي بغيرتك ".
ي هللا!.ُغار يا نب َّ فقال عمر رضي هللا عنه :وعليك ي ُ
فلو كان النظر والحديث والدُّعابة يُغار منها لكان عمر المقدَّم في إنكاره لتقدُّمه في شدَّة الغيرة.
شك في زهده وورعه وعلمه وتفقُّهه. ولو كان حراما ً لمنع منه إذ ال َّ
الزبير يهواها تزوج حفصة ابنة عبد الرحمن وكان المنذر بن ُّ وكان الحسن بن علي عليهما السالم َّ
4
تتزوجه وقالت :ش َّهرني!. فبلغ الحسن عنها شيء فطلَّقها فخطبها المنذر فأبت أن َّ
فتزوجها فرقَّى المنذر عنها شيئا ً فطلَّقها َّ وخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه
تزوجيه ليعلم الناس أنَّه كان يعضهك. وخطبها المنذر فقيل لهاَّ :
لنستأذن عليها المنذر فندخل إليها ْ فتزوجتْه فعلم الناس أنَّه كذب عليها فقال الحسن لعاصم: َّ
ُّ
فنتحدَّث عندها فاستأذناه فشاور أخاه عبد هللا بن الزبير فقال :دعهما يدخالن.
عاصم أكثر نظرا ً منها إلى الحسن وكان أبسط للحديث. ٍ فدخال فكانت إلى
فقال الحسن للمنذر :خذ بيد امرأتك.
فأخذ بيدها وقام الحسن وعاص ٌم فخرجا.
وكان الحسن يهواها وإن َّما طلَّقها لما رقَّى إليه المنذر.
وقال الحسن يوما ً البن أبي عتيق :هل لك في العقيق فخرجا فعدل الحسن إلى منزل حفصة فدخل
إليها فتحدَّثا طويال ثم خرج ثم قال البن أبي عتيق :هل لك في العقيق قال :نعم.
ُ
مرة أخرى :هل لك في العقيق فقال :يا ابن أ ِّ ّم أال تقول :هل لك فنزل بمنزلة حفصة ودخل فقال له َّ
في حفصة!!.
وكان الحسن في ذلك العصر أفضل أهل دهره.
الزبير ولم إليهن حراما ً وعارا ً لم يفعله ولم يأذن فيه المنذر بن ُّ َّ فلو كان محادثة النساء والنَّظر
الزبير. ُشر به عبد هللا بن ُّ ي ْ
األول حرام والثاني حرام ألنَّه ال أن النظر َّ وهذا الحديث وما قبله يُبطالن ما روت ال ُحشويّة من َّ
تكون محادثةٌ إالَّ ومعها ما ال يحصى عدده من النَّظر.
المحرمة النَّظر إلى الشعر والمجاسد وما تخفيه الجالبيب مما يح ُّل َّ إالَّ أن يكون عني بالنظرة
ي ِّ ويحرم على غيرهما. للزوج والول ّ ّ
ي من َّ
ي وهو في قُبّ ٍة له مجلل ٍة بوشى معه فيها امرأته فقال :يا شعب ُّ شعب َّالزبير ال َّ ودعا مصعب بن ُّ
سِّجف فإذا هو بعائشة ابنة طلحة. معي في هذه القبّة فقال :ال أعلم أصلح هللا األمير! فرفع ال ّ
ي فقيه أهل العراق وعالمهم ولم يكن يستح ُّل أن ينظر إن كان النَّظر حراما ً. والشعب ُّ
طرق داره ثم خطب ذلك يكلّم جاريةً المرأته فاختة بنت قرظة في بعض ُ ورأى معاوية كاتبا ً له ِّ
شِّدة في تعبئة عطر لعرس فزوجها منه فدخل معاوية إلى فاختة وهي متح ّ الكاتب تلك الجارية َّ
هوني عليك يا ابنة قرظة فإني أحسب االبتناء قد كان منذ حين!. جاريتها فقالِّ ّ :
ظن وحسبان لم يقين وإنَّما ح َّل مح َّل ٍّ
ومعاوية أحد األئ ّمة فلما لم يقع عنده ما رأى من الكالم موقع ٍ
يقض به ولم يوجبْه ولو أوجبه لحدَّ عليه. ِّ
فيجردها من ثيابها بحضرة جلسائه ويضع القضيب على ركبها ثم ِّ ّ بالجارية يؤتى معاوية وكان
ع لو وجد متاعا ً! ثم يقول لصعصعة بن صوحان :خذها لبعض ولدك فإنّها ال تح ُّل يقول :إنَّه لمتا ٌ
ليزيد بعد أن فعلت بها ما فعلت.
