You are on page 1of 802

‫‪١٦٠ mm‬‬ ‫‪١٠ mm‬‬ ‫‪٥٠ mm‬‬ ‫‪١٠ mm‬‬

‫جمع اهلل لنبيه حممد ﷺ من خ�ص ��ال الكمال وحما�ص ��ن ال�ص ��فات ما‬
‫مت ّي ��ز ب ��ه عن �صائ ��ر اأهل الأر�ض‪ ،‬ف ��كان ا ّأم ًة جامعاً للخري‪ ،‬واأ�ص ��و ًة ح�صن ًة يف‬
‫ِ‬
‫وخ�صو�صهم‪،‬‬ ‫عمومهم‬‫رب‪ ،‬ومثا ًل راقياً يف التعامل مع النا�ض ِ‬ ‫كافة اأعمال ال ّ‬
‫�صغريِهم وكبريِهم‪ ،‬موؤم ِنهم وكافرِهم‪.‬‬
‫ين�صر املظلو َم‪ ،‬ويعني املحتا َج‪ ،‬وي�صرب على اأذى ال�صفيه‪ ،‬ويقابل ال�صيئة‬
‫باحل�صن ��ة‪ ،‬ويلق ��ى النا� ��ض بوج ��ه طلي ��ق‪ ،‬با�صم الثغ ��ر‪ ،‬ملي ��ح الطلعة‪ ،‬كرمي‬
‫العطاء‪ ،‬ح�صن الأداء‪.‬‬
‫�صخ�ص ��ه من م ��كارم الأخ ��اق اأق ّر‬
‫اإذا ا�ص ��تبان لع ��دوه م ��ا ينط ��وي عليه ُ‬
‫بالإمي ��ان‪ ،‬واأذع ��ن بالت�ص ��ديق‪ ،‬حت ��ى ق ��ال قائله ��م مل ��ا راأى من ك ��رمي خلقه‬
‫يل من‬ ‫وح�ص ��ن تعامل ��ه‪« :‬يا حمم ��د‪ ،‬واهلل ما كان على الأر�ض وج� � ٌه اأبغ�ض اإ ّ‬
‫وجهك‪ ،‬فقد اأ�ص ��بح وج ُهك اأحب الوجوه اإيلّ‪ .‬واهلل ما كان من دينٍ اأبغ�ض‬
‫بلد اأبغ�ض‬ ‫يل م ��ن دين ��ك فاأ�ص ��بح دينُك اأحب الدين اإيلّ‪ .‬واهلل م ��ا كان من ٍ‬ ‫اإ ّ‬
‫أحب الباد اإيلّ»‪.‬‬ ‫يل من بلدك فاأ�صبح بل ُدك ا ّ‬ ‫اإ ّ‬
‫ويف ه ��ذا الكت ��اب نتع� � ّرف على نبينا ﷺ من جهة تعاماته مع �ص � ِ‬
‫�نوف‬
‫اخللق على تباين �ص ��فاتهم وتغاير اأحوالهم؛ نتعرف عليه زوجاً واأباً وجاراً‬
‫و�ص ��احباً وبائع� �اً وم�ص ��رياً وقا�ص ��ياً ومفتي� �اً؛ وق ��د بعث ��ه اهلل عبداً ر�ص ��و ًل‪،‬‬
‫‪٢٤٠ mm‬‬

‫وحاه مبحا�صن ال�صفات‪.‬‬ ‫فج ّمله مبكارم الأخاق‪ّ ،‬‬


‫فتتبعن ��ا بع�ص� �اً من التعام ��ات النبوية لإبراز حما�ص ��ن َم ��ن كان خ ُلقُه‬
‫القراآن‪ ،‬الذي بعثه ربه ليتمم به مكارم الأخاق؛ فيعرف املوافق واملخالف‪،‬‬
‫النبي الأمي حينما‬ ‫واملقارب واملباعد‪ ،‬والعدو وال�صديق‪ ،‬كيف كان حال هذا ّ‬
‫يتواج ��د م ��ع النا� ��ض يف بيوته ��م واأ�ص ��واقهم وحماله ��م؟ وكي ��ف كان يتعامل‬
‫والرب والفاجر‪ ،‬والكرمي واللئيم؟ وما هو‬ ‫معه ��م وفيهم القريب والغريب‪ ،‬رَّ ُ‬
‫امل�ص ��تفاد من هذه الدرا�ص ��ة التي تف�ص ��ح عن جليل معاين ال�ص ��دق والكرم‪،‬‬
‫وغاية كمال ح�صن الأدب؟‬
‫ن�ص ��كر كل من اأ�ص ��هم يف هذا امل�صروع الكبري الذي انطلقت منه م�صاريع‬
‫عدي ��دة‪ ،‬ب ��داأت فع � ً�ا ‪-‬وهلل احلم ��د‪ -‬برجم ��ة ه ��ذا الكت ��اب ون�ص ��ره باللغ ��ة‬
‫الإنكليزية بن�ص ��ختني‪ :‬الأوىل ترجمة كاملة موجهة للم�ص ��لمني‪ ،‬والثانية‪:‬‬
‫ترجم ��ة خمت�ص ��رة موجه ��ة لغري امل�ص ��لمني‪ ،‬ون�ص� �األ اهلل الع ��ون يف اأن نكمل‬
‫ترجمته اإىل العديد من اللغات العاملية‪.‬‬

‫‪ISBN: 978-603-8047-59-0‬‬

‫‪publishing@zadgroup.net‬‬
‫موعة زاد للن�صر‪ ،‬ه�‬
‫فهر�صة مكتبة امللك فهد الوطنية اأ ناء الن�صر‬
‫املنجد‪ ،‬حممد �صالح‬
‫كيف عاملهم �صلى اهلل عليه و�صلم‪ / .‬حممد �صالح املنجد‪ ،‬ط‪ - .2‬الريا�ض‪1436 ،‬هـ‬
‫‪�800‬ض‪�24×16.5 ،‬صم‬
‫ردمك‪978-603-8047-59-0 :‬‬
‫اأ‪ .‬العنوان‬ ‫‪ .1‬ال�صرية النبوية‬
‫‪1436/1441‬‬ ‫ديوي‪239 :‬‬

‫رقم الإيداع‪1436/1441 :‬‬


‫ردمك‪978-603-8047-59-0 :‬‬

‫الطبعة الثانية‬
‫‪1436‬هـ‪2015/‬م‬

‫امتياز التوزيع‬ ‫النا�صر‬

‫اململكة العربية ال�صعودية ‪ -‬الريا�ض ‪ -‬املحمدية‬ ‫اململكة العربية ال�صعودية‬


‫طريق الأمري تركي بن عبدالعزيز الأول‬ ‫اخلرب ‪ -‬هاتف‪:‬‬
‫‪ -‬فاك�ض‪:‬‬ ‫هاتف‪:‬‬ ‫جدة ‪ -‬هاتف‪:‬‬
‫هاتف اين‪:‬‬ ‫جدة‬ ‫�ض‪.‬ب‪:‬‬
‫الريا�ض‬ ‫�ض‪.‬ب‪:‬‬ ‫‪www.zadgroup.net‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ ‪9 ............................................................‬‬
‫‪11 ..................................................................................................‬‬
‫‪15 .........................................................................‬‬
‫الرسول ﷺ القدو ُة احلسنة‪17 .....................................................................‬‬
‫بالنبي ﷺ ‪25 ....................................................................‬‬ ‫ِ‬
‫االقتداء‬ ‫جوانب‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪39 ....................................‬‬ ‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ مع زوجاته ‪41 ...................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع أبنائه وبناته‪109 .............................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع أحفاده ‪129 ..................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع أقاربه‪147 ....................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع جريانه‪167 ...................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع الضيوف واملستضيفني‪183 ...............................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫خواص أصحابه ‪203 ......................................................‬‬
‫ِّ‬ ‫النبي ﷺ مع‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع اخلدم واإلماء‪235 ..........................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫‪253 .............................‬‬ ‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ مع ذوي العاهات ‪255 .........................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫تعامله ﷺ مع أصحاب املصائب والبالء ‪275 .................................................‬‬
‫تعامله ﷺ مع الفقراء ‪301 .........................................................................‬‬
‫‪‬‬

‫النبي ﷺ مع األغنياء ‪353 .................................................................‬‬


‫تعامل ُّ‬
‫ِ‬
‫اهليئات‪381 ...........................................................‬‬ ‫النبي ﷺ مع ذوي‬ ‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع النابغني ‪425 .................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع املتخاصمني‪ .‬كيف كان يقيض بينهم؟ ‪459 ............................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫‪477 .................................‬‬ ‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ مع املسلمني اجلدد ‪479 ........................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع املستفتني ‪515 ................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع األعراب‪581 ................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع العصاة واملذنبني ‪611 ......................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع املنافقني ‪645 .................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫‪689 .............................................‬‬ ‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ مع عموم النساء ‪691 ...........................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع كبار السن ‪745 ..............................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫النبي ﷺ مع الصغار ‪761 .................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫‪775 ...............................................‬‬ ‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ مع اجل ِّن ‪777 .....................................................................‬‬
‫تعامل ُّ‬
‫الدواب ‪781 .................................................................‬‬
‫ِّ‬ ‫النبي ﷺ مع‬
‫تعامل ُّ‬
‫‪‬‬

‫كلمة النا�شر‬
‫ق�شة كتاب كيف عاملهم ﷺ‬
‫ٍ‬
‫س�نوات خلت‪ ،‬حيث بدأ الش�يخ حممد‬ ‫ٍ‬
‫كتاب قصة‪ ،‬وقص ُة كتابنا هذا تعود لتس�ع‬ ‫لكل‬
‫صال�ح املنجد بإلقاء سلس�لة من ال�دروس الرمضانية بعد صالة الرتاوي�ح بجامع عمر بن‬
‫‪ ،‬يف عامي ‪-1427‬‬ ‫عبد العزي�ز باخل�ر بعن�وان‪:‬‬
‫‪1428‬ه�‪ ،‬وأكملها بجامع خادم احلرمني الرشيفني بجدة يف عام ‪1429‬ه�‪.‬‬
‫ثم عرضها يف برنامج تلفزيوين عىل عدد من القنوات الفضائية بعنوان‪:‬‬
‫ﷺ ‪ ،‬ث�م كان اإلصدار الثاين منها بعنوان‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫خالل عامي ‪1433-1432‬ه�‪.‬‬ ‫وكذلك قدمها الشيخ يف الرنامج الرمضاين‪:‬‬
‫وم�ع اكت�ال هذا امل�رشوع‪ ،‬ونظ�ر ًا للتفاع�ل واإلقبال الذي ملس�ته املجموع�ة مع تلك‬
‫السالس�ل والرام�ج‪ ،‬وحاجة الناس ملعرفة اهلدي النب�وي يف التعامل مع أصناف البرش مع‬
‫تنوعه�م واخت�الف مراتبهم وأحواهل�م‪ :‬عكف الفري�ق العلمي يف جمموع�ة زاد عىل إعادة‬
‫صياغ�ة امل�ادة العلمية امللق�اة وترتيبها‪ ،‬واس�تكال كتابة منظومة ش�عرية تلخص جممل كل‬
‫موضوع يف هنايته‪.‬‬
‫وحرصنا فيها عىل مجع الروايات املقبولة من الس�نة والس�رية النبوية‪ ،‬واالقتصار عىل ما‬
‫تناوله الشيخ يف الرشح بأسلوب سهل وخمترص بعيد ًا عن التطويل‪.‬‬
‫م�ع توثي�ق النصوص واآلثار‪ ،‬وتقس�يم الكت�اب إىل أبواب وفصول‪ ،‬ث�م ارتأينا حذف‬
‫الفصول من داخل الكتاب حتى ال نقطع تسلسل القراءة مع اإلبقاء عىل األبواب‪.‬‬
‫‪‬‬

‫نرجو أن يكون هذا املرشوع إسهام ًا يف جتديد عرض السرية النبوية من خالل استعراض‬
‫اجلوانب االجتاعية يف حياة احلبيب املصطفى ﷺ وهديه يف التعامل مع الناس‪.‬‬
‫نش�كر كل من أس�هم يف هذا املرشوع الكبري الذي نرجو أن تنطلق منه مش�اريع عديدة‪،‬‬
‫فقد انتهينا ‪-‬وهلل احلمد‪ -‬من ترمجة الكتاب بنسختني األوىل ترمجة كاملة موجهة للمسلمني‪،‬‬
‫وأخرى خمترصة موجهة لغري املسلمني‪.‬‬
‫وي�ر جمموع�ة زاد للنرش أن تفت�ح املجال لتن�اول موضوعات الكت�اب وتفاصيله من‬
‫جوانب ختصصية تربوية واجتاعية‪ ،‬وأن تقوم بنرشها يف طبعات قادمة مدجمة أو منفصلة‪.‬‬
‫إن هذا العمل الذي استغرق سنوات عدة ُتثل مواسم مجيلة عاشها الشيخ حممد صالح‬
‫املنج�د م�ع طالبه ومتابعيه‪ ،‬كان ثمرهتا هذا الكتاب الذي هنديه لقرائنا األعزاء‪ ،‬فا كان من‬
‫توفيق فبفضل اهلل وحده‪ ،‬وال خيلو عمل من خلل‪ ،‬فجزى اهلل خري ًا من نبهنا عليه‪.‬‬
‫نس�أل اهلل تع�اىل أن يرزقن�ا مجيع� ًا اإلخالص والقب�ول‪ ،‬وأن يوفقنا ملا حي�ب ويرىض إنه‬
‫قريب جميب‪.‬‬

‫‪/ /‬‬
‫‪‬‬

‫احلمدُ هلل رب العاملني‪ ،‬وأش�هد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وحده ال رشيك له‪ ،‬وأش�هد أن حممد ًا‬
‫عبده ورسوله ﷺ تسلي ًا‪.‬‬

‫وبعد‪،‬‬
‫واملثل الصالح؛ با م ّن اهلل به عليه من ِ‬
‫اخللق‬ ‫كان يف رس�ول اهلل ﷺ القدو ُة احلس�نة ُ‬
‫فلقد َ‬
‫اجلم‪ ،‬فجعل من االقتداء به سبيال إليه ملن كان يرجو اهلل واليوم اآلخر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألدب ّ‬ ‫احلسن‬
‫الناس املتنو ِ‬
‫عة؛ ليتس�نّى‬ ‫ِ ّ‬ ‫ِ‬
‫رشائح‬ ‫ندرس حياته ﷺ‪ ،‬وكيف ّي َة تعامله مع‬
‫َ‬ ‫لذا ينبغي علينا أن‬
‫ٍ‬
‫صحيح‪.‬‬ ‫علمي‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫لنا االقتدا ُء به‬

‫بالنب�ي ﷺ‪ ،‬ولك�ن بغري علم؛ فيفس�دون‪ ،‬وال‬


‫ِّ‬ ‫َ‬
‫يروم�ون االقتدا َء‬ ‫ِ‬
‫الن�اس‬ ‫إن كث�ري ًا م�ن‬
‫يصلحون‪.‬‬

‫ومجع‬ ‫النبي ﷺ م�ع أصناف الن�اس‪،‬‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫ل�ذا فق�د حاولن�ا يف هذا الكت�اب تت ّبع معام�الت ِّ‬
‫وحجة للمستنّني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لتكون نراس ًا للمقتدين‪،‬‬
‫َ‬ ‫األحاديث يف ذلك؛‬
‫ٍ‬
‫أبواب‪:‬‬ ‫وقسمناه إىل ِ‬
‫ستة‬ ‫ّ‬

‫ِ‬
‫جوانب‬ ‫َ‬
‫واحلديث عن‬ ‫ُ‬
‫ويتن�اول معنى الق�دوة‪ ،‬وبيان أن األنبياء هم الذين يقتدى هب�م‪،‬‬
‫خاص ًة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫االقتداء باألنبياء عا ّم ًة‪ ،‬وبنب ّينا حممد ﷺ ّ‬
‫وقسمنا هذا الباب إىل فصلني‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪‬‬

‫الرسول ﷺ القدو ُة احلسنة‪.‬‬


‫جوانب االقتداء بالنبي ﷺ‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫واألوالد‪ ،‬واألحفاد‪ ،‬واألقارب‪ ،‬ومع‬ ‫ِ‬
‫الزوجات‪،‬‬ ‫ويتناول تعامل النبي ﷺ مع أهله من‬
‫ِ‬
‫اجلريان‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫من حوله من‬
‫ِ‬
‫سبعة فصول‪:‬‬ ‫قسمته إىل‬
‫وقد ّ‬
‫النبي ﷺ مع زوجاته‪.‬‬
‫تعامل ِّ‬
‫جوانب‪:‬‬
‫َ‬ ‫وقد شمل هذا الفصل احلديث عن عدة‬
‫‪ -‬اجلانب األول‪ :‬تعامل النبي ﷺ مع زوجاته‪.‬‬
‫ِ‬
‫لنساء املؤمنني‪.‬‬ ‫‪ -‬اجلانب الثاين‪ :‬تربية النبي ﷺ لنسائه؛ ليك َّن قدو ًة‬
‫‪ -‬اجلانب الثالث‪ :‬حلول املشكالت يف البيت النبوي‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع أبنائه‪ ،‬وبناته‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع أحفاده‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع أقاربه‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع اجلريان‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع الضيوف‪ ،‬واملستضيفني‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع خواص أصحابه‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ مع بعض الرشائح املجتمع ّية اخلاصة التي هلا بعض‬ ‫َ‬
‫تعامل ِّ‬ ‫الباب‬
‫ُ‬ ‫ويتناول هذا‬
‫خاص يتناسب مع تلك الصفات‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫الصفات التي حتتاج إىل تعامل‬
‫وقد قسمته إىل ِ‬
‫ثان فصول‪:‬‬ ‫ّ‬
‫تعامل النبي ﷺ مع اخلدم واإلماء‪.‬‬
‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع ذوي العاهات‪.‬‬


‫تعامل النبي ﷺ مع أصحاب املصائب والبالء‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع الفقراء‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع األغنياء‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع ذوي اهليئات‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع النابغني‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع املتخاصمني‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫ويتن�اول تعامل النبي ﷺ مع بع�ض الناس الذين حيتاجون إىل الدع�وة‪ ،‬والتأليف أكثر‬
‫من غريهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫مخسة فصول‪:‬‬ ‫قسمته إىل‬
‫وقد ّ‬
‫ِ‬
‫اجلدد‪.‬‬ ‫تعامل النبي ﷺ مع املسلمني‬
‫تعامل النبي ﷺ مع املستفتني‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع األعراب‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع العصاة واملذنبني‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع املنافقني‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫ويتناول تعامل النبي ﷺ مع بعض الرشائح العامة يف املجتمع‪.‬‬

‫وقد قسمته إىل ثالثة فصول‪:‬‬


‫تعامل النبي ﷺ مع عموم النساء‪.‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع كبار الس ِّن‪.‬‬
‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع الصغار‪.‬‬


‫ﷺ‬
‫وقد قسمته إىل فصلني‪:‬‬
‫تعامل النبي ﷺ مع اجل ِّن‪.‬‬
‫الدواب‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫تعامل النبي ﷺ مع‬
‫التوفيق‪ ،‬والسدا َد‪ ،‬والقبول‪.‬‬
‫َ‬ ‫ونسأل اهلل تعاىل‬
‫اﻟﺒﺎب اول‪:‬‬

‫ﻗﺪوة ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‬
‫الر�شول ﷺ القدو ُة احل�شنة‬

‫يق�ول اهلل ‪( :D‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬


‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) ]األحزاب‪.[21 :‬‬
‫ِ‬
‫أقواله‬ ‫ِ‬
‫برس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫ّأس‬ ‫» ِ‬
‫هذه اآلي ُة الكريم ُة ٌ‬
‫كبري يف الت ّ‬
‫أصل ٌ‬ ‫‪V‬‬
‫ِ‬
‫وأحواله«)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫وأفعاله‬
‫وملا أرسله اهللُ تعاىل رمح ًة للعاملني وهداي ًة للناس صار املثل األعىل والقدو َة احلسن َة للذين‬
‫علو ًا يف األرض وال فساد ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫يريدون ّ‬ ‫اآلخر‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يرجون اهلل واليو َم‬

‫املرا ُد بالقدوة‪:‬‬
‫الناس خطا ُه ويت َ‬
‫ّبعون‬ ‫فالن قدو ٌة« إذا َ‬
‫كان مم ّ ْن يأتيس ُ‬ ‫فيقال‪ٌ » :‬‬
‫اسم ملن يقتدى به‪ُ ،‬‬
‫القدوةُ‪ٌ :‬‬
‫طريقت ُه‪.‬‬
‫ِ‬
‫برسول اهلل ﷺ‪ ،‬وخاص ًة مع كثرة الدّ عاوى الباطلة‬ ‫وما أشدَّ حاج َة املسل ِم اليو َم إىل ّ‬
‫التأس‬
‫الشبهات ّ‬
‫والشهوات ليصدّ وا عن سبيل اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العرص الذي حيشدُ فيه أعدا ُء اهلل فت َن ّ‬ ‫يف هذا‬
‫حي�ث كونه إمام� ًا‪ ،‬وقاضي� ًا‪ ،‬وحاك ًا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فأردن�ا يف ه�ذا الكت�اب أن نتك ّل�م عنه ﷺ‪ ،‬من‬
‫ومصلح� ًا‪ ،‬ومع ّل� ًا‪ ،‬ومر ّبي� ًا‪ ،‬وزوج� ًا‪ ،‬وأب ًا‪ ،‬ومدي�ر ًا‪ ،‬وقائ�د ًا‪ ،‬وعامالً‪ ...‬وغ�ري ذلك من‬
‫جوانب شخص ّيته ﷺ‪ ،‬مستبرصين با ثبت يف السنة الصحيحة من ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ويس�ري عىل خطاها؛ ُّ‬


‫ف�كل ما يفعله‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فه�و الق�دو ُة املث�ىل التي ينبغي للمس�ل ِم أن يتّبعها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وقدوة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أسوة‬ ‫أو يقوله‪ ،‬هو فيه ُّ‬
‫حمل‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري [‪.[391/6‬‬


‫‪‬‬

‫فبهداهم اقتد ْه‪:‬‬


‫ُ‬
‫قبله‪ ،‬فق�ال تع�اىل‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ‬ ‫ِ‬
‫باألنبياء م�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫باالقت�داء‬ ‫أم�ر اهلل نب ّي� ُه‬
‫وق�دْ َ‬
‫ﯱ ﯲ) [األنعام‪.[90 :‬‬
‫ِ‬
‫كان ه�ذا أم�ر ًا‬ ‫(ﯱ ﯲ) ق�ال اب�ن كث�ري ‪» :V‬أي‪ :‬اقت�د وات ْ‬
‫ّب�ع‪ .‬وإذا َ‬
‫تبع له فيا يرشعه‪ ،‬ويأمرهم به«)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫للرسول ﷺ فأ ّمت ُه ٌ‬
‫للمؤمنني هبم؛ فإهنم‬ ‫ِ‬
‫األنبياء عر ٌة‬ ‫ِ‬
‫قصص‬ ‫ش�يخ اإلس�الم ابن تيمية ‪» :V‬ويف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويقول‬
‫َ‬
‫ابتيل ِبه‬ ‫أكثر من ذلك‪ ،‬وال ييأس�وا إذا ابتلوا َ‬
‫بذلك‪ ،‬ويعلموا أن�ه قد َ‬ ‫ال ب�دَّ أن يبتل�وا با ه�و ُ‬
‫املذنب‪ ،‬ويقوى ُ‬
‫إيان‬ ‫ِ‬
‫ويت�ب‬ ‫املرتاب‪،‬‬ ‫خري‪ ،‬فليتي ّق ِن‬ ‫ِ‬
‫وكانت العاقب� ُة إىل ٍ‬ ‫خري منهم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫م�ن هو ٌ‬
‫ِ‬
‫باألنبياء«)‪.(2‬‬ ‫يصح االتّسا ُء‬
‫املؤمنني‪ ،‬فبها ُّ‬

‫وعبادته‪:‬‬
‫ِ‬ ‫طاعة اهلل تعاىل‬
‫ِ‬ ‫‪ .1‬الق ّو ُة يف‬
‫ِ‬
‫األنبياء عليهم الصال ُة والس�ال ُم‪ُ ،‬‬
‫حيث إهنم‬ ‫وه�ذه الصف ُة العظيم ُة م�ن أبرز ما يف ِ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬

‫الناس عبادةً‪ ،‬وصالةً‪ ،‬وإخبات ًا هلل ‪ ،D‬وه�ذا معنى قوله تعاىل‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ِ‬ ‫أكث�ر‬
‫ُ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [ص‪.[45 :‬‬
‫ِ‬
‫العبادة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القوة يف‬ ‫عن عطاء اخلراساين ‪ V‬قال‪(» :‬ﭳ ﭴ ﭵ)‪ ،‬أي‪ :‬أويل‬
‫والعل ِم ِ‬
‫بأمر اهلل»‪.‬‬
‫ِ‬
‫العبادة‪ ،‬وبرص ًا يف الدين»)‪.(3‬‬ ‫قو ًة يف‬
‫وعن قتاد َة ‪ V‬قال‪« :‬أعطوا ّ‬
‫والشواهدُ يف ذكر عبادة األنبياء عليهم الصالة والسالم كثريةٌ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫إبراهيم ‪( :S‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ‬ ‫ِ‬
‫لسان‬ ‫قوله تعاىل عىل‬
‫َ‬
‫ﯪ ﯫ) [إبراهيم‪.[40 :‬‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري [‪.[190/2‬‬


‫)‪ (2‬جمموع الفتاوى [‪.[178/15‬‬
‫)‪ (3‬جمموع الفتاوى [‪.[170/19‬‬
‫َ‬
‫إس�اعيل ‪( :S‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫وقوله تعاىل يف ِ‬
‫مدح‬
‫ﭶ) [مريم‪.[55 :‬‬

‫وإسحاق ويعقوب ‪( :Q‬ﭑ ﭒ ﭓ‬


‫َ‬ ‫وقوله تعاىل يف ِ‬
‫مدح إبراهيم‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ) [األنبياء‪.[73 :‬‬

‫غفر له‬
‫وقوته فيها كثري ٌة جدًّ ا‪ ،‬مع أنه قد َ‬
‫أم�ا نب ّينا حممدٌ ﷺ‪ ،‬فالش�واهدُ عىل كثرة عبادت�ه ّ‬
‫تأخ َ�ر‪ ،‬فهو الذي قال له ربه ‪( :D‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫م�ا تقدّ َم من ذنبه وما ّ‬
‫ﭖ ﭗ) [اإلنسان‪.[26 :‬‬
‫َ‬
‫وقال له‪ ...( :‬ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [مريم‪.[65 :‬‬

‫وق�ال تع�اىل‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ)‬


‫[اإلرساء‪.[79 :‬‬

‫عبادتهم‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ودعائهم لهُ �شبحانهُ م َع ق ّو ِة‬
‫ْ‬ ‫عهم‬ ‫ذكرهم هلل ‪ ،D‬و�شدّ ُة ّ‬
‫ت�شر ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪ .2‬كرث ُة‬

‫ويترضعون‬ ‫لرهبم س�بحانه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فكانوا يكثرون من ِ‬


‫ّ‬ ‫ذكر اهلل يف كل األوقات‪ ،‬وكانوا خيبتون ّ‬
‫وتنوعها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫له‪ ،‬ويدعونه دعا ًء متواصالً‪ ،‬مع كثرة عبادهتم‪ ،‬وطوهلا ّ‬
‫ذكر اهلل ‪ D‬كيف كان أنبياؤه ورسله ‪-‬صلوات اهلل وسالمه عليهم‪ -‬يترضعون إليه‬
‫وقد َ‬
‫يف قض�اء حوائجهم‪ ،‬ويتوس�لون إليه بت�ام فقرهم إليه ورغبتهم؛ فق�ال تعاىل‪( :‬ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [األنبياء‪.[84-83 :‬‬

‫وق�ال تعاىل‪( :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬


‫ﮛﮜﮝﮞ ﮟﮠﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ‬
‫ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ‬
‫‪‬‬

‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ)‬
‫[األنبياء‪.[90-87 :‬‬

‫امللات؛ ففي يوم‬ ‫ِ‬


‫والترضع‪ ،‬وخاص�ة يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدعاء‬ ‫كث�ري‬
‫َ‬ ‫وكان ﷺ ش�ديد اللج�وء إىل اهلل‪،‬‬
‫عمر ِ‬
‫بن‬ ‫بدر اش�تدت مناجاته لربه‪ ،‬ومناش�دته إياه أن ينرصه ومن معه من املس�لمني؛ فعن َ‬
‫هيتف‬ ‫َ‬
‫فجعل ُ‬ ‫اس�تقبل نب�ي اهلل ﷺ القبل َة‪ ،‬ثم مدَّ ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كان يو ُم ٍ‬
‫بدر‬ ‫�اب ‪ I‬قال‪ّ :‬ملا َ‬ ‫اخل ّط ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫برب ِ‬
‫�ه‪» :‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫سقط‬ ‫ِ‬
‫القبلة حتّى‬ ‫َ‬
‫مس�تقبل‬ ‫هيتف برب ِه مادا ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫»‪ ،‬فا َ‬
‫زال ُ ّ ًّ‬
‫ِ‬
‫ورائه‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ثم التزم ُه م ْن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫منكبيه‪ ،‬فأتا ُه أبو ٍ‬
‫فأخذ رداء ُه‪ ،‬فألقا ُه عىل منكبيه‪َّ ،‬‬ ‫بكر‪،‬‬ ‫رداؤ ُه ع ْن‬
‫َ‬
‫وعدك»)‪.(1‬‬ ‫سينجز َ‬
‫لك ما‬ ‫ُ‬ ‫مناشدتك ر ّب َك؛ فإ ّن ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كفاك‬ ‫نبي اهلل‪،‬‬
‫«يا َّ‬
‫ذكر اهلل ‪:D‬‬
‫ؤهم عندَ ِ‬
‫خ�شوعهم وبكاو ْ‬
‫ْ‬ ‫‪.3‬‬

‫(ﮆ ﮇ‬ ‫‪D‬‬

‫ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬
‫ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) ]مريم‪.[58 :‬‬
‫وكان ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ أخشى الناس هلل‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫«)‪.(2‬‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫وكان ﷺ يقول‪» :‬‬

‫العلم باهلل ‪:D‬‬


‫بهديهم يف ق ّو ِة ِ‬
‫ْ‬ ‫االقتداء‬
‫ُ‬ ‫‪.4‬‬

‫فأنبياء اهلل ورس�له صىل اهلل عليهم وس�لم‪ ،‬قد أورثهم هذا العلم تام اإليان واليقني به‬
‫سبحانه‪ ،‬فهم أعلم الناس باهلل‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1763‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]20‬ومسلم [‪– ،]1110‬واللفظ له– عن عائشة ‪.J‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ]3522‬عن أم سلمة ‪ ،J‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4801‬‬
‫والعب�د كل�ا كان أعلم بربه كلا كان أش�د تعظي ًا ل�ه وإخبات ًا وعب�اد ًة وخوف ًا وإخالص ًا‬
‫وحمب ًة‪.‬‬
‫ِ‬
‫اآلخرة إال عىل‬ ‫ِ‬
‫والفالح ال يف الدنيا‪ ،‬وال يف‬ ‫ِ‬
‫الس�عادة‬ ‫َ‬
‫س�بيل إىل‬ ‫قال اب ُن الق ّيم ‪« :V‬ال‬
‫ينال‬ ‫ِ‬
‫التفصيل إال من جهتهم‪ ،‬وال ُ‬ ‫ِ‬
‫واخلبيث عىل‬ ‫َ‬
‫س�بيل إىل معرفة الط ّيب‬ ‫الر ِ‬
‫س�ل‪ ،‬وال‬ ‫أيدي ّ‬
‫رضا اهلل الب ّت َة إال عىل أيدهيم‪.‬‬

‫ليس إال هد َهيم‪ ،‬وما جاؤوا به‪.‬‬ ‫ِ‬


‫واألقوال‪ ،‬واألخالق َ‬ ‫ِ‬
‫األعال‪،‬‬ ‫فال ّط ّي ُ‬
‫ب من‬
‫ُ‬
‫واألخالق‪،‬‬ ‫ُ‬
‫األقوال‪،‬‬ ‫ُ‬
‫توزن‬ ‫الراجح الذي عىل أقواهلم‪ ،‬وأعاهلم‪ ،‬وأخالقهم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫امليزان‬ ‫فهم‬
‫ُ‬
‫أهل اهلدى من ِ‬
‫أهل الضالل‪.‬‬ ‫واألعال‪ ،‬وبمتابعتهم يتم ّي ُز ُ‬
‫ُ‬

‫والر ِ‬
‫وح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والع�ني إىل نورها‪ّ ،‬‬ ‫البدن إىل روحه‪،‬‬ ‫رضورة‬ ‫أعظ�م من‬
‫ُ‬ ‫فال�رضور ُة إليهم‬
‫الر ِ‬
‫س�ل فو َقها‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وحاجة ُف ِر َض ْ‬ ‫ٍ‬
‫ت‪ ،‬فرضور ُة العبد وحاجت ُه إىل ّ‬ ‫رضورة‬ ‫ف�أي‬
‫إىل حياهت�ا‪ُّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بكثري‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عنك هديه‪ ،‬وما جا َء به طرف َة ٍ‬ ‫غاب َ‬
‫كاحلوت‬ ‫وصار‬
‫َ‬ ‫قلبك‪،‬‬ ‫عني‪ ،‬فسدَ‬ ‫وما ظن َّك بم ْن إذا َ‬
‫ِ‬
‫املقالة‪.‬‬ ‫ووضع يف‬ ‫إذا َ‬
‫فارق املا َء‪،‬‬
‫َ‬
‫حيس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أعظم‪ ،‬ولكن ال ُّ‬ ‫ُ‬ ‫احلال‪ ،‬ب�ل‬ ‫الرس�ل كهذه‬ ‫فح�ال العب�د عند مفارقة قلبه ملا جا َء به ّ‬
‫جلرح بمي ٍ‬
‫ت إيال ُم‪.‬‬ ‫ٍ ّ‬ ‫حي‪ ،‬وما‬
‫قلب ٌّ‬ ‫هبذا إال ٌ‬
‫فيج�ب عىل َّ‬ ‫ِ‬
‫نصح‬
‫كل من َ‬ ‫ُ‬ ‫كان�ت س�عاد ُة العبد يف الداري�ن معلق ًة هبدي ِّ‬
‫النبي ﷺ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وإذا‬
‫خي�رج به عن‬ ‫ِ‬
‫وش�أنه ما‬ ‫ِ‬
‫وس�ريته‪،‬‬ ‫يع�رف من هديه‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأح�ب نجاهت�ا‪ ،‬وس�عادهتا أن‬ ‫نفس� ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وشيعته‪ ،‬وحزبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أتباعه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عداد‬ ‫ُ‬
‫ويدخل به يف‬ ‫اجلاهلني به‪،‬‬
‫ُ‬
‫والفضل بيد اهلل يؤتيه من يش�اء‪ ،‬واهلل‬ ‫ٍ‬
‫ومس�تكثر‪ ،‬وحمرو ٍم‪،‬‬ ‫ٍّ‬
‫مس�تقل‪،‬‬ ‫والناس يف هذا بني‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفضل العظي ِم»)‪.(1‬‬ ‫ذو‬

‫)‪ (1‬زاد املعاد [‪.[69/1‬‬


‫‪‬‬

‫بالنبي ﷺ؟‬
‫ِّ‬ ‫ملاذا نقتدي‬
‫‪ .1‬الأن حياته هي حياة اأكمل النا�س‪:‬‬

‫ف عىل‬ ‫نتعر َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اخت�ار ُه اهلل ‪ D‬ع�ن عل ٍم‬


‫فكان ال ب�دَّ أن ّ‬ ‫الب�رش؛‬ ‫وحكم�ة‪ ،‬واصطفا ُه عىل‬
‫عني اهلل ‪F‬؛ لع ّلها أن تكون نراس� ًا حلياتنا‪ ،‬ونجا ًة‬ ‫صنعت عىل ِ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫املباركة التي‬ ‫ِ‬
‫احلياة‬ ‫هذه‬
‫أل ّمتنا‪.‬‬

‫أمر اهلل ‪:D‬‬ ‫ً‬


‫طاعة ال ِ‬ ‫‪.2‬‬

‫والتأس هبديه‪ ،‬قال اهلل ‪( :D‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ِ‬


‫باالقت�داء به‪،‬‬
‫ّ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [األحزاب‪.[21 :‬‬

‫وق�ال‪( :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ)‬


‫[النور‪.[63 :‬‬

‫لع�شمة اهلل ‪ D‬لهُ ‪:‬‬


‫ِ‬ ‫‪.3‬‬

‫فحري بمن‬ ‫يقر عليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬


‫ٌّ‬ ‫اخلط�أ مل َّ‬ ‫وقع منه‬
‫لل‪ ،‬ولو َ‬ ‫حلف�ظ اهلل ‪ D‬ل� ُه‪ ،‬وعصمته له من ّ‬
‫ف عىل هديه‪.‬‬
‫ويتعر َ‬
‫ّ‬ ‫وتدرس حيات ُه‪،‬‬
‫َ‬ ‫هذه صفاته أن يقتدى به‪،‬‬

‫حياته ﷺ الع ُ‬
‫رب‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ .4‬يف‬
‫ِ‬
‫باإلي�ان والتوحيد‪ ،‬أو فيا‬ ‫ِ‬
‫والعر؛ س�وا ٌء م�ا يتع ّل ُق‬ ‫ِ‬
‫العظات‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ألن يف دراس�ة حيات�ه أك َ‬
‫ِ‬
‫الباطل وأهله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدعوة‪ ،‬والرصا ِع مع‬ ‫يتع ّل ُق بأخالقه وسلوكه‪ ،‬أو هبديه ومنهجه‪ ،‬وصره يف‬

‫ّ�شر‪:‬‬
‫الفالح والن ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫�شرط‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫االقتداء بالن ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪.5‬‬

‫نفلح أبد ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫برس�ول اهلل ﷺ يف أقواله وأفعاله وش�ائله‪ ،‬ومل نقتف أثر ُه؛ فلن َ‬ ‫نتأس‬
‫فإذا مل َّ‬
‫ننترص أبد ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ولن‬

‫أحواله‪:‬‬
‫ِ‬ ‫كل ا‬ ‫ٌ‬
‫قدوة يف ِّ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫‪ .6‬الن ُّ‬
‫النبي‬ ‫النب�ي َ‬
‫األخ؟ ومن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الزوج؟ ومن‬
‫َ‬ ‫النبي‬ ‫َ‬
‫الرجل؟ وم�ن ِّ‬ ‫النبي‬ ‫ِ‬
‫جيع�ل اهلل ‪ D‬م�ن ِّ‬ ‫أمل‬
‫النبي قدو ًة لنا‬ ‫ِ‬
‫جيعل اهلل ‪ D‬ش�خص ّي َة ِّ‬ ‫النبي القائدَ ؟ أمل‬
‫احلاكم؟ ومن ِّ‬
‫َ‬ ‫النبي‬
‫الصديق؟ ومن ِّ‬
‫َ‬
‫يف كل أحواله؟‬

‫به‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫�شرورة لالقتداءِ ِ‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ُ‬
‫معرفة �شري ِة الن ِّ‬
‫ِ‬
‫هبديه؟‬ ‫ِ‬
‫االقتداء لتعرف كيف هتتدي‬ ‫ِ‬
‫جانب‬ ‫وقفة متأن ٍ‬
‫ّية عند‬ ‫فال بدَّ إذ ًا من ٍ‬

‫ّبع سنّت ُه؟‬


‫كيف تت ُ‬
‫َ‬
‫النبي ﷺ أسو ًة لك؟‬ ‫ُ‬
‫يكون ُّ‬ ‫كيف‬
‫ال ب�د لذلك من االط�الع عىل جوانب من حياته وس�ريته ومواقف�ه وعالقاته بأصناف‬
‫الناس عىل اختالف أجناسهم وأحواهلم‪.‬‬
‫بالنبي ﷺ‬
‫ِّ‬ ‫جوانب االقتداءِ‬
‫ُ‬

‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تواطأ عليها‬ ‫األخالق الت�ي‬ ‫مجيع م�كار ِم‬
‫حوت َ‬‫ْ‬ ‫إن املتأ ّم َ�ل يف س�رية ِّ‬
‫النبي ﷺ جي�دُ أهنا‬
‫ِ‬
‫البرش‪ ،‬ونبالؤهم‪.‬‬ ‫فضال ُء‪ ،‬ونجبا ُء‬

‫احل�شن‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اخللق‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫قدوة يف‬ ‫فه َو ﷺ‬

‫قال اهلل ‪( :E‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [القلم‪.[4 :‬‬

‫ويغضب لغضب�ه‪ْ ،‬مل ْ‬


‫يكن فاحش� ًا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الق�رآن)‪ ،(1‬ي�رىض لرض�ا ُه‪،‬‬ ‫َ‬
‫ف�كان خلق� ُه ﷺ‬
‫الس� ّي َئة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن يعفو‬
‫ْ‬ ‫صخاب� ًا يف األس�واق‪ ،‬وال جي�زي ّ‬
‫بالس� ّيئة ّ‬ ‫متفحش� ًا)‪ ،(2‬وال ّ‬‫ّ‬ ‫وال‬
‫ويصفح)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫رأيت أحد ًا أحسن خلق ًا م ْن رسول اهلل ﷺ«)‪.(4‬‬
‫قالت‪« :‬ما ُ‬
‫حيي ‪ْ J‬‬
‫وع ْن صف ّية بنت ٍّ‬
‫فعلت‬ ‫ل�م‬ ‫ٍ‬ ‫سنني‪ ،‬ما علمت ُه َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫قال ليشء صنعت ُه‪َ :‬‬ ‫تسع َ‬‫أنس ‪« :I‬واهلل لقدْ خدمت ُه َ‬ ‫وقال ٌ‬
‫فعلت كذا وكذا»)‪.(5‬‬ ‫هال‬ ‫ٍ‬
‫ليشء تركت ُه‪ّ :‬‬ ‫كذا وكذا؟ ْأو‬
‫َ‬

‫ّاس خلق ًا‪ ،‬فأرس�لني يوم ًا‬ ‫ِ‬


‫أحس�ن الن ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫أن�س ‪ I‬أيض ًا‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫َ‬
‫وق�ال ٌ‬
‫فخرجت حتّى‬ ‫نبي اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أذهب‪ ،‬ويف نفيس ْ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫أذهب ملا أمرين به ُّ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل ال‬
‫ُ‬ ‫حلاجة‪،‬‬
‫بقفاي م ْن ورائي‪،‬‬ ‫قب�ض‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قدْ َ‬ ‫�وق‪ ،‬فإذا‬‫يلعبون يف الس ِ‬
‫َ‬ ‫وهم‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أم�ر عىل صبيان‪ْ ،‬‬‫َّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪ ]746‬عن عائشة ‪.J‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3559‬ومسلم [‪ ]2321‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪.L‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ]2016‬عن عائشة ‪.J‬‬
‫ٍ‬
‫بإسناد حسن كا قال احلافظ ابن حجر يف فتح الباري [‪.[575/6‬‬ ‫)‪ (4‬رواه ال ّط ُّ‬
‫راين يف األوسط [‪]6578‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]2768‬ومسلم [‪.[2310‬‬
‫‪‬‬

‫نعم‬ ‫»‪َ ،‬‬ ‫يضحك‪َ ،‬‬


‫ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫فقال‪» :‬‬ ‫وهو‬
‫فنظرت إليه َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل)‪.(1‬‬ ‫أذهب يا‬
‫ُ‬ ‫أنا‬
‫احللم‪ ،‬والعف ِو‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف‬
‫ق�ال اهلل ‪( :D‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ) ]آل عمران‪.[159 :‬‬
‫ُ‬
‫غليظ‬ ‫نجراين‬ ‫ِ‬
‫وعليه ب�ر ٌد‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أن�س ِ‬
‫ِ‬
‫ٌّ‬ ‫مع الن ِّ‬
‫«كن�ت أميش َ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫وع� ْن‬
‫ّبي ﷺ قدْ‬ ‫صفح�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب‪ ،‬فجذب ُه جذب ًة ش�ديد ًة حتّى‬ ‫ِ‬
‫عاتق الن ِّ‬ ‫نظرت إىل‬
‫ُ‬ ‫احلاش�ية‪ ،‬فأدرك ُه أعرا ٌّ‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬مر يل م ْن ِ‬
‫م�ال اهلل ا ّلذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ّث ْ ِ‬
‫فالتفت‬
‫َ‬ ‫عندك‪،‬‬ ‫ثم َ ْ‬ ‫الرداء؛ م ْن ش�دّ ة جذبته‪َّ ،‬‬ ‫�رت به حاش�ي ُة ّ‬
‫ٍ‬
‫بعطاء»)‪.(2‬‬ ‫أمر ل ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ثم َ‬‫فضحك‪َّ ،‬‬ ‫إليه‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وقدوة يف احلياءِ ‪:‬‬
‫ِ‬
‫العذراء يف خدرها‪ ،‬فإذا‬ ‫ّبي ﷺ أشدَّ حيا ًء م َن‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫اخلدري ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬
‫«كان الن ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫سعيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫ِ‬
‫وجهه»)‪.(3‬‬ ‫رأى شيئ ًا يكره ُه عرفنا ُه يف‬
‫حمة‪:‬‬
‫والر ِ‬
‫فقة ّ‬
‫ال�ش ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف ّ‬

‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [األنبياء‪.[107 :‬‬


‫يركع هبا‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ليل� ًة‪ ،‬فقر َأ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ذر ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪ّ :‬‬
‫أصب�ح ُ‬
‫َ‬ ‫بآي�ة حتّى‬ ‫ص�ىل‬ ‫وع� ْن أيب ٍّ‬
‫ويسجدُ هبا‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [املائدة‪،[118 :‬‬
‫تركع هبا‪ ،‬وتسجدُ هبا‪.‬‬ ‫زلت تقر ُأ ِ‬
‫هذه اآلي َة حتّى‬ ‫َ‬
‫أصبحت ُ‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬ما َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫أصبح ُ‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫‪D‬‬ ‫َ‬
‫قال‪» :‬‬
‫«)‪.(4‬‬ ‫‪D‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2310‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3149‬ومسلم [‪.[1057‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6102‬ومسلم [‪.[2320‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]20821‬وحسنه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫ّب�ي ﷺ يف ٍ‬
‫نفر م ْن قوم�ي‪ ،‬فأقمنا عند ُه‬ ‫ِ‬ ‫وع�ن ِ‬
‫مالك ِ‬
‫أتيت الن َّ‬
‫احلويرث ‪ I‬ق�ال‪ُ :‬‬ ‫ب�ن‬ ‫ْ‬
‫فلا رأى ش�وقنا إىل أهالينا؛ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫وكان رحي ًا رفيق ًا‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫عرشي� َن ليل ًة‪،‬‬
‫«)‪.(1‬‬
‫العهد‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ح�شن‬
‫ِ‬ ‫املحافظة على‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف‬
‫غرت عىل خدجي َة‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّبي ﷺ ما ُ‬
‫غرت عىل أحد م ْن نساء الن ِّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬ما ُ‬
‫ثم يق ّطعها أعضا ًء‪َّ ،‬‬
‫ثم يبعثها يف‬ ‫الشاةَ‪َّ ،‬‬‫ذبح ّ‬
‫يكثر ذكرها‪ ،‬ور ّبا َ‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬ ‫رأيتها‪ ،‬ولك ْن َ‬
‫كان الن ُّ‬
‫ُ‬
‫فيقول‪» :‬‬ ‫قلت ل ُه‪ :‬كأ ّن ُه مل ْ يك ْن يف الدّ نيا ام�رأ ٌة ّإال خدجي ُة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صدائ�ق خدجي� َة‪ ،‬فر ّبا ُ‬
‫«)‪.(2‬‬
‫ٌ‬
‫وقدوة يف التّوا�ش ِع‪:‬‬
‫قال اهلل ‪ E‬لنب ّيه ﷺ‪( :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) ]الشعراء‪،[215 :‬‬
‫والر ِ‬
‫فق لفقراء املؤمنني‪،‬‬ ‫ني‪ّ ،‬‬‫وارفق هبم‪ .‬أمر ُه اهلل ‪ F‬بالتواض�ع‪ ،‬وال ّل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫جانبك‪،‬‬ ‫لني‬
‫يعن�ي‪ْ ّ :‬‬
‫وغريهم من املسلمني‪.‬‬
‫فتنطلق به ُ‬
‫حيث‬ ‫تأخذ ِ‬
‫بيده‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وكانت اجلاري� ُة‬ ‫ِ‬
‫الصبيان‪ ،‬فيس� ّل ُم عليهم)‪،(3‬‬ ‫يمر عىل‬
‫ُ‬ ‫فكان ُّ‬
‫املس�اكني)‪،(7‬‬
‫َ‬ ‫وجيالس‬
‫ُ‬ ‫وحيلب ش�اته)‪،(6‬‬
‫ُ‬ ‫ويرق�ع ثوب� ُه)‪،(5‬‬
‫ُ‬ ‫خيص�ف نعل� ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫ش�اءت)‪،(4‬‬
‫ْ‬
‫أير ٍ‬
‫يشء‪ ،‬ويعو ُد‬ ‫ِ‬
‫األرملة واليتي ِم يف حاجتها)‪ ،(8‬وجييب دعو َة من دعاه ولو إىل ِ‬ ‫ويميش مع‬
‫ُ‬
‫املريض‪ ،‬ويشهدُ اجلنازةَ‪ ،‬ويركب احلار‪ ،‬وجييب دعو َة ِ‬
‫العبد)‪.(9‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]628‬ومسلم [‪.[674‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3818‬ومسلم [‪.[2435‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6247‬ومسلم [‪ ]2168‬عن أنس بن مالك ‪.I‬‬
‫وصححه األلباين يف حتقيق املشكاة [‪.[5809‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]11530‬وع ّلقه البخاري يف كتاب األدب من صحيحه جازم ًا به‪،‬‬
‫)‪ (5‬رواه أمحد [‪ ]24228‬عن عائشة ‪ ،J‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[5647‬‬
‫)‪ (6‬رواه أمحد [‪ ]25662‬عن عائشة ‪ ،J‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[5646‬‬
‫)‪ (7‬ينظر‪ :‬صحيح مسلم [‪.[2413‬‬
‫)‪ (8‬رواه النسائي [‪ ]1414‬عن عبد اهلل بن أيب أوىف ‪ ،I‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[6390‬‬
‫)‪ (9‬ينظر‪ :‬مدارج السالكني [‪.[328/2‬‬
‫‪‬‬

‫جاعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ال�ش‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف ّ‬
‫ِ‬
‫برس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫الب�أس يو َم ٍ‬
‫بدر اتّقينا‬ ‫حرض‬ ‫«ل�ا‬ ‫ع�يل بن أيب طالب ‪َ I‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ق�ال‪ّ :‬‬ ‫ع� ْن ِّ‬
‫املرشكني من ُه»)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫أقرب إىل‬
‫َ‬ ‫كان‪ْ ،‬أو مل ْ يك ْن أحدٌ‬ ‫وكان م ْن أشدِّ الن ِ‬
‫ّاس ما َ‬ ‫َ‬
‫الب�أس نتّقي ِبه‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫امحر‬ ‫الراء بن ع�ازب َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‪« :‬كنّا واهلل إذا َّ‬ ‫وعن�د مس�لم ]‪ [1776‬عن‬
‫ِ‬
‫ّبي ﷺ«‪.‬‬ ‫جاع منّا ل ّلذي حياذي به ‪-‬يعني الن َّ‬ ‫الش َ‬‫ّ‬
‫وكان أجو َد الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ أحس َن الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫ِ‬ ‫ناس َ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فزع ُ‬ ‫أش�جع الن ِ‬
‫الصوت‪ ،‬فتل ّق ْ‬
‫اهم‬ ‫قبل ّ‬ ‫فانطلق ٌ‬
‫َ‬ ‫ليلة‪،‬‬ ‫املدين�ة َ‬ ‫أهل‬ ‫ّاس‪ ،‬ولقدْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫عري [أي‪:‬‬‫فرس أليب طلح� َة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وهو عىل‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ راجع� ًا‪ ،‬وقدْ‬ ‫ُ‬
‫الص�وت‪َ ،‬‬ ‫س�بقهم إىل ّ‬
‫ْ‬
‫»‪َ .‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫يقول‪» :‬‬‫وهو ُ‬ ‫ِ‬
‫�يف‪َ ،‬‬ ‫الس ُ‬ ‫ب�ال رسج] يف عنقه ّ‬
‫وكان فرس ًا يب ّط ُأ»)‪.(2‬‬‫َ‬ ‫»‪َ .‬‬
‫قال‪:‬‬
‫ركب فرس ًا قطوف ًا بطيئ ًا‪ ،‬فعاد بحر ًا ال يسابق‪ ،‬وال جيارى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وهذا من مجلة معجزاته ﷺ كون ُه َ‬
‫ٌ‬
‫وقدوة يف اجلو ِد والكر ِم‪:‬‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫وكان أجود ما‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ أج�و َد الن ِ‬
‫ّ�اس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬
‫َ‬
‫القرآن‪،‬‬ ‫َ‬
‫رمض�ان‪ ،‬فيدارس� ُه‬ ‫كل ٍ‬
‫ليل�ة م� ْن‬ ‫وكان يلق�ا ُه يف ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جري�ل‪،‬‬ ‫ح�ني يلق�ا ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رمض�ان‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫املرسلة»)‪.(3‬‬ ‫يح‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫باخلري م َن ّ‬ ‫فلرسول اهلل ﷺ أجو ُد‬
‫فقال‪ :‬ال»)‪.(4‬‬ ‫قط‪َ ،‬‬ ‫وعن جابر بن عبد اهلل ‪ L‬قال‪« :‬ما س َئل النّبي ﷺ عن ٍ‬
‫يشء ُّ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ عىل اإلسال ِم شيئ ًا ّإال أعطا ُه»‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سئل‬ ‫قال‪« :‬ما َ‬ ‫أنس بن مالك ‪َ I‬‬ ‫وعن ِ‬
‫فقال‪ :‬يا قو ِم‪ ،‬أس�لموا؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫قومه‪َ ،‬‬‫جبلني‪ ،‬فرجع إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجل‪ ،‬فأعطا ُه غن ًا َ‬
‫ب�ني‬ ‫ق�ال‪« :‬فج�اء ُه ٌ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫حممد ًا يعطي عطا ًء ال خيشى الفاق َة»)‪.(5‬‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]1045‬وصححه شعيب األرنؤوط‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2908‬ومسلم [‪.[2307‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6‬ومسلم [‪.[2308‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]6034‬ومسلم [‪.[2311‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[3312‬‬
‫واخلوف منَ اهلل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اخل�شية‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف‬
‫ِ‬
‫كأزيز‬ ‫)‪(1‬‬
‫أزيز‬ ‫ِ‬
‫صدره ٌ‬ ‫يصيل ويف‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ‬ ‫«رأيت‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ف عن ِ‬
‫أبيه ‪َ I‬‬ ‫ع�ن مط�ر ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الرحى م َن البكاء‪ ،‬ﷺ»)‪.(2‬‬
‫ّ‬
‫ش�بت!»‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪ ،‬قدْ‬ ‫قال أبو ٍ‬
‫بكر ‪« :I‬يا‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫�اس ‪َ L‬‬ ‫وع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫»‬

‫هد يف الدّ نيا والتّنزّ ِه ْ‬


‫عن مكا�شبها‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف الزّ ِ‬
‫ِ‬
‫رأس�ه وس�اد ٌة م ْن أد ٍم‬ ‫وحتت‬ ‫ٍ‬
‫حصري ما بين ُه وبين ُه يش ٌء‬ ‫عمر ‪ I‬وهو عىل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫دخ�ل عليه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلصري يف‬ ‫أثر‬
‫فرأي�ت َ‬
‫ُ‬ ‫أهب مع ّلق� ٌة‪ ،‬قال ُ‬
‫عمر‪:‬‬ ‫ليف‪ ،‬وعندَ رأس�ه ٌ‬
‫[أي‪ :‬جل�د] حش�وها ٌ‬
‫)‪(4‬‬

‫إن كرى‪ ،‬وقيرص فيا مها ِ‬


‫فيه‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪َّ ،‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫»‪،‬‬ ‫فبكيت‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جنب�ه؛‬
‫َ‬
‫«)‪.(5‬‬ ‫رسول اهلل‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ُ‬ ‫وأنت‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيث أصحابه عىل الزهد يف الدنيا‪ ،‬والتع ّلق باآلخرة كان ُّ‬
‫حيج عىل‬ ‫كان ُّ‬
‫الوقت الذي َ‬ ‫ويف‬
‫دراهم)‪.(7‬‬ ‫ٍ‬
‫وقطيفة ال تكاد تساوي أربعة‬ ‫رث)‪،(6‬‬ ‫ٍ‬
‫رحل ٍّ‬
‫َ‬
‫بوعد اهلل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ني‬
‫بات م َع اليق ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف ال ّث ِ‬
‫قال ل ُه ٌ‬
‫رجل‪:‬‬ ‫الراء ‪َ I‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إسحاق ع ْن‬ ‫روى البخاري ]‪ ،[2864‬ومسلم ]‪ [1776‬عن أيب‬
‫رسع�ان الن ِ‬
‫ّاس‬ ‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪ ،‬ولك ْن ّ‬
‫وىل‬ ‫حنني! َ‬
‫ق�ال‪« :‬ال واهلل ما ّ‬
‫وىل الن ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ي�ا أب�ا عار َة و ّل ْ‬
‫يتم ي�و َم‬
‫ِ‬
‫احلارث‬ ‫َ‬
‫س�فيان ب ُن‬ ‫ِ‬
‫البيضاء‪ ،‬وأبو‬ ‫ِ‬
‫بغلته‬ ‫ّب�ي ﷺ عىل‬ ‫هوازن بالن ِ‬
‫ُ‬
‫ّبل‪ ،‬والن ُّ‬ ‫فلقيه�م‬
‫ْ‬ ‫(أوائله�م)‬
‫«‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫آخذ بلجامها‪ ،‬والن ُّ‬ ‫ٌ‬

‫)‪ (1‬األزيز‪ :‬صوت البكاء‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن جييش جوفه ويغىل بالبكاء‪ ،‬انظر‪ :‬النهاية [‪.[45/1‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]904‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]3219‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3723‬‬
‫)‪ (4‬مجع إهاب‪ ،‬وهو اجللد الذي مل يبدغ‪ ،‬انظر‪ :‬النهاية [‪.[198/1‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]5843‬ومسلم [‪.[1479‬‬
‫خلق ٍ‬
‫بال‪ ،‬انظر‪ :‬النهاية [‪.[479/2‬‬ ‫)‪ (6‬أي‪ٍ :‬‬
‫)‪ (7‬رواه ابن ماجة [‪ ]2890‬عن أنس بن مالك ‪ ،I‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ]2617‬بمجموع طرقه وشواهده‪.‬‬
‫‪‬‬

‫عن امل�شيىءِ ‪:‬‬


‫ّا�س والعف ِو ِ‬
‫رب على الن ِ‬
‫ال�ش ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف ّ‬
‫يدفع‬ ‫ِ‬ ‫س�خ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫غليظ وال ّ‬ ‫«لي�س ٍّ‬ ‫وق�د جاء وصف�ه يف الت ِ‬
‫باألس�واق‪ ،‬وال ُ‬ ‫اب‬ ‫بفظ وال‬ ‫َ‬ ‫ّوراة‪:‬‬
‫ويصفح»)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫بالس ّي ِئة ولك ْن يعفو‬
‫الس ّيئ َة ّ‬
‫ّ‬
‫ّوبة‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫وقدوة يف كرث ِة اال�شتغفا ِر والت ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫«)‪.(2‬‬
‫ٌ‬
‫قدوة يف العباد ِة‪:‬‬ ‫وه َو‬
‫كان يقو ُم م َن ال ّل ِ‬
‫يل حتّى تتف ّط َر [أي‪ :‬تتش� ّقق] قدما ُه‪،‬‬ ‫نبي اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن َّ‬
‫ذنبك‪ ،‬وما ّ‬
‫تأخ َر؟‬ ‫لك ما تقدّ َم م ْن َ‬
‫غفر اهللُ َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫تصنع هذا يا‬
‫ُ‬ ‫فقالت عائش� ُة‪ :‬مل َ‬
‫ْ‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪» :‬‬
‫يشء ِ‬
‫رأيته م ْن‬ ‫بأعج�ب ٍ‬
‫ِ‬ ‫ق�ال لعائش� َة ‪« :J‬أخرينا‬ ‫ٍ‬
‫عمري ‪ I‬أ ّن ُه َ‬ ‫ب�ن‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عبيد ِ‬ ‫ْ‬
‫كان ليل ٌة م َن ال ّليايل‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫«ل�ا َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ»‪َ ،‬‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫ثم ْ‬ ‫فسكتت‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ثم‬
‫فتطه َر‪َّ ،‬‬ ‫رس َك‪ْ ،‬‬
‫قالت‪ :‬فقا َم‪ّ ،‬‬ ‫وأحب ما ّ‬
‫ُّ‬ ‫ألحب َ‬
‫قربك‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫قلت‪ :‬واهلل ّإين‬
‫»‪ُ ،‬‬
‫فلم يزل يبكي حتّى َّبل‬‫ثم بكى‪ْ ،‬‬ ‫قالت‪َّ :‬‬‫فلم يزل يبكي حتّى َّبل حج�ر ُه‪ْ ،‬‬ ‫قالت‪ْ :‬‬ ‫ّ‬
‫يص�يل‪ْ ،‬‬ ‫ق�ا َم‬
‫فلا‬ ‫ِ‬ ‫األرض‪ ،‬فجا َء ٌ‬ ‫فل�م يزل يبكي حتّى َّ‬
‫بالصالة‪ّ ،‬‬
‫بالل يؤذن� ُه ّ‬ ‫َ‬ ‫ب�ل‬ ‫ثم بكى‪ْ ،‬‬ ‫قال�ت‪َّ :‬‬
‫ْ‬ ‫حليت� ُه‪،‬‬
‫تأخ َ�ر؟ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫ل�ك ما تقدّ َم وما ّ‬
‫غفر اهللُ َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪ ،‬مل َ تبك�ي‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫رآ ُه يبك�ي‪َ ،‬‬
‫ق�ال‪ :‬يا‬
‫(ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) ]آل عم�ران‪ [190 :‬اآلي َة‬
‫ك ّلها)‪.(4‬‬

‫ِ‬
‫العاص ‪.L‬‬ ‫بن عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]2125‬عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[6307‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]4837‬ومسلم [‪.[2820‬‬
‫وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[68‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (4‬رواه ابن حبان [‪،]620‬‬
‫ِ‬
‫الصدقة‬ ‫يكث�ر في�ه م�ن‬ ‫ِ‬
‫العب�ادات‪،‬‬ ‫اإلكث�ار م�ن أن�وا ِع‬ ‫رمض�ان‪َ ،‬‬
‫كان هدي�ه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ش�هر‬ ‫ويف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واالعتكاف‪.‬‬ ‫والذ ِ‬
‫كر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والصالة‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وتالوة‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان‪،‬‬
‫ويفط�ر حتّى َ‬
‫يق�ال‪ :‬ال يصو ُم‪ ،‬وما‬ ‫ُ‬ ‫يفطر‪،‬‬
‫التط�وع‪ :‬كان ﷺ يص�وم حتى يق�ال‪ :‬ال ُ‬
‫ّ‬ ‫ويف‬
‫أكثر ممّا يصو ُم يف شعبان)‪ ،(1‬وكان‬
‫شهر َ‬‫غري رمضان‪ ،‬وما كان يصو ُم يف ٍ‬ ‫َ‬
‫استكمل صيا َم شهر َ‬
‫يتحرى صيام يوم االثنني واخلميس)‪.(2‬‬
‫ّ‬
‫مف�ر ًة حرف ًا‬
‫ه�ذ ًا وال عجل ًة‪ ،‬بل ق�راء ًة ّ‬
‫ويف ق�راءة الق�رآن‪ :‬كان�ت قراءت�ه ترتي�الً‪ ،‬ال ّ‬
‫ِ‬ ‫�ع قراءته آي ًة آي ًة‪ ،‬وكان يم�دُّ عندَ‬
‫حروف املدِّ ‪ ،‬فيم�دُّ (ﭛ)‪ ،‬ويمدُّ‬ ‫حرف� ًا‪ ،‬وكان يق ّط ُ‬
‫فيقول‪» :‬ﭷ ﭸ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الش�يطان الرجي ِم يف ّأو ِل قراءته‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يس�تعيذ باهلل من‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫(ﭜ))‪،(3‬‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ»‪ ،‬ور ّب�ا كان يق�ول‪» :‬‬
‫«)‪ ،(4‬وكان له ﷺ حزب يقرؤه‪ ،‬وال ُّ‬
‫خيل به‪.‬‬
‫وكان يق�رأ الق�رآن قائ ًا‪ ،‬وقاع�د ًا‪ ،‬ومضطجع� ًا‪ ،‬ومتوضئ ًا‪ ،‬وحمدث ًا‪ ،‬ومل يك� ْن يمنعه من‬
‫قراءته إال اجلنابة»)‪.(5‬‬

‫هلل‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫قدوة يف ذكر ِه ِ‬ ‫وه َو‬
‫أكمل اخلَ ْل ِق ذكر ًا هلل ‪ ،D‬وكان يذكر اهلل يف كل أحيانه‪ ،‬قائ ًا وقاعد ًا‪،‬‬
‫النبي ﷺ َ‬
‫كان ُّ‬‫فقد َ‬
‫وماشي ًا وراكب ًا‪ ،‬وسائر ًا ونازالً‪.‬‬

‫وزواجه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫و�شيامه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫�شالته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫به يف‬
‫ودعا اإىل االقتداءِ ِ‬
‫َ‬
‫يس�ألون ع ْن‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالك ‪ I‬قال‪ :‬جاء ثالث ُة ٍ‬ ‫فعن أنس بن ٍ‬
‫أزواج الن ِّ‬ ‫بيوت‬ ‫رهط إىل‬ ‫َ‬
‫كأهن ْم تقا ّلوها! [أي‪ :‬اعتروها قليل� ًة] فقالوا‪ :‬وأي َن نح ُن م ْن‬ ‫ِ‬
‫فل�ا أخروا ّ‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬‫عب�ادة الن ِّ‬
‫النّبي ﷺ؟ قدْ غفر له ما تقدّ م من ِ‬
‫ذنبه‪ ،‬وما ّ‬
‫تأخ َر‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1969‬ومسلم [‪.[1156‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]745‬والنسائي [‪ ،]2361‬وابن ماجة [‪ ]1739‬عن عائشة ‪ ،J‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬صحيح البخاري [‪.[5046‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ،]775‬والرتمذي [‪ ،]242‬والنسائي [‪ ]899‬عن أيب سعيد اخلدري ‪ ،I‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (5‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[482/1‬‬
‫‪‬‬

‫أفطر‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫هر وال ُ‬
‫آخ�ر‪ :‬أنا أصو ُم الدّ َ‬ ‫أصيل ال ّل َيل أبد ًا‪َ ،‬‬
‫وقال ُ‬ ‫فإين ّ‬
‫أحده�م‪ :‬أ ّما أنا ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫أتزو ُج أبد ًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أعتزل النّسا َء‪ ،‬فال ّ‬ ‫آخر‪ :‬أنا‬
‫ُ‬
‫إليهم‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫فجا َء‬

‫«)‪.(1‬‬

‫»‪ ،‬أي‪ :‬م ْن َ‬


‫ترك طريقتي‪،‬‬ ‫قال ابن حجر ‪« :V‬قوله‪» :‬‬
‫فليس منّي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وأخذ بطريقة غريي َ‬

‫ليتقوى عىل‬
‫الصوم‪ ،‬وين�ام ّ‬
‫ليتقوى ع�ىل ّ‬
‫فيفط�ر ّ‬
‫ُ‬ ‫الس�محة‪،‬‬
‫ّب�ي ﷺ احلنيف ّية ّ‬
‫وطريق�ة الن ّ‬
‫ِ‬
‫لكر ّ‬
‫الشهوة‪ ،‬وإعفاف النّفس‪ ،‬وتكثري النّسل‪.‬‬ ‫ويتزوج‬
‫ّ‬ ‫القيام‪،‬‬

‫بأفعاهل�م‪َّ ،‬‬
‫وأن م ْن عز َم عىل عمل‬ ‫ْ‬ ‫ّأس‬
‫ويف احلدي�ث‪ :‬دالل�ة عىل تت ّبع أحوال األكابر؛ للت ّ‬
‫ذلك ممنوع ًا»)‪.(2‬‬
‫الريا َء؛ مل ْ يك ْن َ‬ ‫واحتاج إىل إظهاره ُ‬
‫حيث يأم ُن ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّبر‪،‬‬

‫احلج‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫قدوة يف ِّ‬

‫والتأس ِبه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬
‫اتباع ِّ‬
‫يتجىل فيها ُ‬
‫ِ‬
‫عبادات اإلسال ِم التي ّ‬ ‫ِ‬
‫أوضح‬ ‫واحلج من‬
‫ُّ‬

‫وقد أمر ﷺ باالقتداء به يف احلج بقوله‪» :‬‬


‫«)‪.(3‬‬

‫َ‬
‫ليش�مل االقتدا َء به‬ ‫يقترص عىل صفاته املعنو ّي ِة‪ ،‬بل يتعدّ ى ذلك؛‬
‫ُ‬ ‫بالنبي ﷺ ال‬
‫ِّ‬ ‫واالقتداء‬
‫املسلم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أكمل ٍ‬
‫هدي‪ ،‬يقتدي به‬ ‫جوانب حياته العمل ّي ِة‪ ،‬فهديه يف ذلك ﷺ ُ‬
‫ِ‬ ‫يف‬

‫ف مفقود ًا‪.‬‬ ‫ِ‬


‫والرشاب؛ ال ير ُّد موجود ًا‪ ،‬وال يتك ّل ُ‬ ‫ففي الطعا ِم‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5063‬ومسلم [‪.[1401‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[106/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[1297‬‬
‫قط‪ ،‬إن اشتهاه أكله‪ ،‬وإال تركه)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫الطيبات إال أكله‪ ،‬ما عاب طعام ًا ُّ‬ ‫ما ّقر َب إليه يش ٌء من‬

‫نار)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫اهلالل‪ ،‬وال يوقد يف بيته ٌ‬ ‫ُ‬
‫اهلالل‪ ،‬ثم‬ ‫ُ‬
‫اهلالل‪ ،‬ثم‬ ‫ويرى‬

‫»‪ ،‬فإذا فر َغ من طعام�ه قال‪» :‬‬ ‫ق�ر َب إليه الطعا ُم قال‪» :‬‬
‫وكان إذا ّ‬
‫«)‪.(3‬‬

‫يدعو هلم)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫وإذا أكل عند قوم مل خيرج حتى‬
‫َ‬
‫وكان ال‬ ‫لريبط عىل بطنه احلجر من اجل�وعِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ر‪ ،‬حتى إن�ه‬ ‫تير‪ ،‬ف�إن أعوز ُه ص َ‬ ‫ُ‬
‫ي�أكل م�ا ّ َ‬
‫حر ًا أو عبد ًا‪ ،‬أعراب ّي ًا أو مهاجر ًا)‪.(5‬‬ ‫ٍ‬
‫يأنف من مؤاكلة أحد صغري ًا كان أو كبري ًا‪ّ ،‬‬
‫ُ‬

‫واال�شتيقاظ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ويف النّو ِم‬
‫ِ‬
‫البدن من‬ ‫كان ينا ُم إذا دعته احلاج ُة إىل النو ِم عىل ش ّقه األيمن‪ ،‬ذاكر ًا اهلل تعاىل‪َ ،‬‬
‫غري ممتلئ‬
‫ِ‬
‫والرشاب‪.‬‬ ‫الطعا ِم‬
‫ث�م َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫ِ‬ ‫وكان إذا أرا َد ْ‬
‫َ‬
‫حتت رأس�ه َّ‬
‫وض�ع ي�د ُه َ‬
‫َ‬ ‫أن ين�ا َم‬
‫«)‪.(6‬‬
‫ُ‬
‫يستاك‪،‬‬ ‫ويكره‪ ،‬وهي ّلله ويدعوه‪ ،‬ثم‬
‫ّ‬ ‫الص ُ‬
‫ارخ‪ ،‬فيحمدُ اهللَ تعاىل‬ ‫وكان يس�تيقظ إذا صاح ّ‬
‫يدى ر ّبه‪ ،‬مناجي ًا له بكالمه‪ ،‬مثني ًا عليه‪ ،‬راجي ًا له‪،‬‬
‫يقف للصالة بني ْ‬
‫ثم يقوم إىل وضوئه‪ ،‬ثم ُ‬
‫َّ‬
‫راغب ًا راهب ًا‪.‬‬
‫ِ‬
‫األرض تارةً‪ ،‬وعىل الرير تار ًة)‪.(7‬‬ ‫ِ‬
‫احلصري تارةً‪ ،‬وعىل‬ ‫ِ‬
‫الفراش تارةً‪ ،‬وعىل‬ ‫وكان ينا ُم عىل‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬صحيح البخاري [‪ ،]3563‬وصحيح مسلم [‪.[2064‬‬


‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬صحيح البخاري [‪ ،]2567‬وصحيح مسلم [‪.[2972‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]16159‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4768‬‬
‫بر يف صحيح مسلم [‪.[2042‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫)‪ (4‬ينظر‪ :‬حديث ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫)‪ (5‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[147/1‬‬
‫)‪ (6‬رواه الرتمذي [‪ ]3398‬عن حذيفة بن اليان ‪ ،I‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (7‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[246/4[ ،]155/1‬‬
‫‪‬‬

‫وبكائه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫و�شحكه‬
‫ِ‬ ‫و�شكوته‬
‫ِ‬ ‫كالمه‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫قدوة يف‬
‫مفص ِل ّ ٍ‬
‫مبني يعدّ ه العا ُّد‪ ،‬ليس ٍّ‬
‫هبذ مر ِع ال حيفظ‪ ،‬وال منقط ٍع‬ ‫كان إذا تك ّلم؛ تك ّل َم بكال ٍم ّ‬
‫السكتات بني أفراد الكالم‪ ،‬بل هديه فيه ُ‬
‫أكمل اهلدي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خت ّلله‬
‫وكان إذا س ّلم س ّلم ثالث ًا)‪.(8‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ليعقل عن ُه‪،‬‬ ‫وكان كثري ًا ما يعيدُ الكال َم ثالث ًا‬
‫ٍ‬
‫فصل‬ ‫حاجة‪ ،‬ويتك ّل�م بجوامع الكال ِم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫غري‬ ‫ٍ‬
‫بيشء يف ِ‬ ‫يتكلم‬ ‫ِ‬
‫الس�كوت‪ ،‬ال‬ ‫َ‬
‫طوي�ل‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ُ‬
‫يتكلم إال فيا يرجو ثوابه‪ ،‬وإذا كره‬ ‫وكان ال يتك ّلم فيا ال ِ‬
‫يعنيه‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫تقص�ري‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫فض�ول وال‬ ‫ال‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫عرف يف وجهه‪.‬‬
‫َ‬ ‫اليشء؛‬
‫تبدو نواجذه‪.‬‬‫التبس ُم‪ ،‬فكان هناي ُة ضحكه أن َ‬ ‫التبسم‪ ،‬بل ك ّله ّ‬ ‫جل ضحكه ّ‬ ‫وكان ُّ‬
‫ويستغرب وقوعه ويستندر)‪.(9‬‬ ‫يضحك منه‪ ،‬وهو مما يتعجب من ِ‬
‫مثله‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يضحك مما‬ ‫وكان‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫ٍ‬
‫ص�وت‪ ،‬كا مل يك ْن‬ ‫ٍ‬
‫بش�هيق‪ ،‬ورف ِع‬ ‫جن�س ضحكه‪ ،‬مل يك ْن‬‫ِ‬ ‫وأ ّم�ا ب�كاؤه ﷺ‪ ،‬ف�كان من‬
‫أزيز‪.‬‬
‫تدمع عيناه حتى هتمال‪ ،‬ويسمع لصدره ٌ‬ ‫كانت‬
‫بقهقهة‪ ،‬ولكن ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ضحكه‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫خشية اهلل‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬وتار ًة خوف ًا عىل أ ّمته وشفق ًة عليها‪ ،‬وتار ًة من‬ ‫وكان بكاؤه تار ًة رمح ًة للمي ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واخلشية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للخوف‪،‬‬ ‫مصاحب‬ ‫ٍ‬
‫وإجالل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وحمبة‬ ‫ٍ‬
‫اشتياق‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬وهو بكا ُء‬ ‫وتار ًة عندَ سا ِع‬
‫ٌ‬
‫دمعت عيناه وبكى رمح ًة له‪ ،‬وبكى ّ‬
‫ل�ا شاهد إحدى بناته ونفسها‬ ‫ْ‬ ‫إبراهيم؛‬
‫ُ‬ ‫مات ابنه‬
‫وملا َ‬
‫تفيض)‪.(10‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫النساء)‪.(11‬‬ ‫ٍ‬
‫مسعود سور َة‬ ‫وبكى ّملا قرأ عليه اب ُن‬
‫�مس‪ ،‬وصىل صالة الكس�وف‪،‬‬ ‫وبكى ملا مات عثان بن مظعون‪ ،‬وبكى ملا كس�فت ّ‬
‫الش ُ‬
‫َ‬
‫وجعل يبكي يف صالته‪ ،‬وجعل ُ‬
‫ينفخ‪.‬‬
‫وكان يبكي أحيان ًا يف صالة ال ّل ِ‬
‫يل)‪.(12‬‬ ‫َ‬ ‫وبكى ملا جلس عىل قر إحدى بناته‪،‬‬

‫)‪ (8‬رواه البخاري [‪ ]94‬عن أنس بن مالك ‪.I‬‬


‫)‪ (9‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[182/1‬‬
‫)‪ (10‬ينظر‪ :‬مسند أمحد [‪ ،]21272‬وهي أمامة‪ ،‬أو أميمة بنت زينب ‪.J‬‬
‫)‪ (11‬رواه البخاري [‪ ،]4582‬ومسلم [‪ ]800‬من حديث ابن مسعود ‪.I‬‬
‫)‪ (12‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[183/1‬‬
‫خطبته‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫قدوة يف‬
‫ٍ‬
‫جيش‪ ،‬ال‬ ‫منذر‬
‫امح�رت عين�اه‪ ،‬وعال صوته‪ ،‬واش�تدَّ غضبه حتى كأنّ� ُه ُ‬
‫خط�ب؛ ّ‬
‫َ‬ ‫كان إذا‬
‫خيطب خطب ًة إال افتتحها بحمد اهلل‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وأوصاف كال�ه وحمامده‪ ،‬وتعلي ِم‬ ‫ِ‬
‫والثناء علي�ه بآالئه‪،‬‬ ‫وكان م�دار خطب�ه عىل ِ‬
‫محد اهلل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وتبيني موارد غضبه‪ ،‬ومواق ِع‬ ‫ِ‬
‫واألمر بتقوى اهلل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وذكر اجلنّة والن ِّار واملعاد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قواعد اإلسال ِم‪،‬‬
‫مدار خطبه‪.‬‬
‫كان ُ‬‫رضاه‪ ،‬فعىل هذا َ‬
‫ٍ‬ ‫وكان خيط�ب يف ِّ‬
‫كل وقت با تقتضيه حاج ُة املخاطبني ومصلحتهم‪ ،‬وكان ّ ُ‬
‫يقرص خطبته‬
‫ِ‬
‫الناس)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫بحسب حاجة‬ ‫أحيان ًا‪ ،‬ويطيلها أحيان ًا‪،‬‬

‫وقدوة يف املعامالت‪:‬‬
‫كان أحس َن الن ِ‬
‫ّاس معامل ًة‪.‬‬

‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫وشارك غريه‪ ،‬وملا قدم عليه رشيك ُه َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ واشرتى‪ ،‬وآجر‪ ،‬واستأجر‪،‬‬ ‫باع‬
‫كنت ال تداري‪ ،‬وال تاري»)‪.(2‬‬
‫يك َ‬‫الرش ُ‬
‫فنعم ّ‬
‫كنت رشيكي؟ َ‬
‫أما تعرفني؟ قال‪« :‬أما َ‬
‫واس�تعار‪ ،‬واشرتى‬
‫َ‬ ‫برهن‪ ،‬وبغري ٍ‬
‫رهن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫واس�تدان‬ ‫وأثاب عليها‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأهدى‪َ ،‬‬
‫وقبل اهلدي َة‪،‬‬
‫واملؤج ِل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫بالثمن ِّ‬
‫احلال‬

‫استسلف من رجل سلف ًا؛ قضاه إياه‪،‬‬


‫َ‬ ‫اس�تلف س�لف ًا؛ قىض خري ًا منه‪ ،‬وكان إذا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان إذا‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫ودعا له‪ ،‬فقال‪» :‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ أرض ًا كانت له‪ ،‬جعلها صدق ًة يف سبيل اهلل‪.‬‬ ‫ووقف‬
‫َ‬

‫يغضب عليها‪ ،‬وال‬


‫ْ‬ ‫وتش� ّفع‪ ،‬وش ّفع إليه‪ ،‬ور ّد ْت برير ُة ش�فاعته يف مراجعتها مغيث ًا‪ ،‬فلم‬
‫عتب‪ ،‬وهو األسوة والقدوة‪.‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[191/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]4836‬وابن ماجة [‪ ،]2287‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[4838‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ،]4683‬وابن ماجة [‪ ،]4242‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2353‬‬
‫‪‬‬

‫مواضع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باحلل�ف يف ثالثة‬ ‫أكث�ر من ثان�ني موضع ًا‪ ،‬وأمره اهللُ س�بحانه‬ ‫وحل�ف يف‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يمينه تارةً‪ ،‬ويك ّفرها تارةً‪ ،‬ويميض فيها تارةً‪.‬‬ ‫َ‬
‫وكان ﷺ يستثني يف‬
‫بحق‪.‬‬
‫ويوري‪ ،‬وال يقول يف توريته إال ٍّ‬
‫احلق‪ّ ،‬‬
‫يازح‪ ،‬ويقول يف مزاحه َّ‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫وصارع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ بنفسه عىل األقدا ِم‪،‬‬ ‫وسابق‬
‫وحلب ش�اته‪ ،‬وفىل ثوبه‪ ،‬وخد َم أهل ُه‬
‫َ‬ ‫ورقع دلو ُه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ورقع ثوبه بيده‪،‬‬
‫َ‬ ‫وخصف نعله بيده‪،‬‬
‫َ‬
‫وأضيف‪.‬‬
‫َ‬ ‫وأضاف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪،‬‬ ‫ونفسه‪ ،‬ومحل معهم ال ّلبن يف ِ‬
‫بناء‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واملس�كني‬ ‫ِ‬
‫األرملة‬ ‫املري�ض‪ ،‬ويش�هدُ اجلنازة‪ ،‬وجييب الدّ ع�وة‪ ،‬ويميش مع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان يع�و ُد‬
‫وأثاب عليه)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫عر‪،‬‬ ‫مديح ّ‬
‫َ‬ ‫والضعيف يف حوائجهم‪ ،‬وسمع‬
‫ٌ‬
‫قدوة يف عياد ِة املر�شى‪:‬‬
‫مرض من أصحابه‪ ،‬وعاد غالم� ًا كان خيدمه من أهل الكتاب‪ ،‬وعاد‬
‫كان ﷺ يع�و ُد م� ْن َ‬
‫عمه‪.‬‬
‫يسلم ّ‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫مرشك‪ ،‬وعرض عليها اإلسالم‪ ،‬فأسلم اليهودي‪ ،‬ومل‬ ‫عمه وهو‬
‫ّ‬
‫«‪.‬‬ ‫وجيلس عند رأسه‪ ،‬ويسأله عن حاله‪ ،‬فيقول‪» :‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املريض‪،‬‬ ‫وكان يدنو من‬
‫ِ‬
‫املريض‪ ،‬ويقول‪» :‬‬ ‫يمسح بيده اليمنى عىل‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫«)‪.(2‬‬

‫نن الفطر ِة‪:‬‬ ‫ٌ‬


‫قدوة يف �ش ِ‬
‫وترجله‪ ،‬وطه�وره‪ ،‬وأخذه وعطائه‪ ،‬وكانت يمينه لطعامه‬
‫ّ‬ ‫التيم َن يف تن ّعله‪،‬‬
‫كان يعجب�ه ّ‬
‫ورشابه وطهوره‪ ،‬ويساره خلالئه ونحوه من ِ‬
‫إزالة األذى‪.‬‬
‫ويدع بعضه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرأس تركه ك ّله‪ ،‬أو أخذه ك ّله‪ ،‬ومل يك ْن حيلق بعضه‪،‬‬ ‫وكان هديه يف حلق‬
‫ِ‬
‫الوضوء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫االنتباه من الن�و ِم‪ ،‬وعندَ‬ ‫ُ‬
‫ويس�تاك مفطر ًا وصائ ًا‪ ،‬وعندَ‬ ‫الس َ‬
‫�واك‪،‬‬ ‫حيب ّ‬
‫وكان ُّ‬
‫ِ‬
‫املنزل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ودخول‬ ‫ِ‬
‫والصالة‪،‬‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[165/1‬‬


‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[494/1‬‬
‫وحيب ال ّط َ‬
‫يب‪ ،‬وال ير ّد ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ب‪،‬‬
‫يكثر التط ّي َ‬
‫ُ‬
‫وترجله عائش ُة تار ًة)‪.(1‬‬
‫ّ‬ ‫الرتج َل‪ ،‬وكان ّ‬
‫يرجل نفسه تارةً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حيب‬
‫وكان ُّ‬
‫رسول اهلل ﷺ وصحابته مثلهم األعىل‪،‬‬‫ِ‬ ‫فلينظر املسلمون إىل حاهلم اليو َم‪ ،‬وليتّخذوا من‬
‫ِ‬
‫الغرب قدو ًة هلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ورجال‬ ‫بدالً من أن يتّخذوا من املم ّثلني واملمثالت‪ ،‬واملفكّرين العامل ّيني‪،‬‬
‫مهم ٍة‪ ،‬وهي‪ :‬ما هي األفعال التي يقتدى هبا من أفعال‬
‫وال بدَّ هنا من الكالم عن مسألة ّ‬
‫النبي ﷺ؟ ولبيان ذلك نقول‪:‬‬
‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ باعتباره برش ًا كسائر‬
‫وهي األفعال الصادرة من ِّ‬
‫ِ‬
‫كاحلركات‪ ،‬والقي�ام والقعود‪ ،‬وامليش‪ ،‬واألكل والرشب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرس�الة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البرش‪ ،‬وليس بمقتىض‬
‫هني‪.‬‬ ‫األفعال ال يتع ّل ُق هبا ٌ‬
‫أمر‪ ،‬وال ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والنوم‪ ،‬فهذه‬
‫ٍ‬
‫مخصوصة؛ فإنه‬ ‫إال أن الفع�لَ الجب ّلي إذا واظب النب�ي ﷺ على إيقاعه على ٍ‬
‫هيئة‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األيمن‪.‬‬ ‫يخرج من اإلباحة إلى االستحباب‪ ،‬كنومه على ّ‬
‫الش ِّق‬
‫يصري مس�تح ّب ًا‪ ،‬كالتن ّفس يف الرشاب‬
‫ُ‬ ‫وكذل�ك إذا ورد ق�ول ُّ‬
‫حيث عىل هذا الفع�ل؛ فإنه‬
‫ِ‬
‫باليمني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألكل‬ ‫ثالث ًا‪،‬‬
‫ي�دل ٌ‬
‫دليل عىل‬ ‫مما مل ُّ‬
‫ارتباطها بالرشع‪.‬‬
‫أهل ِ‬
‫البلد؛‬ ‫ِ‬
‫العادة الت�ي اعتادها ُ‬ ‫اللب�اس مرجعه إىل‬ ‫ِ‬
‫باللباس؛ ألن‬ ‫ِ‬
‫كاألم�ور الت�ي تتع ّل ُق‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وضوابط‬ ‫ِ‬
‫النبوة‪ ،‬وإنا وضع رشوط ًا‬ ‫الرس�ول ﷺ لباس�ه الذي كان يلبس�ه قبل‬ ‫ُ‬ ‫وهلذا مل ّ ِ‬
‫يغري‬
‫األفعال ال ُ‬
‫يقال‪ :‬إن متابعت ُه فيها س�نّ ٌة؛‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وكتطويل ش�عره أيض ًا‪ :‬فهذه‬ ‫ِ‬
‫الرجل‪ ،‬واملرأة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للباس‬
‫الترشيع‪ ،‬ومل يتع ّبدْ هبا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ألنه مل يقصدْ بفعلها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جاءت قرين ٌة ُّ‬ ‫وإذا ورد ٌ‬
‫العادي‬
‫ِّ‬ ‫الفعل‬ ‫عالقة‬ ‫تدل عىل‬ ‫ْ‬ ‫يأمر بذلك‪ ،‬أو ير ّغ ُ‬
‫ب فيه‪ ،‬أو‬ ‫قول ُ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[176/1‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الساق‪ ،‬ونحو‬ ‫ِ‬
‫نصف‬ ‫ِ‬
‫اإلزار إىل‬ ‫ِ‬
‫األبيض‪ ،‬ورف ِع‬ ‫خارج عن هذا النوعِ‪ ،‬كلبس‬ ‫ِ‬
‫بالرشيعة‪ ،‬فهذا‬
‫ٌ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫بني‬ ‫ِ‬
‫كالوصال يف الصيا ِم‪ ،‬ومجعه َ‬ ‫وهذه ال أسو َة به فيها‪،‬‬
‫ِ‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬ ‫مهر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املوهوبة بال ٍ‬ ‫ِ‬
‫ونكاح‬ ‫ٍ‬
‫نسوة‪،‬‬ ‫أكثر من أرب ِع‬
‫النبي ﷺ تع ّبد ًا هلل‪.‬‬
‫وهو الفعل الذي فعله ُّ‬
‫يكون مستح ّب ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بالنبي ﷺ فيه‪ ،‬وقد يكون واجب ًا‪ ،‬وقد‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الفعل هو الذي يقتدى‬ ‫فهذا‬
‫الرتوك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األفعال يقتدى به يف ّ‬ ‫بالنبي ﷺ يف‬ ‫ِ‬
‫االقتداء‬ ‫ِ‬
‫جانب‬ ‫وإىل‬
‫ِّ‬
‫ألمر من األمور‬ ‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬ومعرف ُة ترك�ه ﷺ ٍ‬ ‫فعل ٍ‬
‫أم�ر من‬ ‫بال�رتوك‪ :‬تركه ﷺ َ‬
‫واملقص�و ُد ّ‬
‫ِ‬
‫بطريقني‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يكون‬
‫ترك ك�ذا وكذا‪ ،‬ومل يفعله‪ ،‬كقول الصحايب يف صالة ِ‬
‫العيد‪َّ :‬‬
‫«أن‬ ‫الترصي�ح بأنه َ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫إقامة )‪.(1‬‬ ‫صىل العيدَ بال ٍ‬
‫أذان‪ ،‬وال‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عد ُم ِ‬
‫مهمهم ودواعيهم‬
‫ْ‬ ‫للفعل ا ّلذي لو فعله ُّ‬
‫النبي ﷺ؛ لتو ّفرت‬ ‫الصحابة‬ ‫نقل‬
‫عىل نقله لأل ّم ِة‪.‬‬
‫فحي�ث مل ينقل� ُه واح�دٌ منهم ألبت� َة‪ ،‬وال حدّ ث به يف جمم� ٍع أبد ًا علم أن�ه مل يك ْن‪ ،‬وذلك‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األفع�ال يكون حج ًة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لفعل من‬ ‫بالنية عن�دَ دخوله الص�الةَ‪ ،‬وتركه ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫كرتك�ه ﷺ التل ّف َ‬
‫�ظ‬
‫ِ‬
‫بس�بب خش�يته أن‬ ‫رمضان مجاع ًة؛‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫لوجود مان ٍع من فعله‪ ،‬كرتكه ﷺ قيا َم‬ ‫إال إذا َ‬
‫ترك ش�يئ ًا؛‬
‫يفرض عىل أ ّمته‪ ،‬فمثل هذا ليست األسوة يف تركه‪ ،‬بل يف فعله؛ النتفاء املانع‪.‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]959‬ومسلم [‪ ،]886‬وأبو داود [‪ ،]1147‬واللفظ له‪.‬‬


‫اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺒﻲ ﷺ‬ ‫ُ‬
‫ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﱠ ﱢ‬
‫ﺣﻮﻟ َ ُﻪ‬ ‫ﻣﻊ أ َ ْﻫ ِﻠ ِﻪ وأَﻗﺎرِ ِﺑ ِﻪ و َﻣ ْ‬
‫ﻦ َ‬
‫‪‬‬

‫النبي ﷺ مع زوجاته‬
‫ِّ‬ ‫تعامل‬

‫بالنبي ﷺ‪ ،‬والتأس هبدي�ه‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫ِ‬


‫باالقت�داء‬ ‫ق�د أمرنا اهلل‬
‫ِّ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [األحزاب‪.[21 :‬‬

‫التأس‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بحس�ب مواقعهم؛ ليتمكّنوا من ّ‬ ‫وم ْن هنا فعىل اجلميع أن يعرفوا‬
‫به ﷺ‪.‬‬
‫َ‬
‫الرس�ول‬ ‫يعرف‬
‫َ‬ ‫احلاكم إال أن‬
‫َ‬ ‫يس�ع‬
‫ُ‬ ‫وج‪ ،‬وال‬‫الز َ‬ ‫َ‬
‫الرس�ول ّ‬ ‫يعرف‬
‫َ‬ ‫الزوج إال أن‬
‫َ‬ ‫يس�ع‬
‫ُ‬ ‫فال‬
‫َ‬
‫الرسول القائدَ القدوةَ‪.‬‬ ‫يعرف‬ ‫يسع القائدَ إال أن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫العادل يف حكمه‪ ،‬وال ُ‬
‫الرقي‬ ‫ِ‬
‫الناس إىل‬ ‫ِ‬
‫إلرش�اد‬ ‫الزوجة‪ ،‬ونراس� ًا؛‬‫ِ‬ ‫النبي ﷺ قدو ًة يف ف ِّن التعامل مع‬ ‫وقد َ‬
‫ِّ‬ ‫كان ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالجتاعية‪.‬‬ ‫الزوجية‬ ‫احلياة‬ ‫يب يف‬ ‫بالتعامل مع الزوجة معامل ًة حسن ًة ُ‬
‫يظهر أثرها اإلجيا ُّ‬
‫ُ‬
‫احلديث يف هذا الفصل بعون اهلل من عدة جوانب‪:‬‬ ‫ثم سيكون‬
‫من َّ‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬

‫ﷺ‬

‫وإليك ‪-‬أخي القاري‪ -‬بيان ذلك فيا ييل‪:‬‬

‫النبي ﷺ الزوجية‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫اجلانب االأول‪� :‬شور من حياة‬
‫بن�ت خويل�د‪ ،‬وعائش� ُة‬
‫للنب�ي ﷺ إح�دى ع�رش َة زوج� ًة‪ ،‬وه�ن‪ :‬خدجي� ُة ُ‬ ‫ِّ‬ ‫فق�د كان‬
‫ٍ‬
‫جحش األسدية‪،‬‬ ‫بنت‬
‫وزينب ُ‬
‫ُ‬ ‫بنت أيب ٍ‬
‫بكر‪ ،‬وحفص ُة بنت عمر‪ ،‬وسود ُة بنت زمع َة العامرية‪،‬‬
‫‪‬‬

‫بنت خزيم َة اهلاللية‪ ،‬وأ ُّم س�لم َة هند بنت أيب أمي�ة املخزوم ّية‪ ،‬وأ ّم حبيبة رملة بنت‬
‫وزين�ب ُ‬
‫ُ‬
‫أيب س�فيان األموي�ة‪ ،‬وميمون�ة بنت احل�ارث اهلاللي�ة‪ ،‬وجوير ّية بنت احل�ارث املصطلقية‪،‬‬
‫وصف ّية بنت حيي النضريية ‪.K‬‬

‫بنت خزيم َة ‪L‬‬


‫وزين�ب ُ‬ ‫بنت خويلد‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ومات�ت خدجي ُة ُ‬
‫ْ‬ ‫مات عن تس� ٍع منه َّن‪،‬‬
‫وق�د َ‬
‫ُ‬
‫قبله ﷺ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الطاهرات حيا ًة س�عيد ًة ط ّيب ًة‪ ،‬ت ّث ُل تطبيق ًا عمل ّي ًا‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ مع زوجاته‬ ‫عاش‬ ‫وقد َ‬
‫لكل ٍ‬
‫فعل‬ ‫واملعروف كلم ٌة جامع ٌة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫دقيق ًا لقوله تعاىل‪( :‬ﯢ ﯣ) [النساء‪،[19 :‬‬
‫ٍ‬
‫وخلق ٍ‬
‫نبيل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وقول‬

‫كيف ال وهو القائل‪» :‬‬ ‫ِ‬


‫الناس يف تعامله مع زوجاته‪َ ،‬‬ ‫خري‬
‫والنبي ﷺ كان َ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫املعارشة لزوجاته‪ ،‬حس َن التعامل معه َّن‪ ،‬وقد‬ ‫حلو‬ ‫َ‬ ‫«)‪،(1‬‬
‫فكان ﷺ َ‬
‫بدا ذلك واضح ًا يف سريته ﷺ معه َّن‪.‬‬
‫ِ‬
‫املش�كالت‬ ‫كثري من‬ ‫بالنب�ي ﷺ يف تعامله م�ع زوجاته؛ النح ّل ْ‬
‫�ت ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫الن�اس‬
‫ُ‬ ‫ول�و اقت�دى‬
‫نسمع عنها اليو َم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الزوج ّية التي‬

‫املشكالت الزوج ّي ِة التي تعاين منها‬


‫ِ‬ ‫ويسمع ويقرأ من‬
‫ُ‬
‫فإن املرء ليعجب من ِ‬
‫كثرة ما يرى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ات إىل أن معدّ َل الطالق يف العامل اإلس�المي وصل إىل‬‫والبي�وت‪ ،‬وتش�ري اإلحصائ ّي ُ‬
‫ُ‬ ‫األرس‬
‫ُ‬
‫أظهرت إحصائ ّي ٌة حديث ٌة لعام (‪1430‬ه�) صادر ٌة من‬
‫ْ‬ ‫مس�تمر؛ فقد‬ ‫ٍ‬
‫حدٍّ خميف‪ ،‬ويف ازدياد‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫بنس�بة (‪،)%21‬‬ ‫ِ‬
‫الزواج‬ ‫ِ‬
‫الطالق مقارن ًة مع حاالت‬ ‫ِ‬
‫حاالت‬ ‫ارتفاع‬ ‫ِ‬
‫بالس�عودية‬ ‫ِ‬
‫العدل‬ ‫ِ‬
‫وزارة‬
‫َ‬
‫حيث عدد احلاالت)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫اململكة من ُ‬ ‫مناطق‬
‫َ‬ ‫الرياض‬
‫ُ‬ ‫وتصدّ ِ‬
‫رت‬
‫كيف ِ‬
‫كانت‬ ‫نستعرض َ‬
‫َ‬ ‫نحتاج أن‬ ‫ِ‬
‫الطالق‬ ‫ِ‬
‫حاالت‬ ‫ِ‬
‫وكثرة‬ ‫ِ‬
‫الزوجية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املش�كالت‬ ‫ومع ِ‬
‫هذه‬
‫ُ‬
‫ر عليه َّن‪،‬‬ ‫وكيف َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكيف َ‬ ‫ِ‬
‫كان يص ُ‬ ‫َ‬ ‫يعامل زوجاته‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫النبوة‪،‬‬ ‫احليا ُة يف بيت‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ أسو ًة حسن ًة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض أخطائه َّن؛ فإن لنا يف‬ ‫ويتغاىض عن‬

‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3314‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]3895‬عن عائشة ‪،J‬‬
‫)‪ (2‬جريدة الوطن أون الين [‪2012-3-20‬م]‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫جل�س يف ّ‬
‫مصال ُه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بح‬
‫الص َ‬ ‫صىل ّ‬ ‫فع�ن اب�ن ع ّباس ‪َ L‬‬
‫ق�ال‪َ :‬‬
‫«كان رس�ول اهلل ﷺ إذا ّ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫نس�ائه امرأ ًة امرأةً‪ ،‬يس ّل ُم عليه َّن‪،‬‬ ‫ثم يدخل عىل‬ ‫وجلس النّاس حوله حتّى تطلع ّ‬
‫الش�مس‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ويدعو هل َّن‪ ،‬فإذا كان يوم إحداه َّن كان عندها»)‪.(1‬‬

‫م�رور عىل زوجة م�ن زوجاته ‪ K‬للس�الم عليها‪،‬‬ ‫ِ‬


‫النهار له‬ ‫كل ي�و ٍم م�ع ِ‬
‫أول‬ ‫فف�ي ِّ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫والدعاء هلا‪.‬‬

‫ويف آخر النهار جيالس�ها جلس ًة حيادثها فيها‪ ،‬ويؤانسها‪ ،‬فع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫«كان‬
‫ِ‬
‫نسائه‪ ،‬فيدنو م ْن إحداه َّن»)‪.(2‬‬ ‫دخل عىل‬ ‫ِ‬
‫العرص َ‬ ‫انرصف م َن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إذا‬
‫ُ‬
‫التقبيل واملبارش ُة من غري مجاع)‪.(3‬‬ ‫قوهلا‪« :‬فيدنو م ْن إحداه َّن»‪ ،‬املراد به‪:‬‬

‫كان يقع يف ّأول النّهار سالم ودعاء حمض‪ ،‬وا ّلذي يف آخره‬
‫قال ابن حجر ‪« :V‬ا ّلذي َ‬
‫واستئناس‪ ،‬وحمادث ٌة»)‪.(4‬‬
‫ٌ‬ ‫جلوس‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مع ُه‬
‫ٍ‬
‫امرأة م ْن ِ‬
‫غري‬ ‫يطوف علينا مجيع ًا‪ ،‬فيدنو م ْن ِّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫«قل يو ٌم ّإال َ‬
‫وهو‬ ‫وقالت عائش ُة ‪َّ :J‬‬
‫ْ‬
‫فيبيت عندها»)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫يبلغ إىل ا ّلتي َ‬
‫هو يومها‬ ‫ٍ‬
‫مسيس‪ ،‬حتّى َ‬

‫َ‬
‫ينفصل عنه َّن إىل التي هو يف‬ ‫ذلك تأنيس� ًا هل َّن‪ ،‬وتطييب ًا لقلوهب� َّن؛ حتى‬
‫يفعل َ‬‫كان ُ‬ ‫«وإن�ا َ‬
‫ِ‬
‫القلب»)‪.(6‬‬ ‫يومها‪ ،‬ويرتكها ط ّيب َة‬
‫فكان نس�اؤه ال يفقدنه‪ ،‬بل يرينه يف ِّ‬
‫كل يو ٍم‪ ،‬فأي َن هذا ممن ُ‬
‫هيجر زوجته‪ ،‬ويرتكها األيا َم‬
‫الشهور!!‬
‫َ‬ ‫والليا َيل‪ ،‬بل‬

‫)‪ (1‬رواه الطراين يف املعجم األوسط [‪ ،]8764‬وسكت عنه احلافظ‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5216‬ومسلم [‪.[1474‬‬
‫)‪ (3‬عمدة القاري [‪.[92/30‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[379/9‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]2135‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[1852‬‬
‫)‪ (6‬املفهم للقرطبي [‪.[90/13‬‬
‫‪‬‬

‫متأخ ٍر‪ ،‬حتى إذا عا َد إىل‬


‫وقت ّ‬ ‫كل يو ٍم‪ ،‬ويسهر معهم إىل ٍ‬ ‫جيالس أصحابه َّ‬ ‫ِ‬
‫الناس من‬ ‫ومن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مجيع طاقته‪ ،‬وقد نام أهله‪ ،‬فيلقي بنفسه عىل فراشه‪ ،‬وينا ُم‪.‬‬ ‫كان قد استفر َغ َ‬
‫البيت َ‬
‫ِ‬
‫نس�ائه‪،‬‬ ‫للر ِ‬
‫جل الدّ ُ‬
‫خول عىل م ْن مل ْ يك ْن يف يومها م ْن‬ ‫«واحلديث‪ِ :‬‬
‫فيه ٌ‬
‫جيوز ّ‬
‫دليل عىل أ ّن ُه ُ‬
‫والتّأنيس هلا‪ ،‬وال ّلمس والتّقبيل‪.‬‬
‫ِ‬
‫ألهله»)‪.(1‬‬ ‫خري الن ِ‬
‫ّاس‬ ‫ِ‬
‫حسن خلقه ﷺ‪ ،‬وأ ّن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫وفيه ُ‬
‫كان َ‬ ‫بيان‬
‫ٍ‬
‫واحدة منه َّن‪ ،‬فيأتيه َّن‪ ،‬وحيادثهن‪ ،‬ويؤنس�هن‪ ،‬ع ْن‬ ‫وأما يف الليل‪ ،‬فربا اجتمعن يف ِ‬
‫بيت‬ ‫َ‬
‫فكان إذا قسم بينهن ال ينتهي إىل ِ‬
‫املرأة‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫نسوة‪،‬‬ ‫تسع‬ ‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬‫«كان للن ِّ‬
‫ليلة يف ِ‬
‫بيت ا ّلتي يأتيها»)‪.(2‬‬ ‫كل ٍ‬‫األوىل ّإال يف تس ٍع [أي‪ :‬بعد انقضاء التّسع]‪ ،‬فك َّن جيتمع َن َّ‬
‫أن يأيت ّ‬
‫كل امرأة يف بيتها‪ ،‬وال يدعه َّن إىل بيته)‪.(3‬‬ ‫وج ْ‬
‫للز ِ‬
‫يستحب ّ‬ ‫ِ‬
‫ففيه‪ :‬أ ّن ُه‬
‫ُّ‬
‫النب�ي ﷺ م�ع كثرة مش�اغله‪ ،‬وعظ�م أعبائه‪ ،‬يس�هر مع زوجاته ويؤنس�ه َّن‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫وق�د كان‬
‫ويستمع منهن لطرائف األخبار‪.‬‬
‫ِ‬
‫بحديث أ ِّم زرع‪ ،‬وهو‪ :‬أن إحدى عرش َة امرأ ًة‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فقد حدّ ثت عائش� ُة ‪J‬‬

‫كل واحد ًة زوجها‪،‬‬ ‫ِ‬


‫أخبار أزواجه َّن ش�يئ ًا‪ ،‬فوصف�ت ُّ‬ ‫َ‬
‫وتعاقدن أن ال يكتم َن من‬ ‫َ‬
‫تعاه�دن‪،‬‬
‫فكانت أحسنه َّن وصف ًا لزوجها وأكثرهن تعداد ًا لنعمه عليها زوجة أيب زرعٍ‪.‬‬
‫ْ‬
‫«)‪.(4‬‬ ‫قالت عائش ُة ‪ ،J‬فقال يل رسول اهلل ﷺ‪» :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫للجلوس مع زوجته لس�ا ِع حديثها ومؤانس�تها‪.‬‬ ‫ص وقت� ًا‬
‫خيص َ‬ ‫ِ‬
‫للزوج م�ن أن ّ‬ ‫ف�ال ب�دَّ‬
‫ِ‬
‫النهار‪،‬‬ ‫طوال‬ ‫ِ‬
‫العمل َ‬ ‫ِ‬
‫الزوجات اليو َم من أزواجه ّن؛ ألن الواحد منه�م يف‬ ‫معظ�م‬ ‫وتش�تكي‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫التلفاز حت�ى نصف ِ‬
‫الليل‪ ،‬وهي تنتظ�ره‪ ،‬ثم يأوي بعد‬ ‫جيل�س أما َم‬
‫ُ‬ ‫وعندم�ا يع�و ُد يف الليل‬
‫ِ‬
‫املسكينة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كاجليفة‪ ،‬وربا نام والريموت يف يده! وال يبايل بزوجته‬ ‫ذلك إىل فراشه متعب ًا‪ ،‬فينا ُم‬

‫)‪ (1‬عون املعبود [‪.[122/6‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1462‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[47/10‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]5189‬ومسلم [‪.[2448‬‬
‫‪‬‬

‫مقر عمله‬ ‫ِ‬


‫األعال جالس ًا بني أوراقه حتى يف البيت‪،‬‬ ‫وقد جتدُ بعض ًا من رجال‬
‫فريجع من ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البيت‪ ،‬وأهله يف انتظاره!‬ ‫ُ‬
‫فيكون الدوام الثاين له يف‬ ‫إىل بيته‪،‬‬
‫ٍ‬
‫اتصال م�ع زوجته دائا‪ ،‬من‬ ‫يس�تطيع امل�ر ُء أن يبقى عىل‬ ‫ِ‬
‫احلديثة‬ ‫ِ‬
‫االتصال‬ ‫ِ‬
‫وس�ائل‬ ‫وم�ع‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاالتصال؛ لالطمئنان عىل الزوجة ق�د ال يك ّلفك َ‬
‫أكثر من‬ ‫ُ‬ ‫واالتص�االت‪،‬‬ ‫الرس�ائل‬ ‫خالل‬
‫والكثري‪.‬‬ ‫الكثري‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الزوجة‬ ‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬ولكنه يعني عند‬ ‫ٍ‬
‫دقيقة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫نس�ائه يف ال ّل ِ‬
‫ِ‬ ‫أن�س بن ٍ‬
‫الواحدة‪ ،‬ول ُه‬ ‫يلة‬ ‫يطوف عىل‬
‫ُ‬ ‫نبي اهلل ﷺ َ‬
‫كان‬ ‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن َّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ع�ن‬
‫ث‬ ‫أوكان يطيق� ُه؟ َ‬
‫قال‪« :‬كنّا نتحدّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ألنس ‪:I‬‬ ‫قلت‬
‫قال قتادة ‪ُ :V‬‬ ‫ٍ‬
‫نس�وة‪َ ،‬‬ ‫تس�ع‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ‬
‫ُ‬
‫ثالثني»)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫قو َة‬
‫أعطي ّ‬
‫َ‬ ‫أ ّن ُه‬
‫ِ‬
‫ملصلحة‬ ‫وأعلمهم ِبه يكثر التّزويج‬ ‫مع كونه أخشى النّاس هللِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫«وكان َ‬ ‫قال ابن حجر ‪:V‬‬
‫ِ‬ ‫وإلظه�ار املعجزة البالغة يف ِ‬ ‫ِ‬
‫لكونه‬ ‫خرق العادة؛‬ ‫تبلي�غ األحكام ا ّلتي ال ي ّطلع عليها ّ‬
‫الرجال‪،‬‬
‫بأكثره‪ ،‬ويصو ُم كثري ًا ويواصل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كان يؤثر‬ ‫كان ال جيد ما يش�بع ِبه م َن القوت غالب ًا‪ْ ،‬‬
‫وإن وجدَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫قوة البدن‪...‬‬ ‫ذلك ّإال َ‬
‫م�ع ّ‬ ‫نس�ائه يف ال ّليلة الواح�دة‪ ،‬وال يطاق َ‬ ‫َ‬
‫فكان يطوف عىل‬ ‫وم�ع َ‬
‫ذل�ك‬ ‫َ‬
‫الرجول ّية‪ ...‬ومل ْ تشغل ُه كثرهت َّن ع ْن عبادة»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كانت تدح بكثرة النّكاح؛ لداللته عىل ّ‬ ‫والعرب ْ‬
‫ُ‬
‫ن عائش َة ‪J‬‬
‫ِ‬
‫ومل تكن تنعه العباد ُة ﷺ من مؤانسة زوجته‪ ،‬ومسامرهتا‪ ،‬وحمادثتها‪ ،‬فع ْ‬
‫وإال اضطجع حتّى يؤ ّذ َن بالص ِ‬
‫الة)‪.(3‬‬ ‫كنت مستيقظ ًة حدّ ثني‪ّ ،‬‬ ‫صىل‪ْ ،‬‬
‫فإن ُ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان إذا ّ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أن الن َّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان إذا‬ ‫وحتى يف الس�فر كان يايش زوجته وحيادثها‪ ،‬ع ْن عائش� َة ‪َّ :J‬‬
‫«أن الن َّ‬
‫سار‬ ‫كان بال ّل ِ‬
‫ّبي ﷺ إذا َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫فطارت القرع ُة لعائش َة وحفص َة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يل َ‬ ‫وكان الن ُّ‬ ‫نسائه‪،‬‬ ‫بني‬
‫أقرع َ‬
‫خرج َ‬ ‫َ‬
‫ث‪.(4)»...‬‬‫مع عائش َة يتحدّ ُ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]268‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم [‪.[309‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[115/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[1161‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]5211‬ومسلم [‪.[2445‬‬
‫‪‬‬

‫النب�ي ﷺ ه�ذا اهلدي مع نس�ائه حتى يف ليلة بنائ�ه بزوجة جدي�دة‪ ،‬ع ْن ِ‬
‫أنس‬ ‫ِ‬
‫ي�رتك‬ ‫ومل‬
‫ُّ‬
‫فأرس�لت عىل‬
‫ُ‬ ‫جحش‪ٍ ،‬‬
‫بخبز وحل ٍم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ق�ال‪« :‬بني عىل النّبي ﷺ بزينب ِ‬
‫بنت‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ب�ن ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫فدعوت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وخيرجون‪،‬‬ ‫َ‬
‫فيأكلون‬ ‫ثم جيي ُء قو ٌم‪،‬‬ ‫َ‬
‫وخيرجون‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫فيأكلون‬ ‫ال ّطعا ِم داعي ًا‪ ،‬فيجي ُء قو ٌم‪،‬‬
‫طعامكم‪...‬‬
‫ْ‬ ‫نبي اهلل‪ ،‬م�ا أجدُ أحد ًا أدعو ُه‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬ارفعوا‬ ‫فقلت‪ :‬يا َّ‬
‫ُ‬ ‫حتّ�ى ما أجدُ أحد ًا أدعو‪،‬‬
‫»‪،‬‬ ‫فقال‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫حجرة عائش� َة‪َ ،‬‬ ‫فانطلق إىل‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫َ‬ ‫فخرج الن ُّ‬
‫َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫أهلك‪َ ،‬‬
‫بارك اهللُ َ‬ ‫َ‬ ‫وجدت‬
‫َ‬ ‫السال ُم ورمح ُة اهلل‪َ ،‬‬
‫كيف‬ ‫َ‬
‫وعليك ّ‬ ‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫قالت عائش ُة»)‪.(1‬‬ ‫يقول هل َّن كا ُ‬


‫يقول لعائش َة‪ ،‬ويقل َن ل ُه كا ْ‬ ‫ِ‬
‫نسائه ك ّله َّن‪ُ ،‬‬ ‫حجر‬ ‫فتقرى‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أي‪ :‬تت ّب َع احلجرات واحدة واحدة)‪.(2‬‬
‫«تقرى»‪ْ ،‬‬
‫قوله‪ّ :‬‬
‫ر لقلوهب َّن‪ ،‬واس�تدعا ٌء ملا عنده َّن من‬ ‫ِ‬
‫حجر نس�ائه تف ّقدٌ ألحواهل� َّن‪ ،‬وج ٌ‬ ‫«فدوران�ه عىل‬
‫وجدت أهلك يا رسول‬ ‫َ‬ ‫أحوال قلوهبن؛ ألجل تزوجيه؛ ولذلك اس�تلطفن ُه بقوهل َّن له‪ :‬كيف‬ ‫ِ‬
‫اهلل؟!‬
‫ِ‬
‫الداخلة به؛ ُّ‬ ‫ال�رض ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مثل ه�ذا الكال ِم عنه َّن يف ِ‬
‫وص�دور ِ‬
‫يدل عىل‬ ‫اختصاص ّ ّ‬ ‫ابتداء‬ ‫حال‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫للرضائر‪،‬‬ ‫الطي�ش‪ ،‬واخل ّف ِة‬
‫ِ‬ ‫موضع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ق�وة عقوهل َّن‪ ،‬وصره َّن‪ ،‬وحس�ن معارشهت َّن‪ ،‬وإالَّ فهذا‬
‫بات لط ّي ٍ‬
‫ب»)‪.(3‬‬ ‫لكنّه َّن ط ّي ُ‬
‫ٍ‬
‫واحدة منه� َّن‪» :‬‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫نس�ائه فيس� ّل ُم ع�ىل ِّ‬ ‫يم�ر عىل‬ ‫َ‬
‫فجع�ل ُّ‬ ‫ويف رواي�ة‪:‬‬
‫ُ‬
‫فيقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫أهلك؟‬ ‫وج�دت‬
‫َ‬ ‫كيف‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪َ ،‬‬ ‫فيقولون‪ٍ :‬‬
‫بخري يا‬ ‫َ‬ ‫»‪،‬‬
‫«)‪.(4‬‬ ‫»‬

‫أن يس� ّل َم ع�ىل امرأته وأهله‪،‬‬ ‫ِ‬


‫لإلنس�ان إذا أتى منزله ْ‬ ‫يس�تحب‬ ‫«يف هذا أ ّن ُه‬
‫ُّ‬
‫اجلاهلني املرت ّف َ‬
‫عني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كثري م َن‬
‫يتكر عن ُه ٌ‬
‫وهذا ممّا ّ ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4792‬ومسلم [‪.[1428‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[530/8‬‬
‫)‪ (3‬املفهم [‪ ]15/13‬للقرطبي‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[1428‬‬
‫‪‬‬

‫كانت يف نفس املرأة حاج ٌة‪ ،‬فتس�تحيي ْ‬


‫أن‬ ‫حاهل�م‪ ،‬فر ّبا ْ‬
‫ْ‬ ‫الرجل أهل ُه ع ْن‬
‫ومنه�ا‪ :‬س�ؤال ّ‬
‫انبسطت ِ‬
‫لذكر حاجتها»)‪.(1‬‬ ‫ْ‬ ‫تبتدئ هبا‪ ،‬فإذا سأهلا؛‬
‫ﷺ‬
‫فق�د أثنى ﷺ عىل خدجي َة يف حياهت�ا‪ ،‬وبعد موهتا ما مل ِ‬
‫يثن عىل غريها‪ ،‬وكان حيرص عىل‬
‫ِ‬
‫بيان فضلها‪ ،‬ومكانتها يف قلبه حتى بعدَ وفاهتا‪.‬‬
‫غرت عىل خدجي َة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّبي ﷺ ما ُ‬
‫غرت عىل أحد م ْن نس�اء الن ِّ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪« :‬ما ُ‬
‫ثم يق ّطعها أعضا ًء‪َّ ،‬‬
‫ثم يبعثها‬ ‫ذبح ّ‬
‫الشا َة َّ‬ ‫يكثر ذكرها‪ ،‬ور ّبا َ‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬ ‫وما رأيتها‪ ،‬ولك ْن َ‬
‫كان الن ُّ‬
‫«إهنا‬ ‫ُ‬
‫فيق�ول‪ّ :‬‬ ‫قلت ل� ُه‪ :‬كأ ّن ُه مل ْ يك� ْن يف الدّ نيا ام�رأ ٌة ّإال خدجي ُة!!‬ ‫ِ‬
‫صدائ�ق خدجي� َة‪ ،‬فر ّبا ُ‬ ‫يف‬
‫َ‬
‫وكان يل منها ولدٌ »)‪.(2‬‬ ‫وكانت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫كانت‪،‬‬
‫ْ‬
‫العالقة الزوج ّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بانتهاء‬ ‫ِ‬
‫والثناء عليها‬ ‫صلوات اهلل وسالمه ِ‬
‫عليه عن ذكرها‪،‬‬ ‫يكف‬
‫فلم َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وكانت‬
‫ْ‬ ‫كانت فاضل ًة‪،‬‬
‫أي‪ْ :‬‬ ‫» ْ‬ ‫اس�تمر ذلك بعد وفاهت�ا‪ ،‬وكان ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫َّ‬ ‫بل‬
‫ونحو َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عاقل ًة‪،‬‬
‫إبراهيم فإنّ� ُه َ‬
‫كان م ْن‬ ‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ م� ْن خدجي�ة‪ّ ،‬إال‬
‫فجمي�ع أوالد الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫»‪،‬‬ ‫»‬
‫جاريته ماري َة‪.‬‬
‫واملتّفق ِ‬
‫ثم‬ ‫ثم رق ّي ُة‪َّ ،‬‬
‫ثم أ ُّم كلثو ٍم‪َّ ،‬‬ ‫زينب‪َّ ،‬‬
‫األرب�ع‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫القاس�م‪ ،‬وبناته‬
‫ُ‬ ‫عليه م ْن أوالده منها‪:‬‬
‫اهر وال ّط ّيب)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫فكان يقال ل ُه ال ّط ُ‬
‫َ‬ ‫املبعث‪،‬‬ ‫فاطم ُة‪ ،‬وعبداهلل ولدَ بعد‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫وال يذكرها ﷺ إال ويثني عليها‪ ،‬ويس�تغفر هلا‪ ،‬ع ْن عائش� َة ْ‬
‫ِ‬
‫واالستغفار هلا»)‪.(4‬‬ ‫إذا ذكر خدجي َة‪ ،‬مل يكن يسأم من ٍ‬
‫ثناء عليها‪،‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫الرجل قد ماتت زوجته‪،‬‬ ‫العجاب‪ ،‬جتدُ‬
‫َ‬ ‫العج�ب‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الناس اليو َم نجدُ‬ ‫النظر يف ِ‬
‫حال‬ ‫ِ‬ ‫وعن�د‬
‫وكانت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أفعال املتو ّف ِاة‪ ،‬وأهنا ْ‬
‫كانت‪،‬‬ ‫فتزوج بأخرى‪ ،‬ثم جيلس يمدح األخرى‪ ،‬ويق ّب ُح َ‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬رشح صحيح مسلم [‪.[225/9‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3818‬ومسلم [‪.[2435‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[137/7‬‬
‫)‪ (4‬رواه الطراين يف املعجم الكبري [‪ ،]319/16‬وحسنه اهليثمي يف جممع الزوائد [‪.[360/9‬‬
‫‪‬‬

‫جلس‪ ،‬وأنه كان صاب�ر ًا عليها‪ ،‬وما ط ّلقها إال‬ ‫ٍ‬


‫ط�الق‪ ،‬فيذ ّمها أينا َ‬ ‫ِ‬
‫بس�بب‬ ‫يق�ع ٌ‬
‫فراق‬ ‫أو ُ‬
‫بعد ِ‬
‫نفاد صره‪ ،‬فال يذكرها أو يتذكّرها إال وهو ذا ّم هلا‪.‬‬
‫فضل ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫كان هلا ٌ‬ ‫يذكر امرأت ُه ٍ‬
‫بخري أبد ًا‪ ،‬وإن َ‬ ‫ِ‬
‫الناس ال ُ‬ ‫بعض‬‫كا أن َ‬

‫أسارير وجهه إذا رأى‪ ،‬أو سمع ما يذكّره بزوجته خدجية ‪ ،J‬فع ْن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تنبسط‬ ‫وكان ﷺ‬
‫فعرف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫أخت خدجي َة عىل‬ ‫ٍ‬
‫خويلد ُ‬ ‫«استأذنت هال ُة ُ‬
‫بنت‬ ‫ْ‬ ‫عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫تذكر‬
‫فقلت‪ :‬ما ُ‬ ‫ُ‬ ‫فغرت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫«)‪ْ ،(3‬‬ ‫لذلك)‪َ ،(2‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫فارتاع‬
‫َ‬ ‫استئذان خدجي َة)‪،(1‬‬
‫َ‬
‫هلكت‬ ‫س�قطت أسناهنا م ْن الكر]‪،‬‬ ‫ِ‬
‫�دقني [أي‪ :‬قدْ‬ ‫الش‬ ‫ِ‬
‫محراء ّ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عجائز‬ ‫ٍ‬
‫عجوز م ْن‬ ‫م ْن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫كن�ت أرا ُه ّإال عندَ‬
‫ُ‬ ‫تغري] ت ّعر ًا ما‬
‫أبدل�ك اهللُ خري ًا منه�ا‪ ،‬فتم ّع َر وجه� ُه [أي‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫يف الدّ ِ‬
‫ه�ر‪ ،‬ق�دْ‬
‫‪D‬‬ ‫فق�ال‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫املخيلة)‪َ ،(4‬‬ ‫الوحي‪ْ ،‬أو عندَ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن�زول‬
‫‪D‬‬

‫باحلق ال أذكرها بعد هذا ّإال‬


‫»‪ ،‬فقالت عائش�ة‪ :‬وا ّلذي بعثك ِّ‬
‫ٍ‬
‫بخري»)‪.(5‬‬

‫أحب حمبوباته‪ ،‬وما يشبه ُه‪ ،‬وما يتع ّلق ِبه»)‪.(6‬‬


‫أحب شيئ ًا َّ‬ ‫«ويف احلديث َّ‬
‫أن م ْن َّ‬
‫يت َ‬ ‫ٍ‬ ‫تغار ‪ِ J‬‬ ‫أعجب ٍ‬
‫ِ‬
‫تزو ِج الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ هبا»)‪.(7‬‬ ‫قبل ّ‬ ‫امرأة تو ّف ْ‬ ‫من‬ ‫أن َ‬ ‫يشء ْ‬ ‫«وهذا م ْن‬

‫ن عائش� َة ‪J‬‬
‫ِ‬
‫وممّا َ‬
‫يتزوج يف حياهتا غريها فع ْ‬
‫ّبي ﷺ به خدجية يف الدّ نيا‪ :‬أ ّن ُه مل ْ ّ‬
‫كافأ الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ عىل خدجي َة حتّى ْ‬
‫ماتت»)‪.(8‬‬ ‫يتزو ِج الن ُّ‬
‫«ل�م ّ‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬

‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫بصوت أختها فتذك َّر خدجية‬‫ِ‬ ‫)‪ِ (1‬‬
‫لشبه صوهتا‬
‫لذلك رسور ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫أي‪َّ :‬‬
‫هش ملجيئها‪ ،‬واهتزَّ‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬اللهم اجعلها هالة‪.‬‬
‫)‪ (4‬السحابة التي يظ ُّن أن هبا مطر ًا‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه أمحد [‪ ،]24343‬والطراين يف املعجم الكبري [‪ ،]14/ 23‬وقال شعيب األرنؤوط‪« :‬إسناده صحيح»‪.‬‬
‫)‪ (6‬فتح الباري [‪.[140/7‬‬
‫)‪ (7‬سري أعالم النبالء [‪.[112/2‬‬
‫)‪ (8‬رواه مسلم [‪.[2436‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫باألخبار‪.‬‬ ‫فيه بني أهل العلم‬‫«وهذا مما ال اختالف ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫وفيه ٌ‬
‫واختص ْت‬
‫ّ‬ ‫دليل عىل عظ ِم قدرها عنده‪ ،‬وعىل مزيد فضلها؛ ّ‬
‫ألهنا أغنت ُه ع ْن غريها‪،‬‬
‫وثالثني عام ًا‪،‬‬ ‫تزوجها ثاني� ًة‬ ‫عاش بع�د ْ‬ ‫مر ِ‬
‫ت�ني؛ أل ّن ُه ﷺ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ب�ه ِ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫أن ّ‬ ‫اش�رتك فيه غريها ّ‬ ‫بقدر ما‬
‫نحو ال ّث ِ‬ ‫ٍ‬
‫لثني م َن املجموع‪.‬‬ ‫وهي ُ‬‫انفردت خدجية منها بخمسة وعرشي َن عام ًا‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫فصان قلبها فيه�ا من الغ�رية‪ ،‬ومن ِ‬
‫َ‬ ‫وم�ع ط�ول امل�دّ ِة‬
‫وه�ي فضيلة مل ْ‬
‫َ‬ ‫الرضائر‪،...‬‬
‫نك�د ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يشاركها فيها غريها»)‪.(1‬‬
‫ومن حس�ن عه�ده ﷺ معها أنه كان يص�ل صديقاهتا بعد وفاهتا‪ ،‬فعن عائش� َة ‪J‬‬

‫ث�م يق ّطعها أعضا ًء‪َّ ،‬‬


‫ث�م يبعثها يف‬ ‫ذبح ّ‬
‫الش�ا َة َّ‬ ‫يكث�ر ذكرها‪ ،‬ور ّبا َ‬
‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ‬ ‫َ‬
‫«كان الن ُّ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫الش�اةَ‪ ،‬فيه�دي يف خالئله�ا منه�ا ما‬‫ليذب�ح ّ‬
‫ُ‬ ‫«وإن َ‬
‫كان‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫صدائ�ق خدجي� َة»)‪ ،(2‬ويف رواي�ة‪:‬‬
‫يسعه َّن»)‪.(3‬‬
‫صدائق خدجي َة‪ ،‬فيهدهيا هل َّن»)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫ليذبح ّ‬
‫الشاةَ‪ ،‬فيتت ّب ُع هبا‬ ‫ُ‬ ‫«وإن َ‬
‫كان‬ ‫ْ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫ِ‬
‫ألصدقاء خدجي َة وخالئلها‪ ،‬رعي ًا من ُه‬ ‫ّب�ي ﷺ ال ّل َ‬
‫حم‬ ‫ب‪« ،‬فإهدا ُء الن ِّ‬ ‫أي‪ :‬يتط ّل ُ‬
‫�ع»‪ْ ،‬‬ ‫«فيتت ّب ُ‬
‫لذمامها‪ ،‬وحفظ ًا لعهدها»)‪.(5‬‬
‫الصاحب‪ ،‬والعش�ري يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«ويف ه�ذا ك ّله دليل‬
‫حلس�ن العهد‪ ،‬وحف�ظ الو ِّد‪ ،‬ورعاية حرمة ّ‬
‫الصاحب»)‪.(6‬‬ ‫حياته ووفاته‪ ،‬وإكرام أهل َ‬
‫ذلك ّ‬
‫باليش ِء ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫يت ّ‬ ‫ّبي ﷺ إذا أ َ‬
‫بن ٍ‬
‫مالك ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫كان الن ُّ‬ ‫أنس ِ‬
‫وعن ِ‬
‫«)‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[137/7‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3534‬ومسلم [‪.[2435‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري [‪.[3816‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪.[1940‬‬
‫)‪ (5‬حتفة األحوذي [‪.[134/6‬‬
‫)‪ (6‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[202/15‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح األدب املفرد [‪.[172‬‬
‫ّ‬ ‫البخاري يف األدب املفرد [‪،]232‬‬
‫ُّ‬ ‫)‪ (7‬رواه‬
‫‪‬‬

‫جاءت‬
‫ْ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫فعن عائش� َة ‪J‬‬
‫وخي�ص صواحبه�ا أيض ًا بمزيد فضل وإحس�ان‪ْ ،‬‬
‫ُّ‬
‫قالت‪ :‬أنا ج ّثام ُة‬
‫»‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫وهو عندي‪َ ،‬‬
‫فقال هلا‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫عجوز إىل الن ِّ‬
‫ٌ‬
‫»‪،‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪» :‬‬ ‫املزن ّي� ُة‪،‬‬
‫رس�ول اهلل ُ‬
‫تقبل عىل‬ ‫َ‬ ‫خرجت‪ ،‬قلت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫فلا‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪ّ ،‬‬ ‫أنت وأ ّمي يا‬
‫بخري ب�أيب َ‬ ‫قال�ت‪ٍ :‬‬
‫ْ‬
‫اإلقبال! َ‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫العج�وز هذا‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه‬
‫«)‪.(1‬‬
‫وألطف؛ ألن‬ ‫غري اس�مها إىل اس� ٍم َ‬
‫أمجل‬ ‫مع أن ِ‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ ّ‬
‫عجوز إال أن َّ‬
‫ٌ‬ ‫هذه املرأ َة‬
‫ُ‬
‫اإلنسان البليدُ الكسالن الذي ال يميل إىل احلركة‪.‬‬ ‫اجل ّثام َة هو‬
‫يتسمى به من النساء يف هذا الزمن)‪.(2‬‬ ‫واحلسان ُة أشدُّ حسن ًا من احلسناء‪ ،‬وهو اسم مجيل َّقل من ّ‬
‫ّ‬
‫النبي ﷺ فيه مقابل ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخ�الق ِ‬ ‫ِ‬
‫املوقف م�ن ِّ‬
‫ُ‬ ‫اإليان‪ ،‬وهذا‬ ‫أهل‬ ‫العه�د والوفا ُء من‬ ‫فحس� ُن‬
‫فت‬ ‫ط ّيب� ٌة‪ ،‬ومالطف ٌة مجيل ٌة‪ ،‬وتو ّد ٌد حممو ٌد‪ ،‬ووفا ٌء ٌ‬
‫نبيل لزوجته خدجي َة التي طاملا أ ّيدت ُه‪ ،‬وخ ّف ْ‬
‫عن ُه‪ ،‬وواست ُه‪.‬‬
‫ووضعت يدها‬
‫ْ‬ ‫كدحت معه بداي� َة عمره‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وكث�ري من األزواج الي�و َم يتنك ُّر لزوجته التي‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بيده‪ ،‬وساعدت ُه يف بناء بيته‪ ،‬وليس هذا من حسن العهد‪.‬‬
‫وكان ﷺ ال جي�دُ غضاض� ًة يف الترصيح بح ّبه لزوجته‪ ،‬وقد قال ﷺ عن خدجي َة‪» :‬‬
‫«)‪.(3‬‬

‫حصلت»)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫أن ح ّبها فضيل ٌة‬ ‫ِ‬
‫«وفيه إشارة إىل َّ‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ امرأ ًة ح ّبها‪ ،‬وال‬ ‫حيب‬
‫يذكر‪ ،‬فلم َّ‬
‫أش�هر من أن َ‬
‫ُ‬ ‫وح ّبه ﷺ لعائش�ة ‪J‬‬

‫تزو َج بكر ًا سواها‪.‬‬


‫ّ‬

‫احلاكم يف املستدرك [‪ ،]17/1‬وصححه‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[216‬‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (1‬أخرجه‬
‫األلباين ‪ V‬إحدى بناته هبذا االسم اقتدا ًء بالنبي ﷺ‪ .‬انظر‪ :‬السلسلة الصحيحة[‪.[215/1‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫سمى‬
‫)‪ (2‬وقد ّ‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪ ]2435‬عن عائشة ‪.J‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[201/15‬‬
‫‪‬‬

‫أي الن ِ‬
‫ّاس‬ ‫النبي ﷺ‪ُّ :‬‬
‫سأل َّ‬‫احلب‪ ،‬وال خيفيه‪ ،‬حتى إن عمرو بن العاص َ‬ ‫وكان يظهر ذلك َّ‬
‫«)‪.(1‬‬ ‫جال؟ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫قلت‪ :‬م َن الر ِ‬‫»‪ُ ،‬‬ ‫إليك؟ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫أحب َ‬ ‫ُّ‬
‫ّ‬
‫دون أن يصارحها بح ّبه‬ ‫يعارش زوجت ُه الس�نني ال ّط َ‬
‫�وال‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الرجال من‬ ‫أ ّم�ا َ‬
‫اآلن فتجدُ من‬
‫ُ‬
‫املروءة‪ ،‬وربا يستحيي بعضهم من َ‬
‫ذلك‪!...‬‬ ‫ِ‬ ‫هلا‪ ،‬وبعضهم يعدُّ ذلك من خوار ِم‬
‫ِ‬
‫تعزيز‬ ‫ِ‬
‫أفضل ما يس�اعدُ ع�ىل‬ ‫يعل�م أن ترصحيه بح ّب�ه لزوجته من‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الن�اس ال‬ ‫وكث�ري م�ن‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقات‪ ،‬واستمرار احلياة السعيدة‪ ،‬وزيادة الثقة بينها‪.‬‬
‫ويرص ُح هلا بذلك‪ ،‬ويكثر منه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فالزوج ُة تريدُ من زوجها أن يشعرها أنه حي ّبها‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويق�ول هلا كالم ًا‬ ‫وج�دت من يتك ّل ُم معها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫املنكر بس�بب أهنا‬ ‫وقعت يف‬
‫ْ‬ ‫وك�م م�ن امرأة‬
‫معسوالً‪ ،‬مل جتد ُه عند زوجها‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ ق ّب َل َ‬ ‫ع� ْن ع�رو َة ع ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫الصالة ومل ْ‬
‫خ�رج إىل ّ‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫بعض نس�ائه‪َّ ،‬‬ ‫أن الن َّ‬
‫فضحكت)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫قلت‪ :‬من هي ّإال ِ‬
‫أنت‪،‬‬ ‫يتوض ْأ‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫ْ َ‬
‫ّبي ﷺ يق ّب ُل‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫«كان الن ُّ‬ ‫ْ‬ ‫كان يق ّب ُل نس�اء ُه‪ ،‬ع ْ‬
‫ن عائش� َة ‪J‬‬ ‫صائم َ‬
‫ٌ‬ ‫ب�ل حتى وهو‬
‫ِ‬
‫إلربه»)‪.(3‬‬ ‫أملككم‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫صائم‪،‬‬ ‫وهو‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ويبارش‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ﷺ‬
‫فيضع فا ُه عىل‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫ثم أناول ُه الن َّ‬
‫حائض‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫أرشب وأنا‬
‫ُ‬ ‫«كنت‬
‫ُ‬ ‫عن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫ثم‬
‫حائض‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫العرق [وهو العظم إذا أخذ عنه معظم ال ّلحم] وأنا‬‫َ‬ ‫وأتعر ُق‬
‫ّ‬ ‫فيرشب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫موض ِع َّيف‬
‫فيضع فا ُه عىل موض ِع َّيف»)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫أناول ُه الن َّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3662‬ومسلم [‪.[2384‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]79‬وأبو داود [‪ ،]178‬والنسائي [‪ ،]170‬وابن ماجة [‪ ،]502‬وصححه األلباين يف صحيح‬
‫أيب داود [‪.[172‬‬
‫أي‪ :‬حاجته‪ ،‬واحلديث رواه البخاري [‪ ،]1927‬ومسلم [‪.[1106‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[300‬‬
‫‪‬‬

‫ويرشب م ْن‬
‫ُ‬ ‫أرشب من� ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يض�ع فا ُه عىل املوض� ِع ا ّلذي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ويف لف�ظ‪َ :‬‬
‫«كان‬
‫حائض»)‪.(1‬‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫فضل رشايب‪ ،‬وأنا‬
‫ِ‬
‫الزوجة؛‬ ‫«وه�ذا من غاي�ة موافقته هلا ح ّب ًا»)‪ ،(2‬وكم يكون هلذا الفعل م�ن ٍ‬
‫أثر ط ّيب عىل‬
‫يفعل ذلك‬ ‫ِ‬
‫املرشب‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫املأكل أو‬ ‫مكان ف ِم عائش� َة ريض اهلل تعاىل عنها يف‬
‫َ‬ ‫يضع فم ُه‬
‫فالنبي ﷺ ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫واملحبة‪.‬‬ ‫حائض؛ إظهار ًا للمو ّد ِة‬‫ٌ‬ ‫ﷺ وهي‬

‫ﷺ‬

‫تويف يف بيتي‪ ،‬ويف يومي‪،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫عيل َّ‬


‫أن‬ ‫عن عائش َة ‪ J‬قالت‪َّ :‬‬
‫«إن م ْن نع ِم اهلل َّ‬
‫الس ُ‬
‫�واك‪ ،‬وأنا مس�ند ٌة‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫موته‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫محن وبيده ّ‬ ‫عيل عبدُ ّ‬ ‫دخل َّ‬ ‫وريقه عندَ‬ ‫بني ريقي‬
‫مجع َ‬
‫وأن اهللَ َ‬
‫فأش�ار‬ ‫لك؟‬ ‫فقلت‪ :‬آخذ ُه َ‬ ‫الس َ‬
‫�واك‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فرأيت�ه ينظ�ر ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حيب ّ‬‫وعرفت أنّ� ُه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫إلي�ه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫برأسه‪ْ :‬‬ ‫أن نعم‪ ،‬فتناولته‪ ،‬فاش�تدَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫نعم‪ ،‬فقضمت ُه‪،‬‬
‫أن ْ‬ ‫فأشار‬
‫َ‬ ‫لك؟‬ ‫وقلت‪ :‬أل ّين ُه َ‬
‫ُ‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫برأس�ه‪ْ ْ :‬‬
‫وهو مستندٌ إىل صدري»)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فاست َّن به [أي‪ :‬استاك به] َ‬ ‫ثم مضغت ُه‪ ،‬فأعطيت ُه‬ ‫َّ‬
‫أي‪ :‬كرته ْأو قطعته)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬مضغته‪ ،‬والقضم األخذ بطرف األسنان‪ْ ،‬‬
‫«فقضمت ُه»‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫وأول يو ٍم من أيا ِم اآلخرة‪،‬‬ ‫بني ريقه وريقها يف ِ‬
‫آخر يو ٍم له من أيا ِم الدني�ا‪،‬‬ ‫مج�ع اهلل َ‬
‫فق�د َ‬
‫ٍ‬
‫فضل عظي ٍم نالت ُه ‪J‬؟!‬ ‫فأي‬
‫ُّ‬

‫ِ‬
‫الس�فرات بحث ًا عن عقدها الذي َ‬
‫ضاع‪ ،‬وليس مع‬ ‫كب يف إحدى ّ‬ ‫رت عائش� ُة ّ‬
‫الر َ‬ ‫فلا ّ‬
‫أخ ْ‬ ‫ّ‬
‫وجعل يطعنني ِ‬
‫بيده يف خارصيت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بكر‪،‬‬‫قالت‪« :‬عاتبني أبو ٍ‬ ‫ِ‬
‫الناس ما ٌء‪ ،‬جاء أبو بكر يعاتبها‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ورأس ُه عىل فخذي»)‪.(5‬‬ ‫ُ‬
‫مكان‬ ‫ّحر ِك ّإال‬
‫فال يمنعني م ْن الت ّ‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي [‪.[387‬‬


‫)‪ (2‬مرقاة املفاتيح [‪.[487/2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[4438‬‬
‫)‪ (4‬ينظر‪ :‬النهاية [‪.[124/4‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]4607‬ومسلم [‪.[550‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫القرآن»)‪.(1‬‬ ‫ثم يقر ُأ‬
‫حائض‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ّكئ يف حجري وأنا‬
‫ّبي ﷺ يت ُ‬ ‫وقالت‪َ :‬‬
‫«كان الن ُّ‬ ‫ْ‬

‫وهذا من طيب عرشته ﷺ‪ ،‬وكريم خلقه‪.‬‬


‫ِ‬
‫لليه�ود الذي�ن ال يؤاكلوهنا‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫احلائ�ض‪ ،‬أو كراهتها خالف� ًا‬ ‫ِ‬
‫األنفة م�ن‬ ‫وفي�ه‪ :‬ع�د ُم‬
‫حاضت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫جيالسوهنا إذا‬

‫حضت؛‬ ‫ٍ‬
‫مخيص�ة‪ ،‬إ ْذ‬ ‫ّب�ي ﷺ مضطجع ًة يف‬ ‫فع�ن أ ِّم س�لم َة ‪J‬‬
‫ُ‬ ‫مع الن ِّ‬‫قال�ت‪« :‬بينا أنا َ‬
‫ْ‬
‫قل�ت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫أحضت]‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫» [أي‪:‬‬ ‫ثي�اب حيضت�ي»)‪َ ،(2‬‬
‫ق�ال‪» :‬‬ ‫فأخ�ذت‬
‫ُ‬ ‫فانس�للت‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اخلميلة»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخلميلة»)‪ ،(3‬ويف لفظ‪« :‬فدع�اين‪ ،‬فأدخلني مع ُه يف‬ ‫فاضطجعت مع� ُه يف‬
‫ُ‬ ‫فدع�اين‪،‬‬
‫وكل ثوب له مخل من أي ٍ‬
‫يشء َ‬
‫كان)‪.(4‬‬ ‫هي القطيفة‪ّ ،‬‬
‫ْ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اخلميلة‪َ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫حلاف‬ ‫احلائض‪ ،‬واالضطجا ِع معها يف‬ ‫جواز النّو ِم َ‬
‫مع‬ ‫ُ‬ ‫ففيه‪:‬‬

‫وأ ّم�ا ق�ول اهلل تع�اىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [البق�رة‪ ،[222 :‬فامل�را ُد‪ :‬اعتزل�وا‬
‫وطأه َّن)‪.(5‬‬

‫حائض‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫يضطج�ع معي وأنا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬ ‫وع� ْن ميمون� َة َ‬
‫زوج الن ِّ‬
‫ثوب»)‪.(6‬‬
‫وبيني وبين ُه ٌ‬
‫خمالف‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الفعل‬ ‫حاضت زوجت�ه؛ فارقها يف املضج ِع وتركها‪ ،‬وه�ذا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األزواج إذا‬ ‫وبع�ض‬
‫ُ‬
‫اضطرابات نفس� ّي ٌة‬ ‫ِ‬
‫احليض تنتاهبا‬ ‫حال‬ ‫ِ‬
‫الزوجة‪ ،‬فإن الزوج َة َ‬ ‫ِ‬
‫بحال‬ ‫ومرض‬ ‫النبي ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫هل�دي ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3672‬ومسلم [‪.[267‬‬


‫رت نفس�ها‪ .‬انظر‪ :‬رشح‬
‫تقذ ْ‬ ‫خافت وصول يشء من الدّ م ِ‬
‫إليه ﷺ‪ْ ،‬أو ّ‬ ‫أي‪ :‬ذهبت يف خفية‪ ،‬وحيتمل ذهاهبا أهنّا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫النووي عىل صحيح مسلم [‪[207/3‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]298‬ومسلم [‪.[296‬‬
‫)‪ (4‬النهاية [‪.[153/2‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[207/3‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[295‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الزوج عن فراش�ها؛‬ ‫انضاف إىل ذلك مباعد ُة‬
‫َ‬ ‫وتضعف نفس� ّيتها‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬ ‫تعك ُّر عليها مزاجها‪،‬‬
‫ضاعف ذلك من ِ‬
‫سوء حالتها‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪J‬‬ ‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ يف بيتي‪ ،‬ويف نوبتي‪ ،‬وبني س�حري ونحري»)‪،(1‬‬ ‫َّ‬
‫«ت�ويف الن ُّ‬ ‫قالت عائش� ُة ‪:J‬‬
‫ْ‬
‫الصدر والرئة‪ ،‬تريد أنه مات‬
‫هو ّ‬‫والس�حر‪َ :‬‬
‫بني س�حري ونحري» ‪ّ .‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ويف لفظ‪« :‬قبض ُه اهللُ َ‬
‫وهو مستند لصدرها‪ ،‬ما بني جوفها وعنقها)‪.(3‬‬

‫ٍ‬ ‫ورسول اهلل ﷺ من ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫واحد بيني وبين ُه‪ ،‬يبادرين‬ ‫إناء‬ ‫ْ‬ ‫أغتسل أنا‬ ‫قالت عائش ُة ‪ُ :J‬‬
‫كنت‬ ‫كا ْ‬
‫ألخذ ِ‬
‫املاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫«دع يل»)‪« .(4‬يبادرين»‪ ،‬أي‪ :‬يسبقني؛‬ ‫ُ‬ ‫وأبادر ُه‪ ،‬حتّى َ‬
‫وأقول أنا‪ْ :‬‬ ‫»‪،‬‬ ‫يقول‪» :‬‬
‫ٍ‬
‫واحد)‪.(5‬‬ ‫يغتسالن من ٍ‬
‫إناء‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ وميمون َة كانا‬ ‫اس ‪َّ L‬‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫أن الن َّ‬
‫ِ‬
‫اجلنابة»)‪.(6‬‬ ‫ٍ‬
‫واحد م َن‬ ‫أغتسل أنا والنّبي ﷺ من ٍ‬
‫إناء‬ ‫ُ‬ ‫«كنت‬ ‫وع ْن أ َّم سلم َة ‪ J‬قالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الرسول ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حسن تب ّع ِل‬ ‫ويف هذا بيان‬
‫ِ‬
‫بس�بب‬ ‫يأكل معهم؛‬ ‫واحد‪ ،‬أو َ‬ ‫ٍ‬ ‫الرجال أن ينام مع أهله يف ٍ‬
‫حلاف‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬
‫يأن�ف ُ‬‫ُ‬ ‫ويف زمنن�ا‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫عادات ورثوها‪.‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يوم ًا‪» :‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫ق�ال‬ ‫فع� ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫السال ُم ورمح ُة اهلل وبركات ُه»)‪.(7‬‬ ‫ِ‬
‫فقلت‪ :‬وعليه ّ‬
‫ُ‬ ‫»‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3100‬ومسلم [‪.[4474‬‬


‫)‪ (2‬البخاري [‪ ،]1389‬ومسلم [‪.[2443‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[130/1‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]250‬ومسلم [‪ ،]321‬والنسائي [‪ ،]239‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]253‬ومسلم [‪.[322‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]322‬ومسلم [‪.[322‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]3217‬ومسلم [‪.[2447‬‬
‫‪‬‬

‫يلعب�ون‪َ ،‬‬
‫فقال ل�ي‬ ‫َ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫دخل احلبش� ُة املس�جد‬ ‫ويق�ول هلا‪ :‬يا محريا ُء)‪ ،(1‬فعن عائش�ة ْ‬
‫نعم)‪.(2‬‬
‫»‪ ،‬فقلت‪ْ :‬‬ ‫ّبي ﷺ‪» :‬‬
‫الن ُّ‬
‫ورمحة‪ ،‬وحم ّب ٍة»)‪.(3‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إشفاق‪،‬‬ ‫تصغري‬
‫ُ‬ ‫قال القايض عياض‪« :‬وهو‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫بري ُ ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫وكان يكنيها بأم عبد اهلل‪ ،‬فع ْن عائش َة‪ْ ،‬‬
‫أتيت به الن َّ‬ ‫ل�ا ولدَ عبداهلل ب ُن ّ‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫دخل جوف ُه‪َ ،‬‬
‫يشء َ‬‫فكان أو َل ٍ‬ ‫فتف�ل يف ِ‬
‫َ‬
‫زلت‬
‫»‪ ،‬فا ُ‬ ‫وقال‪» :‬‬ ‫َ ّ‬ ‫في�ه‪،‬‬
‫ولدت ُّ‬
‫قط)‪.(4‬‬ ‫ُ‬ ‫أكنّى هبا‪ ،‬وما‬
‫ٍ‬
‫بأس�اء قبيحة‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اجلوالة‬ ‫يس�مون زوجاهت�م يف هواتفهم‬ ‫والي�وم جت�د بعض الرجال‬
‫ّ‬
‫يس�مي آخ�رون زوجاهتم يف‬ ‫ّ‬ ‫«نش�بة»‪« ،‬ورط�ة»‪« ،‬بلية»‪« ،‬ش�يطونة»‪« ،‬غلطة عمري»‪ ،‬بينا‬
‫بأس�اء مجيلة حس�نة‪ ،‬مثل‪« :‬األه�ل»‪« ،‬الغالية»‪« ،‬رشيكة العم�ر»‪« ،‬القمر»‪« ،‬أم‬ ‫ٍ‬ ‫جواالهتم‬
‫َ‬
‫األرزاق‪.‬‬ ‫قس َم‬ ‫ِ‬
‫األزواج كا ّ‬ ‫بني‬ ‫َ‬
‫األخالق َ‬ ‫قس َم‬ ‫َ‬
‫فسبحان من ّ‬ ‫فالن»‪،‬‬

‫ﷺ‬
‫فصنع‬ ‫ِ‬
‫امل�رق‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ فارس� ّي ًا َ‬ ‫«أن ج�ار ًا‬
‫مال�ك ‪َّ :I‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫كان ط ّي َ‬ ‫ع� ْن أن�س ب�ن‬
‫ُ‬ ‫فقال‪ :‬ال‪َ ،‬‬ ‫فقال‪- » » :‬لعائش َة‪َ ،-‬‬ ‫ثم جا َء يدعو ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللﷺ‪،» » :‬‬ ‫فقال‬ ‫لرسول اهلل ﷺ َّ‬
‫ثم عا َد يدعو ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬ال‪َ ،‬‬
‫«وهذه»‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فعا َد يدعو ُه‪َ ،‬‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َّ ،» » :‬‬ ‫قال‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،» » :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يتدافعان حتّى أتيا منزل ُه»)‪.(5‬‬ ‫فقال يف ال ّثالثة‪ْ :‬‬
‫نعم‪ ،‬فقاما‬ ‫فقال‬

‫ق�ال النووي‪« :‬كر َه ﷺ االختصاص بال ّطعا ِم دوهنا‪ ،‬وه�ذا م ْن مجيل املعارشة‪ ،‬وحقوق‬
‫املصاحبة‪ ،‬وآداب املجالسة املؤكّدة»)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬احلمرياء‪ :‬تصغري احلمراء‪ ،‬وهي البيضاء املرشبة بحمرة‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي يف السنن الكرى [‪ ،]8951‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة [‪ ،]3277‬وقال احلافظ‪:‬‬
‫ِ‬
‫احلمرياء ّإال يف هذا»‪ .‬فتح الباري [‪.[444/2‬‬ ‫ذكر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صحيح َ‬ ‫حديث‬ ‫صحيح‪ ،‬ومل ْ َأر يف‬
‫ٌ‬ ‫«إسناد ُه‬
‫)‪ (3‬مشارق األنوار [‪.[702 /1‬‬
‫)‪ (4‬رواه ابن حبان [‪ ،]7117‬وقال شعيب األرنؤوط‪« :‬إسناده قوي»‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[2037‬‬
‫)‪ (6‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[209/13‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ معتكف ًا‪ ،‬فأتيت ُه أزور ُه ليالً‪ ،‬فحدّ ثت ُه‪،‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫كان‬ ‫حيي ‪ْ J‬‬ ‫فع ْن صف ّي َة بنت ٍّ‬
‫ّبي ﷺ؛ أرسعا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلا رأيا الن َّ‬
‫األنصار‪ّ ،‬‬ ‫رجالن م َن‬ ‫فمر‬
‫فانقلبت‪ ،‬فقا َم معي؛ ليقلبن�ي‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫قمت‬
‫ث�م ُ‬ ‫َّ‬
‫رسول اهلل! َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سبحان اهلل يا‬ ‫»‪ ،‬فقاال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ‪» :‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫«)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫املعتك�ف؛ لريجعه�ا إىل البي�ت؛ ليحميها ويرعاه�ا‪ ،‬مع أن‬ ‫فتأ ّم�ل كي�ف قام معه�ا من‬
‫ٍ‬
‫لرضورة‪.‬‬ ‫املعتكف ال خيرج من املسجد إال‬

‫ِ‬
‫الطاهرات حيا ًة س�عيد ًة طيب ًة؛ إذ كان�ت تطبيق ًا‬ ‫لق�د ع�اش رس�ول اهلل ﷺ مع زوجات�ه‬
‫عمل ّي ًا دقيق ًا لقوله تعاىل‪( :‬ﯢ ﯣ) [النساء‪.[19 :‬‬
‫ِ‬
‫الزوجية بقوله ﷺ‪» :‬‬ ‫النبي ﷺ يتحدّ ُ‬
‫ث عن حياته‬ ‫عجب بعد ذلك أن نرى َّ‬
‫َ‬ ‫ف�ال‬
‫«)‪.(2‬‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫وقال ﷺ‪» :‬‬


‫ن عائش� َة ‪J‬‬
‫رضب ام�رأ ًة أو حقرها‪ ،‬فع ْ‬
‫َ‬ ‫ومل ينق�ل عن�ه ﷺ يف ي�و ٍم من األي�ام أنه‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2038‬ومسلم [‪.[2175‬‬


‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3314‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ]3895‬عن عائشة ‪،J‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1230‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ]1082‬عن أيب هريرة ‪،I‬‬
‫‪‬‬

‫أن جياهدَ يف‬ ‫ِ‬


‫بي�ده‪ ،‬وال امرأةً‪ ،‬وال خادم� ًا ّإال ْ‬ ‫قط‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ش�يئ ًا ُّ‬ ‫رضب‬ ‫قال�ت‪« :‬ما‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫سبيل اهلل»)‪.(1‬‬
‫َ‬
‫الرجل تت�دُّ يد ُه إىل زوجته‪ ،‬ويرضهبا إما‬ ‫ِ‬
‫الرجال اليو َم‪ ،‬جتدُ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫وأي� َن ه�ذا من ِ‬
‫حال‬
‫ِ‬
‫ألتفه‬ ‫ع�ىل وجهها‪ ،‬أو رأس�ها‪ ،‬أو ظهرها‪ ،‬وربا اس�تخدم عص� ًا‪ ،‬أو حذا ًء‪ ،‬أو َ‬
‫غ�ري ذلك؛‬
‫ِ‬
‫األسباب‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫عمر ‪ I‬إىل‬
‫»‪ ،‬فجا َء ُ‬ ‫النبي ﷺ أنه قال‪» :‬‬
‫ثبت عن ِّ‬
‫وقد َ‬
‫ص يف رضهب َّن‪،‬‬ ‫َ‬
‫واج�رتأن])‪ّ ،(2‬‬
‫فرخ َ‬ ‫ذئرن النّس�ا ُء عىل أزواجه َّن [أي‪ :‬نش�زن عليهم‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪َ :‬‬
‫ّبي ﷺ‪» :‬‬ ‫يش�كون أزواجه َّن‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫كثري‬
‫فأطاف بآل رس�ول اهلل ﷺ نس�ا ٌء ٌ‬
‫«)‪.(3‬‬
‫َ‬
‫الرج�ال الذي�ن يرضبون نس�اءهم ليس�وا بخيارك�م‪ ،‬بل خيارك�م ال يرضبون‬ ‫«أي‪ :‬أن‬
‫ويتحملوهن َّن»)‪.(4‬‬
‫ّ‬ ‫نساءهم‬
‫لئيم‪ ،‬يغلب َن الكرا َم‪ ،‬ويغلبه َّن‬
‫كريم‪ ،‬وال هيينه َّن إال ٌ‬
‫ولذا قالت العرب‪« :‬ال يكرمه َّن إال ٌ‬
‫اللئام»‪.‬‬
‫وق�د أوىص ﷺ بالرف�ق بالنس�اء‪ ،‬فقال‪» :‬‬

‫«)‪.(5‬‬
‫ُ‬
‫واإلحس�ان‬ ‫ّس�اء واحتاهلن‪ ،‬ومالطف ُة الن ِ‬
‫ّس�اء‬ ‫احلث ع�ىل الرفق بالن ِ‬
‫«يف ه�ذا احلدي�ث‪ُّ :‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ر عىل عوج أخالقه َّن‪ ،‬واحتاهلن»)‪.(6‬‬
‫والص ُ‬
‫إليه َّن‪ّ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2328‬‬


‫)‪ (2‬النهاية [‪.[375/2‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]2146‬وابن ماجة [‪ ،]1985‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[1863‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪ ]130/6‬بترصف‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3331‬ومسلم [‪ ]1468‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (6‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪ ]57/10‬بترصف‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وقال ﷺ‪» :‬‬


‫«)‪.(1‬‬
‫فمن الواجب عىل الرجل أن يصر عليها‪ ،‬ويتحمل ما يصدر منها‪.‬‬
‫وما زال النبي ﷺ يكرر هذه الوصية كلا حانت الفرصة‪.‬‬
‫ُ‬
‫حي�ث ق�ال ﷺ‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫العظيمة‬ ‫ِ‬
‫حج�ة ال�ودا ِع أف�رد هلا جانب� ًا م�ن خطبت�ه‬ ‫ِ‬
‫خطب�ة‬ ‫فف�ي‬
‫[أي‪ :‬أسريات]‪،‬‬
‫«)‪.(2‬‬
‫حتملها‬ ‫ِ‬
‫يقدر عىل ّ‬
‫يكر ُر وصيته بالنساء؛ ملا يعلمه من حاهل َّن التي قد ال ُ‬
‫النبي ﷺ ّ‬
‫وإنا كان ُّ‬
‫الغضب؛ فيحمله عوج ِ‬
‫املرأة عىل أن يفارقها؛‬ ‫ِ‬ ‫بعض الرجال الذين ال يملكون أنفسهم عند‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫فيتفر ُق شمله‪ ،‬وتتشت ُّت أرسته وأهله‪.‬‬
‫ّ‬
‫صالح أحواهل�م مع أرسهم‬ ‫آخر إىل م�ا فيه‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫األزواج يف حدي�ث َ‬
‫َ‬ ‫النب�ي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫ول�ذا أرش�دَ‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫‪-‬أي‪ :‬ال يبغض‪-‬‬ ‫فقال‪» :‬‬
‫إن وجدَ فيها خلق ًا يك�ره؛ وجدَ فيها خلق ًا مرض ّي ًا‪ْ ،‬‬
‫بأن‬ ‫أن ال يبغضه�ا؛ أل ّن ُه ْ‬ ‫«أي‪ :‬ينبغ�ي ْ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫نحو َ‬
‫ذلك»)‪.(4‬‬ ‫تكون رشسة اخللق لكنّها د ّين ٌة‪ْ ،‬أو مجيل ٌة‪ْ ،‬أو عفيف ٌة‪ْ ،‬أو رفيق ٌة به‪ْ ،‬أو ُ‬
‫ِ‬
‫إدخال‬ ‫ِ‬
‫البرش‪ ،‬حريص ًا عىل‬ ‫دائ�م‬ ‫ِ‬
‫العرشة مع زوجاته‪،‬‬ ‫النبي ﷺ حس� َن‬ ‫وهك�ذا فقد َ‬
‫َ‬ ‫كان ُّ‬
‫ويأكل معه� َّن‪ ،‬وحيادثهن‪ ،‬ويازحه َّن‪ ،‬ويش�اوره َّن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫جيل�س إليه َّن‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرور إىل نفوس�ه َّن‪،‬‬
‫ويستمع إليه َّن‪ ،‬ويواسيه َّن‪ ،‬ويطمئ ُّن عليه َّن‪ ،‬ويتغاىض عن تقصريه َّن وأخطائه َّن‪.‬‬
‫ُ‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ذر الغفاري ‪َ I‬‬
‫ع ْن أيب ٍّ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]19589‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1944‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]1083‬وابن ماجة [‪ ]1851‬عن عمرو بن األحوص ‪ ،I‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع‬
‫]‪.[7880‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪ ]2672‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رشح صحيح مسلم للنووي [‪.[58/10‬‬
‫‪‬‬

‫« ْأو َ‬
‫قال‪» :‬‬
‫«)‪.(1‬‬
‫الصهر‬ ‫ِ‬
‫منه�م‪ .‬وأ ّما ّ‬
‫ْ‬ ‫هاجر أ ّم إس�اعيل‬
‫َ‬ ‫فلكون‬ ‫الرحم‬
‫واحلق‪ .‬وأ ّم�ا ّ‬
‫ّ‬ ‫ه�ي احلرمة‬
‫َ‬
‫منهم)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫فلكون مارية أ ّم إبراهيم ْ‬
‫ﷺ‬
‫ويع�رف ه�ل ه�ي راضي ٌة علي�ه أم س�اخط ٌة‪ ،‬فها هو يق�ول لعائش�ة ‪» :J‬‬
‫ذلك؟ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫تع�رف َ‬
‫ُ‬ ‫»‪ ،‬فقالت‪ :‬وم ْن أي َن‬

‫َ‬
‫اسمك)‪.(3‬‬ ‫أهجر ّإال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬ما‬ ‫»‪ ،‬قالت‪ :‬أجل واهلل يا‬
‫رضني أم سخط َن‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الرجال الذين ال يبالون بزوجاهتم‪،‬‬ ‫فلم يك ُن من‬
‫ِ‬
‫اجليوش‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الدولة‪ ،‬والغزو‪ ،‬واجلهاد‪ ،‬وجتهيز‬ ‫العظيم ﷺ الذي مل تش�غل ُه مهو ُم‬ ‫النبي‬
‫ُ‬ ‫فهذا ُّ‬
‫ِ‬
‫العظيمة‪ ،‬مل‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫وقيرص‪ ،‬ومتابع�ة‬ ‫ِ‬
‫الرس�ائل إىل كرى‬ ‫ِ‬
‫الدعوة يف العاملِ‪ ،‬وإرس�ال‬ ‫ون�رش‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مشاعر زوجته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مراعاة‬ ‫يشغل ُه ذلك عن‬
‫مشاعر زوجته‪ ،‬وال يبايل بأمرها‪ ،‬سواء كانت راضي ًة أم ساخط ًة‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأي َن هذا‪ ،‬ممن ال يراعي‬
‫سعيد ًة أم حزين ًة؟!‬
‫عريهت�ا حفصة بأهنا ابنة‬
‫وم�ن ذل�ك‪ :‬مراعاته ملش�اعر أم املؤمنني صفية ‪ ،J‬فلا ّ‬
‫الص�در‪ ،‬وهيدّ ُئ‬
‫َ‬ ‫يرشح‬
‫ُ‬ ‫�ب خاطرها ب�كالم‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وط ّي َ‬ ‫داف�ع عنه�ا‬
‫َ‬ ‫هي�ودي؛‬
‫ٍّ‬
‫اخلاطر‪.‬‬
‫َ‬
‫فبكت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫هي�ودي‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫بنت‬
‫قال�ت‪ُ :‬‬
‫ْ‬ ‫أن حفص َة‬
‫بل�غ صف ّي� َة َّ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫أن�س ب�ن مالك ‪َ I‬‬ ‫فع� ْن‬
‫قالت يل حفص ُة‪ّ :‬إين ُ‬
‫بنت‬ ‫فقالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫»‪،‬‬ ‫وهي تبكي‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫فدخل عليها الن ُّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2543‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[97/16‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]5228‬ومسلم [‪.[2439‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‪» :‬‬ ‫هي�ودي‪َ ،‬‬


‫فق�ال الن ُّ‬ ‫ٍّ‬
‫«)‪.(1‬‬

‫أي‪ :‬موس�ى اب ُن‬


‫» ْ‬ ‫َ‬
‫عم�ران ‪« ،S‬‬ ‫ُ‬
‫هارون ب ُن‬ ‫أي‪:‬‬
‫» ْ‬ ‫»‬
‫َ‬
‫عمران‪.(2)S‬‬

‫ِ‬ ‫فقال‪« :‬ما ِ‬


‫دخل عليها وهي تبكي‪َ ،‬‬
‫احلج َ‬
‫أنفست؟»‪،‬‬ ‫لك‬ ‫حاضت عائش ُة وهي يف ِّ‬
‫ْ‬ ‫فعندما‬
‫نعم‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫قالت‪ْ :‬‬
‫«‪.‬‬

‫نسكت)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫مكان عمريت ا ّلتي‬
‫َ‬ ‫الر ِ‬
‫محن‪ ،‬فأعمرين م َن التّنعي ِم‪،‬‬ ‫أمر عبدَ ّ‬
‫احلج‪َ ،‬‬
‫قضيت َّ‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫تتعرض له زوجاهتم‬ ‫ِ‬
‫األزواج أن يراعوها مع زوجاهتم‪ :‬ما ّ‬ ‫ِ‬
‫األمور التي ينبغي عىل‬ ‫ومن‬
‫ٍ‬
‫وضيق‪،‬‬ ‫حيدث هل� َّن من ٍ‬
‫تعب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والوالدة‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬
‫والنفاس‬ ‫ِ‬
‫احلي�ض‬ ‫ِ‬
‫بس�بب‬ ‫م�ن ّ ٍ‬
‫تغري لطباعه َّن؛‬
‫وأملٍ‪.‬‬

‫تكون مدين ًة له‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلاالت ويقدّ رها لزوجت�ه؛ فإن الزوج َة‬ ‫الزوج هذه‬ ‫يستش�عر‬ ‫بل عندما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلميل‪.‬‬ ‫َ‬
‫بذلك‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫أهله يمس�ح ِ‬
‫بيده اليمن�ى)‪،(4‬‬ ‫بعض ِ‬‫يعو ُذ َ‬ ‫ّب�ي ﷺ َ‬ ‫عن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫ُ‬ ‫كان ّ‬ ‫أن الن َّ‬
‫»‬
‫«)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]3829‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي [‪.[3055‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[268/10‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]316‬ومسلم [‪.[1211‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬تفاؤال بزوال الوجع‪ ،‬مع ما فيه من حنان وعطف‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]5743‬ومسلم [‪.[2191‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫مكان األملِ من‬ ‫ووضع يده عىل‬ ‫مواضع األملِ من زوجته وحنا عليها‪،‬‬ ‫تلم�س‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فال�زوج إذا ّ‬
‫ُ‬
‫بقي ال�دا ُء‪ ،‬لكنّها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األث�ر يف ِ‬
‫يذهب األملُ‪ ،‬وإن َ‬ ‫نفس امل�رأة وإن مل ْ‬ ‫عظيم‬
‫ُ‬ ‫زوجت�ه؛ كان لذل�ك‬
‫حيس هبا‪ ،‬وبآالمها‪.‬‬
‫تشعر أنه ُّ‬
‫ُ‬
‫يولج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عاب�ت إحدى النس�اء زوجها –ك�ا يف قصة حدي�ث أ ِّم زرع‪ -‬بقوهل�ا‪« :‬وال ُ‬
‫ْ‬ ‫وق�د‬
‫الكف؛ ليعلم ّ‬
‫البث»)‪.(1‬‬ ‫َّ‬
‫ويطلق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫احلزن‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫بالبث‬ ‫ِ‬
‫احلزن فيزيله‪ ... ،‬واملرا ُد‬ ‫«أي‪ :‬ال يم�دُّ ي�ده؛ ليعلم ما هي ِ‬
‫عليه من‬ ‫َ‬
‫يقع اهتامها‬ ‫ِ‬
‫األمر الذي ُ‬ ‫يسأل عن‬ ‫ِ‬
‫املرض‪ ..‬فأرادت أنه ال ُ‬ ‫البث أيض ًا عىل الشكوى‪ ،‬وعىل‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الشفقة عليها»)‪.(2‬‬ ‫به‪ ،‬فوصفته ِ‬
‫بقلة‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مرض مطلوب ٌة‪.‬‬ ‫فهي تعيبه بذلك! فاملواساة بني الزوجني عند حلول ٍ‬
‫كرب‪ ،‬أو نزول‬

‫تكون املرأ ُة صحيح ًة س�ليم ًة‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلاالت‪ ،‬ويريدُ أن‬ ‫ِ‬
‫األزواج ال يراعي ه�ذه‬ ‫بع�ض‬
‫ولك� َّن َ‬
‫بيت أهلها‪ ،‬وتركها حتى تش�فى؛ ألنه ال يطيق جمالس�تها‬ ‫مرضت؛ ذهب هبا إىل ِ‬
‫ْ‬ ‫دائ� ًا‪ ،‬ف�إذا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫احلال‪.‬‬ ‫وهي عىل هذه‬

‫ﷺ‬
‫بعض ال ّط ِ‬
‫ريق؛ َ‬ ‫ِ‬ ‫فل�ا َ‬ ‫ِ‬ ‫حيي ‪َّ J‬‬ ‫ِ‬
‫نزل‬ ‫كان يف‬ ‫حج بنس�ائه‪ّ ،‬‬
‫ّبي ﷺ َّ‬ ‫أن الن َّ‬ ‫ع� ْن صف ّي َة بنت ٍّ‬
‫ِ‬
‫بالقوارير‪ ،‬يعني النّس�ا َء»‪،‬‬ ‫َ‬
‫س�وقك‬ ‫َ‬
‫«ك�ذاك‬ ‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫ف�أرسع‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فس�اق هب� َّن‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫رجل‪،‬‬
‫وكانت م ْن أحس�نه َّن ظهر ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يس�ريون َ‬
‫فبكت‪ ،‬وجا َء‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حيي مجلها‪،‬‬‫برك بصف ّي� َة بنت ٍّ‬ ‫َ‬ ‫هم‬
‫فبينا ْ‬
‫فجعل يمسح دموعها ِ‬
‫بيده)‪.(3‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بذلك‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫حني أخ َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫ِ‬
‫الزوجة‪ ،‬مع أن‬ ‫ِ‬
‫ومشاعر‬ ‫ِ‬
‫لعواطف‬ ‫وتقدير‬ ‫ِ‬
‫الزوج فيه مواس�ا ٌة كبريةٌ‪،‬‬ ‫فمس�ح الدمو ِع ِ‬
‫بيد‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلال‪ ،‬ومع‬ ‫ِ‬
‫أحس�ن‬ ‫ِ‬
‫بس�بب بروك مجلها الذي كان يعدُّ من‬ ‫بكت‬ ‫ِ‬
‫هني‪ ،‬إذ ْ‬
‫أمر ّ ٌ‬
‫س�بب البكاء ٌ‬
‫َ‬
‫مشاعر صفي َة وعواطفها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذلك مل حي ّق ِر ُّ‬
‫النبي ﷺ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5189‬ومسلم [‪ ]2448‬عن عائشة ‪ J‬بطوله‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[263/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]26325‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[3205‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫حانية‪،‬‬ ‫ببس�مة‬ ‫وحتتاج إيل تطييب خاطرها‬
‫ُ‬ ‫مش�كالت‪،‬‬ ‫بأزمات‪ ،‬أو‬ ‫فالزوج� ُة ُّ‬
‫تر أحيانًا‬
‫ليست وحدها تواج ُه هذه‬ ‫ف عنها ما هي فيه حتى تشعر أهنا‬‫حتتاج إىل من خي ّف ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫ونرة صافية‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫واملشكالت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األزمات‬
‫ِ‬
‫الصر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بفضيلة‬ ‫يصرها‪ ،‬ويذكّرها‬ ‫قد تفقدُ املرأ ُة قريب ًا هلا ‪-‬أب ًا‪ ،‬أ ّم ًا‪ ،‬أخ ًا‪-‬‬
‫فتحتاج إىل من ّ‬
‫ُ‬
‫تتعر ُض له‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬فتجده ال يبايل با ّ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫اخللق غائب ًا ع ْن‬
‫يكون هذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويواس�يها‪ ،‬ولكن قد‬
‫َ‬
‫مشاكل‪.‬‬ ‫يقع عليها من‬
‫مصائب‪ ،‬وال با ُ‬
‫َ‬ ‫زوجته من‬
‫ُ‬
‫حيصل هلا‪.‬‬ ‫ويسخر منها‪ ،‬ويستهزئ با‬
‫ُ‬ ‫بل قد جتدُ من حي ّق ُر مصيبتها‪،‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫«)‪.(1‬‬
‫عليهم يف َ‬
‫ذل�ك‪ ،‬واملقصود‬ ‫ْ‬ ‫أي‪ :‬أض ّي�ق ع�ىل النّاس يف تضييع ح ّقها‪ ،‬وأش�دّ ُد‬
‫» ْ‬ ‫»‬
‫إليهم)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫إشهاده تعاىل يف تبليغ َ‬
‫ذلك احلكم‬

‫ﷺ‬

‫فس�مع عائش� َة‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬جا َء أبو ٍ‬ ‫بش�ري ‪َ L‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّعان ِ‬‫عن الن ِ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫يس�تأذن عىل الن ِّ‬ ‫بكر‬ ‫بن‬
‫َ‬
‫رومان‪ ،‬وتناوهلا‪،‬‬ ‫فدخل‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا ابن� َة أ ِّم‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فأذن ل ُه‬ ‫ِ‬ ‫وه�ي رافع� ٌة صوهتا عىل‬ ‫َ‬
‫بكر‪َ ،‬‬
‫جعل‬ ‫خرج أبو ٍ‬ ‫رسول اهلل ﷺ؟! َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلا َ‬ ‫ّبي ﷺ بين ُه وبينها‪ّ ،‬‬‫فحال الن ُّ‬ ‫أترفعني صوتك عىل‬
‫َ‬
‫ثم جا َء أبو ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ُ‬
‫جل وبينك»‪َّ ،‬‬ ‫بني ّ‬‫حل�ت َ‬
‫ُ‬ ‫يرتضاها‪« :‬أال تري َن ّأين قدْ‬
‫يق�ول هلا ّ‬ ‫ّب�ي ﷺ‬ ‫الن ُّ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل أرشكاين‬ ‫فقال ل ُه أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬يا‬ ‫فدخل‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫عليه‪ ،‬فوجد ُه يضاحكها‪َ ،‬‬
‫فأذن ل ُه‬ ‫فاس�تأذن ِ‬
‫َ‬
‫يف سلمكا‪ ،‬كا أرشكتاين يف حربكا)‪.(3‬‬
‫ب�ل رب�ا راجعت� ُه إحداه َّن يف األم�ر‪ ،‬وهجرت�ه إىل الليل‪ ،‬وحيتم�ل ذلك منه�ا‪ ،‬كا َ‬
‫قال‬

‫)‪ (1‬رواه ابن ماجة [‪ ]3678‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[1015‬‬


‫)‪ (2‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪.[83/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ]17927‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2901‬‬
‫‪‬‬

‫نس�اؤهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫تغلبهم‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األنص�ار إذا قو ٌم‬ ‫فل�ا قدمنا عىل‬
‫نغلب النّس�ا َء‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‬ ‫معرش‬ ‫عم�ر‪ :‬كنّ�ا‬
‫َ‬
‫فأنكرت‬ ‫عيل ام�رأيت فراجعتني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يأخذن م ْن ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫فصخبت َّ‬
‫ُ‬ ‫األنص�ار‪،‬‬ ‫نس�اء‬ ‫أدب‬ ‫فطفق نس�اؤنا‬
‫َ‬
‫َ‬
‫أراجعك‪ ،‬فواهلل‬ ‫تنك�ر ْ‬
‫أن‬ ‫فقالت‪ :‬ما‬
‫ْ‬ ‫أن تراجعن�ي‪[ .‬أي‪ :‬ت�راددين يف القول وتناظرين ِ‬
‫فيه]‪،‬‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فدخلت عىل‬
‫ُ‬ ‫فانطلقت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ لرياجعن� ُه‪ ،‬وهتج�ر ُه إحداه َّن اليو َم إىل ال ّل ِ‬
‫ي�ل‪،‬‬ ‫أزواج الن ِّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫فقلت‪ :‬أهتجر ُه إحداك َّن اليو َم إىل‬
‫ُ‬ ‫نع�م‪،‬‬
‫فقالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ؟‬ ‫أتراجعني‬
‫َ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫حفص َة‪،‬‬
‫نعم‪ ...‬احلديث)‪.(1‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬ ‫ال ّل ِ‬
‫يل‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫األنصار يف نسائهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بسرية‬ ‫أخذ‬ ‫ِ‬
‫النساء مذمو ٌم؛ ألن النبي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫الوطأة عىل‬ ‫أن شد َة‬
‫َ‬
‫وترك سري َة قومه‪.‬‬
‫يقع منه َّن من ِ‬
‫زلل يف‬ ‫ِ‬
‫والصفح عا ُ‬
‫ُ‬ ‫الزوجات واإلغضا ُء عن خطأه َّن‪،‬‬ ‫ر عىل‬
‫الص ُ‬
‫حق اهلل تعاىل»)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫يكون من ِّ‬ ‫دون ما‬ ‫حق ِ‬
‫املرء‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬

‫ﷺ‬

‫ُ‬
‫يكون يف‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫يصنع يف بيته؟ ْ‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫س�ألت عائش َة‪ :‬ما َ‬ ‫ِ‬
‫األس�ود َ‬
‫ُ‬ ‫كان الن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ع َن‬
‫حرضت الصال ُة خرج إىل الص ِ‬
‫الة»)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫مهنة ِ‬
‫أهله‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫يصلحهم)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫وخدمتهم‪ ،‬وما‬
‫ْ‬ ‫عملهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫‪ ،‬يعني‪ :‬خدم َة أهله‪ْ ،‬‬
‫أي‪:‬‬

‫كان ّإال برش ًا م َن البرش؛ يفيل‬ ‫ٍ‬


‫روايات أخرى بقوهلا‪« :‬ما َ‬ ‫ِ‬
‫اخلدمة يف‬ ‫تفس�ري هذه‬ ‫وقع‬
‫ُ‬ ‫وقدْ َ‬
‫وحيلب شاته‪ ،‬وخيدم نفس ُه»)‪.(5‬‬
‫ُ‬ ‫ثوبه‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]89‬ومسلم [‪ ]1479‬عن ابن عباس ‪.L‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[291/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[676‬‬
‫)‪ (4‬طرح التثريب [‪.[53/9‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري يف األدب املفرد [‪ ،]541‬والرتمذي يف الشائل [‪ ،]343‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع‬
‫]‪.[4996‬‬
‫‪‬‬

‫الر ُ‬
‫جال يف‬ ‫ويعم�ل ما ُ‬
‫يعمل ّ‬ ‫ُ‬ ‫صف نعل ُه‬ ‫«كان ُ‬
‫خييط ثوب ُه وخيَ ُ‬ ‫وعن�د أمحد ]‪ [24382‬عنه�ا‪َ :‬‬
‫بيوهتم»‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع ]‪.[4937‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫والوسخ‪.‬‬ ‫« َيفيل ثوبه» أي‪ :‬ينظر يف الثوب هل فيه يش ٌء من األذى‬
‫ِ‬
‫واجلمع)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫الض ُّم‬ ‫أي‪ :‬خيرزها طاق ًة عىل األخرى‪ ،‬م َن اخلصف َ‬
‫وهو ّ‬ ‫صف نعل ُه» ْ‬
‫«خيَ ُ‬
‫حيم ُل زوجت�ه أعبا ًء وأمحاالً َ‬
‫ف�وق طاقتها‪ ،‬وربا يراه�ا متعب ًة‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫الن�اس َ‬
‫اآلن من ّ‬ ‫وم�ن‬
‫املنزل‪ ،‬وليس هذا من حسن العرشة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شئون‬ ‫مريض ًة‪ ،‬فال يكرتث لذلك‪ ،‬وال يساعدها يف‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫بعباءة‬ ‫حيوي هلا وراء ُه‬ ‫أرادت صف ّي ُة أن‬
‫ّبي ﷺ ّ‬
‫فرأيت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫أنس‪:-‬‬
‫البعري‪- ،‬قال ٌ‬
‫َ‬ ‫تركب‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فلا‬
‫وتضع صف ّي ُة رجلها عىل‬ ‫فيض�ع ركبت ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بعريه‪،‬‬ ‫جيلس عندَ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثم ُ‬ ‫‪-‬يعني‪ :‬حييطها ويش�ملها هبا‪َّ ،‬‬
‫تركب)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫ركبته حتّى‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والرمحة‬ ‫وترك�ب‪ ،‬وهذا غاي�ة التواض ِع‬ ‫يض�ع هلا ركبت�ه؛ لتصعدَ عليها‬ ‫ُ‬
‫فرس�ول اهلل ﷺ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الزوجة‪.‬‬ ‫واإلحسان يف معاملة‬

‫ﷺ‬

‫تشم منه زوجه رائح ًة متغرية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فكان إذا َ‬


‫َ‬
‫دخل بيته بدأ بالسواك‪ ،‬حتى ال َّ‬
‫قال‪ :‬س�ألت عائش� َة‪ ،‬قلت‪ :‬بأي ٍ‬
‫دخل‬ ‫كان يب�د ُأ الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ إذا َ‬ ‫يشء َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رشيح بن هانئ َ‬
‫ٍ‬ ‫ع� ْن‬
‫قالت‪ :‬بالس ِ‬
‫واك)‪.(3‬‬ ‫بيت ُه؟ ْ‬
‫ّ‬
‫كان‬ ‫تغري ْت رائحة الفم عند حمادثة النّاس‪ ،‬فإذا َ‬
‫دخل البيت َ‬ ‫«واحلكم�ة يف َ‬
‫ذلك‪ :‬أ ّن ُه ر ّبا ّ‬
‫ذلك»)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫األهل إزال ُة َ‬ ‫م ْن حسن معارشة‬

‫)‪ (1‬النهاية [‪.[100/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2893‬ومسلم [‪.[1365‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[253‬‬
‫)‪ (4‬حاشية السيوطي عىل سنن النسائي [‪.[10/1‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫استيقظ من نومه‪ ،‬فع ْن عائش َة‪َّ :‬‬


‫«أن الن َّ‬ ‫َ‬ ‫حيرص عىل نظافة فمه‪ ،‬وأسنانه كلا‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫يتوض َأ»)‪.(1‬‬
‫أن ّ‬ ‫تسو َك َ‬
‫قبل ْ‬ ‫فيستيقظ؛ ّإال ّ‬
‫ُ‬ ‫ليل‪ ،‬وال ٍ‬
‫هنار‪،‬‬ ‫كان ال يرقدُ م ْن ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رائحة الف� ِم باألبخرة‪،‬‬ ‫تغ�ري‬ ‫ِ‬
‫الس�واك؛ ملا يكر ُه م�ن ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫تعاهد‬ ‫ِ‬
‫اس�تحباب‬ ‫وه�ذا ُّ‬
‫ي�دل ع�ىل‬
‫واألطعمة‪ ،‬وغريها)‪.(2‬‬
‫ُ‬
‫ويس�تاك عندَ‬ ‫ُ‬
‫يس�تاك مفطر ًا‪ ،‬وصائ ًا‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫الس َ‬
‫�واك‪،‬‬ ‫حيب ّ‬ ‫َ‬
‫«وكان ﷺ ُّ‬ ‫ق�ال اب�ن القيم‪:‬‬
‫يس�تاك ِ‬
‫بعود‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫ِ‬
‫املنزل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫دخول‬ ‫الة‪ ،‬وعندَ‬ ‫ِ‬
‫الوضوء‪ ،‬وعن�دَ الص ِ‬ ‫ِ‬
‫االنتب�اه م� َن النّو ِم‪ ،‬وعندَ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫األراك»)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫أس�باب قضايا‬ ‫الزوجية‪ ،‬ويكف�ي أن نعلم أن من ِ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلي�اة‬ ‫ِ‬
‫للغاية يف‬ ‫مه�م‬ ‫أم�ر‬
‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫وه�ذا ٌ‬
‫ِ‬
‫واألسنان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بنظافة الف ِم‬ ‫ِ‬
‫الزوجني‬ ‫املرفوعة يف املحاكم اليوم‪ :‬عدم اهتا ِم ِ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطالق‬
‫َ‬
‫ﷺ‬

‫يح»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫عليه ْ‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫عن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫الر ُ‬
‫أن يوجدَ من ُه ّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ يشتدُّ‬ ‫«كان‬
‫«وكان أش�دَّ يشء ِ‬
‫عليه ْ‬
‫أن يوجد‬ ‫َ‬ ‫�ب‪ ،‬ويف رواي�ة ِ‬
‫عن ابن ع ّباس ‪:L‬‬ ‫الغ�ري ال ّط ّي ِ‬ ‫ِ‬
‫أي‪:‬‬
‫ُ‬
‫ريح س ّي ٌئ»)‪.(5‬‬
‫من ُه ٌ‬
‫ويكثر من�ه‪ ،‬بل هو إح�دى حمبوبات�ه الدنيو ّية كا يف‬
‫ُ‬ ‫�ب‪ ،‬حي ّب� ُه‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان م�ن أخالق�ه التط ّي ُ‬
‫«)‪.(6‬‬ ‫احلديث‪» :‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫تنبع�ث منه‪ ،‬وهي ربا تكون‬ ‫يدخل بيته وي�أيت إىل زوجته ورائح ُة الدّ ِ‬
‫خان‬ ‫ُ‬ ‫أي�ن هذا ممن‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]57‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4853‬‬


‫)‪ (2‬املفهم [‪.[136/3‬‬
‫)‪ (3‬زاد املعاد [‪.[167/1‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]6972‬ومسلم [‪.[1474‬‬
‫)‪ (5‬املعجم األوسط [‪.[8764‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (6‬رواه النسائي [‪ ]3939‬ع ْن أنس بن مالك ‪ ،I‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3124‬‬
‫‪‬‬

‫الروائح‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فتنبعث منه‬ ‫الروائح الزك ّي ُة‪ ،‬أما ه�و‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فتنبع�ث منها‬ ‫ِ‬
‫األطياب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بأمجل‬ ‫ب�ت له‬
‫ق�د تط ّي ْ‬
‫الكرهي ُة!‬
‫ﷺ‬
‫«)‪.(1‬‬ ‫وأمر بذلك أصحابه فقال‪» :‬‬
‫فإن النّظاف َة‬
‫متفرق ًا؛ َّ‬
‫والرتجي�ل‪ ،‬وال يرتك ُه ّ‬ ‫ِ‬
‫بالغس�ل‪ ،‬والتّدهني‪ّ ،‬‬ ‫«أي‪ :‬فليز ّين ُه‪ ،‬ولين ّظف ُه‪:‬‬
‫ْ‬
‫حمبوب‪.(2)»..‬‬‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫املنظر‬ ‫وحس َن‬
‫ألحب‬
‫ُّ‬ ‫يتجمل‪ ،‬ويتن ّظف لزوجته‪ ،‬قال اب�ن عباس ‪ّ :L‬‬
‫«إين‬ ‫ّ‬ ‫ال�ز ِ‬
‫وج أن‬ ‫فينبغ�ي عىل ّ‬
‫يقول‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ‬ ‫ألن اهللَ ُ‬
‫أن تتز ّي َن يل املرأةُ؛ َّ‬
‫أح�ب ْ‬ ‫ِ‬
‫للمرأة كا‬ ‫ْ‬
‫أن أتز ّي� َن‬
‫ُّ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ) [البقرة‪.(3)«[228 :‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫جحر يف ِ‬ ‫ٍ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫باب‬ ‫ال ا ّط َ‬
‫لع م ْن‬ ‫أن رج ً‬‫األنصاري ‪َّ I‬‬‫َّ‬ ‫س�عد‬ ‫فع ْن س�هل بن‬
‫يرج ُل ِبه رأس ُه‪.(5)...‬‬
‫مدرى)‪ّ (4‬‬ ‫ِ‬
‫ومع رسول اهلل ﷺ ً‬
‫َ‬

‫ترج ُل له ش�عره‪ ،‬فع ْن عائش� َة ‪ J‬قالت‪ :‬كان الن َّ‬


‫ّب�ي ﷺ إذا‬ ‫وأحيان� ًا جيع�ل زوجت�ه ّ‬
‫فأرجل ُه)‪.(6‬‬
‫اعتكف يدين إ َّيل رأس ُه ّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ وأنا‬ ‫رأس‬ ‫ُ‬
‫أغس�ل َ‬ ‫«كنت‬
‫ُ‬ ‫وتغس�ل له رأس�ه أيض ًا‪ ،‬قالت عائش�ة ‪:J‬‬
‫حائض»)‪.(7‬‬
‫ٌ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ]4163‬عن أيب هريرة ‪ ،I‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[6493‬‬
‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[1183/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن جرير الطري يف تفسريه [‪.[532/4‬‬
‫يرح به ّ‬
‫الشعر املتل ّبد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫خشب عىل شكل س ّن من أسنان املشط وأطول منه ّ‬ ‫)‪ (4‬املدرى‪ :‬يشء يعمل من حديد أو‬
‫ويستعمله من ال مشط له‪ .‬النهاية [‪[260/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]5924‬ومسلم [‪.[2156‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]2029‬ومسلم [‪.[297‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]301‬ومسلم [‪.[297‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واضح غاي َة الوضوح يف س�ريته‪ ،‬وقد َ‬
‫ندب إىل‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫وس�ائل النظاف�ة ٌ‬ ‫فرعايت�ه ﷺ جلمي ِع‬
‫وأمجل ٍ‬
‫هيئة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أحسن ٍ‬
‫حال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان عىل‬ ‫َ‬
‫ليكون‬ ‫ِ‬
‫الفطرة؛‬ ‫مجيع أ ّمته‪ ،‬فح ّثهم عىل ِ‬
‫سنن‬ ‫َ‬
‫ذلك َ‬
‫ﷺ‬
‫هويت شيئ ًا ال حمذور فيه تابعها عليه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فإذا‬

‫أن عائش� َة ‪ْ J‬‬


‫قالت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫حج ِة‬
‫جاب�ر بن عبد اهلل ‪ L‬يف وصف ّ‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫َ‬
‫«وكان‬ ‫جاب�ر‪:‬‬ ‫حججت»‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬
‫بالبيت حتّ�ى‬ ‫أط�ف‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ّإين أج�دُ يف نفيس ّأين مل ْ‬ ‫«ي�ا‬
‫اليش َء تابعها عليه»)‪.(1‬‬
‫هويت ّ‬
‫ْ‬ ‫ال سهالً‪ ،‬إذا‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ رج ً‬
‫مير ًا يف اخللق‪ ،‬كا َ‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫الش ِ‬
‫ائل‪ ،‬لطيف ًا ّ‬ ‫كريم ّ‬
‫أي‪ :‬سهل اخللق‪َ ،‬‬ ‫«رج ً‬
‫ال سهالً» ْ‬
‫(ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [القلم‪.[4 :‬‬
‫َ‬
‫اجلدال‪ ،‬واخلصا َم‪ ،‬والنّكد‪ ،‬واملشاكس�ة يف‬ ‫ِ‬
‫الزوجني إال‬ ‫أم�ا اليوم‪ :‬فكثري ًا م�ا ال جتد بني‬
‫كل ٍ‬
‫يشء‪.‬‬

‫ٍ‬
‫صبيان‪،‬‬ ‫وصوت‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ جالس� ًا‪ ،‬فس�معنا لغط ًا‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫فجئت‪،‬‬‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫بحراهبم‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يلعبون‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فإذا احلبش ُة‬ ‫فقا َم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رأس�ه‪،‬‬ ‫املنكب إىل‬ ‫بني‬
‫أنظر إليهم ما َ‬
‫فجعلت ُ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫منكب‬ ‫فوضع�ت َل ْح َّ‬
‫ي�ي عىل‬ ‫ُ‬
‫ألنظر منزلتي عند ُه)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫فجعلت ُ‬
‫أقول‪ :‬ال؛‬ ‫ُ‬ ‫»‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪» :‬‬
‫ِ‬
‫ألهله»)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫ومجيل معارشته‬ ‫ِ‬
‫خلقه الكري ِم‪،‬‬ ‫«وفيه‪ :‬حس ُن‬
‫ِ‬
‫للمرء أن‬ ‫ِ‬
‫احلس�ن‪ ،‬وما ينبغي‬ ‫«فيه‪ :‬ما كان عليه النبي ‪ S‬من اخللق‬
‫يمتثل ُه مع أهله؛ من إيثاره مسارهم‪ ،‬فيا ال حرج عليهم فيه»)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1213‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ]3691‬وصححه األلباين‪ ،‬وأصله يف البخاري [‪ ،]455‬ومسلم [‪.[892‬‬
‫)‪ (3‬عمدة القاري [‪.[77/7‬‬
‫)‪ (4‬رشح صحيح البخاري [‪.[548/2‬‬
‫‪‬‬

‫إليهم»)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫عن الن ِ‬
‫ّظر‬ ‫أنرصف ِ‬
‫ُ‬ ‫كنت أنا ا ّلتي‬
‫لعبهم‪ ،‬حتّى ُ‬
‫ْ‬ ‫أنظر إىل‬
‫«فجعلت ُ‬
‫ُ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬

‫»‪ ،‬قلت‪ :‬ال تعجل‪،‬‬ ‫ثم َ‬


‫قال‪» :‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ال تعجل‪ ،‬فقا َم يل‪َّ ،‬‬ ‫ويف رواية‪« :‬قلت‪ :‬يا‬
‫أن َ‬
‫يبلغ النّسا َء مقام ُه يل‪ ،‬ومكاين من ُه»)‪.(2‬‬ ‫أحببت ْ‬
‫ُ‬ ‫إليهم‪ ،‬ولك ْن‬
‫ْ‬ ‫حب الن ِ‬
‫ّظر‬ ‫قالت‪ :‬وما يب ُّ‬
‫مة‪،‬‬ ‫اإلرادة غري املحر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعارشة هو‪ :‬املوافق ُة‪ ،‬واملس�اعدة عىل‬ ‫ِ‬
‫حس�ن‬ ‫تفس�ري‬ ‫«وفيه‪ :‬أن‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصابر كاره� ًا ملا حي ّب ُه‬ ‫ِ‬
‫الله�و‪ ،‬وإن كان‬ ‫املحر ِم م�ن‬ ‫ِ‬
‫النس�اء يف ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫غ�ري ّ‬ ‫أخالق‬ ‫ر ع�ىل‬‫والص� ُ‬
‫أهله»)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬ ‫ّيان ِ‬ ‫جاريتان تغن ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫بعاث‪- .‬هو يوم‬ ‫بغناء‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وعندي‬ ‫دخل‬ ‫ع ْن عائش� َة ْ‬
‫َ‬
‫فدخل أبو‬ ‫وحو َل وجه� ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفراش‪ّ ،‬‬ ‫فاضطج�ع عىل‬
‫َ‬ ‫ج�رى فيه ٌ‬
‫قت�ال بني األوس واخلزرج‪،‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫فأقبل ِ‬
‫عليه‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ!»‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�يطان عندَ‬ ‫«مزمار ّ‬
‫الش‬ ‫بكر‪ ،‬فانتهرين‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫وكان يوم ٍ‬ ‫فلا َ‬ ‫َ‬
‫عيد)‪.(4‬‬ ‫َ َ‬ ‫غفل غمزهتا‪ ،‬فخرجتا‪،‬‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫العيال يف‬ ‫ِ‬
‫الفوائد‪ :‬مرشوع ّية التّوس�عة عىل‬ ‫ِ‬
‫احلديث م ْن‬ ‫ق�ال اب�ن حجر ‪« :V‬ويف هذا‬
‫العبادة‪ِ ...‬‬
‫وفيه‬ ‫ِ‬ ‫بس�ط النّفس‪ ،‬وترويح البدن م�ن ِ‬
‫كلف‬ ‫ُ‬ ‫هلم به‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األعياد بأنوا ِع ما‬ ‫أ ّي�ا ِم‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫حيصل ْ‬
‫باملرأة واستجالب مو ّدهتا»)‪.(5‬‬‫ِ‬ ‫فق‬‫الر ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫بالدفوف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرضب‬ ‫ِ‬
‫والنكاح يف‬ ‫ِ‬
‫كاألعياد‬ ‫ِ‬
‫األفراح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أوقات‬ ‫ص هلم يف‬ ‫النبي ﷺ ّ‬ ‫َ‬
‫يرخ ُ‬ ‫فكان ُّ‬
‫ِ‬
‫األشعار‪ ،‬وما كان يف معناها‪.‬‬ ‫والتغنّي مع ذلك هبذه‬

‫فارس والروم قد اعتادوه‬ ‫كان ُ‬ ‫ِ‬


‫للصحابة ما َ‬ ‫فارس والرو ِم؛‬ ‫ولم�ا ُف ْ‬
‫أهل َ‬ ‫ظه�ر‬
‫َ‬ ‫تحت بال ُد َ‬ ‫ّ‬
‫توصف فيها‬ ‫ِ‬
‫باألش�عار التي‬ ‫ِ‬
‫طريقة املوس�يقى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املوزونة عىل‬ ‫ِ‬
‫باإليقاعات‬ ‫امللح ِن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫م�ن الغن�اء ّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[892‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي يف الكرى [‪ ،]8951‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[3277‬‬
‫)‪ (3‬رشح صحيح البخارى [‪ ]298/7‬البن بطال‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]950‬ومسلم [‪.[892‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[443/2‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اللهو‬ ‫ِ‬
‫النف�وس‪ ،‬بآالت‬ ‫ِ‬
‫الكامن يف‬ ‫ِ‬
‫املث�رية للهوى‬ ‫ِ‬
‫اجلميلة‬ ‫والص ِ‬
‫ور‬ ‫ِ‬
‫اخلم�ور‪ّ ،‬‬ ‫م�ات من‬
‫املحر ُ‬
‫ّ‬
‫املطربة‪ ،‬فأنكروا ذلك كله‪ ،‬وهنوا عنه‪ ،‬وغ ّلظوا ِ‬
‫فيه‪.‬‬
‫النب�ي ﷺ ألصحابه مل يكن هذا‬
‫ُّ‬ ‫ص فيه‬ ‫رخ َ‬ ‫وه�ذا ُّ‬
‫ي�دل عىل أهنم فهموا أن الغن�ا َء الذي ّ‬
‫العرب‬ ‫رخص في�ا كان يف عهده مم�ا يتعارفه‬ ‫ِ‬
‫اآلالت‪ ،‬وأنه إنا ّ‬ ‫الغن�ا َء‪ ،‬وال آالت�ه هي ه�ذه‬
‫ُ‬
‫بآالهتم‪.‬‬
‫ِ‬
‫التباين ما‬ ‫الرخص ُة‪ ،‬وإن ّ‬
‫س�م َي غنا ًء‪ ،‬فبينها من‬ ‫فأما غنا ُء األعاج ِم بآالهتم‪ :‬فلم تتناول ُه ّ‬
‫الطباع‪ ،‬ويدعو إىل املعايص‪،‬‬
‫َ‬ ‫ويغري‬ ‫فإن غنا َء األعاج ِم بآالهتا ُ‬
‫يثري اهلوى‪ُ ّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫عاقل؛ َّ‬ ‫ال خيفى عىل‬
‫فهو رقي ُة ّ‬
‫الزنا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قاس‬‫لي�س فيه يش ٌء من هذه املفاس�د بالك ّل ّية البتّ� َة‪ .‬فمن َ‬
‫ص به َ‬ ‫األع�راب ّ‬
‫املرخ ُ‬ ‫وغن�ا ُء‬
‫ِ‬
‫واألصل‪،‬‬ ‫الفرق ب�ني الفر ِع‬ ‫ِ‬ ‫وق�اس مع ظهور‬
‫َ‬ ‫أقبح اخلطأِ‪،‬‬ ‫َ‬
‫أخطأ َ‬ ‫ِ‬
‫اآلخر؛ فق�دْ‬ ‫أحدمه�ا عىل‬
‫ِ‬
‫الصواب)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫القياس‪ ،‬وأبعده عن‬ ‫ِ‬
‫أفسد‬ ‫فقياسه من‬
‫اللهو الري ُء‪ ،‬واملتع ُة املباح ُة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ لزوجته استاعه هو‬
‫فاللهو الذي أباح ُّ‬
‫ٍ‬
‫جوار‪ ،‬فيلعب َن معها‬ ‫يرب إىل عائشة‬
‫يقترص هديه ﷺ مع زوجته عىل ذلك‪ ،‬بل كان ّ‬
‫ْ‬ ‫ومل‬
‫عب‪ ،‬وكان ﷺ يتحاشى تنفري هؤالء الضيوف‪.‬‬‫بال ّل ِ‬

