Professional Documents
Culture Documents
مقالة جدلية لعوامل وشروط الإبداع الفني والتخيل الإبداعي
مقالة جدلية لعوامل وشروط الإبداع الفني والتخيل الإبداعي
الذي وصل اليه الفكر البشري بافضل الخاتراع و الباتكار وهو في السأاس يعود الي الباداع الذي يعني في
الصطلح الفلسأفة تأليف شيئ جديد من عناصر موجودة سأاباقا فهو القدرة العقلية المدعمة باالذكاء على
تركيب صور جديدة ،غير ان شروط الباداع اثارت موجة اخاتلفا باين الفلسأفة و مفكرين وتضارب
وجهات نظرهم فالبعض يرجعه الي شروط ذاتية نفسية و عقلية و البعض الخار يرجعه الي شروط
موضوعية اجتماعية :فأي الرأيين علي صواب ؟ وهل الباداع وليد عوامل نفسية ام اجتماعية ؟
يري باعض الفلسأفة و المفكرين أمثال )بارغسون ،فرويد ،الغزالي ،ريبو ،وروني باواريل( ان الباداع
مرتبط باشروط نفسية و عقلية اي أنه يتوقف على عوامل ذاتية يتمتع باها المبدع
أن المبدع شخص يتمتع باعقل ناقد ورأي ثاقب وخايال خاصب وذكاء متميز و موهبة فائقة وعبقرية فذة
وعزيمة قوية وصبر و قدرة التحمل حيث يظهر حماسأا فياضا و اندفاعا قويا و ما يثبت دور حالت
الوجدانية النفعالية في عملية الباداع ان التاريخ يثبت على حد قول بارغسون " ان كبار العلماء و الفنانين
يبدعون وهم في حالة انفعال قوي " ويقول بايار جاني " ان اصرار المبدعين و المخترعين علي متاباعة
اعمالهم علي الرغم من معارضة المجتمع لهم اهم دليل علي ان الباداع يرجع الي الحالة النفسية التي يعيشها
المبدع او المخترع و شعوره باالرغبة الملحة في انجاز عمله " ذلك ان معطيات علم النفس كشفت ان
النفعالت و العواطف القوية تنشط المخيلة التي هي المسؤولة عن عملية الباداع و باالفعل فأروع الباداعات
الفنية و الفكرية تعبر عن حالت وجدانية فلقد اجتمعت عواطف المحبة و الحزن عن الخنساء فأبادعت في
رثاء و مثال ذلك ايضا اباداع مفدي زكريا في إلياذة الجزائر و هو في سأجن بارباروس فعبر عن سأخطه على
السأتعمار الفرنسي غاشم كما أن أرخاميدس ) 212-287ق.م( خارج من الحمام عاريا لشدة فرحه عندما
اكتشف قانون طفو الجسام و أخاذ يصرخ في شوارع أثينا وجدتها وجدتها ،و قد رقص العالم البريطاني و
الفيزيائي دافي ) (1829-1778في مخبره عندما اكتشف البوتاسأيوم ان اسأتقراء حياة المبدعين في
مختلف الميادين يكشف ان هؤلء المبدعين انما يمتزون باخصائص نفسية و قدرات عقلية هيئتهم لوعي
المشاكل القائمة و ايجاد الحلول لها وهذا كلود بارنارد الذي لحظ أن باول الرانب صافي و حامض ،
وكان يعلم أن آكلت العشاب يكون باولها عكر وقاعديا ....ان هذا التناقض باين السأباب و النتائج ،وقع
كلورد بارنارد في مشكلة فعمل على تفسيرها و تحقيق من هذا للتفسير تجريبيا .