ولم يكن يُعدم من الخليفة ومن بمنزلته في القدرة والتأ ِّت ّي أن تقف على رأسه جارية تذبُّ عنه
مجلس عا ٍ ّم بحضرة الرجال. ٍ وتروحه وتعاطيه أخرى في ّ ِّ
ُسره فلما فمن ذلك حديث الوصيفة التي اطلعت في كتاب عبد الملك بن مروان إلى الح ّجاج وكان ي ُّ َّ
أن وشاة الرجا ل ال يتركون أديما ً صحيحا فال
ً فشا ما فيه رجع على الح ّجاج باللَّوم وتمثَّل :ألم تر َّ
فإن لك ِّّل نصيحٍ نصيحا ثم نظر فوجد الجارية كانت تقرأ فن َّمت عليه. سرك إالَّ إليك َّ فش َّ ت ُ ِّ
بشعر وبمث ٍلٍ ومن ذلك حديثه حين نعس فقال للفرزدق وجرير واألخطل :من وصف نُعاسا ً
يُصيب فيه ويُحسن التمثيل فهذه الوصيفة له.
فقال الفرزدق :رماه الكرى في الرأس حتَّى كأنه أميم جالمي ٍد تركن به وقرا فقال :شدختني ويلك
َّ
يا فرزدق! فقال جرير :رماه الكرى في الرأس حتَّى كأنَّه يرى في سواد الليل قُنبرة سقرا فقال:
ويلك تركتني مجنونا ً! ثم قال :يا أخطل فقل.
تروى بين ندمانه خمرا ثم لم يزل للملوك واألشراف قال :رماه الكرى في الرأس حتَّى كأنَّه ندي ٌم َّ
إما ٌء يختلفن في الحوائج ويدخلن في الدواوين ونسا ٌء يجْ لسْن للناس مثل خالصة جارية الخيزران
5
س َّكر وتركيَّة جاريتي أ ِّ ّم جعفر ودقاق جارية العبَّاسة وظلوم وعتْبة جارية ريطة ابنة أبي العباس و ُ
ي ِّ بن شاهك سِّند ّوحمدونة أ ّمة نصر بن ال ّ ْ وقسطنطينة جاريتي أم حبيب وامرأة هارون بن جعبويه
منكر وال عابه عائب. ٌ كن وأشبه ما يتزي ََّّن به فما أنكر ذلك يبرزن للناس أحسن ما َّ ْ كن ثم ّ
ي أ ُّم جعفر ْ
غضبت عل َّ سكر فقال :أ ُح َّرة أنت أم مملوكة قالت :ال أدري إذا ٌ َّ ولقد نظر المأمون إلى ُ
رضيت قالت :أنت ُح َّرة. ْ قالت :أنت مملوكة وإذا
ساعة فاسأليها عن ذلك. قال :فاكتبي إليها ال َّ
جعفر ما ٍ جعفر ذلك فعلمت أ ُّم ٍ ْ
طائر من ال ُهدَّى كان معها أرسلته تعلم أ َّم ٍ فكتبت كتابا ً وصلته بجناح ْ
فكتبت إليها " :أنت ُح َّرة ". ْ أراد
َّ
فتزوجها على عشرة آالف درهم ثم خال بها من ساعتها فواقعها وخلى سبيلها وأمر بدفع المال ّ
إليها.