‫صواحب يلعب َن‬ ‫َ‬


‫وكان يل‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫ُ‬ ‫ألعب بالبنات عندَ الن ِّ‬
‫كنت ُ‬‫قالت‪ُ :‬‬
‫فيرهب َّن إ َّيل فيلعب َن معي)‪.(3‬‬‫يتقمع َن من ُه ‪ّ ،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫دخل ّ‬‫رسول اهلل ﷺ إذا َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫معي‪،‬‬
‫ِ‬
‫وحسن معارشته»)‪.(4‬‬ ‫«وهذا من ِ‬
‫لطفه ﷺ‬ ‫ْ‬
‫كان�ت أ ُّم املؤمن�ني عائش� ُة تلع�ب بالبن�ات واللع�ب ذوات األش�كال‪ ،‬وكان‬
‫ْ‬ ‫وق�د‬
‫رسول اهلل ﷺ يازحها ويضحك معها‪.‬‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬فتح الباري [‪ ]78/6‬البن رجب‪.‬‬


‫السرت‪.‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬يتغ ّيب َن من ُه‪ ،‬ويدخل َن م ْن وراء ّ‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6130‬ومسلم [‪.[2440‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[205/10‬‬
‫‪‬‬

‫ر‪ ،‬ويف س�هوهتا‬ ‫غزوة َ‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬


‫تبوك ْأو خي َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫قالت‪ :‬قد َم‬
‫)‪(1‬‬

‫»‪،‬‬ ‫لعب‪َ ،‬‬


‫فقال‪» :‬‬ ‫فكشفت ناحي َة الس ِرت عن ٍ‬
‫بنات لعائش َة ٍ‬ ‫ريح‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫رت‪ ،‬فه ّب ْت ٌ‬‫س ٌ‬
‫»‪،‬‬ ‫فقال‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫جناحان م ْن رقاعٍ‪َ ،‬‬ ‫قالت‪ :‬بنايت‪ ،‬ورأى بينه َّن فرس ًا ل ُه‬
‫ْ‬
‫»‪،‬‬ ‫قال‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫جناحان‪َ ،‬‬ ‫قالت‪:‬‬
‫»‪ْ ،‬‬ ‫ف�رس‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫ٌ‬
‫رأيت نواجذ ُه)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فضحك حتّى ُ‬ ‫ال هلا أجنح ٌة؟‪،‬‬ ‫َ‬
‫لسليان خي ً‬ ‫سمعت َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫قالت‪ :‬أما‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫قل�ب زوجته‪ ،‬وك�م َ‬
‫كان لتلك‬ ‫ِ‬
‫الرور عىل‬ ‫الضحك ُة منه ﷺ م�ن‬
‫أدخل�ت تل�ك ّ‬
‫ْ‬ ‫فك�م‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫احلسن عىل مشاعرها‪.‬‬ ‫األثر‬ ‫ِ‬
‫املداعبة من ِ‬

‫ِ‬
‫القلوب؛‬ ‫املر َة إىل‬ ‫األزواج عىل هذا ِ‬ ‫بل إنه ﷺ َّ‬
‫وجيلب ّ‬
‫ُ‬ ‫األمر؛ ألنه يس�تدعي الوئام‬ ‫َ‬ ‫حث‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫فقال جلابر بن عبد اهلل ّملا تزوج‪» :‬‬

‫‪D‬‬ ‫وق�ال‪» :‬‬


‫الرماة باإلصابة]‪،‬‬
‫[الغرض‪ :‬هو ما يقصده ّ‬
‫«)‪.(4‬‬

‫والبيت أنس� ًا وحم ّب ًة؛ فتقوى‬


‫َ‬ ‫م�رةً‪،‬‬
‫القلوب ّ‬
‫َ‬ ‫فاملالعب� ُة‪ ،‬واملضاحك� ُة بني الزوج�ني ت ُ‬
‫أل‬
‫ِ‬
‫الزوجني‪.‬‬ ‫وتتعم ُق األلف ُة واملو ّدةُ‪ ،‬واملح ّب ُة بني‬
‫ّ‬ ‫الرابط ُة الزوج ّي ُة‪،‬‬

‫قلوب النساء»)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫واملزح‪ ،‬واملالعبة هي التي تط ّي ُ‬
‫ُ‬ ‫«فاملداعبة‬
‫َ‬
‫يكون يف‬ ‫أن‬ ‫للر ِ‬
‫جل ْ‬ ‫اخلطاب ‪– I‬مع شدّ ته وصالبته‪ -‬يقول‪« :‬ينبغي ّ‬ ‫ِ‬ ‫عمر ب ُن‬ ‫َ‬
‫وكان ُ‬
‫التمس ما عند ُه وجدَ رجالً»)‪.(6‬‬ ‫بي‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫أهله َ‬
‫َ‬ ‫الص ِّ‬
‫مثل ّ‬
‫كالص ّفة تكون بني ِ‬
‫يدى البيت‪.‬‬ ‫منحدر يف األرض قليال شبيه باملخدع واخلزانة‪ .‬وقيل هو ّ‬
‫ٌ‬ ‫صغري‬
‫ٌ‬ ‫بيت‬
‫السهوة‪ٌ :‬‬
‫)‪ّ (1‬‬
‫ِ‬
‫الطاق يوضع فيه اليش ُء‪ .‬النهاية [‪[1047/2‬‬ ‫ف أو‬ ‫بالر ِّ‬
‫وقيل‪ :‬شبيه ّ‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]4932‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2097‬ومسلم [‪.[715‬‬
‫)‪ (4‬رواه الطراين يف الكبري [‪ ،]1785‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[1282‬‬
‫)‪ (5‬موعظة املؤمنني [ص‪.[168‬‬
‫)‪ (6‬املجالسة وجواهر العلم [‪.[430/3‬‬
‫‪‬‬

‫خرج‪َ ،‬‬
‫كان رج ً‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ثابت من ِ‬
‫ثابت بن عبيد‪« :‬كان زيدُ ب�ن ٍ‬
‫الناس يف بيته‪ ،‬فإذا َ‬ ‫أفكه‬ ‫ُ‬ ‫وق�ال ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الرجال»)‪.(1‬‬ ‫من‬

‫ولج‪ِ ،‬سكّيت ًا إذا‬


‫كان ضحوك ًا إذا َ‬
‫فقالت‪« :‬واهلل لقدْ َ‬
‫ْ‬ ‫ووصفت أعراب ّي ٌة زوجها وقدْ َ‬
‫مات‪،‬‬ ‫ْ‬
‫عا فقدَ »)‪.(2‬‬ ‫ٍ‬
‫سائل ّ‬ ‫غري‬ ‫خرج‪ ،‬آك ً‬
‫ال ما وجدَ ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫البيت‬
‫وج�وه أصحابه وزمالئ�ه‪ ،‬فإذا ما دخ�ل َ‬ ‫ِ‬ ‫ويبتس�م يف‬ ‫ُ‬
‫يضحك‬ ‫ِ‬
‫الن�اس‬ ‫وكث�ري م�ن‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الوجه‪ ،‬مق ّطب ًا جبين ُه‪.‬‬ ‫عابس‬ ‫ليصبح‬ ‫االبتسامات؛‬
‫ُ‬ ‫اختفت َ‬
‫تلك‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫أمحل‬ ‫ِ‬
‫أس�فاره‪ ،‬وأن�ا جاري ٌة مل ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫مع الن ِّ‬
‫خرجت َ‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫»‪،‬‬ ‫قال يل‪» :‬‬‫ثم َ‬
‫»‪ ،‬فتقدّ م�وا‪َّ ،‬‬ ‫فق�ال للن ِ‬
‫ّاس‪» :‬‬ ‫أب�دن‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ال ّل َ‬
‫ح�م‪ ،‬ومل ْ‬
‫خرجت مع ُه يف‬
‫ُ‬ ‫ونس�يت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وبدنت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫محلت ال ّل َ‬
‫حم‬ ‫ُ‬ ‫فس�كت عنّي حتّى إذا‬
‫َ‬ ‫فس�ابقت ُه‪ ،‬فس�بقت ُه‪،‬‬
‫»‪ ،‬فسابقت ُه‪،‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫فقال للن ِ‬ ‫ِ‬
‫أسفاره‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫»‪ ،‬فتقدّ موا‪َّ ،‬‬ ‫ّاس‪» :‬‬ ‫بعض‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫وهو ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫ُ‬
‫يضحك‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫فجعل‬ ‫فسبقني‪،‬‬

‫عيل يف النّوبة األوىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واملعنى‪ :‬تقدّ مي عليك يف هذه النّوبة يف مقابلة تقدّ مك َّ‬
‫ُ‬
‫ويفعل هذا‬ ‫ِ‬
‫الرتفيه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الزوج�ة إىل‬ ‫ِ‬
‫الكث�رية‪ ،‬يراعي حاج َة‬ ‫الكريم ﷺ مع مش�اغله‬ ‫فالنب�ي‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يأنف بعضنا اليو َم من فعله‪ ،‬حتى ولو كان خالي ًا يف ال ِّ‬
‫ر!!‬ ‫األمر الذي ُ‬
‫َ‬
‫امليش مع زوجته‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن مسابقتها‪.‬‬ ‫البعض من ِ‬
‫ُ‬ ‫يتحر ُج‬
‫بل قد ّ‬

‫فطارت القرع ُة عىل‬ ‫ِ‬


‫نس�ائه‬ ‫بني‬
‫أقرع َ‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫ع ْن عائش� َة ْ‬
‫ْ‬ ‫خرج؛ َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا َ‬ ‫«كان‬
‫مع عائش� َة‬
‫س�ار َ‬
‫يل َ‬‫كان بال ّل ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا َ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫عائش� َة وحفص َة‪ ،‬فخرجتا مع ُه مجيع ًا‪،‬‬

‫)‪ (1‬رشح السنة للبغوي [‪.[183/13‬‬


‫)‪ (2‬موعظة املؤمنني ص [‪.[106‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ]25745‬واللفظ له‪ ،‬وأبو داود [‪ ،]2578‬وابن ماجة [‪ ،]1979‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[131‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بعريك فتنظري َن‬ ‫وأرك�ب‬ ‫تركبني ال ّليل َة بعريي‪،‬‬
‫َ‬ ‫فقالت حفص ُة لعائش� َة‪ :‬أال‬
‫ْ‬ ‫ث معه�ا‪،‬‬‫يتح�دّ ُ‬
‫ُ‬
‫وركبت حفص ُة عىل ِ‬
‫بعري عائش َة‪ ،‬فجا َء‬ ‫ْ‬ ‫فركبت عائش ُة عىل ِ‬
‫بعري حفص َة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫قالت‪ :‬بىل‪،‬‬
‫وأنظر؟ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إىل ِ‬
‫س�ار معها حتّى نزل�وا‪ ،‬فافتقدت ُه‬
‫ثم َ‬ ‫مج�ل عائش� َة وعليه حفص ُة‪ ،‬فس� ّل َم َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫رب س� ّل ْط َّ‬
‫عيل‬ ‫ُ‬
‫وتقول‪ :‬يا ِّ‬ ‫اإلذخر‪،‬‬ ‫ب�ني‬
‫جتعل رجلها َ‬ ‫جعلت ُ‬ ‫ْ‬ ‫فلا نزل�وا؛‬
‫فغ�ارت‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫عائش� ُة‪،‬‬
‫أن َ‬
‫أقول ل ُه شيئ ًا»)‪.(1‬‬ ‫أستطيع ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسولك‪ ،‬وال‬ ‫عقرب ًا ْأو ح ّي ًة تلدغني‪،‬‬
‫ِ‬
‫وه�ذا ا ّل�ذي فعلت ُه وقالت ُه محلها عليه فرط الغرية عىل رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وأمر الغرية ّ‬
‫معفو‬
‫عن ُه‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫يقال‬ ‫ِ‬
‫أسفاره‪ ،‬وغال ٌم أسو ُد ُ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫ع ْن أنس بن مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫كان‬
‫«)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫ل ُه أنجش ُة حيدو‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‬
‫ِ‬
‫بالقوارير‪ ،‬يعني ضعفة النّساء‪.‬‬ ‫ارفق يف سوقك‬ ‫» ِ‬
‫أي‪ْ :‬‬ ‫»‬

‫الزجاج لضعفها‪،‬‬ ‫ِ‬


‫بقارورة ّ‬ ‫ِ‬
‫لضعف عزائمه َّن تش�بيه ًا‬ ‫قوارير؛‬ ‫س�م َي النّسا ُء‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫قال العلاء‪ّ :‬‬
‫وإرساع االنكسار إليها‪.‬‬
‫ّ‬
‫واس�تلذت ُه‪،‬‬ ‫أرسعت يف امليش‬ ‫ألن َ‬
‫اإلبل إذا س�معت احلدا َء‬ ‫الس�ري؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫فق يف ّ‬ ‫واملرا ُد به‪ّ :‬‬
‫الر ُ‬
‫وخياف رضره َّن‬ ‫ذلك؛ َّ‬
‫ألن النّس�اء يضعف َن عند شدّ ة احلركة‪،‬‬ ‫اكب‪ ،‬فنها ُه ع ْن َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الر َ‬‫فأزعجت ّ‬
‫وسقوطه َّن)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بين�ي وبينها‪ ،‬إحدى‬ ‫فجلس‬
‫َ‬ ‫قال�ت عائش�ة ‪ :J‬زارتن�ا س�ود ُة يوم ًا‪،‬‬
‫ْ‬
‫فعملت هلا حرير ًة [حس�اء مطب�وخ من الدّ قيق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رجلي�ه يف حج�ري‪ ،‬واألخ�رى يف حجرها‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5211‬ومسلم [‪.[2445‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6161‬ومسلم [‪.[2323‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[81/15‬‬
‫‪‬‬

‫فأبت‪،‬‬
‫وجهك‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل لتأكل� َّن‪ْ ،‬أو ألل ّطخ َّن‬
‫ُ‬ ‫فأبت‪،‬‬
‫فقل�ت‪ :‬كيل‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫والدّ س�م واملاء])‪،(1‬‬
‫فضحك النّبي ﷺ‪ ،‬فوضع فخذه هلا‪ ،‬وقال‬ ‫َ‬ ‫خت ِبه وجهها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القصعة شيئ ًا‪ ،‬فل ّط ُ‬ ‫فأخذت م َن‬
‫ُ‬
‫عمر ُ‬
‫يقول‪ :‬يا عبدَ‬ ‫خت وجهي‪ ،‬فضحك النّبي ﷺ أيض ًا‪ ،‬فإذا ُ‬ ‫لسودة‪ :‬الطخي وجهها‪ ،‬فل ّط ْ‬
‫ال وجوهكا؛ ف َ‬
‫ال‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪« :‬قوما فاغس� َ‬ ‫عم�ر‪َ ،‬‬
‫فقال لنا‬ ‫َ‬ ‫عم�ر‪ ،‬يا عبدَ اهلل ب َن‬
‫َ‬ ‫اهلل ب� َن‬
‫عمر ّإال داخالً»)‪.(2‬‬
‫أحسب َ‬
‫ُ‬
‫جالس بينه�ا؛ فربا طلقها‬ ‫ِ‬
‫الزمان م�ن امرأتني‪ ،‬وزوجها‬ ‫َ‬
‫حدث مث�ل هذا يف هذا‬ ‫ول�و‬
‫ٌ‬
‫النبي ﷺ يف معاملة زوجاته‪ُ ،‬‬
‫حيث كان يداعبه َّن ويضاحكه َّن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هبدي ِّ‬ ‫جه ً‬
‫ال منه‬
‫ِ‬
‫واملباسطة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وعدل النبي ﷺ يف ِ‬
‫املرح‬ ‫جو ِ‬
‫املرح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ مع ِّ‬
‫تفاعل ِّ‬ ‫احلديث‪:‬‬ ‫ويف هذا‬

‫حيب عائش� َة َ‬
‫أكثر من غريها‪ ،‬مل جيعل ُه ذلك يميل إليها يف الظاهر‪ ،‬بل س�اعدَ‬ ‫فمع أنّه ﷺ ُّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وحص�ل ما أراده النبي ﷺ‪ ،‬وس�اد‬ ‫�خ وج َه عائش� َة بالطعام‪،‬‬
‫زوجت�ه األخرى س�ود َة لتل ّط َ‬
‫والرور‪.‬‬ ‫املجلس جو من املرح ّ ِ‬
‫والضحك ّ‬ ‫ٌّ‬
‫كانت‬
‫ق�ال‪ْ :‬‬‫حدي�ث كلث�و ٍم بن املصطل�ق َ‬
‫ُ‬ ‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫املهاج�رات‪ ،‬وه َّن‬ ‫ٍ‬
‫مظعون ونس�ا ٌء م َن‬ ‫عثان ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وعند ُه ام�رأ ُة‬ ‫زين�ب تف�يل‬
‫ُ‬
‫وتركت‬
‫ْ‬ ‫زين�ب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يش�تكني منازهل� َّن ّأهن� َّن خيرج َن منه�ا‪ ،‬ويض ّي ُق عليه� َّن فيه�ا)‪ ،(3‬فتك ّل ْ‬
‫مت‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ِ‬ ‫رأس‬
‫َ‬
‫يور َ‬
‫ث م َن املهاجري َن النّسا ُء)‪.(4‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ ْ‬ ‫ُ‬
‫أن ّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فأمر‬
‫»‪َ ،‬‬
‫ويف هذا حس ُن ممازحته ﷺ لزوجته‪.‬‬

‫)‪ (1‬النهاية [‪[931/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي يف السنن الكرى [‪ ]8917‬وأبو بكر الشافعي يف الفوائد [‪ ،]112‬وقال العراقي يف ختريج اإلحياء‬
‫]‪« :]1682/4‬إسناده جيد»‪ ،‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[3131‬‬
‫وهي غريبة يف دار الغرب�ة‪ ،‬فال جتد مكان ًا آخر‪.‬‬
‫م�ات زوج امل�رأة أخذ الورثة الدار‪ ،‬وخترج امل�رأة منها َ‬
‫َ‬ ‫)‪ (3‬كان�وا إذا‬
‫عون املعبود [‪[231/8‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ]26510‬وحسنه شعيب األرناؤوط‪ ،‬وأصل احلديث يف سنن أيب داود [‪ ،]3080‬وقد صححه‬
‫األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[3080‬‬
‫‪‬‬

‫أكل‬ ‫نزلت وادي ًا‪ِ ،‬‬


‫وفيه شجر ٌة قدْ َ‬ ‫أرأيت ْلو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪،‬‬ ‫قلت يا‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫قال‪« :‬يف ا ّلذي مل ْ ْ‬
‫يرتع منها»‪.‬‬ ‫َ‬
‫بعريك؟ َ‬ ‫ترتع‬
‫كنت ُ‬ ‫ووجدت شجر ًا مل ْ يؤكل منها‪ ،‬يف ّأهيا َ‬
‫َ‬ ‫منها‪،‬‬
‫يتزو ْج بكر ًا غريها)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ مل ْ ّ‬ ‫تعني َّ‬
‫أن‬

‫ٍ‬
‫جن�ازة بالبقيعِ‪ ،‬وأنا‬ ‫ذات يو ٍم م� ْن‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫رج�ع إ َّيل‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫َ‬
‫أقول‪ :‬وا رأس�ا ْه‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫أجدُ صداع ًا يف رأس‪ ،‬وأنا ُ‬
‫فعلت َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لكأين َ‬
‫بك واهلل ْلو‬ ‫قل�ت‪ّ :‬‬
‫»‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫بوجعه‬ ‫بدئ‬
‫ثم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فأعرس�ت ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫فتبس َم‬
‫نس�ائك‪ّ ،‬‬ ‫ببعض‬ ‫فيه‬ ‫َ‬ ‫رجعت إىل بيتي‪،‬‬
‫َ‬ ‫لقدْ‬
‫مات ِ‬
‫فيه)‪.(2‬‬ ‫ا ّلذي َ‬

‫***‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5077‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]24720‬وابن ماجة [‪ ،]1465‬وحس�نه األلباين يف صحيح س�نن ابن ماجة [‪ ،]1465‬وأصله يف‬
‫البخاري [‪.[5666‬‬
‫‪‬‬

‫اجلانب الثاين‪ :‬تربية النبي ﷺ لن�شائه؛ َّ‬


‫ليكن قدو ًة لن�شاءِ املوؤمنني‪:‬‬
‫ومع ذلك املزاح‪ ،‬وتلك املداعبات‪ ،‬واملالطفات كان رسول اهلل ﷺ حريص ًا عىل تربية نسائه؛‬
‫ليك َّن َ‬
‫املثل األعىل لغريهن‪ ،‬منطلق ًا يف ذلك من مس�ئول ّيته عليهن وهو الزوج‪ ،‬وهو القائل‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ّبي ﷺ أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫عمر ‪ِ L‬‬
‫عن الن ِّ‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن َ‬ ‫ِ‬

‫)‪.(2‬‬
‫ٌ‬
‫مس�ئول ع�ن تعلي ِم زوجت�ه‪ ،‬وإرش�ادها‪ ،‬وتوجيهه�ا التوجي�ه الصحيح‪ ،‬وما‬ ‫ُ‬
‫فالرج�ل‬
‫أمور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املنك�رات يف حياة ٍ‬ ‫ِ‬
‫تعليمهن َ‬ ‫الرج�ال يف‬ ‫تفريط‬ ‫الزوجات إال بس�بب‬ ‫كثري من‬ ‫ُ‬ ‫ش�اعت‬
‫دينه َّن‪ ،‬وتقصريهم يف توفيته ّن حقوقه ّن‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ليل ًة فزع ًا ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اس�تيقظ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ّبي ﷺ ْ‬ ‫ع ْن أم س�لم َة َ‬
‫زوج الن ِّ‬
‫)‪(3‬‬

‫)‪.(4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫الثواب‪ ،‬وما‬ ‫خزائ�ن‬ ‫واحد من‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عىل ما فتحه اهلل تع�اىل يف يو ٍم‬ ‫فل�ا ا ّط َ‬
‫ل�ع‬
‫والرش‪.‬‬ ‫اخلري‬ ‫ِ‬
‫لكثرة ِ‬ ‫ِ‬
‫الفتن؛ قام من نومه فزع ًا من دهشته؛‬ ‫أنزله من‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الفتن مما‬ ‫ِ‬
‫أبواب‬ ‫خزائن ِ‬
‫اخلري‪ِ ،‬‬
‫وفتح‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حيدث حوهلم من ِ‬
‫فتح‬ ‫ِ‬
‫البرش عا‬ ‫وتعج�ب من ِ‬
‫غفلة‬ ‫ّ َ‬
‫ِ‬
‫للصالة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بإيقاظ زوجاته‬ ‫أمر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولذلك َ‬ ‫العبادة؛‬ ‫والرهبة‪ ،‬واجلدِّ يف‬ ‫الرغبة‬ ‫يدعو إىل‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي يف السنن الكرى [‪ ]9174‬عن أنس بن مالك ‪ ،I‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة‬
‫]‪.[1636‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]893‬ومسلم [‪.[1829‬‬
‫)‪ (3‬يريدُ أزواج ُه‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[7069‬‬
‫‪‬‬

‫جمرد‬ ‫َ‬
‫يعتمدن عىل ّ‬ ‫وأن ال‬ ‫أن ال يتغافل َن ِ‬
‫عن العبادة‪ْ ،‬‬ ‫بذلك إىل أنه ينبغي هل َّن ْ‬
‫َ‬ ‫وأش�ار ﷺ‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫أزواج الن ّ‬
‫َ‬ ‫كوهن َّن‬
‫ُ‬
‫حتدث‪.‬‬ ‫للعبادة ال سيا عند ٍ‬
‫آية‬ ‫ِ‬ ‫جل أهل ُه بال ّل ِ‬
‫يل‬ ‫الر ِ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫إيقاظ ّ‬ ‫ويف احلديث‪:‬‬

‫َ‬
‫وأيقظ‬ ‫العرش شدَّ مئزر ُه‪ ،‬وأحيا ليل ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ إذا َ‬
‫دخل‬ ‫«كان الن ُّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫أهل ُه»)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫األواخر م ْن‬ ‫ِ‬
‫الع�رش‬ ‫ُ‬
‫يوق�ظ أهل ُه يف‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان‬ ‫عيل ب�ن أيب طل�ب ‪َّ :I‬‬
‫«أن الن َّ‬ ‫وع� ْن ِّ‬
‫َ‬
‫رمضان»)‪.(2‬‬
‫والذ ِ‬
‫كر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باللي�ل‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫للصالة‬ ‫َ‬
‫رمضان‬ ‫ِ‬
‫األواخر م�ن‬ ‫ِ‬
‫العرش‬ ‫ُ‬
‫يوقظ أهل�ه يف‬ ‫النب�ي ﷺ‬ ‫«ف�كان‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫والدّ ِ‬
‫الرواتب»)‪.(3‬‬ ‫نن‬ ‫خاص ًة؛ فإنه من آكدُ ّ‬
‫للوتر ّ‬ ‫َ‬
‫فكان إيقاظه هلم‬ ‫عاء‪ ،‬وأما يف سائر السنة‬
‫أوتر َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫يصيل م َن ال ّل ِ‬
‫يل‪ ،‬فإذا َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫فع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫ﷺ‬
‫ثم‬‫ب�ح‪َّ ،‬‬
‫الص َ‬ ‫يعتك�ف ّ‬
‫ص�ىل ّ‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إذا أرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫ْ‬ ‫ن عائش� َة ‪J‬‬ ‫ع� ْ‬
‫َ‬
‫رمضان‬ ‫األواخ�ر م ْن‬ ‫العرش‬ ‫يعتكف‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫يعتكف ِ‬
‫فيه‪ ،‬ف�أرا َد ْ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫امل�كان ا ّلذي يري�دُ ْ‬ ‫َ‬
‫دخ�ل يف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فسمعت هبا‬
‫ْ‬ ‫فرضبت ِ‬
‫فيه ق ّب ًة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫تعتكف‪َ ،‬‬
‫فأذن هلا‬ ‫َ‬ ‫فرضب ل ُه خبا ٌء‪ ،‬فاس�تأذنت ُه عائش� ُة ْ‬
‫أن‬ ‫فأمر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ُ‬ ‫انرصف‬
‫َ‬ ‫فرضبت ق ّب ًة أخرى‪ّ ،‬‬
‫فلا‬ ‫ْ‬ ‫زينب هبا‬
‫وس�معت ُ‬
‫ْ‬ ‫فرضبت ق ّب ًة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫حفص ُة‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬‫ر خره َّن‪َ ،‬‬ ‫قباب‪َ ،‬‬ ‫أربع ٍ‬ ‫ِ‬
‫»‪ ،‬فأخ َ‬ ‫فقال‪» :‬‬ ‫أبرص َ‬ ‫م َن الغداة َ‬
‫َ‬
‫وأزيل]‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫فقو َض [أي‪ :‬قلع‬ ‫ِ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫فأمر بخبائه ّ‬
‫‪َ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2024‬ومسلم [‪.[1174‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]725‬وصححه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي [‪[296/2‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ]251/6‬البن رجب‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]512‬ومسلم [‪.[744‬‬
‫‪‬‬

‫األو ِل م ْن‬ ‫ِ‬


‫الع�رش ّ‬ ‫واعتكف يف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رمض�ان‪،‬‬ ‫يعتك�ف يف‬
‫ْ‬ ‫فلم‬
‫فنزع�ت‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫‪،‬‬
‫شو ٍ‬
‫ال)‪.(1‬‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫خملصات يف‬ ‫غري‬ ‫خاف ْ‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ هذا الكالم إنكار ًا لفعله َّن‪،‬‬
‫أن يك َّن َ‬ ‫َ‬ ‫وس�بب إنكاره أ ّن ُه‬
‫ُ‬
‫أردن القرب منه؛ لغريهتن ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫االعتكاف‪ ،‬بل َ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ّنافس‬
‫ذلك املباها َة والت َ‬ ‫ُ‬
‫احلامل هل َّن عىل َ‬ ‫خيش ْ‬
‫أن يكون‬ ‫َ‬ ‫قال ابن حجر ‪« :V‬وكأ ّن ُه ﷺ‬
‫خاص ًة‪ ،‬فيخرج االعتكاف ع ْن موضوعه»)‪.(2‬‬ ‫ّاشئ ِ‬
‫عن الغرية؛ حرص ًا عىل القرب من ُه ّ‬ ‫الن َ‬

‫فقال‪» :‬‬ ‫ِ‬


‫القمر‪َ ،‬‬ ‫أشار إىل‬
‫ثم َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ بيدي‪َّ ،‬‬ ‫فعن عائشة ‪ J‬قالت‪َ :‬‬
‫أخذ‬
‫«)‪.(3‬‬

‫الغاسق هو‪ :‬الظلمة‪ ،‬إذا وقب‪ :‬غاب‪« ،‬وأكثر املفرين أن الغاسق هو الليل»)‪.(4‬‬

‫تنترش فيه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اآلفات‬ ‫ألن‬ ‫ّعو ِذ م َن ال ّل ِ‬
‫يل؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫أمر بالت ّ‬
‫وإنّا َ‬
‫القمر آي ُة الليل‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫وكون الغاسق هو الليل ال يعارض ما يف احلديث من أنه القمر؛ ألن‬
‫يوجدُ له سلطان إال فيه)‪.(5‬‬

‫حيث َ‬
‫النبي ﷺ بتعليم زوجته‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ُ :‬‬
‫أشار إىل مراده‪،‬‬
‫أخذ بيدها‪ ،‬ثم َ‬ ‫بيان اهتا ِم ِّ‬ ‫ويف‬
‫ثم أمرها بالفعل‪ ،‬وبني هلا السبب‪.‬‬

‫رجع بعدَ‬
‫ثم َ‬‫بح‪َّ ،‬‬
‫الص َ‬ ‫حني ّ‬
‫صىل ّ‬ ‫خرج م ْن عندها بكر ًة َ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ع� ْن جويري َة ‪َّ J‬‬
‫أن الن َّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2033‬ومسلم [‪.[1173‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[276/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]3288‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7916‬‬
‫)‪ (4‬بدائع الفوائد [‪.[442/2‬‬
‫)‪ (5‬تفسري ابن كثري [‪.[536 / 8‬‬
‫‪‬‬

‫نعم‪،‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫»‪ْ ،‬‬ ‫وهي جالس� ٌة‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪» :‬‬ ‫ْ‬
‫أن أضح�ى َ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪» :‬‬
‫«)‪.(1‬‬
‫ِ‬ ‫ات‪ ،‬با ِ‬
‫قلت م�ن ّأو ِل‬ ‫ثالث م�ر ٍ‬ ‫ِ‬
‫هنارك من‬ ‫َ ّ‬ ‫األرب�ع التي قلتها‬
‫ُ‬ ‫الكلات‬
‫ُ‬ ‫قوبل�ت‬ ‫أي‪ :‬ل�و‬
‫ِ‬
‫األذكار؛ لساوهت َّن)‪.(2‬‬

‫بعض؛ لعمومها‪ ،‬وش�موهلا‪ ،‬واش�تاهلا عىل مجي ِع‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫أفض�ل م ْن‬ ‫بعض األذكار‬ ‫فق�دْ يك�ون ُ‬
‫أفضل من الكثري من ِ‬ ‫الذات ّي ِة والفعل ّي ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫غريه)‪.(3‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫القليل م ْن هذا النّو ِع‬ ‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫األوصاف ّ‬
‫ٍ‬
‫نصب‪.‬‬ ‫فدهلا وأرشدها ختفيف ًا هلا وتكثري ًا ألجورها‪ ،‬من دون ٍ‬
‫تعب وال‬ ‫ّ‬

‫ُ‬ ‫فأصيل ِ‬
‫فيه‪َ ،‬‬ ‫أن َ‬
‫أحب ْ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ّ J‬أهنا ْ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فأخذ‬ ‫َّ‬ ‫البيت‪،‬‬
‫أدخل َ‬ ‫كنت ُّ‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫احلجر‪َ ،‬‬ ‫بيدي‪ ،‬فأدخلني يف‬
‫«)‪.(4‬‬
‫ِ‬
‫البيت‪ ،‬فمن‬ ‫احلجر من‬ ‫بني هلا أن‬ ‫أخذ ِ‬
‫بيد زوجته‪ ،‬ثم ّ َ‬ ‫النبي ﷺ َ‬ ‫كيف َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أن َّ‬ ‫احلديث‪َ :‬‬ ‫يف هذا‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يصيل َ‬
‫احلجر‪.‬‬ ‫فليصل يف‬ ‫الكعبة؛‬ ‫داخل‬ ‫أرا َد أن ّ َ‬

‫بني‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ املس�جدَ ‪ ،‬فإذا ٌ‬


‫حبل مم�دو ٌد َ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫دخل‬ ‫فع� ْن أن�س ب�ن مالك ‪َ I‬‬
‫فرتت؛‬
‫ْ‬ ‫كسلت‪ْ ،‬أو‬
‫ْ‬ ‫لزينب‪ّ ،‬‬
‫تصيل‪ ،‬فإذا‬ ‫َ‬ ‫حبل‬‫‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا ٌ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اريتني‪َ ،‬‬ ‫الس‬
‫ّ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫أمسكت ِبه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2726‬‬


‫)‪ (2‬رشح أيب داود [‪ ]414/5‬للعيني‪.‬‬
‫)‪ (3‬حاشية السيوطي والسندي عىل سنن النسائي [‪.[78/3‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]802‬والنسائي [‪ ،]2912‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3792‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]1150‬ومسلم [‪.[784‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫باإلقبال‬ ‫واألمر‬ ‫ّعم ِق‪،‬‬ ‫ّهي ِ‬ ‫ِ‬
‫«فيه‪ُّ :‬‬
‫ُ‬ ‫عن الت ّ‬ ‫احلث عىل االقتصاد يف العبادة‪ ،‬والن ُ‬
‫رت فليقعدْ حتّى يذهب الفتور»)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫عليها بنشاط‪ ،‬وأ ّن ُه إذا ف َ‬

‫ِ‬ ‫ّب�ي ﷺ أخرت� ُه َّ‬ ‫الز ِ‬


‫مر ْت‬‫بنت توي�ت ّ‬ ‫أن احلوال َء َ‬ ‫أن عائش� َة َ‬
‫زوج الن ِّ‬ ‫ب�ري َّ‬ ‫ع�ن ع�رو ُة ب ُن ّ‬
‫ٍ‬
‫توي�ت وزعموا ّأهنا ال تن�ا ُم ال ّل َيل‪،‬‬ ‫بنت‬ ‫فقلت‪ِ :‬‬
‫هذه احل�وال ُء ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫هب�ا وعنده�ا‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫«)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫بقوله‪« :‬ال تنام ال ّليل» اإلنكار عليها‪ ،‬وكراهة فعلها وتشديدها عىل نفسها)‪.(3‬‬ ‫أرا َد ﷺ‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫«‪.‬‬
‫َ‬
‫العمل لزمت ُه»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫عملت‬ ‫«وكانت عائش ُة إذا‬ ‫حمم ٍد‪:‬‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫القاسم ب ُن ّ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫ِ‬
‫ملعنيني‪:‬‬ ‫أحب الدّ ائم‬
‫اجلوزي‪« :‬إنّا َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫قال ابن‬
‫ِ‬
‫كاملعرض عنه‪.‬‬ ‫للعمل بعد الدّ خول ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أن التّارك‬
‫وليس م ْن الز َم الباب يف ّ‬
‫كل يوم وقت ًا ما‪ ،‬كم ْن‬ ‫َّ‬
‫أن مداوم اخلري مالزم اخلدم�ة‪َ ،‬‬
‫انقطع)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫الز َم يوم ًا كامالً‪َّ ،‬‬
‫ثم‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[73/6‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]43‬ومسلم [‪ ،]785‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[73/6‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]6465‬ومسلم [‪ ،]783‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[103/1‬‬
‫‪‬‬

‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال هلا‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫فع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬
‫أن‬
‫«)‪.(1‬‬
‫يسري منها‪ْ ،‬أو م ْن غريها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بيشء ٍ‬ ‫ولو‬
‫شق التّمرة‪ :‬نصفها وجانبها‪ ،‬واملعنى‪ْ :‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫وعمل‬ ‫جتعل بينها‪ ،‬وبني النار س�رت ًا م�ن الص ِ‬
‫دقة‪،‬‬ ‫حيث عائش� َة عىل أن َ‬ ‫ُ‬
‫فرس�ول اهلل ﷺ ُّ‬
‫َ ّ‬
‫رت املتصدّ ق م َن الن ِّار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الصدقة يس ُ‬‫فاليسري م َن ّ‬
‫ُ‬ ‫اليسري‪،‬‬ ‫باليشء‬ ‫ولو‬
‫ر‪ْ ،‬‬‫ال ِّ‬
‫ٍ‬
‫بيشء‪،‬‬ ‫فأمرت ل ُه‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫مرةً‪ ،‬وعندي‬ ‫عيل ٌ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫سائل ّ‬ ‫دخل َّ‬ ‫وع ْن عائشة ‪ْ J‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫فقال‬ ‫فنظرت ِ‬
‫إليه)‪َ ،(2‬‬ ‫ُ‬ ‫دعوت ِبه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫«)‪.(3‬‬ ‫‪D‬‬ ‫نعم‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫قلت‪ْ :‬‬
‫»‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫«واإلحص�ا ُء‪ :‬معرف ُة ِ‬
‫الصدقة؛ خش�ية‬‫اليشء وزن ًا ْأو عدد ًا‪ ،‬واملعنى‪ :‬النّهي ع ْن منع ّ‬ ‫قدر ّ‬
‫بغري حساب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العطاء ِ‬ ‫يثيب عىل‬ ‫ِ‬
‫الركة؛ َّ‬ ‫األسباب لقط ِع ما ّد ِة‬
‫ِ‬ ‫فإن َ‬ ‫الن ِ‬
‫ّفاد‪َّ ،‬‬
‫ألن اهللَ ُ‬ ‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫أن اهللَ يرزق ُه م ْن ُ‬
‫حيث ال‬ ‫علم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيسب عليه عندَ العطاء‪ ،‬وم ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫اجلزاء؛ ال‬ ‫حياسب عندَ‬
‫ُ‬ ‫وم ْن ال‬
‫حيسب»)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫يعطي وال‬
‫َ‬ ‫حيتسب فح ّق ُه ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫»‪ ،‬قالت عائش�ة‪:‬‬ ‫ّب�ي ﷺ‪» :‬‬
‫النبي ﷺ ش�اةً‪ ،‬س�أل الن ُّ‬ ‫ذب�ح ُ‬
‫أه�ل ِّ‬ ‫وعندم�ا َ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫بقي ّإال كتفها‪َ ،‬‬
‫فقال ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ما َ‬ ‫يا‬
‫باق‪ ،‬إش�ار ًة إىل ِ‬
‫قوله تعاىل‪( :‬ﭷ‬ ‫فهو غري ٍ‬ ‫أي‪ :‬م�ا تصدّ ق�ت ِبه َ ٍ‬
‫بقي عندك َ ُ‬
‫فهو ﺑﺎق‪ ،‬وما َ‬ ‫ْ‬
‫ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [النحل‪.(6)[96 :‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ .]23980‬وحس�نه ابن حجر يف فتح الب�اري [‪ ،]334/3‬واأللباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‬
‫]‪.[865‬‬
‫لتنظر كم نقص منه‪.‬‬ ‫قت منه؛‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫نظرت يف اليشء الذي تصدّ ْ‬
‫ُ‬ ‫)‪ (2‬أي‪:‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7932‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]1700‬والنسائي [‪ ]2549‬واللفظ له‪،‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪ ]300/3‬البن حجر‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]2394‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2544‬‬
‫)‪ (6‬حتفة األحوذي [‪.[142/7‬‬
‫‪‬‬

‫»‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫كانت‬
‫ألهنا ْ‬
‫زين�ب؛ ّ‬
‫ُ‬ ‫فكانت أطولنا يد ًا‬
‫ْ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫قال�ت‪ :‬فك� َّن يتطاول َن أ ّيته� َّن ُ‬
‫أطول يد ًا‪،‬‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫تعمل بيدها‪ ،‬وتصدّ ُق)‪.(1‬‬
‫وهي اجلارحة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بطول ِ‬
‫الي�د ُ‬ ‫ِ‬ ‫«ومعن�ى احلدي�ث‪ّ :‬أهن َّن ظن� َّن َّ‬
‫طول اليد احلقيق ّي�ة‪َ ،‬‬ ‫أن املرا َد‬
‫زينب أطوهل َّن يد ًا يف‬ ‫فكانت س�ود ُة أطوهل َّن جارح ًة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وكان�ت ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫بقصبة‪،‬‬ ‫فك� َّن يذرع َن أيدهي َّن‬
‫ِ‬
‫واجلود»)‪.(2‬‬ ‫اليد يف الص ِ‬
‫دقة‬ ‫طول ِ‬ ‫أن املرا َد ُ‬‫زينب ّأوهل َّن‪ ،‬فعلموا َّ‬ ‫دقة وفعل ِ‬ ‫الص ِ‬
‫ّ‬ ‫فاتت ُ‬ ‫ْ‬ ‫اخلري‪،‬‬ ‫ّ‬
‫سبب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن اإليثار واالستكثار من الص ِ‬
‫دقة يف ِ‬ ‫تضم َن َّ‬ ‫َ‬
‫العمل ٌ‬ ‫القدرة عىل‬ ‫زمن‬ ‫َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫احلديث ّ‬ ‫فهذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفضيلة)‪.(3‬‬ ‫وذلك الغاي ُة يف‬
‫َ‬ ‫ل ّلحاق بالن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬

‫احلجاب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أن�زل‬ ‫ِ‬
‫القعيس بعدما َ‬ ‫أفلح أخ�و أيب‬‫ع�يل ُ‬ ‫َ‬
‫اس�تأذن َّ‬ ‫فعن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫ه�و أرضعني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫َ ِ‬ ‫فقل�ت‪ :‬ال ُ‬
‫ليس َ‬ ‫القعيس َ‬ ‫فإن أخا ُه أب�ا‬ ‫أس�تأذن فيه الن َّ‬ ‫آذن ل� ُه حتّ�ى‬ ‫ُ‬
‫أفلح‬
‫إن َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫فقلت ل ُه‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫عيل الن ُّ‬ ‫َ‬
‫فدخل َّ‬ ‫ِ‬
‫القعيس‪،‬‬ ‫ولك� ْن أرضعتني امرأ ُة أيب‬
‫ّبي ﷺ‪» :‬‬ ‫أس�تأذنك‪َ ،‬‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫أن َ‬
‫آذن ل ُه حتّى‬ ‫فأبيت ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اس�تأذن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القعيس‬ ‫أخا أيب‬
‫هو أرضعني‪ ،‬ولك ْن أرضعتني امرأ ُة أيب‬
‫ليس َ‬ ‫الر َ‬
‫جل َ‬ ‫إن ّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫»‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫يمينك»)‪.(4‬‬ ‫عم ِك‪ْ ،‬‬
‫تربت‬ ‫ِ‬
‫القعيس‪َ ،‬‬
‫فقال‪« :‬ائذين ل ُه؛ فإ ّن ُه ّ‬

‫َ‬
‫تس�تعجل الزوج ُة يف‬ ‫بغري عل ٍم‪ ،‬حتى ال‬ ‫ِ‬
‫القول عىل اهلل ِ‬ ‫كان م�ن هدي�ه ﷺ حتذيره َّن من‬
‫تتر َع يف احلك ِم‪.‬‬
‫الفتوى‪ ،‬أو ّ‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1420‬ومسلم [‪.[2452‬‬
‫)‪ (2‬قاله النووي يف رشح صحيح مسلم [‪.[8/16‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[286/3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]4796‬ومسلم [‪.[1445‬‬
‫‪‬‬

‫فقلت‪ :‬يا‬ ‫ِ‬


‫األنصار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جنازة صبي م َن‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إىل‬ ‫ُ‬ ‫دعي‬
‫ُ‬ ‫فعن عائش�ة ‪ J‬قالت‪َ :‬‬
‫غري‬ ‫الس�و َء‪ ،‬ومل ْ يدرك ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫«أو َ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫يعمل ّ‬ ‫عصفور م ْن عصافري اجلنّة‪ ،‬مل ْ‬ ‫ٌ‬ ‫رس�ول اهلل طوبى هلذا‬
‫وخلق للن ِّار‬
‫َ‬ ‫آبائهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫أص�الب‬ ‫وهم يف‬
‫خلقهم هلا ْ‬‫ْ‬ ‫خل�ق للجن ِّة أهالً‪،‬‬
‫َ‬ ‫ذل�ك يا عائش� ُة‪َّ ،‬‬
‫إن اهللَ‬ ‫َ‬
‫آبائهم»)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫أصالب‬ ‫وهم يف‬
‫خلقهم هلا ْ‬
‫ْ‬ ‫أهالً‪،‬‬

‫املسلمني‬ ‫مات م ْن أطفال‬ ‫املس�لمني عىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫«أمجع م ْن يعتدُّ ِبه م ْن‬
‫َ‬ ‫أن م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫علاء‬ ‫َ‬
‫ليس مك ّلف ًا‪.‬‬
‫فهو م ْن أهل اجلنّة؛ أل ّن ُه َ‬
‫َ‬
‫وأجاب�وا ع�ن حديث عائش�ة هذا بأنّ� ُه هناها ع ْن املس�ارعة إىل القطع م ْن غ�ري ْ‬
‫أن يكون‬
‫عندها دليل قاطع»)‪.(2‬‬

‫‪D‬‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ J‬قالت‪َ :‬‬


‫قال يل النبي ﷺ‪» :‬‬
‫«)‪.(3‬‬

‫أي ع ّيب ُه ونقص ُه)‪.(4‬‬


‫«‪ْ :‬‬ ‫وكمل ُه «‬
‫أي ز ّين ُه ّ‬
‫«‪ْ :‬‬ ‫»‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال هلا‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن‬
‫«)‪.(5‬‬

‫السا ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس�تأذن ٌ‬


‫َ‬ ‫فعن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫رهط م َن اليهود عىل رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فقالوا‪ّ :‬‬ ‫قالت‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2662‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[207/16‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]23786‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪ ،]7927‬وهو يف مسلم [‪ ]2594‬خمترص ًا‪.‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[113/13‬‬
‫)‪ (5‬رواه أمحد [‪ ،]23906‬وصححه األلباين يف الصحيحة برقم [‪.[523‬‬
‫‪‬‬

‫عليك�م‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬ ‫وغضب‬
‫َ‬ ‫ولعنك�م اهللُ‬
‫ُ‬ ‫عليكم‬
‫ْ‬ ‫الس�ا ُم‬
‫»‪ ،‬فقلت‪ّ :‬‬ ‫عليك�م)‪َ ،(1‬‬
‫فق�ال‪» :‬‬ ‫ْ‬
‫»‪ ،‬قالت‪َ :‬أو‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬
‫تس�مع م�ا قال�وا؟ قال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫مل‬
‫)‪.(2‬‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫ويف رواية ملسلم قال‪» :‬‬


‫ِ‬
‫وكان النبي ﷺ يع ّل ُم زوجاته َ‬
‫أمور العقيدة‪ ،‬وير ّبيهن عىل اخلوف من اهلل تعاىل‪ ،‬فإذا ظهر‬
‫سحاب يف الساء‪ ،‬أو أقبلت ريح‪ ،‬دخل وخرج وتغري لونه‪.‬‬
‫ِ‬
‫وجه�ه‪ ،‬فتقول له‪:‬‬ ‫ع�رف َ‬
‫ذلك يف‬ ‫َ‬ ‫«وكان إذا رأى غي� ًا ْأو رحي� ًا؛‬
‫َ‬ ‫تق�ول عائش�ة ‪:J‬‬
‫َ‬
‫وأراك إذا رأيت ُه‬ ‫املط�ر‪،‬‬ ‫يكون ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬ ‫الغي�م؛ فرحوا رجا َء ْ‬
‫أن‬ ‫ّاس إذا رأوا‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل أرى الن َ‬ ‫ي�ا‬
‫وجهك الكراهي َة؟ َ‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫عرفت يف‬
‫ُ‬
‫«)‪.(4‬‬

‫العارض‪ :‬السحاب املعرتض يف األفق‪.‬‬

‫ِ‬
‫بأرض‬ ‫ِ‬
‫نسائه كنيس ًة رأينها‬ ‫بعض‬
‫ذكرت ُ‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫ْ‬ ‫ل�ا اشتكى الن ُّ‬ ‫قالت‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫احلبش�ة‪ ،‬فذكرتا م ْن‬ ‫أرض‬‫وكانت أ ُّم س�لم َة وأ ُّم حبيب َة ‪ L‬أتتا َ‬
‫ْ‬ ‫يق�ال هلا ماري� ُة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلبش�ة ُ‬
‫فرفع رأس� ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫وتصاوير فيها‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫حس�نها‬
‫«)‪.(5‬‬
‫ِ‬
‫وحتذير أهله منها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخطاء العقد ّية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالتنبيه عىل‬ ‫ويف هذا‪ :‬عنايته‬

‫املوت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫السا ِّم‪:‬‬
‫)‪ّ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2935‬ومسلم [‪.[2165‬‬
‫ِ‬
‫والفعل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القول‬ ‫هو القبيح م َن‬ ‫ُ‬
‫والفحش َ‬ ‫اليش ِء‪،‬‬
‫عن ّ‬ ‫)‪« (3‬م ْه»‪ :‬كلمة ٍ‬
‫زجر ِ‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]4829‬ومسلم [‪.[899‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]427‬ومسلم [‪.[528‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫زوج‪ ،‬وهو ٌ‬
‫داخل يف قوله‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫العظيمة ع�ىل ِّ‬ ‫ِ‬
‫الواجبات‬ ‫ِ‬
‫املنك�رات من‬ ‫ِ‬
‫األهل من‬ ‫فحاي� ُة‬
‫تعاىل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [التحريم‪.[6 :‬‬

‫ص�ور [القرام هو‬ ‫البيت قرام ِ‬


‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪ ،‬ويف‬ ‫قالت‪َ :‬‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ع�يل الن ُّ‬
‫دخل َّ‬
‫ِ‬ ‫«إن م ْن أشدِّ الن ِ‬
‫ّاس عذاب ًا يو َم‬ ‫رت‪ ،‬فهتك ُه‪َ ،‬‬
‫وقال‪َّ :‬‬ ‫ثم َ‬
‫القيامة‬ ‫الس� َ‬
‫تناول ّ‬ ‫فتلو َن وجه ُه‪َّ ،‬‬
‫الس�رت] ّ‬
‫ور»)‪.(1‬‬ ‫ا ّلذين يصو َ ِ‬
‫الص َ‬
‫رون هذه ّ‬ ‫َ ّ‬
‫ِ‬
‫والقول‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالفعل‬ ‫فأنكر عليها‬
‫َ‬

‫حكيت إنس�ان ًا َّ‬


‫وأن يل كذا‬ ‫ُ‬ ‫أين‬
‫أح�ب ّ‬
‫ُّ‬ ‫وحكيت ل ُه إنس�ان ًا)‪َ ،(2‬‬
‫فق�ال‪« :‬ما‬ ‫ُ‬ ‫قال�ت عائش�ة‪:‬‬
‫ْ‬
‫وكذا»)‪.(3‬‬

‫ولو أعطيت كذا‬ ‫يرين ْ‬


‫بأن أفعل مثل فعله ْأو أقول مثل قوله عىل وجه التّنقيص‪ْ ،‬‬ ‫أي‪ :‬ما ّ‬
‫ْ‬
‫أي‪ :‬شيئ ًا كثري ًا عىل َ‬
‫ذلك)‪.(4‬‬ ‫وكذا م ْن الدّ نيا‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫يميش متعارج ًا‪ْ ،‬أو‬ ‫الغيبة املحر ِ‬
‫مة املحاكاةُ‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّووي ‪« :V‬وم َن‬ ‫َ‬
‫رأسه‪،‬‬ ‫مطأطئ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بأن‬ ‫ّ‬ ‫قال الن ُّ‬
‫ِ‬
‫اهليئات»)‪.(5‬‬ ‫غري َ‬
‫ذلك م َن‬ ‫ْأو ِ‬

‫ﷺ‬

‫[ويف‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال يل‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫«)‪.(6‬‬ ‫]؛‬ ‫رواية‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[6109‬‬


‫أي‪ :‬فعلت مثل فعله‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]4875‬والرتمذي [‪ ،]2502‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5515‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[151/13‬‬
‫)‪ (5‬حتفة األحوذي [‪.[176/7‬‬
‫)‪ (6‬رواه ابن ماجة [‪ ،]4243‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[3421‬‬
‫‪‬‬

‫‪ :‬هي الذنوب التي حيتقرها فاعلها‪ ،‬وال يبايل هبا‪.‬‬


‫فهي عن�د اهلل تعاىل عظيمة ُ‬
‫حيث‬ ‫فع�رض ِ‬
‫عليه ْ‬ ‫أي‪ :‬مك ّلف ًا‪،‬‬
‫أن يطلبها‪ ،‬فيكتبها َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫خص ألجلها ملك ًا)‪.(1‬‬
‫َّ‬
‫ﷺ‬
‫راجعت ِ‬
‫فيه حتّى تعرف ُه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫تسمع شيئ ًا ال تعرف ُه ّإال‬ ‫أن عائش َة ْ‬
‫كانت ال‬ ‫فعن ابن أيب مليك َة َّ‬
‫ُ‬
‫أولي�س ُ‬
‫يقول اهللُ تعاىل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫قالت عائش� ُة‪:‬‬ ‫حوس�ب ّ‬
‫عذ َب»‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫قال‪« :‬م ْن‬ ‫َّ‬
‫وأن الن َّ‬
‫(ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [االنش�قاق‪َ ،[8 :‬‬
‫فق�ال‪» :‬‬
‫«)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬

‫ّبي ﷺ خمن ٌّث)‪ ،(3‬فكانوا يعدّ ون ُه م ْن‬ ‫ِ‬


‫أزواج الن ِّ‬ ‫يدخل عىل‬‫ُ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينع�ت امرأ ًة قال‪ :‬إذا‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫بعض نس�ائه‪َ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ يوم ًا َ‬
‫وهو عندَ‬ ‫فدخ�ل الن ُّ‬ ‫اإلرب�ة‪،‬‬ ‫غ�ري أويل‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫أدبرت ٍ‬
‫بثان)‪َ ،(4‬‬
‫فق�ال الن ُّ‬ ‫ْ‬ ‫أدبرت‬
‫ْ‬ ‫أقبل�ت بأربعٍ‪ ،‬وإذا‬
‫ْ‬ ‫أقبل�ت‬
‫ْ‬
‫قالت‪ :‬فحجبو ُه)‪.(5‬‬
‫‪ْ ،‬‬

‫املؤمنني كان س�ببه ّأهن ْم كان�وا يعتقدون ُه م ْن غري‬ ‫ّث أوالً عىل أم ِ‬
‫هات‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ودخ�ول ه�ذا املخن ّ‬
‫علم أ ّن ُه م ْن أويل اإلربة‪،‬‬
‫س�مع من ُه ه�ذا الكال َم؛ َ‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫مباح دخول ُه عليه َّن‪ّ ،‬‬
‫أويل اإلرب�ة‪ ،‬وأ ّن ُه ٌ‬
‫فمنع ُه ﷺ من الدّ ِ‬
‫خول‪.‬‬

‫الصفة ا ّلتي هت ّيج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإنّا حجب ُه ِ‬


‫قلوب‬
‫َ‬ ‫عن الدّ خول إىل النّس�اء ّملا س�مع ُه يصف املرأة هبذه ّ‬
‫َ‬
‫فيسقط معنى احلجاب‪.‬‬ ‫األزواج للن ِ‬
‫ّاس؛‬ ‫َ‬ ‫يصف‬
‫َ‬ ‫لئال‬ ‫الر ِ‬
‫جال‪ ،‬فمنع ُه؛ ّ‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪.[59/8‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]103‬ومسلم [‪.[2876‬‬
‫ٍ‬
‫وهو ا ّلذي يشبه النّساء يف أخالقه وكالمه وحركاته‪ ،‬وتارة يكون هذا خلقه م َن األصل‪ ،‬وتارة بتك ّلف‪.‬‬
‫)‪ (3‬املخنّث‪َ :‬‬
‫صارت األطراف ثانية‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أدبرت‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫طرفان‪ ،‬فإذا‬ ‫ولكل واحدة‬ ‫كل ناحية ِ‬
‫ثنتان‪ِّ ،‬‬ ‫أن هلا أربع عكن تقبل هب َّن‪ ،‬م ْن ّ‬
‫)‪ (4‬ومعنا ُه َّ‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]4324‬ومسلم [‪.[2181‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫إبعاد م ْن‬ ‫ٌ‬
‫أص�ل يف‬ ‫ُ‬
‫احلديث‬ ‫عم ْن يفط ُن ملحاس�نه َّن‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫حجب النّس�اء ّ‬ ‫ُ‬ ‫ويس�تفاد من� ُه‬
‫يسرتاب ِبه يف أمر م َن األمور)‪.(1‬‬
‫ُ‬
‫بع�ض املتح ّللني فعل�ه اليو َم‬ ‫ُ‬
‫حياول ُ‬ ‫ِ‬
‫بخ�الف ما‬ ‫يغار عىل نس�ائه‪،‬‬ ‫هك�ذا َ‬
‫النب�ي ﷺ ُ‬‫ُّ‬ ‫كان‬
‫ُ‬
‫يكرتث إن‬ ‫َ‬
‫الرجل منه�م ال‬ ‫ِ‬
‫النف�وس‪ ،‬فتجدُ‬ ‫ِ‬
‫الغ�رية‪ ،‬وحموها من‬ ‫ِ‬
‫إضعاف‬ ‫يف جمتمعاتن�ا م�ن‬
‫ال أجنب ّي ًا عنها‪.‬‬
‫جالست زوجته‪ ،‬أو أخته‪ ،‬أو ابنته رج ً‬
‫ْ‬
‫ﷺ‬
‫يدخل ّإال غدو ًة ْأو عش ّي ًة)‪.(2‬‬
‫ُ‬ ‫يطرق أهل ُه‪َ ،‬‬
‫كان ال‬ ‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ ال‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان الن ُّ‬ ‫ع ْن ٍ‬
‫أنس ‪َ I‬‬
‫ال إذا قد َم م ْن س�فر‪ ،‬وال ّط�روق َ‬
‫هو اإلتيان يف‬ ‫عليهم لي ً‬
‫ْ‬ ‫أي‪ :‬ال يدخل‬
‫«ال يط�رق أهل�ه» ْ‬
‫ال ّليل‪ٍ ّ ،‬‬
‫وكل آت يف ال ّليل َ‬
‫فهو طارق)‪.(3‬‬

‫الر ُ‬
‫جل أهل� ُه ليالً‪،‬‬ ‫َ‬
‫يط�رق ّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫ق�ال‪ :‬هنى‬ ‫ِ‬
‫جاب�ر بن عب�د اهلل ‪َ L‬‬ ‫فع� ْن‬
‫عثراهتم)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫يلتمس‬
‫ُ‬ ‫هنم ْأو‬
‫يتخو ْ‬
‫ّ‬
‫ويكشف هل خانوا أ ْم ال؟‬
‫ُ‬ ‫أستارهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ويكشف‬
‫ُ‬ ‫خيانتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫«‪ :‬يظ ّن‬ ‫ومعنى «‬
‫كان سفره قريب ًا تتو ّقع امرأته‬
‫ال بغت ًة‪ ،‬فأ ّما م ْن َ‬ ‫فيكره مل ْن َ‬
‫طال سفره ْ‬
‫أن يقدم عىل امرأته لي ً‬
‫بأس‪.‬‬ ‫إتيانه لي ً‬
‫ال فال َ‬
‫ِ‬
‫وجني؛‬ ‫الز‬ ‫ّحاب خصوص ًا َ‬
‫بني ّ‬ ‫ق�ال ابن حج�ر ‪« :V‬ويف احلديث‪ُّ :‬‬
‫احلث عىل التّوا ِّد والت ِّ‬
‫إن‬ ‫ِ‬
‫بسرته حتّى َّ‬ ‫ِ‬
‫جرت العاد ُة‬ ‫كل منها عىل ما‬ ‫مع ا ّطالع ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫�ارع راعى َ‬ ‫َّ‬
‫ألن ّ‬
‫وجني َ‬ ‫الز‬
‫ذلك بني ّ‬ ‫الش َ‬
‫ذلك فنهى ِ‬
‫عن ال ّطروق؛‬ ‫ومع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫الغالب‪َ ،‬‬ ‫اآلخر يش ٌء يف‬ ‫واحد منها ال خيفى عن ُه م ْن عيوب‬ ‫كل‬
‫بطريق األوىل»)‪.(5‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجني‬ ‫الز‬ ‫ذلك يف ِ‬
‫غري ّ‬ ‫ُ‬
‫فيكون مراعا ُة َ‬ ‫تنفر نفسه عن ُه؛‬
‫لع عىل ما ُ‬‫لئال ي ّط َ‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[336/9‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1800‬ومسلم [‪.[1928‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[71/13‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1801‬ومسلم [‪.[715‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[341/9‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫األهل ليالً‪ ،‬أو فجأةً‪ :‬أن تستعدَّ املرأ ُة لقدوم زوجها‪.‬‬ ‫ومن حكم عد ِم ِ‬
‫طرق‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫جابر بن عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫«)‪.(1‬‬

‫أي‪ :‬تزيل شعر عانتها‪.‬‬


‫«‪ْ :‬‬ ‫«‪ :‬ا ّلتي َ‬
‫غاب زوجها‪« ،‬‬ ‫»‬
‫ُ‬
‫ويطيل الغيب َة كا ج�اء يف لفظ آخر‪» :‬‬ ‫ٍ‬
‫س�فر‪،‬‬ ‫خاص بمن يكون يف‬
‫ٌّ‬ ‫احلكم‬
‫ُ‬ ‫وه�ذا‬
‫«‪.‬‬

‫مع ع ّلته‬ ‫ٍ‬ ‫أن ع ّل َة النّهي إنّا توجدُ‬


‫يشري إىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يدور َ‬
‫فاحلكم ُ‬
‫ُ‬ ‫حينئذ‪،‬‬ ‫«فالتّقييد فيه بطول الغيبة ُ‬
‫وجود ًا وعدم ًا‪.‬‬

‫ال ال يتأتّ�ى ل ُه ما حيذر م ْن ا ّلذي يطيل‬


‫ال هنار ًا ويرجع لي ً‬ ‫ِ‬
‫حلاجته مث ً‬ ‫كان ا ّل�ذي خيرج‬
‫فل�ا َ‬
‫ّ‬
‫كان ط�ول الغيبة مظنّة األمن م ْن اهلجوم‪ ،‬فيقع ا ّل�ذي هيجم بعد طول الغيبة غالب ًا ما‬
‫الغيب�ة َ‬
‫أن جيد أهله عىل غري أهبة م� ْن التّن ّظف والتّز ّين املطلوب م� ْن املرأة فيكون َ‬
‫ذلك‬ ‫يك�ره‪ ،‬إ ّم�ا ْ‬
‫سبب النّفرة بينها»)‪.(2‬‬

‫ال فال يتناول ُه هذا النّهي‪.‬‬ ‫ِ‬


‫بوصوله وأ ّن ُه يقدم يف وقت كذا مث ً‬ ‫وأما م ْن أعلم أهله‬

‫ﷺ‬

‫فطرت عليها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األنوثة التي‬ ‫فإن غري َة ِ‬
‫املرأة عىل زوجها هي طبيع ٌة من طبائ ِع‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫اآلثار‪» :‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ويف‬
‫َ‬
‫يغرن عليه‪.‬‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالغري ُة جز ٌء من طبيعة املرأة وخلقتها‪ ،‬وكان نسا ُء ِّ‬
‫فغرت ِ‬
‫عليه [أي‪:‬‬ ‫قال�ت‪:‬‬ ‫خرج م ْن عندها ليالً‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ع�ن عائش� َة ‪َّ :J‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫أن‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5246‬ومسلم [‪.[715‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[340/9‬‬
‫)‪ (3‬وق�د رواه الط�راين [‪ ،]10040‬وغ�ريه ع�ن ابن مس�عود مرفوع ًا‪ ،‬ولكن�ه ضعيف‪ ،‬ض ّعف�ه األلباين يف ضعيف‬
‫اجلامع [‪.[1626‬‬
‫‪‬‬

‫»‪،‬‬ ‫أصنع‪َ ،‬‬


‫فقال‪» :‬‬ ‫ُ‬ ‫اضطربت أفعايل وتغريت أحوايل]‪ ،‬فجا َء فرأى ما‬
‫«)‪،(1‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪» :‬‬ ‫مثلك؟ َ‬
‫فقال‬ ‫يغار مثيل عىل َ‬
‫فقل�ت‪ :‬وم�ا يل ال ُ‬
‫ُ‬
‫»‪،‬‬ ‫قال‪» :‬‬ ‫ٍ‬
‫إنس�ان؟ َ‬ ‫ومع ِّ‬
‫كل‬ ‫ش�يطان؟ َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫قلت‪َ :‬‬
‫»‪ُ ،‬‬ ‫قال‪» :‬‬ ‫معي‬
‫رس�ول اهلل َأو َ‬ ‫قال�ت‪ :‬يا‬
‫ْ‬
‫)‪.(3)«(2‬‬ ‫رسول اهلل؟ َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومعك يا‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ويف قص�ة أخ�رى ن�رى أن الغ�رية تدفع أم املؤمنني عائش� َة إىل أن ت�يش ورا َء ِّ‬
‫النبي ﷺ؛‬
‫ّبي ﷺ فيها عندي‪،‬‬ ‫كانت ليلتي ا ّلتي َ‬
‫كان الن ُّ‬ ‫قالت‪ّ :‬ملا ْ‬
‫يذهب‪ ،‬فعن عائشة ‪ْ J‬‬ ‫ُ‬ ‫لرتى أين‬
‫ِ‬
‫فراش�ه‬ ‫ِ‬
‫إزاره عىل‬ ‫طرف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وبس�ط‬ ‫ِ‬
‫رجليه‪،‬‬ ‫نعليه‪ ،‬فوضعها عندَ‬‫ِ‬ ‫وخلع‬ ‫فوض�ع رداء ُه‪،‬‬ ‫انقل�ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وفتح‬ ‫َ‬
‫وانتعل رويد ًا‪َ ،‬‬ ‫فأخذ رداء ُه رويد ًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫رقدت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يلبث ّإال ريثا ظ� َّن ْ‬
‫أن قدْ‬ ‫فلم ْ‬‫فاضطج�ع‪ْ ،‬‬
‫َ‬
‫ّعت إزاري‪،‬‬
‫واختمرت‪ ،‬وتقن ُ‬
‫ُ‬ ‫فجعلت درع�ي يف رأس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم أجاف ُه رويد ًا)‪،(4‬‬‫فخرج‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫الب�اب‬
‫َ‬
‫ثم‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫فأطال القيام‪ ،‬ثم رف�ع ِ‬
‫َ‬ ‫انطلق�ت عىل ِ‬
‫مرات‪َّ ،‬‬
‫ثالث ّ‬ ‫يديه‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫البقيع‪ ،‬فقا َم‬
‫َ‬ ‫إثره‪ ،‬حتّى ج�ا َء‬ ‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫فأحرضت [اإلحضار‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فأح�رض‬
‫َ‬ ‫فهرولت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فهرول‬ ‫فأرسع�ت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فأرسع‬
‫َ‬ ‫فانحرفت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫انح�رف‬
‫َ‬
‫فدخل َ‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫َ‬ ‫اضطجعت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فليس ّإال ْ‬
‫أن‬ ‫فدخلت‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫العدو]‪ ،‬فس�بقت ُه‪،‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫»‪ُ ،‬‬ ‫قلت‪ :‬ال يش َء‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫«)‪ُ ،(5‬‬
‫نعم‪ ،‬فلهدين يف‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫»‪ُ ،‬‬ ‫أنت وأ ّمي‪ ،‬فأخرت ُه‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫بأيب َ‬
‫َ‬
‫جريل‬ ‫«)‪َّ ،(7‬‬
‫فإن‬ ‫قال‪» :‬‬ ‫ثم َ‬
‫ص�دري هلد ًة أوجعتني ‪َّ ،‬‬
‫)‪(6‬‬

‫وظننت ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ثيابك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وضعت‬ ‫ِ‬
‫عليك‪ ،‬وقدْ‬ ‫ُ‬
‫يدخل‬ ‫حني ِ‬
‫رأيت‪ ،‬فن�اداين‪ ،‬فأجبت ُه‪ ،‬ومل ْ يك ْن‬ ‫أت�اين َ‬
‫يت‬ ‫َ‬
‫يأمرك ْ‬ ‫أن تس�توحيش‪َ ،‬‬
‫فقال‪َّ :‬‬
‫إن ر ّب َ‬ ‫وخش�يت ْ‬ ‫ِ‬ ‫فكرهت ْ‬ ‫ِ‬
‫أن تأ َ‬ ‫�ك‬ ‫ُ‬ ‫أوقظك‪،‬‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫رقدت‪،‬‬ ‫ق�دْ‬

‫متحرية متفتّشة عنّي‪.‬‬ ‫َ‬


‫لذلك‬ ‫)‪ (1‬أي‪ :‬فأوقع عليك أين قدْ ذهبت إىل بعض أزواجي ِ‬
‫فأنت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫سامل من ّرشه‪ِ.‬‬ ‫ِ‬
‫مسلا‪ ،‬فال يد ّلني عىل سوء‪ْ ،‬أو عىل صيغة املضارع ْ‬
‫أي‪ :‬فأنا ٌ ْ‬ ‫فصار ً‬
‫َ‬ ‫«فأسلم» عىل صيغة املايض أي‪:‬‬
‫َ‬ ‫)‪(2‬‬
‫حاشية السندي عىل النسائي [‪.[73/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2815‬‬
‫ال يوقظه�ا وخيرج عنها‪ ،‬فر ّبا حلقها وحش�ة يف‬ ‫فعل َ‬
‫ذل�ك ﷺ يف خفية؛ لئ ّ‬ ‫ال ين ّبهه�ا‪ ،‬وإنّ�ا َ‬
‫قلي�ال لطيف� ًا لئ� ّ‬
‫أي‪ً :‬‬ ‫)‪ْ (4‬‬
‫انفرادها يف ظلمة ال ّليل‪.‬‬
‫أي مرتفعة النّفس متواترته كا حيصل للمر ِع يف امليش‪ ،‬رابية‪ْ :‬‬
‫أي مرتفعة البطن‪.‬‬ ‫)‪ (5‬حشيا‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫كان تأديب ًا هلا م ْن سوء ال ّظ ِّن‪.‬‬
‫الصدر‪ ،‬وهذا َ‬ ‫هو الدّ فع ّ‬
‫الشديد يف ّ‬ ‫)‪ (6‬اللهد‪َ :‬‬
‫سول يف نوبتك عىل غريك‪.‬‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احليف بمعنى اجلور ْ‬
‫بأن يدخل ّ‬ ‫)‪ (7‬م َن‬
‫‪‬‬

‫السال ُم عىل ِ‬
‫أهل‬ ‫قال‪« :‬قويل‪ّ :‬‬ ‫رسول اهلل؟ َ‬
‫َ‬ ‫هلم يا‬ ‫كيف ُ‬
‫أقول ْ‬ ‫قلت‪َ :‬‬
‫هلم‪ُ ،‬‬
‫فتستغفر ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أهل البقي ِع‬
‫بكم‬ ‫املستقدمني منّا واملستأخري َن‪ ،‬وإنّا ْ‬
‫إن شا َء اهللُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ويرحم اهللُ‬
‫ُ‬ ‫واملسلمني‪،‬‬
‫َ‬ ‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫الدّ ِ‬
‫يار م َن‬
‫َ‬
‫لالحقون»)‪.(1‬‬

‫فأم املؤمنني عائش�ة ‪ J‬بالرغم مما كانت تعرفه من مكانتها من قلب رس�ول اهلل ﷺ‬
‫تغار ممن ماتت من نس�ائه‪ ،‬فكانت تقول‪« :‬ما‬
‫كانت ُ‬
‫تغار عليه من س�ائر زوجاته‪ ،‬بل ْ‬
‫كانت ُ‬
‫غرت عىل خدجي َة»)‪.(2‬‬ ‫ٍ‬
‫امرأة ما ُ‬ ‫غرت عىل‬
‫ُ‬
‫النب�ي ﷺ حكي ًا يف معاملته مع نس�ائه إذا الحظ عليه�ن الغرية‪ ،‬ومل يكن ُ‬
‫يفعل ما‬ ‫ُّ‬ ‫وكان‬
‫الح�ظ عىل زوجته غري ًة هنره�ا‪ ،‬وزجرها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الناس من إذا‬ ‫ِ‬
‫الن�اس اليو َم‪ ،‬فم�ن‬ ‫يفعل�ه بعض‬
‫ِ‬
‫الزوجة‪ ،‬ويزدا ُد ش�كّها؛‬ ‫ُ‬
‫يفع�ل؛ فتكر بذلك املش�كل ُة‪ ،‬وتزدا ُد غ�ري ُة‬ ‫عا‬ ‫َ‬
‫تس�أل ّ‬ ‫وهناه�ا أن‬
‫ِ‬
‫املواق�ف‪ ،‬وفقدانه للحكم�ة التي ينبغي أن‬ ‫ال�زوج يف ِ‬
‫مثل هذه‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫س�وء ترص ِ‬ ‫وذل�ك نتيجة‬
‫ّ‬
‫يتع ّلمها من رسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقابل هذه الغري َة تار ًة بابتسامة‪ ،‬وتارة بتوجيه لني‪ ،‬وتار ًة بعتاب إذا‬ ‫ُ‬ ‫فكان‬
‫األمر غريه‪.‬‬
‫مس ُ‬ ‫َّ‬
‫بعض نس�ائه)‪،(3‬‬‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ عندَ‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ع�ن أنس ب�ن ٍ‬
‫فأرس�لت إحدى‬
‫ْ‬ ‫كان الن ُّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أم ِ‬
‫فس�قطت‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ يف بيتها يدَ اخلاد ِم؛‬ ‫املؤمنني بصحفة فيها طعا ٌم‪ ،‬فرضبت ا ّلتي الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫هات‬
‫)‪(4‬‬
‫ّ‬
‫جيمع فيها ال ّطعا َم ا ّلذي َ‬
‫كان‬ ‫جعل‬‫ث�م َ‬ ‫ِ‬ ‫الصحف� ُة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الصحفة‪َّ ،‬‬ ‫فلق ّ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫فجمع الن ُّ‬
‫َ‬ ‫فانفلقت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يت بصحفة م ْن عند ا ّلتي َ‬
‫هو يف‬ ‫حبس اخلاد َم حتّى أ َ‬ ‫ثم َ‬‫»‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪» :‬‬ ‫الصحفة‪،‬‬ ‫يف ّ‬
‫وأمس�ك املكسور َة يف ِ‬
‫بيت ا ّلتي‬ ‫الصحيح َة إىل ا ّلتي‬
‫َ‬ ‫كرت صحفتها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫الصحف َة ّ‬ ‫فدفع ّ‬‫َ‬ ‫بيتها‪،‬‬
‫كرت)‪.(5‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[974‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3816‬ومسلم [‪.[2435‬‬
‫)‪ (3‬وهي عائشة ‪.J‬‬
‫)‪ (4‬زينب بنت جحش ‪ ،J‬وقيل‪ :‬أم سلمة ‪.J‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪.[5235‬‬
‫‪‬‬

‫يغضب‬ ‫نهر التي كرت القصع َة‪ ،‬ومل‬ ‫ِ‬


‫القصة دالل ٌة عىل ِرفق�ه ﷺ بأهله‪ ،‬فلم َي ِ‬ ‫فف�ي هذه‬
‫ْ‬
‫حق التي كرت‬ ‫يبخس َّ‬
‫ْ‬ ‫العذر‪ ،‬ويف نف�س الوقت مل‬
‫َ‬ ‫التمس هلا‬
‫َ‬ ‫منه�ا‪ ،‬ومل يق�ل هلا كلم ًة‪ ،‬بل‬
‫قصعتها‪ ،‬وإنا ضم َن هلا مثلها‪.‬‬
‫ألهنا يف َ‬
‫تلك‬ ‫ِ‬
‫قال ابن حجر ‪« :V‬فيه إش�ار ٌة إىل عدم مؤاخ�ذة الغرياء با يصدر منها؛ ّ‬
‫احلالة يكون عقلها حمجوب ًا بشدّ ِة الغضب ا ّلذي أثارت ُه الغرية»)‪.(1‬‬

‫حسبك م ْن صف ّي َة كذا وكذا ‪-‬تعني‪ :‬قصريةً‪-‬‬


‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬‫قلت للن ِّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫البحر؛ ملزجت ُه»)‪.(2‬‬ ‫قلت كلم ًة لو مزجت ِ‬
‫باء‬ ‫فقال ﷺ‪« :‬لقدْ ِ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وغريت ُه‪ ،‬وأفسدت ُه‪.‬‬
‫أي‪ :‬غلبت ُه‪ّ ،‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫وغزارته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كثرته‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬
‫هذه الغيب َة ْلو ْ‬ ‫واملعن�ى‪َّ :‬‬
‫لغريت ُه ع ْن حاله‪َ ،‬‬
‫بالبحر؛ ّ‬ ‫يمزج‬
‫ُ‬ ‫كانت ممّا‬
‫خلطت هبا؟)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫بأعال ٍ‬
‫نزرة‬ ‫ٍ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬

‫فيه عائش� ُة‪ ،‬وحفص ُة‪،‬‬ ‫حزبني‪ :‬فحزب ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ك َّن‬‫ِ‬ ‫أن نس�ا َء‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪َّ :J‬‬
‫ٌ‬
‫َ‬
‫املسلمون‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وصفي ُة‪ ،‬وس�ودةُ‪ ،‬واحلزب اآلخر أم س�لم َة‪ ،‬وس�ائر ِ‬
‫نساء‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أن هيدهيا إىل‬ ‫أحده�م هد ّي ٌة يري�دُ ْ‬ ‫كان�ت عندَ‬
‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عائش� َة‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬ ‫حب‬
‫ق�دْ علم�وا َّ‬
‫ْ‬
‫صاحب اهلد ّي ِة هبا‬‫ُ‬ ‫بعث‬ ‫بيت عائش َة َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫أخرها حتّى إذا َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ؛ ّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬ ‫حزب أ ِّم س�لم َة‪ ،‬فقل َن هلا‪ :‬ك ّلمي‬ ‫بيت عائش� َة‪ ،‬فك ّل َم‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ يف ِ‬
‫ِ‬ ‫إىل‬
‫ُ‬
‫فليهده ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حيث َ‬
‫كان م ْن‬ ‫إليه ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ هد ّي� ًة؛‬ ‫هيدي إىل‬‫َ‬ ‫فيقول‪ :‬م ْن أرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫ّاس‬
‫�م الن َ‬ ‫يك ّل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال يل شيئ ًا‪،‬‬ ‫فقالت‪ :‬ما َ‬ ‫ْ‬ ‫فلم يقل هلا ش�يئ ًا‪ ،‬فسألنها‪،‬‬ ‫بيوت نس�ائه‪ ،‬فك ّلمت ُه أ ُّم س�لم َة با قل َن‪ْ ،‬‬
‫فلم يقل هلا ش�يئ ًا‪ ،‬فس�ألنها‬ ‫قالت‪ :‬فك ّلمت ُه َ‬ ‫فقل�ن هلا‪ :‬فك ّل ِ‬
‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫دار إليها أيض ًا‪ْ ،‬‬ ‫حني َ‬ ‫ميه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫فدار إليه�ا فك ّلمت ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقال هلا‪» :‬‬ ‫قال يل ش�يئ ًا‪ ،‬فقل َن هلا‪ :‬ك ّلميه حتّى يك ّلمك‪َ ،‬‬ ‫م�ا َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[325/9‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]4875‬والرتمذي [‪ ،]2502‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5140‬‬
‫)‪ (3‬حتفة األحوذي [‪.[177/7‬‬
‫‪‬‬

‫أتوب إىل اهلل م ْن َ‬


‫أذاك‬ ‫فقال�ت‪ُ :‬‬
‫ْ‬ ‫»‪،‬‬
‫وهو مضطجع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دعون فاطم َة َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فاس�تأذنت عليه َ‬
‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫بنت‬ ‫ثم ّإهن َّن‬
‫رس�ول اهلل‪َّ ،‬‬ ‫يا‬
‫فقالت‪ :‬يا رس�ول اهلل َّ‬
‫إن أزواجك أرس�لنني يس�ألنك العدل يف بنت ابن‬ ‫ْ‬ ‫معي يف مرطي)‪،(1‬‬
‫قالت‪ :‬ب�ىل‪َ ،‬‬
‫قال‪» :‬‬ ‫»‪ْ ،‬‬ ‫أيب قحاف�ة‪ ،‬وأنا س�اكت ٌة)‪َ ،(2‬‬
‫فق�ال‪» :‬‬
‫ّب�ي ﷺ فأخرهت َّن با ّلذي‬ ‫ِ‬
‫أزواج الن ِّ‬ ‫فرجعت إىل‬
‫ْ‬ ‫فقامت فاطمة حني س�معت َ‬
‫ذل�ك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫»‪،‬‬
‫يشء؛ فارجعي إىل‬ ‫أغنيت عنّا من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فقلن هلا‪ :‬ما ِ‬
‫نراك‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ ،‬وبا ّلذي َ‬
‫قال هلا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وهي‬ ‫ٍ‬ ‫فقالت فاطم ُة‪ :‬واهلل ال أك ّلم ُه فيها أبد ًا‪ ،‬فأرس�ل َن َ‬ ‫ِ‬
‫جحش‪َ ،‬‬ ‫بنت‬
‫زينب َ‬ ‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬
‫قط خري ًا يف الدّ ِ‬
‫ين م ْن‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ومل ْ َأر امرأ ًة ُّ‬ ‫ِ‬
‫املنزلة عندَ‬ ‫كانت تس�اميني منه َّن يف‬ ‫ا ّلتي ْ‬
‫وأعظم صدق ًة‪ ،‬وأش�دَّ ابتذاالً لنفس�ها‬ ‫َ‬ ‫للرح ِم‪،‬‬ ‫َ‬
‫وأوصل ّ‬ ‫وأصدق حديث ًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫زينب‪ ،‬وأتقى هلل‪،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ترع‬
‫ُ‬ ‫كانت فيها‬
‫وتقر ُب به إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ما عدا سور ًة م ْن حدّ ة ْ‬ ‫العمل ا ّلذي تصدّ ُق به‪ّ ،‬‬ ‫يف‬
‫مع عائشة يف مرطها عىل احلال‬
‫استأذنت‪ ،‬ورسول اهلل ﷺ َ‬
‫ْ‬ ‫زينب حتّى‬
‫فذهبت ُ‬
‫ْ‬ ‫منها الفيئ َة)‪،(3‬‬
‫َ‬
‫يس�ألنك‬ ‫أزواجك أرس�لنني َ‬
‫إليك‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫وهو هبا‪،‬‬
‫دخل�ت فاطمة َ‬
‫ْ‬ ‫ا ّلت�ي‬
‫أرقب‬ ‫عيل‪ ،‬قالت عائش�ة‪ :‬وأنا‬ ‫الع�دل يف ِ‬
‫ابن�ة أيب قحاف َة‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فاس�تطالت َّ‬
‫ْ‬ ‫وقعت يب؛‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫قالت‪َّ :‬‬
‫فلم ترح زينب حتّ�ى عرفت َّ‬
‫أن‬ ‫قال�ت‪ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ي�أذن يل فيها‪،‬‬ ‫وأرق�ب طرف�ه هل‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬
‫قالت‬
‫زينب حتّى أسكتتها‪ْ ،‬‬ ‫قال‪ :‬فتك ّل ْ‬
‫مت عائش ُة تر ُّد عىل َ‬ ‫أن أنترص‪َ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ال يكر ُه ْ‬
‫�م‬ ‫ّبي ﷺ إىل عائش� َة ّ‬
‫وتبس َ‬ ‫أنحيت عليها ‪َ ،‬‬
‫فنظر الن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وقعت هبا مل ْ أنش�بها حتّى‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫عائش�ة‪ّ :‬‬
‫)‪(4‬‬

‫ثبت‬ ‫صرت إىل ْ‬


‫أن َ‬ ‫ْ‬ ‫كال فهمها‪ ،‬ومتانة عقلها ُ‬
‫حيث‬ ‫«)‪ .(5‬إشارة إىل ِ‬ ‫َ‬
‫وقال‪» :‬‬
‫ِ‬
‫بجواب إلزام‪.‬‬ ‫أجابت‬
‫ْ‬ ‫ثم‬ ‫َّ‬
‫أن التّعدّ َي م ْن جانب اخلصم‪َّ ،‬‬

‫)‪« (1‬املرط»‪ :‬كساء من خزّ أو صوف أو كتّان‪ .‬لسان العرب [‪[399/7‬‬


‫)‪ (2‬املراد‪ :‬أهنن يطلبن العدل واملساواة يف قضية اهلدايا‪ ،‬بحيث ال تكون خمصوص ًة بيوم عائشة‪ ،‬والنبي معذور يف هذا األمر؛‬
‫ألن إرسال اهلدايا ليس من فعله‪ ،‬وإنا هو من فعل الناس‪ ،‬ومن غري الالئق أن حيدّ َد للناس وقت إرسال هداياهم‪،‬‬
‫جتوز‪ ،‬ولكنهن معذورات هبذا القول ألن احلامل عليها هو الغرية‪.‬‬
‫وإطالق مثل هذه العبارة يف حق النبي فيه نوع ّ‬
‫الرجوع‪ .‬رشح‬ ‫ِ‬
‫األوصاف إالّ َّ‬ ‫)‪ (3‬ومعنى الكالم‪ :‬أهنّا كامل ُة‬
‫أي ّ‬‫ترع منها الفيئة ْ‬
‫ُ‬ ‫أن فيها شدّ ة خلق ورسعة غضب‬
‫النووي [‪.[206/15‬‬
‫أي‪ :‬بالغت يف جواهبا وأفحمتها‪.‬‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]2581‬ومسلم [‪.[2442‬‬
‫‪‬‬

‫الرجل يس�ع ُه‬ ‫الر ِ‬


‫جل‪َّ ،‬‬ ‫الرض ِ‬ ‫ِ‬
‫وأن ّ‬ ‫ائر وتغايره َّن عىل ّ‬ ‫تنافس ّ‬
‫ُ‬ ‫«وفيه‪:‬‬ ‫قال ابن حجر ‪:V‬‬
‫ٍ‬
‫بعض»)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫بعض عىل‬ ‫مع‬
‫يميل َ‬‫السكوت إذا تقاول َن‪ ،‬وال ُ‬
‫ّ‬

‫***‬

‫اجلانب الثالث‪ :‬حلول امل�شكالت يف البيت النبوي‪:‬‬


‫ِ‬
‫الطاهرات حيا ًة س�عيد ًة ط ّيب ًة‪ ،‬ت ّث ُ�ل تطبيق ًا عمل ّي ًا‬ ‫لق�د عاش رس�ول اهلل ﷺ مع زوجاته‬
‫لقوله تعاىل‪( :‬ﯢ ﯣ) [النساء‪.[19 :‬‬
‫ٍ‬
‫مشكالت‬ ‫بيت من‬ ‫ِ‬
‫البيت الكري ِم‪ ،‬فال خيلو ٌ‬ ‫ِ‬
‫املشكالت يف هذا‬ ‫بعض‬
‫تثور ُ‬
‫ولكن البدَّ أن َ‬
‫النبو ِة‪.‬‬
‫حتى بيت ّ‬
‫ِ‬
‫املشكالت يف‬ ‫زوج؛ لذلك ال بدَّ من حدوث بعض‬ ‫لكل ٍ‬ ‫ر قدو ًة ِّ‬ ‫ُ‬
‫الزوج ﷺ يعت ُ‬
‫ُ‬ ‫فالرسول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هدي نب ّيه ﷺ يف التعامل معها‪.‬‬ ‫النبوة؛ حتى يع ّلمنا اهلل من خالهلا َ‬ ‫بيت ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مهم ٌة جدّ ًا لكل ٍ‬
‫اخلطر؛ ألنه‬
‫َ‬ ‫البيت هو‬ ‫املشكالت يف‬ ‫حدوث‬ ‫زوج‪ ،‬فليس‬ ‫وهذه املس�أل ُة ّ‬
‫ِ‬
‫واإلنصاف؛‬ ‫ِ‬
‫باحلكمة‬ ‫املشكالت‬
‫ُ‬ ‫تعالج هذه‬ ‫ٍ‬
‫مشكالت‪ ،‬ولكن اخلطور َة أال‬ ‫بيت من‬‫ال خيلو ٌ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫والطالق‪.‬‬ ‫اهلجر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وحيدث‬ ‫فتتفاقم‪،‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫بالنفقة‪ ،‬وقصة‬ ‫ِ‬
‫املطالبة‬ ‫ِ‬
‫وقصة‬ ‫ِ‬
‫اإلفك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كحادثة‬ ‫مشكالت عصيب ٌة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫لقد مر ْت ِ‬
‫ببيت النبو ِّة‬ ‫ّ‬
‫ماري َة وحتري ِم ِّ‬
‫النبي ﷺ هلا‪.‬‬
‫النبي ﷺ معها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كيف تعامل ُّ‬ ‫وننظر َ‬
‫ُ‬ ‫احلوادث‪،‬‬ ‫بعض هذه‬
‫وسنذكر َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫وحدث‬ ‫املؤمنني ‪،J‬‬
‫َ‬ ‫عرض�ت أل ِّم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلف�ك‪ :‬فهي تلك املحن ُة العظيم ُة التي‬ ‫أم�ا قص ُة‬
‫ٍ‬
‫ساوات‪.‬‬ ‫حدث‪ ،‬حتى ّبرأها اهلل من فوق سب ِع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫البالء ما‬ ‫فيها من‬
‫خيرج‬
‫أن َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا أرا َد ْ‬ ‫ت�روي أ ُّم املؤمنني عائش�ة هذه القص�ة لنا‪ ،‬فتقول‪َ :‬‬
‫كان‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫غزوة‬ ‫فأقرع بيننا يف‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ مع ُه‪،‬‬ ‫خرج هبا‬
‫خرج سهمها َ‬ ‫بني نسائه‪ ،‬فأ ّيته َّن َ‬ ‫سفر ًا َ‬
‫أقرع َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[208/5‬‬


‫‪‬‬

‫احلجاب‪ ،‬فأنا‬
‫ُ‬ ‫وذلك بعدَ ما َ‬
‫أنزل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫مع‬
‫فخرجت َ‬
‫ُ‬ ‫فخرج فيها س�همي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫غزاها‪،‬‬
‫غزوه‪َ ،‬‬
‫وقفل‪ ،‬ودنونا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫فيه مس�رينا‪ ،‬حتّى إذا فر َغ‬ ‫وأنزل ِ‬
‫ُ‬ ‫أمحل يف هودجي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫بالر ِ‬ ‫بالر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫اجليش‪،‬‬ ‫جاوزت‬
‫ُ‬ ‫فمش�يت حتّى‬
‫ُ‬ ‫حيل‪،‬‬ ‫حني آذنوا ّ‬ ‫فقمت َ‬ ‫ُ‬ ‫حيل‪،‬‬ ‫آذن ليل ًة ّ‬
‫املدينة؛ َ‬ ‫م َن‬
‫ظفار ِ‬
‫قد‬ ‫فلمس�ت صدري‪ ،‬فإذا عقدي م� ْن جز ِع ِ‬ ‫الر ِ‬
‫حل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أقبلت إىل ّ‬
‫ُ‬ ‫قضيت م ْن ش�أين‬
‫ُ‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫يرحلون‬ ‫هط ا ّلذي َن كانوا‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫وأقبل ّ‬ ‫فالتمست عقدي‪ ،‬فحبسني ابتغاؤ ُه )‪،(1‬‬ ‫ُ‬ ‫فرجعت‬
‫ُ‬ ‫انقطع‪،‬‬
‫َ‬
‫قالت‪:‬‬ ‫حيس�بون ّأين ِ‬
‫فيه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وهم‬ ‫بعريي ا ّلذي ُ‬
‫أركب‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫َ‬ ‫يل‪ ،‬فحملوا هودجي‪ ،‬فرحلو ُه عىل‬
‫ومل يغشه َّن ال ّل ُ‬
‫حم‪ ،‬إنّا يأكل َن العلق َة م َن ال ّطعام‪ْ ،‬‬
‫فلم‬ ‫وكانت النّسا ُء إ ْذ َ‬
‫ذاك خفاف ًا مل ْ هي ّبل َن)‪ْ ،(2‬‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫اجلمل‬ ‫الس� ِّن‪ ،‬فبعثوا‬‫وكنت جاري ًة حديث َة ّ‬‫ُ‬ ‫حني رحلو ُه ورفعو ُه‪،‬‬‫اهلودج َ‬ ‫ِ‬ ‫ثقل‬ ‫ِ‬
‫يس�تنكر القو ُم َ‬
‫جميب‪،‬‬ ‫وليس هبا دا ٍع وال ٌ‬ ‫منازهلم‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫فجئت‬
‫ُ‬ ‫اجليش‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫استمر‬
‫َّ‬ ‫ووجدت عقدي بعدَ ما‬ ‫ُ‬ ‫وساروا‪،‬‬
‫فريجعون إ َّيل‪ ،‬فبينا أنا جالس ٌة‬ ‫َ‬ ‫أن القو َم س�يفقدوين‪،‬‬ ‫وظننت َّ‬ ‫ُ‬ ‫كنت ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫مت منزيل ا ّلذي ُ‬ ‫فتيم ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجليش‬ ‫عر َس م ْن وراء‬ ‫لمي قدْ ّ‬ ‫الس ُّ‬ ‫صفوان ب ُن املع ّط ِل ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫فنمت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يف منزيل غلبتني عيني‪،‬‬
‫حني رآين‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫ٍ‬
‫كان‬ ‫فأصبح عندَ منزيل‪ ،‬فرأى س�وا َد إنس�ان نائ ٍم‪ ،‬فأتاين‪ ،‬فعرفني َ‬ ‫َ‬ ‫لج)‪،(3‬‬ ‫فا ّد َ‬
‫رت وجهي‬ ‫فخم ُ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ْ‬‫يراين َ‬
‫حني عرفني‪ّ ،‬‬ ‫باس�رتجاعه َ‬ ‫فاس�تيقظت‬
‫ُ‬ ‫عيل‪،‬‬
‫احلجاب َّ‬ ‫ُ‬ ‫يرضب‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ِ‬ ‫بجلبايب‪ ،‬وواهلل ما يك ّلمني كلم ًة‪ ،‬وال‬
‫أناخ راحلت ُه‪،‬‬ ‫اسرتجاعه‪ ،‬حتّى َ‬ ‫سمعت من ُه كلم ًة َ‬
‫غري‬ ‫ُ‬
‫اجليش‪ ،‬بعدَ ما نزلوا موغري َن‬ ‫َ‬ ‫الراحل َة حتّى أتينا‬ ‫يب ّ‬ ‫فانطلق يقو ُد َ‬ ‫َ‬ ‫فوطئ عىل يدها‪ ،‬فركبتها‪،‬‬ ‫َ‬
‫سلول‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يب اب ُن‬ ‫وكان ا ّلذي ّ‬ ‫َ‬ ‫هلك يف شأين‪،‬‬ ‫فهلك م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫نحر ال ّظهرية‪،‬‬ ‫يف ِ‬
‫توىل كر ُه عبدُ اهلل ب ُن أ ٍّ‬
‫ِ‬ ‫قول ِ‬ ‫يفيضون يف ِ‬ ‫َ‬
‫اإلفك‪ ،‬وال‬ ‫أهل‬ ‫ّاس‬ ‫حني قدمنا املدين َة شهر ًا‪ ،‬والن ُ‬ ‫فاشتكيت َ‬ ‫ُ‬ ‫فقدمنا املدين َة‪،‬‬
‫طف ا ّلذي‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ال ّل َ‬ ‫ِ‬ ‫أعرف م ْن‬ ‫وهو يريبني يف وجعي ّأين ال‬ ‫بيشء م ْن َ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬ ‫أش�عر‬
‫ُ‬
‫»‪،‬‬ ‫ثم ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ فيس� ّل ُم‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يدخل‬ ‫حني أش�تكي‪ ،‬إنّا‬ ‫كنت أرى من ُه َ‬ ‫ُ‬
‫قبل‬ ‫مسطح‪َ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫وخرجت معي أ ُّم‬ ‫ْ‬ ‫نقهت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫خرجت بعدَ ما‬ ‫ُ‬ ‫بالرش‪ ،‬حتّى‬ ‫أشعر ّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫فذاك يريبني‪ ،‬وال‬ ‫َ‬
‫قلت‪،‬‬ ‫فقلت هلا‪ :‬بئس ما ِ‬ ‫مس�طح‪،‬‬ ‫تعس‬ ‫ٍ‬ ‫املناص ِع)‪،(4‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فقالت‪َ :‬‬ ‫ْ‬ ‫مس�طح يف مرطها‪،‬‬ ‫فعثرت أ ُّم‬
‫ْ‬

‫ياين‪ ،‬و«ظفار»‪ :‬قرية يف اليمن‪.‬‬


‫هو خرز ّ‬ ‫)‪« (1‬اجلزع»‪َ :‬‬
‫أي ْمل يثقل َن بال ّلح ِم ّ‬
‫والشحم‪.‬‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫«مل هي ّبل َن» ْ‬
‫)‪« (3‬التّعريس»‪ :‬النّزول آخر ال ّليل يف ّ‬
‫السفر لنو ٍم ْأو اسرتاحة‪« ،‬ا ّد َ‬
‫لج»‪ :‬أي مشى آخر الليل بعد أن نزل لالسرتاحة‪.‬‬
‫يتر َ‬
‫زون فيها‪.‬‬ ‫هي مواضع خارج املدينة كانوا ّ‬ ‫)‪َ (4‬‬
‫‪‬‬

‫قل�ت‪ :‬وماذا َ‬
‫قال؟‬ ‫أي‪ :‬هنتا ْه‪ْ ،‬أو مل ْ تس�معي ما َ‬
‫قال‪ُ ،‬‬ ‫قال�ت‪ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫ال قدْ ش�هدَ بدر ًا‪،‬‬
‫ني رج� ً‬
‫أتس� ّب َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بقول ِ‬‫قالت‪ :‬فأخرتني ِ‬
‫فدخل‬ ‫رجعت إىل بيتي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فازددت مرض ًا إىل مريض‪ّ ،‬‬
‫فلا‬ ‫ُ‬ ‫اإلفك‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫ْ‬
‫قالت‪:‬‬ ‫أبوي‪ْ ،‬‬ ‫يت َّ‬ ‫أن آ َ‬ ‫أت�أذن يل ْ‬‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫»‪ُ ،‬‬ ‫ث�م َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ فس� ّل َم‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫عيل‬‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ر م ْن قبلها‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫فقلت‬ ‫ُ‬ ‫أبوي‪،‬‬
‫فجئ�ت َّ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فأذن يل‬ ‫أن أتي ّق َن اخل� َ‬ ‫وأن�ا حينئ�ذ أري�دُ ْ‬
‫عليك‪ ،‬ف�واهلل لق ّلا ِ‬ ‫ِ‬
‫كانت امرأ ٌة‬ ‫هوين‬ ‫فقالت‪ :‬ي�ا بن ّي ُة‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ّاس؟‬ ‫ث الن ُ‬ ‫أل ّم�ي‪ :‬ي�ا أ ّمتا ْه‪ ،‬ما يتح�دّ ُ‬
‫س�بحان اهلل‪ ،‬وقدْ‬ ‫َ‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫قالت‪ُ :‬‬ ‫�رن عليها‪ْ ،‬‬ ‫رضائر ّإال ك ّث َ‬ ‫ُ‬ ‫رج�ل حي ّبها‪ ،‬وهلا‬ ‫ٍ‬ ‫ق�ط وضيئ� ٌة عندَ‬ ‫ُّ‬
‫أكتحل بنو ٍم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫دمع‪ ،‬وال‬ ‫يرقأ)‪ (1‬يل ٌ‬ ‫أصبحت ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫تلك ال ّليل َة حتّى‬ ‫فبكيت َ‬ ‫ُ‬ ‫ّاس هبذا؟!‬ ‫ث الن ُ‬ ‫حتدّ َ‬
‫َ‬
‫اس�تلبث‬ ‫حني‬
‫زيد َ‬ ‫طالب‪ ،‬وأس�ام َة بن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ب َن أيب‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫أصبحت أبكي‪ ،‬ودعا‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫فأشار عىل رسول اهلل ﷺ با ّلذي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قالت‪ :‬فأ ّما أسام ُة ب ُن زيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوحي يستشريمها يف فراق أهله‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫هلم م َن الو ِّد‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أهلك‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫هم‬
‫رسول اهلل ْ‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫يعلم يف نفسه ْ‬ ‫يعلم م ْن براءة أهله‪ ،‬وبا ّلذي ُ‬ ‫ُ‬
‫كثري‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫عليك‪ ،‬والنّس�ا ُء س�واها ٌ‬ ‫َ‬ ‫فقال‪ :‬مل ْ يض ّي ِق اهللُ‬ ‫ٍ‬
‫طالب َ‬ ‫عيل ب ُن أيب‬‫نعلم ّإال خري ًا‪ ،‬وأ ّما ُّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بريرةَ‪َ ،‬‬
‫فقال‪» :‬‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬فدعا‬ ‫تصدقك)‪ْ ،(2‬‬ ‫َ‬ ‫تس�أل اجلاري َة‬‫ِ‬
‫رأي�ت عليها أمر ًا‬
‫ُ‬ ‫باحلق‪ْ ،‬‬
‫إن‬ ‫قالت ل ُه بري�رةُ‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫»‪ْ ،‬‬
‫عجني أهلها‪ ،‬فتأيت الدّ اج ُن‬‫الس� ِّن‪ ،‬تنا ُم ع ْن ِ‬
‫أكثر م ْن أهنّا جاري ٌة حديث ُة ّ‬
‫ق�ط أغمص ُه عليها َ‬
‫)‪(3‬‬ ‫ُّ‬
‫ّبي ﷺ ع ْن‬ ‫زوج الن ِّ‬
‫جحش َ‬ ‫ٍ‬ ‫بنت‬
‫زينب َ‬
‫س�أل َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫قالت عائش� ُة‪:‬‬
‫فتأكل ُه)‪ْ ،(4‬‬
‫علمت ّإال‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬أمحي سمعي وبرصي‪ ،‬واهلل ما‬ ‫َ‬ ‫قالت‪ :‬يا‬
‫رأيت‪ْ ،‬‬ ‫علمت أو ما ِ‬‫ِ‬ ‫أمري ما‬
‫ْ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فعصمها اهللُ بالورعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أزواج الن ِّ‬ ‫وهي ا ّلتي ْ‬
‫كانت تس�اميني م ْن‬ ‫قالت عائش� ُة‪َ :‬‬
‫خري ًا‪ْ ،‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫سلول‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫يب ِ‬
‫ابن‬ ‫املنر‪ ،‬فاس�تعذر من ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عىل ِ‬
‫ُ‬
‫بن أ ٍّ‬ ‫َ ْ‬ ‫فقا َم‬
‫)‪(5‬‬ ‫وهو عىل ِ‬
‫املنر‪» :‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬ال ينقطع‪.‬‬


‫َ‬
‫وكان‬ ‫ّبي ﷺ هبذا األمر وتق ّلق ُه‪ ،‬فأرا َد راحة خاطره‪،‬‬ ‫)‪ (2‬هذا ا ّلذي قال ُه ّ‬
‫عيل إنا هو بناء عىل ما رآه من انزعاج الن ّ‬
‫أهم م ْن غريه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ذلك َّ‬
‫أي‪ :‬أعيبه‪.‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫ال‪،‬‬ ‫َ‬
‫تس�ألون عن ُه أص ً‬ ‫الش�اة ا ّلتي تألف البيت‪ ،‬وال خترج للمرعى‪ ،‬ومعنى هذا الكالم‪ :‬أ ّن ُه َ‬
‫ليس فيها يشء ّمما‬ ‫)‪ (4‬هي ّ‬
‫وال فيها يشء م ْن غريه ّإال نومها ع ْن العجني‪.‬‬
‫إن كافأته عىل قبيح فعاله وال يلومني‪َ ،‬‬
‫وقيل‪ :‬معنا ُه م ْن ينرصين‪ ،‬والعذير النّارص‪.‬‬ ‫)‪ (5‬أي‪ :‬م ْن يقوم بعذري ْ‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪ْ ،‬‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫أعذرك من ُه يا‬ ‫األنصاري‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬أنا‬ ‫»‪ .‬فقام س�عدُ بن ٍ‬
‫معاذ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أمرك‪ .‬فتنازع عند‬ ‫ِ‬
‫اخلزرج أمرتنا ففعلنا‬ ‫وإن َ‬
‫كان م ْن إخواننا‬ ‫ِ‬
‫األوس رضبنا عنق� ُه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫كان م� َن‬
‫وسكت‪.‬‬
‫َ‬ ‫ضهم حتّى س�كتوا‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ خي ّف ْ‬ ‫ُ‬ ‫فلم يزل‬ ‫واخلزرج فيا بينهم‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫األوس‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫بكيت ليلتي املقبل َة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أكتحل بنو ٍم‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫دم�ع‪ ،‬وال‬
‫يرقأ يل ٌ‬ ‫ذلك ال ُ‬ ‫وبكيت يومي َ‬
‫ُ‬ ‫قال�ت عائش�ة‪:‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫جالس�ان‬ ‫فالق كبدي‪ .‬فبينا مها‬ ‫ّان َّ‬
‫أن البكا َء ٌ‬ ‫أكتحل بن�و ٍم‪ ،‬وأبواي يظن ِ‬
‫ُ‬ ‫دم�ع‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫يرق�أ يل ٌ‬ ‫ال‬
‫قالت‪ :‬فبينا‬
‫فجلست تبكي‪ْ .‬‬ ‫فأذنت هلا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫عيل امرأ ٌة م َن‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫استأذنت َّ‬
‫ْ‬ ‫عندي وأنا أبكي‪،‬‬
‫منذ َ‬
‫قيل‬ ‫جيلس عندي ُ‬
‫قالت‪ :‬ومل ْ ْ‬
‫جلس‪ْ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ فس ّل َم َّ‬
‫ثم َ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك َ‬
‫دخل علينا‬ ‫نح ُن عىل َ‬
‫حني‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫لبث ش�هر ًا ال يوحى ِ‬‫قيل‪ ،‬وقدْ َ‬‫يل ما َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫فتشهدَ‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫إليه يف ش�أين بيشء‪ْ .‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪» :‬‬ ‫جلس‪َّ ،‬‬
‫َ‬

‫أحس‬ ‫قلص دمع�ي حتّى ما ُّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ مقالت ُه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فلا قىض‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫»‪ْ .‬‬
‫أقول‬‫فقال‪ :‬واهلل م�ا أدري ما ُ‬ ‫ق�ال‪َ .‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ فيا َ‬ ‫َ‬ ‫أجب عنّي‬
‫فقلت أليب‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫من� ُه قط�رةً‪.‬‬
‫أقول‬ ‫فقال�ت‪ :‬واهلل ما أدري ما ُ‬ ‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فقلت أل ّمي‪ :‬أجيبي عنّي‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الس� ِّن ال أقر ُأ كث�ري ًا م َن‬ ‫ِ‬
‫الق�رآن‪ّ :‬إين واهلل‪ ،‬لقدْ‬ ‫فقل�ت وأن�ا جاري ٌة حديث ُة ّ‬
‫ُ‬ ‫لرس�ول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫لكم ّإين بريئ ٌة‬
‫قلت ْ‬ ‫فإن ُ‬‫قتم ِبه‪ْ ،‬‬ ‫نفوس�كم وصدّ ْ‬
‫ْ‬ ‫استقر يف‬
‫َّ‬ ‫س�معتم هبذا حتّى‬
‫ْ‬ ‫ّكم قدْ‬
‫عرفت أن ْ‬‫ُ‬
‫يعلم ّأين بريئ ٌة‪-‬؛‬ ‫لكم ٍ‬
‫بأمر ‪-‬واهللُ ُ‬ ‫اعرتفت ْ‬
‫ُ‬ ‫بذلك‪ِ ،‬‬
‫ولئن‬ ‫يعلم ّأين بريئ ٌة‪-‬؛ ال تصدّ قوين َ‬
‫‪-‬واهللُ ُ‬
‫يوس�ف‪( :‬ﮊ ﮋﮌ ﮍ‬
‫َ‬ ‫ال ّإال كا َ‬
‫قال أبو‬ ‫ولكم مث ً‬
‫ْ‬ ‫وإين واهلل م�ا أج�دُ يل‬
‫لتصدّ قونن�ي‪ّ ،‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫فاضطجعت عىل فرايش‪ْ .‬‬
‫ُ‬ ‫لت‪،‬‬‫حتو ُ‬‫ثم ّ‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [يوس�ف‪ْ .[18 :‬‬
‫قالت‪َّ :‬‬
‫أن َ‬
‫ينزل يف‬ ‫كنت أظ ُّن ْ‬
‫رئي براءيت‪ ،‬ولك ْن واهلل ما ُ‬ ‫أعلم ّأين بريئ ٌة‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫وأن اهللَ م ّ‬ ‫وأنا واهلل حينئذ ُ‬
‫كنت‬ ‫أن يتك ّل َم اهللُ ‪َّ D‬يف ٍ‬
‫بأمر يتىل‪ ،‬ولكنّي ُ‬ ‫أحقر يف نفيس م ْن ْ‬‫كان َ‬ ‫وحي يتىل‪ ،‬ولشأين َ‬
‫ٌ‬ ‫شأين‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫قالت‪ :‬فواهلل ما را َم‬
‫رئني اهللُ هبا‪ْ .‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف النّو ِم رؤيا ي ّ‬ ‫أن يرى‬‫أرجو ْ‬
‫�ه ﷺ‪ ،‬فأخذ ُه ما َ‬
‫كان‬ ‫أنزل اهللُ ‪ D‬عىل نبي ِ‬
‫البيت أح�دٌ حتّى َ‬ ‫ِ‬ ‫خ�رج م ْن ِ‬
‫أهل‬ ‫جملس� ُه)‪ ،(1‬وال‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫أي‪ :‬ما فارق ُه‬


‫)‪ْ (1‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الع�رق)‪ (2‬يف اليو ِم‬ ‫ِ‬
‫اجلان م َن‬ ‫الوحي‪ ،‬حتّى إ ّن ُه ليتح�دّ ُر من ُه ُ‬
‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحاء)‪(1‬عن�دَ‬ ‫يأخ�ذ ُه م� َن‬
‫ُ‬
‫يضحك‪،‬‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫أنزل ِ‬ ‫ِ‬
‫القول ا ّلذي َ‬ ‫ات م ْن ِ‬ ‫الش ِ‬‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫رس َي ع ْن‬‫فلا ّ‬ ‫قالت‪ّ :‬‬‫عليه‪ْ .‬‬ ‫ثقل‬
‫فقالت يل أ ّمي‪ :‬قومي‬
‫ْ‬ ‫أك‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أبرشي يا عائش ُة‪ ،‬أما اهللُ فقدْ بر ِ‬ ‫أن َ‬ ‫ٍ‬
‫كلمة تك ّل َم هبا ْ‬ ‫فكان ّأو َل‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫فأنزل‬ ‫أنزل ب�راءيت)‪ْ .(4‬‬ ‫هو ا ّلذي َ‬ ‫فقل�ت‪ :‬واهلل ال أقو ُم إليه‪ ،‬وال أمح�دُ إالّ اهللَ َ‬
‫ُ‬ ‫إلي�ه)‪.(3‬‬
‫اهللُ ‪( :D‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫َ‬
‫فأن�زل اهللُ ‪D‬‬
‫ٍ‬
‫آي�ات‪،‬‬ ‫ع�رش‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‪[ )...‬الن�ور‪[20-11 :‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اآليات براءيت)‪.(5‬‬

‫ﷺ‬

‫‪.‬‬

‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الش�ائعة َ‬ ‫إن النبي ﷺ اخت َّذ أس�لوب ال�رتوي والتثب ِ‬
‫ت والتح ّق ِق من هذه‬
‫إصدار ِّ‬ ‫قبل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فرتوى ﷺ‪ ،‬ومل يتعجل؛ ليكون قراره يف ذلك عادالً‪.‬‬ ‫حكم فيها‪ّ ،‬‬
‫ش�هر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كامل‪ ،‬وهو مل يفاتح عائش� َة يف املوضوعِ‪ ،‬بل ّ‬
‫يرتوى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫اإلفك‬ ‫حادثة‬ ‫فقد مىض عىل‬
‫ِ‬
‫األمر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويسأل‪ ،‬ويتح ّق ُق من‬

‫‪.‬‬

‫يؤخذ من هذه القص�ة أيض ًا‪ :‬أن النبي ﷺ قد ّ‬


‫غري أس�لوبه يف التعامل مع زوجته‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ومم�ا‬
‫اللط�ف الذي كانت تراه منه قب�ل ذلك يف حالة‬
‫َ‬ ‫جيلس عنده�ا‪ ،‬ومل تعدْ ترى منه‬
‫فل�م يع�د ْ‬
‫املرض‪.‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ّ :‬‬


‫الشدّ ة‬
‫ِ‬
‫هت قطرات عرقه ﷺ بح ّبات ال ّلؤلؤ يف ّ‬
‫الصفاء واحلسن‪.‬‬ ‫)‪ (2‬اجلان‪ :‬الدّ ّر‪ ،‬ش ّب ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪ (3‬أي قومي فامحديه‪ ،‬وق ّبيل رأسه‪ ،‬واشكريه لنعمة اهلل تعاىل ا ّلتي ّ‬
‫برشك‪.‬‬
‫إدالال ِ‬
‫عليه وعتب ًا‬ ‫ً‬ ‫قالت‬
‫قالت عائشة ما ْ‬ ‫)‪ْ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]2661‬ومسلم [‪.[2770‬‬
‫‪‬‬

‫طف ا ّلذي ُ‬
‫كنت‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ال ّل َ‬ ‫أعرف م ْن‬
‫ُ‬ ‫تقول عائش�ة‪« :‬ويريبني يف وجعي‪ّ :‬أين ال‬
‫حني أشتكي»‪.‬‬
‫أرى من ُه َ‬

‫يدل عىل حكمة بليغ�ة يف تعامله مع احلادث‪ ،‬فهو مل يعتزهلا‬ ‫وه�ذا املوق�ف من النبي ﷺ ُّ‬
‫يثبت يف حقها يش ٌء حتى‬ ‫ٍ‬
‫معصية‪ ،‬ومل ْ‬ ‫ٍ‬
‫خمالفة أو‬ ‫َ‬
‫االعتزال يكون عقوب ًة عىل‬ ‫اعتزاالً ك ّلي ًا؛ ألن‬
‫‪.‬‬ ‫تستحق عليه العقوبة‪ ،‬بل كان يتف ّقدُ أحواهلا‪ ،‬ويسأل عنها بقوله‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫اآلن‬
‫ِ‬
‫حادث اإلفك؛ ليشعرها‬ ‫ِ‬
‫بالطريقة التي كان يعاملها هبا قبل شيو ِع‬ ‫وهو باملقابل مل يعاملها‬
‫ِ‬
‫احلقيقة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حتقيق؛ ملعرفة‬ ‫بأن شيئ ًا قد حدث‪ ،‬وحيتاج إىل‬

‫الزوجة وحس� ُن معارشهتا‪ ،‬والتّقصري‬ ‫«وفيه من الفوائد‪ :‬مالطفة ّ‬


‫ِ‬
‫لتغيري احلال؛‬ ‫أن تتف ّط َن‬
‫ذلك ْ‬
‫وإن مل ْ يتح ّقق‪ ،‬وفائدة َ‬
‫ذلك عندَ إش�اعة ما يقتيض النّقص ْ‬
‫م ْن َ‬
‫فتعتذر ْأو تعرتف»)‪.(1‬‬

‫عرض‬ ‫«واعل�م َّ‬


‫أن يف حديث اإلف�ك فوائد كثرية [فذك�ر منها]‪ :‬أنّ� ُه إذا َ‬ ‫ْ‬
‫أن َ‬
‫ذلك‬ ‫ذل�ك يق ّلل م َن ال ّلطف ونح�وه؛ لتفطن َ‬
‫هي َّ‬ ‫س�مع عنها ش�يئ ًا‪ْ ،‬أو نحو َ‬
‫َ‬ ‫عارض ْ‬
‫بأن‬
‫ٍ‬
‫لعارض‪ ،‬فتسأل ع ْن سببه فتزيل ُه»)‪.(2‬‬

‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫أخالق عائش َة‪،‬‬ ‫بر ّي ٍة تا ّم ٍة عن‬ ‫ُ‬
‫ويسأل ّ‬
‫ِ‬
‫الش�ائعة‪،‬‬ ‫يتحرى حول هذه‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ‬ ‫َ‬
‫أخذ‬
‫ٍ‬
‫طال�ب‪ ،‬وخادمتها‬ ‫وع�يل بن أيب‬ ‫وس�لوكها‪ ،‬وه�ل رئي منها يشء؟ فس�أل أس�ام َة بن ٍ‬
‫زيد‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وزينب‪.‬‬
‫َ‬ ‫بريرةَ‪،‬‬

‫واختيار الرسول ﷺ هؤال َء األربع َة؛ الستشارهتم مل يكن عن عبث‪ُّ :‬‬


‫فعيل بن أيب طالب‬ ‫ُ‬
‫الرية‬ ‫قريب له ومن داخل األرسة‪ ،‬وأس�ام ُة من ّ‬
‫املقربني من األرسة النبوية املحافظني عىل ّ ّ‬ ‫ٌ‬
‫التامة‪ِ.‬‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[479/2‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[117/17‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالولد؛‬ ‫أن عل ّي ًا َ‬
‫كان عند ُه‬ ‫باملش�اورة َّ‬ ‫«والع ّلة يف اختصاص ّ‬
‫عيل وأس�امة‬
‫كان خمصوص ًا‬
‫فلذلك َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بتزويج فاطمة‬ ‫ثم مل ْ يفارق ُه‪ ،‬بل وازدا َد اتّصاله‬
‫أل ّن ُه ر ّبا ُه م ْن حال صغره َّ‬
‫َ‬
‫وكان أهل مش�ورته فيا‬ ‫بأهله ِ‬
‫ملزيد ا ّطالعه عىل أحواله أكثر م ْن غريه؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملش�اورة فيا يتع ّلق‬
‫الصحابة كأيب بكر وعمر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باألمور العا ّمة أكابر ّ‬ ‫يتع ّلق‬
‫َ‬
‫ولذلك كانوا‬ ‫كع�يل يف طول املالزم�ة‪ ،‬ومزيد االختص�اص واملح ّب�ة؛‬‫ٍّ‬ ‫فهو‬
‫وأ ّم�ا أس�امة َ‬
‫كعيل‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫دون ِ‬ ‫َ ِ‬
‫وإن‬ ‫كان ش�ا ّب ًا ٍّ‬‫لكونه َ‬ ‫أبيه وأ ّمه؛‬ ‫وخص ُه َ‬
‫ّ‬ ‫حب رس�ول اهلل ﷺ؛‬ ‫يطلقون عليه أ ّن ُه ُّ‬
‫أكثر جرأة عىل‬ ‫ِ‬ ‫�اب م ْن صفاء ّ‬ ‫أن ّ‬‫وذلك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ليس لغريه‪ ،‬وأل ّن ُه ُ‬
‫الذهن ما َ‬ ‫للش ِّ‬ ‫عيل أس� َّن من ُه‪.‬‬
‫كان ّ‬
‫حيس�ب العاقب َة‪ ،‬فر ّبا أخفى بعض ما ُ‬
‫يظهر‬ ‫ُ‬ ‫ألن املس� َّن غالب ًا‬
‫يظهر ل ُه م َن املس� ِّن‪َّ ،‬‬
‫اجلواب با ُ‬
‫للقائل تار ًة واملسئول عن ُه أخرى»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫ل ُه؛ رعاي ًة‬

‫واختار من النساء اثنتني‪:‬‬

‫من داخل األرسة النبوية‪ ،‬وهي زوجته ابن ُة ّ‬


‫عمته‪.‬‬

‫اجلاري ُة؛ لكوهنا قريب ًة منها‪ ،‬وم ّطلعة عىل أمورها وشئوهنا‪.‬‬

‫النبي ﷺ‪ ،‬وكال فطنته يف تعامله مع القضايا‬ ‫ِ‬ ‫االختيار ُّ‬ ‫وال َّ‬
‫يدل عىل حكمة ِّ‬ ‫َ‬ ‫شك أن هذا‬
‫األعراض‪.‬‬
‫َ‬ ‫تس‬
‫التي ُّ‬
‫النتائج‪ ،‬فصعد عىل ِ‬
‫املنر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اهلادئ أشار إىل‬ ‫الر َّي‬
‫َ‬ ‫التحقيق ّ ّ‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ هذا‬
‫وبعد أن أجرى ُّ‬
‫يب‪ ،‬فق�ال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املنافق�ني عبدُ اهلل ب ُن أ ٍّ‬
‫َ‬ ‫رأس‬
‫يق�ف ورا َء هذه الفتن�ة هو ُ‬
‫ُ‬ ‫وب�ني أن ال�ذي‬
‫َّ‬

‫‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ويف هذا دفاعه عن زوجته أما َم الناس عىل املنر‪:‬‬


‫ينتظر َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الوح�ي؛ ليكون قراره‬ ‫نزول‬ ‫ُ‬ ‫النبي ﷺ إىل براءة عائش� َة إال أنه َ‬
‫بق�ي‬ ‫توص�ل ِّ‬
‫وم�ع ّ‬
‫قاطع ًا‪.‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[469/8‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫مهه�ا أن اهلل أراد أن يع ّل ُم األم َة من‬ ‫ِ‬


‫خالل هذه‬ ‫حكم بالغ ٌة من أ ّ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الوحي‬ ‫ن�زول‬ ‫ويف ّ‬
‫تأخ�ر‬
‫ِ‬
‫املس�لمة من‬ ‫ِ‬
‫األرسة‬ ‫اس�ة حفاظ ًا عىل‬‫احلوادث احلس ِ‬
‫ِ‬ ‫يتعامل�ون مع ِ‬
‫مثل ه�ذه‬ ‫َ‬ ‫كي�ف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلادث�ة‬
‫ّ‬
‫التصدّ عِ‪.‬‬
‫‪:J‬‬ ‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫املش�كلة‪،‬‬ ‫حل هلذه‬ ‫ِ‬
‫الوصول إىل ٍّ‬ ‫ووضوح؛ من ِ‬
‫أجل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ش�فافية‬ ‫فصارحها يف املوضوع بكل‬
‫النفوس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتطيب‬
‫َ‬ ‫احلقائق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ولتنكشف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والوعظ‪:‬‬ ‫فقال لعائش� َة ‪ J‬بأس�لوب الن ِ‬
‫ّصح‬

‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ﷺ‬ ‫وذل�ك يف قوهلا‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫بن�ص القرآن‬
‫هي ب�راءة قطع ّية ِّ‬
‫ريض اهلل عنها م� َن اإلفك َ‬
‫«براءة عائش�ة َ‬
‫صار كافر ًا مرتدّ ًا بإمجاعِ»)‪.(1‬‬ ‫فلو تشك َ‬
‫ّك فيها إنسان ‪ -‬والعياذ باهلل ‪َ -‬‬ ‫العزيز‪ْ ،‬‬

‫املشكالت االقتصاد ّي ِة التي تنشأ َ‬


‫داخل‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ مع‬ ‫كيف َ‬
‫كان تعامل ُّ‬ ‫تبني َ‬‫وهذه القص ُة ّ ُ‬
‫ِ‬
‫النفقات‪.‬‬ ‫األرسة بسبب املطالبة بزيادة‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يس�تأذن عىل‬ ‫دخل أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫فيقول‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫ي�روي هذه القص َة جابر بن عبد اهلل‬
‫منهم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فوجدَ النّاس جلوس ًا ِ‬
‫ببابه مل ْ ْ‬
‫يؤذن ألحد ْ‬ ‫َ‬
‫فاستأذن‪َ ،‬‬
‫فأذن ل ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عمر‪،‬‬ ‫ثم َ‬
‫أقبل ُ‬ ‫َ‬
‫فدخل‪َّ ،‬‬ ‫فأذن أليب ٍ‬
‫بكر‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[117/17‬‬


‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ جالس ًا حول ُه نساؤ ُه وامج ًا ساكت ًا‪.‬‬


‫فوجدَ الن َّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أضحك الن َّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ألقول َّن شيئ ًا‬

‫فوجأت عنقها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فقمت إليها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بنت خارج َة‪ ،‬سألتني النّفق َة‪،‬‬
‫رأيت َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ْ ،‬لو َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬


‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فضحك‬
‫عمر إىل حفص َة ُ‬
‫جيأ عنقها‪ ،‬كالمها ُ‬
‫يقول‪ :‬تسأل َن‬ ‫جيأ عنقها‪ ،‬وقا َم ُ‬ ‫فقا َم أبو ٍ‬
‫بكر إىل عائش َة ُ‬
‫ليس عند ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ما َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فنهامها‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ شيئ ًا أبد ًا َ‬
‫ليس عند ُه‪.‬‬ ‫فقل َن‪ :‬واهلل ال ُ‬
‫نسأل‬
‫عليه ِ‬
‫هذه اآلي ُة‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫نزلت ِ‬
‫ثم ْ‬‫َّ‬
‫ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [األحزاب‪.[29-28 :‬‬
‫فبد َأ بعائش َة َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬فتال عليها اآلي َة‪.‬‬ ‫هو يا‬
‫قالت‪ :‬وما َ‬
‫ْ‬
‫أخت�ار اهللَ ورس�ول ُه وال�دّ َار اآلخرة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أب�وي؟! بل‬
‫َّ‬ ‫أستش�ري‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫أفيك يا‬ ‫ْ‬
‫نسائك با ّلذي ُ‬
‫قلت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ر امرأ ًة م ْن‬ ‫وأسألك ْ‬
‫أن ال خت َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫قالت عائش ُة )‪.(1‬‬ ‫خري نساء ُه فقل َن َ‬


‫مثل ما ْ‬ ‫ثم ّ َ‬
‫َّ‬
‫النفق�ة‪ ،‬يف ِ‬
‫بداية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بزيادة‬ ‫ِ‬
‫كيفية تعام�ل النبي ﷺ مع مطالب�ة زوجاته‬ ‫يف ه�ذه القص�ة ُ‬
‫بيان‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1478‬‬


‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ جالس ًا‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬


‫رس�ول اهلل س�اكت ًا صامت ًا‪ ،‬مل جيبه َّن بيشء‪ ،‬كا قال جابر‪« :‬فوجدَ الن َّ‬ ‫األمر بقي‬
‫حول ُه نساؤ ُه وامج ًا ساكت ًا»‪.‬‬
‫ِ‬
‫أسلوب التغايض‬
‫ُ‬ ‫املشكلة‪ ،‬وهو‬ ‫حلل هذه‬ ‫األول الذي ّاختذه ُّ‬
‫النبي ﷺ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫األسلوب‬
‫ُ‬ ‫هذا هو‬
‫ينفع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلالف�ات الزوج ّي ِة ال ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر؛ وذل�ك ألن كثري ًا من‬
‫بأس�لوب اخلصومة‪ ،‬وال ُ‬ ‫حتل‬ ‫ع�ن‬
‫ُ‬
‫اجلدل تعقيد ًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اجلدل‪ ،‬بل قد يزيدها‬ ‫معها‬
‫ِ‬
‫البقاء‬ ‫فخري نساءه بني‬ ‫التخيري‪َ ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫النبي ﷺ حلل هذه املشكلة هو‪:‬‬ ‫واألمر الثاين الذي اختذه ُّ‬
‫ِ‬
‫خيري‬‫جاءت به الرشيع ُة اإلس�المي ُة أن ّ‬‫ْ‬ ‫احلال التي هو عليها أو مفارقته َّن‪ ،‬وهذا مما‬ ‫مع�ه عىل‬
‫يستطيع الوفا َء هبا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بأمور ال‬ ‫ِ‬
‫البقاء عنده‪ ،‬أو مفارقته إذا طالبته‬ ‫الزوج زوجته بني‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املش�كلة املاد ّي ِة هو صور ٌة‬
‫ِ‬ ‫تلك‬ ‫ِ‬
‫معاجلة َ‬ ‫النبي ﷺ يف‬ ‫ِ‬
‫التخيري الذي اس�تعمله ُّ‬ ‫أس�لوب‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫احلياة الزوج ّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صور مبدأ الشورى يف‬ ‫مرشق ٌة من‬

‫ﷺ‬

‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫حدوث‬ ‫ٍ‬
‫باس�تمرار‪ ،‬فعندَ‬ ‫ِ‬
‫بالطالق‬ ‫ِ‬
‫التهديد‬ ‫ِ‬
‫األزواج من‬ ‫كثري من‬ ‫ِ‬
‫وه�ذا بخ�الف ما عليه ٌ‬
‫قك‪،‬‬ ‫قك‪ ،‬إذا قرصت معه يف ٍ‬
‫يشء قال‪ :‬سأط ّل ِ‬ ‫قك‪ ،‬سأط ّل ِ‬
‫يقول‪ :‬س�أط ّل ِ‬ ‫ِ‬
‫الزوجة ُ‬ ‫أي خطأ من‬
‫ّ ْ‬ ‫ِّ‬
‫مت فالنة فأنتِ‬ ‫طالق‪ ،‬إذا ك ّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طالق‪ ،‬إذا رفعت الس�اع َة فأنت ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إذا خرج�ت من البيت فأنت ٌ‬
‫طالق‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫رضب زوجاته أو إهانته ّن‪ ،‬وإنا ّاخت َذ‬ ‫النبي ﷺ مل يلجأ إىل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫القصة أن َّ‬
‫يؤخذ من هذه ّ‬ ‫ومما‬
‫معه َّن أسلوب ًا كري ًا‪.‬‬
‫املشاكل ال ُّ‬
‫حتل دائ ًا‬ ‫َ‬ ‫وعمر؛ ليرضبا عائش َة وحفص َة هنامها عن ذلك؛ ألن‬
‫ُ‬ ‫و ّملا قا َم أبو بكر‬
‫ِ‬
‫باحلوار واإلقنا ِع يف الغالب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالرضب‪ ،‬بل‬

‫يكون َ‬
‫قليل‬ ‫ُ‬ ‫وترفيه إىل ِ‬
‫بيت زوجها ال�ذي قد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وتدليل‪،‬‬ ‫أهن�ا تنتق�ل أحيان ًا من بيت غنً�ى‪،‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫الفارق‪ ،‬وهذا‬ ‫تراعي‬ ‫ِ‬
‫الزوجة أن‬ ‫فيجب عىل‬ ‫يكون طالب ًا‪ ،‬أو مو ّظف ًا مس�تور ًا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ذات ِ‬
‫اليد‪ ،‬قد‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ق�در اهلل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ُ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮﯯ) [الزخرف‪.[32 :‬‬
‫كانت عندَ أهلها مد ّلل ًة‪ ،‬وأن أباها كان يش�رتي هلا َّ‬
‫كل ي�و ٍم‪ ،‬وأ ّن ُه وأ ّن ُه‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬
‫البنت َ‬ ‫ُ‬
‫فك�ون‬
‫بيت زوجها ترهق ُه شطط ًا‪.‬‬ ‫انتقلت إىل ِ‬
‫ْ‬ ‫يعني أهنا َ‬
‫اآلن إذا‬
‫حمرج جدّ ًا للزوج الس�يا إذا َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملطالب� ُة‬
‫أمر ٌ‬ ‫واإلكث�ار من الطلبات ٌ‬
‫ُ‬ ‫النفقات‪،‬‬ ‫بزي�ادة‬
‫ِ‬ ‫رق املحر ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليان إىل ال ّط ِ‬
‫فيرض‬
‫ُّ‬ ‫الكس�ب؛‬ ‫مة يف‬ ‫ّ‬ ‫ضعف يف‬
‫ٌ‬ ‫الزوج الذي عنده‬
‫َ‬ ‫فقري ًا‪ ،‬وقد ُ‬
‫تدفع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والرق�ة‪ ،‬وغري ذلك‪،‬‬ ‫ش�وة‪،‬‬ ‫املحر ِم ّ‬
‫كالر‬ ‫الكس�ب ّ‬ ‫ِ‬
‫الس�عي ورا َء‬ ‫طريق‬ ‫بنفس�ه وأرسته عن‬
‫فيخر دين ُه ودنيا ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الس ِ‬
‫جن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العمل‪ ،‬أو ّ‬ ‫ِ‬
‫للفصل من‬ ‫فيعر ُض نفس ُه‬
‫ّ‬
‫بيت ٍ‬
‫نعمة‪ ،‬فكل ما يس�تطيع أن‬ ‫كانت يف ِ‬ ‫ِ‬
‫الزوج أن يقدّ َر أن املرأ َة ْ‬ ‫ِ‬
‫املقاب�ل ينبغي عىل‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫املباحة رشع ًا؛ فليو ّفر ُه هلا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األشياء‬ ‫يأيت به إليها من‬

‫صىل‬ ‫َ‬
‫ف�كان إذا ّ‬ ‫َ‬
‫والعس�ل‪،‬‬ ‫حيب احللوا َء‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ُّ‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫ْ‬ ‫ن عائش� َة ‪J‬‬ ‫ع� ْ‬
‫ِ‬
‫نسائه فيدنو منه َّن‪.‬‬ ‫دار عىل‬
‫العرص؛ َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ويمكث عندها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫جحش‪،‬‬ ‫ِ‬
‫زينب بنت‬ ‫يرشب عس ً‬
‫ال عندَ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬أما واهلل لنحتال َّن ل ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫إين أجدُ َ‬
‫منك‬ ‫مغافري ‪ّ ،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬ ‫أكلت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫دخ�ل عليها؛ فلتقل ل ُه‪:‬‬ ‫فتواصي�ت أنا وحفص ُة عىل أ ّيتنا‬
‫ُ‬
‫مغافري‪.‬‬
‫َ‬ ‫ريح‬
‫َ‬
‫يح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عليه ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الر ُ‬
‫أن يوجدَ من ُه ّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ يشتدُّ‬ ‫وكان‬
‫ذلك‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫فقالت ل ُه َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فدخ�ل ع�ىل إحدامها‪،‬‬
‫‪.‬‬

‫وهو صمغ حلو ل ُه رائحة كرهية ينضح ُه شجر يقال ل ُه‪ :‬العرفط‬
‫)‪َ (1‬‬
‫‪‬‬

‫فنزل�ت‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ْ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [التحريم‪.(1)[5-1 :‬‬

‫حر َم‪.‬‬ ‫(ﮘ ﮙ ﮚ) أي‪ّ :‬أهنا تعاونتا حتّى ّ‬


‫حر َم رسول اهلل ﷺ عىل نفسه ما ّ‬

‫ِ‬ ‫أن يكون جمموع ِ‬


‫هو‬‫كان س�بب ًا العتزاهل� َّن‪ .‬وهذا َ‬
‫األش�ياء َ‬ ‫هذه‬ ‫«حيتمل ْ‬
‫تكر َر‬ ‫وأن َ‬
‫ذل�ك مل ْ يقع من ُه حتّى ّ‬ ‫الالئ�ق بمكار ِم أخالقه ﷺ‪ ،‬وس�عة صدره وكثرة صفحه‪َّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وريض عنه َّن»‪.‬‬
‫َ‬ ‫موجبه منه َّن‪ ،‬صىل اهلل عليه وسلم‬
‫املؤمنني ِ‬
‫من‬ ‫أم�ري‬ ‫اس ‪ L‬أنه س�أل عم�ر بن اخلطاب َ‬ ‫ب�ن ع ّب ٍ‬ ‫فع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫َ‬ ‫فق�ال‪ :‬يا َ‬ ‫ْ‬
‫قال اهللُ ‪ D‬هل�ا‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ)‬ ‫ِ‬
‫ّب�ي ﷺ ال ّلتان َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أزواج الن ِّ‬ ‫املرأت�ان م� ْن‬
‫[التحريم‪.[4 :‬‬
‫لك يا اب َن ع ّب ٍ‬
‫اس‪ ،‬عائش ُة وحفص ُة‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬وا عجبي َ‬
‫َ‬
‫احلديث يسوق ُه‪.‬‬ ‫عمر‬ ‫َ‬
‫استقبل ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫نساؤهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫تغلبهم‬
‫ْ‬ ‫فلا قدمنا املدين َة وجدنا قوم ًا‬
‫نغلب النّسا َء‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫قريش قوم ًا‬ ‫معرش‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬كنّا‬
‫نسائهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فطفق نساؤنا يتع ّلم َن م ْن‬
‫َ‬
‫ب�ن ٍ‬
‫وكان من�زيل يف بن�ي أم ّي َة ِ‬ ‫َ‬
‫ب�ت يوم ًا عىل ام�رأيت‪ ،‬فإذا َ‬
‫هي‬ ‫فتغض ُ‬
‫زيد بالع�وايل‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫أن تراجعني‪[ .‬أي‪ :‬تراددين يف القول وتناظرين ِ‬
‫فيه]‪.‬‬ ‫فأنكرت ْ‬
‫ُ‬ ‫تراجعني‪،‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]6972‬ومسلم [‪.[1474‬‬


‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ لرياجعن� ُه‪ ،‬وهتجر ُه إحداه َّن‬


‫أزواج الن ِّ‬
‫َ‬ ‫أراجعك‪ ،‬ف�واهلل َّ‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫تنك�ر ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫فقال�ت‪ :‬ما‬
‫ْ‬
‫نسائهم وترك سرية قومه]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بسرية األنصار يف‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫أخذ‬ ‫يل‪ِ .‬‬
‫[فيه‪َّ :‬‬ ‫اليو َم إىل ال ّل ِ‬
‫ْ‬ ‫أن الن ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫أتراجعني‬
‫َ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فدخلت عىل حفص َة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فانطلقت‪،‬‬
‫ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫فقالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫فقلت‪ :‬أهتجر ُه إحداك َّن اليو َم إىل ال ّل ِ‬
‫يل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫يغض�ب اهللُ عليها‬
‫َ‬ ‫وخ�ر‪ ،‬أفتأم� ُن إحداك َّن ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫فع�ل َ‬
‫ذلك منك َّن‬ ‫خ�اب م ْن َ‬
‫َ‬ ‫قل�ت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬
‫هلكت؟‬ ‫هي قدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫لغضب رسوله ﷺ‪ ،‬فإذا َ‬
‫كانت‬
‫أن ْ‬ ‫ّك ْ‬‫لك‪ ،‬وال يغرن ِ‬ ‫تسأليه شيئ ًا‪ ،‬وس�ليني ما بدا ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وال‬ ‫ال تراجعي‬
‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ ِ‬
‫منك‪ ،‬يريدُ عائش َة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأحب إىل‬ ‫أوسم‪،‬‬ ‫هي‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫جارتك َ‬
‫فينزل يوم ًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ُ ،‬‬ ‫نتناوب الن َ‬
‫ّ�زول إىل‬ ‫ِ‬
‫األنص�ار فكنّا‬ ‫ج�ار م َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫وكان يل ٌ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫�ان ُ‬
‫تنعل‬ ‫غس َ‬ ‫ث َّ‬
‫ذلك‪ ،‬وكنّا نتحدّ ُ‬
‫بمثل َ‬ ‫وغريه‪ِ ،‬‬
‫وآتيه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن�زل يوم� ًا‪ ،‬فيأتيني ِ‬
‫ُ‬
‫أن ّ‬ ‫الوح�ي‬ ‫بخر‬
‫َ‬
‫اخليل لتغزونا‪.‬‬

‫أمر‬ ‫َ‬ ‫فخرج�ت ِ‬


‫إليه َ‬ ‫َ‬
‫حدث ٌ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم ناداين‪،‬‬
‫فرضب بايب َّ‬
‫َ‬ ‫ثم أتاين عش�ا ًء‪،‬‬
‫فن�زل صاحبي‪َّ ،‬‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫غس ُ‬
‫ان؟‬ ‫أجاءت ّ‬
‫ْ‬ ‫قلت‪ :‬ماذا؟!‬
‫ُ‬

‫وأطول‪ ،‬ط ّل َق الن ُّ‬


‫ّبي ﷺ نساء ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أعظم م ْن َ‬
‫ذلك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬بل‬

‫كنت أظ ُّن هذا كائن ًا‪.‬‬


‫وخرت‪ ،‬قدْ ُ‬
‫ْ‬ ‫خابت حفص ُة‬
‫ْ‬ ‫فقلت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬

‫فدخلت عىل حفص َة َ‬


‫وهي تبكي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نزلت‪،‬‬
‫ثم ُ‬ ‫عيل ثيايب‪َّ ،‬‬
‫شددت َّ‬
‫ُ‬ ‫بح‬
‫الص َ‬ ‫حتّى إذا ص ّل ُ‬
‫يت ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫فقلت‪ :‬أط ّلقك َّن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املرشبة‪.‬‬ ‫معتزل يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ٌ‬ ‫هو ذا‬
‫فقالت‪ :‬ال أدري‪ ،‬ها َ‬
‫ْ‬
‫‪‬‬

‫لعمر‪.‬‬ ‫ْ‬
‫استأذن َ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فأتيت غالم ًا ل ُه أسو َد‬
‫ُ‬

‫فصمت‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذكرتك ل ُه‬ ‫خرج إ َّيل َ‬
‫فقال‪ :‬قدْ‬ ‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫فدخل َّ‬
‫بعضهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫جلوس يبك�ي‬
‫ٌ‬ ‫فجلس�ت‪ ،‬فإذا عن�د ُه ٌ‬
‫رهط‬ ‫ُ‬ ‫انتهي�ت إىل ِ‬
‫املنر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فانطلق�ت حتّ�ى‬
‫ُ‬
‫ثم غلبني ما أجدُ ‪.‬‬ ‫فجلست قلي ً‬
‫ال َّ‬ ‫ُ‬

‫لعمر‪.‬‬ ‫ْ‬
‫استأذن َ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫أتيت الغال َم‬
‫ثم ُ‬ ‫َّ‬
‫فصمت‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذكرتك ل ُه‪،‬‬ ‫خرج إ َّيل‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬قدْ‬ ‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫فدخل‪َّ ،‬‬
‫يت مدبر ًا‪ ،‬فإذا الغال ُم يدعوين‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ادخل؛ فقدْ َ‬
‫أذن َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫فو ّل ُ‬
‫ٍ‬
‫حص�ري )‪ ،(1‬قدْ أ ّث َر يف‬ ‫ّكئ عىل ِ‬
‫رمل‬ ‫ِ‬ ‫فدخل�ت‪ ،‬فس� ّل ُ‬
‫ه�و مت ٌ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فإذا َ‬ ‫مت عىل‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وسادة م ْن أد ٍم حشوها ٌ‬
‫ليف‪.‬‬ ‫ّكئ عىل‬ ‫ِ‬
‫جنبه‪ ،‬مت ٌ‬
‫َ‬
‫نساءك؟‬ ‫قائم‪ :‬ط ّل َ‬
‫قت‬ ‫ِ‬ ‫فس ّل ُ‬
‫قلت وأنا ٌ‬
‫ثم ُ‬ ‫مت عليه‪َّ ،‬‬
‫«‪.‬‬ ‫فرفع رأس ُه إ َّيل َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫ر‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬اهللُ أك ُ‬
‫ُ‬

‫نغلب‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫قري�ش قوم ًا‬ ‫معرش‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل وكنّا َ‬ ‫ل�و رأيتنا يا‬
‫أس�تأنس )‪ْ :(2‬‬
‫ُ‬ ‫قائم‬
‫قل�ت وأنا ٌ‬‫ث�م ُ‬ ‫َّ‬
‫نسائهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فطفق نساؤنا يتع ّلم َن م ْن‬
‫نس�اؤهم‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫تغلبهم‬
‫ْ‬ ‫فلا قدمنا املدين َة؛ وجدنا قوم ًا‬
‫النّس�ا َء‪ّ ،‬‬
‫فأنكرت ْ‬
‫أن تراجعني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بت عىل امرأيت يوم ًا‪ ،‬فإذا َ‬
‫هي تراجعني‪،‬‬ ‫فتغض ُ‬
‫ّ‬

‫ّبي ﷺ لرياجعن ُه‪ ،‬وهتجر ُه إحداه َّن اليو َم‬


‫أزواج الن ِّ‬
‫َ‬ ‫أراجعك فواهلل َّ‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫تنكر ْ‬
‫أن‬ ‫فقالت‪ :‬ما ُ‬
‫ْ‬
‫إىل ال ّل ِ‬
‫يل‪.‬‬

‫يغض�ب اهللُ عليها‬ ‫وخر‪ ،‬أفتأم� ُن إحداه َّن ْ‬


‫أن‬ ‫ِ‬
‫ذل�ك منه َّن‬ ‫خ�اب م ْن َ‬
‫فعل‬ ‫فقل�ت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هلكت؟‬ ‫هي قدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫لغضب رسوله ﷺ؛ فإذا َ‬

‫بالسعف‪.‬‬
‫)‪ (1‬أي‪ :‬حصري منسوج ّ‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬أقول قوال أستكشف به‪ :‬هل ينبسط يل أم ال؟‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فتبس َم‬
‫ّ‬
‫هي‬ ‫ِ‬ ‫فقل�ت‪ :‬ال يغرن ِ‬
‫ّك ْ‬ ‫ودخلت ع�ىل حفص َة‪،‬‬
‫كان�ت جارتك َ‬
‫ْ‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل�و رأيتني‪،‬‬
‫قل�ت‪ْ :‬‬
‫ث�م ُ‬‫َّ‬
‫منك‪ ،‬وأحب إىل النّبي ﷺ ِ‬
‫منك‪.‬‬ ‫أوضأ ِ‬‫َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫فتبس َم أخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫تبس َم‪.‬‬
‫حني رأيت ُه ّ‬
‫فجلست َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫أستأنس يا‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫«‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫وكان م ْن أحس�ن‬ ‫َ‬
‫فضحك‪،‬‬ ‫كرش‬
‫الغضب ع ْن وجهه‪ ،‬وحتّى ّ َ‬
‫ُ‬ ‫حتر‬
‫فلم أزل أحدّ ث ُه حتّى ّ َ‬
‫ْ‬
‫النّاس ثغر ًا ﷺ‪.‬‬

‫البرص ّإال أهب ًا )‪ (1‬ثالث ًة‪.‬‬ ‫رأيت ِ‬


‫فيه شيئ ًا ير ُّد‬ ‫ِ‬
‫البيت‪ ،‬فواهلل ما ُ‬ ‫فرفعت رأس يف‬
‫ُ‬ ‫فجلست‪،‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫والرو ِم‪ْ ،‬‬
‫وهم ال‬ ‫فارس ّ‬
‫وس َع عىل َ‬ ‫�ع عىل أ ّم َ‬
‫تك فقدْ ّ‬ ‫يوس َ‬
‫أن ّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ْ‬ ‫ادع اهللَ يا‬
‫فقلت‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫يعبدون اهللَ‪.‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فاستوى جالس ًا َّ‬
‫«‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫استغفر يل يا‬
‫ْ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫موجدته عليه َّن حتّى عاتب ُه اهللُ ‪.(2) D‬‬ ‫يدخل عليه َّن شهر ًا م ْن شدّ ِة‬
‫َ‬ ‫أقسم ْ‬
‫أن ال‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫مرشبة تس�ع ًا‬ ‫ِ‬
‫نس�ائه‪ ،‬فأقا َم يف‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫أن�س ب�ن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬آىل‬ ‫ِ‬ ‫وع�ن‬
‫ثم َ‬
‫نزل‪.‬‬ ‫وعرشي َن ليل ًة‪َّ ،‬‬
‫آليت شهر ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َ‬ ‫فقالوا‪ :‬يا‬

‫وهو اجللد قبل الدّ باغ‬


‫)‪ (1‬مجع إهاب‪َ ،‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2468‬ومسلم [‪.[1479‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫هو م� َن اإليالء‬ ‫حل�ف ال يدخل عليه� َّن ش�هر ًا‪َ ،‬‬


‫وليس َ‬ ‫َ‬ ‫«ومعن�ا ُه‪:‬‬
‫املعروف يف اصطالح الفقهاء‪ ،‬وال ل ُه حكمه‪.‬‬
‫ِ‬
‫باحللف عىل‬ ‫خمتص ًا‬ ‫وأص�ل اإليالء يف ال ّلغة‪ :‬احللف عىل ّ‬
‫وصار يف عرف الفقهاء ّ‬
‫َ‬ ‫اليشء‪،‬‬
‫الزوجة»)‪.(2‬‬
‫االمتناع م ْن وطء ّ‬
‫ﷺ‬

‫َ‬
‫يدخل عليه َّن شهر ًا م ْن‬ ‫أقس�م ْ‬
‫أن ال‬ ‫َ‬ ‫األسلوب ُ‬
‫حيث‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ هذا‬ ‫َ‬
‫اس�تعمل‬ ‫فقد‬
‫ِ‬
‫موجدته عليه َّن‪.‬‬ ‫شدّ ِة‬
‫َ‬
‫يكون يف‬ ‫واهلجر إما أن‬ ‫ِ‬
‫للزوج�ة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العقوبات‬ ‫واهلج�ر عقوب ٌة نفس� ّي ٌة بالغ ٌة‪ ،‬وه�و م ْن أبل ِغ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النبي ﷺ بأزواجه أنه هجره َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املضج ِع وهو أش�دُّ ‪ ،‬وإما أن‬
‫خارج البيت‪ ،‬ومن رمحة ِّ‬ ‫َ‬ ‫يكون‬
‫ِ‬
‫البيت‪.‬‬ ‫خارج‬
‫َ‬

‫ّنقيب ع ْن أحواهل َّن ال س� ّيا‬ ‫الز ِ‬ ‫كان ِ‬‫ولو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وج‪ ،‬والت ُ‬ ‫بغري إذن ّ‬ ‫دخول اآلباء عىل البنات ْ‬
‫ما يتع ّل ُق باملتزو ِ‬
‫جات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ألجل إصالحها لزوجها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالقول؛‬ ‫الر ِ‬
‫جل ابنت ُه وقرابت ُه‬ ‫تأديب ّ‬
‫ُ‬
‫عا يقع منه َّن م ْن زلل يف‬ ‫ِ‬
‫فح ّ‬
‫والص ُ‬
‫الزوجات‪ ،‬واإلغضا ُء ع ْن خطاهب َّن‪ّ ،‬‬
‫ر عىل ّ‬
‫الص ُ‬
‫ّ‬
‫حق اهلل تعاىل‪.‬‬
‫حق املرء دون ما يكون م ْن ّ‬
‫ِّ‬
‫نسائهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بسرية األنصار يف‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫أخذ‬ ‫أن شدّ َة الوطأة عىل النّساء مذمو ٌم؛ َّ‬
‫َّ‬
‫ْ‬ ‫ألن الن َّ‬
‫وترك سرية قومه‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[1911‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[88/10‬‬
‫‪‬‬

‫أن يكون عىل حالة‬ ‫ِ‬


‫الحت�ال ْ‬ ‫وإن َ‬
‫كان وحده؛‬ ‫مرشوع ّية االس�تئذان عىل اإلنس�ان ْ‬
‫يكره اال ّطالع عليها‪.‬‬
‫ب نفس ُه‪،‬‬
‫مه ُه‪ ،‬ويط ّي ُ‬ ‫أن حيدّ ث ُه با ُ‬
‫يزيل ّ‬ ‫استحب ل ُه ْ‬
‫َّ‬ ‫أن املر َء إذا رأى صاحبه مهموم ًا‬
‫َّ‬
‫ّبي ﷺ«)‪.(1‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لقول عمر‪« :‬ألقول ّن شيئ ًا‬
‫يضحك الن ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[291/9‬‬


‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع اأبنائه وبناته‬

‫ّ‬
‫ويتج�ىل ذلك يف تعامله ﷺ مع‬ ‫أبر الناس بأهله‪ ،‬وأش�دّ هم صل ًة بذويه‪،‬‬
‫النب�ي ﷺ َّ‬
‫ّ‬ ‫كان‬
‫ِ‬
‫اإلعالة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرعاية‪ ،‬وحسن‬ ‫أوالده؛ وما يبذله هلم من‬

‫ﷺ‬
‫وإبراهيم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫القاسم‪ ،‬وعبدُ اهلل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وهم‪:‬‬
‫وأما الطيب‪ ،‬والطاهر؛ فالصحيح أهنا لقبان لعبد اهلل)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫الطفولة‪.‬‬ ‫وافتهم املن ّي ُة وهم يف س ِّن‬ ‫َ‬
‫البنون‬ ‫وهؤالء‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫خويلد‪.‬‬ ‫وأشهر‪ ،‬وبه كان يكنى‪ ،‬وأ ّمه خدجي ُة ُ‬
‫بنت‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سنتني‬ ‫مات بمك َة؛ وهو اب ُن‬ ‫َ‬
‫ومات بمك َة‪ ،‬وهو من خدجي َة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫النبو ِة‪،‬‬
‫‪ :‬ولدَ بعد ّ‬
‫ومات هبا س�ن َة‬
‫َ‬ ‫باملدينة يف ذي احلج ِة‪ ،‬س�ن َة ٍ‬
‫ثان‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ :‬فأ ّم ُه ماري ُة القبطي ُة‪ ،‬ولدَ‬
‫ّ‬
‫عرش شهر ًا‪.‬‬‫عرش شهر ًا؛ أو ثاني َة َ‬ ‫عرش‪ ،‬وهو اب ُن سبع َة َ‬ ‫ٍ‬

‫زينب‪ ،‬ورق ّي ُة‪ ،‬وأ ُّم كلث�و ٍم‪ ،‬وفاطم ُة ‪،K‬‬ ‫ٍ‬
‫أربع بنات؛ ه�ن‪ُ :‬‬ ‫فرزق ُه اهلل َ‬
‫واحدة‪ ،‬وهي خدجي ُة ‪.J‬‬ ‫ٍ‬ ‫البنات من أ ٍّم‬ ‫ِ‬
‫وهؤالء‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الربيع‪.‬‬
‫العاص ب ُن ّ‬ ‫فهي ّأو ُل من ولد من البنات‪ّ ،‬‬
‫تزوجها أبو‬
‫وج هبا َ‬
‫قبل اإلسال ِم عتب ُة ب ُن‬ ‫النبي ﷺ‪ ،‬وقد َ‬ ‫ِ‬
‫كان ّتز َ‬ ‫البنت الثاني ُة من بنات ِّ‬
‫فهي ُ‬
‫وهاجرت معه إىل‬‫ْ‬ ‫عفان ‪،I‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عثان ب ُن‬ ‫تزوجها‬
‫دخل هبا‪ ،‬ث�م ّ‬ ‫أيب ٍ‬
‫هل�ب‪ ،‬وط ّلقها ومل يك ْن َ‬
‫ِ‬
‫احلبشة‪ ،‬اهلجرتني مجيع ًا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أرض‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬زاد املعاد [‪.[101/1‬‬


‫‪‬‬

‫عثان بن عفان‪ ،‬فتو ّف ْ‬


‫يت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫ف عليها‬ ‫يتجه ُز إىل ٍ‬
‫بدر‪ ،‬فخ ّل َ‬ ‫ُ‬
‫ورس�ول اهلل ّ‬ ‫مرضت‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رمضان‪.‬‬ ‫شهر‬ ‫ورسول اهلل ٍ‬
‫ببدر يف ِ‬ ‫ُ‬

‫عثان ب ُن ع ّف َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ان بعد أختها‬ ‫تزوجها‬ ‫البنت الثالث ُة من بنات ِّ‬
‫النبي ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫فهي ُ‬
‫وماتت عند ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫رقي َة‪،‬‬

‫وأربعني من‬
‫َ‬ ‫ولدت س�ن َة إحدى‬
‫ْ‬ ‫بنات النبي ﷺ‪ ،‬وأحبهن ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫فهي آخ�ر ِ‬
‫ّ َّ‬ ‫ُ‬
‫طالب ‪.I‬‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ب ُن أيب‬ ‫ٍ‬ ‫وماتت بعده ِ‬
‫تزوجها ُّ‬
‫أشهر‪ ،‬وقد ّ‬ ‫بستة‬ ‫ْ‬ ‫مولده‪،‬‬

‫فهؤالء أوالد النبي ﷺ‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫الناظر يف أساء أوالد النبي ﷺ؛ جيدها كلها أساء حسن ًة مجيلة‪ ،‬وقد كان النبي ﷺ ُّ‬
‫حيث‬
‫ويغري األساء القبيحة‪.‬‬
‫عىل األساء احلسنة‪ُ ّ ،‬‬
‫قال س�فيان الثوري ‪« :V‬كان يقال حق الولد عىل والده أن حيس�ن اسمه وأن يزوجه‬
‫إذا بلغ وأن حيججه وأن حيسن أدبه»)‪.(1‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫عن أنس بن مالك ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫قال‬
‫)‪.(2‬‬

‫هديه ﷺ يف التعامل مع اأبنائه‪ ،‬وبناته‪:‬‬


‫الذكور فقد تو ّفوا‬ ‫رزق النبي ﷺ بأرب ِع ٍ‬
‫بنات؛ وهن الاليت عش َن من بني أوالده‪ ،‬أ ّما‬ ‫لقد َ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫صغار‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهم‬

‫كثر‬ ‫ِ‬ ‫درس ملن َ‬


‫رزق البن�ات وإن َ‬ ‫وكان ﷺ حي ّبه� َّن‪ ،‬ويكرمه� َّن‪ ،‬وحيتف�ي هب َّن‪ ،‬ويف ه�ذا ٌ‬

‫)‪ (1‬رواه ابن أيب الدنيا يف كتاب العيال [‪.[171‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2315‬‬
‫‪‬‬

‫ويش�كر اهلل س�بحانه وتعاىل عىل م�ا وهبه من‬


‫َ‬ ‫والرور‪،‬‬
‫َ‬ ‫الف�رح‪،‬‬
‫َ‬ ‫يظه�ر‬
‫َ‬ ‫عدده� َّن‪ ،‬علي�ه أن‬
‫ِ‬
‫حسن تربيته َّن‪ ،‬وتأديبهن‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الذ ّرية‪ ،‬وأن يعزم عىل‬

‫)‪.(1‬‬ ‫وقد قال ﷺ‪:‬‬


‫لينظر ما ُ‬
‫يفعل‪ ،‬أحيس� ُن‬ ‫ِ‬
‫البنات؛‬ ‫بيشء من‬‫ٍ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ومعنى االبتالء هنا‪ :‬االختبار؛ أي‪ :‬من اخت َ‬
‫إليهن‪ ،‬أو ييس ُء؟ فمن أحس� َن إليهن؛ كن له س�رت ًا من ِ‬
‫النار يو َم القيامة‪ ،‬يعني أن اهلل حيجبه‬
‫ٍ‬
‫وعناية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫رعاية‬ ‫حتتاج إىل مزيد‬ ‫البنت ضعيف ٌة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫البنات؛ ألن‬ ‫عن النار بإحسانه إىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الدين واخللق‪.‬‬ ‫صاحب‬
‫َ‬ ‫يزو َج ابنته الكفء من الرجال؛‬ ‫واجب ِ‬
‫األب أن ّ‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬

‫ﷺ‬
‫العاص بن الربي ِع القريش ‪ ،I‬وهو ابن خالتها هال َة ِ‬
‫بنت‬ ‫ِ‬ ‫زينب ‪ J‬من أيب‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫فزوج َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫رجال مك َة املعدودين؛ ماالً‪ ،‬وأمان ًة‪ ،‬وجتارةً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العاص َ‬
‫كان من‬ ‫ٍ‬
‫خويلد؛ وأبو‬
‫العاص ِ‬
‫بن الربيع؛ إال أن‬ ‫ِ‬ ‫وبني أيب‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بني زينب ِ‬
‫بنت‬ ‫وكان قد ّفر َق اإلسال ُم َ‬
‫َ‬
‫فأقامت معه عىل إسالمها‪ ،‬وهو عىل رشكه‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫التفريق بينها‪،‬‬ ‫كان ال ِ‬
‫يقدر عىل‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬وهي مقيم ٌة معه بمك َة‪ ،‬ال يس�تطيع رسول اهلل ﷺ أن‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إىل‬ ‫هاجر‬ ‫حتى‬
‫َ‬
‫يستنقذها‪.‬‬

‫فأصيب يف األسارى‪.‬‬
‫َ‬ ‫سار معهم أبو العاص ب ُن الربيعِ‪،‬‬ ‫قريش إىل ٍ‬
‫بدر َ‬ ‫سارت ٌ‬
‫ْ‬ ‫فلا‬
‫ِ‬
‫العاص ٍ‬ ‫فداء أرساهم؛ بعثت زينب يف ِ‬ ‫أهل م ّك َة يف ِ‬
‫بعث ُ‬
‫قالت‪ّ :‬ملا َ‬
‫بال‪،‬‬ ‫فداء أيب‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْن عائش َة ْ‬
‫ِ‬
‫العاص‪.‬‬ ‫كانت عندَ خدجي َة‪ ،‬أدخلتها هبا عىل أيب‬ ‫ٍ‬
‫بقالدة هلا ْ‬ ‫وبعثت ِ‬
‫فيه‬ ‫ْ‬

‫رق هلا ر ّق ًة شديدةً‪.‬‬ ‫ُ‬


‫رسول اهلل ﷺ؛ َّ‬ ‫فلا رآها‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬
‫فقالوا‪ْ :‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5995‬ومسلم [‪ ]2629‬عن عائشة ‪.J‬‬


‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ زيدَ ب َن حارث َة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫سبيل زينب ِ‬
‫خييل َ‬ ‫أخذ ِ‬
‫عليه ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫وبعث‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أن ّ َ‬ ‫وكان‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ورج ً‬
‫ال م ْن‬
‫وق�د أثن�ى النب�ي ﷺ ع�ىل أيب العاص ِ‬
‫ب�ن الربي� ِع يف مصاهرته خ�ري ًا‪ ،‬وق�ال‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫بزينب ابنته‪ ،‬فوىف‬ ‫َ‬
‫فيبعث إليه‬ ‫بدر‪،‬‬ ‫وكان ق�د وع�دَ النبي ﷺ أن يرجع إىل مك َة بعد ِ‬
‫وقعة ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫بوعده‪ ،‬وفارقها مع ِ‬
‫شدة ح ّبه هلا‪.‬‬
‫أبرز أخالقه‬‫عفان ‪ I‬اخلليفة الراش�دَ ‪ ،‬وكان من ِ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫عثان بن‬ ‫النبي ﷺ رق ّي َة من‬
‫وزوج ُّ‬‫ّ‬
‫النب�ي ﷺ حيبه كثري ًا‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫تأص َل يف كيان�ه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأش�دّ ها تكّن ًا من نفس�ه‬
‫ُّ‬ ‫خل�ق احلياء‪ ،‬ال�ذي ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫باجلنة‪.‬‬ ‫ويو ّقره‪ ،‬وقد ّ‬
‫برشه‬
‫النبي ﷺ بأختها أ ِّم كلثوم‪ ،‬وتو ّفيت عنده‪.‬‬ ‫يت رقي ُة ‪J‬؛ ّ‬
‫زوج ُه ُّ‬ ‫فلا تو ّف ْ‬
‫اب�ن عم�ه‪ ،‬وكان َ‬
‫أول م�ن آم�ن‬ ‫طال�ب ‪ِ I‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�يل ِ‬
‫ب�ن أيب‬ ‫وزوج فاطم� َة ‪ J‬م�ن ِّ‬ ‫ّ‬
‫مع‬ ‫قبل اإلس�ال ِم‪ ،‬ومل ْ‬ ‫ِ‬
‫الصبيان‪ ،‬وكان ق�د تر ّبى يف حجره ﷺ َ‬
‫عيل َ‬
‫يزل ٌّ‬ ‫برس�ول اهلل ﷺ م�ن‬
‫برشه باجلنة‪.‬‬
‫ويقربه‪ ،‬وقد ّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ حتى بعثه اهلل نب ّي ًا‪ ،‬وكان ُّ‬
‫النبي ﷺ حي ّبه‪ّ ،‬‬
‫ﷺ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫عيل فاطم َة ‪ ،J‬أتاها‬
‫خطب ٌّ‬
‫َ‬ ‫فعن عطاء بن أيب رباح‪ ،‬قال‪ّ :‬ملا‬
‫فزوجها)‪.(3‬‬
‫فخرج ّ‬
‫َ‬ ‫فسكتت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالزوج؛ وقد قال ﷺ‪:‬‬ ‫ويف هذا أنه ﷺ اعتر سكوهتا رض ًا‬
‫وكيف إذهنا؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪،‬‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]2692‬وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[2692‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3110‬ومسلم [‪ ]2449‬عن املسور بن خمرمة ‪.I‬‬
‫)‪ (3‬أخرجه ابن سعد يف الطبقات [‪ ،]20/8‬وهو مرسل صحيح اإلسناد‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]5136‬ومسلم [‪ ]1419‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫رجل ال تريده‪.‬‬ ‫حيل لول ّيها أن يعقدَ هلا عىل‬ ‫فالبنت أمان ٌة يف ِ‬
‫بيت والدها‪ ،‬وال ُّ‬ ‫ُ‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫الصداق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اليسري من‬ ‫زوج النبي ﷺ بناته عىل‬
‫وقد ّ‬
‫جت فاطم َة ‪.J‬‬ ‫أن عل ّي ًا قال‪ّ :‬‬
‫تزو ُ‬ ‫اس ‪َّ L‬‬ ‫فعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ِ‬
‫ابن يب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ما عندي من ٍ‬
‫يشء‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫هي عندي‪.‬‬
‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫درع حطم ّية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صداق ِ‬
‫ُ‬
‫وأصغر بناته‪ ،‬سيدة نساء أهل اجلنة‪ٌ :‬‬ ‫بنت رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فهذا هو‬
‫(احلطم ّي�ة) نس�بة إىل بط�ن م�ن عبد القيس يق�ال هلم حطمة ب�ن حمارب كان�وا يعملون‬
‫تكرها )‪.(2‬‬
‫أي ّ‬ ‫هي ا ّلتي حت ّطم ّ‬
‫السيوف ْ‬ ‫الدروع‪ ،‬وقيل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫املهور‪ ،‬ليس من هدي رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فلو‬ ‫ِ‬
‫الناس يف زماننا من التغايل يف‬ ‫بعض‬
‫وما يفعله ُ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫النساء مكرم ًة؛ لسبق إليها‬ ‫ِ‬
‫بمهور‬ ‫ِ‬
‫كانت املغاال ُة‬

‫ٍ‬ ‫َ‬
‫بخميلة‪،‬‬ ‫بعث معها‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ّملا ّ‬
‫زوج� ُه فاطم َة؛ َ‬ ‫وع�ن عيل بن أيب طالب ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫وجر ِتني)‪.(4‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ووسادة من ٍ‬
‫ٍ‬
‫ورحيني‪ ،‬وسقاء‪ّ ،‬‬ ‫ليف‪،‬‬
‫أدم)‪ (3‬حشوها ٌ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]2125‬والنسائي [‪ ،]3375‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[1849‬‬
‫)‪ (2‬النهاية [‪.[994/1‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬جلد‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]821‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب [‪.[3301‬‬
‫‪‬‬

‫أي يشء كان )‪.(1‬‬


‫اخلميلة‪ :‬القطيفة‪ ،‬وهي كل ثوب له مخل من ّ‬

‫الزوج أو‬ ‫ف‬ ‫ِ‬


‫االس�تطاعة؛ فال يتك ّل ُ‬ ‫قدر‬ ‫َ‬ ‫اس�تحباب التيس�ري يف ِ‬
‫ُ‬ ‫يكون َ‬ ‫أمور الزواج؛ وأن‬ ‫ُ‬
‫بيت الزوج ّي ِة‪.‬‬
‫جتهيز ِ‬
‫ِ‬ ‫الزوج ُة فوق طاقتها يف‬
‫خلف ِ‬
‫بيت أم املؤمنني عائش� َة من جهة الشال مقابل‬ ‫ُ‬
‫الرس�ول ﷺ حجر ًة‬ ‫ص هلا‬
‫َ‬ ‫وخص َ‬
‫ّ‬
‫النبي عليه الصالة السالم ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫يطل منها عليها‪.‬‬ ‫جريل‪ ،‬وكان فيه خوخ ٌة عىل بيت ِّ‬ ‫باب‬

‫وفي�ه أيض� ًا‪ :‬أنه ينبغي لوالد العروس أن يس�اهم يف تكاليف الزواج‪ ،‬وال يقول‪ :‬كل‬
‫التخرج‪ ،‬أو حديث التو ّظف‪ ،‬وراتبه‬
‫ّ‬ ‫يشء عىل الزوج‪ ،‬والزوج اليو َم غالب ًا شاب حديث‬
‫بس�يط‪ ،‬فيحت�اج إىل املس�اعدة‪ ،‬واألب غالب ًا ما يك�ون أقدم يف الوظيف�ة أو يكون تاجر ًا‬
‫ميس�ور ًا‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فينبغي أن يس�اعد زوج ابنته‪ ،‬ولو يف األثاث وأدوات املطبخ كا‬
‫يف هذا احلديث‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ريض اهلل تعاىل عنها‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫عيل فاطم َة َ‬
‫خطب ٌّ‬
‫َ‬ ‫ع� ْن بري�د َة َ‬
‫قال‪ّ :‬ملا‬
‫‪.‬‬
‫فالن‪ :‬عيل كذا وكذا من ٍ‬
‫ذرة )‪.(2‬‬ ‫كبش‪َ ،‬‬
‫وقال ٌ‬ ‫عيل ٌ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫فقال سعدٌ ‪َّ :‬‬
‫اجلم�ع؛ ألن الزوجني‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للع�رس‪ ،‬مش�ت ّق ٌة من الومل‪ ،‬وه�و‬ ‫والوليم� ُة ه�ي الطع�ا ُم املت ُ‬
‫ّخذ‬
‫ِ‬
‫العلاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مجهور‬ ‫جيتمعان)‪ .(3‬وهي مستح ّب ٌة عند‬
‫حرج من فعلها َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألفض�ل ُ‬
‫ُ‬
‫الدخول اقتدا ًء بالنب�ي ﷺ‪ ،‬وال َ‬ ‫النكاح بعد‬ ‫وليمة‬ ‫فع�ل‬
‫ِ‬
‫العقد‪ ،‬أو بعده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدخول‪ ،‬أو عند‬

‫)‪ (1‬النهاية [‪.[153/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]22526‬وقال ابن حجر يف الفتح‪« :‬وسنده ال بأس ِبه«‪ ،‬وحسنه األلباين يف آداب الزفاف [‪.[73/1‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬لسان العرب [‪.[643/12‬‬
‫‪‬‬

‫عمل ِ‬
‫أهل بلده أوىل؛ لعد ِم وجود‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان ما جرى عليه ُ‬ ‫واسع‪ ،‬ومراعاة‬ ‫واألمر يف هذا‬
‫ٌ‬
‫استحباب فعلها يف وقت حمدّ ٍد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إجياب أو‬ ‫رشعي ُّ‬
‫يدل عىل‬ ‫ٍّ‬ ‫نص‬‫ٍّ‬

‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫البناء‪ ،‬قال النبي ﷺ لعيل‪:‬‬ ‫فلا كانت ليل ُة‬

‫عيل؛ فقال‪:‬‬ ‫َ ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ٍ‬


‫ُ‬
‫فتوضأ فيه‪ ،‬ثم أفرغ ُه عىل ٍّ‬ ‫باء‬ ‫فدعا‬
‫)‪.(1‬‬

‫النبي ﷺ لعبد الرمحن بن‬ ‫ِ‬


‫اس�تحباب الدعاء بالركة للزوجني‪ ،‬وقد دع�ا ُّ‬
‫ُ‬ ‫ويف احلدي�ث‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫عوف؛ فقال‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫اس�تمرت حتى بع�د الزواج‪ ،‬فلم‬


‫ّ‬ ‫�ف رعاي� ُة ِّ‬
‫النبي ﷺ لبناته عند زواجه َّن؛ بل‬ ‫ومل تتو ّق ْ‬
‫ِ‬
‫الظروف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أصعب‬ ‫ٌ‬
‫ش�اغل؛ بل كان يفك ُّر بحاهل ّن وهو يف‬ ‫يكن يش�غله ﷺ عن بناته ‪K‬‬

‫ملالقاة قريش‪ ،‬وصناديدها؛ كانت رقي ُة ‪ J‬مريض ًة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اخلروج ٍ‬


‫لبدر؛‬ ‫النبي ﷺ‬
‫َ‬ ‫فعندما أراد ُّ‬
‫بدر‪ ،‬ويبقى يف املدينة؛‬ ‫ِ‬
‫غزوة ٍ‬ ‫ف عن‬ ‫عفان ‪ I‬أن يتخ ّل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عثان بن‬ ‫فأمر النبي ﷺ زوجها‬
‫ورضب له بسهمه يف مغانم ٍ‬
‫بدر‪ ،‬وأجره عند اهلل يو َم القيامة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ليمرضها‪،‬‬
‫ّ‬
‫عثان؛ لتغ ّيبه عن غزوة بدر‪ :‬أ ّما تغ ّيب ُه ع ْن ٍ‬
‫بدر؛‬ ‫َ‬ ‫ع�ن ابن عمر ‪ I‬أنه ق�ال ملن َ‬
‫غمز يف‬ ‫ِ‬
‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫وكانت مريض ًة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فإنّ� ُه َ‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬ ‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫بنت‬
‫كان حتت ُه ُ‬
‫)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫فلم جيدْ عل ّي ًا يف‬ ‫ُ‬ ‫بن ٍ‬
‫سعد َ‬ ‫سهل ِ‬
‫ِ‬
‫البيت‪.‬‬ ‫بيت فاطم َة؛ ْ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫قال‪ :‬جا َء‬ ‫ع ْن‬

‫)‪ (1‬رواه الطراين يف الكبري [‪ ]1153‬وحسنه األلباين يف آداب الزفاف [‪.[101/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5155‬ومسلم [‪ ]1427‬عن أنس بن مالك ‪.I‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪[3130‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫فلم ْ‬
‫يقل عندي)‪.(1‬‬ ‫فخرج ْ‬
‫َ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫كان بيني وبين ُه يش ٌء؛ فغاضبني‪،‬‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إلنسان‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫املسجد راقدٌ ‪.‬‬ ‫هو يف‬ ‫َ‬ ‫فجا َء َ‬
‫رسول اهلل! َ‬ ‫فقال‪ :‬يا‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫سقط رداؤ ُه ع ْن ش ّقه‪ ،‬وأصاب ُه ٌ‬
‫تراب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مضطجع‪ ،‬قدْ‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫فجا َء‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يمسح ُه عن ُه‪،‬‬ ‫َ‬
‫فجعل‬
‫الصهر‪ ،‬وتسكينه م ْن غضبه»)‪.(3‬‬
‫«ويف احلديث م ْن الفوائد‪ ...‬مدارة ّ‬
‫َ‬
‫حصل بينها وبني‬ ‫ِ‬
‫اخل�الف الذي‬ ‫يس�تفر من فاطم َة عن‬ ‫أن النبي ﷺ مل‬
‫ْ‬
‫س�بب املغاضب�ة التي حصلت بينه�ا‪ ،‬بل تغاىض عن‬
‫َ‬ ‫يطل�ب منها أن ترد له‬
‫ْ‬ ‫زوجه�ا‪ ،‬ومل‬
‫عيل يسرتضيه‪.‬‬
‫وذهب إىل ٍّ‬
‫َ‬ ‫ذلك‪،‬‬
‫تدخ�ل األه�ل يف املش�اكل التي حت�دث بني الزوج�ني س�بب ًا لزيادهتا‬
‫فكث�ري ًا م�ا يك�ون ّ‬
‫وتفاقمها‪.‬‬
‫الرتاب عن ظهره؛‬ ‫ليرتضاه‪ ،‬ومس�ح‬ ‫عيل؛‬ ‫ك�ر ُم ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫توج�ه نحو ٍّ‬
‫خلق النبي ﷺ؛ ألنه ّ‬
‫ليبس�ط ُه‪ ،‬وداعبه بالكنية املذكورة؛ ليؤنس�ه‪ ،‬ومل يعاتبه عىل مغاضبته البنته مع رفي ِع منزلتها‬
‫يراجع عل ّي ًا يف هذا األمر‪ ،‬وهذا من حكمته ﷺ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫عنده‪ ،‬ومل‬
‫ِ‬
‫وت�رك معاتبته�م إبقا ًء‬ ‫ِ‬
‫وتس�كني غضبهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باألصه�ار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرفق‬ ‫اس�تحباب‬
‫ُ‬
‫ملو ّدهتم‪.‬‬
‫ِ‬
‫الكبري منهم وبني زوجته ما طبع عليه‬ ‫يقع بني‬ ‫ِ‬
‫الفضل قد ُ‬ ‫«وفيه‪ :‬أن أهل‬
‫ِ‬
‫اخلروج من بيته وال يعاب عليه‪.‬‬ ‫البرش من الغضب‪ ،‬وقد يدعوه ذلك إىل‬
‫ُ‬
‫وهو نوم نصف النّهار‪.‬‬
‫)‪ (1‬م ْن القيلولة َ‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]441‬ومسلم [‪.[2409‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[536/1‬‬
‫‪‬‬

‫يليق بجناب‬ ‫ِ‬


‫الغضب ما ال ُ‬ ‫عيل خشي َة أن يبدو منه يف حالة‬
‫سبب خروج ّ‬ ‫ُ‬
‫وحيتمل أن يكون ُ‬
‫ِ‬
‫الغضب من كل منها»)‪.(1‬‬ ‫فاطم َة ‪ ،L‬فحسم ما ّدة الكالم بذلك إىل أن تسك َن فور ُة‬

‫أحس أن حدّ ة النقاش‬ ‫الزوج حيس� ُن منه ُ‬


‫ترك البيت إذا َّ‬ ‫َ‬ ‫يس�تفاد كذلك من هذا اخلر أن‬
‫قد تؤدي إىل املزيد من املشاكل األرسية‪.‬‬
‫ِ‬
‫واكتش�اف‬ ‫ِ‬
‫مراجعة النفس‪،‬‬ ‫ك�ا أن مغادرة البي�ت يف هذه احلالة قد حيدث معه يش ٌء من‬
‫ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخطاء‪ ،‬وذلك ما قد ّ‬
‫يتعذ ُر يف وجود الطرف‬

‫خترج فاطم ُة ‪ J‬من بيت الزوجية‪ ،‬بل ْ‬


‫بقيت يف بيتها‪ ،‬وهذا مما هيون من املش�كل َة‬ ‫ومل ْ‬
‫وأثرها‪ ،‬بخالف ما لو خرجت إىل ِ‬
‫بيت أبيها‪.‬‬
‫ِ‬
‫وتصبري الزوجة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والنصيحة‪،‬‬ ‫َ‬
‫يكون هلم دور ف ّعال يف التوجيه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األهل أن‬ ‫والواج�ب عىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫معاملة زوجها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بحسن‬ ‫وتوصيتها‬

‫ِ‬
‫برسول اهلل يف‬ ‫رأيت أحد ًا أش�ب َه سمت ًا )‪ ،(2‬ود ًالّ )‪ ،(3‬وهدي ًا‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ ،J‬‬
‫قالت‪ :‬ما ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫قيامها‪ ،‬وقعودها من فاطم َة ِ‬
‫بنت‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫جملسه‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ؛ قا َم إليها‪ ،‬فق ّبلها‪ ،‬وأجلسها يف‬
‫دخلت عىل الن ِّ‬
‫ْ‬ ‫وكانت إذا‬
‫ْ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫قامت م ْن جملسها‪ ،‬فق ّبلت ُه‪ ،‬وأجلست ُه يف جملسها)‪.(4‬‬


‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ إذا َ‬
‫دخل عليها؛‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رواية أيب داو َد‪:‬‬ ‫ويف‬

‫أي تكري ًا هلا‪.‬‬


‫‪ْ :‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪[588/10‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬يف حسن هيئته ومنظره يف الدّ ين وليس من احلسن واجلال‪ .‬النهاية [‪[988/2‬‬
‫ِ‬
‫السرية وال ّطريقة واستقامة املنظر واهليئة‪ .‬النهاية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫)‪ُّ (3‬‬
‫السكينة والوقار وحسن ّ‬
‫اإلنسان من ّ‬ ‫يكون عليها‬ ‫الدل‪ :‬احلالة التي‬
‫]‪[315/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ]5217‬والرتمذي [‪ ،]3872‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ّب�ي ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‬ ‫م�يش الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫أقبل�ت فاطم� ُة تيش َّ‬
‫كأن مش�يتها‬ ‫ْ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ن عائش� َة ‪J‬‬
‫وع� ْ‬
‫ِ‬
‫شاله‪..‬احلديث)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫يمينه‪ْ ،‬أو ع ْن‬ ‫ثم أجلسها‪ ،‬ع ْن‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫الن ُّ‬
‫ويف هذا احلديث‪ :‬مكان ُة فاطم َة ‪ J‬من النبي ﷺ؛ وشد ُة ح ّبه هلا‪.‬‬

‫احتفاؤه ﷺ هبا إذا لقيها‪.‬‬

‫والتجهم من‬
‫ّ‬ ‫املش�اعر الش�فاف ُة من أولئك القس�اة‪ ،‬الذين يظنّون أن العبوس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فأين هذه‬
‫خاص ًة؟!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عالمات الرجولة والقوامة مع األبناء‪ ،‬ومع البنات ّ‬

‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ أتى فاطم َة ‪ ،J‬فوجدَ عىل باهبا سرت ًا‪،‬‬ ‫عمر ‪َّ :L‬‬
‫أن‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬
‫يدخل‪.‬‬ ‫فلم‬
‫ْ‬
‫يدخل‪ّ ،‬إال بد َأ هبا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وق ّلا َ‬
‫كان‬
‫فقال‪ :‬ما ِ‬
‫لك؟‬ ‫مهتم ًة‪َ ،‬‬
‫عيل ‪ ،I‬فرآها ّ‬
‫فجا َء ٌّ‬
‫ْ‬
‫يدخل‪.‬‬ ‫فلم‬
‫ّبي ﷺ إ َّيل‪ْ ،‬‬
‫قالت‪ :‬جا َء الن ُّ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫تدخل‬ ‫إن فاطم َة اش�تدَّ عليه�ا أن َّك جئته�ا‪ْ ،‬‬
‫فلم‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫ع�يل ‪َ ،I‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فأت�ا ُه ٌّ‬
‫عليها‪.‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ‪ :‬ليأمرين‬ ‫فقالت‪ْ :‬‬
‫قل‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فذه�ب إىل فاطم َة فأخرها ِ‬
‫بقول‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فيه با شا َء‪.‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3624‬ومسلم [‪.[2450‬‬


‫)‪ (2‬وهو املخطط بألوان شتى‪ ،‬والرقم‪ :‬النّقش والويش‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]2613‬وأبو داود [‪.[4149‬‬
‫‪‬‬

‫تعجيل ال ّطي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بات يف الدّ نيا ال‬ ‫ِ ّ‬ ‫لنفس�ه م ْن‬ ‫البنته ما كر َه‬ ‫ّبي ﷺ‬‫قال امله ّلب وغريه‪« :‬كر َه الن ّ‬
‫َ‬
‫أن س�رت الب�اب ح�رام‪ .‬وهو نظري ِ‬
‫قوله هلا ّملا س�ألت ُه خادم ًا‪:‬‬ ‫َّ‬
‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫كر عندَ النّو ِم«)‪.(1‬‬ ‫فع ّلمها ّ‬
‫الذ َ‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫أن فاطم َة ‪،L‬‬


‫عيل ‪َّ ،I‬‬
‫الرحى‪ ،‬فأتت الن َّ‬
‫ش�كت ما تلقى يف يدها م َن ّ‬
‫ْ‬ ‫ع ْن ٍّ‬
‫تسأل ُه خادم ًا ْ‬
‫(أي جارية ختدمها)‪.‬‬

‫ذلك لعائش َة‪.‬‬


‫فذكرت َ‬
‫ْ‬ ‫فلم جتد ُه‪،‬‬
‫ْ‬
‫فلا جا َء أخرت ُه‪.‬‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فجاءنا‪ ،‬وقدْ أخذنا مضاجعنا‪ ،‬فذهبنا لنقو َم‪.‬‬
‫ِ‬
‫قدميه عىل صدري)‪.(2‬‬ ‫وجدت بر َد‬
‫ُ‬ ‫فجلس بيننا حتّى‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬

‫الص ّفة با قد َم‬ ‫ِ‬


‫النبي ﷺ خادم ًا هلا؛ أنه اختار أن ّ‬
‫يوس�ع عىل فق�راء ّ‬ ‫وس�بب ع�دم إعطاء ِّ‬
‫ُ‬
‫ذلك م ْن مزيد ال ّثواب‪.‬‬
‫هلم يف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ر‪ ،‬با ْ‬‫الص َ‬
‫عليه؛ ورأى ألهله ّ‬
‫ِ‬
‫االحت�اد برفع‬ ‫ِ‬
‫والصه�ر‪ ،‬وهناية‬ ‫ِ‬
‫البنت‬ ‫ِ‬
‫والش�فقة ع�ىل‬ ‫إظهار غاي�ة التع ّط ِ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫بي�ان‬
‫َ‬
‫وبالغ‬ ‫واحلجاب‪ ،‬حي�ث مل يزعجها عن مكاهنا؛ فرتكها عىل حال�ة اضطجاعها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلش�مة‬
‫الذ ِ‬
‫كر‪ ،‬عوض ًا‬ ‫أدخ�ل رجله بينها‪ ،‬ومكث بينها حتى ع ّلمها ما هو األوىل بحاهلا من ّ‬
‫َ‬ ‫حت�ى‬
‫عا طلبا ُه من اخلاد ِم‪.‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[229/5‬‬


‫)‪ (2‬حيمل عىل أ ّن ُه َ‬
‫فعل َ‬
‫ذلك مبالغة من ُه يف التّأنيس‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]3705‬ومسلم [‪.[2727‬‬
‫‪‬‬

‫التزو ُد‬ ‫ِ‬


‫املطلوب هو ّ‬ ‫األهم م�ن‬
‫َّ‬ ‫يطل�ب‪ ،‬إيذان ًا بأن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املخاطب بغري ما‬ ‫فه�و من ِ‬
‫ب�اب تل ّقي‬
‫ِ‬
‫الغرور)‪.(1‬‬ ‫مشاق الدنيا‪ ،‬والتجايف عن ِ‬
‫دار‬ ‫ِّ‬ ‫ر عىل‬ ‫ِ‬
‫للمعاد‪ ،‬والص ُ‬
‫وقد ع ّلمها رسول اهلل ﷺ أيض ًا دعا ًء تدعو به عوض ًا عن اخلادم‪ ،‬فع ْن أيب هرير َة ‪I‬؛‬
‫ّبي ﷺ تس�أل ُه خادم ًا؛ َ‬
‫فقال هلا‪ :‬قويل‪:‬‬ ‫أتت فاطم� ُة الن َّ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ْ :‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ﷺ‬

‫ولف�ظ البخاري‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫فإين ال أقدر عىل دفع مكروه يريده اهلل تعاىل ِ‬
‫بك)‪.(4‬‬ ‫ال تتّكيل عىل قرابتي؛ ّ‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ ليل ًة‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ طرق ُه وفاطم َة َ‬
‫بنت‬ ‫ٍ‬
‫طالب ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫ع ْن عيل ب َن أيب‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‪:‬‬
‫رسول اهلل إنّا أنفسنا ِ‬
‫بيد اهلل‪ ،‬فإذا شا َء ْ‬
‫أن يبعثنا بعثنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬ ‫عيل‪:‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫قال ٌّ‬
‫يرجع إ َّيل شيئ ًا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫قلت َ‬
‫ذلك‪ ،‬ومل ْ‬ ‫حني ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫فانرصف‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[124 / 11‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2713‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2753‬ومسلم [‪ ]204‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[80/3‬‬
‫‪‬‬

‫ويق�ول‪( :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ)‬


‫ُ‬ ‫ي�رضب فخ�ذ ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مدب�ر‬
‫ٌ‬ ‫وه�و‬
‫َ‬ ‫ث�م س�معت ُه‬
‫َّ‬
‫[الكهف‪.(1)[54 :‬‬
‫ّائمني م َن األهل والقرابة‪ .‬قال الطري‪:‬‬ ‫قال ابن ب ّطال‪ِ :‬‬
‫«فيه فضيلة صالة ال ّليل‪ ،‬وإنباه الن َ‬ ‫َ‬
‫وذلك أن الرسول ﷺ أيقظ هلا عل ّي ًا وبنته مرتني؛ ح ّث ًا هلا عىل ذلك‪ ،‬يف وقت جعله اهلل خللقه‬
‫س�كن ًا‪َّ ،‬‬
‫لما عل�م عظيم ثواب اهلل عليه�ا‪ ،‬ورشفت عنده منازل أصحاهب�ا‪ :‬اختار هلا إحراز‬
‫فضلها عىل السكون والدَّ عة»)‪.(2‬‬
‫تعجب ًا م ْن رسع�ة جوابه‪ ،‬وعد ِم‬
‫رضب فخ�ذه ّ‬
‫َ‬
‫اعتذر ِبه‪.‬‬
‫َ‬ ‫موافقته ل ُه عىل االعتذار با‬
‫كان وجوب ّي ًا‬
‫ولو َ‬
‫ذلك‪ْ ،‬‬ ‫عنهم َ‬
‫وقال َ‬ ‫ْ‬ ‫انرصف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فلذلك‬ ‫يب؛‬
‫يب ال وجو ٌّ‬
‫ّكليف هاهنا ند ٌّ‬
‫ُ‬ ‫نعم الت‬
‫ْ‬
‫أعلم)‪.(3‬‬
‫حاهلم‪ .‬واهلل تعاىل ُ‬
‫ْ‬ ‫تركهم عىل‬
‫ْ‬ ‫ملا‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫جهل؛ وعند ُه فاطم ُة‬ ‫بنت أيب‬
‫خط�ب َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫طالب‬ ‫عيل ب َن أيب‬ ‫ع�ن املس�ور ب َن خمرم َة ‪َّ I‬‬
‫أن َّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫بنت‬
‫ُ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫بذلك فاطم ُة؛ ْ‬
‫أتت الن َّ‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ْ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫جهل‪.‬‬ ‫عيل ناكح ًا ابن َة أيب‬ ‫َ‬
‫لبناتك‪ ،‬وهذا ٌّ‬ ‫تغضب‬
‫ُ‬ ‫قومك يتحدّ َ‬
‫ثون أن َّك ال‬ ‫َ‬ ‫فقالت ل ُه‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ْ‬
‫ثم َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫تش�هدَ ؛ َّ‬
‫حني ّ‬‫ّبي ﷺ؛ فس�معت ُه َ‬
‫املس�ور‪ :‬فق�ا َم الن ُّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬

‫‪َ .‬‬
‫فرتك‬
‫عيل اخلطب َة)‪.(4‬‬
‫ٌّ‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1127‬ومسلم [‪.[775‬‬
‫)‪ (2‬رشح صحيح البخاري ‪ -‬البن بطال [‪.[115/3‬‬
‫)‪ (3‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪ ،]115/3‬حاشية السندي عىل النسائي [‪.[205 / 3‬‬
‫)‪ . (4‬رواه البخاري [‪ ،]3110‬ومسلم [‪ ]2449‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫للنبي ﷺ‪ ،‬وإيذا ُء النبي ﷺ من‬


‫أن يف ه�ذا الزواج إيذا ًء لفاطمة‪ ،‬وإيذاؤها إيذا ٌء ِّ‬
‫ِ‬
‫الذنوب‪ ،‬وقد ّبني ذلك ﷺ بقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫كبائر‬
‫ينطبق عىل غري بنات النبي ﷺ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ .‬وهذا ال‬

‫خشي َة الفتنة عىل فاطمة يف دينها‪ ،‬كا جاء يف رواية البخاري ]‪:[3110‬‬
‫‪.‬‬

‫النبي ﷺ أن تدفعها الغري ُة لفعل‬


‫فخيش ُّ‬ ‫جبلت عليها املرأةُ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األمور التي‬ ‫ف�إن الغري َة من‬
‫َ‬
‫يليق بحاهلا ومنزلتها‪ ،‬وهي سيد ُة ِ‬
‫نساء العاملني‪.‬‬ ‫ما ال ُ‬
‫تستأنس به ممن‬ ‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬فلم يبق هلا من‬ ‫خاصة وأهنا فقدت أ ّمها‪ ،‬ثم أخواهتا واحد ًة بعد‬
‫ُ‬
‫حصلت هلا الغريةُ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫برها إذا‬
‫األمر ممن تفيض إليه ّ‬ ‫خي ّف ُ‬
‫ف عليها َ‬
‫تأخ َر م ْن بنات‬ ‫ٍ‬
‫حينئ�ذ ّ‬ ‫«وكانت ِ‬
‫هذه الواقعة بعدَ فت�ح مكّة‪ ،‬ومل ْ يك ْن‬ ‫ْ‬
‫أصيبت بعد أ ّمها بإخوهتا َ‬
‫فكان إدخال الغرية عليها ممّا يزيد حزهنا»)‪.(1‬‬ ‫ْ‬ ‫وكانت‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ غريها‪.‬‬
‫الن ّ‬
‫ع�دو اهلل يف عصمة رجل واحد‪ ،‬كا‬
‫ِّ‬ ‫وبنت‬
‫بنت رس�ول اهلل ُ‬
‫اس�تنكار أن جتتمع ُ‬
‫‪.‬‬ ‫قال ﷺ‪:‬‬

‫تعظي ًا حلق فاطمة وبيان ًا ملكانتها ومنزلتها‪.‬‬

‫عيل بن أيب طالب‬


‫النب�ي ﷺ َّ‬
‫ُّ‬ ‫متفرق� ًة هي التي من أجلها َ‬
‫منع‬ ‫األس�باب جمتمع ًة أو ّ‬
‫ُ‬ ‫فه�ذه‬
‫ِ‬
‫الزواج‪.‬‬ ‫من هذا‬
‫ٍ‬
‫مستمسك ملن حياول التش ّب َث هبا‪ ،‬للحدِّ من تعدّ د الزوجات‪ ،‬وقد‬ ‫وليس يف القصة أدنى‬
‫دفع النبي ﷺ هذا اللبس والوهم بقوله يف نفس القصة‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[86/7‬‬


‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫ميش الن ِّ‬ ‫أقبلت فاطم ُة تيش؛ َّ‬
‫كأن مشيتها ُ‬ ‫ْ‬ ‫فع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫ِ‬
‫شاله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يمينه ْأو ع ْن‬ ‫ثم أجلسها ع ْن‬ ‫َ‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫فقال الن ُّ‬
‫فبكت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أرس إليها حديث ًا‪،‬‬
‫ثم َّ‬
‫َّ‬
‫تبكني)‪.‬‬
‫َ‬ ‫فقلت هلا‪( :‬مل َ‬
‫ُ‬
‫فضحكت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أرس إليها حديث ًا‪،‬‬
‫ثم َّ‬
‫َّ‬
‫عا َ‬
‫قال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫رأيت كاليو ِم فرح ًا‬
‫أقرب م ْن حزن‪ ،‬فسألتها ّ‬
‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬ما ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫رس‬
‫ألفيش َّ‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫فقالت‪ :‬ما ُ‬
‫ْ‬
‫ّبي ﷺ فسألتها‪.‬‬
‫قبض الن ُّ‬
‫حتّى َ‬
‫أرس إ َّيل فقال‪:‬‬
‫فقالت‪ :‬إنه َّ‬
‫ْ‬
‫فبكيت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فعن أنس بن مالك ‪ I‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ لفاطمة ‪:J‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫أي‪ :‬ال تسلمني إليها‪ ،‬وترتكني مهالً‪.‬‬

‫أي‪ :‬غمضتها)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2624‬‬


‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5820‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه ابن السني يف عمل اليوم والليلة [‪،]46‬‬
‫)‪ (3‬فيض القدير [‪.[147/2‬‬
‫‪‬‬

‫فخرجت‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ح ّل ًة م ْن سريا َء)‪،(1‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫طالب ‪ I‬أنه قال‪ :‬كساين‬ ‫عيل بن أيب‬
‫فعن ِّ‬
‫فيها‪.‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫الرأس‪.‬‬
‫مجع مخار‪ ،‬وهو غطاء ّ‬
‫عيل‪،‬‬ ‫املراد بالفواط ِم‪ :‬فاطم�ة بنت الن ّ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬وفاطمة بنت أس�د والدة ّ‬
‫وفاطمة بنت محزة بن عبد امل ّطلب)‪.(3‬‬

‫َ‬
‫فأتنا‪.‬فأرسل‬ ‫إن ابن ًا يل َ‬
‫قبض‬ ‫أرسلت ابن ُة النّبي ﷺ ِ‬
‫إليه َّ‬ ‫ْ‬ ‫زيد ‪َ ،L‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫فعن أسام ُة بن ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ويق�ول‪:‬‬ ‫الس�ال َم‪،‬‬
‫يق�رئ ّ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬
‫يب‬ ‫إليه تقس�م ِ‬
‫عليه ليأتينّه�ا؛ فقا َم‪ ،‬ومع ُه س�عدُ ب ُن عبادةَ‪ ،‬ومعا ُذ ب� ُن ٍ‬ ‫فأرس�لت ِ‬
‫جبل‪ ،‬وأ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫كأهنا‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ب ُن ٍ‬
‫تتقعقع ّ‬
‫ُ‬ ‫بي؛ ونفس� ُه‬‫الص ُّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ‬ ‫فرفع إىل‬
‫ورجال‪َ ،‬‬ ‫كعب‪ ،‬وزيدُ اب ُن ثابت‪،‬‬
‫ففاضت عينا ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ش ٌّن)‪.(4‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل! ما هذا؟‬ ‫َ‬
‫فقال سعدٌ ‪ :‬يا‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫معنا ُه‪ُّ :‬‬
‫احلث عىل‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫ِ‬
‫لقضاء اهلل‪.‬‬ ‫الصر‪ ،‬والتّسلي ِم‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬احل ّلة‪ :‬إزار ورداء‪ّ ،‬‬


‫والسرياء‪ :‬م ْن أنواع احلرير‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2614‬ومسلم [‪ ،]2071‬وأمحد [‪.[712‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[51/14‬‬
‫ألقي يف القربة البالية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫)‪ (4‬معنا ُه‪ :‬هلا صوت‪ ،‬وحرشجة كصوت املاء إذا َ‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]1238‬ومسلم [‪.[923‬‬
‫‪‬‬

‫ه�و ل ُه؛ فينبغي ّأال‬


‫فلم يأخذ ّإال ما َ‬
‫لكم‪ْ ،‬‬ ‫منكم َ‬
‫كان ل� ُه ال ْ‬ ‫ْ‬ ‫إن ه�ذا ا ّل�ذي َ‬
‫أخذ‬ ‫َّ‬
‫جتزعوا كا ال جيزع م ْن اسرت ّد ْت من ُه وديعة؛ ْأو عارية‪.‬‬
‫ليس خارج� ًا ع ْن ملكه؛ ْبل َ‬
‫هو ‪ E‬يفعل‬ ‫لكم َ‬ ‫معناه‪َّ :‬‬
‫أن ما وهب ُه ْ‬
‫ِ‬
‫فيه ما يشاء‪.‬‬
‫أن سعد ًا ظ َّن َّ‬
‫أن مجيع أنواع‬ ‫(ففاضت عينا ُه َ‬
‫فقال ل ُه س�عد‪ :‬ما هذا يا رس�ول اهلل) معنا ُه‪َّ :‬‬ ‫ْ‬
‫أن‬‫ّبي ﷺ َّ‬
‫نيس فذكّ�ر ُه‪ ،‬فأعلم ُه الن ّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫وأن دمع العني ح�را ٌم‪ ،‬وظ َّن َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫الب�كاء ح�را ٌم‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫مكروه‪ْ ،‬‬ ‫لي�س بحرا ٍم‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫املحر ُم‬
‫هو رمحة وفضيل�ة؛ وإنّا ّ‬ ‫ب�ل َ‬ ‫جم�ر َد الب�كاء والدم ِع بالعني َ‬
‫ّ‬
‫ّدب‪ ،‬والبكا ُء املقرون هبا؛ ْأو بأحدمها ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ّوح‪ ،‬والن ُ‬ ‫الن ُ‬

‫ِ‬
‫واإلناث‪ ،‬ومل‬ ‫ِ‬
‫الذكور‬ ‫ذريته من‬ ‫َ‬ ‫ليعلم من ابتيل ِ‬
‫مجيع ّ‬
‫الرسول ﷺ قد فقدَ َ‬ ‫بفقد أوالده أن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يبق بعدَ وفاته إالَّ فاطم ُة ‪.J‬‬