1
كما يرى ريبوا ان ابادع المهندس الفرنسي للبندقية المتعددة الطلقات يعود الي تأثره العميق باالخطاب
عنيف لبيسماكس العدو اللدود للفرنسيين لهذا يرى الغزالي ان اللهام كا الضوء من سأراج الغيب يقع على
قلب صافا لطيف فارغ " وأكد عالم الطبيعة الفرنسي )جوس ( نفس الفكرة حيث قال " :وأخايرا ...نجحت
ل لنني باذلت جهودا مضنية ,ولكن باهبة من ال كأن إشراقا حدث فجأة وحل اللغز ".إذن اللهام لحظات
قصيرة تتفتق فيها عبقرية النسان عن إباداعات قد تحدث في لحظات مغايرة للمنطق فتكون أثرا ل يقاس
على مثال .فقد ذكر أفلطون في محاورة ) أيون ( والتي تحدث فيها عن اللياذة وهوميروس " :إن الشاعر
كائن أثيري مقدس ,ذو جناحين ل يمكن أن يبتكر قبل أن يلهم ,فيفقد صواباه وعقله ,ومدام النسان
يحتفظ باعقله فانه ل يستطيع أن ينظم الشعر " .و يقال أن )فاجنر ( سأمع في منامه اللحن السأاسأي الذي
يتردد في افتتاحية رائعته الموسأيقية ) ذهب الرين ( .ويحكى عن الشاعر النجليزي )كولردج ( أنه كان
يطالع ذات صباح فغلبه النعاس ثم أفاق من نومه وأخاذ يخط باسرعة قصيدته المشهورة ) كوبالخاان ( حتى
وصل إلى البيت 54منها ...ثم خامدت نار اللهام فكف عن الكتاباة وترك القصيدة ولم يعد لها قط .غير أن
الموهبة واللهام بادون عمل وجهد ل معنى لهما .فلقد عبر) باوانكريه ( عن اكتشافاته الرياضية باأنها بادت
له فجأة وفي مناسأبات لم يكن يفكر أثناءها في هذه الموضوعات لكن حدث هذا باعد جهود السنين الطوال
فتظهر له الحلول فجأة في صورة الهام غير متوقع لذلك قال " :إن الحظ يحالف النفس المهيأة " وكان
ابان سأينا كثيا ما يتوصل الي حل مسائل الصعبة في النوم او الصلة ،وهذا شاعر نزار قباني يصرخ في حوار
اذاعي ان كل ما كتبه من قصائد شعرية كان قوامها اللهام حيث يقول " ان القصيدة تكتبني ول اكتبها " .
ويؤكد الفيلسوفا الفرنسي ) هنري بارغسون ( أن لعملية الباداع أصول نفسية عميقة ,وهي كثيرا ما تكون
مصحوباة بامظاهر انفعالية حادة إذ ذكر " :أن العظماء الذين يتخيلون الفروض ,و الباطال ,والقديسين
الذين يبدعون المفاهيم الخالقية ,ل يبدعونها في حالة جمود الدم ,وإنما يبدعون في جو حماسأي و تيار
ديناميكي تتلطم فيه الفكار " .و تذهب مدرسأة التحليل النفسي إلى بايان أن الباداع ظاهرة نفسية لشعورية
فقد اعتبر فرويد ان الباداع محاولة للتعبير عن المكبوتات و الرغبات الدفينة و الشباع الخيالي حيث قال "
ان الباداع مصدره الشعور ،انه تنفيس عن المكبوتات و ذكريات أليمة " ويقول ففرويد يرى أن التسامي هو
المسئول عن كل النجازات الحضارية التي قام باها النسان "ان الصراعات الجنسية الطفيلية و الرغبات
العدوانية التي تؤدي الي السلوك العصاباي لدى من يستطيعون حلها حل سأويا ،هي نفسها التي يحلها المبدع
عن طريق التسامي او العلء فينشأ عن ذلك اشكال النشاط الباداعي المختلفة " ويقول ديموسأييه " ل شيء
كألم العظيم يجعلنا عظماء ونحن مدينون لللم باأحسن اثار الفن و الباداع "
اضافة الي ان المبدع يتصف بادرجة عالية من الذكاء و العبقرية لن الذكاء يساعد المبدع على طرح
المشاكل طرح صحيحا ىو ايجاد الحلول الجديدة لها يقول روني باوريل " ان الخاتراع ل يتحقق في غياب
عقل قادر عليه و ان كانت البنيات الثقافية للمجتمع ملئمة مثال ذلك الرسأام اليطالي دافينشي كان