للرجال فال تحتشم من أن المرأة المعنَّسة تبرز ِّ ّ هن ليس بحرام َّ كل َّ ّ أن النَّظر إلى النساء ِّ والدَّليل على َّ
ذلك.
أمر أفرط فيه المتعدُّون حدَّ الغيرة إلى سوء ست ولكنَّه ٌ ع ِّنّ ْ ٌ
فلو كان حراما ً وهي شابَّة لم يح َّل إذا ُ
كالحق الواجب. ّ ال ُخلق وضيق العطن فصار عندهم
ّ
وكذلك كانوا ال يرون بأسا ً أن تنتقل المرأة إلى عدّة أزواج ال ينقلها عن ذلك إال الموت ما دام
الرجال يريدونها.
الحرة إذا كانت قد نكحت زوجا ً ّ وهم اليوم يكرهون هذا ويستسمجونه في بعض ويعافون المرأة
واحدا ً ويلزمون من خطبها العار ويُلحقون به اللَّوم ويع ِّيّرونها بذلك ويتحظون األمة وقد تداولها
َّ
من ال يُحصى عدده من الموالي.
وهن أ ّمهات األوالد وحظايا َّ سن هذا في اإلماء وقبَّحه في الحرائر! ولم ل ْم يغاروا في اإلماء فمن ح َّ
الملوك وغاروا على الحرائر.
يغرن على لضعفهن أولع حتى ْ َّ حرم هللا فهي باط ٌل وأنَّها بال ِّنّساء جاوزت ما ّ ْ أن الغيرة إذا أال ترى َّ
ْ
الظ ّن والحلم في النَّوم. ّ
وسريته. وتغار المرأة على أبيها وتعادي امرأته ِّ ّ
ولم تزل القيان عند الملوك من العرب والعجم على وجه الدَّهر.
والروم فلسفةً. وكانت فارس تعُدُّ الغناء أدبا ً ُّ
وكانت في الجاهليّة الجرادتان لعبد هللا بن ُجدعان.
جوار يتغنَّيْن وغالك ٌم يقال له " بديع " يتغنَّى فعابه بذلك الحكم بن ٍ وكان لعبد هللا بن جعفر ّ
الطيار
ي أن آخذ الج ِّيّد من أشعار العرب وألقيه إلى الجواري فيترنَّمن به ويشذِّّرنه ُ مروان فقال :وما عل َّ
ّ
ونغمهن!. َّ
بحلوقهن
وسمع يزيد بن معاوية الغناء.
سماع فقال الشاعر في إذا ما َّ
حن َّ
عليهن لل َّ واتَّخذ يزيد بن عبد الملك حبابة وسالَّمة وأدخل الرجال
نيام وقال في الكرام وأصغوا نحوه اآلذان حتَّى كأنّهم وما ناموا ِّ ِّ ت دونه أُذن مزهرها إليها وحنَّ ْ
بت في صوتها كيف تصن ُع تردُّ نظام القول حتَّى تردَّه طر ْ شرها إذا َّ سالَّمة :ألم ترها وهللا يكفيك َّ
برده ثم يقول :أطير! فتقول حبابة :ال شق ُ ص ٍل من حلقها يتر َّج ُع وكان يسمع فإذا طرب َّ صل ُ إلى ُ
تطير فإن بنا إليك حاجة. َّ
ثم كان الوليد بن يزيد المتقدِّّم في اللهو والغزل والملوك بعد ذلك يسلكون على هذا المنهاج وعلى َّ
األول. هذا السبيل ّ
َّ
وكان عمر بن عبد العزيز رضي هللا عنه قبل أن تناله الخالفة يتغنى.