‫وت�ذرف عينا ُه‬


‫ُ‬ ‫حيزن لوفاته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وف�اة أح�د من أوالده ‪ ،‬أن�ه كان ُ‬ ‫وكان هدي�ه ﷺ يف‬
‫حيب اهلل ويرىض‪.‬‬
‫الدمع عىل فراقه‪ ،‬وال يقول إال ما ّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫وفاة أم كلثوم ‪ :J‬ش�هدنا َ‬
‫بنت‬ ‫يق�ول أن�س بن مال�ك ‪ I‬يف نبأ ِ‬
‫ِ‬
‫تدمعان)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫عينيه‬ ‫فرأيت‬
‫ُ‬ ‫جالس عىل ِ‬
‫القر؛‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫وش�فقة‬ ‫رمحة‬ ‫ِ‬
‫قض�اء اهلل‪ ،‬وقدره؛ إنا هي دموع ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وس�خط من‬ ‫وهذه ليس�ت دموع جزعٍ‪،‬‬
‫ُ‬
‫عيون الر ِ‬
‫محاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تذرف من‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ِ )‪(3‬‬ ‫ٍ‬
‫س�يف القني‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عىل أيب‬ ‫مع‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬‫وع ْن ِ‬
‫وكان‬ ‫قال‪ :‬دخلنا َ‬
‫إلبراهيم ‪.(4)S‬‬
‫َ‬ ‫ظئر ًا‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[225/6‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[1285‬‬
‫كل صانع‪.‬‬ ‫هو احلدّ اد‪ ،‬ويطلق عىل ّ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫كان زوج املرضعة‪ ،‬وأل ّن ُه يشاركها يف تربيته غالب ًا‬
‫ذلك أل ّن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫وأطلق عليه َ‬ ‫أي مرضع ًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫)‪ْ (4‬‬
‫‪‬‬

‫وإبراهيم جيو ُد‬ ‫َ‬


‫ذل�ك‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إبراهيم‪ ،‬فقبله وش�مه‪ ،‬ثم دخلنا ِ‬
‫عليه بعدَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأخ�ذ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ َّ‬ ‫َ ّ ُ‬
‫ِ‬
‫بنفسه)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫تذرفان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فجعلت عينا‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل؟!‬ ‫وأنت يا‬ ‫ٍ‬
‫عوف ‪َ :I‬‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب ُن‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه عبدُ ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ثم أتبعها بأخرى)‪.(2‬‬


‫َّ‬
‫َ‬
‫فق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعيال م ْن‬ ‫أرحم‬ ‫رأيت أحد ًا َ‬
‫كان‬ ‫وعن أنس بن مالك ‪ I‬قال‪ :‬ما ُ‬
‫َ‬
‫البيت‬
‫فيدخل َ‬‫ُ‬ ‫ينطلق‪ ،‬ونح ُن مع ُه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪،‬‬ ‫إبراهيم مسرتضع ًا ل ُه يف عوايل‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫أل البيت دخان ًا‪ ،‬فأرسعت امليش بني ْ‬
‫يدي رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫وإنّ� ُه ليدّ خ� ُن‪[ .‬ويف رواية وقدْ امت َ‬
‫ْ‬
‫أمسك جا َء رسول اهلل ﷺ[‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا أبا سيف‬

‫يرجع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكان ظئر ُه قين ًا‪ ،‬فيأخذ ُه فيق ّبل ُه َّ‬
‫ثم‬ ‫َ‬

‫[أي‪ :‬يف سن‬ ‫ُ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫إبراهيم َ‬
‫قال‬ ‫ُ‬ ‫فلا ّ َ‬
‫تويف‬ ‫ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرضاع]‬
‫ِ‬
‫سنتني‪،‬‬ ‫تتا ِنه‬ ‫تغذيه ِ‬
‫بلبن ال ّثدي‪ ،‬فها ّ‬ ‫وهو يف س ّن رضاع ال ّثدي‪ْ ،‬أو يف حال ّ‬
‫مات َ‬
‫أنه َ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫الرضاعة‬
‫�نتني‪ ،‬فإ ّن ُه تام ّ‬ ‫تويف ول ُه س�تّة عرش ش�هر ًا‪ْ ،‬أو س�بعة عرش‪ ،‬فرتضعانه بق ّية ّ‬
‫فإ ّن ُه ّ َ‬
‫بنص القرآن‪.‬‬
‫ِّ‬

‫أي‪ :‬خيرجها‪ ،‬ويدفعها‪.‬‬ ‫)‪ْ (1‬‬


‫ٍ‬
‫أتبع الدّ معة األوىل بدمعة أخرى‪.‬‬
‫)‪ (2‬أي َ‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1303‬ومسلم [‪.[2315‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2316‬‬
‫‪‬‬

‫والضعفاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للعيال ّ‬ ‫بيان كريم خلقه ﷺ ورمحته‬
‫وتقبيلهم‪.‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫فضيل ُة ِ‬
‫رمحة العيال واألطفال‬
‫ْ‬
‫يرشف عىل تغس�يلهن وتكفينه َّن‪ ،‬ويصىل‬
‫ُ‬ ‫وم�ن هدي�ه ﷺ يف وفاة بناته ‪ K‬أن�ه كان‬
‫عليه َّن‪ ،‬ويدفنه َّن‪ ،‬ويقف عىل قبورهن ويدعو اهلل هلن‪.‬‬

‫ح�ني تو ّف ْ‬
‫يت ابنت ُه‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫(دخل علينا‬ ‫قال�ت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ن أ ِّم عط ّي� َة األنصار ّية ‪J‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع� ْ‬
‫]أم كلثوم]‪.‬‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫فلا فرغنا آذنّا ُه؛ فأعطانا حقو ُه ‪-‬تعني إزار ُه‪-‬؛ َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫أي‪ :‬اجعلن ُه شعارها ِ‬
‫أي‪ :‬ال ّثوب ا ّلذي ييل جسدها‪.‬‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ليكون‬ ‫أن يفرغ َن م َن الغسل‪ ،‬ومل ْ يناوهل َّن إ ّيا ُه ّأوالً؛‬ ‫َ‬
‫قيل احلكمة يف تأخري اإلزار مع ُه إىل ْ‬
‫ٌ‬
‫فاصل‪.‬‬ ‫قريب العهد م ْن جسده الكريم حتّى ال يكون بني انتقاله م ْن جسده إىل جسدها‬
‫ِ‬
‫والصيانة‬ ‫ٌ‬
‫مجل�ة من أحواله م�ع أوالده ﷺ؛ وما كان عليه من حس�ن الرعاية‬ ‫فه�ذه‬
‫هلم ﷺ‪.‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[76/15‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬أعلمنني‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1175‬ومسلم [‪.[939‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع اأحفاده‬

‫كان للنبي ﷺ سبعة من األحفاد‪ ،‬كا كان له سبعة من األوالد‪ ،‬وأحفاده هم‪:‬‬

‫البك�ر لعيل بن أيب‬


‫ُ‬ ‫وكان أش�ب َه الناس برس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وهو االب ُن‬
‫ٍ‬
‫طالب‪ ،‬وفاطم َة‪ ،‬ولدَ يف السنة الثالثة من اهلجرة‪َ ّ ،‬‬
‫وتويف سنة (‪ )49‬من اهلجرة‪ ،‬وكان‬
‫ٍ‬
‫سنوات‪.‬‬ ‫نحو سب ِع‬
‫سنّه عند وفاة الرسول ﷺ َ‬
‫ِ‬
‫االب ُن الثاين لعيل وفاطم َة‪ ،‬ولدَ يف الس�نة الرابعة من اهلجرة‪َ ّ ،‬‬
‫وتويف‬
‫ِ‬
‫اهلجرة‪.‬‬ ‫سنة (‪ )61‬من‬

‫عمر ب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ولدت َ‬


‫تزوجها ُ‬
‫قبل وفاة رس�ول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫فول�دت له زيدَ بن عمر‪ ،‬ورقي َة‪ .‬وتو ّف ْ‬
‫يت أ ُّم كلث�وم وابنها زيد عام (‪(75‬‬ ‫ْ‬ ‫اخلط�اب‪،‬‬
‫من اهلجرة‪.‬‬

‫عمها‬ ‫ِ‬
‫وتزوجها اب� ُن ّ‬
‫النب�ي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫حي�اة‬ ‫ول�دت يف‬
‫ْ‬
‫زينب من عبد اهلل بن‬
‫وذرية َ‬
‫ولدت له‪ ،‬وأوال ُد ّ‬
‫ْ‬ ‫فاتت عنده‪ ،‬وقد‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‪،‬‬ ‫عب�دُ اهلل ب ُن‬
‫ٍ‬
‫بكثرة‪.‬‬ ‫جعفر موجودون‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫الرس�ول ﷺ‪ ،‬ولدَ بأرض احلبش�ة‪ ،‬وعاش‬ ‫ابن رقي َة ِ‬
‫بنت‬ ‫ُ‬
‫ست سنني‪.‬‬

‫عيل اب ُن أيب‬ ‫ِ‬ ‫وهي من زينب ِ‬


‫تزوجه�ا ُّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫بنت‬ ‫َ‬
‫فاتت عنده‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فتزوجها املغري ُة ب� ُن ٍ‬
‫نوفل‪،‬‬ ‫ومات عنها‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫طال�ب بعدَ فاطم َة‪ ،‬فلم تل�دْ ‪،‬‬
‫ومل تلدْ له‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫احلل�م يف حياة‬
‫َ‬ ‫ت�ويف وقد ناهز‬ ‫وهو أخ�و أمام َة بن�ت َ‬
‫زينب‪َ ّ ،‬‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬

‫الرشي�ف من جهة‬
‫ُ‬ ‫عق�ب إال من ابنت�ه فاطم َة‪ ،‬فانترش نس�له‬
‫ٌ‬ ‫وهك�ذا مل يك� ْن للنبي ﷺ‬
‫حسني‪ ،‬وللمنسوب للحسني‪:‬‬
‫ٌّ‬ ‫ِ‬
‫للحسن‪:‬‬ ‫بطني‪ :‬احلسن واحلسني فقط‪ ،‬ويقال للمنسوب‬ ‫الس ِ‬
‫ّ‬
‫حسيني)‪.(1‬‬
‫ٌّ‬
‫ِ‬
‫والرمحة‪ ،‬فقد كان النبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫والشفقة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالعطف‪،‬‬ ‫كانت معاملته ﷺ مع أحفاده مليئ ًة‬ ‫ولقد ْ‬
‫ِ‬
‫الكريمة‪.‬‬ ‫لألبو ِة‬ ‫نموذج ًا فريد ًا‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫الرحيمة‪ ،‬فريعاهم‬ ‫ِ‬
‫الكريمة‬ ‫املظاهر اإلنس�ان ّي ِة‬
‫ِ‬ ‫وقد حفل تعامله مع أحفاده بالعديد من‬
‫ِ‬
‫الفائقة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعناية‬ ‫وحيوطهم‬

‫ُ‬
‫يطرق س�مع ُه يف الدنيا تجيدُ‬ ‫ليكون َ‬
‫أول ما‬ ‫َ‬ ‫فكان إذا ولد له مولو ٌد أ ّذ َن يف أذنه اليمنى؛‬
‫اهلل وتعظيمه‪.‬‬

‫حني ولدت ُه فاطم ُة‪،‬‬


‫عيل‪َ ،‬‬ ‫احلسن ِ‬
‫ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ أ ّذ َن يف ِ‬
‫َ‬ ‫فع ْن أيب راف ٍع َ‬
‫بن ٍّ‬ ‫أذن‬ ‫رأيت‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫بالص ِ‬
‫الة)‪.(2‬‬ ‫ّ‬
‫وهل�ذا اس�تحب الكثري م�ن العلاء إذا ولد املول�ود؛ أول ما يولدُ ‪ ،‬أن ي�ؤ ّذ َن يف أذنه حتى‬
‫ذكر اهلل ‪.D‬‬
‫يسمع ُ‬
‫ُ‬ ‫الشيطان عنه‪ ،‬ويكون َ‬
‫أول ما‬ ‫ُ‬ ‫يطر َد‬

‫)‪ (1‬أما ما رواه البخاري يف األدب املفرد [‪ ]823‬وابن حبان [‪ ]6985‬وأمحد [‪ ]769‬عن عيل قال‪ :‬ملا ُولد احلس�ن‬
‫سميته حرب ًا فجاء رسول اهلل ﷺ فقال‪« :‬أروين ابني‪ ،‬ما سميتموه؟» قال‪ :‬قلت‪ :‬حرب ًا‪ ،‬قال‪« :‬بل هوحسن»‪ .‬فلا‬
‫ولد احلس�ني س�ميته حرب ًا فجاء رس�ول اهلل ﷺ فقال‪« :‬أروين ابني‪ ،‬ما س�ميتموه؟» قال‪ :‬قلت‪ :‬حرب ًا‪ .‬قال‪« :‬بل‬
‫هو حسني»‪ .‬فلا ولد الثالث سميته حرب ًا‪ ،‬فجاء النبي ﷺ فقال‪« :‬أروين ابني‪ ،‬ما سميتموه؟» قلت‪ :‬حرب ًا‪ .‬قال‪:‬‬
‫وش�بري و ُم َش َّر» فهذا حديث ضعيف؛ جلهالة هانئ‬
‫«بل هو حمس�ن»‪ .‬ثم قال‪« :‬س�ميتهم بأساء ولد هارون َش ّر َ‬
‫عيل ‪ .I‬انظر ‪ :‬الضعيفة (‪.(182/8‬‬
‫ابن هانئ‪ ،‬راويه عن ّ‬
‫)‪ (2‬ه�ذا إذا ص�ح احلديث‪ ،‬وقد رواه أبو داود [‪ ]5105‬والرتم�ذي [‪ ]1514‬وصححه الرتمذي‪ ،‬والنووي‪ ،‬وابن‬
‫امللقن‪ ،‬وضعفه ابن حبان‪ ،‬وحسنه األلباين يف اإلرواء [‪ ]1173‬ثم تراجع وض ّعفه يف الضعيفة [‪ .]6121‬ينظر‪:‬‬
‫املجروحني [‪ ،]110/2‬املجموع رشح املهذب [‪ ،]434/8‬البدر املنري [‪ ،]348/9‬الكلم الطيب [‪.[211‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اإلنس�ان كلاته‬ ‫س�مع‬ ‫يقرع‬
‫َ‬ ‫«ورس التأذين واهلل أعلم؛ أن يكون أول ما ُ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يدخل هبا يف اإلس�ال ِم‪ ،‬فكان َ‬
‫ذلك‬ ‫الرب وعظمته‪ ،‬والش�هاد ُة التي أول ما‬‫املتضمن ُة لكرياء ِّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫شعار اإلسال ِم عند دخوله إىل الدنيا‪ ،‬كا يل ّق ُن كلم َة التوحيد عند خروجه منها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كالتلقني له‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫فائدة‬ ‫وصول أثر التأذين إىل قلبه‪ ،‬وتأ ّثره به وإن مل ْ‬
‫يشعر‪ ،‬مع ما يف ذلك من‬ ‫مستنكر‬ ‫وغري‬
‫ِ‬
‫األذان‪ .. ،‬فيسمع شيطانه ما يضعف ُه‪ ،‬ويغيظه ّأو َل‬ ‫ِ‬
‫كلات‬ ‫ِ‬
‫الشيطان من‬ ‫هروب‬ ‫أخرى‪ ،‬وهي‬
‫ُ‬
‫أوقات تع ّلقه ِبه»)‪.(1‬‬
‫ِ‬

‫ﷺ‬
‫عليهم‪،‬‬ ‫ر ُك‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫ّب�ي ﷺ؛ َّ‬ ‫ع� ْن عائش� َة ِ‬
‫ْ‬ ‫بالصبيان‪ ،‬في� ّ‬
‫كان يؤت�ى ّ‬ ‫أن‬ ‫زوج الن ِّ‬
‫ّكهم)‪.(2‬‬
‫وحين ْ‬
‫ولو حنّك بغري ِ‬
‫التمر؛‬ ‫الصغري‪ْ ،‬‬ ‫ثم يد ّل َك ِبه ُ‬
‫حنك ّ‬ ‫َ‬
‫يمضغ التّمر‪ْ ،‬أو نحوه‪َّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫أن‬
‫َ‬
‫حصل التّحنيك‪ ،‬ولك َّن التّمر أفضل)‪.(3‬‬
‫وحالوة التمر من أنسب يشء للمولود‪.‬‬
‫وق�د أكد الدكتور حممد ع�ىل البار عضو هيئة اإلعجاز العلم�ي أن العلم احلديث أثبت‬
‫الفوائد الصحية للتحنيك عىل جسد الطفل الوليد ونموه‪ ،‬وقدّ م له تفسري ًا علمي ًا مقنع ًا‪.‬‬
‫فق�ال‪ :‬إن األحادي�ث الواردة يف التحنيك تدل ع�ىل أن يكون التمر أو الطعام احللو أول‬
‫ما يدخل جوف الطفل‪.‬‬
‫وق�د اكتش�ف العلم احلديث احلكمة من هذا التحنيك بع�د أربعة عرش قرن ًا من الزمان‪،‬‬
‫فق�د تبني حديث ًا أن األطف�ال حديثي الوالدة والرضع ّ‬
‫معرضون للموت إن حدث هلم أحد‬
‫أمرين‪ :‬نقص الس�كر يف الدم‪ ،‬أو انخفاض درجة حرارة اجلس�م عند التعرض للجو البارد‬
‫املحيط به‪.‬‬

‫)‪ (1‬حتفة املودود [ص‪.[31‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[286‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[124 / 14‬‬
‫‪‬‬

‫فمس�توى الس�كر (اجللوكوز) يف الدم بالنس�بة للمواليد يكون منخفض ًا‪ ،‬وقد يؤ ّدى إىل‬
‫أعراض خطرية منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن يرفض املولود الرضاعة‪.‬‬
‫‪ -‬ارختاء العضالت‪.‬‬
‫‪ -‬تو ّقف ّ‬
‫متكرر يف عمل ّية التنفس‪.‬‬
‫‪ -‬حصول زرقة يف اجلسم‪ .‬وغري ذلك‪.‬‬
‫كا قد يؤ ّدي إىل مضاعفات خطرية مثل تأخر النمو‪ ،‬والتخلف العقيل‪.‬‬
‫والعالج سهل‪ ،‬وهو إعطاء السكر اجللوكوز مذاب ًا يف املاء‪ ،‬إما بالفم أو بواسطة الوريد‪،‬‬
‫وهذا هو ما يقوم به التحنيك‪.‬‬
‫ك�ا أكّدت الدراس�ات العلمية أن يف التحنيك تقوية لعضالت الفم بحركة اللس�ان مع‬
‫احلنك والفكّني حتى يتهيأ املولود للق ِم الثدي)‪.(1‬‬
‫ومن ناحية أخرى فالعجوة مباركة حيث نزل أصلها من اجلنة‪.‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫عن أيب هريرة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫لكنها حينا تنزل إىل الدنيا تتغري بال ٍّ‬
‫شك‪ ،‬فالتمر يف الدنيا غري التمر يف اجلنة‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫بكبشني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واحلسني ‪L‬‬ ‫ِ‬
‫احلس�ن‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫عق‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫فعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫كبشني)‪.(3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلارية‬ ‫للمولود بعد والدته‪ :‬عن الغال ِم ش�اتان‪ ،‬وعن‬ ‫هي الذبيح ُة التي ُ‬
‫تذبح‬
‫شاةٌ‪.‬‬

‫)‪ (1‬موقع (إسالم ويب) باختصار وترصف‪.‬‬


‫‪http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=143055‬‬

‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]2066‬وابن ماجة [‪ ،]3455‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4126‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ،]4219‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[379/4‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫ارهتان املولود‪.‬‬ ‫تفك‬ ‫ٌ‬
‫قربان إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وفيها كر ٌم‪ ،‬وهي ُّ‬ ‫والعقيقة هلا فوائدُ كثريةٌ‪ ،‬فهي‬
‫ِ‬
‫الول�د‪ ،‬ودوا ِم س�المته‪ ،‬وحفظه من رضر‬ ‫ِ‬
‫إنبات‬ ‫ِ‬
‫حلس�ن‬ ‫ٍ‬
‫مس�تبعد أن تكون س�بب ًا‬ ‫وغ�ري‬
‫ُ‬
‫الشيطان)‪.(1‬‬

‫وسامها)‪.(2‬‬
‫السابعِ‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫وحسني يو َم ّ‬ ‫ٍ‬
‫حسن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن‬ ‫عق‬ ‫عن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫اجلمعة‪ ،‬يعني‪ :‬قبل يوم‬ ‫فتذبح يو َم‬ ‫ِ‬
‫السبت؛‬ ‫تذبح يف اليو ِم السابعِ‪ ،‬فإذا ولدَ يو َم‬
‫ُ‬ ‫فيس ُّن أن َ‬
‫الوالدة بيو ٍم‪ ،‬هذه هي القاعدةُ‪.‬‬

‫جر ًا)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وهلم ّ‬
‫َّ‬ ‫األربعاء‪،‬‬ ‫اخلميس؛ فهي يو َم‬ ‫وإذا ولدَ يو َم‬

‫يسمي‬
‫فكان ﷺ ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫ومع قوله ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬ ‫مولوده يف يوم والدته أيض ًا؛ كا قال‪:‬‬

‫تعق‬ ‫أرادت أ ّم ُه فاطم ُة ْ‬


‫أن َّ‬ ‫عيل ّملا ولدَ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ؛ َّ‬ ‫ع ْن أيب راف ٍع موىل‬
‫ْ‬ ‫أن احلس� َن ب َن ٍّ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بكبش�ني‪َ .‬‬ ‫عن ُه‬
‫‪.‬‬ ‫[أي‪ :‬الفضة]‬

‫ذلك)‪.(6‬‬ ‫فصنعت َ‬
‫مثل َ‬ ‫ْ‬ ‫حسني بعدَ َ‬
‫ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫ثم ولدَ‬
‫َّ‬
‫يتوىل العقيق َة عنه بنفسه‪.‬‬
‫؛ ألنه أرا َد أن ّ‬ ‫وقوله هلا‪:‬‬

‫)‪ (1‬حتفة املودود بأحكام املولود [ص‪.[69‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن حبان [‪ ]5311‬وصححه احلافظ ابن حجر يف فتح الباري [‪.[589/9‬‬
‫)‪ (3‬الرشح املمتع [‪.[493/7‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ]2838‬والرتمذي [‪ ]1522‬وصححه‪ ،‬من حديث سمرة بن جندب ‪ ،I‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[3126‬‬
‫)‪ (6‬رواه أمحد [‪ ]26655‬وحسنه األلباين يف اإلرواء [‪.[403 / 4‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫واحلسني يو َم سابعها ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫احلسن‬ ‫ِ‬
‫برأس‬ ‫أمر‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬‫أنس ِ‬‫وعن ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫مالك ‪ I‬أن‬
‫فض ًة)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫بوزنه ّ‬ ‫حيلق‪ ،‬ويتصدّ َق‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطفل‬ ‫رأس‬ ‫حلق‬
‫احلديث أن َ‬ ‫أثبت ال ّط ُّ‬
‫ب‬ ‫حيث َ‬ ‫املولود مفيدٌ جدّ ًا؛ ُ‬ ‫الصبي‬
‫ِّ‬ ‫رأس‬ ‫وحلق‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫عر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إنبات ّ‬ ‫ِ‬
‫الرأس؛ ويساعدُ عىل‬ ‫يفتح مسام ِ‬
‫فروة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ومسح رأس الولد بعد حالقته بالزعفران سنة مهجورة َّ‬
‫قل من الناس من يفعلها‪.‬‬

‫فع�ن عائش�ة ‪ J‬قال�ت‪ :‬كان�وا يف اجلاهلي�ة إذا عقوا ع�ن الصبي خضب�وا قطنة بدم‬
‫العقيق�ة فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها عىل رأس�ه‪ ،‬فقال النبي ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫يغري االسم القبيح إىل احلسن‪.‬‬


‫وتلك كانت عادته ﷺ يف كل من يسميه‪ ،‬بل كان ّ‬
‫حق الولد عىل والده‪ ،‬أن خيتار له اس ًا ط ّيب ًا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وإن من ِّ‬

‫فيبتعد عن األساء األجنبية والرخوة‪ ،‬ويبتعد عن األساء القبيحة واملستنكرة)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه البزار [‪ ،]6199‬وحسنه اهليثمي يف جممع الزوائد [‪.[89/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن حبان يف صحيحه [‪ ]5308‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪[463‬‬
‫طي�ب معروف مرك�ب يتّخذ من الزّ عفران وغ�ريه من أنواع ال ّطيب وتغلب علي�ه احلمرة ّ‬
‫والصفرة‬ ‫ٌ‬ ‫واخلل�وق‪:‬‬
‫النهاية [‪.[144/ 2‬‬
‫)‪ (3‬ومن الطرائف يف موضوع األساء‪ :‬أن موظف املطار قال المرأة عجوز مسافرة‪ :‬أعطني اسمك‪.‬‬
‫قالت‪ :‬الصالة عىل النبي‪.‬‬
‫قال املوظف‪ :‬عليه الصالة والسالم‪ .‬أعطني اسمك‪.‬‬
‫قالت‪ :‬الصالة عىل النبي‪.‬‬
‫قال املوظف مرة أخرى‪ :‬عليه الصالة والسالم‪ ،‬أعطني اسمك‪.‬‬
‫ثم يكتشف أن اسمها‪« :‬الصالة عىل النبي»!‪.‬‬
‫وقيل لرجل‪ :‬أنت أبو من؟‬
‫فقال‪ :‬أبو عبد امللك الكريم ا ّلذي يمسك الساء أن تقع عىل األرض ّإال ِ‬
‫بإذنه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬مرحب ًا بك يا نصف القرآن‪ ،‬ارتفع‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فبال‬ ‫ِ‬
‫حجر‬ ‫عيل ‪ I‬يف‬ ‫قالت‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫عن لباب َة ِ‬
‫احلسني ب ُن ٍّ‬
‫ُ‬ ‫كان‬ ‫احلارث‪ْ ،‬‬ ‫بنت‬ ‫ْ‬
‫عليه‪.‬‬
‫َ‬
‫إزارك حتّى أغسل ُه‪.‬‬ ‫البس ثوب ًا‪ ،‬وأعطني‬
‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫؛‬ ‫يغتس�ل َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فكان إذا أرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫كنت أخد ُم الن َّ‬
‫�مح‪ُ :‬‬ ‫الس ِ‬
‫وقال أبو ّ‬
‫قفاي؛ فأسرت ُه ِبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فأو ّليه َ‬
‫ِ‬
‫صدره‪.‬‬ ‫فبال عىل‬ ‫ٍ‬
‫حسني ‪َ ،L‬‬ ‫ٍ‬
‫بحسن؛ ْأو‬ ‫يت‬
‫فأ َ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫فجئت أغسل ُه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬

‫احلسني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫صدره؛ أو ِ‬
‫بطنه احلس ُن؛ ْأو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وعىل‬ ‫كنت عندَ‬ ‫وع ْن أيب ليىل‪َ ،‬‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫ْ‬
‫أساريع‪ ،‬فقمنا إليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫فرأيت بول ُه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ثم أتبع ُه املا َء)‪.(3‬‬


‫‪َّ .‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫(فرأيت بوله أساريع))‪.(4‬‬


‫ِ‬
‫وحسن رعايته هلم‪.‬‬ ‫وهذه األحاديث تبني مدى ساحة النبي ﷺ‪ ،‬وح ّبه ألحفاده‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]375‬وابن ماجة [‪ ،]522‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2383‬‬
‫ّضح‬
‫بي يكفيه الن ُ‬
‫الص ِّ‬ ‫والصب ّي ِة‪َّ ،‬‬
‫وأن بول ّ‬ ‫بي‪ّ ،‬‬‫الص ِّ‬
‫ّفرقة بني ِ‬
‫بول ّ‬
‫ويف هذا احلديث الصحيح دليل رصيح عىل الت ِ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ّضح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للغسل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫باملاء‪ ،‬وال حاج َة ِ‬
‫الصب ّية ال بدَّ ل ُه م ْن الغسل‪ ،‬وال يكفيه الن ُ‬
‫وأن بول ّ‬ ‫فيه‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]376‬والنسائي [‪ ،]304‬وابن ماجة [‪ ،]526‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[8117‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]18580‬وقال اهليثمي يف املجمع [‪ :]631/1‬رجاله ثقات‪ ،‬وصححه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي طرائق‪ ،‬الواحد أرسوع‪ ،‬س�مي ال ّطراده‪ ،‬من الرعة‪ ،‬وهي أن ت ّطرد احلركات؛ من غري أن يتخللها س�كون‬
‫وتو ّقف‪ .‬الفائق يف غريب احلديث [‪.[171/2‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫يق�ول‪:‬‬ ‫واحلس�ني‪،‬‬
‫َ‬ ‫يعو ُذ احلس� َن‬
‫ّبي ﷺ ّ‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫ق�ال‪َ :‬‬
‫كان الن ُّ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ويق�ول‪:‬‬ ‫‪،‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫القرآن‪َ ،‬‬
‫وقيل أساؤ ُه‪ ،‬وصفات ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫هي‬ ‫‪َ :‬‬
‫قيل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫جيوز ْ‬
‫نقص‪،‬‬
‫يك�ون يف يشء م ْن كالمه ٌ‬ ‫أن‬ ‫وصف كال َم اهلل بالتّ�ا ِم أل ّن ُه ال ُ‬
‫َ‬ ‫‪ :‬إنّ�ا‬
‫كالم الن ِ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫يكون يف ِ‬
‫ُ‬ ‫عيب كا‬
‫ْأو ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املتعو َذ هبا‪ ،‬وحتفظ ُه م َن‬ ‫َ‬
‫وتكفيه‪.‬‬ ‫اآلفات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقيل‪ :‬معنى التّا ِم هاهنا ّأهنا ُ‬
‫تنفع‬

‫شياطني اإلنس واجل ِّن‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪ :‬يدخل حتت ُه‬

‫السا ّم ُة‬ ‫يسم وال ُ‬ ‫سم ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ :‬اهلا ّم ُة‪ُّ :‬‬


‫فهو ّ‬
‫يقتل‪َ ،‬‬ ‫واجلمع‪ :‬اهلوا ُّم‪ ،‬فأ ّما ما ُّ‬
‫ُ‬ ‫يقتل‪،‬‬ ‫كل ذات ٍّ‬
‫والز ِ‬
‫نبور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كالعقرب ّ‬
‫ٍ‬
‫بسوء)‪.(2‬‬ ‫تصيب‬ ‫أي‪ :‬م ْن ٍ‬
‫عني‬
‫ُ‬ ‫‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫وخبل»)‪.(3‬‬ ‫ٍ‬
‫جنون‬ ‫ِ‬
‫باإلنسان من‬ ‫تلم‬ ‫«املراد به‪ٍ ُّ :‬‬
‫كل داء وآفة ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬
‫الوت�ر‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫كلات أقوهل� َّن يف‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ع�يل ‪ :L‬ع ّلمني‬ ‫َ‬
‫ق�ال احلس� ُن ب� ُن ٍّ‬

‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3371‬والرتمذي [‪ ،]2060‬واللفظ له‪.‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[184 / 6‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[410/6‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]464‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[429‬‬
‫‪‬‬

‫وهو ُ‬
‫يقبل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫عيل إىل جنب�ه‪َ ،‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عىل املنر‪ ،‬واحلس� ُن ب ُن ٍّ‬ ‫رأيت‬
‫ق�ال أب�و بك�رةَ‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وعليه أخرى‪،‬‬ ‫مرةً‪،‬‬ ‫عىل الن ِ‬
‫ّاس ّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫واحلس�ني ‪،L‬‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فأقبل احلس� ُن‬ ‫ُ‬ ‫وع�ن بريدة بن احلصيب َ‬
‫قال‪ :‬خطبنا‬
‫ِ‬
‫ويقومان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يعثران‬ ‫ِ‬
‫أمحران‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قميصان‬ ‫عليها‬

‫(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)‬ ‫ثم َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫ر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫فن�زل‪ ،‬فأخذمها‪ ،‬فصع�دَ هبا املن َ‬
‫ِ‬
‫اخلطبة)‪.(2‬‬ ‫ثم َ‬
‫أخذ يف‬ ‫َّ‬ ‫[التغابن‪[15 :‬‬

‫ِ‬
‫لضعفه يف‬ ‫صغري؛ ُ‬
‫يميل يف مش�يه تار ًة إىل هنا‪ ،‬وتار ًة إىل هنا؛‬ ‫ميش ٍ‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬يمش�يان َ‬‫ْ‬
‫ِ‬ ‫كال ما وضع اهلل تعاىل ِ‬
‫امليش‪ ،‬فحملها؛ وهو م ْن ِ‬
‫صىل اهلل تعاىل عليه وس ّل َم م ْن ّ‬
‫الرمحة)‪.(3‬‬ ‫فيه ّ‬ ‫َ‬
‫أي‪ :‬تش�غل البال ِ‬
‫عن القيام‬ ‫وقول اهلل تعاىل‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [التغابن‪ْ [15 :‬‬
‫أن قطع اخلطبة والنّ�زول هلا فتن ٌة‪ ،‬دعا إليها حم ّب� ُة الولد‪ ،‬عىل َّ‬
‫أن‬ ‫وظاه�ر احلدي�ث َّ‬ ‫بال ّط ِ‬
‫اع�ة‪،‬‬
‫ُ‬
‫جير إىل ما فوقه فيحذر)‪.(4‬‬ ‫ِ‬ ‫الفتن َة‬
‫مراتب‪ ،‬وهذا م ْن أدناها‪ ،‬وقدْ ُّ‬
‫ُ‬ ‫بالولد‬
‫ويف هذا احلديث‪ُ :‬‬
‫بيان رمحته ﷺ‪ ،‬وح ّبه ألحفاده‪.‬‬

‫وهي‬ ‫ِ‬
‫العاص‪َ ،‬‬ ‫ّاس‪ ،‬وأمام ُة ُ‬
‫بنت أيب‬ ‫ّبي ﷺ يؤ ُّم الن َ‬
‫رأيت الن َّ‬ ‫األنصاري َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫ع ْن أيب قتاد َة‬
‫عاتقه‪ ،‬فإذا ركع وضعها‪ ،‬وإذا رفع من الس ِ‬
‫جود أعادها)‪.(5‬‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ عىل‬ ‫ِ‬ ‫ابن ُة‬
‫َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫زينب بنت الن ِّ‬‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2714‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]1109‬والرتمذي [‪ ،]3774‬والنسائي [‪ ،]1413‬وابن ماجة [‪ ،]3600‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود [‪.[1016‬‬
‫)‪ (3‬حاشية السندي عىل النسائي [‪.[108 / 3‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪ ]254 / 11‬خمترص ًا‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]516‬ومسلم [‪ ،]543‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اد بن اهلاد ‪َ I‬‬ ‫عن شدّ ٍ‬


‫صاليت العشاء‪َ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ يف إحدى‬ ‫خرج علينا‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ْ‬
‫ٌ‬
‫حامل حسن ًا؛ ْأو حسين ًا‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ فوضعه‪ ،‬ثم كر للص ِ‬
‫الة‪ّ ،‬‬
‫فصىل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فتقدّ َم‬
‫ُ َّ ّ َ ّ‬
‫ِ‬
‫صالته سجد ًة أطاهلا‪.‬‬ ‫ظهراين‬ ‫بني‬
‫فسجدَ َ‬
‫ْ‬
‫فرجعت‬ ‫وهو ساجدٌ ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫بي عىل ِ‬
‫ظهر‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫الص ُّ‬
‫فرفعت رأس)‪ ،(1‬وإذا ّ‬
‫ُ‬ ‫قال شدّ اد‪:‬‬
‫إىل سجودي‪.‬‬

‫ظهراين‬
‫ْ‬ ‫بني‬
‫س�جدت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل إن َّك‬ ‫ّاس‪ :‬يا‬ ‫الصالةَ‪َ ،‬‬
‫قال الن ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ‬ ‫فلا قىض‬
‫ّ‬
‫أمر )‪ْ ،(2‬أو أ ّن ُه يوحى َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫َ‬
‫حدث ٌ‬ ‫َ‬
‫صالتك سجد ًة أطلتها؛ حتّى ظننّا أ ّن ُه قدْ‬

‫)‪.(4‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫َ‬


‫قال‪:‬‬

‫وثب احلس ُن‬ ‫ِ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ العش�ا َء‪ ،‬فإذا سجدَ َ‬ ‫مع‬
‫نصيل َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬كنّا ّ‬
‫ِ‬
‫خلفه أخ�ذ ًا رفيق� ًا‪ ،‬ويضعها عىل‬ ‫ِ‬
‫بي�ده م ْن‬ ‫رفع رأس� ُه أخذمها‬ ‫ِ‬
‫واحلس�ني ع�ىل ظهره‪ ،‬ف�إذا َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فخذيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬فإذا عا َد عادا‪ ،‬حتّى إذا قىض صالت ُه أقعدمها عىل‬

‫َ‬
‫رسول اهلل أر ّدمها‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫فقمت ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫فرقت برق ٌة)‪َ (5‬‬


‫فقال هلا‪:‬‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬فلو أن مصليا ظن أن اإلمام قد حدث له يشء فرفع رأسه ليطمئن عليه‪ ،‬ثم رجع إىل سجوده فصالته صحيحة‪.‬‬
‫كر‪ ،‬فلا رأى أن اإلمام ما زال ساجد ًا عاد إىل سجوده‪ ،‬فصالته صحيحة‪.‬‬
‫وكذلك لو رفع رأسه يظن أن اإلمام ّ‬
‫)‪ (2‬كناية ِ‬
‫عن املوت ْأو املرض‪.‬‬
‫بالر ِ‬
‫كوب عىل ظهري‪.‬‬ ‫)‪ (3‬اختّذين راحلة ل ُه ّ‬
‫)‪ (4‬رواه النسائي [‪ ،]1141‬وصححه األلباين يف صحيح سنن النسائي [‪.[1141‬‬
‫)‪ (5‬أي‪ :‬ملع برق يف الساء‪.‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫فمكث ضوءها حتّى دخال عىل أ ّمها)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫ظهره‬ ‫وثب احلس ُن عىل‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫كان ّ‬ ‫َ‬ ‫وقال أبو بكر َة ‪َّ :I‬‬
‫يصيل‪ ،‬فإذا س�جدَ َ‬ ‫إن‬
‫يرصع‪.‬‬ ‫لئال‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ رفع ًا رفيق ًا؛ ّ‬ ‫فريفع‬ ‫وعىل ِ‬
‫عنقه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫مر ٍة‪.‬‬
‫غري ّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فعل َ‬
‫ذلك َ‬ ‫َ‬

‫َ‬
‫رأيناك صنعت ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باحلسن شيئ ًا ما‬ ‫صنعت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رأيناك‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فلا قىض صالت ُه قالوا‪ :‬يا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫املساجد؛ وأما حديث‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الصبيان‬ ‫ِ‬
‫إدخال‬ ‫ِ‬
‫جواز‬ ‫ٌ‬
‫دليل عىل‬
‫فهو ضعيف‪ ،‬رواه ابن ماجة (‪ )750‬عن واثلة بن األس�قع‪ ،‬وضعفه‬
‫األلباين يف ضعيف اجلامع (‪.(2636‬‬

‫احلب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتعامل�ه ﷺ مع أحفاده كان مبن ّي ًا عىل‬


‫الصغري حيتاج إىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫فالطفل‬ ‫والرمحة؛‬ ‫الرأفة‪،‬‬
‫رضوري‬ ‫العاطفي‬ ‫ِ‬
‫والرشاب‪ ،‬فالغذا ُء‬ ‫حيتاج إىل الطعا ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌّ‬ ‫ُّ‬ ‫والعط�ف‪ ،‬واحلنان من والديه؛ كا ُ‬
‫ٍ‬
‫مضطربة‪.‬‬ ‫جدّ ًا لبناء شخص ّي ٍة سو ّي ٍة ِ‬
‫غري‬

‫ﷺ‬

‫ّهار ال يك ّلمني‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫طائفة م� َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫مع‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫خرجت َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫انرصف؛ حتّى أتى خبا َء فاطم َة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫قينقاع‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫وال أك ّلم ُه؛ حتّى جا َء َ‬
‫سوق بني‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]10281‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[3325‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]19994‬وصححه األلباين يف الثمر املستطاب [‪.[757 / 1‬‬
‫األول‪.‬‬ ‫غري‪ ،‬واآلخر ال ّل ُ‬
‫ئيم‪ ،‬واملراد هنا ّ‬ ‫الص ُ‬ ‫ِ‬
‫معنيني أحدمها ّ‬ ‫)‪ (3‬ال ّل ُ‬
‫كع يطلق عىل‬
‫‪‬‬

‫تغسل ُه وتلبس ُه سخاب ًا)‪.(1‬‬ ‫فظننّا أ ّن ُه إنّا حتبس ُه أ ّم ُه ْ‬


‫ألن ّ‬
‫واحد منها صاحب ُه‪.‬‬‫ٍ‬ ‫اعتنق ُّ‬
‫كل‬ ‫أن جا َء يسعى حتّى َ‬ ‫يلبث ْ‬‫فلم ْ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ما‬ ‫عيل بعدَ ما َ‬
‫قال‬ ‫احلس�ن ِ‬
‫بن ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫أحب إ َّيل م َن‬
‫َّ‬ ‫كان أحدٌ‬ ‫َ‬
‫قال أبو هريرةَ‪ :‬فا َ‬
‫َ‬
‫قال)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫مالطفة‬ ‫اس�تحباب‬ ‫كل واحد منها صاحبه) ِ‬
‫فيه‪:‬‬ ‫اعتنق ّ‬
‫(جا َء يس�عى حتّى َ‬
‫ُ‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بي ومداعبته رمح ًة ل ُه‪ ،‬ولطف ًا‪ ،‬واستحباب التّواضع َ‬
‫مع األطفال‪،‬‬ ‫الص ِّ‬
‫ّ‬
‫الزينة‪ ،‬واستحباب‬
‫والس�خب‪ ،‬ونحوها م َن ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصبيان القالئد ّ‬‫إلباس ّ‬ ‫جواز‬
‫ُ‬ ‫ويف احلديث‪:‬‬
‫لقائهم أهل الفضل)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫تنظيفهم ال س ّيا عند‬
‫ْ‬
‫وقد كان احلفيدان ‪ L‬رحيانتيه من الدنيا‪:‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫عمر‪:‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال اب ُن َ‬
‫)‪.(4‬‬
‫فكأهن ْم م ْن مجلة‬
‫لون ّ‬‫ون‪ ،‬ويق ّب َ‬
‫يشم َ‬ ‫ّأهنا ممّا أكرمني اهلل‪ ،‬وحباين ِبه؛ َّ‬
‫ألن األوالد ّ‬
‫الرياحني‪.‬‬
‫ّ‬
‫نيوي)‪.(5‬‬
‫الرحيان الدّ ّ‬
‫أي‪ :‬نصيبي م ْن ّ‬
‫وقوله‪« :‬م َن الدّ نيا» ْ‬

‫ٍ‬
‫حابس‬ ‫األقرع ب ُن‬
‫ُ‬ ‫عيل وعند ُه‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ احلس� َن ب َن ٍّ‬ ‫قال‪ :‬ق ّب َل‬
‫عن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫ّميمي جالس ًا‪.‬‬
‫الت ُّ‬

‫وليس‬ ‫ِ‬ ‫الصبيان واجلواري‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫هو ٌ‬


‫هو قالدة تتّخذ م ْن قرنفل ونحوه‪َ ،‬‬
‫وقيل َ‬ ‫خيط ينظم فيه خرز ويلبس�ه ّ‬ ‫)‪ (1‬الس�خاب‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫فيها م َن ال ّلؤلؤ واجلوهر شى ٌء‪ .‬النهاية [‪.[[349/2‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]5884‬ومسلم [‪.[2421‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل مسلم [‪ ]193 / 15‬بترصف‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]3753‬والرتمذي [‪ ،]3770‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[427 / 10‬‬
‫‪‬‬

‫منهم أحد ًا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األقرع‪َّ :‬‬ ‫َ‬


‫لت ْ‬ ‫الولد ما ق ّب ُ‬ ‫إن يل عرش ًة م ْن‬ ‫ُ‬ ‫فقال‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فنظر ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َّ‬ ‫إليه‬ ‫َ‬
‫والرمحة‪ ،‬وكذا‬ ‫تقبيل الولد إنّا يكون ّ ِ‬
‫أن َ‬ ‫ّبي ﷺ لألقر ِع إشار ٌة إىل َّ‬
‫للشفقة ّ‬ ‫«ويف جواب الن ّ‬
‫الض ّم ّ‬
‫والش ّم واملعانقة»)‪.(2‬‬ ‫ّ‬

‫وحس�ني هذا عىل‬


‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ومع ُه حس� ٌن‬ ‫خرج علينا‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫مر ًة)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويلثم هذا ّ‬
‫ُ‬ ‫مرةً‪،‬‬
‫يلثم هذا ّ‬
‫وهو ُ‬ ‫عاتقه‪ ،‬وهذا عىل عاتقه‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل إن َّك حت ّبها‪.‬‬ ‫فقال ل ُه ٌ‬
‫رجل‪ :‬يا‬ ‫حتّى انتهى إلينا‪َ ،‬‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫العجاب‪،‬‬
‫َ‬ ‫رأيت العجب‬ ‫ِ‬
‫التعامل مع أوالدنا َ‬ ‫النبي ﷺ بحالنا اليو َم يف‬
‫حال ِّ‬ ‫قارن�ت َ‬
‫َ‬ ‫وإذا‬
‫ُ‬
‫الطفل ويميس‪،‬‬ ‫فيصبح‬ ‫ِ‬
‫اخلادمات‪،‬‬ ‫فالكث�ريون تركوا الرعاي َة واملداعب� َة ألطفاهلم عىل ِ‬
‫عاتق‬
‫ُ‬
‫حنان أ ّم ِه وأبيه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يعرف سبي ً‬
‫ال إىل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املصطنعة‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬
‫أحضان تلك األم‬ ‫وهو يف‬
‫ِ‬
‫أكناف‬ ‫صغ�ار اليو ِم الذين نش�ئوا يف‬ ‫ِ‬
‫الطفل تبدو ضعيف� ًة وركيك ًة‪ ،‬وال يكا ُد‬ ‫حت�ى لغ�ة‬
‫ُ‬
‫القول؛ وذلك راجع إىل تأثري اخلادمات عليهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخلادمات يفصحون‬

‫ِ‬
‫عاتقه‪ ،‬ولعاب ُه‬ ‫عيل ع�ىل‬ ‫ِ‬
‫احلس�ني ِ‬ ‫َ‬ ‫فع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫بن ٍّ‬ ‫حامل‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫رأيت الن َّ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫يسيل ِ‬
‫عليه)‪.(5‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5997‬ومسلم [‪.[2318‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪[430 / 10‬‬
‫)‪ (3‬يعني‪ :‬يق ّبل‬
‫)‪ (4‬رواه ابن ماجة [‪ ،]143‬وأمحد [‪ ،]9381‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2895‬‬
‫)‪ (5‬رواه ابن ماجه [‪ ،]685‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجة [‪.[536‬‬
‫‪‬‬

‫يمص لسان ُه ْأو َ‬


‫قال شفت ُه؛ يعني احلس َن ب َن‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُّ‬ ‫رأيت‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ع ْن معاوي َة ‪َ I‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(1‬‬ ‫مصها‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫صلوات اهلل ِ‬
‫عليه‪ ،‬وإ ّن ُه ل ْن ّ‬
‫لسان ْأو شفتان ّ‬ ‫يعذ َب‬ ‫ُ‬ ‫عيل‬
‫ٍّ‬

‫أهل ِ‬
‫بيته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بصبيان ِ‬ ‫ٍ‬
‫س�فر تل ّق َي‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا قد َم م ْن‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫ٍ‬
‫جعفر َ‬ ‫بن‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫ابني فاطم َة‪ ،‬فأردف ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬وإ ّن ُه قد َم م ْن ٍ‬
‫َ‬
‫ثم جي َء بأحد ْ‬ ‫بني يديه‪َّ ،‬‬
‫فسبق يب إليه‪ ،‬فحملني َ‬
‫سفر َ‬
‫خلف ُه)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫واحلس�ني‪ ،‬بغلت ُه‬ ‫ِ‬
‫واحلس�ن‪،‬‬ ‫بنبي اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫بن س�لم َة عن ِ‬
‫أبيه‪َ ،‬‬ ‫إياس ِ‬
‫ِ‬
‫قدت ِّ‬ ‫قال‪ :‬لقدْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وع ْن‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬هذا قدّ ام ُه‪ ،‬وهذا خلف ُه)‪.(3‬‬
‫أدخلتهم حجر َة الن ِّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫الشهبا َء‪ ،‬حتّى‬
‫ﷺ‬
‫ّب�ي ﷺ إىل طعا ٍم‬ ‫ٍ‬
‫راش�د َّ‬ ‫ِ‬
‫س�عيد ِ‬
‫مع الن ِّ‬
‫ثه�م‪ّ :‬أهن ْم خرجوا َ‬
‫مر َة حدّ ْ‬
‫أن يعىل ب َن ّ‬ ‫بن أيب‬ ‫ع� ْن‬
‫السك ِّة‪.‬‬
‫يلعب يف ّ‬ ‫ُ‬ ‫حسني‬
‫ٌ‬ ‫دعوا ل ُه‪ .‬فإذا‬
‫يفر ها هنا‪ ،‬وها هنا‪ ،‬ويضاحك ُه‬ ‫َ‬ ‫وبسط ِ‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ أما َم القو ِم‪،‬‬
‫فجعل الغال ُم ُّ‬ ‫يديه‪،‬‬ ‫فتقدّ َم الن ُّ‬
‫ِ‬
‫رأسه)‪ (4‬فق ّبل ُه‪.‬‬ ‫ذقنه‪ ،‬واألخرى يف ِ‬
‫فأس‬ ‫حتت ِ‬
‫يديه َ‬ ‫فجعل إحدى ِ‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ حتّى أخذ ُه‪،‬‬ ‫الن ُّ‬
‫َ‬
‫وق�ال‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬
‫أن يقال ّ‬
‫كل منها‬ ‫يصح ْ‬ ‫أي‪ :‬بيننا م َن ّ‬
‫االحتاد واالتّصال ما ّ‬ ‫ْ‬
‫م َن اآلخر‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]16406‬وصححه شعيب األرناؤوط‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2428‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2423‬‬
‫هو طرف ّ‬
‫مؤخره املنترش عىل القفا‪.‬‬ ‫)‪َ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه ابن ماجه [‪ ]144‬والرتمذي [‪ ]3775‬خمترص ًا‪ ،‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[1227‬‬
‫‪‬‬

‫إسحاق ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أوالد‬ ‫ُ‬
‫واألسباط يف‬ ‫أي‪ :‬أ ّم ٌة م َن األم ِم يف ِ‬
‫اخلري؛‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫إساعيل‪.‬‬ ‫القبائل يف ِ‬
‫ولد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫ِ‬
‫اخلليل‬ ‫إبراهيم‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ويكون من ِ‬ ‫ُ‬
‫فيكون إشار ًة‬ ‫كثري‪،‬‬
‫خلق ٌ‬‫نسله ٌ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ب من ُه قبيل ٌة‪،‬‬ ‫َ‬
‫يكون املرا ُد‪ :‬أ ّن ُه يتش ّع ُ‬ ‫وحيتمل ْ‬
‫أن‬
‫َ‬
‫كذلك)‪.(1‬‬ ‫األمر‬
‫وكان ُ‬‫َ‬ ‫أكثر وأبقى‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يكون َ‬ ‫إىل َّ‬
‫أن نسل ُه‬

‫ِ‬
‫فخ�ذه‪ ،‬ويقعدُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يأخ�ذين‪ ،‬فيقعدين عىل‬ ‫زيد ‪َ :L‬‬
‫كان‬ ‫ب�ن ٍ‬
‫ع� ْن أس�ام َة ِ‬
‫يضمها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثم ّ‬‫احلس َن عىل فخذه األخرى َّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ثم ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َّ‬

‫البرشي�ة عام ٍ‬
‫�ة‪ ،‬ويف نفوس األطف�ال خاصة‪ ،‬كان‬ ‫ِ‬ ‫�ب يف النفس‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫أث�ر ط ّي ٌ‬
‫مل�ا كان للهدي�ة ٌ‬
‫ّبي ﷺ يتحف أحفاده باهلدايا‪.‬‬
‫الن ُّ‬
‫ّجايش أهداها ل ُه؛ فيها‬ ‫قدمت عىل النّبي ﷺ حلي ٌة من ِ‬
‫عند الن‬ ‫ْ‬ ‫فع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫حبيش‪.‬‬ ‫فص‬ ‫ٍ ِ‬
‫ٌّ‬ ‫ذهب‪ ،‬فيه ٌّ‬ ‫خاتم م ْن‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫أصابعه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ببعض‬ ‫ٍ‬
‫بعود معرض ًا عن ُه ْأو‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫قالت‪ :‬فأخذ ُه‬
‫ْ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫زينب َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫العاص ابن َة ِ‬
‫ابنته‬ ‫ِ‬ ‫ثم دعا أمام َة ابن َة أيب‬
‫َ‬ ‫َّ‬

‫تر الص ِ‬
‫دقة‪ ،‬فجعلها يف‬ ‫عيل ‪ L‬ت�ر ًة م ْن ِ ّ‬ ‫ع�ن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫أخذ احلس� ُن ب ُن ٍّ‬
‫ِ‬
‫فيه‪.‬‬
‫؛ ليطرحها‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[178/10‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[6003‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح ابن ماجة [‪.[2939‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]4235‬وابن ماجة [‪،]3644‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫(كخ) ِ‬
‫أي‪ :‬اترك ُه‪.‬‬ ‫بيان ِ‬
‫عن املستقذرات‪ ،‬فيقال ل ُه‪ْ :‬‬ ‫الص ُ‬
‫يزجر هبا ّ‬
‫ُ‬ ‫هي كلمة‬
‫َ‬
‫ون ما يو ّقا ُه الكبار‪ ،‬وتنع م� ْن تعاطيه‪ ،‬وهذا واجب عىل‬
‫الصبي�ان يو ّق َ‬
‫أن ّ‬‫ويف احلدي�ث‪َّ :‬‬
‫الو ِّيل‪.‬‬
‫غري‬ ‫تن�اول املحر ِ‬
‫م�ات‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وإن كانوا َ‬ ‫ّ‬ ‫هم وم ْن‬
‫يرض ْ‬
‫ينفعهم ومنعهم ممّ�ا ّ‬
‫ْ‬ ‫تأديبه�م ب�ا‬
‫ْ‬
‫بذلك ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬ ‫ليتدربوا‬
‫ّ‬ ‫مك ّل َ‬
‫فني‬

‫يس�عيان إىل النّبي ﷺ فضمها ِ‬


‫إليه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واحلس�ني‬
‫ُ‬ ‫العامري أ ّن ُه َ‬
‫قال‪ :‬جا َء احلس� ُن‪،‬‬ ‫ع ْن يعىل‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫اإلنس�ان ع�ىل أن َ‬
‫يبخل باله‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حب الولد‬ ‫اإلنس�ان وجيب ُن‪ ،‬فقد ُ‬
‫حيمل ُّ‬ ‫َ‬ ‫ألجل�ه ُ‬
‫يبخل‬
‫ِ‬
‫املوت ألجلهم)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫واخلوف من‬ ‫ِ‬
‫اجلبن‬ ‫وحيمله عىل‬
‫ضمها‪ ،‬وقال ما قال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واحلسني؛ حيث ّ‬ ‫ويف هذا إشار ٌة إىل شدّ ِة ح ّبه ﷺ للحسن‬
‫فهذه حاله ﷺ مع أحفاده؛ كيف كان يشملهم برمحته‪ ،‬وح ّبه‪ ،‬وعطفه‪ ،‬ورعايته‪ ،‬ﷺ‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1419‬ومسلم [‪.[1069‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي [‪ ،]175/7‬فتح الباري [‪.[355 / 3‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪ ،]3656‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1989‬‬
‫)‪ (4‬حاشية السندي [‪.[72 /7‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع اأقاربه‬

‫أهل‪ ،‬شهد‬ ‫ٍ‬


‫لقريب‪ ،‬وأحناهم عىل رح ٍم‪ ،‬وأكثرهم إحسان ًا إىل ٍ‬ ‫النبي ﷺ أرعى ِ‬
‫اخللق‬ ‫كان ُّ‬
‫ّاس‪ ،‬وأوصل الن ِ‬
‫ّاس«)‪.(1‬‬ ‫»أبر الن ِ‬
‫املخالطون له ﷺ بذلك‪ ،‬فوصفه واصفهم بأنه ﷺ كان‪ّ :‬‬

‫أسد اهلل وأسد رسوله سيد الشهداء محزة بن عبد املطلب‪ ،‬والعباس‪ ،‬وأبو طالب واسمه‬
‫عبد مناف‪ ،‬وأبو هلب واس�مه عبد العزى‪ ،‬والزب�ري‪ ،‬وعبد الكعبة‪ ،‬واملقوم‪ ،‬ورضار‪ ،‬وقثم‪،‬‬
‫واملغرية ولقبه حجل‪ ،‬والغيداق واس�مه مصعب‪ ،‬وقيل‪ :‬نوفل‪ ،‬واحلارث‪ ،‬وجعل بعضهم‬
‫احلارث واملقوم واحدا)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫وأصغرهم سنّ ًا‪ :‬الع ّب ُ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫احلارث‪،‬‬ ‫أعامه‬ ‫وأس ُّن‬
‫أبو طالب‪ ،‬وأبو هلب‪ ،‬ومحزة‪ ،‬والعباس‪ ،‬وأسلم‬
‫منهم اثنان فقط‪ :‬محزة والعباس ‪.(3)L‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫وبرةُ‪ ،‬وأروى‪ ،‬وأميم ُة‪ ،‬وأ ّم حكي ِم‬ ‫الز ِ‬
‫بري ِ‬
‫البيضاء‪.‬‬ ‫العوام‪ ،‬وعاتك ُة‪ّ ،‬‬
‫بن ّ‬ ‫صف ّي ُة أ ّم ّ‬
‫واختلف يف إسال ِم عاتك َة‪ ،‬وأروى)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫أسلم منه ّن صف ّي ُة‪،‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪ ]1072‬عن عبد املطلب بن ربيعة ‪.I‬‬


‫)‪ (2‬زاد املعاد [‪.[104/ 1‬‬
‫)‪ (3‬ق�ال احلاف�ظ رمحه اهلل‪« :‬م�ن عجائب االتفاق‪ :‬أن الذين أدركهم اإلس�الم من أعام النبي ﷺ أربعة‪ ،‬لم يس�لم‬
‫منهم اثنان‪ ،‬وأسلم اثنان‪ ،‬وكان اسم من لم يسلم ينافي أسماء المسلمين‪ ،‬وهما‪ :‬أبوطالب‪ ،‬واسمه عبد مناف‪،‬‬
‫وأبولهب‪ ،‬واسمه عبد العزى‪ ،‬بخالف من أسلم‪ ،‬وهما‪ :‬الحمزة‪ ،‬والعباس» فتح الباري [‪.[196/7‬‬
‫)‪ (4‬زاد املعاد [‪.[105/1‬‬
‫‪‬‬

‫فبلغ�وا مخس� ًة وعرشين‪ ،‬كلهم أس�لموا إال اثن�ان (طالب بن أيب طال�ب‪ ،‬وعتيبة بن أيب‬
‫عمه‪ :‬عيل ب�ن أيب طالب‪ ،‬وجعفر ب�ن أيب طال�ب‪ ،‬وعقيل بن أيب‬ ‫ِ‬
‫أش�هر أبن�اء ّ‬
‫ُ‬ ‫هل�ب)‪ ،‬وم�ن‬
‫طال�ب‪ ،‬وعب�د اهلل بن عباس‪ ،‬والفضل بن العباس‪ ،‬وعبيد اهلل بن عباس‪ ،‬وقثم بن العباس‪،‬‬
‫وأبو سفيان بن احلارث‪ ،‬وربيعة بن احلارث‪.‬‬

‫ودرة بنت أيب هلب‪ ،‬وأمامة بنت محزة‪.‬‬


‫بنت أيب طالب‪ ،‬وضباعة بنت الزبري‪ّ ،‬‬
‫أ ُّم هانئ ُ‬

‫وزه�ري ابنا عاتكة‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫عامر ب� ُن بيضاء‪ ،‬وعبدُ اهلل‬ ‫ُ‬
‫وث�الث بنات‪ ،‬منهم‪ُ :‬‬ ‫ع�رش رجالً‪،‬‬
‫َ‬ ‫أح�دَ‬
‫وزينب بنت جحش‪ ،‬ومحن ُة‬
‫ُ‬ ‫والزبري بن العوام‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وعبدُ اهلل بن جحش‪ ،‬وعبيدُ اهلل بن جحش‪،‬‬
‫بنت جحش‪ .‬وكلهم أسلموا‪ ،‬وثبتوا عىل اإلسال ِم إال عبيد اهلل بن جحش‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫محزة بن عبد املطلب‪ ،‬وأبو سلمة بن عبد األسد‪ ،‬وأبو سفيان بن احلارث بن عبداملطلب‪،‬‬
‫ابن عم رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وعبداهلل بن احلارث‪ ،‬والشياء بنت احلارث‪ ،‬وأنيسة بنت احلارث‪،‬‬
‫وساها احلافظ (آسية)‪ .‬و( ُأنيسة) أكثر وأشهر)‪.(1‬‬
‫ﷺ‬
‫بني م ّك َة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫مخ ًا َ‬
‫رسول اهلل ﷺ يوم ًا فينا خطيب ًا‪ ،‬باء يدعى ّ‬ ‫فعن زيد بن أرقم ‪ I‬قال‪ :‬قا َم‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫واملدينة‪ .‬فحمدَ اهللَ‪ ،‬وأثنى ِ‬
‫ِ‬
‫ووعظ‪ ،‬وذك َّر‪َّ ،‬‬ ‫عليه‪،‬‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬سرية ابن اسحاق [‪ ،]48‬البداية والنهاية [‪ ،]408/3‬سري أعالم النبالء [‪ ،]162/1‬زاد املعاد [‪،]81/1‬‬
‫اإلصابة [‪.[3/8‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬
‫أهل ِ‬
‫بيته؟ َ‬
‫قال‪ :‬نساؤ ُه م ْن‬ ‫أليس نساؤ ُه م ْن ِ‬ ‫حصني بن س�رةَ‪ :‬ومن ُ ِ‬
‫أهل بيته يا زيدُ ؟ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫قال‬
‫ٍ‬ ‫عيل ُ‬ ‫بيته‪ ،‬ولكن ُ ِ‬
‫أهل ِ‬
‫ِ‬
‫عقيل‬ ‫وآل‬ ‫هم ُآل ٍّ‬ ‫هم؟ َ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫الصدق َة بعد ُه‪َ .‬‬
‫قال وم ْن ْ‬ ‫أهل بيته م ْن حر َم ّ‬ ‫ْ‬
‫وآل ع ّب ٍ‬
‫اس)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫جعفر ُ‬ ‫ُ‬
‫وآل‬
‫أهل ِ‬
‫بيته»)‪.(2‬‬ ‫حممد ًا ﷺ يف ِ‬
‫وكان أبو بكر الصديق يقول‪« :‬ارقبوا ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إليهم)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫تؤذوهم‪ ،‬وال تسيئوا‬
‫ْ‬ ‫فيهم‪ ،‬فال‬ ‫واملراقب ُة ّ‬
‫لليشء املحافظة عليه‪ ،‬يقول‪ :‬احفظو ُه ْ‬
‫أحب‬ ‫ِ‬ ‫قال لعيل‪« :‬وا ّلذي نفيس ِ‬
‫بيده لقراب ُة‬ ‫أن أبا ٍ‬
‫بكر َ‬ ‫وع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬
‫رسول اهلل ﷺ ُّ‬
‫أن َ‬
‫أصل م ْن قرابتي»)‪.(4‬‬ ‫إ َّيل ْ‬

‫ﷺ‬

‫فقال‪:‬‬ ‫ق�ال‪ :‬زار النّب�ي ﷺ ق�ر أم ِ‬


‫�ه‪ ،‬فبكى وأبك�ى م ْن حول� ُه‪َ ،‬‬ ‫فع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫َ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬

‫)‪.(5‬‬

‫وكان بكاؤ ُه ﷺ عىل ما فاهتا م ْن إدراك أ ّيامه‪ ،‬واإليان ِبه‪.‬‬

‫الناس حوله‪،‬‬
‫فجل�س‪ ،‬وجلس ُ‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ إىل رس� ِم ٍ‬
‫قر‪،‬‬ ‫وع�ن بريدة ‪ I‬قال‪ :‬انتهى ُّ‬
‫ِ‬
‫كاملخاطب‪ ،‬ثم بكى‪.‬‬ ‫حير ُك رأس ُه‬ ‫َ‬
‫فجعل ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل؟‬ ‫َ‬
‫يبكيك يا‬ ‫عمر بن اخلطاب ‪ I‬فقال‪ :‬ما‬
‫فاستقبل ُه ُ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2408‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[3713‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[79/7‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[3712‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[976‬‬
‫‪‬‬

‫فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫رأيت ساع ًة أكثر باكي ًا من تلك الساعة)‪.(1‬‬


‫قال‪ :‬فا ُ‬

‫ﷺ‬
‫عز َّ‬
‫وجل‪( :‬ﭿ ﮀ‬ ‫حني َ‬
‫أنزل اهلل َّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬قا َم‬
‫ﮁ) [الشعراء‪َ ،[214 :‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫بكم‪.‬‬
‫فإين ال أقدر عىل دفع مكروه يريد ُه اهلل ْ‬
‫ال تتّكلوا عىل قرابتي ّ‬

‫أي س�أصلها‬ ‫ويف رواي�ة عند مس�لم (‪ )204‬زي�ادة‪:‬‬


‫ِ‬
‫باملعروف ّ‬
‫الالئق هبا‪.‬‬

‫غريهم)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫عليهم تعدّ ْت إىل‬
‫ْ‬ ‫قامت‬
‫ْ‬ ‫احلجة إذا‬
‫أن ّ‬ ‫األقربني ّأوالً َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بإنذار‬ ‫والر يف األمر‬
‫ّ ُّ‬
‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫يدخل يف اإلسالم‪.‬‬ ‫صبي‬ ‫صغري؛ فاستجاب وآمن‪ ،‬فكان َ‬
‫أول ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫دعوته لعيل ‪ I‬وهو‬

‫عيل‬ ‫أهل العل ِم‪ّ :‬أو ُل م ْن أس�لم م َن الر ِ‬


‫جال أبو ٍ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ق�ال الرتم�ذي‪َ :‬‬
‫وأس�لم ٌّ‬
‫َ‬ ‫بكر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫قال ُ‬
‫ثان سنني‪ ،‬وأو ُل من أسلم من الن ِ‬
‫ّساء خدجي ُة)‪.(4‬‬ ‫وهو غالم ابن ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البيهقي يف دالئل النبوة [‪ ،]189/1‬وصححه األلباين يف صحيح السرية [ص‪.[23‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2753‬ومسلم [‪.[206‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[503/8‬‬
‫)‪ (4‬سنن الرتمذي [‪.[642/5‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬ ‫ب عن ِ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫طالب الوفا ُة جاء ُه‬ ‫حرضت أبا‬
‫ْ‬ ‫أبيه َ‬
‫قال‪ّ :‬ملا‬ ‫فعن س�عيد بن املس� ّي ِ ْ‬
‫ِ‬
‫املغرية‪.‬‬ ‫جهل وعبدَ اهلل ب َن أيب أم ّي َة ِ‬
‫بن‬ ‫ٍ‬ ‫فوجدَ عند ُه أبا‬
‫ويف رواية‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫لب‪.‬‬ ‫جهل وعبدُ اهلل بن أيب أمي َة‪ :‬أترغب عن م ّل ِة ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫فقال أبو‬
‫ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫آخر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫املقالة‪ ،‬حتّى َ‬ ‫ِ‬
‫ويعيدان�ه َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ يعرضها ِ‬ ‫ُ‬ ‫فلم ْ‬
‫طالب َ‬ ‫قال أبو‬ ‫بتلك‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫يزل‬ ‫ْ‬
‫يقول‪ :‬ال إل َه ّإال اهللُ‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مهم‪ :‬هو عىل م ّلة عبد امل ّط ِ‬
‫لب‪ ،‬وأبى ْ‬ ‫ما ك ّل ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫فأن�زل اهللُ‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ)[التوب�ة‪،[113 :‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫فقال‬ ‫ٍ‬
‫طال�ب‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وأن�زل اهلل يف أيب‬
‫ﮗ ﮘ) [القصص‪.(1)[56 :‬‬
‫َ‬
‫يقولون‬ ‫تعريين قريش‬
‫أن ّ‬ ‫ويف رواي�ة صحيح�ة عند أمحد )‪َ ،(9327‬‬
‫فقال أبو طالب‪« :‬لوال ْ‬
‫ما محله ِ‬
‫عليه ّإال جزع املوت؛ ألقررت هبا عينك»‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫أخف أهل ِ‬
‫النار عذاب ًا يو َم القيامة؛ بسبب شفاعة ِّ‬
‫النبي ﷺ له يف ذلك‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫فأبو طالب هو‬
‫ٍ‬
‫عباس ‪ L‬أن رس�ول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫ابن‬
‫)‪.(2‬‬
‫ٍ‬
‫بيشء؛‬ ‫ٍ‬
‫طالب‬ ‫نفعت أبا‬ ‫رس�ول اهلل‪ْ ،‬‬
‫هل‬ ‫َ‬ ‫لب ‪ I‬أ ّن ُه َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫بن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬
‫وعن الع ّب ِ‬
‫َ‬
‫ويغضب َ‬
‫لك؟‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حيوطك‬ ‫فإ ّن ُه َ‬
‫كان‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]3884‬ومسلم [‪.[24‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[211‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫َ‬


‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫س�مع شيئ ًا؛ فقا َم‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فكأ ّن ُه‬ ‫اس إىل‬
‫قال‪ :‬جا َء الع ّب ُ‬ ‫لب ِ‬
‫بن أيب وداع َة َ‬ ‫فع ْن امل ّط ِ‬
‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ عىل ِ‬
‫املنر‪َ ،‬‬ ‫الن ُّ‬
‫السال ُم‪.‬‬ ‫َ‬
‫عليك ّ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل‬ ‫أنت‬
‫فقالوا‪َ :‬‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫حسبه‪.‬‬ ‫عن يف ِ‬
‫نسبه‪ْ ،‬أو‬ ‫أي‪ :‬م َن ال ّط ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫سمع‪ ،‬طعن ًا م َن الك ّف ِ‬
‫ار يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بسبب ما‬ ‫َ‬
‫غضبان‬ ‫اس‬
‫جا َء الع ّب ُ‬
‫وهذا من تام الثناء عىل قرابته ﷺ‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ للع ّب ِ‬
‫اس‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قال َ‬
‫قال‬ ‫بن أيب و ّق ٍ‬
‫اص َ‬ ‫وعن ِ‬
‫سعد ِ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬

‫لب بأيب‬ ‫الفتح جاءه العباس ب�ن ِ‬


‫عبد امل ّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عا َم‬ ‫اس ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫ع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ ُ‬
‫حرب‪ ،‬فأسلم بمر ال ّظ ِ‬
‫هران)‪.(5‬‬ ‫ٍ‬ ‫سفيان ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬
‫َ ِّ‬
‫جعلت ل ُه شيئ ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫فلو‬ ‫ِ‬
‫الفخر‪ْ ،‬‬ ‫حيب هذا‬ ‫سفيان ٌ‬
‫رجل ُّ‬ ‫َ‬ ‫إن أبا‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪َّ ،‬‬ ‫اس‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الع ّب ُ‬

‫)‪ (1‬الضحضاح‪ :‬ما يبلغ الكعبني من املاء‪ .‬النهاية [‪.[164/3‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[209‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]3455‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1472‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ]1613‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[3326‬‬
‫ِ‬
‫بقرب مكّة‪.‬‬ ‫)‪ (5‬موضع‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫َ‬
‫فغسل وجه ُه‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأتى حاجت ُه‪،‬‬‫بت عندَ ميمون َة‪ ،‬فقا َم الن ُّ‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫قال‪ُّ :‬‬ ‫عن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫يكثر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫توض َأ وضوء ًا َ‬ ‫ثم قا َم‪ ،‬فأتى القرب َة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وضوءين مل ْ ْ‬ ‫بني‬ ‫ثم ّ‬ ‫فأطلق ش�ناقها‪َّ ،‬‬‫َ‬ ‫ثم نا َم َّ‬
‫ويديه‪َّ ،‬‬
‫وقدْ َ‬
‫أبلغ‪ّ ،‬‬
‫فصىل‪.‬‬

‫فقمت ع ْن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يص�يل‪،‬‬ ‫أت‪ ،‬فقا َم‬
‫فتوض ُ‬
‫كنت أرقب�ه‪ّ ،‬‬ ‫ي�ت كراهي� َة ْ‬
‫أن يرى ّأين ُ‬ ‫فقم�ت‪ ،‬فتم ّط ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫يمينه‪...‬احلديث)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فأخذ بأذين‪ ،‬فأدارين ع ْن‬ ‫ِ‬
‫يساره‪،‬‬

‫فجاءت امرأ ٌة‬


‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫رديف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفضل‬ ‫كان‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫بن ع ّب ٍ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الفضل إىل‬ ‫يرصف وج َه‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫َ‬ ‫الفضل ينظر إليها‪ ،‬وتنظر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫وجعل الن ُّ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فجعل‬ ‫خثعم‪،‬‬
‫َ‬ ‫م ْن‬
‫ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الش ِّق‬

‫أدركت أيب شيخ ًا كبري ًا‪ ،‬ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫يثبت‬ ‫ْ‬ ‫إن فريض َة اهلل عىل عباده يف ِّ‬
‫احلج‬ ‫رسول اهلل‪َّ ،‬‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬
‫أفأحج عن ُه؟‬ ‫عىل الر ِ‬
‫احلة‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫حج ِة الودا ِع)‪.(3‬‬
‫وذلك يف ّ‬ ‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫احلج‪ ،‬فواعدنا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫كعب ب ُن مالك ‪ I‬قال‪ :‬خرجنا إىل ِّ‬
‫ففي قصة بيعة العقبة التي يروهيا ُ‬
‫ّرشيق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أوسط أ ّيا ِم الت ِ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ العقب َة م ْن‬
‫يومئذ عم�ه العباس بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ٍ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ حتّى جاءنا ومع ُه‬ ‫َ‬ ‫ننتظر‬ ‫بالش ِ‬
‫�عب‬ ‫فاجتمعنا ّ‬
‫ّ ُ ّ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ابن ِ‬‫أمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ عىل ِ‬ ‫امل ّط ِ‬
‫أخيه ويتو ّث ُق ل ُه‪.‬‬ ‫حيرض َ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫دين قومه‪ّ ،‬إال أ ّن ُه َّ‬
‫أحب ْ‬ ‫وهو‬
‫لب‪َ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ]3031‬وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[3021‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6316‬ومسلم [‪.[763‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1513‬ومسلم [‪[1334‬‬
‫‪‬‬

‫حممد ًا‬ ‫اخلزرج‪َّ ،‬‬ ‫لب ّأو َل متك ّل ٍم‪َ ،‬‬ ‫كان العباس بن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬
‫إن ّ‬ ‫ِ‬ ‫معرش‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فلا جلس�نا َ ّ ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫عز من ِ‬
‫قومه‬ ‫ِ‬ ‫هو عىل ِ‬ ‫ُ‬
‫وهو يف ٍّ ْ‬‫مث�ل رأينا فيه‪َ ،‬‬ ‫علمتم‪ ،‬وقدْ منعنا ُه م ْن قومنا مم ّ ْن َ‬
‫ْ‬ ‫حي�ث قدْ‬ ‫منّ�ا‬
‫َ‬
‫وافون‬ ‫ّكم‬ ‫َ‬ ‫بكم‪ْ .‬‬ ‫إليكم وال ّل َ‬ ‫ومنع�ة يف ِ‬
‫بلده‪ ،‬وإ ّن ُه قدْ أبى ّإال‬ ‫ٍ‬
‫ترون إن ْ‬ ‫كنتم‬
‫فإن ْ‬ ‫حوق ْ‬ ‫ْ‬ ‫االنحياز‬
‫َ‬
‫لتم م ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حتم ْ‬‫فأنتم وما ّ‬‫ل ُه با دعوتو ُه إليه‪ ،‬ومانعو ُه مم ّ ْن خالف ُه‪ْ ،‬‬
‫إليكم‪ ،‬فم َن َ‬
‫اآلن فدعو ُه‪ ،‬فإ ّن ُه يف‬ ‫ْ‬ ‫اخلروج ِبه‬
‫ِ‬ ‫ّكم مسلمو ُه وخاذلو ُه بعدَ‬ ‫َ‬
‫ترون أن ْ‬ ‫كنتم‬
‫وإن ْ‬‫ْ‬
‫ِ‬
‫وبلده‪.‬‬ ‫ومنعة من ِ‬
‫قومه‬ ‫ٍ‬ ‫عز‬
‫ٍّ‬
‫ْ‬

‫أحببت‪ ،‬فتك ّل َم‬


‫َ‬ ‫لنفسك‪ ،‬ولر ّب َك ما‬
‫َ‬ ‫فخذ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ْ ،‬‬ ‫قلت‪ ،‬فتك ّل ْم يا‬
‫فقلنا‪ :‬قدْ سمعنا ما َ‬
‫ب يف اإلسال ِم‪ ...‬الخ)‪.(1‬‬ ‫عز َّ‬
‫وجل‪ ،‬ور ّغ َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فتال‪ ،‬ودعا إىل اهلل َّ‬

‫ﷺ‬

‫هيتم بأمورهم ويسعى يف تزويج‬ ‫وتنوعت‪ ،‬فكان ُّ‬ ‫دت وجو ُه إحس�انه ﷺ إليهم ّ‬ ‫وقد تعدّ ْ‬
‫اجتمع ربيع ُة‬ ‫ِ‬
‫احلارث َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫لب ب َن ربيع َة ِ‬
‫بن‬ ‫م�ن مل يتزوج منهم‪ ،‬كا يف احلديث عن عبدَ امل ّط ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫هذين‬ ‫ل�و بعثنا‬ ‫احل�ارث [ابن عم الرس�ول ﷺ[‪ ،‬والعباس ب�ن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫ِ‬
‫لب فقاال‪ :‬واهلل ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ب� ُن‬
‫رسول اهلل ﷺ فك ّلاه‪ ،‬فأمرمها عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫بن ع ّب ٍ‬
‫اس] إىل‬ ‫والفضل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغالمني [املطلب بن ربيعة‬
‫ُ ّ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يصيب الن ُ‬
‫ُ‬ ‫ّاس‪ ،‬وأصابا ممّا‬
‫الصدقات‪ ،‬فأ ّديا ما يؤ ّدي الن ُ‬
‫ّ‬
‫فوقف عليها‪ ،‬فذكرا ل ُه َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫طالب‪،‬‬ ‫عيل ب ُن أيب‬ ‫فبينا مها يف َ‬
‫ذلك جا َء ُّ‬
‫ٍ‬
‫بفاعل‪.‬‬ ‫هو‬
‫فو اهلل ما َ‬ ‫ٍ‬
‫طالب‪ :‬ال تفعال‪َ ،‬‬ ‫عيل ب ُن أيب‬ ‫َ‬
‫فقال ُّ‬
‫تصنع هذا ّإال نفاس� ًة)‪َ (2‬‬
‫منك علينا‪ ،‬فواهلل لقدْ‬ ‫فقال‪ :‬واهلل ما‬ ‫ِ‬
‫احلارث َ‬ ‫فانتح�ا ُه ربيع ُة ب� ُن‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫عليك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فا نفسنا ُه‬ ‫صهر‬
‫نلت َ‬ ‫َ‬

‫عيل‪ :‬أرسلومها‪ .‬فانطلقا‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال ٌّ‬
‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]15371‬وصححه األلباين يف فقه السرية [‪.[146/1‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬حسد ًا‪.‬‬
‫‪‬‬

‫أريم مكاين‬ ‫ٍ‬ ‫فألقى عيل رداءه ثم اضطجع ِ‬


‫عليه‪َ ،‬‬
‫حس�ن القر ُم ‪ ،‬واهلل ال ُ‬ ‫وقال‪ :‬أنا أبو‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫)‪(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫ٌّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحور ما بعثتا به إىل‬ ‫يرجع إليكا ابناكا‬ ‫حتّى‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأخذ‬ ‫احلجرة فقمنا عنده�ا‪ ،‬حتّى جا َء‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ال ّظ َ‬
‫هر س�بقنا ُه إىل‬ ‫فلا ّ‬
‫صىل‬ ‫ق�ال‪ّ :‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫بآذاننا‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫جحش‪.‬‬ ‫يومئذ عندَ زينب ِ‬
‫بنت‬ ‫ٍ‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ثم َ‬
‫َ‬ ‫دخل ودخلنا عليه َ‬ ‫َّ‬
‫وأوصل الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أبر الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫أنت ُّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َ‬ ‫ثم تك ّل َم أحدنا‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فتواكلن�ا الكال َم‪َّ ،‬‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫هذه الص ِ‬
‫دقات‪ ،‬فنؤ ّد َي َ‬ ‫بعض ِ‬‫ِ‬
‫إليك كا يؤ ّدي الن ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّكاح‪ ،‬فجئنا؛ لتؤ ّمرنا عىل‬
‫وقدْ بلغنا الن َ‬
‫َ‬
‫يصيبون‪.‬‬ ‫ونصيب كا‬
‫َ‬

‫أن‬ ‫ِ‬
‫احلجاب ْ‬ ‫أن نك ّلمه‪ ،‬وجعلت زينب تلم�ع علينا من ِ‬
‫وراء‬ ‫ال حتّى أردنا ْ‬
‫فس�كت طوي� ً‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ال تك ّلا ُه)‪.(5‬‬
‫)‪(7‬‬ ‫)‪(6‬‬ ‫ث�م َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫رجل من بني ٍ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫أسد َ‬
‫كان‬ ‫وهو ٌ ْ‬‫‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫األمخاس‪،‬‬ ‫استعمل ُه عىل‬

‫اس فأنكح ُه‪.‬‬ ‫للفضل ِ‬


‫بن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬فجاءا ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ملحمي َة‪:‬‬ ‫َ‬

‫يل‪ ،‬فأنكحني‪.‬‬ ‫ِ‬


‫احلارث‪:‬‬ ‫لنوفل ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫ِ‬
‫كالفحل‬ ‫والرأي‬ ‫ِ‬
‫باألمور ّ‬ ‫يب‪ :‬معنا ُه املقدّ م يف املعرفة‬ ‫الس ّيد‪ ،‬وأصله فحل اإلبل‪َ .‬‬
‫قال اخل ّطا ُّ‬ ‫هو ّ‬‫)‪ (1‬القرم‪َ :‬‬
‫أي‪ :‬ال أفارقه‪.‬‬‫)‪ْ (2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬يرجعا‬ ‫أي جواب ًا‪ ،‬وجيوز ْ‬
‫أن يكون معنا ُه اخليبة‪ْ ،‬‬ ‫ذلك‪ .‬يقال‪ :‬ك ّلمته فا ر َّد َّ‬
‫عيل حور ًا ْ‬ ‫بجواب َ‬ ‫أي‪:‬‬
‫بحور ْ‬ ‫)‪(3‬‬
‫ِ‬
‫قال القايض‪ :‬هذا أشب ُه بسياق احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باخليبة‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (4‬معنا ُه‪ :‬جتمعانه يف صدوركا م َن الكالم‪.‬‬
‫بثوبه أو ِ‬
‫بيده‪.‬‬ ‫)‪ (5‬يقال‪ :‬أملع وملع إذا أشار ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كانت بسبب العمل ْأو بسبب الفقر واملسكنة وغريمها م ْن األسباب الثانية‪.‬‬ ‫حمرمة عليهم سواء ْ‬ ‫فالصدقة ّ‬ ‫)‪ّ (6‬‬
‫ِ‬
‫كغسالة األوساخ‪.‬‬
‫فهي ّ‬ ‫ونفوسهم‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ألمواهلم‬
‫ْ‬ ‫)‪ (7‬أي‪ :‬أهنّا تطهري‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫وقال ملحمي َة‪:‬‬
‫حيتمل ْ‬
‫أن يريد م ْن س�هم ذوي القربى م ْن اخلمس؛‬ ‫وقول�ه‪:‬‬
‫ّبي ﷺ م ْن اخلمس)‪.(2‬‬ ‫ألهنا م ْن ذوي القربى‪ ،‬وحيتمل ْ‬
‫أن يريد م ْن سهم الن ّ‬ ‫ّ‬
‫ﷺ‬

‫يت بالع ّب ِ‬
‫اس ومل ْ يك ْن‬ ‫كان ي�و َم ٍ‬ ‫ع�ن جاب�ر بن ِ‬
‫عب�د اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪ّ :‬ملا َ‬
‫يت بأس�ارى وأ َ‬
‫بدر أ َ‬
‫بن أيب يقدر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه)‪ ،(3‬فكس�ا ُه‬ ‫قميص عبد اهلل ِ ٍّ ُ‬‫َ‬ ‫ّبي ﷺ ل ُه قميص ًا فوجدوا‬
‫فنظر الن ُّ‬
‫ثوب‪َ ،‬‬
‫علي�ه ٌ‬
‫ّبي ﷺ قميص ُه ا ّلذي ألبس ُه)‪.(4‬‬
‫نزع الن ُّ‬ ‫َ‬
‫فلذلك َ‬ ‫ّبي ﷺ إ ّيا ُه‪،‬‬
‫الن ُّ‬
‫فأحب ْ‬
‫أن يكافئ ُه)‪.(5‬‬ ‫َّ‬ ‫ّبي ﷺ يدٌ ؛‬
‫كانت ل ُه عندَ الن ِّ‬ ‫َ‬
‫قال اب ُن عيين َة‪ْ :‬‬

‫ِ‬
‫البحرين)‪.(6‬‬ ‫يت النّبي ﷺ ٍ‬
‫بال م َن‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫قال‪ :‬أ َ ُّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫يت ِبه‬ ‫وكان أكثر ٍ‬
‫مال أ َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫يلتفت ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫الصالة‪ ،‬ومل ْ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل ّ‬ ‫فخرج‬
‫َ‬
‫كان يرى أحد ًا ّإال أعطا ُه‪.‬‬ ‫فلا قىض الصالةَ‪ ،‬جاء فجلس ِ‬
‫إليه‪ ،‬فا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫[وكان‬ ‫وفاديت عقيالً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فاديت نفيس‬
‫ُ‬ ‫ف�إين‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل أعطني؛ ّ‬ ‫اس َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫إ ْذ جاء ُه الع ّب ُ‬
‫عمه الع ّباس يف غزوة بدر]‪.‬‬
‫مع ّ‬
‫أرس َ‬
‫َ‬
‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1072‬‬
‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[180/7‬‬
‫)‪ (3‬وإنا كان ذلك ألن العباس كان بنيّ الطول‪ ،‬وكذلك كان عبد اهلل بن ّأيب‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي لعبد اهلل بن ّأيب عند دفنه‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪[3008‬‬
‫جموس هجر‪ ،‬وكان قد قدم به أبو عبيدة بن‬
‫ُ‬ ‫احلرضمي جزية أهل البحرين‪ ،‬وهم‬
‫ّ‬ ‫أرسل ِبه العالء بن‬
‫َ‬ ‫)‪ (6‬وهذا ُ‬
‫املال‬
‫اجلراح‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬

‫يستطع‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ذهب يق ّل ُه ‪ْ ،‬‬
‫فلم‬ ‫ثم َ‬‫فحثا يف ثوبه‪َّ ،‬‬
‫)‪(1‬‬

‫بعضهم يرفع ُه إ َّيل‪.‬‬


‫ْ‬ ‫اؤمر‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫عيل‪.‬‬
‫أنت َّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فارفع ُه َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫عيل‪.‬‬
‫بعضهم يرفع ُه َّ‬
‫ْ‬ ‫اؤمر‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ْ :‬‬ ‫ذهب يق ّل ُه‪َ ،‬‬
‫فقال يا‬ ‫ثم َ‬‫فنثر من ُه‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫عيل‪.‬‬
‫أنت َّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فارفع ُه َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫انطلق‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ثم احتمل ُه فألقا ُه عىل كاهله‪َّ ،‬‬
‫فنثر منه‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫درهم)‪.(2‬‬
‫ٌ‬ ‫وثم منها‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫فا قا َم‬

‫كثر‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬وعدم التفاته إىل املال َّ‬ ‫ِ‬


‫قل ْأو َ‬ ‫يف هذا احلديث‪ :‬بيان كرم الن ّ‬
‫فالظاهر أنه محل ماال كثري ًا‪ ،‬ومل يمنع ُه‬
‫ُ‬ ‫العباس ‪ I‬عظي ًا جسي ًا شديدَ القوة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وقد كان‬
‫النبي ﷺ)‪.(3‬‬

‫يأمر أحد ًا بإعانت�ه؛ حتى يق ّل َل مما أخذ من املال‪،‬‬ ‫ِ‬


‫احلمل‪ ،‬أو ْ‬ ‫َّ‬
‫ولع�ل النب�ي ﷺ مل يعن ُه عىل‬
‫يقدر عىل محله‪ ،‬ومل يرد أن يمنعه من أخذ ما أرا َد‪.‬‬ ‫وال َ‬
‫حيمل إال ما ُ‬
‫ٍ‬
‫قريش‪ ،‬وأكثرهم ماال‪ ،‬ولكنه غرم بسبب مفاداة نفسه‪ ،‬ومفاداة‬ ‫والعباس كان من أغنى‬
‫ِ‬
‫األرس‪.‬‬ ‫عقيل من‬

‫الرفع واحلمل‪.‬‬ ‫وهو ّ‬


‫)‪ (1‬م َن اإلقالل َ‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]3165‬تعليق ًا‪ ،‬ووصله أبو نعيم يف املستخرج‪ ،‬كا يف فتح الباري [‪.[516/1‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ]178 / 3‬البن رجب‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫‪.‬‬ ‫كا يف قصة ضباعة ‪ J‬حني دخل عليها النبي ﷺ فقال هلا‪:‬‬

‫قالت‪ :‬واهلل ما أجدين ّإال وجع ًة‪.‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫فقال هلا‪:‬‬

‫أمور أقاربه‪ ،‬ويعتني بصحتهم‪:‬‬


‫وكان يتابع َ‬
‫رقية احل ّي ِة‪.‬‬
‫آلل حز ٍم يف ِ‬
‫ص النّبي ﷺ ِ‬
‫ُّ‬
‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪ L‬قال‪ّ :‬‬
‫رخ َ‬ ‫عن ِ‬
‫جابر ِ‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ٍ‬


‫عميس‪:‬‬ ‫وقال ألساء ِ‬
‫بنت‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫إليهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ترع‬
‫ُ‬ ‫العني‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬ال‪ ،‬ولك ْن‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فعرضت ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫عيل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ومع ُه ٌّ‬ ‫عيل‬ ‫قيس األنصار ّي ِة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫دخل َّ‬ ‫بنت ٍ‬ ‫املنذر ِ‬
‫ِ‬ ‫وع ْن أ ِّم‬
‫وعيل ناق ٌه )‪ ،(4‬ولنا دوايل)‪ (5‬مع ّلق ٌة‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫لعيل‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫فطفق‬
‫َ‬ ‫عيل؛ َ‬
‫ليأكل‪،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يأكل منها‪ ،‬وقا َم ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫فقا َم‬
‫عيل‪.‬‬
‫كف ٌّ‬
‫‪ .‬حتّى َّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5089‬ومسلم [‪ ]1207‬واللفظ له‪.‬‬


‫)‪ (2‬أي نحيفة‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2198‬‬
‫وقوته‪ .‬النهاية‬
‫صحته ّ‬ ‫)‪ (4‬نقه املريض ينقه فهو ناق ٌه إذا برأ وأفاق‪ ،‬وكان قريب العهد باملرض‪ ،‬مل يرجع إليه ُ‬
‫كال ّ‬
‫]‪.[232/5‬‬
‫أرطب َ‬
‫أكل‪ .‬النهاية [‪.[349/2‬‬ ‫َ‬ ‫العذق من البر يع ّل ُق فإذا‬
‫ُ‬ ‫مجع دالية وهي‬
‫)‪ُ (5‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فجئت ِبه‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ُ‬ ‫وصنعت شعري ًا وسلق ًا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫)‪.(1‬‬
‫واستعان النبي ﷺ بأقاربه ‪ ،‬واستناهبم واستعملهم يف كثري من شؤونه‪.‬‬

‫ •أمره عل ّي ًا ‪ I‬لينا َم يف فراشه ليل َة اهلجرة‪.‬‬


‫ِ‬
‫اجليش‪.‬‬ ‫ •تأمريه عل ّي ًا ‪ I‬يوم خير عىل‬
‫ •إعط�اؤه ﷺ عل ّي� ًا ما بقي من ُبدنه يف احل�ج لينحرها‪ ،‬وأمره ﷺ له بأن يقو َم عىل ُبدنه‪،‬‬
‫وبأن يتصدّ َق عىل الناس بلحومها وجلودها وأج ّلتها)‪.(2‬‬
‫ٍ‬ ‫فع�ن عيل ‪َ I‬‬
‫ّبي ﷺ مائ َة بدنة‪ ،‬فأمرين بلحومها فقس�متها‪َّ ،‬‬
‫ثم أمرين‬ ‫قال‪« :‬أهدى الن ُّ‬
‫ثم بجلودها فقسمتها»)‪.(3‬‬
‫بجالهلا فقسمتها‪َّ ،‬‬
‫وأو َل من محل رس�الة إىل ملك‬
‫وجعل اب َن عمه جعفر ًا عىل رأس املهاجرين إىل احلبش�ة‪ّ ،‬‬
‫احلبشة‪.‬‬
‫وهو الذي تكلم أمام النجايش شارح ًا له دين اإلسالم بأوجز عبارة‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫عينيه‬ ‫وكان قد قدم عىل رسول اهلل ﷺ بعدَ فتح خير‪ ،‬فقام إليه والتزمه ﷺ‪ ،‬وق ّب َل ما بني‬
‫)‪.(4‬‬ ‫واعتنقه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫املسجد‪ ،‬وأسهم له من غنائم خير‪.‬‬ ‫وأنزله رسول اهلل ﷺ إىل جنب‬
‫وجعله أمري ًا عىل اجليش يف معركة مؤت َة بعد زيد بن حارثة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]3856‬والرتمذي [‪ ،]1960‬وابن ماجة [‪ ،]3442‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[59‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬ما يطرح عىل ظهر البعري من كساء ونحوه‪ .‬ينظر‪ :‬صحيح البخاري [‪ ،]1707‬صحيح مسلم [‪.[1317‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1718‬ومسلم [‪.[2321‬‬
‫)‪ (4‬رواه احلاكم [‪ ،]4249‬وحسنه األلباين يف فقه السرية [‪.[347/1‬‬
‫‪‬‬

‫وملا استشهد بمؤتة واسى أهله يف مصيبتهم وتكفل بشؤوهنم‪:‬‬

‫عليهم زيدَ ب َن حارث َة‪،‬‬ ‫َ‬


‫استعمل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ جيش� ًا‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫بعث‬ ‫ٍ‬
‫جعفر َ‬ ‫بن‬ ‫فعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫ّاس‪ ،‬فحمدَ اهلل وأثنى ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫فخ�رج إىل الن ِ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫َ‬ ‫خرهم الن َّ‬
‫ْ‬ ‫فأت�ى‬

‫‪.‬‬
‫أتاهم)‪َ .(1‬‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ثم‬
‫يأتيه�م َّ‬
‫ْ‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬
‫جعفر ثالث ًا ْ‬ ‫أمه�ل َآل‬
‫َ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫فأمه�ل َّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فجي َء بنا كأنّا ٌ‬
‫أفرخ)‪.(3‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فحلق رءوسنا)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫باحلال ِق‪،‬‬
‫فجي َء ّ‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫أخذ بيدي‪ ،‬فأش�اهلا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ث�م َ‬ ‫َّ‬
‫ثالث ٍ‬
‫مرار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬قاهلا‬

‫تفرح ل ُه)‪.(5‬‬
‫وجعلت ُ‬
‫ْ‬ ‫فذكرت ل ُه يتمنا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فجاءت أ ّمنا‬
‫ْ‬
‫وحيزنون ِ‬
‫عليه ثالث ًا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يبكون‬ ‫أي‪َ :‬‬
‫ترك أهله بعد وفاته‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫وحممد‪ ،‬أوالد جعفر‪.‬‬
‫وهم عبد اهلل‪ ،‬وعون‪ّ ،‬‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫شعرهم يشبه زغب ال ّطري َ‬
‫وهو ّأول ما يطلع م ْن ريشه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الفرخ صغري ولد ال ّطري‪ ،‬ووجه التّشبيه َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫)‪(3‬‬
‫شعورهم با أصاهبا م ْن قتل زوجها‬
‫ْ‬ ‫هم أساء بنت عميس ع ْن ترجيل‬
‫من اشتغال أ ّم ْ‬‫رءوسهم ملا رأى ِ‬
‫ْ‬ ‫حلق‬
‫)‪ (4‬وإنّا َ‬
‫عليهم م َن الوسخ والقمل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فأشفق‬
‫َ‬ ‫يف سبيل اهلل‪،‬‬
‫غمه وأزال عنه الفرح‪.‬‬
‫)‪ (5‬أفرحه إذا ّ‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫ٌ‬
‫صبيان‬ ‫ابني ع ّب ٍ‬
‫�اس‪ ،‬ونح ُن‬ ‫وقث�م وعبيدَ اهلل ْ‬
‫َ‬ ‫ق�ال‪ْ :‬لو رأيتني‬ ‫ٍ‬
‫جعفر أنه َ‬ ‫ع�ن عب�د اهلل بن‬
‫لقثم‪:‬‬ ‫َ‬
‫وق�ال َ‬ ‫‪ ،‬فحملني أمام ُه‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ ع�ىل دا ّب ٍة‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫نلع�ب‪ ،‬إ ْذ َّ‬
‫م�ر الن ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪ ،‬فجعل ُه وراء ُه‪.‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫وقال ك ّلا َ‬
‫مسح‪:‬‬ ‫مسح عىل رأس ثالث ًا‪َ ،‬‬
‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ﷺ‬
‫عمه محزة وم ّث َل به؛ حزن حزن ًا ش�ديد ًا؛‬ ‫ٍ‬
‫بمكروه‪ ،‬فلا ّ‬
‫تويف ّ‬ ‫حزن�ه إذا أصيب أح�دٌ منهم‬
‫لفراقه‪ ،‬وملا أصابه‪.‬‬
‫ِ‬
‫حني استشهدَ ‪ ،‬وقدْ م ّث َل به‪َ ،‬‬
‫فنظر‬ ‫وقف عىل محز َة َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫أمر أوجع ِ‬
‫لقلبه من ُه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ينظ�ر إىل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫إىل أم�ر مل ْ‬

‫‪.‬‬
‫ّح�ل‪( :‬ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ِ‬
‫س�ورة الن ِ‬ ‫واق�ف بعدُ بخواتي ِم‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫جري�ل والن ُّ‬ ‫فن�زل‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [النحل‪.[126 :‬‬
‫عا أرا َد)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫وأمسك ّ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فك ّف َر‬
‫ﷺ‬
‫رسول اهلل ﷺ للع ّب ِ‬
‫اس‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫فعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]1753‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[166‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ .]1763‬وحسنه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[168‬‬
‫)‪ (3‬رواه احلاك�م [‪ ،]4894‬والط�راين يف املعج�م الكب�ري [‪ ]143/3‬بس�ند في�ه ضع�ف كا ذكر احلاف�ظ يف الفتح‬
‫]‪.[371/7‬‬
‫‪‬‬

‫ثم َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫فغدا وغدونا مع ُه‪ ،‬وألبس�نا كس�ا ًء َّ‬
‫)‪.(1‬‬
‫الذ ِ‬
‫نوب‪ ،‬وما بط َن منها‪.‬‬ ‫ظهر م ْن ّ‬
‫أي‪ :‬ما َ‬
‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫أي‪ :‬ال ُ‬
‫مغفور‪.‬‬ ‫تلك املغفر ُة ذنب ًا َ‬
‫غري‬ ‫ترتك َ‬ ‫ْ‬
‫أي‪ :‬أكرمه ورا ِع أمره كي ال يضيع يف ِ‬
‫شأن ولده)‪.(2‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫أتي�ت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫طالب‬ ‫تويف أب�و‬ ‫عيل ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪ّ :‬ملا ّ َ‬ ‫فع ْن ٍّ‬
‫مات‪.‬‬ ‫الش َ‬
‫يخ قدْ َ‬ ‫عم َك ّ‬ ‫فقلت‪َّ :‬‬
‫إن ّ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثم أتيت ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فواريت ُه‪َّ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثم أتيت ُه‪.‬‬
‫فاغتسلت‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫محر النّع ِم وسودها)‪.(3‬‬ ‫يرين َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫أن يل هبا َ‬ ‫قال‪ :‬فدعا يل بدعوات ما ّ‬
‫ِ‬
‫ص�دره‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ إىل‬ ‫عن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬
‫اس ‪َ L‬‬ ‫ِ‬
‫ضمني الن ُّ‬
‫ق�ال‪ّ :‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫فوضعت ل ُه وضوء ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫دخل اخلال َء‪،‬‬ ‫ويف رواية عنه‪َّ :‬‬
‫أن الن َّ‬
‫ر‪.‬‬
‫‪ .‬فأخ َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ . (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2762‬وحسنه األلباين‪.‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[178/10‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ]809‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[134‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[3756‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]143‬ومسلم [‪.[2477‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ورواه أمحد (‪ )3024‬وزاد‪:‬‬

‫رسول اهلل‪ ،‬ع ّلمني شيئ ًا أسأل ُه اهلل ‪.D‬‬


‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫لب ‪َ I‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫بن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬
‫عن الع ّب ِ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل‪ ،‬ع ّلمني شيئ ًا أسأل ُه اهللَ‪.‬‬
‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫جئت‪،‬‬
‫ثم ُ‬‫فمكثت أ ّيام ًا‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬
‫يسأل اهلل ِبه‬
‫بأن يع ّلم ُه شيئ ًا ُ‬
‫اس سؤال ُه ْ‬ ‫ِ‬
‫تكرير الع ّب ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعافية بعدَ‬ ‫اس بالدّ ِ‬
‫عاء‬ ‫فأمر ُه ﷺ للع ّب ِ‬
‫ِ‬
‫األدعية‪ ،‬وال يقو ُم مقام ُه يش ٌء م َن الكال ِم‬ ‫ِ‬
‫يس�اويه يش ٌء م َن‬ ‫ِ‬
‫بالعافية ال‬ ‫جيل َّ‬
‫بأن الدّ عا َء‬ ‫ٌ‬
‫دليل ٌّ‬
‫ِ‬
‫اجلالل واإلكرا ِم‪.‬‬ ‫ا ّلذي يدعى ِبه ذو‬
‫ينزل عمه العباس منزل َة ِ‬
‫احلق ما يرى الولدُ‬
‫أبيه‪ ،‬وي�رى ل ُه م َن ِّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ُ ّ ُ ّ َ‬
‫ُ‬ ‫وق�دْ َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫لوالده‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وقرصه ع�ىل جمر ِد الدّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ختصيصه هبذا الدّ ِ‬
‫ِ‬
‫اغبني عىل‬
‫الر َ‬ ‫حتريك هلم ِم ّ‬
‫ٌ‬ ‫بالعافية‬ ‫عاء‬ ‫ّ‬ ‫عاء‪،‬‬ ‫فف�ي‬
‫ويس�تدفعون ِبه يف ِّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫رهب ْم ‪،E‬‬ ‫وأن جيعل�وه من أعظ ِم ما يتوس َ ِ‬
‫�لون به إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬
‫ِ‬
‫مالزمت�ه‪ْ ،‬‬
‫هم)‪.(2‬‬‫هيم ْ‬
‫ما ّ‬

‫املوت‪.‬‬
‫َ‬ ‫وهو يشتكي‪ ،‬فتمنّى‬
‫اس َ‬‫دخل عىل الع ّب ِ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫أن الن َّ‬ ‫ِ‬
‫الفضل ‪َّ J‬‬ ‫ع ْن أ ِّم‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]3514‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7938‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[348/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]26333‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[3368‬‬
‫‪‬‬

‫الت�زود من‬ ‫ويش�جعهم عىل‬ ‫ِ‬


‫الطاعات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فع�ل‬ ‫كان النب�ي ﷺ ُّ‬
‫حي�ث آل بيت�ه ‪ ‬ع�ىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلريات‪.‬‬
‫فصىل بم ّك َة‬ ‫ِ‬
‫البيت‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل‬ ‫أفاض‬
‫ثم َ‬ ‫ففي حديث حجة النبي ﷺ قال جابر‪َّ :‬‬
‫يس�قون عىل زمز َم‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وهم‬ ‫ال ّظه�ر‪ ،‬ث�م أتى بني ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬
‫لب ْ‬ ‫َ َّ‬
‫‪.‬‬
‫فرشب من ُه)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫فناولو ُه دلو ًا‬
‫كانت وظيفته‪.‬‬
‫احلاج ْ‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬املقصود أوالد الع ّباس ومجاعته؛ َّ‬
‫ألن سقاية‬
‫َ‬
‫ويسقون النّاس‪.‬‬ ‫َ‬
‫ينزعون املاء م ْن زمزم‪،‬‬ ‫وهم‬
‫عليهم ْ‬
‫ْ‬ ‫مر‬
‫أي‪َّ :‬‬
‫‪ْ :‬‬
‫‪ِ :‬‬
‫أي‪ :‬املاء والدّ الء‪.‬‬
‫ِ‬
‫لكثرة‬ ‫إن هذا العمل عمل صالح مرغوب ِ‬
‫فيه؛‬ ‫أي‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫بالقوة عىل النّزع واالستقاء ْ‬
‫هلم ّ‬‫دعا ْ‬
‫ثوابه‪ ،‬وال ّظاهر أ ّن ُه أمر استحباب ْ‬
‫هلم‪.‬‬
‫ُ‬
‫بحيث‬ ‫عليكم‬
‫ْ‬ ‫أي‪ :‬لوال خمافة كث�رة االزدحام‬
‫ْ‬
‫إخراجكم عن ُه رغبة يف النّزع‪.‬‬
‫ْ‬ ‫تؤ ّدي إىل‬
‫َ‬
‫فيزدمحون‬ ‫احل�ج؛‬
‫ّ‬ ‫ذلك م ْن مناس�ك‬ ‫معن�ا ُه لوال خ�ويف ْ‬
‫أن يعتقد النّاس َ‬
‫ِ‬
‫لكث�رة فضيلة هذا‬ ‫معكم؛‬ ‫ويدفعونكم ِ‬
‫عن االس�تقاء؛ الس�تقيت‬ ‫يغلبونكم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫بحي�ث‬ ‫ِ‬
‫علي�ه‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫االستقاء)‪.(2‬‬

‫ْ‬
‫فلنرتك‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فقالوا‪ْ :‬‬
‫ائذن لنا؛‬ ‫ِ‬
‫األنصار استأذنوا‬ ‫أن رجاالً م ْن‬ ‫أنس ‪َّ I‬‬ ‫عن ٍ‬
‫ِ‬
‫البن أختنا ع ّب ٍ‬
‫اس فداء ُه)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1218‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[194/8‬‬
‫)‪ (3‬ألن العباس كان قد أرس ببدر‪ ،‬وكان املرشكون قد أخرجوه معهم‪.‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ف�إن أ ّم عبد امل ّطلب‬ ‫(اب�ن أختنا) ألهنم أخ�وال ِ‬
‫أبيه عبد امل ّطلب‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقوهل�م عن العباس‪:‬‬
‫ّ ْ‬
‫وهي م ْن بني الن ّّجار‪.‬‬
‫منهم‪ ،‬فهي سلمى بنت عمرو بن أحيحة َ‬
‫ْ‬
‫لكانت املنّة‬ ‫عمك‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫عليهم يف إطالقه بخالف ما ْلو قالوا ّ‬
‫ْ‬ ‫لتكون املنّة‬ ‫وإنّا قالوا ابن أختنا؛‬
‫الذكاء‪ ،‬وحسن األدب يف اخلطاب)‪.(2‬‬ ‫قوة ّ‬ ‫ِ‬
‫عليه ﷺ‪ ،‬وهذا م ْن ّ‬
‫أن عمر ّملا و َيل وثاق األرسى ش�دَّ وثاق‬
‫« وروى ابن عائذ يف املغ�ازي َّ‬
‫فل�م يأخذ ُه النّ�وم‪َ ،‬‬
‫فبلغ األنصار‪ ،‬فأطلق�وا الع ّباس‪،‬‬ ‫الع ّباس‪ ،‬فس�مع ُه رس�ول اهلل ﷺ يئ ُّن ْ‬
‫أن يرتك�وا ل ُه الفداء؛ طلب ًا‬ ‫فكأن األنصار ّملا فهموا رضا رس�ول اهلل ﷺ ِّ‬
‫بفك وثاقه؛ س�ألو ُه ْ‬ ‫َّ‬
‫جيبهم إىل َ‬
‫ذلك»)‪.(3‬‬ ‫ْ‬ ‫لتا ِم رضا ُه‪ْ ،‬‬
‫فلم‬
‫َ‬
‫يكون يف الدّ ين نوع حماباة)‪.(4‬‬ ‫إجابتهم؛ ّ‬
‫لئال‬ ‫ْ‬ ‫امتنع ﷺ م ْن‬
‫َ‬ ‫وإنّا‬
‫أن أول د ٍم وضعه ﷺ من دماء اجلاهلية كان من دماء أقاربه‪ ،‬وأول ربا‬
‫وضعه كان ربا عمه العباس‪.‬‬
‫وذل�ك ح�ني ق�ام ﷺ خطيب ًا بعرف�ة فق�ال‪:‬‬
‫)‪(6‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫)‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2537‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[168/5‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪[322/7‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[168/5‬‬
‫ُ‬
‫واإلبطال‪.‬‬ ‫الر ُّد‬
‫)‪ (5‬املرا ُد بالوضعِ‪ّ :‬‬
‫قصاص فيها وال دي َة وال ك ّفارةَ‪.‬‬‫َ‬ ‫أي‪ :‬ال‬ ‫)‪ْ (6‬‬
‫)‪ (7‬رواه مسلم [‪.[1218‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫املقتول‬ ‫لب‪َ ،‬‬
‫كان ه�ذا االب ُن‬ ‫بن ِ‬
‫عب�د امل ّط ِ‬ ‫ِ‬
‫احلارث ِ‬ ‫إياس ب� ُن ربيع َة ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬
‫االبن ُ‬ ‫واس�م ه�ذا‬
‫ُ‬
‫بن‬ ‫س�عد وبني ِ‬
‫ليث ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بني بني‬
‫كانت َ‬‫حرب ْ‬ ‫ٍ‬ ‫حجر يف‬ ‫ِ‬
‫البيوت‪ ،‬فأصاب� ُه‬ ‫ال صغ�ري ًا حيبو َ‬
‫بني‬ ‫طف� ً‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫بكر‪.‬‬
‫ِ‬
‫بنفس�ه‪،‬‬ ‫أن يبدأ‬ ‫ٍ‬
‫بمعروف ْأو ينهى ع ْن منكر ينبغي ْ‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه َّ‬
‫أن اإلمام وغريه مم ّ ْن يأم�ر‬ ‫فف�ي‬
‫قرب عهده باإلسال ِم)‪.(1‬‬
‫فهو أقرب إىل قبول قوله‪ ،‬وإىل طيب نفس م ْن َ‬
‫وأهله‪َ ،‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[182/8‬‬


‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع جريانه‬

‫ِ‬
‫وصيانة عرضه‪،‬‬ ‫والوصاية ِبه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حقوق ِ‬
‫اجلار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رعاية‬ ‫قد استفاضت نصوص السنة يف ِ‬
‫بيان‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والبعد عن كل‬ ‫ِ‬
‫البرص عن حمارمه‪،‬‬ ‫وغض‬ ‫ِ‬
‫وس�رت عورته‪ ،‬وس�دِّ خ ّلته‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫واحلفاظ عىل رشفه‪،‬‬
‫ما يريبه‪ ،‬وييس ُء إليه‪.‬‬
‫وامتثاالً ألمر اهلل تعاىل حني قرن َّ‬
‫حق اجلار بح ّقه سبحانه‬ ‫ﷺ‬
‫يف قول�ه‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ‬
‫ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [النساء‪.[36 :‬‬
‫ِ‬
‫القرابة‪ ،‬فله‬ ‫وحق‬ ‫ِ‬
‫اجلوار‪ُّ ،‬‬ ‫حق‬ ‫(ﮤ ﮥ ﮦ) أي‪ :‬اجلار القريب الذي له ح ّق ِ‬
‫ان ُّ‬
‫ٌ‬
‫وإحسان راجع إىل العرف‪.‬‬ ‫حق‬
‫عىل جاره ٌّ‬
‫أقرب باب ًا كان آكدَ ح ّق ًا‪،‬‬ ‫(ﮧ ﮨ) أي‪ :‬ال�ذي لي�س له قراب ٌة‪ .‬وكلا كان ُ‬
‫اجلار َ‬
‫ِ‬
‫واألفعال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باألقوال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واللطافة‬ ‫ِ‬
‫والدع�وة‬ ‫ِ‬
‫والصدقة‪،‬‬ ‫فينبغ�ي للجار أن يتعاهد جاره باهلد ّي ِة‪،‬‬
‫فعل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بقول أو ٍ‬ ‫وعدم أذ ّيته‬
‫(ﮩ ﮪ) قي�ل‪ :‬الرفي�ق يف الس�فر‪ ،‬وقي�ل‪ :‬الزوجة‪ ،‬وقي�ل الصاحب‬
‫ُ‬
‫ويشمل الزوج َة)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫والسفر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلرض‬ ‫الصاحب يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يشمل‬ ‫مطلق ًا‪ ،‬ولعله أوىل‪ ،‬فإنه‬
‫ِ‬
‫األنصار ومن املهاجرين أيض ًا‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫جريان من‬ ‫ِ‬
‫املدينة‬ ‫ولقد كان للنبي ﷺ يف‬
‫س�عدَ بن عبادةَ‪،‬‬ ‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫أيوب األنصاري‪ ،‬وأسعدَ ب َن زرارةَ‪.‬‬ ‫وعبدَ اهلل ب َن عمرو ِ‬
‫بن حرا ٍم (والد جابر)‪ ،‬وأبا‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[177/1‬‬


‫‪‬‬

‫قالت‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫«وروى ابن س�عد يف طبقات النّس�اء م ْن حديث أ ّم س�لمة ْ‬
‫َ‬
‫يكثرون إلطاف رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬س�عد بن عبادة‪ ،‬وسعد بن معاذ‪ ،‬وعارة بن حزم‪،‬‬ ‫األنصار‬
‫جوارهم م ْن رسول اهلل ﷺ «)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫لقرب‬ ‫َ‬
‫وذلك‬ ‫وأبو أ ّيوب‪،‬‬

‫ٍ‬
‫بجوار يرضب َن بد ّفه َّن‬ ‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع� ْن ِ‬
‫ببعض املدينة‪ ،‬فإذا َ‬ ‫مر‬
‫ّبي ﷺ َّ‬
‫أن الن َّ‬
‫ّني ويقل َن‪:‬‬
‫ويتغن َ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬

‫منائ�ح‪ ،‬وكانوا‬ ‫هلم‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫كان�ت ْ‬
‫ْ‬ ‫ص�دق‪،‬‬ ‫جريان‬ ‫األنص�ار‪،‬‬ ‫ج�ريان م� َن‬ ‫لرس�ول اهلل ﷺ‬ ‫كان‬
‫ألباهنم‪ ،‬فيسقينا)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫َ‬
‫يمنحون‬
‫ُ‬
‫الرجل غريه ناق ًة أو شاةً‪ُ ،‬‬
‫ينتفع بحلبها‪ ،‬ووبرها‪،‬‬ ‫يعطي‬
‫َ‬ ‫(منائح) مجع منيحة‪ ،‬واملنيحة‪ :‬أن‬
‫وصوفها‪ ،‬زمن ًا‪ ،‬ثم ير ّدها إىل صاحبها)‪.(4‬‬

‫والعباس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أبو بكر‪ ،‬وعيل‪،‬‬
‫وغريهم‪.‬‬

‫ِ‬
‫العاص‬ ‫واحلكم ب َن‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ :‬أبا ٍ‬
‫هلب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يؤذون‬ ‫ّفر ا ّلذي َن‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُ‬ ‫َ‬
‫إسحاق‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال اب ُن‬

‫)‪ (1‬طبقات ابن سعد [‪ ،]163/8‬فتح الباري [‪ .]206/5‬ويف إسناده الواقدي‪ ،‬وهو كذاب‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه ابن ماجه [‪ ]1899‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجة [‪.[1541‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2567‬ومسلم [‪.[2972‬‬
‫)‪ (4‬عمدة القاري [‪.[69/20‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫األصداء اهل�ذ ّيل‪ ،‬وكانوا‬ ‫وعدي ب َن مح�را َء ال ّث ّ‬
‫قفي‪ ،‬واب� َن‬ ‫ّ‬ ‫معي�ط‪،‬‬ ‫اب�ن أم ّي� َة‪ ،‬وعقب� َة ب َن أيب‬
‫ِ‬
‫العاص‪.‬‬ ‫احلكم ب ُن أيب‬ ‫منهم أحدٌ ّإال‬
‫يسلم ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫جريان ُه‪ ،‬مل ْ‬
‫يقف ِبه عىل‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫وهو ّ‬
‫يصيل‪،‬‬ ‫عليه ﷺ رحم ّ ِ‬
‫الش�اة َ‬ ‫َ‬
‫فكان أحدهم يطرح ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ثم ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بابه ّ‬
‫ﷺ‬

‫ّبي ﷺ أنه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ِ J‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫ٌ‬
‫ورجل‬ ‫قائم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنصار َ‬ ‫ٍ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فإذا أنا به ٌ‬
‫خرج�ت م ْن أهيل أريدُ الن َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫رجل م َن‬ ‫وع� ْن‬
‫أن ل ُه حاج ًة‪.‬‬
‫فظننت َّ‬
‫ُ‬ ‫مقبل ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫مع ُه ٌ‬
‫لرسول اهلل ﷺ؛ م ْن ِ‬
‫طول القيا ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جعلت أرثي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حتّى‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬واهلل لقدْ قا َم‬
‫لك م ْن ِ‬
‫طول‬ ‫جعلت أرثي َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل حتّ�ى‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل! لقدْ قا َم َ‬
‫ُ‬ ‫بك ّ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫انرصف ُ‬
‫َ‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫القيا ِم‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫‪S‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫اجلار‪.‬‬ ‫ظننت أنه سيبلغني عن اهلل األمر بتوريث ِ‬
‫اجلار َ‬

‫)‪ (1‬هتذيب سرية ابن هشام [‪.[121/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6014‬ومسلم [‪.[2624‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]19459‬بإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ي�ويص أصحاب�ه باجل�ار خ�ري ًا‪ ،‬فع�ن‬


‫َ‬ ‫ين�س النب�ي ﷺ أن‬
‫وحت�ى يف حج�ة ال�وداع‪ ،‬مل َ‬
‫حج ِة الودا ِع ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وهو عىل ناقته اجلدعاء يف ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫أيب أمامة ‪ I‬قال‪:‬‬
‫أكثر‪.‬‬
‫‪ ،‬حتّى َ‬
‫ليورث ُه)‪.(1‬‬
‫فقلت‪ :‬إ ّن ُه ّ‬
‫ُ‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫حني تك ّل َ‬
‫�م الن ُّ‬ ‫عيناي‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫وأب�رصت‬
‫ْ‬ ‫أذناي‪،‬‬
‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ْ‬ ‫العدوي َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫رشي�ح‬ ‫ع� ْن أيب‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫مرض‬ ‫عدت ِ‬
‫عليه‪ ،‬وإذا َ‬ ‫افتقر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫استقرضك أقرضت ُه‪ ،‬وإذا َ‬ ‫استعانك أعنت ُه‪ ،‬وإذا‬ ‫«إذا‬
‫ّبعت جنازت ُه‪.‬‬
‫مات ات َ‬ ‫خري هنّأت ُه‪ ،‬وإذا أصابت ُه مصيب ٌة ّ‬
‫عزيت ُه‪ ،‬وإذا َ‬ ‫عدت ُه‪ ،‬وإذا أصاب ُه ٌ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫ق�درك ّإال ْ‬ ‫تؤذه ِ‬
‫بقتار‬ ‫بإذن�ه‪ ،‬وال ِ‬
‫ِ‬ ‫يح ّإال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫الر َ‬
‫فتحجب عن� ُه ّ‬
‫ُ‬ ‫بالبن�اء؛‬ ‫علي�ه‬ ‫تس�تطل‬ ‫وال‬
‫تغرف ل ُه منها‪.‬‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فإن مل ْ ْ‬ ‫اش�رتيت فاكه ًة ِ‬ ‫ِ‬
‫ليغيظ هبا‬ ‫ولدك؛‬ ‫رس ًا‪ ،‬وال ْ‬
‫خيرج هبا‬ ‫تفعل فأدخلها ّ‬ ‫فاهد ل ُه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وإن‬
‫ولد ُه»)‪.(3‬‬
‫حيافظون ِ‬
‫عليه‪ ،‬وحيصل امتثال الوص ّية‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان أهل اجلاهل ّية‬ ‫فحفظ اجلار م ْن ِ‬
‫كال اإليان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإيصال رضوب اإلحس�ان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِبه‬
‫بحس�ب ال ّطاقة‪ ،‬كاهلد ّية‪ّ ،‬‬
‫والس�الم‪ ،‬وطالقة الوجه عندَ‬ ‫إليه‬
‫وكف أس�باب األذى عن ُه عىل اختالف أنواعه‬ ‫ّ‬ ‫لقائه‪ ،‬وتف ّقد حاله‪ ،‬ومعاونته فيا حيتاج ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كانت ْأو معنو ّية)‪.(4‬‬
‫حس ّية ْ‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬رواه الطراين يف املعجم الكبري [‪ ،]118/7‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2548‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6019‬ومسلم [‪ .]48‬وعند مسلم‪« :‬فليحس ْن إىل جاره»‪.‬‬
‫)‪ (3‬جامع العلوم واحلكم ]‪.[350/1‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[442/10‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫رشيح ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ع ْن أيب‬
‫َ‬
‫رسول اهلل؟‬ ‫َ‬
‫قيل‪ :‬وم ْن يا‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫وهي‪ :‬الدواهي والرشور‪.‬‬


‫والبوائق مجع بائقة‪َ ،‬‬
‫ثالث مر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حق ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫َ ّ‬ ‫اليمني‬
‫َ‬ ‫وتكريره‬ ‫لقسمه ﷺ عىل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫اجلار؛‬ ‫تأكيدُ ِّ‬
‫ُ‬
‫الكامل‪ .‬وال‬ ‫ُ‬
‫اإلي�ان‬ ‫ِ‬
‫بالفعل‪ ،‬ومراد ُه‬ ‫ِ‬
‫بالق�ول‪ْ ،‬أو‬ ‫عم� ْن يؤذي جار ُه‬ ‫ِ‬
‫نفي اإليان ّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫اإليان)‪.(2‬‬ ‫ٍ‬
‫كامل‬ ‫غري‬
‫العايص ُ‬
‫َ‬ ‫شك َّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬
‫حق ِ‬
‫اجلار‪،‬‬ ‫وهي مبالغ ٌة تنبئ ع ْن تعظيم ِّ‬
‫عم ْن مل ْ يأمن جاره بوائقه‪َ ،‬‬
‫وقدْ نفى ﷺ اإليان ّ‬
‫َّ‬
‫وأن إرضاره م َن الكبائر)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬

‫)‪.(4‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬

‫ﷺ‬

‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ألصحابه‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫األسود ‪َّ I‬‬ ‫فعن املقدا َد ب َن‬
‫ِ‬
‫القيامة‪.‬‬ ‫فهو حرا ٌم إىل يو ِم‬
‫حرم ُه اهلل ورسول ُه؛ َ‬
‫قالوا‪ّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلم‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬

‫«رش ُه»‪.‬‬ ‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]6016‬وأمحد [‪ .]7818‬زا َد أمحد‪ ،‬قالوا‪ :‬وما بوائقه؟ َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[444/10‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[442/10‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[46‬‬
‫‪‬‬

‫فهي حرا ٌم‪.‬‬


‫حرمها اهلل ورسول ُه؛ َ‬
‫قالوا‪ّ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫عقاب تلك‬
‫ُ‬ ‫فعل ذلك‪ ،‬كان‬ ‫اجلار عىل ِ‬
‫اجلار أن ال خيونه يف أهله‪ ،‬فإن َ‬ ‫حق ِ‬ ‫وذلك ألن من ِّ‬
‫عذاب عرش زنيات)‪.(2‬‬ ‫يعدل‬ ‫الز ِ‬
‫نية ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬

‫‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ يشكو جار ُه‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫قال‪ :‬جا َء ٌ‬
‫رجل إىل الن ِّ‬ ‫فع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫مر ِ‬
‫تني ْأو ثالث ًا‪.‬‬ ‫فأتا ُه ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫فطرح متاع ُه يف ال ّط ِ‬
‫ريق‪.‬‬ ‫َ‬

‫فعل اهلل ِبه‪،‬‬


‫ّ�اس يلعنون ُه‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫فجعل الن ُ‬ ‫فيخرهم خر ُه‪،‬‬
‫ْ‬ ‫يمرون‪ ،‬ويس�ألون ُه‪،‬‬
‫ّاس ّ‬ ‫َ‬
‫فجع�ل الن ُ‬
‫وفعل‪َ ،‬‬
‫وفعل‪.‬‬ ‫َ‬

‫ارجع فإنك لن ترى منّي شيئ ًا تكره ُه‪.‬‬ ‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫فجاء ِ‬
‫إليه جار ُه‪َ ،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫لقيت م َن الن ِ‬
‫ّاس!!‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ما ُ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ويف رواية‪ :‬فجا َء جاره إىل الن ِّ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫قال‪ :‬يلعنوين‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فإين ال أعو ُد‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪ّ :‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ .]23342‬وصححه األلباين يف الصحيحة برقم [‪.[65‬‬


‫)‪ (2‬فيض القدير [‪.[329/5‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ]5153‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[5153‬‬
‫‪‬‬

‫كفيت)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫متاعك؛ فقدْ‬ ‫ارفع‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال ل ُه‪ْ :‬‬ ‫فجا َء ا ّلذي شكا ُه إىل الن ِّ‬
‫ﷺ‬
‫إن فالن� َة يذكر من ِ‬
‫كثرة صالهتا‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل! َّ‬ ‫قال ٌ‬
‫رجل‪ :‬يا‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫ُ ْ‬
‫غري ّأهنا تؤذي جرياهنا بلساهنا؟‬
‫وصيامها‪ ،‬وصدقتها‪َ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫يذكر م ْن ق ّلة صيامها‪ ،‬وصدقتها‪ ،‬وصالهتا‪ّ ،‬‬
‫وإهنا تصدّ ُق‬ ‫فإن فالن َة ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل! َّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫األقط‪ ،‬وال تؤذي جرياهنا بلساهنا؟‬ ‫ِ‬
‫باألثوار م َن‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫مستحجر)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫األقط‪ ،‬وهو لبن جامد‬ ‫واألثوار‪ :‬مجع ٍ‬
‫ثور‪ ،‬وهي قطع ٌة من‬
‫ٌ‬

‫أهديتم جلارنا‬ ‫فلا جا َء َ‬


‫ق�ال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جماه�د َّ‬
‫ْ‬ ‫ذبحت ل ُه ش�ا ٌة يف أهله‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫عم�رو‬ ‫أن عبدَ اهلل ب َن‬ ‫ع� ْن‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫اليهودي؟‬
‫ِّ‬ ‫أهديتم جلارنا‬
‫ْ‬ ‫اليهودي‪،‬‬
‫ِّ‬
‫)‪.(4‬‬

‫والصديق‬
‫«واس�م اجلار يش�مل املس�لم والكافر‪ ،‬والعاب�د والفاس�ق‪ّ ،‬‬
‫واألقرب دار ًا واألبعدَ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫واألجنبي‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والقريب‬
‫َ‬ ‫والض َّار‪،‬‬
‫ّافع ّ‬
‫والبلدي‪ ،‬والن َ‬
‫َّ‬ ‫والعدو‪ ،‬والغريب‬
‫ّ‬
‫ْ ِ‬ ‫ول� ُه مرات�ب بعضها أعىل م ْن بعض‪ ،‬فأعالها ِ‬
‫الصفات األول ك ّلها‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫اجتمعت فيه ّ‬ ‫من‬
‫جر ًا إىل الواحد‪.‬‬
‫وهلم ّ‬
‫َّ‬ ‫أكثرها‬

‫)‪ (1‬رواه الط�راين [‪ ]356‬ع�ن أيب جحيف�ة ‪ ،I‬وقال األلب�اين‪« :‬صحيح لغريه»‪ .‬صحي�ح الرتغيب والرتهيب‬
‫]‪.[2558‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]9298‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[2560‬‬
‫)‪ (3‬النهاية [‪.[653/1‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]1943‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بحسب حاله‪ ،‬وقدْ‬ ‫كذلك‪ ،‬فيعطي ٌّ‬
‫كل ح ّقه‬ ‫َ‬ ‫الصفات األخرى‬ ‫ْ ِ‬ ‫وعكسه ِ‬
‫اجتمعت فيه ّ‬ ‫من‬
‫فريجح‪ْ ،‬أو يساوي»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫تتعارض صفتان‪ ،‬فأكثر‪ّ ،‬‬
‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ِ‬
‫احلارث ‪َ I‬‬ ‫بن ِ‬
‫عب�د‬ ‫ع� ْن ناف� ِع ِ‬
‫)‪.(2‬‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ق�ال‪:‬‬ ‫وع�ن س�عد ب�ن أيب وق�اص ‪َّ I‬‬
‫أن‬

‫)‪.(3‬‬

‫فكان يقول يف دعائه‬


‫)‪.(4‬‬

‫ويأمر أصحابه بذلك فيقول‪:‬‬


‫)‪.(5‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو ‪َ L‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(6‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّصيحة‪.‬‬ ‫أكثرهم إحسان ًا إليه ْ‬
‫ولو بالن‬ ‫ْ‬ ‫أي‬
‫‪ْ :‬‬
‫احت�ال األذى‪ْ ،‬بل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫احت�ال األذى‪ ،‬وال يكفي‬ ‫فقط‪ِ ،‬‬
‫بل‬ ‫ك�ف األذى ْ‬ ‫ِ‬
‫اجلوار َّ‬ ‫ح�ق‬
‫فلي�س ُّ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[442/10‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ]14947‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3029‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن حبان [‪ ،]4032‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[282‬‬
‫)‪ (4‬رواه احلاكم [‪ ،]1951‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1290‬‬
‫)‪ (5‬رواه النسائي [‪ ،]5502‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[1443‬‬
‫)‪ (6‬رواه الرتمذي [‪ ،]1867‬وصححه‪ ،‬األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3270‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإس�داء ِ‬ ‫الر ِ‬
‫أن يبد َأ جار ُه ّ‬
‫بالس�ال ِم‪ ،‬ويعود ُه يف‬ ‫واملع�روف‪ ،‬ومن ذلك‪ْ :‬‬ ‫اخلري‬ ‫فق‪،‬‬ ‫ال ب�دَّ م َن ّ‬
‫ويتجاوز ع ْن‬
‫َ‬ ‫الفرح‪ ،‬ويش�اركه ال�رور بالن ِ‬
‫ّعمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املصيبة‪ ،‬وهينّئ ُه عندَ‬ ‫ويعزي ُه عندَ‬
‫امل�رض‪ّ ،‬‬‫ِ‬
‫ُ ّ َ‬
‫ِ‬
‫بولده‪ ،‬ويرش�د ُه إىل‬ ‫ف‬‫غاب‪ ،‬ويتل ّط َ‬ ‫عليه ِ‬
‫داره ْ‬ ‫وحيفظ ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫زال ِ‬ ‫ّ‬
‫إن َ‬ ‫حمارمه‪،‬‬ ‫ويغض برص ُه ع ْن‬ ‫َّ‬ ‫ت�ه‪،‬‬
‫دينه ودنيا ُه)‪.(1‬‬ ‫أمر ِ‬ ‫ما جيهل ُه م ْن ِ‬

‫ِ‬
‫جارين‪ ،‬فإىل ّأهيا أهدي‪.‬‬ ‫إن يل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ُ ،J‬‬
‫قلت‪ :‬يا‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫فيتشوف هلا‪،‬‬ ‫أن األقرب يرى ما يدخل بيت جاره م ْن هد ّية وغريها‬ ‫واحلكمة ِ‬
‫فيه َّ‬
‫ّ‬
‫املهات‪ ،‬وال س ّيا يف أوقات الغفلة)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫األبعد‪َّ ،‬‬
‫أرسع إجارة ملا يقع جلاره م َن ّ‬
‫ُ‬ ‫وأن األقرب‬

‫ني‬ ‫ٍ‬
‫جانب‪ ،‬مس�تد ّل َ‬ ‫أربع�ون دار ًا م ْن ِّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اجل�وار‬ ‫الش�افع ّي ُة واحلنابل� ُة إىل َّ‬
‫أن حدَّ‬ ‫فذه�ب ّ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬‫)‪(4‬‬ ‫ِ‬
‫بحديث‪:‬‬
‫ش�ارع‬ ‫ُ‬
‫املقابل ل ُه بينها‬ ‫أو‬ ‫ِ‬
‫اجلهات‪ِ ،‬‬ ‫املالصق من ٍ‬
‫جهة م َن‬ ‫هو‬ ‫وذهب املالك ّي ُة إىل َّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ ْ‬ ‫اجلار َ‬
‫أن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مس�جدان‬ ‫هنر متّس�عٍ‪ْ ،‬أو م ْن جيمعها مس�جدٌ ْأو‬ ‫ٍ‬
‫كس�وق ْأو ٍ‬ ‫كبري‬ ‫ٌ‬
‫فاصل ٌ‬ ‫�ق ال يفصله�ا‬ ‫ض ّي ٌ‬
‫ِ‬
‫متقاربان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لطيفان‬
‫وهي املالصق ُة‬ ‫ِ‬ ‫فقط؛ َّ‬
‫املالصق ْ‬ ‫وذهب أبو حنيف َة إىل َّ‬
‫اجلار م َن املجاورة‪َ ،‬‬
‫ألن َ‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫اجلار َ‬
‫أن َ‬ ‫َ‬
‫حقيق ًة‪.‬‬
‫فهو‬
‫س�مع النّداء َ‬
‫َ‬ ‫عيل ‪« I‬م ْن‬
‫«واختلف يف حدّ اجلوار‪ :‬فج�ا َء ع ْن ّ‬
‫َ‬ ‫ق�ال ابن حج�ر‪:‬‬
‫جار»‪.‬‬

‫)‪ (1‬إحياء علوم الدين [‪.[213/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[2259‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[447/10‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو يعىل عن أيب هريرة كا يف إحتاف املهرة [‪ ،]5098‬وضعفه األلباين يف إرواء الغليل [‪.[1659‬‬
‫‪‬‬

‫فهو جار»‪.‬‬
‫الصبح يف املسجد َ‬
‫صىل معك صالة ّ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪« :‬م ْن ّ‬

‫جار‪.‬‬ ‫أن حدَّ اجلوار يرجع فيه إىل العرف؛ فا عدَّ عرف ًا أنه ٌ‬
‫جار فهو ٌ‬
‫ِ‬
‫العرف»)‪.(1‬‬ ‫ويرجع يف َ‬
‫ذلك إىل‬ ‫املقارب‪،‬‬ ‫هو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫«اجلار َ‬
‫ُ‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫حافر الشاة‪.‬‬
‫واملقصو ُد بالفرسن يف احلديث‪ُ :‬‬
‫الصدقة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تتنع جارة م� َن ّ‬
‫هن�ي للمعطي�ة املهدية‪ ،‬ومعن�ا ُه‪ :‬ال ْ‬
‫ّه�ي ع ْن االحتقار ٌ‬
‫وه�ذا الن ُ‬
‫ِ‬
‫وإن َ‬
‫كان قلي ً‬
‫ال‬ ‫تير‪ْ ،‬‬‫واهلد ّي�ة جلارهتا؛ الس�تقالهلا‪ ،‬واحتقارها املوجو َد عندها‪ْ ،‬بل جت�و ُد با ّ َ‬
‫وهو خري م َن العدم‪ .‬وذكر الفرسن عىل سبيل املبالغة‪.‬‬ ‫كفرسن شاة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ولو َ‬
‫كان‬ ‫حتتقر م�ا هيدى إليها ْ‬
‫وأهنا ال ُ‬
‫وقع للمهدى إليها‪ّ ،‬‬
‫ّهي إنّ�ا َ‬ ‫َ‬
‫يك�ون الن ُ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫وحيتم�ل ْ‬
‫قليالً‪.‬‬
‫يتير َّ‬
‫كل وقت‪ ،‬وإذا‬ ‫ألن الكثري قدْ ال ّ‬ ‫ِ‬
‫باليس�ري؛ َّ‬ ‫ولو‬
‫احلض عىل التّهادي ْ‬
‫ويف احلديث‪ُّ :‬‬
‫تواصل اليسري صار كثري ًا‪ِ ،‬‬
‫وفيه استحباب املو ّدة وإسقاط التّك ّلف)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫االحتقار للمهدى‪ ،‬أو املهدي‪ ،‬وألهن َّن‬
‫ُ‬ ‫يكثر منه َّن‬ ‫ِ‬
‫بالنهي؛ ألن النسا َء ُ‬ ‫خص النسا َء‬
‫وإنا َّ‬
‫ِ‬
‫املكث والقرار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باجلريان من الرجال؛ بحكم‬ ‫أكثر اتصاالً‬
‫ُ‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ذر ‪َ I‬‬
‫ع� ْن أيب ٍّ‬
‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]447/10‬واملغني [‪ ،]578/6‬املوسوعة الفقهية الكويتية [‪.[217/16‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]2566‬ومسلم [‪.[1030‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪ ،]120/7‬فتح الباري [‪.[445/10[ ،]198/5‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2625‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬ ‫ويف لفظ آخر قال‪:‬‬


‫)‪.(1‬‬

‫يصنع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األمر‪ ،‬فال يتعاهدُ جريان�ه بالطعا ِم‪ ،‬مع أنه قد‬ ‫يغفل عن هذا‬ ‫ِ‬
‫الن�اس من ُ‬ ‫وك�م من‬
‫يبيت عىل ال ّطوى ال جيدُ‬ ‫ِ‬
‫القامة‪ ،‬ويف جريانه م ْن ق�د ُ‬ ‫ِ‬
‫حاجت�ه‪ ،‬ثم يرمي باقيه يف‬ ‫م�ا يزيدُ عىل‬
‫ما يسدُّ جوعت ُه‪.‬‬
‫ِ‬
‫املروءة‪ ،‬فعن ابن عباس ‪ I‬قال‪ :‬س�معت النبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫وأدب‬ ‫ِ‬
‫اجلرية‪،‬‬ ‫حلق‬ ‫وه�ذا ٍ‬
‫مناف ِّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫يقول‪:‬‬

‫قالت‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫أنس ِ‬
‫وم�ن ح ّثه ﷺ عىل تعاهد اجلريان بالطعام‪ ،‬ما جاء ع ْن ِ‬
‫ْ‬
‫فافعل‪.‬‬ ‫رأيت ْ‬
‫أن تغدّ ى عندنا‬ ‫إن َ‬ ‫نبي اهلل ﷺ‪ْ ،‬‬
‫فقل ل ُه‪ْ :‬‬ ‫اذهب إىل ِّ‬
‫ْ‬ ‫أ ُّم سلي ٍم‪:‬‬

‫قال‪ :‬فجئت ُه فب ّلغت ُه‪.‬‬


‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫مع‬ ‫لدهش مل ْن َ‬
‫أقبل َ‬ ‫ٌ‬ ‫فدخلت عىل أ ِّم سلي ٍم‪ ،‬وأنا‬
‫ُ‬ ‫فجئت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أنس؟!‪.‬‬
‫صنعت يا ُ‬
‫َ‬ ‫فقالت أ ُّم سلي ٍم‪ :‬ما‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ عىل ِ‬
‫أثر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فدخل‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[4759‬‬


‫)‪ (2‬رواه الطراين [‪ ،]751‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5505‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫سمن‪.‬‬ ‫كان من ُه عندي ع ّك ٌة فيها يش ٌء م ْن‬
‫نعم‪ ،‬قدْ َ‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ففتح رباطها‪َّ ،‬‬
‫فجئت ُه هبا َ‬
‫يسمي‪.‬‬
‫وهو ّ‬
‫نبي اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬اقلبيها‪ ،‬فقلبتها‪ ،‬فعرصها ُّ‬
‫َ‬
‫وثانون رجالً‪.‬‬ ‫بضع‬
‫فأكل منها ٌ‬ ‫نقع ٍ‬
‫قدر‪َ ،‬‬ ‫فأخذت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫فضل‪ ،‬فدفعها إىل أ ِّم سلي ٍم َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ففضل فيها ٌ‬
‫َ‬

‫فصنع‬ ‫ِ‬
‫امل�رق‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ فارس� ّي ًا َ‬ ‫أن جار ًا‬
‫مال�ك ‪َّ :I‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫كان ط ّي َ‬ ‫ع� ْن أن�س بن‬
‫ثم جا َء يدعو ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ َّ‬
‫لعائش َة‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪( :‬ال)‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فعا َد يدعو ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪( :‬ال)‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ثم عا َد يدعو ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يتدافعان حتّى أتيا منزل ُه)‪.(2‬‬ ‫فقال يف ال ّثالثة‪ْ :‬‬
‫نعم‪ ،‬فقاما‬
‫معنا ُه‪ :‬يميش ّ‬
‫كل واحد منها يف أثر صاحبه‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]13135‬وصححه شعيب األرناؤوط‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2037‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫لكون ال ّطعام َ‬
‫كان قليالً‪ ،‬فأرا َد توفريه‬ ‫يدع عائشة ‪ّ J‬أوالً‬ ‫قالوا‪َّ :‬‬
‫الفارس إنّا مل ْ ُ‬
‫ّ‬ ‫ولعل‬
‫عىل رسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫ق�ال النووي‪« :‬كر َه ﷺ االختصاص بال ّطعا ِم دوهنا‪ ،‬وه�ذا م ْن مجيل املعارشة‪ ،‬وحقوق‬
‫املصاحبة‪ ،‬وآداب املجالسة املؤكّدة»)‪.(1‬‬

‫دخلت شا ٌة ٍ‬
‫جلار لنا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حلاف‪ ،‬إ ْذ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫مع‬ ‫ع ْن أ ِّم سلم َة ‪ْ J‬‬
‫ْ‬ ‫قالت‪ :‬بينا أنا َ‬
‫فأخذت قرص ًة لنا‪[ .‬القرص ُة‪ :‬م َن ِ‬
‫اخلبز]‪.‬‬ ‫ْ‬
‫فقمت إليها‪ ،‬فأخذت ُه م ْن ِ‬
‫بني حلييها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫كثري‬ ‫فهو وان َ‬
‫كان قلي�ل القدر‪ ،‬لكنه ُ‬ ‫أي‪ :‬أذى اجل�ار جل�اره غري مغف�ور وإن َ‬
‫كان قليال‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫الوزر)‪.(3‬‬
‫الشي ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪ ،‬وأعىل ّ‬ ‫ِ‬
‫باإلحسان من أرف ِع‬ ‫فاحتال أذى ِ‬
‫اجلار‪ ،‬ومقابل ُة إساءته‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫احتال األذى»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫اجلوار‬ ‫كف األذى‪ ،‬ولك َّن حس َن‬ ‫ِ‬
‫اجلوار َّ‬ ‫«ليس حس ُن‬
‫قال احلس ُن‪َ :‬‬

‫أعلم إذا‬ ‫كي�ف يل ْ‬ ‫ِ‬ ‫قال ٌ‬


‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل بن مس�عود ‪َ I‬‬
‫أن َ‬ ‫َ‬ ‫لرس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫رجل‬ ‫ْ‬
‫أسأت؟‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أحسنت وإذا‬
‫ُ‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال الن ُّ‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪[209/13‬‬


‫)‪ (2‬رواه الط�راين يف الكب�ري [‪258/23‬رق�م ‪ ،]535‬وابن األع�رايب يف معجمه [‪ ،]353‬وق�ال اهليثمي يف املجمع‬
‫]‪ :]170/8‬رجاله ثقات‪ ،‬وضعفه األلباين يف ضعيف اجلامع [‪.[2077‬‬
‫)‪ (3‬التيسري برشح اجلامع الصغري [‪ ]502 /2‬للمناوي‪.‬‬
‫)‪ (4‬جامع العلوم واحلكم [ص‪.[141‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[610‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (5‬رواه ابن ماجه [‪،]4223‬‬
‫‪‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫‪.‬‬

‫رءوسهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فلا حدّ َ‬
‫ث أبو هرير َة طأطئوا‬ ‫ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫أكتافكم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بني‬
‫ألرمني هبا َ‬
‫َّ‬ ‫معرضني؟ واهلل‬
‫َ‬ ‫أراكم عنها‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ما يل‬
‫ٍ‬
‫خش�بة‬ ‫اجلار يلزمه أن يمكّن جاره من وض ِع‬
‫«ومذهب اإلمام أمحدَ أن َ‬
‫ُ‬
‫يرض بجداره؛ هلذا احلديث الصحيح‪.‬‬
‫عىل جداره إذا احتاج إىل ذلك‪ ،‬ومل َّ‬
‫ّ�دب‪ ،‬والنّهي ع�ىل الت ِ‬
‫ّنزيه؛ مجع� ًا بين ُه َ‬
‫وبني‬ ‫احلديث ع�ىل الن ِ‬‫ِ‬ ‫األم�ر يف‬ ‫واجلمه�ور محل�وا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث الدّ ا ّل ِة عىل حتري ِم ِ‬
‫مال املسل ِم ّإال برضا ُه»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫املقالة)‪.(3‬‬ ‫هذه السن ِّة‪ ،‬أو عن ِ‬
‫هذه‬ ‫معرضني «أي‪ :‬عن ِ‬ ‫أراكم عنها‬ ‫ِ‬
‫وقول أيب هريرة‪« :‬ما يل‬
‫ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬

‫)‪.(4‬‬ ‫كا قال رسول اهلل قال ﷺ‪:‬‬


‫ني وبالص ِ‬
‫اد‪ :‬القرب واملالصقة)‪.(5‬‬ ‫بالس ِ‬
‫ّ‬ ‫الصقب ّ‬
‫ّ‬
‫انتقلت إليه إن كان‬
‫ْ‬ ‫الرشيك انتزاع حص ِة رشيكه من ِ‬
‫يد من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫«اس�تحقاق‬ ‫والش�فعة هي‪:‬‬
‫َ ّ‬
‫استقر عليه العقدُ » )‪.(6‬‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫وبعوض ما ٍّيل بثمنه الذي‬ ‫مثله‪ ،‬أو دونه‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2463‬ومسلم [‪ ،]1609‬والرتمذي [‪ ،]1273‬واللفظ له‪.‬‬


‫)‪ (2‬جامع العلوم واحلكم [ص‪.[140‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري ]‪.[111/5‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]2258‬عن أيب رافع ‪.I‬‬
‫)‪ (5‬النهاية [‪.[75/3‬‬
‫)‪ (6‬اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل [‪.[362/2‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع ال�شيوف وامل�شت�شيفني‬

‫اأو ًال‪ :‬النبي ﷺ م�شيف ًا‪:‬‬


‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وأكرمهم‪ ،‬وأوس�عهم إعطا ًء‪ ،‬وأحس�نهم سخا ًء؛ السيا‬ ‫النبي ﷺ أجو َد‬ ‫قد َ‬
‫كان ُّ‬
‫ﷺ‬ ‫اخلري؛ يقول ابن عباس ‪:L‬‬‫يف مواس� ِم ِ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫علي�ه‬ ‫فيع�رض‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ينس�لخ‬ ‫َ‬
‫رمض�ان حتّ�ى‬ ‫ٍ‬
‫س�نة يف‬ ‫كان يلق�ا ُه يف ِّ‬
‫كل‬ ‫جري�ل ‪َ S‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫يح‬‫الر ِ‬
‫م�ن ّ‬ ‫ِ‬
‫باخلري َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أج�و َد‬ ‫كان‬ ‫ُ‬
‫جري�ل َ‬ ‫َ‬
‫الق�رآن‪ ،‬ف�إذا لقي� ُه‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬
‫ِ‬
‫املرسلة)‪.(1‬‬
‫ِ‬ ‫(املرسلة) ِ‬
‫أي‪ :‬املط َل َقة‪ ،‬يعني أ ّن ُه يف اإلرساع باجلود أرسع م َن ّ‬
‫الريح)‪.(2‬‬
‫ﷺ‬ ‫وق�ال أنس بن مالك ‪:I‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫«والعرب مل تك ْن تعدُّ اجلو َد إال قرى‬ ‫ِ‬
‫الضيفان‪،‬‬ ‫أخص خصائص األجواد‪ :‬إكرام‬
‫ُ‬ ‫وإن من ِّ‬
‫ِ‬
‫خي من مل يكن فيه ذلك؛ حتى إن أحدهم ربا سار يف‬ ‫الضيف‪ ،‬وإطعا َم الطعا ِم؛ وال تعدُّ ّ‬
‫الس َّ‬
‫الضيف َ‬
‫امليل‪ ،‬وامليلني»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬ ‫طلب‬
‫وه�ذه أم املؤمن�ني خدجي�ة ‪J‬؛ وهي أعل�م الناس به؛ تصف�ه؛ فتقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]6‬ومسلم [‪.[2308‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[31/1‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2820‬ومسلم [‪.[2307‬‬
‫)‪ (4‬روضة العقالء البن حبان [ص‪.[259‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬

‫الضعيف‪ ،‬واليتي ِم‪ ،‬والعيال‪،‬‬ ‫ُ‬


‫اإلنفاق عىل ّ‬ ‫ِ‬
‫بأمره‪ ،‬فيدخل فيه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫يس�تقل‬ ‫هو م ْن ال‬
‫َ‬
‫وغري َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫أي‪ :‬الفقري؛ َّ‬
‫ألن املعدوم ال يكس�ب‪ ،‬ومعناه�ا‪ :‬تعطي النّاس ما ال‬
‫)‪(2‬‬
‫جيدون ُه عند غريك‪.‬‬
‫ِ‬
‫فذكرت خدجي ُة ‪ J‬من مجلة أخالق ِّ‬
‫النبي ﷺ‪( :‬قرى الضيف)‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫أحسن الناس إكرام ًا لضيفه‪ ،‬ومعامل ًة لوفده‪.‬‬ ‫النبي ﷺ من‬
‫كان ُّ‬‫وقد َ‬

‫ﷺ‬
‫سئل رسول اهلل ﷺ شيئ ًا َ‬
‫فقال‪ :‬ال»)‪.(3‬‬ ‫وعن جابر بن عبد اهلل ‪ L‬قال‪« :‬ما َ‬
‫ِ‬ ‫من مت�اع الدّ نيا فق�ال‪ :‬ال‪ .‬ففيه‪ُ :‬‬ ‫ومعنا ُه‪ :‬ما َ‬
‫س�خائه‪ ،‬وغزارة‬ ‫بيان عظي ِم‬ ‫س�ئل ش�يئ ًا ْ‬
‫جوده ﷺ)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫س�عد ‪َّ :I‬‬ ‫س�هل ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫أن َّ‬
‫)‪.(5‬‬
‫ِ‬
‫موت�ه درمه ًا‪ ،‬وال دينار ًا‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عندَ‬ ‫ترك‬ ‫ِ‬
‫احلارث‪« :‬ما َ‬ ‫ول�ذا ق�ال عمرو ب ُن‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4‬ومسلم [‪.[160‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[25/1‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6034‬ومسلم [‪.[2311‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[71/15‬‬
‫)‪ (5‬رواه احلاكم يف املستدرك [‪ ،]152‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1801‬‬
‫‪‬‬

‫عبد ًا‪ ،‬وال أم ًة‪ ،‬وال ش�يئ ًا‪ّ ،‬إال بغلت ُه البيضا َء‪ ،‬وس�الح ُه‪ ،‬وأرض ًا جعله�ا صدق ًة» ‪.‬بل َ ّ‬
‫تويف‬ ‫)‪(1‬‬

‫ٍ‬
‫شعري)‪.(2‬‬ ‫بثالثني صاع ًا م ْن‬
‫َ‬ ‫هيودي‬
‫ٍّ‬ ‫ودرع ُه مرهون ٌة عندَ‬

‫ﷺ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ‪:‬‬
‫ِ‬
‫بنفسه يف خدمته‪.‬‬ ‫إكرامه‪ :‬تل ّقيه بطالقة الوجه‪ ،‬وتعجيل قراه‪ ،‬والقيا ُم‬

‫قال الشاعر‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫فقال‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ يو َم َ‬


‫تبوك؛ َ‬ ‫ُ‬ ‫خطب‬
‫َ‬ ‫اس ‪َ ،L‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫فعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬

‫)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2739‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2916‬ومسلم [‪ ]1603‬عن عائشة ‪.J‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6018‬ومسلم [‪ ]47‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]1988‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2259‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]3750‬وابن ماجة [‪ ،]3677‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2204‬‬
‫‪‬‬

‫طلب‬
‫الضيف؛ َ‬
‫ُ‬ ‫صاحب ِ‬
‫الدار‪ ،‬فإن ش�ا َء‬ ‫ِ‬ ‫فم�ن أصب�ح الضيف بفنائه؛ فهو دي ٌن عىل‬
‫ح ّقه‪.‬‬
‫ِ‬
‫وعادات‬ ‫الضيف‪ ،‬وحس�ن القيا ِم ِ‬
‫عليه؛ من ش�ي ِم الكرا ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«ومل ْ‬
‫يزل قرى‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األلسن‪ ،‬وصاحبه ملو ٌم»)‪.(1‬‬ ‫ومنع القرى مذمو ٌم عىل‬
‫ُ‬ ‫الصاحلني‪،‬‬
‫َ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ٍ‬
‫مظعون ‪:I‬‬ ‫َ‬
‫لعثان بن‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫وقد َ‬
‫قال ُّ‬
‫رسول اهلل! إن َّك تبعثنا؛ ُ‬
‫فننزل بقو ٍم؛ فال يقروننا؛‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫عامر ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬قلنا يا‬ ‫وع ْن عقب َة ِ‬
‫فا ترى؟‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال لنا‬
‫)‪.(3‬‬

‫فلهم ْ‬
‫أن‬ ‫يضيفوهم؛ ْ‬
‫ْ‬ ‫ضيافتهم واجب ٌة‪ ،‬فإذا مل ْ‬
‫ْ‬ ‫املضطري� َن‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫حممول عىل‬ ‫ُ‬
‫احلديث‬ ‫وه�ذا‬
‫حاجتهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫يأخذوا‬

‫لؤمهم‬
‫ْ‬ ‫بألس�نتكم‪ ،‬وتذك�روا للن ِ‬
‫ّاس‬ ‫ْ‬ ‫أعراضهم‬
‫ْ‬ ‫لكم ْ‬
‫أن تأخذوا م ْن‬ ‫إن امل�را َد َّ‬
‫أن ْ‬ ‫َّ‬
‫وبخلهم)‪.(4‬‬
‫ْ‬
‫ﷺ‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫رشي�ح ‪َ ،I‬‬
‫ق�ال‪ :‬ق�ال‬ ‫ٍ‬ ‫ع� ْن أيب‬
‫)‪.(5‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل؟‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬وما جائزت ُه يا‬

‫)‪ (1‬عون املعبود [‪.[154 / 10‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ]1369‬عن عائشة ‪ ،J‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7946‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2461‬ومسلم [‪.[1727‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[32 /12‬‬
‫)‪ (5‬أي‪ :‬منحت ُه وعط ّيت ُه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫وكيف يؤثم ُه؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل!‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫مس�تحب‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫واجب‪ ،‬وتا ٌم‬
‫ٌ‬ ‫حق‬
‫مراتب‪ٌّ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ث�الث‬ ‫ف�إن للضي�ف ح ّق ًا عىل من َ‬
‫ن�زل به‪ ،‬وهو‬
‫ِ‬
‫الصدقات‪.‬‬ ‫وصدق ٌة من‬
‫واملستحب ثالثة أيام‪ ،‬وما كان فوق ذلك فهو صدقة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الواجب‪ :‬يو ٌم وليل ٌة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فاحلق‬
‫ُّ‬
‫الضيف املس�افر‪ ،‬القادم من ٍ‬
‫بلد‬ ‫ُ‬ ‫حق عىل املضيف‪ :‬هو‬
‫والضيف الذي جيب إكرامه‪ ،‬وله ٌّ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آخر‪.‬‬
‫َ‬
‫حق يف ماله‪.‬‬ ‫ينزل عليه أن يطعمه‪ ،‬ويكرمه‪ ،‬فإن مل ْ‬
‫يفعل؛ فل ُه ٌّ‬ ‫فيجب عىل من ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمر بإطعا ِم‬ ‫يدخل يف عمو ِم‬‫ُ‬ ‫وأما الزائر من ِ‬
‫البلد نفس�ه؛ فال َّ‬
‫ش�ك أن إطعامه وإكرامه‬ ‫ُ‬
‫النب�ي ﷺ إكرامه‪،‬‬ ‫أوجب‬ ‫الضيف الذي‬ ‫ليس ه�و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطع�ا ِم‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الن�اس‪ ،‬ولكنّه َ‬ ‫واإلحس�ان إىل‬
‫وجعل له ح ّق ًا يف مال املضيف‪.‬‬
‫أكثر من ثالثة أيام؛ ألن النبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الضيف عنده َ‬
‫ُ‬ ‫املضيف؛ بأن يقيم‬ ‫اإلثقال عىل‬ ‫جيوز‬
‫وال ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫اس�تدعاء من‬ ‫غري‬ ‫ِ‬
‫ثالثة أيا ٍم‪ ،‬من ِ‬ ‫ِ‬
‫البيت بعدَ‬ ‫ِ‬
‫صاحب‬ ‫يقيم عند‬ ‫ِ‬
‫جي�وز للضي�ف أن َ‬
‫ُ‬ ‫أي‪ :‬ال‬‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاحب البيت‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫تذهب أس�اعنا‪،‬‬ ‫كادت‬


‫ْ‬ ‫وصاحب يل؛ قدْ‬ ‫عم�رو ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬جئت أن�ا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫املقداد ِ‬ ‫ِ‬
‫ع�ن‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫فلم يضفنا أحد)‪.(3‬‬
‫ّاس‪ْ ،‬‬‫نتعر ُض للن ِ‬
‫وأبصارنا م َن اجلوعِ‪ ،‬فجعلنا ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]6019‬ومسلم [‪.[48‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]6135‬عن أيب رشيح ‪.I‬‬
‫يواسون به‪ِ.‬‬
‫َ‬ ‫عندهم يشء‬
‫ْ‬ ‫عليهم كانوا مق ّل َني َ‬
‫ليس‬ ‫ْ‬ ‫أنفسهم‬
‫ْ‬ ‫أن ا ّلذي َن عرضوا‬
‫)‪ (3‬هذا حممول عىل َّ‬
‫‪‬‬

‫فلم يضفنا أحدٌ ‪،‬‬ ‫فتعرضنا للن ِ‬


‫ّاس‪ْ ،‬‬ ‫جوع شديدٌ ؛ ّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل! بنا ٌ‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫فأتينا الن َّ‬
‫فأتيناك‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫أعنز؛ َ‬ ‫ِ‬


‫منزله‪ ،‬فإذا ثالث ُة ٍ‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫فذهب بنا إىل‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ نصيب ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيرشب ُّ‬ ‫َ‬
‫ونرفع للن ِّ‬
‫ُ‬ ‫إنسان منّا نصيب ُه‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫نحتلب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فكنّا‬

‫َ‬
‫اليقظان‪.‬‬ ‫ويسمع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يوقظ نائ ًا‪،‬‬ ‫فيجي ُء م َن ال ّل ِ‬
‫يل‪ ،‬فيس ّل ُم تسلي ًا ال‬

‫فيرشب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ثم يأيت رشاب ُه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فيصيل‪َّ ،‬‬ ‫ثم يأيت املسجدَ ‪،‬‬
‫َّ‬
‫األنص�ار‪ ،‬فيتحفون ُه‪،‬‬ ‫حممدٌ يأيت‬ ‫رشب�ت نصيبي؛ َ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فأت�اين ّ‬
‫َ‬ ‫فقال‪ّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ليلة‪ ،‬وقدْ‬ ‫�يطان َ‬ ‫الش‬
‫ِ‬
‫اجلرعة‪ ،‬فأتيتها‪ ،‬فرشبتها‪.‬‬ ‫ويصيب عندهم‪ ،‬ما ِبه حاج ٌة إىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫وحيك‬ ‫يطان‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫الش ُ‬ ‫ليس إليها ٌ‬
‫سبيل؛ ندّ مني ّ‬ ‫وعلمت أ ّن ُه َ‬
‫ُ‬ ‫وغلت يف بطني)‪،(1‬‬
‫ْ‬ ‫فلا ْ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫دنياك‬ ‫فتذهب‬ ‫ُ‬
‫فتهلك‪،‬‬ ‫َ‬
‫عليك؛‬ ‫ٍ‬
‫حممد‪ ،‬فيجي ُء فال جيد ُه‪ ،‬فيدعو‬
‫ُ‬ ‫رشاب ّ‬
‫َ‬ ‫أرشبت‬
‫َ‬ ‫صنعت؟!‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬
‫وآخرتك‪.‬‬

‫قدماي‪،‬‬
‫َ‬ ‫خرج‬
‫خرج رأس‪ ،‬وإذا وضعتها عىل رأس َ‬
‫قدمي َ‬
‫َّ‬ ‫وعيل شمل ٌة إذا وضعتها عىل‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫وجعل ال جييئني النّو ُم‪.‬‬

‫صنعت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫صاحباي؛ فناما‪ ،‬ومل ْ يصنعا ما‬
‫َ‬ ‫وأ ّما‬

‫فكش�ف‬
‫َ‬ ‫ثم أتى رشاب ُه‪،‬‬
‫فصىل‪َّ ،‬‬ ‫كان يس� ّل ُم‪َّ ،‬‬
‫ثم أتى املس�جدَ ‪ّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ؛ فس� ّل َم كا َ‬
‫فجا َء الن ُّ‬
‫فيه شيئ ًا‪ ،‬فرفع رأسه إىل الس ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫عنه‪ ،‬فلم جيدْ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬
‫ُ‬
‫فأهلك‪.‬‬ ‫عيل‪،‬‬ ‫فقلت‪َ :‬‬
‫اآلن يدعو َّ‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫األعنز ّأهيا أسم ُن‪،‬‬ ‫فانطلقت إىل‬ ‫وأخذت ّ‬
‫الش�فرةَ‪،‬‬ ‫عيل‪،‬‬ ‫فعمدت إىل ّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش�ملة‪ ،‬فش�ددهتا َّ‬ ‫ُ‬

‫اليشء‪ .‬النهاية [‪[209/5‬‬ ‫ُ‬


‫الوغول‪ :‬الدّ خول يف ّ‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪‬‬

‫لرس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ف�إذا ه�ي حافل� ٌة‪ ،‬وإذا ه�ن ح ّف ٌ�ل ك ّله�ن)‪ ،(1‬فعم�دت إىل ٍ‬
‫إناء‬ ‫ِ‬ ‫فأذبحه�ا‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فجئت إىل‬
‫ُ‬ ‫فحلبت ِ‬
‫فيه حتّى علت ُه رغ�وةٌ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أن حيتلبوا ِ‬
‫في�ه‪،‬‬ ‫يطمع�ون ْ‬
‫َ‬ ‫آلل حمم ٍ‬
‫�د ﷺ م�ا كانوا‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫رشابكم ال ّليل َة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أرشبتم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ثم ناولني‪.‬‬
‫فرشب َّ‬
‫َ‬ ‫ارشب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ثم ناولني‪.‬‬
‫فرشب َّ‬
‫َ‬ ‫ارشب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫ألقيت إىل‬
‫ُ‬ ‫ضحكت حتّى‬
‫ُ‬ ‫وأصبت دعوت ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫روي‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ قدْ‬ ‫عرفت َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫كان م ْن أمري كذا‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫)‪.(2‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫وفعلت كذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكذا‪،‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال الن ُّ‬
‫‪.‬‬
‫باحلق م�ا أبايل إذا أصبته�ا‪ ،‬وأصبتها َ‬
‫معك م� ْن أصاهبا م َن‬ ‫فقل�ت‪ :‬وا ّل�ذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪،‬‬
‫الن ِ‬
‫ّاس)‪.(3‬‬
‫كان عنده حزن شديد خوف ًا م ْن ْ‬
‫أن يدعو‬ ‫معنا ُه‪ :‬أ ّن ُه َ‬
‫وتعر َض ألذا ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫أذهب نصيب الن ِّ‬
‫َ‬ ‫لكونه‬ ‫ّبي ﷺ؛‬
‫عليه الن ّ‬
‫سقط إىل األرض؛‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وضحك حتّى‬ ‫فرح‬
‫وأجيبت دعوته؛ َ‬
‫ْ‬ ‫روي‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ قدْ‬ ‫علم َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫فلا َ‬
‫ّ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬وإجابة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان به م َن احل�زن‪ ،‬وانقالبه رسور ًا‬
‫لذهاب ما َ‬ ‫ِ‬
‫برشب الن ِّ‬ ‫م� ْن كثرة ضحكه؛‬
‫ولتعج ِبه م ْن‬
‫ّ‬ ‫هذه املعجزة‪،‬‬‫ذلك عىل يد املقداد‪ ،‬وظهور ِ‬ ‫دعوته مل ْن أطعم ُه وس�قا ُه‪ ،‬وجريان َ‬
‫قبح فعله ّأوالً‪ ،‬وحسنه آخر ًا)‪.(4‬‬
‫ِ‬
‫وهذه م ْن معجزات الن ّّبوة‪ ،‬وآثار بركته ﷺ‪.‬‬ ‫)‪ (1‬أي‪ :‬اجتمع اللبن الكثري يف رضعها‪،‬‬
‫هي؟‬
‫أي‪ :‬إنّك‪ :‬فعلت سوأة م َن الفعالت‪ ،‬ما َ‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2055‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[15/14‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فجلس ِبه‬
‫َ‬ ‫بدوي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫ضيف‬
‫ٌ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫نزل بنا‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫ثوبان ‪ I‬موىل‬‫َ‬ ‫ع ْن‬
‫ِ‬
‫بيوته‪.‬‬ ‫أما َم‬

‫زال خير ُه‬ ‫وكيف حدهبم يف الص ِ‬


‫الة‪ ،‬فا َ‬ ‫َ‬ ‫فرحهم باإلسال ِم‪،‬‬ ‫كيف‬
‫ّاس َ‬ ‫فجعل يسأل ُه ِ‬
‫عن الن ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل نرض ًا‪.‬‬ ‫رأيت وج َه‬
‫ير ُه حتّى ُ‬‫ذلك با ّلذي ّ‬‫م ْن َ‬

‫فأش�ار إ َّيل مستخفي ًا ال يألوا‪:‬‬


‫َ‬ ‫وحان ُ‬
‫أكل ال ّطعا ِم‪ ،‬دعاين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّهار‪،‬‬ ‫حتّى إذا َ‬
‫انتفخ الن ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ﷺ‬ ‫‪J‬‬

‫أصبح يف بيتنا يش ٌء يأكل ُه أحدٌ م َن الن ِ‬


‫ّاس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫احلق ما‬ ‫ِ‬
‫ودين ِّ‬ ‫قالت‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك باهلدى‪،‬‬ ‫ْ‬
‫رأي�ت َ‬
‫ل�ون‬ ‫ُ‬ ‫اعت�ذرت ِ‬
‫ب�ه عائش� ُة ‪ ،J‬حتّ�ى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يعت�ذرن ب�ا‬ ‫ِ‬
‫نس�ائه‪ ،‬ك ّله� َّن‬ ‫ف�ر ّدين إىل‬
‫كسف‪.‬‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬‫ِ‬

‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬حتّ�ى َ‬


‫قال‪ :‬إنّا‬ ‫َ‬ ‫يعارض‬
‫ُ‬ ‫البدوي‬
‫ُّ‬ ‫الب�دوي عاق�الً‪ ،‬ففط َن‪ ،‬ف�ا َ‬
‫زال‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫يرشب‬ ‫احلرض‪ ،‬إنّا يكفي أحدنا القبض ُة م َن الت ِ‬
‫ّمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كأهل‬ ‫َ‬
‫معانون يف زماننا‪ ،‬لسنا‬ ‫ِ‬
‫البادية‬ ‫ُ‬
‫أهل‬
‫ُ‬
‫عنز لنا ِ‬ ‫فمر ْت عندَ َ‬ ‫َ‬ ‫الرشب ُة م َن ال ّل ِ‬
‫نسميها‬‫احتلبت‪ ،‬كنّا ّ‬
‫ْ‬ ‫قد‬ ‫ذلك ٌ‬ ‫اخلصب ‪ّ ،‬‬‫ُ‬ ‫فذلك‬ ‫بن‪،‬‬ ‫عليها ّ‬
‫)‪(1‬‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬باسمها َ‬


‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ثمرا َء‪ ،‬فدعا هبا‬

‫‪.‬‬ ‫ومسح رضعها َ‬


‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فأخذ برجلها‪،‬‬ ‫حتمحم‪،‬‬ ‫فأقبلت ِ‬
‫إليه‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ ،‬فمأل ُه‪.‬‬ ‫فحلب َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بمحلب لنا‪ ،‬فأتيت ُه ِبه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫فحفلت‪ ،‬فدعاين‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫أن يضع ُه‪َ ،‬‬
‫ث�م أرا َد ْ‬ ‫الض ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال ل ُه‬ ‫ف�رشب من ُه رشب ًة ضخم� ًة‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ي�ف‬ ‫فدفع�ت إىل ّ‬
‫ُ‬
‫ورشب ما شا َء اهللُ‪.‬‬
‫َ‬ ‫فكر َر حتّى َ‬
‫امتأل‪،‬‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل‪:‬‬ ‫أن يضع ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‬ ‫ثم أرا َد ْ‬
‫‪ ،‬فعا َد َّ‬
‫)‪(2‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬إذا وجد تر وعليه ماء أو لبن‪ ،‬فهذا أعىل يشء‪ ،‬وهذا هو اخلصب‪ .‬وفيه حسن خلق هذا البدوى وحصافة‬
‫عقله وفطانته وطيب كالمه‪.‬‬
‫الرشب‪ .‬النهاية [‪.[559/3‬‬
‫ب بعد ّ‬ ‫الرش ِ‬ ‫)‪ (2‬من ُ‬
‫العلل‪ :‬وهو ّ‬
‫‪‬‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ث�م حلب ِ‬
‫فيه َ‬
‫‪ ،‬ومأل ُه َّ‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫رشبت‬ ‫ِ‬
‫نسائه‪ ،‬ك ّلا‬ ‫ثم أرسلني إىل‬ ‫إليه‪ ،‬فحلب ِ‬
‫فيه َ‬ ‫رجعت ِ‬
‫‪ ،‬فمأل ُه‪َّ ،‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫‪ ،‬حتّى ر ّده َّن ك ّله َّن‪.‬‬ ‫امرأ ٌة ر ّدين إىل األخرى‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫رددت ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫فلم ُآل ْ‬
‫أن‬ ‫ثم أعطاين‪ْ ،‬‬‫فرشب ما ش�ا َء اهللُ‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬فرفعت ُه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املس�ك‪َ ،‬‬ ‫وأطيب م َن‬ ‫ِ‬
‫العس�ل‪،‬‬ ‫فرشبت رشاب ًا أحىل م َن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القدح‪،‬‬ ‫ش�فتي عىل ِ‬
‫درج‬ ‫أضع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫‪ .‬يعني‪ :‬العنز)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال ّإين جمهو ٌد‪.‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬
‫ال أتى الن َّ‬
‫باحلق ما عندي ّإال ما ٌء‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫نسائه؛‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫َ‬
‫فأرسل إىل‬
‫ذل�ك‪ :‬ال وا ّلذي َ‬
‫بعثك‬ ‫مثل َ‬‫ذلك‪ ،‬حتّى قل� َن ك ّله َّن َ‬ ‫فقالت َ‬
‫مث�ل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أرس�ل إىل أخرى‪،‬‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫باحلق ما عندي ّإال ما ٌء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫األنصار‪( :‬أنا)‪.‬‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل م َن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ضيف‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬أكرمي‬ ‫ِ‬
‫امرأته َ‬ ‫فانطلق ِبه إىل‬
‫َ‬

‫فقالت‪ :‬ما عندنا ّإال ُ‬


‫قوت صبياين‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫صبيانك إذا أرادوا عشا ًء‪.‬‬ ‫ونومي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ه ّيئي طعامك‪ ،‬وأصبحي رساجك‪ّ ،‬‬
‫الر ِ‬
‫اج‬ ‫نأكل‪ ،‬فإذا أهوى َ‬ ‫ِ‬
‫وأريه أنّا ُ‬ ‫َ‬
‫ليأكل‪ ،‬فقومي إىل ّ‬ ‫اج‪،‬‬
‫الر َ‬
‫فأطفئ ّ‬
‫ْ‬ ‫دخ�ل ضيفنا‬ ‫ف�إذا‬
‫ِ‬
‫تطفئيه‪.‬‬ ‫حتّى‬

‫وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ]1977‬وخولف يف ذلك‪.‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه اآلجري يف كتاب الرشيعة [‪،]1048‬‬
‫‪‬‬

‫تصلح رساجها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كأهنا‬
‫قامت ّ‬
‫ثم ْ‬
‫مت صبياهنا؛ َّ‬‫ونو ْ‬
‫وأصبحت رساجها‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫�أت طعامها‪،‬‬
‫فه ّي ْ‬
‫ِ‬
‫طاويني)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫يأكالن‪ ،‬فباتا‬ ‫ِ‬
‫يريانه ّأهنا‬ ‫فأطفأت ُه‪ ،‬فجعال‬

‫؛‬ ‫فق�ال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ؛ َ‬ ‫أصبح غدا إىل‬
‫َ‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫فأن�زل اهللُ‪( :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬
‫ﰅ) [احلرش‪.(2)[9 :‬‬

‫ِ‬
‫وضيق‬ ‫والص ِر عىل اجلوع‪،‬‬ ‫وأهل بيته من ّ ِ‬
‫ّبي ﷺ‪ُ ،‬‬ ‫م�ا َ ِ‬
‫الزه�د يف الدّ نيا‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كان عليه الن ُّ‬
‫ِ‬
‫حال الدّ نيا‪.‬‬
‫ِ‬
‫فيواسيه م ْن‬ ‫ِ‬
‫بنفسه؛‬ ‫يطرقهم‬ ‫الض ِ‬
‫يف وم ْن‬ ‫أن يبدأ يف مواساة ّ‬ ‫ِ‬
‫لكبري القوم ْ‬ ‫أ ّن ُه ينبغي‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ر والتّقوى م ْن أصحابه‪.‬‬
‫ثم يطلب ل ُه عىل سبيل التّعاون عىل ال ِّ‬
‫إن أمكن ُه‪َّ ،‬‬ ‫ماله ّأوالً با ّ‬
‫يتير ْ‬
‫الش ِ‬
‫دائد‪.‬‬ ‫املواسا ُة يف ِ‬
‫حال ّ‬
‫ِ‬
‫وإيثاره‪.‬‬ ‫الض ِ‬
‫يف‬ ‫فضيل ُة إكرا ِم ّ‬
‫ِ‬
‫وامرأته ‪.L‬‬ ‫األنصاري‬ ‫منقب ٌة هلذا‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫لقوله‪« :‬أطفئي‬ ‫كان يمتنع من ُه رفق ًا ِ‬
‫بأهل املن�زل؛‬ ‫ي�ف إذا َ‬ ‫الض ِ‬ ‫ُ‬
‫االحتي�ال يف إكرا ِم ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المتنع م َن األكل)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫يأكالن مع ُه؛‬ ‫الراج‪ ،‬وأريه أنّا نأكل»‪ ،‬فإ ّن ُه ْلو رأى ق ّلة ال ّطعام‪ّ ،‬‬
‫وأهنا ال‬ ‫ّ‬
‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫فأمر ل ُه‬
‫كافر؛ َ‬
‫وهو ٌ‬
‫ضيف َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ضاف ُه‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫حالب‬ ‫رشب‬ ‫ثم أخرى‪ ،‬فرشب� ُه حتّى‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثم أخرى فرشب� ُه‪َّ ،‬‬‫ف�رشب حالهبا‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فحلب�ت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫بش�اة؛‬
‫سب ِع ٍ‬
‫شياه‪.‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬جائعني‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3798‬ومسلم [‪.[2054‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم ]‪.[12 / 14‬‬
‫‪‬‬

‫فلم‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ٍ‬


‫ُ‬
‫أمر بأخرى ْ‬
‫ثم َ‬‫فرشب حالهبا‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫بشاة‪،‬‬ ‫فأمر ل ُه‬
‫فأس�لم‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫أصبح‪،‬‬
‫َ‬ ‫ثم إ ّن ُه‬
‫َّ‬
‫يستتمها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫الش�يطان‬ ‫ودفع‬ ‫ُ‬
‫فيحصل له ش�يئان‪ :‬الرك ُة يف الطعا ِم‪،‬‬ ‫يس�مي اهلل ‪ D‬إذا َ‬
‫أكل‪،‬‬ ‫املؤمن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فكأن املؤم َن قد أكل يف معى‬ ‫ُ‬
‫املتناول منه قليال‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فيكون‬ ‫عنه؛‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فيذه�ب من الطعا ِم ٌ‬
‫كثري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الش�يطان معه‪،‬‬ ‫ويتناول‬ ‫التس�مية‪،‬‬ ‫والكافر ال يبارك له؛ لعد ِم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فكأنه قد أكل يف سبعة أمعاء)‪.(2‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬والكافر ي�أكل بمقتىض‬ ‫ال�رشع‪ ،‬فيأكل يف م ًع�ى‬ ‫ِ‬
‫بآداب ّ‬ ‫أن املؤم�ن ُ‬
‫ي�أكل‬ ‫وامل�را ُد َّ‬
‫ٍ‬
‫أمعاء)‪.(3‬‬ ‫ٍ‬
‫سبعة‬ ‫ُ‬
‫فيأكل يف‬ ‫والرش ِه والنّهم‪،‬‬ ‫الش ِ‬‫ّ‬
‫هوة ّ‬
‫ِ‬
‫ببعض‬ ‫ويؤثر‬ ‫ِ‬
‫باليس�ري منه‪،‬‬ ‫ويقنع‬ ‫ِ‬
‫القوت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البلغة من‬ ‫احلقيقي يقترص عىل‬ ‫وقي�ل‪ :‬املؤم ُن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫االستكثار من األكل)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫احلريص عىل‬ ‫والكافر عىل خالف ذلك؛ ألنه يأكل َ‬
‫أكل النّه ِم‬ ‫ُ‬ ‫قوته؛‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫أنت يا‬ ‫فف�ي حدي�ث جابر ‪ I‬يو َم اخلندق ّملا دعا النبي ﷺ‪ ،‬وق�ال له‪ :‬طع ّي ٌم يل‪ْ ،‬‬
‫فقم َ‬
‫ِ‬
‫رجالن!‬ ‫ٌ‬
‫ورجل‪ْ ،‬أو‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فذكرت ل ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5397‬ومسلم [‪.[2063‬‬


‫)‪ (2‬كشف املشكل من حديث الصحيحني [‪.[271/1‬‬
‫)‪ (3‬جامع العلوم واحلكم [ص‪.[428‬‬
‫)‪ (4‬املنتقى رشح املوطأ [‪.[326/4‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫امرأته‪َ ،‬‬ ‫فل�ا َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬وحيك ج�ا َء الن ُّ‬ ‫دخل جابر ع�ىل‬ ‫واألنص�ار‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫املهاج�رون‬ ‫فق�ا َم‬
‫معهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫واألنصار‪ ،‬وم ْن‬ ‫باملهاجري َن‪،‬‬
‫َ‬
‫سألك؟‬ ‫قالت‪ْ :‬‬
‫هل‬ ‫ْ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ويقر ُب إىل‬
‫حم‪ّ ،‬‬‫وجيعل علي�ه ال ّل َ‬
‫ُ‬ ‫اخلبز‪،‬‬
‫يكر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجعل‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫وبقي بق ّي ٌة‪.‬‬ ‫ويغرف حتّى شبعوا‪،‬‬ ‫اخلبز‪،‬‬
‫يكر َ‬ ‫فلم ْ‬
‫يزل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ينزع‪ْ ،‬‬
‫ثم ُ‬ ‫أصحابه‪َّ ،‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أضياف رسول اهلل ﷺ؛‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة‬ ‫وهؤالء األضياف؛ من املهاجرين‪ ،‬واألنصار إنا هم يف‬
‫وإن كان�وا يف بي�ت جابر؛ ذلك أن ما حدث من تكثري الطعام كان معجز ًة لرس�ول اهلل ﷺ؛‬
‫ِ‬
‫اخلندق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وبركة النبي ﷺ كفى َ‬
‫أهل‬ ‫جابر إنا يكفي بضع َة ٍ‬
‫نفر؛‬ ‫أصل طعا ِم ٍ‬
‫فكان ُ‬
‫ِ‬
‫حس�ن‬ ‫وتوزيع اللحم‪ ،‬والطعام عليهم؛ كان من قبيل‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‪،‬‬ ‫فقيام�ه ﷺ ع�ىل خدمتهم‬
‫ُ‬
‫لضيوف جاءوه؛ لكن يف بيت جابر ‪.I‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الضيافة‬
‫ﷺ‬
‫يق�ول اهلل تعاىل‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [األحزاب‪.[53 :‬‬
‫ِ‬
‫دخ�ول بيوته فقال‪( :‬ﮕ‬ ‫فيأم�ر تع�اىل عباده املؤمنني بالتأ ّدب مع رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬يف‬
‫ُ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ)‪ ،‬أي‪ :‬ال تدخلوه�ا بغ�ري‬
‫ِ‬
‫للدخول فيها؛ ألجل الطعام‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إذن‬
‫وأيض� ًا ال تكون�وا (ﮣ ﮤ)‪ ،‬أي‪ :‬منتظري�ن‪ ،‬ومتأنّ�ني النتظار نضجه‪ ،‬أو س�عة‬
‫ٍ‬
‫صدر بعد الفراغ منه‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالدخول‪ ،‬وأن يكون‬ ‫ِ‬
‫اإلذن لكم‬ ‫النبي ﷺ إال برشطني‪:‬‬
‫أنكم ال تدخلوا بيوت ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4101‬ومسلم [‪.[2039‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫احلاجة؛ وهل�ذا ق�ال‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫ِ‬
‫بمق�دار‬ ‫جلوس�كم‬
‫ﮭ ﮮ)‪ ،‬أي‪ :‬قبل الطعام‪ ،‬وبعده‪.‬‬
‫ب�ني حكمة النهي‪ ،‬وفائدته؛ فق�ال‪( :‬ﮰ ﮱ)‪ ،‬أي‪ :‬انتظاركم الزائدَ عىل احلاجة‪،‬‬
‫ث�م ّ َ‬
‫ويش�ق علي�ه حبس�كم إي�اه ع�ن ش�ئون بيته‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫(ﯓ ﯔ ﯕ)‪ ،‬أي‪ :‬يتك ّل ُ‬
‫�ف من�ه‪،‬‬
‫واشتغاله فيه‪.‬‬
‫(ﯖ ﯗ) أن يق�ول لك�م‪« :‬اخرج�وا» كا هو ج�اري الع�ادة‪ ،‬أن الناس‬
‫الناس من مس�اكنهم‪ ) ( ،‬لكن (ﭞ‬
‫وخصوص ًا أهل الكرم منهم يس�تحيون أن خيرجوا َ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)‪.‬‬
‫اتباع ِ‬
‫األمر‬ ‫يتوه ُم أن يف تركه أدب ًا‪ ،‬وحيا ًء‪ ،‬فإن احلز َم َّ‬
‫كل احلز ِم ُ‬ ‫الرشعي‪ ،‬ولو كان ّ‬
‫ُّ‬ ‫فاألمر‬
‫ُ‬
‫األدب يف يشء‪ٍ.‬‬
‫ِ‬ ‫الرشعي‪ ،‬وأن جيز ِم أن ما خالفه ليس من‬
‫ِّ‬
‫والرفق لرسوله ﷺ كائن ًا ما كان)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫اخلري لكم‪،‬‬
‫واهلل تعاىل ال يستحي أن يأمركم با فيه ُ‬
‫صور من أدبه ﷺ إذا أضاف أحد ًا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فهذه‬

‫ثاني ًا‪ :‬النبي ﷺ �شيف ًا‪:‬‬


‫حل ضيف ًا‪ :‬فقد كان ﷺ متواضع ًا؛ ُ‬
‫يقبل الدعو َة عىل الطعام؛ وإن‬ ‫وأم�ا ع�ن أدبه ﷺ إذا َّ‬
‫كانت شيئ ًا يسري ًا‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫فقال ﷺ‪:‬‬
‫الركبة من الساق)‪.(3‬‬
‫والكراع من الدابة‪ :‬هو ما دون ّ‬
‫أحب‬ ‫وخ�ص الذراع‪ ،‬والكراع بالذكر؛ ليجمع بني احلقري‪ ،‬واخلطري؛ ألن ّ‬
‫الذراع كانت َّ‬ ‫َّ‬
‫إليه من غريها؛ والكراع ال قيمة له)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[670 / 1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[2568‬‬
‫)‪ (3‬النهاية [‪.[297/4‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[199/5‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫اط‪ ،‬فق�دّ م ِ‬
‫إليه قصع ًة فيها‬ ‫دخلت م�ع النّبي ﷺ عىل غال ٍم له خي ٍ‬ ‫أن�س ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫فع� ْن‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ َ ِّ‬
‫فجعلت أتت ّبع ُه‪ ،‬فأضع ُه َبني‬ ‫ّبي ﷺ يتت ّب ُع الدّ ّبا َء)‪،(1‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فجعل الن ُّ‬ ‫عمله‪،‬‬ ‫وأقبل الغالم عىل‬ ‫ثريدٌ ‪،‬‬
‫أحب الدّ ّبا َء)‪.(2‬‬ ‫زلت بعدُ‬
‫يديه‪ ،‬فا ُ‬‫ِ‬
‫ُّ‬

‫كسب اخلي ِ‬
‫اط‪.‬‬ ‫ِ ّ‬ ‫إباحة‬
‫ٍ‬
‫حمرتف‪ ،‬وغريه‪ ،‬وإجاب�ة دعوته‪ ،‬وفيه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الرشيف طعا َم من دونه؛ م�ن‬ ‫ج�واز ِ‬
‫أكل‬ ‫ُ‬
‫مؤاكل ُة اخلادم‪.‬‬
‫طف بأصحاب�ه‪ ،‬وتعاهدهم باملجيء‬ ‫بيان ما كان يف النب�ي ﷺ من التواضعِ‪ ،‬وال ّل ِ‬
‫ُ‬
‫إىل منازهلم‪.‬‬
‫اإلجاب ُة إىل الطعام؛ ولو كان قليالً‪.‬‬
‫الض ِ‬
‫يفان بعضهم بعض ًا مما وضع بني أيدهيم وإنا يمتنع من يأخذ من قدام‬ ‫مناول� ُة ّ‬
‫اآلخر شيئا لنفسه أو لغريه‪.‬‬
‫اط قدّ َم هلم الطعام‪ ،‬ثم َ‬
‫أقبل عىل‬ ‫ِ‬
‫الضيف؛ ألن اخل ّي َ‬ ‫َ‬
‫األكل م�ع‬ ‫جواز ترك املضيف‬
‫ُ‬
‫عمله؛ فيؤخذ جواز ذلك من تقرير النبي ﷺ‪ ،‬وحيتمل أن يكون الطعام كان قليال؛ فآثرهم‬
‫به‪ ،‬وحيتمل أن يكون مكتفي ًا من الطعام‪ ،‬أو كان صائ ًا‪ ،‬أو كان شغل ُه قد حتتّم عليه تكميله)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّب�ي ﷺ إىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س�نخة‪،‬‬ ‫وإهالة‬ ‫ش�عري‪،‬‬ ‫خبز‬ ‫أن هيود ّي ًا دع�ا الن َّ‬
‫مال�ك ‪َّ I‬‬ ‫أن�س ب�ن‬ ‫ع� ْن‬
‫فأجاب ُه)‪.(4‬‬

‫وهو القرع‪.‬‬
‫)‪َ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2092‬ومسلم [‪.[2041‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]529/9‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[224/13‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ]13789‬وصححه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وكل ما ائتد َم ِبه‪.‬‬


‫يت‪ُّ ،‬‬
‫الز ُ‬
‫أذيب من ُه‪ْ ،‬أو ّ‬
‫حم‪ْ ،‬أو ما َ‬ ‫اإلهال ُة‪ّ :‬‬
‫الش ُ‬
‫الر ِ‬
‫يح)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫املتغري ُة ّ‬
‫السنخة‪ّ :‬‬
‫ويف احلديث‪ :‬جواز إجابة دعوة الكتايب‪.‬‬

‫ٍ‬
‫ش�عيب‪،‬‬ ‫يقال ل ُه أبو‬ ‫ِ‬
‫األنصار ُ‬ ‫كان ٌ‬
‫رجل م� َن‬ ‫األنصاري ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود‬ ‫فع� ْن أيب‬
‫ِّ‬
‫اجلوع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وجهه‬ ‫فعرف يف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان ل ُه غال ٌم حلّا ٌم‪ ،‬فرأى‬
‫َ‬
‫خامس‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫فإين أري�دُ ْ‬ ‫ِ‬
‫خلمس�ة ٍ‬ ‫اصنع لنا طعام ًا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫أدعو الن َّ‬
‫أن َ‬ ‫نفر‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫وحيك‬ ‫لغالمه‪:‬‬ ‫فق�ال‬
‫ٍ‬
‫مخسة‪.‬‬
‫ّبعهم ٌ‬
‫رجل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫خامس مخسة‪ ،‬وات ْ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فدعا ُه‬
‫ثم أتى الن َّ‬
‫فصنع‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫الباب؛ َ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫فلا َ‬
‫بلغ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل)‪.(2‬‬ ‫قال‪ :‬ال‪ْ ،‬بل ُ‬
‫آذن ل ُه يا‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫باخليار بني أن يرسله إليه‪ ،‬أو يدعوه إىل منزله‪.‬‬ ‫صنع طعام ًا لغريه؛ فهو‬
‫أن من َ‬
‫ِ‬
‫وأهل جمالسته‪.‬‬ ‫أخصائه‪،‬‬
‫يدعو معه من يرى من ّ‬
‫َ‬ ‫استحب أن‬
‫َّ‬ ‫أن من دعا أحد ًا‬

‫االختيار يف حرمانه‪ ،‬فإن دخل بغري‬ ‫ِ‬


‫الدعوة‬ ‫ِ‬
‫الدعوة كان لصاحب‬ ‫أن من تط ّف َل يف‬
‫ُ‬
‫إذنه كان له إخراجه)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬

‫وعمر‪.‬‬
‫َ‬ ‫هو بأيب ٍ‬
‫بكر‬ ‫ذات يو ٍم‪ ،‬فإذا َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫خرج‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ ،I‬‬
‫قال‪َ :‬‬

‫)‪ (1‬النهاية [‪.[199/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2456‬ومسلم [‪ ]2036‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[560/9‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫اجلوع يا‬
‫ُ‬ ‫قاال‪:‬‬
‫‪ ،‬فقاموا مع ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قالت‪ :‬مرحب ًا ً‬
‫وأهال‪.‬‬ ‫األنصار)‪ ،(1‬فإذا هو ليس يف ِ‬
‫بيته‪ ،‬فل ّا رأت ُه املرأ ُة ْ‬ ‫ِ‬ ‫فأتى رج ً‬
‫ال م َن‬
‫َ َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‬
‫قالت‪ :‬ذهب يستعذب لنا من ِ‬
‫املاء)‪.(2‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬احلمدُ هللِ‪ ،‬ما أحدٌ اليو َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ ْذ جا َء‬
‫فنظر إىل رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وصاحبيه‪َّ ،‬‬
‫األنصاري‪َ ،‬‬
‫ُّ‬
‫ِ )‪(4‬‬ ‫ورطب‪َ ،‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫فقال‪ :‬كلوا م ْن هذه!‬ ‫ٌ‬ ‫وتر‪،‬‬
‫بر‪ٌ ،‬‬
‫فجاءهم بعذق فيه ٌ‬
‫ْ‬ ‫فانطلق‪،‬‬
‫َ‬ ‫أكر َم أضياف ًا منّي)‪،(3‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫وأخذ املدي َة‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫العذق‪ ،‬ورشبوا‪.‬‬ ‫الش ِاة‪ ،‬وم ْن َ‬
‫ذلك‬ ‫هلم‪ ،‬فأكلوا م َن ّ‬
‫فذبح ْ‬ ‫َ‬
‫وعمر‪:‬‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ أليب ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أن ش�بعوا‪ ،‬ورووا َ‬
‫قال‬ ‫فلا ْ‬‫ّ‬
‫)‪(5‬‬

‫)‪.(6‬‬

‫ّبي ﷺ وكبار أصحابه ‪ ‬م َن التّق ّلل م َن الدّ نيا‪ ،‬وما ابتلوا ِبه م َن‬ ‫ما َ ِ‬
‫كان عليه الن ّ‬
‫اجلوع‪ ،‬وضيق العيش يف أوقات‪.‬‬

‫)‪ (1‬هو أبو اهليثم بن التيهان كا يف رواية الرتمذي [‪.[2369‬‬


‫باء عذب‪.‬‬‫)‪ (2‬أي‪ :‬يأتينا ٍ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫)‪ (3‬فيه‪ :‬إظهار البرش‪ ،‬والفرح بالضيف ىف وجهه‪ ،‬ومحد اهلل تعاىل؛ وهو يسمع عىل حصول هذه النعمة‪.‬‬
‫)‪ (4‬وفيه‪ :‬استحباب املبادرة إىل الضيف با تير بمرشوب‪ ،‬أو فاكهة‪ ،‬وإكرامه بعده بطعام يصنعه له؛ السيا إن‬
‫غلب عىل ظنه حاجته ىف احلال إىل الطعام‪.‬‬
‫)‪ (5‬الس�ؤال هن�ا س�ؤال تعداد النّعم‪ ،‬وإع�الم باالمتنان هبا‪ ،‬وإظهار الكرامة بإس�باغها؛ ال س�ؤال توبيخ‪ ،‬وتقريع‪،‬‬
‫وحماسبة‪ ،‬رشح النووي [‪.[214-213 / 13‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[2038‬‬
‫‪‬‬

‫الرضا‪،‬‬
‫جواز ذكر اإلنس�ان ما ينال ُه م ْن أمل ونحوه‪ ،‬ال عىل س�بيل التّش�كّي وعدم ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واللتاس دعاء ْأو مساعدة عىل التّس ّبب يف إزالة َ‬
‫ذلك‬ ‫كفعله ﷺ هنا‪،‬‬ ‫ْبل للتّسلية والت ّ‬
‫ّصر‪،‬‬
‫وجتزع ًا‪.‬‬
‫وتسخط ًا ّ‬
‫ّ‬ ‫كان تشكّي ًا‬ ‫العارض‪ ،‬فهذا ك ّله َ‬
‫ليس بمذمو ٍم‪ ،‬إنّا يذ ّم ما َ‬
‫ِ‬
‫بقدومه‪ ،‬وجعله‬ ‫ال�رور‬
‫الضيف هبذا القول وش�بهه‪ ،‬وإظهار ّ‬
‫اس�تحباب إك�رام ّ‬
‫للض ِ‬
‫يف‪.‬‬ ‫لذلك‪ّ ،‬‬
‫كل هذا وشبهه إكرام ّ‬ ‫َ‬ ‫أه ً‬
‫ال‬
‫ِ‬
‫للحاجة‪.‬‬ ‫جواز ساع كالم األجنب ّية ومراجعتها الكالم‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫بحيث ال‬ ‫علمت حم ّقق� ًا أ ّن ُه ال يكره ُه‬
‫ْ‬ ‫جواز إذن امل�رأة يف دخول منزل زوجها مل ْن‬
‫ُ‬
‫املحرمة‪.‬‬
‫خيلو هبا اخللوة ّ‬
‫جواز استعذابه وتطييبه‪.‬‬
‫ُ‬
‫يستحب عند اندفاع نقمة‬ ‫محد اهلل تعاىل عند حصول نعمة ظاهرة‪ ،‬وكذا‬ ‫استحباب ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كانت متو ّقعة‪ ،‬ويف غري َ‬
‫ذلك م َن األحوال‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وهو يس�مع‬ ‫اس�تحباب إظهار البرش‪ ،‬والفرح ّ ِ‬
‫بالضيف يف وجهه‪ ،‬ومحد اهلل تعاىل‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫عىل حصول ِ‬
‫هذه النّعمة‪.‬‬
‫يثن ِ‬
‫عليه يف وجهه‪.‬‬ ‫خاف مل ِ‬ ‫فإن‬ ‫خيف ِ‬
‫عليه فتنة‪ْ ،‬‬ ‫ال ّثنا ُء عىل ضيفه ْ‬
‫إن مل ْ ْ‬
‫َ ْ‬
‫األنصاري وبالغت�ه وعظيم معرفته؛ أل ّن ُه أتى ب�كال ٍم خمترص بديع يف‬
‫ّ‬ ‫فضيل� ُة هذا‬
‫احلسن يف هذا املوطن ‪.I‬‬
‫استحباب تقديم الفاكهة عىل اخلبز وال ّلحم وغريمها‪.‬‬
‫ُ‬
‫تير‪ ،‬وإكرامه بعده بطعا ٍم يصنع ُه ل ُه ال س� ّيا ْ‬
‫إن‬ ‫الضيف با ّ َ‬
‫اس�تحباب املبادرة إىل ّ‬
‫ُ‬
‫يش�ق‬
‫ّ‬ ‫غلب عىل ظنّه حاجته يف احلال إىل ال ّطعام‪ ،‬وقدْ يكون ش�ديد احلاجة إىل التّعجيل وقدْ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫لالنرصاف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الستعجاله‬ ‫عليه انتظار ما يصنع ل ُه‬‫ِ‬

‫يش�ق عىل صاحب‬


‫وهو حممول عىل ما ّ‬ ‫وق�دْ كره مجاعة من الس�لف التّك ّل�ف ّ ِ‬
‫للضيف‪َ ،‬‬ ‫ْ ّ‬ ‫َ‬
‫ظهر‬ ‫ذلك يمنعه من اإلخالص‪ ،‬وك�ال الرور ّ ِ‬ ‫ألن َ‬‫البي�ت مش� ّقة ظاهرة؛ َّ‬
‫بالضيف‪ ،‬ور ّبا َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫الضيف‪.‬‬ ‫ذلك فيتأ ّذى ِبه ّ‬
‫عليه يشء م ْن َ‬‫ِ‬
‫‪‬‬

‫يقيس‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الشبع‪ ،‬وأ ّما ما جا َء يف كراهة ّ‬


‫جواز ّ‬
‫فمحمول عىل املداومة عليه‪ ،‬أل ّن ُه ّ‬ ‫الشبع‬ ‫ُ‬
‫املحتاجني)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫القلب‪ ،‬وينيس أمر‬
‫ِ‬
‫منزله‪،‬‬ ‫فل�م نصادف� ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لقي�ط ِ‬
‫ب�ن ص�ر َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬قدمن�ا عىل رس�ول اهلل ﷺ ْ‬ ‫وع� ْن‬
‫املؤمنني‪.‬‬
‫َ‬ ‫وصادفنا عائش َة أ َّم‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فصنعت لنا‪ ،‬وأتينا بقنا ٍع ‪َّ ،‬‬
‫ثم جا َء‬ ‫ْ‬ ‫بخزيرة‪،‬‬ ‫فأمرت لنا‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬قلنا‪ْ :‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫الراعي غنم ُه إىل املراحِ ‪ ،‬ومع ُه سخل ٌة ُ‬
‫تيعر‪.‬‬ ‫جلوس‪ ،‬إ ْذ َ‬
‫دفع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬
‫قال‪ :‬فبينا نح ُن َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬هبم ًة‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫الرياء‪.‬‬ ‫رؤ من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ترك االعتداد به عىل الضيف‪ ،‬والت ّ‬

‫أن الرج�ل إذا َ‬


‫نزل عند أحد ضيف ًا ومل جيده يف منزله‪ ،‬فاملس�تحب ألهله أن يطعموه‬
‫شيئ ًا‪ ،‬وال ّ‬
‫يؤخروه إىل حضور صاحب املنزل‪.‬‬
‫خيار ما عندهم من املأكول)‪.(4‬‬
‫يستحب أن يقدّ م للضيف ُ‬
‫ُّ‬ ‫أنه‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[213/13‬‬


‫)‪ (2‬اخلزيرة من األطعمة‪ :‬ما اختذ من دقيق وحلم‪ ،‬يقطع اللحم صغار ًا‪ ،‬ويصب عليه املاء‪ ،‬فإذا نضج ذر عليه‬
‫ِ‬
‫والقناع ال ّط ُبق فيه ٌ‬
‫تر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الدقيق‪ ،‬فإن مل يكن فيها حلم فهي عصيدة‪.‬‬
‫وصححه األلباين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪،]142‬‬
‫)‪ (4‬رشح أيب داود [‪ ]335 /1‬للعيني‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪S‬‬ ‫ﷺ‬