رياضيا و أدبايا و رسأاما في نفس الوقت كما ان الجانب الرادي فيتمثل في الرادة ) حاول ايديسون 1000
2
محاولة لخاتراع المصباح ،الصبر ) دافينشي اسأتغرق 4سأنوات لرسأم موناليزا ( و كذا الشجاعة و روح
المغامرة و يعطينا تاريخ العلم مثال على ذلك وهو غاليلي الذي كان يعلم ان كل من يخالف الكنيسة
سأيكون مصيره الموت رغم ذلك خاالفها فيما يتعلق باشكل الرض فكانت الكنيسة تقر باان الرض مستوية فيما
غاليلي رفض هذا العتقاد و اقر باان الرض كروية الشكل ولقد تعرض للسجن و التعذيب و حقيقة ل يمكن
ان ننكر اهمية العوامل النفسية في عملية الباداع ولكن قد تتوفر مختلف الفاعليات النفسية ال ان الباداع ل
يحدث لغياب الظروفا الجتماعية المؤلمة فهذا التجاه تجاهل اهمية العوامل النفسية وليس كل من يفعل
يبدع فالسواء العظم من الناس ال ما تهيجوا خالفوا ورائهم آآثار السلبية من شتم و تخريب ،بايارجاني
يصنف الهيجان باانه سألوك مخرب ومشوش علي مستوى الحسي و النفسي ليس كل ما باكيت يبدع فالكبت قد
يكون سأبل للعقد النفسية و النحرافا في السلوك كما ان الهام و القدرات العقلية و الصبر ليست متوفرة
عند جميع الناس وهو عدم تعجل النتائج فهناك من البحوث ما يستدعي وقت طويل حتي قيل " العبقرية
صبر طويل "و لنا في التاريخ السألمي نموذج على ذلك وهو المام البخاري الذي اسأتعرقت رحلته في
البحث عن الحاديث النبوية الشريفة ) نقد ،جمعا ،تمحيصا و تصنيفا ( 16سأنة و اخاراج كتاباه صحيح
البخاري الذي جمع الف حديث يقول "صنفت كتاباي الصحيح ل 16سأنة و اخارجته من 600الف حديث
وجعلته حجة قيما بايني و باين ال
ول يمكن انكار الجانب النفعالي الميل و الرغبة و الهتمام الشديد حيث رباط بارغسون الباداع باالنفعال قائل
" ان العلماء ....ل يبدعون في حالة جمود الدم بال في تيار نفسي ديناميكي "
النقد :
صحيح أن العوامل الذاتية ل غنى عنها في الباداع لكنها ل تكفي وحدها في غياب محيط اجتماعي مناسأب لن
باعض المجتمعات تقتل روح الباداع و تحول دون تفتق المواهب و ظهورها و ما يثبت ذلك ظاهرة هجرة
الدمغة من الدول الفقيرة التي ل توفر لمبدعيها ما يحتاجونه الى الدول الغنية المتطورة التي تقدر المبدع
و تعطيه الولوية مقارنة باالفراد العاديين و خاير مثال على ذلك الرسأام الهولندي الشهير فان غوغ )
Van Gogh (1890-1853الذي مات منتحرا و الحسرة تملئ قلبه لنه لم يستطع أن يكسب رضا النقاد
و لم يبع أي لوحة و هو حي حتى أن إحدى السيدات اشترت لوحة له باعد وفاته بافترة قصيرة لكي تسد باها
فجوة كانت في سأقف بايتها ثم باعدما بادأ الناس يقدرون أعماله الفنية-باعد فوات الوان -نزعتها من السقف و
بااعتها باثرة طائلة تجاوزت المليين .و المبدع أيضا مهما كان يملك من صفات ذاتية تدل على عبقريته فانه
يخضع رغما عنه لثقافة المجتمع الذي يعيش فيه و ما يحمله من قيم و مبادئ أخالقية تحدد نوع الباداع و
مجاله كما هو الحال مع فني الرسأم والنحت الذين دار حولهما جدال كبير باين علماء السألم باين محرم و
مباح جعل من وتيرة تطور هذين الفنيين متحفظة في المجتمعات السألمية مقارنة باما وصل إليه فن الرسأم
في أوروباا ،إضافة الى أن العوامل الذاتية التي ل تجد المناخ الجتماعي و الثقافي المناسأبين مصيرها الزوال
3
فهي تبقى مجرد طاقات كامنة في المبدع كالبذرة التي تذبال و تموت حين ل تجد الترباة الصالحة و
الرعاية الملئمة لنموها.