نز ْر سعادا لقرب مزارها ودعا البعادا وله :عاود القلب سعادا ي ُ فم ّما يعرف من غنائه :أ َّما صاحب َّ
مكسوا ً نغما ً :فما كان منه صدقا ً ّ ً ً
سهادا وال نرى بالغناء بأسا إذا كان أصله شعرا الطرف ال ُّ فقال َّ
فحسن وما كان منه كذبا ً فقبيح. ٌ
حسن وقبيحه قبيح ". ٌ وقال عمر بن الخطاب رضي هللا عنه " :الشعر كال ٌم فحسنه
6
يضره ذلك وال يزيل منزلته من ُّ وال نرى وزن الشعر أزال الكالم عن جهته فقد يوجد وال
الحكمة.
ّ ً
فإن وزنه وتقفيته ال يوجبان تحريما لعلة من العلل. محرم َّّ أن الكالم غير فإذا وجب ّ
ً
وإن الترجيع له أيضا ال يخرج إلى حرام. ّ
وإن وزن الشعر من جنس وزن الغناء وكتاب الموسيقي وهو من كتاب حدّ النُّفوس تحدُّه األلسن ّ
بحدًّ مقنع وقد يعرف بالهاجس كما يعرف باإلحصاء والوزن. ْ
فال وجه لتحريمه وال أصل لذلك في كتاب هللا تعالى وال سنّة نب ِّيّه عليه السالم.
يحرمه ألنه يُلهى عن ذكر هللا فقد نجد كثيرا ً من األحاديث والمطاعم والمشارب فإن كان إن ّما ِّ ّ
والرياحين واقتناص الصيد والتشاغل بالجماع وسائر اللذات تصدُّ وتُلهى عن والنَّظر إلى الجنان َّ
ذكر هللا.
ُّ
لمن أمكنه أفضل إال أنّه إذا أدَّى الرجل الفرض فهذه األمور كلها لهّ أن قطع الدَّهر بذكر هللا ْ ونعلم ّ
صر عنه لزمه المأثم. مباحة وإذا ق َّ
ولو سلم من اللَّهو عن ذكر هللا أحدٌ لسلم األنبياء عليهم السالم.
شمس فعرقبها صالة حتّى غابت ال ّ هذا سليمان بن داود عليهما السالم ألهاه عرض الخيل عن ال َّ
وقطع رقابها.
َّ
فإن الرقيق تجارة ٌ من التجارات تقع عليه المساومات والمشاراة بالثمن ويحتاج البائع وبعد َّ
والمبتاع إلى أن يستشفَّا العلق ويتأ ّماله تأ ُّمالً بيّنا ً يجب فيه خيار الرؤية المشترط في جميع
البياعات.
وزن وال عد ٍد وال مساحة فقد يُعرف بالحسن والقبح. ٍ وإن كان ال يُعرف مبلغه بكي ٍل وال
فإن أمر الحسن َّ
وال يقف على ذلك أيضا ً إالّ الثاقب في نظره الماهر في بصره الطبُّ بصناعته ّ
وأرق من أن يدركه ك ُّل من أبصره. ُّ أدق ُّ
وكذلك األمور الوهميّة ال يُقضى عليها بشهادة إبصار األعين ولو قُضي عليها بها كان ك ُّل من
رآها يقضى حتّى النَّعم والحمير يحكم فيها لك ِّّل بصير العين يكون فيها شاهدا ً وبصيرا ً للقلب
ومؤديا ً إلى العقل ثم يقع الحكم من العقل عليها.
وأنا مبين لك الحسن.
هو التمام واالعتدال.
ولست أعني بالتمام تجاوز مقدار االعتدال كالزيادة في طول القامة وكدقة الجسم أو عظم
الجارحة من الجوارح أو سعة العين أو الفم مما يتجاوز مثله من الناس المعتدلين في الخلق فإن
وإن عدت زيادة في الجسم. هذه الزيادة متى كانت فهي نقصان من الحسن ْ
والحدود حاصرة ٌ ألمور العالم ومحيطة بمقاديرها الموقوتة لها فك ُّل شيءٍ خرج عن الح ِّدّ في ُخلُق
حتّى في الدين والحكمة الذين هما أفضل األمور فهو قبي ٌح مذموم.