‫الضيف�ان إبراهيم ‪ S‬مع ضيوف�ه‪ ،‬فقال‪( :‬ﯙ‬


‫ق�ص اهلل تعاىل علين�ا قصة أيب ّ‬
‫وق�د َّ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الذاريات‪.[28-24 :‬‬

‫ق�ر َب الطع�ا َم إليه�م؛ ومل يأمرهم بالقي�ام إىل الطع�ام (ﯲ ﯳ)؛ حتى‬
‫أن�ه ّ‬
‫ِ‬
‫اإلتيان إىل الطعام‪.‬‬ ‫يكفيهم مؤن َة‬
‫الرع ُة يف اإلتيان بالطعا ِم؛ حيث قال‪( :‬ﯮ ﯯ ﯰ)؛ ومل يقل‪َّ :‬‬
‫«ثم جاء»؛‬
‫«ثم» فتفيد الرتاخي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن «الفاء» ُّ‬
‫والتعقيب‪ ،‬أي املبارشة‪ ،‬والرعة‪ ،‬وأما َّ‬ ‫الرتتيب‪،‬‬ ‫تدل عىل‬
‫إحضار الطعا ِم بدون إعالمهم؛ لئال حيرج�وا‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ)‪ ،‬أي‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫انسل خفي ًة‪ ،‬وأتاهم بالطعا ِم‪.‬‬
‫أحس�ن الطعا ِم‪( :‬ﯮ ﯯ ﯰ)‪ ،‬ويف اآلي�ة األخرى‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ِ‬ ‫اختيار‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املح�اة‪ ،‬وهو ُّ‬
‫ألذ الطعا ِم‪،‬‬ ‫املش�وي عىل احلجارة‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ) [ه�ود‪ ،[69 :‬و(احلنيذ)‪:‬‬
‫ُّ‬
‫وأصحه‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرفق يف وض ِع الطعا ِم؛ (ﯴ‬
‫العرض الطيب‪( :‬ﯲ ﯳ)؛ فيه ُ‬ ‫ِ‬ ‫أسلوب‬
‫ُ‬
‫غاية ال ّل ِ‬
‫طف‪.‬‬ ‫ﯵ ﯶ)‪ ،‬وهي دعو ٌة األضياف للطعا ِم يف ِ‬

‫ب‬‫يرح ُ‬
‫الضي�وف الذين ال أعرفه�م‪ ،‬فهو ّ‬
‫ُ‬ ‫قول�ه‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)‪ ،‬أي‪:‬‬
‫يعرف‪ ،‬وه�ذا من كرمه ﷺ؛ فهو يكر ُم اجلمي�ع‪ ،‬وجميئه ألضياف ال‬
‫ُ‬ ‫يع�رف‪ ،‬وبمن ال‬
‫ُ‬ ‫بم�ن‬
‫يعرفهم بعجل سمني غاية يف الكرم واجلود‪.‬‬
‫القص ِة‪ ،‬والسنة النبوية مليئ ٌة باملواقف التي ّ‬
‫جتىل فيها‬ ‫ِ‬
‫فهذه مجل ٌة من آداب الضيافة يف تلك ّ‬
‫النبي ﷺ واضحا‪ ،‬سواء أضاف أحد ًا أو َّ‬
‫حل عليه ضيف ًا؛ فصىل اهلل وسلم وبارك عليه‬ ‫أدب ِّ‬
‫وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫‪‬‬

‫خوا�س اأ�شحابه‬
‫ِّ‬ ‫تعامل النبي ﷺ مع‬

‫ِ‬
‫األمة قلوب� ًا‪ ،‬وأعمقها عل ًا‪ ،‬وأق ّلها‬ ‫ِ‬
‫مكان�ة الصحابة يف اإلس�ال ِم ال ختفى‪ ،‬فه�م ُّ‬
‫أبر هذه‬
‫تك ّلف ًا‪ ،‬وأقومها هدي ًا‪ ،‬وأحسنها حاالً‪ ،‬قو ٌم اختارهم اهلل لصحبة نب ّيه‪ ،‬وإقامة دينه‪.‬‬

‫وقد أثنى اهلل عليهم يف آيات كثرية‪ ،‬كقوله تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬


‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [التوبة‪.[100 :‬‬
‫ٍ‬
‫متفاوتة من الصحبة‪ ،‬كا قال شيخ اإلسالم‪« :‬الصحب ُة‬ ‫ٍ‬
‫درجات‬ ‫ولقد كان الصحاب ُة عىل‬
‫ال أو كثري ًا‪ .‬لك�ن ٌ‬
‫كل منهم له من الصحبة‬ ‫صحب النب�ي ﷺ قلي ً‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫جن�س‪ ،‬تقع عىل من‬ ‫اس�م‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بقدر ذلك‪ ،‬فمن صحب ُه س�ن ًة‪ ،‬أو ش�هر ًا‪ ،‬أو يوم ًا‪ ،‬أو س�اع ًة‪ ،‬أو رآه مؤمن ًا‪ ،‬فله من ّ‬
‫الصحبة‬
‫بقدر ذلك»)‪.(1‬‬

‫خواص أصحابه املالزمني له‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫النبي ﷺ مع‬
‫وموضوعنا سيكون عن تعامل ِّ‬
‫وم�ن أب�رز هؤالء‪ :‬أب�و بكر‪ ،‬وعم�ر‪ ،‬وعثان‪ ،‬وع�يل‪ ،‬والزب�ري‪ ،‬وعبد اهلل بن مس�عود‪،‬‬
‫وحذيفة بن اليان‪ ،‬وعبد الرمحن بن عوف‪.‬‬

‫وأخصهم بالنبي ﷺ‪ :‬أبو بكر‪ ،‬وعمر‪.‬‬


‫ّ‬
‫وعمر‪،‬‬ ‫ذهبت أنا وأبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫أس�مع الن َّ‬ ‫«كنت كثري ًا‬ ‫ٍ‬
‫طالب‪:‬‬ ‫عيل ب ُن أيب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال ُّ‬
‫وعمر»)‪.(2‬‬
‫ُ‬ ‫وخرجت أنا وأبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ُ‬ ‫وعمر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ودخلت أنا وأبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬جمموع الفتاوى البن تيمية [‪.[464/ 4‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]3685‬ومسلم [‪.[2389‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫فقلت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫السل‪ ،‬فأتيت ُه‬‫الس‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫العاص ‪َّ I‬‬ ‫عن عمرو ِ‬
‫ُ‬ ‫جيش ذات ّ‬ ‫ّبي ﷺ بعث ُه عىل‬
‫أن الن َّ‬ ‫بن‬
‫أحب َ‬
‫إليك؟‬ ‫أي الن ِ‬
‫ّاس ُّ‬ ‫ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬م ْن الر ِ‬
‫جال؟‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ثم م ْن؟‬
‫قلت‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يعاب عىل من فعله‬ ‫ِ‬
‫والرجال‪ ،‬وأنه ال ُ‬ ‫األحب من النساء‬
‫ِّ‬ ‫جواز ِ‬
‫ذكر‬ ‫ُ‬ ‫قال القرطبي‪« :‬فيه‪:‬‬
‫ِ‬
‫والدين‪.‬‬ ‫املقول له من أهل ِ‬
‫اخلري‬ ‫ُ‬ ‫إذا كان‬
‫وإن�ا ب�دأ بذكر حمبته عائش�ة؛ ألهن�ا حم ّب ٌة جب ّل ّي� ٌة ودين ّي ٌة‪ ،‬وغريه�ا دين ّي ٌة ال جب ّل ّي ٌة‪ ،‬فس�بق‬
‫ِ‬
‫الطارئ»‪.‬‬ ‫ُ‬
‫األصل عىل‬
‫؛ لس�ابقته يف اإلسال ِم‪ ،‬ونصحه هلل تعاىل ورسوله‪،‬‬ ‫فقيل له‪ :‬ومن الرجال؟ قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫وبذل ماله‪ ،‬ونفسه يف رضامها»)‪.(2‬‬ ‫ولإلسالم وأهله‪،‬‬

‫ٍ‬
‫عوف‬ ‫محن ِ‬
‫بن‬ ‫الر ِ‬ ‫الوليد‪ِ َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫بني ِ‬
‫خالد ِ‬ ‫اخلدري ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫وبني عبد ّ‬ ‫بن‬ ‫كان َ‬ ‫ِّ‬ ‫سعيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫يش ٌء‪ ،‬فس ّب ُه خالدٌ )‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3662‬ومسلم [‪.[2384‬‬


‫)‪ (2‬املفهم [‪ ،]71/9‬فيض القدير [‪.[218/1‬‬
‫ٍ‬ ‫محن ِ‬
‫بن ع�وف كال ٌم‪َ ،‬‬
‫فق�ال خالدٌ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب�ني خال�د ِ‬ ‫)‪ (3‬ويف رواي�ة عن�د أمح�د [‪َ :]13400‬‬
‫وبني عب�د ّ‬ ‫ب�ن الولي�د َ‬ ‫كان َ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫أن َ‬‫تستطيلون علينا بأ ّيا ٍم سبقتمونا هبا‪ ،‬فبلغنا َّ‬
‫َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ذكر للن ِّ‬
‫ذلك َ‬ ‫محن‪:‬‬ ‫لعبد ّ‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]3673‬ومسلم [‪.[2541‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بملء الك ّفني‪ ،‬ويعادل ربع الصاع‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫مكيال يقدّ ُر‬ ‫املدُّ ‪:‬‬
‫أحدكم مث�ل أحد ذهب ًا ما َ‬
‫بلغ ثوابه يف َ‬
‫ذلك ث�واب نفقة أحد أصحايب‬ ‫ْ‬ ‫أنفق‬
‫ل�و َ‬
‫ومعن�ا ُه‪ْ :‬‬
‫مدّ ًا‪ ،‬وال نصف مدٍّ ‪.‬‬

‫غريهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫ال�رضورة وضيق احل�ال‪،‬‬
‫كانت يف وقت ّ‬
‫نفقته�م ّأهنا ْ‬ ‫وس�بب تفضي�ل‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫جهادهم وس�ائر‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وذل�ك مع�دوم بع�ده‪ ،‬وكذا‬ ‫إنفاقه�م َ‬
‫كان يف نرصت�ه ﷺ ومحايت�ه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫وألن‬
‫طاعته�م‪ ،‬وق�دْ َ‬
‫ق�ال اهلل تع�اىل‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ْ‬
‫ﯿ) [احلديد‪.[10 :‬‬

‫إلي�ه وق ّل ِة املعتنى ِبه‪،‬‬


‫كان قبل فتح مكّة عظي ًا لش�دّ ِة احلاجة ِ‬
‫أن اإلنف�اق والقتال َ‬ ‫وذل�ك َّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ودخل النّاس يف دين اهلل أفواج ًا‪،‬‬ ‫املسلمني كثروا بعد الفتح‪،‬‬ ‫ذلك؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫وقع بعد َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫بخالف ما َ‬
‫فإ ّن ُه ال يقع َ‬
‫ذلك املوقع املتقدّ م‪.‬‬
‫ِ‬
‫واإليثار‪،‬‬ ‫�فقة‪ ،‬والتّو ّد ِد‪ ،‬واخلش�وعِ‪ ،‬والتّواضعِ‪،‬‬
‫الش ِ‬‫أنفس�هم م َن ّ‬
‫ْ‬ ‫مع ما َ‬
‫كان يف‬ ‫هذا ك ّله َ‬
‫حق جهاده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واجلهاد يف اهلل َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ب�يشء‪ ،‬والفضائل ال‬ ‫عم�ل‪ ،‬وال تنال درجتها‬ ‫ولو حلظ�ة ال يوازهيا‬ ‫وفضيل� ُة ّ‬
‫الصحب�ة‪ْ ،‬‬
‫ذلك فضل اهلل يؤتيه م ْن يشاء)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫بقياس‪َ ،‬‬ ‫تؤخذ‬

‫طالت‬
‫ْ‬ ‫أس�لم قب�ل الفتح مم ْن‬ ‫َ‬
‫خمصوصون‪ ،‬وهم م ْن‬ ‫أصحاب‬ ‫ِ‬
‫بقول�ه‬ ‫وامل�راد‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ونرص‪.‬‬
‫َ‬ ‫وهاجر‬
‫َ‬ ‫وأنفق‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وقاتل مع ُه‪،‬‬ ‫صحبته‪،‬‬
‫ُ‬
‫أفضل من سائر الصحابة‪.‬‬ ‫َ‬
‫فالسابقون األولون من املهاجرين واألنصار‬
‫الصحابة املوجودي َن إ ْذ َ‬
‫ذاك‪.‬‬ ‫وهو م ْن ّ‬
‫بذلك هو خالد بن الوليد َ‬ ‫ُّ‬
‫ويدل عىل ذلك أن املخاطب َ‬

‫سب م ْن‬ ‫َ‬


‫بذلك ع ْن ّ‬ ‫ّبي ﷺ وخاطب ُه‬ ‫َ‬
‫أدرك الن ّ‬ ‫ذلك فنهي بعض م ْن‬ ‫«ومع َ‬
‫َ‬ ‫قال ابن حجر‪:‬‬
‫سب م ْن سبق ُه م ْن باب األوىل»)‪.(2‬‬
‫ّبي ﷺ ومل ْ خياطب ُه ع ْن ِّ‬
‫سبق ُه يقتيض زجر م ْن مل ْ يدرك الن َّ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[39/16‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[34/7‬‬
‫‪‬‬

‫يكون ُ‬
‫حال من‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫خلالد بن الوليد وأمثاله من مس�لمة احلديبي�ة‪ ،‬فكيف‬ ‫ف�إذا كان هذا هنيه‬
‫ليس من أصحابه بحال مع أصحابه!!‬

‫املحرمات‪،‬‬
‫الصحابة ‪ ‬حرا ٌم م� ْن فواحش ّ‬
‫س�ب ّ‬ ‫«واعلم َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ْ‬ ‫ق�ال اإلم�ام النووي‪:‬‬
‫وس�ب‬
‫ُّ‬ ‫متأو َ‬
‫لون‪،‬‬ ‫تلك احلروب‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫جمته�دون يف َ‬ ‫ألهن ْم‬
‫منهم وغ�ريه؛ ّ‬
‫الب�س الفتن ْ‬
‫َ‬ ‫س�واء م ْن‬
‫يعزر‪ ،‬وال يقتل‪.‬‬
‫أحدهم م َن املعايص الكبائر‪ ،‬ومذهبنا ومذهب اجلمهور أ ّن ُه ّ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫وقال بعض املالك ّية‪ :‬يقتل»)‪.(1‬‬

‫العظيم أنه قد ريض عن الس�ابقني األولني من املهاجرين‬


‫ُ‬ ‫ق�ال ابن كثري‪« :‬فقد أخ�ر اهلل‬
‫سب‬
‫أبغض‪ ،‬أو َّ‬‫ويل من أبغضهم‪ ،‬أو س� ّبهم‪ ،‬أو َ‬ ‫ِ‬
‫واألنصار‪ ،‬والذين اتبعوهم بإحس�ان‪ :‬فيا َ‬
‫بعضهم‪ ،‬وال س�يا س�يدُ الصحاب�ة بعدَ الرس�ول ﷺ‪ ،‬وخريهم وأفضلهم‪ ،‬أعن�ي الصدّ َيق‬
‫ِ‬
‫الرافضة‬ ‫األعظم أب�ا بكر بن أيب قحافة ‪ ،I‬فإن الطائف�ة املخذول َة من‬ ‫ر‪ ،‬واخلليف َة‬
‫َ‬ ‫األك� َ‬
‫يدل عىل أن‬ ‫ِ‬
‫الصحابة‪ ،‬ويبغضوهنم ويس� ّبوهنم‪ ،‬عياذ ًا باهلل من ذل�ك‪ ،‬وهذا ُّ‬ ‫َ‬
‫أفض�ل‬ ‫يع�ادون‬
‫عقوهلم معكوس ٌة‪ ،‬وقلوهبم منكوس ٌة»)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬

‫عمر‪،‬‬ ‫فأغض�ب أبو ٍ‬ ‫بني أيب ٍ‬ ‫ع�ن أيب ال�دّ ِ‬


‫رداء ‪َ I‬‬
‫بكر َ‬ ‫َ‬ ‫وعمر حماورةٌ‪،‬‬
‫َ‬ ‫بكر‬ ‫كان�ت َ‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ْ‬
‫عمر مغضب ًا‪.‬‬
‫فانرصف عن ُه ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وجهه‪.‬‬ ‫أغلق باب ُه يف‬ ‫فلم ْ‬
‫يفعل‪ ،‬حتّى َ‬ ‫فاتّبع ُه أبو ٍ‬
‫بكر يسأل ُه ْ‬
‫يستغفر ل ُه‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فأقبل أبو ٍ‬
‫بكر إىل‬ ‫َ‬
‫بطرف ِ‬
‫ِ‬ ‫أقبل أبو ٍ‬
‫بكر آخذ ًا‬ ‫ّبي ﷺ إ ْذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ثوبه حتّى أبدى‬ ‫كنت جالس ًا عندَ الن ِّ‬
‫قال أبو الدّ رداء‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫ركبته‪.‬‬ ‫ع ْن‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[93 / 16‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري[‪.[203 / 4‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫ندمت‪ ،‬فس�ألت ُه‬ ‫ثم‬ ‫ُ ِ‬ ‫وبني ِ‬
‫ابن اخل ّط ِ‬ ‫فس� ّل َم‪َ ،‬‬
‫وقال‪ّ :‬إين َ‬
‫ُ‬ ‫فأرسعت إليه‪َّ ،‬‬ ‫اب يش ٌء‪،‬‬ ‫كان بيني َ‬
‫عيل‪.‬‬
‫يغفر يل‪ ،‬فأبى َّ‬
‫أن َ‬‫ْ‬

‫فأقبلت َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪ ،‬ثالث ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫فسأل‪ :‬أ ّث َم أبو ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫منزل أيب ٍ‬
‫بكر َ‬ ‫عمر ند َم‪ ،‬فأتى َ‬
‫إن َ‬‫ثم َّ‬
‫َّ‬
‫فقالوا‪ :‬ال‪.‬‬
‫ّبي ﷺ يتم ّع ُر)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فجعل وج ُه الن ِّ‬ ‫ّبي ﷺ فس ّل َم‪،‬‬
‫فأتى إىل الن ِّ‬
‫ِ‬
‫ركبتيه‪.‬‬ ‫[أن يكون م ْن رسول اهلل ﷺ إىل عمر ما يكره]‪ ،‬فجثا عىل‬ ‫أشفق أبو ٍ‬
‫بكر ْ‬ ‫َ‬ ‫حتّى‬
‫أظلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫أظلم‪ ،‬واهلل أنا ُ‬
‫َ‬ ‫كنت‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل واهلل أنا ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫‪.‬‬
‫أوذي بعدها)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫فا‬

‫الصحابة‪.‬‬
‫فضل أيب بكر عىل مجيع ّ‬
‫هو أفضل من ُه‪.‬‬ ‫أن الفاضل ال ينبغي ل ُه ْ‬
‫أن يغاضب م ْن َ‬ ‫َّ‬
‫جواز مدح ِ‬
‫املرء يف وجهه‪ ،‬وحم ّله إذا أمن ِ‬
‫عليه االفتتان واالغرتار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الغضب عىل ارتكاب خالف األوىل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫عليه اإلنسان م َن البرش ّي ِة حتّى حيمل ُه‬
‫ما طبع ِ‬
‫َ‬

‫خاصم‪ ،‬واملعنى َ‬
‫دخل يف غمرة اخلصومة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أي‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫أي‪ :‬تذهب نضارته م ْن الغضب‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[3661‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫كقوله تعاىل‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫الرجوع إىل األوىل‬
‫لك ْن الفاضل يف الدّ ين يرع ّ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [األعراف‪.[201 :‬‬
‫ليس بمعصو ٍم‪.‬‬ ‫ولو َ‬
‫بلغ م ْن الفضل الغاية َ‬ ‫ّبي ْ‬ ‫َّ‬
‫أن غري الن ِّ‬
‫استحباب سؤال االستغفار‪ ،‬والتّح ّلل م َن املظلوم‪.‬‬
‫ليست عور ًة)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫الركبة‬
‫أن ّ‬‫َّ‬

‫ﷺ‬ ‫‪I‬‬

‫ٍ‬
‫نخلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وجاءت الدّ نيا فاختلفنا يف ِ‬
‫عذق‬
‫هي يف حدّ ي‪.‬‬
‫فقلت أنا‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫وقال أبو ٍ‬
‫بكر‪َ :‬‬
‫هي يف حدّ ي‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال أبو ٍ‬
‫بكر كلم ًة كرهها‪ ،‬وند َم‪.‬‬ ‫وبني أيب ٍ‬
‫بكر كال ٌم‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫فكان بيني َ‬
‫تكون قصاص ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪ :‬يا ربيع ُة ر َّد َّ‬
‫عيل مثلها‪ ،‬حتّى‬
‫قلت‪ :‬ال ُ‬
‫أفعل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬
‫عليك‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬لتقول َّن‪ْ ،‬أو ألستعدي َّن‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بفاعل‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬ما أنا‬
‫ُ‬
‫وانطلقت أتلو ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫بكر ‪ I‬إىل الن ِّ‬‫وانطلق أبو ٍ‬
‫َ‬ ‫األرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫ورفض‬
‫َ‬
‫َ‬
‫علي�ك‬ ‫بك�ر! يف أي ٍ‬
‫يشء يس�تعدي‬ ‫رح�م اهلل أب�ا ٍ‬ ‫أس�لم فقال�وا يل‪:‬‬ ‫ن�اس م� ْن‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فج�ا َء ٌ‬
‫لك ما َ‬
‫قال؟!‬ ‫قال َ‬‫وهو َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫املسلمني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ش�يبة‬ ‫الصدّ ُيق‪ ،‬هذا ثاين ِ‬
‫اثنني‪ ،‬وهذا ذو‬ ‫أتدرون ما هذا؟ هذا أبو ٍ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بكر ّ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لغضبه‪،‬‬ ‫فيغضب‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ؛‬ ‫يت‬ ‫يلتفت‪ ،‬فرياكم تنرصوين ِ‬
‫َ‬ ‫فيغضب‪ ،‬فيأ َ‬
‫َ‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اكم‪ ،‬ال‬
‫إ ّي ْ‬
‫فيهلك ربيع َة‪.‬‬
‫َ‬ ‫فيغضب اهلل ‪ D‬لغضبها‪،‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[26/7‬‬


‫‪‬‬

‫قالوا‪ :‬ما تأمرنا؟‬


‫َ‬
‫قال‪ :‬ارجعوا‪.‬‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فانطلق أبو ٍ‬
‫بكر ‪ I‬إىل رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فتبعت ُه وحدي‪ ،‬حتّى أتى الن َّ‬ ‫َ‬
‫وللصدّ ِيق؟‬
‫ّ‬ ‫لك‬ ‫فرفع إ َّيل رأس ُه َ‬
‫فقال‪ :‬يا ربيع ُة ما َ‬ ‫احلديث كا َ‬
‫كان‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فحدّ ث ُه‬
‫قلت حتّى‬ ‫فقال يل‪ْ :‬‬
‫قل كا ُ‬ ‫قال يل كلم ًة كرهها‪َ ،‬‬
‫كان كذا‪َ ،‬‬
‫كان كذا‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫فأبيت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يكون قصاص ًا‪،‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫لك يا أبا ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫غفر اهلل َ‬
‫فقلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫وهو يبكي)‪.(1‬‬ ‫فوىل أبو ٍ‬
‫بكر ‪َ I‬‬ ‫ّ‬

‫ﷺ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫مات ِ‬
‫فيه َ‬ ‫ّبي ﷺ يف مرضه ا ّلذي َ‬ ‫اخلدري َ‬ ‫ٍ‬
‫خطب الن ُّ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫سعيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫‪.‬‬
‫الصدّ ُيق ‪ ،I‬وبكى)‪.(2‬‬ ‫فبكى أبو ٍ‬
‫بكر ّ‬
‫َ‬
‫فديناك بآبائنا وأ ّمهاتنا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫وبني ما عند ُه‪،‬‬ ‫خري عبد ًا َ‬
‫ب�ني الدّ نيا‪َ ،‬‬ ‫إن ِ‬
‫يكن اهلل ّ َ‬ ‫�يخ‪ْ ،‬‬
‫الش َ‬
‫فقل�ت يف نف�يس‪ :‬ما يبكي هذا ّ‬
‫ُ‬
‫فاختار ما عندَ اهلل‪.‬‬
‫َ‬
‫وكان أبو ٍ‬
‫بكر أعلمنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هو العبدَ ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫فكان‬
‫)‪(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]16143‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[3258‬‬


‫ذلك يف مرض موته‪،‬‬ ‫ّب�ي ﷺ م ْن قرينة ذكره َ‬ ‫ِ‬ ‫الرمز ا ّلذي‬ ‫َّ‬ ‫)‪ (2‬معن�ا ُه بك�ى كثري ًا‪،‬‬
‫أش�ار به الن ّ‬
‫َ‬ ‫فهم ّ‬
‫وكأن أبا بكر ‪َ I‬‬
‫َ‬
‫فلذلك بكى‪ .‬فتح الباري [‪.[12/7‬‬ ‫فاستشعر من ُه أ ّن ُه أرا َد نفسه‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫)‪ (3‬قوله‪« :‬أم ّن» أفعل تفضيل م ْن امل ّن بمعنى العطاء والبذل‪ ،‬بمعنى َّ‬
‫إن أبذل النّاس لنفس�ه وماله‪ ،‬ال م ْن املنّة التي‬
‫الصنيعة‪ .‬فتح الباري [‪.[13/7‬‬
‫تفسد ّ‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫اري�ن‪ ،‬ونحوه‪ ،‬واملعنى‪ :‬ال تبقوا باب ًا غري‬ ‫أو الدّ‬ ‫ِ‬
‫البيتني‪ِ ،‬‬ ‫الصغري بني‬
‫هي الباب ّ‬ ‫اخلوخ�ة‪َ :‬‬
‫مسدود ّإال باب أيب بكر فاتركو ُه ِ‬
‫بغري سدٍّ ‪.‬‬

‫وخصيصة ظاهرة أليب بكر ‪.I‬‬


‫ّ‬ ‫ويف هذا احلديث فضيلة‬
‫دار أيب بكر ا ّلتي َ‬
‫أذن ل ُه يف إبقاء اخلوخة منها‬ ‫أن َ‬ ‫ذكر عمر بن ش ّبة يف «أخبار املدينة« َّ‬
‫وقدْ َ‬
‫ِ‬
‫لبعض‬ ‫احتاج إىل يشء يعطيه‬ ‫تزل ِ‬
‫بيد أيب بكر حتّى‬ ‫ِ‬
‫للمسجد‪ ،‬ومل ْ ْ‬ ‫كانت مالصق ًة‬
‫إىل املسجد ْ‬
‫َ‬
‫فلم ْ‬
‫تزل بيدها‬ ‫ِ‬ ‫من وفدَ ِ‬
‫املؤمن�ني بأربعة آالف درهم‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫عليه‪ ،‬فباعها‪ ،‬فاش�رتهتا من ُه حفصة أ ّم‬ ‫ْ‬
‫فامتنعت‬
‫ْ‬ ‫ليوسعوا هبا املسجد‪،‬‬‫أن أرادوا توسيع املسجد يف خالفة عثان‪ ،‬فطلبوها منها؛ ّ‬ ‫إىل ْ‬
‫أوس�ع منه�ا ونجعل لك طريق ًا‬
‫َ‬ ‫وقال�ت‪ :‬كي�ف بطريقي إىل املس�جد؟ َ‬
‫فقيل هلا نعطيك دار ًا‬ ‫ْ‬
‫ورضيت)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫مثلها‪ ،‬فس ّل ْ‬
‫مت‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫ال ْ‬
‫ألن يتّخ�ذ ُه الن ّ‬ ‫متأه� ً‬
‫كان ّ‬‫الصدّ ي�ق‪ ،‬وأ ّن ُه َ‬
‫فضيل�ة ظاهرة أليب بك�ر ّ‬
‫خليالً‪.‬‬
‫بفضله وال ّثناء ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫شكر املحسن والتّنويه‬

‫تطرق النّاس إليها يف خوخات ونحوها ّإال م ْن أبواهبا‪ّ ،‬إال‬ ‫ُ‬


‫تصان ع ْن ّ‬ ‫َّ‬
‫أن املس�اجد‬
‫مهم ٍة)‪.(3‬‬ ‫ٍ‬
‫حلاجة ّ‬
‫ﷺ‬

‫دع�ي ل ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س�لول‬ ‫يب اب ُن‬
‫م�ات عبدُ اهلل ب� ُن أ ٍّ‬
‫َ‬ ‫�اب ‪ ‬أ ّن ُه َ‬
‫ق�ال‪ّ :‬ملا‬ ‫عم�ر ِ‬
‫ب�ن اخل ّط ِ‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن‬

‫بكر‬ ‫ِ‬
‫املسجد خوخ ٌة إالّ خوخ َة أيب ٍ‬ ‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3904‬ومسلم [‪ .]2382‬ويف رواية هلا‪ :‬ال تبقنيَّ يف‬
‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[14/7‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ،]14/7‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[152/15‬‬
‫‪‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وثبت ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫أتصيل‬ ‫رس�ول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫فلا قا َم‬ ‫َّ‬
‫ليصيل عليه ّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‬
‫قال يوم كذا وكذا‪ :‬كذا وكذا!! أعدّ د ِ‬ ‫عىل ِ‬
‫عليه قول ُه)‪.(1‬‬ ‫ُ‬ ‫يب‪ ،‬وقدْ َ َ‬
‫ابن أ ٍّ‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فتبس َم‬
‫ّ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أكثرت ِ‬
‫عليه َ‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬

‫انرصف‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫فصىل ِ‬ ‫َ‬


‫قال‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫عليه‬
‫ِ‬
‫اآليتان م ْن براءةٌ‪( :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫يمكث ّإال يس�ري ًا حتّى ِ‬
‫نزلت‬ ‫ْ‬ ‫فلم‬
‫ْ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [التوبة‪.[84 :‬‬

‫أعلم)‪.(2‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫فعجبت بعدُ م ْن جرأيت عىل رسول اهلل ﷺ يومئذ‪ ،‬واهللُ ورسول ُه ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫التفت ِ‬ ‫احتمل منه النّب�ي ﷺ أخذه ِ‬
‫إليه‬ ‫َ‬ ‫بثوبه وخماطبته ل ُه يف مثل َ‬
‫ذل�ك املقام‪ ،‬حتّى‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫فق�د‬
‫متبس ًا)‪.(3‬‬
‫ّ‬
‫لكال ش�فقته عىل‬ ‫ِ‬ ‫يب ما َ‬
‫فعل؛‬ ‫مع عبد اهلل بن أ ٍّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫يب‪« :‬إنّا َ‬
‫ق�ال اخل ّطا ُّ‬‫َ‬
‫فع�ل الن ُّ‬
‫ف قومه م َن‬ ‫قلب ولده عبد اهلل الرجل الصالح‪ ،‬ولتأ ّل ِ‬ ‫ولتطييب ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بطرف م َن الدّ ين‪،‬‬ ‫م ْن تع ّل َق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فيهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخلزرج لرياسته ْ‬
‫وترك الصالة ِ‬
‫لكان س ّب ًة عىل ابنه‬‫َ‬ ‫الرص ِ‬
‫يح؛‬ ‫ّهي ّ‬‫قبل ورود الن ِ‬ ‫عليه َ‬ ‫َ ّ‬ ‫جيب سؤال ابنه‪،‬‬ ‫فلو مل ْ ْ‬
‫ْ‬
‫هني فانتهى»)‪.(4‬‬
‫أن َ‬ ‫السياسة إىل ْ‬ ‫ِ‬
‫األمرين يف ّ‬ ‫َ‬
‫فاستعمل أحسن‬ ‫وعار ًا عىل قومه‪،‬‬

‫علم م�ا َ‬
‫كان م ْن هذا املنافق م َن اإليذاء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ّبي ﷺ ؛ فقدْ َ‬
‫بي�ان عظيم مكارم أخالق الن ِّ‬

‫هلم؟»‪.‬‬ ‫منافق وقدْ َ‬


‫هناك اهلل ْ‬ ‫ِ‬ ‫اب ِ‬
‫بثوبه َ‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬ ‫َ‬
‫تستغفر ْ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫وهو ٌ‬‫تصيل عليه َ‬
‫ّ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫«فأخذ ُ‬ ‫)‪ (1‬ويف رواية‪:‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]1366‬ومسلم [‪.[2400‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[335/8‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[336/8‬‬
‫‪‬‬

‫واستغفر ل ُه‪َ .‬‬


‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮛ ﮜ‬ ‫وصىل ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقابل ُه باحلس�نى‪ ،‬فألبس ُه قميصه كفن ًا‪،‬‬
‫َ‬
‫ﮝ ﮞ) [القلم‪.[4 :‬‬
‫باملغفرة‪ ،‬والقيام عىل قره للدّ ِ‬
‫عاء)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫الصالة عىل من مات كافر ًا‪ ،‬والدّ عاء ل ُه‬
‫حتريم ّ‬

‫فكان ﷺ يعتمدُ عىل بالل بن رباح وهو من السابقني إىل اإلسالم يف تدبري أمور نفقته‪.‬‬

‫بحلب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫لقيت بالالً مؤ ّذ َن‬ ‫اهلوزين َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫كانت نفق ُة‬
‫كيف ْ‬ ‫فقلت‪ :‬يا ُ‬
‫بالل حدّ ثني َ‬ ‫ُ‬

‫منذ بعث ُه اهلل إىل ْ‬


‫أن ّ َ‬
‫تويف)‪.(2‬‬ ‫ذلك من ُه‪ُ ،‬‬ ‫كان ل ُه يش ٌء إالَّ أنا ا ّلذي ُ‬
‫كنت أيل َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ما َ‬

‫فأستقرض‪ ،‬فأشرتي ل ُه الرد َة‬


‫ُ‬ ‫فأنطلق‬
‫ُ‬ ‫اإلنس�ان مس�ل ًا‪ ،‬فرآ ُه عاري ًا‪ ،‬يأمرين‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان إذا أتا ُه‬
‫فأكسو ُه وأطعم ُه‪.‬‬

‫تس�تقرض م ْن‬
‫ْ‬ ‫إن عندي س�ع ًة‪ ،‬فال‬ ‫فقال‪ :‬يا ُ‬
‫بالل‪َّ ،‬‬ ‫املرشكني َ‬
‫َ‬ ‫حتّ�ى اعرتضن�ي ٌ‬
‫رجل م َن‬
‫ٍ‬
‫أحد ّإال منّي‪.‬‬

‫ففعلت‪.‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫عصابة‬ ‫أقبل يف‬ ‫ُ‬
‫املرشك قدْ َ‬ ‫قمت ألؤ ّذ َن بالص ِ‬
‫الة‪ ،‬فإذا‬ ‫ثم ُ‬ ‫ذات يو ٍم‪ّ ،‬‬ ‫أن َ‬‫فلا ْ‬
‫ّ‬ ‫أت‪َّ ،‬‬
‫توض ُ‬ ‫كان َ‬ ‫ّ‬
‫م َن الت ّّج ِ‬
‫ار‪.‬‬

‫حبيش‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫أن رآين َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫فلا ْ‬
‫ّ‬
‫قلت‪ :‬يا ل ّبا ُه)‪.(3‬‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[167/15‬‬


‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫أي أنا الذي أتو ّىل أمر النّفقة م ْن الن ّ‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫أي ل ّب َ‬
‫يك‪.‬‬ ‫)‪ْ (3‬‬
‫‪‬‬

‫وقال يل ً‬
‫قوال غليظ ًا‪.‬‬ ‫فتجهمني)‪َ ،(1‬‬
‫ّ‬
‫الش ِ‬
‫هر؟‬ ‫وبني ّ‬ ‫كم َ‬
‫بينك َ‬ ‫َ‬
‫وقال يل‪ :‬أتدري ْ‬
‫قريب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أعطيتك م ْن‬ ‫َ‬
‫أعط�ك الذي‬ ‫فإين ْمل‬
‫عليك ‪ّ ،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فآخ�ذك با ّلذي‬ ‫أربع‪،‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬إنّ�ا َ‬
‫بينك وبين ُه ٌ‬
‫الغنم كا‬ ‫لتجب ىل عبد ًا‪ ،‬فأر ّد َك ترعى‬ ‫َ‬
‫أعطيتك؛‬ ‫َ‬
‫صاحبك‪ ،‬ولك ْن‬ ‫ِ‬
‫كرامة‬ ‫كرامت�ك‪ ،‬والَ م� ْن‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫كنت َ‬
‫قبل َ‬ ‫َ‬
‫أنفس الن ِ‬
‫ّاس)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يأخذ يف‬ ‫َ‬
‫فأخذ يف نفيس ما‬
‫فاستأذنت ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ إىل ِ‬
‫ُ‬ ‫حتّى إذا ص ّل ُ‬
‫فأذن يل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أهله‪،‬‬ ‫يت العتم َة َ‬
‫رجع‬
‫كنت أتد ّي ُن من ُه‪َ ،‬‬
‫قال يل كذا وكذا‪،‬‬ ‫َ‬
‫املرشك ا ّلذي ُ‬ ‫أنت وأ ّمي‪َّ ،‬‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل بأيب َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األحياء‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫آتى بعض‬ ‫فأذن يل ْ‬
‫وهو فاضحي‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫أن َ‬ ‫عندك ما تقيض عنّي وال عندي‪َ ،‬‬ ‫وليس‬
‫َ‬
‫ا ّلذي َن قدْ أسلموا‪ ،‬حتّى َ‬
‫يرزق اهلل رسول ُه ﷺ ما يقيض عنّي‪.‬‬
‫فجعلت سيفي وجرايب ونعيل وجمنّي عندَ رأس)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫أتيت منزيل‪،‬‬
‫فخرجت حتّى إذا ُ‬
‫ُ‬
‫نم�ت‪ ،‬حتّى إذا‬
‫ُ‬ ‫عىل لي ً‬
‫ال‬ ‫رأي�ت َّ‬
‫ُ‬ ‫انتبهت‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬ ‫نم�ت‬
‫ُ‬ ‫األف�ق‪ ،‬فك ّلا‬
‫َ‬ ‫بوجه�ى‬
‫َ‬ ‫واس�تقبلت‬
‫ُ‬
‫أجب‬
‫بالل‪ْ ،‬‬‫إنس�ان يس�عى يدع�و‪ :‬يا ُ‬
‫ٌ‬ ‫أنطلق‪ ،‬فإذا‬
‫َ‬ ‫أردت ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫األو ِل)‪،(5‬‬
‫بح ّ‬ ‫الص ِ‬
‫انش�ق عمو ُد ّ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫فانطلقت حتّى أتيت ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫مناخات عليه َّن أمحاهل َّن)‪.(6‬‬
‫ٌ‬ ‫ركائب‬
‫َ‬ ‫أربع‬
‫فإذا ُ‬
‫ٍ‬
‫بوجه كريه‪.‬‬ ‫أي‪ :‬تل ّقاين‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫ذلك املال‪.‬‬ ‫الشهر يف مقابلة ما عليك م َن املال‪ ،‬وأخت َ‬
‫ّذك عبد ًا يف مقابلة َ‬ ‫أي آخذك عىل رأس ّ‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫اهلم‪.‬‬
‫أي م َن ّ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫رتس‪.‬‬‫)‪ (4‬اجلراب‪ :‬وعاء م ْن جلد‪ ،‬واملج ّن‪ :‬ال ّ‬
‫الصبح الكاذب‪.‬‬ ‫وهو ّ‬
‫الساء‪َ ،‬‬ ‫أي‪ :‬العمود املستطيل املرتفع يف ّ‬‫)‪ِ (5‬‬
‫)‪ (6‬ركائب‪ :‬مجع ركوبة وهو ما يركب ِ‬
‫عليه م ْن ّ‬
‫كل دا ّبة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪‬‬

‫فاستأذنت‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‬

‫فحمدت اهللَ‪.‬‬
‫ُ‬

‫فقلت‪ :‬بىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫الص ِ‬
‫بح‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأذين صالة ّ‬ ‫عم�دت إىل‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫ثم عقلته َّن ‪َّ ،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فحططت عنه� َّن أمحاهل َّن‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ففعل�ت‪،‬‬
‫ُ‬
‫وقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فناديت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أذين‬
‫إصبعى يف َّ‬
‫َّ‬ ‫فجعلت‬
‫ُ‬ ‫خرجت إىل البقيعِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫حتّى إذا ّ‬
‫صىل‬
‫فليحرض‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ دين ًا؛‬ ‫يطلب‬
‫ُ‬ ‫م ْن َ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ دي ٌن ىف‬ ‫يبق عىل‬
‫وأعر ُض‪ ،‬وأقىض‪ ،‬حتّى مل ْ َ‬
‫أبيع‪ ،‬وأقىض‪ّ ،‬‬
‫زلت ُ‬‫فا ُ‬

‫ونصف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فضل عندى أوقي ِ‬
‫تان‪ْ ،‬أو أوق ّي ٌة‬ ‫حتّى َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫املس�جد‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قاعدٌ يف‬ ‫ذهب عا ّم ُة الن ِ‬
‫ّهار‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫املس�جد‪ ،‬وقدْ‬ ‫انطلق�ت إىل‬
‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫مت عليه‪ِ.‬‬ ‫وحد ُه‪ ،‬فس ّل ُ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬

‫يبق يش ٌء‪.‬‬
‫فلم َ‬ ‫ِ‬ ‫كل ٍ‬
‫يشء َ‬ ‫قلت‪ :‬قدْ قىض اهلل َّ‬
‫كان عىل رسول اهلل ﷺ‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫َ‬


‫قال‪:‬‬

‫)‪ُ (1‬‬
‫عقل الدا ّبة‪ :‬ربطها بالعقال‪ ،‬وهو احلبل الذي تربط به اإلبل ونحوها‪.‬‬
‫قيض الدّ ين أ ْم ال؟‬ ‫أي‪ :‬ما حال ما عندك م َن املال ْ‬
‫هل َ‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫بأن تن ّفق ُه عىل مصارفه‪.‬‬
‫أي‪ :‬تفرغ قلبي من ُه ْ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ العتم َة دعاين‪.‬‬ ‫فلا ّ‬
‫صىل‬ ‫فلم يأتنا أحدٌ حتّى أمسينا ّ‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫هو معي مل ْ يأتنا أحدٌ ‪.‬‬


‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املسجد اليو َم ال ّثاين‪.‬‬ ‫أصبح‪َّ ،‬‬
‫وظل ىف‬ ‫ِ‬
‫املسجد حتّى‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫فبات‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فانطلقت هبا‪ ،‬فكسوهتا‪ ،‬وأطعمتها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫راكبان‪،‬‬ ‫آخر الن ِ‬
‫ّهار جا َء‬ ‫كان يف ِ‬
‫حتّى َ‬

‫صىل العتم َة‪ ،‬دعاين‪.‬‬


‫حتّى إذا ّ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫أراحك اهلل من ُه يا‬ ‫قلت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬
‫املوت‪ ،‬وعند ُه َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فكر‪ ،‬ومحدَ اهلل‪ ،‬شفق ًا م ْن ْ‬
‫أن يدرك ُه‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫امرأة‪ ،‬حتّى أتى مبيت ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫امرأة‬ ‫ثم اتّبعت ُه حتّى إذا جا َء أزواج ُه‪ ،‬فس ّل َم عىل‬
‫َّ‬
‫فهذا ا ّلذي سألتني عن ُه)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬

‫هذه اآلي� ُة‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫نزلت ِ‬ ‫ريض اهلل أ ّن ُه َ‬


‫ق�ال‪ّ :‬ملا ْ‬ ‫ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫ع� ْن ِ‬
‫ب�ن مالك َ‬
‫قيس يف ِ‬
‫بيته‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ثابت ب ُن ٍ‬
‫جلس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [احلج�رات‪ [2 :‬إىل ِ‬
‫آخ�ر اآلية‪َ ،‬‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫واحتبس ِ‬
‫عن الن ِّ‬ ‫َ‬ ‫أهل الن ِّار‪،‬‬
‫أنا م ْن ِ‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫فسأل النّبي ﷺ سعدَ بن ٍ‬


‫معاذ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫علمت ل ُه بشكوى‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال سعدٌ ‪ :‬إ ّن ُه جلاري‪ ،‬وما‬
‫ِ‬
‫ه�ذه اآلي ُة‪ ،‬ولقدْ‬ ‫أنزلت‬
‫ْ‬ ‫ثاب�ت‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫فذك�ر ل ُه َ‬
‫قول‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬فأتا ُه س�عدٌ ‪،‬‬
‫َ‬
‫أهل الن ِّار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأنا م ْن ِ‬ ‫أرفعكم صوت ًا عىل‬ ‫علمتم ّأين م ْن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]3055‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[3055‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫فذكر َ‬
‫ذلك سعدٌ للن ِّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬ومع ُه اب ٌن ل ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫أن رج ً‬
‫ال أتى الن َّ‬ ‫ٍ‬
‫إياس ‪َّ I‬‬ ‫وع ْن ّقر َة ِ‬
‫بن‬
‫فقال ِ‬
‫ألبيه‪:‬‬ ‫فس�أل عن ُه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫فات‪ ،‬ففقد ُه‪،‬‬
‫‪َ .‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫بن الربيع‪،‬‬ ‫ِ‬


‫س�عد ِ‬ ‫ِ‬
‫لطلب‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يو َم أحد؛‬ ‫ع�ن زي�د بن ثابت ‪ I‬قال‪ :‬بعثني‬
‫‪.‬‬ ‫ﷺ‬ ‫وقال يل‪:‬‬
‫ٍ‬
‫طعنة‬ ‫آخر ٍ‬
‫رمق‪ ،‬وبه س�بعون رضب ًة ما بني‬ ‫أط�وف بني القتىل‪ ،‬فأصبت�ه وهو يف ِ‬
‫ُ‬ ‫فجعل�ت‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ورمية بسه ٍم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بسيف‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ورضبة‬ ‫ٍ‬
‫برمح‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويقول لك‪ :‬أخرين كيف جتدك؟‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ يقر ُأ عليك السالم‪،‬‬
‫َ‬ ‫فقلت له‪ :‬يا سعدُ ‪ ،‬إن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وعليك السال ُم‪.‬‬ ‫قال‪ :‬عىل‬

‫ريح اجلنة‪.‬‬
‫قل له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أجدُ َ‬
‫ش�فر‬
‫ٌ‬ ‫خلص إىل رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وفيكم‬
‫َ‬ ‫عذر لكم عندَ اهلل إن‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ :‬ال َ‬ ‫ْ‬
‫وق�ل لقومي‬
‫وفاضت نفسه ‪.(4)V‬‬
‫ْ‬ ‫يطرف)‪.(3‬‬
‫ُ‬

‫ليعلم ما‬ ‫ِ‬


‫املوت‪،‬‬ ‫منهم بعدَ‬ ‫ِ‬
‫بأصحابه‪ ،‬وبحثه ع ْن م ْن فقدَ‬ ‫وهذا اش�تغال واهتام من ُه ﷺ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫خر ُه‪ ،‬وما ا ّلذي غ ّيب ُه)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3613‬ومسلم [‪.[119‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ،]1870‬وأمحد [‪ ،]19852‬وزاد‪ :‬فقال رجل‪ :‬يا رسول اهلل! أله خاصة أو لكلنا؟ قال‪« :‬بل‬
‫لك ّلكم»‪ .‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [‪.[111‬‬
‫)‪ (3‬شفر العني‪ :‬ما نبت عليه الشعر‪ ،‬وأصل منبت الشعر يف اجلفن‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البيهقي يف دالئل النبوة [‪ ]269 / 3‬وذكره مالك يف املوطأ [‪ ]884‬بنحوه عن حييى بن سعيد معضال‪ ،‬وقال ابن‬
‫عبد الر‪« :‬هذا احلديث ال أحفظه‪ ،‬وال أعرفه إال عند أهل السري‪ ،‬فهو عندهم مشهور معروف»‪ .‬التمهيد ]‪.[94 / 24‬‬
‫)‪ (5‬املنتقى رشح املوطأ [‪.[68/3‬‬
‫‪‬‬

‫(أج�د ريح اجلنة)‪ :‬حيتمل أن يكون ذلك عىل احلقيقة بأن يكون ش�م رائحة طيبة‬
‫زائدة عىل ما يعهده‪ ،‬فعرف أهنا اجلنة‪.‬‬

‫وحيتم�ل أن يك�ون أطلق ذلك باعتبار ما عن�ده من اليقني‪ ،‬حت�ى كأن الغائب عنه صار‬
‫حمسوسا عنده)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬
‫أحد َ‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫نث�ل يل النّبي ﷺ كنانته)‪ (2‬يوم ٍ‬
‫اص قال‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫س�عد ِ‬
‫بن أيب و ّق ٍ‬ ‫ع�ن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫بأبوي‬ ‫سبيل؛ لفديتك‬ ‫ِ‬


‫الفداء ٌ‬ ‫ِ‬
‫الرتحيب أي‪ :‬لو كان يل إىل‬ ‫العرب عىل‬ ‫وهذه كلم ٌة تقوهلا‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عزيزان عندي‪.‬‬ ‫اللذين مها‬
‫أبويه يوم ٍ‬
‫أحد‪.‬‬ ‫أن النّبي ﷺ مجع له ِ‬ ‫ويف رواية مسلم عن ٍ‬
‫سعد َّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫املسلمني)‪َ .(4‬‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أحرق‬ ‫املرشكني قدْ‬
‫َ‬ ‫كان ٌ‬
‫رجل م ْن‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬

‫فانكشفت عورت ُه‪.‬‬


‫ْ‬ ‫َ‬
‫فسقط‪،‬‬ ‫فأصبت جنب ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نصل‪،‬‬ ‫فنزعت له بسه ٍم ليس ِ‬
‫فيه ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫نواجذه‪.‬‬ ‫نظرت إىل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حتّى‬ ‫َ‬
‫فضحك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النكشافه)‪.(5‬‬ ‫أي‪ :‬فرح ًا بقتله ّ‬
‫عدو ُه‪ ،‬ال‬ ‫َ‬
‫«فضحك» ْ‬
‫وعمر ب ُن أيب سلم َة‬ ‫جعلت أنا‬
‫ُ‬ ‫ِ )‪(6‬‬
‫كنت يو َم األحزاب‬ ‫بري ‪َ I‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫الز ِ‬
‫بن ّ‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫يف األطم ا ّلذي ِ‬
‫فيه النّسوة)‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬سبل اهلدى والرشاد يف سرية خري العباد [‪.[247 / 4‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬استخرج ما فيها من النبل‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]4055‬ومسلم [‪.[2412‬‬
‫فيهم نحو عمل النّار‪.‬‬ ‫َ‬
‫وعمل ْ‬ ‫فيهم‪،‬‬
‫أي‪ :‬أثخ َن ْ‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[185/15‬‬
‫ِ‬
‫باملدينة‪.‬‬ ‫املسلمني‬ ‫حارصت قريش وم ْن معها‬
‫ْ‬ ‫)‪ّ (6‬ملا‬
‫َ‬
‫)‪ (7‬األطم‪ :‬احلصن ومجع ُه آطام‪.‬‬
‫‪‬‬

‫مرة فينظر)‪.(1‬‬
‫مرة فأنظر‪ ،‬وأطأطئ ل ُه ّ‬ ‫َ‬
‫وكان يطأطئ يل ّ‬
‫مر ِ‬
‫تني ْأو ثالث ًا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بالز ِ‬
‫خيتلف إىل بني قريظ َة ّ‬
‫ُ‬ ‫فرسه‬ ‫بري عىل‬ ‫فنظرت‪ ،‬فإذا أنا ّ‬
‫ُ‬
‫ختتلف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رأيتك‬ ‫قلت‪ :‬يا ِ‬
‫أبت‬ ‫رجعت ُ‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫بني‪.‬‬ ‫قال‪ْ :‬‬
‫أوهل رأيتني يا َّ‬ ‫َ‬

‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫كان‬

‫)‪.(2‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ِ‬


‫أبويه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫مجع يل‬
‫رجعت َ‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫فانطلقت‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫وإلط�اف‪ ،‬وإع�الم بمح ّب ِته ل ُه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ه�و كال ٌم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«ليس في�ه حقيق ُة ف�داء‪ ،‬وإنّا َ‬
‫َ‬
‫ومنزلته‪.‬‬

‫الزبري‬ ‫الس� ِّن‪َّ ،‬‬


‫فإن ابن ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي�ه منقب�ة ِ‬
‫مفصلة يف هذا ّ‬
‫الزبري؛ جلودة ضبطه هلذه القض ّية ّ‬
‫البن ّ‬
‫الصحيح‪ ،‬فيكون ل ُه يف‬ ‫َ‬
‫وكان اخلندق س�نة أربع م َن اهلج�رة عىل ّ‬ ‫ول�دَ عام اهلجرة يف املدينة‪،‬‬
‫سنني)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫وقت ضبطه ِ‬
‫هلذه القض ّية دون أربع‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫غزوة مؤت َة زيدَ ب َن حارث َة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫عمر ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬أ ّم َر‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ٍ‬
‫طال�ب‪ ،‬فوجدنا ُه يف‬ ‫جعفر ب َن أيب‬ ‫ِ‬
‫الغزوة‪ ،‬فالتمس�نا‬ ‫فيهم يف َ‬
‫تل�ك‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫كنت ْ‬‫ق�ال عب�دُ اهلل‪ُ :‬‬
‫ٍ‬
‫ورمية)‪.(4‬‬ ‫ٍ‬
‫طعنة‬ ‫وتسعني م ْن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫جسده بضع ًا‬ ‫القتىل‪ ،‬ووجدنا ما يف‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ب�ن ٍ‬
‫أنس ِ‬‫وع� ْن ِ‬
‫خطب الن ُّ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫خيفض يل ظهره‪.‬‬
‫)‪ (1‬ومعنا ُه‪ُ :‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3720‬ومسلم [‪.[2416‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[184/15‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[4261‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬
‫وهو م ّي ٌت‪ ،‬حتّى‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ يق ّب ُل‬
‫َ‬ ‫وع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫عثان ب َن مظعون َ‬ ‫رأيت‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫تسيل عىل خدّ ِيه‪.‬‬ ‫موع ُ‬‫رأيت الدّ َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫تذرفان)‪.(2‬‬ ‫ويف رواية‪ :‬وعينا ُه‬
‫فأمر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وع�ن امل ّطل�ب بن عبد اهلل قال‪ّ :‬مل�ا َ‬
‫أخرج بجنازت�ه فدف َن‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫مظع�ون‬ ‫عثان ب ُن‬ ‫مات‬
‫ٍ‬
‫بحجر‪.‬‬ ‫أن يأتي ُه‬‫ال ْ‬
‫ّبي ﷺ رج ً‬ ‫الن ُّ‬
‫يستطع محل ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فلم‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ذراعيه‪.‬‬ ‫وحر ع ْن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فقا َم إليها‬
‫َ‬
‫ذراعي‬ ‫ِ‬
‫بياض‬ ‫أنظ�ر إىل‬ ‫كأين‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ّ :‬‬ ‫قال ا ّل�ذي خيرين َ‬
‫ذلك ع ْن‬ ‫ل�ب‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال امل ّط ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫رأسه‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ثم محلها‪ ،‬فوضعها عندَ‬ ‫ِ‬
‫حر عنها‪َّ ،‬‬
‫حني َ‬‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫اهلجرتني وش�هدَ بدر ًا‪،‬‬ ‫هاجر‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ من الرضاعة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هو أخو‬‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رأس‬ ‫َ‬
‫شعبان عىل‬ ‫ِ‬
‫باملدينة يف‬ ‫مات م َن املهاجري َن‬‫وهو ّأو ُل م ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫اخلمر يف اجلاهل ّية‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫حر َم‬
‫وكان ّ‬
‫فضالء الص ِ‬
‫حابة)‪.(4‬‬ ‫ِ‬ ‫وكان عابد ًا جمتهد ًا م ْن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة‪،‬‬ ‫ثالثني شهر ًا م َن‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫جائز‪.‬‬
‫عليه ٌ‬ ‫املوت والبكاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫تقبيل املسل ِم بعدَ‬ ‫واحلديث ُّ‬
‫يدل عىل َّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫خش�بة‪ ،‬قال أمح�د‪ :‬ال بأس أن يع ّلم‬ ‫ٍ‬
‫بحجر أو‬ ‫«وال بأس بتعليم القر‬
‫ر عالم ًة يعرفه هبا‪ ،‬وقد ع ّلم النبي ّﷺ ق َ‬
‫ر عثان بن مظعون»)‪.(5‬‬ ‫الرجل الق َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[1246‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]3163‬والرتمذي [‪ ،]989‬وابن ماجة [‪ ،]1456‬وصححه األلباين يف خمترص الشائل [‪.[280‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ]3206‬وحسنه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[155‬‬
‫)‪ (4‬تنظر ترمجته يف‪ :‬اإلصابة [‪.[461/4‬‬
‫)‪ (5‬املغني [‪.[191/2‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ،‬وكان‬ ‫ويس�تحب أن جيمع األقارب يف موضع‪ ،‬لقوله‪:‬‬


‫ُّ‬
‫عثان أخوه من الرضاعة‪ ،‬وأول من دفن إليه إبراهيم ابنه)‪.(1‬‬
‫﴿ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [آل عمران‪.[159 :‬‬ ‫ﷺ‬
‫اس�تغني عنها لكان النبي ﷺ‬
‫َ‬ ‫قال ابن بطال‪« :‬املش�اور ُة س�ن ٌة ال يستغني عنها أحدٌ ‪ ،‬ولو‬
‫ِ‬
‫الساء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بصواب الرأي من‬ ‫َ‬
‫جريل كان يأتيه‬ ‫أغنى الناس عنها؛ ألن‬
‫وأم�ا العزيمة والعمل فإىل اإلمام ال يرشكه فيه أحد؛ لقوله تعاىل‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫َ‬
‫فجعل العزيم َة إليه‪ ،‬وجعله مشارك ًا يف الرأي لغريه»)‪.(2‬‬ ‫ﭵ) [آل عمران‪،[159 :‬‬
‫قط أم�ر فاجتمع�وا فتش�اوروا ِ‬
‫فيه ّإال‬ ‫حزب قوم� ًا ُّ ٌ‬
‫َ‬ ‫وق�ال احلس�ن الب�رصي ‪« :V‬م�ا‬
‫ِ‬
‫ألصوبه»)‪.(3‬‬ ‫أرشدهم اهلل‬
‫ُ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫وعمر يف ٍ‬
‫نفر‪.‬‬ ‫بكر‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ معنا أبو ٍ‬ ‫قال‪ :‬كنّا قعود ًا َ‬
‫حول‬ ‫عن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫ُ‬
‫[أي‪ :‬يصاب‬
‫يقتطع دوننا ْ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫فأبطأ علينا‪ ،‬وخش�ينا ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن ِ‬
‫بني أظهرنا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقا َم‬
‫عدو]‪ ،‬وفزعنا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمكروه م ْن ٍّ‬

‫)‪ (1‬مرقاة املفاتيح [‪.[457/5‬‬


‫)‪ (2‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[334/5‬‬
‫)‪ (3‬روضة العقالء [‪ ]192/1‬البن حبان‪.‬‬
‫‪‬‬

‫فكنت ّأو َل م ْن َ‬
‫فزع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فقمنا‪،‬‬
‫فدرت ِبه ْ‬
‫هل‬ ‫ُ‬ ‫لألنصار لبن�ي الن ّّج ِ‬
‫ار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أتيت حائط ًا‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ حتّى ُ‬ ‫فخرج�ت أبتغي‬
‫ُ‬
‫أجدُ ل ُه باب ًا‪ْ ،‬‬
‫فلم أجدْ ‪.‬‬

‫حيتفز‬
‫فاحتفزت كا ُ‬ ‫ُ‬
‫اجلدول‪-‬‬ ‫بيع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حائط م ْن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬والر ُ‬
‫ّ‬ ‫خارجة‬ ‫بئر‬ ‫جوف‬ ‫يدخل يف‬ ‫ربيع‬
‫فإذا ٌ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فدخلت عىل‬
‫ُ‬ ‫ال ّث ُ‬
‫علب )‪،(1‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬
‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فكنت‬
‫ُ‬ ‫تقتطع دوننا‪ ،‬ففزعنا‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأبطأت علينا‪ ،‬فخش�ينا ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫فقمت‬
‫َ‬ ‫بني أظهرنا‪،‬‬
‫كنت َ‬
‫قلت‪َ :‬‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫ّاس ورائي‪.‬‬ ‫حيتفز ال ّث ُ‬
‫علب‪ ،‬وهؤالء الن ُ‬ ‫فاحتفزت كا ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫احلائط‪،‬‬ ‫فأتيت هذا‬
‫ُ‬ ‫ّأو َل م ْن َ‬
‫فزع‪،‬‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫عمر‪،‬‬ ‫فكان ّأو َل م ْن ُ‬
‫لقيت ُ‬ ‫َ‬ ‫)‪.(2‬‬
‫هاتان الن ِ‬
‫ّعالن يا أبا هريرةَ؟‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ما‬

‫أن ال إل َه ّإال اهلل مس�تيقن ًا‬


‫لقيت يش�هدُ ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بعثني هبا‪ ،‬م ْن ُ‬ ‫ِ‬
‫هاتان نعال‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫برشت ُه باجلن ِّة‪.‬‬
‫هبا قلب ُه ّ‬

‫ارجع يا أبا هريرةَ‪.‬‬ ‫فخررت الستي)‪َ .(3‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ثديي؛‬ ‫فرضب عمر ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫بني َّ‬
‫بيده َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأجهشت بكا ًء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فرجعت إىل‬
‫ُ‬

‫تضاممت؛ ليسعني املدخل‬


‫ُ‬ ‫)‪ (1‬أي‪:‬‬
‫نفوسهم ملا‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬ويكون أوقع يف‬ ‫لقي الن َّ‬ ‫َ‬
‫يعرفون هبا أ ّن ُه َ‬ ‫عندهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫لتكون عالمة ظاهرة معلومة‬ ‫)‪ (2‬إعطاؤ ُه الن ِ‬
‫ّعلني؛‬
‫كان خره مقبوالً م ْن غري هذا‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫خيرهم ِبه عن ُه ﷺ‪ ،‬وال ينكر كون مثل هذا يفيد تأكيد ًا‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ورضب بيده يف صدره ليكون أبلغَ‬
‫َ‬ ‫)‪ (3‬دف�ع عم�ر ‪ I‬ل ُه مل يقصد به س�قوطه وإيذاؤ ُه بل قصد ر ّد ُه ع ّا َ‬
‫هو علي�ه‪،‬‬
‫يف زجره‪.‬‬
‫‪‬‬

‫هو عىل أثري‪.‬‬


‫عمر )‪ ،(1‬فإذا َ‬
‫وركبني ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‬
‫خررت الس�تي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثديي رضب ًة‬
‫بني َّ‬
‫فرضب َ‬
‫َ‬ ‫عمر‪ ،‬فأخرت ُه با ّلذي بعثتني به‪،‬‬
‫لقيت َ‬
‫قل�ت‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫ارجع‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫أن ال إل َه ّإال‬
‫لقي يش�هدُ ْ‬ ‫َ‬
‫بنعليك م ْن َ‬ ‫أبعثت أبا هرير َة‬
‫َ‬ ‫أنت وأ ّمي‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل بأيب َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬
‫برش ُه باجلن ِّة‪.‬‬
‫اهلل مستيقن ًا هبا قلب ُه ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫يعملون‪.‬‬ ‫ّاس عليها‪ ،‬فخ ّل ْ‬
‫هم‬ ‫أن يت َ‬
‫ّكل الن ُ‬ ‫فإين أخشى ْ‬ ‫قال‪ :‬فال ْ‬
‫تفعل؛ ّ‬ ‫َ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫فأقر ﷺ عمر عىل قوله‪ ،‬وقبل اقرتاحه‪.‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليس فيا‬‫ّب�ي ﷺ اعرتاض ًا عليه ور ّد ًا ألم�ره‪ ،‬إ ْذ َ‬
‫«ولي�س فعل عم�ر ‪ I‬ومراجعته الن ّ‬ ‫َ‬
‫أصلح‬
‫َ‬ ‫أن كتم هذا‬‫وبرشاهم‪ ،‬فرأى عمر ‪َّ I‬‬ ‫ْ‬ ‫بع�ث ِبه أبا هري�رة غري تطييب قلوب األ ّمة‬‫َ‬
‫فلا عرض ُه عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلم وأحرى ْ‬
‫معجل هذه البرشى‪ّ .‬‬ ‫باخلري م ْن ّ‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬ ‫أن ال يتّكلوا‪ ،‬وأ ّن ُه أعود‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫صوب ُه فيه»)‪.(3‬‬
‫ّبي ﷺ ّ‬‫الن ّ‬

‫ِ‬
‫ويفيدهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وغريهم‪ ،‬يع ّل ْ‬
‫مه�م‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫املس�تفتني‪،‬‬
‫َ‬ ‫ولغريهم م َن‬
‫ْ‬ ‫ألصحابه‪،‬‬ ‫جلوس الع�امل‬
‫ويفتيهم‪.‬‬
‫ْ‬
‫أرشافه�م ْأو بعض‬
‫ْ‬ ‫بعضهم ذكر‬
‫ْ‬ ‫فاقترص عىل ذك�ر‬
‫َ‬ ‫أنّ� ُه إذا أرا َد ذك�ر مجاعة كث�رية‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أرشافهم‪َّ ،‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬تبعني ومشى خلفي يف احلال بال مهلة‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[31‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[238/1‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بحقوق رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وإكرامه‪،‬‬ ‫كانت الصحابة ‪ِ ‬‬
‫عليه م َن القيام‬ ‫ُ‬
‫بيان ما ْ ّ‬
‫والشفقة ِ‬
‫عليه‪ ،‬واالنزعاج البالغ ملا يطرق ُه ﷺ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ِ‬
‫بتحصيل مصاحله‪ ،‬ودفع املفاسد عن ُه‪.‬‬ ‫متبوعهم‪ ،‬واالعتناء‬ ‫ِ‬
‫بحقوق‬ ‫اهتا ُم األتباع‬
‫ْ‬
‫بذلك؛ ملو ّد ٍة بينها ْأو غري‬
‫علم رضاه َ‬
‫بغري إذنه إذا َ‬ ‫جواز دخول اإلنسان ملك غريه ِ‬
‫ذلك‪ ،‬ومل ينقل أ ّنه أنكر ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ عىل َ‬ ‫فإن أبا هريرة ‪َ I‬‬
‫ذلك؛ َّ‬
‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫وأقر ُه الن ّ‬
‫دخل احلائط‪ّ ،‬‬
‫بأدوات�ه‪ ،‬وأكل طعامه‪ ،‬واحلمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدخ�ول األرض ْبل جيوز ل ُه االنتفاع‬ ‫خمتص‬
‫وه�ذا غري ٍّ‬
‫ّرصف ا ّلذي يعلم أ ّن ُه ال ّ‬
‫يش�ق عىل‬ ‫م� ْن طعام�ه إىل بيته‪ ،‬وركوب دا ّبت�ه‪ ،‬ونحو َ‬
‫ذلك م� َن الت ّ‬
‫صاحبه‪.‬‬
‫أن اإليان املنجي من اخللود يف النّار ال بدّ ِ‬
‫فيه م ْن االعتقاد والنّطق‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ملصلحة ْأو خوف املفسدة‪.‬‬ ‫جواز إمساك بعض العلوم ا ّلتي ال حاجة إليها؛‬

‫إش�ارة بع�ض األتباع ع�ىل املتبوع با ي�را ُه مصلح�ة‪ ،‬وموافق�ة املتبوع ل� ُه إذا رآ ُه‬
‫ِ‬
‫بسببه‪.‬‬ ‫أمر ِبه‬
‫عا َ‬‫مصلحة‪ ،‬ورجوعه ّ‬
‫أنت وأ ّمي)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫لآلخر بأيب َ‬ ‫الرجل‬
‫جواز قول ّ‬
‫ﷺ‬

‫بلغ رسول اهلل ﷺ بدر ًا‪ ،‬ونزل هبا‪.‬‬

‫أرأيت هذا املنزل أنزلك�ه اهلل ليس لنا أن نقدمه‪،‬‬


‫َ‬ ‫احلب�اب بن املنذر‪ :‬يا رس�ول اهلل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فق�ال‬
‫وال ّ‬
‫نتأخر عنه أم هو الرأي واحلرب واملكيدة؟‬

‫‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬
‫بالناس حتى نأيت أدنى ٍ‬
‫ماء من القو ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بمنزل؛ فاهنض‬ ‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬فإن هذا ليس‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[238/1‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫القلب)‪ (1‬ثم نبني عليه حوض ًا‪ ،‬فنمل�ؤه ما ًء‪ ،‬ثم نقاتل القوم‪،‬‬ ‫تغو َر م�ا وراءه من‬
‫فننزل�ه‪ ،‬ثم ّ‬
‫فنرشب وال يرشبون‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫فقال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬


‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ومن معه من الناس‪ ،‬فس�ار حتى إذا أتى أدنى ٍ‬
‫ماء من القو ِم نزل‬ ‫ُ‬ ‫فنهض‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فملئ ما ًء‪ ،‬ثم قذفوا فيه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫القلب الذي نزل‬ ‫رت‪ ،‬وبني حوض� ًا عىل‬
‫فغو ْ‬ ‫ِ‬
‫بالقلب ّ‬ ‫علي�ه‪ ،‬ثم أمر‬
‫اآلنية)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬

‫قال «تن ّف َل رس�ول اهلل ﷺ س�يفه ذا الفقار يوم بدر‪َ ،‬‬


‫وهو‬ ‫فع ْن عبد اهلل بن ع ّباس ‪َ L‬‬
‫ِ‬
‫ا ّلذي رأى فيه ّ‬
‫الرؤيا يوم أحد‪.‬‬
‫رأي رس�ول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن يقيم‬ ‫املرشكون يوم أحد َ‬
‫كان ُ‬ ‫َ‬ ‫أن رس�ول اهلل ﷺ ّملا ج�اء ُه‬
‫وذل�ك َّ‬
‫َ‬
‫إليهم؛‬ ‫اخرج بنا يا رس�ول اهلل‬ ‫فيقاتلهم فيها‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه ناس مل ْ يكونوا ش�هدوا بدر ًا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫باملدينة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫أصاب أهل بدر‪.‬‬ ‫أن نصيب م َن الفضيلة ما‬ ‫نقاتلهم ٍ‬
‫بأحد‪ ،‬ونرجو ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫أقم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فلا لبس�ها ندموا‪ ،‬وقالوا‪ :‬يا رس�ول اهلل ْ‬
‫لبس ألمته‪ّ ،‬‬
‫برس�ول اهلل ﷺ حتّى َ‬ ‫فا زالوا‬
‫فال�رأي رأي�ك‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .‬احلديث)‪.(3‬‬

‫ذكر م ْن ش�أين ا ّلذي‬


‫قالت‪ّ :‬ملا َ‬
‫ويف حادث�ة اإلفك استش�ار أصحابه‪ :‬ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫هو أهل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َّيف خطيب ًا‪،‬‬ ‫علمت ِبه قا َم‬
‫فتش�هدَ فحمدَ اهلل وأثنى عليه با َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ذكر وما‬
‫َ‬
‫)‪(4‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬اآلبار‪.‬‬


‫)‪ (2‬السري النبوية [‪ ]167/3‬البن هشام‪ ،‬وإسناده ضعيف‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه احلاك�م [‪ ،]2588‬وصحح�ه ووافقه الذهبي‪ ،‬وع ّلقه البخاري يف كتاب االعتصام باب قوله تعاىل‪( :‬ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ)‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬اهتموها‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪...‬احلديث)‪.(1‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫واجلهد ما ال خيفى خصوص ًا‬ ‫حتمل الصحاب ُة الكرا ُم رضوان اهلل عليهم من املش� ّقة‬
‫فلقد ّ‬
‫ِ‬
‫العيش‪ ،‬فهذا مصعب ب ُن عم�ري ‪ I‬ترك الدنيا ك ّلها‪،‬‬ ‫ترف من‬‫قبل اإلس�ال ِم يف ٍ‬
‫م�ن كان َ‬
‫وترك أ ّمه وأهله‪ ،‬وهاجر إىل اهلل ورسوله ﷺ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طالب ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫عيل ب َن أيب‬
‫سمع َّ‬
‫َ‬ ‫القرظي حدّ ثني م ْن‬
‫ِّ‬ ‫بن ٍ‬
‫كعب‬ ‫حمم ِد ِ‬
‫فع ْن ّ‬
‫فأخذت إهاب ًا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ جائع ًا‪ ،‬وقد أوبقني)‪ (2‬الر ُد‪،‬‬ ‫شات من ِ‬
‫بيت‬ ‫خرجت يف يو ٍم ٍ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ّخل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بخوص الن ِ‬ ‫وش�ددت وس�طي‪ ،‬فحزمت ُه‬
‫ُ‬ ‫لت وس�ط ُه‪ ،‬فأدخلت ُه عنقي‪،‬‬ ‫معطوب ًا)‪ّ ،(3‬‬
‫فحو ُ‬
‫أستدفئ به‪.‬‬
‫ُ‬
‫لطعمت من ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ طعا ٌم؛‬ ‫كان يف ِ‬
‫بيت‬ ‫ولو َ‬
‫ُ‬ ‫وإين لشديدُ اجلوعِ‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫ألتمس شيئ ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فخرجت‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ببكرة ل ُه)‪.(4‬‬ ‫وهو يسقي‬ ‫بيهودي يف ٍ‬
‫مال ل ُه‪َ ،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫فمررت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلائط‪.‬‬ ‫عليه من ٍ‬
‫ثلمة يف‬ ‫لعت ِ‬
‫فا ّط ُ‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫بتمرة‪.‬‬ ‫كل ٍ‬
‫دلو‬ ‫لك يف ِّ‬ ‫يب‪ْ ،‬‬
‫هل َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ما َ‬
‫لك يا أعرا ُّ‬
‫َ‬
‫أدخل‪.‬‬ ‫الباب حتّى‬
‫َ‬ ‫فافتح‬
‫ْ‬ ‫نعم‪،‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫فدخلت‪ ،‬فأعطاين دلو ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ففتح‪،‬‬
‫َ‬
‫وقلت حسبي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أرسلت دلو ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫امتألت ك ّفي‬
‫ْ‬ ‫نزعت دلو ًا أعطاين ترةً‪ ،‬حتّى إذا‬
‫ُ‬ ‫فك ّلا‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]3180‬وأصله يف الصحيحني البخاري [‪ ،]4141‬ومسلم [‪.[2770‬‬


‫)‪ (2‬أهلكني‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫عر‪.‬‬ ‫هو اجللد املتمزّ ُق ّ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫هي خشب ٌة مستدير ٌة يف وسطها حمزٌّ يستسقى عليها املا ُء‪.‬‬
‫)‪َ (4‬‬
‫‪‬‬

‫فرشبت‪.‬‬ ‫فأكلتها‪ ،‬ثم جرعت من ِ‬


‫املاء‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫رسول اهلل ﷺ ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فوجدت‬
‫ُ‬ ‫جئت املسجدَ ‪،‬‬
‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫عمري ما ِ‬
‫عليه ّإال برد ٌة ل ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مصعب ب ُن‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ يف املس�جد إ ْذ َ‬
‫طلع‬ ‫مع‬
‫جللوس َ‬
‫ٌ‬ ‫وإنّا‬
‫مرقوع ٌة ٍ‬
‫بفرو)‪.(1‬‬
‫ّعمة‪ ،‬وا ّلذي هو اليوم ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫فيه من الن ِ‬
‫كان ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ بكى ل ّلذي َ‬
‫ُ‬ ‫فلا رآ ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫)‪(2‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫)‪ .(4‬قالوا‪ :‬يا‬ ‫)‪(3‬‬

‫ِ‬
‫للعبادة‪ ،‬ونكفى املؤن َة‪.‬‬ ‫نتفر ُغ‬ ‫ٍ‬
‫خري منّا اليو َم‪ّ ،‬‬
‫اهلل نح ُن يومئذ ٌ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫تلك العطايا‬‫رس�ول اهلل ﷺ ما أعط�ى م ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫اخلدري ‪َ I‬‬


‫قال‪ّ :‬ملا أعطى‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األنصار يف‬ ‫احل�ي م َن‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫األنصار منها يش ٌء وجدَ هذا‬ ‫ِ‬
‫العرب‪ ،‬ومل ْ يك� ْن يف‬ ‫ِ‬
‫وقبائ�ل‬ ‫ٍ‬
‫قري�ش‪،‬‬ ‫يف‬
‫فدخل ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قوم� ُه‪،‬‬ ‫لقي‬ ‫فيهم القال ُة حتّى َ‬
‫قائلهم َ‬
‫ْ‬ ‫قال‬ ‫كث�رت ُ‬ ‫ْ‬ ‫أنفس�هم حتّى‬
‫ْ‬
‫صنعت‬
‫َ‬ ‫أنفسهم؛ ملا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫عليك يف‬ ‫احلي قدْ وجدوا‬
‫إن هذا َّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‪َّ ،‬‬ ‫س�عدُ ب ُن عبادةَ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأعطيت عطايا عظام ًا يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفيء ا ّلذي‬
‫قبائل العرب‪ ،‬ومل ْ‬ ‫َ‬ ‫قومك‪،‬‬ ‫قس�مت يف‬
‫َ‬ ‫أصبت‬ ‫َ‬ ‫يف هذا‬
‫ِ‬
‫األنصار يش ٌء‪.‬‬ ‫احلي م َن‬
‫يك ْن يف هذا ِّ‬
‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫وهو م ْن ِ‬
‫كبار‬ ‫َ‬
‫واألموال بم ّك َة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وترك النّعم َة‬ ‫ّبي ﷺ‬‫هاجر إىل الن ِّ‬
‫َ‬ ‫قريش‬ ‫أي بجلد‪ ،‬ومصعب بن عمري‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫ٌّ‬
‫ِ‬
‫وكان يف اجلاهل ّية م ْن أنع ِم الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسلم‬
‫َ‬ ‫وألينهم لباس ًا‪ّ ،‬‬
‫فلا‬ ‫ْ‬ ‫ّاس عيش ًا‬ ‫َ‬ ‫وفضالئهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وكان م ْن أج ّلة ّ‬
‫الصحابة‬ ‫َ‬ ‫الص ّفة‪،‬‬
‫ّ‬
‫زهدَ يف الدّ نيا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منكم ّأو َل النّهار ح ّل ًة وآخر ُه أخرى م ْن غاية التّن ّع ِم‪.‬‬ ‫يلبس ٌّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫بحيث ُ‬ ‫أموالكم‬
‫ْ‬ ‫كثرت‬
‫ْ‬ ‫حالكم إذا‬
‫ْ‬ ‫يكون‬ ‫كيف‬
‫أي‪َ :‬‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مني‪.‬‬ ‫وهو كناي ٌة ع ْن كثرة أصناف األطعمة املوضوعة عىل األطباق َبني ْ‬
‫يدي املتن ّع َ‬ ‫)‪َ (3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ياب النّفيسة م ْن فرط التّن ّع ِم‪.‬‬ ‫)‪ (4‬واملعنى ز ّينتموها بال ّث ِ‬
‫ِ‬
‫اش�تغاله‬ ‫ِ‬
‫لكثرة‬ ‫كفاف؛‬ ‫مثل م� ْن ل ُه‬ ‫ِ‬
‫للعبادة ُ‬ ‫يتف�ر ُغ‬ ‫ُ‬ ‫ظننت�م؛ َّ‬
‫ٌ‬ ‫يش�تغل بدني�ا ُه‪ ،‬وال ّ‬ ‫الغني‬
‫َّ‬ ‫ألن‬ ‫ْ‬ ‫األم�ر ك�ا‬
‫ُ‬ ‫لي�س‬
‫أي‪َ :‬‬ ‫)‪ْ (5‬‬
‫بتحصيل املال‪ .‬واحلديث رواه الرتمذي [‪ ]2476] [2473‬وحسنه‪ ،‬وضعفه األلباين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫رسول اهلل ما أنا ّإال ٌ‬


‫امرؤ م ْن قومي‪ ،‬وما أنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫احلظرية‪.‬‬ ‫ّاس يف َ‬
‫تلك‬ ‫َ‬
‫فجمع الن َ‬
‫َ‬ ‫فخرج سعدٌ ‪،‬‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫هم‪.‬‬ ‫َ‬
‫آخرون‪ ،‬فر ّد ْ‬ ‫فرتكهم‪ ،‬فدخلوا‪ ،‬وجا َء‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫رجال م َن املهاجري َن‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فجا َء‬
‫ِ‬
‫األنصار‪.‬‬ ‫احلي م َن‬ ‫اجتمع َ‬ ‫فقال‪ِ :‬‬
‫فلا اجتمعوا أتا ُه سعدٌ ‪َ ،‬‬
‫لك هذا ُّ‬ ‫َ‬ ‫قد‬ ‫ّ‬
‫ثم َ‬ ‫هو ل ُه ٌ‬ ‫ِ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أهل‪َّ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فحمدَ اهلل وأثنى عليه با ّلذي َ‬
‫ُ‬ ‫فأتاهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأفضل‪.‬‬ ‫قالوا‪ِ :‬‬
‫بل اهلل ورسول ُه أم ُّن‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫والفضل؟‬ ‫ِ‬
‫ولرسوله امل ُّن‬ ‫هلل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬و ِ‬ ‫َ‬
‫نجيبك يا‬ ‫قالوا‪ :‬وباذا‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫برسول اهلل قس ًا وح ّظ ًا‪.‬‬ ‫حلاهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬رضينا‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فبكى القو ُم حتّى أخضلوا‬
‫ْ‬
‫‪‬‬

‫وتفرقنا)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫انرصف‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬

‫كل واحد منهم من صفات تيزه عن اآلخر‪ ،‬وهو القائل‪:‬‬ ‫ُ‬


‫يدرك ما يتمت ُّع به ُّ‬ ‫فكان‬

‫)‪.(2‬‬
‫العط�ف‪ ،‬والرمح ُة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أي‪ :‬أكثرهم رأف ًة أبو بكر؛ ألن ش�أنه‬
‫واستعال ِ‬
‫اللني مع الكبري والصغري‪.‬‬ ‫ُ‬

‫عمر بالقوة‬
‫ووصف ُ‬
‫َ‬ ‫أي‪ :‬أقواهم رصام ًة‪ ،‬وأصلبهم شكيم ًة‪،‬‬
‫الطريق الذي فيه عمر؛ كا قال النبي ﷺ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يسلك‬ ‫ُ‬
‫فالشيطان ال‬ ‫يف الدين‪،‬‬
‫«)‪.(3‬‬
‫َ‬
‫فكان يستحي حتى من حالئله ويف خلوته‪،‬‬ ‫من اهلل ومن ِ‬
‫اخللق‪،‬‬
‫ِ‬
‫الرمحن‪.‬‬ ‫ولشدّ ِة حيائه كانت تستحي منه مالئك ُة‬
‫ِ‬
‫بالقضاء‪.‬‬ ‫أي‪ :‬أعرفهم‬

‫أي‪ :‬أكثره�م عل� ًا بمس�ائل قس�مة املواريث‪ ،‬وه�و ُ‬


‫علم‬
‫الفرائض‪.‬‬
‫ِ‬
‫للقرآن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بقراءة القرآن‪ ،‬أو أنه أتقنهم‬ ‫أي‪ :‬أعلمهم‬
‫وأحفظهم له‪.‬‬
‫حيل وحيرم من األحكام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمعرفة ما ُّ‬ ‫أي‪:‬‬

‫َ‬
‫إسحاق‪ ،‬وقدْ‬ ‫حمم ِد ِ‬
‫بن‬ ‫غري ّ‬ ‫الص ِ‬
‫حيح َ‬ ‫ُ‬
‫رجال ّ‬
‫«ورجال الر ِ‬
‫واية األوىل ألمحدَ‬ ‫ُ ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]11322‬وقال اهليثمي‪:‬‬
‫بالساعِ»‪ .‬جممع الزوائد [‪ ،]30/10‬وحسنه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫رص َح ّ‬
‫ّ‬
‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3790‬وابن ماجه‪ ،‬وصححه األلباين يف السلسلة [‪.[1224‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6085‬ومسلم [‪ ]2397‬عن سعد بن أيب وقاص ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫أي‪ :‬يأتنونه‪ ،‬ويثقون به‪ ،‬وال خيافون غائلته‪ ،‬فهو‬


‫ِ‬
‫األمانة‪ ،‬وتباعد ًا عن مواقع اخليانة)‪.(1‬‬ ‫أشدّ هم حمافظ ًة عىل‬
‫فأش�عر ٍ‬
‫بقدر زائد فيها عىل‬ ‫ٍ‬
‫بفضيلة ووصف ُه هبا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫واحد م َن الكبار‬ ‫ّب�ي ﷺ َّ‬
‫كل‬
‫َ‬ ‫فخ�ص الن ُّ‬
‫َّ‬
‫لعيل‪ ،‬ونحو َ‬
‫ذلك)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫غريه‪ ،‬كاحلياء لعثان‪ ،‬والقضاء ٍّ‬
‫)‪(3‬‬
‫وق�ال ﷺ ع�ن أيب ذر ‪:I‬‬
‫‪.«S‬‬
‫أفتعرف َ‬
‫ذلك ل ُه؟‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫‪-‬كاحلاسد)‪ :-(4‬يا‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فقال ُ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫«)‪.(6‬‬ ‫وقال ﷺ‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫وق�د راع�ى صف َة الغ�رية يف عمر‪ :‬كا يف حدي�ث أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬


‫قال‪ :‬بين�ا نح ُن عندَ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ إ ْذ َ‬

‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل؟)‪.(7‬‬ ‫أغار يا‬ ‫َ‬
‫أعليك ُ‬ ‫عمر َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫فبكى ُ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فيض القدير [‪.[588 ،589/1‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[44/11‬‬
‫األرض‬
‫ُ‬ ‫أي‬
‫األخرض عىل كل لون ليس بأبيض وال أمحر‪ ،‬والغرا ُء‪ْ :‬‬
‫َ‬ ‫تطلق‬
‫السا ُء‪ ،‬والعرب ُ‬‫)‪ (3‬اخلرضا ُء‪ّ :‬‬
‫طريقة الغبطة‪ِ.‬‬
‫ِ‬ ‫أي‪ :‬عىل‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ]3802‬عن أيب ذر ‪ ،I‬وحسنه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه ابن أيب شيبة [‪ ]32933‬عن أيب هريرة ‪ ،I‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[6292‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]3242‬ومسلم [‪.[2395‬‬
‫‪‬‬

‫الصحبة‪.‬‬ ‫ما َ ِ‬
‫ّبي ﷺ م ْن مراعاة ّ‬
‫كان عليه الن ّ‬
‫فضيلة ظاهرة لعمر‪.‬‬
‫احلكم ِّ‬
‫لكل رجل با يعلم م ْن خلقه)‪.(1‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مضطجع ًا يف بيتي‪،‬‬ ‫‪ ،‬كا قالت عائش َة ‪َ :J‬‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫ساقيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فخذيه‪ْ ،‬أو‬ ‫كاشف ًا ع ْن‬
‫ث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلال‪ ،‬فتحدّ َ‬ ‫وهو عىل َ‬
‫تلك‬ ‫بكر‪َ ،‬‬
‫فأذن ل ُه َ‬ ‫فاستأذن أبو ٍ‬
‫َ‬
‫كذلك‪ ،‬فتحدّ َ‬
‫ث‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وهو‬ ‫عمر‪َ ،‬‬
‫فأذن ل ُه َ‬ ‫َ‬
‫استأذن ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ث‪.‬‬ ‫َ‬
‫فدخل‪ ،‬فتحدّ َ‬ ‫وسوى ثياب ُه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫فجلس‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عثان‪،‬‬ ‫َ‬
‫استأذن‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫فلم َّ‬
‫هتتش‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫فلم َّ‬ ‫دخل أبو ٍ‬
‫قالت عائش ُة‪َ :‬‬
‫عمر‪ْ ،‬‬
‫دخل ُ‬ ‫هتتش ل ُه‪ ،‬ومل ْ تباله‪َّ ،‬‬ ‫بكر‪ْ ،‬‬ ‫خرج ْ‬ ‫فلا َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ثيابك؟!‬ ‫يت‬
‫وسو َ‬ ‫ُ‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫فجلست‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫عثان‪،‬‬ ‫دخل‬ ‫ل ُه‪ ،‬ومل ْ تباله‪َّ ،‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫وأن احليا َء صف� ٌة مجيل ٌة م ْن صفات‬
‫فضيل� ٌة ظاهر ٌة لعث�ان‪ ،‬وجاللته عند املالئك�ة‪َّ ،‬‬
‫املالئكة»)‪.(3‬‬

‫ُ‬
‫وعثان‪،‬‬ ‫وعمر‬ ‫ّبي ﷺ صعدَ أحد ًا وأبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َّ ،I‬‬
‫ُ‬ ‫أن الن َّ‬ ‫أنس ب َن‬
‫ك�ا يف حديث َ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫هبم‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فرجف ْ‬
‫َ‬

‫أي‪ :‬عمر وعثان ‪،L‬‬ ‫ِ‬


‫وهو أبو بكر ‪ ،I‬وشهيدان‪ْ :‬‬
‫نبي‪ ،‬وصدّ ٌيق َ‬
‫واملعنى‪ :‬عليك ٌّ‬
‫وحترك أحد َ‬
‫كان م َن املباهاة)‪.(5‬‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪ ،]45/7‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[544/9‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2401‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي [‪.[141/8‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[3675‬‬
‫)‪ (5‬عون املعبود [‪.[168/10‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فقلت‪ :‬أللزم َّن‬
‫خرج‪ُ ،‬‬ ‫توض َأ يف بيته َّ‬
‫ثم َ‬ ‫األشعري ‪ I‬أ ّن ُه ّ‬
‫ُّ‬ ‫عن أيب موسى‬
‫وألكون َّن مع ُه يومي هذا‪.‬‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫فجا َء املسجدَ ‪َ ،‬‬


‫فسأل ع ْن الن ِّ‬
‫ووج َه ها هنا‪.‬‬
‫خرج‪ّ ،‬‬
‫فقالوا‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫الباب‪ ،‬وباهبا م ْن‬ ‫فجلس�ت عندَ‬ ‫ٍ‬
‫أريس)‪،(1‬‬ ‫بئر‬ ‫أس�أل عن ُه‪ ،‬حتّى َ‬
‫ُ‬ ‫فخرجت عىل ِ‬
‫ُ‬ ‫دخل َ‬ ‫إثره‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حاجت ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫جريد‪ ،‬حتّى قىض‬

‫فتوض َأ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ساقيه‪ ،‬ودالّمها‬ ‫وكشف ع ْن‬ ‫وتوس َط ق ّفها)‪،(2‬‬ ‫ٍ‬
‫أريس‬ ‫جالس عىل ِ‬
‫بئر‬ ‫هو‬ ‫ُ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫فقمت إليه‪ ،‬فإذا َ‬
‫يف ِ‬
‫البئر‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فس ّل ُ‬
‫فقلت‪ :‬ألكون َّن ّبو َ‬
‫ُ‬ ‫الباب‪،‬‬ ‫فجلست عندَ‬
‫ُ‬ ‫انرصفت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫مت عليه‪َّ ،‬‬
‫اليو َم‪.‬‬

‫فقلت‪ :‬م ْن هذا؟‬


‫ُ‬ ‫الباب‪،‬‬
‫َ‬ ‫فدفع‬
‫َ‬ ‫فجا َء أبو ٍ‬
‫بكر‬
‫فقال‪ :‬أبو ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رسلك‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬عىل‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫يستأذن‪.‬‬ ‫رسول اهلل‪ :‬هذا أبو ٍ‬
‫بكر‬ ‫َ‬ ‫فقلت يا‬
‫ُ‬ ‫ذهبت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫يبرش َك باجلن ِّة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫ادخل‪،‬‬ ‫قلت أليب ٍ‬
‫بكر‪ْ :‬‬ ‫فأقبلت حتّى ُ‬
‫ُ‬
‫فحمدَ اهللَ‪.‬‬

‫ّبي ﷺ م ْن إصبع عثان ‪.I‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫سقط خاتم الن ّ‬ ‫بالقرب م ْن قباء‪ ،‬ويف بئرها‬ ‫وهو‬
‫)‪ (1‬بستان باملدينة معروف‪َ ،‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬حا ّفة البئر‪.‬‬
‫‪‬‬

‫البئر كا‬ ‫ِ‬


‫رجليه يف ِ‬ ‫القف‪ّ ،‬‬
‫ودىل‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ مع ُه يف‬ ‫فجلس ع ْن ِ‬
‫يمني‬ ‫فدخل أبو ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ساقيه‪.‬‬ ‫وكشف ع ْن‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫َ‬ ‫صنع الن ُّ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بفالن خري ًا‬ ‫إن ِ‬
‫يرد اهلل‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫يتوض ُأ‪ ،‬ويلحقني‪،‬‬
‫تركت أخي ّ‬ ‫ُ‬ ‫فجلست وقدْ‬
‫ُ‬ ‫رجعت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫يأت به‪ِ.‬‬
‫يريدُ أخاه ِ‬
‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬م ْن هذا؟‬
‫ُ‬ ‫الباب‪،‬‬
‫َ‬ ‫حير ُك‬ ‫ٌ‬
‫إنسان ّ‬ ‫فإذا‬
‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ُ :‬‬
‫َ‬
‫رسلك‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬عىل‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫يستأذن‪.‬‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫اب‬ ‫مت ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فس ّل ُ‬
‫فقلت‪ :‬هذا ُ‬
‫ُ‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫جئت إىل‬
‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫رسول اهلل ﷺ باجلن ِّة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وبرش َك‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ادخل‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فجئت‬
‫ُ‬
‫فحمدَ اهللَ‪.‬‬
‫البئر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رجليه يف ِ‬ ‫ِ‬
‫يساره‪ّ ،‬‬
‫ودىل‬ ‫القف ع ْن‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫مع‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫فجلس َ‬
‫َ‬ ‫فدخل‪،‬‬
‫يأت ِبه‪.‬‬
‫بفالن خري ًا ِ‬
‫ٍ‬ ‫إن ِ‬
‫يرد اهلل‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫فجلست‬
‫ُ‬ ‫رجعت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫الباب‪.‬‬
‫َ‬ ‫حير ُك‬ ‫ٌ‬
‫إنسان ّ‬ ‫فجا َء‬
‫فقلت‪ :‬م ْن هذا؟‬
‫ُ‬
‫عثان ب ُن ع ّف َ‬
‫ان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ فأخرت ُه‪.‬‬ ‫فجئت إىل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسلك‪،‬‬ ‫فقلت‪ :‬عىل‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫تصيبك‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ باجلن ِّة عىل بلوى‬
‫ُ‬ ‫وبرش َك‬ ‫فقلت‪ :‬ل ُه ْ‬
‫ادخل‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فجئت ُه‬

‫أصاب عثان يف آخر خالفته م َن ّ‬


‫الشهادة يوم الدّ ار‪ ،‬وقدْ ور َد عن ُه ﷺ أرصح‬ ‫َ‬ ‫أشار ﷺ بالبلوى املذكورة إىل ما‬
‫)‪َ (1‬‬
‫ٍ‬
‫يومئذ‬ ‫فمر رجل َ‬
‫فقال‪ :‬يقتل فيها هذا‬ ‫م ْن هذا فروى أمحد [‪ ]5917‬ع ْن ابن عمر َ‬
‫ذكر رسول اهلل ﷺ فتنة‪َّ ،‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫هو عثان‪ .‬وإسناده صحيح؛ كا احلافظ يف الفتح [‪.[38/7‬‬ ‫قال فنظرت فإذا َ‬‫ظل ًا‪َ ،‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫املستعان‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬اهلل‬ ‫فحمدَ اهلل‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫فجلس وجاه ُه م َن ّ‬
‫الش ِّق‬ ‫َ‬ ‫ملئ‪،‬‬
‫القف قدْ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫فدخل‪ ،‬فوجدَ‬
‫قبورهم)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫فأولتها‬
‫ب‪ّ :‬‬‫قال سعيدُ ب ُن املس ّي ِ‬
‫َ‬

‫جواز ال ّثناء عىل اإلنسان يف وجهه إذا أمنت ِ‬


‫عليه فتنة اإلعجاب ونحوه‪.‬‬
‫فضيلة أيب بكر وعمر وعثان‪ ،‬وأهنم من أهل اجلنة‪ ،‬وفضيلة أليب موسى‪.‬‬
‫استحباب قول‪« :‬اهلل املستعان» يف مثل حال عثان‪.‬‬
‫يس�تمر َ‬
‫ون‬ ‫ّ‬ ‫بقص ِة عثان وبالبلوى‪َّ ،‬‬
‫وأن ال ّثالثة‬ ‫ِ‬
‫ّبي ﷺ إلخباره ّ‬
‫معجز ٌة ظاه�ر ٌة للن ِّ‬
‫عىل اإليان واهلدى)‪.(2‬‬

‫برش عدد ًا منهم باجلنة‪ّ ،‬‬


‫ورصح بأس�ائهم يف حديث واحد‪ ،‬عرف بحديث العرشة‬ ‫وق�د ّ‬
‫املبرشي�ن باجلنّ�ة‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬

‫)‪.(4‬‬ ‫وقال ﷺ‪:‬‬

‫)‪.(5‬‬ ‫وقال ﷺ‪:‬‬

‫بالنص كثريون‪ ،‬وليس املقا ُم مقا َم حرصهم‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫واملبرشون باجلنة‬
‫ّ‬

‫عنهم يف البقيع‪ .‬واحلديث رواه البخاري‬


‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ يف الدّ فن‪ ،‬وانفراد عثان‬
‫مع الن ّ‬ ‫الص ِ‬
‫احبني َ‬ ‫)‪ (1‬واملراد اجتاع ّ‬
‫]‪ ،]3674‬ومسلم [‪.[2403‬‬
‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[170/15‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ]4649‬الرتمذي [‪ ،]3748‬وابن ماجة [‪ ]134‬عن سعيد بن زيد ‪ ،I‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح اجلامع [‪.[4010‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ]3768‬عن أيب سعيد اخلدري ‪ ،I‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫عبد اهلل ‪.L‬‬ ‫بن ِ‬ ‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3679‬ومسلم [‪ ]2457‬ع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع اخلدم واالإماء‬

‫رأفة‬ ‫ِ‬
‫واإلماء‪ ،‬من ٍ‬ ‫ِ‬
‫حس�ن التعامل مع اخلد ِم‪ ،‬واملوايل‪،‬‬ ‫النبي ﷺ أروع األمثال يف‬
‫رضب ُّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫هبم ورمحة‪ ،‬وإنصاف هلم؛ تصديقا ملا كان عليه من اخللق الكريم‪ ،‬وح ّث ًا لألمة عىل ذلك‪.‬‬

‫تعامله مع اخلدم والعبيد‪:‬‬


‫ِ‬
‫ألخيه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الشفوق لولده‪ ،‬واألخِ الرحي ِم‬ ‫ِ‬
‫الوالد‬ ‫كانت معامل ُة رسولنا ﷺ ملن خيدمه معامل َة‬
‫لقد ْ‬
‫يفضله عىل والديه وعشريته‪.‬‬ ‫جعل زيدَ ب َن حارث َة ‪ّ I‬‬ ‫ومتطوعٍ‪ ،‬مما َ‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫وأجري‬ ‫ال يم ّي ُز بني ٍ‬
‫رقيق‬

‫زارت قومها وزيدٌ معها‪ ،‬فأغارت‬


‫ْ‬ ‫الس ِري أن سعدى ُ‬
‫بنت ثعلب َة أم زيد بن حارثة‬ ‫ذكر ُ‬
‫أهل ّ‬
‫ٍ‬
‫عكاظ‪ ،‬فعرضوه‬ ‫َ‬
‫س�وق‬ ‫معن‪ ،‬فاحتملوا زي�د ًا وهو غال ٌم‪ ،‬فأتوا به يف‬ ‫ِ‬
‫أبي�ات بني ٍ‬ ‫ٌ‬
‫خي�ل عىل‬
‫حكيم ب ُن حزا ٍم لعمته خدجية بأربعائة درهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫للبيعِ‪ ،‬فاشرتا ُه‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ؛ وهبت ُه له‪.‬‬ ‫تزوجها‬
‫فلا ّ‬
‫وكان أبوه حارث ُة ب ُن رشاحيل حني فقده قال‪:‬‬

‫ناس من ٍ‬
‫كلب‪ ،‬فرأوا زيد ًا‪ ،‬فعرفهم وعرفوه‪ ،‬فقال‪ :‬أبلغوا أهيل هذه األبيات‪:‬‬ ‫فحج ٌ‬
‫َّ‬

‫وكعب أخوه بفدائه‪ ،‬فقدما‬


‫ٌ‬ ‫فخرج حارث ُة‬
‫َ‬ ‫فانطلق�وا‪ ،‬فأعلموا أباه‪ ،‬ووصفوا له موضع ًا‪،‬‬
‫ِ‬
‫املسجد‪ ،‬فدخال عليه‪.‬‬ ‫مك َة‪ ،‬فسأال عن ِّ‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬فقيل‪ :‬هو يف‬
‫‪‬‬

‫العاين‪،‬‬ ‫ج�ريان اهللِ‪ ،‬وتفك َ‬


‫ّ�ون‬ ‫ُ‬ ‫أنت�م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فق�اال ل�ه‪ :‬ي�ا ابن ِ‬
‫عب�د امل ّط ِ‬
‫َ‬ ‫لب‪ ،‬ي�ا اب َن س� ّيد قومه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫فدائه‪.‬‬ ‫جئناكم يف ابننا عبدك؛ لتحس َن إلينا يف‬ ‫اجلائع‪ ،‬وقدْ‬ ‫َ‬
‫وتطعمون‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫هو؟‬
‫فقاال‪ :‬وما َ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫فقاال له‪ :‬قدْ زدت عىل الن ِ‬
‫ّصف‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫فلا جا َء َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫فدعا ُه‬
‫َ‬
‫رشاحيل‪.‬‬ ‫كعب ب ُن‬
‫عمي‪ُ :‬‬ ‫َ‬
‫رشاحيل وهذا ّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬هذا أيب حارث ُة ب ُن‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فقال‪ْ :‬بل ُ‬
‫أقيم معك‪.‬‬ ‫َ‬

‫احلر ّي ِة وعىل أبيك وأ ّمك وبلدك وقومك؟‬


‫أختتار العبود ّي َة عىل ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه أبو ُه‪ :‬يا زيدُ‬
‫الر ِ‬
‫جل شيئ ًا‪ ،‬وما أنا با ّلذي أفارق ُه أبد ًا‪.‬‬ ‫رأيت م ْن هذا ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ّ :‬إين قدْ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪َ ،‬‬ ‫بيده وقا َم ِبه إىل ِ‬
‫املإل م ْن‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ِ‬
‫ُ‬ ‫ذلك َ‬
‫أخذ‬ ‫فعندَ َ‬
‫‪.‬‬
‫حمم ٍد حتّى َ‬
‫أنزل اهلل تعاىل‪( :‬ﮗ‬ ‫بن ّ‬‫وكان يدعى‪ :‬زيدَ ِ‬
‫َ‬ ‫فطابت نفس ِ‬
‫أبيه عندَ َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ْ ُ‬
‫ﮘ) [األحزاب‪.(1)[5 :‬‬

‫ٍ‬
‫مكان يريده؛ ليقيض له حاجته‪:‬‬ ‫أي‬
‫يأنف من امليش مع خادمه‪ ،‬أو أمته إىل ٍّ‬
‫كان ﷺ ال ُ‬

‫)‪ (1‬الطبقات الكرى البن سعد ]‪ ،]42 / 3‬اإلصابة يف معرفة الصحابة [‪ ،]392/1‬األخبار املوفقيات [ص ‪.[188‬‬
‫‪‬‬

‫لتأخ�ذ ِ‬
‫بيد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املدين�ة؛‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫إم�اء ِ‬ ‫ِ‬
‫كان�ت األم ُة م� ْن‬ ‫ق�ال‪ْ :‬‬
‫«إن‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َ I‬‬ ‫ع�ن أن�س بن‬
‫شاءت»)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫فتنطلق ِبه ُ‬
‫حيث‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فتأخذ ِ‬
‫بيد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬لتجي ُء‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫والئد ِ‬ ‫ِ‬
‫كانت الوليد ُة م ْن‬ ‫ويف رواية‪ْ :‬‬
‫«إن‬
‫شاءت»)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫تذهب ِبه ُ‬
‫حيث‬ ‫َ‬ ‫ينزع يد ُه م ْن يدها حتّى‬
‫فال ُ‬
‫أي‪ :‬اجلاري ُة‪.‬‬
‫(الوليدةُ) ْ‬
‫كانت حاجتها‬
‫ّرصف حتّى ْلو ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ق�ال ابن حجر‪« :‬والتّعبري باألخذ باليد إش�ارة إىل غاية الت ّ‬
‫ذل�ك‪ ،‬وه�ذا ٌّ‬
‫دال عىل مزيد‬ ‫تل�ك احلاجة عىل َ‬
‫والتمس�ت من ُه مس�اعدهتا يف َ‬
‫ْ‬ ‫خ�ارج املدين�ة‬
‫تواضعه وبراءته م ْن مجيع أنواع الكر ﷺ»)‪.(3‬‬
‫فائدة‪ :‬كيف جيمع بني هذا احلديث وبني كونه ﷺ مل يمس يد امرأة؟‬
‫أجاب العلاء بأجوبة‪:‬‬
‫الرفق‪ ،‬واالنقياد‪ .‬قاله احلافظ ابن حجر)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫‪ .1‬أن املقصود م َن األخذ باليد‪ :‬الزم ُه‪َ ،‬‬
‫وهو ّ‬
‫حتتجب اجلاري ُة‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫حكم املرأة‪ ،‬فاجلاري ُة‪ُ ،‬‬
‫تباع وتش�رتى؛ وهل�ذا ال‬ ‫ُ‬ ‫‪ .2‬أن اجلاري� َة لي�س هلا‬
‫ِ‬
‫األجانب‪.‬‬ ‫حتى من‬
‫ُ‬
‫حيتمل أهنا جاري ٌة صغريةٌ‪ ،‬أي‪ :‬طفلة‪ ،‬أي‪ :‬أهنا دون البلوغ)‪.(5‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ورواية أمحد ُّ‬
‫تدل عىل هذا الوجه الثالث‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫ع�ن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]11530‬وعلقه البخاري [‪.[6072‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]12369‬وابن ماجة [‪ ،]4177‬وصححه األلباين يف خمترص الشائل [‪.[285‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[490/10‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[490/10‬‬
‫)‪ (5‬قاهلا الشيخ عبد العزيز الراجحي‪ .‬إسالم ويب‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]5460‬ومسلم [‪.[1663‬‬
‫‪‬‬

‫ولف�ظ مس�لم‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫أي‪ :‬عند ال ّطبخ‪.‬‬


‫ْ‬
‫أي‪ :‬عند حتصيل آالته‪ ،‬وقبل وضع القدر عىل النّار‪.‬‬
‫ْ‬
‫احلث عىل مكارم األخالق‪ ،‬واملواس�اة يف ال ّطعام‪ ،‬ال‬
‫ق�ال النووي‪« :‬ويف ه�ذا احلديث‪ُّ :‬‬
‫وشم رائحته»)‪.(2‬‬ ‫حق من صنعه أو محله؛ أل ّنه ويل حره ودخانه‪ ،‬وتع ّل ْ ِ‬
‫قت به نفسه‪َّ ،‬‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫س ّيا يف ِّ ْ‬

‫ِ‬
‫غالمه ح ّل ٌة‪ ،‬فسألت ُه‬ ‫ِ‬
‫وعليه ح ّل ٌة‪ ،‬وعىل‬ ‫لقيت أبا ذر بالر ِ‬
‫بذة )‪،(3‬‬ ‫ٍ‬
‫سويد َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫املعرور ِ‬ ‫ِ‬
‫عن‬
‫ٍّ ّ‬
‫ِ )‪(4‬‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬
‫فعريت ُه بأ ّمه‪.‬‬
‫ساببت رجالً‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فقال‪ّ :‬إين‬ ‫ع ْن َ‬
‫)‪(5‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل الن ُّ‬

‫)‪.(6‬‬

‫أي‪:‬‬ ‫يتخو َ‬
‫ل�ون األمور ْ‬ ‫�م ّ‬
‫ألهن ْ‬ ‫س�موا َ‬
‫بذلك؛ ّ‬ ‫ه�م اخلدم‪ّ ،‬‬
‫اخل�ول‪ُ :‬‬
‫يصلحوهنا‪.‬‬

‫باألخو ِة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خولكم إشارة إىل االهتام‬
‫ْ‬ ‫إخوانكم عىل‬
‫ْ‬ ‫ويف تقديم لفظ‬

‫يأكل)‪.(7‬‬ ‫ِ‬
‫جنس ما ُ‬ ‫أي‪ :‬م ْن‬
‫ْ‬
‫من اجتمع ِ‬
‫عليه ً‬
‫قليال‬ ‫قليال بالن ِ‬
‫ّسبة إىل ِ‬ ‫أي‪ً :‬‬
‫َ‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[135/11‬‬
‫)‪ (3‬من قرى املدينة عىل ثالثة أيام قريبة من ذات عرق عىل طريق احلجاز‪ .‬معجم البلدان [‪.[24/3‬‬
‫وكانت أ ّمه أعجم ّية فنلت منها« ويف رواية للبيهقي يف شعب اإليان [‪:[4772‬‬
‫ْ‬ ‫)‪ (4‬يف رواية للبخاري [‪:[6050‬‬
‫هو بالل‪.‬‬
‫الرجل املذكور َ‬ ‫إن ّ‬ ‫السوداء« َ‬
‫وقيل‪َّ :‬‬ ‫قلت ل ُه يا ابن ّ‬
‫أخالقهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أي‪ :‬هذا التّعبري م ْن أخالق اجلاهل ّية‪ ،‬ففيك خلق م ْن‬
‫)‪ْ (5‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]30‬ومسلم [‪.[1661‬‬
‫)‪ (7‬فتح الباري [‪.[174/5‬‬
‫‪‬‬

‫ٌ‬
‫حمم�ول عىل‬ ‫وإلباس�هم ممّا يلبس‬
‫ْ‬ ‫الس� ّيد‪،‬‬
‫بإطعامه�م ممّا ي�أكل ّ‬
‫ْ‬ ‫ق�ال الن�ووي‪« :‬واألم�ر‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫االستحباب ال عىل اإلجياب‪ ،‬وهذا بإمجا ِع‬

‫الس� ّيد‬
‫باملس�تحب‪ ،‬وإنّا جيب عىل ّ‬
‫ِّ‬ ‫ذر يف كس�وة غالمه مثل كس�وته ٌ‬
‫فعمل‬ ‫وأ ّما فعل أيب ّ‬
‫كان م ْن جنس نفقة‬ ‫ِ‬
‫بحس�ب البلدان واألشخاص‪ ،‬س�واء َ‬ ‫ِ‬
‫باملعروف‬ ‫نفقة اململوك وكس�وته‬
‫الس ّيد ولباسه‪ْ ،‬أو دونه‪ْ ،‬أو فوقه‪.‬‬
‫ّ‬
‫شح ًا‪ ،‬ال ّ‬
‫حيل‬ ‫الس� ّيد عىل نفس�ه تقتري ًا خارج ًا ع ْن عادة أمثاله إ ّما زهد ًا‪ ،‬وإ ّما ّ‬
‫قرت ّ‬
‫حتّى ْلو ّ َ‬
‫ل ُه التّقتري عىل اململوك‪ ،‬وإلزامه وموافقته ّإال برضا ُه»)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫لعظمه ْأو صعوبته‪.‬‬ ‫َ‬
‫يعجزون عن ُه‬ ‫أي‪ :‬با‬
‫ْ‬
‫فإن َ‬
‫كان يس�تطيع ُه وحده‬ ‫ف العبد جنس ما يقدر ِ‬
‫عليه‪ْ ،‬‬ ‫أن يك ّل َ‬
‫املراد‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بغريه)‪.(2‬‬ ‫ّ‬
‫وإال فليعن ُه‬

‫ولدهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وتعيريهم بم ْن‬
‫ْ‬ ‫الرقيق‪،‬‬‫سب ّ‬‫النّهي ع ْن ِّ‬
‫أخالق اجلاهل ّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اآلباء واألم ِ‬
‫هات‪ ،‬وأنه من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتنقيص‬ ‫ِ‬
‫التعيري‬ ‫النهي عن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أخالق اجلاهل ّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يكون فيه يش ٌء من‬‫َ‬ ‫أ ّن ُه ينبغي للمسل ِم أن ال‬
‫بالر ِ‬
‫قيق م ْن يف‬ ‫هب�م‪ ،‬ويلتح�ق ّ‬
‫والرفق ْ‬ ‫ُّ‬
‫احل�ث عىل اإلحس�ان إىل الرقيق واخل�د ِم‪ّ ،‬‬
‫معناهم م ْن ٍ‬
‫أجري وغريه‪.‬‬ ‫ْ‬
‫الرت ّفع عىل املسلم‪ ،‬واالحتقار ل ُه‪.‬‬
‫عد ُم ّ‬
‫ِ‬
‫املنكر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والنهي عن‬ ‫ِ‬
‫باملعروف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫املحافظ ُة عىل‬
‫الرقيق)‪.(3‬‬
‫إطالق األخ عىل ّ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[133/11‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[175/5‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]175/5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[133/11‬‬
‫‪‬‬

‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أنّ� ُه َ‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪ I‬ع ْن‬
‫)‪.(1‬‬

‫كان‬ ‫أن يك ّلف� ُه م َن العمل ما ال يطيق ُه‪ْ ،‬‬


‫فإن َ‬ ‫ق�ال الن�ووي‪« :‬وأمجع العلاء عىل أ ّن ُه ال جيوز ْ‬
‫ِ‬
‫بغريه«)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫بنفسه ْأو‬ ‫َ‬
‫ذلك لزم ُه إعانته‬

‫وإذا مرض أحدُ خدمه عاده يف مرضه ولو مل يكن مسل ًا‪:‬‬

‫ّبي ﷺ يعود ُه‪،‬‬


‫فمرض‪ ،‬فأتا ُه الن ُّ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫هي�ودي خيد ُم الن َّ‬
‫ٌّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان غال ٌم‬ ‫أنس ‪َ I‬‬ ‫ع� ْن ٍ‬
‫‪.‬‬ ‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رأسه‪َ ،‬‬ ‫فقعدَ عندَ‬

‫فأسلم‪.‬‬ ‫أطع أبا القاس ِم ﷺ‪،‬‬ ‫وهو عند ُه َ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫فقال‪ :‬ل ُه ْ‬ ‫فنظر إىل أبيه َ‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫وهو ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فخرج الن ُّ‬
‫َ‬
‫فكان حريص ًا عىل زيارة خادمه ودعوته واألخذ بيده إىل اخلري‪.‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫تقم املس�جدَ )‪ ،(4‬ففقدها‬
‫كانت ُّ‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َّ I‬‬
‫أن امرأ ًة س�ودا َء ْ‬
‫َ‬
‫فسأل عنها‪.‬‬

‫فقالوا‪ :‬ماتت‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فكأهن ْم ص ّغروا أمرها‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪ّ :‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1662‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[133/11‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[1356‬‬
‫أي‪ :‬تكنس ُه‪.‬‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪D‬‬ ‫ثم َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫فص�ىل عليه�ا‪َّ ،‬‬ ‫فد ّل�و ُه‪،‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫ثم‬ ‫ِ‬
‫ّاس خلف ُه‪ ،‬ودعا هلا‪َّ ،‬‬
‫فكر عليها‪ ،‬والن ُ‬
‫فوقف عىل قرها ّ َ‬
‫َ‬ ‫بأصحابه‬ ‫«فخرج‬
‫َ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫انرصف»)‪.(2‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫العظيم عن تف ّقد حال امرأة كانت ُّ‬
‫تقم املسجدَ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ينشغل هذا القائدُ‬ ‫مل‬

‫أعظم هذا القائدَ ! وما أحس َن عرشت ُه!‬


‫َ‬ ‫فا‬

‫أحواهلم‪ ،‬والقيام‬
‫ْ‬ ‫والرف�ق بأ ّم ِته‪ .‬وتف ّق�د‬
‫ّب�ي ﷺ م َن التّواضع ّ‬
‫بي�ان ما َ ِ‬
‫كان عليه الن ُّ‬
‫ودنياهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫آخرهتم‬
‫ْ‬ ‫بمصاحلهم يف‬
‫ْ‬ ‫بحقوقهم‪ ،‬واالهتام‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تنظيف‬ ‫ُ‬
‫فضل‬

‫غاب‪.‬‬ ‫والص ِ‬
‫ديق إذا َ‬ ‫الس ُ‬
‫ؤال ع ْن اخلاد ِم ّ‬ ‫ّ‬
‫املكافأ ُة بالدّ ِ‬
‫عاء‪.‬‬
‫جنائز أهل ِ‬
‫اخلري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شهود‬ ‫غيب يف‬
‫الرت ُ‬
‫ّ‬
‫يصل ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫احلارض عندَ ِ‬
‫قره مل ْن مل ْ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ندب الصالة عىل املي ِ‬
‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ِ‬
‫باملوت)‪.(3‬‬ ‫اإلعالم‬

‫وكان ﷺ يدعو خلادمه‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[956‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن ماجة [‪ ]1533‬عن أيب سعيد اخلدري ‪ ،I‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[1244‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]553/1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[25/7‬‬
‫‪‬‬

‫هو ّإال أنا وأ ّم�ي وأ ُّم حرا ٍم‬


‫ّبي ﷺ علينا وم�ا َ‬ ‫َ‬
‫دخ�ل الن ُّ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أن�س ب�ن مالك ‪َ I‬‬ ‫ع� ْن‬
‫أهل‬‫ث�م دعا لنا َ‬ ‫صالة ‪ّ ،-‬‬‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬يف ِ‬ ‫خالت�ي‪َ ،‬‬
‫فصىل بنا‪َّ ،‬‬ ‫وق�ت‬ ‫غري‬ ‫فق�ال‪:‬‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫خري م ْن ِ‬
‫خري الدّ نيا‬ ‫بكل ٍ‬ ‫ِ‬
‫البيت ِّ‬

‫ادع اهلل ل ُه‪.‬‬ ‫َ‬


‫خويدمك ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقالت أ ّمي‪ :‬يا‬
‫ْ‬

‫قال‪:‬‬ ‫آخر ما دع�ا يل ِبه ْ‬


‫أن َ‬ ‫وكان يف ِ‬
‫َ‬ ‫ب�كل ٍ‬
‫خري‪،‬‬ ‫ق�ال‪ :‬فدع�ا يل ِّ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬

‫حج ٍ‬
‫اج‬ ‫ِ‬
‫األنصار ماالً‪ ،‬وحدّ ثتني ابنتي أمين ُة أ ّن ُه دف َن لصلبي مقد َم ّ‬ ‫فإين مل ْن ِ‬
‫أكثر‬ ‫قال أنس‪ّ :‬‬
‫وعرشون ومائ ٌة)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫بضع‬
‫البرص َة ٌ‬

‫ٍ‬
‫امرأة َ‬
‫قال َ‬ ‫ّبي ﷺ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عن ِ‬
‫زياد ِ‬
‫ّبي ﷺ‬
‫كان الن ُّ‬ ‫رجل ْأو‬ ‫بن أيب زياد موىل بني خمزو ٍم ع ْن خاد ٍم للن ِّ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ممّا ُ‬
‫يقول للخاد ِم‪:‬‬

‫ِ‬
‫بوضوئه‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأتيت ُه‬ ‫مع‬ ‫األسلمي ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬‫عن ربيع َة ِ‬
‫أبيت َ‬
‫كنت ُ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫كعب‬
‫‪.‬‬ ‫فقال يل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وحاجته‪َ ،‬‬

‫مرافقتك يف اجلن ِّة‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫أسألك‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫هو َ‬
‫ذاك‪.‬‬ ‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1982‬ومسلم [‪.[660‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ]15646‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4836‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[489‬‬
‫‪‬‬

‫أمجع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ويف رواية ع ْن ربيع َة َ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ وأقو ُم ل ُه يف حوائجه هناري َ‬ ‫كنت أخد ُم‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫َ‬ ‫أقول لع ّلها ْ‬
‫دخل بيت ُه‪ُ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ العشاء اآلخرةَ‪ ،‬فأجلس ِ‬
‫ببابه إذا َ‬ ‫ُ‬
‫حتدث‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حتّى ّ َ‬
‫يصيل‬
‫يقول ﷺ‪:‬‬ ‫أزال أس�مع ُه ُ‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ حاج� ٌة‪ ،‬فا ُ‬
‫فأرجع‪ْ ،‬أو تغلبني عيني فأرقدَ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتّى َّ‬
‫أمل‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫قال َ‬
‫فقال يل يوم ًا ملا يرى م ْن خ ّفتي ل ُه وخدمتي إ ّيا ُه‪:‬‬ ‫َ‬

‫أعلمك َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫أنظر يف أمري يا‬
‫فقلت‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وأن يل فيها رزق ًا س�يكفيني‬
‫أن الدّ نيا منقطع ٌة زائل� ٌة‪َّ ،‬‬‫فعرف�ت َّ‬
‫ُ‬ ‫ّ�رت يف نف�يس‪،‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬ففك ُ‬
‫هو ِبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باملنزل ا ّلذي َ‬ ‫ن اهلل ‪D‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ آلخريت‪ ،‬فإ ّن ُه م َ‬ ‫فقلت‪ُ :‬‬
‫أسأل‬ ‫ُ‬ ‫ويأتيني‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫فجئت َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫تشفع يل إىل ر ّب َك فيعتقني م ْن الن ِّار‪.‬‬
‫َ‬ ‫أسألك ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫نعم يا‬
‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫قال َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬

‫‪،‬‬ ‫باحلق ما أمرين ِبه أحدٌ ‪ ،‬ولكن َّك ّملا َ‬


‫قلت‪:‬‬ ‫فقلت‪ :‬ال واهلل ا ّلذي بعثك ِّ‬
‫قال ُ‬ ‫َ‬
‫أن الدّ نيا منقطع ٌة وزائل ٌة‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫وعرفت َّ‬
‫ُ‬ ‫نظرت يف أمري‬‫ُ‬ ‫أنت ِبه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باملنزل ا ّلذي َ‬ ‫وكنت م َن اهلل‬
‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ آلخريت‪.‬‬ ‫فقلت ُ‬
‫أسأل‬ ‫ُ‬ ‫يل فيها رزق ًا سيأتيني‪،‬‬
‫ث�م َ‬
‫ق�ال يل‪:‬‬ ‫ال َّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ طوي ً‬ ‫فصم�ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫عمر ‪َ L‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(2‬‬
‫أي‪ :‬ينبغي املبادر ُة يف إعطاء ح ّقه بعد الفراغ م ْن احلاجة‪.‬‬
‫ْ‬

‫وحسنه األلباين يف إرواء الغليل [‪.[209/2‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪،]16143‬‬
‫)‪ (2‬رواه ابن ماجه [‪ ،]2443‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[320/5‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫باحلاجة)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫باالشتغال‬ ‫احلاصل‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬

‫)‪.(2‬‬
‫ِ‬ ‫امل�ني ّإال أنّ� ُه أرا َد التّش�ديدَ عىل‬ ‫ق�ال اب� ُن الت ِ‬
‫َ‬
‫هؤالء‬ ‫خص�م جلمي ِع ال ّظ َ‬
‫ٌ‬ ‫هو ‪E‬‬
‫ّ�ني‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ّرصيح‪.‬‬
‫بالت‬

‫ثم نقض ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬عاهدَ عهد ًا‪،‬‬


‫وحلف عليه باهللِ‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫حر ًا َ‬
‫وأكل ثمن ُه؛‬ ‫باع ّ‬‫هو يف معنى م ْن َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫أجرة‪ ،‬وكأ ّن ُه استعبد ُه)‪.(3‬‬ ‫عوض وكأ ّن ُه أكلها‪ ،‬وأل ّن ُه استخدم ُه ِ‬
‫بغري‬ ‫ٍ‬ ‫أل ّن ُه استوىف منفعت ُه ِ‬
‫بغري‬

‫ﷺ‬

‫مملوكني‬
‫َ‬ ‫إن يل‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫يدي الن ِّ‬
‫بني ْ‬
‫ال قعدَ َ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن رج ً‬
‫)‪(5‬‬
‫منهم؟‬
‫فكيف أنا ْ‬
‫َ‬ ‫وأرضهبم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وأشتمهم‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫يكذبونني)‪ ،(4‬وخيونونني ويعصونني‪،‬‬

‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫وهيتف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجعل يبكي‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪،‬‬ ‫فتنحى ّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬

‫)‪ (1‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪.[128/5‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[2227‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[349/6‬‬
‫إخبارهم يل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يكذبون يف‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫وبسببهم عندَ اهلل تعاىل؟‬
‫ْ‬ ‫أجلهم‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يكون حايل م ْن‬ ‫كيف‬
‫أي‪َ :‬‬
‫)‪ْ (5‬‬
‫‪‬‬

‫(ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ)‬
‫[األنبياء‪[47 :‬؟»‪.‬‬

‫أش�هدكم‬ ‫مفارقتهم‪،‬‬ ‫ِ‬


‫وهلؤالء ش�يئ ًا خري ًا م ْن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ما أجدُ يل‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪ :‬واهلل يا‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فقال ّ‬
‫أحرار ك ّل ْ‬
‫هم)‪.(1‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّأهن ْم‬
‫قال‪َ :‬‬
‫قال أبو القاس ِم ﷺ‪:‬‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫ال أتى‬ ‫اب ‪َّ L‬‬
‫أن رج ً‬ ‫عمر ِ‬
‫بن اخل ّط ِ‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫ويظلم‪ ،‬أفأرضب ُه؟ [ويف رواية‪ :‬كم نعفو عن اخلادم؟]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إن يل خادم ًا ييس ُء‬
‫َّ‬
‫كان يف ال ّث ِ‬
‫الثة َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫فلا َ‬ ‫فصم�ت‪ ،‬ثم أع�اد ِ‬
‫فصمت‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫عليه الكال َم‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫سكت‪ ،‬ومل ْ جيب ُه‪.‬‬


‫َ‬ ‫أي‪:‬‬
‫ّبي ﷺ) ْ‬
‫(فصمت عن ُه الن ُّ‬
‫َ‬
‫فإن العفو مندوب ِ‬
‫إليه مطلق ًا‬ ‫ؤال؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫لكراهة الس ِ‬ ‫الوحي‪َ ،‬‬
‫وقيل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النتظار‬ ‫كوت؛‬
‫الس َ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ولعل ّ‬
‫ٍ‬
‫خمصوص‪.‬‬ ‫تعيني ٍ‬
‫عدد‬ ‫ِ‬ ‫دائ ًا‪ ،‬ال حاج َة ِ‬
‫فيه إىل‬
‫س�بعني عفوةً‪ ،‬واملرا ُد ِبه الكثر ُة َ‬
‫دون‬ ‫َ‬ ‫اعف عن ُه َّ‬
‫كل يو ٍم‬ ‫أي‪ُ :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ّحديد)‪.(4‬‬
‫الت‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]3165‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[2290‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6858‬ومسلم [‪.[1660‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]5164‬والرتمذي [‪ ،]1949‬وأمحد [‪ ]5603‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[488‬‬
‫)‪ (4‬حتفة األحوذي [‪.[69/6‬‬
‫‪‬‬

‫وبلغ من ِ‬
‫رمحة رسول اهلل ﷺ أنه هنى عن مناداة العبد واألمة ب� (عبدي وأمتي)‪ ،‬وأبدهلم‬ ‫َ‬
‫بلفظ رقيق لطيف‪ ،‬وهو أن يقولوا‪ :‬فتاي وفتايت‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ولفظ البخاري‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫وفتاي‬ ‫ململوكه‪ :‬عب�دي وأمتي‪ْ ،‬بل يق�ول‪ ،‬غالمي وجاريت�ي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أن يق�ول‬ ‫للس� ّي ِد ْ‬
‫َ‬ ‫فيك�ره ّ‬
‫ِ‬
‫باملخلوق‬ ‫َّ‬
‫وألن فيها تعظي ًا با ال يليق‬ ‫ألن حقيقة العبود ّية إنّا يس�تح ّقها اهلل تع�اىل‪،‬‬‫وفت�ايت؛ َّ‬
‫ِ‬
‫لنفسه‪.‬‬ ‫استعاله‬

‫ّاس خلق ًا‪ ،‬فأرس�لني‬ ‫ِ‬


‫أحس�ن الن ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫مالك ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫بن ٍ‬‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫نبي اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أذهب‪ ،‬ويف نفيس ْ‬ ‫ٍ‬ ‫يوم ًا‬
‫أذهب ملا أمرين به ُّ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل ال‬
‫ُ‬ ‫حلاجة‪،‬‬
‫قبض‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قدْ َ‬ ‫يلعبون يف الس ِ‬
‫�وق‪ ،‬فإذا‬ ‫َ‬ ‫وهم‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫أمر عىل صبيان‪ْ ،‬‬‫فخرج�ت حتّى َّ‬
‫ُ‬
‫بقفاي م ْن ورائي‪.‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫يضحك‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ‬
‫فنظرت إليه َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل)‪.(2‬‬ ‫أذهب يا‬
‫ُ‬ ‫نعم أنا‬
‫قلت‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬

‫فأخذ أبو طلح َة‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ليس ل ُه خاد ٌم‪،‬‬‫رسول اهلل ﷺ املدين َة َ‬ ‫قال‪ :‬قد َم‬
‫َ‬
‫فليخدمك‪.‬‬ ‫إن أنس ًا غال ٌم ك ّي ٌس؛‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫فانطلق يب إىل‬
‫َ‬ ‫بيدي‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2552‬ومسلم [‪ ،]2249‬واللفظ له‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ،]2310‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫ليشء صنعت ُه‪:‬‬ ‫قط]‪ ،‬وما َ‬
‫قال يل‬ ‫أف ُّ‬ ‫واحلرض)‪[ (1‬فا َ‬
‫قال يل ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫�فر‬ ‫َ‬
‫أنس‪ :‬فخدمت ُه يف ّ‬ ‫قال ٌ‬
‫تصنع هذا هكذا؟‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫صنعت هذا هكذا‪ ،‬وال ليشء مل ْ أصنع ُه‪ :‬مل َ مل ْ‬ ‫َ‬ ‫مل َ‬
‫ٍ‬
‫ليشء تركت ُه‪ :‬مل َ تركت ُه؟))‪.(2‬‬ ‫ويف رواية‪( :‬وال‬
‫ِ‬ ‫طويل‪ ،‬فيه تق ّل ُ‬
‫عمر ٌ‬ ‫ٍ‬
‫النفس‪ ،‬واضطراهبا‪،‬‬ ‫بات‬ ‫ليست أيام ًا‪ ،‬وال شهور ًا‪ ،‬إنه ٌ‬ ‫ْ‬ ‫سنوات‪،‬‬ ‫عرش‬
‫ُ‬
‫ومع هذا مل ينهر ُه‪ ،‬ومل يزجره‪.‬‬

‫بيان ِ‬
‫كال خلقه ﷺ‪ ،‬وحسن عرشته وحلمه وصفحه‪.‬‬ ‫ُ‬

‫احتيج‬
‫َ‬ ‫باس�تئناف األم�ر ِبه إذا‬
‫ِ‬ ‫ألن َ‬
‫هناك مندوحة عن ُه‬ ‫فات؛ َّ‬
‫ترك العت�اب عىل ما َ‬
‫ِ‬
‫إليه‪.‬‬

‫ذل�ك يف األمور ا ّلت�ي تتع ّلق ِّ‬


‫بحظ‬ ‫وكل َ‬ ‫ِ‬
‫ب�رتك معاتبت�ه‪ّ ،‬‬ ‫اس�تئالف خاط�ر اخلادم‬
‫ِ‬
‫باملعروف‪،‬‬ ‫الالزمة رشع ًا‪ ،‬فال يتس�امح فيه�ا؛ ّ‬
‫ألهنا م ْن باب األم�ر‬ ‫اإلنس�ان‪ ،‬وأ ّم�ا األمور ّ‬
‫والنّهي ع ْن املنكر)‪.(3‬‬

‫فتوانيت‬ ‫س�نني‪ ،‬فا أمرين ٍ‬


‫بأمر‪،‬‬ ‫عرش‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أن�س ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫خدمت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ع� ْن‬
‫عن ُه‪ْ ،‬أو ض ّيعت ُه‪ ،‬فالمني‪.‬‬
‫أهل ِ‬
‫بيت�ه ّإال َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ف�إن المن�ي أح�دٌ م ْن ِ‬
‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬

‫فمر ًة جر الكر‪ ،‬ومرة‬ ‫)‪ (1‬ويف رواية‪ :‬تسع سنني‪ ،‬ويف أخرى عرش سنني‪َ ،‬‬
‫ومحل عىل أن املدة تسع وبضعة أشهر‪ّ ،‬‬
‫ألغاه‪ .‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[460/10‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2768‬ومسلم [‪.[2309‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ،]460/10‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[71/15‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]13005‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5275‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ذر ‪َ I‬‬
‫ع ْن أيب ٍّ‬

‫)‪.(1‬‬
‫توافق؛ فليرتكه وليرحه؛‬
‫ٌ‬ ‫سائق‪ ،‬أو خاد ٌم ال يالئمه‪ ،‬وليس بينها‬
‫وعليه فمن كان عنده ٌ‬
‫حتى ال يقع يف ظلمه‪ ،‬واإلرضار به‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫رسول اهلل ﷺ خادم ًا له‪ ،‬وال امرأ ًة وال رضب ِ‬
‫بيده‬ ‫ُ‬ ‫رضب‬ ‫قالت‪ :‬ما‬ ‫ن عائش َة ‪J‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْ‬
‫شيئ ًا)‪.(2‬‬

‫فس�معت صوت ًا م ْن‬


‫ُ‬ ‫كنت أرضب غالم ًا يل بالس ِ‬
‫�وط‪،‬‬ ‫الب�دري ‪ُ :I‬‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود‬ ‫َ‬
‫ق�ال أبو‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫وت م َن‬
‫الص َ‬
‫أفهم ّ‬
‫فلم ْ‬
‫‪ْ ،‬‬ ‫خلفي‪:‬‬
‫ه�و ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ فإذا َ‬ ‫هو‬
‫فل�ا دن�ا منّ�ي إذا َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ّ :‬‬
‫‪.‬‬
‫الس َ‬
‫وط م ْن يدي‪.‬‬ ‫فألقيت ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫أرضب مملوك ًا بعد ُه أبد ًا)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫لوجه اهلل‪.‬‬ ‫حر‬ ‫َ‬
‫هو ٌّ‬
‫رسول اهلل َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]5161‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[235/7‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2328‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[1659‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫أي‪َّ :‬‬
‫أن اهلل أشدُّ قدرة م ْن قدرتك عىل غالمك)‪.(2‬‬ ‫‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫باململ�وك‪ ،‬والوعظ والتّنبيه عىل اس�تعال العفو‪،‬‬ ‫الرفق‬ ‫ّ‬ ‫ق�ال النّ�ووي‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫احل�ث عىل ّ‬ ‫«فيه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫وكظم الغيظ‪ ،‬واحلكم كا حيكم اهلل عىل عباده»)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫اإلنس�ان من‬ ‫يظلم‬ ‫ِ‬
‫الش�هامة أن‬ ‫ِ‬
‫القوة‪ ،‬وال من‬ ‫ِ‬
‫الش�جاعة‪ ،‬وال م�ن‬ ‫إن�ه ليس من‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫عا ٍل‪ ،‬أو يتس� ّل ْ‬
‫رمحة‬ ‫حتت‬
‫ط عليهم بيده‪ ،‬أو لس�انه‪ ،‬أو هيينهم َ‬ ‫حتت يده من خد ٍم‪ ،‬أو ّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الناس؛ فتذكر قدر َة‬ ‫دعتك قدرتك عىل ِ‬
‫ظلم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلاج�ة التي جلبتهم من بالده�م‪ ،‬فإذا‬
‫اهلل عليك‪.‬‬

‫والعال‪ ،‬صور ًا‬ ‫ِ‬


‫ّ‬ ‫املجتمع يف تعامله مع اخلد ِم‬
‫ُ‬ ‫إن هناك صور ًا من الظل ِم واإلهانة ُّ‬
‫يعج هبا‬
‫يرضب إال يف‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ مع ش�جاعته مل هي ْن‪ ،‬ومل‬ ‫ِ‬
‫واإلنصاف‪ ،‬ولكن‬ ‫ِ‬
‫العدل‬ ‫بعيد ًة عن‬
‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫زوجة‪ ،‬وخاد ٍم‪.‬‬ ‫حتت يده من‬‫الضعفاء الذين َ‬ ‫حق‪ ،‬ومل يتس ّل ْط عىل ّ‬
‫ٍّ‬

‫ِ‬
‫األرض عود ًا‪،‬‬ ‫َ‬
‫فأخذ م َن‬ ‫أعتق مملوك ًا‪َ .‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫عمر وقدْ َ‬‫أتيت اب َن َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫عمر َ‬ ‫َ‬
‫زاذان أيب َ‬ ‫ع ْن‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األجر ما يس�وى هذا ّإال ّأين‬ ‫فقال‪ :‬ما ِ‬
‫فيه م َن‬ ‫ْأو ش�يئ ًا‪َ ،‬‬
‫)‪.(4‬‬

‫عنهم‪.‬‬ ‫وكف األذى‬ ‫صحبتهم‬ ‫ِ‬


‫باملاليك‪ ،‬وحسن‬ ‫الرفق‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫قال العلاء‪ :‬يف هذا احلديث ّ‬
‫مندوب رجا َء ك ّفارة ذنبه وإزالة‬
‫ٌ‬ ‫ليس واجب ًا‪ ،‬وإنّا َ‬
‫هو‬ ‫املسلمون عىل َّ‬
‫أن عتقه هبذا َ‬ ‫َ‬ ‫وأمجع‬
‫إثم ال ّظلم عن ُه)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1659‬‬


‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[47/14‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[130/11‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[1657‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[127/11‬‬
‫‪‬‬

‫يت‬ ‫قبي�ل ال ّظ ِ‬
‫هر‪ ،‬فص ّل ُ‬ ‫جئت َ‬‫ثم ُ‬ ‫«لطمت ً‬ ‫ٍ‬
‫س�ويد َ‬ ‫ع� ْن معاوي َة ِ‬
‫فهربت‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫م�وىل لنا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫امتثل من ُه)‪ ،(1‬فعفا»‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫خلف أيب‪ ،‬فدعا ُه‪ ،‬ودعاين‪َّ ،‬‬
‫َ‬

‫ليس لنا ّإال خاد ٌم واحدةٌ‪ ،‬فلطمها أحدنا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬كنّا بني مقر ٍن عىل ِ‬
‫ثم َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫عهد‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ذلك الن َّ‬ ‫َ‬
‫فبلغ َ‬

‫هلم خاد ٌم غريها‪.‬‬


‫ليس ْ‬
‫قالوا‪َ :‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫«امتث�ل منه» حممول عىل تطييب نفس املوىل املرضوب‪ّ ،‬‬


‫وإال فال جيب القصاص‬ ‫ْ‬ ‫وقول�ه‪:‬‬
‫يف ال ّلطمة ونحوها‪ ،‬وإنّا واجبه التّعزير‪ ،‬لكنّ ُه ت ّ‬
‫ر َع‪ ،‬فأمكن ُه م َن القصاص فيها‪.‬‬

‫الرفق باملوايل‪ ،‬واستعال التّواضع)‪.(3‬‬


‫ّ‬

‫رضب اخلاد َم‪ ،‬أو أسا َء معاملته؛‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫االبن أن أبا ُه سيعاقبه إذا‬ ‫تقر َر مس ّبق ًا عندَ‬
‫كيف ّ‬
‫وانظر‪َ :‬‬
‫تشفع له عندَ والده‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقت الصالة؛ علها‬
‫هرب حني رضبه‪ ،‬ومل يعدْ إال َ‬
‫ولذلك َ‬

‫مقر ٍن‪َ :‬‬


‫عجز‬ ‫فلطم خادم ًا ل ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه سويدُ ب ُن ّ‬ ‫َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫عجل ٌ‬
‫شيخ‪،‬‬ ‫َ‬
‫عليك ّإال ُّ‬
‫حر وجهها)‪(4‬؟‬ ‫َ‬

‫مق�ر ٍن ما لنا خ�اد ٌم ّإال واحد ٌة لطمه�ا أصغرنا‪ ،‬فأمرنا‬ ‫ٍ‬


‫س�ابع س�بعة م ْن بني ّ‬
‫َ‬ ‫لق�دْ رأيتني‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن نعتقها)‪.(5‬‬

‫افعل ِبه مثل ما َ‬


‫فعل بك‪.‬‬ ‫)‪ (1‬أي‪ْ :‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1658‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[128/11‬‬
‫ترضب إالّ صفح َة وجهها‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫عجزت‪ْ ،‬‬
‫ومل جتدْ ْ‬ ‫َ‬ ‫)‪ (4‬أي‪:‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[1658‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫حني حرضت ُه الوفاةُ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫كانت عا ّم ُة وص ّي ِة‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫أن�س ِ‬
‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫بنفسه‪:‬‬ ‫يغرغر‬ ‫وهو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واهتموا بشأهنا‪ ،‬وال تغفلوا عنها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬الزموها‪،‬‬
‫ملكتهم)‪.(2‬‬ ‫حقوقهم‪ ،‬وحسن‬ ‫أي‪ :‬أ ّدوا‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وص ّية بالعبيد واإلماء ْ‬

‫آخر كال ِم الن ِّ‬


‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫كان ُ‬ ‫ٍ‬
‫طالب ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫عيل ِ‬
‫بن أيب‬ ‫وع ْن ِّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫الرقيق‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال يف النّهاية )‪« :(789/4‬يريد اإلحس�ان إىل ّ‬
‫م�ن األموال ا ّلت�ي تلكها‬
‫ال�زكاة وإخراجه�ا ْ‬ ‫َ‬
‫وقي�ل‪ :‬أرا َد حق�وق ّ‬ ‫عنه�م‪،‬‬
‫ْ‬ ‫والتّخفي�ف‬
‫األيدي»‪.‬‬
‫ِ‬
‫بمقدار‬ ‫أن القيام‬ ‫ملكت أيانكم املاليك‪ ،‬وإنّا قرنه بالص ِ‬
‫الة؛ ليعلم َّ‬ ‫ْ‬ ‫واألظهر أ ّن ُه أرا َد با‬
‫ُ ّ‬ ‫ْ‬
‫الصالة ا ّلتي ال س�عة يف‬
‫وج�وب ّ‬
‫َ‬ ‫ملكهم‬
‫ْ‬ ‫واجب عىل م� ْن‬
‫ٌ‬ ‫حاجته�م م� َن الكس�وة وال ّطعام‬‫ْ‬
‫ضم بعض العلاء البهائم املستملكة يف هذا احلكم إىل املاليك)‪.(4‬‬
‫تركها‪ .‬وقدْ َّ‬

‫)‪ (1‬رواه ابن ماجه [‪ ]2697‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[2183‬‬
‫)‪ (2‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪.[397/3‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]5156‬وصححه األلباين يف صحيح األدب املفرد [‪.[118‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[44/14‬‬

‫اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ‪:‬‬

‫ﺒﻲ ﷺ‬ ‫ُ‬
‫ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﱠ ﱢ‬
‫ﻣﻊ ﺷﺮاﺋﺢ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ‬
‫‪‬‬

‫النبي ﷺ مع ذوي العاهات‬


‫ِّ‬ ‫تعامل‬

‫ِ‬
‫املختلفة‪ ،‬كا‬ ‫اخللق‪ ،‬وم ّي َز بينهم‪ :‬يف أجس�ادهم‪ ،‬وألواهنم‪ ،‬وقدراهتم‬
‫خلق اهلل ‪َ E‬‬
‫َ‬
‫م ّيز بينهم يف صورهم‪ ،‬وأشكاهلم‪.‬‬
‫ِ‬
‫باحلرمان من بعض النّع ِم اجلسان ّية التي أنعم اهلل ‪ E‬هبا عىل‬ ‫ابتيل‬ ‫الناس ِ‬
‫ِ‬
‫من َ‬ ‫ومن‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫ِ‬
‫املبتلني‪ :‬كمن فقدَ برص ُه‪ ،‬أو س�معه‪ ،‬أو فقدَ القدر َة عىل‬ ‫أنواع كثري ٌة من‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ويدخ�ل يف ه�ذا‬
‫أكثر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حتريك طرف من أطرافه أو َ‬
‫ِ‬
‫وي‪.‬‬
‫الس ِّ‬‫وكذلك من فقد جزء ًا من عقله جيعله دون اإلنسان ّ‬
‫فاألعور‬
‫ُ‬ ‫أخف من بع�ض يف البالء‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫إن املجتم�ع ال خيل�و م�ن ذوي العاهات‪ ،‬وبعضهم‬
‫فاألخف بال ًء يت ُ‬
‫ّعظ بمن هو أش�دُّ بال ًء‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫األش�ل‪،‬‬ ‫أخف من‬
‫ُّ‬ ‫واألع�رج‬
‫ُ‬ ‫أخ�ف من األعمى‪،‬‬‫ُّ‬
‫والصحيح يت ُ‬
‫ّعظ باجلميعِ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ث�م ما من أح�د إال وهلل عليه نعم ال حتىص‪ ،‬فله احلمدُ ع�ىل كل ٍ‬
‫حال‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭗ‬ ‫ٌ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [إبراهيم‪.[34 :‬‬
‫ٍ‬
‫بيشء آخر‪ ،‬فاألعمى مثال جتده‬ ‫يعوضهم‬ ‫ِ‬
‫حت�ى هؤالء أصحاب العاهات فإن اهلل تع�اىل ّ‬
‫ٍ‬
‫مرهف‪.‬‬ ‫متقن‪ ،‬وسمع‬‫شديد‪ ،‬وحفظ ٍ‬‫ٍ‬ ‫غالب ًا يتمت ُّع بذكاء‬

‫إن بعض اجلهلة يقول‪ :‬ما الفائد ُة من االهتام بذوي العاهات‪ ،‬ومعاجلتهم‪ ،‬واإلنفاق عليهم؟‬
‫ِ‬
‫واآلخر‪ ،‬ومن ال يرجو ما عندَ اهلل‪ ،‬بل‬ ‫تفكري من ال يؤم ُن باهلل‪ ،‬وال باليو ِم‬ ‫نقول‪ :‬إن هذا‬
‫ُ‬
‫تفكري من هو بعيدٌ عن معاين اإلنسان ّي ِة!‬
‫ُ‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫العاهات بيننا فيه‬ ‫ِ‬
‫أصح�اب‬ ‫ِ‬
‫اآلخ�ر‪ ،‬فيعلمون أن وجو َد‬ ‫أم�ا الذين يؤمن�ون باهلل واليو ِم‬
‫ِ‬
‫للصحيح‪.‬‬ ‫حكم عظيم ٌة‪ِ ،‬‬
‫وفيه فائد ٌة للمبتىل‪ ،‬وعظ ٌة‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫وأمراض‬ ‫ٍ‬
‫بعاه�ات‪،‬‬ ‫ابتاله�م اهلل ‪D‬‬ ‫تعام�الت كث�ري ٌة م�ع ِ‬
‫م�ن‬ ‫ٌ‬ ‫للنب�ي ﷺ‬ ‫ولق�د كان‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫مستديمة‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫س�معت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫إليه؛ ملا حيصل ل ُه بفقدمها م َن األسف‬ ‫أي‪ :‬عينيه؛ ألهنا أحب أعضاء اإلنسان ِ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫رش؛ فيجتنب ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫فير به‪ْ ،‬أو ُّ‬
‫عىل فوات رؤية ما يريد رؤيته م ْن خري؛ ُّ‬
‫دون اجلن ِّة»)‪.(2‬‬
‫أرض ل ُه ثواب ًا َ‬
‫واحتسب‪ ،‬مل ْ َ‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫أذهبت حبيبتيه فص َ‬
‫ُ‬ ‫ويف رواية‪« :‬م ْن‬

‫جمرد ًا ع ْن‬ ‫واب‪ ،‬ال ْ‬‫اب�ر م َن ال ّث ِ‬ ‫ِ‬


‫ر ّ‬ ‫أن يص� َ‬ ‫ر مس�تحرض ًا م�ا وعدَ اهلل به ّ‬
‫الص َ‬ ‫وامل�راد أ ّن ُه يص َ‬
‫ات‪.‬‬‫األعال بالنّي ِ‬
‫َ‬ ‫ذلك؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫عليه‪ْ ،‬بل إما لدف ِع مكروه‪ ،‬أو لك ّف ِ‬
‫ارة ذنوب‪،‬‬ ‫وابتالء اهلل عبده يف الدّ نيا ليس من سخطه ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ْأو لرف ِع منزلة‪.‬‬
‫يصري كا جا َء يف حديث س�لان‪َّ :‬‬
‫(إن مرض‬ ‫ُ‬ ‫تم ل ُه املراد‪ّ ،‬‬
‫وإال‬ ‫بالرض�ا؛ َّ‬
‫ذلك ّ‬ ‫ف�إذا تلقى َ‬
‫ثم أرس�لو ُه‪ ،‬فال يدري مل‬ ‫ِ‬
‫كالبعري عقل ُه أهله َّ‬ ‫وإن مرض الفاجر‬ ‫املؤم�ن جيعل ُه اهلل ل ُه ك ّف�ارة‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫عقل‪ ،‬ومل َ َ‬
‫أرسل؟))‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بفن�اء الدّ نيا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالب�رص يفنى‬ ‫ألن االلتذا َذ‬
‫وهذا أعظ�م الع�وض؛ َّ‬
‫وااللتذا َذ باجلن ِّة ٍ‬
‫باق ببقائها‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5221‬‬


‫)‪ (2‬الرتمذي [‪ ،]2325‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[8140‬‬
‫البخاري يف األدب املفرد [‪ ]739‬موقوف ًا وصححه األلباين يف صحيح األدب املفرد [‪.[379‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬أخرج ُه‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بالرشط املذكور)‪.(1‬‬ ‫وقع ل ُه َ‬
‫ذلك‬ ‫شامل ِّ‬
‫ٌ‬
‫لكل م ْن َ‬ ‫وهو‬
‫َ‬
‫ر عىل البالء ثوابه اجلن ُة‪.‬‬
‫احلديث حج ٌة يف أن الص َ‬
‫ُ‬ ‫قال اب ُن بطال‪« :‬هذا‬

‫فعوض اهلل عليها اجلن َة‬


‫ُ‬ ‫كانت من ِّ‬
‫أجل نع ِم اهلل تع�اىل ‪-‬‬ ‫ونعم�ة الب�رص عىل العبد ‪ -‬وإن ْ‬
‫ِ‬
‫االلتذاذ به يف‬ ‫ُ‬
‫أفض�ل من نعمته�ا يف الدنيا؛ لنفاذ مدة االلت�ذاذ بالبرص يف الدنيا‪ ،‬وبقاء م�دّ ة‬
‫اجلنة«)‪.(2‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وع� ْن ِ‬
‫جابر بن عب�د اهلل ‪َ L‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫ﷺ‬

‫يت ِبه؛ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫كان إذا أتى مريض ًا‪ْ ،‬أو أ َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬
‫أن‬
‫)‪.(4‬‬

‫مع ما يف املرض م ْن ك ّفارة‬ ‫للمريض ّ ِ‬


‫ِ‬ ‫َ‬
‫بالش�فاء َ‬ ‫استش�كل الدّ عاء‬ ‫قال احلافظ‪« :‬قدْ‬
‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تضافرت األحاديث‬ ‫الذنوب‪ ،‬وال ّثواب كا‬
‫ّ‬

‫بأو ِل مرض‪،‬‬ ‫ِ‬


‫واب والك ّفارة؛ ّ‬
‫ألهن�ا حيصالن ّ‬ ‫أن الدّ عاء عبادة‪ ،‬وال ين�ايف ال ّث َ‬
‫َّ‬
‫وبالص ِر عليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫بجل�ب نفعٍ‪ْ ،‬أو دفع‬ ‫يعوض عن ُه‬
‫أن حيص�ل ل ُه مقصوده‪ْ ،‬أو ّ‬ ‫ِ‬
‫حس�نتني‪ :‬إ ّما ْ‬ ‫والدّ اع�ي بني‬
‫ِ‬
‫فضل اهلل تعاىل»)‪.(5‬‬ ‫رض‪ٌّ ،‬‬
‫وكل م ْن‬ ‫ٍّ‬
‫أهل اجلن ِّة؟‬
‫أريك امرأ ًة م ْن ِ‬ ‫قال يل اب ُن ع ّب ٍ‬
‫اس ‪ :L‬أال َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫بن أيب رباح َ‬ ‫ِ‬
‫عطاء ِ‬ ‫وعن‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[116/10‬‬


‫)‪ (2‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[377/9‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[8177‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪،]2402‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]5675‬ومسلم [‪.[2191‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[132/10‬‬
‫‪‬‬

‫قلت‪ :‬بىل‪.‬‬
‫ُ‬
‫فادع اهلل يل!‬ ‫أرصع‪ ،‬وإين ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‪ُ ،‬‬ ‫أتكش ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقالت‪ّ :‬إين‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫قال‪ :‬هذه املرأ ُة أتت الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫فقال الن ُّ‬
‫ر‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬أص ُ‬
‫ف‪ ،‬فدعا هلا)‪.(1‬‬
‫أتكش َ‬ ‫فادع اهلل يل ْ‬
‫أن ال ّ‬ ‫ف! ُ‬ ‫قالت‪ّ :‬إين ّ‬
‫أتكش ُ‬ ‫ثم ْ‬
‫أس�باب‬ ‫ناتج عن ٍ‬
‫خلل يف كهرباء ِّ‬
‫املخ‪ ،‬وله‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫مرض ٌ‬‫نوع�ان‪ :‬أحدمها ٌ‬ ‫ال�رصع‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫معروف‪.‬‬ ‫غري‬
‫معروف‪ ،‬وبعضها ُ‬
‫ٌ‬ ‫بعضها‬

‫مس اجل� ِّن ورصعه لإلنس�ان‪ ،‬فيرصع�ه‪ ،‬ويقيمه ويقع�ده‪ ،‬ويرميه‪،‬‬


‫نات�ج عن ِّ‬
‫والث�اين‪ٌ :‬‬
‫ويطرحه‪ ،‬ويسقطه‪ ،‬وغري ذلك من األحوال العجيبة‪.‬‬

‫عظيم عند اهلل تعاىل‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫ثواب‬ ‫ِ‬
‫وللصابر عليه ٌ‬ ‫وعىل كل حال فهو ابتال ٌء شديدٌ ‪،‬‬
‫ِ‬
‫األجانب؛‬ ‫ِ‬
‫الرجال‬ ‫تنكش�ف أما َم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسلمة أن‬ ‫نفس ِ‬
‫املرأة‬ ‫الش�اق عىل ِ‬
‫ِّ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫زمان‬ ‫فاملرصوع ال يتحك ُّم يف‬ ‫ٍ‬
‫مكان عا ٍّم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السوق‪ ،‬أو يف أي‬ ‫ِ‬
‫الطريق‪ ،‬أو يف‬ ‫ترصع يف‬ ‫ألهنا قد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرصعِ‪ ،‬وال مكانه‪.‬‬
‫ِ‬
‫انكشاف عورهتا‪ ،‬مع أهنا معذورةٌ؛ ألن‬ ‫ر عىل‬
‫ر عىل تعب الرصعِ‪ ،‬لكنها ال تص ُ‬
‫فهي تص ُ‬
‫درها!‬
‫الرصع ليس بيدها‪ ،‬فلله ّ‬
‫ر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬وتشفى‪ ،‬والثاين‪ :‬أن تص َ‬‫يدعو هلا ُّ‬
‫َ‬ ‫خياران‪ :‬أن‬ ‫كان أمامها‬
‫ٍ‬
‫تفك�ري‪ ،‬أو تر ّدد‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫البدهية دون‬ ‫اختارت عىل‬
‫ْ‬ ‫الباقي عىل الف�اين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فاختارت‬ ‫وهل�ا اجلن� ُة‪،‬‬
‫َ‬
‫يدل عىل شدّ ِة إياهنا‪ ،‬ورغبتها فيا عند اهلل‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫األمر‪.‬‬ ‫الناس إذا ذكر له نعيم اجلنة فكأنه ال ِ‬


‫يعنيه‪ ،‬أو ال عالق َة له هبذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫هذا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ر عىل باليا الدّ نيا يورث اجلنّة‪،‬‬ ‫يرصع‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ُ :‬‬
‫الص َ‬
‫وأن ّ‬ ‫ُ‬ ‫فضل م ْن‬ ‫«ويف‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5652‬ومسلم [‪.[2576‬‬


‫‪‬‬

‫علم م ْن نفس�ه ال ّطاقة‪ ،‬ومل يضعف ِ‬


‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بالش�دّ ِة‬
‫األخذ ّ‬‫َ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫بالرخصة مل ْن َ‬
‫أفض�ل م َن األخذ ّ‬ ‫وأن‬
‫الشدّ ِة‪.‬‬
‫التزام ّ‬

‫وأنفع م� َن العالج‬ ‫أنج�ع‬ ‫أن ع�الج األم�راض ك ّله�ا بالدّ ِ‬


‫ع�اء وااللتج�اء إىل اهلل‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعظم م ْن تأثري األدوي�ة البدن ّية‪ ،‬ولك ْن إنّا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وانفعال البدن عن� ُه‬ ‫تأث�ري َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫وأن‬ ‫ِ‬
‫بالعقاق�ري‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بأمرين‪:‬‬ ‫ينجع‬
‫جهة املداوي وهو قو ُة توج ِ‬
‫العليل وهو صدق القصد‪ ،‬واآلخر من ِ‬
‫هه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫أحدمها‪ :‬م ْن جهة‬
‫وقو ُة قلبه بالتّقوى‪ ،‬والتّوكّل‪ ،‬واهلل أعلم»)‪.(1‬‬
‫ّ‬
‫ادع اهلل ْ‬
‫أن‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حنيف ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫عثان ِ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪ُ :‬‬ ‫البرص أتى الن َّ‬ ‫رضي�ر‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ب�ن‬ ‫وع� ْن‬
‫يعافيني‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فادع ْه‪.‬‬

‫وأتوج ُه‬ ‫َ‬


‫أسألك‪،‬‬ ‫اللهم ّإين‬ ‫أن يتوض َأ‪ ،‬فيحسن وضوءه‪ ،‬ويدعو هبذا الدّ ِ‬
‫عاء‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فأمر ُه ْ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫هت َ‬ ‫ِ‬ ‫�ك ٍ‬
‫اللهم‬
‫َّ‬ ‫ه�ذه؛ لتقىض َيل‪،‬‬ ‫ريب يف حاجتي‬‫بك إىل ّ‬ ‫توج ُ‬
‫الرمح�ة‪ّ ،‬إين ّ‬
‫نبي ّ‬ ‫إلي�ك بنب ّي َ ّ‬
‫حممد ِّ‬ ‫َ‬
‫فش ّفع ُه َّيف)‪.(2‬‬

‫ِ‬
‫بذات النبي ﷺ‪ ،‬بل بدعائه‪ .‬قال ش�يخ اإلس�الم ابن تيمية‬ ‫التوس َ�ل‬ ‫ِ‬
‫احلديث‬ ‫ليس معنى‬
‫ّ‬
‫طلب الصحاب ُة من ُه االستسقا َء‪،‬‬
‫يدعو له كا َ‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ أن‬
‫طلب من ِّ‬‫‪« :V‬األعمى كان قد َ‬
‫نبي الرمحة»‪ ،‬أي‪ :‬بدعائه وشفاعته يل؛ وهلذا تام احلديث‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫«أتوج ُه إليك بنب ّيك حممد ِّ‬
‫ّ‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫«اللهم فشفعه َّيف»)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[115/10‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3578‬وابن ماجة [‪ ]1385‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1279‬‬
‫)‪ (3‬قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة [‪.[300/2‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫جابر بن عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫ال أعمى)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫وكان رج ً‬ ‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫األنصار)‪.(2‬‬ ‫حى م َن‬ ‫ٍ‬
‫قال سفيان‪ :‬وهم [أي‪ :‬بنو واقف] ٌّ‬
‫فاستعمل النبي ﷺ لفظ ًا لطيف ًا ال ُ‬
‫جيرح مشاعر ُه‪.‬‬
‫لنقف عىل املعنى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احلديث؛‬ ‫قال الطحاوي‪« :‬تأملنا ه�ذا‬
‫حمج�وب البرص‪ ،‬وقد ذكر‬
‫ُ‬ ‫البصري‪ ،‬وهو‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الرج�ل‬ ‫ذلك‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ذكر‬
‫ال�ذي م�ن أجله َ‬
‫اهلل ‪ D‬م�ن ه�و مثل�ه يف كتابه بالعم�ى‪ ،‬فمن ذل�ك قوله تع�اىل‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ)‬
‫[النور‪ ،[61 :‬وقوله‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [عبس‪.[2-1 :‬‬
‫ذكر من به العمى بغري ذلك‪ ،‬فقال‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫فوجدنا اهلل تعاىل قد َ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [احلج‪ ،[46 :‬فكان يف ذلك ما قد َّ‬
‫دل عىل أن األعمى قد ُ‬
‫يقال له‪:‬‬
‫حمجوب البرص‪.‬‬
‫َ‬ ‫بصري؛ لبرصه بقلبه ما يبرصه به‪ ،‬وإن كان‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بالبرص الذي‬ ‫يوص�ف‬
‫َ‬ ‫وجائز أن‬
‫ٌ‬ ‫يبرص‪،‬‬
‫يوصف بالعمى ال�ذي ُ‬
‫َ‬ ‫جائ�ز أن‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ف�دل ذلك أنه‬
‫ِ‬
‫أمري�ه‪ ،‬وإن كان ل�ه أن يذكره باآلخر‬ ‫ِ‬
‫بأحس�ن‬ ‫َ‬
‫الرجل‬ ‫يف قلب�ه‪ ،‬فذك�ر رس�ول اهلل ﷺ ذلك‬
‫منها»)‪.(3‬‬
‫ديغ سلي ًا تفاؤالً بالسالمة)‪.(4‬‬
‫وقريب من هذا‪ :‬تسميتهم ال ّل َ‬
‫ٌ‬
‫وتسميتهم الصحرا َء مفاز ًة وهي مهلك ٌة؛ تفاؤالً لصاحبها بالفوز والنجاة)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه البيهقي يف الكرى [‪ ،]21372‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[521‬‬


‫)‪ (2‬شعب اإليان [‪.[9194‬‬
‫)‪ (3‬رشح مشكل اآلثار [‪.[219/10‬‬
‫)‪ (4‬االشتقاق ‪ -‬البن دريد [‪.[36/1‬‬
‫)‪ (5‬ينظر‪ :‬الزاهر يف معاين كلات الناس [‪ ]331/1‬البن األنباري‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫فجعلت‬ ‫الس ِ‬
‫اقني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫كان جيتني س�واك ًا م َن‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود ‪ I‬أ ّن ُه َ‬ ‫عن ِ‬‫ِ‬
‫دقيق ّ‬
‫وكان َ‬ ‫األراك‪،‬‬ ‫ابن‬
‫َ‬
‫فضحك القو ُم من ُه‪.‬‬ ‫يح تكفؤ ُه‪،‬‬
‫الر ُ‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫ساقيه‪.‬‬ ‫نبي اهللِ‪ ،‬م ْن د ّق ِة‬
‫قالوا‪ :‬يا َّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫امليزان‪،‬‬ ‫فضائل تث ّق ُل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الساقني‬ ‫ِ‬
‫لصاحب تلك‬ ‫يرض عبدَ اهلل ‪ I‬ضعفه ونحوله‪ ،‬فإن‬ ‫فال ُّ‬
‫ِ‬
‫الريرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ونقاء‬ ‫ِ‬
‫السرية‪،‬‬ ‫فقد كان جامع ًا بني مجال‬
‫قري�ب الس ِ‬ ‫محن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫واهلدي م َن‬ ‫�مت‪،‬‬ ‫ِ ّ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫ب�ن يزيدَ َ‬
‫قال‪ :‬س�ألنا حذيف� َة ع ْن‬ ‫ع� ْن عب�د ّ‬
‫َ‬
‫نأخذ عن ُه‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ حتّى‬‫الن ِّ‬
‫ابن أم ٍ‬
‫عبد)‪[ (4‬أي‪:‬‬ ‫من ِ ِّ‬
‫ّبي ﷺ ِ‬
‫أقرب سمت ًا ‪ ،‬وهدي ًا ود ًالّ بالن ِّ‬
‫َ‬ ‫أعرف أحد ًا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪« :‬ما‬
‫)‪(3‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫ابن مسعود]«‪.‬‬
‫ِ‬
‫برس�ول اهلل ﷺ اب ُن‬ ‫ودالً‪ ،‬وس�مت ًا‬ ‫أق�رب الن ِ‬
‫ّ�اس هدي ًا‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويف رواي�ة ق�ال حذيف�ة‪َ :‬‬
‫«كان‬
‫مسعود حتّى يتوارى منّا يف ِ‬
‫بيته»‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫أقرهبم إىل اهلل‬ ‫هو م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫أن اب َن أ ِّم عبد َ‬ ‫أصحاب‬ ‫املحفوظون م ْن‬ ‫علم‬
‫ولقدْ َ‬
‫زلفى»)‪.(5‬‬
‫ِ‬
‫والعمل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باجلوهر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املناظر‪ ،‬ولكن‬ ‫بالص ِ‬
‫ور وال‬ ‫احلقيقي عند اهلل ال يكون ّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫وامليزان‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]3981‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2750‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬حسن هيئته‪ ،‬ومنظره يف الدّ ين‪ ،‬وليس من احلسن واجلال‪ .‬النهاية [‪[988/2‬‬
‫ِ‬
‫السرية وال ّطريقة واستقامة املنظر واهليئة‪ .‬النهاية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫)‪ُّ (3‬‬
‫السكينة والوقار وحسن ّ‬
‫اإلنسان من ّ‬ ‫يكون عليها‬ ‫الدل‪ :‬احلالة التي‬
‫]‪.[315/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[2763‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]3807‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[7023‬‬
‫‪‬‬

‫ال نحيف ًا قصري ًا‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫مسعود رج ً‬ ‫وقد كان اب ُن‬
‫ٍ‬
‫مس�عود‪ ،‬فكا َد‬ ‫عمر ِ‬
‫بن اخل ّط ِ‬
‫�اب‪ ،‬إ ْذ جا َء اب ُن‬ ‫ٍ‬
‫وهب‪َ ،‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫زيد ِ‬
‫مع َ‬‫جلال�س َ‬
‫ٌ‬ ‫قال‪ّ :‬إين‬ ‫ب�ن‬ ‫ْ‬
‫حني رآ ُه‪.‬‬
‫عمر َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫فضحك ُ‬ ‫قرصه‪،‬‬ ‫اجللوس يوارون ُه م ْن‬
‫ِ‬
‫عمر‬ ‫ث�م ّ‬
‫وىل‪ ،‬فأتبع ُه ُ‬ ‫قائم عليه‪َّ ،‬‬
‫وهو ٌ‬‫عم�ر يك ّلم ُه‪ ،‬ويته ّل ُل وجه ُه‪ ،‬ويضاحك� ُه‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجع�ل‬
‫ملئ عل ًا)‪.(1‬‬
‫كنيف َ‬
‫ٌ‬ ‫برص ُه حتّى توارى‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫وهو م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫األنصاري َّ‬ ‫الربي ِع‬
‫عتبان ب َن مالك‪َ ،‬‬ ‫أن‬ ‫ُّ‬ ‫ع� ْن حمم�ود بن ّ‬
‫ِ‬
‫البرص‪،‬‬ ‫رضير‬
‫ُ‬ ‫رجل‬‫رسول اهلل أنا ٌ‬‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ ،‬أتى‬ ‫مم ّ ْن ش�هدَ بدر ًا م َن‬
‫يت‬ ‫أس�تطع ْ‬ ‫س�ال الوادي ا ّلذي بين�ي‬ ‫األمطار َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫أن آ َ‬ ‫ْ‬ ‫وبينهم مل ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫كان�ت‬ ‫أص�يل لقومي‪ ،‬فإذا‬ ‫وأن�ا‬
‫مصىل‪.‬‬ ‫فتصيل يف بيتي‪ّ ،‬‬
‫فأختذ ُه ًّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل أن َّك تأتيني‪،‬‬ ‫ووددت يا‬
‫ُ‬ ‫هبم‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فأصيل ْ‬ ‫مسجدهم‪،‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وأبو ٍ‬
‫بك�ر [زاد مس�لم يف رواية‪« :‬وم ْن ش�ا َء اهلل م ْن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عتب�ان‪ :‬فغ�دا‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫ّهار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ارتفع الن ُ‬
‫َ‬ ‫حني‬
‫أصحابه] َ‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫البيت‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫جيلس حتّى َ‬
‫دخل‬ ‫فلم ْ‬‫فأذنت ل ُه‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫فاستأذن‬
‫‪.‬‬

‫فك�ر‪ ،‬فقمنا‪ ،‬فص ّفنا‪ّ ،‬‬


‫فصىل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ َ‬ ‫البيت‪ ،‬فقا َم‬ ‫ناحية م َن‬ ‫ف�أرشت ل ُه إىل‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫ثم س ّل َم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ركعتني‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫خزيرة صنعناها ل ُه‪.‬‬ ‫فحبسنا ُه عىل‬

‫منهم‪ :‬أي َن‬ ‫فقال ٌ‬ ‫ٍ‬


‫ع�دد‪ ،‬فاجتمعوا َ‬ ‫أهل الدّ ِار ذوو‬
‫رجال م� ْن ِ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قائ�ل ْ‬ ‫البيت‬ ‫ف�آب يف‬
‫ق�ال‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫خشن؟‬ ‫خيشن ِ‬
‫أو اب ُن الدّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مالك ب ُن الدّ‬

‫)‪ (1‬سري أعالم النبالء [‪.[436/1‬‬


‫‪‬‬

‫حيب اهلل ورسول ُه‪.‬‬


‫منافق ال ُّ‬
‫ذلك ٌ‬‫بعضهم‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫أعلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬اهلل ورسول ُه ُ‬
‫املنافقني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فإنّا نرى وجه ُه ونصيحت ُه إىل‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫)‪.(1‬‬

‫الرجوعِ‪.‬‬
‫أي‪ :‬منعنا ُه م َن ّ‬
‫ْ‬
‫قال ابن قتيبة‪ :‬تصنع من حل�م يق ّطع صغار ًا ثم يصب ِ‬
‫عليه‬ ‫ن�وع م َن األطعمة‪َ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ٌ‬
‫فهو عصيدة)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ماء كثري‪ ،‬فإذا نضج ذر ِ‬
‫عليه الدّ قيق‪ْ ،‬‬
‫وإن مل ْ يك ْن فيه حلم َ‬ ‫َ َّ‬

‫جواز إمام ُة األعمى‪.‬‬


‫ُ‬
‫إخبار املرء عن نفسه با ِ‬
‫فيه م ْن عاهة وال يكون م َن ّ‬
‫الشكوى‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫للجاعة سوى مسجده ﷺ‪.‬‬ ‫أ ّن ُه َ‬
‫كان يف املدينة مساجد‬
‫ف ِ‬
‫عن اجلاعة يف املطر وال ّظلمة ونحو َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫التّخ ّل ُ‬

‫إجاب ُة الفاضل دعوة املفضول‪.‬‬

‫قول إن شاء اهلل عن الوعد‪.‬‬


‫ِ‬
‫بالوعد‪.‬‬ ‫الوفا ُء‬
‫أطلق ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه اسم املسجد‪.‬‬ ‫ولو َ‬ ‫ّاختا ُذ مكان يف البيت ّ‬
‫للصالة ال يستلزم وقف ّيت ُه‪ْ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]415‬ومسلم [‪.[1052‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[521/1‬‬
‫‪‬‬

‫صالة النّوافل مجاعة [أحيان ًا]‪.‬‬


‫علم َّ‬
‫أن املستدعي ال يكره َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫الزائر بعض أصحابه إذا َ‬
‫استصحاب ّ‬
‫ُ‬
‫هو اإلمام‬
‫الزائر َ‬ ‫خمصوص ب�ا إذا َ‬
‫كان ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الزائر م ْن زار ُه‬ ‫َّ‬
‫أن عم�و َم النّهي ع ْن إمام�ة ّ‬
‫األعظم فال يكر ُه‪ ،‬وكذا م ْن َ‬
‫أذن ل ُه صاحب املنزل‪.‬‬
‫بعضهم؛ ليستفيدوا من ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫اجتاع أهل املح ّلة عىل اإلمام ْأو العامل إذا ور َد منزل‬
‫غاب ِ‬
‫عن اجلاعة بال عذر‪.‬‬ ‫افتقاد م ْن َ‬
‫أ ّن ُه ال يكفي يف اإليان النّطق م ْن غري اعتقاد‪.‬‬
‫أ ّن ُه ال خي ّلدُ يف النّار م ْن َ‬
‫مات عىل التّوحيد‪.‬‬
‫ِ‬
‫أن العمل ا ّلذي يبتغى به وجه اهلل تعاىل ّ‬
‫ينجي صاحبه إذا قبل ُه اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫َّ‬
‫يكفر َ‬
‫بذلك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫نسب م ْن يظهر اإلسالم إىل النّفاق ونحوه بقرينة تقوم عنده ال ُ‬ ‫أن م ْن َ‬
‫يعذر بالت ِ‬
‫ّأويل)‪.(1‬‬ ‫يفسق ْبل ُ‬ ‫ُ‬ ‫وال‬

‫ٍ‬ ‫محن ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ش�بل ‪I‬‬ ‫بن‬ ‫معني يف البيت للصالة خمالف ًا حلديث عبد ّ‬
‫ر اختا ُذ مكان ّ‬
‫هل يعت ُ‬
‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫السبعِ‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثالث‪ :‬عن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأن يوط َن ّ‬ ‫الغراب‪ ،‬وع ْن فرشة ّ‬ ‫نقرة‬ ‫ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ع ْن‬ ‫قال‪ :‬هنى‬
‫البعري)‪.(2‬‬ ‫يصيل ِ‬
‫فيه كا يوط ُن‬ ‫املكان ا ّلذي ّ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البي�وت‪ ،‬أما يف‬ ‫ِ‬
‫للصالة إن�ا هو يف‬ ‫امل�كان ّ ِ‬
‫املع�ني‬ ‫ِ‬ ‫لي�س هن�اك خمالف� ٌة‪ ،‬فاختا ُذ‬
‫ٍ‬
‫ألحد‪.‬‬ ‫وليس ملك ًا‬ ‫جيوز؛ فإن املسجدَ ٌ‬ ‫ِ‬
‫ملك هلل‪َ ،‬‬ ‫املسجد؛ فال ُ‬
‫ِ‬
‫املس�جد ال ّ‬
‫يصيل إال فيه إذا س�بقه‬ ‫خيتص مكان ًا يف‬ ‫ِ‬
‫املش�اكل؛ ألن الذي ُّ‬ ‫ثم هو يؤ ّدي إىل‬
‫وارتفع�ت أصواهتا يف‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الس�ابق‪،‬‬ ‫تش�اجر مع هذا‬ ‫يغض�ب‪ ،‬وربا‬ ‫ِ‬
‫امل�كان فإنه‬ ‫أح�دٌ إىل ه�ذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املسجد‪ ،‬بل ربا تضاربا يف النهاية!‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[523/1‬‬


‫وحسنه األلباين بمجموع طرقه يف الصحيحة‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]862‬والنسائي [‪ ،]1112‬وابن ماجة [‪ّ ،]1429‬‬
‫]‪.[1168‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫[هو عبد اهلل ابن أ ّم مكتوم]‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ ٌ‬
‫رجل أعمى َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬أتى الن َّ‬
‫أن ّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ْ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫فيصيل‬ ‫ص ل ُه‬
‫يرخ َ‬ ‫فسأل‬ ‫ليس يل قائدٌ يقودين إىل‬
‫رسول اهلل إ ّن ُه َ‬ ‫يا‬
‫ص ل ُه‪.‬‬ ‫بيته‪ّ ،‬‬‫يف ِ‬
‫فرخ َ‬
‫‪.‬‬ ‫وىل دعا ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فلا ّ‬
‫ّ‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫(‪.‬‬
‫أش�كل وج ُه اجلم ِع ب�ني حديث ِ‬
‫ابن أ ِّم مكت�و ٍم وحديث عتبان بن‬ ‫َ‬ ‫قد‬
‫مالك‪ ،‬حيث جعل لعتبان رخص ًة‪ ،‬ومل جيعل البن أم مكتوم رخصة؟‪.‬‬
‫عتبان؛ وهلذا ور َد يف بعض طرق‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪ ،‬بخالف‬ ‫فقيل‪ :‬إن اب َن أ ِّم مكتو ٍم كان قريب ًا من‬
‫ابن أ ِّم مكتو ٍم‪ :‬أنه كان يسمع اإلقامة‪.‬‬ ‫حديث ِ‬

‫ويقيم‪،‬‬ ‫صالة النبي ﷺ من بيته مسجد ًا يؤ ّذ ُن ِ‬


‫فيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫موضع‬ ‫عتبان َ‬
‫جعل‬ ‫ُ‬ ‫وحيتمل أن يكون‬‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫مس�جد‪ :‬إما مس�جد‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يف‬ ‫ُ‬
‫فتكون صالته‬ ‫قرب من�ه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫أه�ل داره‪ ،‬ومن َ‬ ‫بجاع�ة‬ ‫ويص�يل‬
‫جيمع فيه‪.‬‬ ‫مجاعة‪ ،‬أو مسجد ٍ‬
‫بيت‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫مجع‬
‫أقرب ما َ‬‫يأذن له‪ ،‬وهذا ُ‬‫استأذن يف صالته يف بيته منفرد ًا‪ ،‬فلم ْ‬
‫َ‬ ‫وأما اب ُن أ ِّم مكتو ٍم فإنه‬
‫ِ‬
‫احلديثني‪ .‬واهلل أعلم»)‪.(3‬‬ ‫به بني‬
‫ر مهلك ًة‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫السيل يعت ُ‬ ‫وجود‬ ‫الوادي مع‬
‫َ‬ ‫البرص‬ ‫ضعيف‬
‫ُ‬ ‫عتبان وهو‬ ‫عبور‬
‫وكذلك فإن َ‬
‫ِ‬ ‫بخالف ِ‬
‫حالة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ابن أ ِّم مكتو ٍم‪ ،‬فإنه جميئ ُه إىل املسجد ّ ٌ‬
‫متير‪.‬‬ ‫ر‪،‬‬‫بأي حال أن يع َ‬ ‫ال يمك ُن له ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[653‬‬


‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[257/2‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ]392/2‬البن الباري‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫إن يل َ‬
‫إليك‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫أن امرأ ًة َ‬
‫كان يف عقلها يش ٌء‪،‬‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫حاج ًة‪.‬‬

‫‪ ،‬فخال معها يف‬ ‫َ‬


‫فقال‪:‬‬
‫فرغت م ْن حاجتها)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫بعض ال ّط ِ‬
‫رق حتّى‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ّقصان‪.‬‬ ‫أي‪ :‬م ْن الفتور‪ ،‬والن‬
‫ْ‬
‫وقف معها يف طريق مس�لوك؛‬ ‫ق�ال الن�ووي‪« :‬قوله‪( :‬خال معه�ا يف بعض ال ّطرق) ْ‬
‫أي‪َ :‬‬
‫ليقيض حاجتها‪ ،‬ويفتيها يف اخللوة‪.‬‬
‫َ‬
‫ومشاهدهتم إ ّيا ُه وإ ّياها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ممر النّاس‪،‬‬
‫كان يف ِّ‬ ‫ذلك م َن اخللوة باألجنب ّي ِة‪َّ ،‬‬
‫فإن هذا َ‬ ‫ومل ْ يك ْن َ‬
‫أعلم»)‪.(2‬‬ ‫يسمعون كالمها؛ َّ‬
‫ألن مسألتها ممّا ال يظهر ُه‪ .‬واهلل ُ‬ ‫َ‬ ‫لك ْن ال‬
‫ِ‬
‫حوائج ذوي االحتياجات اخلاصة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قضاء‬ ‫وهذا من حلمه وتواضعه ﷺ‪ ،‬وصره عىل‬

‫خياطب بعض عظاء قريش‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ كان يوم ًا‬ ‫َ‬ ‫املفرين أن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫غري واحد من ّ‬ ‫فذك�ر ُ‬
‫أقبل اب ُن أ ِّم مكتو ٍم ‪ -‬وكان ممن أسلم قدي ًا‬ ‫ِ‬
‫ويناجيه إذ َ‬ ‫طمع يف إسالمه‪ ،‬فبينا هو خياطبه‬
‫وقد َ‬
‫تلك؛‬‫كف ساعته َ‬ ‫النبي ﷺ أن لو َّ‬
‫ويلح عليه‪ ،‬وو َّد ُّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ عن يشء‪ُّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فجعل ُ‬
‫يسأل‬ ‫َ‬ ‫‪-‬‬
‫وعبس يف وج�ه ِ‬
‫ابن أ ِّم مكتو ٍم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرجل؛ طمع� ًا ورغب ًة يف هدايته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خماطبة ذلك‬ ‫ليتمكّ� َن م�ن‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وأقبل عىل اآلخر‪.‬‬ ‫وأعرض عن ُه‪،‬‬
‫َ‬
‫فأن�زل اهلل ‪( :D‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [عب�س‪،[3-1 :‬‬
‫ُ‬
‫حيصل له زكاةٌ‪ ،‬وطهار ٌة يف نفسه‪.‬‬ ‫أي‪:‬‬

‫وانزجار عن املحار ِم‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫ّعاظ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫حيصل له ات ٌ‬ ‫(ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)‪ْ ،‬‬
‫أي‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2236‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[83/15‬‬
‫‪‬‬

‫تتعرض له؛ لع ّله هيتدي‪.‬‬


‫الغني فأنت ّ‬
‫ُّ‬ ‫(ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ)‪ْ ،‬‬
‫أي‪ :‬أما‬
‫ٍ‬
‫بمطالب به إذا مل حيصل له زكاة‪.‬‬ ‫(ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ)‪ ،‬أي‪ :‬ما َ‬
‫أنت‬

‫ليهت�دي ب�ا تق�ول له‪،‬‬


‫َ‬ ‫(ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ)‪ ،‬أي‪ :‬يقص�دك‪ ،‬ويؤ ّم�ك؛‬
‫(ﭷ ﭸ ﭹ)‪ ،‬أي‪ :‬تتشاغل‪.‬‬

‫خيص باإلنذار أحد ًا‪.‬‬


‫ومن هاهنا أمر اهلل ‪ D‬رسوله ﷺ أال َّ‬
‫ِ‬
‫والرجال‬ ‫ِ‬
‫والعبيد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والس�ادة‬ ‫والغني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والفقري‬ ‫ِ‬
‫والضعي�ف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرشيف‬ ‫بل يس�اوى فيه بني‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والكبار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والصغار‬ ‫ِ‬
‫والنساء‪،‬‬

‫واحلج ُة الدامغ ُة)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬


‫رصاط مستقي ٍم‪ ،‬وله احلكم ُة البالغ ُة‬ ‫ثم اهلل هيدي من يشا ُء إىل‬
‫ّ‬
‫النبي ﷺ بعد ذلك يكرمه‪.‬‬
‫فكان ُّ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫أنزل (ﭑ ﭒ)يف ِ‬
‫اب�ن أ ِّم مكتو ٍم األعمى‪ ،‬أتى‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫ع� ْن عائش� َة ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل أرشدين‪.‬‬ ‫فجعل ُ‬
‫يقول‪ :‬يا‬ ‫َ‬

‫يع�رض عن ُه‪،‬‬ ‫ُ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫فجعل‬ ‫املرشكني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عظ�اء‬ ‫ٌ‬
‫رج�ل م ْن‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫وعن�دَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ويقول‪ :‬أترى با ُ‬
‫أقول بأس ًا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ويقبل عىل‬
‫ُ‬
‫فيقول‪( :‬ال)‪.‬‬
‫ففي هذا َ‬
‫أنزل)‪.(2‬‬

‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القاعدون م َن‬ ‫رسول اهلل ﷺ أمىل ِ‬
‫عليه‪( :‬ال يستوي‬ ‫َ‬ ‫ثابت ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫زيد بن ٍ‬‫عن ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل اهلل(‪.‬‬ ‫َ‬
‫واملجاهدون يف‬

‫وهو يم ّلها َّ‬


‫عيل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فجاء ُه اب ُن أ ِّم مكتو ٍم َ‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري [‪.[568/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ]3331‬وصححه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي [‪.[2651‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫وكان رج ً‬
‫ال أعمى‪.‬‬ ‫جلاهدت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أستطيع اجلها َد؛‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ْلو‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫خفت َّ‬
‫أن‬ ‫عيل حتّى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فثقلت َّ‬
‫ْ‬ ‫رسوله ﷺ‪ ،‬وفخذ ُه عىل فخذي‪،‬‬ ‫تبارك وتعاىل عىل‬ ‫فأنزل اهلل‬
‫فأنزل اهلل ‪( :D‬ﭖ ﭗ ﭘ) [النساء‪.(1)[95 :‬‬
‫رس َي عن ُه‪َ ،‬‬
‫ثم ّ‬
‫ترض فخذي‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫االحتياج�ات اخلاص ِ‬
‫�ة‪( :-‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ِ‬ ‫وق�ال تعاىل ‪-‬خم ّفف� ًا ع�ن ذوي‬
‫ّ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ) [الفتح‪.[17 :‬‬

‫ٍ‬
‫س�الح‪ ،‬أو اخلروج إىل‬ ‫ِ‬
‫بحمل‬ ‫ِ‬
‫القتال‪ ،‬فلم يك ّلفهم‬ ‫ِ‬
‫اجلهاد يف س�احة‬ ‫فرفع عنهم فريض َة‬
‫ٍ‬
‫نفري يف سبيل اهلل‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫َ‬
‫وكان ل ُه‬ ‫ِ‬
‫العرج‪،‬‬ ‫أعرج شديدَ‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫اجلموح َ‬
‫كان رج ً‬ ‫ِ‬ ‫أن عمرو ب َن‬‫ع ْن أش�ياخٍ م ْن بني سلم َة ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ املشاهدَ ‪.‬‬ ‫مع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بنون أربع ٌة َ‬
‫َ‬
‫يشهدون َ‬ ‫األسد‪،‬‬ ‫مثل‬
‫كان يو ُم أحد أرادوا حبس ُه‪ ،‬وقالوا ل ُه‪ّ :‬‬
‫إن اهلل ‪ D‬قدْ عذرك‪.‬‬ ‫فلا َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫واخلروج معك‬ ‫ِ‬
‫الوجه‪،‬‬ ‫أن حيبس�وين ع ْن هذا‬ ‫يريدون ْ‬
‫َ‬ ‫بني‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫فقال‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫إن َّ‬ ‫فأتى‬
‫هذه يف اجلن ِّة‪.‬‬
‫أطأ بعرجتي ِ‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫فيه‪ ،‬فواهلل ّإين ألرجو ْ‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫‪.‬‬ ‫وقال ِ‬
‫لبنيه‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقتل يوم ٍ‬
‫أحد)‪.(2‬‬ ‫فخرج مع ُه‪َ َ ،‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫اجلموح إىل‬ ‫وع ْن أيب قتاد َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬أتى عمرو ب ُن‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2832‬ومسلم [‪.[1898‬‬


‫)‪ (2‬رواه اب�ن إس�حاق يف الس�رية ك�ا يف الس�رية النبوية البن هش�ام [‪ ،]40/4‬ورجاله ثقات‪ ،‬وقال الش�يخ‬
‫األلب�اين‪« :‬س�نده حس�ن إن مل يك�ن مرس�ال‪ ،‬وق�د روى بعضه أمحد بس�ند صحي�ح»‪ .‬حتقيق فقه الس�رية‬
‫]‪.[260/1‬‬
‫‪‬‬

‫(وكانت رجل ُه‬


‫ْ‬ ‫هذه صحيح ًة يف اجلن ِّة‬
‫أقتل‪ ،‬أميش برجيل ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل اهلل حتّى َ‬ ‫قاتلت يف‬
‫ُ‬ ‫أرأيت ْ‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫عرجا َء)‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ُ‬ ‫وموىل هلم‪ ،‬فمر ِ‬ ‫أحد هو وابن ِ‬
‫فقتل�وا ي�وم ٍ‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫عليه‬ ‫ً ْ َّ‬ ‫أخيه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫)‪.(1‬‬

‫بحالة نفس� ّي ٍة‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫واملخالطة؛ فإهنم يصيبوهنم‬ ‫ِ‬
‫والرشاب‪،‬‬ ‫الن�اس إن جتنّبوهم يف الطعا ِم‬
‫َ‬ ‫ف�إن‬
‫حث اهلل تع�اىل عىل خمالطتهم‪ .‬قال تع�اىل‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫س� ّي ٍئة ج�دّ ًا؛ لذلك َّ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ‬
‫ﮖ‪ )...‬اآلية [النور‪.[61 :‬‬
‫أنزل�ت فيه‪ :‬فقال‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫التأوي�ل يف هذه اآلي�ة يف املعنى الذي‬ ‫«اختلف ُ‬
‫أهل‬ ‫َ‬ ‫ق�ال اب�ن جري�ر‪:‬‬
‫ِ‬
‫والعرجان‪ ،‬واملرىض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العميان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األكل مع‬ ‫أنزلت هذه اآلية ترخيص ًا للمسلمني يف‬
‫ْ‬ ‫بعضهم‪:‬‬
‫أجل أهنم كانوا قد امتنعوا من أن يأكلوا معهم من طعامهم؛‬ ‫ِ‬
‫الزمانة من طعامهم؛ من ِ‬ ‫وأهل‬
‫خش�ي َة أن يكونوا قد أتوا بأكلهم معهم من طعامهم شيئ ًا مما هناهم اهلل عنه بقوله‪( :‬ﭩ‬
‫ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬
‫ﭷﭸ) [النساء‪.(2)«[29 :‬‬
‫النبي ﷺ ال خيالطهم يف طعامهم أعمى‪،‬‬ ‫قبل أن َ‬ ‫ِ‬
‫املدينة َ‬ ‫وقال الضحاك‪« :‬كان ُ‬
‫يبعث ُّ‬ ‫أهل‬
‫والتقزز‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مريض‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬إنا كان هبم ّ‬
‫التقذر‪،‬‬ ‫وال ٌ‬
‫واألعرج املنحبس ال‬
‫ُ‬ ‫الصحي�ح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫املريض ال يس�تويف الطعا َم كا يس�تويف‬
‫ُ‬ ‫وقال بعضهم‪:‬‬
‫ب الطعام‪ ،‬فأنزل اهلل (ﯔ ﯕ‬
‫يبرص ط ّي َ‬
‫يستطيع املزامحة عىل الطعام‪ ،‬واألعمى ال ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املريض‪ ،‬واألعمى‪ ،‬واألعرج» ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ﯖ) أي‪ٌ :‬‬
‫حرج يف مؤاكلة‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]22606‬وسنده حسن‪ ،‬كا قال احلافظ يف الفتح [‪.[173/3‬‬
‫)‪ (2‬تفسري ابن جرير [‪.[219/19‬‬
‫)‪ (3‬تفسري ابن جرير [‪.[219/19‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫اخلروج إىل ِ‬
‫لقاء املرشكني‬ ‫ِ‬ ‫الناس يف‬ ‫غزوة ٍ‬
‫أحد ّملا‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ َ‬‫استشار ُّ‬
‫َ‬ ‫ومن ذلك ما وقع يف‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف ٍ‬
‫ألف م َن‬ ‫ُ‬ ‫فخرج‬ ‫داخل املدينة وقتاهلم بداخلها‪...‬‬ ‫ِ‬
‫البقاء َ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬أو‬ ‫خارج‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الص ِ‬
‫املدينة)‪.(1‬‬ ‫بقي يف‬ ‫واستعمل اب َن أ ّم مكتو ٍم عىل ّ‬
‫الصالة بم ْن َ‬ ‫حابة‪،‬‬ ‫ّ‬

‫َّ‬
‫ليصيل بالناس يف املدينة‪.‬‬ ‫مر ٍة‪ ،‬وكذلك استخلف ُه؛‬
‫أكثر من ّ‬
‫ِ‬
‫النبي ﷺ عىل املدينة َ‬ ‫وقد ّ‬
‫وال ُه ُّ‬
‫مر ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫تني ّ‬
‫يصيل‬ ‫اس�تخلف اب َن أ ِّم مكتو ٍم عىل املدينة ّ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫أن الن َّ‬
‫وهو أعمى)‪.(2‬‬
‫هبم َ‬
‫ْ‬

‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫َ‬ ‫عمر ‪َّ L‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أن‬ ‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫أصبحت)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫أصبحت‬
‫َ‬ ‫ال أعمى ال ينادي حتّى َ‬
‫يقال ل ُه‪:‬‬ ‫َ‬
‫وكان رج ً‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫وهو أعمى)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ َ‬ ‫كان اب ُن أ ِّم مكتو ٍم يؤ ّذ ُن‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫ن عائش َة ‪J‬‬
‫وع ْ‬
‫وهو أعمى)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ َ‬ ‫كان مؤ ّذن ًا‬
‫أن اب َن أ ِّم مكتو ٍم َ‬
‫ويف رواية‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫البرص‪ ،‬وم�ع ذلك يؤ ّذ ُن ويؤ ُّم‬ ‫رضير‬ ‫ِ‬
‫العاهات‪ ،‬فهذا‬ ‫ِ‬
‫طاق�ات ذوي‬ ‫ِ‬
‫اس�تغالل‬ ‫فانظ�ر إىل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ّ‬
‫ويتوىل اإلمارةَ‪.‬‬ ‫الناس‪،‬‬
‫َ‬

‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬


‫قال الن ُّ‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬

‫)‪ (1‬السرية النبوية ]‪ ]63/2‬البن هشام‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]2931‬وأمحد [‪ ،]11935‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[530‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]617‬ومسلم [‪.[1092‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[381‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪.[535‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫ﷺ‬
‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ال عىل م� ْن دون ُه‪َ ،‬‬
‫فق�ال الن ُّ‬ ‫فق�د رأى س�عدٌ ‪َّ I‬‬
‫أن ل� ُه فض� ً‬
‫)‪.(4‬‬
‫)‪.(5‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫ّبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫وعن أيب الدّ ِ‬
‫رداء ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(6‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عظيم‬
‫ٌ‬ ‫باب‬‫واملس�اكني واملعاقني يف املجتمع املس�لم رمح ٌة عظيم ٌة‪ ،‬فهم ٌ‬ ‫الضعفاء‬ ‫فوجو ُد‬
‫ِ‬
‫واإلحس�ان إليهم‪،‬‬ ‫ر هبم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تنافس يف ال� ِّ‬
‫ٌ‬ ‫اخل�ري يفتحه اهلل لعب�اده؛ ليكون هن�اك‬ ‫أب�واب‬ ‫م�ن‬
‫وعز ًا للمسلمني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومساعدهتم‪ ،‬وليكون دعا ُء هؤالء الضعفاء رمح ًة ونرص ًا ّ‬
‫ﷺ‬
‫ويتج�ىل ذلك يف عفوه‪ ،‬وحلمه ﷺ عندما توجه بجيش�ه صوب ٍ‬
‫أحد‪ ،‬وعزم عىل املرور‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫قيظي‪.‬‬ ‫مربع ب ُن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫رضير‪ ،‬اسمه‪ُ :‬‬ ‫منافق‬ ‫لرجل‬ ‫بمزرعة‬

‫أي‪ :‬معاملها وحدودها‪ ،‬واحدها ختم‪ .‬النهاية [‪.[183/1‬‬ ‫)‪ْ (1‬‬


‫)‪ (2‬أي أض ّله عنه‪ ،‬أو د ّله عىل غري مقصده‪.‬‬
‫الشباب الس ِ‬
‫يسأل عن الطريق د ّلوه عىل‬
‫رضير ُ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫يتالعبون باملكفوفنيَ ‪ ،‬إذا جاءهم‬ ‫فهاء‬ ‫ِ ّ‬ ‫بعض‬
‫اآلن َ‬‫ولألسف نجدُ َ‬
‫الطريق املعاكس؛ ليضحكوا عليه‪ ،‬ويسخروا من ُه‪.‬‬
‫أخذ ِ‬
‫بيد أعمى زاع ًا أنه يد ّله عىل الطريق‪ ،‬فسحب ُه حتى وصل إىل وسط الطريق‪ ،‬ثم تركه أما َم‬ ‫بل إن بعضهم َ‬
‫ِ‬
‫النهاية‬ ‫اكتشف يف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخلطر‪ ،‬وهم ال يدرون عن حاله‪ ،‬حتى‬ ‫َ‬
‫وأخذ السائقون ين ّبهونه‪ ،‬وهو ال يدري عن‬ ‫الس ّيارات‪،‬‬
‫رضير البرص!ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قائم يف وجه الس ّيارات‪ ،‬وحتى اكتشفوا أنه‬
‫ُ‬ ‫أنه ٌ‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5891‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪،]1878‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[2896‬‬
‫)‪ (5‬رواه النسائي [‪ ،]3178‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[6‬‬
‫وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[779‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (6‬رواه أبو داود [‪ ،]2594‬والرتمذي [‪،]1702‬‬
‫‪‬‬

‫تر يف‬ ‫كن�ت نب ّي ًا ْ‬ ‫حممدُ ْ‬ ‫ِ‬


‫حائط�ه‪ :‬ال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أن َّ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫أحل لك يا ّ‬ ‫أجاز يف‬
‫حني َ‬‫لرس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫فق�ال‬
‫الرت ِ‬
‫اب‬ ‫أصي�ب هبذا ّ‬ ‫أعلم ّأين ال‬ ‫ثم َ‬ ‫وأخ�ذ يف ِ‬
‫يده حفن ًة م� ْن ٍ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‪ :‬واهلل ْلو ُ‬ ‫تراب‪ّ ،‬‬ ‫حائط�ي‪،‬‬
‫غريك؛ لرميتك ِبه‪.‬‬

‫فابتدر ُه القو ُم؛ ليقتلو ُه‪.‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫والوضع‬ ‫ِ‬
‫للقتال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طريق�ه‬ ‫اإلس�المي يف‬ ‫فل�م يأم�ر بقتله‪ ،‬أو حتى بأذ ّيته‪ ،‬رغم أن َ‬
‫اجليش‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫واألعصاب متوتّرةٌ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫متأز ٌم‪،‬‬
‫ّ‬

‫ّيل من أصحاب‬ ‫ِ‬


‫العاهات‪ ،‬أو الن ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫فليس من شي ِم املقاتلني املسلمني االعتدا ُء عىل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلعاقات‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫العافية‪.‬‬ ‫بعاهة أن حيمدوا اهلل عىل‬ ‫أصيب‬
‫َ‬ ‫فع ّل َم ُّ‬
‫النبي ﷺ أ ّمته إذا رأوا من‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب ‪َّ I‬‬ ‫عم�ر بن‬
‫َ‬ ‫فع�ن‬

‫)‪.(2‬‬

‫ألهن�ا مظنّ ُة اجلزعِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فإن العافي َة‬


‫َّ‬
‫أوس�ع م َن البل ّية؛ ّ‬
‫ُ‬
‫الض ِ‬
‫عيف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املؤمن ّ‬ ‫أحب إىل اهلل م َن‬ ‫تكون حمن ًة أي ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫القوي ُّ‬
‫ُّ‬ ‫حمنة‪ ،‬واملؤم ُن‬ ‫َّ‬ ‫وحينئذ‬ ‫والفتنة‪،‬‬
‫ِ‬
‫والقلب والقالب«)‪.(3‬‬ ‫أي‪ :‬يف الدّ ِ‬
‫ين والدّ نيا‪،‬‬ ‫ْ‬
‫يسمع نفسه‪ ،‬وال يسمعه املبتىل«)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بحيث‬ ‫رس ًا‬
‫الذكر ّ‬
‫َ‬ ‫»قال العلاء‪ :‬ينبغي أن َ‬
‫يقول هذا‬

‫)‪ (1‬السرية النبوية [‪ ]244/2‬البن كثري‪ ،‬السرية النبوية [‪ ]57/3‬البن هشام‪ ،‬زاد املعاد [‪.[172 / 3‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي [‪.[3431‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪،]3431‬‬
‫)‪ (3‬حتفة األحوذي [‪.[275/9‬‬
‫)‪ (4‬فيض القدير للمناوي [‪.[130/6‬‬
‫‪‬‬