في المقابال يرى علماء الجتماع و على رأسأهم الفرنسي دور كايم ) Durkheim (1917-1858أن
الباداع ظاهرة اجتماعية باالدرجة الولى و هي تقوم على ما يوفره المجتمع من شروط مادية و معنوية
للمبدع فالنسان حسبهم كائن اجتماعي باطبعه وأن جميع وظائفه العقلية و منها التخيل الباداعي ل تنمو إل
في المجتمع و أن الباداع يرتبط بادرجة نمو المجتمع و حاجاته فالمبدع يبدع لمجتمعه ل لنفسه .
الحجج و البراهين:
فالباداع مظهر من مظاهر الحياة الجتماعية لنه يحدث إما لجلب منفعة أو دفع ضرر فالحاجة الجتماعية
هي التي تدفع الى الباداع حتى قيل » :الحاجة أم الخاتراع « إذ تظهر الحاجة في شكل مشكلة اجتماعية
ملحة تتطلب حل فإباداع كارل ماركس ) (1883-1818لفكرة الشتراكية إنما هو حل لمشكلة طبقة
اجتماعية مهضومة الحقوق و هي الطبقة العمالية التي كانت خااضعة لقهر و ظلم الرأسأماليين ،واكتشافا
العالم الفيزيائي و الرياضي اليطالي تورشيلي ) (1647-1608لقانون الضغط الجوي جاء كحل لمشكلة
زراعية و اجتماعية طرحها الفلحون عند تعذر ارتفاع الماء ﺇلى أكثر من 10.33م فقد شاعت فكرة
لرسأطو باين الناس تقول أن الطبيعة تخشى من الفراغ أي أن الطبيعة تمل الفراغ في كل الحوال ،و من
جهة أخارى سأجل تورشيلي ما لحظه سأقاؤوا فلورنسا) مدينة في ايطاليا ( في حيرة من أمرهم من أن الماء
ل يرتفع في المضخات الفارغة أكثر من 10.33م و أمام هذه الوضعية اضطر تورشيلي الى الفصل في
القضية فإما أن يأخاذ بافكرة أرسأطو و يرفض حادثة امتناع الماء عن الصعود في المضخات أو العكس فقد
حتم عليه الموقف دراسأة الظاهرة و تفسير طبيعتها و أثبت أن وجود قوة الضغط الجوي هي السبب في
تحديد ارتفاع الماء في النبوب فكلما كان الضغط أقوى كان ارتفاع الماء أعلى باالتالي وجد مخرجا لهذه
المشكلة الجتماعية .ﺇن عملية الباداع ترتبط باحالة العلم و الثقافة السائدة في المجتمع فالبيئات الجتماعية
و الثقافية المتشاباهة تؤدي إلى ظهور نفس الباداعات و لعل هذا ما يفسر لنا تشاباه الخاتراعات و الباداعات
المعرفية في أوروباا في القرن الثامن عشر فقد اكتشف نيوتن النجليزي ) (1727-1642و ليبنتز
اللماني ) ( 1716-1646حساب اللنهائيات في الرياضيات في زمان واحد من غير أن يكون لحدهما صلة
باالخار ،ونفس الحدث تقريبا وقع مع ريمان و هو عالم رياضي ألماني ) (1866-1826و العالم الرياضي
الروسأي لوبااتشيفسكي ) ( 1856-1793باخصوص إباداع هندسأات جديدة مخالفة لهندسأة إقليدس القديمة و
في ذلك يقول الفيلسوفا الفرنسي جاك بايكار »: Jacques Picardل يمكن حصول كشف علمي أو
اخاتراع جديد إل إذا كانت حالة العلم نسمح باذلك ،فإذا سأمحت حالة العلم باذلك تولد الخاتراع و نما
باالضرورة ،و كثيرا ما يتوصل العلماء ﺇلى اخاتراعات واحدة في زمان واحد «.هذا من الناحية اليجاباية لدور
4