وأما االعتدال فهو وزن الشيء ال الكمية والكون كون األرض ال استواؤها.
ووزن النفوس في أشباه أقسامها.
فوزن خلقة اإلنسان اعتدال محاسنه وأالّ يفوت شيء منها شيئا ً كالعين الواسعة لصاحب األنف
ضيِّّقة والذَّقن الناقص والرأس الضخم والوجه الصغير األفطس واألنف العظيم لصاحب العين ال َّ
َّ
والظهر الطويل لصاحب الفخذين القصيرتين والظهر القصير َّ الفخم لصاحب البدن المدَّع ال ِّنّضو
لصاحب الفخذين الطويلتين وكسعة الجبين بأكثر من مقدار أسفل الوجه.
ثم هذا أيضا ً وزن اآلنية وأصناف الفُ ُرش والو ْشي واللباس ووزن القنوات التي تجري فيها المياه.
وإنما نعني بالوزن االستواء في الخرط والتركيب.
سح في خضرته واالستنشاق من الزرع والغرس والتف ُّ فال بدَّ م ّما ال يمنع الناظر من النظر إلى َّ
روائحه.
ويس ّمى ذلك كلُّه له ِّحالًّ ما لم يمد له يداً.
فإذا مدّ يدا ً إلى مثقال حبّ ٍة من خردل بغير ح ِّقّها فعل ما ال يح ُّل وأكل ما يحرم عليه.
7
عليهن للتَّقليب
َّ سالم ووضع اليد َّ
ومصافحتهن لل َّ َّ
ومفاكهتهن ومغازلتهن وكذلك مكالمة القيان
والنظر حال ٌل ما لم يشبْ ذلك ما يحرم.
وقد استثنى هللا تبارك وتعالى اللَّمم فقال " :الذين يجتنبون كبائر اإلثم والفواحش إال اللمم ّ
إن ربَّك َّ َّ
واسع المغفرة ".
فإن تقدَّم ففاحشة سئل عن تأويل هذه اآلية فقال :إذا دنا الرجل من المرأة ْ قال عبد هللا بن مسعود و ُ
وإن تأ َّخر فلم ٌم.
ْ
َّ
صحابة :القبلة والل ْمس.وقال غيره من ال َّ
وقال آخرون :اإلتيان فيما دون الفرج.
حرم هللا!.
ي حين سئل ع ّما نال من عشيقته فقال :ما أقرب ما أحل هللا مما َّ وكذلك قال األعراب ّ
يخ ُل رج ٌلفرقوا بين أنفاس الرجال وال ِّنّساء " وقال " :ال ْ فإن قال قائل :فيما روى من الحديثّ ِّ " :
الرجال والقيان ما دعا وإن في الجمع بين ِّ ّ إن حموها الموت " ّ ت وإن قيل حموها إال َّ بامرأة في بي ٍ
تضطر إلى الفجور وتحميل ُّ إلى الفسق واالرتباط والعشق مع ما ينزل بصاحبه من الغُلمة التي
ضر لذلك ال لسماع وال ابتياع. ضر إن ّما يح ُ وأن أكثر من يح ُ على الفاحشة َّ
يكلف هللا العباد الحكم على الباطن والعمل على ّ قلنا :إن األحكام إنّما على ظاهر األمور ولم ِّ
ّ ّ
النيَّات فيُقضى للرجل باإلسالم بما يظهر منه ولعله ملحد فيه ويُقضى أنّه ألبيه ولعله لم يلدْه األب
مشهور باالنتماء إليه.
ٌ قط إالَّ أنّه مولود على فراشه الذي ادَّعى إليه ّ
ولو ُك ِّلّف من يشهد لرج ٍل بواح ٍد من هذين المعنيين على الحقيقة لم تقم عليه شهادة.
ومن يحضر مجالسنا ال يظهر نسبا ً مما ينسبونه إليه ولو أظهر ث َّم أغضينا له عليه لم يلح ْقنا في
ذلك إثم.