‫كر أمامه جهر ًا‬ ‫يقول ّ‬ ‫ٍ‬


‫معصية‪ ،‬فإنه ُ‬ ‫ِ‬
‫الدين كمن رأى فاس�ق ًا عىل‬ ‫لكن لو َ‬
‫الذ َ‬ ‫كان البال ُء يف‬
‫ِ‬
‫املنكر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزجر‪ ،‬والن ِ‬
‫ّهي عن‬ ‫من ِ‬
‫باب‬
‫‪.E‬‬
‫املستقيم‪ ،‬فع ّط َل‬
‫َ‬ ‫ألن اهلل خلق له سمع ًا‪ ،‬وبرص ًا‪ ،‬وفؤاد ًا؛ ليؤم َن به ويعبده‪ ،‬ويت َ‬
‫ّبع رصاطه‬
‫والبرص‪ ،‬والفؤاد‪( :‬ﭑ ﭒ‬
‫َ‬ ‫الس�مع‪،‬‬
‫َ‬ ‫وس�واه‪ ،‬وأعطاه‬
‫ّ‬ ‫وكفر باهلل الذي خلق ُه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫كل ذلك‪َ ،‬‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [األعراف‪.[179 :‬‬
‫ِ‬
‫الكافر الذي ع ّطل سمعه‪ ،‬وبرصه‪ ،‬وفؤاده‪ ،‬فلم يستفدْ به إال استفاد َة احليوان‬ ‫فهذا ُ‬
‫حال‬
‫ِ‬
‫والرشاب‪ ،‬واجلاع‪.‬‬ ‫بحواسه‪ ،‬وذلك يف الطع�ا ِم‪،‬‬
‫ّ‬
‫بحواسه‪ ،‬وعقله الذي منح ُه اهلل إ ّيا ُه‪ ،‬فاستعمله فيا خلق له‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أما املؤم ُن فإنه استفا َد‬
‫ِ‬
‫واإليان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البصرية‪،‬‬ ‫احلقيقي هو فقدُ‬ ‫ِ‬
‫البرص‪ ،‬بل العمى‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة ليس فقدَ‬ ‫ثم إن العمى عىل‬
‫ُّ‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [احلج‪.[47 :‬‬
‫احلق‪ ،‬حتى ال يش�اهده كا ال يش�اهدُ‬ ‫ِ‬
‫القلب عن ِّ‬ ‫ِ‬
‫الدين عمى‬ ‫الضار يف‬
‫ُّ‬ ‫«أي‪ :‬هذا العمى‬
‫ِ‬
‫البرص‪ ،‬فغايته بلغ ٌة‪ ،‬ومنفع ٌة دنيو ّي ٌة»)‪.(1‬‬ ‫األعمى املرئي ِ‬
‫ات‪ ،‬وأما عمى‬ ‫ّ‬

‫ِ‬
‫القدمني‬ ‫وأطي�ب منقلب ًا من صاح�ب‬
‫ُ‬ ‫املش�لول املقعدَ أحس� ُن ح�االً‪،‬‬
‫َ‬ ‫األع�رج‪ ،‬أو‬
‫َ‬ ‫وإن‬
‫اجلوارح يف معايص اهلل ‪.E‬‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫واليدين الذي استخ�د َم هذه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اجلوارح‪،‬‬
‫َ‬ ‫يت ه�ذه‬ ‫املس�لم فاق�د ًا لعضو ال يس�تعمله يف معصي�ة ٌ‬
‫خري ممّن أو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يك�ون‬ ‫ْ‬
‫وألن‬
‫ِ‬
‫الشيطان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خدمة‬ ‫ّ‬
‫وسخرها يف‬
‫ِ‬
‫الكرامة‬ ‫ج�ل‪ِ ،‬‬
‫وبرت‬ ‫الر ِ‬ ‫وب�ني ِ ِ‬ ‫الرش ِ‬ ‫الب�رص مثالً‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫وإذا قارنّ�ا ب�ني ِ‬
‫برت اليد أو ّ‬ ‫َ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫وفقد ّ‬ ‫فقد‬
‫العظيم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الفارق‬ ‫وتشو ِه الدّ ِ‬
‫ين؛ لوجدنا‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫واألخالق‪،‬‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[540/1‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اإلصابة‬ ‫ِ‬
‫العاهة اجلس�د ّية من‬ ‫ِ‬
‫بس�المة ذي‬ ‫ِ‬
‫احلمد والرضا‬ ‫ُ‬
‫لتحم�ل عىل‬ ‫تل�ك املقارن� َة‬
‫إن َ‬
‫ِ‬
‫النفس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعاهة‬
‫‪‬‬

‫تعامله ﷺ مع اأ�شحاب امل�شائب والبالء‬

‫صات واملكدّ ِ‬
‫رات‪ .‬كيف ال وقد‪:‬‬ ‫اقتضت حكم ُة اهلل تعاىل أال ختلو هذه احليا ُة من املن ّغ ِ‬
‫ْ‬ ‫لقد‬
‫َ‬

‫فهم‬ ‫غ�ري ٍ‬
‫وم�ن أرا َد أن ت�دو َم ل�ه الس�الم ُة والعافي ُة من ِ‬
‫التكلي�ف‪ ،‬وال َ‬
‫َ‬ ‫ع�رف‬
‫َ‬ ‫بالء؛ فا‬
‫التسليم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بمصيبة‪ ،‬إما يف ماله‪ ،‬أو بدنه‪ ،‬أو أهله‪.‬‬ ‫يصاب‬ ‫ُ‬
‫فاإلنسان يف هذه الدنيا ال بدَّ أن‬
‫َ‬
‫يعلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم�ن أنف ِع‬
‫املصائب‪ ،‬وأن َ‬ ‫التأس بأهل‬
‫نار مصيبته برد ّ‬ ‫يطفئ َ‬
‫َ‬ ‫للمصاب أن‬ ‫األمور‬
‫ٍ‬
‫حمبوب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بفوات‬ ‫ِ‬
‫الن�اس إال ً‬
‫مبتىل‪ ،‬إما‬ ‫مصاب‪ ،‬ولو فتّش مل َير يف‬ ‫ِ‬
‫البيوت‬ ‫كل ٍ‬
‫بي�ت م�ن‬ ‫أن يف ِّ‬
‫َّ‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫مكروه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حصول‬ ‫أو‬

‫ِ‬
‫واالبتالء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املصائب‪،‬‬ ‫مع ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ولذلك َ‬
‫نقف وقفات مع التعامالت النبو ّية َ‬
‫املهم أن َ‬
‫كان من ِّ‬
‫‪:‬‬ ‫ﷺ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫عن أيب هرير َة ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫قال‬
‫وأخذ ِ‬
‫املال املؤ ّث ِر‬ ‫ِ‬ ‫صح ِته‪،‬‬
‫باملرض املؤ ّث ِر يف ّ‬
‫ِ‬ ‫يصب من ُه‬
‫ْ‬ ‫أعلم ‪-‬‬
‫قال الباجي‪« :‬يريدُ ‪ -‬واهلل ُ‬
‫واحتسب؛ َ‬
‫كان‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشدّ ِة املؤ ّث ِ‬ ‫ِ‬
‫رسوره‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫واحلزن املؤ ّث ِر يف‬
‫َ‬ ‫صالح حاله‪ ،‬فإذا ص َ‬ ‫رة يف‬ ‫يف غنا ُه‪،‬‬
‫تبارك وتعاىل ِبه م َن ِ‬
‫اخلري»)‪.(2‬‬ ‫َ‬ ‫ذلك سبب ًا ملا أراد ُه اهلل‬‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5645‬‬


‫)‪ (2‬املنتقى رشح املوطأ [‪.[357/4‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪ I‬أن‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫)‪.(1‬‬
‫وجزيل ال ّث ِ‬
‫واب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الرضا من ُه تعاىل‬ ‫ِ‬
‫ريض با ابتال ُه اهلل به‪ ،‬فل ُه ّ‬
‫َ‬ ‫«أي‪ :‬م ْن‬
‫ِ‬
‫العذاب‪ ،‬وم ْن‬ ‫وأليم‬ ‫الس ُ‬
‫خط من ُه تعاىل‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يرض بقضائه‪ ،‬فل ُه ّ‬
‫وفزع‪ ،‬ومل ْ َ‬
‫َ‬ ‫وم ْن كر َه بال َء اهلل‪،‬‬
‫جيز ِبه‪.‬‬
‫يعمل سوء ًا َ‬‫ْ‬
‫ِ‬
‫وقوعه»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫البالء بعدَ‬ ‫الص ِر عىل‬ ‫واملقصو ُد‪ُّ :‬‬
‫احلث عىل ّ‬
‫تصب ُّ‬
‫قط»)‪.(3‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫كتان املصيبة‪ ،‬حتى يظ َّن أنك مل‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫جواهر ال ِّ‬ ‫اهلروي‪« :‬من‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫ُ‬
‫اجلاهل بعدَ أيا ٍم‪ ،‬ومن مل‬ ‫ِ‬
‫املصيبة ما يفعله‬ ‫يفعل يف ّأو ِل يو ٍم م�ن‬
‫«العاقل ُ‬
‫ُ‬ ‫وق�ال بعضهم‪:‬‬
‫سلو البهائ ِم»)‪.(4‬‬
‫ر الكرا ِم؛ سال َّ‬
‫رص َ‬
‫يص ْ‬

‫ﷺ‬

‫إن ابن ًا يل َ‬
‫قبض فأتنا‪.‬‬ ‫أرسلت ابن ُة النّبي ﷺ ِ‬
‫إليه‪َّ :‬‬ ‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫عن أسام ُة بن ٍ‬
‫زيد ‪َ L‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫الس�ال َم‬
‫يقرئ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأرس�ل‬
‫‪.‬‬

‫يب‬ ‫ِ‬
‫علي�ه؛ ليأتينّها‪ ،‬فقا َم ومع ُه س�عدُ ب ُن عبادةَ‪ ،‬ومعا ُذ ب� ُن ٍ‬ ‫فأرس�لت ِ‬
‫جبل‪ ،‬وأ ُّ‬ ‫تقس�م‬
‫ُ‬ ‫إليه‬ ‫ْ‬
‫كأهنا‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫كع�ب‪ ،‬وزيدُ بن ٍ‬
‫ٍ‬
‫تتقعقع ّ‬
‫ُ‬ ‫بي‪ ،‬ونفس� ُه‬
‫الص ُّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ‬ ‫فرفع إىل‬
‫ورجال‪َ ،‬‬ ‫ثابت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ب� ُن‬
‫ففاضت عينا ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ش ٌّن)‪،(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2396‬وابن ماجة [‪ ،]4031‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2110‬‬
‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[66/7‬‬
‫)‪ (3‬تسلية أهل املصائب [ص‪ ]17‬ملحمد بن حممد املنبجي‪.‬‬
‫)‪ (4‬تسلية أهل املصائب [ص‪.[29‬‬
‫ألقي يف القربة البالية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫)‪ (5‬معنا ُه‪ :‬هلا صوت وحرشجة كصوت املاء إذا َ‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ما هذا؟‬ ‫َ‬
‫فقال سعدٌ ‪ :‬يا‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فإن هذا ا ّلذي‬ ‫ِ‬


‫لقضاء اهلل وتقدي�ره‪َّ ،‬‬ ‫الصر والتّس�ليم‬ ‫معنا ُه‪ُّ :‬‬
‫احلث عىل ّ‬
‫هو ل ُه‪ ،‬فينبغي ّأال جتزعوا كا ال جيزع ِ‬
‫من اسرت ّد ْت‬ ‫فلم يأخذ ّإال ما َ‬
‫لكم‪ْ ،‬‬ ‫منكم َ‬
‫كان ل ُه ال ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أخذ‬
‫من ُه وديع ًة‪ْ ،‬أو عاري ًة‪.‬‬
‫يفعل ِ‬
‫هو ‪ُ E‬‬
‫فيه ما يشا ُء‪.‬‬ ‫ليس خارج ًا ع ْن ملكه‪ْ ،‬بل َ‬
‫لكم َ‬
‫فا وهب ُه ْ‬
‫معنا ُه‪ :‬اصروا‪ ،‬وال جتزعوا؛ فإن َّ‬
‫كل من يأيت قد انقىض أجله‬
‫تأخره عنه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫فمحال تقدّ مه‪ ،‬أو ّ‬ ‫املسمى‪،‬‬
‫ّ‬
‫فإذا علمتم هذا كله فاصروا‪ ،‬واحتسبوا ما نزل بكم)‪.(3‬‬

‫دعائهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لرجاء‬ ‫ِ‬
‫للمحترض‬ ‫جواز استحضار ذوي الفضل‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬ ‫جواز القسم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بخالف الوليمة‪.‬‬ ‫جواز امليش إىل التّعزية والعيادة ِ‬
‫بغري إذن‬ ‫ُ‬
‫استحباب إبرار القسم‪.‬‬
‫ُ‬
‫بالرضا مقاوم ًا‬
‫وهو مستش�عر ّ‬ ‫بالص ِر قبل وقوع املوت؛ َ‬
‫ليقع َ‬ ‫ِ‬
‫صاحب املصيبة ّ‬ ‫أمر‬
‫ُ‬
‫بالص ِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للحزن ّ‬
‫ِ‬
‫باألمر ا ّلذي يستدعى م ْن أجله‪.‬‬ ‫إخبار م ْن يستدعي‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫ﷺأن‬ ‫ّبي‬
‫نيس فذكر ُه‪ ،‬فأعلم ُه الن ّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫وأن دمع العني حرام‪ ،‬وظ َّن َّ‬
‫أن الن ّ‬ ‫أن مجيع أنواع البكاء حرام‪َّ ،‬‬
‫)‪ (1‬ظ َّن سعد َّ‬
‫املحرم النّوح‪ ،‬والنّدب‪ ،‬والبكاء‬‫ّ‬ ‫هو رمحة وفضيلة‪ ،‬وإنّا‬ ‫ليس بحرامٍ‪ ،‬وال مكروه‪ْ ،‬بل َ‬ ‫ٍ‬
‫ودمع بعني َ‬
‫َ‬ ‫جمرد البكاء‬
‫ّ‬
‫املقرون هبا‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1284‬ومسلم [‪.[923‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[226/6‬‬
‫‪‬‬

‫السالم عىل الكالم‪.‬‬


‫تقديم ّ‬
‫ُ‬
‫كان مفضوالً‪ْ ،‬أو صب ّي ًا صغري ًا‪.‬‬
‫ولو َ‬ ‫ِ‬
‫املريض‪ْ ،‬‬ ‫عياد ُة‬
‫استفهام التّابع من إمامه عا يشكل ِ‬
‫عليه ممّا يتعارض ظاهره‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫لتقديمه قوله «يا رسول اهلل «عىل االستفهام‪.‬‬ ‫األدب يف الس ِ‬
‫ؤال؛‬ ‫ِ‬ ‫حس ُن‬
‫ّ‬
‫هلم‪.‬‬
‫والرمحة ْ‬ ‫غيب يف ّ‬
‫الشفقة عىل خلق اهلل‪ّ ،‬‬ ‫الرت ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ومجود العني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قساوة القلب‪،‬‬ ‫هيب م ْن‬
‫الرت ُ‬
‫ّ‬

‫جواز البكاء م ْن غري نوح ونحوه)‪.(1‬‬


‫ُ‬

‫صبي هلا‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بام�رأة تبكي عندَ ٍ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أن�س ِ‬
‫ِ‬
‫قر عىل ّ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫مر الن ُّ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫ع� ْن‬
‫)‪.(2‬‬

‫تصب بمصيبتي‪ ،‬ومل ْ تعرف ُه)‪.(3‬‬


‫ْ‬ ‫إليك عنّي‪ ،‬فإن َّك مل ْ‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫ّبي ﷺ)‪.(4‬‬ ‫َ‬


‫فقيل هلا‪ :‬إ ّن ُه الن ُّ‬
‫ابني)‪.(5‬‬
‫فلم جتدْ عند ُه ّبو َ‬
‫ّبي ﷺ‪ْ ،‬‬
‫باب الن ِّ‬
‫فأتت َ‬
‫ْ‬

‫َ‬
‫أعرفك‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬مل ْ‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[158/3‬‬


‫القرطبي‪ :‬وال ّظاهر أ ّن ُه َ‬
‫كان يف بكائها قدر زائد م ْن نوح‪ْ ،‬أو غريه‪ ،‬وهلذا‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (2‬يف رواية أيب نعيم‪ :‬يا أمة اهلل اتّقي اهلل‪َ ،‬‬
‫قال‬
‫أمرها بالتّقوى‪ .‬فتح الباري [‪.[149/3‬‬
‫بذلك‪ْ ،‬‬
‫ومل تعرف أ ّن ُه رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أي‪ :‬خاطبته‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫فقالت‪ :‬ما عرفته»‪ ،‬وزا َد مسلم يف رواية ل ُه‪:‬‬
‫ْ‬ ‫«فمر هبا رجل َ‬
‫فقال هلا‪ :‬إ ّن ُه رسول اهلل‪،‬‬ ‫)‪ (4‬يف رواية للبخاري [‪َّ :]7154‬‬
‫عرفت أ ّن ُه ﷺ خج ً‬
‫ال من ُه ومهابة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫أي‪ :‬م ْن شدّ ة الكرب ا ّلذي أصاهبا ّملا‬ ‫«فأخذها مثل املوت» ْ‬
‫رت أ ّن ُه مثل امللوك ل ُه‬
‫فتصو ْ‬ ‫استشعرت خوف ًا‪ ،‬وهيبة يف نفسها‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫)‪ (5‬فائدة ِ‬
‫هذه اجلملة أ ّن ُه ّملا َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫قيل هلا إ ّن ُه الن ّ‬
‫تصورت ُه‪ .‬الفتح [‪.[149/3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب يمنع النّاس م َن الوصول إليه‪ ،‬فوجدت األمر بخالف ما ّ‬ ‫وبو ٌ‬
‫حاجب ّ‬
‫ٌ‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫أن الصر ا ّلذي حيمد ِ‬
‫عليه صاحبه م�ا َ‬ ‫َ‬
‫كان عند مفاجأة املصيبة‪،‬‬ ‫يب‪« :‬املعن�ى‪َ ّ َّ :‬‬ ‫ق�ال اخل ّطا ُّ‬
‫ذلك فإ ّن ُه عىل األ ّيام يس�لو»)‪ .(2‬ولذلك قي�ل‪ :‬كل يشء يبدأ صغري ًا ثم يكر‬
‫بخ�الف ما بعد َ‬‫ِ‬

‫إال املصيبة‪ ،‬فإهنا تبدأ كبرية ثم تصغر‪.‬‬

‫ج�اءت طائعة ملا أمره�ا ِبه م َن‬


‫ْ‬ ‫بذل�ك ّأهنا ّملا‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫جواب املرأة‬ ‫الزي�ن ب�ن املنري‪« :‬فائ�د ُة‬ ‫َ‬
‫ق�ال ّ‬
‫أن يكون‬ ‫الص ِر ْ‬ ‫ب�ني هلا َّ‬ ‫ِ‬ ‫الصادر ِ‬
‫حق هذا ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫احلزن؛ ّ َ‬ ‫عن‬ ‫والص�ر معتذر ًة ع ْن قوهلا ّ‬‫التّق�وى‪ّ ،‬‬
‫يف أول احلال‪ ،‬فهو ا ّلذي يرتتّب ِ‬
‫عليه ال ّثواب»‪ .‬انتهى)‪.(3‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬
‫باجلاهل‪.‬‬ ‫والرفق‬ ‫ما َ ِ‬
‫كان فيه ﷺ م َن التّواضع‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫املصاب‪ ،‬وقبول اعتذاره‪.‬‬ ‫مساحم ُة‬

‫مع ِّ‬
‫كل أحد‪.‬‬ ‫ّهي ِ‬ ‫ِ‬
‫باملعروف‪ ،‬والن ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالزم ُة‬
‫عن املنكر َ‬ ‫األمر‬

‫معهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان أدبه‬ ‫ِ‬
‫الفضل إذا أسا َء‬ ‫االعتذار إىل أهل‬
‫ُ‬
‫ّخذ م ْن حيجب ُه ع ْن حوائج الن ِ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫أن يت َ‬
‫القايض ال ينبغي ل ُه ْ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫اآلمر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمعروف ينبغي ل ُه ْ‬ ‫َّ‬
‫ولو مل ْ يعرف َ‬
‫أن يقبل‪ْ ،‬‬ ‫أمر‬
‫أن م ْن َ‬
‫بالص ِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلزع م َن املنه ّيات ألمره هلا بالتّقوى مقرون ًا ّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]1283‬ومسلم [‪.[926‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[150/3‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[150/3‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫ّصيحة‪ ،‬ونرش املوعظة)‪.(1‬‬ ‫غيب يف احتال األذى عند ِ‬
‫بذل الن‬ ‫الرت ُ‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫أصحابه‪،‬‬ ‫نفر م ْن‬ ‫ِ‬ ‫إياس ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ق�ر َة ِ‬
‫جيلس إلي�ه ٌ‬
‫جلس ُ‬ ‫نب�ي اهلل ﷺ إذا َ‬
‫كان ُّ‬ ‫بن‬ ‫ع�ن ّ‬
‫بني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجل له ابن صغري ِ‬
‫يديه‪.‬‬ ‫ظهره‪ ،‬فيقعد ُه َ‬ ‫خلف‬ ‫يأتيه م ْن‬ ‫ٌ‬ ‫وفيهم ٌ ُ ٌ‬‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل أح ّب َك اهلل كا أح ّب ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫فحزن ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لذكر ِ‬
‫ابنه‪،‬‬ ‫حيرض احللق َة ِ‬ ‫الر ُ‬
‫جل ْ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫فامتنع ّ‬
‫َ‬ ‫فات [أي‪ :‬الولد]‪،‬‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ففقد ُه الن ُّ‬
‫رسول اهلل بن ّي ُه ا ّلذي رأيت ُه َ‬
‫هلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ فس�أل ُه ع ْن بن ّي ِه فأخر ُه أ ّن ُه َ‬
‫فعزا ُه عليه‪َّ ،‬‬
‫هلك‪ّ ،‬‬ ‫فلقي ُه الن ُّ‬

‫‪.‬‬

‫أحب إ َّيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نبي اهللِ‪ْ ،‬بل يسبقني إىل ِ‬ ‫َ‬


‫هلو ُّ‬
‫باب اجلنّة‪ ،‬فيفتحها يل َ‬ ‫قال‪ :‬يا َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫خاص ًة أ ْم لك ّلنا؟‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل أل ُه ّ‬ ‫فقال ُ‬
‫رجل‪ :‬يا‬ ‫َ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫يقول اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫َ‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[150/3‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ]2088‬وأمحد [‪ ،]15168‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[162‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[6224‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بالقبض‪:‬‬ ‫ُ‬
‫اإلنس�ان‪ ،‬واملرا ُد‬ ‫وكل م ْن حي ّب ُه‬ ‫ِ‬
‫كالول�د‪ ،‬واألخِ ‪ِّ ،‬‬ ‫احلبيب املصايف‬ ‫هو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫املوت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫قبض روحه‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األجر‬ ‫طلب‬
‫واالحتس�اب‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫األجر م َن اهلل عىل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ر عىل فقده راجي ًا‬
‫ص َ‬
‫م َن اهلل تعاىل خالص ًا)‪.(1‬‬
‫صىل اهلل ِ‬
‫عليه‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ِ‬
‫العاص ‪َ J‬‬ ‫بن عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬

‫)‪.(2‬‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫جبل ‪ِ I‬‬
‫بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫مع�اذ ِ‬
‫ع�ن الن ِّ‬ ‫وع� ْن‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫فهي ما يبقى بعد القطع)‪.(4‬‬
‫الرة َ‬‫هو ما تقطع ُه القابل ُة‪ ،‬وأ ّما ّ ّ‬
‫بفتحتني‪َ :‬‬ ‫و‬
‫ات‪:‬‬‫باملصيبة‪ ،‬فأمحدُ اهلل عليها أربع مر ٍ‬
‫ِ‬ ‫ألصاب‬ ‫عن رشيح قال‪« :‬إين‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫أعظم مما هي‪.‬‬
‫َ‬ ‫أمحده إذ مل تك ْن‬
‫ر عليها‪.‬‬
‫وأمحده إذ رزقني الص َ‬
‫ِ‬
‫الثواب‪.‬‬ ‫وأمحده إذ و ّفقني لالسرتجاعِ؛ ملا أرجو فيه من‬
‫وأمحده إذ مل جيعلها يف ديني»)‪.(5‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪ِ J‬‬
‫زوج الن ِّ‬
‫)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[242/11‬‬


‫وحسنه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[23‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه النسائي[‪،]1871‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪ ،]1609‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7064‬‬
‫)‪ (4‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجه [‪.[489/1‬‬
‫)‪ (5‬رواه البيهقي يف شعب اإليان [‪.[9980‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]5640‬ومسلم [‪.[2572‬‬
‫‪‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ وأنا مريض�ة‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬عادين‬ ‫ِ‬
‫وع� ْن أ ِّم الع�الء ‪ْ J‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫وكانت م َن املبايعات)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫عمة حكيم ابن حزام‬
‫هي ّ‬
‫املنذري‪ :‬وأ ُّم العالء َ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬

‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫اخلدري ‪ِ I‬‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد‬ ‫وع� ْن أيب‬
‫عن الن ِّ‬ ‫ِّ‬

‫)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫يوعك‪ ،‬فمسست ُه‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫عبد اهلل بن مس�عود ‪َ I‬‬ ‫وعن ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫دخلت عىل‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ْ‬
‫لتوعك وعك ًا شديد ًا)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إن َّك‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫بيدي‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫أجرين؟‬ ‫لك‬ ‫ذلك َّ‬
‫أن َ‬ ‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬
‫ﷺ‬
‫بون‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫يعذ َ‬
‫وه�م ّ‬ ‫ِ‬
‫وأهله‪،‬‬ ‫بعا ٍر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫جاب�ر بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪َّ L‬‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫ْ‬ ‫مر ّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫أن‬
‫)‪.(6‬‬ ‫[‬ ‫[ويف رواية‪:‬‬
‫أهل اجلن ِّة؟‬
‫أريك امرأ ًة م ْن ِ‬ ‫رباح قال‪ :‬قال يل اب ُن ع ّب ٍ‬
‫اس ‪ :L‬أال َ‬ ‫بن أيب ٍ‬ ‫ِ‬
‫عطاء ِ‬ ‫وعن‬

‫وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة [‪.[714‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪،]2688‬‬
‫)‪ (2‬الرتغيب والرتهيب [‪.[148/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري[‪ ،]5642‬ومسلم [‪.[2573‬‬
‫)‪ (4‬الوعك‪ُ :‬أمل ّ‬
‫احلمى‪ .‬النهاية [‪.[[5453‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]5648‬ومسلم [‪.[2571‬‬
‫)‪ (6‬رواه احلاكم [‪ ،]5666‬وصححه األلباين يف ختريج فقه السرية [‪.[103‬‬
‫‪‬‬

‫قلت‪ :‬بىل‪.‬‬
‫ُ‬

‫فادع اهلل يل!‬ ‫أرصع‪ ،‬وإين ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ف‪ُ ،‬‬ ‫أتكش ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقالت‪ّ :‬إين‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫قال‪ :‬هذه املرأ ُة أتت الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫فقال الن ُّ‬
‫ر‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬أص ُ‬
‫ف‪ ،‬فدعا هلا)‪.(1‬‬
‫أتكش َ‬ ‫فادع اهلل يل ْ‬
‫أن ال ّ‬ ‫ف! ُ‬ ‫قالت‪ّ :‬إين ّ‬
‫أتكش ُ‬ ‫ثم ْ‬

‫يورث اجلنّ َة)‪.(2‬‬


‫ُ‬ ‫ر عىل باليا الدّ نيا‬
‫الص َ‬
‫ويف احلديث أن ّ‬

‫َ‬
‫رس�ول‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جاءت امرأ ٌة إىل‬ ‫اخلدري ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫ِّ‬
‫مك اهلل‪.‬‬ ‫نأتيك ِ‬
‫فيه تع ّلمنا ممّا ع ّل َ‬ ‫َ‬ ‫نفسك يوم ًا‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫فاجعل لنا م ْن‬ ‫َ‬
‫بحديثك‪،‬‬ ‫جال‬‫الر ُ‬
‫ذهب ّ‬‫اهلل‪َ ،‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فع ّلمه َّن ممّا ع ّلم ُه اهلل‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فاجتمع� َن‪ ،‬فأتاه� َّن‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫واثنني؟‬ ‫ِ‬
‫واثنني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واثنني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فقالت امرأةٌ‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫أن�ت حمدّ ثي ع ْن‬ ‫ِ‬


‫ابن�ان‪ ،‬فا َ‬ ‫م�ات َيل‬ ‫قل�ت أليب هري�رةَ‪ :‬إنّ� ُه قدْ‬
‫ق�ال‪ُ :‬‬ ‫�ان َ‬
‫حس َ‬
‫َ‬ ‫وع� ْن أيب ّ‬
‫ب ِبه أنفسنا ع ْن موتانا؟‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ بحديث تط ّي ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5652‬ومسلم [‪ ،]2576‬وقد سبق‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[115/10‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]102‬ومسلم [‪.[2634‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪(2‬‬

‫)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫األش�عري ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫وع ْن أيب موس�ى‬

‫)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬

‫كشف سرت ًا‪ ،‬فإذا‬


‫َ‬ ‫وبني الن ِ‬
‫ّاس‪ْ ،‬أو‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ باب ًا بين ُه‪َ ،‬‬ ‫فتح‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ون ورا َء أيب ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫ّاس يص ّل َ‬
‫الن ُ‬
‫رآهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فيهم با ّلذي‬ ‫حاهلم رجا َء ْ‬
‫أن خيلف ُه اهلل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫فحمدَ اهلل عىل ما رأى م ْن‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪.(5‬‬

‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ‬

‫)‪ (1‬مجع دعموص‪ ،‬وهي دويبة تكون يف مستنقع املاء‪ .‬النهاية [‪.[120/2‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬بطرفه‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2635‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]1021‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[795‬‬
‫)‪ (5‬رواه ابن ماجه [‪ ]1599‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7879‬‬
‫‪‬‬

‫ﭫﭬﭭﭮﭯ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷﭸﭹﭺ‬


‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [البقرة‪.[157-155 :‬‬

‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ن أ ِّم سلم َة ‪J‬‬
‫ع ْ‬

‫‪.‬‬

‫هاجر إىل‬ ‫املس�لمني خري من أيب سلم َة؟ أو ُل ٍ‬


‫بيت‬ ‫أي‬ ‫مات أبو س�لم َة‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ٌ ْ‬ ‫قلت‪ُّ :‬‬ ‫فلا َ‬‫قالت‪ّ :‬‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(1‬‬ ‫فأخلف اهلل يل‬ ‫ثم ّإين قلتها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ؟ َّ‬

‫ق�ال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫بن ِ‬
‫عب�د اهلل ‪َ L‬‬ ‫ممن�وع عموم ًا‪ :‬ع� ْن ِ‬
‫جابر ِ‬ ‫ِ‬
‫واأله�ل‬ ‫ِ‬
‫النف�س‪،‬‬ ‫الدع�ا ُء ع�ىل‬
‫ٌ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ عىل أيب‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫دخل‬ ‫ْ‬ ‫ن أ ِّم سلم َة ‪J‬‬
‫ويمنع خصوص ًا عند املصيبة‪ :‬ع ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫شخص]‪ ،‬فأغمض ُه‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫سلم َة‪ ،‬وقدْ َّ‬
‫شق برص ُه [أي‪:‬‬
‫فضج ناس من ِ‬
‫أهله‪.‬‬ ‫َّ ٌ ْ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[918‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[3014‬‬
‫دعائكم م ْن خري ْأو ّرش‪.‬‬
‫ْ‬ ‫)‪ (3‬أي‪ :‬يف‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[920‬‬
‫‪‬‬

‫ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬واحلكمة ِ‬ ‫إغاض املي ِ‬


‫فيه ّأال يقبح‬ ‫َ‬
‫املس�لمون عىل َ‬ ‫وأمجع‬
‫َ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ِ ّ‬ ‫اس�تحباب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بمنظره ْلو َ‬
‫ترك إغاضه‪.‬‬
‫ِ‬
‫بأم�ور اآلخرة‬ ‫وذر ّيت�ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس�تحباب الدّ ع�اء للم ّي�ت عن�دَ موت�ه‪ ،‬وألهل�ه‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫والدّ نيا)‪.(1‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ جاء يعود عبدَ اهلل ب�ن ٍ‬


‫ثابت‪ ،‬فوجد ُه قدْ‬ ‫َ‬ ‫عتيك ‪َّ :I‬‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫جاب�ر ب َن‬ ‫ع�ن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فلم جيب ُه)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫غلب ِ‬
‫فصاح به ْ‬
‫َ‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فاسرتجع‬
‫َ‬
‫وبكني‪.‬‬
‫َ‬ ‫فصاح النّسوةُ‪،‬‬
‫َ‬
‫جابر يسكّته َّن‪.‬‬ ‫َ‬
‫فجعل ٌ‬
‫)‪(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫الوجوب؟‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل وما‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫جهازك!!‬ ‫قضيت‬
‫َ‬ ‫تكون شهيد ًا‪ ،‬فإن َّك َ‬
‫كنت قدْ‬ ‫َ‬ ‫كنت ألرجو ْ‬
‫أن‬ ‫إن ُ‬‫فقالت ابنت ُه‪ :‬واهلل ْ‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬ ‫قالوا‪ُ :‬‬
‫القتل يف‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[223/6‬‬


‫جماوبة النّبي ﷺ حني صاح ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫كان ِبه غلب ِ‬
‫عليه حتّى منع ُه م ْن‬ ‫واملرض ا ّلذي َ‬
‫َ‬ ‫أن َ‬
‫األمل‬ ‫)‪ (2‬يعني‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬بكاء خمصوص ًا مما جرت به العادة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫وقال ﷺ‪:‬‬


‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫األش�عري ‪َّ I‬‬ ‫ٍ‬
‫أن الن َّ‬ ‫َّ‬ ‫مال�ك‬ ‫ع� ْن أيب‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫وق�ال‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬

‫الس ِ‬
‫�ائب َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫َ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪َّ :L‬‬ ‫عن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫دخل عىل أ ِّم ّ‬ ‫أن‬
‫)‪.(5‬‬
‫احلمى‪ ،‬ال َ‬
‫بارك اهلل فيها‪.‬‬ ‫قالت‪ّ :‬‬
‫ْ‬
‫)‪.(6‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫احلمى ُ‬
‫تفعل باإلنسان‪.‬‬ ‫وبقي صافيا‪ ،‬كذلك ّ‬
‫َ‬ ‫ذهب خبثه‬ ‫صهر يف ِ‬
‫النار؛ َ‬ ‫فإن احلديدَ إذا َ‬
‫يب يعود ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫دخل عىل أعرا ٍّ‬ ‫اس ‪َّ L‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬
‫‪.‬‬

‫القبور!‬
‫َ‬ ‫شيخ ٍ‬
‫كبري‪ ،‬تزير ُه‬ ‫تثور‪ ،‬عىل ٍ‬
‫تفور ْأو ُ‬
‫محى ُ‬ ‫كال‪ْ ،‬بل َ‬
‫هي ّ‬ ‫طهور! ّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أي‪ :‬توت ويف بطنها ولد‪ .‬النهاية [‪[296/1‬‬


‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه مالك يف املوطأ [‪ ،]552‬والنسائي [‪ ،]1846‬وأبو داود [‪ ،]3111‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز‬
‫[ص‪.[40‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1297‬ومسلم [‪ ]103‬عن عبد اهلل بن مسعود ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[934‬‬
‫أي ترعدي َن‪ .‬رشح النووي [‪.[131/16‬‬
‫كني حركة شديدة ْ‬
‫تتحر َ‬
‫)‪ (5‬معنا ُه ّ‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم[‪.[2575‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫وروى معمر عن زيد بن أسلم أن األعرايب مات بعد ذلك)‪.(2‬‬

‫كان أعراب ّي� ًا جافيا‪ ،‬وال‬


‫ول�و َ‬
‫نق�ص عىل اإلم�ام يف عيادة مريض م� ْن رع ّيته ْ‬ ‫َ‬ ‫أنّ� ُه ال‬
‫ّ‬
‫يتس�خط قدر اهلل‬ ‫بالص ِر؛ ّ‬
‫لئال‬ ‫عىل العامل يف عيادة اجلاهل؛ ليع ّلم ُه ويذكّر ُه با ينفع ُه‪ ،‬ويأمر ُه ّ‬
‫فيسخط ِ‬
‫عليه‪.‬‬

‫م�ن يذكّر ُه‬ ‫ِ‬


‫بالقبول‪ ،‬وحيس�ن جواب ْ‬ ‫أن يتل ّق�ى املوعظة‬ ‫ِ‬
‫للمري�ض ْ‬ ‫أنّ� ُه ينبغي‬
‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫لذنوبه‪ ،‬وتطهريه من‬ ‫العليل با يس ّل ِيه من ِ‬
‫أمله بتذكريه بالكفارة‬ ‫ُ‬ ‫خياطب‬ ‫السنّة أن‬
‫َ‬ ‫أن ّ‬
‫األجر والعافي َة‪ ،‬وال يرتك ُه إىل‬
‫َ‬ ‫فيجمع له‬
‫ُ‬ ‫ويف�ر ُج عنه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫آثامه‪ ،‬ويذكّره بأن اهلل س�يك ّف ُر ذنوبه‪،‬‬
‫ّ‬
‫بالتسخط‪ ،‬وبسوء الظ ِّن )‪.(3‬‬ ‫والسخط‪ ،‬فربا جازاه اهلل‬ ‫ِ‬
‫نزغات الشيطان‪ّ ،‬‬
‫خ�رق ثوب ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ق�ال ابن اجل�وزي‪« :‬وقد َ‬
‫كثري عند م�وت أحباهبم‪ ،‬فمنهم من ّ‬ ‫خل�ق ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫خذل‬
‫اعرتض!!‬
‫َ‬ ‫ومنهم من لطم‪ ،‬ومنهم من‬
‫ُ‬
‫حيافظ ع�ىل اجلاعة‪ ،‬فات ولدٌ البنته‪،‬‬ ‫قارب الثانني‪ ،‬وكان‬
‫َ‬ ‫ال كبري ًا قد‬
‫رأي�ت رج ً‬
‫ُ‬ ‫ولق�د‬
‫يدعو‪ ،‬فإنه ما يستجيب‪.‬‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬ما ينبغي ألحد أن‬

‫ثم قال‪ :‬إن اهلل يعاندنا‪ ،‬فا يرتك لنا ولدا!!‬


‫ٍ‬
‫وإيان‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫معرفة‪،‬‬ ‫ينشأ عن‬ ‫ِ‬
‫للخري عادةٌ‪ ،‬ألنه ال ُ‬ ‫فعلمت أن صلواته وفعله‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫حرف»)‪.(4‬‬ ‫وهؤالء الذين يعبدون اهلل عىل‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[3616‬‬


‫)‪ (2‬رشح البخاري البن بطال [‪.[473/17‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ،]119/10‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[477/17‬‬
‫)‪ (4‬الثبات عند املات [‪.[41/1‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫بن ٍ‬


‫مالك ‪ I‬قال‪َ :‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫قال الن ُّ‬

‫)‪.(1‬‬

‫نوع‬ ‫ني�وي‪َّ ،‬‬


‫ألن فيه َ‬ ‫ِّ‬ ‫ال�رض الدّ‬ ‫محل� ُه مجاع ٌة م َن ّ‬
‫الس�لف ع�ىل ّ ِّ‬ ‫وقول�ه‪:‬‬
‫ِ‬
‫للقدر املحتو ِم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ومراغمة‬ ‫ٍ‬
‫اعرتاض‪،‬‬

‫خيش فتن ًة يف دينه؛ مل ْ يدخل يف النّهي)‪.(2‬‬


‫َ‬ ‫األخروي ْ‬
‫بأن‬ ‫َّ‬ ‫الرض‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫فإن وجدَ‬
‫نزل ِبه م ْن فاقة‪ْ ،‬أو حمنة‬
‫لرض َ‬ ‫ِ‬
‫ّرصيح بكراهة تنّ�ي املوت؛ ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ّووي‪« :‬يف احلديث‪ :‬الت‬ ‫َ‬
‫ق�ال الن ّ‬
‫ّ‬
‫مشاق الدّ نيا‪.‬‬ ‫بعدو‪ ،‬ونحوه م ْن‬
‫ٍّ‬
‫خاف رضر ًا‪ ،‬أو فتنة يف دينه فال كراهة ِ‬
‫فيه؛ ملفهو ِم هذا احلديث»)‪.(3‬‬ ‫َ‬ ‫فأ ّما إذا‬
‫ْ‬
‫«اللهم‬ ‫ِ‬
‫الس�لف‪ :‬فقد قال عمر بن اخلط�اب ‪ I‬يف آخر حيايت‪:‬‬ ‫بعض‬
‫ذلك ُ‬ ‫وق�دْ َ‬
‫فعل َ‬
‫َّ‬
‫وانترشت رعيتي؛ فاقبضني إليك غري مضي ٍع وال مفر ٍ‬
‫ط»)‪.(4‬‬ ‫قويت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ّ‬ ‫وضعفت ّ‬
‫ْ‬ ‫كرت سنّي‪،‬‬
‫ْ‬
‫قلت‪:‬‬
‫عدت أبا هريرةَ‪ ،‬فس�ندته إىل ص�دري‪ ،‬ثم ُ‬
‫ُ‬ ‫وع�ن أيب س�لمة بن عبد الرمح�ن قال‪:‬‬
‫اللهم ِ‬
‫اشف أبا هريرةَ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فمت‪.‬‬
‫توت؛ ْ‬‫أن َ‬ ‫استطعت يا أبا سلم َة ْ‬
‫َ‬ ‫قال‪ِ :‬‬
‫إن‬ ‫اللهم ال ترجعها‪ ،‬ثم َ‬ ‫فقال‪:‬‬
‫َّ‬
‫لنحب احلياةَ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فقلت‪ :‬يا أبا هرير َة إنا‬
‫ُ‬
‫أحدهم م َن‬ ‫أحب إىل‬ ‫العلاء ٌ‬ ‫ِ‬ ‫فق�ال‪ :‬وا ّلذي نفس أيب هرير َة ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫املوت ُّ‬
‫ُ‬ ‫زمان‬ ‫ليأتني عىل‬
‫َّ‬ ‫بيده؛‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫فيقول‪ :‬ليتني مكان ُه)‪.(5‬‬ ‫ليأتني أحدكم قر ِ‬
‫أخيه‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األمحر‪،‬‬ ‫الذ ِ‬
‫هب‬ ‫ّ‬
‫ْ َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5671‬ومسلم [‪.[2680‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[128/10‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[8/17‬‬
‫)‪ (4‬رواه مالك يف املوطأ [‪.[1560‬‬
‫)‪ (5‬رواه احلاكم [‪ ،]8581‬وصححه عىل رشط الشيخني ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫‪‬‬

‫حديث ِ‬
‫ابن عباس ‪ L‬مرفوع� ًا‪ ،‬وفيه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وي�دل عىل ذلك رصاح ًة‬
‫)‪.(1‬‬
‫‪:‬‬
‫ِ‬
‫الصالح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫طال عمر ُه ازدا َد من‬ ‫ِ‬
‫للمؤمن؛ ألنه ك ّلا َ‬ ‫خري‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫العمر ٌ‬ ‫طول‬
‫خري؟‬ ‫أي الن ِ‬
‫ّاس ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ُّ ،‬‬ ‫ال َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫ع ْن أيب بكر َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رش؟‬ ‫فأي الن ِ‬
‫ّاس ٌّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ُّ :‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫مواصلة‬ ‫مرض‪ ،‬فال يتم َّن املوت؛ كي�ال حير َم من‬ ‫ٍ‬
‫ضائقة‪ ،‬أو أصاب� ُه ٌ‬ ‫املس�لم يف‬ ‫وقع‬
‫ُ‬ ‫ف�إذا َ‬
‫ِ‬
‫الصالح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العمل‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(4)«(3‬‬
‫ولفظ مسلم‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫بإحسانه‪ ،‬وحتذير امليسء م ْن إساءته‪.‬‬ ‫قال ابن حجر‪ِ :‬‬
‫«فيه‪ :‬إشار ٌة إىل تغبيط املحسن‬
‫وليستمر عىل إحسانه‪ ،‬واالزدياد من ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املوت‪،‬‬ ‫ْ‬
‫فليرتك تنّي‬ ‫كان حمسن ًا؛‬
‫فكأ ّن ُه يقول‪ :‬م ْن َ‬
‫َّ‬
‫لئال يموت عىل إس�اءته‪،‬‬ ‫وليقلع ِ‬
‫عن اإلس�اءة؛ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فلي�رتك تنّي امل�وت‪،‬‬ ‫كان مس�يئ ًا؛‬
‫وم� ْن َ‬
‫فيكون عىل خطر»)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]3233‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[684‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]2330‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3297‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬يسرتيض اهلل باإلقالع واالستغفار‪ .‬فتح الباري [‪[222/13‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]7235‬ومسلم [‪.[2682‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[222/13‬‬
‫‪‬‬

‫‪:‬‬
‫فمن ذلك‪ :‬قصته مع صف ّية بعد مقتل أخيها محز َة ‪:L‬‬
‫ِ‬ ‫كان يوم ٍ‬ ‫ع ْن عرو َة َ‬
‫أقبلت امرأ ٌة تسعى‪ ،‬حتّى إذا‬ ‫أحد‬ ‫بري ‪ I‬أ ّن ُه ّملا َ ُ‬
‫الز ُ‬
‫قال‪ :‬أخرين أيب ّ‬
‫‪.‬‬ ‫تراهم)‪َ ،(1‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫ترشف عىل القتىل َ‬
‫قال‪ :‬فكر َه الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫كادت ْ‬
‫أن‬ ‫ْ‬
‫فخرجت أس�عى إليه�ا‪ ،‬فأدركتها َ‬
‫قبل ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫�مت ّأهنا أ ّمي صف ّي ُة‪،‬‬
‫فتوس ُ‬
‫بري ‪ّ :I‬‬
‫الز ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال ّ‬
‫أرض َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫إليك ال َ‬‫وقالت‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫وكانت امرأ ًة جلد ًة –‬
‫ْ‬ ‫فلدمت يف صدري ‪-‬‬
‫ْ‬ ‫تنتهي إىل القتىل‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عليك‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ عز َم‬ ‫فقلت‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ُ‬
‫جئت هبا ألخي محزةَ‪ ،‬فقدْ بلغني‬ ‫ِ‬
‫ثوبان ُ‬ ‫ِ‬
‫هذان‬ ‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ثوبني معها‪،‬‬ ‫وأخرجت‬
‫ْ‬ ‫فوقفت‪،‬‬
‫ْ‬
‫مقتل ُه‪ ،‬فك ّفنو ُه فيها‪.‬‬
‫فعل ِبه كا‬‫قتيل قدْ َ‬ ‫ِ‬
‫األنص�ار ٌ‬ ‫جنبه ٌ‬
‫رجل م َن‬ ‫وبني؛ لنك ّف�ن فيها محزةَ‪ ،‬فإذا إىل ِ‬
‫َ‬ ‫فجئن�ا بال ّث ِ‬
‫واألنصاري ال كف َن ل ُه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ثوبني‬ ‫أن نك ّف َن محز َة يف‬
‫فعل بحمزةَ‪ ،‬فوجدنا غضاض ًة‪ ،‬وحيا ًء ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اآلخر فك ّفنّا‬ ‫ر م َن‬ ‫َ‬
‫فكان أحدمه�ا أك َ‬ ‫ثوب‪ ،‬فقدرنامها‬
‫ولألنصاري ٌ‬
‫ِّ‬ ‫ث�وب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فقلن�ا‪ :‬حلمز َة‬
‫ٍ‬
‫واحد منها يف ال ّث ِ‬
‫وب ا ّلذي َ‬
‫صار ل ُه)‪.(2‬‬ ‫َّ‬
‫كل‬
‫فوقف ِ‬
‫عليه فرآ ُه قدْ م ّث َل‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ عىل محز َة يوم ٍ‬
‫أحد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك َ‬
‫قال‪ :‬أتى‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫َ‬
‫(‬ ‫ب�ه َ‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫ِ‬

‫‪.‬‬
‫بدت رج�ال ُه وإذا مدّ ْت عىل‬ ‫ِ‬
‫رأس�ه ْ‬ ‫فكانت إذا مدّ ْت عىل‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫بنمرة)‪ (4‬فك ّفن� ُه فيها‪،‬‬ ‫ث�م دع�ا‬
‫َّ‬
‫فخم َر رأسه))‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫رجليه بدا رأس ُه‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫فبعث‬ ‫املرشكون م ّثلوا ِبه‪،‬‬
‫َ‬ ‫أن ترى محز َة عىل ِ‬
‫حاله‪ ،‬وقدْ َ‬
‫كان‬ ‫)‪ (1‬ويف رواية البيهقي يف دالئل النبوة [‪ :]289/3‬كر َه ْ‬
‫بري ليحبسها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ الزّ َ‬ ‫إليها‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]1421‬وحسنه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫باع وال ّط ُري‬
‫الس ُ‬‫)‪ (3‬أي‪ّ :‬‬
‫صوف‪َ ،‬‬
‫وقيل الكسا ُء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫)‪ (4‬وهي برد ٌة خم ّطط ٌة م ْن‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]1016‬وحسنه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[60‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫سبيله تعاىل إىل‬ ‫ِ‬
‫البدن مرصوف ًا يف‬ ‫ويكون ُّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويكمل‪،‬‬ ‫األجر‬ ‫ليتم ل ُه ِبه‬ ‫«وإنّا أرا َد َ‬
‫ُ‬ ‫ذلك؛ َّ‬
‫تعذيب حتّى َّ‬
‫إن دفن ُه وترك ُه سوا ٌء»)‪.(1‬‬ ‫عليه فيا فعلوا ِبه من ِ‬
‫املثلة‬ ‫ليبني أ ّنه ليس ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫البعث‪ْ ،‬أو َ ُ َ‬

‫ﷺ‬

‫دخل�ت عىل‬
‫ُ‬ ‫جعف�ر‪ ،‬وأصحاب ُه؛‬ ‫أصي�ب‬ ‫قال�ت‪ّ :‬مل�ا‬
‫ْ‬ ‫عمي�س ‪J‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�ن أس�اء ِ‬
‫بن�ت‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ودهنتهم‪،‬‬ ‫بن�ي‪،‬‬ ‫أربعني منيئ ًة)‪،(2‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫�لت َّ‬ ‫وغس ُ‬
‫وعجنت عجيني‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دبغ�ت‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وقدْ‬
‫ون ّظ ْ‬
‫فتهم‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫وذرفت عينا ُه‪.‬‬


‫ْ‬ ‫هم‪،‬‬
‫فشم ْ‬
‫هبم‪ّ ،‬‬
‫فأتيت ُه ْ‬
‫ِ‬
‫وأصحابه يش ٌء؟‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‬ ‫َ‬
‫أبلغك ع ْن‬ ‫َ‬
‫يبكيك‪،‬‬ ‫أنت وأ ّمي ما‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل بأيب َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فق�ال‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إىل ِ‬


‫أهله َ‬ ‫ُ‬ ‫وخ�رج‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ٍ‬
‫جعفر َ‬ ‫ٍ‬
‫جعفر ‪َ I‬‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬
‫قال الن ُّ‬ ‫ق�ال‪ّ :‬ملا جا َء ُ‬
‫نعي‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬

‫ألنفس�هم؛‬ ‫احلزن عن ِ‬
‫هتيئة ال ّطعا ِم‬ ‫ِ‬ ‫يمنعهم م َن‬ ‫جاءهم ما‬ ‫ق�ال املباركفوري‪« :‬واملعن�ى‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫يشعرون‪.‬‬ ‫وهم ال‬
‫والرض ُر‪ْ ،‬‬
‫اهلم‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فيحصل ُّ‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[83/4‬‬


‫)‪ (2‬املنيئة اجللد يف الدباغ‪ .‬النهاية [‪[363/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ]26546‬وقال يف جممع الزوائد [‪ :]236/6‬رواه أمحد وفيه امرأتان مل أجد من وثقها وال جرحها‬
‫وبقية رجاله ثقات‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ]3132‬والرتمذي [‪ ،]998‬وابن ماجة [‪ ،]1610‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع‬
‫]‪.[1015‬‬
‫‪‬‬

‫ألهل املي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ت»)‪.(1‬‬ ‫ِ ّ‬ ‫واجلريان هتيئ ُة طعا ٍم‬ ‫لألقارب‬ ‫يستحب‬
‫ُّ‬ ‫يبي‪َّ :‬‬
‫دل عىل أ ّن ُه‬ ‫َ‬
‫قال ال ّط ُّ‬

‫عليهم زيدَ ب َن حارث َة‪،‬‬


‫ْ‬ ‫َ‬
‫اس�تعمل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ جيش� ًا‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫بعث‬
‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫وق�ال‪:‬‬ ‫ّاس‪ ،‬فحم�دَ اهلل وأثن�ى ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫فخ�رج إىل الن ِ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪،‬‬
‫َ‬ ‫خره�م الن َّ‬
‫ْ‬ ‫فأت�ى‬

‫‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫أتاهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫يأتيهم َّ‬
‫ْ‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬
‫جعفر ثالث ًا ْ‬ ‫أمهل َآل‬
‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫فأمهل َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫أفرخ‪َ .‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فجي َء بنا كأنّا ٌ‬

‫فحلق رءوسنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫باحلال ِق‪،‬‬
‫فجي َء ّ‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫أخذ بيدي‪ ،‬فأش�اهلا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ث�م َ‬ ‫َّ‬
‫ثالث ٍ‬
‫مرار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬قاهلا‬
‫تفرح ل ُه‪َ .‬‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫وجعل�ت ُ‬
‫ْ‬ ‫فذك�رت ل ُه يتمنا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فج�اءت أ ّمن�ا‬
‫ْ‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[67/4‬‬


‫وحيزنون ِ‬
‫عليه ثالث ًا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يبكون‬ ‫أي‪َ :‬‬
‫ترك أهله بعد وفاته‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]1753‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪ ،]166‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وأشار‬ ‫ّبي ﷺ أنه َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫سعد ‪ِ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫سهل ِ‬‫ِ‬
‫عن الن ِّ‬ ‫ع ْن‬
‫بإصبعيه السب ِ‬
‫ابة والوسطى)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫ّ ّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫‪-‬وأحسب ُه َ‬
‫قال‪:-‬‬
‫ﷺ‬
‫األنصار يف أنفسهم شيئ ًا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الطائف‪ ،‬حتى وجدَ‬ ‫ومن ذلك‪ :‬إعطاؤه َ‬
‫أهل مك َة بعد ِ‬
‫فتح‬
‫ُ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األنص�ار‪َ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ ناس� ًا م َن‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َ I‬‬ ‫أن�س ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫مج�ع الن ُّ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫[من نحو قتل أقارهبم‪ ،‬وفت�ح بالدهم]‬
‫)‪.(3‬‬

‫وخرج معه أبو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬


‫وكنت قد‬
‫ُ‬ ‫بكر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫املدينة‪،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ إىل‬ ‫صهيب ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫خرج‬ ‫عن‬
‫فجعلت ليلتي َ‬
‫تل�ك أقو ُم ال أقعدُ ‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪،‬‬ ‫باخلروج‪ ،‬فصدّ ين ٌ‬
‫فتيان من‬ ‫ِ‬ ‫مهم�ت مع�ه‬
‫ُ‬
‫قد شغله اهلل عنكم ببطنه‪.‬‬
‫ومل أكن شاكي ًا‪ ،‬فناموا‪.‬‬
‫رست يريدون لري ّدوين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ناس بعد ما‬
‫فخرجت‪ ،‬وحلقني منهم ٌ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ذهب‪ ،‬وخت ّل َ‬
‫ون سبييل‪ ،‬وتوفون يل؟‬ ‫أواقي من‬
‫َ‬ ‫فقلت هلم‪ :‬إن أعطيتكم‬
‫ُ‬
‫ففعلوا‪ ،‬فتبعتهم إىل م ّك َة‪.‬‬
‫أواقي‪ ،‬واذهبوا إىل فالن َة‪ ،‬فخذوا احل ّلتني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الباب فإن هبا‬ ‫حتت أسك ّف ِة‬
‫فقلت‪ :‬احفروا َ‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5546‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5353‬ومسلم [‪.[2982‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[4334‬‬
‫‪‬‬

‫فلا رآين قال‪:‬‬ ‫ٍ‬


‫يتحول منها‪ّ ،‬‬
‫قدمت عىل رس�ول اهلل ﷺ بقب�اء قبل أن ّ‬
‫ُ‬ ‫وخرجت حتى‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬
‫ُ‬
‫جرائيل عليه السالم‪.‬‬ ‫َ‬
‫أخرك إال‬ ‫فقلت‪ :‬يا رسول اهلل ما سبقني إليك أحدٌ ‪ ،‬وما‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫صهي�ب‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ‬ ‫فأن�زل اهلل يف‬
‫ﮪ ﮫ) [البقرة‪.(1)[207 :‬‬

‫ثار ابتاعها‪،‬‬ ‫ِ‬


‫رسول اهلل ﷺ يف ٍ‬ ‫رجل يف ِ‬
‫عهد‬ ‫أصيب ٌ‬ ‫اخلدري ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫سعيد‬ ‫فع ْن أيب‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫فكثر دين ُه‪.‬‬
‫َ‬
‫ذلك وفاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫دينه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فلم ْ‬
‫يبلغ َ‬ ‫‪ ،‬فتصدّ َق الن ُ‬
‫ّاس عليه‪ْ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫لغرمائه‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ينظر إىل‬
‫ب�ل ُ‬‫لك�م مطالبته م�ا دا َم معر ًا‪ْ ،‬‬ ‫لك�م اآلن ّإال ه�ذا‪ ،‬وال ُّ‬
‫حت�ل ْ‬ ‫لي�س ُ‬
‫ومعن�ا ُه‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫ميرة)‪.(3‬‬

‫ر والتّقوى‪.‬‬ ‫الت ُ‬
‫ّعاون عىل ال ِّ‬
‫واحلث عىل الصدقة ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫مواسا ُة املحتاج‪ ،‬ومن ِ‬
‫عليه دين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫أن املعر ال ُّ‬
‫حتل مطالبته وال مالزمته وال سجنه‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫للمفلس سوى‬ ‫دينهم‪ ،‬وال يرتك‬ ‫ِ‬
‫يقض‬ ‫ِ‬
‫الغرماء ُ ِ‬ ‫أن يس ّل َم إىل‬
‫ْ‬
‫ْ‬ ‫مجيع مال املفلس ما مل ْ‬
‫ثيابه ونحوها)‪.(4‬‬

‫وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه احلاكم [‪،]5706‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1556‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[217/10‬‬
‫)‪ (4‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[218/10‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫وهي أ ُّم حارث َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن أنس بن ٍ‬


‫بن رساق َة أتت الن َّ‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫بنت الراء َ‬ ‫الر َب ِّي ِع َ‬ ‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن أ َّم ُّ‬ ‫ُ ُ‬
‫فإن َ‬
‫كان‬ ‫سهم َغ ْر ٌب)‪ْ -(1‬‬‫بدر أصاب ُه ٌ‬‫‪-‬وكان ُقتِ َل يو َم ٍ‬
‫َ‬ ‫نبي اهلل أال حتدّ ثني ع ْن حارث َة‬
‫فقالت‪ :‬يا َّ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫البكاء‪.‬‬ ‫اجتهدت ِ‬
‫عليه يف‬ ‫غري َ‬
‫ذلك‬ ‫وإن َ‬
‫صرت‪ْ ،‬‬ ‫يف اجلن ِّة‬
‫ُ‬ ‫كان َ‬ ‫ُ‬
‫)‪(2‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫وهذه‬ ‫غزوة ٍ‬
‫أحد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عق�ب‬ ‫فإن حتريم ُه َ‬
‫كان‬ ‫ّوح‪َّ ...‬‬ ‫ذلك َ‬
‫قب�ل حتري ِم الن ِ‬ ‫احلافظ‪َ :‬‬
‫«كان َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫َ‬
‫بدر»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫غزوة ٍ‬ ‫عقب‬ ‫القص ُة ْ‬
‫كانت َ‬ ‫ّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال يل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪ L‬قال‪ :‬لقيني‬ ‫ِ‬
‫جاب�ر ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫وترك عياالً ودين ًا‪.‬‬ ‫قتل يوم ٍ‬
‫أحد‪،‬‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬استشهدَ أيب‪َ َ ،‬‬
‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬بىل يا‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫)‪(5‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪D‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬ال يعرف راميه‪ .‬النهاية [‪.[350/3‬‬


‫ِ‬
‫أفقدت امليز والعقل مما أصابك من ال ّثكل‪ .‬ينظر‪ :‬النهاية [‪.[544/5‬‬ ‫)‪ (2‬أي‪:‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[6576‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري[‪.[27/6‬‬
‫ٌ‬
‫رسول‪ .‬النهاية [‪.[185/4‬‬ ‫حجاب‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫أي‪ :‬مواجه ًة َ‬
‫ليس بينها‬ ‫)‪ْ (5‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫ه�ذه اآلي� ُة‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) اآلي�ة‪.‬‬ ‫وأنزل�ت‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫[آل عمران‪.(1)[169 :‬‬

‫تفرق َن‪،‬‬
‫ثم ّ‬ ‫َ‬
‫لذلك النّسا ُء‪َّ ،‬‬ ‫فاجتمع‬
‫َ‬ ‫مات امل ّي ُت م ْن أهلها‪،‬‬
‫كانت إذا َ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ّ I‬أهنا ْ‬
‫فطبخت‪ ،‬ثم صنع ثريدٌ ‪ ،‬فصب ِ‬
‫ت التّلبين ُة عليها‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫تلبينة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫برمة م ْن‬ ‫أمرت‬ ‫وخاصتها‪،‬‬ ‫ّإال أهلها‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫فإين‬
‫قالت‪ :‬كل َن منها‪ّ ،‬‬
‫ثم ْ‬ ‫َّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫اهلم‪ّ ،‬‬
‫وتنشط ُه‪.‬‬ ‫«أي‪ :‬تريح فؤاده‪ ،‬وتزيل عن ُه َّ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫للمحزون)‪.(3‬‬ ‫استحباب التّلبينة‬
‫ِ‬
‫الشعري بنخالته)‪.(4‬‬ ‫والتلبين ُة‪ :‬حساء مت ٌ‬
‫ّخذ من دقيق‬

‫ومدر للبول‪،‬‬‫ٌّ‬ ‫قاطع للعطش‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫‪ :‬قال أ‪.‬د‪ .‬زغلول النجار‪« :‬حسا ُء الشعري‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وصعوبة التن ّف ِ‬ ‫ِ‬
‫وخش�ونة ِ‬ ‫ِ‬
‫حلاالت الس ِ‬ ‫ُ‬
‫املعدة‪،‬‬ ‫وجلالء ما يف‬ ‫س‪،‬‬ ‫احللق‪،‬‬ ‫عال‬ ‫ّ‬ ‫س�هل اهلض ِم‪ٌ ،‬‬
‫نافع‬
‫ِ‬
‫ولتقوية األجسا ِم املضا ّدة»)‪.(5‬‬ ‫حرارة اجلس ِم بصفة عا ّم ٍة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإلطفاء‬ ‫ِ‬
‫واملثانة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وألمراض الكىل‬
‫ُ‬
‫يدخل يف‬ ‫ُ‬
‫حي�ث‬ ‫الش�عري خي ّف ُض كوليس�رتول الد ِم‬
‫َ‬ ‫وق�د أثبت�ت الدراس�ات العلم ّية أن‬
‫صناعة الكبد للكوليسرتول‪.‬‬
‫ِ‬
‫فوائد الش�عري وغري من النباتات يف معاجلة‬ ‫ون�رشت جملة ليبيدز عام‪ 1985‬مقاالً حول‬
‫ٍ‬
‫بحوث عىل‬ ‫ِ‬
‫إجراء‬ ‫ِ‬
‫الزراعة يف أمريكا يف‬ ‫كوليس�رتول الدم جا َء فيه‪ :‬لقد قا َم خرا ُء من قس� ِم‬
‫عنارص ك ّلها تقو ُم بخفض كوليسرتول الدم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثالثة‬ ‫فتبني أنه حيوي عىل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الشعري‪ّ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]3010‬وابن ماجة [‪ ،]190‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7905‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5417‬ومسلم [‪.[2216‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[202/14‬‬
‫)‪ (4‬زاد املعاد [‪.[120/4‬‬
‫)‪ (5‬اإلعجاز العلمي يف السنة النبوية [‪ ]9/2‬نقال عن املوقع املذكور بعدُ ‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ق�ال أ‪.‬د‪ .‬زغلول النجار‪ :‬وقد أثبتت الدراس�ات احلديثة أن هل�ذه املركبات الكيميائية‬
‫الت بني اخلاليا العصب ّي ِة؛ مما ُ‬
‫يعني‬ ‫[أي‪ :‬التي حتتوي عىل الش�عري] تأثري ًا إجيابي ًا عىل املوص ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الص�در‪ ،‬وطمأنينةِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وان�رشاح‬ ‫ِ‬
‫واملي�ل إىل الرضا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التخفي�ف من ح�االت االكتئ�اب‪،‬‬ ‫ع�ىل‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫الكيميائي يف جس ِم‬ ‫ص اليو َم باخللل‬ ‫ِ‬
‫االكتئاب ّ‬
‫ِّ‬ ‫تشخ ُ‬ ‫وحاالت‬
‫ُ‬
‫الغني باملوا ِّد‬ ‫ِ‬
‫الش�عري‬ ‫ِ‬
‫املعالج هلذا اخللل من مثل حس�اء‬ ‫ِ‬
‫بالغذاء‬ ‫ُ‬
‫يك�ون‬ ‫وعالجه أساس� ًا‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫النافعة يف مثل تلك احلاالت)‪.(1‬‬

‫أحد من الن ِ‬
‫ّس�اء ّإال عىل‬ ‫يدخ�ل عىل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ ال‬ ‫أن�س ب�ن مالك ‪ I‬ق�ال‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ع�ن‬
‫َ‬ ‫كان الن ُّ‬
‫ُ‬
‫يدخل عليها [أي‪ :‬عىل الدّ وا ِم]‪.‬‬ ‫كان‬ ‫ِ‬
‫أزواجه ّإال أ ِّم سلي ٍم‪ ،‬فإ ّن ُه َ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقيل ل ُه يف َ‬
‫ملحان األنصار ّي ُة ‪ ،J‬وهي أ ُّم ِ‬
‫أنس‬ ‫َ‬ ‫(أ ُّم س�لي ٍم) هي سهل ُة‪ ،‬أو رميل ُة‪ ،‬أو مليك ُة ُ‬
‫بنت‬
‫مالك ‪ I‬مشهور ٌة بكنيتها‪ ،‬واختلف يف اسمها‪.‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫ِ‬

‫مع عسكري‪ْ ،‬أو عىل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫أي‪َ :‬‬ ‫ملحان يف غزوة بئر معونة‪ ،‬وقوله (معي) ْ‬ ‫قتل أخوها حرام بن‬
‫بالذ ِ‬
‫هاب إليها‪.‬‬ ‫أمرهم ّ‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ مل ْ يشهدْ بئر معونة‪ ،‬وإنّا‬ ‫أمري‪ ،‬ويف طاعتي؛ َّ‬
‫ألن الن َّ‬
‫ِ‬
‫بمصالح أهليهم بعد وفاهتم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألصحاب‪ ،‬والقيا ُم‬ ‫ِ‬
‫اإلخوان‬ ‫حفظ ِ‬
‫عهد‬ ‫ُ‬
‫قتل معه‪ِ ،‬‬
‫ففيه‪ :‬أ ّن ُه‬ ‫بأن أخاها َ ُ‬ ‫قلب أ ِّم س�ليم بزيارهتا‪ ،‬ويع ّل ُ�ل َ‬
‫ذلك َّ‬ ‫ر َ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان جي ُ‬ ‫والن ُّ‬
‫عهده ﷺ)‪.(3‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫َ‬
‫وذلك م ْن‬ ‫ِ‬
‫وفاته‪،‬‬ ‫بخري بعدَ‬ ‫خلفه يف ِ‬
‫أهله ٍ‬ ‫ُ‬
‫«قدْ قدّ منا يف كتاب اجلهاد عند ذكر أ ِّم حرام أخت أ ّم سلي ٍم ّأهنا كانتا‬

‫)‪ (1‬املنهج املوقع الرسمي للشيخ عثان اخلميس )‪ (http://www.aLManhaJ.com/‬باختصار‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2844‬ومسلم [‪.[2455‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[51/6‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫وكان‬ ‫الرضاع‪ ،‬وإ ّما م َن الن ِ‬
‫ّسب‪ُّ ،‬‬
‫فتحل ل ُه اخللوة هبا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حمرمني إ ّما م َن ّ‬ ‫لرسول اهلل ﷺ‬ ‫خالتني‬
‫يدخل عىل غريمها من الن ِ‬
‫ّساء ّإال أزواجه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خاص ًة‪ ،‬ال‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫يدخل عليها ّ‬
‫الرجل إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال العلاء‪ِ :‬‬ ‫َ‬
‫جواز دخول املحرم عىل حمرمه‪ ،‬وفيه إشارة إىل منع دخول ّ‬ ‫ُ‬ ‫ففيه‪:‬‬ ‫ُ‬
‫كان صاحل ًا‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫األجنب ّية‪ْ .‬‬

‫الصحيح ُة املشهور ُة يف حتريم اخللوة باألجنب ّي ِة«)‪.(1‬‬ ‫ُ‬


‫األحاديث ّ‬
‫وقدْ تقدّ ِ‬
‫مت‬

‫ّبي ﷺ أ ّن ُه َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫عن الن ِّ‬ ‫ع�ن عم�رو ِ‬
‫بن حز ٍم ‪ِ I‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫إن ابن ًا يل َ‬
‫قبض فأتنا‪.‬‬ ‫أرسلت ابن ُة النّبي ﷺ ِ‬
‫إليه‪َّ :‬‬ ‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫عن أسام ُة بن ٍ‬
‫زيد ‪َ L‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫الس�ال َم‬
‫يقرئ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأرس�ل‬
‫)‪.(3‬‬
‫ﷺ‬
‫فقلت‪ :‬يا أبا مس�ل ٍم ما ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬
‫س�اق س�لم َة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رضبة يف‬ ‫أثر‬ ‫عن يزيد بن أيب ٍ‬
‫عبيد َ‬
‫ُ‬ ‫رأيت َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫الرضب ُة؟‬
‫ّ‬
‫أصيب س�لم ُة‪،‬‬ ‫ر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫فأتي�ت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّاس‪:‬‬
‫فقال الن ُ‬ ‫فق�ال‪ :‬ه�ذه رضب ٌة أصابتني ي�و َم خي َ‬
‫نفثات)‪ ،(4‬فا اشتكيتها حتّى الس ِ‬
‫اعة)‪.(5‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫ثالث‬ ‫فنفث ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[10/16‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن ماجه [‪ ،]1601‬وحسنه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[1301‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1284‬ومسلم [‪ ،]923‬وقد سبق‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يكون ٍ‬
‫بريق خفيف بخالف الن ِ‬
‫ّفخ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بغري ٍ‬
‫ريق بخالف التّفل‪ ،‬وقدْ‬ ‫يكون ِ‬
‫ُ‬ ‫ودون الت ِ‬
‫ّفل‪ ،‬وق�دْ‬ ‫َ‬ ‫)‪ (4‬النف�ث‪َ :‬‬
‫فوق الن ِ‬
‫ّفخ‪،‬‬
‫فتح الباري [‪.[475/7‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪.[4206‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫أهله‪ ،‬يمسح ِ‬
‫بيده اليمنى‪،‬‬ ‫بعض ِ‬‫يعو ُذ َ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫وع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬
‫ُ‬ ‫كان ّ‬ ‫أن الن َّ‬
‫)‪.(1‬‬
‫فذهبت يب أ ّمي‬
‫ْ‬ ‫حاطب ‪ I‬قال‪ :‬انص ّب ْت عىل يدي مرق� ٌة‪ ،‬فأحرقتها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫وع�ن حمم ِ‬
‫�د ِ‬ ‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫فأحف�ظ أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرحبة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وه�و يف ّ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فأتين�ا ُه‬ ‫إىل‬
‫)‪.(2‬‬ ‫وأكثر علمي أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5743‬ومسلم [‪.[2191‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن حبان [‪ ]2976‬وصححه األلباين يف حتقيق موارد الظمآن [‪.[1186‬‬
‫‪‬‬

‫تعامله ﷺ مع الفقراء‬

‫ليس له‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرشيعة اإلسالم ّي ِة يعني‪:‬‬


‫ِ‬
‫النقص يف االحتياجات األساس ّية؛ ف�كل من َ‬
‫َ‬ ‫الفقر يف‬
‫ُ‬
‫كفاي ٌة تكفيه‪ ،‬وتكفي عياله فهو من الفقراء واملساكني)‪.(1‬‬
‫ﷺ‬
‫ﷺ‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫�اب ‪:I‬‬ ‫ق�ال ُ‬
‫)‪.(2‬‬
‫اخلمس؛ َ‬
‫فعل به ذلك أيض ًا‪ ،‬قال ُ‬
‫عمر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫و ّملا فتح خير‪ ،‬وأخذ نصيبه منها وهو‬
‫ﷺ‬
‫وقد قال ﷺ‪:‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫)‪.(4‬‬
‫ﷺ‬
‫صدر الن ِ‬
‫ّه�ار‪ ،‬فجاء ُه قو ٌم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫ع� ْن جرير ب�ن عبد اهلل ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬كنّا عندَ‬
‫ِ‬ ‫ِ )‪(5‬‬ ‫ّ�ار‪ِ ،‬‬
‫حف�ا ٌة ع�را ٌة جمتايب الن ِ‬
‫ب�ل ك ّل ْ‬
‫هم م ْن‬ ‫مرض‪ْ ،‬‬ ‫تهم م ْن َ‬ ‫أو العب�اء متق ّلدي ّ‬
‫الس�يوف‪ ،‬عا ّم ْ‬
‫فأمر ً‬
‫بالال‪،‬‬ ‫خرج‪َ ،‬‬‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫فدخل‪َّ ،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫)‪(6‬‬
‫م�رض‪،‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬جمموع الفتاوى» [‪.[570/28‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ]2975‬وأصله يف البخاري [‪ ،]2904‬ومسلم [‪.[1757‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]2577‬وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[2967‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2904‬ومسلم [‪ ،]1757‬وأبو داود [‪ ،]2975‬واللفظ له‪.‬‬
‫قوروها من الوسط‪ .‬النهاية [‪.[118/5[ ،]310/1‬‬
‫)‪ (5‬النّار‪ :‬مجع نمرة‪ ،‬وهي ثياب خمططة كالنمر‪ ،‬واجتابوها‪ :‬أي‪ّ :‬‬
‫تغري‪ .‬النهاية [‪[342/4‬‬
‫)‪ (6‬أي‪ّ :‬‬
‫‪‬‬

‫فقال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) إىل‬ ‫خطب‪َ ،‬‬


‫َ‬ ‫ثم‬ ‫ف�أ ّذ َن‪ ،‬وأقا َم‪ّ ،‬‬
‫فصىل‪َّ ،‬‬
‫احلرش‪( :‬ﭝ ﭞ ﭟ‬‫ِ‬ ‫اآلية (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [النساء‪ ،[1 :‬واآلي َة ا ّلتي يف‬ ‫آخر ِ‬ ‫ِ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ) [احل�رش‪،[18 :‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ .‬حتّى َ‬
‫قال‪:‬‬

‫عجزت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫تعجز عنها‪ْ ،‬بل قدْ‬
‫ُ‬ ‫كادت ك ّف ُه‬
‫ْ‬ ‫برص ٍة‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬فجا َء ٌ‬
‫رجل م ْن األنصار ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫رأيت وج َه‬ ‫ٍ‬
‫وثياب حتّى ُ‬ ‫ِ‬
‫كومني م ْن طعا ٍم‬ ‫رأيت‬
‫ّاس حتّى ُ‬
‫تتابع الن ُ‬
‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫يته ّل ُل)‪ (1‬كأ ّن ُه مذهب ٌة‪َ ،‬‬
‫فقال‬

‫)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫وبذل‬ ‫املس�لمني إىل طاعة اهلل تعاىل‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بمبادرة‬ ‫ِ‬
‫رسوره ﷺ ففرح ًا‬ ‫قال النووي‪« :‬أ ّما س�بب‬
‫املسلمني‬ ‫ِ‬
‫وش�فقة‬ ‫املحتاجني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫ِ‬
‫حاجة‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ولدف ِع‬ ‫أمر‬ ‫ِ‬
‫وامتثال ِ‬ ‫أمواهلم هللِ‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ر والتّقوى‪.‬‬
‫وتعاوهنم عىل ال ِّ‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫بعض‪،‬‬ ‫بعضهم عىل‬
‫ْ‬
‫ويظهر رسور ُه‪ ،‬ويكون فرح ُه‬ ‫يفرح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القبيل ْ‬ ‫ِ‬
‫لإلنس�ان إذا رأى ش�يئ ًا م ْن هذا‬
‫َ‬ ‫أن َ‬ ‫وينبغي‬
‫ملا ذكرنا ُه»)‪.(3‬‬

‫ِ‬
‫احلسنات‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫نن‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫احلث عىل االبتداء باخلريات‪ ،‬وس ِّن ّ‬
‫ِ‬
‫واملستقبحات)‪.(4‬‬ ‫ّحذير ِ‬
‫من اخرتا ِع األباطيل‬ ‫الت ُ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬يستنري فرح ًا‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1017‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[103/7‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[104/ 7‬‬
‫‪‬‬

‫والسنّ ُة احلسنة عىل نوعني‪:‬‬


‫ّ‬
‫َ‬
‫العمل هبا‪ ،‬ث�م جيدّ دها م ْن جيدّ دها‪ ،‬مثل قيام‬ ‫الس�نّ ُة مرشوع ًة‪ ،‬ثم ُ‬
‫يرتك‬ ‫َ‬
‫تك�ون ّ‬ ‫أن‬
‫َ‬
‫رمضان بإمام‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرجل‬ ‫ال�رش ُع‪ ،‬مثل حال‬
‫يب�ادر إىل فعل ما جاء به ّ‬
‫ُ‬ ‫اإلنس�ان ّأو َل من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يك�ون‬ ‫أن‬
‫الناس‪ ،‬ووافقوه عىل ما فعل)‪.(1‬‬
‫تتابع ُ‬
‫بادر بالصدقة حتى َ‬
‫الذي َ‬

‫كن�ت ألعتمدُ بكبدي عىل‬


‫ُ‬ ‫إن‬ ‫ع�ن أيب هري�ر َة ‪ I‬أن�ه قال‪« :‬واهلل ا ّلذي ال إل� َه ّإال َ‬
‫هو ْ‬
‫احلجر عىل بطني م َن اجلوعِ»)‪.(2‬‬‫َ‬ ‫كنت ألشدُّ‬
‫وإن ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض م َن اجلوعِ‪ْ ،‬‬

‫ألخر ما بني املنر واحلجرة م َن اجلوع‬


‫ّ‬ ‫وإين‬
‫ويف رواية للبخاري )‪« :(7334‬لقدْ رأيتني‪ّ ،‬‬
‫اجلوع»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اجلنون‪ ،‬وما يب ّإال‬
‫َ‬ ‫عيل‪ ،‬فيجي ُء اجلائي‪ ،‬فيضع رجله عىل عنقي يرى َّ‬
‫أن يب‬ ‫مغش ّي ًا َّ‬
‫بكر‪ ،‬فس�ألته ع�ن ٍ‬
‫آية م ْن‬ ‫فمر أبو ٍ‬ ‫َ‬ ‫طريقهم ا ّل�ذي‬ ‫قع�دت يوم ًا عىل‬
‫ُ ْ‬ ‫خيرجون من ُه‪َّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ولق�دْ‬
‫كتاب اهلل ما سألت ُه ّإال ليشبعني‪َّ ،‬‬
‫فمر ومل ْ ْ‬
‫يفعل‪.‬‬ ‫ِ‬

‫آية م ْن ِ‬ ‫ث�م م�ر يب عمر‪ ،‬فس�ألته عن ٍ‬


‫فلم ْ‬
‫يفعل‪،‬‬ ‫كتاب اهلل‪ ،‬ما س�ألت ُه ّإال ليش�بعني‪َّ ،‬‬
‫فم�ر ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َّ‬
‫َ‬
‫ودخل دار ُه)‪.(3‬‬

‫قائم عىل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فمش�يت غ�ري ٍ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ ٌ‬ ‫اجلهد واجلوعِ‪ ،‬فإذا‬ ‫فخررت لوجهي م� َن‬
‫ُ‬ ‫بعيد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وعرف ما يف نفيس‪ ،‬وما يف وجهي‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فأخذ بيدي‪ ،‬فأقامني‪،‬‬ ‫حني رآين‪،‬‬
‫فتبس َم َ‬
‫رأس‪ّ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫بترصف‪.‬‬
‫)‪ (1‬رشح رياض الصاحلني [‪ ]199 / 1‬البن عثيمني ّ‬
‫قال العلاء‪ :‬فائدة شدّ احلجر املساعدة عىل االعتدال واالنتصاب‪ْ ،‬أو املنع م ْن كثرة التّح ّلل م َن الغذاء ا ّلذي‬ ‫)‪َ (2‬‬
‫ِ‬
‫لتقليل حرارة اجلوع برد احلجر‪ .‬فتح الباري‬ ‫ِ‬ ‫الضعف ّ‬
‫أقل‪ْ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف البطن لكون احلجر بقدر البطن‪ ،‬فيكون ّ‬
‫]‪.[284/11‬‬
‫ولعل العذر ٍّ‬
‫لكل م ْن أيب بكر وعمر محل سؤال أيب هريرة عىل ظاهره‪ْ ،‬أو فها ما أراد ُه‪ ،‬ولك ْن ْمل يك ْن عندمها إ ْذ‬ ‫)‪َّ (3‬‬
‫ِ‬
‫يطعانه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ذاك ما‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل ّب َ‬
‫يك يا‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فقال‪:‬‬ ‫فأذن يل‪ ،‬فوجدَ قدح ًا م ْن ٍ‬


‫لبن‪َ ،‬‬ ‫فاستأذنت‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فدخل منزل ُه‪،‬‬ ‫ومىض‪ ،‬فتبعت ُه‪،‬‬
‫‪.‬‬

‫فالن‪ْ ،‬أو فالن ُة‪.‬‬


‫لك ٌ‬ ‫قالوا‪ :‬أهدا ُه َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل ّب َ‬
‫يك يا‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫مال‪ ،‬وال عىل ٍ‬
‫أحد‪ ،‬إذا أتت ُه‬ ‫أهل وال ٍ‬ ‫يأوون إىل ٍ‬‫َ‬ ‫أضياف اإلس�ال ِم‪ ،‬ال‬ ‫الص ّف ِة‬ ‫قال‪ُ :‬‬‫َ‬
‫ُ‬ ‫وأهل ّ‬
‫وأصاب منها‪،‬‬
‫َ‬ ‫إليه�م‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أرس�ل‬ ‫ْ‬
‫يتناول منها ش�يئ ًا‪ ،‬وإذا أتت ُه هد ّي ٌة‬ ‫إليهم‪ ،‬ومل ْ‬
‫ْ‬ ‫صدق� ٌة َ‬
‫بع�ث هبا‬
‫وأرشكهم فيها‪.‬‬
‫ْ‬
‫أهل الص ّف ِ‬
‫أصيب م ْن هذا‬
‫َ‬ ‫أحق أنا ْ‬
‫أن‬ ‫كنت َّ‬
‫�ة!! ُ‬ ‫فقلت‪ :‬وما هذا ال ّلب ُن يف ِ ّ‬
‫ُ‬ ‫فس�اءين َ‬
‫ذل�ك‪،‬‬
‫ال ّل ِ‬
‫بن رشب ًة ّ‬
‫أتقوى هبا‪.‬‬

‫كنت أرجو‬ ‫عليهم‪ ،‬فا عسى ْ‬


‫أن يصيبني من ُه‪ ،‬وقدْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫إليهم‪ ،‬فسيأمرين ْ‬
‫أن أدير ُه‬ ‫ْ‬ ‫وأنا رسول ُه‬
‫أصيب من ُه ما يغنيني!‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫أن‬

‫فدعوهتم‪.‬‬ ‫فأتيتهم‪،‬‬ ‫ِ‬


‫رسوله ﷺ بدٌّ ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وطاعة‬ ‫ِ‬
‫طاعة اهلل‬ ‫ومل ْ يك ْن م ْن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫البيت‪.‬‬ ‫جمالسهم م َن‬ ‫هلم‪ ،‬وأخذوا‬ ‫فأقبلوا‪ ،‬فاستأذنوا‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫فأذن ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل ّب َ‬
‫يك يا‬ ‫ُ‬

‫َ‬
‫يكثرون‬ ‫لنزول الغرباء ِ‬
‫فيه ّمم ْن ال مأوى ل ُه وال أهل‪ ،‬وكانوا‬ ‫ِ‬ ‫ّبوي مظ ّلل‪ ،‬أعدّ‬ ‫الص ّفة‪ :‬مكان يف ّ‬
‫مؤخر املسجد الن ّ‬ ‫)‪ّ (1‬‬
‫منهم ْأو يموت ْأو يسافر‪ .‬فتح الباري [‪.[595/6‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيه ويق ّل َ‬
‫يتزوج ْ‬
‫ون بحسب م ْن ّ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫القدح‪،‬‬ ‫عيل‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫َ‬ ‫ثم ير ُّد َّ‬
‫فيرشب حتّى يروى‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫جل‪،‬‬ ‫فجعلت أعطيه ّ‬‫ُ‬ ‫القدح‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأخذت‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫عيل‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫ثم ير ُّد َّ‬‫فيرشب حتّى يروى‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫القدح‪،‬‬
‫َ‬ ‫ع�يل‬
‫ثم ير ُّد َّ‬‫فيرشب حتّى يروى‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫جل‪،‬‬ ‫فأعطي�ه ّ‬
‫هم‪.‬‬ ‫روي القو ُم ك ّل ْ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬وقدْ‬
‫انتهيت إىل الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫القدح‪ ،‬حتّى‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫فتبس َم‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فنظر إ َّيل‪ّ ،‬‬
‫القدح‪ ،‬فوضع ُه عىل يده‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫فأخذ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ل ّب َ‬
‫يك يا‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫صدقت يا‬
‫َ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فرشبت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فقعدت‪،‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫باحلق ما أجدُ ل ُه مسلك ًا‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ال‪ ،‬وا ّلذي َ‬


‫بعثك ِّ‬ ‫حتّى ُ‬ ‫زال ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫فرشبت‪ ،‬فا َ‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ورشب الفضل َة‪.‬‬


‫َ‬ ‫وسمى‪،‬‬
‫القدح‪ ،‬فحمدَ اهلل‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فأعطيت ُه‬
‫ذلك م ْن َ‬
‫كان‬ ‫ف�وىل اهلل َ‬
‫وقلت ل ُه‪ّ :‬‬
‫ُ‬ ‫كان م ْن أمري‪،‬‬ ‫وذكرت ل ُه ا ّل�ذي َ‬
‫ُ‬ ‫عمر‪،‬‬
‫فلقي�ت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫استقرأتك اآلي َة وألنا أقر ُأ هلا َ‬
‫منك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عمر‪ ،‬واهلل لقدْ‬ ‫أحق ِبه َ‬
‫منك يا ُ‬ ‫َّ‬
‫مثل ِ‬
‫محر النّع ِم)‪.(1‬‬ ‫يكون يل ُ‬
‫َ‬ ‫أحب إ َّيل م ْن ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫أدخلتك ُّ‬ ‫َ‬
‫أكون‬ ‫عمر‪ :‬واهلل ْ‬
‫ألن‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬
‫ِ‬
‫البادية علي�ه؛ فيواس با‬ ‫ِ‬
‫ألم�ارات اجل�و ِع‬ ‫ِ‬
‫للفقري‪ ،‬وينتب� ُه‬ ‫يفط�ن‬ ‫النب�ي ﷺ‬ ‫ف�كان‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يستطيع‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]6452[ ،]5375‬والرتمذي [‪.[2477‬‬


‫‪‬‬

‫هو إىل‬ ‫ٍ‬ ‫يرشبون يتناول اإلنا َء م ْن ِّ‬


‫َ‬ ‫َّ‬
‫كل واحد‪ ،‬فيدفع ُه َ‬ ‫عليهم با‬
‫ْ‬ ‫أن خادم القوم إذا دار‬
‫الضيف‪.‬‬ ‫الرجل يناول رفيقه؛ ملا يف َ‬
‫ذلك م ْن نوع امتهان ّ‬ ‫ا ّلذي يليه‪ ،‬وال ُ‬
‫يدع ّ‬
‫والرش ِ‬
‫اب‬ ‫م�ن تكثري ال ّطع�ا ِم‪ّ ،‬‬ ‫معج�ز ٌة عظيم ٌة‪ ،‬وهل�ا نظائر يف عالم�ات الن ِ‬
‫ّبوة ْ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بركته ﷺ‪.‬‬

‫بلغ أقىص غايته أخذ ًا م ْن قول أيب هريرة «ال أجد ل ُه مس�لك ًا «‪،‬‬
‫ولو َ‬ ‫جواز ّ‬
‫الش�بعِ‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ّبي ﷺ عىل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وتقرير الن ّ‬
‫ِ‬
‫العبادة‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫ذلك م َن الكسل ِ‬
‫عن‬ ‫ّب عىل َ‬ ‫لكن ال يت ُ‬
‫ّخذ ّ‬
‫بع عادةً؛ ملا يرتت ُ‬
‫الش َ‬
‫ِ‬
‫ّرصيح هبا‪.‬‬
‫ّلويح هبا أوىل م ْن إظهارها‪ ،‬والت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫كتان احلاجة‪ ،‬والت َ‬ ‫أن‬

‫ّبي ﷺ‪ ،‬وإيثاره عىل نفسه‪ ،‬وأهله‪ ،‬وخادمه‪.‬‬


‫كر ُم الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ م ْن ضيق احلال‪.‬‬ ‫بعض الصحابة ِ‬
‫عليه يف ِ‬ ‫ما َ‬
‫زمن الن ِّ‬ ‫ّ‬ ‫كان ُ‬
‫ِ‬
‫باإلش�ارة إىل َ‬ ‫ّرصيح بالس ِ‬ ‫فض�ل أيب هري�رة‪ ،‬وتع ّففه ِ‬
‫ُ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫�ؤال‪ ،‬واكتفاؤ ُه‬ ‫ِ ّ‬ ‫عن الت‬
‫مع شدّ ة احتياجه‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ عىل ّ‬
‫حظ نفسه‪َ ،‬‬ ‫وتقديمه طاع َة الن ِّ‬
‫وصل إىل دار الدّ اعي ال يدخل ِ‬
‫بغري استئذان)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫املدعو إذا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫الص ّف َة‪،‬‬
‫فجئت أريدُ ّ‬
‫ُ‬ ‫أطعم فيها طعام ًا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫عيل ثالث ُة أ ّيا ٍم مل ْ‬ ‫وعن أيب هرير َة ‪ I‬قال‪ْ :‬‬
‫أتت َّ‬
‫َ‬
‫ينادون‪ :‬ج َّن أبو هريرةَ‪.‬‬ ‫الص ُ‬
‫بيان‬ ‫َ‬
‫فجعل ّ‬ ‫ُ‬
‫أسقط‪،‬‬ ‫فجعلت‬
‫ُ‬
‫الص ّف ِة‪.‬‬
‫املجانني حتّى انتهينا إىل ّ‬
‫ُ‬ ‫وأقول‪ْ :‬بل ُ‬
‫أنتم‬ ‫ُ‬ ‫أنادهيم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فجعلت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بقصعة من ٍ‬
‫ثريد‪ ،‬فدعا عليها َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫يأكلون منها‪،‬‬ ‫الص ّفة‪ْ ،‬‬
‫وهم‬ ‫أهل ّ‬ ‫ْ‬ ‫يت‬
‫رسول اهلل ﷺ أ َ‬ ‫فوافقت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القصعة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القصعة ّإال يش ٌء يف نواحي‬ ‫وليس يف‬ ‫ُ‬
‫كي يدعوين‪ ،‬حتّى قا َم القو ُم‪َ ،‬‬‫أتطاول ْ‬ ‫فجعلت‬
‫ُ‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫قال يل‪:‬‬ ‫فصارت لقم ًة‪ ،‬فوضعها عىل أصابعه‪َّ ،‬‬‫ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فجمع ُه‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[289/11‬‬


‫‪‬‬

‫شبعت)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫زلت ُ‬
‫آكل منها حتّى‬ ‫فوا ّلذي نفيس ِ‬
‫بيده ما ُ‬
‫‪»:‬‬ ‫ﷺ‬

‫«‪.‬‬

‫أمسيت‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫كان عندي يش ٌء قدْ مجعت ُه‪ّ ،‬‬ ‫سلان‪ :‬قدْ َ‬‫ُ‬ ‫ويف قصة إس�الم الفارس ‪ I‬قال‬
‫فقلت ل ُه‪ :‬إنّ� ُه قدْ بلغني‬ ‫ِ‬
‫علي�ه‪،‬‬ ‫فدخلت‬ ‫وه�و بقبا َء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ذهبت إىل‬ ‫ث�م‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أخذت� ُه‪َّ ،‬‬
‫كان عندي للص ِ‬
‫دقة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حاجة‪ ،‬وهذا يش ٌء َ‬ ‫لك غربا ُء ذوو‬‫أصحاب َ‬ ‫َ‬
‫ومعك‬ ‫صالح‪،‬‬ ‫أن َّك ٌ‬
‫رجل‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫غريكم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أحق ِبه م ْن‬ ‫فرأيتكم َّ‬
‫ْ‬
‫قال‪ :‬فقربته ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ّ ُ‬
‫فلم ْ‬
‫يأكل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأمسك يد ُه‪ْ ،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ألصحابه‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فقال‬
‫فقلت يف نفيس‪ِ :‬‬
‫هذه واحدةٌ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫َ‬

‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫جئت ِبه‪،‬‬
‫ثم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل املدينة‪َّ ،‬‬ ‫وحتو َل‬
‫فجمعت ش�يئ ًا‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫انرصفت عن ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫أكرمتك هبا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وهذه هد ّي ٌة‬ ‫الصدق َة‪،‬‬ ‫رأيتك ال ُ‬
‫َ‬
‫تأكل ّ‬ ‫ّإين‬

‫وأمر أصحاب ُه‪ ،‬فأكلوا مع ُه‪.‬‬ ‫ُ‬


‫رسول اهلل ﷺ منها‪َ ،‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فأكل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اثنتان‪...‬احلديث)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫هاتان‬ ‫فقلت يف نفيس‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫أناس‬ ‫الص ّف ِة َ‬
‫بني‬ ‫أهل ّ‬‫قسم ناس ًا م ْن ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا أمس�ى َ‬ ‫عن ابن س�ريي َن قال‪ :‬كان‬
‫ِ‬ ‫والر ُ‬ ‫بالر ِ‬ ‫والر ُ‬ ‫بالر ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫جل بال ّثالثة‪ ،‬حتّى َ‬
‫ذكر‬ ‫جلني‪ّ ،‬‬ ‫جل ّ‬ ‫جل‪ّ ،‬‬ ‫يذهب ّ‬
‫ُ‬ ‫جل‬ ‫َ‬
‫فكان ّ‬ ‫أصحابه‪،‬‬ ‫م ْن‬
‫عرش ًة)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه ابن حبان [‪ ،]6533‬وض ّعفه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[6499‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]23225‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[894‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن أيب شيبة يف املصنف [‪.[27154‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ بيته‪ ،‬فأطعمهم ما كان عنده)‪.(1‬‬ ‫قال احلسن‪ :‬وما بقى منهم أدخلهم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغف�اري َ‬ ‫يعيش ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫الص ّفة‪َ ،‬‬
‫فأمر‬ ‫أصحاب ّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان أيب م ْن‬ ‫ِّ‬ ‫بن طخف َة‬ ‫ع� ْن َ‬
‫ٍ‬
‫مخسة‪.‬‬ ‫خامس‬ ‫بقيت‬
‫جلني‪ ،‬حتّى ُ‬ ‫والر ِ‬ ‫بالر ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫جل ّ‬ ‫جل ّ‬ ‫ينقلب ّ‬
‫ُ‬ ‫فجعل‬ ‫هبم‪،‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫فانطلقنا معه إىل ِ‬
‫بيت عائش َة‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القطاة)‪ (4‬فأكلنا‪.‬‬ ‫مثل‬ ‫ٍ‬
‫بحيسة)‪ِ (3‬‬ ‫جاءت‬ ‫ثم‬ ‫ٍ )‪(2‬‬
‫ْ‬ ‫فجاءت بحشيشة فأكلنا‪َّ ،‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫صغري ِ‬
‫فيه لب ٌن‪ ،‬فرشبنا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بقدح‬ ‫جاءت‬ ‫ثم‬
‫ْ‬ ‫بعس ‪ ،‬فرشبنا‪َّ ،‬‬‫فجاءت ٍّ‬
‫ْ‬
‫)‪(5‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫املسجد)‪.(6‬‬ ‫ننطلق إىل‬
‫ُ‬ ‫فقلنا‪ :‬ال‪ْ ،‬بل‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫الص ّف ِة كانوا ناس� ًا فقرا َء‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫أصحاب ّ‬
‫َ‬ ‫بن أيب ٍ‬
‫بكر‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫محن ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ع ْن عبد ّ‬
‫مرةً‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال ّ‬
‫‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بثالثة‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫بعرشة)‪ ،(7‬وأبو ٍ‬ ‫نبي اهلل ﷺ‬
‫فهو‪ ،‬وأنا‪ ،‬وأيب‪ ،‬وأ ّمي‪ ،‬وامرأيت‪،‬‬
‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫بكر‬ ‫وانطل�ق ُّ‬
‫َ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وبيت أيب ٍ‬ ‫بني بيتنا‬
‫وخاد ٌم َ‬

‫)‪ (1‬رواه البيهقي يف شعب اإليان [‪.[10333‬‬


‫ِ‬
‫وطبخت‪ ،‬وتلقى فيه حلم ْأو تر‪.‬‬ ‫طحنت بعض ال ّطحن‬ ‫هو طعام يصنع م ْن حنطة قدْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫)‪َ (2‬‬
‫)‪ (3‬طعام يتّخذ م ْن تر وسويق وأقط وسمن‪.‬‬
‫)‪ (4‬طائر معروف‪ ،‬وكأ ّن ُه ش ّب َه به يف الق ّلة‬
‫)‪ (5‬قدح ضخم‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه أبو داود [‪ ،]5040‬وابن ماجة [‪ ]752‬وضعفه األلباين يف ضعيف الرتغيب والرتهيب [‪.[1801‬‬
‫ّبي ﷺ كانوا‬ ‫السخاء واجلود‪َّ ،‬‬ ‫)‪ (7‬هذا مبنيّ ملا َ ِ‬
‫فإن عيال الن ّ‬ ‫والسبق إىل ّ‬
‫ّبي ﷺ م َن األخذ بأفضل األمور‪ّ ،‬‬ ‫كان عليه الن ّ‬
‫ِ‬
‫بنصف طعامه ْأو نحوه‪ .‬رشح النووي [‪.[8/14‬‬ ‫قريب ًا من عدد ضيفانه ِ‬
‫هذه ال ّليلة‪ ،‬فأتى‬ ‫ْ‬
‫‪‬‬

‫الر ِ‬
‫محن افر ْغ م ْن‬ ‫فانطلق‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م َن ال ّل ِ‬ ‫وكان أيب يتحدّ ُ‬
‫َ‬
‫وقال‪ :‬يا عبدَ ّ‬ ‫َ‬ ‫ي�ل‪،‬‬ ‫ث إىل‬
‫أضيافك قبل ْ‬
‫أن أجي َء‪.‬‬ ‫َ‬

‫بقراهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أمسيت جئنا‬
‫ُ‬ ‫فلا‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫فيطعم معنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫فأبوا‪ ،‬فقالوا‪ :‬حتّى جيي َء أبو منزلنا‪،‬‬

‫أن يصيبني من ُه أ ًذى‪.‬‬


‫خفت ْ‬
‫ُ‬ ‫ّكم ْ‬
‫إن مل ْ تفعلوا‬ ‫هلم‪ :‬إ ّن ُه ٌ‬
‫رجل حديدٌ ‪ ،‬وإن ْ‬ ‫فقلت ْ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فأبوا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وإن أبا ٍ‬
‫لبث حتّى ص ّليت العش�ا ُء‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫ثم َ‬‫ّبي ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫بكر ّ‬
‫تعش�ى عندَ الن ِّ‬ ‫الرمح�ن‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال عبد ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫نعس‬ ‫رجع‪َ ،‬‬
‫فلبث حتّى َ‬ ‫َ‬
‫فجا َء بعدما مىض م َن ال ّل ِ‬
‫يل ما شا َء اهلل‪.‬‬

‫َ‬
‫أضيافك؟‬ ‫َ‬
‫حبسك ع ْن‬ ‫قالت ل ُه امرأت ُه‪ :‬ما‬
‫ْ‬

‫يتهم‪.‬‬
‫عش ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬أو ما ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫فغلبوهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫عليهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫قالت‪ :‬أبوا حتّى جتي َء‪ ،‬قدْ عرضوا‬
‫ْ‬

‫فاختبأت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فذهبت أنا‬
‫ُ‬ ‫الرمحن‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال عبد ّ‬
‫تس�مع صويت‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫إن َ‬‫عليك ْ‬
‫َ‬ ‫أقس�مت‬
‫ُ‬ ‫غنثر‪،‬‬ ‫وس�ب‪َ .‬‬
‫فقال‪ :‬يا ُ‬ ‫َّ‬ ‫غنثر)‪ ،(2‬فجدّ َع‬ ‫َ‬
‫وقال‪ :‬يا ُ‬
‫ّإال َ‬
‫جئت‪.‬‬

‫بقراهم‪ ،‬فأبوا‬ ‫أتيتهم‬ ‫فس�لهم‪ ،‬قدْ‬ ‫َ‬


‫أضيافك‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫ذنب‪،‬‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل ما يل ٌ‬
‫ُ‬ ‫فجئت‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫ْ‬
‫أن يطعموا حتّى جتي َء‪.‬‬

‫َ‬
‫صدقك‪.‬‬ ‫قالوا‪:‬‬

‫غلبوهم‪ ،‬وهذا فعلو ُه أدب ًا‬


‫ْ‬ ‫فعاجلوهم‪ ،‬فامتنع�وا حتّى‬
‫ْ‬ ‫أن َآل أيب بك�ر عرضوا عىل األضياف العش�اء‪ ،‬فأبوا‪،‬‬ ‫أي‪َّ :‬‬‫)‪ْ (1‬‬
‫عشائهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ورفق ًا بأيب بكر فيا ظنّو ُه؛ ّ‬
‫ألهن ْم ظنّوا أ ّن ُه ال حيصل ل ُه عشاء م ْن‬
‫هو اجلاهل‪ .‬النهاية [‪[389/3‬‬ ‫هو ال ّثقيل الوخم‪َ ،‬‬
‫وقيل‪َ :‬‬ ‫)‪َ (2‬‬
‫‪‬‬

‫قراكم‪ ،‬فواهلل ال أطعم ُه ال ّليل َة‪.‬‬


‫ْ‬ ‫لكم ْ‬
‫أن ال تقبلوا عنّا‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ما ْ‬
‫فقالوا‪ :‬فواهلل ال نطعم ُه حتّى تطعم ُه‪.‬‬
‫فسمى‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫كانت ِ‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫َ‬
‫فأكل‪ ،‬وأكلوا‪.‬‬ ‫الشيطان‪ ،‬فدعا بال ّطعا ِم‪ّ ،‬‬
‫هذه م َن ّ‬ ‫بكر‪ْ :‬‬
‫إن ْ‬
‫نأخذ من ٍ‬
‫لقمة ّإال‬ ‫َ‬
‫أكثر منها‪،‬‬
‫ربا]أي‪ :‬زا َد] م ْن أس�فلها َ‬
‫ْ‬ ‫فايم اهلل ما كنّا ُ ْ‬
‫الرمحن‪ُ :‬‬
‫قال عبد ّ‬
‫كانت َ‬
‫قبل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫أكثر ممّا ْ‬
‫وصارت َ‬
‫ْ‬ ‫حتّى شبعنا‪،‬‬

‫أكثر‪.‬‬
‫هي‪ْ ،‬أو ُ‬
‫هي كا َ‬ ‫فنظر إليها أبو ٍ‬
‫بكر‪ ،‬فإذا َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫فراس ما هذا؟‬ ‫أخت بني‬ ‫ِ‬
‫المرأته‪ :‬يا َ‬ ‫َ‬
‫قال‬

‫مرار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بثالث ٍ‬ ‫أكثر منها َ‬
‫قبل َ‬
‫ذلك‬ ‫هلي َ‬ ‫ِ‬
‫اآلن ُ‬ ‫وقرة عيني َ‬
‫قالت‪ :‬ال ّ‬
‫ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫فأصبحت عند ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ثم محلها إىل‬
‫َّ‬
‫وحنثت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّبروا‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫‪[ .‬أي‪ :‬ألنّك حنث�ت يف يمينك حنث ًا مندوب� ًا ِ‬
‫إليه‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫ْ‬
‫منهم هبذا االعتبار]‪.‬‬ ‫مطلوب ًا‪َ ،‬‬
‫فأنت أفضل ْ‬
‫مع‬ ‫عرش رج ً‬
‫ال)‪َ ،(2‬‬ ‫فعرفنا اثنا َ‬ ‫ُ‬
‫األجل‪ّ ،‬‬ ‫وبني قو ٍم عقدٌ فمىض‬ ‫َ‬
‫وكان بيننا َ‬ ‫الرمحن‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال عبد ّ‬
‫َ‬
‫أمجعون)‪.(3‬‬ ‫معهم‪ ،‬فأكلوا منها‬
‫ْ‬ ‫بعث‬ ‫ٍ‬
‫رجل‪ّ ،‬إال أ ّن ُه َ‬ ‫مع ِّ‬
‫كل‬ ‫كم َ‬
‫أعلم ْ‬
‫أناس اهلل ُ‬
‫منهم ٌ‬ ‫ٍ‬
‫رجل ْ‬ ‫ِّ‬
‫كل‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬


‫أرسل هبا أبو بكر إىل الن ّ‬ ‫تلك اجلفنة ا ّلتي‬ ‫فاحلاصل َّ‬
‫أن مجيع اجليش أكلوا م ْن َ‬

‫أمر من َ‬ ‫ِ‬ ‫استحباب ِ‬


‫كان عند ُه‬ ‫بالشبع من الطعا ِم‪ ،‬ومواساهتم فيه؛ فلهذا َ‬
‫الفقراء ّ‬ ‫إيثار‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بخامس‪.‬‬ ‫يذهب‬ ‫ٍ‬
‫أربعة أن‬ ‫يذهب بثالث‪ ،‬ومن كان عنده طعا ُم‬ ‫طعا ُم ِ‬
‫اثنني أن‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫)‪ِ (1‬‬
‫أي‪ :‬اجلفنة عىل حاهلا‪.‬‬
‫أي جعلنا عرفاء‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬القصة جممعة من روايات البخاري [‪ ]6141[ ،]3581[ ،]602‬ومسلم [‪ ]2075‬وأمحد [‪.[1714‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بأوليائه‪.‬‬ ‫ما يقع من ِ‬
‫لطف اهلل تعاىل‬ ‫ُ ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫للجاعة ْ‬ ‫َ‬
‫كث�ريون فينبغ�ي‬ ‫ٌ‬
‫ضيفان‬ ‫ح�رض‬ ‫ِ‬
‫واملواس�اة‪ ،‬وأنّ� ُه إذا‬ ‫ِ‬
‫اإليثار‬ ‫فضيل� ُة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لكبري الق�و ِم ْ‬
‫أن يأمر أصحابه‬ ‫منهم م ْن حيتمل� ُه‪ ،‬وأ ّن ُه ينبغي‬ ‫ٍ‬ ‫ويأخ�ذ ُّ‬
‫َ‬
‫كل واحد ْ‬ ‫عوه�م‪،‬‬
‫ْ‬ ‫يتوز‬
‫ّ‬
‫هو م ْن يمكن ُه‪.‬‬ ‫بذلك‪ ،‬ويأخذ َ‬‫َ‬
‫إحلاح‪ ،‬وال‬ ‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫املواساة إذا مل ْ يك ْن يف َ‬ ‫ِ‬
‫االحتياج إىل‬ ‫ِ‬
‫املساجد عندَ‬ ‫ِ‬
‫الفقراء إىل‬ ‫التجا ُء‬
‫ٌ‬
‫تشويش عىل املص ّل َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إحلاف‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫املخمصة‪.‬‬ ‫ّوظيف يف‬
‫ُ‬ ‫الت‬
‫هلم الكفاي ُة‪.‬‬ ‫والولد‪ِ ّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫جواز الغيبة ِ‬
‫والضيف إذا أعدّ ْت ُ‬ ‫عن األهل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الرجل‪.‬‬ ‫يف‪ ،‬واإلطعا ُم ِ‬ ‫للض ِ‬
‫خاص م َن ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫بغري إذن‬ ‫ف املرأة فيا تقدّ ُم ّ‬
‫ترص ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وتعاطيه‪.‬‬ ‫أعال ِ‬
‫اخلري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للولد عىل وجه الت ِ‬
‫ّأديب‪ ،‬والتّمرين عىل‬ ‫سب الوالد‬
‫جواز ِّ‬
‫ُ‬
‫ترك ِ‬
‫املباح‪.‬‬ ‫احللف عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫جواز‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫خلره بالقس ِم‪.‬‬ ‫الصادق‬ ‫الر ِ‬
‫جل ّ‬ ‫توكيدُ ّ‬
‫ِ‬
‫اليمني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلنث بعد عقد‬ ‫جواز‬
‫ُ‬
‫وقبوهلم َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫عرض ال ّطعا ِم ا ّلذي تظهر ِ‬
‫فيه الرك ُة عىل الكبار‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الرمحن ّفر َط يف أمر األضياف‪َ ،‬‬
‫فبادر‬ ‫أن عبد ّ‬ ‫ألن أبا بكر ظ َّن َّ‬ ‫ُ‬
‫العمل بال ّظ ِّن الغالب َّ‬
‫وقوى القرين َة عنده اختباؤ ُه من ُه‪.‬‬ ‫إىل س ّبه‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫واجلود؛‬ ‫�بق إىل الس ِ‬
‫�خاء‪،‬‬ ‫والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ا َ ِ‬
‫ّ‬ ‫األمور‪ّ ،‬‬ ‫بأفضل‬ ‫األخذ‬ ‫ّبي ﷺ م َن‬‫كان عليه الن ُّ‬
‫ضيفانه ِ‬
‫هذه ال ّليل َة)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫عيال النّبي ﷺ كانوا قريب ًا من ِ‬
‫عدد‬ ‫فإن َ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫ﷺ‬

‫تذهب أس�اعنا‪،‬‬ ‫كادت‬


‫ْ‬ ‫وصاحب يل؛ قدْ‬ ‫قال‪ :‬جئت أنا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عم�رو ‪َ ،I‬‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫املقداد ِ‬ ‫ِ‬
‫ع�ن‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫)‪ (1‬ينظ�ر‪ :‬فت�ح الب�اري [‪ ]600/6‬البن حجر‪ ،‬فتح الب�اري [‪ ]175/ 4‬البن رج�ب‪ ،‬رشح النووي عىل صحيح‬
‫مسلم [‪.[18/14‬‬
‫‪‬‬

‫ّب�ي ﷺ‪ ،‬فقلنا‪:‬‬
‫فلم يضفنا أح�د‪ ،‬فأتينا الن َّ‬ ‫نتعر ُض للن ِ‬
‫ّ�اس‪ْ ،‬‬ ‫وأبصارن�ا م� َن اجلوعِ‪ ،‬فجعلن�ا ّ‬
‫فلم يضفنا أحدٌ ‪ ،‬فأتيناك‪.‬‬ ‫فتعرضنا للن ِ‬
‫ّاس‪ْ ،‬‬ ‫جوع شديدٌ ؛ ّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل! بنا‬ ‫يا‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫أعنز؛ َ‬ ‫ِ‬


‫منزله‪ ،‬فإذا ثالث ُة ٍ‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫فذهب بنا إىل‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ نصيب ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيرشب ُّ‬ ‫َ‬
‫ونرفع للن ِّ‬
‫ُ‬ ‫إنسان منّا نصيب ُه‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫نحتلب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فكنّا‬

‫َ‬
‫اليقظان‪.‬‬ ‫ويسمع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يوقظ نائ ًا‪،‬‬ ‫فيجي ُء م َن ال ّل ِ‬
‫يل‪ ،‬فيس ّل ُم تسلي ًا ال‬

‫فيرشب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ثم يأيت رشاب ُه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فيصيل‪َّ ،‬‬ ‫ثم يأيت املسجدَ ‪،‬‬
‫َّ‬
‫األنص�ار‪ ،‬فيتحفون ُه‪،‬‬ ‫حممدٌ يأيت‬ ‫رشب�ت نصيبي؛ َ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فأت�اين ّ‬
‫َ‬ ‫فقال‪ّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ليلة‪ ،‬وقدْ‬ ‫�يطان َ‬ ‫الش‬
‫ِ‬
‫اجلرعة‪ ،‬فأتيتها‪ ،‬فرشبتها‪.‬‬ ‫ويصيب عندهم‪ ،‬ما ِبه حاج ٌة إىل ِ‬
‫هذه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫وحيك‬ ‫يطان‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫الش ُ‬ ‫ليس إليها ٌ‬
‫سبيل؛ ندّ مني ّ‬ ‫وعلمت أ ّن ُه َ‬
‫ُ‬ ‫وغلت)‪ (1‬يف بطني‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فلا ْ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫فتذهب‬ ‫ُ‬
‫فتهل�ك‪،‬‬ ‫َ‬
‫عليك؛‬ ‫حممد‪ ،‬فيج�ي ُء‪ ،‬فال جي�د ُه‪ ،‬فيدعو‬‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫رشاب ّ‬
‫َ‬ ‫أرشب�ت‬
‫َ‬ ‫صنع�ت؟!‬
‫َ‬ ‫م�ا‬
‫َ‬
‫وآخرتك‪.‬‬ ‫َ‬
‫دنياك‪،‬‬

‫قدماي‪،‬‬
‫َ‬ ‫خرج‬
‫خرج رأس‪ ،‬وإذا وضعتها عىل رأس َ‬
‫قدمي َ‬
‫َّ‬ ‫وعيل شمل ٌة إذا وضعتها عىل‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫وجعل ال جييئني النّو ُم‪.‬‬

‫صنعت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫صاحباي؛ فناما‪ ،‬ومل ْ يصنعا ما‬
‫َ‬ ‫وأ ّما‬

‫فكش�ف‬
‫َ‬ ‫ثم أتى رشاب ُه‪،‬‬
‫فصىل‪َّ ،‬‬ ‫كان يس� ّل ُم‪َّ ،‬‬
‫ثم أتى املس�جدَ ‪ّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ؛ فس� ّل َم كا َ‬
‫فجا َء الن ُّ‬
‫فيه شيئ ًا‪ ،‬فرفع رأسه إىل الس ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫عنه‪ ،‬فلم جيدْ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬
‫ُ‬
‫فأهلك‪.‬‬ ‫عيل‪،‬‬ ‫فقلت‪َ :‬‬
‫اآلن يدعو َّ‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫األعنز ّأهيا أسم ُن‪،‬‬ ‫فانطلقت إىل‬ ‫وأخذت ّ‬
‫الش�فرةَ‪،‬‬ ‫عيل‪،‬‬ ‫فعمدت إىل ّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش�ملة‪ ،‬فش�ددهتا َّ‬ ‫ُ‬

‫اليشء‪ .‬النهاية [‪.[209/5‬‬ ‫ُ‬


‫الوغول‪ :‬الدّ خول يف ّ‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪‬‬

‫لرس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ف�إذا ه�ي حافل� ٌة‪ ،‬وإذا ه�ن ح ّف ٌ�ل ك ّله�ن )‪ ،(1‬فعم�دت إىل ٍ‬
‫إناء‬ ‫ِ‬ ‫فأذبحه�ا‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فجئت إىل‬
‫ُ‬ ‫فحلبت ِ‬
‫فيه حتّى علت ُه رغ�وةٌ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أن حيتلبوا ِ‬
‫في�ه‪،‬‬ ‫يطمع�ون ْ‬
‫َ‬ ‫آلل حمم ٍ‬
‫�د ﷺ م�ا كانوا‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ثم ناولني‪.‬‬
‫ارشب‪ ،‬فرشب‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ثم ناولني‪.‬‬
‫فرشب‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ارشب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫ألقيت إىل‬
‫ُ‬ ‫ضحكت حتّى‬
‫ُ‬ ‫وأصبت دعوت ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫روي‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ قدْ‬ ‫عرفت َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل َ‬
‫كان م� ْن أمري كذا‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال الن ُّ‬
‫وفعلت كذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكذا‪،‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال الن ُّ‬
‫‪.‬‬
‫باحلق م�ا أبايل إذا أصبته�ا‪ ،‬وأصبتها َ‬
‫معك م� ْن أصاهبا م َن‬ ‫فقل�ت‪ :‬وا ّل�ذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪،‬‬
‫الن ِ‬
‫ّاس)‪.(2‬‬
‫ويف قصة إسالم سلان الفارس ‪ّ I‬ملا قدّ م إىل رسول اهلل ﷺ طعام ًا عىل وجه اهلدية‪،‬‬
‫وأمر أصحاب ُه‪ ،‬فأكلوا مع ُه)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ منها‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫أكل‬

‫فقال‪ّ :‬إين جمهو ٌد‪.‬‬ ‫ِ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬جا َء ٌ‬
‫رجل إىل‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬

‫باحلق ما عندي ّإال ما ٌء‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬وا ّلذي َ‬


‫بعثك ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫نسائه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫َ‬
‫فأرسل إىل‬
‫ذل�ك‪ :‬ال وا ّلذي َ‬
‫بعثك‬ ‫مثل َ‬‫ذلك‪ ،‬حتّى قل� َن ك ّله َّن َ‬ ‫فقالت َ‬
‫مث�ل َ‬ ‫ْ‬ ‫أرس�ل إىل أخرى‪،‬‬‫َ‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫باحلق ما عندي ّإال ما ٌء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫وهذه م ْن معجزات الن ّّبوة‪ ،‬وآثار بركته ﷺ‪.‬‬ ‫)‪ (1‬أي‪ :‬اجتمع اللبن الكثري يف رضعها‪،‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ،]2055‬وقد سبق يف الباب الثاين فلرياجع هناك‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]23225‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪ ،]894‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ :‬أنا يا‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل م َن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ضيف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫المرأته‪ :‬أكرمي‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫رحله‪َ ،‬‬ ‫فانطلق ِبه إىل‬
‫َ‬

‫فقالت‪ :‬ما عندنا ّإال ُ‬


‫قوت صبياين‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫صبيانك إذا أرادوا عش�ا ًء‪ ،‬فإذا َ‬
‫دخل‬ ‫ونومي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ه ّيئي طعامك‪ ،‬وأصبحي رساجك‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫تطفئيه‪.‬‬ ‫الر ِ‬
‫اج حتّى‬ ‫نأكل‪ ،‬فإذا أهوى؛ َ‬ ‫ِ‬
‫وأريه أنّا ُ‬
‫ليأكل فقومي إىل ّ‬ ‫اج‪،‬‬‫الر َ‬
‫ضيفنا؛ فأطفئي ّ‬
‫تصلح رساجها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كأهنا‬
‫قامت ّ‬
‫ثم ْ‬
‫مت صبياهنا‪َّ ،‬‬
‫ونو ْ‬
‫وأصبحت رساجها‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫�أت طعامها‪،‬‬
‫فه ّي ْ‬
‫ِ‬
‫طاويني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يأكالن‪ ،‬فباتا‬ ‫ِ‬
‫يريانه ّأهنا‬ ‫فأطفأت ُه‪ ،‬فجعال‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫أصبح غدا إىل‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫فأنزل اهلل‪( :‬ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [احلرش‪.(1)[9 :‬‬

‫ِ‬
‫رج�الن حاجتها واحدةٌ‪ ،‬فتك ّل َم أحدمها‪،‬‬ ‫نبي اهلل ﷺ‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬جا َء َّ‬
‫فوجدَ نبي اهلل ﷺ من ِ‬
‫فيه إخالف ًا)‪.(2‬‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ثالث‪.‬‬ ‫أطعم طعام ًا ُ‬
‫منذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ألفعل‪ ،‬ولكنّي مل ْ‬ ‫فقال‪ّ :‬إين‬
‫فأمر ِبه رج ً‬
‫ال فآوا ُه‪ ،‬وقىض ل ُه حاجت ُه)‪.(3‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخ�اري [‪ ]3789‬ومس�لم [‪ ،]2054‬وق�د س�بق م�ع بع�ض فوائ�ده يف الب�اب الث�اين يف تعامله ﷺ مع‬
‫الضيوف‪ ،‬فلرياجع هناك‪.‬‬
‫تغري رائحة الفم‪ ،‬واخللوف يظهر عند خلو املعدة من الطعام‪.‬‬
‫)‪ (2‬من اخللوف وهو ّ‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ]2405‬وقال اهليثمي يف جممع الزوائد‪" [324/10[ :‬إسناده جيد"‪ ،‬وصححه أمحد شاكر يف تعليقه‬
‫عىل املسند [‪.[131/4‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫ّاس م َن‬ ‫خيطب َ‬ ‫س�معت الن َ‬ ‫ٍ‬


‫حرب َ‬ ‫ِ‬
‫س�اك ِ‬
‫أص�اب الن ُ‬
‫َ‬ ‫عمر ما‬
‫ذكر ُ‬‫قال‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ّع�ان‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن‬ ‫ع ْن‬
‫يمأل ِبه بطن ُه!»)‪.(2‬‬
‫ال)‪ُ (1‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُّ‬
‫يظل اليو َم يلتوي ما جيدُ دق ً‬ ‫َ‬ ‫رأيت‬
‫ُ‬ ‫الدّ نيا َ‬
‫فقال‪« :‬لقدْ‬
‫ِ‬
‫يقول‪ :‬وا ّلذي ُ‬
‫نفس أيب هرير َة‬ ‫بإصبع�ه مرار ًا ُ‬ ‫يش�ري‬
‫ُ‬ ‫رأيت أبا هرير َة‬ ‫قال‪ُ :‬‬‫وع ْن أيب حاز ٍم َ‬
‫ٍ‬
‫حنطة حتّى َ‬
‫فارق الدّ نيا)‪.(3‬‬ ‫نبي اهلل ﷺ وأهل ُه ثالث َة أ ّيا ٍم تباع ًا م ْن ِ‬
‫خبز‬ ‫ِ‬
‫شبع ُّ‬
‫بيده ما َ‬
‫حمم ٍد ﷺ م ْن طعا ٍم ثالث َة أ ّيا ٍم حتّى َ‬
‫قبض»‪.‬‬ ‫شبع ُآل ّ‬
‫ولفظ البخاري‪« :‬ما َ‬
‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قالت لعروةَ‪ :‬اب َن أختي ْ‬
‫وع ْن عائش� َة ‪ّ J‬أهنا ْ‬
‫ثم اهلالل‪َّ ،‬‬
‫لننظر إىل اهلالل‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫إن كنّا‬
‫نار!‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلالل‪ ،‬ثالث َة أه ّل ٍة يف‬
‫ِ‬
‫أوقدت يف أبيات رسول اهلل ﷺ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫شهرين‪ ،‬وما‬

‫يعيشكم؟‬
‫ْ‬ ‫فقلت‪ :‬يا خال ُة ما َ‬
‫كان‬ ‫ُ‬

‫كانت‬ ‫ِ‬
‫األنصار ْ‬ ‫ٌ‬
‫جريان م َن‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ّمر واملا ُء‪ّ ،‬إال أ ّن ُه قدْ َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫قالت‪ :‬األس�ودان الت ُ‬
‫ْ‬
‫ألباهنم‪ ،‬فيسقينا)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫َ‬
‫يمنحون‬ ‫منائح‪ ،‬وكانوا‬
‫ُ‬ ‫هلم‬
‫ْ‬
‫كبد ّإال‬ ‫ريف من ٍ‬
‫يشء يأكل�ه ذو ٍ‬ ‫ن عائش� َة ‪J‬‬
‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ وما يف ّ ْ‬ ‫قال�ت‪ :‬لقدْ ّ َ‬
‫تويف الن ُّ‬ ‫ْ‬ ‫وع� ْ‬
‫ففني)‪.(5‬‬
‫عيل‪ ،‬فكلت ُه َ‬ ‫فأكلت من ُه حتّى َ‬ ‫ٍ‬
‫طال َّ‬ ‫ُ‬ ‫رف يل‪،‬‬
‫شعري يف ٍّ‬ ‫شطر‬
‫ُ‬
‫تر)‪.(6‬‬ ‫ِ‬
‫أكلتني يف يو ٍم ّإال إحدامها ٌ‬ ‫حمم ٍد ﷺ‬
‫أكل ُآل ّ‬
‫قالت‪ :‬ما َ‬
‫ْ‬ ‫ن عائش َة ‪J‬‬ ‫وع ْ‬
‫فعرضت‬
‫ْ‬ ‫نحفر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اخلندق‬ ‫ويف حديث جابر بن عبد اهلل ‪ L‬قصة حفر اخلندق‪ :‬إنّا يو َم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اخلندق‪.‬‬ ‫عرضت يف‬
‫ْ‬ ‫ٌ )‪(7‬‬ ‫كدي ٌة شديدةٌ‪ ،‬فجاءوا النّبي ﷺ‪ ،‬فقالوا‪ِ :‬‬
‫هذه كدية‬ ‫َّ‬

‫)‪ (1‬الدقل‪ :‬التمر الرديء‪ .‬النهاية [‪.[299/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2978‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]5374‬ومسلم [‪ ،]2976‬وهذا لفظه‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]2567‬ومسلم [‪.[2972‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3097‬ومسلم [‪.[2973‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]6455‬ومسلم [‪.[2971‬‬
‫)‪ (7‬الكدية‪ :‬قطعة غليظ ٌة صلبة ال تعمل فيها الفأس‪ .‬النهاية [‪[156/4‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫فأخذ‬ ‫نذوق ذواق ًا‪،‬‬
‫‪ ،‬ولبثنا ثالث َة أ ّيا ٍم ال ُ‬ ‫ثم قا َم‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫فرضب‪ ،‬فعا َد كثيب ًا َ‬
‫أهيل‪...‬احلديث)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املعول‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫الن ُّ‬
‫اجلوع‪ ،‬ورفعنا ع� ْن بطوننا ع ْن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫وع� ْن أيب طلح َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬ش�كونا إىل‬
‫ِ‬
‫حجرين)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن‬ ‫فرفع‬ ‫ٍ‬
‫حجر‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫حجر‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الي�ان ‪-‬وهو من أتباع التابعني‪َ -‬‬
‫ق�ال‪ّ :‬ملا‬
‫املهاج�رون باملدينة‪ ،‬ومل ْ‬ ‫كثرت‬ ‫ع�ن عثان بن‬
‫َ‬
‫فكان‬ ‫الص ّف ِة‪،‬‬
‫أصحاب ّ‬
‫َ‬ ‫هم‪:‬‬‫وس�ا ْ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ املس�جدَ ‪،‬‬ ‫أنزهلم‬
‫ْ‬ ‫دار‪ ،‬والَ مأوى‬
‫هلم ٌ‬ ‫يك ْن ْ‬
‫هبم)‪.(3‬‬
‫ويأنس ْ‬
‫ُ‬ ‫جيالسهم‪،‬‬
‫ْ‬
‫ٌ‬
‫امتثال ألمر اهلل تع�اىل كا قال‪( :‬ﭑ‬ ‫ِ‬
‫املجالس�ة تس�لي ٌة هلم ومؤانس� ٌة‪ ،‬وفيها‬ ‫ويف هذه‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ) [الكهف‪.[28 :‬‬

‫«يأمر تعاىل نب ّيه حممد ًا ﷺ ‪-‬وغريه أسوته‪ ،‬يف األوامر والنواهي‪ -‬أن يص َ‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫النهار‬ ‫املنيب�ني (ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ)‪ ،‬أي‪ّ :‬أو َل‬ ‫َ‬ ‫نفس�ه مع املؤمنني العباد‬
‫ِ‬
‫بصحبة‬ ‫األمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلخ�الص فيها‪ ،‬ففيها ُ‬ ‫بالعبادة‪،‬‬ ‫وآخ�ره يريدون بذلك وج َه اهلل‪ ،‬فوصفهم‬
‫النفس عىل صحبتهم‪ ،‬وخمالطتهم‪ ،‬وإن كانوا فقرا َء؛ فإن يف صحبتهم من‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجماهدة‬ ‫ِ‬
‫األخيار‪،‬‬
‫ِ‬
‫الفوائد ما ال حيىص‪.‬‬

‫وترفع عنهم نظرك‪.‬‬


‫ْ‬ ‫(ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ)‪ ،‬أي‪ :‬ال جتاوزهم برصك‪،‬‬
‫املصالح الدين ّي ِة‪ ،‬فإن‬
‫ِ‬ ‫وقاطع عن‬
‫ٌ‬ ‫غري ناف�عٍ‪،‬‬
‫ضار ُ‬ ‫(ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ)‪ ،‬ف�إن هذا ٌّ‬
‫ِ‬
‫القلب الرغب ُة‬ ‫ُ‬
‫وتزول من‬ ‫واهلواجس فيها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫األفكار‬
‫ُ‬ ‫فتصري‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القلب بالدنيا‪،‬‬ ‫يوجب تع ّل َق‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫ُ‬
‫ويقبل‬ ‫القلب عن ِ‬
‫ذكر اهلل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فيغفل‬ ‫َ‬
‫العقل‪،‬‬ ‫وتسحر‬ ‫تروق للناظر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة‪ ،‬فإن زين َة الدنيا ُ‬ ‫يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4101‬ومسلم [‪.[2039‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]2371‬وضعفه األلباين يف ضعيف سنن الرتمذي [‪.[2490‬‬
‫)‪ (3‬سنن البيهقى [‪.[4135‬‬
‫‪‬‬

‫فيخر اخلس�ار َة األبد ّي َة‪ ،‬والندام َة‬ ‫ُ‬


‫وينف�رط أمره‪،‬‬ ‫فيضيع وقت ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والش�هوات‪،‬‬ ‫ع�ىل ال ّل ّذ ِ‬
‫ات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرمد ّي� َة؛ وهلذا ق�ال‪( :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ)‪ ،‬غفل عن اهلل‪ ،‬فعاقب ُه بأن أغفله‬
‫ِ‬
‫ذكره‪.‬‬ ‫عن‬

‫اش�تهت نفس�ه فعله‪ ،‬وسعى يف إدراكه‪،‬‬


‫ْ‬ ‫(ﭬ ﭭ)‪ ،‬أي‪ :‬صار تبع ًا هلواه‪ ،‬حيث ما‬
‫ول�و كان في�ه هالكه وخرانه‪ ،‬فهو قد ّاخت َذ إهل ُه هوا ُه‪ ،‬كا قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫مصال�ح دين�ه ودني�اه (ﭰ)‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) اآلي�ة‪( .‬ﭮ ﭯ)‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ِ‬
‫االقتداء به‪ ،‬وألنه ال يدعو‬ ‫ضائع ًة مع ّطل ًة‪ .‬فهذا قد هنى اهلل عن طاعته؛ َّ‬
‫ألن طاعته تدعو إىل‬
‫ّصف به»)‪.(1‬‬
‫إال ملا هو مت ٌ‬

‫(ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ)‪.‬‬
‫ِ‬
‫واإلخالص؛ رغب ًة يف‬ ‫ِ‬
‫العبادة‬ ‫عنك‪ ،‬وعن جمالس�تك َ‬
‫أهل‬ ‫«أي‪ :‬ال تطر ْد َ‬
‫ِ‬
‫ودعاء‬ ‫ِ‬
‫والص�الة ونحوها‪،‬‬ ‫بالذ ِ‬
‫كر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العبادة ّ‬ ‫رهبم دع�ا َء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمالس�ة غريهم م� َن املالزمني لدعاء ّ‬
‫ِ‬
‫األغراض سوى‬ ‫َ‬
‫قاصدون بذلك وج َه اهلل‪ ،‬ليس هلم من‬ ‫ِ‬
‫النهار وآخره‪ ،‬وهم‬ ‫ِ‬
‫املس�ألة يف ّأو ِل‬
‫ِ‬
‫اجلليل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الغرض‬ ‫ذلك‬

‫ون ملواالهتم وحم ّبتهم‪،‬‬ ‫ِ‬


‫واإلعراض عنهم‪ ،‬بل مس�تح ّق َ‬ ‫ِ‬
‫للطرد‪،‬‬ ‫فهؤالء ليس�وا مس�تح ّقني‬
‫ِ‬
‫احلقيقة وإن‬ ‫وإدنائه�م‪ ،‬وتقريبه�م؛ ألهنم الصفو ُة م�ن ِ‬
‫اخللق وإن كانوا فقرا َء‪ ،‬واألع�زا ُء يف‬
‫أذال َء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الناس ّ‬ ‫كانوا عند‬
‫(ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ)‪ ،‬أي‪ٌّ :‬‬
‫كل ل�ه حس�ابه‪،‬‬
‫القبيح‪( .‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وله عمله احلس ُن‪ ،‬وعمله‬
‫ِ‬
‫امتثال‪ ،‬فكان إذا جالس الفقراء من املؤمنني صر نفس�ه‬ ‫وقد َ‬
‫امتثل ﷺ هذا األمر أش�دَّ‬
‫وقرهبم منه‪ ،‬بل كانوا هم أكثر‬
‫وحس َن خلقه‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫وأالن هلم جانبه‪ّ ،‬‬ ‫معهم‪ ،‬وأحس� َن معاملتهم‪،‬‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[475/1‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫أهل جملسه ‪.(1)«‬‬
‫ِ‬
‫العرب أنفوا أن يستجيبوا إىل دعوة‬ ‫ِ‬
‫أرشاف‬ ‫أن مجاع ًة من‬ ‫ِ‬
‫نزول هذه اآليات َّ‬ ‫سبب‬
‫وكان ُ‬
‫ع�اف‪ ،‬من أمثال‪ :‬صهيب‪ ،‬وبالل‪ ،‬وعار‪،‬‬‫الض َ‬‫اإلس�الم؛ ألن حممد ًا ﷺ يؤوي إليه الفقرا َء ّ‬
‫ِ‬
‫العرق لفقرهم‪.‬‬ ‫تفوح منها رائح ُة‬
‫جباب ُ‬
‫ٌ‬ ‫وخ ّباب‪ ،‬وسلان‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وأمثاهلم‪ ،‬وعليهم‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قريش!‬ ‫سادات‬ ‫ومكانتهم االجتاع ّي ُة ال ّ‬
‫تؤهلهم ألن جيالسوا‬
‫ِ‬
‫هؤالء الكرا ُء إىل رس�ول اهلل ﷺ أن يطردهم عن�ه‪ ،‬فأبى‪(.‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫فطل�ب‬
‫�ص هل�م‬ ‫ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ)‪ .‬فاقرتح�وا أن ّ‬
‫خيص َ‬
‫ع�اف؛ كي َّ‬
‫يظل‬ ‫الض ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لألرشاف جملس� ًا آخر‪ ،‬ال‬ ‫جملس� ًا‪،‬‬
‫يكون فيه ه�ؤالء الفقرا ُء ّ‬ ‫�ص‬
‫وخيص َ‬
‫ّ‬
‫اجلاهيل!‬
‫ِّ‬ ‫للسادة امتيازهم‪ ،‬واختصاصهم‪ ،‬ومهابتهم يف املجتمع‬

‫يس�تجيب هلم يف هذه‪ .‬فج�اءه أمر ربه‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫َ‬ ‫فه�م ﷺ رغب ًة يف إس�المهم أن‬
‫َّ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬
‫ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ)‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وبالل‪،‬‬ ‫صهيب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫برسول اهلل ﷺ‪ ،‬وعنده‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش‬ ‫مر امل ُ‬
‫أل من‬
‫ٌ‬ ‫عن ابن مسعود ‪ I‬قال‪َّ :‬‬
‫املسلمني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضعفاء‬ ‫اب‪ ،‬وغريهم من‬
‫َ‬ ‫وعار‪ ،‬وخ ّب ٌ‬
‫ٌ‬
‫َ‬
‫قومك؟ أه�ؤالء الذين م َّن اهلل عليه�م من بيننا؟‬ ‫أرضيت هب�ؤالء من‬
‫َ‬ ‫فقال�وا‪ :‬ي�ا حممدُ ‪،‬‬
‫نكون تبع ًا هلؤالء؟ اطردهم عنك‪ ،‬فلع ّلك إن طردهتم أن نتّبعك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ونحن‬

‫فنزل�ت ه�ذه اآلي�ة‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ)‬


‫[األنعام‪.(2)[52 :‬‬
‫َ‬
‫املرشكون‬ ‫فق�ال‬ ‫ّبي ﷺ س� ّت َة ٍ‬
‫نف�ر‪َ ،‬‬ ‫س�عد ب�ن أيب وقاص ‪َ I‬‬ ‫ِ‬
‫م�ع الن ِّ‬
‫ق�ال‪ :‬كنّا َ‬ ‫وع� ْن‬
‫َ‬
‫جيرتئون علينا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هؤالء ال‬ ‫ّبي ﷺ‪ :‬اطر ْد‬‫للن ِّ‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[257/1‬‬


‫)‪ (2‬تفسري الطري [‪[374 /11‬‬
‫‪‬‬

‫أسميها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬


‫لست ّ‬
‫ورجالن ُ‬ ‫وبالل‬ ‫هذيل‪،‬‬ ‫ورجل م ْن‬ ‫مسعود‬ ‫وكنت أنا واب ُن‬
‫ُ‬
‫ث نفس� ُه‪َ ،‬‬
‫فأنزل اهلل ‪( :D‬ﯲ‬ ‫يقع‪ ،‬فحدّ َ‬
‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ما ش�ا َء اهلل ْ‬ ‫فوقع يف ِ‬
‫نفس‬ ‫َ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ))‪.(1‬‬
‫وم�ن تعامل�ه ﷺ معهم أنه كان ّ‬
‫يدهلم عىل أبواب اخلري واألعال الصاحلة التي توصلهم‬
‫إىل منزلة األغنياء املنفقني‪:‬‬
‫أهل الدّ ِ‬
‫ثور‬
‫)‪(2‬‬ ‫ذهب ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فقالوا‪َ :‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن فقرا َء املهاجري َن أتوا‬
‫ِ‬
‫رجات العىل‪ ،‬والنّعي ِم املقي ِم‪.‬‬ ‫بالدّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫ويعتقون وال‬ ‫قون وال نتصدّ ُق‪،‬‬
‫ويصومون كا نصو ُم‪ ،‬ويتصدّ َ‬
‫َ‬ ‫قال�وا‪ :‬يص ّل َ‬
‫ون كا ّ‬
‫نصيل‪،‬‬
‫نعتق)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬بىل يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫األموال با فعلنا‪،‬‬ ‫س�مع إخواننا ُ‬
‫أهل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫فرجع فقرا ُء املهاجري َن إىل‬
‫َ‬
‫ففعلوا مثل ُه‪.‬‬

‫)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2413‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬األموال الكثرية‪ .‬النهاية [‪[214/2‬‬
‫وجياهدون‪ ،‬ويتصدّ َ‬
‫قون‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويعتمرون‪،‬‬ ‫حيج َ‬
‫ون هبا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫أموال ّ‬ ‫وهلم ٌ‬
‫فضل م ْن‬ ‫)‪ (3‬ويف رواية للبخاري‪ْ :‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]843‬ومسلم [‪.[595‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫)‪.(1‬‬

‫الغفاري ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬أمرين خلييل ﷺ بسبعٍ‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ذر‬
‫فع ْن أيب ٍّ‬

‫)‪.(2‬‬
‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ر‬ ‫أن مس�كين ًة‬
‫حنيف ‪َّ L‬‬ ‫ٍ‬ ‫س�هل ِ‬
‫ِ‬ ‫ع� ْن أيب أمام َة ِ‬
‫مرضت‪ ،‬فأخ َ‬
‫ْ‬ ‫ب�ن‬ ‫بن‬
‫عنهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ويسأل‬ ‫املساكني‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يعو ُد‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫بمرضها‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فخرج بجنازهتا ليالً‪ ،‬فكرهوا ْ‬
‫أن يوقظوا‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫كان م ْن شأهنا َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ر با ّلذي َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ أخ َ‬ ‫أصبح‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ونوقظك‪.‬‬ ‫َ‬
‫نخرجك لي ً‬
‫ال‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل كرهنا ْ‬ ‫فقالوا‪ :‬يا‬
‫ٍ‬
‫تكبريات)‪.(3‬‬ ‫أربع‬ ‫صف بالن ِ‬ ‫ُ‬
‫وكر َ‬‫ّاس عىل قرها‪َ ّ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ حتّى َّ‬ ‫فخرج‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫مع‬ ‫ِ‬
‫جوف ال ّل ِ‬ ‫ٍ‬
‫يل‪ ،‬وأنا َ‬ ‫مس�عود ‪ I‬ق�ال‪ُ :‬‬
‫قمت م ْن‬ ‫ع� ْن عبدَ اهلل ب َن‬

‫وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[684‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]3233‬عن ابن عباس ‪،L‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]20906‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2166‬‬
‫)‪ (3‬رواه مالك يف املوطأ [‪ ،]531‬والنسائي [‪ ،]1907‬وصححه األلباين يف صحيح سنن النسائي [‪ ،]1907‬وروى‬
‫البخاري [‪ ،]458‬ومسلم [‪ ]956‬نحوه من حديث أيب هريرة ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫أنظر إليها‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبوك‪ ،‬فرأيت شعل ًة م ْن ٍ‬ ‫ِ‬
‫غزوة َ‬
‫العسكر‪ ،‬فاتّبعتها ُ‬ ‫ناحية‬ ‫نار يف‬
‫وعمر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأبو ٍ‬
‫بكر‬

‫ُ‬
‫ورس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫هم قدْ حفروا ل ُه‪،‬‬
‫م�ات‪ ،‬وإذا ْ‬
‫َ‬ ‫امل�زين قدْ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫البجادي�ن‬ ‫وإذا عب�دُ اهلل ذو‬
‫فد ّلياه ِ‬ ‫وهو ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حفرته‪ ،‬وأبو ٍ‬‫ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫وعمر يد ّليانه إليه‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫بكر‬

‫‪.‬‬ ‫فلا ه ّيأ ُه لش ّق ِه‪َ ،‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫احلفرة)‪.(1‬‬ ‫صاحب‬ ‫كنت‬ ‫ٍ‬
‫مسعود‪ :‬يا ليتني ُ‬ ‫َ‬
‫قال عبدُ اهلل ب ُن‬
‫َ‬
‫ينازع إىل اإلس�ال ِم‪ ،‬فيمنع ُه قوم ُه م ْن‬
‫ُ‬ ‫كان‬ ‫ِ‬
‫البجادين؛ أل ّن ُه َ‬ ‫َ‬
‫قال اب ُن هش�ا ٍم‪ :‬وإنّا ّ‬
‫س�م َي ذا‬
‫ُ‬
‫الغليظ اجلايف‪.‬‬ ‫بجاد ليس ِ‬
‫عليه غري ُه‪ .‬والبجا ُد‪ :‬الكسا ُء‬ ‫ِ‬ ‫قون ِ‬
‫عليه حتّى تركو ُه يف‬ ‫ذلك‪ ،‬ويض ّي َ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بواحد‪،‬‬ ‫ّ�زر‬ ‫ِ‬ ‫كان قريب ًا من ُه ّ‬
‫فلا َ‬ ‫ِ‬
‫باثنني‪ ،‬فات َ‬ ‫ش�ق بج�اد ُه‬ ‫منه�م إىل رس�ول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫فه�رب‬
‫َ‬
‫لذلك)‪.(2‬‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫البجادين‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقيل ل ُه ذو‬ ‫َ‬ ‫ثم أتى‬ ‫ِ‬
‫باآلخر‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫واشتمل‬

‫بري‬ ‫بنت أيب ٍ‬‫ع�ن أس�اء ِ‬


‫الز ُ‬
‫تزوجن�ي ّ‬ ‫بك�ر ‪ْ L‬‬
‫قالت‪ّ :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪...‬فلم يك ْن م َن‬ ‫أعلف فرس ُه‪ ،‬وأستقي املا َء‬ ‫فكنت‬ ‫ِ‬
‫فرسه‪،‬‬ ‫وغري‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ،‬‬
‫أحتش له‪ ،‬وأقوم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه‪ ،‬وأسوس ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫كنت‬
‫الفرس ُ‬ ‫سياسة‬ ‫عيل م ْن‬
‫اخلدمة يش ٌء أشدَّ َّ‬
‫فألقت‬
‫ْ‬ ‫قالت‪ :‬كفتني سياس� َة الفرس‪،‬‬
‫س�بي‪ ،‬فأعطاها خادم ًا)‪ْ .(3‬‬
‫ٌ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫ثم جا َء الن َّ‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫عنّي مئونت ُه)‪.(4‬‬

‫يف رواية «حتّى َ‬


‫أرسل إ َّيل أبو بكر بخاد ٍم تكفيني سياسة الفرس‪ ،‬فكأنّا أعتقني»)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬السرية النبوية [‪ ]527/2‬البن هشام‪ ،‬وقال ابن حجر يف اإلصابة [‪ :[162/4‬رجاله ثقات إال أن فيه انقطاعا«‪.‬‬
‫)‪ (2‬السرية النبوية [‪ ]527/2‬البن هشام‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬جارية‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]4823‬ومسلم [‪.[2182‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]5224‬ومسلم [‪.[2182‬‬
‫‪‬‬

‫الس�بي ّملا جا َء إىل الن ّ‬


‫ّبي ﷺ أعطى أبا‬ ‫بأن ّ‬ ‫ِ‬
‫وايتني َّ‬ ‫الر‬
‫ق�ال احلاف�ظ ابن حجر‪« :‬وجيمع بني ّ‬
‫هو املعطي‪ ،‬ولك ْن َ‬
‫وصل َ‬
‫ذلك‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫فصدق َّ‬
‫أن الن ّ‬ ‫َ‬ ‫بكر من ُه خادم ًا؛ لريس�ل ُه إىل ابنته أس�اء‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بواسطة»)‪.(1‬‬ ‫إليها‬

‫ّبي ﷺ ممّا ُ‬
‫يقول للخاد ِم‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫امرأة َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫‪.‬‬ ‫كان الن ُّ‬ ‫رجل ْأو‬ ‫ع ْن خاد ٍم للن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل حاجتي‪.‬‬ ‫ذات يو ٍم‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫قال حتّى َ‬
‫كان َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫القيامة)‪.‬‬ ‫تشفع يل يو َم‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫قال‪( :‬حاجتي ْ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ريب‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ِ‬
‫بوضوئه‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأتيت ُه‬ ‫مع‬ ‫األسلمي ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬‫عن ربيع َة ِ‬
‫أبيت َ‬
‫كنت ُ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫كعب‬
‫‪.‬‬ ‫فقال يل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وحاجته‪َ ،‬‬ ‫[أي‪ :‬املاء الذي يتوضأ به]‪،‬‬

‫مرافقتك يف اجلن ِّة‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫أسألك‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫هو َ‬
‫ذاك‪.‬‬ ‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[324/9‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ]15646‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4836‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[489‬‬
‫‪‬‬

‫أمجع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ويف رواية ع ْن ربيع َة َ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأقو ُم ل ُه يف حوائجه هناري َ‬ ‫كنت أخد ُم‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫َ‬ ‫أقول لع ّلها ْ‬
‫دخل بيت ُه‪ُ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ العشاء اآلخرةَ‪ ،‬فأجلس ِ‬
‫ببابه إذا َ‬ ‫ُ‬
‫حتدث‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حتّى ّ َ‬
‫يصيل‬
‫يقول ﷺ‪:‬‬ ‫أزال أس�مع ُه ُ‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ حاج� ٌة‪ ،‬فا ُ‬
‫فأرجع‪ْ ،‬أو تغلبني عيني‪ ،‬فأرقدَ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتّى َّ‬
‫أمل‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فقال يل يوم ًا ملا يرى م ْن خ ّفتي ل ُه وخدمتي إ ّيا ُه‪:‬‬ ‫َ‬
‫أعلمك َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫أنظر يف أمري يا‬
‫فقلت‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وأن يل فيها رزق ًا س�يكفيني‪،‬‬
‫أن الدّ نيا منقطع� ٌة زائل ٌة‪َّ ،‬‬‫فعرف�ت َّ‬
‫ُ‬ ‫ّ�رت يف نفيس‪،‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬ففك ُ‬
‫هو ِبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باملنزل ا ّلذي َ‬ ‫ن اهلل ‪D‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ آلخريت‪ ،‬فإ ّن ُه م َ‬ ‫فقلت‪ُ :‬‬
‫أسأل‬ ‫ُ‬ ‫ويأتيني‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫فجئت َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫تشفع يل إىل ر ّب َك‪ ،‬فيعتقني م َن الن ِّار‪.‬‬
‫َ‬ ‫أسألك ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫نعم يا‬
‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫باحلق ما أمرين ِ‬
‫ب�ه أح�دٌ ‪ ،‬ولكن َّك ّملا َ‬
‫قلت‪:‬‬ ‫فقل�ت‪ :‬ال واهلل ا ّل�ذي بعث�ك ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫أن الدّ نيا منقطع ٌة‪،‬‬
‫وعرفت َّ‬
‫ُ‬ ‫نظرت يف أمري‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أنت ِبه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باملنزل ا ّل�ذي َ‬ ‫وكنت م َن اهلل‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ آلخريت‪.‬‬ ‫فقلت‪ُ :‬‬
‫أسأل‬ ‫ُ‬ ‫وأن يل فيها رزق ًا سيأتيني‪،‬‬
‫وزائل ٌة‪َّ ،‬‬
‫ث�م َ‬
‫ق�ال يل‪:‬‬ ‫ال َّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ طوي ً‬ ‫فصم�ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫مر ٌ‬
‫رجل عىل‬ ‫اعدي ‪ I‬أ ّن ُه َ‬ ‫ٍ‬ ‫سهل ِ‬
‫ِ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫الس‬
‫بن سعد ّ‬ ‫ع ْن‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫أن يش ّف َع‪،‬‬
‫شفع ْ‬ ‫ينكح‪ْ ،‬‬ ‫خطب ْ‬ ‫حري ْ‬ ‫ِ‬
‫أرشاف الن ِ‬ ‫قالوا‪ٌ :‬‬
‫وإن َ‬ ‫أن َ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫ٌّ‬ ‫ّاس‪ ،‬هذا واهلل‬ ‫رجل م ْن‬
‫يستمع‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫وإن َ‬
‫قال ْ‬ ‫ْ‬

‫وحسنه األلباين يف إرواء الغليل [‪ ،]209/2‬وقد سبق‪.‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪،]16143‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫املسلمني‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫فقراء‬ ‫فمر ٌ‬
‫رجل م ْن‬
‫َ‬ ‫سكت‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ش�فع ْ‬
‫أن ال‬ ‫ينكح‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫خطب ْ‬ ‫حري ْ‬ ‫ِ‬ ‫قالوا‪ :‬هذا ٌ‬
‫َ‬ ‫أن ال َ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫ٌّ‬ ‫املس�لمني‪ ،‬هذا‬
‫َ‬ ‫فقراء‬ ‫رجل م ْن‬
‫يستمع‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن ال‬ ‫وإن َ‬
‫قال ْ‬ ‫يش ّف َع‪ْ ،‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫بمجر ِد الدّ ني�ا ال أثر هلا‪ ،‬وإنّا االعتبار يف‬


‫ّ‬ ‫الس�يادة‬
‫أن ّ‬ ‫بيان َّ‬
‫ق�ال ابن حجر‪« :‬ويف احلديث ُ‬
‫ِ‬
‫بحسنة اآلخرة»)‪.(2‬‬ ‫وأن ا ّلذي يفوت ُه ُّ‬
‫احلظ م َن الدّ نيا يعاض عن ُه‬ ‫ِ‬
‫باآلخرة‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ذلك‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ذر ‪َ I‬‬
‫وع ْن أيب ٍّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ٍ‬


‫قريش‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫رجل م ْن‬ ‫ثم سألني ع ْن‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أدخل‪.‬‬ ‫حرض‬
‫َ‬ ‫أعطي‪ ،‬وإذا‬
‫َ‬ ‫قلت‪ :‬إذا َ‬
‫سأل‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫الص ّف ِة‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫رجل م ْن ِ‬
‫أهل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ثم سألني ع ْن‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ال واهلل ما أعرف ُه يا‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬قدْ عرفت ُه يا‬
‫ُ‬ ‫زال حي ّل ِيه‪ ،‬وينعت ُه حتّى عرفت ُه‪،‬‬
‫قال‪ :‬فا َ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5091‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪ ]278/11‬باختصار‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫الص ّف ِة‪.‬‬ ‫مسكني م ْن ِ‬


‫أهل ّ‬ ‫ٌ‬ ‫قلت‪ٌ :‬‬
‫رجل‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫اآلخر؟‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بعض ما يعطى‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬أفال يعطى م ْن‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫)‪.(3‬‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫بن عمرو ِ‬
‫بن العايص ‪ L‬ع ْن‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫أعلم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬اهلل ورسول ُه ُ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪D‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه ابن حبان [‪ ،]685‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[3203‬‬
‫الثوب اخللق‪ .‬النهاية [‪.[306/3‬‬
‫ُ‬ ‫)‪ (2‬ال ّطمر‪:‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]3854‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4573‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫كنت قائ ًا عندَ رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فجا َء ح ٌ‬
‫ر م ْن‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫ثوبان ‪ I‬موىل‬ ‫ع ْن‬
‫يرصع منها‪.‬‬ ‫حممدُ ‪ ،‬فدفعت ُه دفع ًة كا َد‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اليهود‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫عليك يا ّ‬ ‫السال ُم‬
‫فقال‪ّ :‬‬ ‫أحبار‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬مل َ تدفعني؟‬
‫َ‬
‫رسول اهلل؟‬ ‫فقلت‪ :‬أال ُ‬
‫تقول‪ :‬يا‬ ‫ُ‬
‫سا ُه ِبه أهل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اليهودي‪ :‬إنّا ندعو ُه باسمه ا ّلذي ّ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫أسألك‪.‬‬ ‫جئت‬
‫اليهودي‪ُ :‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫بأذين‪.‬‬
‫أسمع َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بعود مع ُه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فنكت‬
‫َ‬
‫موات؟‬
‫ُ‬ ‫والس‬ ‫ِ‬
‫األرض ّ‬ ‫غري‬
‫األرض َ‬
‫ُ‬ ‫ّاس يو َم تبدّ ُل‬ ‫ُ‬
‫يكون الن ُ‬ ‫اليهودي‪ :‬أي َن‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫قال‪ :‬فم ْن ّأو ُل الن ِ‬
‫ّاس إجازةً؟‬ ‫َ‬

‫‪...‬احلديث)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫العاص ‪- L‬س�أل ُه‬‫ِ‬ ‫س�معت عبدَ اهلل ب َن عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫احلبيل قال‪:‬‬ ‫الر ِ‬
‫محن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫وعن أيب عبد ّ‬
‫فقال ل ُه عبدُ اهلل‪َ :‬‬
‫ألك امرأ ٌة تأوي إليها؟‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فقراء املهاجري َن؟‪َ -‬‬ ‫رجل َ‬
‫فقال‪ :‬ألسنا م ْن‬ ‫ٌ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]6534‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[7378‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[315‬‬
‫‪‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ألك مسك ٌن تسكن ُه؟‪.‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫األغنياء‪.‬‬ ‫فأنت م َن‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬

‫فإن يل خادم ًا‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫امللوك‪.‬‬ ‫فأنت م ْن‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫العاص وأنا عند ُه‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫بن عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫نفر إىل ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫محن‪ :‬وجا َء ثالث ُة ٍ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قال أبو عبد ّ‬
‫ش�ئتم‪،‬‬ ‫هلم‪ :‬ما‬ ‫نفق�ة‪ ،‬وال دا ّب ٍة‪ ،‬وال متاعٍ‪َ .‬‬
‫ٍ‬ ‫�د‪ ،‬إنّا واهلل ما نق�در عىل ٍ‬ ‫ي�ا أب�ا حمم ٍ‬
‫ْ‬ ‫فقال ْ‬ ‫يشء‪ ،‬ال‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وإن‬ ‫ِ‬
‫�لطان‪ْ ،‬‬ ‫للس‬ ‫لكم‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫أمركم ّ‬
‫ْ‬ ‫ش�ئتم ذكرنا‬
‫ْ‬ ‫وإن‬ ‫ير اهلل ْ‬
‫فأعطيناكم ما ّ َ‬
‫ْ‬ ‫رجعتم إلينا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ش�ئتم‬
‫ْ‬ ‫إن‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫فإين‬
‫صرتم‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫شئتم‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫ر‪ ،‬ال ُ‬
‫نسأل شيئ ًا)‪.(1‬‬ ‫قالوا‪ :‬فإنّا نص ُ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال يل‬ ‫بن عمرو ‪َ L‬‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫أعلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬اهلل ورسول ُه ُ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2979‬‬


‫)‪ (2‬رواه احلاكم [‪ ،]2389‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[96‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫ق�ال‬ ‫وع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ُ‬
‫حديث أبي هريرة على‬ ‫ابن عمرو على أن الس�بق بأربعين عام ًا‪َّ ،‬‬
‫ودل‬ ‫حديث ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫دل‬
‫ٍ‬
‫بأمور‪:‬‬ ‫والجمع بينهما‬ ‫ِ‬
‫بخمسمائة عا ٍم‪،‬‬ ‫السبق‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ُ‬

‫‪ .1‬أن فقراء املهاجرين يدخلون اجلنة قبل أغنياء املهاجرين بأربعني خريف ًا‪ ،‬ويسبق ُ‬
‫سائر‬
‫سائر األغنياء بخمسائة عام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفقراء َ‬
‫تفض ِل اهلل َّ‬
‫جل‬ ‫«ذك�ر ّ‬
‫ُ‬ ‫ب�و َب اب ُن حبان حلديث عب�د اهلل بن عمرو ‪ I‬بقوله‪:‬‬ ‫فق�د ّ‬
‫ٍ‬
‫بمدد معلومة»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫فقراء املهاجرين بإدخاهلم اجلن َة قبل أغنيائهم‬ ‫وعال عىل‬
‫ِ‬
‫فقراء هذه‬ ‫تفضل اهلل جل وع�ال عىل‬
‫وب�وب حلدي�ث أيب هري�رة ‪ I‬بقوله‪« :‬ذكر ّ‬
‫ّ‬
‫األمة الصابرين عىل ما أوتوا بإدخاهلم اجلنة قبل أغنيائهم بمدد معلومة»)‪.(3‬‬

‫ُ‬
‫فيحتمل‬ ‫‪ .2‬قال البيهقي‪« :‬اختلفت الروايات يف هذه املواقيت فإن كانت ك ّلها حمفوظ ًة‪،‬‬
‫ِ‬
‫درجات الفقراء‪ ،‬ومنازهلم من الطاعة»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫باختالف‬ ‫أن يكون اختالفها‬

‫الصحيح أن س�بقهم هلم بأربع�ني خريف ًا‪ ،‬فإما أن‬


‫ِ‬ ‫ق�ال اب�ن القيم ‪« :V‬والذي يف‬
‫وختتلف مدّ ُة الس�بق بحس�ب‬
‫ُ‬ ‫املحفوظ‪ ،‬وإ ّم�ا أن يكون كالمها حمفوظ ًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫يك�ون ه�و‬
‫يسبق بخمسائة‪ ،‬كا‬
‫يسبق بأربعني‪ ،‬ومنهم من ُ‬ ‫ِ‬
‫أحوال الفقراء واألغنياء‪ ،‬فمنهم من ُ‬
‫املوحدين يف النار بحسب أحواهلم‪ .‬واهلل أعلم»)‪.(5‬‬ ‫يتأخ ُر ُ‬
‫مكث العصاة من ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ .3‬أن اخلمسائة عام باعتبار ّأو ِل الفقراء‪ ،‬وآخر األغنياء)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2354‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[8076‬‬


‫)‪ (2‬صحيح ابن حبان [‪.[452/2‬‬
‫)‪ (3‬نفسه [‪.[451/2‬‬
‫)‪ (4‬البعث والنشور [‪.[426‬‬
‫)‪ (5‬حادي األرواح [‪.[81‬‬
‫)‪ (6‬انظر‪ :‬النهاية يف الفتن واملالحم [‪.[273/1‬‬
‫‪‬‬

‫مس‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫وطلعت ّ‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو ‪َ L‬‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫الش ُ‬ ‫ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫كنت عندَ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫هم يا‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬أنح ُن ْ‬ ‫َ‬

‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫‪َ ،‬‬
‫فقيل‪ :‬م ْن الغربا ُء يا‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫عن الن ِّ‬ ‫ٍ‬
‫حصني ‪ِ I‬‬ ‫عم�ران ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫فع� ْن‬
‫)‪.(2‬‬

‫فاتتهم الدنيا‪ ،‬واألموال‪.‬‬ ‫ِ‬


‫للفقراء الذين‬ ‫نفيس‬
‫ُ‬ ‫تعزيز ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫فهذا‬

‫يوجب فضل‬ ‫«ليس قوله‪:‬‬


‫َ‬
‫ر ع ْن َ‬
‫ذلك كا‬ ‫الغني‪ ،‬وإنّ�ا معنا ُه‪َّ :‬‬
‫أن الفق�را َء يف الدّ نيا أكثر م َن األغني�اء‪ ،‬فأخ َ‬ ‫ِّ‬ ‫الفق�ري ع�ىل‬
‫عن احلال‪.‬‬ ‫تقول‪ :‬أكثر أهل الدّ نيا الفقراء إخبار ًا ِ‬

‫الفق�ري إذا مل ْ يك ْن‬ ‫فإن‬ ‫م�ع ِ‬


‫الفقر‪َّ ،‬‬ ‫بصالحهم َ‬
‫ْ‬ ‫أدخله�م اجلنّ َة‪ ،‬وإنّا دخل�وا‬
‫ُ‬ ‫الفق�ر‬
‫ُ‬ ‫ولي�س‬
‫َ‬
‫َ‬
‫صاحل ًا ال يفضل»)‪.(3‬‬

‫حق أزواجه َّن‪ ،‬وذلك ال‬ ‫ُ‬


‫رسول اهلل ﷺ أنه أرا َد كفره َّن َّ‬ ‫هلم‬
‫«بني ْ‬
‫وقال عن كفران العشري‪َ ّ :‬‬
‫ر ك ّلها‪َ ،‬‬
‫فثبت‬ ‫العشري‪ ،‬وبأفعال ال ِّ‬
‫َ‬ ‫ينقص من إياهن َّن‪َّ ،‬‬
‫ودل ذلك أن إياهن َّن يزيدُ بشكره َّن‬ ‫حمال َة ُ‬
‫ينقص‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫اإليان‪ ،‬وأنه ٌ‬ ‫َ‬
‫وبالعمل الس ّيئ ُ‬ ‫الصالح يزيدُ ‪،‬‬ ‫بالعمل‬ ‫وعمل‪ ،‬إذ‬ ‫قول‬ ‫األعال من‬ ‫أن‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]7032‬وقال األلباين‪ :‬صحيح لغريه«‪ .‬صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[3188‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3241‬ومسلم [‪.[2737‬‬
‫)‪ (3‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[173/10‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫وشكر املنع ِم»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للفضل‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫دليل أن املر َء ّ‬
‫يعذ ُب عىل اجلحد‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫بن ٍ‬
‫زي�د ‪َّ L‬‬ ‫وع�ن أس�ام َة ِ‬
‫أن الن َّ‬ ‫ْ‬

‫)‪.(2‬‬

‫مع الفقراء؛ م ْن أجل املحاسبة‬ ‫َ‬


‫ممنوعون م ْن دخول اجلنّة َ‬ ‫أي‪:‬‬ ‫َ‬
‫«(حمبوسون) ْ‬
‫الرصاط»)‪.(3‬‬ ‫يتقاص َ‬
‫ون فيها بعد اجلواز عىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذلك عند القنطرة ا ّلتي‬ ‫َّ‬
‫وكأن َ‬ ‫عىل املال‪،‬‬
‫ِ‬
‫باجلر قا َم ّ‬
‫العشار [أي‪ :‬جامع‬ ‫رصت‬ ‫فلا‬ ‫قدمت من ٍ‬ ‫بن ٍ‬ ‫وعن ِ‬
‫مالك ِ‬
‫ُ‬ ‫سفر يل‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫دينار قال‪:‬‬
‫فأخذت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الس�فينة‪ ،‬وال يق�و ُم أحدٌ من مكانه‪،‬‬ ‫الرضائ�ب‪ ،‬أو اجلارك]‪ ،‬فقال‪ :‬ال خيرج َّن من‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫وثبت‪ ،‬فإذا أنا عىل‬
‫ُ‬ ‫ثويب‪ ،‬فوضعته عىل عنقي‪ ،‬ثم‬

‫فقال يل‪ :‬ما أخرجك؟‬

‫ليس معي يش ٌء‪.‬‬


‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬

‫اذهب‪.‬‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬

‫فقلت يف نفيس‪ :‬هكذا أمر اآلخرة)‪.(4‬‬


‫ُ‬

‫َ‬
‫يكون معهم‪.‬‬ ‫يرغب يف قرهبم‪ ،‬وأن‬
‫ُ‬ ‫يرغب يف الفقراء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كان ﷺ‬

‫ّبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫ع�ن أيب الدّ ِ‬


‫رداء ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[89/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5196‬ومسلم [‪.[4919‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[420/11‬‬
‫حياسب عليه‪ .‬صفة الصفوة [‪.[277/3‬‬
‫ُ‬ ‫يملك ً‬
‫ماال‬ ‫ُ‬ ‫خيف حسابه؛ ألنه ال‬
‫)‪ (4‬يعني‪ :‬أن الفقري ُّ‬
‫وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[779‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]2594‬والرتمذي [‪،]1702‬‬
‫‪‬‬

‫هبم‪.‬‬
‫أي‪ :‬اطلبوهم يل‪ ،‬أستعني ْ‬
‫ْ‬
‫حاهلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لرثاثة‬ ‫يستضعفهم النّاس‬ ‫وهم م ْن‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫املسلمني‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫أي‪ :‬صعاليك‬
‫ْ‬
‫دعائهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بركة‬ ‫بسببهم‪ْ ،‬أو‬ ‫كم‪،‬‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عدو ْ‬
‫تعاونون عىل ّ‬ ‫أي‪:‬‬
‫ْ‬
‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ال عىل م� ْن دون ُه‪َ ،‬‬
‫فق�ال الن ُّ‬ ‫وق�د رأى س�عدٌ ‪َّ I‬‬
‫أن ل� ُه فض� ً‬
‫)‪.(1‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬


‫ِ‬
‫بزخرف‬ ‫قلوهبم م� َن التّع ّلق‬ ‫ِ‬
‫جلالء‬ ‫ودعاءهم أش�دّ إخالص� ًا‬ ‫الضعفاء‬ ‫ومعن�ا ُه َّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أن عب�ادة ّ‬
‫أعاهلم)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫وزكت‬
‫ْ‬ ‫دعاؤهم‬
‫ْ‬ ‫فأجيب‬
‫َ‬ ‫هم واحد‬
‫مه ْ‬
‫الدّ نيا وجعلوا ّ‬
‫ﷺ‬

‫فقلت‪:‬‬ ‫قالت عائش ُة‪:‬‬


‫فلم يأكل ُه‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬
‫ُ‬ ‫ضب‪ْ ،‬‬
‫أهدي إليه ٌّ‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫أن‬
‫املساكني؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل أال أطعم ُه‬ ‫يا‬

‫)‪.(4‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫ويف ه�ذا تطبي�ق ألم�ر اهلل تع�اىل يف قول�ه‪( :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [البقرة‪.[267 :‬‬
‫ِ‬
‫ال�راء بن عازب ‪ L‬يف قول�ه تع�اىل‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ)‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ع�ن‬
‫ِ‬
‫األنصار‪.‬‬ ‫معرش‬ ‫نزلت فينا‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2896‬‬
‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ،]3178‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[6‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]89/6‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪ ،]90/5‬عون املعبود [‪.[256/7‬‬
‫وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[2426‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪،]24215‬‬
‫‪‬‬

‫الر ُ‬
‫جل يأيت‬ ‫َ‬
‫وكان ّ‬ ‫كثرته وق ّل ِته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫قدر‬ ‫ِ‬
‫نخله عىل ِ‬ ‫جل يأيت م ْن‬‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫فكان ّ‬ ‫أصحاب ٍ‬
‫نخل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كنّ�ا‬
‫ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والقنوين‪ ،‬فيع ّلق ُه يف‬ ‫ِ )‪(1‬‬
‫بالقنو‬

‫القن�و‪ ،‬فرضب ُه بعصا ُه‪،‬‬


‫َ‬ ‫ج�اع أتى‬
‫َ‬ ‫أحدهم إذا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫هلم طع�ا ٌم‪،‬‬ ‫الص ّف�ة َ‬
‫ليس ْ‬ ‫وكان ُ‬
‫أه�ل ّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫فيأكل‪.‬‬ ‫البر والت ِ‬
‫ّمر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فيسقط م َن‬

‫واحلش�ف)‪،(3‬‬ ‫�يص)‪،(2‬‬ ‫فيه ّ‬ ‫بالقنو ِ‬


‫ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫يرغ�ب يف ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫ج�ل‬ ‫اخلري ي�أيت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ن�اس ممّ� ْن ال‬
‫وكان ٌ‬
‫تب�ارك تعاىل‪( :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫َ‬ ‫انكر‪ ،‬فيع ّلق ُه؛ َ‬
‫فأنزل اهلل‬ ‫ِ‬
‫وبالقن�و قدْ‬
‫َ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ٍ‬
‫إغاض‪،‬‬ ‫مثل ما أعط�ا ُه مل ْ يأخذ ُه ّإال عىل‬ ‫أن أحدكم أهدي ِ‬
‫إليه ُ‬ ‫ل�و َّ‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ)‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ق�ال‪ْ :‬‬
‫أو ٍ‬
‫حياء‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بصالح ما عند ُه)‪.(4‬‬ ‫ذلك يأيت أحدنا‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فكنّا بعدَ َ‬

‫يطعم مصاب ًا [أي‪ :‬يف‬ ‫بيع بن خثيم َ‬ ‫وري‪َّ :‬‬ ‫ألحد الس�لف‪ :‬ع ْن ٍ‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫أخذ‬ ‫الر َ‬
‫أن ّ‬ ‫منذر ال ّث ِّ‬ ‫موقف‬
‫أكل؟‬ ‫ِ‬
‫يدريه ما َ‬ ‫عقله] خبيص ًا)‪َ ،(5‬‬
‫فقيل ل ُه‪ :‬ما‬

‫َ‬
‫فقال‪« :‬لك َّن اهلل يدري!»)‪.(6‬‬

‫عن أيب هريرة ‪ I‬قال‪:‬‬


‫)‪.(7‬‬

‫الرطب‪ .‬النهاية [‪.[192/4‬‬


‫)‪ (1‬القنو‪ :‬العذق با فيه من ّ‬
‫يص ّ‬
‫والشيصا ُء رديء التمر‪ .‬لسان العرب [‪.[50/7‬‬ ‫)‪ّ (2‬‬
‫الش ُ‬
‫)‪ (3‬احلشف‪ :‬اليابس الفاسد من التمر‪ .‬النهاية [‪.[391/1‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]2987‬وابن ماجة [‪ ،]1822‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[1822‬‬
‫)‪ (5‬وهي نوع من أجود أنواع احللوى‪.‬‬
‫)‪ (6‬سري أعالم النبالء [‪.[290/7‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]5177‬ومسلم [‪ ،]1432‬وله حكم الرفع‪ ،‬وقد ّرصح مسلم برفعه يف إحدى رواياته‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫مراعاة‬ ‫اإلخبار با يقع م� َن النّاس بعده ﷺ م� ْن‬ ‫«ومعن�ى هذا احلدي�ث‪:‬‬
‫ُ‬
‫وإيثاره�م بط ّي ِ‬
‫ب ال ّطع�ام‪ ،‬ورفع‬ ‫ِ‬
‫ع�وة‪،‬‬ ‫وختصيصه�م بالدّ‬ ‫ِ‬
‫األغني�اء يف الوالئ�م‪ ،‬ونحوه�ا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫هو الغالب يف الوالئم‪ .‬واهلل املستعان»)‪.(1‬‬ ‫وتقديمهم‪ ،‬وغري َ‬
‫ذلك ممّا َ‬ ‫ْ‬ ‫جمالسهم‪،‬‬
‫ْ‬
‫منكرات‪.‬‬ ‫جتيب إذا مل يكن فيها‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫دعيت إىل وليمة فالبد أن َ‬‫ْ‬ ‫فإذا‬
‫ليس هلم إىل ما فيها من الطعا ِم‬ ‫ِ‬
‫الوالئم يدعى إليها األغني�ا ُء الذين َ‬
‫َ‬ ‫لألس�ف نرى‬ ‫ولكن‬
‫ألكلة ط ّي ٍبة يقيمون هبا أودهم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلاجة‬ ‫أمس‬ ‫ُ‬
‫ويرتك الفقرا ُء الذين هم يف ِّ‬ ‫حاج ٌة‪،‬‬
‫َ‬
‫وليمتك‪.‬‬ ‫نصيب من‬ ‫ِ‬
‫للفقراء‬ ‫تنس الفقرا َء‪ ،‬ليك ْن‬
‫ٌ‬ ‫فيا صاحب الوليمة‪ ،‬ال َ‬

‫تكررت مسألته‪ ،‬وربا ّبني له أن التع ّفف‬


‫وكان ﷺ يعطي من سأله عن حاجة وفاقة ولو ّ‬
‫أوىل وأفضل‪:‬‬

‫ف الع ّف ِة‪ ،‬والع ّف ُة‬


‫املؤمنني يف كتابه‪ :‬التع ّفف‪ ،‬وهو تك ّل ُ‬
‫َ‬ ‫امتدح اهلل هبا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الصفات التي‬ ‫إن من‬
‫ِ‬
‫الناس)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫سؤال‬ ‫والكف عن‬
‫ُّ‬ ‫حيل وال ُ‬
‫جيمل‪،‬‬ ‫الكف عا ال ُّ‬
‫ُّ‬ ‫هي‬

‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬


‫ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ‬
‫ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [البقرة‪.[273 :‬‬

‫»(ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) يعن�ي بذلك‪ :‬حيس�بهم‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫اجلاهل بأمرهم وحاهلم أغنيا َء من تع ّففهم عن املسألة‪ ،‬وتركهم ّ‬
‫التعر َض ملا يف أيدي‬
‫والرض ِاء‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫البأساء‬ ‫صر ًا منهم عىل‬

‫ّ‬
‫كالتخش�ع والتواضع‪،‬‬ ‫(ﮫ ﮬ) أي‪ :‬تعرفه�م يا حممدُ بعالمتهم وآثارهم‬
‫ِ‬
‫الثياب‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫احلاجة يف وجوههم‪ ،‬أو ِ‬
‫رثاثة‬ ‫ِ‬ ‫أو ِ‬
‫جهد‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[237/9‬‬


‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬لسان العرب [‪.[253/9‬‬
‫‪‬‬

‫ألح‪.‬‬ ‫ُ‬
‫السائل يف مسألته إذا َّ‬ ‫أحلف‬
‫َ‬ ‫(ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) يقال‪ :‬قد‬
‫ٍ‬
‫إحلاف؟‬ ‫غري‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الناس من َ‬
‫يسألون َ‬ ‫هؤالء القو ُم‬ ‫أفكان‬ ‫فإن قال قائل‪:‬‬
‫أهل تع ّف ٍ‬
‫ف‪ ،‬وأهنم‬ ‫الناس أصالً‪ ،‬وذلك أن اهلل ‪ D‬وصفهم بأهنم ُ‬‫قيل‪ :‬بل ال يس�ألون َ‬
‫ِ‬
‫كانت املسأل ُة من شأهنم‪ ،‬مل تكن صفتهم التع ّفف‪.‬‬ ‫إنا كانوا يعرفون بسياهم‪ .‬فلو‬

‫امللحني عنهم»)‪.(1‬‬ ‫ولكن املعنى مدحهم بنفي ّ ِ‬


‫الرشه التي تكون يف ّ‬ ‫َّ‬

‫ن حزا ٍم ‪I‬‬
‫حكيم ب َ‬
‫َ‬ ‫‪ .‬ع� ْن‬ ‫ﷺ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأعطاين‪.‬‬ ‫سألت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ثم سألت ُه‪ ،‬فأعطاين‪.‬‬


‫ثم سألت ُه‪ ،‬فأعطاين‪َّ .‬‬
‫َّ‬
‫)‪(3‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫‪.‬‬

‫َ‬
‫بعدك ش�يئ ًا حتّى‬ ‫باحلق ال أرز ُأ أحدا‬
‫ً )‪(4‬‬
‫رس�ول اهلل‪ ،‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫حكيم‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫َ‬
‫أفارق الدّ نيا‪.‬‬
‫ِ‬
‫العطاء‪ ،‬فيأبى ْ‬
‫أن يقبل ُه من ُه‪.‬‬ ‫فكان أبو ٍ‬
‫بكر ‪ I‬يدعو حكي ًا إىل‬ ‫َ‬

‫أن َ‬
‫يقبل من ُه شيئ ًا‪.‬‬ ‫عمر ‪ I‬دعا ُه؛ ليعطي ُه‪ ،‬فأبى ْ‬
‫إن َ‬‫ثم َّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫علي�ه ح ّق ُه م ْن هذا‬ ‫أعرض‬ ‫املس�لمني‪ ،‬عىل حكي ٍم ّأين‬ ‫معرش‬ ‫أش�هدكم يا‬ ‫عمر‪ّ :‬إين‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فق�ال ُ‬
‫أن يأخذ ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفيء‪ ،‬فيأبى ْ‬

‫وترصف‪.‬‬
‫)‪ (1‬تفسري الطري [‪ ]600-593/5‬باختصار ّ‬
‫اخلر َّ‬
‫ألن املرا َد الدّ نيا‬ ‫ّث َ‬‫)‪ (2‬أن َ‬
‫أي‪ :‬م ْن أخذه ِ‬
‫بغري سؤال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أي‪ِ :‬‬
‫بغري رشه وال إحلاح ْ‬ ‫)‪ْ (3‬‬
‫أنقص مال ُه بال ّط ِ‬
‫لب من ُه‪.‬‬ ‫)‪ (4‬ال ُ‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫حكيم أحد ًا م َن الن ِ‬ ‫فلم يرز ْأ‬


‫ّاس بعدَ رسول اهلل ﷺ حتّى ّ َ‬
‫تويف)‪.(1‬‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫أن َ‬‫خيش ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقبل‬ ‫مع أ ّن ُه ح ّق ُه أل ّن ُه َ‬
‫حكيم م ْن أخذ العطاء َ‬
‫ٌ‬ ‫امتنع‬
‫«وإنّا َ‬
‫َ‬
‫وترك ما‬ ‫فتتجاوز ِبه نفس�ه إىل ما ال يريد ُه‪ ،‬ففطمها ع ْن َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األخذ‪،‬‬ ‫من ٍ‬
‫أحد ش�يئ ًا‪ ،‬فيعتا ُد‬ ‫ْ‬
‫يريب ُه إىل ما ال يريب ُه‪.‬‬
‫ِ‬
‫األمر إىل من ِع حكي ٍم م ْن‬ ‫يعرف باط َن‬ ‫ِ‬
‫عليه عمر؛ أل ّن ُه أرا َد ْ‬
‫ْ‬ ‫أن ال ينسب ُه أحدٌ مل ْ‬ ‫وإنّا أشهدَ‬
‫ح ّق ِه»)‪.(2‬‬
‫ﷺ‬

‫ك�ا ق�ال تع�اىل‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ)‬


‫[البقرة‪.[263 :‬‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أن ناس� ًا م َن‬
‫اخلدري ‪َّ I‬‬ ‫ٍ‬
‫فأعطاهم‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫األنصار سألوا‬ ‫ِّ‬ ‫س�عيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫‪.‬‬ ‫ثم سألو ُه‪،‬‬
‫فأعطاهم‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫سألو ُه‪،‬‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫بصيانة‬ ‫ِ‬
‫الس�ؤال جيازيه اهلل عىل اس�تعفافه‬ ‫يمتنع عن‬ ‫أي‪ :‬من‬
‫ُ‬
‫وجهه‪ ،‬ودفع فاقته‪.‬‬
‫يعطيه ما يستغني به عن السؤال)‪.(4‬‬ ‫‪ ،‬أي‪ :‬باهلل عمن سواه‬
‫َ‬
‫يطلبون من ُه أن يعطيهم‬ ‫تبوك‬ ‫ِ‬
‫لغزوة َ‬ ‫حني خروجه‬
‫النبي ﷺ َ‬
‫الذين جاءوا َّ‬
‫دواب حيملهم عليها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فاعتذر هلم بأنه ال جيد‬
‫َ‬ ‫دواب جياهدون عليها‪،‬‬
‫َّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1472‬ومسلم [‪.[1035‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[336/3‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]1469‬ومسلم [‪.[1053‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[304/11‬‬
‫‪‬‬

‫قال تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬


‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [التوبة‪.[92-91 :‬‬
‫ني نستحمل ُه)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ يف ٍ‬
‫نفر م َن األشعر ّي َ‬ ‫أتيت الن َّ‬
‫ع ْن أيب موسى األشعري ‪ I‬قال‪ُ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫غر ّ‬ ‫ٍ )‪(2‬‬ ‫ِ‬ ‫يت ٍ‬ ‫َ‬
‫الذرى)‪.(3‬‬ ‫ِّ‬ ‫بثالث ذود‬ ‫فأمر لنا‬
‫بإبل‪َ ،‬‬ ‫ثم أ َ‬
‫قال‪ :‬فلبثنا ما شا َء اهلل‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ نس�تحمل ُه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يبارك اهلل لنا‪ ،‬أتينا‬ ‫ٍ‬
‫لبعض‪ :‬ال‬ ‫فلا انطلقنا قلنا‪ْ ،‬أو َ‬
‫قال بعضنا‬ ‫ّ‬
‫ثم محلنا‪ ،‬فأتو ُه فأخرو ُه‪.‬‬ ‫فحلف ْ‬
‫أن ال حيملنا‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬

‫ش�كت م�ا تلقى يف يده�ا من الرح�ى‪ِ ،‬‬ ‫أن فاطم َة‬


‫ع�يل بن أيب طال�ب ‪َّ I‬‬
‫فأتت‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ع� ْن ِّ‬
‫ذلك لعائش َة‪ّ ،‬‬
‫فلا جا َء أخرت ُه‪.‬‬ ‫فذكرت َ‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ تسأل ُه خادم ًا‪ْ .‬‬
‫فلم جتد ُه‪،‬‬ ‫الن َّ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فجاءنا وقدْ أخذنا مضاجعنا‪ ،‬فذهبنا لنقو َم‪.‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫قدميه عىل ص�دري‪َ .‬‬ ‫وجدت بر َد‬
‫ُ‬ ‫فجلس بيننا حتّ�ى‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫َ‬

‫)‪.(5‬‬

‫نطلب منه ما حيملنا من اإلبل‪ ،‬وحيمل أثقالنا‪.‬‬


‫ُ‬ ‫)‪ (1‬أي‪:‬‬
‫)‪ (2‬الذود‪ :‬اإلبل من الثالث إىل العرش‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬بيض األسنمة‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]3133‬ومسلم [‪.[1649‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ]3113‬ومسلم [‪.[2727‬‬
‫‪‬‬

‫عيل ‪ I‬أن النبي ﷺ قال‪:‬‬


‫ويف رواية ع ْن ٍّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫مرةً‪:‬‬ ‫‪َ ،‬‬
‫وقال ّ‬
‫الص ّفة؛‬ ‫ه�و أكثر نفع ًا هلا يف اآلخرة‪َ ،‬‬
‫وآثر أهل ّ‬ ‫«ع ّل َم ﷺ ابنته م َن ّ‬
‫الذكر ما َ‬
‫َ‬
‫يرغبون يف كسب‬ ‫بطوهنم ال‬
‫ْ‬ ‫السن ِّة عىل شبع‬
‫أنفسهم لسا ِع العلم‪ ،‬وضبط ّ‬
‫ْ‬ ‫ألهن ْم كانوا وقفوا‬
‫ّ‬
‫ِ )‪(2‬‬
‫أنفسهم م َن اهلل بالقوت» ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّهم اشرتوا‬
‫مال وال يف عيال‪ ،‬ولكن ُ‬

‫النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫أن َّ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫النبي ﷺ ق�ال‪:‬‬
‫أن َّ‬ ‫وعن� ُه ‪َّ I‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫ِ‬
‫االزدراء‪ ،‬وما يرجى فيها‬ ‫االحتطاب عىل ما فيها من مش ّق ٍة‪ ،‬وما حتوي من نظرات‬
‫ِ‬ ‫فمهن ُة‬
‫ِ‬
‫البطالة‪ ،‬وتك ّفف الناس‪.‬‬ ‫خري من‬ ‫ٍ‬ ‫من ٍ‬
‫ضئيل ٌ‬ ‫ربح‬

‫ﷺ‬

‫ •‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫أن�س ِ‬
‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫)‪.(5‬‬
‫أجر فاعيل‬ ‫ال�زرعِ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫«يف ِ‬
‫وأن َ‬ ‫الغرس‪ ،‬وفضيلة ّ‬ ‫هذه األحادي�ث‪ :‬فضيلة‬
‫رع‪ ،‬وما تو ّلدَ من ُه إىل يوم القيامة»)‪.(6‬‬
‫والز ُ‬
‫الغراس ّ‬
‫ُ‬ ‫مستمر ما دا َم‬
‫ٌّ‬ ‫َ‬
‫ذلك‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]597‬وصححه أمحد شاكر واألرناؤوط‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[124/11‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[1041‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1470‬ومسلم [‪.[1042‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]2320‬ومسلم [‪.[1553‬‬
‫)‪ (6‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[213/10‬‬
‫‪‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫ •‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أنه قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ع�ن املق�دا ِم ‪ I‬ع ْن‬
‫)‪.(3‬‬
‫أن اقتص�اره يف ِ‬
‫أكله عىل ما يعمل ُه‬ ‫كر َّ‬‫بالذ ِ‬ ‫ِ‬
‫ختصيص داو َد ّ‬ ‫ٍ‬
‫حجر‪« :‬احلكم ُة يف‬ ‫ق�ال اب� ُن‬
‫قال اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األرض كا َ‬ ‫كان خليف ًة يف‬ ‫ِ‬
‫احلاجة؛ أل ّن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫بيده مل ْ يك ْن م َن‬
‫ِ‬
‫االحتجاج‬ ‫قصت ُه يف مقا ِم‬
‫ّبي ﷺ ّ‬ ‫ِ‬
‫األفضل؛ وهلذا أور َد الن ُّ‬ ‫ِ‬
‫طريق‬ ‫َ‬
‫األكل م ْن‬ ‫وإنّا ابتغى‬
‫عمل ِ‬
‫اليد»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫الكسب ُ‬ ‫خري‬ ‫هبا عىل ما قدّ م ُه م ْن َّ‬
‫أن َ‬
‫ •‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النساء‪.[29 :‬‬
‫املج�از أس�واق ًا يف اجلاهل ّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫عكاظ وجمنّ� ُة وذو‬
‫ُ‬ ‫كان�ت‬
‫ْ‬ ‫�اس ‪َ L‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫فنزل�ت‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ْ‬ ‫فتأ ّثم�وا ْ‬
‫أن يتّج�روا يف املواس� ِم؛‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ) [البقرة‪.(5)[198 :‬‬
‫احلج» هي قراء ُة ابن ع ّب ٍ‬
‫اس‪ ،‬وهي قراء ٌة شا ّذة‪ ،‬وحكمها عند‬ ‫قوله‪« :‬يف مواس ِم ِّ‬
‫حكم التفسري)‪.(6‬‬
‫ُ‬ ‫األئمة‬
‫ّبي ﷺ أعطا ُه دينار ًا يش�رتي ل ُه ِبه ش�اةً‪ ،‬فاشرتى ل ُه ِبه‬ ‫ع ْن عرو َة البارقي ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬

‫)‪ (1‬الفسيلة‪ :‬الصغرية من النخل‪ .‬لسان العرب [‪.[519/11‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]12569‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1424‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[1966‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[306/4‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪.[4519‬‬
‫)‪ (6‬فتح الباري [‪.[595/3‬‬
‫‪‬‬

‫بالركة يف ِ‬
‫بيعه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وش�اة‪ ،‬فدعا ل ُه‬ ‫ٍ‬
‫بدينار‬ ‫ٍ‬
‫بدينار‪ ،‬وجاء ُه‬ ‫فباع إحدامها‬ ‫ِ‬
‫ش�اتني‪َ ،‬‬
‫‪.‬‬
‫الرتاب لربح ِ‬
‫فيه)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫فكان ْلو اشرتى ّ َ‬
‫ •‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫وأنت؟ َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال أصحاب ُه‪َ :‬‬

‫ •‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [سبأ‪.[11-10 :‬‬

‫ •‬
‫)‪.(3‬‬ ‫‪S‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬

‫الصنائع‪.‬‬
‫جواز ّ‬
‫ُ‬
‫وأهنا صنعة فاضلة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أن النّجارة ال تسقط املروءة‪ّ ،‬‬
‫كان صانع ًا يأكل م ْن كسبه)‪.(4‬‬
‫فضيل ٌة لزكر ّيا ﷺ‪ ،‬فإ ّن ُه َ‬

‫فاشتهرت أسا ٌء ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وهكذا َ‬


‫تدل عىل الصنائع أمثال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫فعل ورث ُة األنبياء من العلاء الربان ّي َ‬
‫ني‪،‬‬
‫الزجاج‪ ،‬احلدّ اد‪ّ ،‬‬
‫احلذاء‪...‬وغريها‪.‬‬ ‫اجلزار‪ّ ،‬‬
‫اخلواص‪ّ ،‬‬
‫اجلصاص‪ّ ،‬‬
‫البزاز‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الرسول ﷺ لب ّط ٍ‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫وهلذا مل ِ‬
‫جيعل‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]3643‬والرتمذي [‪ ،]1258‬والزيادة للرتمذي‪.‬‬


‫وهو جزء م ْن الدّ ينار ْأو الدّ رهم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ .]2262‬وقوله‪« :‬عىل قراريط» يعني ّ‬
‫كل شاة بقرياط‪َ ،‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2379‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[135/15‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫احلالل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والكس�ب‬ ‫ِ‬
‫العمل‪،‬‬ ‫ليدف�ع القادرين إىل‬ ‫ِ‬
‫صدقات املس�لمني؛ وذلك‬ ‫ٍ‬
‫كس�ول ح ّق ًا يف‬
‫َ‬
‫)‪.(3)«(2‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫أن أراه فارغ ًا لي�س يف ٍ‬
‫يشء م ْن ِ‬ ‫الر َ‬
‫عمل‬ ‫َ‬ ‫ج�ل ْ ُ‬ ‫ألمق�ت ّ‬
‫ُ‬ ‫«إين‬
‫وق�ال عب�د اهلل بن مس�عود‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫اآلخرة»)‪.(4‬‬ ‫الدّ نيا‪ ،‬وال ِ‬
‫عمل‬
‫ِ‬
‫واإلنفاق عىل‬ ‫ِ‬
‫احلالل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكسب م َن‬ ‫ِ‬
‫األبطال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بعمل‬ ‫َ‬
‫«عليك‬ ‫الثوري ‪:V‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫س�فيان‬ ‫وقال‬
‫ِ‬
‫العيال»)‪.(5‬‬
‫وط�م ب�ري ًا؛ وال تع ّط ْل أج�ري ًا»)‪ .(6‬أي‪ :‬البد أن تش� ّغل‬
‫َّ‬ ‫«احف�ر بري ًا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫يب‪:‬‬
‫ويق�ول املث�ل الع�ر ُّ‬
‫اضطررت إىل أن تش ّغلهم‬
‫َ‬ ‫املال بال مقابل‪ ،‬حتى لو‬ ‫وتعودهم عىل العمل‪ّ ،‬‬
‫وأال يأخذوا َ‬ ‫الشباب‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫يف عمل ال فائد َة فيه‪ ،‬فتعويدهم عىل العمل واجلدِّ وترك البطالة يعدُّ من أعظم الفوائد‪.‬‬
‫يقول الشاعر‪:‬‬

‫‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‪.‬‬ ‫املسكني يا‬
‫ُ‬ ‫قالوا‪ :‬فا‬
‫)‪.(7‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫قو ٍة‪.‬‬
‫)‪ (1‬أي‪ّ :‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬صحيح البدن‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]652‬وأبو داود [‪ ]1634‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ،L‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[877‬‬
‫)‪ (4‬رواه ابن أيب شيبة [‪.[34562‬‬
‫)‪ (5‬حلية األولياء [‪.[381/6‬‬
‫)‪ (6‬جممع األمثال [‪.[230/1‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ]1476‬ومسلم [‪ ]1039‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ،‬معنا ُه‪ :‬املس�كني الكامل املس�كنة ا ّلذي َ‬


‫هو‬
‫دق�ة‪ ،‬وأحوج إليها ليس هو ه�ذا ال ّطواف‪ْ ،‬بل هو ا ّلذي ال جي�د غنًى ِ‬
‫يغنيه‪ ،‬وال‬ ‫أح�ق بالص ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫نفي أصل املسكنة ِ‬
‫عن ال ّطواف‪ْ ،‬بل معنا ُه نفي كال‬ ‫وليس معنا ُه َ‬
‫يفط ُن ل ُه وال يسأل النّاس‪َ ،‬‬
‫املسكنة)‪.(1‬‬

‫حق؛ كا ق�ال تع�اىل‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الذاري�ات‪ ،[15 :‬وقال‬


‫للس�ائل ٌّ‬
‫تعاىل‪( :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [املعارج‪.[25-24 :‬‬
‫أي‪:‬‬
‫ومس�تحب (ﮚ ﮛ)‪ْ ،‬‬
‫ٌّ‬ ‫واج�ب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ق�ال الس�عدي‪(» :‬ﮗ ﮘ ﮙ)‬
‫َ‬
‫يطلبون منهم»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬والذين ال‬ ‫َ‬
‫يطلبون من‬ ‫للمحتاجني الذي َن‬
‫َ‬
‫بجيد عن جدّ ِ‬
‫بن ٍ‬‫محن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ته‬ ‫ْ‬ ‫حيث عىل إعطائه‪ ،‬ولو شيئا يسري ًا‪ .‬ع ْن عبد ّ‬ ‫النبي ﷺ ُّ‬ ‫كان ُّ‬‫لذا َ‬
‫املسكني ليقو ُم عىل‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫قالت‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ّ -‬أهنا ْ‬ ‫بايع‬ ‫أم ٍ‬
‫َ‬ ‫‪-‬وكانت مم ّ ْن َ‬
‫ْ‬ ‫بجيد‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫بايب‪ ،‬فا أجدُ ل ُه شيئ ًا أعطيه إ ّيا ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال هلا‬
‫)‪.(3‬‬
‫أي‪ :‬ال تر ّد ِيه‬
‫يتي�ر ْ‬ ‫الس ِ‬
‫�ائل بأدنى ما ّ ُ‬
‫ِ‬
‫قيدُ اإلح�راق مبالغ ٌة يف ر ِّد ّ‬ ‫وقول�ه‪:‬‬
‫ِ‬
‫أعطيه إ ّيا ُه)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫املحرق‬ ‫مثل ال ّظ ِ‬
‫لف‬ ‫ِ‬
‫وجدت شيئ ًا حقري ًا َ‬ ‫حمروم ًا بال ٍ‬
‫يشء مها أمك َن حتّى ْ‬
‫إن‬

‫فقالت ل ُه جدّ ت ُه‬ ‫باهبم‪،‬‬ ‫األنصاري َ‬


‫قال‪َّ :‬‬
‫إن سائ ً‬ ‫بن ٍ‬ ‫ويف رواية ع ْن عمرو ِ‬
‫ْ‬ ‫وقف عىل ْ‬
‫ال َ‬ ‫ِّ‬ ‫معاذ‬
‫حوا ُء‪ :‬أطعمو ُه تر ًا‪.‬‬
‫ّ‬
‫ليس عندنا‪.‬‬
‫قالوا‪َ :‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[129/7‬‬


‫)‪ (2‬تفسري السعدي [‪.[808/1‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1440‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]1667‬والرتمذي [‪ ،]665‬والنسائي [‪،]2574‬‬
‫)‪ (4‬حتفة األحوذي [‪.[268/3‬‬
‫‪‬‬

‫قالت‪ :‬فاسقو ُه سويق ًا‪.‬‬


‫ْ‬
‫ليس عندنا‪.‬‬ ‫نستطيع ْ‬ ‫قالوا‪ :‬العجب ِ‬
‫أن نطعم ُه ما َ‬ ‫ُ‬ ‫لك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ّ :‬إين‬
‫ْ‬
‫ﷺ‬

‫يزوجها حتّى‬ ‫األنصار إذا َ‬ ‫قال‪ِ :‬‬


‫األس�لمي ‪َ I‬‬ ‫ع ْن أيب برز َة‬
‫ألحدهم أ ّي ٌم مل ْ ّ‬
‫ْ‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫كانت‬ ‫ِّ‬
‫ّبي ﷺ فيها حاج ٌة أ ْم ال؟‬ ‫يعلم ْ‬
‫هل للن ِّ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫لرجل م َن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫ونعم عيني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫نعم وكرام ٌة يا‬ ‫َ‬
‫فقال‪َّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فلم ْن يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أشاور أ ّمها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫ابنتك‪.‬‬ ‫خيطب‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فأتى أ ّمها‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫نعم‪ ،‬ونعم ُة عيني‪.‬‬
‫فقالت‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫جلليبيب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لنفسه‪ ،‬إنّا خيطبها‬ ‫ليس خيطبها‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬إ ّن ُه َ‬
‫تزوج ُه‪.‬‬
‫لعمر اهلل ال ّ‬
‫أجليبيب ابن ْه!! ال ُ‬
‫ٌ‬ ‫أجليبيب ابن ْه!!‬
‫ٌ‬ ‫أجليبيب ابن ْه!!‬
‫ٌ‬ ‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫قالت أمها‪ِ ،‬‬
‫قالت اجلاري ُة‪ :‬م ْن خطبني‬ ‫َ‬ ‫فلا أرا َد ْ‬
‫رسول اهلل ﷺ؛ ليخر ُه با ْ ّ‬ ‫يت‬
‫أن يقو َم؛ ليأ َ‬ ‫ّ‬
‫إليكم؟‬
‫ْ‬
‫فأخرهتا أ ّمها‪.‬‬

‫وحسنه شعيب الرناؤوط‪.‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪]26607‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ أمر ُه؟‬ ‫فقالت‪ :‬أتر ّد َ‬
‫ون عىل‬ ‫ْ‬

‫ادفعوين؛ فإ ّن ُه مل ْ يض ّيعني‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ فأخر ُه‪.‬‬ ‫فانطلق أبوها إىل‬
‫َ‬

‫َ‬
‫شأنك هبا‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فزوجها جليبيب ًا‪.‬‬


‫ّ‬
‫ِ‬
‫ألصحاب�ه‪:‬‬ ‫قال‬ ‫غزوة له‪ ،‬فلا أف�اء اهلل ِ‬
‫عليه َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫فخ�رج‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬نفقدُ فالن ًا‪ ،‬ونفقدُ فالن ًا‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫قالوا‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فاطلبو ُه يف القتىل‪.‬‬

‫هو ذا إىل‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫فطلبو ُه‪ ،‬فوجدو ُه إىل ِ‬


‫رس�ول اهلل ها َ‬ ‫ثم قتلو ُه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫قتلهم‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫س�بعة قدْ‬ ‫جنب‬
‫ثم قتلو ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قتلهم َّ‬
‫ْ‬ ‫سبعة قدْ‬ ‫جنب‬
‫فأتاه النّبي ﷺ فقام ِ‬
‫عليه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫مر ِ‬
‫تني ْأو ثالث ًا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫رسير ّإال ساعدا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وحفر ل ُه ما ل ُه ٌ‬
‫َ‬ ‫س�اعديه‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عىل‬ ‫ثم وضع ُه‬‫َّ‬
‫غسل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يذكر أ ّن ُه ّ‬
‫ثم وضع ُه يف قره‪ ،‬ومل ْ ْ‬
‫َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪ْ :‬‬ ‫بن أيب طلح َة ثابت ًا َ‬ ‫إسحاق بن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫تعلم ما دعا هلا‬
‫هل ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ث‬‫وحدّ َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أنفق منها)‪.(1‬‬ ‫ِ‬


‫األنصار أ ّي ٌم َ‬ ‫ثابت‪ :‬فا َ‬
‫كان يف‬ ‫قال ٌ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلارث َ‬ ‫لب ب َن ربيع َة ِ‬
‫وعن عبدَ امل ّط ِ‬
‫عم الرسول ﷺ]‪،‬‬ ‫اجتمع ربيع ُة ب ُن احلارث [اب ُن ِّ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن‬
‫ِ‬
‫والفضل‬ ‫ِ‬
‫الغالم�ني [املطلب بن ربيعة‬ ‫ِ‬
‫هذين‬ ‫لب فقاال‪ :‬واهلل ْلو بعثنا‬ ‫والعب�اس بن ِ‬
‫عب�د امل ّط ِ‬ ‫ّ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فك ّلا ُه‪ ،‬فأ ّمرمها عىل هذه ّ‬
‫الصدقات‪ ،‬فأ ّديا ما يؤ ّدي الن ُ‬ ‫اس] إىل‬
‫ّاس‪.‬‬
‫يصيب الن ُ‬
‫ُ‬ ‫وأصابا ممّا‬