المجتمع منة خالل توفير شروط الباداع الملئمة .أما ﺇن لم تكن شروط الباداع متوفرة في المجتمع فانه
لن يحصل و لن يتحقق و ما يثبت ذلك أنه من المحال و المستحيل أن يكتشف المصباح الكهرباائي في القرن
الساباع ميلدي لنه كاخاتراع يقوم على نظريات علمية فيزيائية لم تكن متوفرة و معروفة في ذلك الوقت
و لم يكن ممكنا اكتشافا الهندسأة التحليلية قبل عصر ديكارت لن الجبر و الهندسأة لم يبلغا من التطور ما
يسمح باالتركيب باينهما ثم ان العالم ماكسوال لم يكن ليكتشف الكهرو مغناطيسية و سأرعة انتشارها في
القرون الولي لن الجو لم يكن ملئما في تلك القرون ،كما ان اخاتلع التلغرافا ارتبط باثلثة علماء في
ان واحد دون ان يكون باينهم اي اتصال وهذا لتشاباه المجتمعات التي يعيشون فيها و لم يبدع شعراء كبار
مثل امرؤ القيس ،و زهير بان أباي سألمى ،وعنترة بان شداد الشعر المسرحي في عصرهم لن المسرح كفن لم
يكن معروفا حينذاك و لنه يقوم على المسارح و هي باناءات كبيرة و العرب في الجاهلية كانوا يسكنون
الخيام و كانوا دائمي الترحال و التنقل ،وتعذر على المخترع الندلسي و العالم الفلكي عباس بان فرناس
)توفي سأنة 887م( الطيران لن ذلك يقوم على نظريات علمية لم تكتشف في ذلك العصر؛ فقد عمد عباس
بان فرناس الى تغطية جسمه باالريش كما مد له جناحين طار باهما في الجو مسافة باعيدة ثم سأقط فتأذى في
ظهره و نحن نعرفا الن في عصرنا أن عضلت النسان ل تكفي للقيام بامهمة الطيران .كما أن التنافس باين
المجتمعات و سأعيها الى إثبات وجودها يجعل كل مجتمع يحفز أفراده على الباداع و يوفر لهم شروط
ذلك ،فالتنافس العسكري باين الو.م.أ و التحاد السوفياتي سأاباقا أثناء الحرب الباردة أدى الى الباداع في
مجال التسلح و اخاتراع القنبلة النووية ،ونفس الشيء في غزو الفضاء ،و أيضا الياباان لم تكن شيئا يذكر باعد
الحرب العامية الثانية فقد خارجت منها مدمرة لكن تنافسها القتصادي مع الو.م.أ و أوروباا الغرباية جعل منها
قوة اقتصادية خالقة و مبدعة) صناعة السيارات؛ اللكترونيات؛ صناعة الرسأوم المتحركة…( .يرتبط الباداع
أيضا باالتحفيز و التشجيع و المكافآت التي تقدمها الدول لمبدعيها حيث يكثر الباداع لدى الدول التي
تخصص ميزانيات ضخمة للبحث العلمي كالياباان؛ و الو.م.أ ؛و ألمانيا و ؛فرنسا ،فالوليات المتحدة
المريكية مثل تسخر المليير من الدولرات في باناء المخابار و تجهيزها بامختلف الوسأائل الحديثة و
المتطورة و التي تمكن علمائها من الكتشافا باالتالي الرقي و الزدهار للمجتمع المريكي ،وما المستوى و
المكانة التي تحتلها في العالم ﺇل دليل على ذلك .إضافة الى أن الشعراء في أزهى عصور الحضارة السألمية
كانوا يأخاذون ذهبا مقابال أشعارهم .ﺇن البيئة الجتماعية ل تكتفي باحمل العلماء على الخاتراع فقط بال تهيؤ
لهم الحلول التي يجب أن يتبعوها و النماط التي يجب أن ينسجوا على منوالها أباحاثهم ،فالمجتمع إذن ينظم
خايال المبدع لذا قال لكومب )فيلسوفا فرنسي من أصل بالجيكي توفي سأنة » :(1904ﺇن الخاتراع تنظيم
اجتماعي للتخيل التلقائي و غرض هذا التنظيم يلخص باأمرين :أولهما أنه يقيد العقل باهدفا اجتماعي فيفكر
العالم في نفع الجماعة و يفكر الفنان في إثارة عواطفها و إرضائها ،و ثانيهما نقد التراكيب الجديدة التي
ولدها التفكير التلقائي و حذفا ما ل يتفق منها مع الهدافا الجتماعية « .زيادة على أن كل عمل إباداعي و
فني إنما ينتج عن تأثير العرق و البيئة و الزمان حيث يقول الفيلسوفا الفرنسي تين )»: (1893-1828
5
ﺇن ﺇنتاجات الفكر البشري كانتاجات الطبيعة الحية ،ل توضح ال باتأثير البيئة ،ﺇنك ل تفهم أثرا فنيا أو
فنانا ،أو جملة من الفنانين ﺇل ﺇذا تصورت منازع الفكر العامة و اتجاهات الخالق و العادات في زمانهم «.و
من الذين أيدوا وجهة النظر هذه نجد الفيلسوفا الفرنسي و عالم الجتماع ليفي باويل )(1939-1857
الذي اعتبر أن الدين و الخالق و العلم والفن آثار اجتماعية باالذات و أن كل تبدل في هذه الوضاع إنما
ينشأ عن تأثير التبدلت الجتماعية ،فإباداع المثل الخالقية يتولد من الحوادث الجتماعية و الدليل على ذلك
أن القيم الخالقية الجديدة كالحرية و حقوق النسان قد تولدت في صدر المسيحية و السألم و عصر
النهضة و الثورة الفرنسية و الثورة الصناعية و غيرها من ثورات القرن التاسأع عشر و العشرين و ما ينطبق
على تولد المثل الخالقية ينطبق أيضا على تولد الخاتراعات فالعوامل التي تبعث عليها عوامل اجتماعية.
فالنسان حسب هذا الموقف ل يبدع ىمن العدم و انما يبدع انطلقا من ظروفا الجتماعية محيطة باه و التي
تمثل الطار الثقافي و الترباة الخصبة التي تنمو فييها الفكار الجديدة كما ان الحاجات الجتماعية تلعب دور
مهما في تحديد طبيعة الباداع لذلك قيل الحاجة ام الخاتراع " فانتشار داء الكلب او ما يعرفا باالجمرة
الحبيثة ادي الي عالم فرنسي لويس بااسأتور في اباتكار لقاح مضاد له .و يأكد دوركايم ان الباداع في اي
مجال علمي او تقني او فلسفي و فني يتوقف على درجة تطور الجتمع من جهة و على متطلباته من جهة
ثانية و مثال ذلك ان صناعة السألحة كانت بادافع الحاجة للدفاع عن النفس و كذلك الباداع يتأثر باحالة
العلم التقنية و الفلسفة و الفن فهي تطرح امام المبدع المشكلة طرحا اجتماعيا و تستفزه باإباداع و مثال
ذلك ان اخاتراع القنبلة الذرية يرجع الي التطور كبير الذي وصلت اليه الفيزياء الذرية
ان المجتمعات التي تشهد رقيا اقتصاديا يكون افرادها اكثر بانوغا و اباداعا علي اعتبار انها توفر الظروفا
الملئمة للمبدع ومن تلك تخصيص ميزانية للبحث العلمي ،تقدم التحضيرات مادية و المعنوية للمبدع و
توفير وسأائل الباداع هو باسمة المجتمعات المتطورة اقتصاديا مثل :وليات امريكية و الياباان و كندا باينما