‫فوقف عليها‪ ،‬فذكرا ل ُه َ‬


‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫طالب‪،‬‬ ‫عيل ب ُن أيب‬ ‫فبينا مها يف َ‬
‫ذلك جا َء ُّ‬
‫ٍ‬
‫بفاعل‪.‬‬ ‫هو‬
‫فو اهلل ما َ‬ ‫ٍ‬
‫طالب‪ :‬ال تفعال‪َ ،‬‬ ‫عيل ب ُن أيب‬ ‫َ‬
‫فقال ُّ‬
‫نلت‬ ‫تصنع هذا ّإال نفاس ًة َ‬
‫منك علينا‪ ،‬فواهلل لقدْ َ‬ ‫فقال‪ :‬واهلل ما‬ ‫ِ‬
‫احلارث َ‬ ‫فانتحا ُه ربيع ُة ب ُن‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫عليك‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فا نفسنا ُه‬ ‫ِ‬ ‫صهر‬
‫َ‬
‫عيل‪ :‬أرسلومها‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال ٌّ‬
‫فانطلقا‪.‬‬

‫أريم مكاين حتّى‬ ‫ٍ‬ ‫فألقى عيل رداءه‪ ،‬ثم اضطجع ِ‬


‫عليه‪َ ،‬‬
‫حسن القر ُم‪ ،‬واهلل ال ُ‬ ‫وقال‪ :‬أنا أبو‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ٌّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرجع إليكا ابناكا بحور ما بعثتا به إىل رسول اهلل ﷺ ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأخذ‬ ‫احلجرة‪ ،‬فقمنا عندها‪ ،‬حتّى جا َء‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ال ّظ َ‬
‫هر س�بقنا ُه إىل‬ ‫فلا ّ‬
‫صىل‬ ‫قال‪ّ :‬‬
‫يومئ�ذ عندَ زينب ِ‬
‫بنت‬ ‫ٍ‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ث�م َ‬ ‫ث�م َ‬
‫َ‬ ‫دخل ودخلنا عليه َ‬ ‫‪َّ .‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بآذانن�ا‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫جحش‪.‬‬
‫وأوصل الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أبر الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫أنت ُّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َ‬ ‫ثم تك ّل َم أحدنا‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فتواكلن�ا الكال َم‪َّ ،‬‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫هذه الص ِ‬
‫دقات‪ ،‬فنؤ ّد َي َ‬ ‫بعض ِ‬‫ِ‬
‫إليك كا يؤ ّدي الن ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّكاح‪ ،‬فجئنا؛ لتؤ ّمرنا عىل‬
‫وقدْ بلغنا الن َ‬
‫َ‬
‫يصيبون‪.‬‬ ‫ونصيب كا‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]19285‬وقال ش�عيب األرنؤوط‪" :‬إس�ناده صحيح عىل رشط مس�لم"‪ ،‬ومن أول قصة الغزوة يف‬
‫صحيح مسلم [‪.[2472‬‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بجواب َ‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫احلجاب‬ ‫أن نك ّلم�ه‪ ،‬وجعلت زينب تلمع)‪ (1‬علين�ا من ِ‬
‫وراء‬ ‫ال حتّى أردنا ْ‬
‫فس�كت طوي ً‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أن ال تك ّلا ُه‪.‬‬
‫ْ‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫ُ‬ ‫رجل من بني ٍ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ اس�تعمل ُه عىل‬ ‫أس�د َ‬
‫كان‬ ‫وهو ٌ ْ‬ ‫‪َ ،‬‬
‫لب‪.‬‬ ‫بن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫ِ‬
‫احلارث ِ‬ ‫َ‬
‫ونوفل ب َن‬ ‫ِ‬
‫األمخاس‪،‬‬

‫فأنكح ُه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فجاءا ُه‪َ ،‬‬


‫فقال ملحمي َة‪:‬‬ ‫َ‬

‫‪ -‬يل‪ ،‬فأنكحني‪.‬‬ ‫ِ‬


‫احلارث‪:‬‬ ‫لنوفل ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫وقال ملحمي َة‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬‫َ‬ ‫جاءت‬
‫ْ‬ ‫أن امرأ ًة‬ ‫ٍ‬
‫س�عد رض اهلل عنه َّ‬ ‫س�هل ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ع ْن‬
‫َ‬
‫طأطأ‬ ‫ثم‬
‫وصوب ُه‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّظر إليه�ا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فص ّعدَ الن َ‬ ‫فنظر إليها‬
‫لك نفيس‪َ ،‬‬‫أله�ب َ‬
‫َ‬ ‫جئ�ت‬
‫ُ‬
‫رأس ُه‪.‬‬

‫جلست‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يقض فيها شيئ ًا؛‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫فلا رأت املرأ ُة أ ّن ُه مل ْ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أصحابه‪َ ،‬‬ ‫فقا َم ٌ‬
‫لك هبا حاج ٌة ّ‬
‫فزوجنيها‪.‬‬ ‫رسول اهللِ‪ْ ،‬‬
‫إن مل ْ يك ْن َ‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫رجل م ْن‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ال واهلل يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫وجدت شيئ ًا‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬ما‬ ‫رجع‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ال واهلل يا‬ ‫ثم َ‬
‫فذهب‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫بثوبه أو ِ‬
‫بيده‪.‬‬ ‫)‪ (1‬يقال‪ :‬أملع وملع إذا أشار ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ،]1072‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حديد‪ ،‬ولك ْن هذا إزاري‪.‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ ،‬وال خات ًا م ْن‬ ‫رجع‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ال واهلل يا‬ ‫ثم َ‬
‫فذهب‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫سهل‪ :‬ما ل ُه ردا ٌء فلها نصف ُه‪.‬‬ ‫َ‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬

‫فلا‬
‫فدعي‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فأمر ِبه‪،‬‬
‫رسول اهلل ﷺ مو ّلي ًا‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم قا َم‪ ،‬فرآ ُه‬ ‫جل حتّى َ‬
‫طال جملس ُه‪َّ ،‬‬ ‫الر ُ‬
‫فجلس ّ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫جا َء َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬معي سور ُة كذا‪ ،‬وسور ُة كذا‪ ،‬وسور ُة كذا‪ .‬عدّ ها‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ِ‬
‫جلواز هبة املرأة نفس�ها للنبي ﷺ‪ ،‬وأن ذلك من خصائصه ال جيوز لغريه‪ ،‬كا‬ ‫دليل‬
‫َ‬
‫قال اهلل‪( :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ) [األحزاب‪.[50 :‬‬
‫ٍ‬
‫امرأة‪ ،‬وتأ ّمل ُه إ ّياها‪.‬‬ ‫يتزوج‬ ‫جواز النّظر مل ْن أرا َد ْ‬
‫أن ّ‬ ‫ُ‬
‫ليتزوجها‪.‬‬
‫الصالح؛ ّ‬
‫الرجل ّ‬ ‫ِ‬
‫عرض املرأة نفسها عىل ّ‬ ‫استحباب‬
‫ُ‬
‫أن يس�كت س�كوت ًا يفهم‬
‫طلبت من ُه حاج� ٌة ال يمكن ُه قضاؤها ْ‬
‫ْ‬ ‫يس�تحب مل� ْن‬
‫ُّ‬ ‫أ ّن ُه‬
‫فيرصح‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫برصيح املنع‬ ‫ذلك‪ ،‬وال خيجل ُه باملن ِع ّإال إذا مل ْ حيصل الفهم ّإال‬
‫السائل من ُه َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫للمرأة‬ ‫ٍ‬
‫بصداق أل ّن ُه أقطع للنّزاعِ‪ ،‬وأنفع‬ ‫يستحب ّأال ينعقد النّكاح ّإال‬ ‫ٌ‬
‫دليل عىل أ ّن ُه‬
‫ُّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5030‬ومسلم [‪.[1425‬‬


‫‪‬‬

‫فلو مل ْ تك ْن تسمية مل ْ جيب‬


‫املسمى‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وجب نصف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حصل طالق قبل الدّ خول‬ ‫م ْن ُ‬
‫حيث إ ّن ُه ْلو‬
‫صح َ‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫صداق‪ْ ،‬بل جتب املتعة‪ْ ،‬‬
‫فلو عقدَ النّكاح بال صداق َّ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [البقرة‪.[236 :‬‬

‫ألن خاتم‬ ‫ِ‬


‫وج�ان؛ َّ‬ ‫يتم�ول إذا تراىض ِبه ّ‬
‫الز‬ ‫ّ‬ ‫ال وكثري ًا ممّا‬
‫الصداق قلي� ً‬ ‫ُ ِ‬
‫ج�واز كون ّ‬
‫احلديد يف هناية م َن الق ّلة‪.‬‬

‫جواز ّاختاذ خاتم احلديد‪.‬‬


‫ُ‬
‫جواز احللف م ْن غري استحالف وال رضورة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وتزوجه‪.‬‬
‫جواز تزويج املعر ّ‬
‫ُ‬
‫هبم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرفق ْ‬
‫اهم إىل ما فيه ّ‬
‫مصاحلهم‪ ،‬وهدايته إ ّي ْ‬
‫ْ‬ ‫نظر كبري القوم يف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األجرة عىل تعلي ِم القرآن)‪.(1‬‬ ‫جواز ِ‬
‫أخذ‬ ‫ُ‬

‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬


‫ق�ال الن ُّ‬ ‫ع� ْن أيب موس�ى األش�عري ‪َ I‬‬
‫)‪(2‬‬

‫)‪.(3‬‬

‫ني‪.‬‬
‫فضيلة األشعر ّي َ‬
‫السفر‪ ،‬وفضيل ُة مجعها يف يشء‬
‫فضيلة اإليثار واملواس�اة‪ ،‬وفضيلة خلط األزواد يف ّ‬
‫عند ق ّلتها يف احلرض‪َّ ،‬‬
‫ثم يقسم)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]214/9‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[214/9‬‬
‫طعامهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فني‬
‫)‪ (2‬أي‪َ :‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]2486‬ومسلم [‪.[2500‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[62/16‬‬
‫‪‬‬

‫بعض‬
‫يس�مى‪ :‬ب� الصنادي�ق التعاون ّية الت�ي تقيمها ُ‬
‫ّ‬ ‫قري�ب منه ما‬
‫ٌ‬ ‫ويش�ب ُه ذل�ك اليو َم أو‬
‫كل حس�ب قدرته‪ ،‬ثم‬ ‫ٍ‬
‫اش�رتاكات من أفرادها ٌّ‬ ‫مجع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويتم فيها ُ‬
‫واألرس‪ ،‬والعائالت‪ُّ ،‬‬ ‫القبائل‪،‬‬
‫يرصف هذا ُ‬
‫املال يف املحتاجني‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫س�ات‪،‬‬‫للمؤس‬ ‫اجتاعي تابع ٌة‬ ‫ٍ‬
‫تكافل‬ ‫صناديق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫البالد اإلس�الم ّية توجدُ‬ ‫يف ٍ‬
‫كثري من‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫واهليئات‪ ،‬املختلفة‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصناديق يف البنوك الربو ّية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أموال‬ ‫ِ‬
‫الش�ديد يقو ُم املس�ئولون فيها بوضع‬ ‫ِ‬
‫لألس�ف‬ ‫لكن‬
‫ِ‬
‫ومساعدة املحتاجني من أموال الربا!‬

‫قول اهلل تعاىل‪( :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬


‫حيق عليهم ُ‬
‫فيخشى أن َّ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [الكهف‪.[104-103 :‬‬

‫ •‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫عن الر ِ‬
‫هو ما َ‬
‫أكل ْأو ما‬ ‫ينقص؟ ْ‬
‫وهل َ‬ ‫زق‪ْ :‬‬
‫هل يزيدُ ْأو ُ‬ ‫شيخ اإلسال ِم ابن تيم ّي َة ِ ّ‬ ‫َ‬
‫س�ئل ُ‬
‫ملك ُه العبدُ ؟‬
‫ِ‬
‫نوعان‪:‬‬ ‫«الر ُ‬
‫زق‬ ‫فأجاب‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫يتغري‪.‬‬
‫ما علم ُه اهلل أ ّن ُه يرزق ُه‪ ،‬فهذا ال ّ ُ‬
‫)‪ (1‬أي‪ّ :‬‬
‫يؤخر‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]2067‬ومسلم [‪.[2557‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫األسباب‪َّ ،‬‬
‫فإن العبدَ‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫وينقص‬
‫ُ‬ ‫وأعلم ِبه املالئك َة‪ ،‬فهذا يزيدُ ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ما كتب ُه‪،‬‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫وصل رمح ُه زاد ُه اهلل عىل َ‬ ‫تكتب ل ُه رزق ًا‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫َ‬ ‫يأمر اهلل املالئك َة ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫فإن َ‬ ‫زق هي من ِ‬
‫مجلة ما قدّ ر ُه اهلل‪ ،‬وكتب ُه‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫واألس�باب ا ّلتي‬
‫كان قدْ تقدّ َم‬ ‫الر ُ َ ْ‬ ‫حيصل هبا ّ‬ ‫ُ‬
‫وذلك ا ّل�ذي قدّ ر ُه ل ُه‬
‫َ‬ ‫واالكتس�اب‪،‬‬ ‫�عي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأ ّن ُه ُ‬
‫َ‬ ‫الس َ‬
‫يرزق العبدَ بس�عيه واكتس�ابه أهلم ُه ّ‬
‫ِ‬
‫موروثه‬ ‫ِ‬
‫كموت‬ ‫ٍ‬
‫اكتس�اب‬ ‫االكتس�اب‪ ،‬وما قدّ ر ُه ل ُه ِ‬
‫بغري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدون‬ ‫ُ‬
‫حيصل‬ ‫ِ‬
‫باالكتس�اب ال‬
‫ٍ‬
‫اكتساب‪.‬‬ ‫يأتيه ِبه ِ‬
‫بغري‬ ‫ِ‬
‫راعة‪ ،‬والت ِ‬
‫ّجارة‪.‬‬ ‫والز ِ‬ ‫زق؛ كالص ِ‬
‫ناعة‪ّ ،‬‬ ‫نصب للر ِ‬ ‫سعي فيا‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫عي سعيان‪ٌ :‬‬ ‫والس ُ‬
‫ّ‬
‫عون ِ‬
‫العبد ما‬ ‫فإن اهلل يف ِ‬
‫ذلك؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫ونحو َ‬ ‫اخللق‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان إىل ِ‬ ‫وسعي بالدّ ِ‬
‫عاء‪ ،‬والتّوك ِ‬
‫ّل‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫عون ِ‬
‫أخيه)‪.(1‬‬ ‫كان العبدُ يف ِ‬ ‫َ‬

‫ •‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫ق�ال‬ ‫ثوب�ان ‪َ I‬‬
‫َ‬ ‫ع� ْن‬
‫)‪.(2‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫أقبل علين�ا‬ ‫عم�ر ‪َ L‬‬ ‫ب�ن‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬جمموع الفتاوى [‪.[540 ،541/8‬‬


‫وحس�نه العراقي ك�ا يف مصباح الزجاجة [‪ ،]15/1‬وش�عيب األرناؤوط يف حتقيق ابن‬
‫)‪ (2‬رواه اب�ن ماجة [‪ّ ،]90‬‬
‫حب�ان [‪ ،]872‬وصححه احلاكم يف املس�تدرك [‪ ،]1814‬واملنذري يف الرتغي�ب والرتهيب [‪ ،]3733‬وضعفه‬
‫األلباين يف ضعيف اجلامع [‪.[1452‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬
‫ّبي ﷺ أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود ‪ِ I‬‬ ‫وعن ِ‬
‫ِ‬
‫عن الن ِّ‬ ‫ابن‬
‫)‪.(2‬‬

‫ •‬

‫قال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫ •‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمع‬
‫َ‬ ‫ع ْن أيب كبش� َة األن ِّ‬
‫ّاري ‪ I‬أ ّن ُه‬

‫)‪.(4‬‬

‫ •‬
‫ّبي ﷺ أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫�اب ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬ ‫عمر ِ‬
‫بن اخل ّط ِ‬ ‫ع� ْن َ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫[أي‪ :‬جياع ًا]‬
‫أن ال رازق ّإال اهلل‪ْ ،‬‬
‫وأن‬ ‫بأن تعلموا يقين ًا ْ‬
‫ْ‬
‫مجيل‪ ،‬وتوك ٍ‬
‫بوجه ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تسعون يف ال ّط ِ‬
‫ّل)‪.(6‬‬ ‫لب‬ ‫َ‬ ‫ثم‬ ‫مانع ّإال َ‬
‫هو‪َّ ،‬‬ ‫معطي‪ ،‬وال َ‬
‫َ‬ ‫ال‬

‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7978‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه ابن ماجة [‪،]4019‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5518‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه ابن ماجة [‪،]2279‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2899‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ]2630‬عن عبد اهلل بن عباس ‪،L‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3024‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪،]2325‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]2344‬وابن ماجة [‪ ،]4164‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5254‬‬
‫)‪ (6‬حتفة األحوذي [‪.[7/7‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫ِ‬
‫البحرين يأيت‬ ‫اجلر ِ‬
‫اح إىل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫ٍ‬
‫عوف ‪َّ I‬‬ ‫عن عمرو ب َن‬
‫بعث أبا عبيد َة ب َن ّ‬ ‫أن‬
‫بجزيتها‪.‬‬

‫احلرضمي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫عليهم العال َء ب َن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫البحرين‪ ،‬وأ ّم َر‬ ‫صالح َ‬
‫أهل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ِ‬
‫البحرين‪.‬‬ ‫فقدم أبو عبيد َة ٍ‬
‫بال م ْن‬ ‫َ‬
‫فلا‬ ‫ِ‬ ‫األنص�ار بق�دو ِم أيب عبي�دةَ‪ ،‬فوافوا [أت�وا] صال َة‬ ‫ِ‬
‫ّب�ي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫مع الن ِّ‬
‫الفج�ر َ‬ ‫ُ‬ ‫فس�معت‬
‫تعرضوا ل ُه‪.‬‬
‫انرصف ّ‬
‫َ‬

‫رآهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫حني‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫فتبس َم‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قالوا‪ْ :‬‬
‫أجل يا‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬

‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫س�وء عاقبتها‪،‬‬ ‫حيذر م ْن‬ ‫فتحت ِ‬
‫عليه ْ‬ ‫ِ‬
‫«فيه‪َّ :‬‬
‫أن َ‬ ‫ْ‬ ‫أن زهرة الدّ ني�ا ينبغي مل ْن‬
‫ينافس غريه فيها»)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫ورش فتنتها‪ ،‬فال يطمئ َّن إىل زخرفها‪ ،‬وال‬
‫ِّ‬
‫ونتخوف ُه‪،‬‬ ‫الفق�ر‪،‬‬ ‫نذكر‬ ‫ُ‬ ‫وع�ن أيب ال�دّ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ونح� ُن ُ‬ ‫خ�رج علينا‬
‫َ‬ ‫رداء ‪:I‬‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4015‬ومسلم [‪.[2961‬‬


‫)‪ (2‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[155/10‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[9‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪،]5‬‬
‫‪‬‬

‫احلق‪.‬‬ ‫م َن اإلزاغة بمعنى اإلمالة ِ‬


‫عن ِّ‬
‫وهو فاعل يزيغ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للسكت‪َ ،‬‬
‫)هي( ضمري الدّ نيا‪ ،‬واهلاء يف آخره ّ‬
‫َ‬
‫قلب أحدكم إال الدنيا)‪.(1‬‬ ‫أي‪ :‬أنه ال يشء ُ‬
‫يزيغ َ‬

‫)‪ (1‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪.[6/1‬‬


‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع االأغنياء‬

‫ِ‬
‫الفقراء‪.‬‬ ‫جوانب من تعامله ﷺ مع‬ ‫ألقينا الضو َء فيا مىض عىل‬
‫َ‬
‫يطعمهم ممّا عنده أحيان ًا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫حيث َ‬
‫كان ﷺ‬ ‫ُ‬

‫وأحيان ًا يصطحبهم إىل بيته‪.‬‬

‫وأحيان ًا ُ‬
‫يأمر بالصدقة عليهم‪.‬‬
‫يعرض عىل أصحابه استضافتهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأحيان ًا‬

‫وأحيان ًا يدعو اهلل هلم أن يغنيهم من فضله‪ ،‬وأن ّ َ‬


‫يير هلم أمورهم‪.‬‬
‫يصرهم‪ ،‬ويس ّليهم‪ ،‬ويذكّرهم بأن هذه الدنيا فاني ٌة‪ ،‬وأن اآلخرة هي الباقية‪.‬‬
‫وأحيان ًا ّ‬
‫ابتيل به‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصر عىل ِ‬ ‫َ‬ ‫يذكر هلم َ‬
‫وأحيان ًا ُ‬
‫الفقر ملن َ‬ ‫وفضل‬ ‫فضل اجلوعِ‪،‬‬
‫وأحيان ًا يرشدهم إىل العمل والتكسب‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫ِ‬ ‫مهم ٌة من‬


‫طبقات املجتمعِ‪ ،‬وهلم دورهم الف ّعال فيه‪.‬‬ ‫فهم طبق ٌة ّ‬
‫ِ‬
‫احلياة املا ّدية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رشيان‬ ‫احلياة االجتاع ّي ِة اليوم ّي ِة‪ ،‬بل هو‬
‫ِ‬ ‫دور ف ّع ٌال يف‬ ‫ُ‬
‫فاملال له ٌ‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ) [النساء‪.[5 :‬‬
‫أي‪ :‬تقوم هبا معايشهم من التجارات وغريها)‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري [‪[214/ 2‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بامل�ال‪ ،‬ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫وق�د امت� َّن اهلل تع�اىل علين�ا‬
‫ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [األعراف‪.[26 :‬‬
‫ُ‬
‫واألموال )‪.(1‬‬ ‫املتاع‪،‬‬
‫يش‪ُ :‬‬ ‫والر ُ‬
‫ّ‬
‫أحب إ َّيل‬ ‫ف عرش َة ِ‬
‫آالف دره ٍم‬ ‫«ألن أخ ّل َ‬
‫الث�وري ‪ْ :V‬‬
‫أحاس�ب عليها ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال س�فيان‬
‫أحتاج إىل الن ِ‬
‫ّاس«)‪.(2‬‬ ‫َ‬ ‫م ْن ْ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫األغنياء كأيب ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫كثري من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والنبي ﷺ قد اتّبع ُه األغنيا ُء‪ ،‬والفقرا ُء‪ ،‬وقد كان من الصحابة ٌ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫عفان‪ ،‬وسعد ِ‬ ‫وعثان ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن الربيعِ‪ ،‬وأيب طلح َة‪ ،‬وغريهم ٌ‬
‫كثري‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بن‬ ‫َ‬ ‫الرمحن بن عوف‪،‬‬ ‫وعبد‬
‫ُ‬
‫يتعامل معهم؟‬ ‫النبي ﷺ‬
‫فكيف كان ُّ‬
‫َ‬

‫عمر‪،‬‬ ‫فأغض�ب أبو ٍ‬ ‫بني أيب ٍ‬ ‫ع�ن أيب ال�دّ ِ‬


‫رداء ‪َ I‬‬
‫بكر َ‬ ‫َ‬ ‫وعمر حماورةٌ‪،‬‬
‫َ‬ ‫بكر‬ ‫كان�ت َ‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ْ‬
‫عمر مغضب ًا‪.‬‬
‫فانرصف عن ُه ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وجهه‪.‬‬ ‫أغلق باب ُه يف‬ ‫فلم ْ‬
‫يفعل‪ ،‬حتّى َ‬ ‫فاتّبع ُه أبو ٍ‬
‫بكر يسأل ُه ْ‬
‫يستغفر ل ُه‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فأقبل أبو ٍ‬
‫بكر إىل‬ ‫َ‬
‫بطرف ِ‬
‫ِ‬ ‫أقبل أبو ٍ‬
‫بكر آخذ ًا‬ ‫ّبي ﷺ إ ْذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ثوبه حتّى أبدى‬ ‫كنت جالس ًا عندَ الن ِّ‬
‫قال أبو الدّ رداء‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫ركبته‪.‬‬ ‫ع ْن‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫ندمت‪ ،‬فس�ألت ُه‬ ‫ثم‬ ‫ُ ِ‬ ‫وبني ِ‬
‫ابن اخل ّط ِ‬ ‫فس� ّل َم‪َ ،‬‬
‫وقال‪ّ :‬إين َ‬
‫ُ‬ ‫فأرسعت إليه‪َّ ،‬‬ ‫اب يش ٌء‪،‬‬ ‫كان بيني َ‬
‫عيل‪.‬‬
‫يغفر يل‪ ،‬فأبى َّ‬
‫أن َ‬ ‫ْ‬

‫فأقبلت َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬تفسري الطري [‪.[364/12‬‬


‫)‪ (2‬حلية األولياء [‪.[381/6‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ،‬ثالث ًا‪.‬‬ ‫َ‬


‫فقال‪:‬‬
‫فسأل‪ :‬أ ّث َم أبو ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫منزل أيب ٍ‬
‫بكر َ‬ ‫عمر ند َم‪ ،‬فأتى َ‬
‫إن َ‬‫ثم َّ‬
‫َّ‬
‫فقالوا‪ :‬ال‪.‬‬
‫أش�فق أبو ٍ‬
‫بكر‪ ،‬فجثا عىل‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ يتم ّع ُر‪ ،‬حتّى‬ ‫َ‬
‫فجعل وج ُه الن ِّ‬ ‫ّبي ﷺ فس� ّل َم‪،‬‬
‫فأتى إىل الن ِّ‬
‫ِ‬
‫ركبتيه‪.‬‬

‫أظلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫أظلم‪ ،‬واهلل أنا ُ‬
‫َ‬ ‫كنت‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل واهلل أنا ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬

‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فق�ال الن ُّ‬
‫‪.‬‬

‫أوذي بعدها)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫فا‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل )‪.(2‬‬ ‫هل أنا‪ ،‬ومايل ّإال َ‬
‫لك يا‬ ‫وقال‪ْ :‬‬ ‫فبكى أبو ٍ‬
‫بكر َ‬

‫النبي ﷺ‪ ،‬فقد َ‬
‫جعل نفس� ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصدّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي�ق‪ ،‬وتواضعه يف ح�رضة ِّ‬ ‫ويف ه�ذا غاي�ة الت�أ ّدب من ّ‬
‫كالعبد للنبي ﷺ‪.‬‬

‫ّبي ﷺ أوىل باملؤمنني‬


‫عجب‪ ،‬فالن ُّ‬
‫َ‬ ‫ل�ك‪ .‬وال‬ ‫فه�و ُ‬
‫يقول‪ :‬ليس مايل فقط لك‪ ،‬بل أنا أيض ًا َ‬
‫من أنفسهم‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫وهذا من أخالقه احلسنة ‪ ،I‬وقد َ‬
‫بذل مال ُه يف سبيل اهلل‪ ،‬وواسى بنفسه‬
‫النبي ﷺ له ذلك‪ ،‬وقال مشيد ًا به‪ ،‬ومذكّر ًا لألمة بفضل الصديق‪:‬‬
‫فعرف ُّ‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3661‬وقد سبق‪.‬‬


‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5808‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3661‬وابن ماجة [‪،]94‬‬
‫‪‬‬

‫صىل اهلل تعاىل ِ‬


‫عليه وس ّل َم‪.‬‬ ‫مراعا ُة التّأ ّد ِ‬
‫ب والتّواض ِع يف حرضته ّ‬
‫ِ‬
‫اإلحسان‪ ،‬والدعا َء له)‪.(1‬‬ ‫شكر املنع ِم عىل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أن من األخالق احلسان‪َ :‬‬
‫بألف ٍ‬
‫دينار يف‬ ‫ان إىل النّبي ﷺ ِ‬
‫عثان ب ُن ع ّف َ‬
‫ُ‬ ‫محن ِ‬
‫بن سمر َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬جا َء‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫وع ْن عبد ّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫حجر الن ِّ‬ ‫العرة‪ ،‬فص ّبها يف‬ ‫جيش‬ ‫جه َز الن ُّ‬
‫حني ّ‬
‫ثوبه َ‬
‫ير ّددها‬ ‫ُ‬
‫ويق�ول‪:‬‬ ‫فجع�ل النّب�ي ﷺ يق ّلبه�ا ِ‬
‫بيده‪،‬‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫مرار ًا)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬

‫بيت‬ ‫كان يأيت عىل النّبي ﷺ ّإال يأيت ِ‬


‫فيه َ‬ ‫قالت عائش� ُة ‪َّ :J‬‬
‫لقل يو ٌم َ‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة ْ‬ ‫ففي قصة‬
‫ِّ‬
‫طريف الن ِ‬
‫ّهار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أيب ٍ‬
‫بكر أحدَ‬
‫فقال‪ :‬ما‬ ‫فخر ِبه أبو ٍ‬
‫بكر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اخلروج إىل املدينة مل ْ يرعنا ّإال وق�دْ أتانا ظهر ًا‪َ ّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫فل�ا َ‬
‫أذن ل� ُه يف‬ ‫ّ‬
‫حدث‪.‬‬‫َ‬ ‫اعة ّإال ٍ‬
‫ألمر‬ ‫هذه الس ِ‬‫جاءنا النّبي ﷺ يف ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫قال أليب ٍ‬
‫بكر‪:‬‬ ‫دخل ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬ ‫فلا َ‬
‫ّ‬
‫ابنتاي‪ ،‬يعني‪ :‬عائش َة‪ ،‬وأسا َء‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إنّا مها‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫الصحب َة يا‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫للخروج‪ْ ،‬‬
‫فخذ إحدامها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناقتني أعددهتا‬ ‫إن عندي‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬

‫)‪ (1‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪ ،]85/1‬التيسري برشح اجلامع الصغري [‪.[57/ 2‬‬
‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3701‬وأمحد [‪ ،]20107‬وحسنه األلباين يف حتقيق املشكاة [‪.[6064‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫هو يل‪.‬‬
‫ليس َ‬ ‫قال ابن حجر‪« :‬زا َد ابن إسحاق َ‬
‫قال‪ :‬ال أركب بعري ًا َ‬
‫فهو لك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫من ا ّلذي ابتعتها ِبه)‪.(2‬‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬ولك ْن بال ّث ِ‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫راين َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ويف حديث أساء بنت أيب بكر عند ال ّط ِّ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫عليه من ِ‬
‫ماله ما‬ ‫بكر ِ‬
‫أنفق أبو ٍ‬ ‫أهل العل ِم‪ :‬مل مل يقبلها ّإال بال ّث ِ‬
‫من‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫بعض ِ‬ ‫َ‬
‫س�ئل ُ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫أكثر م ْن هذا َ‬
‫فقبل؟‬ ‫هو ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فضل‬ ‫ِ‬
‫استكال‬ ‫ِ‬
‫وماله رغب ًة من ُه ‪ S‬يف‬ ‫ِ‬
‫بنفس�ه‬ ‫َ‬
‫لتكون هجرت ُه إىل اهلل‬ ‫إنّا َ‬
‫ذلك‬
‫أتم أحواهلا)‪.(4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة‪ ،‬واجلهاد عىل ِّ‬
‫ﷺ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫باملدينة ماالً م ْن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عن أنس بن ٍ‬
‫وكان‬ ‫نخل‪،‬‬ ‫األنصار‬ ‫كان أبو طلح َة َ‬
‫أكثر‬ ‫مالك ‪ I‬قال‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ويرشب‬ ‫رسول اهلل ﷺ يدخلها‪،‬‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪،‬‬ ‫وكانت مس�تقبل َة‬
‫ْ‬ ‫أمواله ِ‬
‫إليه بريحا َء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أحب‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫م ْن ماء فيها ط ّي ٍ‬

‫هذه اآلي ُة‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) [آل عمران‪،[92 :‬‬ ‫أنزلت ِ‬ ‫فلا‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫أنس‪ّ :‬‬ ‫قال ٌ‬
‫يقول‪( :‬ﭑ ﭒ‬ ‫تبارك وتعاىل ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪َّ ،‬‬
‫إن اهلل‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫قا َم أبو طلح َة إىل‬
‫وإهنا صدق� ٌة هللِ أرجو ّبرها‪،‬‬
‫أح�ب أم�وايل إ َّيل بريح�ا ُء‪ّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ)‪َّ ،‬‬
‫وإن‬
‫حيث َ‬
‫أراك اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ُ ،‬‬ ‫وذخرها عندَ اهللِ‪ ،‬فضعها يا‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2138‬‬


‫)‪ (2‬السرية النبوية [‪ ]13/3‬البن هشام‪ ،‬فتح الباري [‪.[235/7‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪[235/7‬‬
‫)‪ (4‬الروض األنف [‪ ]131/4‬باختصار‪.‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫فقال أبو طلح َة‪ُ :‬‬
‫أفعل يا‬ ‫َ‬
‫يب ب ُن ٍ‬
‫كعب)‪.(2‬‬ ‫حس ُ‬
‫ان‪ ،‬وأ ُّ‬ ‫منهم‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫وكان ْ‬ ‫عم ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فقسمها أبو طلح َة يف أقاربه وبني ّ‬
‫ِ‬
‫للصدقات‪.‬‬ ‫هكذا كان النبي ﷺ‪ ،‬وينصحهم يف املواضع املناسبة‬

‫حيب‪.‬‬
‫استحباب اإلنفاق ممّا ُّ‬
‫ِ‬
‫ووجوه ال ّطاعات‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫الصدقات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مشاور ُة أهل العلم والفضل يف كيف ّية ّ‬
‫حمتاجني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أفضل م َن األجانب إذا كانوا‬ ‫ِ‬
‫األقارب‬ ‫الصدق َة عىل‬
‫أن ّ‬‫َّ‬
‫وإن مل جيتمع�وا ّإال يف أب ٍ‬
‫بعيد؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫أن القراب� َة يرع�ى ح ّقها يف صل�ة األرح�ام‪ْ ْ ،‬‬
‫َّ‬
‫وحس�ان بن‬‫يب بن كعب ّ‬ ‫األقربني فجعلها يف أ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جيع�ل صدقت ُه يف‬ ‫أم�ر أبا طلحة ْ‬
‫أن‬ ‫ّب�ي ﷺ َ‬ ‫الن ّ‬
‫السابعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثابت‪ ،‬وإنّا جيتمعان مع ُه يف اجلدِّ ّ‬
‫واالستظالل بظ ّلها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ودخول أهل الفضل‪ ،‬والعلم فيها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والبساتني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلوائط‪،‬‬ ‫ّاختا ُذ‬
‫األجر إذا‬ ‫ذلك مس�تحب ًا يرتتّب ِ‬
‫عليه‬ ‫والراحة والت ّّنزه فيها‪ ،‬وقدْ يكون َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫واألكل م� ْن ثمره�ا‪ّ ،‬‬
‫العبادة‪ ،‬وتنشيطها لل ّط ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قصدَ ِبه إمجام النّفس م ْن ِ‬
‫تعب‬
‫طيب نفسه‪.‬‬ ‫ولو مل ْ يك ْن حارض ًا إذا َ‬
‫علم َ‬ ‫الص ِ‬
‫ديق‪ْ ،‬‬ ‫ب م ْن ِ‬
‫دار ّ‬ ‫الرش ِ‬
‫إباح ُة ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألن اآلي َة تضم ِ‬
‫املحبوب‪ ،‬فرت ّقى َ‬
‫هو‬ ‫اإلنفاق م َن‬ ‫احلث عىل‬ ‫نت َّ‬ ‫ّ‬ ‫فضيل ُة أليب طلحة؛ َّ‬
‫خيص هبا أهله‪،‬‬ ‫ثم أمر ُه ْ‬
‫أن ّ‬ ‫وشكر ع ْن ر ّبه فعله‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فصو َب ﷺ رأيه‪،‬‬ ‫أحب املحبوب‪ّ ،‬‬ ‫إىل إنفاق ِّ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫بقوله‪:‬‬ ‫َ‬
‫بذلك‬ ‫وكنّى ع ْن رضا ُه‬

‫والرضا باليشء‪ .‬النهاية [‪[250/1‬‬


‫)‪ (1‬هي كلمة تقال عند املدح ّ‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1461‬ومسلم [‪.[998‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ،]398/3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[86/7‬‬
‫‪‬‬

‫يؤجر عليه اإلنسان؛ ألن النبي ﷺ كان يدخل عىل األغنياء‬


‫ُ‬ ‫أن إمجام النفس للعبادة‬
‫يستظل بظ ّلها‪ ،‬ويأكل من ثارها‪ّ ،‬‬
‫ويتنز ُه فيها‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫األتقياء بساتينهم‬

‫األجان�ب إذا كانوا حمتاجني؛ ألن‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الصدقة عىل‬ ‫ُ‬
‫أفض�ل من‬ ‫ِ‬
‫األقارب‬ ‫الصدق� ُة عىل‬
‫يكفيه‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلال‪ ،‬عنده ما‬ ‫مستور‬ ‫القريب‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫الزكاة‪ ،‬فمث ً‬ ‫َ‬
‫جياملون أقارهبم يف‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫بعض‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أجنبي‬ ‫حمتاج معد ٌم ما عنده يش ٌء‪ ،‬لكنّ ُه‬ ‫فقري‬ ‫ِ‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫فرييدُ قريب ُه املزكّي أن يعطي ُه من الزكاة‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫جيوز؛ ألن الزكاة ال جيوز فيها حمابا ُة‬‫ع�ن املزكّي‪ ،‬ليس من أقاربه‪ ،‬فال يعطيه ش�يئ ًا‪ ،‬وهذا ال ُ‬
‫ِ‬
‫األقارب‪.‬‬

‫حمتاج‪ ،‬فمن تقدّ ُم؟‬


‫ٌ‬ ‫وأجنبي بعيدٌ عنك يف الن ِ‬
‫ّسب‬ ‫ٌّ‬ ‫حمتاج‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قريب‬
‫ٌ‬ ‫لكن إذا اجتمع عندك‬
‫قة‪ ،‬وأجر الص ِ‬
‫لة‪.‬‬ ‫تقدّ م القريب املحتاج؛ ليجتمع لك أجر الصدّ ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وهي عىل‬ ‫ِ‬
‫املس�كني صدق ٌة‪َ ،‬‬ ‫»الصدق ُة عىل‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪ّ :‬‬ ‫عامر ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫بن ٍ‬ ‫س�لان ِ‬
‫َ‬ ‫عن‬
‫ذي الرح ِم ِ‬
‫ثنتان صدق ٌة وصل ٌة«)‪.(1‬‬ ‫ّ‬
‫ﷺ‬

‫أشفيت‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مرض‬ ‫حج ِة الودا ِع م ْن‬
‫ّبي ﷺ عا َم ّ‬
‫قال‪ :‬عادين الن ُّ‬ ‫بن أيب و ّق ٍ‬
‫اص ‪َ I‬‬ ‫عن ِ‬
‫سعد ِ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫املوت‪.‬‬ ‫من ُه عىل‬

‫‪ ،‬وال يرثني ّإال ابن ٌة يل واحدةٌ‪،‬‬ ‫بلغ يب م َن الوج ِع ما ترى‪،‬‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫أفأتصدّ ُق ْ‬
‫بثلثي مايل‪.‬‬

‫«‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بشطره‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فأتصدّ ُق‬
‫ُ‬

‫«‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ال ّث ُ‬
‫لث‪.‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]658‬والنسائي [‪ ،]2582‬وابن ماجة [‪ ،]1844‬وحسنه األلباين يف اإلرواء [‪.[883‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫[أي‪ :‬فمها]‪.‬‬

‫رسول اهلل أخ ّل ُ‬
‫ف بعدَ أصحايب)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫تويف بم ّك َة)‪.(5).(4‬‬
‫أن ّ َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ْ‬ ‫الزهري‪ :‬يرثي ل ُه‬
‫ُّ‬ ‫قال‬

‫ِ‬
‫آلحاد النّاس‪.‬‬ ‫وأهنا مستح ّب ٌة لإلما ِم كاستحباهبا‬ ‫ِ‬
‫استحباب عيادة املريض‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لغرض صحيح م ْن مداواة‪ْ ،‬أو دعاء صالح‪ْ ،‬أو وص ّية‪،‬‬ ‫جواز ِ‬
‫ذكر املريض ما جيد ُه؛‬ ‫ُ‬
‫ط‪ ،‬ونحوه؛‬ ‫ّسخ ِ‬ ‫ذلك ما َ‬
‫كان عىل س�بيل الت ّ‬ ‫ٍ‬
‫اس�تفتاء ع ْن حاله ونحو َ‬
‫ذلك‪ ،‬وإنّا يكره م ْن َ‬ ‫ِ‬
‫أو‬
‫قادح يف أجر مرضه‪.‬‬
‫فإ ّن ُه ٌ‬
‫ِ‬
‫العلاء‪.‬‬ ‫حتريم الوصي ِة با يزيدُ عىل ال ّث ِ‬
‫لث ملن له ورث ٌة‪ ،‬وهو مت ٌ‬
‫ّفق عليه بني‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫فخيش‬
‫هاجر منها‪ ،‬وتركها هللِ تعاىل‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لكونه‬ ‫)‪ (1‬معنا ُه‪ :‬أخ ّلف بمكّة بعد أصحايب؟ قال ذلك إشفاق ًا م ْن موته بمكّة؛‬
‫َ‬
‫يكره�ون اإلقامة يف األرض ا ّلت�ي هاجروا منها وتركوه�ا هللِ تعاىل‪ ،‬فم ْن َّ‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫أن يق�دح َ‬
‫ذل�ك يف هجرت�ه‪ ،‬وكانوا‬ ‫ْ‬
‫أن يموت هبا‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[78/11‬‬ ‫خيش سعد بن أيب و ّقاص ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫هيلكون‬ ‫املرشكون ا ّلذي َن‬
‫َ‬ ‫ويرض بك‬
‫ّ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫الرش‬
‫ّ‬ ‫بالد‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫يديك‬ ‫عىل‬ ‫اهلل‬ ‫سيفتح‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫مم‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫بالغنائ‬ ‫َ‬
‫املسلمون‬ ‫بك‬ ‫ينتفع‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫عىل يديك‪.‬‬
‫بسبب الوجع بالبلدِ‬
‫ِ‬ ‫مقيا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫)‪ِ (3‬‬
‫يستمر ً‬
‫َّ‬ ‫وهي املدينة‪ ،‬وال‬
‫لريجع إىل دار هجرته‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫فيه‪ :‬إشارة إىل الدّ عاء لسعد بالعافية؛‬
‫وهي مكّة‪ .‬فتح الباري [‪.[180/11‬‬ ‫هاجر منها َ‬ ‫َ‬ ‫ا ّلتي‬
‫ومات هبا‪ ،‬فس�بب بؤس�ه س�قوط هجرته؛ لرجوعهِ‬‫َ‬ ‫انرصف إىل مكّة‬
‫َ‬ ‫هاجر وش�هدَ بدر ًا َّ‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫البخ�اري أ ّن ُه‬
‫ّ‬ ‫وذك�ر‬
‫َ‬ ‫)‪(4‬‬
‫خمتار ًا‪ ،‬وموته هبا‪ .‬رشح النووي [‪.[80/11‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ]1296‬ومسلم[‪.[1628‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الورثة‪.‬‬ ‫والش ِ‬
‫فقة عىل‬ ‫ِ‬
‫األقارب‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان إىل‬ ‫ُّ‬
‫احلث عىل صلة األرحام‪،‬‬
‫ِ‬
‫األبعد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أفضل م َن‬ ‫واإلحسان ِ‬
‫إليه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األقرب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القريب‬ ‫أن صل َة‬
‫َّ‬
‫استحباب اإلنفاق يف وجوه ِ‬
‫اخلري‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يثاب عىل عمله بن ّي ِته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األعال بالنّ ّيات‪ ،‬وأ ّن ُه إنّا ُ‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫عليه إذا قصدَ ِبه وج َه اهلل تعاىل‪.‬‬


‫اإلنفاق عىل العيال يثاب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫كاألكل‬ ‫َ‬
‫وذل�ك‬ ‫أن املب�اح إذا قص�دَ ِبه وجه اهلل تع�اىل صار طاع�ة‪ ،‬ويثاب ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لالس�رتاحة؛ ليقو َم إىل العبادة نش�يط ًا‪ ،‬واالستمتاع‬ ‫ِ‬
‫طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬والنّوم‬ ‫ّقوي عىل‬ ‫ِ‬
‫بن ّية الت ّ‬
‫وليحصل ولد ًا‬ ‫وليقيض ح ّقها؛‬ ‫عن احلرام؛‬ ‫ليكف نفس ُه وبرصه ونحومها ِ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫بزوجته وجاريته؛‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫صاحل ًا‪.‬‬

‫الصالح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فضيل ُة ِ‬


‫العمر؛ لالزدياد م َن العمل ّ‬ ‫طول‬
‫ِ‬
‫باألعال)‪.(1‬‬ ‫ُّ‬
‫احلث عىل إرادة وجه اهلل تعاىل‬

‫ٍ‬
‫بعض‪ ،‬فيدعوهم ذلك‬ ‫أكثر من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء واألم ِ‬
‫لبعض األبناء َ‬ ‫يميلون‬ ‫لألس�ف‬ ‫هات‬ ‫ّ‬ ‫بعض‬
‫ُ‬
‫وظلم هنى عنه رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫جور‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫بعض يف العطاء‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫تفضيل بعضهم عىل‬ ‫إىل‬
‫املوهبة من ِ‬
‫ماله‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬
‫س�ألت أبا ُه َ‬
‫ْ‬ ‫أن أ ّم ُه عمر َة بنت رواح َة‬ ‫ٍ‬
‫بش�ري ‪َّ L‬‬ ‫ّعان ب ُن‬ ‫ِ‬
‫عن الن ُ‬
‫ْ‬
‫وهبت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ عىل ما‬ ‫فقالت‪ :‬ال أرىض حتّى تشهدَ‬
‫ْ‬ ‫البنها‪ ،‬فالتوى هبا سن ًة َّ‬
‫ثم بدا ل ُه‬
‫إن أ َّم هذا‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ غال ٌم فأتى‬ ‫َ‬
‫فأخذ أيب بيدي وأنا‬ ‫البني‪.‬‬
‫وهبت البنها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أشهدك عىل ا ّلذي‬ ‫بنت رواح َة أعجبها ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[76/11‬‬


‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويف رواية ملسلم‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬بىل‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫الصدق َة‪.‬‬ ‫فرجع أبى فر َّد َ‬
‫تلك ّ‬ ‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ويف رواية هلا‪:‬‬
‫ويف رواي�ة أليب داو َد (‪:(2542‬‬
‫‪.‬‬
‫فال بد من العدل يف العطية بني األوالد‪.‬‬

‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫ع�ن ِ‬


‫عبد اهلل بن مس�عود ‪َ I‬‬
‫قال الن ُّ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫وارثه‪.‬‬ ‫مال‬ ‫رسول اهلل ما منّا أحدٌ ّإال ماله أحب ِ‬
‫إليه م ْن ِ‬ ‫َ‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫اخلري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مصارف ِ‬ ‫أي‪ :‬قدّ مه َ‬
‫قبل موته بأن رصفه يف حياته يف‬
‫يموت‪.‬‬
‫َ‬ ‫أخره من ِ‬
‫املال الذي يرتكه‪ ،‬وال يتصدّ ُق منه حتى‬ ‫أي‪ :‬ما ّ‬
‫ِ‬
‫«فيه‪ :‬التّحريض ع�ىل تقدي ِم ما يمكن تقديمه م َن امل�ال يف وجوه القربة‬
‫فإن َ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬
‫لل�وارث‪ْ ،‬‬ ‫يص�ري ملك ًا‬ ‫املور ُ‬
‫ث‬ ‫لينتف�ع ِبه يف اآلخ�رة‪َّ ،‬‬
‫ف�إن ّ‬
‫ُ‬ ‫كل يشء خيلف ُه ّ‬ ‫َ‬ ‫ر؛‬
‫وال� ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2587‬ومسلم [‪.[1623‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[6442‬‬
‫‪‬‬

‫عمل ِ‬
‫وإن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيه‬ ‫ذلك ا ّلذي َ‬
‫تعب يف مجعه ومنع�ه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫وكان َ‬ ‫بثواب َ‬
‫ذل�ك‪،‬‬ ‫اختص‬
‫َّ‬ ‫بطاع�ة اهلل‬ ‫في�ه‬
‫سلم م ْن تبعته‪.‬‬
‫إن َ‬‫األول م ْن االنتفاع ِبه ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فذاك أبعدُ ملالكه ّ‬
‫ِ‬
‫بمعصية اهلل‬
‫ُ‬
‫أفضل م�ن تركه لوارثه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلديث ُّ‬
‫يدل ع�ىل أن َ‬ ‫ُ‬
‫إنفاق امل�ال يف وجوه ال ِّ‬ ‫هذا‬
‫يعارض قوله ﷺ لسعد‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫‪.‬‬
‫النبي ﷺ سعد ًا عىل أن يرتك ماالً لورثته؛ ألن سعد ًا‬
‫حض ُّ‬ ‫ال تعارض بينها‪ ،‬وإنا َّ‬
‫َ‬
‫ويكون باقيه لورثته‪.‬‬ ‫أراد أن يتصدّ ق باله ك ّله يف مرضه‪ ،‬فأمر ُه ﷺ بأن يتصدّ َق منه بثلثه‪،‬‬
‫شح عىل ماله‪ ،‬ومل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫صحتهم‪ ،‬ون ّبه به من َّ‬
‫خاطب به ﷺ أصحاب ُه يف ّ‬
‫َ‬ ‫مسعود إنا‬ ‫وحديث ابن‬
‫ال مو ّفر ًا‪،‬‬ ‫َ‬
‫حيصل وارثه عليه كام ً‬ ‫ينفق منه يف ذلك؛ لئال‬ ‫ر أن َ‬ ‫تس�مح نفس�ه بإنفاقه يف وجوه ال ِّ‬
‫ْ‬
‫يكون معارض ًا حلديث سعد‪.‬‬‫َ‬ ‫املال ك ّله؛ حتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخييب هو من أجره‪ ،‬وليس فيه األمر بصدقة ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وحديث ابن‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بال�ه ك ّل�ه‪ْ ،‬أو معظمه يف مرض�ه‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫حممول عىل م� ْن تصدّ َق‬ ‫فحدي�ث س�عد‬
‫وشحه)‪.(1‬‬
‫ّ‬ ‫صحته‬ ‫حق م ْن يتصدّ ُق يف ّ‬ ‫مسعود يف ِّ‬
‫وهو يق�ر ُأ‪( :‬ﮋ ﮌ)‬
‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫أتيت الن َّ‬ ‫ع�ن عب�د اهلل بن الش�خري ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪ُ :‬‬
‫‪َ .‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫[التكاث�ر‪َ ،[1 :‬‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ونحوه من حديث أيب هريرة وزاد‪:‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬

‫)‪ (1‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[216 / 19‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2958‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2959‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫أنخلع م ْن مايل‬
‫َ‬ ‫إن م ْن توبت�ي ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫للرس�ول ﷺ‪َّ :‬‬ ‫ولذل�ك مل�ا َ‬
‫قال كعب ب�ن مالك ‪I‬‬
‫ِ‬
‫رسوله ﷺ‪.‬‬ ‫صدق ًة إىل اهلل وإىل‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال له‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بيضة م ْن‬ ‫رجل ِ‬
‫بمثل‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إ ْذ جاء ُه ٌ‬ ‫عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬كنّا عندَ‬ ‫بن ِ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫فهي صدق ٌة‪ ،‬ما ُ‬
‫أملك غريها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ذهب‪َ ،‬‬
‫أصبت هذه م ْن معدن‪ ،‬فخذها‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل‬ ‫فقال‪ :‬يا‬
‫فأعرض‬ ‫مث�ل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫فقال َ‬ ‫ِ‬
‫األيمن‪َ ،‬‬ ‫قب�ل ِ‬
‫ركنه‬ ‫ثم أتا ُه م ْن ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫فأع�رض عن ُه‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫خلفه‪ ،‬فأخذها‬ ‫ثم أتا ُه م ْن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ِ‬‫ث�م أتا ُه م ْن ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫فأعرض عن ُه‬
‫َ‬ ‫األير‪،‬‬ ‫ركنه‬ ‫عن� ُه‪َّ ،‬‬
‫فلو أصابت ُه؛ ألوجعت ُه‪ْ ،‬أو لعقرت ُه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فحذف ُه هبا‪ْ ،‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫)‪.(2‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫اب ُ‬
‫يقول‪ :‬أمرنا‬ ‫عمر ب َن اخل ّط ِ‬ ‫بن أسلم عن ِ‬ ‫عن ِ‬
‫زيد ِ‬
‫سمعت َ‬
‫ُ‬ ‫أبيه قال‪:‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ذلك عندي ماالً‪.‬‬
‫فوافق َ‬
‫َ‬ ‫نتصدّ َق‪،‬‬
‫ِ‬
‫بنصف مايل‪.‬‬ ‫فجئت‬
‫ُ‬ ‫إن سبقت ُه يوم ًا‪،‬‬ ‫أسبق أبا ٍ‬
‫بكر ْ‬ ‫فقلت‪ :‬اليو َم ُ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫قلت‪ :‬مثل ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأتى أبو ٍ‬
‫بكر ِّ‬
‫بكل ما عند ُه‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]2758‬ومسلم [‪.[2769‬‬


‫)‪ (2‬رواه أب�و داود [‪ ،]1673‬واحلاك�م [‪ ،]1507‬وصحح�ه‪ ،‬وق�ال اب�ن املل ّق�ن‪" :‬إس�ناده جي�د‪ ،‬ل�وال عنعنة ابن‬
‫إسحاق"‪ .‬البدر املنري [‪ ،]416/7‬وضعفه األلباين يف اإلرواء [‪.[898‬‬
‫‪‬‬

‫هلم اهلل ورسول ُه‪.‬‬


‫أبقيت ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬واهلل ال أسبقه إىل ٍ‬
‫يشء أبد ًا)‪.(1‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وقو ِة نفسه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حسن ن ّيته‪ّ ،‬‬ ‫ينكر ﷺ عىل أيب ٍ‬
‫بكر إتيانه بجمي ِع ما عنده؛ ملا علمه من‬ ‫«وإنا مل ْ‬
‫الناس‪ ،‬كا خافها عىل غريه»)‪.(2‬‬
‫ف َ‬ ‫خيف عليه الفتن ُة‪ ،‬وال أن يتك ّف َ‬
‫ومل ْ‬
‫ِ‬
‫وعقله‪ُ ،‬‬
‫حيث ال دي َن‬ ‫بال�ه ك ّله يف صح ِة ِ‬
‫بدنه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫«قال اجلمهور‪ :‬م ْن تصدّ َق‬
‫ّ‬
‫فهو جائز‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلضاقة)‪ ،(3‬وال َ‬ ‫وكان صبور ًا عىل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫فإن‬ ‫يصرون أيض ًا‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫عيال ل ُه‪ْ ،‬أو ل ُه عيال‬ ‫عليه‪،‬‬
‫الرش ِ‬
‫وط كر َه»)‪.(4‬‬ ‫هذه ّ‬‫فقدَ يشء من ِ‬
‫ٌ ْ‬

‫ِ‬
‫النعمة‪ :‬إظهارها‪ .‬قال تعاىل‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [الضحى‪.[11 :‬‬ ‫من ِ‬
‫شكر‬
‫إظهار ِ‬
‫نعمة اهلل عليهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫النبي ﷺ ُّ‬
‫حيث األغنيا َء من أصحابه عىل‬ ‫لذا َ‬
‫كان ُّ‬
‫أطار‪َ (5) ،‬‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وعيل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫ع� ْن مال�ك بن نضل َة ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪ :‬رآين‬
‫‪.‬‬
‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫واخليل‪ ،‬والغن ِم‪.‬‬ ‫والر ِ‬
‫قيق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كل ِ‬ ‫قلت‪ :‬م ْن ِّ‬
‫اإلبل‪ّ ،‬‬ ‫املال قدْ آتاين اهلل ‪ ،D‬م َن‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪ .(6‬ويف رواية‪» :‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]3675‬وأبو داود [‪ ،]1678‬وحسنه األلباين‪.‬‬


‫)‪ (2‬رشح أيب داود للعيني [‪[432/6‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬الضائقة‪.‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[259/3‬‬
‫قشف اهليئة‪ِ.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ وأنا‬ ‫الثياب البالي ُة‪ .‬ويف رواية‪ُ :‬‬
‫أتيت‬ ‫األطار‪:‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫)‪ (6‬رواه أبو داود [‪ ،]4063‬والرتمذي [‪ ،]2006‬والنسائي [‪ ،]5223‬أمحد [‪ ،]15457‬واللفظ له‪ ،‬وصححه‬
‫األلباين يف غاية املرام [‪.[75‬‬
‫‪‬‬

‫غني‪ ،‬وأن اهلل أنعم عليك بأنواع النّع ِم)‪.(1‬‬


‫الناس أنك ٌّ‬
‫ليعرف ُ‬
‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬البس ثوب ًا ج ّيد ًا؛‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫أبيه ع ْن جدّ ِه َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ش�عيب عن ِ‬
‫ٍ ْ‬ ‫وع ْن عمرو ِ‬
‫بن‬
‫)‪.(2‬‬

‫التكر عىل‬ ‫ِ‬


‫اإلرساف‪ ،‬وال‬ ‫عليك‪ ،‬ال من ِ‬
‫باب‬ ‫َ‬ ‫شكر ِ‬
‫نعمة اهلل تعاىل‬ ‫فاملظهر اجل ّيدُ من باب ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الناس‪.‬‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫مسعود ‪ِ I‬‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫عن الن ِّ‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫يكون ثوب ُه حسن ًا‪ ،‬ونعل ُه حسن ًة‪.‬‬


‫َ‬ ‫حيب ْ‬
‫أن‬ ‫الر َ‬
‫جل ُّ‬ ‫إن ّ‬ ‫قال ٌ‬
‫رجل‪َّ :‬‬ ‫َ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬

‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫األبواب م ْن‬ ‫دعي م ْن َ‬
‫تلك‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬ما عىل م ْن َ‬ ‫أنت وأ ّمي يا‬
‫بكر ‪ :I‬بأيب َ‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األبواب ك ّلها؟‬ ‫ٍ‬
‫رضورة‪ْ ،‬‬
‫فهل يدعى أحدٌ م ْن َ‬
‫تلك‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬مرقاة املفاتيح [‪.[99 / 13‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]2819‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1887‬‬
‫وغمط الن ِ‬
‫ّاس أي‪ :‬احتقارهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪،]91‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1897‬ومسلم [‪.[1027‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬أنا‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬أنا‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬أنا‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬أنا‪.‬‬ ‫َ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫بألف ٍ‬
‫دينار يف‬ ‫ان إىل النّبي ﷺ ِ‬
‫عثان ب ُن ع ّف َ‬
‫ُ‬ ‫محن ِ‬
‫بن سمر َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬جا َء‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫وع ْن عبد ّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫حجر الن ِّ‬ ‫العرة‪ ،‬فص ّبها يف‬ ‫جيش‬ ‫جه َز الن ُّ‬
‫حني ّ‬
‫ثوبه َ‬

‫ير ّددها‬ ‫ُ‬


‫ويق�ول‪:‬‬ ‫فجع�ل النّب�ي ﷺ يق ّلبه�ا ِ‬
‫بيده‪،‬‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫مرار ًا)‪.(2‬‬
‫قيس َ‬ ‫بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫األحن�ف ِ‬ ‫ِ‬
‫حجاج ًا‪ ،‬فقدمنا املدين َة‪ ،‬ونح� ُن نريدُ َّ‬
‫احلج‪ ،‬فبينا‬ ‫قال‪ :‬خرجن�ا ّ‬ ‫وع�ن‬
‫ِ‬
‫املس�جد‪ ،‬وفزعوا‪،‬‬ ‫ّاس قدْ اجتمعوا يف‬ ‫آت‪َ ،‬‬
‫فقال‪َّ :‬‬ ‫نحن يف منازلنا نضع رحالنا إ ْذ أتانا ٍ‬
‫إن الن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بري وطلح ُة وسعدُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمتمعون عىل ٍ‬
‫َ‬
‫والز ُ‬‫عيل ّ‬ ‫وفيهم ٌّ‬
‫ْ‬ ‫املسجد‪،‬‬ ‫وسط‬ ‫نفر يف‬ ‫ّاس‬ ‫فانطلقنا‪ ،‬فإذا الن ُ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫عثان ‪ِ I‬‬
‫عليه مالء ٌة صفرا ُء قدْ قن َّع هبا رأس ُه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫لكذلك إ ْذ جا َء‬
‫َ‬ ‫ب ُن أيب و ّق ٍ‬
‫اص‪ ،‬فإنّا‬
‫بري؟ أهاهنا سعدٌ ؟‬ ‫أهاهنا طلح ُة أهاهنا ّ‬
‫الز ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قالوا‪ْ :‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1028‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3701‬وأمحد [‪ ،]20107‬وحسنه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أتعلمون َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫أنشدكم باهلل ا ّلذي ال إل َه ّإال َ‬
‫هو‬ ‫ْ‬ ‫فإين‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فأتيت‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بخمسة وعرشي َن ألف ًا‪،‬‬ ‫‪ ،‬فابتعت ُه بعرشي َن ألف ًا‪ْ ،‬أو‬
‫؟‪.‬‬ ‫فأخرت ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬
‫اللهم ْ‬
‫َّ‬ ‫قالوا‪:‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أتعلمون َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫أنش�دكم باهلل ا ّل�ذي ال إل َه ّإال َ‬
‫هو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫فقلت‪ِ :‬‬
‫(قد ابتعتها بكذا وكذا)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فأتيت‬
‫ُ‬ ‫فابتعتها بكذا وكذا‪،‬‬
‫؟‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬
‫اللهم ْ‬
‫َّ‬ ‫قالوا‪:‬‬
‫ِ‬
‫وجوه القو ِم‪،‬‬ ‫نظر يف‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫أتعلمون َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫أنش�دكم باهلل ا ّلذي ال إل َه ّإال َ‬
‫هو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫زهتم حتّى مل ْ يفقدوا عقاالً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫؟ يعني‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫فجه ْ‬‫جيش العرة‪ّ ،‬‬ ‫فقال‪:‬‬
‫وال خطام ًا؟‬
‫نعم‪.‬‬
‫اللهم ْ‬
‫َّ‬ ‫فقالوا‪:‬‬
‫اللهم اشهدْ )‪.(1‬‬
‫َّ‬ ‫اللهم اشهدْ ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫اللهم اشهدْ ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ﷺ‬
‫أربح جتار ًة قال تعاىل‪( :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫التجارة مع اهلل هي ُ‬
‫ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [فاطر‪.[30-29 :‬‬
‫»(ﯷ ﯸ ﯹ)‪ ،‬أي‪ :‬ل�ن تكس�دَ وتفس�دَ ‪ ،‬ب�ل جتار ٌة ه�ي ُّ‬
‫أجل‬
‫ِ‬
‫بجزيل ثواب�ه‪ ،‬والنجا ُة من‬ ‫والفوز‬ ‫رهب�م‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫التّج�ارات‪ ،‬وأعاله�ا‪ ،‬وأفضلها‪ ،‬أال وهي رضا ّ‬
‫سخطه‪ ،‬وعقابه»)‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي [‪ ،]3182‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[6881‬‬


‫)‪ (2‬تفسري السعدي [‪.[689/1‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ال َ‬ ‫ع ْن ِ‬


‫إن لفالن نخل ًة‪ ،‬وأنا ُ‬
‫أقيم حائطي‬ ‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫قال‪ :‬يا‬ ‫أنس بن مالك ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬
‫أقيم حائطي هبا‪.‬‬ ‫هبا‪ ،‬فأمر ُه ْ‬
‫أن يعطيني حتّى َ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫فأبى‪.‬‬
‫نخلتك بحائطي‪َ ،‬‬
‫ففعل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حداح‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬بعني‬ ‫ِ‬ ‫فأتا ُه أبو الدّ‬

‫ابتع�ت النّخل َة بحائط�ي‪ ،‬فاجعلها ل ُه‪ ،‬فقدْ‬ ‫رس�ول اهلل ّإين ِ‬


‫قد‬ ‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫فأت�ى الن َّ‬
‫أعطيتكها‪.‬‬

‫‪ ،‬قاهلا مرار ًا‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ُ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫بنخلة يف اجلن ِّة‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫فإين قدْ بعت ُه‬ ‫ِ‬
‫احلائط ّ‬ ‫ِ‬
‫حداح‪ ،‬اخرجي م َن‬ ‫قال‪ :‬فأتى امرأت ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا أ َّم الدّ‬ ‫َ‬

‫البيع)‪.(2‬‬
‫ربح ُ‬ ‫فقالت‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫ﷺ‬

‫فمر بنا‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬كنّا يف ِ‬ ‫قيس ِ‬


‫بن أيب غرز َة ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫السارسةَ‪َّ ،‬‬
‫نس�مى ّ‬
‫ّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫عهد‬
‫هو أحس� ُن من ُه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فس�انا باس� ٍم َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫فيهم عج ًا‪،‬‬ ‫وال�رشا َء ْ‬


‫ّ‬ ‫البيع‪،‬‬
‫يعال�ج َ‬
‫ُ‬ ‫كثري مم ّ ْن‬ ‫َ‬
‫وكان ٌ‬ ‫أعجم�ي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫مس�ار‬
‫ُ‬ ‫«الس‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫هي م َن األساء العرب ّي ِة»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل التّجارة ا ّلتي َ‬
‫ُ‬ ‫فغري ُه‬
‫عنهم‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫االسم‬
‫َ‬ ‫فتلقوا هذا‬
‫ّبني أن جتارهتم قد يقع فيها من ال ّل ِ‬
‫غو واحللف ما يقع‪ ،‬فقال‬

‫وليس مراد ًا هنا‪.‬‬


‫فهو النّخلة بكاهلا‪َ ،‬‬
‫هو الغصن م ْن النّخلة‪ ،‬وأ ّما العذق َ‬
‫)‪ (1‬العذق َ‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]12073‬وصححه األلباين يف السلسلة [‪.[2964‬‬
‫أي‪ :‬اخلطوا‪.‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]1208‬وأبو داود [‪ ،]3326‬والنسائي [‪ ،]3797‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7973‬‬
‫)‪ (5‬معامل السنن [‪.[131/2‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫احلسنات‬ ‫الر ِّب‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غضب ّ‬
‫َ‬ ‫تطفئ‬
‫ُ‬ ‫بالصدقة؛ فإهنا‬ ‫اللغو واحللف‬ ‫ذكر من‬
‫هلم‪« :‬اخلطوا ما َ‬
‫ِ‬
‫السيئات»)‪.(1‬‬ ‫يذهبن‬

‫فناداهم‪:‬‬ ‫َ‬
‫يتبايعون بكر ًة‬ ‫ّاس‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فإذا الن ُ‬ ‫مع‬ ‫ع ْن رفاع َة َ‬
‫قال‪ :‬خرجنا َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫أعناقهم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫أبصارهم ومدّ وا‬
‫ْ‬ ‫فل�ا رفع�وا‬
‫ّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫ٍ‬
‫وخيانة‪ ،‬وأحس� َن إىل‬ ‫غش‪،‬‬‫يرتكب كبريةً‪ ،‬وال صغري ًة م ْن ٍّ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫بأن من مل ْ‬
‫ِ‬
‫وعبادته»)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫بطاعة اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جتارته‪ْ ،‬أو قا َم‬ ‫الن ِ‬
‫ّاس يف‬

‫ِ‬
‫ترويج‬ ‫ِ‬
‫املعام�الت‪ ،‬والت ُ‬
‫ّهالك عىل‬ ‫ّدليس يف‬ ‫ِ‬
‫ديدن الت ّّج ِ‬ ‫«مل�ا َ‬
‫�ار الت ُ‬ ‫كان م ْن‬
‫منهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من‬ ‫بالفجور‪ ،‬واستثنى ْ‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬ ‫حكم‬
‫َ‬ ‫الكاذبة‪ ،‬ونحوها؛‬ ‫األيان‬ ‫هلم م َن‬
‫تير ْ‬‫الس�ل ِع با ّ َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫وصدق يف حديثه»)‪.(4‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫وبر يف يمينه‪،‬‬ ‫اتّقى املحار َم‪َّ ،‬‬

‫فنالت‬ ‫َ‬
‫فأدخل يد ُه فيها‬ ‫ِ‬
‫صرة طع�ا ٍم)‪،(5‬‬ ‫مر عىل‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫أن‬
‫‪.‬‬ ‫أصابع ُه بلالً‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل!‬ ‫السا ُء [أي‪ :‬املطر] يا‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أصابت ُه ّ‬
‫)‪.(6‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬مرقاة املفاتيح رشح مشكاة املصابيح‪.[281/9[ :‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]1210‬وابن ماجه [‪ ]2146‬وقال األلباين‪ :‬صحيح لغريه‪ .‬صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[1785‬‬
‫)‪ (3‬حتفة األحوذي [‪.[336/4‬‬
‫)‪ (4‬حتفة األحوذي [‪.[336/4‬‬
‫ِ‬
‫كالكومة‪ .‬النهاية [‪[9/3‬‬ ‫الصرة‪ :‬الطعام املجتمع‬
‫)‪ّ (5‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[102‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫وحسن طريقتي‪.‬‬ ‫«أي‪ :‬ليس مم ّ ِن اهتدى هبديي‪ ،‬واقتدى بعلمي‪ ،‬وعميل‪،‬‬

‫أوقع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويقول‪ْ :‬بل‬


‫ُ‬ ‫تفسري ِ‬ ‫سفيان ب ُن عيين َة يكر ُه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ليكون َ‬ ‫تأويله؛‬ ‫يمسك ع ْن‬ ‫مثل هذا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وكان‬
‫الز ِ‬
‫جر»)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫وأبلغ يف ّ‬ ‫ِ‬
‫ّفوس‪،‬‬ ‫يف الن‬
‫)‪(2‬‬
‫ّبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫وع� ْن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫واجلارية‪،‬‬ ‫والش ِ‬
‫�اة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والبقرة‪ّ ،‬‬ ‫أن التّرصية حرام س�واء ترصي ُة الن ِ‬
‫ّاقة‪،‬‬ ‫«اعلم َّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫مع أ ّن ُه حرا ٌم‪ ،‬وللمش�رتي‬ ‫ِ‬
‫واألت�ان‪ ،‬وغريها؛ أل ّن ُه ٌّ‬ ‫ِ‬
‫وخداع‪ ،‬وبيعها صحيح َ‬‫ٌ‬ ‫غش‬ ‫والف�رس‪،‬‬
‫اخليار يف إمساكها‪ ،‬ور ّدها«)‪.(4‬‬
‫ُ‬
‫ﷺ‬

‫خي�رج فيها‪ ،‬وال يلقا ُه فيها أحدٌ ‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫س�اعة ال‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫ُ‬ ‫خرج الن ُّ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫فأتا ُه أبو ٍ‬
‫بكر‪َ ،‬‬
‫وجهه‪ ،‬والتّسليم ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأنظر يف‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫خرجت ألقى‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫عمر‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫يلبث ْ‬
‫أن جا َء ُ‬ ‫فلم ْ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫اجلوع يا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬
‫ّخل ّ ِ‬ ‫كثري الن ِ‬ ‫َ‬
‫وكان رج ً‬ ‫بن الت ِ‬ ‫فانطلقوا إىل ِ‬
‫منزل أيب اهليث ِم ِ‬
‫والش�اء‪ ،‬ومل ْ‬ ‫ال َ‬ ‫األنصاري‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ّيهان‬
‫ِ‬
‫صاحبك؟‬ ‫ِ‬
‫المرأته أي َن‬ ‫فلم جيدو ُه‪ ،‬فقالوا‬
‫يك ْن ل ُه خد ٌم‪ْ ،‬‬
‫يستعذب لنا املا َء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫انطلق‬
‫َ‬ ‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[109/1‬‬


‫جيتمع اللب ُن يف رضعها‪ ،‬فإذا حلبها املشرتي استغزرها‪ .‬النهاية [‪.[27/3‬‬
‫َ‬ ‫حتلب أ ّيام ًا حتّى‬
‫ُ‬ ‫املرصاة‪ :‬هي التي ال‬
‫)‪ّ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2148‬ومسلم [‪.[1515‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[162/10‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‪ ،‬ويفدّ ِيه‬ ‫ٍ‬ ‫فل�م يلبثوا ْ‬


‫أن ج�ا َء أبو اهليث ِم بقربة يزعبه�ا‪ ،‬فوضعها‪َّ ،‬‬
‫ثم جا َء يلت�ز ُم الن َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫حديقته‪.‬‬ ‫هبم إىل‬ ‫ِ ِ‬
‫انطلق ْ‬ ‫َ‬ ‫ثم‬
‫بأبيه وأ ّمه‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫نخلة‪ ،‬فجا َء ٍ‬
‫بقنو‪ ،‬فوضع ُه‪َ ،‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫فقال الن ُّ‬ ‫انطلق إىل‬
‫َ‬ ‫هلم بساط ًا‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫َ‬
‫فبسط ْ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫وبره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رطبه‬ ‫ختريوا م ْن‬ ‫أن ختتاروا‪ْ ،‬أو َ‬
‫أردت ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل‪ّ ،‬إين‬ ‫فقال‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫ذلك ِ‬
‫املاء‪َ ،‬‬ ‫فأكل�وا‪ ،‬ورشبوا م ْن َ‬
‫فانطل�ق أبو اهليث ِم؛‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫هلم طعام ًا‪َ ،‬‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫ليصنع ْ‬
‫َ‬
‫فأتاهم هبا‪ ،‬فأكلوا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫هلم عناق ًا‪ْ ،‬أو جدي ًا‪،‬‬
‫فذبح ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫ليس معها ٌ‬
‫ثالث‪ ،‬فأتا ُه أبو اهليث ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫برأس�ني َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫يت الن ُّ‬
‫‪ ،‬فأ َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫رت يل‪.‬‬
‫نبي اهللِ‪ ،‬اخ ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫أنت ببال ٍغ‬ ‫ِ‬
‫فقالت امرأت ُه‪ :‬ما َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫بقول‬ ‫ِ‬
‫امرأته‪ ،‬فأخرها ِ‬ ‫فانطلق أبو اهليث ِم إىل‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ ّإال ْ‬
‫أن تعتق ُه‪.‬‬ ‫ما َ ِ‬
‫قال فيه الن ُّ‬
‫عتيق‪.‬‬
‫فهو ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال الن ُّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]2369‬بطوله‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ،]1641‬ورواه مسلم [‪ ]2038‬بدون قصة‬
‫اخلادم ودون تسمية أيب اهلثيم‪ ،‬وقد سبق مع ذكر بعض فوائده يف الفصل السادس من الباب األول‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ‬ ‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫ِ‬
‫بالركة يف مال�ه‪ .‬ع ْن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فق�د دع�ا ِ‬
‫أن الن َّ‬ ‫عوف‬ ‫الرمحن بن‬ ‫لعبد‬
‫‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صفرة َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أثر‬ ‫ٍ‬ ‫محن ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫بن عوف َ‬ ‫رأى عىل عبد ّ‬
‫ٍ‬
‫ذهب‪.‬‬ ‫وزن ٍ‬
‫نواة م ْن‬ ‫جت امرأ ًة عىل ِ‬
‫تزو ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬إين ّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫شاة‪،‬‬‫أن ال ينقص عن ٍ‬ ‫ِ‬
‫للمورس ْ‬ ‫يس�تحب‬ ‫فيه ٌ‬
‫دليل عىل أ ّن ُه‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫حصلت‬ ‫املجزئ‪ْ ،‬بل بأي ٍ‬
‫يشء أومل َ م َن ال ّطعا ِم‬ ‫ِ‬ ‫اإلمجاع عىل أ ّن ُه ال حدَّ لقدرها‬ ‫َ‬
‫ونقل القايض‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وليمة‬ ‫كان�ت ِ‬
‫بغري حل ٍم‪ ،‬ويف‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫عرس صف ّي َة ّأهنا‬ ‫ِ‬
‫وليمة‬ ‫الوليم� ُة‪ ،‬وقدْ ذكر مس�لم بعد ه�ذا ويف‬
‫َ‬
‫تكون عىل‬ ‫يس�تحب ْ‬
‫أن‬ ‫ُّ‬ ‫وكل هذا جائز حتصل به الوليمة لكن‬ ‫زينب‪( :‬أش�بعنا خبز ًا‪ ،‬وحل ًا) ُّ‬
‫َ‬
‫الز ِ‬
‫وج»)‪.(2‬‬ ‫قدر ِ‬
‫حال ّ‬ ‫ِ‬
‫جلب‪ ،‬فأعطاين دينار ًا‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫عرض للن ِّ‬ ‫البارقي َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫وع� ْن عرو َة‬
‫‪.‬‬
‫فجئت أسوقها‪ ،‬فلقيني‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بدينار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫شاتني‬ ‫فاشرتيت من ُه‬
‫ُ‬ ‫فس�اومت صاحب ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اجللب‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأتيت‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫بالش ِ‬
‫�اة‪،‬‬ ‫وجئت ّ‬
‫ُ‬ ‫فجئت بالدّ ِ‬
‫ينار‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بدينار‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫رجل‪ ،‬فس�اومني‪ ،‬فبعت ُه ش�ا ًة‬
‫َ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫شاتكم‪ ،‬وحدّ ثت ُه‬ ‫ِ‬
‫وهذه‬ ‫ديناركم‪،‬‬ ‫هذا‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫أن َ‬
‫أصل إىل أهيل)‪.(3‬‬ ‫أربعني ألف ًا َ‬
‫قبل ْ‬ ‫َ‬ ‫فأربح‬ ‫ِ‬
‫الكوفة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بكناسة‬ ‫أقف‬
‫فلقدْ رأيتني ُ‬
‫ُ‬
‫وقد دعا النبي ﷺ للمتساحمني يف البيع والرشاء‪:‬‬
‫[أي‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ب�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫جاب�ر ِ‬ ‫فع� ْن‬
‫)‪.(4‬‬ ‫سهال]‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5155‬ومسلم [‪.[1427‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[217/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]3643‬خمترص ًا‪ ،‬وأمحد [‪ ،]18873‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[2076‬‬
‫‪‬‬

‫املشاح ِة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫وترك‬ ‫ِ‬
‫واستعال معايل األخالق‪،‬‬ ‫احلض عىل الس ِ‬
‫احة يف املعاملة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬

‫منهم‪.‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫ِ‬
‫العفو ْ‬ ‫احلض عىل ترك التّضييق عىل النّاس يف املطالبة‪ ،‬وأخذ‬
‫ُّ‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(2‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ان ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫عثان ِ‬
‫بن ع ّف َ‬ ‫َ‬ ‫‪ :‬عن‬
‫)‪.(3‬‬ ‫قال‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫بصدقتهم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ إذا أتا ُه ق�و ٌم‬ ‫قال‪َ :‬‬‫ب�ن أيب أوىف ‪َ I‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ْ‬ ‫كان الن ُّ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بصدقته‪َ ،‬‬ ‫‪ ،‬فأتا ُه أيب‬
‫ِ‬
‫لقول اهلل ‪( :D‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬ ‫ٌ‬
‫امتثال‬ ‫الصالة ‪-‬‬
‫وهو ّ‬
‫«ه�ذا الدّ عاء ‪َ -‬‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [التوبة‪.(5)«[103 :‬‬
‫الز ِ‬
‫كاة ملعطيها»)‪.(6‬‬ ‫استحباب ِ‬
‫دعاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫«واستدل ِبه عىل‬
‫َّ‬
‫آخذ ّ‬

‫ٍ‬
‫طيالس�ة مكفوف ٌة‬ ‫قال‪ :‬أتى النّبي ﷺ أعرايب ِ‬
‫عليه ج ّب ٌة م ْن‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو ‪َ I‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[307/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]1319‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1888‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[243‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪ ،]2201‬وأمحد [‪،]412‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1498‬ومسلم [‪.[1078‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[185/7‬‬
‫)‪ (6‬فتح الباري [‪.[362/3‬‬
‫‪‬‬

‫يرفع َّ‬
‫كل‬ ‫أن َ‬ ‫صاحبكم هذا [يقصد النب�ي ﷺ[ يريدُ ْ‬
‫ْ‬ ‫إن‬ ‫بديب�اج‪َ ،‬‬
‫فقال‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بديب�اج‪ْ ،‬أو مزرور ٌة‬
‫ٍ‬
‫فارس‪.‬‬ ‫فارس ِ‬
‫ابن‬ ‫ٍ‬ ‫ويضع َّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫را ٍع ِ‬
‫ابن راعٍ‪،‬‬

‫ثياب م ْن ال‬ ‫َ‬


‫عليك َ‬ ‫فأخذ بمجام ِع ج ّب ِته‪ ،‬فاجتذب ُه‪َ ،‬‬
‫وقال‪ :‬ال أرى‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ مغضب ًا‪،‬‬
‫فقا َم الن ُّ‬
‫فجلس‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫رجع‬
‫ثم َ‬ ‫ُ‬
‫يعقل‪َّ ،‬‬

‫)‪.(1‬‬

‫ث أصحاب ُه‪ ،‬إ ْذ‬ ‫ُ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ حيدّ ُ‬ ‫ٍ‬
‫س�ور َ‬
‫قال‪ :‬بينا‬ ‫بن‬‫كعب ِ‬
‫وعن س�عيد بن أيم َن موىل ِ‬
‫قبض من ِ‬
‫ثيابه عن ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جا َء ٌ‬
‫ْ‬ ‫رجل م َن األغنياء‪ ،‬فكأ ّن ُه َ‬ ‫جنب‬ ‫فجلس إىل‬
‫َ‬ ‫الفقراء‪،‬‬ ‫رجل م َن‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فتغ�ري‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬

‫ورش الغنى؟‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل ٌّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فقال‪ :‬فا ينجيني منه‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬

‫قال‪ :‬إذ ًا أفعل‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]7061‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[134‬‬


‫‪‬‬

‫فقال اآلخر‪ :‬ال أرب يل ِ‬


‫فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫قال‪:‬‬

‫منع اب ُن ٍ‬
‫مجيل‪،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ عمر عىل الص ِ‬
‫دقة‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫فقيل‪َ :‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بعث‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫عم‬ ‫ِ‬
‫اس ُّ‬
‫وخالدُ ب ُن الوليد‪ ،‬والع ّب ُ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫عامني‪،‬‬ ‫معنا ُه‪ّ :‬أين تس� ّل ُ‬
‫فت من� ُه زكاة‬ ‫«قول�ه ﷺ‪:‬‬
‫الزكاة‪ :‬معنا ُه‪ :‬أنا أؤ ّدهيا عن ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫جيوزون تعجيل ّ‬ ‫وقال ا ّلذي َن ال‬
‫َ‬
‫أخرها ِ‬
‫عن الع ّباس إىل وقت يس�اره؛ م ْن أجل‬ ‫ّبي ﷺ ّ‬
‫أن الن ّ‬ ‫َ‬
‫قال أبو عبيد وغريه‪ :‬معنا ُه‪َّ :‬‬
‫حاجته إليها‪.‬‬

‫تعجلتها من ُه‪ ،‬وقدْ جا َء يف حديث آخر يف غري مس�لم‪:‬‬ ‫والص�واب َّ‬


‫أن معن�ا ُه‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫«)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫يق�ول‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن الن َّ‬

‫)‪ (1‬رواه اإلمام أمحد يف الزهد [ص‪ ،]38‬ورجاله ثقات لكنه مرسل‪.‬‬
‫الرجل من السالح والدّ واب ِ‬
‫وآلة احلرب‪ .‬النهاية [‪.[176/3‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫هو ما أعدّ ه‬
‫)‪َ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1468‬ومسلم [‪.[983‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[57/7‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫حالتان ختشى الفتن ُة فيها‬ ‫فألهنا‬ ‫ِ‬
‫وفتنة ِ‬ ‫«استعاذته ﷺ من ِ‬
‫الفقر؛ ّ‬ ‫فتنة الغنى‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫بالت ّ ِ‬
‫للحاجة‪.‬‬ ‫ّسخط‪ ،‬وق ّلة ّ‬
‫الصر‪ ،‬والوقوع يف حرام ْأو شبهة‬
‫ِ‬
‫بحقوق املال‪ْ ،‬أو إنفاق�ه يف إرساف ويف‬ ‫وخي�اف يف الغن�ى م� َن األرش‪ ،‬والبطر‪ ،‬والبخ�ل‬
‫ُ‬
‫مفاخر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫باطل‪ْ ،‬أو يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انبعاث الن ِ‬
‫إمكانه‪.‬‬ ‫مع‬ ‫للخري‪ ،‬وق ّلة ّ‬
‫الرغبة َ‬ ‫ّفس‬ ‫فهو عد ُم‬ ‫ُ‬
‫الكسل َ‬ ‫وأ ّما‬

‫قال القايض‪:‬‬ ‫فقر الن ِ‬


‫ّفس ال ق ّلة املال‪َ .‬‬ ‫هو ُ‬ ‫«إنّا اس�تعا َذ ﷺ م َن ِ‬
‫الفقر ا ّل�ذي َ‬
‫الرضا ِبه‪.‬‬ ‫تكون استعاذته م ْن ِ‬
‫فقر املال‪ ،‬واملرا ُد الفتنة يف عدم احتاله‪ ،‬وق ّلة ّ‬ ‫ُ‬ ‫وقدْ‬
‫ث‪،‬‬ ‫الر َ‬
‫ج�ل إذا غر َم حدّ َ‬ ‫ف�ر ُه ﷺ َّ‬
‫أن ّ‬ ‫وهو الدّ ي ُن‪ ،‬فقدْ ّ‬
‫وأ ّم�ا اس�تعاذته ﷺ م َن املغ�رم‪َ ،‬‬
‫ين‪ ،‬وأل ّن ُه قدْ يش�تغل ِبه قلبه‪،‬‬
‫صاحب الدّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يمطل املدي ُن‬ ‫فأخلف‪ ،‬وأل ّن ُه قدْ‬
‫َ‬ ‫فك�ذب‪ ،‬ووعدَ ‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫فبقيت ذ ّمته مرهتنة به»)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫مات قبل وفائه‪،‬‬
‫ور ّبا َ‬

‫)‪(3‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(4‬‬

‫«معنى احلديث‪ :‬الغنى املحمو ُد غنى النّفس‪ ،‬وش�بعها‪ ،‬وق ّلة حرصها‪ ،‬ال‬
‫فليس ل ُه‬ ‫ِ‬ ‫كان طالب ًا ّ ِ‬
‫ألن م ْن َ‬
‫الزي�ادة؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫يس�تغن با مع� ُه َ‬ ‫للزيادة مل ْ‬ ‫احلرص عىل ّ‬ ‫م�ع‬
‫كث�رة امل�ال َ‬
‫غنًى»)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]6368‬ومسلم [‪.[589‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[28/17‬‬
‫متاع الدّ نيا‪.‬‬
‫وهو ُ‬‫)‪َ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]6446‬ومسلم [‪.[1051‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صححي مسلم [‪.[140/7‬‬
‫‪‬‬

‫ألن كثري ًا ممن وس�ع اهلل ِ‬


‫عليه‬ ‫ليس حقيق ُة الغنى كثر َة ِ‬
‫املال َّ‬ ‫ِ‬
‫ّْ ّ َ‬ ‫«معنى احلديث‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫حرصه‪.‬‬ ‫فقري لشدّ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫فهو جيتهدُ يف االزدياد‪ ،‬وال يبايل م ْن أي َن يأتيه‪ ،‬فكأ ّن ُه ٌ‬‫يت‪َ ،‬‬‫يقنع با أو َ‬
‫املال ال ُ‬
‫حيرص عىل‬
‫ْ‬ ‫وريض‪ ،‬ومل ْ‬
‫َ‬ ‫وقنع ِبه‬
‫يت َ‬ ‫من استغنى با أو َ‬ ‫وهو ِ‬
‫ّفس‪َ ،‬‬ ‫وإنّا حقيق ُة الغنى غنى الن ِ‬
‫غني»)‪.(1‬‬ ‫ألح يف ال ّط ِ‬ ‫ِ‬
‫لب‪ ،‬فكأ ّن ُه ٌّ‬ ‫االزدياد‪ ،‬وال َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ذر ‪َ I‬‬
‫وع ْن أيب ٍّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وعىل‬ ‫فطلع علينا‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫جملس‪،‬‬ ‫عم ِه َ‬
‫ق�ال‪ :‬كنّا يف‬ ‫ٍ‬
‫خبيب ع ْن ّ‬ ‫بن‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫رأسه أثر ٍ‬
‫ماء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ب الن ِ‬
‫ّفس‪.‬‬ ‫رسول اهلل َ‬
‫نراك ط ّي َ‬ ‫َ‬ ‫فقلنا‪ :‬يا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪D‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫خاض القو ُم يف ِ‬
‫ذكر الغنى‪َ ،‬‬ ‫ثم َ‬
‫َّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫�ه‪ ،‬ويضع ُه يف غري ح ّق ِه‪،‬‬
‫بغري تقوى هلك�ة‪ ،‬جيمعه من غري ح ّق ِه‪ ،‬ويمنعه من ح ّق ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫فالغن�ى ِ‬
‫البأس‪ ،‬وجا َء اخلري)‪.(4‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فإذا َ‬
‫ذهب ُ‬ ‫مع صاحبه تقوى َ‬ ‫هناك َ‬ ‫كان‬

‫)‪ (1‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[156/10‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن حبان [‪ ،]685‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪ ،]3203‬وقد سبق‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن ماجه [‪ ،]2141‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (4‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجة [‪.[370/4‬‬
‫‪‬‬

‫فالص ّح ُة ٌ‬
‫مال‬ ‫تعني عىل العب�ادة‪ّ ،‬‬
‫صحة اجلس�د ُ‬ ‫َّ‬
‫فإن ّ‬
‫ت‪.‬‬‫حاجز‪ ،‬والصحة مع العمر خري من الغنى مع العجز‪ ،‬والعاجز كاملي ِ‬ ‫عجز‬
‫قم ٌ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫والس ُ‬
‫ممدو ٌد‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫والصر املستوي عنده‬ ‫ِ‬
‫للش�كر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الصدر املقتيض‬ ‫انرشاح‬
‫ُ‬ ‫أي‪:‬‬
‫الغنى والفقر من ِ‬
‫مجلة النعيم)‪.(1‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬مرقاة املفاتيح [‪.[201 / 15‬‬


‫‪‬‬

‫الهيئات‬
‫ِ‬ ‫تعامل النبي ﷺ مع ذوي‬

‫عديدة‪ ،‬ومع ِ‬
‫فئات املجتمع قاطب ًة‪ :‬مس�لمهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صور‬ ‫النبي ﷺ يف‬ ‫ِ‬ ‫لقد ت ّثل‬
‫س�مو أخالق ِّ‬
‫َّ‬
‫وكافرهم‪ ،‬غن ّيهم وفقريهم‪ ،‬رئيسهم ومرؤوسهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫املعاملة واإلكرا ِم واالحرتا ِم‬ ‫خاص م�ن‬ ‫ٌ‬
‫ش�أن‬ ‫ِ‬
‫واجلاه‬ ‫ِ‬
‫واملكانة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اهليئات‬ ‫ولقد كان لذوي‬
‫ٌّ‬
‫النبي ﷺ‪.‬‬
‫عند ِّ‬
‫ُ‬
‫حيفظ هلم مكانتهم‬ ‫ِ‬
‫الناس من منازهلم‪ ،‬بل‬ ‫ح�ق ح ّقه‪ ،‬فال ُ‬
‫ينزل كرا َء‬ ‫فه�و يعطي َّ‬
‫كل ذي ٍّ‬
‫ويأمر بذلك أصحابه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اخلاصة يف أقوامهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫القدر ع ْن‬ ‫بالر ِ‬
‫جل الع�ايل‬ ‫يقرص ّ‬
‫ق�ال اإلمام مس�لم أثناء كالم�ه عن مراتب ال�رواة‪« :‬ال ّ ُ‬
‫حق ِ‬
‫في�ه ح ّق ُه‪،‬‬ ‫كل ذي ٍّ‬ ‫ِ‬
‫منزلت�ه‪ ،‬ويعط�ى ُّ‬ ‫ِ‬
‫الق�در يف العل� ِم َ‬
‫ف�وق‬ ‫ّض�ع‬ ‫ِ‬
‫يرف�ع مت ُ‬
‫ُ‬ ‫درجت�ه‪ ،‬وال‬
‫ننز َل الن َ‬
‫ّاس‬ ‫أن ّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ْ‬ ‫وينز ُل منزلت ُه‪ ،‬وقدْ َ‬
‫ذكر ع ْن عائش� َة ‪ّ J‬أهنا ْ‬
‫قالت‪ :‬أمرنا‬ ‫ّ‬
‫منازهلم»)‪.(1‬‬
‫ْ‬
‫ﷺ‬
‫غزوة ٍ‬
‫أحد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذهاب رؤوس�ها‪ ،‬ويف‬ ‫صار س� ّيدها بعد‬ ‫ِ‬
‫كان أبو س�فيان من كراء قريش‪ ،‬ثم َ‬
‫فتح م ّك َة‪.‬‬
‫النبي ﷺ له ذكر ًا عند ِ‬
‫جعل ُّ‬‫أسلم َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪ ،‬فلا‬ ‫رأس‬
‫كان َ‬

‫)‪ (1‬مقدمة صحيح مسلم [‪.[2/1‬‬


‫واحلديث الذي ذكره اإلمام مس�لم رواه أبو داود [‪ ،]4842‬وصححه احلاكم يف معرفة علوم احلديث [‪،]96/1‬‬
‫وحس�نه الس�خاوي يف املقاص�د [‪ ،]180‬والعجل�وين يف كش�ف اخلفاء‬
‫واب�ن الص�الح يف مقدمت�ه [ص‪ّ ،]307‬‬
‫]‪ ،]195/1‬وض ّعف�ه أب�و داود يف س�ننه‪ ،‬والبيهقي يف الش�عب [‪ ،]10999‬واأللباين يف حتقي�ق رياض الصاحلني‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كل حال فمعناه‬ ‫]‪ ،]360‬وعىل ِّ‬
‫‪‬‬

‫لب بأيب‬ ‫الفتح جاءه العباس بن ِ‬


‫عبد امل ّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عا َم‬ ‫اس ‪َّ J‬‬
‫أن‬ ‫فعن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ ّ ُ ُ‬
‫فأسلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫حرب‪،‬‬ ‫سفيان ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬

‫جعلت ل ُه شيئ ًا؟‬


‫َ‬ ‫فلو‬ ‫ِ‬
‫الفخر‪ْ ،‬‬ ‫حيب‬ ‫سفيان ٌ‬
‫رجل ُّ‬ ‫َ‬ ‫إن أبا‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل! َّ‬ ‫اس‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الع ّب ُ‬
‫َ‬
‫فق�ال النب�ي ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫األنصار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وجاءت‬ ‫الصفا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫وعن أيب هريرة يف قصة الفتح قال‪...( :‬وصعدَ‬
‫بالصفا‪.‬‬
‫فأطافوا ّ‬
‫قريش بعدَ اليو ِم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪ ،‬ال َ‬ ‫أبيدت خرضا ُء‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫سفيان‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫فجا َء أبو‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫لرشفه»)‪.(3‬‬ ‫تأليف أليب سفيان‪ ،‬وإظهار‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫«وفيه‬

‫نفر [وهذا اإلتيان‬ ‫ٍ‬


‫وبالل يف ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وصهيب‪،‬‬ ‫َ‬
‫سلان‪،‬‬ ‫َ‬
‫سفيان أتى عىل‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو َّ‬
‫أن أبا‬ ‫وعن ِ‬
‫عائذ ِ‬ ‫ْ‬
‫سيوف اهلل‬
‫ُ‬ ‫أخذت‬
‫ْ‬ ‫وهو كافر يف اهلدنة بعد صلح احلديبية]‪ ،‬فقالوا‪ :‬واهلل ما‬
‫كان َ‬‫أليب سفيان َ‬
‫عدو اهلل مأخذها)‪.(4‬‬ ‫م ْن ِ‬
‫عنق ِّ‬
‫دهم؟!‬ ‫ٍ‬
‫قريش وس ّي ْ‬ ‫ِ‬
‫لشيخ‬ ‫َ‬
‫أتقولون هذا‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫بكر‪:‬‬ ‫َ‬

‫ّب�ي ﷺ فأخر ُه‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫فأت�ى الن َّ‬
‫‪.‬‬

‫أغضبتكم؟‬
‫ْ‬ ‫فقال‪ :‬يا إخوتا ْه‬ ‫فأتاهم أبو ٍ‬
‫بكر َ‬ ‫ْ‬

‫وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[3021‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪]3021‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1780‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[127/12‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬ما استوفت ح ّقها من املكافأة له عىل صنيعه باملسلمني‪.‬‬
‫‪‬‬

‫يغفر اهلل َ‬
‫لك يا أخي)‪.(1‬‬ ‫قالوا‪ :‬ال‪ُ ،‬‬
‫مكانة س� ّي ِد قريش‪ ،‬وإنا هناه أن يكون قد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حفظ‬ ‫ينكر عىل أيب ٍ‬
‫بكر قوله من وجوب‬ ‫فلم ْ‬
‫أغضب أصحاب ُه‪.‬‬
‫َ‬
‫وملا قدم س�عدُ ب ُن معاذ س ّيدُ اخلزرج ‪I‬؛ ليحكم يف بني قريظة أمرهم ﷺ أن يقوموا‬
‫إليه إكرام ًا له‪.‬‬
‫َ‬
‫فأرس�ل‬ ‫بن ٍ‬
‫معاذ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س�عد ِ‬ ‫نزل ُ‬
‫أهل قريظ َة عىل حك ِم‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫اخلدري ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫ِّ‬
‫محار‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ إىل ٍ‬
‫سعد‪ ،‬فأتا ُه عىل ٍ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫لألنصار‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫قال‬ ‫ِ‬
‫املس�جد َ‬ ‫فلا دنا قريب ًا م َن‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬
‫ّبي ﷺ)‪.(2‬‬
‫فقعدَ عندَ الن ِّ‬
‫ِ‬
‫الفضل»)‪.(3‬‬ ‫قال ابن حجر ‪ِ :V‬‬
‫«فيه‪ :‬إكرا ُم ِ‬
‫أهل‬
‫ِ‬
‫ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫املنهي عنه‪ ،‬وذلك؛ ألن القيا َم عىل‬ ‫وهذا القيا ُم ليس من القيا ِم‬
‫ِّ‬
‫ال لذلك‪،‬‬ ‫الرج�ل ا ّلذي َ‬
‫قمت إليه أه ً‬ ‫ُ‬ ‫الس�نّة‪ ،‬إذا كان‬
‫وهو من ّ‬
‫قمت لتتل ّقاه فهذا من ّ‬
‫الس�نّة‪،‬‬ ‫إنس�ان له ٌ‬
‫فضل يف علمه‪ ،‬أو دينه‪ ،‬أو ماله‪ ،‬ثم َ‬ ‫ٌ‬ ‫مثل ما لو دخل‬
‫‪ ،‬وألن هذا من اإلك�را ِم لذوي الفض�ل‪ ،‬وإكرا ُم ذوي‬ ‫ومن�ه حدي�ث‪:‬‬
‫ِ‬
‫واآلداب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األعال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حماسن‬ ‫الفضل من‬
‫النبي ﷺ عن ذلك‪ ،‬وقال ألصحابه ملا‬
‫منهي عنه‪ ،‬هن�ى ُّ‬
‫‪ ،‬وهذا ٌّ‬
‫صل�وا قياما وهو جالس‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2504‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3043‬ومسلم [‪.[1768‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[49/11‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪ ]413‬عن جابر بن عبد اهلل ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫يدخل ٌ‬
‫رجل علينا‪ ،‬فنقوم ل�ه تكري ًا‪ ،‬فهذا ال َ‬
‫بأس‬ ‫َ‬ ‫وصورته أن‬
‫ب�ه‪ ،‬لكن األوىل تركه؛ ألن م ْن ِ‬
‫هدي الرس�ول ﷺ أنه كان يك�ر ُه أن يقو َم أصحابه له؛ وهلذا‬
‫جيلس ُ‬
‫حيث ينتهي‬ ‫ِ‬
‫البرش ﷺ‪ ،‬وكان ُ‬ ‫أرشف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يدخل‪ ،‬وال يقومون له‪ ،‬وهو‬ ‫ُ‬
‫الرسول ﷺ‬ ‫كان‬
‫املجلس)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫به‬

‫ﷺ‬

‫ِ‬
‫عظاء قريش وكرائهم؛ طمعا يف‬ ‫ِ‬
‫املغرية‪ ،‬وهو من‬ ‫ِ‬
‫الوليد بن‬ ‫انش�غاله بدعوة‬
‫إسالمه‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ عن‬ ‫النبي ﷺ بدعوته ّملا جاءه اب ُن أ ِّم مكتو ٍم‪ ،‬فأعرض‬ ‫َ‬
‫انشغل ُّ‬ ‫وهو الذي‬
‫ِ‬
‫ابن أ ِّم مكتوم‪ ،‬وأقبل عليه‪.‬‬
‫أن�زل (ﭑ ﭒ) [عب�س‪ [1 :‬يف ِ‬
‫اب�ن أ ِّم مكت�و ٍم األعم�ى‪ ،‬أت�ى‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫ع� ْن عائش� َة‬
‫َ‬
‫رسول اهلل أرشدين‪.‬‬ ‫فجعل ُ‬
‫يقول‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬

‫يع�رض عن ُه‪،‬‬ ‫ُ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫فجعل‬ ‫املرشكني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عظ�اء‬ ‫ٌ‬
‫رج�ل م ْن‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫وعن�دَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ويقبل عىل‬
‫ُ‬
‫فيقول‪» :‬ال«‪.‬‬
‫ففي هذا َ‬
‫أنزل)‪.(2‬‬

‫‪.‬‬
‫عمر»)‪.(3‬‬
‫قال‪ :‬وكان أح ّبها إليه ُ‬

‫ملخص ًا من لقاء الباب املفتوح البن عثيمني [‪ ]25/ 59‬بترصف‪.‬‬


‫)‪ (1‬انتهى ّ‬
‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ]3331‬وصححه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي [‪.[2651‬‬
‫وصححه األلباين يف سنن الرتمذي [‪.[2907‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ]3681‬عن عبد اهلل بن عمر ‪،L‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫وع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬


‫أن الن َّ‬
‫َ‬
‫يكون هذا قاله ﷺ يف‬ ‫ِ‬
‫الحتال أن‬ ‫األلباين ‪« :V‬ال منافاةَ؛‬ ‫وال منافاة بني احلديثني؛ قال‬
‫ُّ‬
‫واستجاب‬
‫َ‬ ‫خاص ًة‪،‬‬
‫لعمر ّ‬
‫جهل‪ ،‬وإرصاره عىل معاداته ﷺ؛ دعا َ‬‫ٍ‬ ‫فلا رأى عنا َد أيب‬ ‫ّأو ِل ِ‬
‫األمر‪ّ ،‬‬
‫رصح به عبد اهلل بن‬
‫معروف يف س�ريته ‪ ،I‬وه�و ما ّ‬
‫ٌ‬ ‫وأعز اهلل به دينه‪ ،‬كا هو‬
‫اهلل دع�اءه‪َّ ،‬‬
‫عمر»)‪.(2‬‬
‫أسلم ُ‬
‫َ‬ ‫أعز ًة ُ‬
‫منذ‬ ‫مسعود ‪ I‬بقوله‪« :‬ما زلنا ّ‬
‫‪ ،‬رجاء أن‬ ‫ﷺ‬
‫يؤوو ُه‪ ،‬وينرصوه عىل قومه‪ ،‬ويمنعو ُه منهم حتى يب ّل َغ رسال َة ر ّبه‪.‬‬
‫ِ‬
‫يؤويه وال من ينرصه‪ ،‬وآذو ُه أشدَّ األذى‪ ،‬ونالوا منه ما‬ ‫ودعاهم إىل اهلل ‪ ،D‬فلم َير م ْن‬
‫)‪.(3‬‬ ‫مل ْ‬
‫ينل قومه‪ ،‬فأقام بينهم عرشة أيام‪،‬‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬
‫والكراء لدعوته يتبعها اس�تجاب ُة م ْن وراءهم من‬ ‫ِ‬
‫األرشاف‬ ‫وذلك ألن اس�تجاب َة‬
‫واألتباعِ‪.‬‬

‫ث أ ّن ُه ق�د َم م ّك َة‪،‬‬
‫وس حي�دّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بن إس�حاق‪ ،‬ق�ال‪« :‬كان ال ّط ُ‬ ‫ع�ن حمم ِ‬
‫�د ِ‬
‫عم�رو الدّ ُّ‬ ‫في�ل ب ُن‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ هبا‪.‬‬

‫ال رشيف ًا ش�اعر ًا لبيب ًا ‪ ،-‬فقالوا ل ُه‪ :‬يا‬ ‫وكان ال ّط ُ‬


‫فيل رج ً‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫قريش ‪-‬‬ ‫ٌ‬
‫رجال م� ْن‬ ‫فمش�ى ِ‬
‫إليه‬
‫َ‬
‫أعضل بنا [أي‪ :‬أش�تدَّ أمره‬ ‫ج�ل ا ّلذي َ‬
‫بني أظهرن�ا قدْ‬ ‫الر ُ‬ ‫طفي�ل إنّك قدم�ت بالدنا‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫ُ‬
‫وبني ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫يفر ُق َ‬ ‫كالس ِ‬
‫أبيه‪،‬‬ ‫جل َ‬ ‫ب�ني ّ‬ ‫�حر ّ‬ ‫علين�ا]‪ ،‬وقدْ ّفر َق مجاعتنا‪ ،‬وش�ت ّْت أمرنا‪ ،‬وإنّا قول ُه ّ‬
‫زوجته‪ ،‬وإنّا نخش�ى عليك وعىل قومك ما قدْ‬‫ِ‬ ‫وبني‬
‫جل َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫وبني ّ‬
‫أخي�ه‪َ ،‬‬ ‫وبني‬
‫جل َ‬ ‫وب�ني ّ‬
‫َ‬
‫دخل علينا‪ ،‬فال تك ّلمنّ ُه‪ ،‬وال تسمع َّن من ُه شيئ ًا‪.‬‬ ‫َ‬

‫وصححه احلاكم [‪ ،]4485‬والذهبي‪ ،‬واحلافظ يف الفتح [‪ ،]48/7‬واأللباين يف‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه ابن حبان [‪،]6882‬‬
‫الصحيحة [‪.[3225‬‬
‫)‪ (2‬أخرجه البخاري [‪ .]3863‬وانظر‪ :‬الصحيحة [‪.[28/13‬‬
‫)‪ (3‬زاد املعاد [‪.[28 /3‬‬
‫‪‬‬

‫حش�وت يف‬
‫ُ‬ ‫أس�مع من ُه ش�يئ ًا‪ ،‬وال أك ّلم ُه حتّى‬
‫َ‬ ‫أمجعت ْ‬
‫أن ال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فواهلل ما زالوا يب حتّى‬
‫أن‬ ‫أن يبلغني يشء من ِ‬
‫قوله‪ ،‬وأنا ال أريدُ ْ‬ ‫ِ‬
‫املس�جد كرس�ف ًا)‪ ،(1‬فرق ًا م ْن ْ‬ ‫حني غدوت إىل‬ ‫أذين َ‬
‫ٌ ْ‬
‫أسمع ُه‪.‬‬
‫فقمت من ُه قريب ًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكعبة‪،‬‬ ‫قائم ّ‬
‫يصيل عندَ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ٌ‬ ‫املس�جد‪ ،‬فإذا‬ ‫قال‪ :‬فغدوت إىل‬
‫بعض ِ‬
‫قوله‪.‬‬ ‫أن يسمعني َ‬‫فأبى اهلل ّإال ْ‬

‫ش�اعر‪ ،‬ما‬
‫ٌ‬ ‫لبيب‬
‫لرجل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫واثكل أ ّم�ي‪ ،‬واهلل ّإين‬ ‫فس�معت كالم ًا حس�ن ًا‪ ،‬فقل�ت يف نفيس‪:‬‬ ‫ُ‬
‫كان ا ّلذي‬
‫فإن َ‬
‫يقول‪ْ ،‬‬ ‫الر ِ‬
‫جل ما ُ‬ ‫أس�مع م ْن هذا ّ‬
‫َ‬ ‫القبيح‪ ،‬فا يمنعني ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫عيل احلس� ُن م َن‬
‫خيفى َّ‬
‫كان قبيح ًا تركت ُه‪.‬‬ ‫يأيت ِبه حسن ًا قبلت ُه‪ْ ،‬‬
‫وإن َ‬
‫دخلت ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بيته‪ ،‬فاتّبعته‪ ،‬حتّى إذا َ‬
‫دخل بيت ُه‬ ‫رسول اهلل ﷺ إىل ِ‬ ‫ُ‬ ‫انرصف‬
‫َ‬ ‫فمكثت حتّى‬
‫ُ‬
‫خيوفونن�ي أمرك حتّى‬ ‫حمم�دُ ‪َّ ،‬‬
‫إن قومك قال�وا يل كذا وكذا‪ ،‬فواهلل م�ا برحوا ّ‬ ‫فقل�ت‪ :‬ي�ا ّ‬
‫ُ‬
‫أن يسمعني قولك‪ ،‬فسمعته قوالً‬
‫ثم أبى اهلل ّإال ْ‬ ‫ِ‬
‫بكرسف؛ ّ‬
‫أس�مع قولك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫لئال‬ ‫س�ددت أذين‬
‫ُ‬
‫عيل أمرك‪.‬‬
‫فاعرض َّ‬
‫ْ‬ ‫حسن ًا‪،‬‬
‫س�معت قوالً ّ‬
‫قط‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫القرآن‪ ،‬فال واهلل ما‬ ‫ع�يل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ اإلس�ال َم‪ ،‬وتال ّ‬ ‫عيل‬
‫فع�رض َّ‬‫َ‬
‫أحس َن من ُه‪ ،‬وال أمر ًا َ‬
‫أعدل من ُه‪.‬‬
‫راجع‬
‫ٌ‬ ‫مطاع يف قومي‪ ،‬وأنا‬
‫ٌ‬ ‫نبي اهلل ّإين امرؤ‬
‫وقلت‪ :‬يا َّ‬
‫ُ‬ ‫احلق‪،‬‬
‫وشهدت شهاد َة ِّ‬
‫ُ‬ ‫فأسلمت‪،‬‬
‫ُ‬
‫تكون يل عون ًا عليهم فيا أدعوهم ِ‬
‫ُ‬ ‫أن َ‬
‫جيعل يل آي ًة‬ ‫فادع اهلل ْ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وداعيهم إىل اإلسال ِم‪ُ ،‬‬
‫ْ‬ ‫إليهم‪،‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫عيني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نور َبني َّ‬ ‫فخرج�ت إىل قوم�ي‪ ،‬حتّى إذا كنت بثن ّية)‪ (2‬تطلعني عىل احل�ارض)‪َ ،(3‬‬
‫وقع ٌ‬ ‫ُ‬
‫وقعت يف وجهي؛‬
‫ْ‬ ‫أن يظنّوا ّأهنا مثل ٌة‬ ‫اللهم يف ِ‬
‫غري وجهي‪ّ ،‬إين أخشى ْ‬ ‫َّ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املصباح‪،‬‬ ‫َ‬
‫مثل‬
‫دينهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لفراق‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬وهو القطن‪.‬‬


‫)‪ (2‬الثنية‪ :‬الطريق يف اجلبل‪.‬‬
‫)‪ (3‬احلارض‪ :‬القوم النازلون عىل املاء‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رأس سوطي‪.‬‬ ‫فوقع يف‬
‫َ‬ ‫فتحو َل‪،‬‬
‫ّ‬
‫إليهم م َن‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫أهب�ط‬ ‫كالقندي�ل املع ّل ِق‪ ،‬وأنا‬
‫ِ‬ ‫ّور يف س�وطي‬
‫ذلك الن َ‬ ‫َ‬
‫يرتاءون َ‬ ‫احل�ارض‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجع�ل‬
‫فيهم‪.‬‬
‫فأصبحت ْ‬
‫ُ‬ ‫جئتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ال ّثن ّي ِة‪ ،‬حتّى‬

‫فلست منك‪ ،‬ولست‬


‫ُ‬ ‫إليك عنّي يا ِ‬
‫أبت‪،‬‬ ‫فقلت‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫وكان ش�يخ ًا كبري ًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫نزلت أتاين أيب‪،‬‬
‫فلا ْ‬‫ّ‬
‫منّي‪.‬‬

‫بني؟‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ومل َ يا َّ‬
‫حمم ٍد ﷺ‪.‬‬
‫وتابعت دي َن ّ‬
‫ُ‬ ‫أسلمت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬

‫بني‪ ،‬فديني دينك‪.‬‬


‫أي َّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫تعال حتّى أع ّلمك ما ع ّل ُ‬
‫مت‪.‬‬ ‫ثم َ‬‫وطه ْر ثيابك‪َّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫فاغتسل‪ّ ،‬‬ ‫فاذهب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬

‫فأسلم‪.‬‬ ‫فعرضت ِ‬
‫عليه اإلسال َم‪،‬‬ ‫ثم جا َء‪،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وطه َر ثياب ُه‪ّ ،‬‬
‫فاغتسل‪ّ ،‬‬ ‫فذهب‪،‬‬
‫َ‬
‫فلست منك‪ ،‬ولست منّي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬إليك عنّي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم أتتني صاحبتي‪،‬‬
‫ّ‬
‫أنت وأ ّمي‪.‬‬
‫قالت‪ :‬ملَ؟ بأيب َ‬
‫ْ‬

‫حمم ٍد ﷺ‪.‬‬
‫وتابعت دي َن ّ‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ :‬قدْ ّفر َق بيني وبينك اإلسال ُم‪،‬‬
‫ُ‬
‫قالت‪ :‬فديني َ‬
‫دينك‪.‬‬ ‫ْ‬

‫فتطهري‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فاذهبي ّ‬
‫ُ‬

‫فأسلمت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فعرضت عليها اإلسال َم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫جاءت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫فاغتسلت‪ّ ،‬‬
‫ْ‬

‫دعوت دوس ًا إىل اإلسال ِم‪ ،‬فأبطئوا ّ‬


‫عيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫ّ‬
‫فادع‬
‫الزنا‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫دوس ّ‬ ‫نبي اهلل أ ّن ُه قدْ غلبني عىل‬
‫فقلت ل ُه‪ :‬يا َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بم ّك َة‪،‬‬ ‫جئت‬
‫ثم ُ‬‫ّ‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫املدينة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل‬ ‫هاجر‬ ‫أدعوهم إىل اإلسال ِم حتّى‬ ‫ٍ‬
‫دوس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بأرض‬ ‫فلم ْ‬
‫أزل‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قال‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫واخلندق‪.‬‬ ‫بدر‪ ،‬وأحدٌ ‪،‬‬ ‫ومىض ٌ‬
‫ِ‬
‫بخير‪ ،‬حتّى‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ‬ ‫أس�لم معي م ْن قومي‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ بم ْن‬ ‫ِ‬ ‫قدمت عىل‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫دوس‪.‬‬ ‫ثانني بيت ًا م ْن‬
‫َ‬ ‫بسبعني‪ْ ،‬أو‬
‫َ‬ ‫نزلت املدين َة‬‫ُ‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫مع‬
‫فأسهم لنا َ‬ ‫بخير‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫برسول اهلل ﷺ‬ ‫ثم حلقنا‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫بن‬ ‫رس�ول اهللِ‪ ،‬ابعثني إىل ذي الك ّف ِ‬
‫ني صن ِم عمرو ِ‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬‫عليه م ّك َة‪ُ ،‬‬ ‫حتّ�ى إذا فت�ح اهلل ِ‬
‫َ‬
‫محم َة حتّى ّ‬
‫أحرق ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫عليه الن َّار‪،‬‬ ‫طفيل يوقدُ‬ ‫فجعل ٌ‬ ‫َ‬ ‫فخرج ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫َ‬

‫قبض اهلل رسول ُه ﷺ)‪.(1‬‬ ‫ِ‬


‫باملدينة‪ ،‬حتّى َ‬ ‫َ‬
‫فكان مع ُه‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫رجع إىل‬
‫ثم َ‬‫ّ‬

‫أسلم قومهم تبع ًا هلم‪.‬‬


‫َ‬ ‫ألهنم إذا أسلموا‬
‫ِ‬
‫امللوك يدعوهم‬ ‫كتب إىل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ من احلديبية َ‬ ‫رجع‬
‫حني َ‬ ‫السادسة َ‬ ‫السنة‬ ‫أواخر‬ ‫يف‬
‫إىل اإلسال ِم)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫امللوك‬ ‫معهم كتب ًا إىل‬ ‫وكتب‬ ‫ِ‬
‫أصحابه‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ رس� ً‬
‫ال م ْن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫«فبعث‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يدعوهم فيها إىل اإلسال ِم‪.‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه البيهقي يف دالئل النبوة [‪ ،]460/5‬وقال ابن كثري‪ :‬هكذا ذكر حممد بن إسحاق قصة الطفيل بن عمرو‬
‫مرسلة بال إسناد‪ ،‬وخلره شاهدٌ يف احلديث الصحيح‪ .‬السرية النبوية البن كثري [‪[76/ 2‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬
‫إن‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫وس وأصحاب ُه عىل الن ِّ‬ ‫طفيل ب ُن ٍ‬
‫فعن أيب هرير َة ‪ I‬قال‪ :‬قد َم ُ‬
‫عمرو الدّ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دوس َ‬ ‫فادع اهلل عليها‪َ ،‬‬
‫هبم»‪ .‬رواه البخاري‬‫«اللهم اهد دوس ًا‪ ،‬وأت ْ‬
‫َّ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫هلكت ٌ‬
‫ْ‬ ‫فقيل‪:‬‬ ‫وأبت؛ ُ‬
‫ْ‬ ‫عصت‬
‫ْ‬ ‫دوس ًا‬
‫]‪ ،]2937‬ومسلم [‪.[2524‬‬
‫)‪ (2‬الرحيق املختوم [ص‪.[320‬‬
‫‪‬‬

‫الرو ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فبعث دحي َة ب َن خليف َة‬


‫َ‬
‫قيرص‪ ،‬ملك ّ‬
‫َ‬ ‫الكلبي إىل‬
‫َّ‬
‫فارس‪.‬‬ ‫وبعث عبدَ اهلل بن حذاف َة السهمي إىل كرى‪ِ ،‬‬
‫ملك‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫احلبشة‪.‬‬ ‫الضمري إىل النّجايش‪ِ ،‬‬
‫ملك‬ ‫وبعث عمرو بن أم ّي َة ّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ملك اإلسكندر ّي ِة‪.(1)»...‬‬
‫املقوقس‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫حاطب ب َن أيب بلتع َة إىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وبعث‬
‫تقول ِ‬
‫فيه‬ ‫إن يك ْن ما ُ‬‫قال هرقل أليب س�فيان‪ْ :‬‬ ‫ويف قصة أيب س�فيان مع هرقل عظيم الروم َ‬
‫كنت أعلم أ ّنه خارج‪ ،‬ومل أكن أظنّه منكم‪ ،‬ولو ّأين أعلم ّأين أخلص ِ‬
‫إليه؛‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ح ّق ًا فإ ّن ُه ٌّ‬
‫نبي‪ ،‬وقدْ ُ‬
‫قدمي‪.‬‬ ‫حتت‬ ‫ِ‬
‫قدميه‪ ،‬وليبلغ َّن ملك ُه ما َ‬ ‫لغسلت ع ْن‬ ‫كنت عند ُه‬
‫ولو ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ألحببت لقاء ُه‪ْ ،‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فقرأه‪ ،‬فإذا ِ‬
‫فيه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بكتاب‬ ‫ثم دعا‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪َّ :‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬
‫حت�ت عكرم َة ِ‬
‫بن‬ ‫بن هش�ا ٍم ْ‬
‫كانت َ‬ ‫ِ‬
‫احلارث ِ‬ ‫بنت‬ ‫ٍ‬
‫ش�هاب الزه�ري‪َّ :‬‬
‫أن أ َّم حكي ٍم َ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫ابن‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫جهل م َن اإلس�ال ِم حتّى قد َم‬ ‫وهرب زوجها عكرم ُة ب ُن أيب‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفتح‪،‬‬ ‫فأس�لمت يو َم‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫جهل‪،‬‬ ‫أيب‬
‫اليم َن‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلسالم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باليمن‪ ،‬فدعت ُه إىل‬ ‫قدمت ِ‬
‫عليه‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫حكيم حتّى‬ ‫فارحتلت أ ُّم‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الفتح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ عا َم‬ ‫فأسلم‪ ،‬وقد َم عىل‬
‫َ‬
‫إليه فرح ًا‪ ،‬وما ِ‬
‫عليه ردا ٌء‪ ،‬حتّى بايع ُه)‪.(3‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ وثب ِ‬
‫ُ‬ ‫فلا رآ ُه‬
‫َ‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬السرية النبوية [‪ ]607/2‬البن هشام‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]7‬ومسلم [‪ ]1773‬عن ابن عباس ‪.L‬‬
‫ً‬
‫مرس�ال‪ ،‬وجيوز‬ ‫)‪ (3‬رواه مال�ك يف املوط�أ [‪ ،]1156‬وعبد ال�رزاق يف املصن�ف [‪ ،]12646‬وق�ال النووي‪ :‬روي‬
‫االحتجاج به لشواهده‪ .‬الرتخيص بالقيام [ص ‪.[44‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫وذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫ق�ال الباج�ي‪ :‬وقول ُه‪:‬‬
‫ّاس‬ ‫ِ‬
‫عظاء الن ِ‬ ‫كان م� ْن‬ ‫ِ‬
‫دخول الن ِ‬
‫ّاس يف اإلس�ال ِم‪ ...‬ال س� ّيا م ْن َ‬ ‫ّبي ﷺ عىل‬ ‫ِ‬
‫ح�رص الن ِّ‬ ‫م� ْن‬
‫وعظائهم»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫سادات بني خمزو ٍم‪،‬‬ ‫وأعياهنم‪ ،‬كعكرم َة يف قومه‪ ،‬فإ ّن ُه َ‬
‫كان م ْن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‬ ‫كان أشدَّ كراهي ًة‬ ‫ِ‬
‫العرب َ‬ ‫ٍ‬
‫رجل م َن‬ ‫عدي ِ‬
‫بن حات ٍم ‪ I‬قال‪ :‬ما م ْن‬ ‫ع ْن ِّ‬
‫سمع ِبه منّي‪.‬‬
‫َ‬ ‫حني‬
‫َ‬
‫فكنت يف‬
‫ُ‬ ‫أس�ري يف قوم�ي باملربا ِع)‪،(2‬‬
‫ُ‬ ‫وكنت نرصان ّي ًا‪ ،‬وكنت‬
‫ُ‬ ‫أ ّم�ا أن�ا فكنت امر ًأ رشيف ًا‪،‬‬
‫يصنع يب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫دين‪ ،‬وكنت ملك ًا يف قومي؛ ملا َ‬
‫كان‬ ‫نفيس عىل ٍ‬

‫وكان راعي ًا إلبيل‪ :‬ال أبا‬


‫َ‬ ‫يب‪،‬‬ ‫برس�ول اهلل ﷺ كرهته‪ ،‬فقلت لغال ٍم َ‬
‫كان يل عر ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫ملحم ٍد‬
‫بجيش ّ‬‫ٍ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫لك‪ ،‬أعد ْد يل م ْن إبيل أمجاالً ذل ً‬
‫ال)‪ (3‬س�ان ًا‪ ،‬فاحتبس�ها قريب ًا منّي‪ ،‬فإذا‬
‫فآذين‪.‬‬
‫هذه البال َد؛ ّ‬‫قدْ وطئ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ففعل‪.‬‬

‫حمم ٍد؛ فاصنع ُه‬ ‫غش�يتك ُ‬


‫خيل ّ‬ ‫َ‬ ‫كنت صانع ًا إذا‬
‫عدي ما َ‬‫فقال‪ :‬يا ُّ‬
‫ذات ٍ‬
‫غداة‪َ ،‬‬ ‫ث�م إنّ� ُه أتاين َ‬
‫ّ‬
‫جيوش حممد‪ٍ.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فسألت عنها‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذه‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رأيت رايات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فإين قدْ‬ ‫َ‬
‫اآلن‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فقرهبا‪ ،‬فاحتملت بأهيل‪ ،‬وولدي‪.‬‬
‫فقر ْب إ َّيل أمجايل‪ّ ،‬‬
‫فقلت‪ّ :‬‬
‫بالشا ِم‪.‬‬ ‫أحلق ِ‬
‫بأهل ديني م َن النّصارى ّ‬ ‫قلت‪ُ :‬‬
‫ثم ُ‬‫ّ‬
‫أقمت هبا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قدمت ّ‬
‫الشا َم‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬ ‫ِ‬
‫احلارض‪ّ ،‬‬ ‫وخ ّل ُ‬
‫فت بنت ًا حلات ٍم يف‬

‫أصاب�ت‪ ،‬فق�د َم هبا عىل‬


‫ْ‬ ‫فتصي�ب ابن� َة حات� ٍم فيم� ْن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫وختالفن�ي ٌ‬
‫خي�ل‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف سبايا م ْن ط ّي ٍئ‪.‬‬

‫)‪ (1‬املنتقى رشح املوطأ [‪.[346/3‬‬


‫)‪ (2‬ربع الغنيمة كان سادات اجلاهلية يأخذونه‪ .‬ينظر‪ :‬النهاية [‪.[186/2‬‬
‫)‪ (3‬مجع ذلول‪ ،‬وهي السهلة املطيعة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫الشا ِم‪.‬‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل ﷺ هريب إىل ّ‬ ‫وقدْ َ‬
‫بلغ‬

‫فمر هبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫حظ�رية)‪ِ (1‬‬ ‫بن�ت حات� ٍم يف‬
‫فجعل�ت ُ‬
‫الس�بايا حيبس� َن فيه�ا‪ّ ،‬‬
‫بباب املس�جد كانت ّ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫هل�ك الوالدُ ‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫وكان�ت امرأ ًة جزل� ًة)‪،(2‬‬ ‫فقام�ت ِ‬
‫إلي�ه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬
‫َ‬
‫عليك‪.‬‬ ‫عيل‪ ،‬م َّن اهلل‬ ‫ٍ‬
‫عجوز كبري ٌة ما يب م ْن خدمة‪ ،‬فم َّن َّ‬
‫ٌ‬ ‫وغاب الوافدُ ‪ ،‬وأنا‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫عدي ب ُن حات ٍم‪.‬‬


‫قالت‪ُّ :‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وتركني‪.‬‬ ‫ثم مىض‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫باألمس‪.‬‬ ‫مثل ما َ‬
‫قال‬ ‫وقال يل َ‬
‫ذلك‪َ ،‬‬ ‫فقلت ل ُه َ‬
‫مثل َ‬ ‫مر يب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حتّى إذا َ‬
‫ُ‬ ‫كان م َن الغد ّ‬
‫أن قومي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خلف�ه ْ‬ ‫فأش�ار إ َّيل ٌ‬
‫رجل م ْن‬ ‫يئس�ت من ُه‪،‬‬ ‫مر يب‪ ،‬وقدْ‬ ‫ِ‬ ‫حتّ�ى إذا َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كان بع�دَ الغ�د ّ‬
‫فك ّل ِ‬
‫ميه‪.‬‬

‫عيل م ّن اهلل عليك‪.‬‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل َ‬ ‫فقمت ِ‬
‫وغاب الوافدُ ‪ ،‬فامن ْن ّ‬
‫َ‬ ‫هلك الوالدُ ‪،‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫فقال ﷺ‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫رضوان اهلل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أن أك ّلم ُه‪َ ،‬‬ ‫الر ِ‬ ‫فسألت ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫طالب‬ ‫عيل ب ُن أيب‬
‫فقيل‪ُّ :‬‬ ‫جل ا ّلذي َ‬
‫أشار إ ّيل ْ‬ ‫عن ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ ،‬قدْ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فجئت‬
‫ُ‬ ‫ركب م ْن قضاع َة‪،‬‬
‫وأقم�ت حتّى قد َم ٌ‬
‫ُ‬
‫فيهم ثق ٌة وبال ٌغ‪.‬‬ ‫قد َم ٌ‬
‫رهط م ْن قومي‪ ،‬يل ْ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ومحلني‪ ،‬وأعطاين نفق ًة‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬فكساين‬
‫ْ‬
‫قدمت ّ‬
‫الشا َم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫معهم حتّى‬
‫ْ‬ ‫فخرجت‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬يشء يعمل من شجر ليقي الرد واحلر والريح‪ .‬ينظر‪ :‬النهاية [‪[404/1‬‬
‫ٍ‬
‫شديد‪ .‬النهاية [‪[270/1‬‬ ‫قوي‬ ‫ذات كال ٍم ٍ‬ ‫َ‬ ‫أي تا ّمة اخللق‪ .‬وجيوزُ ْ‬
‫أي ّ‬‫جزل‪ْ :‬‬ ‫تكون َ‬ ‫أن‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫‪‬‬

‫فقلت‪ :‬ابن ُة‬ ‫تصو ُب إ َّيل تؤ ّمنا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�دي‪ :‬فواهلل ّإين لقاعدٌ يف أهيل‪ ،‬إ ْذ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫نظرت إىل ظعين�ة ّ‬
‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ق�ال‬
‫هي‪.‬‬ ‫حات ٍم‪ ،‬فإذا َ‬
‫هي َ‬
‫وتركت‬
‫َ‬ ‫احتملت بأهلك‪ ،‬وولدك‪،‬‬
‫َ‬ ‫القاط�ع‪ ،‬ال ّظ ُامل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫انس�حلت)‪ُ (1‬‬
‫تقول‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫عيل‬
‫وقفت َّ‬
‫ْ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫بق ّي َة والدك عورتك!‬
‫ِ‬
‫ذكرت‪.‬‬ ‫صنعت ما‬ ‫أي أخ ّي ُة‪ ،‬ال تقويل ّإال خري ًا‪ ،‬فواهلل ما يل م ْن ٍ‬
‫عذر‪ ،‬لقدْ‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ْ :‬‬
‫الر ِ‬
‫جل؟‬ ‫ِ‬
‫وكانت امرأ ًة حازم ًة‪ :‬ماذا تري َن يف ِ‬
‫أمر هذا ّ‬ ‫فقلت هلا‪:‬‬
‫فأقامت عندي‪ُ ،‬‬
‫ْ‬ ‫نزلت‪،‬‬
‫ثم ْ‬ ‫ّ‬
‫ابق ِ‬
‫إليه فضل ُه‪ْ ،‬‬ ‫فللس ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫تلحق ِبه رسيع ًا‪ْ ،‬‬
‫فإن ِ‬
‫وإن يك ْن‬ ‫جل نب ّي ًا؛ ّ‬ ‫يكن ّ‬ ‫أن َ‬‫قالت‪ :‬أرى واهلل ْ‬
‫ْ‬
‫أنت)‪.(2‬‬
‫وأنت َ‬‫اليمن‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫عز‬ ‫ملك ًا‪ ،‬فل ْن َّ‬
‫تذل يف ِّ‬
‫أي‪.‬‬
‫الر ُ‬ ‫قلت‪ :‬واهلل ّ‬
‫إن هذا ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫مسجده‪ ،‬فس ّل ُ‬
‫مت‬ ‫وهو يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ املدين َة‪،‬‬
‫فدخلت عليه‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فخرجت حتّى أقد َم عىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عليه‪.‬‬
‫عدي ب ُن حات ٍم‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال القو ُم‪ :‬هذا ُّ‬
‫ٍ‬
‫كتاب‪.‬‬ ‫بغري ٍ‬
‫أمان‪ ،‬وال‬ ‫وجئت ِ‬
‫ُ‬
‫أن َ‬
‫جيعل اهلل يد ُه يف يدي‪،‬‬ ‫ذلك‪ّ :‬إين ألرجو ْ‬ ‫قبل َ‬ ‫قال َ‬‫كان َ‬
‫أخذ بيدي‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫دفعت ِ‬
‫إليه َ‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫فانطلق يب إىل بيته‪ِ.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فقا َم‬

‫ال تك ّلم ُه‬


‫فوقف هلا طوي ً‬
‫َ‬ ‫فواهلل إ ّنه لعامدٌ يب ِ‬
‫إليه إ ْذ لقيت ُه امرأ ٌة ضعيف ٌة كبريةٌ‪ ،‬فاس�توقفت ُه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يف حاجتها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بملك‪.‬‬ ‫فقلت يف نفيس‪ :‬واهلل ما هذا‬
‫ُ‬
‫حمش�و ًة ليف ًا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دخ�ل يب بيت ُه‪َ ،‬‬
‫تناول وس�اد ًة م ْن أد ٍم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ حتّى إذا‬ ‫ث�م م�ىض يب‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫فقذفها إ َّيل‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫ب‪ .‬النهاية [‪[348/2‬‬


‫والص ِّ‬
‫الس ِّح ّ‬
‫السحل‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫)‪ (1‬من ّ‬
‫لتحرضه عىل جميئه إىل النبي ﷺ؛ ألهنا كانت قد أسلمت‪.‬‬
‫)‪ (2‬قالته عىل سبيل العرض والتنزّ ل؛ ّ‬
‫‪‬‬

‫فاجلس عليها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫قلت‪ْ :‬بل َ‬
‫أنت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫باألرض‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫وجلس‬
‫َ‬ ‫فجلست عليها‪،‬‬
‫ُ‬
‫بأمر ٍ‬
‫ملك‪.‬‬ ‫فقلت يف نفيس‪ :‬واهلل ما هذا ِ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬
‫قلت‪ّ :‬إين م ْن ِ‬
‫أهل دين‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أهل ٍ‬
‫دين‪.‬‬ ‫قلت‪ّ :‬إين م ْن ِ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أعلم بديني منّي!‪.‬‬
‫أنت ُ‬‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫قلت‪ :‬بىل‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬بىل‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يعلم ما ُ‬
‫جيهل‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫مرسل‪ُ ،‬‬ ‫نبي‬
‫وعرفت أ ّن ُه ٌّ‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ْ :‬‬
‫أجل واهللِ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ إ ْذ أتا ُه ٌ‬ ‫َ‬
‫قطع‬
‫آخر‪ ،‬فشكا إليه َ‬ ‫رجل‪ ،‬فشكا إليه الفاق َة‪َّ ،‬‬
‫ثم أتا ُه ُ‬ ‫قال‪ :‬وبينا أنا عندَ الن ِّ‬
‫الس ِ‬
‫بيل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬نسبة إىل فرقة من النصارى‪.‬‬


‫‪‬‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ّ‬

‫‪.‬‬
‫وبني نفيس‪ :‬فأي َن د ّع ُار ط ّي ٍئ‪ ،‬ا ّلذي َن قدْ س ّعروا البال َد‪.‬‬
‫فقلت فيا بيني َ‬
‫ُ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫تبس َط فرح ًا]‪.‬‬
‫فرأيت وجه ُه ّ‬
‫ُ‬ ‫استبرش‪] .‬ويف رواية‪:‬‬
‫َ‬ ‫فرأيت وجه ُه‬
‫ُ‬ ‫فأسلمت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وكنت‬
‫ُ‬ ‫ختاف ّإال اهللَ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالكعبة ال ُ‬ ‫تطوف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلرية حتّى‬ ‫فرأيت ال ّظعين َة ُ‬
‫ترحتل م َن‬ ‫ُ‬ ‫ع�دي‪:‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫ٌّ‬
‫ّبي أبو القاس ِم ﷺ‪،‬‬ ‫لرتون ما َ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫َّ‬ ‫بكم حيا ٌة‬
‫طالت ْ‬
‫ْ‬ ‫هرمز‪ ،‬ولئ ْن‬
‫بن َ‬ ‫كنوز كرى ِ‬‫افتتح َ‬
‫فيم ْن َ‬
‫وايم اهلل لتكون ّن ال ّثالث ُة‪ :‬ليفيض َّن ُ‬
‫املال حتّى ال يوجدَ م ْن يأخذ ُه)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫ﷺ‬
‫قدمت‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫بني إ ّن ُه بلغني َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫أن أبا ُه خمرم َة َ‬
‫قال ل ُه‪ :‬ي�ا ِّ‬ ‫بن خمرم َة ‪َّ L‬‬ ‫ِ‬
‫املس�ور ِ‬ ‫ِ‬
‫ع�ن‬
‫عليه أقبي ٌة)‪ ،(2‬فهو يقسمها‪ ،‬فاذهب بنا ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫منزله‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ يف‬
‫فذهبنا‪ ،‬فوجدنا الن َّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫ادع يل الن َّ‬
‫بني ُ‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪ :‬يا ِّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ!‬ ‫فقلت‪ :‬أدعو َ‬
‫لك‬ ‫ُ‬ ‫فأعظمت َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬السرية النبوية [‪ ]580/2‬البن هشام‪ ،‬وقال ابن كثري‪ :‬هكذا أورد ابن إسحاق ‪ V‬هذا السياق بال إسناد‪،‬‬
‫أخر‪.‬‬
‫وله شواهد من وجوه َ‬
‫ورواها الطراين يف املعجم األوسط [‪ ]359 / 6‬مسندةً‪ ،‬وبعضها يف مسند أمحد [‪ ،]19400‬وقال اهليثمي يف‬
‫جممع الزوائد [‪« :]306/6‬رجاله رجال الصحيح غري عباد بن حبيش وهو ثقة»‪ ،‬وصححه أمحد شاكر‪ ،‬وقال‬
‫السهييل‪« :‬وحديث إسالم عدي بن حاتم صحيح عجيب»‪ .‬الروض األنف [‪.[477/7‬‬
‫ويتمنطق ِ‬
‫عليه‪ .‬املعجم الوسيط [‪[713/2‬‬ ‫يلبس فوق ال ّث ِ‬
‫ياب‪ ،‬أو القميص‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثوب ُ‬‫)‪ (2‬مجع قباء‪ ،‬وهو ٌ‬
‫‪‬‬

‫ليس بج ّب ٍ‬
‫ار‪.‬‬ ‫بني‪ ،‬إ ّن ُه َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا ِّ‬
‫بالذ ِ‬
‫هب‪.‬‬ ‫مزر ٌر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ديباج ّ‬ ‫وعليه قبا ٌء م ْن‬ ‫فخرج‪،‬‬
‫َ‬ ‫فدعوت ُه‪،‬‬

‫فأعطا ُه إ ّيا ُه)‪.(1‬‬ ‫َ‬


‫فقال‪:‬‬
‫يكون َ‬
‫قبل الن ِ‬
‫ّهي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وجيوز ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫قيل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫احلرير‪َ .‬‬ ‫ُ‬
‫استعال‬ ‫قال ابن حجر‪« :‬ظاهر ُه‪:‬‬
‫ِ‬
‫أكتافه؛ لريا ُه خمرم ُة ك ّل ُه‪ ،‬ومل ْ يقصدْ لبس ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫يكون املرا ُد أ ّن ُه نرش ُه عىل‬ ‫ُ‬
‫وحيتمل ْ‬
‫أن‬

‫ُ‬
‫فيكون قول ُه‬ ‫ِ‬
‫يدي�ه‪،‬‬ ‫يكون منش�ور ًا عىل‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫أكتافه‪ْ ،‬بل يكفي ْ‬ ‫يتع�ني كون ُه عىل‬
‫قل�ت‪ :‬وال ّ ُ‬
‫ُ‬
‫رواية حات ٍم‪ ،‬فخرج ومعه قباء‪ ،‬وهو ِ‬
‫يريه‬ ‫ِ‬ ‫وقع يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إطالق ِّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫البعض‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫الكل عىل‬ ‫(عليه) م ْن‬
‫حماسن ُه»)‪.(2‬‬
‫هو من باب التّأ ّل ِ‬
‫ف)‪.(3‬‬ ‫وقوله ﷺ ملخرم َة‪:‬‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫الكلمة‪،‬‬ ‫ولني‬ ‫ِ‬
‫للناس‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلناح‬ ‫خفض‬
‫ق�ال ابن بطال‪« :‬املدارة من أخالق املؤمنني‪ ،‬وهى ُ‬
‫ِ‬
‫أسباب األلفة‪ِّ ،‬‬
‫وسل السخيمة«)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫القول‪ ،‬وذلك من أقوى‬ ‫ِ‬
‫اإلغالظ هلم يف‬ ‫ُ‬
‫وترك‬
‫ِ‬
‫بأصحابه)‪.(5‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬وحسن تل ّطفه‬
‫ويف احلديث‪ :‬تواضع الن ّ‬

‫قال يوم ًا َ‬
‫وهو‬ ‫وكان س� ّيد ًا َ‬
‫َ‬ ‫أن عتب َة ب َن ربيع َة‬
‫قال‪ :‬حدّ ث�ت ّ‬ ‫القرظي َ‬
‫ّ‬ ‫كعب‬ ‫حمم ِد ِ‬
‫ب�ن ٍ‬ ‫ع� ْن ّ‬
‫ٍ‬
‫قريش‪ ،‬أال أقو ُم‬ ‫معرش‬ ‫املس�جد وحد ُه‪ :‬يا‬‫ِ‬ ‫جالس يف‬ ‫ورس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‬ ‫جالس يف نادي‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ويكف عنّا؟‬ ‫ِ‬
‫يقبل بعضها‪ ،‬فنعطيه ّأهيا شا َء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأعرض عليه أمور ًا لع ّل ُه ُ‬ ‫ٍ‬
‫حممد فأك ّلم ُه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫إىل ّ‬
‫َ‬
‫ويكثرون‪.‬‬ ‫َ‬
‫يزيدون‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫أصحاب‬
‫َ‬ ‫أسلم محزةُ‪ ،‬ورأوا‬ ‫حني‬ ‫َ‬
‫وذلك َ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3865‬ومسلم [‪.[1058‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[270/10‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[148/7‬‬
‫)‪ (4‬رشح صحيح البخارى البن بطال [‪.[305/9‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[315/10‬‬
‫‪‬‬

‫الوليد‪ ،‬قم ِ‬
‫إليه فك ّلم ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فقالوا‪ :‬بىل يا أبا‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فقا َم إليه عتب ُة حتّى َ‬
‫جلس إىل‬

‫ّسب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واملكان يف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫العشرية)‪،(1‬‬ ‫علمت من الس ِ‬
‫طة يف‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا اب َن أخي‪ ،‬إنّك منّا ُ‬
‫حيث قدْ‬
‫َ َ ّ‬
‫وعبت ِبه‬
‫َ‬ ‫أحالمه�م‪،‬‬
‫ْ‬ ‫هت ِبه‬
‫مجاعتهم‪ ،‬وس� ّف َ‬
‫ْ‬ ‫قت ِبه‬ ‫أتيت قومك ِ‬
‫بأمر عظي� ٍم‪ّ ،‬فر َ‬ ‫وإنّ�ك ق�دْ َ‬
‫آبائهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫رت ِبه م ْن مىض م ْن‬
‫ودينهم‪ ،‬وك ّف َ‬
‫ْ‬ ‫آهلتهم‬
‫ْ‬
‫تنظر فيها؛ لع ّلك ُ‬
‫تقبل منها بعضها‪.‬‬ ‫أعرض عليك أمور ًا ُ‬
‫ُ‬ ‫فاسمع منّي‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫ِ‬
‫األمر ماالً‪ ،‬مجعنا لك م ْن أموالنا‪،‬‬ ‫جئت ِبه م ْن هذا‬
‫كنت إنّا تريدُ با َ‬
‫إن َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا اب َن أخي ْ‬
‫تكون أكثرنا ماالً‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتّى‬

‫نقطع أمر ًا دونك‪.‬‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫كنت تريدُ به رشف ًا ّ‬
‫سودناك علينا‪ ،‬حتّى ال‬ ‫ْ‬
‫وإن َ‬
‫كنت تريدُ ِبه ملك ًا م ّلكناك علينا‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وإن َ‬

‫تس�تطيع ر ّد ُه ع ْن نفسك‪ ،‬طلبنا لك ال ّط َّ‬


‫ب‪ ،‬وبذلنا‬ ‫ُ‬ ‫يأتيك رئ ّي ًا ترا ُه ال‬
‫َ‬ ‫كان هذا ا ّلذي‬
‫وإن َ‬‫ْ‬
‫الر ِ‬
‫جل حتّى يداوى من ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ّابع عىل ّ‬ ‫غلب الت ُ‬
‫نرئك من ُه‪ ،‬فإ ّن ُه ر ّبا َ‬ ‫فيه أموالنا حتّى‬

‫‪.‬‬ ‫يستمع من ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ‬ ‫حتّى إذا فر َغ عتب ُة‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫أفعل‪.‬‬ ‫َ‬

‫َ‬
‫فق�ال‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬
‫ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬الرشف‪.‬‬


‫‪‬‬

‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ)‬
‫[فصلت‪.[6-1 :‬‬
‫رسول اهلل ﷺ فيها يقرؤها ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم مىض‬
‫ّ‬
‫يسمع من ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ظهره معتمد ًا عليها‪،‬‬ ‫خلف‬
‫َ‬ ‫أنصت هلا‪ ،‬وألقى ِ‬
‫يديه‬ ‫َ‬ ‫فلا سمعها من ُه عتب ُة‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل الس ِ‬
‫جدة منها‪ ،‬فسجدَ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم انتهى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بغري‬ ‫ِ‬
‫الوليد ِ‬ ‫جاءكم أب�و‬ ‫نحلف باهلل لقدْ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لبع�ض‪:‬‬ ‫بعضهم‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫أصحابه‪َ ،‬‬ ‫فق�ا َم عتب� ُة إىل‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ذهب ِبه‪.‬‬‫الوجه ا ّلذي َ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫الوليد؟‬ ‫إليهم قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا‬ ‫جلس‬
‫ْ‬ ‫فلا َ‬ ‫ّ‬
‫�عر‪ ،‬وال‬‫بالش ِ‬
‫هو ّ‬ ‫س�معت قوالً واهلل ما س�معت مثل ُه ُّ‬
‫ق�ط‪ ،‬واهلل ما َ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪ :‬ورائ�ي ّأين قدْ‬‫َ‬
‫وبني‬
‫جل َ‬ ‫الر ِ‬ ‫قريش أطيعوين واجعلوها يب‪ ،‬وخ ّلوا َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بالس ِ‬
‫بني هذا ّ‬ ‫معرش‬
‫َ‬ ‫بالكهانة‪ ،‬يا‬ ‫حر‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬
‫العرب فقدْ‬ ‫عظيم‪ْ ،‬‬
‫فإن تصب ُه‬ ‫سمعت من ُه ٌ‬
‫نبأ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو فيه فاعتزلو ُه؛ فواهلل ليكون َّن لقوله ا ّلذي‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ما َ‬
‫وكنتم أس�عدَ الن ِ‬
‫ّاس‬ ‫ْ‬ ‫كم‪،‬‬
‫عز ْ‬‫وعز ُه ّ‬
‫ملككم‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫العرب فملك ُه‬ ‫يظهر عىل‬
‫وإن ْ‬ ‫بغريكم‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫كفيتم�و ُه‬
‫ِبه‪.‬‬
‫ِ‬
‫بلسانه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوليد‬ ‫قالوا‪ :‬سحرك واهلل يا أبا‬

‫لكم)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫قال‪ :‬هذا رأيي فيه‪ ،‬فاصنعوا ما بدا ْ‬
‫دخل ٌ‬
‫رجل‬ ‫ِ‬
‫املس�جد َ‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫مع الن ِّ‬
‫جلوس َ‬
‫ٌ‬ ‫مالك ‪ I‬قال‪ :‬بينا نح ُن‬
‫ثم عقل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عىل ٍ‬
‫مجل‪ ،‬فأناخ ُه يف املسجد‪َّ ،‬‬
‫ظهرانيهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بني‬
‫ّكئ َ‬
‫ّبي ﷺ مت ٌ‬
‫حممدٌ ؟ والن ُّ‬
‫كم ّ‬‫هلم‪ :‬أ ّي ْ‬ ‫ثم َ‬
‫قال ْ‬ ‫َّ‬
‫ّكئ‪.‬‬
‫األبيض املت ُ‬
‫ُ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫فقلنا‪ :‬هذا ّ‬
‫لب‪.‬‬ ‫جل‪ :‬يا ابن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫فقال ل ُه ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البيهقي يف دالئل النبوة [‪.[204/ 2‬‬


‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫َ‬
‫نفسك‪.‬‬ ‫عيل يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫عليك يف املسألة؛ فال جتدْ َّ‬ ‫سائلك‪ ،‬فمشدّ ٌد‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ :‬إين‬
‫جل للن ِّ‬ ‫فقال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫هم؟‬ ‫أرسلك إىل الن ِ‬
‫ّاس ك ّل ْ‬ ‫َ‬ ‫ورب م ْن َ‬
‫قبلك‪ :‬آهللُ‬ ‫أسألك بر ّب َك‪ِّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫لوات اخلمس يف اليو ِم وال ّل ِ‬
‫نصيل الص ِ‬ ‫َ‬
‫أمرك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يلة؟‬ ‫َ‬ ‫أن ّ َ ّ‬ ‫هلل‬
‫أنشدك باهلل‪ :‬آ ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫الس ِنة؟‬
‫هر م َن ّ‬ ‫أن نصو َم هذا ّ‬
‫الش َ‬ ‫َ‬
‫أمرك ْ‬ ‫َ‬
‫أنشدك باهلل آهللُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫الصدق َة م ْن أغنيائنا‪ ،‬فتقسمها عىل فقرائنا؟‬ ‫َ ِ‬ ‫َ‬
‫أمرك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تأخذ هذه ّ‬ ‫أن‬ ‫هلل‬
‫أنشدك باهلل‪ :‬آ ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول م ْن ورائي م� ْن قومي‪ ،‬وأنا ضا ُم ب ُن ثعلب َة‬ ‫جئت ِبه‪ ،‬وأنا‬
‫آمنت با َ‬
‫جل‪ُ :‬‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫فق�ال ّ‬
‫بن ٍ‬
‫بكر)‪.(1‬‬ ‫أخو بني ِ‬
‫سعد ِ‬

‫املسلمني؛ ألنه كا‬ ‫ِ‬


‫اهليئات من‬ ‫ٍ‬
‫هفوة من ذوي‬ ‫وقع يف‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫التجاوز عمن َ‬ ‫النبي ﷺ عىل‬
‫فحث ُّ‬
‫ٍ‬
‫جواد كبوةٌ‪ ،‬ولكل عاملٍ هفوةٌ‪ ،‬ولكل صارم نبوةٌ‪ ،‬وكا قال الشاعر‪:‬‬ ‫قيل‪ :‬لكل‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫نبوي‪ ،‬عن عائش� َة ‪ J‬قالت‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫منهج ٌّ‬
‫فالتجاوز عن ذوي اهليئات ٌ‬
‫)‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[63‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]4375‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1185‬‬
‫‪‬‬

‫أمر م َن اإلقالة ِ‬
‫أي‪ :‬اعفوا‪.‬‬
‫احلميدة‪ .‬قال اب�ن ِ‬
‫امللك‪ :‬اهليئ ُة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واخلص�ال‬ ‫ِ‬
‫املروءات‪،‬‬ ‫أصح�اب‬ ‫أي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األخالق املرض ّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان م َن‬ ‫ُ‬
‫يكون عليها‬ ‫احلال ُة ا ّلتي‬

‫حق م ْن‬ ‫ِ‬


‫إلضاعة ٍّ‬ ‫ّعزي�ر؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ّ :‬‬
‫يتوج� ُه فيه الت ُ‬
‫هت�م‪ ،‬وأرا َد م� َن العثرات ما ّ‬
‫زال ْ‬ ‫ْ‬
‫حقوق اهلل‪.‬‬

‫أي‪ّ :‬إال ما يوجب إقامة احلدود)‪.(1‬‬


‫ْ‬
‫ِ‬
‫والرشف‪ ،‬والس�ؤدد‪،‬‬ ‫الناس‪ ،‬من ِ‬
‫اجلاه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫األقدار َ‬ ‫«والظاهر أهنم ذوو‬ ‫ق�ال اب ُن القيم‪:‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وتفضيل ع�ىل بني جنس�هم‪ ،‬فمن كان منهم مس�تور ًا‬ ‫خصه�م بنو ِع تكري� ٍم‬
‫ف�إن اهلل تع�اىل ّ‬
‫نس�ارع إىل تأنيبه‪ ،‬وعقوبته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأديل عليه ش�يطانه‪ ،‬فال‬ ‫مش�هور ًا باخلري حتى كبا به جواده‪...‬‬
‫يتعني‬ ‫ِ‬
‫الرشيف‪ ،‬كا ّ ُ‬ ‫يتعني اس�تيفاؤه من‬ ‫ِ‬
‫حدود اهلل‪ ،‬فإنه ّ ُ‬ ‫ب�ل تق�ال عثرته‪ ،‬ما مل يكن حدّ ًا من‬
‫أخذه من الوضيع»)‪.(2‬‬
‫ٍ‬
‫هفوة مل تعهدْ‬ ‫اهليئة إذا وقع يف ز ّل ٍ‬
‫�ة‪ ،‬أو‬ ‫مؤاخ�ذة ذي ِ‬
‫ِ‬ ‫«ومعن�ى احلديث‪ :‬اس�تحباب ِ‬
‫ترك‬ ‫ُ‬
‫فيجب إقامته»)‪.(3‬‬ ‫احلاكم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حدود اهلل تعاىل‪ ،‬وبلغ‬ ‫عنه‪ ،‬إال ما كان حدّ ًا من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫امرأته‬ ‫مع‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫أن س�عدَ ب َن عباد َة َ‬
‫عن أيب هريرة ‪َّ I‬‬
‫جل جيدُ َ‬ ‫أرأيت ّ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل‬ ‫قال‪ :‬يا‬
‫رج ً‬
‫ال أيقتل ُه؟‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫باحلق‪.‬‬ ‫َ‬
‫أكرمك ِّ‬ ‫قال سعدٌ ‪ :‬بىل وا ّلذي‬
‫َ‬

‫)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪ (1‬عون املعبود [‪.[25/12‬‬


‫)‪ (2‬بدائع الفوائد [‪ ]661 / 3‬بترصف يسري‪.‬‬
‫)‪ (3‬فتاوى اللجنة الدائمة [‪.[56/22‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1498‬ومسلم [‪.[1498‬‬
‫‪‬‬

‫أمس ُه حتّى‬ ‫مع أهيل رج ً‬


‫ال مل ْ ّ‬ ‫وجدت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ْلو‬ ‫ويف رواية ملسلم َ‬
‫قال سعدُ ب ُن عبادةَ‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫بأربعة شهدا َء؟‬ ‫يت‬
‫آ َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫قبل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫كنت ألعاجله بالس ِ‬
‫يف َ‬ ‫إن ُ‬‫باحلق ْ‬ ‫كال وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫ُ ّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫لغريته»)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫لسعد‪َّ ،‬‬
‫وأن ما قال ُه سعد قال ُه‬ ‫قال القاري‪ِ :‬‬
‫«فيه‪ :‬اعتذار من ُه ﷺ‬ ‫َ‬

‫امل�اوردي‪ ،‬وغريه‪:‬‬ ‫قال‬‫�يف) َ‬‫إن كنت ألعاجله بالس ِ‬ ‫(كال وا ّلذي بعث�ك ِّ‬
‫باحلق ْ‬ ‫وقول�ه‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ِ‬
‫ألمره ﷺ‪ ،‬وإنّا معنا ُه‬ ‫ِ‬
‫عب�ادة‬ ‫ِ‬
‫س�عد ِ‬
‫بن‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬وال خمالف ًة م ْن‬ ‫ِ‬
‫«لي�س قول�ه هذا ر ّدا لقول الن ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫علي�ه‪ ،‬فإ ّن ُه‬ ‫ِ‬
‫الغضب‬ ‫ِ‬
‫واس�تيالء‬ ‫جل عند امرأته‪،‬‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلخب�ار ع� ْن حالة اإلنس�ان عند رؤيت�ه ّ‬
‫ُ‬
‫كان عاصي ًا»)‪.(2‬‬
‫وإن َ‬‫يف‪ْ ،‬‬‫الس َ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يعاجل ُه ّ‬
‫عمر‪،‬‬ ‫فأغضب أبو ٍ‬ ‫بني أيب ٍ‬ ‫وع�ن أيب الدّ ِ‬
‫رداء ‪َ I‬‬
‫بكر َ‬ ‫َ‬ ‫وعمر حماورةٌ‪،‬‬
‫َ‬ ‫بكر‪،‬‬ ‫كانت َ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫ْ‬
‫عمر مغضب ًا‪.‬‬
‫فانرصف عن ُه ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وجهه‪.‬‬ ‫أغلق باب ُه يف‬ ‫فلم ْ‬
‫يفعل‪ ،‬حتّى َ‬ ‫فاتّبع ُه أبو ٍ‬
‫بكر يسأل ُه ْ‬
‫يستغفر ل ُه‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫بطرف ِ‬
‫ِ‬ ‫أقبل أبو ٍ‬
‫بكر آخذ ًا‬ ‫ّبي ﷺ إ ْذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ثوبه حتّى أبدى‬ ‫كنت جالس ًا عندَ الن ِّ‬
‫قال أبو الدّ رداء‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫ركبته‪.‬‬ ‫ع ْن‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫ندمت‪ ،‬فس�ألت ُه‬ ‫ثم‬ ‫ُ ِ‬ ‫وبني ِ‬
‫ابن اخل ّط ِ‬ ‫فس� ّل َم‪َ ،‬‬
‫وقال‪ّ :‬إين َ‬
‫ُ‬ ‫فأرسعت إليه‪َّ ،‬‬ ‫اب يش ٌء‪،‬‬ ‫كان بيني‪َ ،‬‬
‫فأقبلت َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عيل‪،‬‬
‫يغفر يل‪ ،‬فأبى َّ‬
‫أن َ‬‫ْ‬

‫)‪ (1‬مرقاة املفاتيح [‪.[2163 /5‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[131/10‬‬
‫أي‪ :‬خاصم‪ .‬النهاية [‪.[384/3‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫ن عبد اهلل البجيل [وكان س ّيد قومه] ‪I‬‬ ‫عن ِ‬


‫جابر ِ‬
‫بن عبد اهلل ‪ L‬قال‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫جرير ب ُ‬
‫دخل ُ‬
‫يوس ْع ل ُه أحدٌ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمجالسهم‪ ،‬فلم ّ‬
‫ْ‬ ‫الناس‬
‫رسول اهلل ﷺ وعند ُه أصحابه‪ ،‬فض َّن ُ‬ ‫عىل‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ رداءه‪ ،‬فألقاه إليه‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فأخذ‬
‫ِ‬
‫عينيه‪ ،‬وقال‪ :‬أكرمك اهلل كا أكرمتني‪،‬‬ ‫جري�ر بنحره ووجهه‪ ،‬فق ّبل ُه‪ ،‬ووضعه عىل‬ ‫فتل ّق�ا ُه‬
‫ٌ‬
‫ثم وضعه عىل ِ‬
‫ظهر رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫فقال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫عمر َ‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن َ‬ ‫ِ‬

‫ٍ‬
‫برجل م ْن بني‬ ‫فجاءت‬
‫ْ‬ ‫قبل ٍ‬
‫نجد‪،‬‬ ‫ال َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ خي ً‬ ‫عن أيب هرير َة ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫بعث‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫هو حتّى أتوا ِبه‬ ‫َ‬
‫يشعرون م ْن َ‬ ‫حنيف َة ال‬
‫ِ‬
‫اليامة] أحسنوا إسار ُه)‪.‬‬ ‫[وكان س ّيد ِ‬
‫أهل‬
‫ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بسارية م ْن سواري‬ ‫فربطو ُه‬

‫فقال‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إىل ِ‬


‫أهله َ‬ ‫ُ‬ ‫ورج�ع‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫يقع م ْن ثام َة موقع ًا‪.‬‬ ‫َ‬


‫فجعل ال ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3661‬وقد سبق‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه احلاكم يف املس�تدرك [‪ ،]7791‬وقال‪ :‬حديث صحيح اإلس�ناد ومل خيرجاه هبذا الس�ياق‪ ،‬وقال العراقي يف‬
‫ختريج أحاديث اإلحياء‪ :‬وإسناده جيد‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪ ]3712‬وحسنه األلباين بالشواهد يف الصحيحة [‪.[1205‬‬
‫)‪ (4‬الناقة ذات اللبن‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فخرج ِ‬
‫إليه‬ ‫َ‬
‫كنت‬
‫وإن َ‬ ‫ٍ‬
‫ش�اكر‪ْ ،‬‬ ‫تنعم عىل‬
‫تنعم ْ‬
‫وإن ْ‬ ‫تقتل ْ‬
‫تقت�ل ذا د ٍم‪ْ ،‬‬ ‫إن ْ‬
‫خري‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫حممدُ ٌ‬‫فق�ال‪ :‬عندي ي�ا ّ‬
‫شئت‪.‬‬ ‫املال؛ ْ‬
‫فسل َ‬
‫تعط من ُه ما َ‬ ‫تريدُ َ‬
‫َ‬
‫عندك يا ثام ُة‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬ما‬ ‫كان بعدَ ِ‬
‫الغد‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حتّى َ‬ ‫فرتك ُه‬

‫فأعاد عليه مقالته‪.‬‬

‫األو ِل‪ ،‬فأعاد عليه‬ ‫كان من ِ‬


‫الغد‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فقال له كا قال له يف اليو ِم ّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬حتّى َ َ‬ ‫فرتك ُه‬
‫ثام ُة مقالته‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫دخل املس�جدَ ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬أشهدُ ْ‬
‫أن ال إل َه‬ ‫ثم َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فانطلق إىل ٍ‬
‫فاغتس�ل‪َّ ،‬‬ ‫املس�جد‪،‬‬ ‫قريب م َن‬ ‫نخل‬ ‫َ‬
‫حممد ًا عبد ُه ورسول ُه‪.‬‬
‫أن ّ‬‫ّإال اهلل‪ ،‬وأشهدُ َّ‬

‫أحب‬
‫وجهك َّ‬ ‫َ‬ ‫أصبح‬
‫َ‬ ‫وجهك‪ ،‬فقدْ‬‫َ‬ ‫أبغض إ َّيل م ْن‬ ‫ِ‬
‫األرض وج ٌه َ‬ ‫كان عىل‬ ‫حممدُ ‪ ،‬واهلل ما َ‬
‫يا ّ‬
‫أحب الدّ ِ‬
‫ين إ َّيل‪ ،‬واهلل‬ ‫فأصبح َ‬ ‫أبغض إ َّيل م ْن َ‬ ‫كان م ْن ٍ‬ ‫ِ‬
‫الوج�وه إ َّيل‪ ،‬واهلل ما َ‬
‫دينك َّ‬ ‫َ‬ ‫دينك‪،‬‬ ‫دين َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كان من ٍ‬
‫البالد إ َّيل‪.‬‬ ‫أحب‬
‫بلدك َّ‬ ‫فأصبح‬
‫َ‬ ‫بلدك‪،‬‬ ‫أبغض إ َّيل م ْن‬
‫بلد ُ‬ ‫ما َ ْ‬
‫َ‬
‫خيلك أخذتني‪ ،‬وأنا أريدُ العمرةَ‪ ،‬فاذا ترى‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وإن‬

‫يعتمر‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأمر ُه ْ‬ ‫فبرش ُه‬
‫ّ‬
‫صبوت‪.‬‬
‫َ‬ ‫قال ل ُه ٌ‬
‫قائل‪:‬‬ ‫فلا قد َم م ّك َة َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫اليامة ح ّب ُة‬ ‫يأتيكم م� ْن‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وال واهلل ال‬ ‫حمم ٍد‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫مع ّ‬‫أس�لمت َ‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‪ :‬ال‪ ،‬ولك� ْن‬
‫ّبي ﷺ)‪.(1‬‬ ‫حنطة حتّى َ‬‫ٍ‬
‫يأذن فيها الن ُّ‬

‫ِ‬
‫اإلسالم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االغتسال عندَ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4372‬ومسلم [‪ ،]1764‬وما بني املعقوفتني زيادة من السرية النبوية [‪ ]638/2‬البن هشام‪.‬‬
‫‪‬‬

‫احلب‪.‬‬
‫البغض‪ ،‬ويث ّب ُت َّ‬
‫َ‬ ‫اإلحسان ُ‬
‫يزيل‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ذلك ِ‬
‫اخلري‪.‬‬ ‫يستمر يف ِ‬
‫عمل َ‬ ‫َّ‬ ‫رشع ل ُه ْ‬
‫أن‬ ‫أسلم َ‬
‫َ‬ ‫ثم‬ ‫عمل ٍ‬
‫خري‪َّ ،‬‬ ‫الكافر إذا أرا َد َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫ذلك مصلح ٌة لإلسال ِم‪ ،‬وال‬ ‫املالطف ُة بم ْن يرجى إس�الم ُه م َن األسارى إذا َ‬
‫كان يف َ‬
‫الكثري)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫إسالمه العد ُد‬ ‫س ّيا م ْن يتبع ُه عىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ مقام ًا‬ ‫فلا أسلم حسن إسالمه‪ ،‬ونفع اهلل ِبه اإلسالم كثري ًا‪ ،‬وقام بعدَ ِ‬
‫وفاة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فيهم خطيب ًا‪َ ،‬‬ ‫مع مسيلم َة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫وذلك أ ّن ُه قا َم ْ‬ ‫حني ارتدّ ت اليام ُة َ‬
‫محيد ًا َ‬

‫عقولكم‪ ،‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬


‫ْ‬ ‫عزب�ت‬
‫ْ‬ ‫«ي�ا بني حنيف َة! أي َن‬
‫ضفدع‬
‫ُ‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [غاف�ر‪ ،[3-1 :‬أي َن هذا م ْن‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫ونصف�ك يف ال ّط ِ‬ ‫نصفك يف ِ‬
‫ِ‬
‫اب تكدّ ري َن‪ ،‬وال‬ ‫الرش َ‬
‫ني‪ ،‬ال ّ‬ ‫املاء‪،‬‬ ‫ي�ا ضفدع�ني‪ ،‬ن ّقي كا تن ّق َ‬
‫ني‪،‬‬
‫كان‬ ‫ٍ‬
‫ولقريش نصفها‪ .‬ولكن قريش ًا قوم يعتدون‪...‬الخ ممّا َ‬ ‫نصف األرض‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تنعني‪ ...‬لنا‬
‫َ‬ ‫املا َء‬
‫هيذي ِبه مسيلم َة»‪.‬‬
‫ِ‬
‫أعضاد مسيلمة)‪.(2‬‬ ‫ففت َ‬
‫ذلك يف‬ ‫املسلمني‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فأطاعه معهم ثالث َة ٍ‬
‫آالف‪ ،‬وانحازوا إىل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ﷺ‬

‫�م يف وجهي‪.‬‬ ‫أس�لمت‪ ،‬وال رآين ّإال ّ‬


‫تبس َ‬ ‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬
‫منذ‬ ‫جرير ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬ما حجبني الن ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ع ْن‬
‫بيده يف ص�دري‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫اخليل‪ ،‬ف�رضب ِ‬
‫ِ‬ ‫أثب�ت عىل‬
‫ُ‬ ‫ش�كوت ِ‬
‫إلي�ه ّأين ال‬ ‫ُ‬ ‫ولق�دْ‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬

‫َ‬
‫الرجل الوجي َه يف قومه له حرم ٌة‪ ،‬ومكان ٌة عىل من هو دونه؛ ألن جرير ًا كان س ّيدَ‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫قومه‪.‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[89/8‬‬


‫)‪ (2‬الروض األنف [‪[418/ 4‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]3036‬ومسلم [‪.[2475‬‬
‫‪‬‬

‫للتكر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫من�اف‬ ‫النبو ِة‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫أخ�الق ّ‬ ‫الوجه من‬ ‫بالتبس�م‪ ،‬وطالقة‬
‫ّ‬ ‫الناس‬ ‫أن لق�ا َء‬
‫وجالب للمو ّد ِة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ُ‬
‫الرجل‬ ‫ذلك ممّا ينبغ�ى أن يتع ّلمه‬ ‫ِ‬
‫اخلي�ل‪ ،‬وأن َ‬ ‫فضل الفروس� ّي ِة‪ ،‬وإحكام ركوب‬ ‫ُ‬
‫والرئيس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الرشيف‬
‫ُ‬
‫يضع عليه‬
‫أش�ار إىل إنس�ان يف خماطبته‪ ،‬أو غريها أن َ‬
‫َ‬ ‫بأس للعاملِ واإلما ِم إذا‬
‫أنه ال َ‬
‫بعض جسده‪ ،‬وذلك من التواضع‪ ،‬وفيه استال ُة النفوس‪.‬‬
‫ويرضب َ‬
‫َ‬ ‫يد ُه‪،‬‬
‫ذلك من‬ ‫َ‬
‫س�قط بع�د َ‬ ‫برك�ة دع�وة النب�ي ﷺ؛ ألنه قد ج�ا َء يف هذا احلديث أنه ما‬
‫ِ‬
‫اخليل)‪.(1‬‬

‫لبس�ت ح ّلتي‪،‬‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫جرير‪ّ :‬ملا‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫حللت عيبتي ‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫أنخت راحلتي‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫املدينة‬ ‫دنوت م َن‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‬
‫)‪(2‬‬
‫ٌ‬
‫دخلت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫باحلدق)‪.(3‬‬ ‫ّاس‬
‫خيطب‪ ،‬فرماين الن ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فإذا‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫فقلت جللييس‪ :‬يا عبدَ اهلل ذكرين‬
‫ُ‬
‫بأحسن ٍ‬
‫ذكر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ذكرك آنف ًا‬ ‫نعم‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫َ‬
‫وق�ال‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫فحمدت اهلل ‪ D‬عىل ما أبالين)‪.(5‬‬
‫ُ‬ ‫جرير‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‬

‫)‪ (1‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[194/5‬‬


‫)‪ (2‬مستودع الثياب والصندوق الذي حيفظ فيه كل يشء نفيس‪.‬‬
‫)‪ (3‬التحديق‪ :‬شدة النظر‪.‬‬
‫)‪ (4‬أثر من اجلال؛ ألهنم يصفون املالئكة باجلال‪ ،‬وكان جرير سيد ًا مطاع ًا مليح ًا طواال بديع اجلال‪ .‬عمدة القاري‬
‫]‪.[186/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه أمحد [‪ ،]18698‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[3193‬‬
‫‪‬‬

‫قال ابن إس�حاق‪ :‬وقدم عىل رس�ول اهلل ﷺ وفدُ ط ّيئ‪ ،‬وفيهم زيدُ اخليل وهو س� ّيدهم‪،‬‬
‫وعرض عليهم اإلسال َم‪ ،‬فأسلموا‪ ،‬وحس َن إسالمهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫فلا انتهوا إليه ك ّلمهم‪،‬‬

‫وقال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬


‫‪.‬‬

‫وكتب له بذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ساه زيد اخلري‪ ،‬وقطع له فيد ًا)‪ (1‬وأرضني معه‪،‬‬
‫ثم ّ‬
‫فخ�رج م�ن ِ‬
‫عند رس�ول اهلل ﷺ راجع ًا إىل قومه‪ ،‬فقال رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫أحس‬ ‫مي�اه ٍ‬
‫نجد ُ‬ ‫فل�ا انته�ى إىل ٍ‬
‫ماء من ِ‬
‫ف�ات‪ ،‬فلا َّ‬
‫َ‬ ‫احلمى هبا‪،‬‬
‫يقال ل�ه‪ :‬فردة‪ ،‬أصابت� ُه ّ‬
‫باملوت أنشدَ ‪:‬‬

‫وقائدهم ورئيس�هم‪:-‬‬ ‫ِ‬


‫القيس‬ ‫‪-‬وكان وافدَ قبيلة ِ‬
‫عبد‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫القيس‬ ‫وقال ألش�ج ِ‬
‫عبد‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫ُ‬
‫العقل‪ ،‬وأما األنا ُة فهي التث ّب ُت‪ ،‬وترك العجلة‪.‬‬ ‫احللم فهو‬
‫ُ‬ ‫«أ ّما‬
‫ِ‬
‫املدينة ب�ادروا إىل‬ ‫ِ‬
‫الوف�د ّملا وصل�وا إىل‬ ‫ذلك ل� ُه‪ :‬ما ج�ا َء َّ‬
‫أن‬ ‫ّب�ي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫وس�بب ق�ول الن ِّ‬
‫ُ‬
‫ثم َ‬
‫أقبل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ولبس أحس� َن ثيابه‪َّ ،‬‬
‫وعقل ناقت ُه‪َ ،‬‬ ‫رحاهلم فجمعها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫األش�ج عندَ‬
‫ُّ‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬وأقا َم‬‫الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫إىل الن ِّ‬
‫احللم‬ ‫ِ‬
‫خصلتني حي ّبه�ا اهلل‪:‬‬ ‫»إن َ‬
‫في�ك‬ ‫َ‬
‫وق�ال ل� ُه‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫جانب�ه‪،‬‬ ‫ّب�ي ﷺ وأجلس� ُه إىل‬
‫ُ‬ ‫فقرب� ُه الن ُّ‬
‫ّ‬
‫واألناةُ»)‪.(3‬‬
‫)‪ (1‬اسم مكان برشقي سلمى أحد جبال طيئ‪ ،‬وهو الذي ينسب إليه محى ٍ‬
‫فيد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ]17‬عن ابن عباس ‪.L‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[189/1‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫تصديقه‪،‬‬ ‫ائف‪ ،‬ومل جييبوه إىل ما دعاهم ِ‬
‫إليه م ْن‬ ‫أهل ال ّط ِ‬
‫انرصف ع ْن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّملا‬ ‫ّ‬
‫فإن‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫حراء‪.‬‬ ‫صار إىل‬ ‫ِ‬
‫ونرصته َ‬
‫جيري‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫رشيق؛ ليجري ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ثم َ‬
‫واحلليف ال ُ‬
‫ُ‬ ‫حليف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فقال‪ :‬أنا‬ ‫األخنس بن‬ ‫بعث إىل‬ ‫ّ‬
‫جتري عىل بني ٍ‬
‫كعب‪.‬‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو‪َ ،‬‬
‫فقال‪ّ :‬‬ ‫سهيل ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫إن بني عامر ال ُ‬ ‫فبعث إىل‬

‫عدي‪ ،‬فأجاب ُه إىل َ‬


‫ذلك‪.‬‬ ‫فبعث إىل املطع ِم ِ‬
‫بن ٍّ‬ ‫َ‬

‫خرج معه هو‬


‫أصبح َ‬
‫َ‬ ‫تلك الليل َة‪ ،‬فلا‬
‫فبات عنده َ‬
‫فذهب إليه رسول اهلل ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫السيوف مجيع ًا‪ ،‬فدخلوا املسجدَ ‪.‬‬ ‫وبنو ُه س ّت ًة‪ ،‬أو سبع ًة متق ّلدي‬
‫ِ‬
‫املطاف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بحائل سيوفهم يف‬ ‫طف‪ .‬واحتبوا‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪ْ :‬‬ ‫وقال‬

‫تابع؟‬ ‫فأقبل أبو سفيان إىل مطع ٍم‪ ،‬فقال‪ٌ :‬‬


‫أجمري‪ ،‬أو ٌ‬

‫جمري‪.‬‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬بل ٌ‬

‫قال‪ :‬إذ ًا ال ُ‬
‫ختفر‪.‬‬

‫انرصف انرصف�وا معه‪ ،‬وذهب أبو‬


‫َ‬ ‫فجل�س معه حتى قىض رس�ول اهلل ﷺ طواف�ه‪ ،‬فلا‬
‫َ‬
‫سفيان إىل جملسه‪.‬‬
‫ِ‬
‫اهلجرة‪.‬‬ ‫فمكث أيام ًا‪ ،‬ثم َ‬
‫أذن له يف‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫حس ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫�ان ب ُن‬ ‫بيس�ري‪ ،‬فقال ّ‬ ‫عدي بعده‬
‫املطعم ب ُن ٍّ‬
‫ُ‬ ‫هاجر رس�ول اهلل ﷺ إىل املدينة ّ َ‬
‫تويف‬ ‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ثابت‪ :‬واهلل ألرثينّه‪.‬‬

‫فقال فيا قال‪:‬‬


‫‪‬‬

‫النبي ﷺ يوم ٍ‬
‫بدر عن األس�ارى‪:‬‬ ‫وهلذا قال ُّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫ٍ‬
‫وزيت‪،‬‬ ‫بن عبادةَ‪ ،‬فج�ا َء ٍ‬
‫بخبز‬ ‫ِ‬
‫س�عد ِ‬ ‫ّبي ﷺ جا َء إىل‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َّ :I‬‬ ‫ِ‬
‫أن�س بن‬ ‫ع� ْن‬
‫أن الن َّ‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫َ‬
‫فأكل‪َّ ،‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫الصائمني ُّ‬
‫تدل‬ ‫ألن َ‬
‫أفعال‬ ‫ِ‬
‫باخلري والركة‪َّ ،‬‬ ‫خر بمعنى الدّ ِ‬
‫عاء‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫أعجز‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عجز عن نفسه‪ ،‬فهو عن غريه‬
‫اخلري إذ من َ‬ ‫ِ‬
‫وكثرة ِ‬ ‫ِ‬
‫احلال‪،‬‬ ‫عىل اتّسا ِع‬

‫أعم ممّا قبلها‪.‬‬ ‫ِ‬


‫صائمني‪ ،‬ومفطرين‪ ،‬فمفا ُد هذه اجلملة ُّ‬
‫استغفرت لكم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬

‫أن اجلمل َة دعائ ّي ٌة‪ ،‬وهو‬


‫يدعو له بذلك بنا ًء عىل َّ‬
‫َ‬ ‫صائم أن‬
‫ٌ‬ ‫يندب ملن أفطر عنده‬
‫أن�ه ُ‬
‫أقرب من جعلها خر ّي ًة)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف منزلنا‪.‬‬ ‫بن ٍ‬
‫سعد ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬زارنا‬ ‫قيس ِ‬
‫ع ْن ِ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫بحيث ال يسمع رسول اهلل ﷺ[‬ ‫فر َّد سعدٌ ر ّد ًا خف ّي ًا‪ْ .‬‬
‫[أي‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[3139‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]3854‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1226‬‬
‫)‪ (3‬فيض القدير [‪.[54/2‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬أال ُ‬
‫تأذن‬ ‫ُ‬ ‫قيس‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫السال ِم‪.‬‬
‫يكثر علينا م َن ّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ذر ُه ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫فر َّد سعدُ ر ّد ًا خف ّي ًا‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫تسليمك‪ ،‬وأر ُّد‬ ‫أسمع‬
‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬قدْ ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬واتّبع ُه سعدٌ ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ُ‬ ‫فرجع‬
‫َ‬
‫السالم‪.‬‬
‫لتكثر علينا م َن ّ‬
‫َ‬ ‫عليك ر ّد ًا خف ّي ًا؛‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ٍ )‪(1‬‬ ‫ُ‬
‫ثم ناول ُه ملحف ًة‬
‫فاغتسل‪َّ ،‬‬ ‫فوضع‬
‫َ‬ ‫فأمر ل ُه س�عدٌ بغس�ل‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫فانرصف مع ُه‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فاشتمل هبا)‪.(2‬‬ ‫ٍ‬
‫وورس‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بزعفران‬ ‫مصبوغ ًة‬
‫ُ‬
‫يق�ول‪:‬‬ ‫وه�و‬ ‫ِ‬
‫يدي�ه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫رف�ع‬
‫َ‬ ‫ث�م َ‬‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إليه س�عدٌ مح�ار ًا قدْ و ّط َأ ِ‬
‫االنرصاف قرب ِ‬
‫بقطيفة‪،‬‬ ‫عليه‬ ‫َ ّ َ‬ ‫أصاب م َن ال ّطعا ِم‪ّ ،‬‬
‫فلا أرا َد‬ ‫َ‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فركب‬
‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫اصحب‬
‫ْ‬ ‫قيس!‬ ‫َ‬
‫فقال سعدٌ ‪ :‬يا ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قيس‪َ :‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فأبيت‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫فانرصفت)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫اخلطمي وغريه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (1‬ما يغسل ِبه م َن‬
‫)‪ (2‬امللحفة‪ :‬اللباس الذي فوق سائر اللباس من دثار الرد ونحوه‪ ،‬وكل يشء تغطيت به فقد التحفت به‪ ،‬والورس‪:‬‬
‫نبت أصفر يصبغ به‪.‬‬
‫وصحح‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أمح�د [‪ ،]15050‬وأب�و داود [‪ ،]5185‬وق�ال اب�ن حجر يف الفتح [‪" :[170/11‬س�نده جيد"‪،‬‬
‫إسناده اب ُن امللقن يف البدر املنري [‪ ،]256/2‬وقال ابن كثري يف تفسريه [‪ :]37/6‬جيد قوي‪ ،‬وضعفه األلباين يف‬
‫ضعيف أيب داود [‪.[5185‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫حضري ‪ -‬وكان أس�يد م�ن عقالء األرشاف‪ ،‬وذوي ال�رأي‪ ،‬وأحد النقباء‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫أس�يد ِ‬ ‫ع ْن‬
‫االثني عرش ليلة العقبة ‪َ -‬‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫خارصته‬ ‫ّب�ي ﷺ يف‬ ‫َ ِ‬ ‫هو حي�دّ ُ‬
‫يضحكه�م‪ ،‬فطعن ُه الن ُّ‬
‫ْ‬ ‫مزاح‪ ،‬بينا‬
‫وكان في�ه ٌ‬ ‫ث القو َم‪،‬‬ ‫بين�ا َ‬
‫ٍ‬
‫بعود‪.‬‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬أصرين)‪.(1‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫قميص‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عيل‬ ‫عليك قميص ًا‪َ ،‬‬
‫وليس َّ‬ ‫َ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬

‫أردت هذا يا‬ ‫وجعل يق ّب ُل كش�ح ُه)‪َ ،(2‬‬


‫وقال‪ :‬إنّا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫قميصه‪ ،‬فاحتضن ُه‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ ع ْن‬
‫ُ‬ ‫فرفع الن ُّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل)‪.(3‬‬

‫رجل‬ ‫ِ‬
‫اخلندق‪ ،‬رما ُه ٌ‬ ‫أصيب سعدٌ بن معاذ [س ّيد األوس] يو َم‬
‫َ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ن عائش َة ‪J‬‬ ‫ع ْ‬
‫ِ‬
‫العرقة‪.‬‬ ‫يقال ل ُه ح ّب ُ‬
‫ان ب ُن‬ ‫ٍ‬
‫قريش ُ‬ ‫م ْن‬

‫)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫املسجد‬ ‫ّبي ﷺ له خيم ًة يف‬
‫فرضب الن ُّ‬
‫َ‬
‫حني‬ ‫بن ٍ‬
‫معاذ َ‬ ‫ِ‬
‫بس�عد ِ‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬
‫يفعل‬ ‫ِ‬
‫العيادة س�نّ ٌة؛ ملا َ‬ ‫قال أبو ِ‬
‫َ‬
‫كان الن ُّ‬ ‫«تكرار‬
‫ُ‬ ‫يب‪:‬‬
‫بكر ب ُن العر ِّ‬
‫ٍ‬
‫قريب»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫املسجد؛ ليعود ُه م ْن‬ ‫ٍ‬
‫خيمة يف‬ ‫رضب ل ُه‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األحزاب‬ ‫رمي ي�و َم‬
‫ق�ال‪َ :‬‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫جابر بن عب�د اهلل ‪ L‬أ ّن ُه َ‬

‫أي‪ :‬أقدرين‪ ،‬وم ّكنّي ِ‬


‫من استيفاء القصاص حتّى أطع َن يف خارصتك كا طعنت يف خارصيت‪.‬‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫الضلع األقرص م ْن أضالع اجلنب‪ .‬مرقاة املفاتيح [‪[2968/7‬‬
‫هو ما بني اخلارصة إىل ّ‬
‫)‪َ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]5224‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]463‬ومسلم [‪.[1769‬‬
‫)‪ (5‬حتفة األحوذي [‪.[38/4‬‬
‫‪‬‬

‫فانتفخت يد ُه‪ ،‬فحسم ُه‪،‬‬


‫ْ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ بالن ِّار‪،‬‬
‫ُ‬ ‫س�عدُ بن ٍ‬
‫معاذ‪ ،‬فقطعوا أكحل ُه)‪ ،(1‬فحس�م ُه‬ ‫ُ‬
‫ذلك َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫فلا رأى َ‬
‫فانتفخت ي�د ُه‪ ،‬فنزف ُه‪ّ .‬‬
‫ْ‬ ‫فانتفخ�ت يد ُه‪ ،‬فحس�م ُه أخرى‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫فلا فر َغ م ْن أمرهم َ‬ ‫ٍ‬


‫انفتق‬ ‫قطر قطر ًة حتّى نزلوا عىل حك ِم سعد‪ّ ...‬‬ ‫َ‬
‫فاستمسك عرق ُه‪ ،‬فا َ‬
‫فات)‪.(2‬‬
‫عرق ُه َ‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إ ْذ جاء ُه ٌ‬ ‫عمر ‪ L‬أ ّن ُه َ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫رجل م َن‬ ‫قال‪ :‬كنّا جلوس� ًا َ‬
‫مع‬ ‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنصاري‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫أدبر‬
‫ثم َ‬ ‫األنصار‪ ،‬فس ّل َم عليه‪َّ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫صالح‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫قالنس‪ ،‬وال‬
‫ُ‬ ‫خف�اف‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫عرش‪ ،‬م�ا علينا ٌ‬
‫نع�ال‪ ،‬وال‬ ‫فق�ا َم‪ ،‬وقمن�ا مع ُه‪ ،‬ونح� ُن بضع َة َ‬
‫السباخِ )‪ (3‬حتّى جئنا ُه‪.‬‬ ‫قمص‪ ،‬نميش يف َ‬
‫تلك ّ‬ ‫ٌ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأصحاب ُه ا ّلذي َن مع ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫حوله حتّى دنا‬ ‫فاستأخر قوم ُه)‪ (4‬م ْن‬
‫َ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ال يا‬
‫ِ‬
‫وسط ّ‬ ‫ُ‬
‫الذرا ِع ُ‬
‫يكثر فصد ُه‪ .‬النهاية [‪[154/4‬‬ ‫األكحل‪ :‬عرق يف‬ ‫)‪(1‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]14359‬والرتمذي [‪ ،]1582‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[1213‬‬
‫)‪ (3‬األرض السبخة‪ :‬هي التي يعلوها امللوحة‪ ،‬وال تكاد تنبت‪ .‬النهاية [‪[333/2‬‬
‫ً‬
‫وإنزاال للناس منازهلم‪ ،‬وليتأنس هبم املريض‪ ،‬ويذهب عنه بعض الكالل الذي حيصل‬ ‫)‪ (4‬استأخر قومه إكرام ًا للوافد‪،‬‬
‫له من طول مالزمة من عنده‪.‬‬
‫دليل الفاحلني لطرق رياض الصاحلني [‪[464/4‬‬
‫)‪ (5‬فيه معنى االستفهام‪ ،‬أي‪ :‬أقد خرج من الدنيا‪ ،‬ظ َّن أنه قد مات‪ ،‬فسأل عن ذلك‪ .‬عمدة القاري [‪.[104/8‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ بكوا‪.‬‬
‫فلا رأى القو ُم بكا َء الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫فبكى الن ُّ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫ِ‬
‫املريض‪.‬‬ ‫السؤال ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املريض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عيادة‬ ‫استحباب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للمفضول‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفاضل‬ ‫عياد ُة‬

‫عياد ُة اإلما ِم والقايض والعاملِ أتباع ُه‪.‬‬

‫مع أصحابه‪.‬‬
‫املريض َ‬
‫َ‬ ‫عياد ُة اإلما ِم والعاملِ‬
‫الز ِ‬
‫هد يف الدنيا‪ ،‬والتق ّلل منها‪ ،‬وا ّط ِ‬
‫راح فضوهلا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وفيه‪ :‬ما كان عليه الصحاب ُة ‪ ‬من ّ‬
‫ِ‬
‫اللباس‪ ،‬ونحوه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بفاخر‬ ‫وعد ِم االهتا ِم‬

‫امليش حافي ًا)‪.(2‬‬


‫جواز ِ‬
‫ُ‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫األنصار‪:‬‬ ‫ِ‬
‫سادة‬ ‫طلب مشور َة‬ ‫ففي ٍ‬
‫بدر َ‬
‫َ‬
‫سفيان‪.‬‬ ‫حني بلغ ُه ُ‬
‫إقبال أيب‬ ‫شاور َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫ع ْن ِ‬
‫َ‬
‫فأعرض عن ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫فتك ّل َم أبو ٍ‬
‫بكر‪،‬‬

‫فأعرض عن ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ثم تك ّل َم ُ‬
‫عمر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل؟ وا ّلذي نف�يس بيده ْ‬
‫ل�و أمرتنا ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫فق�ا َم س�عدُ ب� ُن عباد َة َ‬
‫فق�ال‪ :‬إ ّيان�ا تريدُ يا‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]1304‬ومسلم [‪.[924‬‬


‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]176/3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[227/6‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الغاد)‪(1‬؛ لفعلنا‪.‬‬ ‫أن نرضب أكبادها إىل ِ‬
‫برك‬ ‫ولو أمرتنا ْ‬
‫َ‬ ‫البحر؛ ألخضناها‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫نخيضها‬
‫ّاس‪ ،‬فانطلقوا حتّى نزلوا بدر ًا)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ الن َ‬ ‫فندب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل ﷺ بقول ٍ‬
‫سعد‪ّ ،‬‬
‫ونشط ُه ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فر‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫للقتال‬ ‫أن خيرجوا مع ُه‬‫بايعهم عىل ْ‬ ‫إنّا قصدَ ﷺ اختبار األنصار؛ أل ّن ُه مل ْ يك ْن‬
‫ْ‬
‫لعري أيب س�فيان‬ ‫اخلروج ِ‬
‫َ‬ ‫عرض‬ ‫فلا َ‬
‫أن يمنعو ُه مم ّ ْن يقصد ُه‪ّ ،‬‬ ‫بايعهم عىل ْ‬
‫ْ‬ ‫العدو‪ ،‬وإنّا‬
‫ِّ‬ ‫وطلب‬
‫املرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫يوافقون عىل َ‬ ‫أرا َد ْ‬
‫ج�واب باملوافقة التّا ّمة يف هذه ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬فأجابو ُه أحس� َن‬ ‫يعل�م ّأهن ْم‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫وغريها‪.‬‬
‫الر ِ‬
‫أي‪ ،‬واخلرة)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫وأهل ّ‬ ‫ِ‬
‫األصحاب‪،‬‬ ‫استشار ُة‬
‫بن عباد َة يش�اورمها‬ ‫ِ‬
‫وس�عد ِ‬ ‫س�عد بن ٍ‬
‫معاذ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إىل‬ ‫َ‬
‫أرس�ل‬ ‫ِ‬
‫اخلندق‬ ‫ويف يو ِم‬
‫ج�اءت ٌ‬
‫قريش يف‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬وذلك بعدَ أن‬ ‫حصن من ِ‬
‫ت�ر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ عيين� َة ب َن‬ ‫في�ا أراد أن يعطي� ُه‬
‫أخطب إىل بني‬ ‫حيي بن‬ ‫َ‬ ‫آالف‪ ،‬وجاء عيين ُة بن حصن يف‬ ‫عرشة ٍ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫وتوج َه ُّ‬
‫ّ‬ ‫معهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫غطفان‪ ،‬وم ْن‬
‫هبم البال ُء‪.‬‬
‫غدرهم‪ ،‬فاشتدَّ ُ‬
‫ْ‬ ‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫هبم حتّى غدروا‪َ ،‬‬
‫وبلغ‬ ‫يزل ْ‬ ‫فلم ْ‬ ‫قريظ َة‪ْ ،‬‬
‫لينرصف بم ْن مع ُه‬ ‫ِ‬
‫املدينة؛‬ ‫ثلث ِ‬
‫ثار‬ ‫ٍ‬
‫حصن‪ ،‬وم ْن مع ُه َ‬ ‫يعطي عيين َة ب َن‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فأرا َد الن ُّ‬
‫األحزاب‪.‬‬
‫َ‬ ‫وخيذ َل‬
‫غطفان‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫م ْن‬
‫ِ‬
‫األنصار؛ ألهنا‬ ‫ِ‬
‫س�ائر‬ ‫بن عباد َة َ‬
‫دون‬ ‫ِ‬
‫وس�عد ِ‬ ‫بن معاذ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س�عد ِ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إىل‬ ‫َ‬
‫فأرس�ل‬
‫ِ‬
‫لألوس‪ ،‬وكان سعدُ بن عباد َة س ّيد ًا للخرزج‪،‬‬ ‫كانا سيدي قومها‪ ،‬فكان سعدُ بن ٍ‬
‫معاذ س ّيد ًا‬ ‫ُ‬ ‫ّ ْ‬
‫فشاورمها يف َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫حصار املس�لمني يو َم‬ ‫املس�لمني – أي‪:‬‬
‫َ‬ ‫هذه ُ‬
‫احلال عىل‬ ‫طالت ِ‬
‫ْ‬ ‫قال اب ُن الق ّيم ‪« :V‬و ّملا‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫غطفان‬ ‫رئييس‬ ‫ٍ‬
‫عوف‬ ‫َ‬
‫واحلارث ب َن‬ ‫ٍ‬
‫حصن‪،‬‬ ‫يصالح عيين َة ب َن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫اخلندق‪ -‬أرا َد‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وجرت املراوض ُة عىل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬وينرصفا بقومها‪،‬‬ ‫ثلث ِ‬
‫ثار‬ ‫عىل ِ‬

‫موضع وراء م ّك َة بخمس ٍ‬


‫ليال‪ .‬النهاية [‪.[121/1‬‬ ‫هو‬
‫وقيل َ‬ ‫ِ‬
‫باليمن‪َ .‬‬ ‫اسم موض ٍع‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫هو ُ‬‫)‪َ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1779‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[124/12‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫أمرك هبذا‪ ،‬فسمع ًا وطاع ًة‪،‬‬ ‫إن َ‬
‫كان اهلل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ْ‬ ‫�عدين يف َ‬
‫ذلك‪ ،‬فقاال‪ :‬يا‬ ‫ِ‬ ‫الس‬
‫فاستش�ار ّ‬
‫َ‬
‫كان شيئ ًا تصنعه لنا‪ ،‬فال حاج َة لنا ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫وإن َ‬‫ْ‬
‫ُ‬
‫يطمعون ْ‬
‫أن يأكلوا‬ ‫َ‬ ‫وهم ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهؤالء القو ِم عىل ّ ِ‬
‫الرشك باهللِ‪ ،‬وعبادة األوثان‪ْ ،‬‬ ‫لقدْ كنّا نح ُن‬
‫نعطيهم‬
‫ْ‬ ‫فح�ني أكرمنا اهلل باإلس�ال ِم‪ ،‬وهدانا ل ُه‪ّ ،‬‬
‫وأعزن�ا بك‬ ‫َ‬ ‫منه�ا ثمر ًة ّإال ً‬
‫ق�رى‪ْ ،‬أو بيع ًا‪،‬‬
‫أموالنا؟‬

‫يف‪.‬‬ ‫نعطيهم ّإال ّ‬


‫الس َ‬ ‫ْ‬ ‫واهلل ال‬
‫فص�و َب رأهيا‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫عمر ‪:I‬‬
‫أمري املؤمنني ُ‬
‫فعل ُ‬‫وكذلك َ‬

‫كان بر َغ لقي ُه‬


‫الشأ ِم حتّى إذا َ‬
‫خرج إىل ّ‬ ‫عمر ب َن اخل ّط ِ‬ ‫بن ع ّب ٍ‬
‫اس َّ‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫اب ‪َ I‬‬ ‫أن َ‬ ‫ْ‬
‫الشأ ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بأرض ّ‬ ‫وقع‬ ‫اح‪ ،‬وأصحاب ُه‪ ،‬فأخرو ُه َّ‬ ‫اجلر ِ‬ ‫ِ‬
‫أن الوبا َء قدْ َ‬ ‫أمرا ُء األجناد أبو عبيد َة ب ُن ّ‬
‫وأخرهم‬
‫ْ‬ ‫فاستش�ارهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فدعاهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫لني‪،‬‬
‫األو َ‬
‫ادع يل املهاجري َن ّ‬
‫عمر ُ‬ ‫اس‪َ :‬‬
‫فقال ُ‬ ‫قال اب ُن ع ّب ٍ‬
‫َ‬
‫ترجع‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬
‫ألم�ر‪ ،‬وال نرى ْ‬ ‫خرجت‬
‫َ‬ ‫بعضهم‪ :‬قدْ‬
‫ْ‬ ‫بالش�أ ِم‪ ،‬فاختلف�وا‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫وقع ّ‬ ‫َّ‬
‫أن الوب�ا َء قدْ َ‬
‫تقدمهم عىل‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وال نرى ْ‬ ‫وأصحاب‬
‫ُ‬ ‫معك بق ّي ُة الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫بعضهم‪َ :‬‬ ‫عن ُه‪َ ،‬‬
‫وقال‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الوباء‪.‬‬ ‫هذا‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬ارتفعوا عنّي‪.‬‬
‫فاستشارهم‪ ،‬فسلكوا َ‬
‫سبيل املهاجري َن‪ ،‬واختلفوا‬ ‫ْ‬ ‫فدعوهتم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫األنصار‪،‬‬
‫َ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬ادعوا يل‬ ‫َّ‬
‫كاختالفهم‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ارتفعوا عنّي‪.‬‬ ‫ْ‬
‫فلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ادع يل م ْن َ‬ ‫ث�م َ‬
‫فدعوهتم‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫الفت�ح‪،‬‬ ‫مهاجرة‬ ‫قري�ش م ْن‬ ‫مش�يخة‬ ‫كان ها هنا م ْن‬ ‫ق�ال‪ُ :‬‬ ‫َّ‬
‫ّاس‪ ،‬وال تقدمهم ع�ىل هذا الوباء‪ِ،‬‬
‫ترج�ع بالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منه�م عليه رجالن‪ ،‬فقال�وا‪ :‬نرى ْ‬
‫أن‬ ‫خيتل�ف‬
‫ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ظهر‪ ،‬فأصبحوا ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ّاس‪ّ :‬إين مص ّب ٌح عىل ٍ‬
‫عمر يف الن ِ‬
‫فنادى ُ‬

‫)‪ (1‬زاد املعاد [‪ ،]240/3‬وانظر‪ :‬السرية النبوية [‪ ]223/2‬البن هشام‪.‬‬


‫‪‬‬

‫اح‪ :‬أفرار ًا م ْن ِ‬
‫قدر اهللِ؟‬ ‫اجلر ِ‬ ‫َ‬
‫قال أبو عبيد َة ب ُن ّ‬
‫َ‬
‫غريك قاهلا يا أبا عبيدةَ!‬ ‫عمر‪ْ :‬لو‬ ‫َ‬
‫فقال ُ‬
‫ِ‬
‫عدوتان [أي‪:‬‬ ‫هبطت وادي ًا ل ُه‬ ‫لك ٌ‬
‫إب�ل‬ ‫أرأيت ْلو َ‬
‫كان َ‬ ‫قدر اهلل إىل ِ‬
‫قدر اهللِ‪،‬‬ ‫نفر م� ْن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫نع�م ُّ‬
‫ْ‬
‫وإن‬ ‫رعيت اخلصب� َة رعيتها ِ‬
‫بقدر اهللِ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أليس ْ‬
‫إن‬ ‫جانب�ان] إحدامها خصب ٌة‪ ،‬واألخ�رى جدب ٌة َ‬
‫رعيت اجلدب َة رعيتها ِ‬
‫بقدر اهللِ؟‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪َّ :‬‬
‫إن عندي يف‬ ‫ِ‬
‫حاجته‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫وكان متغ ّيب� ًا يف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ع�وف‪،‬‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب ُن‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬فج�ا َء عبدُ ّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫هذا عل ًا‪،‬‬
‫‪.‬‬

‫انرصف)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫عمر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فحمدَ اهلل ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫املوبوءة‪،‬‬ ‫األرض‬ ‫ِ‬
‫اخلروج من‬ ‫ّهي عن‬ ‫من ال ّطرق الوقائ ّية من العدوى يف ّ‬
‫السنّة النبو ّية‪ :‬الن ُ‬
‫ِ‬
‫الدخول إليها‪.‬‬ ‫أو‬

‫الص ّح ُّي من طرق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫احلجر ّ‬
‫ُ‬ ‫الص ّح ِّي‪ ،‬ويعدُّ‬
‫باحلجر ّ‬ ‫احلديث‬ ‫الطب‬
‫ِّ‬ ‫ويعرف هذا اإلجرا ُء يف‬
‫ُ‬
‫سبق اإلسال ُم إليها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوقاية التي َ‬

‫بإذن اهلل‬ ‫ٍ‬


‫حمدود يتح ّق ُق ِ‬ ‫ِ‬
‫املرض يف مكان‬ ‫ح�رص‬ ‫ِ‬
‫احلديث أن‬ ‫الطب‬ ‫توص َل العلا ُء يف‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫وق�د ّ‬
‫ِ‬
‫املوبوءة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ِ‬
‫اخلروج من‬ ‫بمن ِع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطب‬
‫َّ‬ ‫األرض املوبوءة يم ّث ُل حجر ًا ّ‬
‫صح ّي ًا س�بق إليه اإلس�ال ُم‬ ‫ِ‬
‫اخلروج من‬ ‫ّه�ي عن‬
‫فالن ُ‬
‫ِ‬
‫املوب�وءة يع�دُّ إج�را ًء وقائ ّي� ًا َ‬
‫س�بق إليه‬ ‫ِ‬
‫الدخ�ول إىل األرض‬ ‫من�ع‬ ‫ِ‬
‫الس�نني‪ ،‬ك�ا َّ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬ ‫بمئ�ات‬
‫اإلسالم)‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5729‬ومسلم [‪.[2219‬‬