دول العالم الثالث ل توفر الشروط للمبدع وهذا ما يجعله يتوجه نحو الغرب ) هجرة الدمغة ( فان ما
يصدق علي المجتمع يصدق على السأرة فهذه الخايرة التي توفر للفراد وسأائل الباداع مثل :اللعاب
التركيبية و للعاب اللغاز و مواقع و الحاسأوب و النترنات يكون الفرادها اكثر نبوغا و اباداعا
النقد :
صحيح أن للبيئة الجتماعية أهمية كبيرة في توفير شروط الباداع ،لكن الخاتراع الجديد كثيرا ما كان
ثورة على الوضاع القديمة و أن المجتمع كثيرا ما يكون عائقا أمام المبدع لن المجتمع نتيجة تأثير
العادات و التقاليد يكره كل تجديد و تبديل و المبدع باطبعه يحاول تجاوز الواقع حيث يقول العالم الفرنسي
لوروي ) »: Le Roy (1759-1686كل تركيب جديد يتولد من تحليل نقدي سأاباق « ،فالناس ل
يرتاحون للجديد لنهم ألفوا القديم" ويقول لوروي أيضا » :يتراءى للمعاصرين أن المخترع مصاب باالمس،
6
وذلك على قدر ما يخترع و على نسبة ما يحتاج ﺇلى تصورات ل وجود لها في الفكار المنتشرة في زمانه «،
و مما يلفت النظر أن مخترعي نظريات ما باعد الطبيعة يحشرون مع المجانين و أن المبدعين الجتماعيين
)في علم الجتماع( و الخالقيين يعدون ثوريين و فوضويين ،و أن المبدعين في الفن يعتبرون غير متزنين
حتى أن العلماء أنفسهم ل يفهم كلمهم أحد عند إتيانهم باالفكار الجديدة فيتهمون بامخالفة نظرياتهم
للحس السليم و عدم معقوليتها و ما حدث لسقراط و غاليلي الذين قتلوا باسبب أفكارهم لخير مثال على
ذلك .و لو كان الباداع راجعا لعوامل اجتماعية فقط لكان كل الفراد الذين يعيشون في بايئة واحدة و
متشاباهة مبدعين و الواقع يكذب ذلك ،ﺇذ كثيرا ما يظهر مبدعون في بايئات اجتماعية متخلفة و غير مناسأبة
و العكس قد يحصل أحيانا فدول الخليج رغم امتلكها اموال الطائلة ال ان افرادها ل يبدعون فقد تكون
الظروفا الجتماعية سأبيل للتحدي و الباداع و كما ان المجتمع قد تقف لعائق امام الفكار الجديدة و باقتل
روح المبادرة و الباداع.
التركيب :ان المبدع هو انتاج و محصلة التفاعل و التكامل باين النوعين من الشروط الولى نفسية ناباغة
من ذات الفرد و الثانية اجتماعية و مايحيط باه تتجاوز الفرد يقول كاسأتون باوتول " انه ل تفكير دون ذات
مفكرة ول اخاتراع دون مخترع " فعوامل الخاتراع يجب ان توجد كامل وظائف الفرد النفسية اذا ل يمكن
تصورها دون الحياة الجتماعية التي تعمل علي التعبير عنها وهذا ما عبر عنه ريبوا في قوله " مهما كان
الباداع فرديا ال ان له نصيبا اجتماعيا "
خااتمة :نستخلص عملية الباداع ل ترتبط باالشروط النفسية فقط و ل باعول الجتماعية ايضا و انما باهما
معا فحدوث اباداع مرتبط باتوفر عوامل نفسية و اجتماعية معا فإباداع النسان مرهون باقدرات النفسية و
العقلية التي يتميع باها الفرد و باالظروفا التي يوفرها المجتمع .
7