‫الصح ّي�ة يف اإلس�الم دراس�ة حديثي�ة للدكت�ور عيل بن جاب�ر وادع الثبيت�ي‪ .‬جملة البحوث اإلس�المية‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬الوقاي�ة‬
‫]‪.[372-371/71‬‬
‫‪‬‬

‫قال يف أس�ارى ٍ‬
‫بدر‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫جب�ري بن مطع ٍم ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ع� ْن‬
‫)‪.(1‬‬

‫ع�دي بعدَ‬
‫ٍّ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫ج�وار املطع ِم ِ‬ ‫النبي ﷺ ّمل�ا َ‬
‫دخل يف‬ ‫وذل�ك مكاف�أة ل�ه عىل معروفه جت�ا َه ِّ‬
‫ِ‬
‫الطائف ّملا كان بم ّك َة كا تقدم‪.‬‬ ‫رجوعه م َن‬
‫األدرع‪.‬‬ ‫استعار منه‬ ‫ٍ‬
‫حنني بعدما‬ ‫ِ‬
‫غزوة‬ ‫صفوان ب َن أمي َة‪ ،‬وتأ ّل َ‬
‫ف قلبه بعد‬ ‫َ‬ ‫وقد َ‬
‫كافأ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر أدراع ًا‪.‬‬
‫استعار من ُه يو َم خي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫أن‬ ‫صفوان ِ‬
‫بن أم ّي َة ‪َّ I‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬أغصب ًا يا ّ‬
‫حممدُ ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫أن يضمنه�ا ل� ُه‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪ :‬أن�ا اليو َم‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ْ‬ ‫ِ‬
‫علي�ه‬ ‫فع�رض‬
‫َ‬ ‫فض�اع بعضه�ا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫َ‬
‫أرغب)‪.(2‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل يف اإلسال ِم‬ ‫يا‬
‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫رسول اهلل ﷺ غزو َة‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬غزا‬ ‫ٍ‬
‫شهاب َ‬ ‫عن ِ‬
‫ابن‬ ‫رسول اهلل ﷺ يو َم حنني‪ِ :‬‬ ‫ُ‬ ‫عوض ُه‬ ‫ثم ّ‬
‫فنرص اهلل دين ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫فت�ح م ّك َة‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫املس�لمني‪ ،‬فاقتتلوا بحن�ني‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ بم ْن مع ُه م َن‬ ‫خرج‬
‫ثم َ‬
‫واملسلمني‪.‬‬
‫َ‬
‫ثم مائ ًة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ثم مائ ًة‪َّ ،‬‬
‫صفوان ب َن أم ّي َة مائ ًة م َن النّع ِم‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫يومئذ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫وأعطى‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬واهلل لقدْ أعطاين‬ ‫صفوان َ‬
‫َ‬ ‫ب َّ‬
‫أن‬ ‫شهاب‪ :‬حدّ ثني سعيدُ ب ُن املس ّي ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫قال اب ُن‬
‫ألحب الن ِ‬
‫ّاس إ َّيل)‪.(3‬‬ ‫ُّ‬ ‫برح يعطيني حتّى إ ّن ُه‬ ‫ألبغض الن ِ‬
‫ّاس إ َّيل‪ ،‬فا َ‬ ‫ُ‬ ‫ما أعطاين‪ ،‬وإ ّن ُه‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬أتى‬ ‫بن ِ‬ ‫وكاف�أ عب�د اهلل بن أيب بن س�لول‪ ،‬ع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫ونفث ِ‬
‫عليه م ْن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ركبتيه‪،‬‬ ‫فأخرج‪ ،‬فوضع ُه عىل‬ ‫فأمر ِبه‪،‬‬ ‫يب بعدَ ما َ‬
‫َ‬ ‫أدخل حفرت ُه‪َ ،‬‬ ‫عب�دَ اهلل ب� َن أ ٍّ‬
‫وكان كسا ع ّباس ًا قميص ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫أعلم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ريقه‪ ،‬وألبس ُه قميص ُه‪ ،‬فاهلل ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[3139‬‬


‫وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[1513‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]3562‬وأمحد [‪ ،]14878‬واللفظ له‪،‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2313‬‬
‫‪‬‬

‫فقال ل ُه اب ُن‬ ‫ِ‬


‫قميصان‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫وكان عىل‬ ‫َ‬
‫هارون‪:‬‬ ‫س�فيان بن عيينة‪َ :‬‬
‫وقال أبو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫َ‬
‫جلدك‪.‬‬ ‫قميصك ا ّلذي ييل‬
‫َ‬ ‫ألبس أيب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهللِ‪ْ ،‬‬ ‫عبد اهللِ‪ :‬يا‬

‫صنع)‪.(1‬‬
‫ألبس عبدَ اهلل قميص ُه؛ مكافأ ًة ملا َ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫فريون َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سفيان‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬


‫البجيل ‪َ I‬‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫جرير ِ‬
‫قال يل الن ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫عبد اهلل‬ ‫عن‬
‫أمحس‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يس�مى الكعب َة الياني َة)‪.(2‬‬ ‫وكان بيت ًا يف‬
‫َ‬
‫فارس م ْن َ‬ ‫ومائة‬ ‫مخس�ني‬
‫َ‬ ‫فانطلقت يف‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫خثعم‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اخليل‪.‬‬ ‫أثبت عىل‬
‫وكنت ال ُ‬
‫ُ‬ ‫أصحاب ٍ‬
‫خيل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وكانوا‬

‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أصابعه يف صدري‪َ ،‬‬ ‫أثر‬
‫رأيت َ‬
‫ف�رضب يف صدري حتّى ُ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫بعث إىل‬ ‫وحرقها‪َّ ،‬‬
‫فانطلق إليها‪ ،‬فكرها‪ّ ،‬‬
‫َ‬

‫أجرب)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫كأهنا ٌ‬
‫مجل‬ ‫َ‬
‫جئتك حتّى تركتها ّ‬ ‫باحلق ما‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ٍ‬
‫جرير‪ :‬وا ّلذي َ‬ ‫ُ‬
‫رسول‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫خيل أمحس‪ ،‬ورجاهلا ‪-‬مخس مر ٍ‬
‫ات‪.(4)-‬‬ ‫فبارك يف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫أرشافهم)‪.(5‬‬
‫ْ‬ ‫هو م ْن‬ ‫َ‬
‫وكان َ‬ ‫كانت يف بالد قومه‪،‬‬
‫ألهنا ْ‬ ‫َ‬
‫بذلك ّ‬ ‫وخص جرير ًا‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫بني ظهرا ِ‬ ‫وك ّل َ‬
‫ين ال ّطائف يس� ُ‬
‫رت‪،‬‬ ‫الر ّبة‪ ،‬وث ٌن َ‬
‫كان َ‬ ‫َ‬
‫س�فيان هب�د ِم ّ‬ ‫ف املغري َة ب َن ش�عب َة‪ ،‬وأبا‬
‫وهيدى له اهلدي كا هيدى ِ‬
‫لبيت اهلل احلرا ِم)‪.(6‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪- ]1350‬واللفظ له‪ -‬ومسلم [‪ ]2773‬خمترص ًا‪.‬‬


‫فيه أصنا ٌم يعبدوهنا‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[35/16‬‬ ‫كان ِ‬
‫بيت يف اليمن َ‬ ‫وهو ٌ‬
‫)‪َ (2‬‬
‫صارت سوداء م ْن إحراقها‪ .‬رشح النووي عىل‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫لذلك‪ ،‬يعني‬ ‫فصار أسود‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪ (3‬معنا ُه ّ‬
‫مطيل بالقطران ملا به م ْن اجلرب‪،‬‬
‫َ‬
‫صحيح مسلم [‪.[36/16‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]3020‬ومسلم [‪.[2476‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[72/8‬‬
‫)‪ (6‬زاد املعاد [‪.[523/3‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اهليئات من‬ ‫ٍ‬
‫حن�ني بعدما أفا َء اهلل عىل رس�وله ﷺ م� َن الغنائ ِم أعط�ى ذوي‬ ‫ِ‬
‫غزوة‬ ‫فبع�د‬
‫ٍ‬
‫أعطيات كثريةً‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش‬ ‫فة قلوهبم‪ ،‬وحديثي اإلسال ِم من‬ ‫املؤ ّل ِ‬

‫َ‬
‫وصفوان ب َن‬ ‫ٍ‬
‫حرب‪،‬‬ ‫َ‬
‫سفيان ب َن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ أبا‬ ‫قال‪ :‬أعطى‬ ‫خديج ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬‫عن راف ِع ِ‬
‫اس‬ ‫ِ‬ ‫منهم مائ ًة م َن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حابس‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أم ّي َة‪ ،‬وعيين َة ب َن‬
‫اإلبل‪ ،‬وأعطى ع ّب َ‬ ‫كل إنسان ْ‬ ‫واألقرع ب َن‬
‫َ‬ ‫حصن‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مرداس‪:‬‬ ‫اس ب ُن‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬
‫فقال ع ّب ُ‬ ‫مرداس َ‬
‫دون َ‬ ‫ٍ‬ ‫ب َن‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مائ ًة)‪.(1‬‬ ‫فأتم ل ُه‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫كبري يف نفوس�هم‪ ،‬فمنهم م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أث�ر ٌ‬
‫وكان هل�ذه املعاملة ٌ‬ ‫النب�ي ﷺ‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫وهك�ذا كان يعامله�م‬
‫رش ُه‪.‬‬
‫كف ّ‬
‫ومنهم من َّ‬
‫ْ‬ ‫أسلم‪،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بذهيبة يف تربتها‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫اخلدري ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬
‫باليمن إىل الن ِّ‬ ‫وهو‬
‫عيل َ‬
‫بعث ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫سعيد‬ ‫وع ْن أيب‬
‫الفزاري‪،‬‬ ‫بن ٍ‬
‫بدر‬ ‫وبني عيين� َة ِ‬‫أحد بني جماش�عٍ‪َ ،‬‬ ‫حابس احلنظيل‪ ،‬ثم ِ‬
‫ٍ‬ ‫بني األقر ِع ِ‬
‫بن‬ ‫فقس�مها َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ َّ‬
‫اخليل ال ّطائي‪ ،‬ثم ِ‬
‫أحد بني‬ ‫ِ‬ ‫وبني ِ‬
‫زي�د‬ ‫ٍ‬
‫كالب‪َ ،‬‬ ‫بن عالث َة العامري‪ ،‬ثم ِ‬
‫أحد بني‬ ‫وب�ني علقم� َة ِ‬
‫َ‬
‫ِّ َّ‬ ‫ِّ َّ‬
‫نجد‪ ،‬ويدعنا!‬ ‫أهل ٍ‬ ‫ِ‬
‫يعطيه صناديدَ ِ‬ ‫واألنصار‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫ظت ٌ‬
‫قريش‬ ‫َ‬
‫نبهان‪ ،‬فتغ ّي ْ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫الر ِ‬
‫أس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كث ال ّل ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلبني‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فأقب�ل ٌ‬
‫َ‬
‫حملوق ّ‬ ‫الوجنتني‪،‬‬ ‫مرشف‬
‫ُ‬ ‫حي�ة‪،‬‬ ‫ناتئ‬
‫العينني‪ُ ،‬‬ ‫غائر‬
‫رجل ُ‬
‫حممدُ ات ِّق اهللَ‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫ِ‬ ‫فسأل ٌ‬
‫َ‬
‫رجل م َن القو ِم قتل ُه ‪-‬أرا ُه خالدَ ب َن الوليد‪ -‬فمنع ُه الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1757‬‬


‫‪‬‬

‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫وىل َ‬


‫قال الن ُّ‬ ‫فل�ا ّ‬
‫ّ‬

‫)‪.(1‬‬

‫حني أفا َء اهلل عىل‬


‫لرس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنصار قالوا‬ ‫أن ناس� ًا م َن‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫أنس ِ‬ ‫وع ْن ِ‬
‫ِ‬
‫اإلبل‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش املائ َة م َن‬ ‫فطفق يعطي رجاالً م ْن‬ ‫َ‬
‫هوازن ما أفا َء‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أموال‬ ‫ِ‬
‫رسوله ﷺ م ْن‬
‫ِ‬
‫دمائهم!‬
‫ْ‬ ‫يغفر اهلل لرسول اهلل ﷺ يعطي قريش ًا‪ ،‬ويدعنا‪ ،‬وسيوفنا ُ‬
‫تقطر م ْن‬ ‫ُ‬
‫فجمعهم يف ق ّب ٍة م ْن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األنص�ار‪،‬‬ ‫َ‬
‫فأرس�ل إىل‬ ‫بمقالتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ث‬‫أنس‪ :‬فحدّ َ‬
‫قال ٌ‬‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫جاءهم‬
‫ْ‬ ‫فل�ا اجتمعوا‬
‫غريه�م‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫معه�م أح�د ًا‬
‫ْ‬ ‫أد ٍم‪ ،‬ومل ْ ُ‬
‫ي�دع‬
‫‪.‬‬

‫أن�اس منّا حديث ٌة‬


‫ٌ‬ ‫فلم يقولوا ش�يئ ًا‪ ،‬وأ ّما‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ْ‬ ‫فقهاؤهم‪ :‬أ ّما ذوو آرائنا يا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال ل� ُه‬
‫تقطر م ْن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ يعطي قريش ًا‪،‬‬
‫األنصار‪ ،‬وسيوفنا ُ‬‫َ‬ ‫ويرتك‬ ‫يغفر اهلل‬
‫أسناهنم‪ ،‬فقالوا‪ُ :‬‬
‫ْ‬
‫دمائهم!‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫ﷺ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬قدْ رضينا‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬بىل يا‬

‫هلم‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ْ‬
‫ر)‪.(2‬‬
‫فلم نص ْ‬
‫أنس‪ْ :‬‬ ‫ر]‪َ .‬‬
‫قال ٌ‬ ‫مسلم يف رواية‪ :‬قالوا‪ :‬سنص ُ‬
‫ٌ‬ ‫‪[ .‬زاد‬

‫يعطي الواحد من ُه‬ ‫وأن‬ ‫وتفضيل النّ�اس ِ‬


‫فيه عىل ما يرا ُه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫رصف اخلمس‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن لإلما ِم‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ملصلحة‪.‬‬ ‫الغني من ُه‬ ‫يعطي‬ ‫املسلمني‪ ،‬ول ُه ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫الكثري‪ ،‬وأ ّن ُه يرصف ُه يف مصالح‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]7432‬ومسلم [‪.[1064‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]3147‬ومسلم [‪.[1059‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫املؤلفة قلوهبم؛ لتثبيتهم عىل اإلسال ِم‪.‬‬ ‫إعطا ُء‬
‫النبي ﷺ‪.‬‬
‫تواضع ِّ‬
‫ُ‬
‫باحلق عند احلاجة ِ‬ ‫احلج ِة عىل اخلصم‪ ،‬وإفحامه ِّ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫إقام ُة ّ‬
‫أن ا ّلذي َ‬
‫نقل‬ ‫ِ‬
‫احلياء‪ ،‬وبي�ان َّ‬ ‫ِ‬
‫األنص�ار يف تركهم املاراة‪ ،‬واملبالغ�ة يف‬ ‫حس� ُن ِ‬
‫أدب‬
‫وكهوهلم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫شيوخهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫اهنم‪ ،‬ال ع ْن‬ ‫عنهم إنّا َ‬
‫كان ع ْن ش ّب ْ‬ ‫ْ‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الرسول البالغ‬ ‫َ‬
‫اشتمل م ْن ثناء ّ‬ ‫مناقب عظيم ٌة ْ‬
‫هلم؛ ملا‬ ‫ُ‬
‫احلق‪.‬‬
‫الشبهة؛ لريجع إىل ِّ‬ ‫ويوضح ل ُه وجه ّ‬ ‫ّ‬ ‫غري عىل ما ُ‬
‫يغفل عن ُه‪،‬‬ ‫الص َ‬ ‫الكبري ين ّب ُه ّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫بإقام�ة حجة من عت�ب ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعات�ب‪ ،‬وإعتابه ع� ْن عتبه‬ ‫واس�تعطاف‬
‫ُ‬ ‫املعاتب� ُة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ ْ‬
‫واالعتذار‪ ،‬واالعرتاف‪.‬‬ ‫ِ‬

‫قال‪.‬‬‫فكان كا َ‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬


‫لقوله‪:‬‬ ‫علم م ْن أعالم الن ّّبوة‬ ‫ٌ‬
‫أن من طلب ح ّقه من الدّ نيا ال عتب ِ‬
‫عليه يف َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬
‫خاص ًا‪ ،‬أ ْم عا ّم ًا‪.‬‬ ‫حيدث سوا ٌء َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األمر ا ّلذي‬ ‫ِ‬ ‫مرشوع ّي ُة‬
‫كان ّ‬ ‫اخلطبة عند‬
‫ِ‬
‫اخلطبة‪.‬‬ ‫املخاطبني يف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫ختصيص‬ ‫جواز‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثواب‬ ‫تسلي ُة م ْن فات ُه يش ٌء م َن الدّ نيا با حيصل ل ُه م ْن‬
‫ِ‬
‫واأللفة‪ ،‬والغنى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهلداية‪،‬‬ ‫احلض عىل طلب‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫لصاحبه يف‬ ‫خر َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فات منها؛ ليدّ َ‬
‫ع�ا َ‬
‫ر ّ‬
‫والص ُ‬
‫جانب اآلخرة عىل الدّ نيا‪ّ ،‬‬ ‫تقديم‬
‫ُ‬
‫اآلخرة‪ ،‬واآلخر ُة خري وأبقى)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬

‫ومجع‬ ‫ِ‬
‫الكعبة‬ ‫قائم ّ‬
‫يصيل عن�دَ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود ‪ I‬قال‪ :‬بينا‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل بن‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ٌ‬ ‫ْ‬
‫جمالسهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫قريش يف‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]51/8‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[151/7‬‬
‫‪‬‬

‫جزور ِ‬
‫آل‬ ‫ِ‬ ‫كم يقو ُم إىل‬ ‫َ‬ ‫ق�ال ٌ‬
‫إ ْذ َ‬
‫تنظرون إىل هذا املرائي‪ ،‬أ ّي ْ‬ ‫[هو أبو جه�ل]‪ :‬أال‬
‫منهم َ‬
‫قائل ْ‬
‫ثم يمهل ُه حتّى إذا س�جدَ وضع ُه َبني‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ف�الن‪ ،‬فيعمدُ إىل فرثها ودمها وس�الها ‪ ،‬فيجي ُء به‪َّ ،‬‬
‫)‪(1‬‬

‫ِ‬
‫كتفيه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ّبي ﷺ وضع ُه‬ ‫فنظر حتّى سجدَ الن ُّ‬
‫[هو‪ :‬عقبة بن أيب معيط]‪ ،‬فجا َء به‪َ ،‬‬‫فانبعث أشقى القو ِم َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(2‬‬ ‫كان يل منع ٌة طرحت ُه ع ْن‬
‫أنظر ال أغني شيئ ًا‪ْ ،‬لو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني كتفيه‪ ،‬وأنا ُ‬
‫ظهره َ‬ ‫عىل‬

‫يرفع رأس ُه‪.‬‬ ‫ُ‬


‫ورسول اهلل ﷺ ساجدٌ ال ُ‬ ‫ٍ‬
‫بعض‪،‬‬ ‫بعضهم عىل‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وحييل‬ ‫َ‬
‫يضحكون‪،‬‬ ‫فجعلوا‬

‫ّبي ﷺ س�اجد ًا حتّى‬


‫وثبت الن ُّ‬
‫َ‬ ‫فأقبلت تس�عى‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وهي جويري ٌة‪،‬‬‫منطلق إىل فاطم َة َ‬
‫ٌ‬ ‫فانطلق‬
‫َ‬
‫هم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عليهم تس ّب ْ‬
‫ْ‬ ‫وأقبلت‬
‫ْ‬ ‫ظهره‪،‬‬ ‫ألقت ُه ع ْن‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫رفع رأس ُه‪َّ ،‬‬
‫الصالةَ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫فلا قىض‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬
‫ذلك ِ‬
‫البلد مستجاب ٌة‪.‬‬ ‫يرون َّ‬
‫أن الدّ عو َة يف َ‬ ‫َ‬ ‫عليهم‪ ،‬وكانوا‬ ‫عليهم إ ْذ دعا‬ ‫فشق‬
‫َّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫سمى‪:‬‬
‫ثم ّ‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ رصعى يف‬ ‫رأي�ت ا ّلذي َن ع�دَّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بي�ده‪ ،‬لق�دْ‬ ‫ق�ال عب�د اهلل‪ :‬فوا ّل�ذي نفيس‬
‫أن‬ ‫عت أوصال ُه َ‬
‫قبل ْ‬ ‫جرو ُه تق ّط ْ‬
‫ضخا‪ ،‬فل� ّا ّ‬ ‫ً‬ ‫كان ً‬
‫رجال‬ ‫غري أم ّي َة فإ ّن ُه َ‬ ‫قلي�ب ٍ‬
‫بدر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القلي�ب)‪،(3‬‬
‫يلقى يف ِ‬
‫البئر)‪.(4‬‬

‫هو ال ّلفافة ا ّلتي يكون فيها الولد يف بطن النّاقة وسائر احليوان‪َ ،‬‬
‫وهي م َن اآلدم ّية‪ :‬املشيمة‪ .‬رشح النووي‬ ‫السال‪َ :‬‬
‫)‪ّ (1‬‬
‫عىل صحيح مسلم [‪.[151/12‬‬
‫وكان حلف�اؤ ُه إ ْذ َ‬
‫ذاك ك ّف�ار ًا‪ .‬فتح الباري‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لكونه هذل ّي� ًا حليف ًا‪،‬‬ ‫ذل�ك؛ ألنّ� ُه ْمل يك ْن ل ُه بم ّك َة عش�رية؛‬ ‫)‪ (2‬وإنّ�ا َ‬
‫ق�ال َ‬
‫]‪.[415/6‬‬
‫برائحتهم‪ ،‬وال ّظاهر َّ‬
‫أن‬ ‫ْ‬ ‫ال يت�أ ّذى النّاس‬
‫هلم‪ ،‬ولئ ّ‬ ‫ه�ي البئر ا ّلتي ْمل َ‬
‫تط�و‪ ،‬وإنّا وضعوا يف القليب حتقري ًا ْ‬ ‫)‪ (3‬القلي�ب‪َ :‬‬
‫البئر مل ْ يك ْن فيها ما ٌء معنيٌ ‪.‬‬
‫َ‬
‫رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪ ،]135/12‬فتح الباري [‪.[352/1‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]240‬ومسلم [‪.[1794‬‬
‫‪‬‬

‫ياليس [‪ِ ]323‬‬


‫عن ابن مس�عود َ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬مل ْ أر ُه دعا‬ ‫عم ْن آذا ُه‪ ،‬ففي رواية ال ّط ّ‬
‫حلم ُه ﷺ ّ‬
‫عليهم ّإال يومئذ‪.‬‬
‫ْ‬
‫االستخفاف ِبه ﷺ َ‬
‫حال‬ ‫ِ‬ ‫حينئذ؛ ملا أقدموا ِ‬
‫عليه م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫وإنّا استح ّقوا الدّ عا َء‬
‫عبادة ر ّب ِه‪.‬‬
‫ِ‬

‫رصخت‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫نف�س فاطم َة م� ْن صغره�ا؛ لرشفه�ا يف قومها‪ ،‬ونفس�ها؛ لكوهن�ا‬ ‫ق�و ُة‬
‫ّ‬
‫فلم ير ّدوا عليها‪.‬‬ ‫وهم رءوس قريش‪ْ ،‬‬ ‫بشتمهم‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫عاء عىل ال ّظاملِ‪.‬‬‫جواز الدّ ِ‬
‫ُ‬
‫مع أ ّن ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫كان‬ ‫�بب‪ ،‬واإلعانة؛ لقوله يف عقب َة «أش�قى القو ِم»‪َ ،‬‬ ‫أن املبارش َة آكدُ م َن ّ‬ ‫َّ‬
‫القص ِة؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشقا َء هنا بالنّسبة إىل هذه ّ‬ ‫ّبي ﷺ لك َّن ّ‬ ‫وهو أشدُّ من ُه كفر ًا وأ ًذى للن ِّ‬ ‫جهل‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيهم أبو‬
‫ْ‬
‫أش�قاهم؛ وهل�ذا قتلوا يف‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫ِ‬
‫باملبارشة‪،‬‬ ‫والرض�ا‪ ،‬وانفر َد عقب� ُة‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫األمر ّ‬ ‫�م اش�رتكوا يف‬ ‫ألهن ُ‬
‫ّ‬
‫ً )‪(1‬‬
‫هو صرا ‪.‬‬ ‫وقتل َ‬ ‫ِ‬
‫احلرب‪َ ،‬‬
‫يعجل بالدّ ِ‬
‫عاء‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فكان ال‬ ‫ِ‬
‫الناس يف اإلسال ِم‪،‬‬ ‫َ‬
‫دخول‬ ‫حيب‬ ‫ُ‬
‫الرسول ﷺ ُّ‬ ‫«كان‬
‫كان يرجو منه اإلناب َة‪ .‬ومن‬
‫يطمع يف إجابتهم إىل اإلس�ال ِم‪ ،‬بل كان يدعو ملن َ‬
‫ُ‬ ‫عليهم ما دام‬
‫يوسف‪ ،‬ودعا‬
‫َ‬ ‫رض ُه‪ ،‬وش�وكته يدعو عليه‪ ،‬كا دعا عليهم بسنني كسنى‬
‫ال يرجو ُه‪ ،‬وخيش�ى ّ‬
‫فأجيبت دعوته فيهم‪ ،‬فقتلوا ٍ‬
‫ببدر‪ ،‬كا أس�لم‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫قريش؛ لكثرة أذاهم وعداوهتم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صناديد‬ ‫عىل‬
‫كثري ممن دعا له باهلدى»)‪.(2‬‬
‫ٌ‬

‫أصابت م ْن‬ ‫رأيت قريش� ًا‬


‫أكثر ما َ‬ ‫ِ‬ ‫بن عمرو ِ‬ ‫قلت ِ‬
‫لعبد اهلل ِ‬
‫ْ‬ ‫العاص‪ :‬ما َ‬ ‫بن‬ ‫عن عرو َة قال‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫عداوته؟‬ ‫تظهر م ْن‬ ‫ِ‬
‫كانت ُ‬
‫رسول اهلل فيا ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلجر‪ ،‬فذكروا‬ ‫أرشافهم يوم ًا يف‬
‫ْ‬ ‫اجتمع‬
‫َ‬ ‫حرضهتم وقدْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[352/1‬‬


‫)‪ (2‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[149 / 9‬‬
‫‪‬‬

‫وش�تم آباءنا‪،‬‬ ‫قط‪ ،‬س� ّف َه أحالمنا‪،‬‬


‫جل ُّ‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقال�وا‪ :‬م�ا رأين�ا َ‬
‫َ‬ ‫مثل ما صرنا علي�ه م ْن هذا ّ‬
‫أمر عظي ٍم‪.‬‬‫وسب آهلتنا‪ ،‬لقدْ صرنا من ُه عىل ٍ‬
‫َّ‬ ‫وفر َق مجاعتنا‪،‬‬
‫وعاب ديننا‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫مر‬
‫ثم َّ‬
‫الرك َن‪َّ ،‬‬
‫اس�تلم ّ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فأقبل يميش حتّى‬ ‫ُ‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬ ‫كذلك‪ ،‬إ ْذ َ‬
‫طلع‬ ‫َ‬ ‫هم‬
‫فبينا ْ‬
‫ِ‬
‫بالبيت‪.‬‬ ‫هبم طائف ًا‬
‫ْ‬
‫ببعض ما ُ‬
‫يقول‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هبم غمزو ُه‬
‫مر ْ‬‫أن َّ‬‫فلا ْ‬ ‫ّ‬
‫فعرفت َ‬
‫ذلك‬ ‫هب�م ال ّثاني َة غمزو ُه بمثلها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فعرفت َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫مر ْ‬ ‫فلا َّ‬
‫ثم مىض‪ّ ،‬‬
‫ذلك يف وجهه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫ثم مىض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يف وجهه‪َّ ،‬‬
‫هب�م ال ّثالث َة‪ ،‬فغمزو ُه بمثلها‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫مر ُ‬ ‫ث�م َّ‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هم‬ ‫واقع‪ ،‬حتّى َّ‬
‫إن أشدّ ْ‬ ‫طائر ٌ‬‫رجل ّإال كأنّا عىل رأسه ٌ‬ ‫منهم ٌ‬
‫فأخذت القو َم كلمت ُه حتّى ما ْ‬
‫ُ‬
‫ليق�ول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الق�ول حتّى إ ّن ُه‬ ‫ِ‬
‫بأحس�ن ما جيدُ م َن‬ ‫)‪(1‬‬
‫قب�ل َ‬
‫ذلك لريفؤ ُه‬ ‫ِ‬
‫في�ه وص�ا ًة َ‬
‫‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فانرصف‬
‫َ‬
‫ذكرتم ما َ‬
‫بلغ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫لبع�ض‪:‬‬ ‫بعضهم‬
‫ْ‬ ‫معهم‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫احلجر وأنا‬ ‫حتّ�ى إذا َ‬
‫كان الغ�دُ اجتمع�وا يف‬
‫َ‬
‫تكرهون تركتمو ُه‪.‬‬ ‫بادأكم با‬
‫ْ‬ ‫بلغكم عن ُه حتّى إذا‬
‫ْ‬ ‫منكم‪ ،‬وما‬
‫ْ‬
‫واح�د‪ ،‬فأحاطوا ِبه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فوثبوا ِ‬
‫إليه وثب� َة‬ ‫ُ‬ ‫طل�ع‬
‫َ‬ ‫ذلك إ ْذ‬
‫ه�م يف َ‬
‫فبين�ا ْ‬
‫ودينهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫آهلتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫يبلغهم عن ُه م ْن ِ‬
‫عيب‬ ‫ْ‬ ‫كان‬ ‫أنت ا ّلذي ُ‬
‫تقول كذا وكذا؟ ملا َ‬ ‫َ‬
‫يقولون ل ُه‪َ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫فيقول‬
‫الصدّ ُيق ‪ I‬دون ُه‬ ‫ِ‬
‫ردائ�ه‪ ،‬وقا َم أبو ٍ‬ ‫منه�م َ‬
‫أخذ بمجم ِع‬ ‫رأيت رج ً‬ ‫َ‬
‫بك�ر ّ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪ :‬فلق�دْ‬
‫ثم انرصفوا عن ُه‪.‬‬
‫ريب اهلل«‪َّ ،‬‬ ‫أن َ‬
‫يقول ّ َ‬ ‫ال ْ‬ ‫َ‬
‫»أتقتلون رج ً‬ ‫وهو يبكي‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يقول َ‬
‫بلغت من ُه ُّ‬
‫قط)‪.(2‬‬ ‫ْ‬ ‫رأيت قريش ًا‬ ‫َّ‬
‫فإن َ‬
‫ذلك ألشدُّ ما ُ‬

‫ويرفق ِبه‪ ،‬ويدعو ل ُه‪ .‬النهاية [‪[241/2‬‬


‫ُ‬ ‫أي‪ :‬يسكّنه‪،‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫وحسنه األلباين يف التعليقات احلسان عىل صحيح ابن حبان [‪.[287/9‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪،]6996‬‬
‫‪‬‬

‫األق�رع ب ُن‬
‫ُ‬ ‫ع�يل‪ ،‬وعند ُه‬
‫رس�ول اهلل ﷺ احلس� َن ب� َن ٍّ‬‫ُ‬ ‫ق�ال‪ :‬ق ّب َ�ل‬
‫ع�ن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫لت منهم أحد ًا‪ ،‬فنظر ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬
‫الولد ما ق ّب ُ‬ ‫األقرع َّ‬
‫إن يل ع�رش ًة م َن‬ ‫ّميمي جالس� ًا‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫حابس الت ُّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬
‫وغريهم»)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫«قال العلاء‪ :‬هذا عا ٌّم يتناول رمح َة األطفال‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5997‬ومسلم [‪.[2318‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[77/15‬‬
‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع النابغني‬

‫ِ‬
‫والنجابة‪.‬‬ ‫والتفوق‪،‬‬ ‫الكثري ممّن ت ّي َز بالنبوغِ‪،‬‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أصحاب ِّ‬ ‫قد وجدَ من‬
‫بن ٍ‬
‫ثابت ‪.I‬‬ ‫ان ِ‬
‫كحس َ‬ ‫فمنهم من كان نابغ ًا يف ّ‬
‫الشعر‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫عباس ‪.L‬‬ ‫كابن‬ ‫ِ‬
‫الفقه والفه ِم ِ‬ ‫ومنهم من كان نابغ ًا يف‬
‫ِ‬
‫ومعاذ بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫جبل ‪.I‬‬ ‫ومنهم من كان نابغ ًا يف القضاء بني اخلصو ِم ٍّ‬
‫كعيل ‪،I‬‬
‫املهارات كزيد بن ٍ‬
‫ثابت ‪.I‬‬ ‫ِ‬ ‫ومنهم من كان نابغ ًا يف القدرة عىل التع ّلم واكتساب‬
‫ِ‬
‫احلفظ كأيب هريرة ‪.I‬‬ ‫ومنهم من كان نابغ ًا يف‬
‫ِ‬
‫الوليد ‪.I‬‬ ‫ِ‬
‫كخالد بن‬ ‫احلنكة العسكر ّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ومنهم من كان نابغ ًا يف‬
‫ُ‬
‫رضوان‬ ‫ِ‬
‫نجباء أصحابه‬ ‫ِ‬
‫والقدرات عن�دَ‬ ‫املواهب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يراع�ي هذه‬ ‫وقد كان‬
‫َ‬
‫اهلل عليهم‪.‬‬

‫يتناسب مع قدراهتم‪ ،‬ونبوغهم‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫ويتعامل مع أصحاهبا تعام ً‬
‫يتناسب وموهبته‪ ،‬واليشء الذي َ‬
‫نبغ فيه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ف َّ‬
‫كل واحد منهم با‬ ‫فكان يك ّل ُ‬

‫ِ‬
‫رش�ق‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪ :‬اهجوا قريش� ًا فإ ّن ُه أش�دُّ عليها م ْن‬ ‫َ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن‬
‫الن ِ‬
‫ّبل‪.‬‬
‫ِ‬
‫يرض‪.‬‬ ‫فلم‬
‫فهجاهم‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫اهجهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫فأرسل إىل ِ‬
‫ابن رواح َة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫بن ٍ‬
‫مالك‪.‬‬ ‫كعب ِ‬
‫فأرسل إىل ِ‬
‫َ‬
‫‪‬‬

‫لكم ْ‬
‫أن ترسلوا إىل هذا‬ ‫ان‪ :‬قدْ َ‬
‫حس ُ‬ ‫دخل ِ‬
‫عليه َ‬ ‫فلا َ‬ ‫ان ِ ٍ‬ ‫حس َ‬ ‫َ‬
‫آن ْ‬ ‫قال ّ‬ ‫بن ثابت‪ّ ،‬‬ ‫أرسل إىل ّ‬ ‫ثم‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫بذنبه)‪.(1‬‬ ‫الض ِ‬
‫ارب‬ ‫ِ‬
‫األسد ّ‬

‫فري األدي ِم)‪.(2‬‬


‫ّهم بلساين َ‬
‫باحلق ألفرين ْ‬ ‫فقال‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫حيرك ُه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫فجعل ّ‬ ‫أدلع لسان ُه‪،‬‬
‫ثم َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫‪.‬‬

‫باحلق‬ ‫نس�بك‪ ،‬وا ّل�ذي َ‬


‫بعثك ِّ‬ ‫َ‬ ‫ص يل‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل قدْ خلّ َ‬ ‫رجع‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ث�م َ‬ ‫حس ُ‬
‫�ان‪َّ ،‬‬ ‫فأت�ا ُه ّ‬
‫ِ‬
‫العجني‪.‬‬ ‫منهم كا ُّ‬
‫تسل ّ‬
‫الشعر ُة م َن‬ ‫ألس ّلن َّك ْ‬
‫حلس َ‬
‫ان‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول ّ‬ ‫َ‬ ‫فسمعت‬
‫ُ‬ ‫قالت عائش ُة‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُ‬


‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫وقالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫حس ُ‬
‫ان‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال ّ‬

‫حسان‬ ‫ِ‬
‫جنبيه كا َ‬ ‫وحينئذ يرضب ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫)‪ (1‬املراد ِ‬
‫فعل ّ‬ ‫بذنبه‬ ‫ُ‬ ‫اغتاظ‪،‬‬ ‫باألسد يف انتقامه وبطشه إذا‬ ‫بذنبه هنا لسانه‪ ،‬فش ّب َه نفسه‬
‫باألسد‪ ،‬ولسانه ِ‬
‫بذنبه‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[49/16‬‬ ‫ِ‬ ‫حيرك ُه‪ ،‬فش ّب َه نفس ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فجعل ّ‬ ‫بلسانه حنيَ أدلع ُه‪،‬‬
‫أعراضهم تزيق اجللد‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[49/16‬‬ ‫ْ‬ ‫أي‪ :‬ألمزّ ق َّن‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫واملس�لمني‪ .‬رشح‬
‫َ‬ ‫ونافح ِ‬
‫عن اإلس�الم‬ ‫َ‬ ‫هو ب�ا نال ُه م ْن أعراض الك ّفار‪ ،‬ومزّ قها‪،‬‬
‫املؤمن�ني‪ ،‬واش�تفى َ‬
‫َ‬ ‫أي‪ :‬ش�فى‬ ‫)‪ْ (3‬‬
‫النووي عىل صحيح مسلم [‪.[49/16‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫حلس َ‬
‫ان‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫عازب ‪َ L‬‬ ‫ِ‬
‫الراء ِ‬ ‫ِ‬
‫ّبي ﷺ ّ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫بن‬ ‫وعن‬
‫كنت أنشدُ ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫ان ينشدُ ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ُ :‬‬ ‫وحس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ِ‬
‫س�عيد ِ‬
‫بن املس ّي ِ‬
‫عمر يف املس�جد‪ّ ،‬‬
‫مر ُ‬‫قال‪َّ :‬‬ ‫وع ْن‬
‫خري َ‬
‫منك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هو ٌ‬
‫وفيه م ْن َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أسمعت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أنشدك باهلل‬ ‫التفت إىل أيب هريرةَ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬

‫نعم)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬

‫كان مباح ًا‪ ،‬واستحبابه إذا َ‬


‫كان يف ممادح اإلسال ِم‬ ‫الش�عر يف املسجد إذا َ‬‫جواز إنش�اد ّ‬
‫ذلك‪ ،‬وهكذا َ‬
‫كان‬ ‫حتقريهم‪ ،‬ونحو َ‬ ‫قتاهلم‪ْ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫ّحريض عىل‬
‫ار‪ ،‬والت‬ ‫ِ‬
‫هج�اء الك ّف ِ‬ ‫ِ‬
‫وأهل�ه‪ْ ،‬أو يف‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫حس َ‬
‫ان‪.‬‬ ‫شعر ّ‬
‫ُ‬
‫استحباب الدّ ِ‬
‫عاء مل ْن َ‬
‫قال شعر ًا م ْن هذا النّوع )‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القضاء‪ ،‬وعبدُ اهلل ب ُن رواح َة‬ ‫ِ‬
‫عمرة‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫دخل م ّك َة يف‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫أن الن َّ‬
‫وهو ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ ِ‬
‫بني يديه يميش‪َ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3213‬ومسلم [‪.[2486‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3212‬ومسلم [‪.[2485‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[46/16‬‬
‫‪‬‬

‫عر!‪.‬‬ ‫تقول ّ‬ ‫ِ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ويف حر ِم اهلل ُ‬ ‫عمر‪ :‬يا اب َن رواح َة َ‬ ‫َ‬
‫الش َ‬ ‫يدي‬
‫بني ْ‬ ‫فقال ل ُه ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬

‫ّب�ي ﷺ املدين َة‪َ .‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫ع� ْن خارج� َة ِ‬


‫قال زيدٌ ‪:‬‬ ‫أن أبا ُه زيدَ بن ثابت أخ�ر ُه أ ّن ُه ّملا قد َم الن ُّ‬
‫زي�د َّ‬
‫فأعجب يب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫ذهب يب إىل الن ِّ‬
‫َ‬
‫بضع عرش َة سورةً‪.‬‬ ‫َ‬
‫عليك َ‬ ‫أنزل اهلل‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬هذا غال ٌم م ْن بني الن ّّج ِ‬
‫ار مع ُه ممّا َ‬ ‫َ‬ ‫فقالوا‪ :‬يا‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫فأعجب َ‬


‫ذلك الن َّ‬ ‫َ‬ ‫فقرأت ( ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فاستقرأين‪،‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫مخس عرش َة ليل ًة حتّى حذقت ُه)‪.(3‬‬


‫مر ْت يب َ‬
‫كتاهبم ما ّ‬
‫ْ‬ ‫قال زيدٌ ‪ :‬فتع ّل ُ‬
‫مت‬ ‫َ‬
‫فكنت أكتب له إذا كتب‪ ،‬وأقر ُأ له إذا كتب ِ‬
‫إليه)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫خاص ًة مع صغر سنه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عجيبة‬ ‫ٍ‬
‫وفطنة‬ ‫يدل عىل ٍ‬
‫ذكاء‬ ‫الريع ُّ‬ ‫التع ّلم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ف�ريب زيدٌ يتي ًا وكان‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قتل أب�و ُه َ‬
‫الذهبي عنه وقد َ‬
‫قبل اهلجرة يوم بعاث‪َ ّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ق�ال‬
‫ِ‬
‫األذكياء«)‪.(5‬‬ ‫أحدَ‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2847‬والنسائي [‪ ،]2873‬وصححه األلباين يف خمترص الشائل [‪.[210‬‬


‫ينقص‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليهود ْ‬ ‫يكتب منّي كتاب ًا إىل‬ ‫إن أمرت هيود ّي ًا ْ‬ ‫فأخ�اف ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن يزيدَ فيه ْأو َ‬ ‫َ‬ ‫بأن‬ ‫ُ‬ ‫كتابت�ه‪،‬‬ ‫قراءت�ه‪ ،‬وال يف‬ ‫أي‪ :‬ال يف‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫وينقص فيه‪ .‬حتفة األحوذي [‪.[413/7‬‬ ‫ِ‬ ‫هيودي‪ ،‬فيزيدَ‬ ‫ِ‬
‫كتاب م َن اليهود‪ ،‬فيقرأ ُه‬ ‫وأخاف ْ‬
‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫إن جا َء ٌ‬ ‫ُ‬
‫أي‪ :‬عرفته‪ ،‬وأتقنته‪ ،‬وعلمته‪ .‬عون املعبود [‪.[56/10‬‬ ‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]2715‬وأبو داود [‪ ،]3645‬وع ّلقه البخاري يف كتاب األحكام من صحيحه بصيغة اجلزم‪،‬‬
‫وصححه األلباين يف حتقيق املشكاة [‪.[4659‬‬
‫ّ‬
‫)‪ (5‬سري أعالم النبالء [‪.[427/2‬‬
‫‪‬‬

‫لسان هيود‪ ،‬وكتاهبم‬ ‫َ‬ ‫كان زيدُ بن ٍ‬


‫ثابت من أشدِّ الناس ذكا ًء‪ ،‬تع ّل َم‬ ‫وقال اب ُن كثري‪« :‬وقد َ‬
‫ُ‬
‫عرش يوم ًا‪ ،‬وتع ّل َم احلبش ّي َة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يف مخس َة عرش يوم ًا‪ ...‬وتع ّلم الفارس ّية من رسول كرى يف ثاني َة َ‬
‫والروم ّي َة‪ ،‬والقبط ّية من خدّ ام رسول اهلل ﷺ«)‪.(1‬‬
‫ٍ‬
‫عازب ‪َ L‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ّ :‬ملا ْ‬
‫نزلت‪:‬‬ ‫ال�راء بن‬ ‫عن‬ ‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫سبيل اهلل)‪.‬‬ ‫َ‬
‫واملجاهدون يف‬ ‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القاعدون م َن‬ ‫(ال يستوي‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ عمرو ب ُن أ ِّم مكتو ٍم‬ ‫ِ‬
‫ظه�ر الن ِّ‬ ‫وخلف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القاعدون)‪،‬‬ ‫(ال يس�توي‬ ‫ث�م َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫البرص؟‬ ‫رضير‬
‫ُ‬ ‫فإين ٌ‬
‫رجل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ،‬فا تأمرين؛ ّ‬ ‫األعمى َ‬
‫قال‪ :‬يا‬
‫فنزل�ت مكاهن�ا‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ْ‬
‫ﭜ) [النساء‪.(2)[95 :‬‬
‫وهلذه الصفات التي تتّع هبا زيد اختاره الصدّ ُيق جلمع القرآن‪.‬‬
‫عمر‬ ‫فق�ال أبو ٍ‬
‫بكر‪َّ :‬‬ ‫عمر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مقتل ِ‬‫بكر َ‬ ‫أرس�ل إ َّيل أبو ٍ‬
‫َ‬
‫إن َ‬ ‫أه�ل اليامة‪ ،‬وعند ُه ُ‬ ‫ق�ال ‪:I‬‬
‫بالقر ِاء يف‬
‫القتل ّ‬‫يستحر ُ‬
‫َّ‬ ‫وإين أخش�ى ْ‬
‫أن‬ ‫ّاس‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫اليامة بالن ِ‬ ‫اس�تحر يو َم‬
‫َّ‬ ‫قد‬‫القتل ِ‬
‫إن َ‬ ‫أتاين َ‬
‫فقال‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫القرآن‪.‬‬ ‫جتمع‬ ‫وإين ألرى ْ‬
‫أن‬ ‫أن جتمعو ُه‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫القرآن ّإال ْ‬ ‫كثري م َن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فيذهب ٌ‬
‫َ‬ ‫املواطن‪،‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫كيف ُ‬
‫أفعل شيئ ًا مل ْ يفعل ُه‬ ‫لعمر‪َ :‬‬
‫قلت َ‬ ‫قال أبو ٍ‬
‫بكر‪ُ :‬‬ ‫َ‬

‫خري‪.‬‬
‫هو واهلل ٌ‬
‫عمر‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫فقال ُ‬
‫ِ‬
‫ورأيت ا ّلذي رأى ُ‬
‫عمر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لذلك صدري‪،‬‬ ‫رشح اهلل‬
‫عمر يراجعني فيه حتّى َ‬ ‫فلم ْ‬
‫يزل ُ‬ ‫ْ‬
‫ش�اب ٌ‬
‫عاقل‪،‬‬ ‫بكر‪ :‬إن َّك ٌ‬
‫رجل‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫جالس ال يتك ّل ُم‪َ ،‬‬ ‫وعمر عند ُه‬ ‫قال زيدُ بن ٍ‬
‫ثابت‪:‬‬ ‫َ‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫القرآن فامجع ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪ ،‬فتت ّب ِع‬ ‫الوحي‬ ‫تكتب‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫ّهمك‪َ ،‬‬ ‫وال نت َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القرآن‪.‬‬ ‫عيل ممّا أمرين ِبه م ْن مج ِع‬ ‫كان َ‬
‫أثقل َّ‬
‫ِ‬
‫اجلبال ما َ‬ ‫نقل ٍ‬
‫جبل م َن‬ ‫قال زيد‪ :‬فواهلل ْلو ك ّلفني َ‬

‫)‪ (1‬البداية والنهاية [‪.[33/ 8‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]4990‬ومسلم [‪.[1898‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫كيف تفعالن شيئ ًا مل ْ يفعل ُه الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ؟‬ ‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬

‫رشح اهلل ص�دري ل ّلذي َ‬


‫رشح اهلل‬ ‫أزل أراجع ُه حتّى َ‬ ‫فل�م ْ‬
‫خري‪ْ .‬‬ ‫فق�ال أب�و ٍ‬
‫َ‬
‫هو واهلل ٌ‬ ‫بكر‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫والعس�ب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واألكتاف‪،‬‬ ‫الرقاعِ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ص�در أيب ٍ‬
‫القرآن أمجع ُه م َن ّ‬ ‫ع�ت‬
‫فقمت‪ ،‬فتت ّب ُ‬
‫ُ‬ ‫وعمر‪،‬‬
‫َ‬ ‫بكر‬ ‫َ‬ ‫ل� ُه‬
‫وصدور الر ِ‬
‫جال‪...‬احلديث)‪.(1‬‬ ‫ِ ّ‬

‫بكر‪ ،‬رمح ُة اهلل‬ ‫ِ‬


‫املصاحف أبو ٍ‬ ‫«أعظم الن ِ‬
‫ّاس أج�ر ًا يف‬ ‫طالب ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�يل بن أيب‬
‫ُ‬ ‫ع�ن ِّ‬
‫ِ‬
‫وحني»)‪.(2‬‬ ‫بني ال ّل‬ ‫هو ّأو ُل م ْن َ‬
‫مجع َ‬ ‫عىل أيب ٍ‬
‫بكر‪َ ،‬‬
‫عيل أليب بك�ر ‪ ،L‬واحرتامه له‪ ،‬واعرتاف�ه بإمامته بخالف ما‬
‫حب ٍّ‬ ‫وه�ذا ُّ‬
‫يدل ع�ىل ِّ‬
‫الكذ َ‬
‫ابون‪.‬‬ ‫وافض ّ‬
‫الر ُ‬
‫تزعمه ّ‬

‫ِ‬
‫احلالل واحلرا ِم ّ‬
‫واله رس�ول اهلل ﷺ القضا َء عىل‬ ‫ِ‬
‫معرف�ة‬ ‫بن ٍ‬
‫جبل ‪ I‬يف‬ ‫ِ‬
‫مع�اذ ِ‬ ‫لنب�وغ‬
‫ِ‬
‫اليمن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أهل‬
‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫ِ‬
‫باليم�ن مع ّل ًا وأمري ًا‪ ،‬فس�ألنا ُه ع ْن‬ ‫قال‪ :‬أتان�ا معا ُذ ب ُن ٍ‬
‫جبل‬ ‫بن يزيدَ َ‬ ‫ِ‬
‫األس�ود ِ‬ ‫ِ‬
‫ع�ن‬
‫ّصف)‪.(3‬‬
‫واألخت الن َ‬ ‫َ‬ ‫ّصف‪،‬‬ ‫َ‬
‫وترك ابنت ُه‪ ،‬وأخت ُه‪ ،‬فأعطى االبن َة الن َ‬ ‫َّ‬
‫تويف‪،‬‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّملا أرا َد‬ ‫بن ٍ‬
‫جبل ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫أصحاب ِ‬
‫معاذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫محص م ْن‬ ‫ٍ‬
‫أناس م ْن ِ‬
‫أهل َ‬ ‫وع ْن‬
‫‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اليمن َ‬ ‫يبعث معاذ ًا إىل‬
‫أن َ‬‫ْ‬
‫ِ‬
‫بكتاب اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أقيض‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فبسن ِّة‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[4679‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو بكر بن أيب داود يف املصاحف [‪ ،]49/1‬وحسنه ابن حجر يف فتح الباري [‪.[12/9‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[6734‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ﷺ‬ ‫َ‬


‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬أجتهدُ رأيي‪ ،‬وال آلو‪.‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ صدر ُه‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فرضب‬
‫َ‬
‫)‪.(1‬‬

‫ٍ‬
‫س�فري له‪ ،‬يع ّل ُم املس�لمني مبادئ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬وليكون ّأو َل‬ ‫فاختار مصعب بن عمري مع ّل ًا إىل‬
‫ِ‬
‫احلميد؛‬ ‫ِ‬
‫العزيز‬ ‫الدي�ن‪ ،‬وتعاليم اإلس�الم‪ ،‬ويقرئهم الق�رآن الكريم‪ ،‬ويدع�و إىل رصاط اهلل‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫باملقرئ)‪.(2‬‬ ‫سمو ُه‬
‫ولذلك ّ‬
‫ِ‬
‫بالسيف‪.‬‬ ‫فتحت بالقرآن‪ ،‬وليس‬ ‫يعلم َّ‬
‫أن املدينة‬
‫ْ‬ ‫وهبذا ُ‬
‫ٍ‬
‫عمري‪ ،‬واب ُن أ ِّم مكتو ٍم‪،‬‬ ‫مصعب ب ُن‬
‫ُ‬ ‫قال‪ّ :‬أو ُل م ْن قد َم علينا‬
‫عازب ‪َ L‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�ن الرا َء ب َن‬
‫ّاس‪..‬احلديث)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫وكانا يقرئان الن َ‬
‫ﷺ‬
‫قريش يف دار الن ِ‬
‫ّدوة‪ ،‬وأمجعوا‬ ‫اجتمعت ٌ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة‪ :‬فعندما‬ ‫ِ‬
‫باملبيت يف فراشه ليل َة‬ ‫فك ّل َ‬
‫ف عل ّي ًا‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬والتخ ّلص منه؛ أوحى اهلل تعاىل لنب ّيه ﷺ بذلك‪.‬‬
‫عىل قتل ِّ‬
‫ِ‬
‫بالبيت‬ ‫تل�ك الليل َة‪ ،‬واألع�دا ُء قد أحاط�وا‬
‫ع�يل ب�ن أيب طال�ب أن ينا َم يف فراش�ه َ‬
‫فأم�ر َّ‬
‫)‪ (1‬رواه أب�و داود [‪ ،]3592‬والرتم�ذي [‪ ،]1327‬وصحح�ه اب�ن القي�م يف إع�الم املوقع�ني [‪ ،]155/1‬وق�ال‬
‫ِ‬
‫إثبات أصل القي�اس»‪ ،‬وض ّعفه البخاري‪،‬‬ ‫مش�هور اعتمد عليه أئم ُة اإلس�الم يف‬ ‫اب�ن كثري‪« :‬هو حديث حس�ن‬
‫ٌ‬
‫ويعتمدون ِ‬
‫وإن َ‬
‫كان‬ ‫عليه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كتبهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫كان الفقها ُء ك ّل ْ‬
‫هم يذكرون ُه يف‬ ‫وإن َ‬
‫يصح‪ْ ،‬‬
‫اجلوزي‪« :‬ال ُّ‬
‫ُّ‬ ‫والرتمذي‪َ ،‬‬
‫وقال اب ُن‬
‫معنا ُه صحيح ًا»‪ ،‬وقال األلباين‪« :‬منكر»‪.‬‬
‫ينظ�ر‪ :‬التلخي�ص احلب�ري [‪ ،]447/4‬العل�ل املتناهي�ة [‪ ،]273/2‬حتفة الطال�ب بمعرفة أحادي�ث خمترص ابن‬
‫احلاجب [‪ ،]125/1‬فتح الغفار اجلامع ألحكام سنة نبينا املختار [‪ ،]2057/4‬الضعيفة [‪.[881‬‬
‫ينظر‪ :‬السرية النبوية [‪ ]434/1‬البن هشام‪.‬‬
‫)‪ُ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[3925‬‬
‫‪‬‬

‫األخطار التي تكتنفه‪،‬‬ ‫يعلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫فراش رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫يرت ّبصون به؛ ليقتلوه‪ ،‬فنا َم ‪ I‬يف‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف مضجعه‪ ،‬فلر ّبا يقتلون�ه ظنّ ًا منهم أ ّن ُه‬ ‫وبني‬
‫يفرق�ون بينه َ‬ ‫َّ‬
‫وأن األع�دا َء ال ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(1‬‬
‫أبطال الر ِ‬
‫اختيار رسول اهلل ﷺ هلذه‬
‫ُ‬ ‫جال‪ ،‬وشجعاهنم؛ وهلذا وقع‬ ‫ذلك إال ُ ّ‬ ‫وال يقد ُم عىل َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ِ‬
‫بن أيب طالب ‪ ،I‬وك ّلفه هبذه املغامرة عن‬
‫ودراية ملواهبه‪،‬‬ ‫معرفة‪،‬‬ ‫املهمة الشا ّقة عىل ِّ‬
‫وقدراته ‪.I‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الراية‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ عل ّي ًا ‪ I‬يوم خي َ‬
‫ر؛ حلمل‬ ‫اختار‬
‫َ‬ ‫وكذلك‬

‫واخت�ار ي�وم األح�زاب حذيفة ب�ن اليان ‪I‬؛ ليدخ�ل بني صفوف األع�داء‪ ،‬ويأيت‬
‫بخرهم‪.‬‬

‫رأيتم‬ ‫رجل‪ :‬يا أبا ِ‬


‫عب�د اهللِ‪،‬‬ ‫فق�ال ٌ‬
‫قال‪ :‬كنّا عن�دَ حذيف َة‪َ ،‬‬ ‫ع�ن إبراهي�م التّيمي ع�ن ِ‬
‫أبيه َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وصحبتمو ُه؟‪.‬‬

‫نعم يا اب َن أخي‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪ْ :‬‬
‫ولقاتلت مع ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬وجلعلنا ُه عىل أعناقنا‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬واهلل ْلو أدركنا ُه ما تركنا ُه يميش عىل‬
‫وأبليت‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫باخلندق‪ ،‬وأخذتنا‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬ ‫كنت ُ‬
‫تفعل َ‬
‫ذلك! واهلل لقدْ رأيتنا َ‬ ‫أنت َ‬ ‫َ‬
‫فقال حذيف ُة‪َ :‬‬
‫التفت إلينا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ م َن ال ّل ِ‬
‫يل هو ّي ًا‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫فصىل‬
‫ّ‬ ‫وقر )‪،(2‬‬
‫ريح ش�ديد ٌة ٌّ‬
‫ٌ‬
‫‪.‬‬

‫فلم جيب ُه منّا أحدٌ ‪.‬‬


‫فسكتنا‪ْ ،‬‬
‫التفت إلين�ا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ثم‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ هو ّي ًا م َن ال ّل ِ‬
‫ي�ل‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ث�م ّ‬
‫ص�ىل‬ ‫َّ‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬السرية النبوية [‪ ]482/1‬البن هشام‪.‬‬


‫)‪ (2‬القر‪ :‬الرد‪.‬‬
‫‪‬‬

‫فلم جيب ُه منّا أحدٌ ‪.‬‬


‫فسكتنا‪ْ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الرد‪.‬‬ ‫اخلوف‪ ،‬وشدّ ِة اجلوعِ‪ ،‬وشدّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مع شدّ ِة‬
‫فلم جيب ُه منّا أحدٌ ‪َ ،‬‬
‫فسكتنا‪ْ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فلم أجدْ بدّ ًا إ ْذ دعاين باسمي ْ‬


‫أن أقو َم‪.‬‬ ‫ْ‬
‫يفعلون‪ ،‬وال حتدث َّن شيئ ًا حتّى تأتينا‪.‬‬
‫َ‬ ‫فانظر ما‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فادخل يف القو ِم‪،‬‬ ‫اذهب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا حذيف ُة‪،‬‬

‫أتيتهم‪.‬‬ ‫محا ٍم حتّى‬


‫جعلت كأنّا أميش يف ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عنده‪،‬‬ ‫فلا و ّل ُ‬
‫يت م ْن‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫نار‪ ،‬وال بنا ٌء‪.‬‬
‫قدر‪ ،‬وال ٌ‬
‫هلم ٌ‬
‫تقر ْ‬ ‫تفعل ما ُ‬
‫تفعل‪ ،‬ال ُّ‬ ‫يح وجنو ُد اهلل ُ‬ ‫فدخلت يف القو ِم‪ّ ،‬‬
‫والر ُ‬ ‫ُ‬

‫امرؤ م ْن جليس ُه‪.‬‬


‫لينظر ٌ‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪،‬‬ ‫معرش‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫حرب‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫سفيان ب ُن‬ ‫فقا َم أبو‬

‫أنت؟‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬م ْن َ‬ ‫الر ِ‬
‫جل ا ّلذي إىل جنبي‪،‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ‬
‫فقال حذيف ُة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فأخذت بيد ّ‬
‫فالن بن ٍ‬ ‫َ‬
‫فالن‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أنا ُ ُ‬
‫الكراع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أصبحتم ِ‬
‫بدار مقا ٍم‪ ،‬لقدْ َ‬
‫هلك‬ ‫ْ‬ ‫ّكم واهلل ما‬ ‫ٍ‬
‫قريش‪ ،‬إن ْ‬ ‫معرش‬ ‫َ‬
‫سفيان‪ :‬يا‬ ‫ثم َ‬
‫قال أبو‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ترون‪ ،‬واهلل ما تطمئ ُّن‬ ‫منهم ا ّلذي نكر ُه‪ ،‬ولقينا م ْن هذه ّ‬
‫الر ِ‬
‫يح ما‬ ‫وأخلفتن�ا بن�و قريظ َة‪ ،‬بلغنا ْ‬
‫ٌ‬
‫مرحتل‪.‬‬ ‫فإين‬ ‫ُ‬
‫يستمسك لنا بنا ٌء‪ ،‬فارحتلوا؛ ّ‬ ‫نار‪ ،‬وال‬
‫قدر‪ ،‬وال تقو ُم لنا ٌ‬
‫لنا ٌ‬
‫أطلق عقال ُه‬ ‫ٍ‬
‫ثالث‪ ،‬فا َ‬ ‫فوثب عىل‬ ‫ثم رضب ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فجلس عليه‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫معقول‪،‬‬ ‫وهو‬
‫ثم قا َم إىل مجله َ‬
‫َّ‬
‫قائم‪.‬‬
‫وهو ٌ‬‫ّإال َ‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فذك�رت َ‬
‫قول‬ ‫ُ‬ ‫ف�أردت ْ‬
‫أن أرمي ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القوس‪،‬‬ ‫فوضع�ت س�ه ًا يف ِ‬
‫كب�د‬ ‫ُ‬
‫ولو رميت ُه ألصبت ُه‪.‬‬
‫‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأنا أميش يف ِ‬ ‫َ‬
‫احلا ِم‪.‬‬
‫مثل ّ‬ ‫رجعت إىل‬
‫ُ‬ ‫قال حذيف ُة‪َّ :‬‬
‫ثم‬

‫[أي‪ :‬بردت]‪.‬‬
‫قررت‪ْ .‬‬
‫ُ‬ ‫وفرغت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فلا أتيت ُه‪ ،‬فأخرت ُه ِ‬
‫بخر القو ِم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫‪‬‬

‫فل�م ْ‬
‫أزل نائ ًا حتّى‬ ‫كان�ت ِ‬
‫عليه ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يصيل فيه�ا‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫عباءة‬ ‫فض�ل‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ م� ْن‬ ‫فألبس�ني‬
‫أصبحت‪.‬‬
‫ُ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫أصبحت َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫أتيتهم«‪ .‬يعني‪ :‬أ ّن ُه مل ْ جيد الر َد ا ّلذي جيد ُه النّاس‪،‬‬
‫ْ‬ ‫محا ٍم حتّى‬
‫»جعلت كأنّا أميش يف ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّب�ي ﷺ‪ ،‬وذهابه فيا‬ ‫الش�ديدة ش�يئ ًا؛ ْبل عافا ُه اهلل من� ُه بركة إجابته للن ِّ‬ ‫يح ّ‬‫الر ِ‬ ‫وال م� ْن َ‬
‫تل�ك ّ‬
‫ِ‬
‫ودعائه ﷺ ل ُه‪.‬‬ ‫وجه ُه ل ُه‪،‬‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ووصل‬ ‫رجع‪،‬‬ ‫ذلك ال ّل ُ ِ‬
‫واس�تمر َ‬
‫فلا َ‬
‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫طف به‪ ،‬ومعافاته م َن الرد حتّى عا َد إىل الن ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫معجزات‬ ‫ِ‬
‫وهذه م ْن‬ ‫عاد ِ‬
‫إليه الر ُد ا ّلذي جيد ُه النّاس‪،‬‬ ‫َ‬
‫احلار)‪.(2‬‬
‫وهو‪ :‬املاء ّ‬
‫مشتق م ْن احلميم‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وهو مذكّر‬
‫احلام عرب ّية‪َ ،‬‬
‫ولفظة ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اختي�ار حذيف� َة ِ‬
‫املهمة الش�ا ّقة واخلط�رية‪ ،‬ويف ذلك ِّ‬
‫اجلو‬ ‫ب�ن اليان ‪ I‬هل�ذه ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫«ف�كان‬
‫ِ‬
‫بقدرات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املح�ن‪ ،‬كان اختيار ًا عن عل� ٍم من رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫ش�ديد الب�الء‪ ،‬عظي� ِم‬ ‫املت�أزم‪،‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ومواهب حذيف َة ‪.I‬‬

‫األحزاب يف ش�دّ ِة‬


‫ِ‬ ‫بني‬
‫بمهمته‪ ،‬ودخل َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫املغامر العلي ِم‬ ‫الفدائي‬
‫ِّ‬ ‫صفات‬
‫ُ‬ ‫اجتمعت فيه‬
‫ْ‬ ‫فقد‬
‫ِ‬
‫اجلهات‪ ،‬وهو ال يبايل‪،‬‬ ‫املخاطر من مجي ِع‬ ‫الفدائي الذي تكتنفه‬ ‫َ‬
‫دخول‬ ‫الظال ِم‪ ،‬وش�دّ ِة ِ‬
‫الرد‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ترصيف‬ ‫زكي الفؤاد‪ ،‬متاس�ك الش�خص ّية‪ ،‬خب�ري ًا يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫راس�خ اإليان‪َّ ،‬‬ ‫اليقني‪،‬‬ ‫ثابت‬
‫ف�كان َ‬
‫ِ‬
‫البادرة»)‪.(3‬‬ ‫رسيع‬ ‫مت‪،‬‬‫تأز ْ‬ ‫ِ‬
‫األمور إذا ّ‬
‫َ‬
‫ﷺ‬

‫فقال‪:‬‬ ‫أخذ س�يف ًا يوم ٍ‬


‫أحد‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫ع ْن ِ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬

‫جمموع من روايتيها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪ ،]1788‬وأمحد [‪ ،]22823‬وهذا السياق‬
‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[146/12‬‬
‫)‪ (3‬حممد رسول اهلل [‪ ]197/4‬ملحمد صادق عرجون‪ ،‬بترصف يسري‪.‬‬
‫‪‬‬

‫منهم ُ‬
‫يقول‪ :‬أنا أنا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أيدهيم ُّ‬
‫كل إنسان ْ‬ ‫ْ‬ ‫فبسطوا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فأحجم القو ُم‪.‬‬


‫َ‬
‫ساك ب ُن خرش َة أبو دجان َة‪ :‬أنا آخذ ُه بح ّق ِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫املرشكني)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫ففلق ِبه ها َم‬
‫فأخذ ُه‪َ ،‬‬

‫ﷺ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬

‫)‪.(2‬‬

‫أربع عرش َة‬ ‫ِ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ونح ُن َ‬ ‫مع‬ ‫عن س�لم َة ِ‬
‫بن األكو ِع ‪ I‬قال‪ :‬قدمنا احلديبي َة َ‬
‫َ‬
‫مخسون شا ًة ال تروهيا‪.‬‬ ‫مائ ًة‪ ،‬وعليها‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2470‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3791‬وابن ماجة [‪ ،]155‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[895‬‬
‫‪‬‬

‫فجاش�ت فس�قينا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫الرك ّي ِة)‪ ،(1‬فإ ّما دعا‪ ،‬وإ ّما َ‬
‫بصق فيها‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عىل جب�ا ّ‬ ‫فقع�دَ‬
‫واستقينا‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫جرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أصل ّ‬ ‫ِ‬
‫للبيعة يف‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ دعانا‬ ‫ثم َّ‬
‫إن‬ ‫َّ‬
‫وبايع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ثم بايع‪،‬‬ ‫فبايعت ُه ّأو َل الن ِ‬
‫ّاس‪َّ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫وسط م َن الن ِ‬
‫ّاس َ‬ ‫حتّى إذا َ‬
‫كان يف‬
‫رسول اهلل يف ّأو ِل الن ِ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بايعتك يا‬ ‫قلت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ حجف ًة‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عزالً ‪ -‬يعني بغري س�الح ‪ -‬فأعطاين‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ورآين‬
‫ْأو درق ًة)‪.(2‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّاس َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫كان يف ِ‬
‫آخر الن ِ‬ ‫بايع حتّى إذا َ‬
‫ثم َ‬ ‫َّ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أوسط الن ِ‬ ‫رسول اهلل يف ّأو ِل الن ِ‬
‫ّاس‪ ،‬ويف‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بايعتك يا‬ ‫قلت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فبايعت ُه ال ّثالث َة)‪.(3‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال يل‪:‬‬ ‫َّ‬
‫عامر عزالً‪ ،‬فأعطيت ُه إ ّياها‪.‬‬
‫عمي ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل لقيني ّ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فضح�ك‬
‫‪.‬‬

‫فهو البئر‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪[175/12‬‬ ‫كي‪َ :‬‬ ‫الر ّ‬
‫هي ما حول البئر‪ ،‬وأ ّما ّ‬ ‫)‪ (1‬اجلبا‪َ :‬‬
‫س‪.‬‬‫رت ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪ (2‬مها شبيهتان بال ّ‬
‫كان مقدام� ًا يف احلرب‪ ،‬فأكّد ِ‬
‫عليه العق�د احتياط ًا‪ .‬قال ابن‬ ‫ق�ال اب�ن املنري‪ :‬احلكمة يف تكراره البيعة لس�لمة أ ّن ُه َ‬‫)‪َ (3‬‬
‫الصفة‪ .‬فتح الباري [‪.[119/6‬‬ ‫ِ‬ ‫حجر‪ْ :‬أو أل ّن ُه َ‬
‫دت البيعة بتعدّ د ّ‬
‫والراجل فتعدّ ْ‬‫كان يقاتل قتال الفارس ّ‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫بعض واصطلحنا‪.‬‬ ‫لح‪ ،‬حتّى مشى بعضنا يف‬
‫الص َ‬
‫املرشكني راسلونا ّ‬
‫َ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن‬ ‫َّ‬
‫فكس�حت‬
‫ُ‬ ‫أتيت ش�جرةً‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ببعض‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫واختلط بعضن�ا‬ ‫ُ‬
‫وأه�ل مكّ� َة‪،‬‬ ‫فل�ا اصطلحن�ا نح� ُن‬
‫ّ‬
‫فاضطجعت يف أصلها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شوكها)‪،(1‬‬

‫فأبغضتهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫يقعون يف‬ ‫املرشكني م ْن ِ‬
‫أهل م ّك َة‪ ،‬فجعلوا‬ ‫َ‬ ‫فأت�اين أربع ٌة م َن‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫شجرة أخرى‪.‬‬ ‫لت إىل‬
‫فتحو ُ‬
‫ّ‬
‫سالحهم‪ ،‬واضطجعوا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وع ّلقوا‬

‫قتل اب ُن زني ٍم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫أسفل الوادي‪ :‬يا للمهاجري َن َ‬ ‫كذلك إ ْذ نادى ٍ‬
‫مناد م ْن‬ ‫َ‬ ‫هم‬
‫فبينا ْ‬
‫س�الحهم‪،‬‬ ‫فأخذت‬ ‫وهم رق�و ٌد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أولئ�ك األربعة ْ‬ ‫ش�ددت ع�ىل‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫فاخرتطت س�يفي‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫فجعلت ُه ضغث ًا يف يدي)‪.(2‬‬
‫رضبت ا ّلذي ِ‬
‫فيه عينا ُه‪.‬‬ ‫منكم رأس ُه ّإال‬ ‫يرفع أحدٌ‬ ‫قلت‪ :‬وا ّلذي كرم وجه ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حممد ال ُ‬
‫َ ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫أسوقهم إىل‬ ‫هبم‬
‫ْ‬ ‫جئت ْ‬
‫ثم ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عىل‬ ‫مكرز‪ ،‬يقود ُه إىل‬ ‫يق�ال ل ُه‬ ‫ِ‬
‫العبالت)‪ُ (3‬‬ ‫ٍ‬
‫برج�ل م َن‬ ‫عامر‬
‫ٌ‬ ‫عم�ي ٌ‬ ‫وج�ا َء ّ‬
‫املرشكني)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫سبعني م َن‬
‫َ‬ ‫فرس جم ّف ٍ‬
‫ف يف‬ ‫ٍ‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫إليهم‬
‫ْ‬ ‫فنظر‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وأن�زل اهلل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫عنه�م‬
‫ْ‬ ‫فعف�ا‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [الفتح‪ [24 :‬اآلي َة ك ّلها‪.‬‬

‫أي‪ :‬كنست ما حتتها م َن ّ‬


‫الشوك‪.‬‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫الضغث‪ :‬احلزمة‪.‬‬‫)‪ّ (2‬‬
‫هلم م ْن بني‬ ‫ٍ‬
‫هم أم ّية األصغر وأخوا ُه نوفل وعبد اهلل بن شمس بن عبد مناف نسبوا إىل أ ّم ْ‬
‫)‪ (3‬العبالت‪ :‬م ْن قريش‪ْ ،‬‬
‫تيم اسمها‪ :‬عبلة بنت عبيد‪.‬‬
‫رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[177/12‬‬
‫السالح‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[177/12‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وهو ثوب يلبس ُه الفرس ليقي ُه م َن ّ‬
‫أي‪ :‬عليه جتفاف‪َ ،‬‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫املرشكون‪.‬‬ ‫وهم‬ ‫حليان ٌ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ ،‬فنزلنا منزالً بيننا َ‬
‫جبل‪ُ ،‬‬ ‫وبني بني‬ ‫راجعني إىل‬
‫َ‬ ‫ثم خرجنا‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫وأصحابه‪.‬‬ ‫اجلبل ال ّليل َة‪ ،‬كأ ّن ُه طليع ٌة للن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‬ ‫رقي هذا َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مل ْن َ‬ ‫فاستغفر‬
‫َ‬
‫مر ِ‬
‫تني‪ْ ،‬أو ثالث ًا‪.‬‬ ‫تلك ال ّليل َة ّ‬
‫فرقيت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال سلم ُة‪:‬‬

‫ثم قدمنا املدين َة‪.‬‬


‫َّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأنا مع ُه‪.‬‬ ‫رباح غال ِم‬
‫مع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ بظهره َ‬ ‫فبعث‬
‫الر ِ‬ ‫ّ ِ )‪(1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفزاري قدْ‬
‫ُّ‬ ‫محن‬ ‫هر ‪ ،‬فل ّا أصبحنا إذا عبدُ ّ‬ ‫بفرس طلح َة أندّ يه َ‬
‫مع الظ‬ ‫وخرجت مع ُه‬
‫ُ‬
‫أمجع‪َ ،‬‬
‫وقتل راعي ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فاستاق ُه َ‬ ‫أغار عىل ِ‬
‫ظهر‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َّ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫الفرس‪ ،‬فأبلغ� ُه طلح َة ب َن عبيد اهلل‪ ،‬وأخ ْ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫رباح ْ‬
‫خذ هذا‬ ‫فقل�ت‪ :‬ي�ا ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسحه‪.‬‬ ‫املرشكني قدْ أغاروا عىل‬
‫َ‬
‫بني‬
‫أس�معت ما َ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رصخات‬ ‫َ‬
‫ث�الث‬ ‫فرصخت‬
‫ُ‬ ‫فاس�تقبلت املدين� َة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫أكم�ة‪،‬‬ ‫قم�ت عىل‬
‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫البتيها‪ :‬يا صباحا ْه)‪ ،(2‬يا صباحا ْه‪.‬‬
‫وأرجتز ُ‬
‫أقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أرميهم بالن ِ‬
‫ّبل‬ ‫ْ‬ ‫خرجت يف ِ‬
‫آثار القو ِم‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫(‬

‫نصل السه ِم إىل ِ‬ ‫ِ‬


‫كتفه‪.‬‬ ‫خلص ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫رحله‪ ،‬حتّى‬ ‫فأصك سه ًا يف‬
‫ُّ‬ ‫منهم‪،‬‬
‫ال ْ‬ ‫فأحلق رج ً‬
‫ُ‬

‫قلت‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬‬

‫ثم تر ّد إىل املرعى‪ .‬رشح‬ ‫ثم ترد املاء فرتد ً‬


‫قليال‪َّ ،‬‬ ‫ثم ترسل يف املرعى‪َّ ،‬‬ ‫أن يورد املاشية املاء فتسقى ً‬
‫قليال‪َّ ،‬‬ ‫)‪ (1‬ومعنا ُه‪ْ :‬‬
‫النووي عىل صحيح مسلم [‪.[177/12‬‬
‫قال‪:‬‬‫الصب�اح‪ ،‬فكأ ّن ُه َ‬ ‫َ‬
‫يغريون يف وقت ّ‬ ‫عادهتم‬
‫ْ‬ ‫وكان�ت‬
‫ْ‬ ‫عدو ِه‪،‬‬ ‫كان ً‬
‫غافال ع ْن ّ‬ ‫ِ‬
‫اس�تنفار م� ْن َ‬ ‫ه�ي كلمة تقال عند‬ ‫)‪َ (2‬‬
‫دمهكم صباح ًا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫تأهبوا ملا‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ذلك م ْن خوارق العادات‪ .‬فتح الباري [‪.[461/7‬‬ ‫أن يكون َ‬ ‫الصوت جدّ ًا‪ ،‬وحيتمل ْ‬ ‫إشعار بأ ّن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫كان واسع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وفيه‬
‫ِ‬
‫أي‪ :‬اليوم يوم هالك ال ّلئام‪ ،‬واألصل فيه َّ‬
‫َ‬
‫فكان إذا أرا َد‬ ‫أن ش�خص ًا َ‬
‫كان ش�ديد البخل‪،‬‬ ‫هبم ال ّلئام ْ‬
‫الر ّضع‪ :‬املراد ْ‬ ‫)‪ّ (3‬‬
‫فيطلب�ون من ُه ال ّلبن‪َ ،‬‬
‫فقيل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫احللب‬ ‫صوت‬
‫َ‬ ‫يمر ِبه‬
‫فيس�مع جريان ُه ْأو م ْن ُّ‬
‫ُ‬ ‫ارتضع م ْن ثدهيا ّ‬
‫لئال حيلبها‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ناقت�ه‬ ‫حل�ب‬
‫َ‬
‫لكل لئي ٍم‪ .‬فتح الباري [‪.[462/7‬‬ ‫ذلك ِّ‬
‫‪‬‬

‫فجلس�ت يف‬
‫ُ‬ ‫أتيت ش�جرةً‪،‬‬
‫فارس ُ‬ ‫رج�ع إ َّيل ٌ‬
‫َ‬ ‫هبم‪ ،‬فإذا‬
‫وأعق�ر ْ‬
‫ُ‬ ‫أرميهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫زل�ت‬
‫ُ‬ ‫ف�واهلل م�ا‬
‫علوت َ‬
‫اجلبل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تضايق�ه‬ ‫تضاي�ق ُ‬
‫اجلبل‪ ،‬فدخلوا يف‬ ‫فعق�رت ِبه‪ ،‬حتّى إذا‬ ‫ث�م رميت ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أصله�ا‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫باحلجارة‪.‬‬ ‫هيم‬
‫فجعلت أر ّد ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّإال خ ّلفت ُه ورا َء‬ ‫ظهر‬ ‫خلق اهلل م ْن ٍ‬
‫بعري م ْن ِ‬ ‫أتبعهم حتّى ما َ‬ ‫َ‬
‫كذلك‬ ‫زلت‬
‫فا ُ‬
‫ْ‬
‫ظهري‪ ،‬وخ ّلوا بيني وبين ُه‪.‬‬
‫وثالثني رحم ًا‪ ،‬يستخ ّف َ‬
‫ون‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثالثني بردةً‪،‬‬
‫َ‬ ‫أكثر م ْن‬
‫أرميهم‪ ،‬حتّى ألقوا َ‬
‫ْ‬ ‫ّبعتهم‬
‫ْ‬ ‫ثم ات‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ وأصحاب ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلجارة يعرفها‬ ‫جعلت ِ‬
‫عليه آرام ًا)‪ (1‬م َن‬ ‫ُ‬ ‫يطرحون شيئ ًا ّإال‬
‫َ‬ ‫وال‬
‫يتضح َ‬ ‫فالن ب ُن ٍ‬
‫أتاهم ُ‬ ‫ٍ‬
‫ون‬ ‫ّ‬ ‫الفزاري‪ ،‬فجلسوا‬
‫ُّ‬ ‫بدر‬ ‫ْ‬ ‫حتّى أتوا متضايق ًا م ْن ثن ّية‪ ،‬فإذا ْ‬
‫هم قدْ‬
‫يعني‪ :‬يتغدّ َ‬
‫ون‪.‬‬
‫رأس ٍ‬
‫قرن)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫وجلست عىل‬
‫ُ‬

‫الفزاري‪ :‬ما هذا ا ّلذي أرى؟‬


‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫كل ٍ‬
‫يشء يف‬ ‫انتزع َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الرح )‪ ،(3‬واهلل م�ا فارقنا ُ‬
‫غلس يرمينا حتّ�ى َ‬ ‫منذ‬ ‫قال�وا‪ :‬لقين�ا م� ْن هذا َ‬
‫أيدينا‪.‬‬

‫منكم أربع ٌة‪.‬‬ ‫نفر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫ْ‬ ‫فليقم إليه ٌ‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫اجلبل‪.‬‬ ‫منهم أربع ٌة يف‬
‫فصعدَ إ َّيل ْ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫هل تعرفوين؟‬ ‫فلا أمكنوين م َن الكال ِم ُ‬
‫ّ‬
‫أنت؟‬
‫قالوا‪ :‬ال‪ ،‬وم ْن َ‬

‫وهي حجارة جتمع وتنصب يف املفازة‪ ،‬هيتدى هبا‪ .‬النهاية [‪.[40/1‬‬


‫هي األعالم‪َ ،‬‬
‫)‪ (1‬آرام‪َ :‬‬
‫صغري‪ .‬النهاية [‪.[54/4‬‬
‫)‪ (2‬جبيل ٌ‬
‫أي‪ :‬شدّ ة‪.‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫‪‬‬

‫منكم ّإال أدركت ُه‪،‬‬


‫ْ‬ ‫أطلب رج ً‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫حمم ٍد ﷺ ال‬ ‫قلت‪ :‬أنا سلم ُة ب ُن األكوعِ‪ ،‬وا ّلذي ّ‬
‫كر َم وج َه ّ‬ ‫ُ‬
‫منكم فيدركني‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وال يطلبني ٌ‬
‫رجل‬
‫أحدهم‪ :‬أنا أظ ُّن‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫�جر‪ ،‬فإذا‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ يتخ ّل َ‬
‫لون ّ‬ ‫ِ‬
‫الش َ‬ ‫فوارس‬
‫َ‬ ‫رأيت‬
‫برح�ت مكاين حتّى ُ‬ ‫ُ‬ ‫فرجع�وا‪ ،‬فا‬
‫الكندي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األسود‬ ‫إثره أبو قتاد َة األنصاري‪ ،‬وعىل ِ‬
‫إثره املقدا ُد ب ُن‬ ‫أوهلم األخرم األسدي عىل ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ْ‬
‫ِ‬
‫بعنان األخر ِم‪ ،‬فو ّلوا مدبري َن‪.‬‬ ‫فأخذت‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأصحاب ُه‪.‬‬ ‫يلحق‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يقتطعوك حتّى‬ ‫احذرهم ال‬
‫ْ‬ ‫قلت‪ :‬يا أخر ُم‬
‫ُ‬
‫حق‪ ،‬فال‬ ‫أن اجلنّ� َة ٌّ‬
‫حق‪ ،‬والن َّار ٌّ‬ ‫وتعلم َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اآلخر‪،‬‬ ‫كنت تؤم� ُن باهلل واليو ِم‬
‫إن َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬يا س�لم ُة ْ‬
‫الش ِ‬
‫هادة‪.‬‬ ‫وبني ّ‬
‫حتل بيني َ‬ ‫ْ‬
‫الر ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫محن‪ ،‬فقتل ُه‪،‬‬ ‫محن فرس� ُه‪ ،‬وطعن ُه عبدُ ّ‬ ‫فعقر بعبد ّ‬‫محن‪َ ،‬‬ ‫هو وعبدُ ّ‬ ‫فخ ّليت ُه‪ ،‬فالتقى َ‬
‫ِ‬
‫فرسه‪.‬‬ ‫وحتو َل عىل‬
‫ّ‬
‫محن‪ ،‬فطعن ُه‪ ،‬فقتل ُه‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فارس رسول اهلل ﷺ بعبد ّ‬ ‫ُ‬ ‫وحلق أبو قتاد َة‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫رجيل حتّى ما أرى ورائي م ْن‬ ‫َّ‬ ‫لتبعتهم أعدو عىل‬
‫ْ‬ ‫حمم ٍد ﷺ؛‬‫كر َم وج َه ّ‬‫فوا ّلذي ّ‬
‫ش�عب ِ‬
‫فيه ما ٌء ُ‬
‫يقال ل ُه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ‬
‫�مس إىل‬ ‫غروب ّ‬‫ِ‬ ‫غبارهم ش�يئ ًا‪ ،‬حتّى يعدلوا َ‬
‫قبل‬ ‫حمم ٍد ﷺ‪ ،‬وال‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫وراءهم‪ ،‬فخ ّل ْ‬
‫يته�م عن ُه)‪ ،(1‬فا ذاقوا‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫عط�اش‪ .‬فنظروا إ َّيل أعدو‬ ‫وهم‬
‫ذو ق�رد؛ ليرشب�وا من ُه‪ْ ،‬‬
‫من ُه قطرةً‪.‬‬
‫ِ‬
‫نغض‬ ‫منهم‪ ،‬فأص ّك ُه بس�ه ٍم يف‬ ‫فأحلق رج� ً‬ ‫ون يف ثني ٍ‬
‫وخيرج�ون‪ ،‬فيش�تدّ َ‬
‫َ‬
‫ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫�ة‪ ،‬فأعدو‪،‬‬ ‫ّ‬
‫)‪(2‬‬

‫ِ‬
‫كتفه‪.‬‬
‫قلت‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬‬

‫طردهتم عن ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫قيق ا ّلذي عىل طرفه‪ .‬النهاية [‪.[87/5‬‬
‫الر ُ‬
‫هو العظم ّ‬ ‫ّغض‪ :‬أعىل الكتف‪َ .‬‬
‫وقيل‪َ :‬‬ ‫)‪ (2‬الن ُ‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫قال‪ :‬يا ثكلت ُه أ ّم ُه‪ ،‬أكوع ُه بكر َة)‪(1‬؟‬
‫َ‬
‫أكوعك بكرةَ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪،‬‬ ‫عدو‬
‫نعم يا َّ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫فرسني عىل ثن ّي ٍة)‪.(2‬‬
‫ِ‬ ‫وأردوا‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فجئت هبا أسوقها إىل‬
‫ُ‬
‫ورشبت‪.‬‬ ‫أت‬
‫فتوض ُ‬ ‫ٍ‬
‫وسطيحة فيها ما ٌء‪ّ ،‬‬ ‫لبن‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بسطيحة)‪ (3‬فيها مذق ٌة م ْن ٍ‬ ‫عامر‬
‫ُ‬ ‫وحلقني ٌ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قدْ َ‬
‫أخذ‬ ‫هتم عن ُه‪ ،‬فإذا‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وهو عىل ِ‬
‫املاء ا ّلذي ّ‬ ‫َ‬
‫حأل ْ‬ ‫َ‬ ‫أتيت‬
‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫رمح وبردة‪ٍ.‬‬
‫وكل ٍ‬‫املرشكني‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اإلبل‪َّ ،‬‬
‫وكل يشء استنقذت ُه م َن‬ ‫تلك َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‬ ‫استنقذت م َن القو ِم‪ ،‬وإذا َ‬
‫هو يشوي‬ ‫ِ‬
‫اإلبل ا ّلذي‬ ‫نحر ناق ًة م َن‬ ‫وإذا ٌ‬
‫ُ‬ ‫بالل َ‬
‫م ْن كبدها وسنامها‪.‬‬

‫فأنتخب‬
‫ُ‬ ‫سقيهم‪ ،‬خ ّلني‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أن يرشبوا‬‫أعجلتهم ْ‬
‫ْ‬ ‫وإين‬ ‫ٌ‬
‫عطاش‪ّ ،‬‬ ‫إن القو َم‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪َّ ،‬‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ر ّإال قتلت ُه‪.‬‬‫منهم خم ٌ‬
‫ّبع القو َم‪ ،‬فال يبقى ْ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‪ ،‬فأت ُ‬ ‫م َن القو ِم مائ َة‬
‫ِ‬
‫ضوء الن ِّار‪.‬‬ ‫بدت نواجذ ُه يف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ حتّى ْ‬ ‫فضحك‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫أكرمك‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬وا ّلذي‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فلا كش�فوا جلده�ا رأوا غبار ًا‪،‬‬


‫فالن جزور ًا‪ّ ،‬‬
‫هلم ٌ‬‫نح�ر ْ‬ ‫غطفان َ‬
‫فقال‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫فج�ا َء ٌ‬
‫رجل م� ْن‬
‫هاربني‪.‬‬
‫َ‬ ‫أتاكم القو ُم‪ ،‬فخرجوا‬
‫ُ‬ ‫فقالوا‪:‬‬

‫أنت األكوع ا ّلذي كنت بكرة هذا النّهار‪.‬‬


‫أي‪َ :‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬معنا ُه‪ :‬أتعبومها حتّى أسقطومها وتركومها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫سطح بعضها عىل بعض‪ ،‬واملذقة‪ :‬قليل م ْن لبن ممزوج باء‪ .‬رشح النووي عىل صحيح‬ ‫السطيحة‪ :‬إناء م ْن جلود‬
‫َ‬ ‫)‪ّ (3‬‬
‫مسلم [‪.[181/12‬‬
‫السهول ُة‪ .‬فتح الباري [‪.[463/7‬‬
‫والسجاح ُة ّ‬
‫فاعف‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫)‪ (4‬واملعنى‪ :‬قدرت‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فل�ا أصبحن�ا َ‬
‫ق�ال‬ ‫ّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫الر ِ‬
‫اجل‪ ،‬فجمعها يل مجيع ًا)‪.(2‬‬ ‫وسهم ّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفارس‪،‬‬ ‫سهم‬ ‫ِ‬
‫سهمني‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ثم أعطاين‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫املدينة‪.‬‬ ‫راجعني إىل‬ ‫ِ‬
‫العضباء‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ وراء ُه عىل‬ ‫ثم أردفني‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫مسابق إىل‬
‫ٌ‬ ‫فجعل ُ‬
‫يقول‪ :‬أال‬ ‫َ‬ ‫يسبق شدّ ًا)‪،(3‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار ال ُ‬ ‫وكان ٌ‬
‫رجل م َن‬ ‫َ‬ ‫نس�ري‪،‬‬ ‫فبينا نح ُن‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مسابق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪ْ ،‬‬
‫هل م ْن‬

‫َ‬
‫فجعل يعيدُ َ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫هتاب رشيف ًا‪.‬‬


‫قلت‪ :‬أما تكر ُم كري ًا‪ ،‬وال ُ‬
‫سمعت كالم ُه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫قال‪ :‬ال‪ّ ،‬إال ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬

‫الر َ‬
‫جل‪.‬‬ ‫فألسابق ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل بأيب وأ ّمي‪ ،‬ذرين‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫اذهب َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رشفني‪ ،‬أستبقي نفيس‪.‬‬ ‫فربطت ِ‬
‫عليه رشف ًا)‪ْ (5‬أو‬ ‫ُ‬ ‫فعدوت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫)‪(4‬‬
‫فطفرت‬
‫ُ‬ ‫رجيل‪،‬‬ ‫وثنيت‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫هلم‬ ‫ِ‬ ‫)‪ِ (1‬‬
‫فيه‪ :‬استحباب ال ّثناء عىل ّ‬
‫رتغيب ْ‬‫صنيعهم اجلميل‪ ،‬ملا فيه م ْن ال ّ‬
‫ْ‬ ‫الشجعان وسائر أهل الفضائل ال س ّيا عند‬
‫ٍ‬ ‫حق من يأمن الفتنة ِ‬
‫بإعجاب ونحوه‪ .‬رشح النووي عىل‬ ‫عليه‬ ‫ذلك اجلميل‪ ،‬وهذا ك ّله يف ّ ْ‬
‫ولغريهم يف اإلكثار م ْن َ‬
‫ْ‬
‫صحيح مسلم [‪.[182/12‬‬
‫ِ‬
‫وهو حقيق باستحقاق النّفل ‪I‬؛ لبدي ِع‬ ‫كان ً‬
‫نفال‪َ ،‬‬ ‫الراجل َ‬ ‫)‪ (2‬قال النووي‪ :‬هذا حممول عىل َّ‬
‫أن الزائد عىل سهم ّ‬
‫صنعه يف ِ‬
‫هذه الغزوة‪.‬‬
‫رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[183/12‬‬
‫الر ِ‬
‫جلني‪.‬‬ ‫)‪ (3‬يعني‪ :‬عدو ًا عىل ّ‬
‫أي‪ :‬وثبت وقفزت‪.‬‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫الشديد لئ ّ‬
‫ال يقطعني البهر‪ .‬رشح النووي عىل‬ ‫ارتفع م ْن األرض‪ ،‬واملعنى‪ :‬حبست نفيس ِ‬
‫عن اجلري ّ‬ ‫َ‬ ‫الرشف‪ :‬ما‬
‫)‪ّ (5‬‬
‫صحيح مسلم [‪.[183/12‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رشفني‪.‬‬ ‫فربطت ِ‬
‫عليه رشف ًا‪ْ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫عدوت يف ِ‬
‫إثره‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫رفعت حتّى أحلق ُه‪ ،‬فأص ّك ُه َ‬
‫بني كتفيه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم ّإين‬
‫َّ‬
‫سبقت واهلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫قلت‪ :‬قدْ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬أنا أظ ُّن‪.‬‬
‫ِ‬
‫املدينة‪.‬‬ ‫فسبقت ُه إىل‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫مع‬
‫ر َ‬ ‫َ ٍ‬ ‫فواهلل ما لبثنا ّإال‬
‫ثالث ليال‪ ،‬حتّى خرجنا إىل خي َ‬
‫يرجتز بالقو ِم‪:‬‬
‫ُ‬ ‫عامر‬
‫عمي ٌ‬ ‫َ‬
‫فجعل ّ‬

‫«‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫عامر‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أنا ٌ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫خيص ُه ّإال استشهدَ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إلنسان ّ‬ ‫استغفر‬
‫َ‬ ‫وما‬
‫ٍ‬
‫بعامر‪.‬‬ ‫نبي اهلل لوال ما متّعتنا‬ ‫وهو عىل ٍ‬
‫مجل ل ُه‪ :‬يا َّ‬ ‫اب َ‬‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫فنادى ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ )‪(1‬‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫خيطر بسيفه‬
‫مرحب ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ملكهم‬
‫ْ‬ ‫خرج‬
‫ر‪َ ،‬‬ ‫فلا قدمنا خي َ‬
‫ّ‬

‫عامر َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫عمي ٌ‬
‫وبرز ل ُه ّ‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬

‫مرة‪ ،‬ويضع ُه أخرى‪.‬‬


‫أي‪ :‬يرفع ُه ّ‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫‪‬‬

‫فرجع‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يس�فل ل ُه)‪،(1‬‬ ‫عامر‬
‫وذهب ٌ‬
‫َ‬ ‫ترس ٍ‬
‫عامر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مرحب يف‬ ‫س�يف‬
‫ُ‬ ‫فوقع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫رضبتني‪،‬‬ ‫فاختلفا‬
‫فكانت فيها نفس ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فقطع أكحل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪،‬‬ ‫سيف ُه عىل‬
‫َ‬
‫قتل نفس ُه‪.‬‬ ‫عمل ٍ‬
‫عامر‪َ ،‬‬ ‫بطل ُ‬
‫يقولون‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب الن ِّ‬ ‫نفر م ْن‬
‫فخرجت‪ ،‬فإذا ٌ‬
‫ُ‬
‫عمل ٍ‬
‫عامر‪.‬‬ ‫بطل ُ‬
‫رسول اهلل َ‬
‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ وأنا أبكي‪،‬‬
‫فأتيت الن َّ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫َ‬
‫أصحابك‪.‬‬ ‫ناس م ْن‬
‫قلت‪ٌ :‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫وهو أرمدُ ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫عيل‪َ ،‬‬
‫ثم أرس�لني إىل ٍّ‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫عينيه‪،‬‬ ‫فبس�ق يف‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫أتيت ِبه‬
‫وهو أرمدُ ‪ ،‬حتّى ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫فأتيت عل ّي ًا‪،‬‬
‫َ‬ ‫فجئت به أقود ُه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فر َأ‪ ،‬وأعطا ُه ّ‬
‫الراي َة‪.‬‬
‫مرحب َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وخرج‬
‫َ‬

‫عيل‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ٌّ‬
‫(‬

‫(‬

‫أي‪ :‬يرضب ُه م ْن أسفله‪.‬‬ ‫)‪ْ (1‬‬


‫أي‪ :‬جلا ٌّد يف طاعة اهلل‪ ،‬واملجاهد‬
‫وفروا اجلاهدٌ باجلا ِّد يف علمه وعمله‪ْ ،‬‬
‫عريب يشبه ُه يف مجيع صفات الكال‪ّ .‬‬ ‫قل ّ‬‫)‪ (2‬معنا ُه‪َّ :‬‬
‫مجع ال ّلفظني توكيد ًا‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[169/12‬‬ ‫ِ‬ ‫وهو الغازي‪ ،‬وقيل‪َ :‬‬ ‫يف سبيل اهلل‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سمت ُه ّأول والدته أسد ًا باس ِم جدّ ه أل ّمه أسد بن هشام بن عبد مناف‪،‬‬ ‫وكانت أ ّم ّ‬ ‫ِ‬
‫عيل ّ‬ ‫ْ‬ ‫)‪ (3‬حيدرة اسم لألسد‪،‬‬
‫سا ُه عل ّي ًا‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[185/12‬‬ ‫فلا قد َم ّ‬‫أبو طالب غائب ًا ّ‬
‫والسندرة‪ :‬مكيال واسع‪.‬‬ ‫قتال واسع ًا ذريع ًا‪ّ ،‬‬
‫)‪ (4‬معنا ُه‪ :‬أقتل األعداء ً‬
‫‪‬‬

‫الفتح عىل يديه)‪.(1‬‬


‫ُ‬ ‫ثم َ‬
‫كان‬ ‫ٍ‬
‫مرحب‪ ،‬فقتل ُه‪َّ ،‬‬ ‫رأس‬
‫فرضب َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫معجزات‬ ‫أربع‬
‫«يف هذا احلديث ُ‬
‫ِ‬
‫احلديبية‪.‬‬ ‫إحداها‪ :‬تكثري ِ‬
‫ماء‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وال ّثاني ُة‪ :‬إبرا ُء عني ٍّ‬
‫عيل ‪.I‬‬
‫وال ّثالث ُة‪ :‬اإلخبار بأ ّنه يفتح اهلل عىل ِ‬
‫يديه‪.‬‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫َ‬
‫كذلك«)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫َ‬
‫يقرون يف غطفان‪،‬‬ ‫والرابع ُة‪ :‬إخباره ﷺ ّ‬
‫بأهن ْم‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حن�ش ِ‬


‫ِ‬
‫باليمن‪ ،‬فاحتفروا زبي ًة)‪ (3‬لألس�د‪َ ،‬‬
‫فوقع فيها‬ ‫أن عل ّي� ًا ‪َ I‬‬
‫كان‬ ‫املعتمر َّ‬ ‫بن‬ ‫ع�ن‬
‫بآخر‪ ،‬وتع ّل َق‬
‫اآلخ�ر َ‬
‫ُ‬ ‫بآخر‪ ،‬وتع ّل َق‬
‫�ق َ‬ ‫رجل‪ ،‬فتع ّل َ‬
‫س�قط ٌ‬
‫َ‬ ‫األس�دُ ‪ ،‬فبين�ا هم يتطلعون فيها إ ْذ‬
‫فجرحهم األسدُ فيها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بآخر حتّى صاروا أربع ًة‪،‬‬
‫اآلخر َ‬
‫ُ‬ ‫بآخر‪ ،‬وتع ّل َق‬
‫اآلخر َ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫جراحتهم ك ّل ْ‬
‫هم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫بحربة‪ ،‬فقتل ُه‪ ،‬وماتوا م ْن‬ ‫فانتدب ل ُه ٌ‬
‫رجل‬ ‫َ‬
‫الح‪.‬‬
‫الس َ‬
‫ذلك حتّى أخذوا ّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فتنازعوا يف َ‬

‫بينكم‬
‫ْ‬ ‫ح�ي‪ّ ،‬إين أقيض‬ ‫ورس�ول اهلل ﷺ ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫أن تقاتلوا‪،‬‬‫تريدون ْ‬
‫َ‬ ‫ع�يل ‪َ ،I‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فأتاه�م ٌّ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫فيكون‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫بعض حتّى تأتوا الن َّ‬‫ٍ‬ ‫بعضك�م ع ْن‬
‫ْ‬ ‫حجز‬
‫َ‬ ‫فهو القضا ُء‪ّ ،‬‬
‫وإال‬ ‫رضيتم َ‬
‫ْ‬ ‫قض�ا ًء ْ‬
‫إن‬
‫قبائل ا ّلذي َن حفروا َ‬
‫البئر‬ ‫ِ‬ ‫حق ل ُه‪ ،‬امجعوا م ْن‬ ‫ذلك فال َّ‬ ‫بينك�م‪ ،‬فم ْن عدا بعدَ َ‬‫ْ‬ ‫ه�و ا ّلذي يقيض‬ ‫َ‬
‫ثلث‬ ‫ونصف الدّ ِية‪ ،‬والدّ ي� َة كامل ًة‪ ،‬فقىض لألو ِل ربع ٍ‬
‫دية‪ ،‬ولل ّثاين َ‬ ‫َ‬ ‫وثلث الدّ ِية‪،‬‬
‫َ‬ ‫رب�ع الدّ ِية‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫دية‪ ،‬وللر ِ‬
‫ابع الدّ ي َة كامل ًة‪.‬‬ ‫نصف ٍ‬ ‫َ‬ ‫دية‪ ،‬ولل ّث ِ‬
‫الث‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫وهو عندَ‬
‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأتوا الن َّ‬
‫بعضه�م‪ ،‬فارتفعوا إىل الن ِّ‬
‫ْ‬ ‫بعضهم‪ ،‬وكر َه‬
‫ْ‬ ‫فريض‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫القص َة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مقا ِم‬
‫فقصوا عليه ّ‬‫إبراهيم‪ّ ،‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1807‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[186/12‬‬
‫ليقع فيها‪ .‬النهاية [‪[295/2‬‬
‫)‪ (3‬وهى حفرة حتفر لألسد إذا أرادوا صيده‪ ،‬ويغطى رأسها با يسرتها َ‬
‫‪‬‬

‫واحتبى‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫القص َة‪ ،‬فأجاز ُه‬ ‫ِ‬ ‫فقال ٌ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(1‬‬ ‫إن عل ّي ًا قىض فينا‪ّ ،‬‬
‫فقصوا عليه ّ‬ ‫رجل م َن القو ِم‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫احلفرة من احلارضين عليها‪ ،‬هلم‬ ‫املقتول�ني ً‬
‫خطأ بالتداف ِع عىل‬ ‫ِ‬
‫هؤالء األربع َة‬ ‫وذل�ك ألن‬
‫َ‬
‫يات عىل من حرض عىل ِ‬
‫وجه اخلطأ‪.‬‬ ‫الدّ ُ‬
‫َ‬
‫قتل‪ ،‬وعليه ثالث ُة أربا ِع‬ ‫ِ‬
‫باملجاذبة‪ ،‬فله الدي ُة با َ‬ ‫قاتل ثالث ًة‬ ‫ِ‬
‫باملدافعة‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مقتول‬ ‫واألو ُل‬
‫ّ‬
‫الدّ ِية بالثالثة الذين قتلهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫باملجاذبة‪.‬‬ ‫ذين قتلها‬ ‫ِ‬
‫الثلثان باالثنني ال ّل ِ‬ ‫ِ‬
‫الدية‪ ،‬وعليه‬ ‫وأما الثاين فله ُ‬
‫ثلث‬

‫نصف الدّ ِية‪ ،‬وعليه الن ُ‬


‫ّصف؛ ألنه قتل واحد ًا باملجاذبة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الثالث فله‬ ‫وأما‬
‫والرابع له الدّ ي ُة كامل ًة؛ أل ّن ُه مل ْ‬
‫يقتل أحد ًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قال ابن العريب‪« :‬وهذا من بدي ِع االستنباط»)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫صفات‬ ‫عمه عبدَ اهلل بن عباس ‪ L‬اهتام ًا بالغ ًا؛ ملا تتّع به من‬
‫النبي ﷺ اب َن ّ‬
‫وقد أوىل ُّ‬
‫ِ‬
‫والذكاء‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫تدل عىل النبو ِغ‬
‫ِ‬
‫صدره‪ ،‬وق�ال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ إىل‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫ع� ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬
‫ضمني الن ُّ‬
‫ق�ال‪ّ :‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫ر‪.‬‬
‫فأخ َ‬ ‫فوضعت ل ُه وضوء ًا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ اخلال َء‪،‬‬
‫ويف رواية‪ :‬دخل الن ُّ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫قال‬ ‫فوضعت ل� ُه وضوء ًا م َن ال ّل ِ‬
‫يل‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫بيت ميمون َة‪،‬‬‫كان يف ِ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ويف رواي�ة‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫لك هذا عبدُ اهلل ب ُن ع ّب ٍ‬
‫اس‪.‬‬ ‫وضع َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقالت ميمون ُة‪ :‬يا‬
‫ْ‬

‫وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[478/2‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪،]574‬‬
‫)‪ (2‬أحكام القرآن [‪ ]44/4‬البن العريب‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[3756‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]143‬ومسلم [‪.[2477‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫الفقه‪ ،‬واستحباب الدّ ِ‬
‫عاء مل ْن َ‬ ‫ِ‬
‫خري ًا َ‬
‫مع اإلنسان‪.‬‬ ‫عمل عم ً‬
‫ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫فضيل ُة‬ ‫»‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫باملحل األعىل»)‪.(2‬‬ ‫فكان م َن الفقه‬ ‫إجاب ُة دعاء الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ ل ُه‪،‬‬
‫ِ‬
‫وضعه املا َء م ْن جهة أ ّن ُه تر ّد َد بني‬ ‫البن ع ّباس بالتّف ّق ِه عىل‬ ‫«مناس�ب ُة الدّ ِ‬
‫عاء ِ‬
‫ِ‬
‫ثالثة ٍ‬
‫أمور‪:‬‬

‫باملاء إىل اخلالء‪ْ ،‬أو يضع ُه عىل الب�اب؛ ليتناول ُه م ْن قرب‪ْ ،‬أو ال يفعل‬ ‫إليه ِ‬‫يدخ�ل ِ‬
‫َ‬ ‫إ ّم�ا ْ‬
‫أن‬
‫الث يس�تدعي مش ّق ًة يف ِ‬
‫طلب‬ ‫تعرض ًا لال ّطالعِ‪ ،‬وال ّث ُ‬ ‫ألن يف ّ ِ‬‫أوفق؛ َّ‬
‫ش�يئ ًا‪ ،‬فرأى ال ّثاين َ‬
‫األول ّ‬
‫أن يدعو ل ُه بالتّف ّق ِه يف الدّ ين؛ ليحصل‬‫فناس�ب ْ‬ ‫ِ‬
‫ذكائه؛‬ ‫ِ‬
‫املاء‪ ،‬وال ّثاين أس�هلها‪ ،‬ففعل ُه ُّ‬
‫يدل عىل‬
‫َ‬
‫ِبه النّفع‪ ،‬وكذا َ‬
‫كان»)‪.(3‬‬

‫كان أصغرهم س�نّ ًا‪ ،‬فقد‬ ‫ِ‬


‫الصحاب�ة‪ ،‬مع أ ّن ُه َ‬ ‫مفري‬ ‫ِ‬ ‫ف�كان اب� ُن ع ّب ٍ‬
‫أش�هر ّ‬ ‫اس ‪ I‬من‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫منذ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫س�نوات‪ ،‬والز َم‬ ‫ِ‬
‫بثالث‬ ‫ِ‬
‫املدينة‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إىل‬ ‫ِ‬
‫هجرة‬ ‫ولدَ ‪ I‬قبل‬
‫النبي صىل اهلل‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وقرابته من ميمون� َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زوج ِّ‬ ‫أظف�اره‪ ،‬وذلك لقرابته من‬ ‫نعوم�ة‬
‫ُ‬
‫الرسول ﷺ‪..‬؟!‬ ‫وكيف ال يكون كذلك‪ ،‬وقد دعا ل ُه‬
‫َ‬ ‫عليه‪.‬‬

‫ثالث عرش َة سن ًة‪.‬‬


‫َ‬ ‫ّ‬
‫وتويف رسول اهلل ﷺ وسنّ ُه‬

‫اس»)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫ترمجان القرآن اب ُن ع ّب ٍ‬ ‫«نعم‬
‫وكان اب ُن مسعود يقول‪َ :‬‬
‫حممد»)‪.(5‬‬ ‫«هو أعلم النّاس با َ‬
‫أنزل اهلل عىل ّ‬ ‫وقال ابن عمر‪َ :‬‬
‫ﷺ‬

‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يوم ًا‪َ ،‬‬ ‫خلف‬
‫َ‬ ‫كنت‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫فعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪.[3024‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[37/16‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[232/1‬‬
‫)‪ (4‬رواه احلاكم يف املستدرك [‪.[6291‬‬
‫)‪ (5‬رواه اآلجري يف الرشيعة [‪.[2271/5‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬

‫ويقرب ُه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫جتىل هذا النبو ُغ منه ‪،I‬‬


‫وقد ّ‬
‫فكان يدنيه منه‪ّ ،‬‬ ‫عمر‪،‬‬
‫أمري املؤمنني ُ‬
‫وعرف ذلك ُ‬
‫َ‬
‫إليه‪.‬‬

‫بعضهم‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫فكأن‬ ‫مع أش�ياخِ ٍ‬
‫بدر)‪،(2‬‬ ‫عمر يدخلني َ‬ ‫كان ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫بن ع ّب ٍ‬‫ع� ْن عبد اهلل ِ‬
‫ُ‬
‫تدخل هذا معنا‪ ،‬ولنا أبنا ٌء مثل ُه؟‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬مل َ‬ ‫وجدَ يف‬

‫علمتم)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬إ ّن ُه م ْن قدْ‬
‫لريهيم منّي‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ ّإال‬ ‫معهم‪ ،‬وما رئيت ُه دعاين‬ ‫ذات يو ٍم‪ ،‬ودعاين‬
‫فدعاهم َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫تقولون يف (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ما‬
‫السورةَ‪.‬‬
‫ختم ّ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ‪)...‬؟ حتّى َ‬
‫وفتح علينا‪.‬‬ ‫بعضهم‪ :‬أمرنا ْ‬
‫أن نحمدَ اهلل‪ ،‬ونستغفر ُه إذا نرصنا‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫والقصور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املدائن‬ ‫ويف رواية‪ :‬قالوا‪ :‬فتح‬

‫بعضهم‪ :‬ال ندري‪.‬‬


‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫تقول؟‪.‬‬ ‫َ‬
‫أكذاك ُ‬ ‫فقال يل‪ :‬يا اب َن ع ّب ٍ‬
‫اس‪،‬‬ ‫َ‬

‫وصححه األلباين بزياداته يف الصحيحة [‪.[2382‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2516‬وأمحد [‪ ،]2800‬والزيادتان له‪،‬‬
‫مع أهل املدينة‬ ‫وكان ر ّبا َ‬
‫َ‬ ‫أن يدخلوا ِ‬ ‫جلس للن ِ‬
‫ّاس ْ‬
‫أدخل َ‬ ‫السابقة‪،‬‬
‫منازهلم يف ّ‬
‫ْ‬ ‫عليه عىل قدر‬ ‫وكانت عادة عمر إذا َ‬‫ْ‬ ‫)‪(2‬‬
‫كان ِ‬
‫فيه مز ّية جتر ما فات ُه م ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫منهم إذا َ‬
‫ليس ْ‬ ‫م ْن َ‬
‫ّبي ﷺ‪ْ ،‬أو إىل معرفته‪ ،‬وفطنته‪ .‬فتح الباري [‪.[735/8‬‬ ‫َ‬
‫بذلك إىل قرابته م َن الن ّ‬ ‫أشار‬
‫)‪َ (3‬‬
‫‪‬‬

‫قلت‪ :‬ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫قال‪ :‬فا ُ‬
‫تقول؟‬ ‫َ‬

‫ﭵ)فتح م ّك َة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ أعلم ُه اهلل ل ُه‪( ،‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫هو ُ‬
‫أجل‬ ‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أجلك‪( ،‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)‪.‬‬ ‫َ‬
‫فذاك عالم ُة‬

‫أعلم منها ّإال ما ُ‬


‫تعلم)‪.(1‬‬ ‫عمر ما ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫أن يع ّلم ُه اهلل الت َ‬
‫ّأويل‪،‬‬ ‫ّب�ي ﷺ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي�ه فضيل� ٌة ظاهر ٌة ِ‬
‫وتأثري إلجابة دعوة الن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫البن ع ّب�اس‪،‬‬
‫ين)‪.(2‬‬‫ويف ّقه ُه يف الدّ ِ‬

‫�اس فمح ّل ُه م� َن العلم‪ ،‬والفق�ه يف الدّ ين‪ ،‬والفه� ِم ال ّث ِ‬


‫اقب‬ ‫«وأ ّم�ا اب ُن ع ّب ٍ‬
‫ِ‬
‫وأخذه إ ّياها‬ ‫أحوال رس�ول اهلل ﷺ ا ّلت�ي مل ْ حيفظها غري ُه‪،‬‬
‫َ‬ ‫مع�روف‪ ،‬مع كثرة بحثه‪ ،‬وحت ّف ِ‬
‫ظه‬ ‫ٌ َ‬
‫الصحابة»)‪.(3‬‬ ‫م ْن ِ‬
‫كبار ّ‬
‫املغازي‪ ،‬ويوم ًا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫التأويل‪ ،‬ويوم� ًا‬ ‫يذكر في�ه إالّ الفق َه‪ ،‬ويوم ًا‬
‫ولق�د كان جيال�س يوم ًا‪ ،‬وال ُ‬
‫ِ‬
‫العرب)‪.(4‬‬ ‫عر‪ ،‬ويوم ًا أ ّيا َم‬ ‫ّ‬
‫الش َ‬
‫ق�ال‪« :‬قر َأ اب ُن‬ ‫ٍ‬
‫بإس�ناد صحي�ح كا قال احلافظ ابن حج�ر ع ْن أيب وائل َ‬ ‫وروى يعق�وب‬
‫ألسلمت»)‪.(5‬‬
‫ْ‬ ‫يلم‬
‫سمعت هذا الدّ ُ‬
‫ْ‬ ‫يفرها‪َ ،‬‬
‫فقال رجل‪ْ :‬لو‬ ‫ثم َ‬
‫جعل ّ‬ ‫اس سور َة الن ِ‬
‫ّور‪َّ ،‬‬ ‫ع ّب ٍ‬
‫ِ‬
‫احلفظ‪ ،‬أنشد ُه اب ُن أيب ربيع َة قصيدت ُه التي مطلعها‪:‬‬ ‫وكان آي ًة يف‬

‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬وهي ثانون بيت ًا)‪.(6‬‬ ‫مر ٍة‬
‫فحفظها يف ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[4294‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[736/8‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[290/4‬‬
‫)‪ (4‬األعالم [‪ ]95/4‬للزركيل‪.‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[100/7‬‬
‫)‪ (6‬األعالم [‪ ]95/4‬للزركيل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.I‬‬ ‫ﷺ‬
‫«كان من السابقني األولني‪ ،‬ومن الن ِ‬
‫العاملني»)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫ّجباء‬ ‫َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫قال عنه الذهبي‪ّ َ َ :‬‬
‫ِ‬
‫العلاء»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫أذكياء‬ ‫وقال‪« :‬كان معدود ًا يف‬

‫أخ�ذت م ْن يف‬
‫ُ‬ ‫فق�ال‪ :‬واهلل لقدْ‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود‪َ ،‬‬ ‫عن ش�قيق بن س�لمة ق�ال‪ :‬خطبنا عبدُ اهلل ب ُن‬
‫ِ‬
‫بكتاب اهللِ‪،‬‬ ‫أعلمهم‬ ‫علم أصحايب ّأين م ْن‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بضع ًا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وس�بعني س�ورةً‪ ،‬واهلل لقدْ َ‬
‫َ‬
‫بخريهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وما أنا‬
‫غري َ‬
‫ذلك)‪.(3‬‬ ‫سمعت را ّد ًا ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يقول َ‬ ‫ُ‬ ‫يقولون‪ ،‬فا‬ ‫أسمع ما‬
‫ُ‬ ‫احللق‬ ‫فجلست يف‬
‫ُ‬ ‫شقيق‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫قال‬
‫ِ‬
‫النساء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سورة‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬فقرأ عليه من ّأول‬ ‫وقد طلب منه ﷺ أن يقرأ عليه شيئ ًا من‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫ٍ‬


‫مسعود ‪َ I‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫قال يل الن ُّ‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫وعليك َ‬
‫أنزل؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عليك‪،‬‬ ‫رسول اهللِ‪ ،‬آقر ُأ‬
‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫هذه ِ‬
‫اآلية‪( :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫أتيت إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫فقرأت سور َة النّساء حتّى ُ‬
‫ُ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [النساء‪.[41 :‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫تذرفان)‪.(4‬‬ ‫فالتفت ِ‬
‫إليه فإذا عينا ُه‬ ‫ُّ‬
‫وأرش�د النبي ﷺ إىل أخذ القرآن عنه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬سري أعالم النبالء [‪.[461/1‬‬


‫)‪ (2‬سري أعالم النبالء [‪.[462/1‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]5000‬ومسلم [‪.[2462‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]5050‬ومسلم [‪.[800‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3806‬ومسلم [‪.[2464‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫واثنان م َن‬ ‫املذكورون‪ِ ،‬‬
‫اثنان م َن املهاجري َن‪ ،‬ومها املبدأ هبا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أي‪ :‬تع ّلمو ُه منها‪ ،‬واألربعة‬
‫ْ‬
‫هو ابن معقل موىل أيب حذيفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ ،‬وسامل ٌ َ‬
‫غريهم أفق َه يف‬ ‫وإن َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫ألدائه‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أللفاظه‪ ،‬وأتق ُن‬ ‫ِ‬
‫هؤالء أكثر ضبط ًا‬ ‫س�ببه َّ‬
‫أن‬
‫ْ‬
‫منهم‪.‬‬
‫معانيه ْ‬
‫ألخ�ذه من�ه ﷺ مش�افه ًة‪ ،‬وغريهم اقت�رصوا عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ألن ه�ؤالء األربع� َة ّ‬
‫تفرغ�وا‬ ‫ْأو َّ‬
‫بعض‪.‬‬‫ٍ‬ ‫بعضهم م ْن‬
‫ْ‬
‫عنهم‪.‬‬ ‫َ‬
‫يؤخذ‬ ‫تفرغوا ْ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬ ‫ْأو َّ‬
‫ْ‬ ‫ألن هؤالء ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وأهن ْم‬ ‫يكون بعدَ وفاته ﷺ م ْن تقدّ ِم هؤالء األربعة وتك ْ‬
‫ّنهم‪ّ ،‬‬ ‫ْأو أ ّن ُه ﷺ أرا َد اإلعال َم با‬
‫عنهم)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فليؤخذ‬ ‫غريهم يف َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أقعدُ م ْن‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫برشا ُه َّ‬
‫أن‬ ‫وعمر ّ‬ ‫أن أبا ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود َّ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫َ‬
‫)‪.(2‬‬

‫‪.I‬‬
‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫احلديث ع ْن‬ ‫يكثر‬ ‫تقولون َّ‬
‫َ‬ ‫أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫إن أبا هرير َة ُ‬ ‫ّكم‬
‫قال إن ْ‬
‫ِ‬
‫حديث أيب هريرةَ؟‬ ‫بمثل‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ ِ‬ ‫ِ‬
‫واألنصار ال حيدّ َ‬
‫ثون ع ْن‬ ‫وتقولون ما ُ‬
‫بال املهاجري َن‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫وكنت ألز ُم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باألس�واق‬ ‫صفق‬
‫يش�غلهم ٌ‬ ‫إخ�ويت م َن املهاجري َن َ‬
‫كان‬
‫ْ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬
‫األنصار ُ‬ ‫يشغل إخويت م َن‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫وأحفظ إذا نس�وا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ملء بطني‪ ،‬فأش�هدُ إذا غابوا‪،‬‬ ‫عىل ِ‬
‫َ‬
‫ينسون‪.‬‬ ‫الص ّف ِة‪ ،‬أعي َ‬
‫حني‬ ‫ِ‬
‫مساكني ّ‬ ‫وكنت امر ًأ مسكين ًا م ْن‬
‫ُ‬ ‫أمواهلم‪،‬‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫حديث حيدّ ث ُه‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫‪.‬‬

‫عيل‪.‬‬
‫نمر ًة َّ‬
‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[18/16‬‬
‫)‪ (2‬رواه ابن ماجه [‪ ،]138‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5961‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫مقالة‬ ‫نسيت م ْن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مقالت ُه مجعتها إىل صدري فا‬ ‫إذا قىض‬
‫تلك من ٍ‬
‫يشء)‪.(1‬‬ ‫َ ْ‬
‫معجزات الن ّّبو ِة»)‪.(2‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اخلارق م ْن‬ ‫ُ‬
‫حفظ أيب هرير َة‬ ‫َ‬
‫«وكان‬
‫منك حديث ًا كثري ًا أنسا ُه‪.‬‬
‫أسمع َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ّ ،‬إين‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فبسطت ُه‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫فغرف بيديه‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫نسيت شيئ ًا بعد ُه)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫فضممت ُه‪ ،‬فا‬
‫كانت إشار ًة حمض ًة»)‪.(4‬‬
‫وكأهنا ْ‬
‫املغروف من ُه‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫«مل ِ‬
‫يذكر‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫احلديثني فضيل ٌة ظاه�ر ٌة أليب هريرةَ‪ ،‬ومعج�ز ٌة واضح ٌة م ْن‬ ‫ِ‬
‫هذي�ن‬ ‫ق�ال اب�ن حجر‪« :‬يف‬
‫يكثر من ُه‪،‬‬ ‫اعرتف أبو هرير َة بأ ّن ُه َ‬ ‫اإلنس�ان‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ّس�يان م ْن لواز ِم‬ ‫عالمات الن ّّبو ِة؛ َّ‬
‫ِ‬
‫كان ُ‬ ‫َ‬ ‫وقد‬ ‫ألن الن‬
‫ّبي ﷺ«)‪.(5‬‬ ‫ِ‬ ‫ثم خت ّل َ‬
‫ف عن ُه بركة الن ِّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪،‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ I‬أ ّن ُه َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫القيامة؟‬ ‫َ‬
‫بشفاعتك يو َم‬ ‫م ْن أسعدُ الن ِ‬
‫ّاس‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬

‫)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2047‬ومسلم [‪.[2492‬‬


‫)‪ (2‬سري أعالم النبالء [‪.[294/2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[119‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[215/1‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[215/1‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪.[99‬‬
‫‪‬‬

‫‪I‬‬

‫وذكر منهم أيب بن كعب‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫أربعة‪،‬‬ ‫النبي ﷺ –كا تقدم‪ -‬بأن يؤخذ القرآن من‬
‫َ‬ ‫أرشد ُّ‬
‫يب أقرؤنا»)‪.(1‬‬
‫«عيل أقضانا وأ ٌّ‬
‫عمر بن اخلطاب ‪ٌّ :I‬‬
‫وقال ُ‬
‫‪:‬‬ ‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫فع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫فلا‬ ‫ص�ىل صالةً‪ ،‬فق�ر َأ فيها‪َ ،‬‬
‫فلبس علي�ه‪ّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ ّ‬ ‫عم�ر ‪َّ L‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫َ‬ ‫ب�ن‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫يب‪:‬‬ ‫انرصف َ‬
‫قال أل ٍّ‬ ‫َ‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫القراءة اجلهر ّي ِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نس�يان اإلما ِم اآلي� َة يف‬ ‫ِ‬
‫الفتح عىل اإلمام‪ ،‬فعندَ‬ ‫مرشوع ّي� ُة‬
‫الفتح بالت ِ‬
‫ّسبيح‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تلك اآلي َة‪ ،‬وعندَ‬ ‫ِ‬
‫بتذكريه َ‬ ‫يكون الفتح ِ‬
‫ُ‬
‫يكون ُ‬ ‫األركان‬ ‫نسيانه لغريها م َن‬ ‫عليه‬ ‫ُ‬
‫ّصفيق للن ِ‬
‫ّساء)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫للر ِ‬
‫جال‪ ،‬والت‬ ‫ّ‬

‫اب ‪ I‬ليل ًة يف‬ ‫عمر ِ‬


‫ب�ن اخل ّط ِ‬ ‫القاري أ ّن ُه َ‬ ‫بن ٍ‬ ‫محن ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫مع َ‬ ‫خرجت َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫عب�د‬ ‫فع� ْن عب�د ّ‬
‫ّ‬
‫فيصيل‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫متفر َ‬
‫قون‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ويصيل ّ‬ ‫لنفسه‬ ‫جل‬ ‫يصيل ّ‬ ‫أوزاع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّاس‬
‫رمضان إىل املسجد‪ ،‬فإذا الن ُ‬
‫الر ُ‬
‫هط‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بصالته ّ‬
‫لكان َ‬
‫أمثل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫ٍ‬
‫قارئ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء عىل‬ ‫مجعت‬ ‫عمر‪ّ :‬إين أرى ْلو‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فقال ُ‬
‫ّ�اس يص ّل َ‬
‫ون‬ ‫خرجت مع ُه ليل� ًة أخرى‪ ،‬والن ُ‬
‫ُ‬ ‫ث�م‬ ‫بن ٍ‬
‫كعب‪َّ ،‬‬ ‫يب ِ‬
‫فجمعهم ع�ىل أ ِّ‬
‫ْ‬ ‫ث�م ع�ز َم‪،‬‬
‫َّ‬
‫قارئهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بصالة‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه اإلمام أمحد [‪.[20581‬‬


‫)‪ (2‬رواه أب�و داود [‪ ،]907‬واب�ن حب�ان [‪ ،]2242‬وصححه الن�ووي يف املجم�وع [‪ ،]421/4‬واأللباين يف صفة‬
‫الصالة [‪.[596/2‬‬
‫)‪ (3‬نيل األوطار [‪.[380/2‬‬
‫‪‬‬

‫آخر‬ ‫َ‬ ‫أفض�ل م َن ا ّلتي‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه‪ ،‬وا ّلتي‬ ‫نع�م البدع ُة‬ ‫َ‬
‫يقوم�ون ‪ -‬يريدُ َ‬ ‫ينامون عنها‬ ‫عمر‪َ :‬‬‫ق�ال ُ‬
‫َ‬
‫يقومون ّأول ُه)‪.(1‬‬ ‫ّاس‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُ‬ ‫ال ّل ِ‬
‫يل‪،‬‬
‫«نعم‬
‫عمر ‪َ :I‬‬ ‫ني بقول َ‬ ‫وبدعة س ّي ٍئة؛ مستد ّل َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حسنة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بدعة‬ ‫قس�م قو ٌم البدع َة إىل‬ ‫‪ّ :‬‬
‫فالبدع يف الدين‬ ‫وجياب بأن املرا َد هنا البدع ُة ال ّلغو ّي ُة‪ ،‬وليس البدعة يف الدّ ِ‬
‫ين؛‬ ‫هذه»‪،‬‬‫البدع ُة ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ك ّلها ضالل ٌة كا قال ﷺ‪:‬‬
‫‪I‬‬

‫الس� ّيدُ اإلما ُم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وفارس اإلس�ال ِم‪،‬‬


‫وليث املش�اهد‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫«س�يف اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الذهبي فيه‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ق�ال‬
‫الكبري‪ ،‬قائدُ املجاهدي َن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األمري‬
‫ُ‬
‫س�يف اهلل َ‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ‬
‫س�ا ُه الن ُّ‬
‫ّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫س�بيل اهلل‪،‬‬ ‫واحتبس أدراع ُه‪ ،‬والمت ُه يف‬
‫َ‬ ‫الفتح‪ ،‬وحنين ًا‪ ،‬وتأ ّم َر يف أ ّيا ِم الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وش�هدَ‬
‫ِ‬
‫جسده قيدُ‬ ‫يبق يف‬‫الشا ِم‪ ،‬ومل ْ َ‬
‫حروب ّ‬ ‫َ‬
‫العراق‪ ،‬وش�هدَ‬ ‫الر ّد ِة‪ ،‬ومس�يلم َة‪ ،‬وغزا‬ ‫وحارب َ‬
‫َ‬ ‫أهل ّ‬ ‫َ‬
‫الشهداء‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫شر إالَّ وعليه ُ‬
‫طابع ّ‬
‫هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دمش�ق‪ ،‬فافتتحها َ‬
‫َ‬ ‫وحارص‬
‫َ‬ ‫األجناد‪،‬‬ ‫أمراء‬ ‫س�ائر‬ ‫الصدّ ُيق عىل‬
‫ومناقب� ُه غزي�رةٌ‪ ،‬أ ّمر ُه ّ‬
‫وأبو عبيدةَ‪.‬‬
‫ِ‬
‫اجلبناء‪.‬‬ ‫أعني‬ ‫ِ‬
‫فراشه‪ ،‬ف َ‬ ‫ِ‬ ‫ّني سن ًة‪َ ،‬‬
‫وقتل مجاع ًة م َن‬ ‫َ‬
‫ال ّقر ْت ُ‬ ‫ومات عىل‬
‫َ‬ ‫األبطال‪،‬‬ ‫عاش ست َ‬
‫بحمص‪ ،‬سن َة إحدى وعرشي َن»)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫تويف‬
‫ِ‬
‫األمراء‪،‬‬ ‫َ‬
‫جي�ش‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫بعث‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫فارس‬ ‫ع�ن أيب قت�اد َة ‪I‬‬

‫َ‬
‫وق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2010‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ،]867‬والنسائي [‪ ،]1578‬والزيادة له‪ ،‬وإسنادها صحيح‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن عساكر [‪ ،]241/16‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3208‬‬
‫)‪ (4‬سري أعالم النبالء [‪.[367/1‬‬
‫‪‬‬

‫عيل زيد ًا‪.‬‬ ‫َ‬


‫تستعمل َّ‬ ‫أرهب ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬
‫نبي اهلل وأ ّمي‪ :‬ما ُ‬
‫أنت يا َّ‬ ‫جعفر‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬بأيب َ‬ ‫ٌ‬ ‫فوثب‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وأم�ر ْ‬
‫أن ينادى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ر‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ صعدَ املن َ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن‬ ‫ُ‬
‫اجلي�ش‪ ،‬فلبثوا ما ش�ا َء اهلل‪َّ ،‬‬ ‫فانطل�ق‬
‫َ‬
‫الصال ُة جامع ٌة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬

‫ّاس‪.‬‬
‫فاستغفر ل ُه الن ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫أصبعيه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فرفع‬
‫َ‬
‫سيف اهلل‪.‬‬ ‫سم َي خالدٌ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫فيومئذ ّ‬
‫ٍ‬
‫شديد‬ ‫حر‬ ‫ثم َ‬
‫ّاس يف ٍّ‬
‫فنفر الن ُ‬
‫‪َ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫قال الن ُّ‬ ‫َّ‬
‫مشاةً‪ ،‬وركبان ًا)‪.(1‬‬

‫فنظرت ع ْن يميني‪،‬‬ ‫ف يو َم ٍ‬
‫ب�در‪،‬‬ ‫الص ِّ‬ ‫عوف َ‬‫ٍ‬ ‫محن ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫واقف يف ّ‬
‫ٌ‬ ‫ق�ال‪ :‬بينا أنا‬ ‫بن‬ ‫ع� ْن عب�د ّ‬
‫أضلع منها‬ ‫بني‬ ‫َ‬
‫أكون َ‬ ‫ّيت ْ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫حديثة أسناهنا‪ ،‬تن ُ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‬ ‫ِ‬
‫بغالمني م َن‬ ‫وع ْن شايل‪ ،‬فإذا أنا‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬

‫وحسنه األلباين يف أحكام اجلنائز[‪.[33/1‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪،]22045‬‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬أقوى‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫جهل؟‪.‬‬ ‫تعرف أبا‬
‫ُ‬ ‫عم ْ‬
‫هل‬ ‫فغمزين أحدمها‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا ِّ‬
‫حاجتك ِ‬
‫إليه يا اب َن أخي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نعم‪ ،‬ما‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫يفارق س�وادي‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وا ّلذي نفيس ِ‬
‫بيده لئ ْن رأيت ُه ال‬ ‫َ‬ ‫يس�ب‬ ‫أخرت أ ّن ُه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫األعجل منّا‪.‬‬ ‫يموت‬
‫َ‬ ‫سواد ُه حتّى‬

‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫بت‬
‫فتعج ُ‬
‫ّ‬
‫اآلخر‪َ ،‬‬
‫فقال يل مثلها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فغمزين‬

‫إن ه�ذا صاحبكا ا ّلذي‬


‫قلت‪ :‬أال َّ‬ ‫جي�ول يف الن ِ‬
‫ّاس‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫جهل‬ ‫نظرت إىل أيب‬
‫ُ‬ ‫أنش�ب ْ‬
‫أن‬ ‫ْ‬ ‫فل�م‬
‫ْ‬
‫سألتاين‪.‬‬

‫فابتدرا ُه بسيفيها‪ ،‬فرضبا ُه حتّى قتال ُه‪.‬‬


‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخرا ُه‪.‬‬ ‫ثم انرصفا إىل‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫واحد منها‪ :‬أنا قتلت ُه‪.‬‬ ‫قال ُّ‬
‫كل‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫قاال‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫الس ِ‬


‫يفني‪َ ،‬‬ ‫فنظر يف ّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اجلموح‪.‬‬ ‫بن عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫بسلبه ِ‬
‫ملعاذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقىض‬

‫اجلموح‪ ،‬ومعا ُذ ب ُن عفرا َء)‪.(1‬‬


‫ِ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫جالن‪ :‬معا ُذ ب ُن عمرو ِ‬ ‫والر‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ج�الن يف جراحته‪ ،‬لك َّن معاذ ب�ن عمرو بن اجلموح‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫«اش�رتك هذان ّ‬
‫ِ‬
‫لقلب اآلخر م ْن‬ ‫؛ تطييب� ًا‬ ‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫الس�لب‪ ،‬وإنّا َ‬
‫قال الن ّ‬ ‫فاس�تحق ّ‬
‫َّ‬ ‫ثخن ُه ّأوالً‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3141‬ومسلم [‪.[1752‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫إن ل ُه مش�اركة يف قتله‪ّ ،‬‬


‫وهو‬
‫الس�لب‪َ ،‬‬ ‫عي ا ّلذي يتع ّلق به اس�تحقاق ّ‬
‫الرش ُّ‬
‫وإال فالقتل ّ‬ ‫حيث َّ‬
‫ُ‬
‫اإلثخ�ان‪ ،‬وإخراجه ع ْن كونه متمنّع ًا إنّا وجدَ م� ْن معاذ بن عمرو بن اجلموح؛ فلهذا قىض‬
‫لب‪.‬‬‫بالس ِ‬
‫ل ُه ّ‬
‫ومقدار ِ‬
‫عمق‬ ‫َ‬ ‫هو لريى م�ا َ‬
‫بلغ الدّ ُم م ْن س�يفيها‪،‬‬ ‫الس ِ‬
‫�يفني واس�تالل ُه هلا َ‬ ‫ونظ�ر ُه ﷺ يف ّ‬
‫ذلك ُ‬
‫أبلغ‪.‬‬ ‫كان يف َ‬ ‫بالس ِ‬
‫لب مل ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫دخوهلا يف جس ِم‬
‫ليحكم ّ‬
‫َ‬ ‫املقتول؛‬
‫تبني املرا ُد م ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ألهنا ْلو مسحامها ملا ّ َ‬
‫؛ ّ‬ ‫ولذلك سأهلا ّأوالً‪:‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وأخذ رأس�ه‪ ،‬ول� ُه مع ُه خر‬ ‫ِ‬
‫علي�ه‪،‬‬ ‫أجه�ز‬ ‫ه�و ا ّلذي‬
‫َ‬ ‫وق�د ج�اء أن اب�ن مس�عود ‪َ I‬‬
‫معروف»)‪.(1‬‬
‫َ‬
‫وكان اإلثخان م ْن معاذ بن عمرو‬ ‫أن ال ّثالث َة اش�رتكوا يف قتله‪،‬‬
‫«حيمل عىل َّ‬
‫فحز رقبته‪.‬‬
‫رمق‪َّ ،‬‬ ‫ذلك‪ِ ،‬‬
‫وفيه ٌ‬ ‫بن اجلموح‪ ،‬وجا َء اب ُن مسعود بعد َ‬

‫ويف هذا احلديث م َن الفوائد‪:‬‬


‫ر ممّا يف‬ ‫عن القيام ٍ‬
‫بأم�ر أك َ‬ ‫يس�تصغر ِ‬
‫ُ‬ ‫بعض م ْن‬
‫حيتقر أح�دٌ ‪ ،‬فقدْ يكون ُ‬ ‫أنّ� ُه ينبغ�ي ْ‬
‫أن ال َ‬
‫ِ‬
‫الغالمني»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫هلذين‬ ‫ِ‬
‫األمر كا جرى‬ ‫َ‬
‫بذلك‬ ‫وأحق‬
‫َّ‬ ‫النّفوس‪،‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[248/6‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[63/12‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع املتخا�شمني‬


‫كيف كان يق�شي بينهم؟‬

‫ِ‬
‫االختالف عىل‬ ‫صالح أفراده‪ ،‬ومها كان حرصه عىل ِ‬
‫اخلري‪ ،‬من‬ ‫جمتمع مها كان‬ ‫ال خيلو‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫نزغات الشياطني؛‬ ‫ِ‬
‫الزلل باتّباع بعض‬ ‫ِ‬
‫النفس‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫حظوظ‬ ‫ِ‬
‫التباين يف‬ ‫ِ‬
‫احلياة الدنيا‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫أعراض‬
‫ِ‬
‫اخلصومات والتحاكم‪.‬‬ ‫مما يؤدي إىل ٍ‬
‫يشء م َن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫برشي م�ن االختصا ِم بني‬
‫ٍّ‬ ‫كان يف املجتم ِع املس�ل ِم م�ا ال بدَّ منه يف ِّ‬
‫كل جمتم ٍع‬ ‫وق�د َ‬
‫أفراده‪.‬‬

‫احل�ق إىل صاحبه‪ ،‬وكان ﷺ يصلح بني‬


‫النب�ي ﷺ يقيض بني املتخاصمني با يعيد َّ‬
‫ُّ‬ ‫وكان‬
‫حق أخيه ش�يئا‪،‬‬
‫يقتطع أحدهم من َّ‬
‫َ‬ ‫املتخاصم�ني‪ ،‬ويذكّره�م ب�اهلل تعاىل‪ّ ،‬‬
‫وحيذرهم م�ن أن‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫الفضل بينهم‪ ،‬وكان يب ّغض إىل أنفس�هم دعوى‬ ‫باطل‪ ،‬ويع ّلمهم أن ال ينس�وا‬‫ٍ‬ ‫أو يت�ادى يف‬
‫صفات ِ‬
‫اخلري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اجلاهلية وعصب ّيتها املنتنة‪ ،‬فر ّبى املجتمع املسلم عىل كل‬

‫اخلالف‪ ،‬ويقطعه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ال حكيا عادال ينهي‬ ‫ُ‬
‫تعامل النبي ﷺ مع املتخاصمني إليه تعام ً‬ ‫وكان‬
‫ِ‬
‫املواقف‪ ،‬واهلل املستعان‪.‬‬ ‫وسنقف عىل ٍ‬
‫يشء من هذه‬ ‫ُ‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫كان له ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كع�ب ِ‬
‫ِ‬
‫املس�جد‪،‬‬ ‫عليه يف‬ ‫بن مال�ك ‪ :I‬أ ّن ُه تق�اىض اب َن أيب ح�درد دين� ًا َ ُ‬ ‫ع� ْن‬
‫رسول اهلل ﷺ وهو يف ِ‬
‫بيته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فارتفعت أصواهتا حتّى سمعها‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حجرته‪ ،‬فنادى‪:‬‬ ‫سجف‬‫َ‬ ‫كشف‬
‫َ‬ ‫فخرج إليها حتّى‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬

‫السرت‪ .‬النهاية [‪[343/2‬‬


‫جف‪ّ :‬‬
‫الس ُ‬
‫)‪ّ (1‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ل ّب َ‬
‫يك يا‬

‫طر‪.‬‬ ‫أي‪ّ :‬‬ ‫فأومأ ِ‬


‫إليه‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الش َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫فعلت يا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬لقدْ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫املشورة‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫يدل عىل أن‬ ‫ِ‬
‫س�بيل‬ ‫قال ابن اجلوزي‪« :‬وا ّلذي أمره ِبه رس�ول اهلل ﷺ عىل‬
‫ُ‬
‫يفصل احلكم بينها»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫املصلحة‪ ،‬كا‬ ‫الصلح إذا رأى وج َه‬ ‫ِ‬
‫اخلصمني عىل ّ‬ ‫للحاكم أن يراود‬

‫فهمت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اإلشارة إذا‬ ‫االعتا ُد عىل‬

‫احلق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صاحب ِّ‬ ‫الشفاع ُة إىل‬
‫ّ‬

‫بينهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّوسط‬
‫لح بني اخلصوم‪ ،‬وحسن الت ّ‬ ‫إشار ُة احلاك ِم ّ‬
‫بالص ِ‬
‫الش ِ‬
‫فاعة يف غري معصية‪.‬‬ ‫قبول ّ‬
‫ِ‬
‫الباب‪.‬‬ ‫الس ِرت عىل‬
‫جواز إرخاء ّ‬
‫ُ‬
‫جواز املطالبة بالدّ ِ‬
‫ين يف املسجد)‪.(3‬‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬
‫عالية أصواهتا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالباب‬ ‫صوت خصو ٍم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫سمع‬ ‫عن عائش َة ‪ J‬قالت‪:‬‬
‫َ‬
‫وإذا أحدمها يستوضع اآلخر‪ ،‬ويسرتفقه يف ٍ‬
‫يشء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪ :‬واهلل ال ُ‬
‫أفعل‪.‬‬ ‫وهو ُ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]457‬ومسلم [‪.[1558‬‬


‫)‪ (2‬كشف املشكل من حديث الصحيحني [‪.[387/1‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ،]552/1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[220/10‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فخرج عليها‬
‫َ‬
‫أحب)‪.(2‬‬ ‫أي َ‬
‫ذلك َّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬ول ُه ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬أنا يا‬

‫احلض عىل الرفق بالغري ِم‪ ،‬واإلحسان ِ‬


‫إليه بالوض ِع عن ُه‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ّ‬
‫حلف ال يفعل خري ًا ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫يس�تحب مل ْن‬
‫ّ‬ ‫جر ِ‬
‫عن احللف عىل ترك فعل اخلري‪ ،‬وأ ّن ُه‬ ‫الز ُ‬
‫ّ‬
‫حينث‪ ،‬فيك ّفر ع ْن يمينه‪.‬‬

‫الشفاع ُة إىل أصحاب احلقوق‪.‬‬


‫ّ‬
‫الش ِ‬
‫فاعة يف اخلري)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫قبول ّ‬

‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أن َ‬ ‫ٍ‬


‫س�عد ‪َّ I‬‬ ‫س�هل ِ‬
‫ِ‬
‫أه�ل قب�اء اقتتل�وا حتّ�ى ترام�وا باحلج�ارة‪ ،‬فأخ� َ‬ ‫ب�ن‬ ‫وع� ْن‬
‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬

‫بينهم)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬اذهبوا بنا نصلح‬

‫ِ‬
‫رشاج‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫ِ‬ ‫بري ‪َّ L‬‬
‫أن رج ً‬ ‫الز ِ‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بري عندَ الن ِّ‬
‫الز َ‬
‫خاصم ّ‬
‫َ‬ ‫األنصار‬ ‫ال م َن‬ ‫بن ّ‬ ‫ْ‬
‫يسقيان ِبه كالمها)‪.(6‬‬
‫ِ‬ ‫يسقون هبا الن َ‬
‫ّخل‪ ،‬كانا‬ ‫َ‬ ‫احلر ِة )‪ (5‬ا ّلتي‬
‫ّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫فاختصا عندَ الن ِّ‬
‫)‪ِ (1‬‬
‫أي‪ :‬احلالف املبالغ يف اليمني‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2705‬ومسلم [‪.[1557‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ،]308/5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[220/10‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2693‬ومسلم [‪.[421‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بظاهر املدينة هبا حجارة سو ٌد كثريةٌ‪ .‬النهاية‬ ‫أرض‬ ‫ِ‬
‫واحلرة‪ٌ :‬‬
‫ّ‬ ‫السهل‪،‬‬
‫احلرة إىل ّ‬
‫)‪ (5‬مجع رشجة‪ ،‬وهي مسيل املاء م َن ّ‬
‫]‪.[365/1[ ،]465/2‬‬
‫ثم يرسل ُه إىل أرض جاره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنصاري‪ ،‬فيحبس ُه الزبري إلكال سقي أرضه‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بأرض الزّ بري قبل أرض‬ ‫يمر‬
‫)‪ (6‬كان املاء ّ‬
‫فامتنع‪ .‬فتح الباري [‪.[36/5‬‬
‫َ‬ ‫األنصاري تعجيل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فالتمس من ُه‬
‫َ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫للز ِ‬
‫بري‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫عم َ‬
‫تك)‪(1‬؟‬ ‫أن َ‬
‫كان اب َن ّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ْ‬ ‫األنصاري َ‬
‫وقال‪ :‬يا‬ ‫ُّ‬ ‫فغضب‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فتلو َن وج ُه‬
‫ّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫نزل�ت يف َ‬
‫ذلك‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫ْ‬ ‫الزبري‪ :‬واهلل ّإين ألحس�ب ِ‬
‫هذه اآلي َة‬ ‫َ‬
‫فق�ال ّ‬
‫ُ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [النساء‪.(3)[65 :‬‬
‫بري با ِ‬
‫فيه‬ ‫الز ِ‬
‫أشار عىل ّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫كان قد َ‬ ‫ر‪« :‬ومعنى هذا احلديث‪ :‬أن‬ ‫قال اب ُن عبد ال ِّ‬
‫رصيح احلك ِم»)‪.(4‬‬
‫ِ‬ ‫استوعب للزبري ح ّقه يف‬ ‫ِ‬
‫اجلفاء‬ ‫لألنصاري‪ ،‬فلا كان منه ما كان من‬ ‫السع ُة‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫عليه رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫فأدل ِ‬
‫الزبري صاحب األرض األوىل‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫«وكان ّ‬ ‫الن�ووي‪:‬‬ ‫ق�ال‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ثم أرسل ُه إىل جارك إدالالً عىل ّ‬ ‫دون ِ‬ ‫ِ‬
‫ولعلمه بأ ّن ُه يرىض‬ ‫الزبري‪،‬‬ ‫قدر ح ّقك‪َّ ،‬‬ ‫اسق شيئ ًا يسري ًا َ‬
‫مجيع ح ّق ِه»)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫يأخذ َ‬ ‫أن‬ ‫اجلار ما َ‬
‫قال؛ أمر ُه ْ‬ ‫قال ُ‬ ‫فلا َ‬
‫ويؤثر اإلحسان إىل جاره‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بذلك‪،‬‬

‫واألمر به‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالصلح‪،‬‬ ‫اإلشار ُة‬

‫ي�ر منها قبوالً‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫املتخاصم�ني ح ّقه إذا مل َ‬ ‫واح�د من‬ ‫يس�توعي لكل‬
‫َ‬ ‫أن للحاك� ِم أن‬
‫لح‪ ،‬وال رض ًا با َ‬
‫أشار به‪.‬‬ ‫للص ِ‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫توبيخ من جفا عىل اإلمام واحلاكم ومعاقبته)‪.(6‬‬

‫عمتك‪ .‬رشح النووي [‪[108/15‬‬ ‫ِ‬


‫ألجل أ ّن ُه ابن ّ‬ ‫)‪ (1‬أي‪ :‬حكمت ل ُه بالتّقدي ِم‬
‫)‪ (2‬احلواجز التي حتبس املاء‪ ،‬واملعنى‪ :‬حتى تبلغ تام الرشب‪ .‬فتح الباري [‪.[37/5‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري[‪ ،]2360‬ومسلم [‪.[2357‬‬
‫)‪ (4‬التمهيد [‪.[409/17‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[108 /15‬‬
‫)‪ (6‬رشح صحيح البخارى [‪ ]502-501/6‬البن بطال‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫خيتصان يف‬ ‫ِ‬
‫رج�الن‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فأتا ُه‬ ‫كنت عن�دَ‬ ‫حج�ر ‪َ I‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫وائ�ل ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫رسول اهلل يف اجلاهل ّي ِة‪.‬‬
‫َ‬ ‫إن هذا انتزى)‪ (1‬عىل أريض يا‬ ‫أرض‪َ ،‬‬
‫فقال أحدمها‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ليس يل ب ّين ٌة‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪َ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫يذهب هبا)‪.(2‬‬
‫ُ‬ ‫إذن‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال له‪:‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ليحلف‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫فلا قا َم‬
‫ّ‬
‫رجل م ْن كند َة ُ‬
‫يقال‬ ‫خاصم ٌ‬ ‫عدي َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫والعرس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رجاء ِ‬
‫َ‬ ‫ابن عمري َة ع ْن أبيه ٍّ‬ ‫بن حيو َة‬ ‫وعن‬
‫ٍ‬
‫أرض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫حرضموت إىل‬
‫َ‬ ‫ال م ْن‬ ‫ٍ‬
‫عابس رج ً‬ ‫ِ‬
‫القيس ب ُن‬ ‫امرؤ‬
‫ل ُه ُ‬
‫ِ‬
‫باليمني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القيس‬ ‫ِ‬
‫امرئ‬ ‫فلم تك ْن ل ُه ب ّين ٌة‪ ،‬فقىض عىل‬ ‫ِ‬
‫احلرضمي بالب ّينة‪ْ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫فقىض عىل‬

‫ذهبت واهلل أريض‪.‬‬


‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اليمني يا‬ ‫احلرضمي‪ْ :‬‬
‫إن أمكنت ُه م َن‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ)‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال رج�ا ُء‪ :‬وت�ال‬
‫[النساء‪.[77 :‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫ِ‬
‫القيس‪ :‬ماذا مل ْن تركها يا‬ ‫امرؤ‬ ‫َ‬
‫فقال ُ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬استوىل‪.‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬يأخذ األرض إذا كان بقاؤها معه متو ّقف ًا عىل حلفه‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[139‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬فاشهدْ ّأين قدْ تركتها ل ُه ك ّلها)‪.(1‬‬
‫َ‬

‫حق مسل ٍم‪ ،‬ووعيدُ احلالف الكاذب‪.‬‬ ‫َ‬


‫ليأخذ َّ‬ ‫حلف باطالً؛‬
‫َ‬ ‫التّشديد عىل م ْن‬
‫حيلف خوف ًا م� ْن ْ‬
‫أن حيلف باطالً‪ ،‬فريجع إىل‬ ‫َ‬ ‫املطلوب إذا أرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫موعظ� ُة احلاكم‬
‫ِ‬
‫باملوعظة)‪.(2‬‬ ‫احلق‬
‫ّ‬

‫فخرج‬ ‫ِ‬
‫حجرته‪،‬‬ ‫سمع خصوم ًة ِ‬
‫بباب‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ أ ّن ُه‬ ‫ّبي ﷺ ع ْن‬ ‫عن أ ِّم سلم َة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫زوج الن ِّ‬
‫(‬ ‫إليهم‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ْ‬

‫)‪.(4‬‬
‫َ‬
‫يعلمون‬ ‫البرش ال‬
‫وأن َ‬ ‫معنا ُه التّنبي ُه عىل حالة البرش ّية‪َّ ،‬‬ ‫«قوله ﷺ‪:‬‬
‫ذلك‪ ،‬وأ ّنه جيوز ِ‬
‫عليه يف‬ ‫يطلعهم اهلل تعاىل عىل يشء م ْن َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫األمور شيئ ًا‪ّ ،‬إال ْ‬ ‫ِ‬
‫وبواطن‬ ‫ِ‬
‫الغيب‬ ‫م َن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرائر‪.‬‬ ‫عليهم‪ ،‬وأ ّن ُه إنّا حيكم بني النّاس بال ّظ ِ‬
‫اهر‪ ،‬واهلل ّ‬
‫يتوىل ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫أمور األحكا ِم ما جيوز‬
‫ِ‬ ‫فيحك�م بالبي ِ‬
‫ذلك م ْن أح�كام ال ّظاهر‪َ ،‬‬
‫مع إم�كان كونه يف الباطن‬ ‫وباليمني‪ ،‬ونحو َ‬ ‫ن�ة‪،‬‬ ‫ُ ّ‬
‫ف احلكم بال ّظ ِ‬
‫اهر»)‪.(5‬‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكنّ ُه إنّا ك ّل َ‬
‫خالف َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّبى ﷺ إ ْذ ج�اء ُه‬ ‫ع�ن أ ِّم س�لم َة ‪ J‬قالت‪ُ :‬‬
‫خيتصان ىف‬ ‫رجالن‬ ‫كنت جالس� ًة عن�دَ الن ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]17263‬وصححه شعيب األرناؤوط‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[563/11‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬أفصح ببيان حجته‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2458‬ومسلم [‪.[1713‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[5 /12‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫درس�ت)‪َ .(1‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مواريث ىف أش�يا َء قدْ‬

‫‪.‬‬

‫أطلب لصاحبي‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫واحد منها‪ :‬ح ّقي هذا ا ّلذي‬ ‫وقال ُّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫جالن‪َ ،‬‬‫الر‬
‫ُ‬ ‫فبكى ّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا الن ُّ‬
‫ِ‬
‫نصفني‪.‬‬ ‫احلق‪ ،‬والعدل يف القسمة‪ ،‬واجعال املتنازع ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬اطلبا ّ‬
‫َ‬
‫وقع‬ ‫ِ‬
‫القسمني َ‬ ‫أي‬
‫وقع التّنازع بينكا؛ ليظهر ُّ‬
‫إن َ‬ ‫احلص ِ‬
‫تني ْ‬ ‫ِ‬
‫لتعيني ّ‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬اقرتعا‬
‫وليأخذ ّ‬
‫كل واحد منكا ما خترج ُه القرعة م َن القسمة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫يف نصيب ّ‬
‫كل منها‪،‬‬

‫حل م ْن قبله بإبراء ذ ّمته)‪.(3‬‬ ‫ٍ‬


‫واحد منكا صاحبه يف ٍّ‬ ‫ليجعل ُّ‬
‫كل‬ ‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬

‫حكم احلاك ِم ال ُّ‬


‫حيل حرام ًا‪،‬‬ ‫وجوب احلك ِم بال ّظ ِ‬
‫اهر‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ِ‬
‫«فيه م َن الفق�ه‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ذلك يف ال ّظ ِ‬
‫اهر‪ ،‬فأ ّما يف الباطن‪ ،‬ويف‬ ‫أخطأ يف حكمه‪ ،‬فقىض َ‬
‫كان َ‬ ‫َ‬ ‫حيرم حالالً‪ ،‬وأ ّن ُه متى‬
‫وال ّ‬
‫ٍ‬
‫ماض»)‪.(4‬‬ ‫حكم اآلخرة‪ ،‬فإ ّن ُه غري‬
‫ِ‬
‫علاء‬ ‫افعي‪ ،‬وأمحدَ ‪ ،‬ومجاهري‬ ‫ِ‬
‫ملذهب مالك‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ :‬دالل ٌة‬
‫والش ِّ‬ ‫«يف هذا‬
‫األمصار م�ن الص ِ‬
‫أن حكم احلاكم ال ُّ‬
‫حيل‬ ‫بعده�م‪َّ :‬‬
‫ْ‬ ‫ّابعني‪ ،‬فم ْن‬
‫حابة والت َ‬ ‫ِ َ ّ‬ ‫اإلس�الم‪ ،‬وفقهاء‬
‫الباط َن‪ ،‬وال ُّ‬
‫حيل حرام ًا‪.‬‬

‫فحكم ِبه احلاكم؛ مل ْ ّ‬


‫حيل للمحكو ِم ل ُه َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بال‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫إلنسان ٍ‬ ‫فإذا شهدَ شاهدا ٍ‬
‫زور‬

‫أخذ الدّ ِية من ُه‪.‬‬


‫مع علمه بكذهبا‪ ،‬وال ُ‬ ‫بقتل مل ْ َّ‬
‫حيل للو ِّيل قتله َ‬
‫ولو شهدا ِ‬
‫عليه ٍ‬ ‫ْ‬

‫مواريث هلا‪ْ ،‬مل تك ْن هلا ب ّين ٌة‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫خيتص�ان يف‬ ‫ِ‬
‫رجالن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫بلي�ت‪ .‬ويف رواية أيب داود [‪ :]3584‬أتى‬
‫ْ‬ ‫)‪ (1‬أي‪:‬‬
‫ّإال دعوامها‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ]26760‬وأبو داود [‪ ، ،]3583‬وحسنه األلباين يف اإلرواء [‪.[1423‬‬
‫)‪ (3‬عون املعبود [‪.[364/9‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[362/9‬‬
‫‪‬‬

‫يتزوجها بعدَ حك�م القايض‬


‫أن ّ‬ ‫عل�م بكذهب�ا ْ‬ ‫�ق امرأت�ه مل ْ ّ‬
‫حيل مل� ْن َ‬ ‫ول�و ش�هدا أنّ� ُه ط ّل َ‬
‫ْ‬
‫بال ّطالق»)‪.(1‬‬

‫ٍ‬
‫بنسعة)‪.(2‬‬ ‫آخر‬ ‫ّبي ﷺ إ ْذ جا َء ٌ‬ ‫ٍ‬
‫حجر ‪َ I‬‬ ‫عن ِ‬
‫رجل يقو ُد َ‬ ‫مع الن ِّ‬
‫قال‪ّ :‬إين لقاعدٌ َ‬ ‫وائل بن‬

‫رسول اهلل هذا َ‬


‫قتل أخي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫أقمت ِ‬
‫عليه الب ّين َة‪.‬‬ ‫يعرتف‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫فقال‪ :‬إ ّن ُه ْلو مل ْ‬
‫نعم قتلت ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫بالفأس عىل ِ‬
‫قرنه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ش�جرة‪ ،‬فس ّبني‪ ،‬فأغضبني‪ ،‬فرضبت ُه‬ ‫ُ‬
‫نختبط )‪ (3‬م ْن‬ ‫وهو‬ ‫َ‬
‫كنت أنا َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫فقتلت ُه‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال ل ُه الن ُّ‬

‫مال ّإال كسائي‪ ،‬وفأس‪.‬‬


‫قال‪ :‬ما يل ٌ‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أهون عىل قومي م ْن َ‬


‫ذاك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أنا‬

‫‪.‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫بنسعته‪َ ،‬‬ ‫فرمى ِ‬
‫إليه‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[6/12‬‬


‫ِ‬
‫وغريه‪ .‬النهاية [‪.[48/5‬‬ ‫ِ‬
‫للبعري‬ ‫سري مضفور‪ ،‬جيعل زمام ًا‬
‫)‪ٌ (2‬‬
‫نرضب الشجر بالعصا‪ ،‬فيسقط ورقه‪ ،‬فنجمعه علفا‪ .‬رشح النووي [‪.[172/11‬‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (3‬أي‪:‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫وىل‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫فلا ّ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ ِ‬
‫جل‪ّ ،‬‬ ‫فانطلق به ّ‬
‫َ‬
‫بأمرك‪.‬‬ ‫‪ ،‬وأخذت ُه‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إ ّن ُه بلغني أن َّك َ‬ ‫فرجع‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫نبي اهلل‪ ،‬بىل‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪ :‬يا َّ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بنسعته‪ّ ،‬‬
‫وخىل سبيل ُه)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فرمى‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رجلني اختصا إىل‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫بكتاب اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اقض بيننا‬ ‫َ‬
‫فقال أحدمها‪:‬‬

‫أن أتك ّل َم‪.‬‬


‫وأذن يل ْ‬ ‫ِ‬
‫بكتاب اهللِ‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫فاقض بيننا‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫وهو أفقهها‪ْ :‬‬
‫أجل يا‬ ‫اآلخر‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫جم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بامرأته‪ ،‬فأخ�روين َّ‬ ‫كان عس�يف ًا عىل هذا)‪ ،(3‬فزن�ى‬
‫إن ابن�ي َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪َّ :‬‬
‫الر َ‬
‫أن عىل ابن�ي ّ‬
‫ٍ‬
‫وجارية يل‪.‬‬ ‫بمئة ٍ‬
‫شاة‪،‬‬ ‫فافتديت منه ِ‬
‫ُ ُ‬
‫أهل العل ِم‪ ،‬فأخروين أنّا عىل ابني جلدُ ٍ‬
‫س�ألت َ‬
‫جم‬ ‫وتغريب عا ٍم‪ ،‬وإنّا ّ‬
‫الر ُ‬ ‫ُ‬ ‫مائة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم ّإين‬
‫َّ‬
‫عىل امرأته‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬

‫)‪ (1‬أي أنه ال فضل وال منة ألحدمها عىل اآلخر؛ ألنه استوىف حقه منه‪ ،‬بخالف ما لو عفا عنه فإنه كان له الفضل‬
‫واملنة وجزيل ثواب اآلخرة‪ ،‬ومجيل الثناء يف الدنيا‪ .‬رشح النووي [‪.[173/11‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1680‬‬
‫األجري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫العسيف‪:‬‬
‫ُ‬ ‫)‪(3‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬
‫فرمجت)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فأمر هبا‬
‫فاعرتفت‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فغدا عليها‬

‫املال املأخوذ ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫الرشع ير ُّد‪ ،‬ويعاد ُ‬
‫املبني عىل غري ّ‬ ‫َّ‬
‫لح َّ‬ ‫الص َ‬
‫أن ّ‬
‫اعتذر م َن الفقهاء ع ْن بعض العقود‬
‫َ‬ ‫يتبني ضعف عذر ِ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫«وبذلك ّ‬
‫َ‬
‫اإلذن يف‬ ‫واحلق َّ‬
‫أن‬ ‫ّ�رصف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأذن ّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الفاس�دة َّ‬
‫ُّ‬ ‫لآلخر يف الت ّ‬ ‫كل منها‬ ‫املتعاوضني تراضي�ا‪،‬‬ ‫ب�أن‬
‫الصحيحة»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫ّرصف مق ّيدٌ بالعقود ّ‬
‫الت ّ‬
‫ﷺ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫عمر ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ب�ن َ‬
‫)‪(3‬‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫ِ‬
‫اخلبال؟‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬وما ردغ ُة‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫اخلصومة ‪-‬س�وا ٌء كان�ت خصومته يف‬ ‫الرج�ل ذا ٍ‬
‫قدرة عند‬ ‫ُ‬ ‫«فإذا كان‬
‫احلق‪ ،‬وخيرجه‬
‫ويوه َن َّ‬
‫ّ‬ ‫حق‪،‬‬ ‫ينترص للباطل‪ ،‬وخي ّي َل ّ‬
‫للس�امع أنّه ٌّ‬ ‫َ‬ ‫الدّ ين‪ ،‬أو يف الدنيا‪ -‬عىل ْ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫النفاق»)‪.(6‬‬ ‫أخبث خصال‬‫ِ‬ ‫املحرمات‪ ،‬ومن‬ ‫يف صورة الباطل‪ ،‬كان ذلك م ْن ِ‬
‫أقبح ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2315‬ومسلم [‪.[1698‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[142/12‬‬
‫احلق‪.‬‬
‫أن خصمه عىل ّ‬‫أي‪ :‬يعلم أ ّن ُه باطل‪ْ ،‬أو يعلم َّ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫كثري‪ .‬النهاية [‪[215/2‬‬
‫ووحل ٌ‬‫ٌ‬ ‫طني‬ ‫الردغ ُة‪ٌ :‬‬
‫)‪ّ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]3597‬وابن ماجة [‪ ،]3377‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[2318‬‬
‫)‪ (6‬جامع العلوم واحلكم [‪.[486/2‬‬
‫‪‬‬

‫ر م ْن‬ ‫ٍ‬
‫س�هل انطلق�ا َ‬ ‫ٍ‬ ‫أن حم ّيص َة ب َن‬ ‫س�هل ِ‬
‫بن أيب حثم َة َّ‬ ‫ِ‬
‫قبل خي َ‬ ‫مس�عود وعبدَ اهلل ب َن‬ ‫ع� ْن‬
‫طرح يف‬ ‫ٍ‬ ‫ّخل‪ ،‬فعدي عىل ِ‬ ‫فتفرقا يف الن ِ‬ ‫ٍ‬
‫ثم َ‬ ‫فكرت عنق ُه‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫سهل‪،‬‬ ‫عبد اهلل بن‬ ‫َ‬ ‫أصاهبم ‪ّ ،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ْ‬ ‫جهد‬
‫ٍ‬
‫قليب‪ .‬وفقد ُه أصحاب ُه‪ ،‬فالتمسو ُه حتّى وجدو ُه‪ ،‬فاستخرجو ُه‪ ،‬فغ ّيبو ُه‪.‬‬
‫الر ِ‬ ‫محن وابنا ِ‬
‫الر ِ‬
‫محن‬ ‫فذهب عبدُ ّ‬
‫َ‬ ‫عمه حو ّيص ُة‪ ،‬وحم ّيص ُة إىل الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ثم قدم أخو ُه عبدُ ّ‬
‫أمر ِ‬ ‫ليتك ّل َم يف ِ‬
‫صاحب الدّ ِم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أحدثهم سنّ ًا‪َ ،‬‬
‫وهو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫أخيه‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ْ ،‬أو َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫محن يف ِ‬
‫أمر‬ ‫الر ِ‬
‫ثم تك ّل َم عب�دُ ّ‬
‫ث�م تك ّل َم حم ّيص ُة‪َّ ،‬‬ ‫الر ِ‬
‫محن‪ ،‬وتك ّل َم حو ّيص ُة‪َّ ،‬‬ ‫فاس�تأخر عب�دُ ّ‬
‫َ‬
‫صاحبهم‪.‬‬

‫ر‪،‬‬
‫قلب خي َ‬ ‫ِ‬
‫بعض ِ‬ ‫ال يف ٍ‬
‫قليب م ْن‬ ‫ٍ‬
‫س�هل قتي ً‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل! إنّا وجدنا عبدَ اهلل ب َن‬ ‫فقالوا‪ :‬يا‬
‫عدو ّإال هيو ُد‪.‬‬
‫ر ٌّ‬‫وليس بخي َ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫ّهم اليهو َد‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬نت ُ‬
‫فكتب‪« :‬ما قتلنا ُه»‪.‬‬
‫َ‬ ‫إليهم ِبه‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فكتب‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ويف رواية ملسلم‪:‬‬

‫ويف رواي�ة ألمحد )‪:(15664‬‬


‫‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ويف رواية للبيهقي (‪:(16868‬‬

‫يطلبون ال ّطعام‪.‬‬
‫َ‬ ‫يمتارون منها تر ًا‪ْ ،‬‬
‫أي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫)‪ (1‬ويف رواية ألمحد [‪ :]15664‬خرجوا‬
‫ويل القتيل‪ .‬رشح النووي [‪.[149/11‬‬ ‫ِ‬
‫)‪ (2‬املراد ها هنا احلبل ا ّلذي يربط يف رقبة القاتل ويسلم فيه إىل ّ‬
‫‪‬‬

‫نعلم‪ ،‬ما ندري م ْن قتل ُه ّإال‬


‫لنحلف عىل ما ال ُ‬
‫َ‬ ‫نحلف؟! وما كنّا‬
‫ُ‬ ‫كيف‬
‫أمر مل ْ نشهد ُه َ‬
‫قالوا‪ٌ :‬‬
‫أظهرهم َ‬
‫قتل‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وبني‬
‫عدونا‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫أن هيو َد ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أعظم م ْن ْ‬ ‫ِ‬ ‫أيان هيود‪ ،‬ما هم ِ‬ ‫رسول اهلل ما كنّا َ‬


‫َ‬
‫أن حيلفوا عىل‬ ‫ُ‬ ‫الكفر‬ ‫فيه م َن‬ ‫ْ‬ ‫لنقبل َ َ‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬
‫إث ٍم‪.‬‬
‫بائة ٍ‬
‫ناقة‪.‬‬ ‫عنده ِ‬
‫ِ‬ ‫فكر َه رسول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن يبطل دم ُه‪ ،‬فودا ُه)‪ (1‬م ْن‬
‫قال ٌ‬
‫سهل‪ :‬فواهلل ما أنسى بكر ًة منها محرا َء ركضتني‪ ،‬وأنا أحوزها)‪.(2‬‬ ‫َ‬

‫فإن أهل‬ ‫ِ‬


‫ل�ذات البني‪َّ ،‬‬ ‫ق�ال النووي‪« :‬إنّا ودا ُه رس�ول اهلل ﷺ قطع� ًا للنّزاعِ‪ ،‬وإصالح ًا‬
‫ِ‬
‫األمرين‪،‬‬ ‫عليهم‪ ،‬وقدْ امتنعوا م َن‬
‫ْ‬ ‫أن حيلفوا‪ْ ،‬أو يس�تحلفوا املدّ عى‬‫ون ّإال ْ‬
‫القتيل ال يس�تح ّق َ‬
‫ِ‬
‫املنازع�ة‪ ،‬وإصالح ذات البني‬ ‫وقطع‬ ‫جرهم‪،‬‬ ‫صاحبهم‪ ،‬ف�أرا َد ﷺ‬ ‫مكس�ورون ِ‬
‫بقتل‬ ‫َ‬ ‫وهم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫بدف ِع ديته م ْن عنده‪.‬‬

‫ِ‬
‫بإصالح ذات البني»)‪.(3‬‬ ‫أ ّن ُه ينبغي لإلما ِم مراعاة املصالح العا ّمة‪ ،‬واالهتام‬

‫ﷺ‬
‫النبي ﷺ َ‬
‫أه�ل م ّك َة أن يدخلها يف العا ِم املقبل ثالث َة أيام‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فف�ي قصة احلديب ّية‪ ،‬ومصاحلة ِّ‬
‫النبي ﷺ مك َة يف العام القادم معتمر ًا‪.‬‬
‫قدم ُّ‬
‫ُ‬
‫األجل‪.‬‬ ‫اخرج عنّا‪ ،‬فقدْ مىض‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫لصاحبك‬ ‫األجل أتوا عل ّي ًا‪ ،‬فقالوا‪ْ :‬‬
‫قل‬ ‫ُ‬ ‫فلا دخلها ومىض‬
‫ّ‬
‫عم!)‪.(4‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فتبعت ُه ابن ُة محز َة تنادي‪ :‬يا ِّ‬
‫عم! يا ِّ‬ ‫فخرج الن ُّ‬
‫َ‬

‫دفع ديته‪.‬‬
‫أي‪َ :‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2702‬ومسلم [‪.[1669‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[147/11‬‬
‫عمه م ْن الن ِ‬ ‫إجالال له‪ ،‬وإالّ فهو ابن عمها‪ ،‬أو بالن ِ‬
‫ّسبة إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫فهو‬
‫ّسب َ‬ ‫وإن َ‬
‫كان ّ‬ ‫كون محز َة ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ‬ ‫َ‬
‫بذلك‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫)‪ (4‬خاطبت الن ّ‬
‫ِ‬
‫ضاعة‪ .‬الفتح [‪.[505/7‬‬ ‫الر‬
‫أخو ُه م َن ّ‬
‫‪‬‬

‫عم ِك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فأخذ بيدها‪َ ،‬‬


‫وقال لفاطم َة‪ :‬دونك ابن َة ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫طالب ‪،I‬‬ ‫عيل ب ُن أيب‬
‫فتناوهلا ُّ‬
‫وجعفر‪ ،‬وزيدُ ب ُن حارث َة)‪.(2 (1‬‬
‫ٌ‬ ‫فلا قدمنا املدين َة اختصمنا فيها‪ ،‬أنا‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال عيل‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫عميس‪.‬‬ ‫بنت‬ ‫جعفر‪ :‬ابن ُة ّ‬
‫عمي وخالتها عندي‪ ،‬يعني‪ :‬أسا َء َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫َ‬
‫وقال زيدٌ ‪ :‬ابن ُة أخي‪.‬‬
‫ِ‬
‫أحق هبا‪.‬‬
‫وهي ُّ‬ ‫وهي ابن ُة ّ‬
‫عمي‪ ،‬وعندي ابنة رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫وقلت‪ :‬أنا أخذهتا‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫ّبي ﷺ خلالتها‬
‫فقىض هبا الن ُّ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫)‪.(5‬‬

‫ّوص ِل إليها‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الكبار يف الت ّ‬ ‫بحيث تقع املخاصم ُة َ‬
‫بني‬ ‫ُ‬ ‫الرح ِم‬
‫تعظيم صلة ّ‬
‫ُ‬

‫أهي ْم تكون عند ُه‪ ،‬كل منهم يريد أن تكون حتت كفالته؛ ليأخذ أجرها لكوهنا يتيمة‪ ،‬فالنزاع بينهم عىل‬
‫أي‪ :‬يف ّ‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫الكفالة‪ ،‬وليس احلضانة ألنه قد ذهب وقتها‪ ،‬فاحلضانة تكون قبل السبع السنني‪ ،‬وأما بعد سبع سنني فإنه ال‬
‫حيتاج الطفل إىل حضانة‪ ،‬ولكن ملا كانت يتيمة أراد كل من هؤالء الثالثة أن حيظى بكفالتها وبالنفقة عليها‪.‬‬
‫رشح عمدة األحكام [‪ ]8/65‬البن جرين‪.‬‬
‫أصواهتم‬ ‫ارتفعت‬
‫ْ‬ ‫سعد يف الطبقات [‪ ]26/4‬فاختصم فيها عيل وجعفر وزيد بن حارثة حتّى‬ ‫ابن ٍ‬
‫رواية ِ‬‫ِ‬ ‫)‪ (2‬ويف‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ّبي ﷺ م ْن نومه‪ ،‬فقال‪ :‬هلموا أقيض بينكم فيها‪.‬‬ ‫فأيقظوا الن َّ‬
‫ِ‬
‫مع زوجته‪ ،‬وأ ّما‬ ‫ِ‬
‫فلألخوة‪ ،‬وأ ّما ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكل م ْن هؤالء ال ّثالثة فيها شبهة‪ :‬أ ّما زيد‬ ‫كان ٍّ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫عمها ومحلها َ‬ ‫عيل فأل ّن ُه ابن ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملرأة منها دون اآلخري َن‪.‬‬ ‫جل‬ ‫فيرتجح جانب جعفر باجتا ِع قرابة ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمها وخالتها عنده‪،‬‬ ‫جعفر فلكونه ابن ّ‬
‫فتح الباري [‪.[506/7‬‬
‫احلضانة مقدّ م ٌة عىل العمة؛ِ‬
‫ِ‬ ‫أن اخلال َة يف‬
‫ويؤخذ من ُه َّ‬
‫ُ‬ ‫يصلح الولدَ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والشفقة واالهتداء إىل ما‬ ‫احلنو ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫تقرب منها يف ِّ‬
‫ُ‬ ‫)‪ (4‬ألهنّا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بنت عبد امل ّط ِ‬
‫فهي‬
‫مع كوهنا أقرب العصبات م ْن النّساء َ‬ ‫العمة َ‬ ‫مت عىل ّ‬‫كانت موجودة حينئذ‪ ،‬وإذا قدّ ْ‬ ‫لب ْ‬ ‫ألن صف ّي َة َ‬
‫َّ‬
‫األب‪ .‬فتح الباري [‪.[506/7‬‬ ‫أقارب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أقارب األ ِّم عىل‬ ‫تقديم‬
‫ُ‬ ‫مقدّ مة عىل غريها‪ ،‬ويؤخذ من ُه‬
‫ِ‬
‫منهم‪ .‬واحلديث رواه البخاري [‪.[2700‬‬ ‫أي م ْن جهة أ ّن ُه أعتق ُه‪ ،‬وموىل القو ِم ْ‬
‫أي يف اإليان «وموالنا» ْ‬ ‫«أنت أخونا» ْ‬
‫)‪َ (5‬‬
‫‪‬‬

‫بحج ِته‪.‬‬
‫اخلصم يديل ّ‬
‫َ‬ ‫دليل احلك ِم للخص ِم‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫يبني َ‬ ‫احلاكم ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫كانت املحضون ُة‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تسقط حضانتها إذا‬ ‫املحضونة ال‬ ‫بقريب‬ ‫جت‬
‫تزو ْ‬‫أن احلاضن َة إذا ّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪ .‬قال ُه أمحدُ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بظاهر هذا‬ ‫أنثى أخذ ًا‬
‫حيرص عىل‬ ‫فعل ِ‬
‫اخلري‪ ،‬ومسابقتهم إليه‪ ،‬وأن ّ ً‬
‫كال منهم‬ ‫الصحابة ‪ ‬يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنافس‬ ‫ِ‬
‫وفيه‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫حيظون باألجر يف كفالة اليتي ِم)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫يكون من الذين‬ ‫ِ‬
‫اخلريات‪ ،‬وأن‬ ‫ِ‬
‫السابقني إىل‬ ‫يكون من‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫كل واحد منهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫جلعفر إال أنه قد أرىض بقوله َّ‬ ‫ومع حك ِم ِّ‬
‫النبي ﷺ يف هذه القصة‬
‫بني‬ ‫ٍ‬
‫جلعفر‪ ،‬فقدْ ّ َ‬ ‫وإن َ‬
‫كان ق�ىض‬ ‫‪ْ ،‬‬ ‫«فوقع من� ُه ﷺ‬
‫َ‬
‫وج َه َ‬
‫ذلك»)‪.(2‬‬
‫النبي ﷺ هلؤالء اجلاعة من الكالم املط ّي ِ‬
‫ب لقلوهبم‬ ‫«والذي قاله ُّ‬
‫ِ‬
‫حسن أخالقه ﷺ‪.‬‬ ‫من‬
‫ظهرت مناس�بته؛ ألن حرماهنا من مرادمها‬
‫ْ‬ ‫ولعل�ك تق�ول‪ :‬أما ما ذكره لعيل وزي�د فقد‬
‫ب قلوهبم‪.‬‬
‫مناسب جلرمها بذكر ما يط ّي ُ‬
‫ٌ‬
‫جعفر‪ :‬فإنه حصل له مراده من أخذ الصب ّية‪ ،‬فكيف ناسب ذلك جره با قيل له؟‬ ‫ٌ‬ ‫وأما‬
‫ِ‬
‫اخلالة‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬
‫بس�بب‬ ‫فيج�اب عن ذل�ك‪ :‬بأن الصبية اس�تح ّقتها اخلال�ة‪ ،‬واحلكم هبا جلعفر‬
‫ِ‬
‫نفسه‪ ،‬فهو يف احلقيقة غري حمكوم له بصفته‪ ،‬فناسب ذلك جره با قيل له«)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬

‫القرظي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الز ِ‬
‫بري‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب ُن ّ‬ ‫أن رفاع َة ط ّل َق امرأت ُه‪ّ ،‬‬
‫فتزوجها عبدُ ّ‬ ‫ع ْن عكرم َة‪َّ :‬‬

‫–أي‪ :‬إىل عائشة‪ -‬م ْن‬


‫فشكت إليها ْ‬
‫ْ‬ ‫فجاءت وعليها مخار أخرض‪،‬‬
‫ْ‬ ‫قالت عائش ُة‪:‬‬
‫ْ‬
‫زوجها‪ ،‬وأرهتا خرض ًة بجلدها)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪ ،]507/7‬رشح عمدة األحكام [‪ ]8/65‬البن جرين‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[507/7‬‬
‫)‪ (3‬إحكام األحكام [‪.[216 / 1‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬م ْن رضب زوجها هلا‪.‬‬
‫‪‬‬

‫رأيت َ‬
‫مثل ما‬ ‫قالت عائش ُة‪ :‬ما ُ‬
‫ينرص بعضه َّن بعض ًا)‪ْ ،(1‬‬
‫فلا جا َء رسول اهلل ﷺ‪ ،‬والنّسا ُء ُ‬
‫ّ‬
‫املؤمنات‪ ،‬جللدها أشدُّ خرض ًة م ْن ثوهبا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يلقى‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأنا جالس ٌة‪ ،‬وعند ُه أبو ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫القرظي‬ ‫ِ‬
‫فجاءت امرأ ُة رفاع َة‬ ‫قالت عائشة‪:‬‬
‫ْ‬
‫ِّ‬
‫جت بعد ُه عبدَ‬
‫فتزو ُ‬
‫فبت طالقي‪ّ ،‬‬ ‫حتت رفاع َة‪ ،‬فط ّلقني‪َّ ،‬‬
‫كنت َ‬ ‫رس�ول اهلل ّإين ُ‬ ‫َ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫اهلدبة)‪.(2‬‬ ‫مثل ِ‬
‫هذه‬ ‫رسول اهلل ّإال ُ‬
‫َ‬ ‫الز ِ‬
‫بري‪ ،‬وإ ّن ُه واهلل ما مع ُه يا‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب َن ّ‬ ‫ّ‬
‫وأخذت هدب ًة م ْن جلباهبا‪.‬‬
‫ْ‬
‫بكر أال تسمع إىل ِ‬
‫هذه‬ ‫فقال‪ :‬يا أبا ٍ‬
‫يؤذن ل ُه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ينتظر ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫بالباب‬ ‫ِ‬
‫العاص‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫سعيد ِ‬ ‫وخالدُ ب ُن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جتهر به عندَ الن ِّ‬
‫ما ُ‬
‫ّبس ِم)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ عىل الت ّ‬ ‫فال واهللِ‪ ،‬ما يزيدُ‬
‫)‪(4‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‬
‫‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فجاء ومعه ِ‬
‫ابنان ل ُه م ْن غريها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أتت‬
‫وأهنا قدْ ْ‬ ‫فسمع َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بذلك زوجها‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫ناشز تريدُ رفاع َة‪.‬‬


‫نفض األدي ِم)‪ ،(5‬ولكنّها ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين ألنفضها َ‬ ‫كذبت واهلل يا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫هؤالء؟)‪.‬‬ ‫َ‬
‫(بنوك‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫وهي م ْن كالم عكرمة راوي احلديث‪.‬‬


‫)‪ (1‬مجلة معرتضة‪َ ،‬‬
‫أن ذكر ُه يشبه اهلدبة يف االسرتخاء وعدم االنتشار‪ .‬الفتح [‪.[465/9‬‬ ‫وأرادت َّ‬
‫ْ‬ ‫وهي طرفه ا ّلذي ْمل ينسج‪،‬‬
‫)‪َ (2‬‬
‫ّعج ِ‬
‫ب م ْن جهرها‪ ،‬وترصحيها هبذا ا ّلذي تس�تحيي النّساء من ُه يف العادة‪ْ ،‬أو لرغبتها يف‬ ‫ّبس�م للت ّ‬ ‫)‪َ (3‬‬
‫قال العلاء‪َّ :‬‬
‫إن الت ّ‬
‫األول‪ ،‬وكراهة ال ّثاين‪.‬‬
‫زوجها ّ‬
‫رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[4/10‬‬
‫أن املط ّلقة ثالث ًا ال ّ‬
‫حتل‬ ‫بلذة العسل وحالوته‪ ،‬ويف هذا احلديث َّ‬ ‫ِ‬ ‫لذته ّ‬
‫وهي كناية ع ْن اجلاع‪ ،‬ش ّب َه ّ‬
‫)‪ (4‬تصغري عسلة َ‬
‫لألول‪ِ.‬‬
‫جمرد عقده عليها فال يبيحها ّ‬ ‫ملط ّلقها حتّى تنكح زوج ًا غريه‪ ،‬ويطأها َّ‬
‫ثم يفارقها‪ ،‬وتنقيض عدّ هتا‪ ،‬فأ ّما ّ‬
‫رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[3/10‬‬
‫)‪ (5‬وه�و كناي�ة عن كال قوة املبارشة‪ ،‬وهذه الكناي�ة من الفصاحة العجيبة وهي أبل�غ يف املعنى من احلقيقة‪ .‬عمدة‬
‫القاري [‪.[477/ 31‬‬
‫‪‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫بالغراب«)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫الغراب‬ ‫هلم أشب ُه ِبه م َن‬
‫تزعمني‪ ،‬فواهلل ْ‬
‫َ‬ ‫تزعمني ما‬
‫َ‬ ‫قال‪» :‬هذا ا ّلذي‬
‫َ‬

‫ﷺ‬

‫أعطي هبا شيئ ًا كره ُه ْأو مل ْ يرض ُه‪،‬‬


‫َ‬ ‫يعرض سلع ًة ل ُه‬
‫هيودي ُ‬
‫ٌّ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬بينا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البرش‪.‬‬ ‫السالم عىل‬‫قال‪ :‬ال وا ّلذي اصطفى موسى عليه ّ‬‫َ‬

‫تقول‪ :‬وا ّلذي اصطفى موس�ى ‪S‬‬


‫وقال‪ُ :‬‬
‫فلطم وجه ُه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫فس�مع ُه ٌ‬
‫رجل م َن‬
‫بني أظهرنا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ َ‬ ‫عىل البرش‪،‬‬

‫فالن‬ ‫إن يل ذ ّم� ًة وعهد ًا‪َ ،‬‬


‫وقال‪ٌ :‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا أبا القاس� ِم َّ‬ ‫اليهودي إىل‬
‫ُّ‬ ‫فذه�ب‬
‫َ‬
‫لطم وجهي‪.‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫بني أظهرنا‪.‬‬
‫وأنت َ‬ ‫ِ‬
‫البرش‪َ .‬‬ ‫رسول اهلل‪ :‬وا ّلذي اصطفى موسى ‪ S‬عىل‬
‫َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال يا‬ ‫َ‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الغضب يف وجهه‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫عرف‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ حتّى‬ ‫فغضب‬
‫َ‬

‫)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬

‫الركاز اخلمس)‪.(3‬‬
‫فقىض أن يف ّ‬
‫ِ‬
‫النخل ملن أ ّبرها‪ ،‬إال أن يشرتط املبتاع)‪[ (4‬أي‪ :‬املشرتي]‪.‬‬ ‫وقىض أن ثمر َة‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]5825‬ومسلم [‪.[1433‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2411‬ومسلم [‪.[2373‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1499‬ومسلم [‪ ]1710‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2379‬ومسلم [‪ ]1543‬عن عبد اهلل بن عمر ‪.L‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫يشرتط املبتاع)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫اململوك ملن باع ُه إال أن‬ ‫وقىض أن َ‬
‫مال‬
‫احلجر)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وللعاهر‬ ‫ِ‬
‫للفراش‪،‬‬ ‫وقىض أن الولدَ‬
‫بالشفعة بني الرش ِ‬
‫كاء يف ِّ‬
‫كل ما مل يقسم)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫وقىض‬
‫ّ‬
‫وقىض حلمل بن مالك اهلذيل بمرياثه عن امرأته التي قتلتها األخرى)‪.(4‬‬
‫عبد‪ ،‬أو ٍ‬
‫أمة)‪.(5‬‬ ‫املقتول بغر ٍة ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلنني‬ ‫وقىض يف‬
‫ّ‬
‫وقىض يف الرحبة تكون بني الطريق مل ير ْد أهلها البنيان فيها‪ ،‬فقىض أن يرتك للطريق فيها‬
‫سبعة أذرع)‪.(6‬‬
‫وقىض أن املرأة ال تعطي من ِ‬
‫بيت زوجها شيئ ًا إال بإذنه)‪.(7‬‬
‫دس بينها بالس ِ‬
‫واء)‪.(8‬‬ ‫بالس ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫وقىض للجدّ تني من املرياث ّ‬
‫حق)‪.(9‬‬ ‫وقىض أنه ليس ٍ‬
‫لعرق ظامل ٌّ‬

‫)‪ (1‬هو جزء من احلديث السابق‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2053‬ومسلم [‪ ]1457‬عن عائشة أم املؤمنني ‪.J‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]2214‬ومسلم [‪ ]1608‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]6740‬ومسلم [‪ ]1681‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (5‬هو جزء من احلديث السابق‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ إذا تشاجروا يف ال ّط ِ‬
‫ريق بسبعة أذرعٍ‪ .‬رواه البخاري [‪ ،]2473‬ومسلم‬ ‫)‪ (6‬ع ْن أيب هرير َة ‪ I‬قال‪ :‬قىض الن ُّ‬
‫]‪.[1613‬‬
‫)‪ (7‬رواه أبو داود [‪ ،]3565‬والرتمذي [‪ ،]670‬وابن ماجة [‪ ]2295‬عن أيب أمامة ‪ ،I‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح اجلامع [‪.[1789‬‬
‫)‪ (8‬رواه عبد اهلل بن أمحد يف زائد املسند [‪ ،]22272‬وضعفه األلباين يف اإلرواء [‪.[1681‬‬
‫)‪ (9‬رواه أبو داود [‪ ،]3073‬والرتمذي [‪ ]1378‬عن سعيد بن زيد ‪ ،I‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[1520‬‬
‫وينظر‪ :‬سبل اهلدى والرشاد يف سرية خري العباد‪.[221/ 9[ .‬‬

‫اﻟﺒﺎب اﻟﺮاﺑﻊ‪:‬‬

‫ﺒﻲ ﷺ‬ ‫ُ‬
‫ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﱠ ﱢ‬
‫ﻣﻊ ﺷﺮاﺋﺢ دﻋﻮﻳﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ‬
‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع امل�شلمني اجلدد‬

‫كان النبي ﷺ حريص ًا عىل هداية الناس أش�د ما يكون احلرص؛ حتى خاطبه ر ّبه تبارك‬
‫وتعاىل بقوله‪( :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [الشعراء‪ ،[3 :‬وبقوله سبحانه‪( :‬ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [الكهف‪.[6 :‬‬
‫«يعني تعاىل ذكره بذلك‪ :‬فلعلك يا حممدُ ٌ‬
‫قاتل نفس�ك‪ ،‬ومهلكها عىل آثار‬
‫ترد ًا منهم عىل‬
‫تفجر لنا من األرض ينبوع� ًا؛ ّ‬
‫َ‬ ‫قوم�ك الذين قال�وا لك‪ :‬لن نؤم َن لك حت�ى‬
‫رهب�م إن ه�م مل يؤمن�وا هبذا الكتاب ال�ذي أنزلته علي�ك‪ ،‬فيصدّ قوا بأنه من عن�د اهلل حزن ًا‪،‬‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫اإليان بك»)‪.(1‬‬ ‫وتلهفا‪ ،‬ووجد ًا بإدبارهم عنك‪ ،‬وإعراضهم ّ‬
‫عا أتيتهم به‪ ،‬وتركهم‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬فقال‪( :‬ﮬﮭﮮﮯﮰ‬ ‫ِ‬
‫هداية‬ ‫ِ‬
‫باحلرص عىل‬ ‫وقد وصفه اهلل‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [التوبة‪.[128 :‬‬
‫يشق عليكم‪ ،‬ويعنتكم‪.‬‬ ‫(ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ)‪ ،‬أي‪ُّ :‬‬
‫يشق عليه األمر الذي ُّ‬
‫وحيرص‬
‫ُ‬ ‫اخلري‪ ،‬ويسعى جهده يف إيصاله إليكم‪،‬‬
‫فيحب لكم َ‬ ‫ُّ‬ ‫(ﯖ ﯗ)‬
‫الرش‪ ،‬ويسعى جهده يف تنفريكم عنه‪.‬‬
‫عىل هدايتكم إىل اإليان‪ ،‬ويكره لكم ّ َّ‬
‫أرح�م هب�م م�ن‬
‫ُ‬ ‫(ﯘ ﯙ ﯚ)‪ ،‬أي‪ :‬ش�ديدُ الرأف�ة والرمح�ة هب�م‪،‬‬
‫والدهيم)‪.(2‬‬
‫ُ‬
‫فيقول‪:‬‬ ‫ويم ّثل لنا رسول اهلل ﷺ حرصه عىل نجاة الناس من عذاب اهلل‪،‬‬

‫)‪ (1‬تفسري الطري [‪.[194/15‬‬


‫)‪ (2‬تفسري السعدي [‪.[356/1‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬

‫)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫والرمح�ة‪ ،‬واحلرص‬ ‫ِ‬
‫الرأف�ة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلدي�ث‪ :‬م�ا كان في�ه ﷺ من‬ ‫ق�ال اب� ُن حج�ر ‪« :V‬يف‬
‫نج�اة األ ّم ِة ك�ا ق�ال تع�اىل‪( :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ)‬ ‫ِ‬ ‫ع�ىل‬
‫[التوبة‪.(3)«[128 :‬‬

‫ﷺ‬

‫إبراهيم‪( :‬ﭱ ﭲ‬ ‫ّبي ﷺ تال َ‬


‫قول اهلل ‪ D‬يف‬ ‫ِ‬
‫العاص َّ‬ ‫بن عمرو ِ‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫َ‬ ‫أن الن َّ‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [إبراهي�م‪ [36 :‬اآلي َة‪َ ،‬‬
‫وقال عيسى ‪( :S‬ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [املائدة‪.[118 :‬‬
‫‪ ،‬وبكى‪.‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫فرفع ِ‬
‫يديه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فقال اهلل ‪:D‬‬
‫رسول اهلل ﷺ با َ‬
‫قال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جريل ‪ ،S‬فسأل ُه‪ ،‬فأخر ُه‬ ‫فأتا ُه‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫فقال اهلل‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫إليه فرح ًا‪ ،‬وما ِ‬
‫عليه ردا ٌء‪،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ وثب ِ‬
‫ُ‬ ‫فلا رآ ُه‬
‫َ‬ ‫عدي بن حاتم‪ّ :‬‬
‫ففي قصة إسالم ِّ‬
‫حتّى بايع ُه)‪.(5‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملتأ ّم ُل يف الس�رية الصحيحة والس�نة النبوية جيدُ أن هدي ِّ‬
‫النبي ﷺ مع املسلمني اجلدد‬
‫أكمل ٍ‬
‫هدي وأتّه‪.‬‬ ‫‪-‬يف مجيع املراحل‪ -‬هو ُ‬

‫)‪ (1‬احلجزة‪ :‬موضع عقد اإلزار‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6483‬ومسلم [‪ ]2284‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[318/11‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[202‬‬
‫)‪ (5‬رواه مالك يف املوطأ [‪ ]1156‬وعبد الرزاق يف املصنف [‪ ،]12646‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ولنس�تعرض بعض هذه الص�ور الكريمة وهذا اهلدي الطيب املب�ارك لنقف عىل بعض‬
‫معاين قول اهلل تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [األنبياء‪:[107 :‬‬

‫ﷺ‬

‫‪V‬‬

‫حيب دخول الناس يف اإلسالم‪ ،‬وكان يدعو ملن كان يرجو منه اإلناب َة‪،‬‬
‫«كان الرسول ﷺ ُّ‬
‫كثري ممن دعا له باهلدى»)‪.(1‬‬
‫فأسلم ٌ‬
‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫قال‬ ‫�اس ‪َّ L‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫وع� ْن عب�د اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬
‫‪.‬‬

‫عمر)‪.(2‬‬
‫قال‪ :‬وكان أح ّبها إليه ُ‬
‫ّبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بالدعاء‪ :‬فع ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫عمر‬
‫خص َ‬‫وكان ه�ذا يف أول األم�ر‪ ،‬ثم َّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫النبي ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫عقب دعوة ِّ‬
‫عمر بن اخلطاب َ‬
‫وقد أسلم ُ‬
‫عمر حتى‬
‫يسلم ُ‬
‫ُ‬ ‫مع أن كثري ًا من الناس كان يائس ًا من إسال ِم َ‬
‫عمر‪ ،‬حتى قال قائلهم‪« :‬ال‬
‫محار اخل ّطاب»)‪.(4‬‬
‫يسلم ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫البالغ يف دخوله اإلسال َم‪.‬‬ ‫األثر‬
‫النبي ﷺ لعمر بن اخلطاب كان له ُ‬
‫فدعا ُء ِّ‬

‫)‪ (1‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪ ]149/9‬خمترص ًا‪.‬‬


‫وصححه األلباين يف سنن الرتمذي [‪.[2907‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪،]3681‬‬
‫وصححه احلاكم [‪ ،]4485‬والذهبي‪ ،‬واحلافظ يف الفتح [‪ ،]48/7‬واأللباين يف‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه ابن حبان [‪،]6882‬‬
‫الصحيحة [‪.[6882‬‬
‫)‪ (4‬السرية النبوية البن هشام [‪[295/1‬‬
‫‪‬‬

‫وهي مرشك� ٌة‪ ،‬فدعوهت�ا يوم ًا‪،‬‬


‫كن�ت أدع�و أ ّم�ي إىل اإلس�ال ِم َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال أب�و هري�رة ‪:I‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ ما أكر ُه‪.‬‬ ‫فأسمعتني يف‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ وأنا أبكي‪.‬‬ ‫فأتيت‬
‫ُ‬

‫كنت أدعو أ ّمي إىل اإلسال ِم‪ ،‬فتأبى َّ‬


‫عيل‪ ،‬فدعوهتا اليو َم‪ ،‬فأسمعتني‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين ُ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫هيدي أ َّم أيب هريرةَ‪.‬‬
‫َ‬ ‫هلل ْ‬
‫أن‬ ‫فادع ا َ‬ ‫َ‬
‫فيك ما أكر ُه‪ُ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫فخرجت مستبرش ًا بدعوة ِّ‬
‫نبي اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫)‪(2‬‬
‫قدمي‬
‫َّ‬ ‫خشف‬
‫َ‬ ‫فس�معت أ ّمي‬
‫ْ‬ ‫جماف)‪،(1‬‬
‫هو ٌ‬ ‫ِ‬
‫الباب‪ ،‬فإذا َ‬ ‫فرصت إىل‬
‫ُ‬ ‫جئت‪،‬‬
‫فلا ُ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫مكانك يا أبا هريرةَ‪.‬‬
‫وعجلت ع ْن مخارها‪،‬‬ ‫ولبس�ت درعها‪،‬‬ ‫فاغتس�لت‪،‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫وس�معت خضخض َة ِ‬
‫املاء)‪َ ،(3‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الباب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ففتحت‬
‫َ‬
‫حممد ًا عبد ُه ورسول ُه‪.‬‬
‫أن ّ‬‫أن ال إل َه ّإال اهلل‪ ،‬وأشهدُ َّ‬
‫قالت‪ :‬يا أبا هريرةَ‪ ،‬أشهدُ ْ‬
‫ثم ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الفرح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأتيت ُه وأنا أبكي م ْن‬ ‫فرجعت إىل‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫دعوتك‪ ،‬وهدى أ َّم أيب هريرةَ‪.‬‬ ‫استجاب اهلل‬ ‫رسول اهللِ‪ ،‬أبرش‪ِ ،‬‬
‫قد‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فحمدَ اهللَ‪ ،‬وأثنى ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬
‫وقال خري ًا‪.‬‬
‫بهم إلينا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ادع اهللَ ْ‬ ‫َ‬
‫املؤمنني‪ ،‬وحي ّب ْ‬
‫َ‬ ‫عباده‬ ‫أن حي ّببني أنا وأ ّمي إىل‬ ‫رسول اهلل ُ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬

‫مغلق‪.‬‬
‫أي‪ٌ :‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫أي‪ :‬صوهتا يف األرض‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬صوت حتريكه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫يسمع يب‪ ،‬وال يراين ّإال أح ّبني)‪.(1‬‬


‫ُ‬ ‫خلق مؤم ٌن‬
‫فا َ‬

‫إن دوس� ًا قدْ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪َّ :‬‬ ‫فيل ب ُن ٍ‬
‫عمرو إىل الن ِّ‬ ‫قال‪ :‬جا َء ال ّط ُ‬
‫كا روى أبو هرير َة ‪َ I‬‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فادع اهللَ‬
‫وأبت‪ُ ،‬‬
‫عصت ْ‬
‫ْ‬ ‫هلكت‪،‬‬
‫ْ‬

‫عليهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّاس أ ّن ُه يدعو‬
‫فظ َّن الن ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫وقد بوب عليه البخاري يف صحيحه‪« :‬باب الدّ ِ‬
‫للمرشكني باهلدى ليتأ ّل ْ‬
‫فهم»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عاء‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫املقامني‪،‬‬ ‫بني‬ ‫ِ‬
‫الفرق َ‬ ‫فهم) م ْن تف ّق ِه املصن َ‬
‫ّف‪ ،‬إش�ارة من� ُه إىل‬ ‫«وقوله‪( :‬ليتأ ّل ْ‬
‫هلم‪.‬‬
‫عليهم‪ ،‬وتار ًة يدعو ْ‬
‫ْ‬ ‫وأ ّن ُه ﷺ َ‬
‫كان تار ًة يدعو‬

‫غائلتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أذاهم‪ ،‬واحلال ُة ال ّثاني ُة‪ُ :‬‬
‫حيث تؤم ُن‬ ‫ْ‬ ‫ويكثر‬
‫ُ‬ ‫شوكتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فاحلالة األوىل‪ُ :‬‬
‫حيث تشتدُّ‬
‫ٍ‬
‫دوس»)‪.(3‬‬ ‫قص ِة‬ ‫ويرجى تأ ّل ْ‬
‫فهم كا يف ّ‬

‫ّبي ﷺ يعود ُه‪،‬‬


‫فمرض‪ ،‬فأتا ُه الن ُّ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫هي�ودي خيد ُم الن َّ‬
‫ٌّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان غال ٌم‬ ‫أنس ‪َ I‬‬ ‫ع� ْن ٍ‬
‫‪.‬‬ ‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رأسه‪َ ،‬‬ ‫فقعدَ عندَ‬

‫فأسلم‪.‬‬ ‫أطع أبا القاس ِم ﷺ‪،‬‬ ‫وهو عند ُه َ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫فقال‪ :‬ل ُه ْ‬ ‫فنظر إىل أبيه َ‬
‫َ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫وهو ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فخرج الن ُّ‬
‫َ‬
‫وقد سبق معنا ذكر فرح النبي ﷺ بإسالم عدي بن حاتم‪ ،‬وإسالم عكرمة بن أيب جهل‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2491‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2937‬ومسلم [‪.[2524‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[108/6‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]1356‬وأبو داود [‪ ،]3095‬والزيادة أليب داود‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الفتح‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ مكّ� َة عا َم‬ ‫العزى أنه قال‪ّ :‬ملا َ‬
‫دخل‬ ‫عبد ّ‬‫بن ِ‬
‫حويط�ب ِ‬
‫ِ‬ ‫م�ا روي ع�ن‬
‫َ‬
‫يأمنون فيها‪.‬‬ ‫مواضع‬
‫َ‬ ‫قت عيايل يف‬
‫وفر ُ‬
‫فخرجت م ْن بيتي‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫خفت خوف ًا شديد ًا‪،‬‬
‫ُ‬
‫وكانت بيني وبين ُه خ ّل ٌة‪،‬‬ ‫الغفاري‪،‬‬ ‫ذر‬ ‫ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫فكنت فيه‪ ،‬فإذا أنا بأيب ٍّ‬ ‫عوف‪،‬‬ ‫حائط‬ ‫فانتهي�ت إىل‬
‫ُ‬
‫هربت من ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واخل ّل ٌة أبد ًا مانع ٌة‪ّ ،‬‬
‫فلا رأيت ُه‬
‫حمم ٍد‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬أبا ّ‬
‫فقلت‪ :‬ل ّب َ‬
‫يك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ما َ‬
‫لك؟‬
‫اخلوف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بأمان اهلل ‪.D‬‬ ‫أنت آم ٌن‬ ‫َ‬
‫عليك‪َ ،‬‬ ‫خوف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‬
‫مت ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫فرجعت ِ‬
‫إليه‪ ،‬فس ّل ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫منزلك‪.‬‬ ‫اذهب إىل‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫يدخل‬ ‫أصل إىل بيتي ح ّي ًا حتّى ألفى َ‬
‫فأقتل‪ْ ،‬أو‬ ‫سبيل إىل منزيل‪ ،‬واهلل ما أراين ُ‬
‫هل يل ٌ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫مواضع شتّى‪.‬‬
‫َ‬ ‫وإن عيايل لفي‬ ‫عيل منزيل ُ‬
‫فأقتل‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫منزلك‪.‬‬ ‫معك إىل‬ ‫عيالك يف موضعٍ‪ ،‬وأنا ُ‬
‫أبلغ َ‬ ‫َ‬ ‫فامجع‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أن حويطب ًا آم ٌن فال ْ‬


‫هيج‪.‬‬ ‫َ‬
‫وجعل ينادي عىل َّ‬ ‫َ‬
‫فبلغ معي‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخر ُه‪َ ،‬‬ ‫ذر إىل‬
‫انرصف أبو ٍّ‬
‫َ‬ ‫ث�م‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ذر‪.‬‬
‫منازهلم‪ ،‬وعا َد إ َّيل أبو ٍّ‬
‫ْ‬ ‫ورددت عيايل إىل‬
‫ُ‬ ‫فاطمأننت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كثري‪،‬‬
‫خري ٌ‬ ‫َ‬
‫وفاتك ٌ‬ ‫ِ‬
‫املواطن ك ّلها‪،‬‬ ‫سبقت يف‬
‫َ‬ ‫حمم ٍد حتّى متى؟ وإىل متى؟ قدْ‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪ :‬يا أبا ّ‬
‫تسلم‪.‬‬ ‫فأسلم‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫وبقي خري كثري؛ ِ‬
‫فأت‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ٌ ٌ‬
‫‪‬‬

‫عز َك‪.‬‬
‫وعز ُه ّ‬ ‫َ‬
‫رشفك‪ّ ،‬‬ ‫وأحلم الن ِ‬
‫ّاس‪ ،‬رشف ُه‬ ‫ُ‬ ‫وأوصل الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أبر الن ِ‬
‫ّاس‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ ُّ‬
‫معك‪ِ ،‬‬
‫فآتيه‪.‬‬ ‫أخرج َ‬ ‫قلت‪ :‬فأنا‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫وعمر ‪،L‬‬ ‫بك�ر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالبطح�اء‪ ،‬وعند ُه أبو ٍ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫أتيت‬
‫ُ‬ ‫فخرج�ت مع� ُه حتّ�ى ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫رسول‬ ‫أن ال إل َه ّإال اهلل‪ ،‬وأن َّك‬
‫فقلت‪ :‬أشهدُ َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رأس�ه‪ ،‬فسلمت عليه فر ّد السالم‪،‬‬ ‫فوقفت عىل‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫اهللِ‪َ ،‬‬
‫فقال‬

‫شهدت مع ُه حنين ًا وال ّط َ‬


‫ائف‪ ،‬وأعطاين م ْن غنائ ِم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ بإسالمي‪ ،‬ثم‬ ‫ورس‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫حنني مائ َة ٍ‬
‫بعري)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫وسدر)‪.(2‬‬ ‫يغتسل ٍ‬
‫باء‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫بن عاص ٍم ‪ I‬أ ّن ُه‬ ‫قيس ِ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫أسلم‪ ،‬فأمر ُه الن ُّ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫أس�لم‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫أن ثام َة ب َن ٍ‬
‫أثال‬ ‫وع� ْن أيب هرير َة َّ‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬
‫وذهب‬ ‫ِ‬
‫وجوبه‪،‬‬ ‫بعض ِ‬
‫أهل العل ِم إىل‬ ‫وذهب ُ‬ ‫أسلم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الغسل مل ْن‬ ‫دليل عىل مرشوع ّي ِة‬ ‫ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫االستحباب‪.‬‬ ‫َ‬
‫األكثرون إىل‬
‫َ‬
‫يغتس�ل‬ ‫أس�لم ْ‬
‫أن‬ ‫للر ِ‬
‫جل إذا‬ ‫أهل العل ِم‪ ،‬يس�تح ّب َ‬ ‫عليه عندَ ِ‬ ‫«والعمل ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ون ّ‬
‫َ‬
‫ويغسل ثياب ُه»)‪.(4‬‬

‫مالك األشجعي عن ِ‬‫عن أيب ٍ‬


‫ثم‬
‫الصالةَ‪َّ ،‬‬ ‫أسلم ع ّلم ُه الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ ّ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل إذا‬ ‫كان ّ‬ ‫أبيه َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ُّ ْ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫الكلات‪:‬‬ ‫ِ‬
‫هبؤالء‬ ‫يدعو‬ ‫أمر ُه ْ‬
‫أن‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬املستدرك عىل الصحيحني للحاكم [‪.[6130‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]355‬والرتمذي [‪ ،]550‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[128‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]7977‬وصححه يف اإلرواء[‪.[164/1‬‬
‫)‪ (4‬سنن الرتمذي [‪ ،]502/2‬حتفة األحوذي [‪.[140/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[2697‬‬
‫‪‬‬

‫أسلمت‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪ :‬قدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وع ْن عثي ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫كليب ع ْن أبيه ع ْن جدّ ه أ ّن ُه جا َء إىل الن ِّ‬ ‫بن‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫ﷺ‬
‫رس�ول اهللِ‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫باحلديد)‪َ ،(2‬‬ ‫ّبي ﷺ ٌ‬
‫رجل مقن ٌّع‬
‫أقاتل‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫عن الرا َء ‪ I‬قال‪ :‬أتى الن َّ‬
‫أسلم؟‬
‫ُ‬ ‫ْأو‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قاتل‪َ ،‬‬
‫فقتل‪.‬‬ ‫ثم َ‬‫فأسلم‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫ال م َن اهلل وإحسان ًا)‪.(4‬‬ ‫ِ‬


‫بالعمل اليسري فض ً‬ ‫ويف هذا احلديث‪َّ :‬‬
‫أن األجر الكثري قدْ حيصل‬
‫ٍ‬
‫وقش‪.‬‬ ‫بن‬ ‫قيل‪ :‬إن هذا الرجل هو‪ :‬عمرو بن ِ‬
‫ثابت ِ‬ ‫ُ‬
‫دخل اجلنّ َة مل ْ ِّ‬
‫يصل ُّ‬
‫قط؟‬ ‫ٍ‬
‫رجل َ‬ ‫كان ُ‬
‫يقول‪ :‬حدّ ثوين ع ْن‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ I‬أنه َ‬

‫هو؟‬
‫ّاس سألو ُه‪ :‬م ْن َ‬
‫فإذا مل ْ يعرف ُه الن ُ‬
‫بن وقش‪.‬‬ ‫األشهل‪ :‬عمرو بن ِ‬
‫ثابت ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيقول‪ :‬أصريم بني ِ‬
‫عبد‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كان ُ‬
‫شأن األصري ِم؟‬ ‫كيف َ‬ ‫بن ٍ‬
‫لبيد‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫ملحمود ِ‬ ‫فقلت‬
‫ُ‬ ‫احلصني‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل ٍ‬
‫ُ‬ ‫كان يوم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أحد بدا‬ ‫وخرج‬
‫َ‬ ‫أحد‪،‬‬ ‫فلا َ ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان يأبى اإلسال َم عىل قومه‪ّ ،‬‬
‫فأسلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ل ُه اإلسال ُم‪،‬‬
‫ّاس‪َ ،‬‬
‫فقاتل حتّى أثبتت ُه اجلراح ُة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عرض الن ِ‬ ‫َ‬
‫فدخل يف‬ ‫َ‬
‫فأخذ سيف ُه‪ ،‬فغدا حتّى أتى القو َم‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]356‬وحسنه األلباين يف اإلرواء [‪.[79‬‬


‫)‪ (2‬وهو كناية عن تغطية وجهه ِ‬
‫بآلة احلرب‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[2808‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[25/6‬‬
‫‪‬‬

‫هم ِبه‪ ،‬فقالوا‪ :‬واهلل َّ‬


‫إن هذا‬ ‫ِ‬
‫قتالهم يف املعركة إذا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يلتمسون‬ ‫ِ‬
‫األشهل‬ ‫رجال بني ِ‬
‫عبد‬ ‫ُ‬ ‫فبينا‬
‫َ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫ملنكر هذا‬
‫لألصري ُم‪ ،‬وما جا َء‪ ،‬لقدْ تركنا ُه وإ ّن ُه ٌ‬
‫قومك)‪ْ ،(1‬أو رغب ًة يف اإلسال ِم؟‬
‫َ‬ ‫فسألو ُه ما جا َء ِبه‪ ،‬قالوا‪ :‬ما جا َء َ‬
‫بك يا عمرو أحدب ًا عىل‬

‫مع‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ْ :‬بل رغب ًة يف اإلسال ِم‪ُ ،‬‬


‫َ‬
‫فغدوت َ‬
‫ُ‬ ‫أخذت سيفي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫وأسلمت َّ‬
‫ُ‬ ‫ورسوله‪،‬‬ ‫آمنت باهلل‬
‫فقاتلت حتّى أصابني ما أصابني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬‫ِ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫لرسول اهلل ﷺ َ‬ ‫أيدهيم‪ ،‬فذكرو ُه‬ ‫مات يف‬
‫أن َ‬‫يلبث ْ‬
‫ثم مل ْ ْ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬

‫َ‬
‫حليان‪ ،‬فزعموا ّأهن ْم قدْ‬ ‫وذكوان‪ ،‬وعص ّي ُة‪ ،‬وبنو‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ أتا ُه ٌ‬
‫رعل‪،‬‬ ‫ع ْن ٍ‬
‫أنس ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬
‫قومهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أسلموا‪ ،‬واستمدّ و ُه عىل‬
‫ِ‬
‫األنصار‪.‬‬ ‫بسبعني م َن‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫هم الن ُّ‬
‫فأمدّ ُ‬
‫ون بال ّل ِ‬
‫يل)‪.(3‬‬ ‫حيطبون بالن ِ‬
‫ّهار‪ ،‬ويص ّل َ‬ ‫َ‬ ‫القرا َء‪،‬‬
‫يهم ّ‬‫نسم ْ‬
‫أنس‪ :‬كنّا ّ‬ ‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫ٍ‬
‫بمدد من عنده‪ ،‬وجرى‬ ‫النبي ﷺ يف أن يمدَّ ثغوره‬
‫مضت من ِّ‬
‫ْ‬ ‫السنّة‬
‫«فيه أن ّ‬
‫بذلك العمل من األئمة بعده»)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬

‫هو؟‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬


‫اجلدر أم َن البيت َ‬ ‫ّبي ﷺ ع َن‬
‫سألت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫البيت؟‪.‬‬ ‫هلم مل ْ يدخلو ُه يف‬
‫قلت‪ :‬فا ْ‬
‫ُ‬

‫وحنو ًا‪ .‬وقد تصحفت إىل «أحرب ًا»‪ ،‬والتصويب من اإلصابة [‪ ،]501/4‬ومن طبعة الرسالة‬
‫ّ‬ ‫)‪ (1‬أي‪ :‬أعطف ًا‬
‫وحسنه ابن حجر يف اإلصابة [‪.[501/4‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪،]23123‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]3064‬ومسلم [‪.[677‬‬
‫)‪ (4‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[290/9‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫شأن ِ‬
‫بابه مرتفع ًا؟‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فا ُ‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ث�م َ‬
‫ق�ال هلا‪:‬‬

‫)‪.(1‬‬

‫‪.‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬


‫َ‬
‫إدخال‬ ‫بذلك ما يقتيض‬ ‫ُ‬
‫�يطان َ‬ ‫هلم ّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬
‫فيوس�وس ْ‬
‫ُ‬ ‫الكعبة‪،‬‬ ‫خراب‬
‫َ‬ ‫نفوس�هم‬
‫ْ‬ ‫أنكرت‬
‫ْ‬ ‫فر ّبا‬
‫دينهم‪.‬‬ ‫عليهم يف‬ ‫الدّ ِ‬
‫اخلة‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تنفر‬
‫أن َ‬ ‫خياف ْ‬
‫ين‪ُ ،‬‬ ‫تثبيتهم عىل ِ‬
‫أمر اإلسال ِم والدّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫استئالفهم‪ ،‬ويرو ُم‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان يريدُ‬ ‫والن ُّ‬
‫يرتك َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫الكعبة‪ ،‬ورأى ْ‬ ‫ِ‬
‫بتخريب‬ ‫قلوهبم‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫وإصالح‬ ‫ّ�اس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أحوال الن ِ‬ ‫ِ‬
‫س�المة‬ ‫أق�رب إىل‬ ‫البي�ت بال ّط ِ‬
‫واف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باس�تيعاب‬ ‫وأم�ر الن ِ‬
‫ّ�اس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرش ِ‬
‫يعة ا ّلتي ال تقو ُم‬ ‫ِ‬
‫أركان ّ‬ ‫ِ‬
‫الفروض‪ ،‬وال م ْن‬ ‫ِ‬
‫بالبنيان مل ْ يك ْن م َن‬ ‫مع َّ‬
‫أن اس�تيعاب ُه‬ ‫أدياهنم‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫بقائه عىل ِ‬
‫حاله)‪.(2‬‬ ‫واف خاص ًة‪ ،‬وهذا يمكن مع ِ‬ ‫ّإال ِبه‪ ،‬وإنّا جيب استيعابه بال ّط ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ّاس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض الن ِ‬ ‫فهم‬
‫يقرص عن ُه ُ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫االختيار خماف َة ْ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ُ‬
‫ترك‬
‫َ‬
‫عليهم‬ ‫الرض ِر‬ ‫ِ‬
‫إنكاره‪ ،‬وما خيش�ى من ُه تو ّلدُ ّ‬ ‫ّاس إىل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫يتر ُع الن ُ‬
‫األمر ما ّ‬ ‫اجتناب و ِّيل‬
‫ُ‬
‫يف ٍ‬
‫دين‪ْ ،‬أو دنيا‪.‬‬

‫واجب‪.‬‬ ‫أمر‬ ‫ف قلوهبم با ال ُ ِ‬


‫تأ ّل ُ‬
‫ٌ‬ ‫يرتك فيه ٌ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1583‬ومسلم [‪.[1333‬‬


‫)‪ (2‬املنتقى رشح املوطإ [‪.[282/2‬‬
‫‪‬‬

‫بدئ‬
‫وأهنا إذا تعارضا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاألهم م ْن دف ِع‬
‫وجلب املصلحة‪ّ ،‬‬ ‫املفس�دة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫األهم‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫تقديم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املصلحة‪.‬‬ ‫استحباب ِ‬
‫عمل‬ ‫وأن املفسد َة إذا أم َن وقوعها عا َد‬ ‫ِ‬
‫املفسدة‪َّ ،‬‬ ‫بدف ِع‬
‫ُ‬
‫األمور العا ّم ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جل مع ِ‬
‫أهله يف‬ ‫الر ِ َ‬ ‫ُ‬
‫حديث ّ‬
‫ّبي ﷺ)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حرص الص ِ‬
‫أوامر الن ِّ‬ ‫امتثال‬ ‫حابة عىل‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫ق�ال اب�ن كثري ‪« :V‬فبناها ابن الزبري عىل ذلك كا أخرته به خالته عائش�ة أم املؤمنني‬
‫عن رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فجزاه اهلل خري ًا‪.‬‬

‫ثم ملا غلبه احلجاج بن يوسف يف سنة ثالث وسبعني هدم احلائط الشايل وأخرج احلجر‬
‫ك�ا كان أوال‪ ،‬وأدخ�ل احلج�ارة التي هدمها يف ج�وف الكعبة فرصها في�ه‪ ،‬فارتفع الباب‪،‬‬
‫وس�دَّ الغريب‪ ،‬وتلك آثاره إىل اآلن‪ ،‬وذلك بأمر عبد امللك بن مروان يف ذلك‪ ،‬ومل يكن بلغه‬
‫احلديث‪ ،‬فلا بلغه احلديث قال‪ :‬وددنا أنا تركناه وما توىل من ذلك‪.‬‬

‫هم اب�ن املنصور املهدي أن يعيدها عىل ما بناها ابن الزبري‪ ،‬واستش�ار اإلمام مالك‬
‫وق�د َّ‬
‫ب�ن أن�س يف ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إين أكره أن يتخذها امللوك لعبة‪ ،‬يعني يتالعبون يف بنائها بحس�ب‬
‫آرائهم‪ ،‬فهذا يرى رأي ابن الزبري‪ ،‬وهذا يرى رأي عبد امللك بن مروان‪ ،‬وهذا يرى رأيا آخر‬
‫واهلل ‪ E‬أعلم»)‪.(2‬‬
‫ِ‬ ‫جاب�ر بن ِ‬
‫املدينة‬ ‫يب َ‬
‫قال‪ :‬أم�ا واهلل لئ ْن رجعن�ا إىل‬ ‫عب�د اهلل ‪َّ L‬‬
‫أن عب�دَ اهلل ب َن أ ٍّ‬ ‫ِ َ‬ ‫وع�ن‬
‫أرضب‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ ،‬دعني‬ ‫عمر‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فقا َم ُ‬
‫فبلغ الن َّ‬ ‫األعز منها َّ‬
‫األذل‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ليخرج َّن‬
‫ِ‬
‫املنافق‪.‬‬ ‫عنق هذا‬
‫َ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[448/3‬‬


‫)‪ (2‬البداية والنهاية [‪.[275/8‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]4905‬ومسلم [‪.[2584‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫حنني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باجلعرانة منرصف ُه م ْن‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫قال‪ :‬أتى ٌ‬
‫رجل‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪َ L‬‬ ‫وع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫حممدُ ‪ْ ،‬‬
‫اعدل‪.‬‬ ‫ّاس‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فض ٌة‪،‬‬ ‫ثوب ٍ‬‫ويف ِ‬
‫فقال‪ :‬يا ّ‬ ‫يقبض منها يعطي الن َ‬
‫ورسول اهلل ﷺ ُ‬ ‫بالل ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫املنافق‪َ .‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫رسول اهللِ‪َ ،‬‬
‫فأقتل هذا‬ ‫َ‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫اب ‪ :I‬دعني يا‬ ‫َ‬
‫فقال ُ‬
‫)‪.(1‬‬
‫كان ِ‬
‫عليه ﷺ م َن احللم‪.‬‬ ‫قال النووي ‪ِ :V‬‬
‫«فيه‪ :‬ما َ‬

‫والصر عىل بعض املفاس�د؛ خوف ًا م ْن ْ‬


‫أن ترتتّب عىل‬ ‫ترك بعض األمور املختارة‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫ذلك مفسدة أعظم من ُه‪.‬‬

‫وغريهم؛ لتقوى شوكة‬


‫ْ‬ ‫واملنافقني‪،‬‬
‫َ‬ ‫وكان ﷺ يتأ ّلف النّاس‪ ،‬ويص ُ‬
‫ر عىل جفاء األعراب‬ ‫َ‬
‫غريهم يف‬
‫ْ‬ ‫وتت�م دعوة اإلس�الم‪ ،‬ويتمكّ�ن اإليان م ْن قل�وب املؤ ّلفة‪ ،‬ويرغ�ب‬
‫ّ‬ ‫املس�لمني‪،‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫يعطيهم األموال اجلزيلة‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫اإلسالم‪،‬‬

‫يتوىل‬ ‫أمر باحلك ِم بال ّظ ِ‬


‫اهر‪ ،‬واهلل ّ‬ ‫وإلظهارهم اإلسالم‪ ،‬وقدْ َ‬
‫ْ‬ ‫املنافقني هلذا املعنى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ومل ْ يقتل‬
‫ِ‬
‫لطلب دنيا‪،‬‬ ‫َ‬
‫وجياهدون مع ُه إ ّما مح ّية‪ ،‬وإ ّما‬ ‫وألهن ْم كانوا معدودي َن يف أصحابه ﷺ‪،‬‬
‫الرائر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫عشائرهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْأو عصب ّية مل ْن مع ُه م ْن‬
‫َ‬
‫نس�خ‬ ‫قتاهلم‪ْ ،‬أو‬
‫ْ‬ ‫عنهم‪ ،‬وترك‬
‫ْ‬ ‫بقي حك�م اإلغضاء‬
‫هل َ‬‫واختل�ف العلاء ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال الق�ايض‪:‬‬
‫ذلك عند ظهور اإلسالم‪ ،‬ونزول قوله تعاىل‪( :‬ﭓ ﭔ ﭕ) [التوبة‪.[73 :‬‬
‫َ‬

‫نفاقهم‪ ،‬فإذا أظهرو ُه قتلوا»)‪.(2‬‬


‫ْ‬ ‫عنهم ما مل ْ يظهروا‬
‫ْ‬ ‫كان العفو‬ ‫َ‬
‫وقيل‪ :‬إنّا َ‬

‫ُ‬
‫يعامل يف أحكام الدنيا معامل َة الك ّفار‪ ،‬بل معاملة‬ ‫يظهر كفره ونفاقه فإنه ال‬
‫فاملنافق ما مل ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بإعالن إس�المه‪ ،‬وتلك هي اجلنّ ُة التي ذكرها اهلل تعاىل‬ ‫عصم دمه وماله؛‬ ‫املس�لمني؛ ألنه قد‬
‫َ‬
‫يف كتابه‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [املنافقون‪.[2 :‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3138‬ومسلم [‪ ،]1063‬واللفظ ملسلم‪.‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[139/16‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫القتل‪ ،‬ومل ْ ْ‬
‫يزل‬ ‫فمنعهم م َن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫القتل‪،‬‬ ‫أعلم‪ -‬م َن‬
‫قال اإلمام الش�افعي ‪« :V‬يعني ‪-‬واهلل ُ‬
‫اإليان با أظهروا من ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عنهم يف الدّ نيا أحكا َم‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫باإليان»)‪.(1‬‬ ‫لعالنيتهم‬ ‫برائرهم‪ ،‬وخالفها‬ ‫ِ‬
‫بعلمه‬ ‫األسفل م َن الن ِّار‬
‫َ‬ ‫هلم الدّ َ‬
‫رك‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وأوجب ُ‬‫َ‬
‫إياهنم جنّ� ًة» أي‪:‬‬
‫ْ‬ ‫«وهل�ذا كان الضحاك ب�ن مزاح�م يقرؤها‪ّ :‬‬
‫«اخت�ذوا‬
‫تصديقه�م الظاه�ر جنّ�ة‪ ،‬أي‪ :‬تق ّي� ًة يتّقون ب�ه القت�ل‪ .‬واجلمهور يقرؤه�ا‪( :‬ﮤ) مجع‬
‫يمني»)‪.(2‬‬

‫فاملنافق�ون ال يدخلون يف أحكام املرتدّ ين‪ ،‬مع ش�دّ ة كفرهم‪ ،‬بل جت�ري عليهم يف الدنيا‬
‫أحكا ُم املسلمني‪.‬‬

‫يقس�م قس ًا أتا ُه‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬بينا نح ُن عندَ‬
‫ُ‬
‫اعدل‪َ .‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫رس�ول اهللِ‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫رجل م ْن بني تي ٍم‪َ -‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫‪-‬وه�و ٌ‬ ‫ِ‬
‫اخلوي�رصة‬ ‫ذو‬
‫َ‬
‫‪.‬‬
‫فأرضب عنق� ُه‪َ .‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ائذن يل ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ْ ،‬‬ ‫عمر‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫فق�ال ُ‬

‫)‪.(4‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫ويف رواي�ة هل�ا‪ :‬ق�ال النب�ي ﷺ‪:‬‬


‫)‪.(5‬‬

‫)‪.(6‬‬ ‫ويف رواية‪ :‬قال النبي ﷺ‪:‬‬

‫)‪ (1‬أحكام القرآن [‪.[300 -299/1‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري [‪.[150/8‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬خيرجون‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]3610‬ومسلم [‪.[1064‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]4351‬ومسلم [‪.[1064‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪ ]1063‬من حديث جابر بن عبد اهلل ‪.L‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫األمر ِ‬
‫بقتله‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫ترك‬ ‫هذا ظاهر ُه َّ‬ ‫«قوله‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فة املذكورة‪ ،‬وهذا اليقتيض َ ِ‬ ‫أن له أصحابا بالص ِ‬
‫ّبي ﷺ‬ ‫مع ما أظهر ُه م ْن مواجهة الن ِّ‬ ‫ترك قتله َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫باملبالغة‬ ‫وصفه�م‬ ‫البخاري؛ أل ّن ُه‬ ‫ب�ا واجه� ُه‪ ،‬فيحتمل أن يك�ون ملصلحة التأ ّلف كا فهم� ُه‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ذلك تنفري ًا ع� ْن‬ ‫قتلهم؛ َ‬ ‫فل�و َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غريهم يف‬
‫ْ‬ ‫دخول‬ ‫لكان َ‬ ‫ْ‬ ‫أذن يف‬ ‫إظهار اإلس�ال ِم‪ْ ،‬‬ ‫مع‬
‫يف العب�ادة َ‬
‫اإلسال ِم»)‪.(1‬‬

‫رسول اهلل ﷺ عىل اإلسال ِم شيئ ًا ّإال أعطا ُه‪.‬‬


‫ُ‬ ‫قال‪ :‬ما َ‬
‫سئل‬ ‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬

‫حممد ًا‬ ‫فقال‪ :‬يا قو ِم أسلموا‪َّ ،‬‬ ‫جبلني)‪ ،(2‬فرجع إىل ِ‬


‫قومه َ‬ ‫ِ‬ ‫فجاء ُه ٌ‬
‫رجل فأعطا ُه غن ًا َ‬
‫فإن ّ‬ ‫َ‬ ‫بني‬
‫يعطي عطا ًء ال خيشى الفاق َة)‪.(3‬‬

‫أحب‬ ‫َ‬
‫يكون اإلسال ُم َّ‬ ‫يسلم حتّى‬
‫ُ‬ ‫ليسلم ما يريدُ ّإال الدّ نيا‪ ،‬فا‬
‫ُ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫إن َ‬
‫كان ّ‬ ‫أنس‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫وقال ٌ‬
‫ِ‬
‫إليه م ْن الدّ نيا وما عليها)‪.(4‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّبي ﷺ‬ ‫أ ّن ُه يظهر اإلس�الم ّأوالً للدّ ني�ا‪ ،‬ال بقصد صحيح بقلبه‪َّ ،‬‬
‫ثم م� ْن بركة الن ّ‬
‫ِ‬
‫بحقيق�ة اإليان‪ ،‬ويتمكّ�ن م ْن قلبه‪،‬‬ ‫ال حتّ�ى ينرشح صدره‬ ‫ون�ور اإلس�الم مل ْ يلب�ث ّإال قلي ً‬
‫حينئذ أحب ِ‬
‫إليه م ْن الدّ نيا وما فيها)‪.(5‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيكون‬
‫َّ‬
‫وك�ذا كان يعط�ي من كان م�رت ّدد ًا أو كان ضعيف اإليان‪ ،‬كا ق�ال ﷺ قال‪:‬‬
‫)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[293/12‬‬


‫ِ‬ ‫أي‪ :‬كثرية كأهنّا ُ‬
‫تأل ما بني جبلني‪.‬‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2312‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2312‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[21/8‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]3146‬ومسلم [‪.[1059‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫يزعم أ ّن ُه‬
‫ُ‬ ‫خ�رج بم ّك َة‬
‫َ‬ ‫ال قدْ‬ ‫ال م ْن ٍ‬
‫غفار‪ ،‬فبلغنا َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫كنت رج ً‬
‫ذر ‪ I‬ق�ال‪ُ :‬‬
‫ع�ن أيب ٍّ‬
‫نبي‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫ِ‬
‫بخره‪.‬‬ ‫الر ِ‬
‫جل ك ّلم ُه‪ ،‬وأتني‬ ‫انطلق إىل هذا ّ‬
‫ْ‬ ‫فقلت ألخي‪:‬‬
‫ُ‬
‫رجع‪.‬‬
‫ثم َ‬‫فانطلق فلقي ُه‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫عندك‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬ما‬
‫ُ‬
‫الرش‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رأيت رج ً‬ ‫َ‬
‫يأمر باخلري‪ ،‬وينهى ع ْن ّ ِّ‬
‫ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقال‪ :‬واهلل لقدْ‬
‫فقلت ل ُه‪ :‬مل تشفني م ْن ِ‬
‫اخلر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫أس�أل عن ُه‪،‬‬ ‫فجعلت ال أعرف� ُه‪ ،‬وأكر ُه ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫أقبلت إىل مكّ� َة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فأخ�ذت جراب� ًا وعص ًا‪َّ ،‬‬
‫ث�م‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وأكون يف‬ ‫وأرشب من ِ‬
‫ماء زمز َم‪،‬‬ ‫ُ ْ‬
‫غريب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الر َ‬
‫جل‬ ‫كأن ّ‬ ‫عيل َ‬
‫فقال‪َّ :‬‬ ‫فمر يب ٌّ‬
‫َّ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املنزل‪.‬‬ ‫فانطلق إىل‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فانطلقت معه ال يسألني عن ٍ‬
‫يشء‪ ،‬وال أخر ُه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫ٍ‬
‫بيشء‪.‬‬ ‫وليس أحدٌ خيرين عن ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ألسأل عن ُه‪َ ،‬‬ ‫املسجد‬ ‫غدوت إىل‬
‫ُ‬ ‫أصبحت‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫يعرف منزل ُه بعدُ )‪(1‬؟‬
‫ُ‬ ‫للر ِ‬
‫جل أن‬ ‫آن ّ‬ ‫عيل َ‬
‫فقال‪ :‬أما َ‬ ‫فمر يب ٌّ‬
‫َّ‬
‫قلت‪ :‬ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫انطلق معي‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فانطلقت معه ال يسألني عن ٍ‬
‫يشء‪ ،‬وال أخر ُه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬أن يعرف منزيل الذي هو كمنزله‪ .‬وهذا تل ّط ٌ‬


‫ف يف عرض االستضافة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ثم َ‬ ‫عيل عىل ِ‬ ‫ِ‬


‫ق�ال‪ :‬أال حتدّ ثني ما‬ ‫مثل َ‬
‫ذل�ك‪ ،‬فأقا َم مع ُه َّ‬ ‫كان ي�و ُم ال ّثال�ث‪ ،‬فع�ا َد ٌّ‬
‫حتّ�ى إذا َ‬
‫أقدمك ِ‬
‫هذه البلدةَ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أمرك‪ ،‬وما‬
‫َ‬
‫أخرتك‪.‬‬ ‫عيل‬
‫كتمت َّ‬
‫َ‬ ‫قلت ل ُه‪ْ :‬‬
‫إن‬ ‫ُ‬
‫فإين ُ‬
‫أفعل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫فرجع‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأرس�لت أخي ليك ّلم ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نبي‪،‬‬
‫يزعم أ ّن ُه ٌّ‬
‫ُ‬ ‫خرج ها هنا ٌ‬
‫رجل‬ ‫َ‬ ‫قل�ت ل� ُه‪ :‬بلغنا أ ّن ُه قدْ‬
‫ُ‬
‫فأردت ْ‬
‫أن ألقا ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ومل يشفني م َن ِ‬
‫اخلر‪،‬‬ ‫ْ‬
‫أصبحت فاتبعني حتّى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فإذا‬ ‫وهو‬
‫حق‪َ ،‬‬ ‫رشدت‪ ،‬فإ ّن ُه ٌّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‪ :‬أما إن َّك قدْ‬
‫ِ‬
‫وامض‬ ‫أصلح نعيل‪،‬‬ ‫كأين‬ ‫ِ‬
‫احلائط ّ‬ ‫قمت إىل‬ ‫َ‬
‫عليك ُ‬ ‫رأيت أحد ًا أخاف ُه‬ ‫فإين ْ‬
‫إن ُ‬ ‫تدخ�ل مدخيل‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫أنت‪.‬‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫ودخلت مع ُه عىل الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫ومضيت مع ُه‪ ،‬حتّى َ‬
‫دخل‬ ‫ُ‬ ‫فمىض‬
‫عيل اإلسال َم‪.‬‬
‫اعرض َّ‬
‫ْ‬ ‫فقلت ل ُه‪:‬‬
‫ُ‬
‫فأسلمت مكاين)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫فعرض ُه‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬
‫أظهرهم)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫بني‬
‫باحلق ألرصخ َّن هبا َ‬ ‫فقلت‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ُ‬
‫أن ال إل َه ّإال اهلل وأش�هدُ‬ ‫ٍ‬
‫قريش ّإين أش�هدُ ْ‬ ‫معرش‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫وقريش ِ‬
‫فيه‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫املس�جد‬ ‫فجا َء إىل‬
‫َ‬
‫حممد ًا عبد ُه ورسول ُه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أن ّ‬
‫الص ِ‬
‫ابئ)‪.(3‬‬ ‫فقالوا‪ :‬قوموا إىل هذا ّ‬
‫ألموت‪.‬‬
‫َ‬ ‫فرضبت‬
‫ُ‬ ‫فقاموا‪،‬‬

‫ّبي‪ ،‬فل ّا حت ّققها ْمل يرت ّدد يف اإلسالم‪.‬‬


‫كان يعرف عالمات الن ّ‬ ‫)‪ (1‬كأ ّن ُه َ‬
‫ليس عىل اإلجياب‪ْ ،‬بل عىل‬ ‫ِ‬ ‫فهم َّ‬ ‫)‪ (2‬واملراد أ ّن ُه يرفع صوته جهار ًا بني‬
‫ّبي ﷺ ل ُه بالكتان َ‬
‫أن أمر الن ّ‬ ‫امل�رشكني‪ ،‬وكأ ّن ُه َ‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ عىل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫قوة عىل َ‬ ‫عليه‪ ،‬فأعلمه َّ ِ‬
‫الشفقة ِ‬ ‫سبيل ّ‬
‫أقر ُه الن ّ‬
‫ذلك‪ ،‬وهلذا ّ‬ ‫أن به ّ‬ ‫ُ‬
‫أسلم صابي ًا؛ أل ّن ُه م ْن صبا يصبو إذا َ‬
‫انتقل م ْن يشء إىل يشء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يسم َ‬
‫ون م ْن‬ ‫)‪ (3‬وكانوا ّ‬
‫‪‬‬

‫غفار‪،‬‬
‫ال م ْن َ‬ ‫َ‬
‫تقتلون رج� ً‬ ‫ويلكم‬
‫ْ‬ ‫عليه�م َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ثم َ‬
‫أقبل‬ ‫عيل‪َّ ،‬‬
‫فأك�ب َّ‬
‫َّ‬ ‫اس‪،‬‬
‫فأدركن�ي الع ّب ُ‬
‫غفار‪.‬‬
‫كم عىل َ‬
‫وممر ْ‬
‫ومتجركم ّ‬
‫ْ‬
‫فأقلعوا عنّي‪.‬‬
‫ِ‬
‫باألمس‪.‬‬ ‫قلت‬ ‫فقلت َ‬
‫مثل ما ُ‬ ‫ُ‬ ‫رجعت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أصبحت الغدَ‬
‫ُ‬ ‫فلا ْ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫الص ِ‬
‫ابئ‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬قوموا إىل هذا ّ‬
‫ِ‬
‫باألمس)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫مقالته‬ ‫وقال َ‬
‫مثل‬ ‫عيل َ‬ ‫ِ‬ ‫فصنع يب َ‬
‫فأكب َّ‬
‫َّ‬ ‫اس‬
‫باألمس‪ ،‬وأدركني الع ّب ُ‬ ‫صنع‬
‫مثل ما َ‬ ‫َ‬

‫ٍ‬ ‫كنت وأن�ا يف اجلاهل ّي ِة أظ ُّن َّ‬


‫ضاللة‪،‬‬ ‫ّ�اس عىل‬
‫أن الن َ‬ ‫�لمي قال‪ُ :‬‬ ‫ع�ن عمرو ب ُن عبس� َة ّ‬
‫الس ُّ‬
‫َ‬
‫األوثان‪.‬‬ ‫َ‬
‫يعبدون‬ ‫وهم‬ ‫ٍ‬
‫وأهن ْم ليسوا عىل يشء‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫ر أخبار ًا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫برجل بم ّك َة خي ُ‬ ‫فسمعت‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مستخفي ًا‪ ،‬جرءاء ِ‬
‫عليه قوم ُه)‪،(2‬‬ ‫ُ‬ ‫فقدمت ِ‬
‫عليه‪ ،‬فإذا‬ ‫ُ‬ ‫فقعدت عىل راحلتي‪،‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫دخلت ِ‬
‫عليه بم ّك َة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فتل ّط ُ‬
‫فت حتّى‬
‫أنت؟‬
‫فقلت ل ُه‪ :‬ما َ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نبي؟‬
‫فقلت‪ :‬وما ٌّ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أرسلك؟‬ ‫فقلت‪ :‬وبأي ٍ‬
‫يشء‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت ل ُه‪ :‬فم ْن َ‬
‫معك عىل هذا؟‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3522‬ومسلم [‪.[2473‬‬


‫وهي اإلقدام والتّس ّلط‪.‬‬
‫)‪ (2‬م َن اجلرأة َ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وبالل‪ ،‬مم ّ ْن آم َن ِبه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بكر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ‪ :‬أبو ٍ‬ ‫ومع ُه‬
‫فقلت‪ّ :‬إين مت َ‬
‫ّبعك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫فذهبت إىل أهيل‪.‬‬
‫ُ‬
‫حني‬
‫ّاس َ‬ ‫ُ‬
‫وأسأل الن َ‬ ‫األخبار‪،‬‬
‫َ‬ ‫أختر‬
‫فجعلت ّ ُ‬‫ُ‬ ‫وكنت يف أهيل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ املدين َة‪،‬‬ ‫وقد َم‬
‫يثرب م ْن ِ‬
‫أهل املدين َة‪.‬‬ ‫أهل َ‬ ‫نفر م ْن ِ‬ ‫قد َم املدين َة‪ ،‬حتّى قد َم َّ‬
‫عيل ٌ‬
‫جل ا ّلذي قد َم املدين َة؟‬
‫الر ُ‬ ‫فقلت‪ :‬ما َ‬
‫فعل هذا ّ‬ ‫ُ‬
‫فلم يستطيعوا َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬النّاس ِ‬
‫رساع‪ ،‬وقدْ أرا َد قوم ُه قتل ُه‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫إليه‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل أتعرفني؟‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫فدخلت ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقدمت املدين َة‪،‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬بىل‪.‬‬
‫ُ‬
‫عن الص ِ‬
‫الة؟‬ ‫مك اهلل وأجهل ُه؟ أخرين ِ ّ‬
‫عا ع ّل َ‬
‫نبي اهلل أخرين ّ‬
‫فقلت‪ :‬يا َّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪.‬‬

‫الرمحة‪.‬‬
‫فهي أقرب إىل القبول وحصول ّ‬
‫أي‪ :‬حترضها املالئكة َ‬‫)‪ْ (1‬‬
‫ِ‬ ‫وليس ً‬
‫مائال إىل املغرب وال إىل املرشق‪ ،‬وهذه حالة االستواء‪.‬‬ ‫أي‪ :‬يقوم مقابله يف جهة ّ‬
‫الشال َ‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬

‫نبي اهللِ‪ ،‬فالوضو َء حدّ ثني عن ُه؟‬


‫فقلت يا َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬

‫)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬

‫العاص م�ن ِ‬ ‫حبي�ب ِ‬


‫فيه َ‬
‫قال‪ّ :‬مل�ا انرصفنا م َن‬ ‫ِ ْ‬ ‫ٍ‬
‫أوس َ‬
‫قال‪ :‬حدّ ثني عم�رو ب ُن‬ ‫ب�ن أيب‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫َ‬
‫ويسمعون منّي‪.‬‬ ‫َ‬
‫يرون مكاين‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش كانوا‬ ‫مجعت رجاالً م ْن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلندق‪،‬‬ ‫األحزاب ِ‬
‫عن‬ ‫ِ‬

‫علو ًا كبري ًا منك�ر ًا‪ّ ،‬‬


‫وإين قدْ‬ ‫األمور ّ‬
‫َ‬ ‫حمم ٍد يعل�و‬
‫أمر ّ‬ ‫َ‬
‫تعلم�ون واهلل ّإين ألرى َ‬ ‫هل�م‪:‬‬
‫فقل�ت ْ‬ ‫ُ‬
‫ترون ِ‬
‫فيه؟‬ ‫َ‬ ‫رأيت رأي ًا فا‬
‫ُ‬
‫رأيت؟‬
‫قالوا‪ :‬وما َ‬

‫حمم�دٌ عىل قومن�ا كنّا عندَ‬


‫ظهر ّ‬ ‫فنكون عن�د ُه‪ْ ،‬‬
‫ف�إن َ‬ ‫َ‬ ‫ّج�ايش‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫نلح�ق بالن‬
‫َ‬ ‫رأي�ت ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫حمم ٍد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أحب إلينا م ْن ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّجايش‪ ،‬فإنّا ْ‬
‫يدي ّ‬‫حتت ْ‬
‫نكون َ‬ ‫أن‬ ‫حتت يديه ُّ‬ ‫نكون َ‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫الن‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[832‬‬


‫‪‬‬

‫منهم ّإال ٌ‬
‫خري‪.‬‬ ‫عرف‪ ،‬فل ْن يأتينا ْ‬
‫َ‬ ‫ظهر قومنا‪ ،‬فنح ُن م ْن قدْ‬ ‫ْ‬
‫وإن َ‬
‫أي‪.‬‬
‫الر ُ‬ ‫فقالوا‪َّ :‬‬
‫إن هذا ّ‬
‫وكان أحب ما هيدى ِ‬
‫إليه م ْن أرضنا األد ُم)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫هلم‪ :‬فامجعوا ل ُه ما هندي ل ُه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫فقلت ْ‬
‫ُ‬
‫فجمعنا له أدم ًا كثري ًا‪ ،‬فخرجنا حتّى قدمنا ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫شأن‬ ‫رسول اهلل ﷺ قدْ بعثه ِ‬
‫إليه يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫مري؛‬ ‫فواهلل إنّا لعند ُه إ ْذ جا َء عمرو ب ُن أم ّي َة ّ‬
‫ُ‬ ‫الض ُّ‬
‫ِ‬
‫وأصحابه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‬
‫ِ‬
‫عنده‪.‬‬ ‫خرج م ْن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ثم َ‬‫فدخل عليه َّ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ّجايش‪ ،‬فس�ألت ُه‬
‫ِّ‬ ‫دخلت عىل الن‬
‫ُ‬ ‫ل�و قدْ‬
‫مري‪ْ ،‬‬
‫الض ُّ‬ ‫فقل�ت ألصح�ايب‪ :‬هذا عمرو ب� ُن أم ّي َة ّ‬ ‫ُ‬
‫قتلت‬
‫حني ُ‬‫أجزأت عنها َ‬
‫ُ‬ ‫قريش ّأين قدْ‬‫رأت ٌ‬ ‫ذلك ْ‬ ‫فعلت َ‬ ‫ُ‬ ‫فرضبت عنق ُه‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فأعطانيه‪،‬‬ ‫إ ّيا ُه‪،‬‬
‫حمم ٍد‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول ّ‬
‫أصنع‪.‬‬ ‫كنت‬
‫فسجدت ل ُه كا ُ‬ ‫ُ‬ ‫فدخلت ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫بالدك شيئ ًا؟‬ ‫أهديت يل م ْن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬مرحب ًا بصديقي‪،‬‬
‫لك أدم ًا كثري ًا‪.‬‬
‫أهديت َ‬
‫ُ‬ ‫نعم ّأهيا ُ‬
‫امللك‪ ،‬قد‬ ‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ثم قدّ مته ِ‬
‫إليه‪ ،‬فأعجب ُه‪ ،‬واشتها ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫عدو لنا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رجل ٍّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول‬ ‫وهو‬ ‫َ‬
‫عندك‪َ ،‬‬ ‫خرج م ْن‬
‫ال َ‬ ‫رأيت رج ً‬
‫ُ‬ ‫قلت ل ُه‪ّ :‬أهيا ُ‬
‫امللك ّإين قدْ‬ ‫ثم ُ‬ ‫َّ‬
‫أصاب م ْن أرشافنا وخيارنا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فأعطنيه ألقتل ُه؛ فإ ّن ُه قدْ‬
‫َ‬
‫األرض؛‬
‫ُ‬ ‫أن قدْ كر ُه؛ ِ‬
‫فلو انش� ّق ْت يل‬ ‫ظننت ْ‬‫ُ‬ ‫فرضب هبا أنف ُه رضب ًة‬
‫َ‬ ‫ثم مدَّ يد ُه‬ ‫فغضب‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫لدخلت فيها فرق ًا من ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫ظننت أن َّك تكر ُه هذا ما سألتك ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قلت‪ّ :‬أهيا ُ‬
‫امللك‪ ،‬واهلل ْلو‬ ‫ثم ُ‬ ‫َّ‬
‫ر ا ّلذي َ‬
‫كان يأيت موسى‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‪ :‬أتس�ألني ْ‬
‫ّاموس األك ُ‬
‫رجل يأتيه الن ُ‬ ‫رس�ول‬ ‫أعطيك‬ ‫أن‬
‫لتقتل ُه؟‬

‫)‪ (1‬اجللد املدبوغ‪.‬‬


‫‪‬‬

‫هو؟‬ ‫َ‬
‫أكذاك َ‬ ‫قلت‪ّ :‬أهيا ُ‬
‫امللك‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫وليظهرن عىل م ْن خالف ُه كا‬ ‫احلق‪،‬‬ ‫َ‬
‫وحيك يا عمرو أطعني واتّبع� ُه؛ فإ ّن ُه واهلل لعىل ِّ‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫ِ‬
‫وجنوده‪.‬‬ ‫َ‬
‫فرعون‬ ‫ظهر موسى عىل‬
‫َ‬
‫قلت‪ :‬فبايعني ل ُه عىل اإلسال ِم‪.‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫فبسط يد ُه وبايعت ُه عىل اإلسال ِم‪.‬‬ ‫نعم‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫وكتمت أصحايب إسالمي‪.‬‬ ‫كان ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫عا َ‬ ‫خرجت إىل أصحايب‪ ،‬وقدْ َ‬
‫ُ‬ ‫حال رأيي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫َّ‬
‫ألسلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‬ ‫خرجت عامد ًا‬‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وهو ٌ‬
‫مقبل م ْن م ّك َة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وذلك َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفتح َ‬ ‫قبيل‬ ‫الوليد‪،‬‬ ‫فلقيت خالدَ ب َن‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫سليان؟‬ ‫فقلت‪ :‬أي َن يا أبا‬
‫ُ‬
‫أسلم‪ ،‬فحتّى متى؟‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أذهب واهلل‬
‫ُ‬ ‫لنبي‪،‬‬
‫جل ٌّ‬‫الر َ‬ ‫املنسم)‪َّ ،(1‬‬
‫وإن ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬واهلل لقدْ استقا َم‬
‫ألسلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫جئت ّإال‬
‫قلت‪ :‬واهلل ما ُ‬
‫ُ‬
‫وبايع‪.‬‬ ‫فأسلم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الوليد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فقد َم خالدُ ب ُن‬ ‫فقدمنا عىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يد ُه إ َّيل‪.‬‬ ‫َ‬
‫فبسط‬ ‫دنوت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫تغفر يل ما تقدّ َم م ْن ذنبي‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫أبايعك عىل ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫(‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬
‫انرصفت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫فبايعت ُه‪َّ ،‬‬
‫مألت عيني م ْن‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬ف�ا‬ ‫كنت ألش�دَّ الن ِ‬
‫ّاس حيا ًء م ْن‬ ‫إن ُ‬ ‫عمرو‪ :‬فواهلل ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ق�ال ٌ‬
‫حلق باهلل ‪ D‬حيا ًء من ُه)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وال راجعت ُه با أريدُ حتّى َ‬

‫ّضح األمر ومل يعد فيه لبس وشك‪.‬‬


‫)‪ (1‬وهو الطريق‪ ،‬واملعنى‪ :‬لقد ات َ‬
‫)‪ (2‬واملراد أنه يذهب أثر املعايص التي قارفها حال كفره من كفر وعصيان‪ ،‬وما يرتتب عليها من حقوق اهلل‪ ،‬أما‬
‫حق اآلدمي فال يسقط إمجاعا‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد بتامه [‪ ،]17323‬وقال األلباين يف اإلرواء [‪« :]1280‬إسناده حسن أو قريب منه«‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ومحل عىل‬ ‫أعتق يف اجلاهلي ِة مائ� َة ٍ‬


‫رقبة‪َ ،‬‬ ‫حكيم ب َن ح�زا ٍم ‪َ I‬‬ ‫ع� ْن عروة ب�ن الزبري َّ‬
‫أن‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫مائة ٍ‬
‫بعري‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وأعتق مائ َة ٍ‬
‫رقبة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بعري‪،‬‬ ‫محل عىل ِ‬
‫مائة ٍ‬ ‫أسلم َ‬ ‫فلا‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫كنت أصنعها يف اجلاهل ّي ِة‬
‫أرأيت أشيا َء ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فسألت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كنت أحتن ُّث هبا يعني أت ّ‬
‫ر ُر هبا)‪(1‬؟‬ ‫ُ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫يثاب عليها»)‪.(3‬‬
‫أن حسنات الكافر إذا أسلم ُ‬ ‫«وهذا ّ‬
‫يدل عىل َّ‬

‫ق�ني إىل َّ‬


‫أن احلديث عىل ظاهره‪ ،‬وأ ّن ُه إذا‬ ‫«ذهب ابن ب ّط ٍ‬
‫ال وغريه م َن املح ّق َ‬ ‫َ‬
‫ومات عىل اإلسالم يثاب عىل ما فعل ُه م َن اخلري يف حال الكفر‪.‬‬
‫َ‬ ‫أسلم الكافر‬
‫َ‬
‫فمرادهم أ ّن ُه ال‬
‫ْ‬ ‫أس�لم مل ْ يعت�دّ هبا)‪:‬‬
‫َ‬ ‫ولو‬
‫يصح م ْن الكافر عبادة‪ْ ،‬‬
‫وأ ّم�ا قول الفقهاء‪( :‬ال ّ‬
‫ِ‬
‫لثواب اآلخرة)‪.(4‬‬ ‫تعرض‬ ‫ِ‬
‫وليس فيه ّ‬ ‫يعتدّ ل ُه هبا يف أحكام الدّ نيا‪َ ،‬‬
‫ﷺ‬

‫فق�د قدم وف�دُ ثقيف عىل رس�ول اهلل ﷺ باملدينة فيهم كنانة بن عبد ياليل وهو رأس�هم‬
‫الصلح والقضية‬ ‫ِ‬
‫الوف�د؛ يريدون‬ ‫برش‪ ،‬وهو أصغر‬ ‫عثان ب�ن أيب العاص بن ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫يومئ�ذ‪ ،‬وفيهم‬
‫َ‬
‫وأسلمت عا ّم ُة العرب‪.‬‬
‫ْ‬ ‫حني رأوا أن قد فتحت مك ُة‬

‫فمكث الوفد خيتلفون إىل رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وهو يدعوهم إىل اإلسالم‪.‬‬

‫كنت أحتن ُّث هبا يف اجلاهل ّي ِة‪،‬‬


‫أرأيت أمور ًا ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪،‬‬ ‫أي‬
‫ر هبا‪ .‬ويف رواية ملسلم أنه قال‪ْ :‬‬
‫وأطلب ال َّ‬
‫ُ‬ ‫أي‪ :‬أتعبد‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫م ْن صدقة‪ْ ،‬أو عتاقة‪ْ ،‬أو صلة رح ٍم‪ ،‬أفيها ٌ‬
‫أجر؟‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1436‬ومسلم [‪.[121‬‬
‫)‪ (3‬جامع العلوم واحلكم [‪.[13/14‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪ ]142/2‬باختصار‪.‬‬
‫‪‬‬

‫نرجع إىل أهلنا وقومنا؟‬


‫َ‬ ‫أنت مقاضينا حتّى‬
‫هل َ‬‫فقال ل ُه ابن عبد ياليل‪ْ :‬‬
‫َ‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬

‫ر أحدنا عىل‬
‫نغرتب ال بدّ لنا من� ُه‪ ،‬وال يص ُ‬
‫ُ‬ ‫الزنا؟ فإنّا ق�و ٌم‬
‫ق�ال اب�ن عبد يالي�ل‪ :‬أرأيت ّ‬
‫ِ‬
‫العزبة‪.‬‬

‫(ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫ﮑ ﮒ) [اإلرساء‪.[32 :‬‬

‫الربا؟‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أرأيت ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فإن أموالنا ك ّلها رب ًا‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪ّ :‬‬

‫(ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [البقرة‪.[278 :‬‬

‫عصري أعنابنا‪ ،‬ال بدّ لنا منها‪.‬‬


‫ُ‬ ‫فإهنا‬
‫اخلمر؟ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أفرأيت‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ثم ت�ال‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫ﭗ ﭘ‪[ )...‬املائدة‪ [90 :‬اآلي َة‪.‬‬

‫نرج�ع إىل قومنا‬


‫ُ‬ ‫وحيكم‬
‫ْ‬ ‫فق�ال ابن عبد يالي�ل‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫ببعض‪َ ،‬‬ ‫بعضه�م‬
‫ْ‬ ‫فارتف�ع الق�و ُم‪ ،‬وخ�ال‬
‫َ‬
‫الزنا أبد ًا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخلمر أبد ًا‪ ،‬وال ِ‬ ‫ثقيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عن ّ‬ ‫عن‬ ‫ٌ‬ ‫بتحري ِم هذه اخلصال ال ّثالث‪ ،‬واهلل ال تص ُ‬
‫ر‬
‫ِ‬
‫هؤالء ا ّلذي َن‬ ‫ر عنها‪ ،‬قدْ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫كان‬ ‫إن ير ْد اهلل هبا خري ًا تص ْ‬
‫جل ْ‬ ‫ُ‬
‫سفيان ب ُن عبد اهللِ‪ّ :‬أهيا ّ‬ ‫قال‬
‫األرض‬ ‫َ‬
‫أوطأ‬ ‫الر َ‬
‫جل قدْ‬ ‫ِ‬ ‫مع ُه عىل ِ‬
‫َ‬ ‫نخاف هذا ّ‬ ‫ُ‬ ‫مع أنّا‬
‫مثل هذا‪ ،‬فصروا وتركوا ما كانوا عليه‪َ .‬‬
‫فاش‪ ،‬واهلل ْلو قا َم عىل حصننا‬ ‫األرض‪ ،‬واإلسال ُم حولنا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ناحية م َن‬ ‫ٍ‬
‫حصن يف‬ ‫غلب ًة‪ ،‬ونح ُن يف‬
‫أخاف يوم ًا َ‬
‫مثل يو ِم م ّك َة!‬ ‫ُ‬ ‫شهر ًا ملتنا جوع ًا‪ ،‬وما أرى ّإال اإلسال َم‪ ،‬وأنا‬
‫‪‬‬

‫يأكل�ون من� ُه ش�يئ ًا حتّ�ى َ‬


‫ي�أكل من ُه‬ ‫َ‬ ‫إليه�م بال ّطع�ا ِم‪ ،‬ف�ال‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يرس�ل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حتّى أسلموا‪.‬‬

‫الر ّب َة ما ترى فيها؟‬


‫قالوا‪ :‬أرأيت ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫الر ّب ُة أنّا أوضعنا يف هدمها ْ‬


‫قتلت أهلنا‪.‬‬ ‫تعلم ّ‬
‫هيهات ْلو ُ‬
‫َ‬ ‫قالوا‪:‬‬

‫حجر ال يدري م ْن عبد ُه‬


‫ٌ‬ ‫الر ّب َة‬
‫إن ّ‬ ‫عم�ر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫اب ‪ :I‬وحيك يا ابن عبد ياليل‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫مم ّ ْن ال يعبد ُه‪.‬‬

‫عمر‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال ابن عبد ياليل‪ :‬إنّا مل ْ نأتك يا ُ‬
‫س�نني ال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ثالث‬ ‫الر ّب َة‬
‫يدع ّ‬ ‫لح ك ّلموا الن ّ‬
‫ّبي ﷺ ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫فل�ا َ‬
‫كمل ّ‬ ‫لح‪ّ ،‬‬
‫الص ُ‬ ‫َ‬
‫وكمل ّ‬ ‫فأس�لموا‪،‬‬
‫هيدمها‪.‬‬

‫فأبى‪.‬‬
‫ِ‬
‫سنتني‬ ‫قالوا‪:‬‬

‫فأبى‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬سن ًة‪.‬‬

‫فأبى‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬شهر ًا واحد ًا‪.‬‬

‫هلم وقت ًا‪.‬‬


‫أن يو ّق َت ْ‬
‫فأبى ْ‬
‫خيافون من س�فهائهم والن ِ‬
‫ّساء والص ِ‬
‫بيان‪ ،‬وكرهوا ْ‬ ‫الر ّب ِة ملا‬ ‫ِ‬
‫يروعوا‬
‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫يريدون برتك ّ‬ ‫وإنّا‬
‫قومهم هبدم َه‪.‬‬
‫ْ‬
‫يعفيهم م ْن هدمها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫فسألوا الن ّ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فكاتب�وه ع�ىل ذلك‪ ،‬واس�تأذنوه أن يس�بقوا رس�له إليهم‪ ،‬فلا ج�اءوا قومه�م تل ّقوهم‪،‬‬
‫فسألوهم‪ :‬ما وراءكم؟‬
‫ٍ‬
‫غليظ قد ظهر بالس�يف‪ ،‬حيكم با‬ ‫فأظه�روا احل�زن وأهنم إن�ا جاءوا من عند رجل ٍّ‬
‫ف�ظ‬
‫دوخ العرب‪ ،‬قد حرم الربا والزنا واخلمر‪ ،‬وأمر هبدم الربة‪.‬‬
‫يريد‪ ،‬وقد ّ‬
‫فنفرت ثقيف وقالوا‪ :‬ال نطيع هلذا أبد ًا‪.‬‬

‫قال‪ :‬فتأهبوا للقتال وأعدوا السالح‪ ،‬فمكثوا عىل ذلك يومني ‪-‬أو ثالثة‪.-‬‬

‫ثم ألقى اهلل يف قلوهبم الرعب‪ ،‬فرجعوا وأنابوا وقالوا‪ :‬ارجعوا إليه فشارطوه عىل ذلك‪،‬‬
‫وصاحلوه عليه‪.‬‬

‫قال�وا‪ :‬فإنا قد فعلنا ذل�ك‪ ،‬ووجدناه أتقى الناس‪ ،‬وأوفاهم‪ ،‬وأرمحهم‪ ،‬وأصدقهم‪ ،‬وقد‬
‫بورك لنا ولكم يف مسرينا إليه وفيا قاضيناه عليه‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬فلم كتمتمونا هذا ّأوالً؟‬

‫قالوا‪ :‬أردنا أن ينزع اهلل من قلوبكم نخوة الشيطان‪.‬‬

‫فأسلموا‪.‬‬

‫ومكثوا أياما ثم قدم عليهم رسل رسول اهلل ﷺ وقد أ ّمر عليهم خالد بن الوليد‪ ،‬وفيهم‬
‫املغرية بن شعبة‪.‬‬

‫وقد استكفت ثقيف كلها‪ ،‬الرجال والنساء والصبيان‪ ،‬حتى خرج العواتق من احلجال‪،‬‬
‫وال يرى عامة ثقيف أهنا مهدومة ويظنون أهنا ممتنعة‪.‬‬

‫فقام املغرية بن شعبة فأخذ الكرزين ‪-‬يعنى املعول‪ -‬وقال ألصحابه‪ :‬واهلل ألضحكنّكم‬
‫من ثقيف‪.‬‬

‫فرضب باملعول ثم سقط‪ ،‬يركض برجله‪.‬‬


‫‪‬‬

‫فارت�ج أهل الطائف بصيحة واحدة‪ ،‬وفرحوا وقالوا‪ :‬أبعد اهلل املغرية قتلته الربة! وقالوا‬
‫َّ‬
‫ألولئك‪ :‬من شاء منكم فليقرتب‪.‬‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ِ‬
‫أحي�اء‬ ‫حي م ْن‬ ‫ُ‬ ‫ثقي�ف‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬
‫تق�ول ما م ْن ّ‬ ‫العرب‬
‫ُ‬ ‫كانت‬ ‫معرش‬
‫َ‬ ‫فق�ام املغ�رية فق�ال‪ :‬يا‬
‫والعزى‪،‬‬ ‫وحيك�م وما ّ‬
‫الال ُت‬ ‫منكم‪،‬‬ ‫أمحق‬ ‫ِ‬
‫العرب ُ‬ ‫ِ‬
‫أحياء‬ ‫ح�ي م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أعق�ل م ْن ثقيف‪ ،‬وما م ْن ّ‬
‫ِ‬
‫احلجر‪ ،‬ال يدري م ْن عبد ُه وم ْن مل ْ يعبد ُه‪.‬‬ ‫حجر ُ‬
‫مثل هذا‬ ‫ٌ‬ ‫الر ّب ُة؟‬
‫وما ّ‬
‫ثم إنه رضب الباب فكره‪.‬‬
‫ثم عال سورها وعال الرجال معه‪ ،‬فا زالوا هيدموهنا حجر ًا حجر ًا حتى ّ‬
‫سووها باألرض‪.‬‬
‫هبم‪.‬‬
‫خيسف ْ‬
‫ُ‬ ‫األساس غضب ًا‬
‫ُ‬ ‫يغضب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ترون إذا انتهى إىل أساسها‪،‬‬ ‫وجعل سادهنا يقول‪:‬‬
‫أحفر أساسها‪.‬‬
‫فلا سمع ذلك املغرية قال خلالد‪ :‬دعني ُ‬
‫فحفروه حتى أخرجوا تراهبا ومجعوا ماءها وبناءها‪.‬‬
‫وهبتت عند ذلك ثقيف‪.‬‬
‫ْ‬
‫ث�م رجعوا إىل رس�ول اهلل ﷺ فقس�م أمواهلا من يومه‪ ،‬ومحدوا اهلل تع�اىل عىل إعزاز دينه‬
‫ونرصة رسوله)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬

‫فيس�امح برتك بعض حقوق اإلس�الم‪ ،‬فيقبل‬


‫ُ‬ ‫فقد كان ﷺ أحيانا يتأ ّل ُ‬
‫ف عىل اإلس�الم‪،‬‬
‫منهم اإلسالم‪ ،‬فإذا دخلوا فيه رغبوا يف اإلسالم‪ ،‬فقاموا بحقوقه وواجباته كلها)‪.(2‬‬
‫بايعت؟‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫ثقيف إ ْذ‬ ‫سألت جابر ًا عن ِ‬
‫شأن‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫وهب بن من ّبه َ‬ ‫ع ْن‬
‫ْ‬
‫ّبي ﷺ بعدَ‬
‫س�مع الن َّ‬
‫َ‬ ‫أن ال صدق� َة عليها وال جها َد‪ ،‬وأ ّن ُه‬
‫ّبي ﷺ ْ‬
‫اش�رتطت عىل الن ِّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ذلك ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬دالئل النبوة للبيهقي [‪ .]386/5‬السرية النبوية البن كثري [‪ ،]62/4‬زاد املعاد [‪.[521/ 3‬‬
‫)‪ (2‬فتح الباري البن رجب [‪.[12/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]3025‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[1888‬‬
‫‪‬‬

‫ثم يلز ُم برشائ ِع اإلسال ِم ك ّلها»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫قال اإلمام أمحد‪« :‬يصح اإلسالم عىل ّ ِ‬
‫الرشط الفاسد‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫لرجل‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫وع ْن أنس بن مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬أجدين كاره ًا‪.‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫يصيل ّإال‬
‫فأس�لم عىل أنّ� ُه ال ّ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫منهم أنّ� ُه أتى الن َّ‬
‫رجل ْ‬‫ٍ‬ ‫بن عاص ٍم ع� ْن‬ ‫ِ‬
‫ن�رص ِ‬ ‫وع� ْن‬
‫ِ‬
‫صالتني‪.‬‬
‫َ‬
‫فقبل َ‬
‫ذلك من ُه)‪.(3‬‬

‫الت�درج معهم‪ ،‬وتأليف‬


‫ّ‬ ‫فق�د قب�ل النبي ﷺ من ه�ؤالء ترك بعض الواجب�ات من باب‬
‫قلوهبم‪.‬‬
‫يثقل علي�ه يش ٌء منه‪ُ ،‬‬
‫فيقبل منه‬ ‫فرب�ا ال يفقه بعض الكفار الدين اإلس�المي حقيق ًة‪ ،‬أو ُ‬
‫ويؤمر بباقي الرشائع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وينصح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اإلسال ُم قبوال مبدئ ّي ًا ترغيب ًا له فيه‪ ،‬ثم يرشدُ ‪،‬‬

‫وذلك طمع ًا يف أنه إذا دخل يف اإلس�الم واستقر اإليان يف قلبه التزم بباقي الرشائع‪ ،‬كا‬
‫‪.‬‬ ‫قال النبي ﷺ عن وفد ثقيف‪:‬‬

‫وقد بوب جمد الدين ابن تيمية عىل هذا احلديث وغريه بقوله‪« :‬باب صحة اإلس�الم مع‬
‫الرشط الفاسد»)‪.(4‬‬

‫«هذه األحاديث فيها دليل عىل أنه جيوز مبايعة الكافر‪ ،‬وقبول اإلس�الم‬
‫منه‪ ،‬وإن رشط رشط ًا باطالً‪ ،‬وأنه يصح إسالم من كان كاره ًا»)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬جامع العلوم واحلكم [‪.[229/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه اإلمام أمحد [‪ ]11650‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[1454‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]19776‬وصححه األلباين يف الثمر املستطاب [‪.[3‬‬
‫)‪ (4‬املنتقى [‪.[4164/2‬‬
‫)‪ (5‬نيل األوطار [‪.[6/ 8‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫النقص الذي يرجى تكميله أوىل من أن يبقى عىل الكفر املحض‪.‬‬ ‫ومصلح ُة أن يسلم مع‬

‫يقبل م ْن ِّ‬
‫كل م ْن جاء ُه‬ ‫كان ُ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬ ‫بالرض ِ‬
‫ورة َّ‬ ‫«وم َن املعلو ِم ّ‬
‫أن الن َّ‬
‫بذلك‪ ،‬وجيعل ُه مسل ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ويعصم دم ُه‬
‫ُ‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هادتني ْ‬ ‫الش‬ ‫يريدُ الدّ َ‬
‫خول يف اإلسال ِم ّ‬

‫والزكاةَ‪.‬‬
‫الصال َة ّ‬ ‫يشرتط عىل م ْن جاء ُه يريدُ اإلسال َم ْ‬
‫أن يلتز َم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ومل ْ يك ْن ﷺ‬

‫روي أ ّن ُه َ‬
‫قبل م ْن قو ٍم اإلسال َم‪ ،‬واشرتطوا ْ‬
‫أن ال يزكّوا»)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫ْبل قدْ‬

‫تنبيه وما س�بق هو يف الكافر الذي يريد أن يس�لم‪ ،‬وأما لو جاءنا مسل ًا‪ ،‬وقال‪ :‬سأكتفي‬
‫بصالتني فقط هلذا احلديث‪ ،‬فال يقبل منه‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫ّبي ﷺ ألبايع ُه‪.‬‬


‫أتيت الن َّ‬ ‫عن اب َن اخلصاص ّي ِة َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫الصالةَ‪ْ ،‬‬
‫وأن‬ ‫أقيم ّ‬ ‫حممد ًا عبد ُه ورسول ُه‪ْ ،‬‬
‫وأن َ‬ ‫أن ال إل َه ّإال اهلل َّ‬
‫وأن ّ‬ ‫عيل‪ :‬ش�هاد َة ْ‬ ‫َ‬
‫فاش�رتط َّ‬
‫ِ‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬ ‫رمضان‪ْ ،‬‬
‫وأن أجاهدَ يف‬ ‫َ‬ ‫شهر‬ ‫حج َة اإلسال ِم‪ْ ،‬‬
‫وأن أصو َم َ‬ ‫أحج ّ‬ ‫الزكاةَ‪ْ ،‬‬
‫وأن َّ‬ ‫أؤ ّد َي ّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫والصدق ُة‪ّ ،‬‬
‫فإهن ْم زعموا أ ّن ُه م ْن‬ ‫رس�ول اهللِ‪ :‬أ ّما اثنتان فواهلل ما أطيقها‪ :‬اجله�ا ُد ّ‬ ‫فقلت يا‬
‫ُ‬
‫وكرهت‬
‫ْ‬ ‫جش�عت نفيس)‪،(2‬‬
‫ْ‬ ‫حرضت َ‬
‫تلك‬ ‫ُ‬ ‫فأخاف ْ‬
‫إن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بغضب م� ْن اهللِ‪،‬‬ ‫ب�ر؛ فق�دْ با َء‬ ‫ّ‬
‫وىل الدّ َ‬
‫املوت‪.‬‬
‫َ‬

‫ومحولتهم‪.‬‬ ‫رسل)‪ (3‬أهيل‪،‬‬ ‫والصدق ُة فو اهلل ما يل ّإال غنيم ٌة‪ ،‬وعرش ٍ‬


‫ذود ه َّن ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قال‪:‬‬ ‫حر َك يد ُه‪َّ ،‬‬
‫ث�م َ‬ ‫ثم ّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ي�د ُه‪َّ ،‬‬ ‫فقبض‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪َ :‬‬
‫‪.‬‬

‫َ‬
‫أبايعك‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ :‬أنا‬ ‫قلت يا‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬جامع العلوم واحلكم [‪.[228/1‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬فزعت‪ .‬النهاية [‪[274/1‬‬
‫هو ال ّلبن‪.‬‬
‫)‪ (3‬الرسل‪َ :‬‬
‫‪‬‬

‫فبايعت عليه َّن ك ّله َّن)‪.(1‬‬


‫ُ‬
‫رشائع اإلس�الم‪ ...‬فلم‬
‫َ‬ ‫ذكر له‬
‫ق�ال اب�ن األثري‪« :‬فأما حديث بش�ري بن اخلصاص ّية حني َ‬
‫حيتمل لبشري ما احتمل لثقيف‪ ،‬ويشبه أن يكون إنّا مل يسمح له؛ لعلمه أنه يقبل إذا قيل له‪.‬‬

‫وثقي�ف كان�ت ال تقبله يف احلال‪ ،‬وهو واحدٌ وهم مجاعة‪ ،‬ف�أرا َد أن يتأ ّلفهم‪ّ ،‬‬
‫ويدرجهم‬ ‫ٌ‬
‫عليه شيئ ًا فشيئ ًا»)‪.(2‬‬

‫منهم‪.‬‬
‫قتل ْ‬‫قتل اهلل تعاىل م ْن َ‬ ‫املرشكون إىل م ّك َة م ْن ٍ‬
‫بدر وقدْ َ‬ ‫َ‬ ‫ع ْن عرو َة َ‬
‫قال‪ّ :‬ملا َ‬
‫رجع‬
‫ِ‬
‫احلجر‪.‬‬ ‫صفوان بن أم ّي َة يف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وهب حتّى جا َء إىل‬ ‫عمري بن‬ ‫َ‬
‫أقبل‬
‫ُ‬
‫العيش بعدَ قتىل ٍ‬
‫بدر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫صفوان‪ :‬ق ّب َح اهلل‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫عيل ال أجدُ ل ُه قضا ًء‪ ،‬وعيايل‬
‫خري بعدُ ‪ ،‬ولوال دي ٌن َّ‬ ‫ِ‬
‫العيش ٌ‬ ‫أجل واهللِ‪ ،‬ما يف‬‫عم�ري‪ْ :‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫ف�إن يل عند ُه ع ّل ًة‪،‬‬
‫ملئت عيني من ُه؛ َّ‬
‫إن ْ‬ ‫حمم ٍد فلقتلت� ُه ْ‬
‫لدخلت عىل ّ‬
‫ُ‬ ‫هلم ش�يئ ًا‬
‫ورائ�ي ال أج�دُ ْ‬
‫األسري)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫قدمت عىل ابني هذا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أقول‬
‫وعيالك أسو ُة عيايل يف الن ِ‬
‫ّفقة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عيل َ‬
‫دينك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بقوله َ‬ ‫ُ‬
‫فقال‪َّ :‬‬ ‫صفوان‬ ‫ففرح‬
‫َ‬
‫وسم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فصقل َّ‬ ‫صفوان‪،‬‬ ‫بسيف‬ ‫وجهز ُه‬
‫صفوان ّ‬ ‫فحمل ُه‬
‫َ‬
‫لصفوان‪ :‬اكتمني ليا َيل‪.‬‬ ‫عمري‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫�يف‬
‫الس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عم�ري حتّ�ى ق�د َم املدين َة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وأخذ ّ‬ ‫وعق�ل راحلت� ُه‪،‬‬ ‫املس�جد‪،‬‬ ‫باب‬
‫فن�زل َ‬ ‫ٌ‬ ‫فأقب�ل‬
‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ثون عن ِ‬
‫وقعة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وهو يف ٍ‬ ‫عمر بن اخل ّط ِ‬ ‫ِ‬
‫ويشكرون‬ ‫بدر‪،‬‬ ‫األنصار يتحدّ َ ْ‬ ‫نفر م َن‬ ‫اب‪َ ،‬‬ ‫فنظر إليه ُ‬
‫َ‬
‫نعم َة اهلل‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه اإلمام أمحد [‪ ،]21445‬واحلاكم [‪ ،]2421‬وصححه ووافقه الذهبي‪.‬‬


‫)‪ (2‬النهاية يف غريب األثر[‪.[476 / 3‬‬
‫عمري يف أسارى بدر‪ٍ.‬‬
‫وهب ب ُن ٍ‬
‫ُ‬ ‫)‪َ (3‬‬
‫كان ابن ُه‬
‫‪‬‬

‫عدو اهللِ!‬
‫الكلب هذا ُّ‬
‫ُ‬ ‫عندكم‬
‫ُ‬ ‫فزع من ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫يف َ‬‫الس ُ‬ ‫ٍ‬
‫وهب مع ُه ّ‬ ‫عمري بن‬
‫َ‬ ‫عمر‬
‫فلا رأى ُ‬
‫ّ‬
‫دخل املس�جدَ مع ُه‬ ‫ٍ‬
‫وهب قدْ َ‬ ‫عمري بن‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫فق�ال‪ :‬هذا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فدخل عىل‬ ‫عمر‬
‫ُ‬ ‫فق�ا َم ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ال تأمن ُه‪.‬‬ ‫الغادر يا‬
‫ُ‬ ‫الفاجر‬
‫ُ‬ ‫فهو‬
‫الح‪َ ،‬‬
‫الس ُ‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عمري‬ ‫ثم حيرتسوا م ْن‬ ‫ِ‬ ‫وأمر أصحاب ُه ْ‬ ‫َ‬
‫أن يدخلوا عىل رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫وعمري‪َ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫عمر‬
‫فدخل ُ‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫إذا َ‬
‫دخل‬

‫عمر سيف ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عمر بن اخل ّط ِ‬ ‫َ‬


‫ومع َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫وهب‪ ،‬فدخال عىل‬ ‫وعمري بن‬
‫ُ‬ ‫اب‬ ‫فأقبل ُ‬
‫‪.‬‬ ‫لعمر‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫أهل اجلاهل ّي ِة‪.‬‬


‫وهي حت ّي ُة ِ‬
‫أنعم صباح ًا‪َ .‬‬
‫عمري‪ْ :‬‬
‫ٌ‬ ‫فلا دنا من ُه ح ّيا ُه‬
‫ّ‬
‫‪D‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حلديث‪.‬‬ ‫َ‬
‫عهدك هبا‬ ‫عمري‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ُ‬
‫واألهل‪.‬‬ ‫ّكم العشري ُة‬
‫عندكم‪ ،‬فقاربوين يف أسريي؛ فإن ُ‬
‫ْ‬ ‫قدمت يف أسريي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫فهل أغنت عنّا من ٍ‬
‫يشء‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫سيوف‪ْ ،‬‬ ‫عمري‪ :‬ق ّبحها اهلل م ْن‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫قدمت إال يف أسريي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ما‬

‫عمري‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ففزع‬
‫‪َ .‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫اشرتطت ل ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال‪ :‬ماذا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫نكذ ُب‬ ‫َ‬


‫رس�ول اهلل ّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل وأش�هدُ أ ّن ُه ال إل� َه إال اهلل‪ ،‬كنّا يا‬ ‫ّك‬‫عمري‪ :‬أش�هدُ أن َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫احلديث ا ّلذي َ‬ ‫َ‬ ‫اء‪َّ ،‬‬ ‫يأتيك من الس ِ‬ ‫ِ‬
‫احلجر كا‬ ‫صفوان يف‬ ‫وبني‬
‫كان بيني َ‬ ‫وإن هذا‬ ‫َ َ ّ‬ ‫بالوحي‪ ،‬وبا‬
‫ِ‬ ‫أخرك اهلل ِبه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ورسوله‪،‬‬ ‫فآمنت باهلل‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫لع عليه أحدٌ غريي وغري ُه‪َّ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬مل ْ ي ّط ْ‬ ‫قال‬
‫واحلمدُ هللِ ا ّلذي ساقني هذا املقا َم‪.‬‬

‫حني هدا ُه اهلل‪.‬‬ ‫َ‬


‫املسلمون َ‬ ‫ففرح‬
‫َ‬
‫وهلو‬
‫لع‪َ ،‬‬‫حني ا ّط َ‬
‫أح�ب إ َّيل من ُه َ‬
‫َّ‬ ‫خلنزير َ‬
‫كان‬ ‫ٌ‬ ‫ريض اهلل تعاىل عن ُه‪:‬‬
‫اب َ‬ ‫عمر ب�ن اخل ّط ِ‬
‫وق�ال ُ‬ ‫َ‬
‫بني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض َّ‬ ‫أحب إ َّيل م ْن‬
‫اليو َم ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫وأطلق ل ُه أسري ُه‪.‬‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫إطفاء ِ‬
‫نور اهلل‪ ،‬فاحلمدُ هلل ا ّلذي‬ ‫اس�تطعت عىل‬ ‫كنت جاهد ًا ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫رس�ول اهللِ‪ ،‬قدْ ُ‬ ‫وقال‪ :‬يا‬
‫هيدهيم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فأدعوهم إىل اإلس�ال ِم َّ‬
‫لع�ل اهلل‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫بقري�ش‪،‬‬ ‫فأحلق‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فلت�أذن يل‪،‬‬ ‫َ‬
‫املس�اق؛‬ ‫س�اقني ه�ذا‬
‫ِ‬
‫اهللكة‪.‬‬ ‫ويستنقذهم م َن‬
‫ْ‬
‫وحلق بم ّك َة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫فأذن ل ُه‬
‫وجعل ُ‬
‫يسأل‬ ‫َ‬ ‫ينسيكم وقع َة ٍ‬
‫بدر‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫جمالسهم‪ :‬أبرشوا ٍ‬
‫بفتح‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫لقريش يف‬ ‫صفوان ُ‬
‫يقول‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وجعل‬
‫ٍ‬
‫وهب‪.‬‬ ‫عمري بن‬ ‫وكان يرجو ما َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫حدث؟‬ ‫هل َ‬
‫كان هبا م ْن‬ ‫ِ‬
‫املدينة ْ‬ ‫ٍ‬
‫راكب قد َم م َن‬ ‫َّ‬
‫كل‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫املرشكون‪،‬‬ ‫أسلم‪ ،‬فلقي ُه‬ ‫صفوان عن ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬قدْ‬ ‫ُ‬ ‫فسأل‬ ‫ِ‬
‫املدينة َ‬ ‫رجل م ْن ِ‬
‫أهل‬ ‫حتّى قدم ِ‬
‫عليه ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقالوا‪ :‬قدْ َ‬
‫صبأ‪.‬‬

‫رأس كلم� ًة أبد ًا‪ ،‬وقد َم‬ ‫ٍ‬


‫بنفق�ة أبد ًا‪ ،‬وال أك ّلم� ُه م ْن ٍ‬ ‫ع�يل ْ‬
‫أن ال أنفع ُه‬ ‫صف�وان‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫إن َّ‬ ‫وق�ال‬
‫كثري)‪.(1‬‬
‫برش ٌ‬ ‫فأسلم ٌ‬
‫َ‬ ‫هلم‪،‬‬
‫ونصح ْ‬
‫َ‬ ‫ودعاهم إىل اإلسال ِم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫عمري‬
‫ٌ‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬
‫ً‬
‫مرس�ال‬ ‫)‪ (1‬رواه الط�راين يف الكب�ري [‪ ،]13586‬والبيهق�ي يف الدالئ�ل [‪ ،]1009‬وق�ال اهليثمي‪« :‬روا ُه ال ّط ُّ‬
‫راين‬
‫وإسناد ُه ج ّيدٌ »‪ .‬جممع الزوائد [‪.[286/8‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ ونح ُن ش�بب ٌة‪ ،‬فلبثنا عند ُه نحو ًا‬ ‫ِ‬


‫احلويرث ‪َ I‬‬ ‫عن ِ‬
‫مالك ِ‬
‫قال‪ :‬قدمنا عىل الن ِّ‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫ّبي ﷺ رحي ًا رفيق ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬ ‫م ْن عرشي َن ليل ًة‪،‬‬

‫فظ َّن أنّا اشتقنا أهلنا‪.‬‬

‫عم ْن تركنا يف أهلنا فأخرنا ُه‪.‬‬


‫فلا رأى شوقنا إىل أهالينا‪ ،‬وسألنا ّ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫نسوة يف اجلاهل ّي ِة‪ ،‬فأسلم َن‬


‫ٍ‬ ‫عرش‬
‫أس�لم‪ ،‬وحتت ُه ُ‬
‫َ‬ ‫غيالن ب َن س�لم َة ال ّث َّ‬
‫قفي‬ ‫َ‬ ‫عمر َّ‬
‫أن‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ابن َ‬
‫مع ُه‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫بني ِ‬
‫بنيه‪.‬‬ ‫وقسم مال ُه َ‬ ‫عمر ط ّل َق نساء ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فلا َ‬
‫َ‬ ‫كان يف عهد َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫بموتك‪ ،‬فقذف ُه يف‬ ‫سمع‬
‫َ‬ ‫السم ِع‬ ‫ُ‬
‫يسرتق م َن ّ‬ ‫الش َ‬
‫يطان فيا‬ ‫عمر َ‬
‫فقال‪ّ :‬إين ألظ ُّن ّ‬ ‫ذلك َ‬ ‫َ‬
‫فبلغ َ‬
‫تكث ّإال قليالً‪.‬‬
‫َ‬ ‫نفسك‪ ،‬ولع ّل َك ْ‬
‫أن ال‬ ‫َ‬

‫فريجم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بقرك‬ ‫َّ‬
‫وآلمرن‬ ‫ألورثه َّن َ‬
‫منك‪،‬‬ ‫مالك‪ْ ،‬أو ّ‬ ‫َ‬
‫نساءك‪ ،‬ولرتجع َّن يف َ‬ ‫وايم اهلل لرتاجع َّن‬
‫ُ‬
‫ر أيب رغال)‪.(2‬‬‫رجم ق ُ‬
‫كا َ‬
‫رغال «هو أبو ٍ‬
‫خرج من ُه أصابت ُه‬
‫فلا َ‬
‫يدفع عن ُه‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫وكان هبذا احلر ِم ُ‬ ‫َ‬
‫وكان م ْن ثمو َد‬ ‫ثقيف‬ ‫ٍ َ‬ ‫أبو‬
‫املكان فدفن ِ‬
‫فيه»)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫أصابت قوم ُه هبذا‬
‫ْ‬ ‫النّقم ُة ا ّلتي‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]631‬ومسلم [‪.[674‬‬


‫وصححه األلب�اين يف اإلرواء‬
‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتم�ذي [‪ ،]1128‬واب�ن ماج�ة [‪ ،]1953‬وأمح�د [‪ ،]4617‬واللف�ظ له‪،‬‬
‫]‪.[1883‬‬
‫)‪ (3‬حتفة األحوذي [‪.[234/4‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫أختان‪.‬‬ ‫أسلمت وحتتي‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫قلت يا‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫فريوز عن ِ‬
‫أبيه َ‬ ‫بن‬ ‫الضح ِ‬
‫اك ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫وع ْن ّ ّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ِ‬
‫الفتح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفتح‪ْ ،‬أو ي�و َم‬ ‫يت ب�أيب قحاف َة ْأو جا َء ع�ا َم‬ ‫جاب�ر بن عب�د اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬أ َ‬ ‫ِ‬ ‫فع� ْن‬
‫ِ‬
‫نسائه َ‬ ‫فأمر ِبه إىل‬ ‫ِ )‪(2‬‬ ‫ورأس ُه وحليت ُه ُ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫مثل ال ّثغا ِم ْأو ال ّثغامة ‪َ ،‬‬
‫فأمر ْأو َ‬

‫أعتكف ليل ًة‬


‫َ‬ ‫ن�ذرت يف اجلاهل ّي ِة ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ّ ،‬إين‬ ‫عمر ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫أن َ‬‫عمر َّ‬‫ابن َ‬‫ع�ن ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫املسجد احلرا ِم‪.‬‬ ‫يف‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كل أحد حتّى َ‬
‫قبل اإلسال ِم»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫للقربة م ْن ّ‬ ‫«ويف احلديث لزوم النّذر‬

‫َ‬
‫خيلك أخذتني وأنا أريدُ العمر َة فاذا ترى؟)‪.‬‬ ‫(إن‬ ‫وملا أسلم ثام ُة ب ُن ٍ‬
‫أثال قال للنبي ﷺ‪َّ :‬‬

‫يعتمر‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪ ،(6‬وأمر ُه ْ‬ ‫فبرش ُه‬
‫ّ‬

‫صبوت؟‬
‫َ‬ ‫قال ل ُه ٌ‬
‫قائل‪:‬‬ ‫فلا قد َم م ّك َة‪َ ،‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(7‬‬ ‫حمم ٍد‬
‫مع ّ‬‫أسلمت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬ولك ْن‬

‫)‪ (1‬رواه أب�و داود [‪ ،]2243‬والرتم�ذي [‪ ،]1129‬واب�ن ماجة [‪ ،]1951‬وحس�نه األلباين يف التعليقات احلس�ان‬
‫]‪.[4143‬‬
‫الشيب‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫أبيض الزّ هر وال ّث ِ‬
‫تبيض كأهنّا ال ّث ُ‬
‫لج‪ .‬النهاية [‪[214/1‬‬ ‫هي شجر ٌة ُّ‬
‫وقيل َ‬ ‫مر يش ّبه به ّ‬ ‫هو نبت ُ‬
‫)‪َ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2102‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2035‬ومسلم [‪.[1656‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[582/11‬‬
‫وأن اإلس�الم هيدم ما َ‬
‫كان‬ ‫الس�ابقة َّ‬ ‫ِ‬
‫بمحو ذنوبه وتبعاته ّ‬ ‫َ‬
‫حصل ل ُه م ْن اخلري العظيم باإلس�المِ‪ْ ،‬أو‬ ‫برش ُه با‬
‫أي‪ّ :‬‬
‫)‪ْ (6‬‬
‫قبله‪.‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]4372‬ومسلم [‪ ]1764‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫يس�تمر يف‬ ‫رشع ل ُه ْ‬


‫أن‬ ‫ق�ال احلاف�ظ ‪ِ :V‬‬
‫«فيه‪َّ :‬‬
‫ّ‬ ‫أس�لم َ‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫أن الكافر إذا أرا َد عمل خري‪َّ ،‬‬
‫عمل َ‬
‫ذلك اخلري»)‪.(1‬‬
‫ألن العمرة مس�تح ّبة يف ّ‬
‫كل وقت ال س� ّيا م ْن هذا‬ ‫ِ‬
‫بالعمرة عىل االس�تحباب؛ َّ‬ ‫وأمر ُه إ ّياه‬
‫وأغاظهم‬
‫ْ‬ ‫وأظهر إسالمه‬
‫َ‬ ‫فطاف وس�عى‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ألهل مكّة‬ ‫أس�لم‪ ،‬وجا َء مراغ ًا‬
‫َ‬ ‫الرشيف املطاع إذا‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫بذلك)‪.(2‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫رأيت‬
‫فلا ُ‬ ‫ِ‬ ‫وكان قبط ّي ًا َ‬
‫قال‪ :‬بعثتني ٌ‬ ‫َ‬ ‫عن أيب راف ٍع ‪-‬‬
‫قريش إىل رسول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬
‫ألقي يف قلبي اإلسال ُم‪.‬‬
‫َ‬
‫إليهم أبد ًا!‬
‫ْ‬ ‫أرجع‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ّ ،‬إين واهلل ال‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫)‪(4‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬

‫فأسلمت)‪.(5‬‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ؛‬
‫أتيت الن َّ‬
‫ثم ُ‬ ‫فذهبت‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫مع املسلم)‪.(6‬‬
‫مع الكافر كا يراعى َ‬ ‫َّ‬
‫أن العهد يراعى َ‬
‫يتعر ُض‬
‫الرس�ل ال ّ‬
‫«واملراد بالعهد هنا العادة اجلارية املتعارفة بني الناس‪ ،‬أن ّ‬
‫الرس�ل مصلح ًة ك ّل ّي ًة‪ ،‬فلو حبس�وا أو ّ‬
‫تعر َض هلم بمكروه؛ كان سبب ًا‬ ‫هلم بمكروه؛ ألن يف تر ّدد ّ‬
‫لب»)‪.(7‬‬
‫السبل بني الفئتني املختلفتني‪ ،‬وفيه من الفتنة والفساد ما ال خيفى عىل ذي ٍّ‬
‫النقطاع ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[88/8‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[89/12‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬ال أنقض العهد‪.‬‬
‫)‪ (4‬مجع بريد وهو الرسول‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]2758‬وصححه يف السلسلة الصحيحة [‪.[702‬‬
‫)‪ (6‬عون املعبود[‪.[203/6‬‬
‫)‪ (7‬فيض القدير[‪.[25/3‬‬
‫‪‬‬

‫اختار دينه‪ ،‬ويمنع ُه‬


‫َ‬ ‫الرس�ول عن�ده إذا‬ ‫«وكان هديه أيض ًا‪ْ :‬‬
‫أن ال حيبس ّ‬ ‫َ‬
‫إليهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بقومه‪ْ ،‬بل ير ّد ُه‬ ‫ال ّلحاق‬
‫ْ‬
‫منهم‬
‫إليهم م ْن جا َء ْ‬
‫ْ‬ ‫هلم رسول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن ير ّد‬ ‫َ‬
‫رشط ْ‬ ‫وكان هذا يف املدّ ة ا ّلتي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال أبو داو َد‪:‬‬
‫كان مسل ًا‪ ،‬وأ ّما اليوم فال يصلح هذا»)‪.(1‬‬ ‫وإن َ‬‫ْ‬

‫)‪ (1‬زا َد املعاد [‪.[126/3‬‬


‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع امل�شتفتني‬

‫ُ‬
‫وحتفظ حدو ُد اهلل‪.‬‬ ‫حترس امل ّل ُة‪،‬‬
‫أمر الدين‪ ،‬وهبا ُ‬ ‫عظيم؛ ألنه هبا ُ‬
‫حيفظ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫شك أن شأن الفتوى‬
‫ينكر فضل ُه‪ ،‬وال ُ‬ ‫ِ‬ ‫منصب التّوقي ِع ِ‬
‫وهو‬
‫جيهل قدر ُه‪َ ،‬‬ ‫باملحل ا ّلذي ال ُ‬
‫ِّ‬ ‫امللوك‬ ‫عن‬ ‫ُ‬ ‫«وإذا َ‬
‫كان‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املراتب السني ِ‬
‫موات؟!‬ ‫والس‬
‫األرض ّ‬ ‫بمنصب التّوقي ِع ع ْن ِّ‬
‫رب‬ ‫ات‪ ،‬فكيف‬ ‫ِ ّ ّ‬ ‫م ْن أعىل‬

‫قدر‬
‫يعلم َ‬ ‫�ب ل ُه أهبت ُه‪ْ ،‬‬
‫وأن َ‬ ‫يتأه َ‬ ‫أن يعدَّ ل ُه عدّ ت ُه‪ْ ،‬‬
‫وأن ّ‬ ‫ِ‬
‫املنصب ْ‬ ‫أقيم يف هذا‬
‫فحقي�ق بم� ْن َ‬
‫ٌ‬
‫املقا ِم ا ّلذي أقيم ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ني‪،‬‬
‫وخات�م النّب ّي َ‬ ‫ّقني‪،‬‬
‫املرس�لني‪ ،‬وإم�ا ُم املت َ‬
‫َ‬ ‫الرش ِ‬
‫يف س� ّيدُ‬ ‫ِ‬
‫املنصب ّ‬ ‫وأو ُل م� ْن ق�ا َم هبذا‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫بوحيه‬ ‫ف�كان يفتي ِ‬
‫عن اهلل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫عباده؛‬ ‫وبني‬ ‫ِ‬
‫وحيه‪ ،‬وس�فري ُه بين ُه َ‬ ‫عبدُ اهلل ورس�ول ُه‪ ،‬وأمين ُه عىل‬
‫ِ‬
‫املبني»)‪.(1‬‬

‫ويبرص طالب العلم بمواق�ع الفتيا واألحكام‪ :‬معرفة‬


‫وإن مم�ا يع�ني عىل الفقه يف الدين‪ُ ّ ،‬‬
‫هدي النبي ﷺ مع السائل واملستفتي‪.‬‬

‫نب�ي اهلل ﷺ يس�تفتى فيها؛ ألن�ه كان امل�ال َذ لأل ّمة عند‬ ‫الوقائ�ع التي َ‬
‫كان ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ولق�د كث�رت‬
‫ِ‬
‫النائبات‪.‬‬ ‫امللا ِ‬
‫ت‪ ،‬واحلص َن هلا عند‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫إش�ارات كث�ري ًة ألس�ئلة الصحاب�ة واس�تفتاءاهتم للنب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ولذل�ك نج�دُ يف الق�رآن‬
‫(ﯵ ﯶ ﯷ) [البق�رة‪( ،[215 :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البق�رة‪،[217 :‬‬
‫(ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) [البق�رة‪( ،[219 :‬ﭕ ﭖ ﭗ) [البق�رة‪،[220 :‬‬
‫(ﮠ ﮡ ﮢ) [البق�رة‪( ،[222 :‬ﮱ ﯓ ﯔ) [النس�اء‪،[127 :‬‬

‫)‪ (1‬إعالم املوقعني [‪.[19/1‬‬


‫‪‬‬

‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [النساء‪( ،[176 :‬ﭑ ﭒ ﭓ) [األنفال‪،[1 :‬‬


‫(ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [الكهف‪( ،[83 :‬ﯯ ﯰ ﯱ) [األعراف‪.[187 :‬‬

‫النبي ﷺ مع املس�تفتني‪ ،‬وما ه�ي طريقته ومنهج�ه يف التعامل مع‬ ‫ُ‬


‫يتعام�ل ُّ‬ ‫فكي�ف كان‬
‫املستفتني والسائلني عىل اختالف أحواهلم والوقائع التي سألوا عنها‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫أفضل؟‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫أي‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ُّ :‬‬ ‫سألت‬
‫ُ‬ ‫مسعود ‪ I‬قال‪:‬‬ ‫عن ابن‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أي؟‬
‫ثم ٌّ‬
‫قلت‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أي؟‬
‫ثم ٌّ‬
‫قلت‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫أفضل؟‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫أي‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫سئل ُّ‬ ‫َ‬ ‫وع ْن أيب هرير َة َّ‬
‫أن‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ثم ماذا‪.‬‬ ‫َ‬
‫قيل‪َّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثم ماذا‪.‬‬ ‫َ‬
‫قيل‪َّ :‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫أفضل؟‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫أي‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُّ‬ ‫وع ْن أيب أمام َة أ ّن ُه َ‬
‫سأل‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2787‬ومسلم[‪.[85‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]26‬ومسلم [‪.[83‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ،]2220‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫أحب إىل اهللِ؟‬ ‫ِ‬


‫العمل ُّ‬ ‫أي‬ ‫وملا َ‬
‫سئل‪ُّ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫أفضل‪َ ،‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أي اإلسال ِم‬
‫وكذلك ملا سئل‪ُّ :‬‬

‫أي اإلسال ِم ٌ‬
‫خري؟‬ ‫وسئل‪ُّ :‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫املسئول عنه يش ٌء واحدٌ ‪.‬‬ ‫فيالحظ يف هذه األحاديث اختالف األجوبة مع أن‬
‫اختلفت ِ‬
‫فيه‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫احلديث وغريه ممّ�ا‬ ‫أجاب ِبه العل�ا ُء ع ْن هذا‬ ‫«وحمص ُ�ل ما‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أعلم َّ‬
‫كل‬ ‫ائلني‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األعال‪َّ ،‬‬
‫بأن َ‬ ‫الس َ‬ ‫اختلف؛ الختالف أحوال ّ‬ ‫َ‬ ‫اجلواب‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫األجوبة بأ ّن ُه أفضل‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ٍ‬
‫هبم‪.‬‬
‫الئق ْ‬‫هو ٌ‬ ‫هلم فيه رغبة‪ْ ،‬أو با َ‬
‫حيتاجون إليه‪ْ ،‬أو با ْ‬ ‫قوم با‬
‫َ‬
‫أفضل من ُه يف‬ ‫ِ‬
‫الوق�ت‬ ‫ذلك‬ ‫ُ‬
‫العمل يف َ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫ب�أن‬ ‫ِ‬
‫األوقات ْ‬ ‫ِ‬
‫باخت�الف‬ ‫ْأو َ‬
‫كان االخت�الف‬
‫ّن‬ ‫ِ‬
‫األعال؛ أل ّن ُه الوسيل ُة إىل القيا ِم هبا والتّمك ِ‬ ‫ِ‬
‫ابتداء اإلسال ِم أفضل‬ ‫ِ‬
‫غريه‪ ،‬فقدْ َ‬
‫كان اجلهاد يف‬
‫م ْن أدائها‪.‬‬
‫ذل�ك ففي ِ‬
‫وقت‬ ‫ومع َ‬ ‫ِ‬ ‫تضاف�رت النّصوص ع�ىل َّ‬
‫الصدق�ة‪َ ،‬‬
‫الص�ال َة أفضل م ْن ّ‬
‫أن ّ‬ ‫ْ‬ ‫وق�دْ‬
‫َ‬
‫أفضل‪.(4)»...‬‬ ‫الصدق ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫تكون ّ‬ ‫املضطر‬
‫ِّ‬ ‫مواساة‬

‫أفض�ل؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلهاد‬ ‫أي‬ ‫فع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫اخلثعمي قي�ل لرس�ول اهلل ﷺ‪ُّ :‬‬
‫ِّ‬ ‫حبيش‬
‫ٍّ‬ ‫ب�ن‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪ ]782‬عن عائشة ‪.J‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]11‬ومسلم [‪ ]42‬عن أيب موسى األشعري ‪.I‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]28‬ومسلم [‪ ]39‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪.L‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[9/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]1449‬والنسائي [‪ ]2479‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫العم�ل أفال نجاهدُ ؟‬ ‫َ‬
‫أفضل‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ ،‬نرى اجلها َد‬ ‫وع�ن عائش� َة ‪ّ J‬أهنا ْ‬
‫قالت‪ :‬يا‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬


‫ِ‬
‫اجلهاد‬ ‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ال َ‬ ‫ٍ‬
‫ش�هاب َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫ِ‬
‫طارق ِ‬
‫الغرز‪ُّ :‬‬ ‫وضع رجل ُه يف‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ وقدْ‬
‫س�أل الن َّ‬ ‫بن‬ ‫وع ْن‬
‫)‪.(3‬‬ ‫أفضل؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬
‫بعمل يدخلني اجلنّ َة‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ :‬أخرين‬ ‫ال َ‬
‫قال للن ِّ‬ ‫وب ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫فع ْن أيب أ ّي َ‬
‫َ‬
‫فقال القو ُم‪ :‬ما ل ُه ما ل ُه؟‬
‫)‪(4‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫)‪.(5‬‬

‫فأصبح�ت يوم ًا قريب ًا من ُه‬ ‫ٍ‬


‫س�فر‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫جبل ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫مع�اذ ِ‬
‫ُ‬ ‫مع الن ِّ‬
‫كنت َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫وع� ْن‬
‫بعمل يدخلني اجلنّ َة‪ ،‬ويباعدين ع ْن الن ِّار‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬أخرين‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫نسري‪،‬‬
‫ونح ُن ُ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫[أي‪ :‬وقاية]‬ ‫ثم َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ثم تال‪( :‬ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫َّ‬
‫بلغ‪( :‬ﮬ) [السجدة‪.[17-16 :‬‬
‫ﮗ) حتّى َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[1520‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن ماجة [‪ ،]2901‬وأمحد [‪ ،]24794‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[981‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ]4209‬وصححه األلباين يف صحيح النسائي [‪.[4209‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬حاج ٌة‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]1396‬ومسلم [‪.[13‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬بىل يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫نبي اهلل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬بىل يا َّ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بلسانه َ‬ ‫َ‬
‫فأخذ‬

‫ملؤاخذون با نتك ّل ُم ِبه؟‬


‫َ‬ ‫نبي اهللِ‪ ،‬وإنّا‬
‫فقلت‪ :‬يا َّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ُ‬
‫أفضل)‪(2‬؟‬ ‫ِ‬
‫األعال‬ ‫أي‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ُّ ،‬‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫ذر ‪َ I‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫وع ْن أيب ٍّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫أفضل؟‬ ‫الر ِ‬
‫قاب‬ ‫أي ّ‬
‫قلت‪ُّ :‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فإن مل ْ ْ‬
‫أفعل؟‬ ‫قلت‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫العمل؟‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ضعفت ع ْن‬
‫ُ‬ ‫أرأيت ْ‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2616‬وابن ماجة [‪ ،]3973‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5136‬‬
‫عمل العبدُ ِبه َ‬
‫دخل اجلنّ َة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬د ّلني عىل ٍ‬
‫عمل إذا َ‬ ‫)‪ (2‬ويف رواية ابن حبان [‪ُ :]374‬‬
‫أن يعمله ْ‬
‫ومل يكن يف يديه صنعة يكتسب هبا‪ .‬النهاية [‪[26/2‬‬ ‫جيب ْ‬ ‫ٍ‬
‫جاهل با ُ‬ ‫أي‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2518‬ومسلم [‪.[84‬‬
‫‪‬‬

‫يوجب َيل اجلنّ َة‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫بيشء‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل أخرين‬ ‫ٍ‬
‫رشيح ‪ I‬أنه قال‪ :‬يا‬ ‫وعن أيب‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل‪ ،‬د ّلني عىل ٍ‬
‫عمل يدخلني اجلنّ َة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫األسلمي ‪َ I‬‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫وع ْن أيب برز َة‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ّبي ﷺ‪ :‬أوصني‪.‬‬ ‫ال َ‬


‫قال للن ِّ‬ ‫فع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬

‫)‪.(3‬‬ ‫‪ ،‬فر ّد َد مرار ًا َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أسافر‪ ،‬فأوصني‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين أريدُ ْ‬ ‫ال َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫جل َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫الر ُ‬
‫وىل ّ‬ ‫فلا ْ‬
‫أن ّ‬ ‫ّ‬
‫حمتب يف ٍ‬
‫بردة ل ُه‪،‬‬ ‫وهو ٍ‬ ‫اهلجيمي ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫وع ْن س�لي ِم ِ‬
‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫انتهيت إىل الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫جابر‬
‫َ‬
‫رسول اهلل أوصني‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫قدميه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وإن هدهبا لعىل‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه ابن حبان [‪ ،]504‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[14/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري يف األدب املفرد [‪ ،]228‬وأمحد [‪ ،]16296‬والزيادة له‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح األدب‬
‫املفرد [‪.[168‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[6116‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]3445‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪.[1730‬‬
‫‪‬‬

‫سببت بعد ُه دا ّب ًة وال إنسان ًا)‪.(1‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فا‬

‫ﷺ‬
‫بشعب)‪ِ (2‬‬
‫فيه عيين ٌة م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫مر ٌ‬
‫رجل م ْن‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫ماء عذب ٌة‪ ،‬فأعجبت ُه لطيبها‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬
‫أستأذن‬ ‫أفعل حتّى‬ ‫الش ِ‬
‫عب‪ ،‬ول ْن َ‬ ‫فأقمت يف هذا ّ‬
‫ُ‬ ‫ّاس‪،‬‬
‫اعتزلت الن َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ْ :‬لو‬

‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫فذك�ر َ‬
‫ذلك‬ ‫َ‬

‫)‪.(4‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫الر ِ‬
‫جل قاعد ًا؟‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حصني ‪ I‬أ ّن ُه َ‬ ‫عمران ِ‬
‫َ‬
‫نبي اهلل ﷺ ع ْن صالة ّ‬
‫سأل َّ‬ ‫بن‬ ‫ع ْن‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬
‫َ‬
‫أفضل‬ ‫وذلك َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬ ‫ّطوع‪،‬‬
‫كثري م َن العلاء عىل الت ّ‬
‫محل ُه ٌ‬
‫مع القدرة عىل القيام)‪.(6‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جواز للقعود يف الفرائض َ‬
‫َ‬ ‫القعود‪ ،‬وال‬ ‫جواز‬
‫َ‬ ‫يقتيض‬

‫ّبي ﷺ يس�تأمر ُه‬ ‫أصاب أرض ًا بخي َ‬


‫ر‪ ،‬فأتى الن َّ‬ ‫َ‬ ‫اب‬ ‫عمر ب َن اخل ّط ِ‬
‫أن َ‬ ‫عمر ‪َّ L‬‬ ‫اب�ن َ‬‫ع�ن ِ‬
‫ِ‬
‫أنفس عندي من ُه‪ ،‬فا‬
‫ق�ط َ‬‫أصب ماالً ُّ‬
‫ْ‬ ‫ر مل ْ‬ ‫أصب�ت أرض ًا بخي َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ّ ،‬إين‬ ‫فيه�ا‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫تأمر ِبه؟‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه ابن حبان [‪ ،]511‬وقال األلباين يف التعليقات احلسان [‪« :]19/2‬صحيح لغريه»‪.‬‬
‫األخري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هو املعنى‬ ‫اهر َّ‬
‫أن املرا َد هنا َ‬ ‫ِ‬
‫اجلبلني‪ ،‬وال ّظ ُ‬ ‫انفرج َبني‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اجلبل‪ْ ،‬أو ما‬ ‫عب‪ :‬ال ّط ُ‬
‫ريق يف‬ ‫)‪ّ (2‬‬
‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫احللبتني م َن الوقت‪ .‬النهاية [‪.[479/3‬‬ ‫ِ‬ ‫هو ما َبني‬ ‫ُ‬
‫الفواق‪َ :‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ]1650‬وحسنه األلباين يف صحيح التغريب والرتهيب [‪.[1301‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪.[1115‬‬
‫)‪ (6‬حاشية السندي عىل سنن ابن ماجه [‪.[370/1‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫يورث‪ ،‬وتصدّ َق هبا يف‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫الفقراء‪ ،‬ويف‬ ‫يوهب‪ ،‬وال‬
‫ُ‬ ‫يباع‪ ،‬وال‬ ‫ق�ال‪ :‬فتصدّ َق هبا ُ‬
‫عمر أنّ� ُه ال ُ‬
‫جن�اح عىل م ْن وليها ْ‬
‫أن‬ ‫والض ِ‬
‫يف‪ .‬ال‬ ‫الس ِ‬
‫�بيل‪ّ ،‬‬ ‫س�بيل اهللِ‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫وابن ّ‬ ‫قاب‪ ،‬ويف‬ ‫القرب�ى‪ ،‬ويف ّ‬
‫متمو ٍل)‪.(1‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫غري ّ‬ ‫ويطعم َ‬
‫َ‬ ‫باملعروف‪،‬‬ ‫يأكل منها‬

‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة‪َ .‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن‬ ‫أن أعراب ّي ًا َ‬
‫سأل‬ ‫اخلدرى ‪َّ :I‬‬ ‫ٍ‬
‫سعيد‬ ‫ع ْن أبى‬
‫ِّ‬
‫‪.‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪.(3)«(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫باهلجرة ا ّلتي َ‬
‫مع الن ّ‬
‫يب مالزمة املدينة َ‬
‫س�أل عنها هذا األع�را ّ‬ ‫واملراد‬
‫وأن ينكص عىل‬ ‫ّبي ﷺ ّأال يقوى هلا‪ ،‬وال يقوم بحقوقها‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫فخاف عليه الن ّ‬
‫َ‬ ‫وترك أهله ووطنه‪،‬‬
‫ِ‬
‫باخلري يف وطنك‪،‬‬ ‫اعمل‬ ‫ِ‬
‫ولكن ْ‬ ‫إن ش�أن اهلجرة ا ّلتي س�ألت عنها لش�ديد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عقبيه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‪َّ :‬‬
‫فهو ينفعك‪ ،‬وال ينقصك اهلل من ُه شيئ ًا)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫وحيث ما كنت َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2737‬ومسلم [‪.[1633‬‬


‫تس�مي القرى‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حي�ث كنت‪ ،‬واملراد بالبح�ار هنا القرى‪ ،‬والعرب‬ ‫)‪ (2‬معن�ا ُه‪ :‬ل� ْن ينقصك م ْن ثواب أعالك ش�يئ ًا‪،‬‬
‫البحار‪ ،‬والقرية البحرية‪ .‬رشح النووي [‪.[9/13‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1452‬ومسلم [‪.[1865‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[9/13‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪ :‬خطبن�ا‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫رجل‪َّ :‬‬
‫أكل عا ٍم يا‬ ‫فقال ٌ‬
‫َ‬
‫فسكت حتّى قاهلا ثالث ًا‪.‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ث�م َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫األس�لوب احلكيم‪ :‬هو تل ّقي الس�ائل بغري ما يتط ّل ُ‬


‫ب بتنزيل سؤاله منزلة غريه تنبيه ًا عىل‬
‫األهم‪ ،‬واألوىل بالسؤال)‪.(2‬‬
‫ُّ‬ ‫أنه‬
‫يوج ُه الس�ائل واملس�تفتي إىل األنفع له يف دينه ودنياه‪ ،‬أو يرش�ده إىل الس�ؤال‬
‫فكان ﷺ ّ‬
‫جيب أن يسأل عنه‪.‬‬
‫األهم‪ ،‬والذي ُ‬
‫ِّ‬
‫ومن هذا الباب‪ :‬قول اهلل تعاىل‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ) [البقرة‪.[189 :‬‬
‫فس�ألوا عن س�بب ِ‬
‫كون اهلالل بدر ًا وهالالً يف أول الش�هر وآخره‪ ،‬و ّملا كان الس�ؤال ال‬
‫فائدة من�ه؛ أجاب اهلل تعاىل عن احلكمة منه�ا‪ ،‬فقال‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗﯘ) [البقرة‪.[189 :‬‬
‫ُ‬
‫يس�أل تنبيه� ًا إىل أن َّ‬
‫املهم أن يس�ألوا ع�ا ينفعهم يف صالح‬ ‫الس�ائل إىل ِ‬
‫غ�ري ما‬ ‫َ‬ ‫ف�رصف‬
‫�ت عليها آج�ال املعام�الت والعبادات‬
‫دنياه�م وأخراه�م‪ ،‬وه�و معرفة ك�ون األهلة ترت ّب ْ‬
‫كاحلج‪ ،‬والصيام‪ ،‬والعدّ ة‪ ،‬ولذلك رصفهم عن بيان مسئوهلم إىل بيان فائدة أخرى)‪.(3‬‬
‫ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪ ،]1337‬وأخرج البخاري [‪ ]7288‬آخره‪.‬‬


‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬اإليضاح يف علوم البالغة [‪.[110/2‬‬
‫)‪ (3‬التحرير والتنوير [‪.[535/1‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫وعدل عن سؤاهلم إذ ال فائدة فيه‪.‬‬ ‫فلا سألوا عن يشء ِ‬
‫قليل اجلدوى أجيبوا با فيه فائدةٌ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ويق�رب من�ه قول�ه تع�اىل‪( :‬ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ُ‬
‫املس�ئول عنه إىل ذكر ِ‬
‫املنفق عليه؛‬ ‫ُ‬ ‫ﯿ‪[ )...‬البقرة‪ ،[215 :‬فعدل عن جنس املنفق وهو‬
‫أهم)‪.(1‬‬
‫ألنه ُّ‬
‫ِ‬
‫املس�جد‪ ،‬فلقينا ٌ‬
‫رجل‬ ‫ِ‬
‫خارجان م َن‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أن�س بن ٍ‬‫ِ‬
‫قال‪ :‬بينا أنا والن ُّ‬ ‫وع� ْن‬
‫ِ‬
‫املسجد)‪.(2‬‬ ‫البادية عندَ سدّ ِة‬
‫ِ‬ ‫م ْن ِ‬
‫أهل‬
‫الساع ُة قائم ٌة؟‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل متى ّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫صالة‪ ،‬وال صو ٍم‪،‬‬ ‫أعددت هلا م ْن ِ‬
‫كثري‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ما‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫اس�تكان‪َّ ،‬‬ ‫جل‬ ‫فكأن ّ‬
‫هلل ورسول ُه‪.‬‬‫أحب ا َ‬ ‫ٍ‬
‫وال صدقة‪ ،‬ولكنّي ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫كذلك؟‬ ‫فقلنا‪ :‬ونح ُن‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫يومئذ فرح ًا شديد ًا‪.‬‬ ‫ففرحنا‬
‫اهم‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫معهم بح ّبي إ ّي ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أكون‬ ‫وعمر‪ ،‬وأرجو ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ وأبا ٍ‬
‫بكر‬ ‫أحب الن َّ‬
‫أنس‪ :‬فأنا ُّ‬ ‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫أعاهلم)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫أعمل ِ‬
‫بمثل‬ ‫مل ْ ْ‬
‫الساعة‪.‬‬ ‫السائل طريق األس�لوب احلكيم؛ أل ّن ُه َ‬
‫سأل عن وقت ّ‬ ‫مع ّ‬‫«س�لك َ‬
‫يعني‪ :‬إنّا هيمك أن هتتم بأهبته�ا وتعتني با ينفعك عند‬ ‫وأج�اب بقوله‪:‬‬
‫هو‪ :‬ما أعددت هلا؟»)‪.(4‬‬ ‫الصاحلة‪َ ،‬‬
‫فقال َ‬ ‫قيامها من األعال ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري‪.[186/5[ :‬‬


‫هي ال ّظالل املس ّقفة عند باب املسجد‪.‬‬
‫)‪َ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]7153‬ومسلم [‪.[2639‬‬
‫)‪ (4‬عمدة القاري [‪.[196/22‬‬
‫‪‬‬

‫هل يف اجلن ِّة م ْن ٍ‬


‫خيل؟‬ ‫رسول اهلل ْ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ال َ‬
‫سأل الن َّ‬ ‫وع ْن بريد َة َّ‬
‫أن رج ً‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫هل يف اجلن ِّة م ْن ٍ‬
‫إبل؟‬ ‫رسول اهلل ْ‬
‫َ‬ ‫رجل َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫وسأل ُه ٌ‬
‫ِ‬
‫لصاحبه‪.‬‬ ‫مثل ما َ‬
‫قال‬ ‫يقل ل ُه َ‬
‫فلم ْ‬
‫ْ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫فرس‬ ‫أن َ‬
‫حتمل عىل‬ ‫إن أدخل�ك اجلنّ َة اهلل فال ْ‬
‫تش�أ ْ‬ ‫«تقدي�ر الكال ِم‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال الق�ايض ‪:V‬‬
‫كذلك ّإال محلت ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َ‬
‫كيف ش�ئت حتّى ِ‬
‫لو اشتهيت‬ ‫األنفس ّإال وجتد ُه يف اجلن ِّة َ‬ ‫ِ‬
‫تش�تهيه‬ ‫واملعنى أ ّنه ما من ٍ‬
‫يشء‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫املراكب ما يغنيك ِ‬
‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فيكون لك م َن‬ ‫فة لوجدته وتكّنت من ُه‪،‬‬ ‫هذه الص ِ‬
‫أن تركب فرس ًا عىل ِ‬ ‫ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املعهود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفرس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�أل ِ‬
‫جل َ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫أس�لوب احلكي ِم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫املتعارف‬ ‫الفرس‬ ‫ع�ن‬ ‫فإن ّ‬ ‫قريب م ْن‬
‫ٌ‬ ‫ق�ال ال ّط ُّ‬
‫يبي‪ :‬وهذا‬
‫ِ‬
‫املركب‬ ‫ٍ‬
‫مس�تغن عن ُه هب�ذا‬ ‫ْ‬
‫ات�رك ما طلبت�ه؛ فإنّك‬ ‫أي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫يف الدّ ني�ا‪ ،‬فأجاب� ُه ﷺ ب�ا يف اجلنّ�ة‪ْ .‬‬
‫ِ‬
‫املوصوف»)‪.(2‬‬

‫لتعم الفائدة‪ ،‬أو ألن السائل حيتاج إليها‪ ،‬أو لسبب آخر‪.‬‬
‫إما َّ‬
‫نركب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل إنّا‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫س�أل ٌ‬
‫رجل‬ ‫ع�ن أيب هري�ر َة ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫فإن توضأنا ِبه عطشنا‪ ،‬أفنتوض ُأ من ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫البحر؟‪.‬‬ ‫ماء‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫القليل م َن املاء‪ّ ْ ،‬‬ ‫ونحمل معنا‬ ‫البحر‪،‬‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2543‬وقال األلباين‪« :‬حسن لغريه»‪ .‬صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[3756‬‬
‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[214/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]83‬والرتمذي[‪ ،]69‬والنسائي [‪ ،]332‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[9‬‬
‫‪‬‬

‫أن يشتبه ِ‬
‫عليه‬ ‫أشفق ْ‬ ‫ِ‬
‫البحر؛ َ‬ ‫ائل يف ِ‬
‫ماء‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫« ّملا‬
‫َ‬ ‫األمر عىل ّ‬ ‫عرف ﷺ اش�تبا َه‬
‫َ‬
‫ببيان حك ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫سؤاله ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكم ِ‬
‫امليتة»)‪.(1‬‬ ‫اجلواب ع ْن‬
‫َ‬ ‫ب‬‫البحر‪ ،‬فع ّق َ‬ ‫راكب‬
‫ُ‬ ‫ميتته‪ ،‬وقدْ يبتىل هبا‬ ‫ُ‬
‫بأكثر ممّا ُ‬
‫يسأل عن ُه تتمي ًا‬ ‫ِ‬
‫اجلواب َ‬ ‫أن جيا َء يف‬ ‫ِ‬
‫حماسن الفتوى ْ‬ ‫َ‬
‫«وذلك م ْن‬
‫ِ‬
‫احلاجة إىل احلك ِم كا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫آخر ِ‬ ‫ِ‬
‫ظه�ور‬ ‫مس�ئول عن ُه‪ ،‬ويتأ ّكدُ َ‬
‫ذلك عندَ‬ ‫غري‬ ‫للفائ�دة‪ ،‬وإف�اد ًة لعل ٍم َ‬
‫بحل ميتته مع تق�دّ ِم حتري ِم ِ‬
‫امليتة‬ ‫ع�ن العل ِم ُّ‬ ‫فهو ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ف يف طهوري ِة ِ‬ ‫ألن م� ْن تو ّق َ‬
‫هن�ا؛ َّ‬
‫ُ َ‬ ‫البحر َ‬ ‫ماء‬ ‫ّ‬
‫أشدُّ تو ّقف ًا»)‪.(2‬‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫مسعود ‪ِ I‬‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫عن الن ِّ‬ ‫بن‬
‫‪.‬‬
‫يكون ثوب ُه حسن ًا‪ ،‬ونعل ُه حسن ًة‪.‬‬
‫َ‬ ‫حيب ْ‬
‫أن‬ ‫الر َ‬
‫جل ُّ‬ ‫إن ّ‬ ‫قال ٌ‬
‫رجل‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وجت�ر ًا‪ ،‬وغم�ط الن�اس‪ :‬ازدراؤهم‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬أي‪ :‬دفع�ه وإن�كاره تر ّفع� ًا‬ ‫وقول�ه‪:‬‬
‫واحتقارهم)‪.(4‬‬
‫فقد كان يكفي السائل هنا قوله ﷺ‪( :‬ال)‪ ،‬لكنه أوضح له أن حبه اللباس احلسن والنعل‬
‫احلسن أمر مطلوب وحمبوب رشع ًا‪ ،‬فهذه الفائدة األوىل‪.‬‬
‫وهذه الفائدة الثانية‪.‬‬ ‫وبني له حقيقة الكر فقال‪:‬‬
‫وهاتان الفائدتان زيادة عا سأل عنه السائل‪.‬‬

‫حج؟‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫رفعت امرأ ٌة صب ّي ًا هلا‪،‬‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬
‫رسول اهلل أهلذا ٌّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[188/1‬‬


‫)‪ (2‬فيض القدير [‪.[215/3‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[91‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي [‪ ]194/1‬وفتح الباري [‪.[241/17‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن الن ِ‬


‫ّعان ِ‬
‫بن بش�ري بن س�عد ‪َ L‬‬ ‫ِ‬
‫بعض املوهبة يل م ْن ماله َّ‬
‫س�ألت أ ّمي أيب َ‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬
‫بدا ل ُه فوهبها يل‪.‬‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬ال أرىض حتّى تشهدَ الن َّ‬
‫ْ‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫يب الن َّ‬ ‫َ‬
‫فأخذ بيدي وأنا غال ٌم‪ ،‬فأتى َ‬
‫ِ‬
‫املوهبة هلذا‪.‬‬ ‫بنت رواح َة سألتني َ‬
‫بعض‬ ‫َ‬
‫فقال‪َّ :‬‬
‫إن أ ّم ُه َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ويف رواي�ة‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫‪ ،‬ثم س�أله‪:‬‬ ‫فقد اس�تفصل منه النبي ﷺ‬


‫‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم ّبني له احلكم بقوله‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1336‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2650‬ومسلم [‪.[1623‬‬
‫)‪ (3‬أبو داود [‪.[3542‬‬
‫‪‬‬

‫ال ببوان َة)‪،(1‬‬


‫ينحر إب ً‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ْ‬ ‫رجل عىل ِ‬
‫نذر ٌ‬ ‫الضح ِ‬
‫اك َ‬
‫أن َ‬ ‫عهد‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫ثابت ب ُن ّ ّ‬
‫وعن ُ‬
‫ال ببوان َة‪.‬‬
‫أنحر إب ً‬
‫أن َ‬ ‫نذرت ْ‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ّ :‬إين‬ ‫فأتى الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫قالوا‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫قالوا‪ :‬ال‪.‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ينحر يف هذا املوض ِع اس�تفصل ُه ُّ‬


‫النبي ﷺ؛ ألن املقام يقتيض االس�تفصال‪ ،‬إذ‬ ‫فلا نذر أن َ‬
‫يتبادر إىل الذهن سؤال عن ختصيص هذا الرجل بوانة بأن ينحر فيها اإلبل‪ ،‬فقد تكون ألن‬
‫فيها عيد ًا من أعيادهم‪ ،‬أو ألن فيها وثنا من أوثان اجلاهلية كان يعبد يف ذلك املوضع‪ ،‬فهذا‬
‫ّحر يف ذلك املوضع)‪.(3‬‬
‫السؤال يدل عىل أنه لو وجد هذا الوصف مل جيز الن ُ‬

‫خيطب ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫س�معت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫عن اب َن ع ّب ٍ‬
‫اس ‪ L‬قال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫غزوة كذا‬ ‫اكتتب�ت يف‬ ‫حاج� ًة‪ّ ،‬‬
‫وإين‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل َّ‬ ‫رج�ل َ‬
‫ٌ‬
‫ُ‬ ‫خرجت ّ‬
‫ْ‬ ‫إن ام�رأيت‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فق�ا َم‬
‫وكذا؟‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬هضبة م ْن وراء ينبع‪ ،‬وقيل‪ :‬موضع بني ّ‬


‫الشام وديار بكر‪ ،‬وقيل‪ :‬أسفل مكّة دون يلملم‪ .‬معجم البلدان‬
‫]‪.[505/1‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]2313‬وصححه األلباين يف حتقيق املشكاة [‪.[3437‬‬
‫)‪ (3‬التمهيد لرشح كتاب التوحيد [‪ .]155 /1‬الشيخ صالح آل الشيخ‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1862‬ومسلم [‪.[1341‬‬
‫‪‬‬

‫فأم�ره للرج�ل باللحاق بزوجته ع�ىل الفور هو ج�واب عن س�ؤاله‪ ،‬والتقدير‪ :‬ال جيوز‬
‫المرأتك أن تسافر بال حمرم‪.‬‬

‫يلبس املحر ُم؟‬


‫ال سأل ُه ما ُ‬ ‫ّبي ﷺ َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫عمر ع ْن الن ِّ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ابن َ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫ويف ه�ذا احلدي�ث‪ :‬أن النبي ﷺ س�ئل عا يلبس املحرم فأجاب ع�ا ال يلبس؛ فإن ما ال‬
‫يلبس حمصور‪ ،‬وما يلبسه غري حمصور‪.‬‬
‫َ‬
‫«ق�ال العل�اء‪ :‬ه�ذا اجلواب م� ْن بديع ال�كالم وجزله‪َّ ،‬‬
‫ألن م�ا ال يلبس‬
‫أي‬ ‫فحص�ل التّرصيح ِبه‪ ،‬وأ ّما امللبوس اجلائز فغري منح�رص‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ال يلبس كذا‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫منح�رص‬
‫ويلبس ما سوا ُه»)‪.(2‬‬

‫جل ُ‬
‫يقاتل‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل! ّ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ال أتى الن َّ‬ ‫األش�عري َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫ّ‬ ‫ع�ن أيب موس�ى‬
‫ِ‬
‫سبيل اهلل؟‬ ‫جل ُ‬
‫يقاتل لريى مكان ُه‪ ،‬فم ْن يف‬ ‫والر ُ‬
‫ليذكر‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫جل ُ‬
‫يقاتل‬ ‫والر ُ‬
‫للمغن ِم‪ّ ،‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫الزيادة‬
‫مع ّ‬ ‫ِ‬
‫السؤال َ‬
‫أجاب بلفظ جامع ملعنى ّ‬
‫َ‬ ‫«هو م ْن جوامع كلمه ﷺ؛ أل ّن ُه‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عليه»)‪.(4‬‬
‫ذك�ر غاي ُة البالغة واإلجي�از‪ ،‬أل ّن ُه ْلو أجاب� ُه َّ‬
‫بأن مجيع ما‬ ‫وق�ال أيض� ًا‪« :‬ويف إجابته له با َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]131‬ومسلم [‪.[1177‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[73/8‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]123‬ومسلم [‪.[1904‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[197/1‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫كذلك‪،‬‬ ‫ولي�س‬
‫َ‬ ‫ذلك ك ّله يف س�بيل اهلل‪،‬‬
‫أن يكون م�ا عدا َ‬ ‫َ‬
‫احتم�ل ْ‬ ‫لي�س يف س�بيل اهلل‬
‫ذك�ر ُه َ‬
‫فتضم َن اجلواب‬
‫ّ‬ ‫عن اجلواب ع ْن ماه ّية القتال إىل حال املقاتل‬‫عدل ِبه ِ‬
‫فعدل إىل لفظ جامع َ‬
‫َ‬
‫وزيادة«)‪.(1‬‬
‫الس�ائل َّ‬
‫ألن الغض�ب واحلم ّية قدْ‬ ‫ّب�ي ﷺ ع ْن لفظ جواب ّ‬ ‫بل َ‬
‫عدل الن ّ‬
‫فعدل ع ْن َ‬
‫ذلك إىل لفظ جامع فأفا َد دفع اإللباس وزيادة اإلفهام»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫يكونان هللِ‪َ ،‬‬

‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اليم�ن‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ أن�ا ومعا َذ ب َن ٍ‬
‫جبل إىل‬ ‫وع� ْن أيب موس�ى ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪ :‬بعثني الن ُّ‬
‫البتع م َن‬ ‫ورشاب ُ‬
‫يقال ل� ُه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الش ِ‬
‫�عري‪،‬‬ ‫املزر م َن ّ‬ ‫يصن�ع بأرضنا ُ‬
‫يقال ل� ُه ُ‬ ‫ُ‬ ‫إن رشاب� ًا‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫العسل‪.‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫َ‬
‫فكان يعجبنا‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عن ٍ‬
‫يشء)‪،(4‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نس�أل‬ ‫أن‬ ‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬هنينا ْ‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ِ )‪(5‬‬ ‫جل م ْن ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ْ‬
‫نسمع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫العاقل‪ ،‬فيسأل ُه ونح ُن‬ ‫أهل البادية‬ ‫أن جيي َء ّ‬
‫ِ‬
‫البادية)‪ (6‬عىل ٍ‬ ‫رجل م ْن ِ‬
‫أهل‬ ‫دخل ٌ‬ ‫ِ‬
‫املسجد َ‬ ‫ّبي ﷺ يف‬
‫مجل فأناخ ُه‬ ‫مع الن ِّ‬
‫جلوس َ‬‫ٌ‬ ‫بينا نح ُن‬
‫حممدٌ ؟‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫كم ّ‬ ‫هلم أ ّي ْ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫ثم عقل ُه‪َّ ،‬‬
‫يف املسجد َّ‬
‫ظهرانيهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بني‬
‫ّكئ َ‬
‫ّبي ﷺ مت ٌ‬
‫والن ُّ‬
‫ّكئ‪.‬‬
‫األبيض املت ُ‬
‫ُ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫فقلنا‪ :‬هذا ّ‬
‫لب‬ ‫جل‪ :‬يا ابن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫فقال ل ُه ّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[406/8‬‬


‫)‪ (2‬رشح صحيح البخاري [‪ ]203/1‬البن بطال‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]4343‬ومسلم [‪.[1733‬‬
‫سؤال ما ال رضور َة ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫)‪ (4‬يعني‬
‫ُ‬
‫اجلهل واجلفا ُء‪.‬‬ ‫فيهم‬
‫ويغلب ْ‬
‫ُ‬ ‫هم األعراب‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وألن أهل البادية ْ‬ ‫)‪ (5‬يعني م ْن ْمل يك ْن بلغ ُه النّهي ع ْن ّ‬
‫السؤال‪،‬‬
‫)‪ (6‬واسمه ضام بن ثعلبة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫َ‬
‫نفسك‪.‬‬ ‫عيل يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫عليك يف املسألة‪ ،‬فال جتدْ َّ‬ ‫سائلك‪ ،‬فمشدّ ٌد‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ :‬إين‬
‫جل للن ِّ‬ ‫فقال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫أرسلك؟‬ ‫تزعم َّ‬
‫أن اهللَ‬ ‫ُ‬ ‫فزعم لنا أن َّك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسولك‬ ‫حممدُ أتانا‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫السا َء؟‬
‫خلق ّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فم ْن َ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫األرض؟‬
‫َ‬ ‫خلق‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فم ْن َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وجعل فيها ما َ‬
‫جعل؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلبال‬ ‫قال‪ :‬فمن نصب ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أرسلك؟‬ ‫َ‬
‫اجلبال آهللُ‬ ‫األرض ونصب ِ‬
‫هذه‬ ‫وخلق‬ ‫السا َء‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خلق ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫صلوات يف يومنا وليلتنا‪.‬‬ ‫مخس‬ ‫رسولك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أن علينا َ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أمرك هبذا؟‬ ‫َ‬
‫أرسلك آهللُ‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسولك َّ‬
‫أن علينا زكا ًة يف أموالنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أمرك هبذا؟‬ ‫َ‬
‫أرسلك آهللُ‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي‬
‫َ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رمضان يف سنتنا‪.‬‬ ‫أن علينا صو َم ِ‬
‫شهر‬ ‫رسولك َّ‬
‫َ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أمرك هبذا؟‬ ‫َ‬
‫أرسلك آهللُ‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫البيت من استطاع ِ‬
‫إليه سبيالً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حج‬ ‫رسولك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أن علينا َّ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أنقص منه َّن‪.‬‬
‫باحلق ال أزيدُ عليه َّن‪ ،‬وال ُ‬ ‫وقال‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫وىل َ‬
‫ثم ّ‬
‫َّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪» :‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫سأل ّأوالً‬ ‫ِ‬
‫ومالحة سياقته وتربيته؛ فإ ّن ُه َ‬ ‫الرجل‬‫«وهذا م ْن حسن سؤال هذا ّ‬
‫للصانعِ‪.‬‬‫أن يصدق ُه يف كونه رسوالً ّ‬ ‫عليه ِبه ْ‬
‫عن صانع املخلوقات من هو ثم أقسم ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫ترتيب يفتقر إىل ٍ‬
‫عقل‬ ‫ِ‬
‫مرس�له‪ ،‬وهذا‬ ‫بحق‬ ‫وقف عىل رس�الته وعلمها أقس�م ِ‬
‫عليه ِّ‬ ‫ثم ّملا َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر‪ ،‬ال الفتقاره إليها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وتقرير‬ ‫ِ‬
‫جرت للتّأكيد‬ ‫َ‬
‫األيان‬ ‫ِ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن هذه‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫رصني‪َّ ،‬‬
‫أن هذا الرجل مل ِ‬
‫يأت ّإال بعد إسالمه‪ ،‬وإنّا جا َء مستثبت ًا‬ ‫َ‬
‫وقال القايض عياض‪ :‬وال ّظاهر َّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫أعلم»)‪.(2‬‬ ‫ومشافه ًا للن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪ .‬واهلل ُ‬

‫يب‪َ ،‬‬
‫فقال متى‬ ‫ث القو َم جاء ُه أعرا ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫جملس حيدّ ُ‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬بينا الن ُّ‬
‫الساع ُة؟‬
‫ّ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حيدّ ُ‬ ‫فمىض‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]633‬ومسلم [‪.[12‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[171/1‬‬
‫‪‬‬

‫قال فكر َه ما َ‬
‫قال‪.‬‬ ‫سمع ما َ‬
‫َ‬ ‫بعض القو ِم‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ُ‬
‫يسمع)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫بعضهم‪ْ :‬بل مل ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫‪.‬‬ ‫حتّى إذا قىض حديث ُه َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ها أنا يا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كيف إضاعتها؟‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وقد بوب البخاري يف صحيحه )‪ (142/1‬عىل احلديث بقوله‪( :‬باب م ْن َ‬
‫س�ئل عل ًا َ‬
‫وهو‬
‫السائل)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫أجاب ّ‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫احلديث‪َّ ،‬‬ ‫فأتم‬
‫مشتغل يف حديثه َّ‬

‫�ائل‪ ،‬بل‬‫الس ِ‬ ‫أدب العاملِ واملتع ّل� ِم‪ ،‬أما العامل فل�ا تضمنه من ِ‬
‫ترك ِ‬ ‫التّنبي� ُه ع�ىل ِ‬
‫زجر ّ‬ ‫ّ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فرف�ق ِبه؛ أل ّن ُه م َن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫جوابه‪،‬‬ ‫رجع إىل‬
‫ثم َ‬
‫أدب�ه باإلعراض عنه أوال حتّى اس�توىف م�ا َ ِ‬
‫كان فيه‪َّ ،‬‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫األعراب‪ ،‬وهم جفاة‪.‬‬

‫اجلواب‪.‬‬ ‫الس ُ‬
‫ؤال متع ّين ًا وال‬ ‫ولو مل ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يكن ّ‬ ‫ائل‪ْ ْ ،‬‬ ‫العناية بجواب سؤال ّ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫أن ال َ‬ ‫الس ِ‬ ‫تضمن ُه م ْن ِ‬
‫حق‬ ‫بغريه؛ َّ‬
‫ألن َّ‬ ‫مشتغل‬ ‫وهو‬
‫يسأل العامل َ َ‬ ‫ائل ْ‬ ‫أدب ّ‬ ‫وأ ّما املتع ّل ُم‪ :‬فلا ّ‬
‫األو ِل مقدّ ٌم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫واحلكومات ونحوها‪.‬‬ ‫َ‬
‫وكذلك الفتاوى‬ ‫الس ِبق‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫روس عىل ّ‬ ‫أخذ الدّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«كيف إضاعتها؟»‪.‬‬‫َ‬ ‫لقوله‪:‬‬ ‫ّضح؛‬
‫جييب به حتّى يت َ‬ ‫مراجع ُة العاملِ إذا مل ْ ْ‬
‫يفهم ما ُ‬

‫تبنيّ عدم‬ ‫ِ‬ ‫رت ّدد يف َ‬ ‫َ‬


‫ّبي ﷺ إىل سؤاله وإصغائه نحوه‪ ... ،‬وقدْ َ‬
‫ظهر م ْن عدم التفات الن ّ‬
‫ذلك ملا َ‬ ‫هلم ال ّ‬
‫حصل ْ‬ ‫)‪ (1‬إنّا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخر ُه ليكمل احلديث ا ّلذي َ‬
‫هو فيه‪ .‬فتح‬ ‫أن يكون ّ‬ ‫َ‬
‫احتمل ْ‬ ‫املذكورين‪ْ ،‬بل‬ ‫األمرين‬ ‫انحصار ترك اجلواب يف‬
‫الباري [‪.[143/1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[59‬‬
‫‪‬‬

‫نصف العل ِم»‪.‬‬ ‫قيل‪« :‬حس ُن الس ِ‬


‫ؤال‬ ‫ثم َ‬ ‫ٌ‬ ‫إشار ٌة إىل َّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وجواب‪ ،‬وم ْن َّ‬
‫ٌ‬ ‫سؤال‬ ‫العلم‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫نقطع اخلطب َة‬ ‫ِ‬
‫اخلطبة‪ ،‬فقال�وا‪ :‬ال‬ ‫ٌ‬
‫مال�ك وأمحدُ وغريمها يف‬ ‫القص ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫بظاهر هذه ّ‬ ‫أخ�ذ‬ ‫وق�دْ‬
‫ٍ‬
‫سائل‪ْ ،‬بل إذا فر َغ نجيب ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لسؤال‬
‫ِ‬
‫الواجبات‪،‬‬ ‫اجلواب‪ْ ،‬أو يف ِ‬
‫غري‬ ‫أثناء واجباهتا ّ‬
‫فيؤخ ُر‬ ‫ذلك يف ِ‬
‫يقع َ‬ ‫بني ْ‬ ‫وفص َل‬
‫َ‬ ‫أن َ‬ ‫اجلمهور َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فيجيب‪.‬‬
‫ُ‬
‫بالس ِ‬
‫ائل‪،‬‬ ‫اختص ّ‬
‫َّ‬
‫ين‪ ،‬وال سيا ِ‬
‫إن‬ ‫ّ‬ ‫هيتم ِبه يف ِ‬
‫أمر الدّ ِ‬ ‫فإن َ‬
‫كان ممّا ُّ‬ ‫ُ‬
‫ّفصيل‪ْ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ الت‬ ‫واألوىل‬
‫ذلك ّ‬
‫فيؤخر‪.‬‬ ‫بخالف َ‬‫ِ‬ ‫وإن َ‬
‫كان‬ ‫يتم اخلطب َة‪ْ ،‬‬
‫ثم ُّ‬
‫فيستحب إجابت ُه‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫)‪(1‬‬

‫رس�ول اهلل ٌ‬
‫رجل‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫خيطب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وهو‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫انتهي�ت إىل الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫فع�ن أيب رفاع�ة أ ّن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يسأل عن ِ‬
‫دينه‪ ،‬ال يدري ما دين ُه؟‪.‬‬ ‫غريب جا َء ُ ْ‬ ‫ٌ‬
‫حس�بت‬
‫ُ‬ ‫بكرس‬
‫ٍّ‬ ‫يت‬ ‫َ‬
‫وترك خطبت ُه‪ ،‬حتّ�ى انتهى إ َّيل‪ ،‬فأ َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫عيل‬ ‫َ‬
‫فأقب�ل َّ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫قوائم ُه حديد ًا‪.‬‬
‫ِ‬
‫فأتم آخرها)‪.(2‬‬ ‫وجعل يع ّلمني ممّا ع ّلم ُه اهلل‪َّ ،‬‬
‫ثم أتى خطبت ُه‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫عليه‬ ‫فقعدَ‬
‫مهها‪ ،‬ولع ّل ُه َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫أهم األمور فأ ّ‬
‫«وفيه املبادرة إىل جواب املس�تفتي‪ ،‬وتقديم ّ‬
‫املهمة‪.‬‬
‫عن اإليان وقواعده ّ‬ ‫سأل ِ‬ ‫َ‬
‫وجب‬
‫َ‬ ‫أن م ْن جا َء يسأل ِ‬
‫عن اإليان‪ ،‬وكيف ّية الدّ خول يف اإلسالم؛‬ ‫ّفق العلاء عىل َّ‬
‫وقدْ ات َ‬
‫إجابته وتعليمه عىل الفور‪.‬‬
‫َ‬
‫الباقون كالمه ويروا شخصه الكريم‪.‬‬ ‫الكرس؛ ليسمع‬
‫ِّ‬ ‫وقعوده ﷺ عىل‬
‫ّبي ﷺ فيه�ا خطبة أمر غري اجلمع�ة‪ ،‬وهلذا قطعها‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه اخلطبة ا ّلت�ي َ‬ ‫وحيتم�ل َّ‬
‫كان الن ّ‬ ‫أن‬
‫كان�ت اجلمعة واس�تأنفها‪ ،‬وحيتمل أنّ� ُه مل ْ حيصل فصل‬
‫ْ‬ ‫هب�ذا الفص�ل ال ّطوي�ل‪ ،‬وحيتمل ّأهنا‬
‫طويل»)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[142/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪[876‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[166/6‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫الص ِ‬
‫بح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقد جا َء ٌ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فسأل ُه ع ْن وقت صالة ّ‬ ‫رجل إىل‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فسكت عن ُه‬
‫َ‬
‫صىل الصبح من ِ‬
‫الغد بعدَ ْ‬ ‫من ِ‬‫كان ِ‬
‫حتّى إذا َ‬
‫أسفر‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫ثم ّ ّ َ ْ‬‫الفجر‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫طلع‬
‫حني َ‬
‫بح َ‬
‫الص َ‬ ‫الغد ّ‬
‫صىل ّ‬
‫وقت الص ِ‬
‫ائل عن ِ‬
‫الة؟‬ ‫ّ‬ ‫الس ُ ْ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬أي َن ّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ‪. ،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬هأنذا يا‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بالفعل؛‬ ‫ِ‬
‫الق�ول يف َ‬
‫ذلك حتّى ب ّين ُه‬ ‫َ‬
‫تعجيل‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫ترك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫«حيتمل ْ‬
‫يكون الن ُّ‬ ‫أن‬
‫وأسهل ِ‬
‫عليه»)‪.(2‬‬ ‫ُ‬ ‫أقرب إىل املتع ّل ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البيان‪ ،‬وأ ّن ُه‬ ‫ِ‬
‫املبالغة يف‬ ‫قصد ًا إىل‬
‫ُ‬
‫ﷺ‬

‫إن اهللَ ال‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل َّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫جاءت أ ُّم س�لي ٍم إىل‬
‫ْ‬ ‫قالت‪:‬‬‫ع ْن أ ِّم س�لم َة ْ‬
‫احتلمت؟‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫غسل إذا‬ ‫فهل عىل ِ‬
‫املرأة م ْن‬ ‫احلق‪ْ ،‬‬ ‫يستحيي م ْن ِّ‬
‫ِ‬
‫يمينك)‪.(3‬‬ ‫تربت‬ ‫ِ‬
‫فضحت النّسا َء‪ْ ،‬‬ ‫فقالت عائش ُة‪ :‬يا أ َّم سلي ٍم‬
‫ْ‬
‫)‪(4‬‬
‫ّبي ﷺ لعائش� َة‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫‪.‬‬

‫حتتلم املرأةُ؟‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َأو‬ ‫وقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫فغ ّط ْت أ ُّم سلم َة وجهها‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي [‪ ]544‬وأمحد [‪ ]11709‬عن أنس بن مالك ‪ ،I‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[249‬‬
‫)‪ (2‬املنتقى رشح املوطإ [‪.[6/1‬‬
‫وهي م ْن األلفاظ ا ّلتي تطلق عند الزّ جر وال يراد هبا ظاهرها‪.‬‬
‫رتاب‪َ ،‬‬ ‫وصارت عىل ال ّ‬
‫ْ‬ ‫افتقرت‬
‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫تستحق اإلنكار‪،‬‬ ‫فلم‬ ‫أحق ْ‬ ‫)‪ (4‬معناه ِ‬
‫ّ‬ ‫السؤال ع ْن دينها‪ْ ،‬‬ ‫فعلت ما جيب عليها م ْن ّ‬ ‫ْ‬ ‫أن يقال لك هذا‪ ،‬فإهنّا‬ ‫أنت ّ‬ ‫ُ‬
‫أنت اإلنكار‪ ،‬إلنكارك ما ال إنكار فيه‪ِ.‬‬
‫واستحققت ِ‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫«فاحلي�اء ال يمن�ع من طلب احلقائق‪ ،‬واحلياء املانع من طلب العلم مذموم‪ ،‬وأما إذا كان‬
‫احلياء عىل جهة التوقري واإلجالل فهو حسن؛ كا فعلت أم سلمة حني غطت وجهها»)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫املنكر‪ ،‬واحلك� ِم ِّ‬
‫باحلق‪،‬‬ ‫ّهي ِ‬
‫ع�ن‬ ‫ِ‬
‫باملع�روف والن ِ‬ ‫األمر‬ ‫ِ‬
‫باحلي�اء املان� ِع م� َن ِ‬ ‫رشع‬
‫«ومل ْ ي�ر ْد ٌ‬
‫والقيا ِم ِبه»)‪.(3‬‬

‫كيف‬ ‫ِ‬
‫املحي�ض‪ ،‬فأمرها َ‬ ‫ّبي ﷺ ع ْن غس�لها م َن‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن ام�رأ ًة س�ألت الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫تغتسل‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬

‫أتطه ُر‪.‬‬
‫كيف ّ‬‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كيف‪.‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫رت‪.‬‬
‫‪ ،‬واست َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أثر الدّ ِم)‪.(6‬‬
‫فقلت‪ :‬تت ّبعي هبا َ‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫وعرفت ما أرا َد الن ُّ‬
‫ُ‬ ‫فاجتبذهتا إ َّيل‪،‬‬

‫طيب‪ ،‬فتجعله‬ ‫ٍ‬


‫مسك‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ِ‬
‫احليض شيئ ًا من‬ ‫َ‬
‫تأخذ املرأ ُة عندَ غسلها من‬ ‫استحباب أن‬
‫ُ‬
‫آثار الد ِم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫يف قطنة‪ ،‬أو نحومها‪ ،‬فتت ّبع هبا َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]130‬ومسلم [‪.[313‬‬


‫)‪ (2‬رشح ابن بطال عىل صحيح البخاري [‪.[223/1‬‬
‫)‪ (3‬املنتقى رشح املوطإ [‪.[213/7‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (4‬فرصة‪ :‬قطعة م ْن صوف ْأو قطن ْأو جلدة عليها صوف‪ ،‬واملقصود باستعال ال ّطيب دفع ّ‬
‫الرائحة الكرهية‪.‬‬
‫فتح الباري [‪.[416/1‬‬
‫أي تن ّظفي‪.‬‬
‫)‪ْ (5‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]314‬ومسلم [‪.[332‬‬
‫‪‬‬

‫ّعجب‪ ،‬ومعنا ُه هنا كيف خيف�ى هذا ال ّظاهر ا ّلذي ال حيتاج يف فهمه‬
‫ّس�بيح عند الت ّ‬
‫ُ‬ ‫الت‬
‫إىل فكر؟‬
‫ِ‬
‫بالعورات‪.‬‬ ‫استحباب الكنايات فيا يتع ّلق‬

‫عا يتلق بالع�ورات وال يرصح به إال عند احلاجة‪ ،‬ومن‬


‫وه�ذه طريق�ة رشعية‪ ،‬أن يكنّى ّ‬
‫ذلك‪:‬‬

‫قوله تعاىل‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [النساء‪.[16 :‬‬

‫وقوله تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) [البقرة‪.[187 :‬‬

‫وقول�ه تع�اىل‪[ )¹ ¸ ¶ µ ´ ³ ²( :‬البق�رة‪ ،[223 :‬ونح�و ذلك من‬


‫اآليات‪.‬‬
‫ِ‬
‫املستهجنة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫ِ‬
‫واإلشارة يف‬ ‫ِ‬
‫ّعريض‬
‫االكتفا ُء بالت‬
‫حيتشم منها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سؤال املرأة العامل َ ع ْن أحواهلا ا ّلتي‬
‫الس ِ‬
‫ائل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلواب إلفها ِم ّ‬ ‫تكرير‬
‫ُ‬
‫أن َ‬
‫ذلك يعجب ُه‪.‬‬ ‫عرف َّ‬
‫َ‬ ‫بحرضته ملن خفي ِ‬
‫عليه إذا‬ ‫ِ‬ ‫تفسري كال ِم العاملِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفاضل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بحرضة‬ ‫ِ‬
‫املفضول‬ ‫األخذ ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬
‫نعم‪.‬‬ ‫ولو مل ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صح ُة‬
‫يقل عقب ُه ْ‬ ‫أقر ُه ْ‬
‫العرض عىل املحدّ ث إذا ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫السام ِع جلمي ِع ما يسمع ُه‪.‬‬ ‫ّحم ِل ُ‬
‫فهم ّ‬ ‫صحة الت ّ‬ ‫يشرتط يف ّ‬‫ُ‬ ‫أ ّن ُه ال‬
‫يفهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العذر مل ْن ال ُ‬ ‫فق باملتع ّل ِم‪ ،‬وإقام ُة‬ ‫الر ُ‬
‫ّ‬
‫ب؛‬ ‫أمر ِ‬
‫املرأة بالتّط ّي ِ‬ ‫جبل عليها من ِ‬
‫جهة ِ‬ ‫كانت ممّا َ‬ ‫ِ‬
‫عيوبه‪ْ ،‬‬
‫وإن ْ‬ ‫مطلوب ِ‬
‫بسرت‬ ‫َّ‬
‫أن املر َء‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الكرهية‪.‬‬ ‫إلزالة الر ِ‬
‫ائحة‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ِ )‪(1‬‬
‫حسن خلقه ﷺ‪ ،‬وعظيم حلمه وحيائه‪.‬‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]416/1‬رشح سنن أيب داود [‪ ]111/2‬للعيني‪.‬‬


‫‪‬‬

‫[وإين‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ولدَ يل غال ٌم أسو ُد ّ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ال أتى الن َّ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬
‫أنكرته]‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫محر‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ٌ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬لع ّل ُه نزع ُه ٌ‬
‫عرق)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وقع ل ُه م َن‬ ‫ال مستفتي ًا ِ‬
‫عن احلكم ملا َ‬ ‫الرجل مل ْ ير ْد قذف ًا‪ْ ،‬بل جا َء سائ ً‬
‫«هذا ّ‬
‫رضب ل ُه املثل أذع َن»)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫الريبة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫خالف‬
‫َ‬ ‫وإن‬ ‫الش ِبه‪ ،‬فيلحق الولدُ ّ‬
‫الزوج‪ْ ،‬‬ ‫يشعر ِبه خمالف َة ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفراش عىل ما‬ ‫تقديم حك ِم‬
‫ُ‬
‫لونه لونه‪ ،‬حتّى ْلو َ‬
‫كان األب أبيض‪ ،‬والولد أسود‪ْ ،‬أو عكسه حلق ُه‪.‬‬

‫)‪ (1‬األورق من اإلبل‪ :‬الذي يف لونه بياض إىل سواد‪ .‬والورقة‪ :‬سواد يف غرة‪ ،‬وقيل‪ :‬سواد وبياض كدخان الرمث‬
‫[نوع من النبات]‪ .‬لسان العرب [‪.[376/10‬‬
‫آخر؟‬ ‫بسبب فحل م ْن غري لوهنا طر َأ عليها ْأو ٍ‬
‫ألمر َّ‬ ‫ِ‬ ‫هو‬
‫هل َ‬ ‫أي‪ :‬م ْن أي َن أتاها ال ّلون ا ّلذي خالفها؟ ْ‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هو بال ّلون املذكور فاجتذب ُه إليه فجا َء عىل لونه‪.‬‬ ‫)‪ (3‬أي‪ :‬لعله ْ‬
‫أن يكون يف أصوهلا ما َ‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]5309‬ومسلم [‪.[1500‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[444/9‬‬
‫‪‬‬

‫بمجر ِد املخالفة يف ال ّلون‪.‬‬


‫ّ‬ ‫أن ُه ال ُّ‬
‫حيل ل ُه نفيه‬
‫ِ‬
‫لألنساب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االحتياط‬
‫حتقيق ظن الس ِ‬
‫وء‪.‬‬ ‫ِ ِّ ّ‬ ‫جر ع ْن‬
‫الز ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫باألشباه‪.‬‬ ‫إثبات القياس‪ ،‬واالعتبار‬

‫رضب املثل‪ ،‬وتشبيه املجهول باملعلو ِم تقريب ًا لفه ِم ّ‬


‫السائل)‪.(1‬‬ ‫ُ‬

‫فلم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كنت ّ‬ ‫املعىل ‪َ I‬‬ ‫بن ّ‬ ‫ِ‬


‫س�عيد ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ْ ،‬‬ ‫املس�جد‪ ،‬فدعاين‬ ‫أصيل يف‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫ع ْن أيب‬
‫كنت ّ‬
‫أصيل‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ّ ،‬إين ُ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫أجب ُه‪،‬‬
‫(ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [األنفال‪[24 :‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال يل‪:‬‬ ‫َّ‬
‫قلت ل ُه‪ :‬أمل ْ ْ‬
‫تقل‪:‬‬ ‫خيرج ُ‬ ‫فلا أرا َد ْ‬
‫أن َ‬ ‫ثم َ‬
‫أخذ بيدي‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫العظيم ا ّلذي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والقرآن‬ ‫�بع املثاين‪،‬‬
‫الس ُ‬ ‫قال‪( :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) َ‬
‫هي ّ‬ ‫َ‬
‫أوتيت ُه))‪.(2‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬

‫‪.‬‬
‫ش�ئتم‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ْ‬ ‫إن‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ :‬اقرءوا ْ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‬ ‫َّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪ ،]444/9‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[134/10‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[4474‬‬
‫‪‬‬

‫ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [حممد‪.(1)[24-22 :‬‬

‫ِ‬
‫وجهه؟‪.‬‬ ‫الكافر عىل‬ ‫حيرش‬ ‫ال َ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫أنس ِ‬
‫عن ِ‬
‫ُ‬ ‫كيف ُ‬‫نبي اهلل َ‬
‫قال‪ :‬يا َّ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫وعز ِة ر ّبنا)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال قتادةُ‪ :‬بىل ّ‬
‫ِ‬
‫�جود هللِ يف‬‫الس‬‫عوقب عىل عد ِم ّ‬
‫َ‬ ‫«واحلكمة يف ح�رش الكافر عىل وجهه أ ّن ُه‬
‫يده ورجله‬ ‫مكان ِ‬
‫َ‬ ‫صار وجه ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة‪ ،‬إظهار ًا‬ ‫الدّ نيا ْ‬
‫بحيث َ‬ ‫هلوانه‬ ‫يسحب عىل وجهه يف‬
‫َ‬ ‫بأن‬
‫ِ‬
‫املؤذيات» أ‪.‬ه�)‪.(3‬‬ ‫يف التّو ّقي ِ‬
‫عن‬
‫ماتت‪ ،‬وعليها‬ ‫فقال�ت‪َّ :‬‬
‫إن أ ّمي ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫أتت‬ ‫اس ‪َّ ،L‬‬
‫أن امرأ ًة ْ‬ ‫وع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫صو ُم ٍ‬
‫شهر‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫أستأذن عىل أ ّمي‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫رجل َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫رسول اهلل ﷺ سأل ُه ٌ‬
‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫يسار َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫عطاء ِ‬ ‫وع ْن‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫البيت‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪ّ :‬إين معها يف‬ ‫َ‬
‫قال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5987‬ومسلم [‪.[2554‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]4760‬ومسلم[‪.[2806‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[383/11‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]1953‬ومسلم [‪ ،]1148‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪‬‬

‫الر ُ‬
‫جل‪ّ :‬إين خادمها‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ّظر‬ ‫وكل م� ْن ال ُّ‬ ‫ِ‬


‫حمارمه‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ج�ل ع�ىل أم ِ‬
‫الر ُ‬ ‫ُ‬
‫حيل ل� ُه الن ُ‬ ‫وذوات‬ ‫�ه‬ ‫ّ‬ ‫«ويس�تأذن ّ‬
‫االس�تئذان عىل أ ّم ِه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ّب�ي ﷺ ل ّلذي س�أل ُه ع ْن‬ ‫ولذل�ك َ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫عورت�ه‪،‬‬ ‫إىل‬
‫يس�تأذن عليها فقدْ يفجؤها‪ ،‬فرياها عريان ًة‪ ،‬فأ ّما‬
‫ْ‬ ‫أعلم‪ -‬أ ّن ُه إذا مل ْ‬
‫‪ ...‬ومعنا ُه ‪-‬واهلل ُ‬
‫ٍ‬
‫استئذان»)‪.(2‬‬ ‫خول عليها َ‬
‫دون‬ ‫ّظر إىل عورهتا فل ُه الدّ ُ‬ ‫الزوج ُة ْأو األم ُة ا ّلتي ُّ‬
‫حيل ل ُه الن ُ‬ ‫ّ‬

‫ائذن يل‬ ‫َ‬


‫رس�ول اهللِ‪ْ ،‬‬ ‫ّب�ي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫إن فتًى ش�ا ّب ًا أتى الن َّ‬ ‫وع� ْن أيب أمام� َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫فأقبل القوم ِ‬
‫عليه‪ ،‬فزجرو ُه‪ .‬قالوا‪ :‬م ْه م ْه‪.‬‬ ‫بالزنا‪َ .‬‬‫ّ‬
‫ُ‬
‫‪ .‬فدنا من ُه قريب ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫فجلس‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهلل يا‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مال�ك يف املوط�أ [‪ ]1796‬عن عطاء مرس�ال‪ ،‬وقال ابن عبد الر‪ :‬وهو مرس�ل صحي�ح جمتمع عىل صحة‬
‫معناه‪ .‬التمهيد [‪.[229/16‬‬
‫)‪ (2‬املنتقى رشح املوطإ [‪.[284/7‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فلم يك ْن‬ ‫ق�ال‪ :‬فوضع يده ِ‬


‫عليه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫‪ْ .‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫َ ُ‬
‫ذلك الفتى يلتفت إىل ٍ‬
‫يشء)‪.(1‬‬ ‫بعدُ َ‬
‫ُ‬

‫ثم‬ ‫س�ئل النّبي ﷺ عن أشياء كرهها‪ ،‬فلا أكثر ِ‬


‫قال‪َ :‬‬
‫ع ْن أيب موس�ى ‪َ I‬‬
‫غضب‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫عليه‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫قال للن ِ‬
‫ّاس‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ٌ‬
‫رجل‪ :‬م ْن أيب)‪(2‬؟‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫آخر‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬م ْن أيب يا‬ ‫فقا َم ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫دس رأسه يف ثوبه يبكي‪.‬‬ ‫كل رجل ّإال قدْ َّ‬
‫قال أنس‪ :‬فجعلت ألتفت يمين ًا وشاالً فال أرى ّ‬ ‫َ‬
‫نتوب إىل اهلل ‪.(3)D‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫وجهه َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬إنّا ُ‬ ‫قال‪ :‬يا‬ ‫عمر ما يف‬‫فلا رأى ُ‬ ‫ّ‬
‫وقال‪ :‬رضينا باهلل ر ّب ًا وباإلس�ال ِم‬ ‫ِ‬
‫ركبتيه َ‬ ‫أن عم�ر َ‬
‫برك عىل‬ ‫ويف رواي�ة للبخ�اري (‪َّ :(93‬‬
‫فسكت‪.‬‬
‫َ‬ ‫وبمحم ٍد نب ّي ًا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دين ًا‬
‫اآلية‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫هذه ِ‬ ‫احلديث عندَ ِ‬
‫َ‬ ‫يذكر هذا‬ ‫َ‬
‫وكان قتاد ُة ُ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ) [املائدة‪.[101 :‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]21708‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[370‬‬


‫غري ِ‬
‫أبيه‪.‬‬ ‫وكان إذا الحى – أي‪ :‬خاصم‪ -‬يدعى إىل ِ‬
‫َ‬ ‫)‪(2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]92‬ومسلم [‪.[2360‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫بن ش�عب َة قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املغرية ِ‬
‫س�معت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫وعن‬
‫)‪.(1‬‬
‫الس�ؤال ِ‬
‫عن النّ�وازل واألغلوطات‬ ‫«أكثر العلاء عىل َّ‬
‫أن املراد كثرة ّ‬
‫والتّوليدات»)‪.(2‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬

‫ٍ‬ ‫بن عس ٍ‬
‫س�فر‪ ،‬فبينا نح ُن عند ُه إ ْذ‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫املرادي ‪ I‬قال‪ :‬كنّا َ‬
‫مع الن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫�ال‬ ‫صفوان ِ ّ‬
‫َ‬ ‫عن‬
‫حممدُ ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫جهوري‪ :‬يا ّ‬
‫ٍّ‬ ‫بصوت ل ُه‬ ‫يب‬
‫نادا ُه أعرا ٌّ‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صوته‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ نحو ًا م ْن‬ ‫فأجاب ُه‬
‫هنيت ع ْن هذا‪.‬‬ ‫صوتك؛ فإن َّك عندَ الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬وقدْ َ‬ ‫َ‬ ‫اغضض م ْن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وحيك‬ ‫فقلنا ل ُه‪:‬‬
‫أغضض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬واهلل ال‬
‫هبم‪.‬‬
‫يلحق ْ‬
‫ْ‬ ‫حيب القو َم‪ ،‬و ّملا‬
‫يب‪ :‬املر ُء ُّ‬ ‫َ‬
‫قال األعرا ُّ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال الن ُّ‬

‫وهو بم ّك َة ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بن ِ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫‪D‬‬ ‫الفتح َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عا َم‬ ‫س�مع‬
‫َ‬ ‫عبد اهلل أ ّن ُه‬
‫‪.‬‬
‫الس�ف ُن‪ ،‬ويدّ ه� ُن هبا اجللو ُد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أرأيت ش�حو َم امليت�ة؟ فإ ّن ُه يطىل هبا ّ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهللِ‪،‬‬ ‫فقي�ل‪ :‬يا‬
‫ّاس‪.‬‬
‫ويستصبح هبا الن ُ‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]1477‬ومسلم [‪[593‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪ ]270/13‬بترصف‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]2317‬وابن ماجة [‪ ،]3976‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[229‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]3535‬وقال األلباين‪« :‬حسن صحيح»‪ .‬التعليقات احلسان [‪.[1318‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪D‬‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫ُ‬


‫رس�ول اهلل ﷺ عندَ َ‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫)‪.(1‬‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(2‬‬
‫وق�د ّ‬
‫حذرن�ا اهلل تع�اىل يف كتاب�ه م�ن التحايل عىل رشعه في�ا رضبه لنا م�ن قصص بني‬
‫إرسائي�ل‪ .‬ق�ال تع�اىل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [األعراف‪.[166-163 :‬‬
‫ِ‬
‫األس�باب‬ ‫«وه�ؤالء قوم احتال�وا عىل انته�اك حمارم اهلل ب�ا تعاطوا من‬
‫ِ‬
‫الظاهرة التي معناها يف الباطن تعاطي احلرام»)‪.(3‬‬
‫الش َ‬
‫باك‪ ،‬فإذا‬ ‫«حت ّيلوا عىل الصيد‪ ،‬فكانوا حيفرون هلا حفر ًا‪ ،‬وينصبون هلا ّ‬
‫ِ‬
‫الس�بت‪ ،‬ووقعت يف تلك احلفر والش�باك؛ مل يأخذوها يف ذلك اليوم‪ ،‬فإذا جاء يو ُم‬ ‫جاء يو ُم‬
‫األحد أخذوها»)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]2236‬ومسلم [‪.[1581‬‬


‫وحسنه ابن تيم ّية يف جمموع الفتاوى [‪ ،]29/29‬وابن القيم يف حاشيته‬
‫)‪ (2‬رواه ابن بطة يف إبطال احليل [‪ّ ،]47/1‬‬
‫عىل سنن أيب داود [‪ ،]244/9‬وقال ابن كثري يف تفسريه [‪« :]293/1‬إسناده ج ّيد»‪ ،‬واختلف فيه قول األلباين‪،‬‬
‫فقال يف الضعيفة [‪« :]608/1‬وإسناده ج ّيدٌ كا قال احلافظ ابن كثري يف تفسريه‪ ،‬وغريه يف غريه»‪ ،‬وض ّعفه يف‬
‫غاية املرام [‪.[11‬‬
‫)‪ (3‬تفسري ابن كثري [‪.[493/3‬‬
‫)‪ (4‬تفسري السعدي [‪.[306/1‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫األنصاري‬
‫ِّ‬ ‫ع�دي‬
‫ٍّ‬ ‫العجالين إىل عاص ِم ِ‬
‫بن‬ ‫َّ‬ ‫عن س�هل بن س�عد ‪ I‬قال‪ :‬جاء عويم�ر‬
‫كيف ُ‬
‫يفعل؟‬ ‫ال أيقتل ُه‪ ،‬فتقتلون ُه‪ ،‬أ ْم َ‬ ‫ِ‬
‫امرأته رج ً‬ ‫مع‬ ‫أرأيت رج ً‬ ‫َ‬
‫ال وجدَ َ‬ ‫َ‬ ‫عاصم‬
‫ُ‬ ‫فقال ل ُه‪ :‬يا‬

‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫عاصم ع ْن َ‬
‫ذلك‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫سل يل يا‬

‫َ‬
‫املسائل وعاهبا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ذلك‪ ،‬فكر َه‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن َ‬ ‫عاصم‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فسأل‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫سمع م ْن‬ ‫ر عىل عاص ٍم ما‬
‫َ‬ ‫حتّى ك َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫عاصم‪ :‬ماذا َ‬
‫قال َ‬
‫لك‬ ‫عويمر َ‬
‫فقال يا‬ ‫فلا رجع عاصم إىل ِ‬
‫أهله‪ ،‬جاء ُه‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ املسأل َة ا ّلتي سألت ُه عنها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عاصم‪ :‬مل تأتني ٍ‬
‫بخري؛ قدْ كر َه‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ٌ ْ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن َ‬ ‫عويمر‪ :‬واهلل ال أنتهي حتّى َ‬
‫أسأل‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫أرأيت رج ً‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫وس�ط الن ِ‬
‫ّاس‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫عويمر حتّى جا َء‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فأقبل‬
‫كيف ُ‬
‫يفعل)‪(1‬؟‬ ‫ال أيقتل ُه‪ ،‬فتقتلون ُه‪ ،‬أ ْم َ‬ ‫ِ‬
‫امرأته رج ً‬ ‫مع‬
‫وجدَ َ‬
‫‪ .‬فأمرمه�ا‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫باملالعنة با سمى اهلل يف ِ‬
‫كتابه فالعنها [يف املسجد[‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬
‫ّ‬
‫إن حبس�تها فقدْ ظلمتها [ويف رواية‪ :‬كذبت عليها] فط ّلقها [ثالث ًا‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ْ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ[‪.‬‬ ‫َ‬
‫قبل ْ‬
‫أن يأمر ُه‬

‫َ‬
‫وكان ابنها‬ ‫وكانت حامالً‪،‬‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫املتالعنني‬ ‫يفر َق َ‬
‫بني‬ ‫أن ّ‬ ‫السنّ ُة بعدمها ْ‬
‫فكانت ّ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫شهاب‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال اب ُن‬
‫فرض اهلل ل ُه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويرث منها ما َ‬ ‫السنّ ُة يف مرياثها ّأهنا ترث ُه‬ ‫ِ‬
‫جرت ّ‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫يدعى أل ّمه‪َّ ،‬‬

‫س�كت‬
‫َ‬ ‫وإن‬ ‫ف�إن تك ّل َم ِبه تك ّل َم ٍ‬
‫بأمر عظيم‪ْ ،‬‬ ‫رجال‪ْ ،‬‬
‫مع امرأته ً‬ ‫)‪ (1‬ويف رواي�ة ملس�لم أن�ه َ‬
‫قال‪ :‬أرأي�ت ْ‬
‫إن وجدَ رجل َ‬
‫سكت عىل مثل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫سكت عىل غيظ»‪.‬‬
‫َ‬ ‫سكت‬
‫َ‬ ‫قتل قتلتمو ُه‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫«إن تك ّل َم جلدتو ُه‪ْ ،‬أو َ‬
‫ويف رواية ملسلم أيض ًا‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫«إن ا ّلذي سألتك عن ُه قدْ ابتليت به»‪.‬‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫ويف رواية ملسلم أيض ًا‪َ :‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ُ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‬ ‫َّ‬
‫)‪(3‬‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫َ‬
‫ف�كان بعدُ‬ ‫ٍ‬
‫عويمر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تصديق‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م� ْن‬ ‫نعت ِبه‬ ‫ب�ه عىل الن ِ‬
‫ّع�ت ا ّلذي َ‬ ‫فج�اءت ِ‬ ‫ْ‬
‫ينسب إىل أ ّم ِه)‪.(6‬‬
‫ُ‬
‫«قوله‪« :‬فكر َه رس�ول اهلل ﷺ املس�ائل وعاهبا» املراد كراهة املسائل ا ّلتي ال‬
‫فيه هتك س�رت مس�لم ْأو مسلمة ْأو إش�اعة فاحشة ْأو شناعة عىل‬ ‫كان ِ‬
‫حيتاج إليها ال س� ّيا ما َ‬
‫مسلم ْأو مسلمة‪.‬‬

‫وقع فال كراهة فيها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أ ّما إذا كانت املسائل ممّا حيتاج إليه يف أمور الدّ ين وقدْ َ‬
‫فيجيبهم‪ ،‬وال يكرهها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫يسألون رسول اهلل ﷺ ِ‬
‫عن األحكام الواقعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املسلمون‬ ‫وقدْ َ‬
‫كان‬

‫حيتج إليها‪ ،‬وفيها شناعة‬


‫قصة مل ْ تقع بعد ومل ْ ْ‬ ‫وإنّا َ‬
‫كان سؤال عاصم يف هذا احلديث ع ْن ّ‬
‫ونحوهم عىل ال�كالم يف أعراض‬
‫ْ‬ ‫واملنافق�ني‪،‬‬
‫َ‬ ‫املس�لمني واملس�لات‪ ،‬وتس�ليط اليه�ود‬
‫َ‬ ‫عىل‬
‫املسلمني ويف اإلسالم»‪.‬اه�)‪.(7‬‬
‫َ‬

‫ٍ‬
‫مسألة‪.‬‬ ‫يب ب َن ٍ‬
‫كعب ع ْن‬ ‫ٍ‬
‫مروق َ‬
‫سألت أ َّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫فع ْن‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬أسود‪.‬‬


‫ِ‬
‫عج شدّ ُة سواد ِ‬ ‫ِ‬
‫السواد‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أن سوا َد عينيه َ‬ ‫السودا ُء يف ِ‬
‫العني وغريها‪ ،‬أي‪َّ :‬‬
‫العني‬ ‫وقيل الدّ ُ‬ ‫كان شديدَ ّ‬ ‫)‪ (2‬الدّ عج ُة هي ّ‬
‫يف شدّ ِة بياضها‪.‬‬
‫الس ِ‬
‫اقني وعظيمها‪.‬‬ ‫أي ممتلئ ّ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫ألن احلمرة إنّا تبدو يف البياض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باألمحر األبيض‪َّ ،‬‬ ‫)‪ (4‬تصغري «أمحر»‪ ،‬واملراد‬
‫)‪ (5‬الوحرة‪ :‬من نوع الوزغ‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ]4745‬ومسلم [‪.[1492‬‬
‫)‪ (7‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[120/10‬‬
‫‪‬‬

‫أكانت؟‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬

‫قلت‪ :‬ال‪.‬‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫تكون)‪.(2‬‬ ‫مجني)‪ (1‬حتّى‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فأ ّ‬
‫ثابت‪ ،‬عن ٍ‬
‫يشء َ‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫أكان هذا؟‬ ‫سئل زيدُ بن ٍ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫بن ٍ‬
‫ثابت‪َ ،‬‬ ‫بن ِ‬
‫زيد ِ‬ ‫وع ْن خارج َة ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫يكون)‪.(3‬‬ ‫فقيل‪ :‬ال‪َ .‬‬
‫فقال‪ :‬دع ُه حتّى‬ ‫َ‬

‫إنا كره السؤال عا مل يقع ألنه من التكلف‪ ،‬وهو ﷺ مل يكن من املتكلفني كا قال تعاىل‪:‬‬
‫(ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [ص‪.[86 :‬‬

‫الرشعي حال وقوعه‪.‬‬


‫َّ‬ ‫أ ّما ما يتو ّق ُع حصوله فالسؤال عنه ٌّ‬
‫مهم؛ لنعرف الترصف‬

‫وكنت‬ ‫عن ِ‬
‫اخلري‪،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يس�ألون‬ ‫ّاس‬ ‫ِ‬
‫اليان ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫عن حذيف َة ِ‬
‫ُ‬ ‫كان الن ُ‬ ‫بن‬
‫أن يدركني‪.‬‬‫الرش خماف َة ْ‬ ‫أسأل ُه ِ‬
‫عن ّ ِّ‬
‫فهل بعدَ هذا ِ‬
‫اخلري‬ ‫رس�ول اهلل إنّا كنّا يف جاهل ّي ٍة ورش‪ ،‬فجاءنا اهلل هب�ذا ِ‬
‫اخلري‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فقل�ت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ٍّ‬
‫‪.‬‬ ‫رش؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٌّ‬
‫الرش م ْن ٍ‬
‫خري؟‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬
‫هل بعدَ َ‬
‫ذلك ّ ِّ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫قلت‪ :‬وما دخن ُه؟‬


‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫رش؟‬ ‫ِ‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬


‫هل بعدَ َ‬
‫ذلك اخلري م ْن ٍّ‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬أرحني‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن بطة يف اإلبانة [‪ ،]316‬وابن عبد الر يف جامع بيان العلم وفضله [‪.[2057‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن بطة يف اإلبانة [‪.[318‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫صفهم لنا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ذلك؟‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬فا ترى ْ‬
‫إن أدركني َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫هلم مجاع ٌة وال إما ٌم‪.‬‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬


‫فإن مل ْ تك ْن ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫وليست معنا‬
‫ْ‬ ‫العدو غد ًا‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬إنّا القو‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫خديج ‪ I‬قال‪ُ :‬‬ ‫وع ْن راف ِع ِ‬
‫بن‬
‫مدً ى‪.‬‬
‫َ‬
‫ق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهللِ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال يل‬ ‫ذر الغفاري ‪َ I‬‬
‫ع� ْن أيب ٍّ‬
‫‪.‬‬

‫قلت‪ :‬فا تأمرين؟‬ ‫َ‬


‫قال‪ُ :‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]3606‬ومسلم [‪ ،]1847‬واللفظ له‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]2488‬ومسلم [‪.[1968‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[648‬‬
‫‪‬‬

‫خرجت‬
‫ْ‬ ‫يؤخروهنا؛ فيجعلوهنا كاملي ِ‬
‫�ت ا ّلذي‬ ‫‪ّ :‬‬ ‫«معن�ى‬
‫ّ‬
‫روحه‪.‬‬
‫فإن املنقول ِ‬
‫عن‬ ‫أي‪ :‬ع ْن وقتها املختار‪ ،‬ال ع ْن مجي�ع وقتها‪َّ ،‬‬
‫وامل�راد بتأخريه�ا ع ْن وقتها ْ‬
‫واملتأخرين إنّا هو تأخريها ع�ن وقتها املختار‪ ،‬فوجب محل ِ‬
‫هذه األخبار‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫مني‬
‫األم�راء املتقدّ َ‬
‫هو الواقع»)‪.(1‬‬
‫عىل ما َ‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫ماشيني‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ وأبو ٍ‬
‫بكر يعوداين‬ ‫ُ‬ ‫مرضت‪ ،‬فأتاين‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫عن جابر بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪َ L‬‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫وضوئه‪.‬‬ ‫عيل م ْن‬
‫صب َّ‬ ‫فتوض َأ َّ‬
‫ثم َّ‬ ‫عيل‪ّ ،‬‬
‫فأغمي َّ‬
‫َ‬
‫أخوات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كيف أقيض يف مايل؟ ويل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫فأفقت‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫خرج وتركني‪.‬‬
‫ثم َ‬‫عيل شيئ ًا‪َّ ،‬‬
‫فلم ير َّد َّ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫امل�رياث‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫نزلت آي ُة‬
‫حتّ�ى ْ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ) [النساء‪.(2)[176 :‬‬
‫ِ‬
‫مجهور ال ّلغو ّي َ‬ ‫وهو ُ‬ ‫ِ‬
‫ني‪.‬‬ ‫قول‬ ‫الكالل ُة‪ :‬امل ّي ُت ا ّلذي ال ولدَ ل ُه وال والدَ يرثانه‪َ ،‬‬
‫وقيل‪ :‬ا ّلذي ال ولدَ ل ُه ْ‬
‫فقط‪.‬‬
‫أب وال أ ٌّم)‪.(3‬‬
‫وقيل‪ :‬م ْن ال يرث ُه ٌ‬
‫ينزل ِ‬
‫عليه‬ ‫يس�أل ممّ�ا مل ْ ْ‬
‫ُ‬ ‫ب�وب البخاري ‪ V‬هلذا احلديث‪ :‬باب‪ :‬ما َ‬
‫كان النبي ﷺ‬ ‫وق�د ّ‬
‫ينزل ِ‬
‫عليه الوحي‪.‬‬ ‫جيب حتّى َ‬‫فيقول «الَ أدرى» ْأو مل ْ ْ‬
‫ُ‬ ‫الوحى‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[147/5‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]194‬ومسلم [‪.[1616‬‬
‫)‪ (3‬عون املعبود [‪.[67/8‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫باجلعرانة‪،‬‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ فأتا ُه ٌ‬ ‫عن صفوان بن يعىل عن ِ‬
‫أبيه ‪َ I‬‬
‫رجل َ‬ ‫مع‬
‫قال‪ :‬كنّا َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخللوق)‪.(1‬‬ ‫وعليه ج ّب ٌة‪ ،‬وعليه ُ‬
‫أثر‬

‫أصنع يف عمريت؟‪.‬‬ ‫فكيف تأمرين ْ‬


‫أن‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بعمرة‪،‬‬ ‫أحرمت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫َ‬
‫أنزل ِ‬
‫عليه‬ ‫عمر يس�رت ُه إذا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فس�كت عن�ه فلم يرجع ِ‬
‫وكان ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫فأن�زل اهلل عىل الن ِّ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫الوحي يظ ّل ُه‪.‬‬
‫ُ‬
‫الوحي‪.‬‬ ‫نزل ِ‬
‫عليه‬ ‫ّبي ﷺ وقدْ َ‬ ‫وكان يعىل ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫وددت ّأين أرى الن َّ‬
‫ُ‬ ‫يقول‪:‬‬

‫الوحي‪.‬‬ ‫أنزل اهلل ِ‬


‫عليه‬ ‫ّبي ﷺ وقدْ َ‬ ‫أير َك ْ‬ ‫عمر‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫تنظر إىل الن ِّ‬
‫أن َ‬ ‫تعال‪ّ ،‬‬ ‫فقال ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البكر)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫كغطيط‬ ‫ٌ‬
‫غطيط‬ ‫فنظرت ِ‬
‫إليه ل ُه‬ ‫ُ‬ ‫طرف ال ّث ِ‬
‫وب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فرفع‬
‫َ‬
‫رس َي عن ُه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فل�ا ّ‬
‫ّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫َ‬
‫أمس�ك ع ْن‬ ‫أن القايض واملفتي إذا مل ْ يعلم حكم املس�ألة‬ ‫ِ‬
‫للقاعدة املش�هورة‪َّ :‬‬ ‫دلي�ل‬
‫جواهبا حتّى يعلم ُه ْأو يظنّ ُه برشطه‪.‬‬
‫حتري�م ال ّط ِ‬
‫ي�ب ع�ىل املح�رم ابتدا ًء ودوام� ًا؛ ألنّ� ُه إذا ح�ر َم دوام ًا فاالبت�داء أوىل‬ ‫ُ‬
‫بالتّحري ِم‪.‬‬

‫احلج‪.‬‬ ‫أن العمرة حيرم فيها م َن ال ّطيب وال ّلباس وغريمها م ْن ّ‬


‫املحرمات ما حيرم يف ّ‬ ‫َّ‬

‫فيه زعفران‪.‬‬‫)‪ (1‬وهو نوع من ال ّطيب يعمل ِ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫الفتي م ْن اإلبل‪.‬‬ ‫هو‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫مع نفسه‪ ،‬والبكر‪َ :‬‬
‫هو كصوت النّائم الذي ير ّدد ُه َ‬‫)‪ (2‬الغطيط‪َ :‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1789‬ومسلم [‪.[1180‬‬
‫‪‬‬

‫وجبت ِ‬
‫عليه املبادرة إىل إزالته‪.‬‬ ‫علم‬ ‫أن م ْن أصاب ُه طيب ناسي ًا ْأو جاه ً‬
‫َّ‬
‫ْ‬ ‫ثم َ‬‫ال َّ‬
‫ال ال ك ّفارة ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫أن م ْن أصاب ُه يف إحرامه طيب ناسي ًا ْأو جاه ً‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫بوحي ال يتىل)‪.(1‬‬ ‫هو‬
‫ليست يف القرآن ما َ‬
‫ْ‬ ‫أن م َن األحكام ا ّلتي‬
‫َّ‬
‫ج�اف ج�ري ٌء‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫يب‬ ‫ِ‬
‫الع�اص قال‪ :‬ج�ا َء ٌ‬ ‫ب�ن عمرو ِ‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫رجل أع�را ٌّ‬ ‫ب�ن‬
‫خاص ًة‪ ،‬أ ْم إذا َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫مت‬ ‫أرض معلومة‪ْ ،‬أو لقو ٍم ّ‬ ‫كنت أ ْم إىل‬ ‫رسول اهلل أي َن اهلجر ُة َ‬
‫إليك‪ :‬حيثا َ‬ ‫يا‬
‫انقطعت؟‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ساع ًة‪َّ ،‬‬ ‫فسكت‬
‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ها أنا ذا يا‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أتنس�ج نس�ج ًا‪ ،‬أ ْم تش� ّق ُق م ْن‬
‫ُ‬ ‫أهل اجلن ِّة‪:‬‬
‫ثياب ِ‬
‫أرأيت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪،‬‬ ‫رجل َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ثم قا َم ٌ‬
‫َّ‬
‫ثمر اجلنّة؟ِ‬
‫ِ‬

‫يب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫تعجبوا م ْن مسألة األعرا ِّ‬
‫فكأن القو َم ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فسكت هن ّي ًة‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬أنا‪.‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫الساع ُة؟‬
‫كا سئل ﷺ‪ :‬متى ّ‬
‫‪ .‬احلديث‪ .‬وقد سبق‪.‬‬ ‫فأجاب‪:‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[78/8‬‬


‫ِ‬
‫باليامة‪.‬‬ ‫)‪ (2‬يعني أرض ًا‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]6851‬وقال اهليثمي‪« :‬رجاله ثقات»‪ .‬جممع الزوائد [‪.[767/10‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫صدر‬ ‫أنزل اهلل ‪D‬‬


‫ٍ‬
‫صامت َ‬ ‫أوس ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫قال�ت‪ :‬واهلل َّيف‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬
‫ن خول� َة بنت ثعلب َة ‪J‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع� ْ‬
‫ِ‬
‫املجادلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سورة‬

‫عيل يوم ًا‪،‬‬ ‫َ‬


‫فدخ�ل َّ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫وضجر‪ْ .‬‬
‫َ‬ ‫وكان ش�يخ ًا كبري ًا قدْ س�ا َء خلق ُه‬
‫َ‬ ‫كن�ت عند ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال�ت‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫كظهر أ ّمي‪.‬‬ ‫عيل‬ ‫ِ‬ ‫فغضب‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫فقال‪ :‬أنت َّ‬ ‫َ‬ ‫بيشء‪،‬‬ ‫فراجعت ُه‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫هو يريدين عىل نفيس‪.‬‬
‫عيل‪ ،‬فإذا َ‬
‫دخل َّ‬ ‫فجلس يف نادي قومه ساع ًة‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫خرج‪،‬‬
‫ثم َ‬‫قالت‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫قلت حتّى‬
‫قلت م�ا َ‬ ‫ختل�ص إ َّيل‪ ،‬وقدْ َ‬
‫ُ‬ ‫بي�ده ال‬ ‫نف�س خويل َة‬ ‫كال وا ّل�ذي ُ‬ ‫فقل�ت‪ّ :‬‬‫ُ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫بحكمه‪.‬‬ ‫حيكم اهلل ورسول ُه فينا‬
‫َ‬
‫عيف‪ ،‬فألقيت ُه عنّي‪.‬‬
‫الض َ‬
‫يخ ّ‬ ‫تغلب ِبه املرأ ُة ّ‬
‫الش َ‬ ‫ُ‬ ‫وامتنعت من ُه‪ ،‬فغلبت ُه با‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬فواثبني‪،‬‬
‫ْ‬

‫جئت‬
‫خرج�ت حتّى ُ‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫فاس�تعرت منها ثياهبا‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بع�ض جارايت‪،‬‬ ‫خرجت إىل‬
‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫قال�ت‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫فجعلت أشكو ِ‬
‫إليه ﷺ ما ألقى‬ ‫ُ‬ ‫لقيت من ُه‪،‬‬
‫فذكرت ل ُه ما ُ‬
‫ُ‬ ‫بني ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫فجلست َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬
‫ِ‬
‫خلقه‪.‬‬ ‫من ِ‬
‫سوء‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجعل‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫ثم‬ ‫كان ّ‬
‫يتغش�ا ُه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ما َ‬ ‫فتغش�ى‬ ‫ُ‬
‫القرآن‪ّ ،‬‬ ‫برحت حتّى َ‬
‫نزل َّيف‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬فواهلل ما‬
‫ْ‬
‫عيل‪( :‬ﭑ ﭒ‬ ‫ثم ق�ر َأ َّ‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫رس َي عن� ُه‪َ ،‬‬
‫فق�ال يل‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) إىل قول�ه‪ِ:‬‬

‫(ﯔ ﯕ ﯖ) [املجادلة‪.[4-1 :‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‬

‫يعتق‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ما عند ُه ما ُ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫كبري ما ِبه م ْن صيا ٍم‪.‬‬


‫شيخ ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إ ّن ُه ٌ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل ما َ‬
‫ذاك عند ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قلت واهلل يا‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬
‫آخر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل سأعين ُه بعرق َ‬ ‫فقلت‪ :‬وأنا يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ففعلت)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫جاءت (املجادل ُة)‬
‫ْ‬ ‫األصوات‪ ،‬لقدْ‬
‫َ‬ ‫هلل ا ّلذي َ‬
‫وسع سمع ُه‬ ‫وعن عائش ُة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬احلمدُ ِ‬
‫ِ‬
‫البيت)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫ناحية‬ ‫عيل كالمها‪ ،‬وأنا يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫خول ُة إىل‬
‫فكان خيفى َّ‬ ‫رسول اهلل ﷺ تشكو زوجها‪،‬‬
‫ﷺ‬
‫كثري الس�حيمي عن ِ‬
‫قلت‪ :‬د ّلني عىل ٍ‬
‫عمل إذا َ‬
‫عمل العبدُ‬ ‫ذر ُ‬‫س�ألت أبا ٍّ‬
‫ُ‬ ‫أبيه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُّ ْ‬ ‫عن أيب ٍ ّ‬
‫ِبه َ‬
‫دخل اجلنّ َة‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سألت ع ْن َ‬
‫ذلك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫اإليان عمالً‪.‬‬ ‫مع‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬
‫إن َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كان معدم ًا ال يش َء ل ُه؟‬
‫وإن َ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كان عي ّي ًا ال يبلغ عن ُه لسان ُه؟‬
‫فإن َ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]26774‬وأبو داود [‪ ،]2214‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[2087‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ،]3460‬وابن ماجة [‪ ،]188‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[276‬‬
‫الر ُ‬
‫ضخ‪ :‬العط ّية القليلة‪ .‬النهاية [‪.[228/2‬‬ ‫)‪ّ (3‬‬
‫‪‬‬

‫كان ضعيف ًا ال قدر َة ل ُه؟‬


‫فإن َ‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ْ :‬‬
‫وإن كان أخرق؟‬ ‫ُ‬
‫قال‪ :‬فالتفت إيل‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫تيسري؟‬ ‫إن ِ‬
‫هذه كلمة‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬
‫َ‬
‫فق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫الس�ؤال‪ ،‬وصر املفتي واملع ّلم ع�ىل التّلميذ وم ْن‬
‫«وفيه حس� ُن املراجعة يف ّ‬
‫يفتيه ورفقه ِبه واحتال كثرة مسائله وتقريراته»)‪.(2‬‬
‫ِ‬

‫ب؟‪.‬‬
‫الض ِّ‬
‫أكل ّ‬ ‫وهو عىل ِ‬
‫املنر ع ْن ِ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫سأل ٌ‬
‫رجل‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫عمر ‪َ L‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ابن َ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ح�الل؛ َّ‬ ‫إباح� ُة ِ‬
‫األش�ياء‬ ‫األصل يف‬ ‫ألن‬ ‫فهو‬
‫حيرم ُه َ‬
‫�ب؛ ألنّ� ُه إذا مل ْ ّ‬ ‫أكل حل� ِم ّ‬
‫الض ِّ‬
‫ٍ‬
‫لعيافة ْأو غريها)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫يكون َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫حتريمه؛ فقدْ‬ ‫يدل عىل‬ ‫اإلباح ُة‪ ،‬وعدم ِ‬
‫أكله ال ُّ‬ ‫ُ‬
‫حيرمه رشع ًا‪.‬‬
‫فهو ﷺ ال يشتهيه طبع ًا‪ ،‬ولكنه ال ّ‬

‫بن ٍ‬ ‫إهاب ِ‬
‫ِ‬ ‫تزو َج ابن ًة أليب‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن عقب� َة ِ‬
‫فقالت‪ّ :‬إين‬
‫ْ‬ ‫عزيز‪ ،‬فأتت ُه امرأةٌ‪،‬‬ ‫بن احلارث ‪ I‬أ ّن ُه ّ‬
‫أرضعت عقب َة وا ّلتي ّ‬
‫تزو َج‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قدْ‬

‫)‪ (1‬رواه اب�ن حب�ان [‪ ،]374‬وق�ال األلباين‪« :‬صحي�ح لغريه»‪ .‬التعليقات احلس�ان [‪ ،]394/1‬وه�و يف البخاري‬
‫]‪ ،]2518‬ومسلم [‪ ]84‬خمترص ًا‪.‬‬
‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[149/5‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]5536‬ومسلم [‪.[1943‬‬
‫)‪ (4‬طرح التثريب [‪.[3/6‬‬
‫‪‬‬

‫فقال هلا عقب ُة‪ :‬ما أعلم أن ِ‬


‫ّك أرضعتني‪ ،‬وال أخرتني)‪!(1‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫يسأهلم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إهاب‬ ‫فأرسل إىل ِ‬
‫آل أيب‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫أرضعت صاحبتنا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فقالوا‪ :‬ما علمنا‬

‫وتبس َم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫فأعرض عن ُه ّ‬
‫َ‬ ‫باملدينة‪ ،‬فسأل ُه‪،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فركب إىل‬
‫َ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‬

‫ونكحت زوج ًا غري ُه)‪.(3‬‬


‫ْ‬ ‫ففارقها عقب ُة‪،‬‬
‫الذ ِ‬
‫يل بري َء‬ ‫نقي ّ‬
‫والريب�ة وإن كان َّ‬
‫أن الواج�ب عىل املرء أن جيتنب مواقف التّهم ّ‬
‫الس ِ‬
‫احة‪ ،‬وأنشدوا‪:‬‬ ‫ّ‬

‫ِ‬
‫باالحتياط)‪.(4‬‬ ‫ٌ‬
‫حممول عندَ األكثرين عىل األخذ‬ ‫وهذا‬

‫بالتح�رز عن ّ‬
‫الش�بهة‪ ،‬وأمره‬ ‫ّ‬ ‫«ق�ال مجهور العل�اء‪ :‬إن النب�ي ﷺ أفتاه‬
‫الريبة خوف ًا من اإلقدام عىل فرج قام فيه ٌ‬
‫دليل عىل أن املرأة أرضعتها‪ ،‬لكنه مل يكن‬ ‫بمجانبة ّ‬
‫قاطع ًا وال قو ّي ًا»)‪.(5‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫اجلعفي‬
‫ُّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫سأل سلم ُة ب ُن يزيدَ‬ ‫احلرضمي َ‬
‫ِّ‬ ‫وائل ِ‬
‫ابن‬ ‫ع ْن ٍ‬

‫هم‪ ،‬ويمنعونا ح ّقنا‪ ،‬فا تأمرنا؟‬


‫قامت علينا أمرا ُء يسألونا ح ّق ْ‬
‫إن ْ‬ ‫أرأيت ْ‬
‫َ‬ ‫نبي اهللِ‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا َّ‬

‫أي قبل َ‬
‫ذلك‪ ،‬كأ ّن ُه ا ّهتمها‪.‬‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬أي كيف تبارشها وتفيض إليها وقد قيل إنك أخوها من الرضاع فإنه بعيد من املروءة والورع؟ فيض القدير‬
‫]‪.[59/5‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[88‬‬
‫)‪ (4‬مرقاة املفاتيح [‪.[108/10‬‬
‫)‪ (5‬عمدة القاري [‪.[102/2‬‬
‫‪‬‬

‫فأعرض عن ُه‪.‬‬
‫َ‬
‫فأعرض عن ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ثم سأل ُه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ثم سأله يف ال ّث ِ‬
‫الثة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫الرع ّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬ما ك ّلفوا م َن‬
‫حق ّ‬‫وإعطاء ِّ‬ ‫العدل‪،‬‬ ‫ْ‬
‫والص ِر عىل البل ّي ِة)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬م َن ال ّطاعة ّ‬
‫ْ‬
‫النب�ي ﷺ عنه‪ ،‬كأنه ﷺ كره هذه املس�ائل‪ ،‬وكره أن يفتح ه�ذا الباب‪ ،‬ولكن‬
‫ُّ‬ ‫«أع�رض‬
‫محلوا‪ ،‬وعلينا‬
‫أعاد الس�ائل عليه ذلك‪ ،‬فأم�ر النبي ﷺ أن نؤ ّد َي هلم حقه�م‪ ،‬وأن عليهم ما ّ‬
‫محلنا‪.‬‬
‫ما ّ‬
‫محلوا أن حيكموا فينا بالع�دل‪ ،‬وأال يظلموا أحد ًا‪،‬‬
‫الس�مع والطاع َة‪ ،‬وه�م ّ‬
‫َ‬ ‫محلنا‬
‫فنح ُن ّ‬
‫وأن يقيم�وا ح�دود اهلل ع�ىل عب�اد اهلل‪ ،‬وأن يقيم�وا رشيع�ة اهلل يف أرض اهلل‪ ،‬وأن جياهدوا‬
‫أعداء اهلل‪.‬‬
‫جيب عليهم‪ ،‬فإن قام�وا به فهذا هو املطلوب‪ ،‬وإن مل يقوموا به‪ ،‬فإننا ال نقول‬
‫ه�ذا الذي ُ‬
‫احلق الذي علينا‪ ،‬فنسمع‬
‫جيب أن نؤ ّدي َّ‬
‫هلم‪ :‬أنتم مل تؤ ّدوا الذي عليكم فال نؤ ّدي الذي لكم‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫واألعياد‪ ،‬وغري ذلك»)‪.(3‬‬ ‫ّ‬
‫ونصيل وراءهم يف اجلمع‬ ‫ونطيع‪ ،‬ونخرج معهم يف اجلهاد‪،‬‬
‫ﷺ‬
‫ليسارع املؤم ُن إىل اتّباعها بال ٍ‬
‫حرج‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بيان ِ‬
‫علل األحكام ومداركها؛‬ ‫كان من ِ‬
‫هدي القرآن ُ‬

‫قال تعاىل‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬


‫ﮯ) [البقرة‪ ،[222 :‬فأمر سبحانه نب ّي ُه أن يذكر هلم ع ّلة احلكم قبل احلكم‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1846‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[368/6‬‬
‫)‪ (3‬رشح رياض الصاحلني للعثيمني [‪.[666/3‬‬
‫‪‬‬

‫ويمهدُ للحكم املستغرب بوسائل‬


‫ّ‬ ‫وقد كان النبي ﷺ هي ّي ُئ نفس املستفتي لقبول احلكم‪،‬‬
‫شتى لتقريب احلكم للمستفتي‪ ،‬وإقناعه به‪.‬‬

‫وه�ذا م�ن أحس�ن الط�رق يف الفت�وى‪ ،‬حيث هييئ نف�س الس�ائل للحكم حت�ى يتقبله‬
‫بالتسليم؛ عمال بقوله تعاىل‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [النساء‪.[65 :‬‬

‫ّمر‬ ‫ِ‬
‫اش�رتاء الت ِ‬ ‫ُ‬
‫يس�أل ع ْن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫س�معت‬ ‫اص ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫س�عد بن أيب و ّق ٍ‬ ‫عن‬
‫ُ‬
‫بالر ِ‬
‫طب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال مل ْن حول ُه‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬
‫قالوا‪ْ :‬‬
‫ذلك)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن َ‬ ‫فنها ُه‬
‫ِ‬
‫بنفس�ه؛ رآها مش�تمل ًة عىل‬ ‫ّبي ﷺ ا ّلذي قول ُه ّ‬
‫حج ٌة‬ ‫«م ْن تأ ّم َل فتاوى الن ِّ‬
‫ووجه مرشوع ّي ِته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ونظريه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حكمة احلك ِم‬ ‫الت ِ‬
‫ّنبيه عىل‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫طب بالت ِ‬


‫ّمر َ‬ ‫الر ِ‬ ‫وهذا كا َ‬
‫سئل ع ْن بي ِع ّ‬
‫فزجر عن ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫نعم‪،‬‬
‫قالوا‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫وسببه»)‪.(2‬‬ ‫ههم عىل ع ّل ِة التّحري ِم‬ ‫ِ‬ ‫وم َن املعلو ِم أ ّن ُه َ‬
‫يعلم نقصان ُه باجلفاف‪ ،‬ولك ْن ن ّب ْ‬
‫كان ُ‬
‫فإهنا جل ّي ٌة مس�تغني ٌة‬
‫«ليس املراد م ْن االس�تفهام اس�تعالم القض ّية‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫وقال القايض ‪َ :V‬‬
‫الرشط حت ّقق املاثلة حال اليبوس�ة‪ ،‬ف�ال يكفي تاثل‬
‫أن ّ‬ ‫ع� ْن االستكش�اف‪ِ ،‬‬
‫ب�ل التّنبيه ع�ىل َّ‬
‫الرطب والتّمر عىل رطوبته وال عىل فرض اليبوسة أل ّن ُه ختمني»)‪.(3‬‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]3359‬والرتمذي [‪ ،]1225‬والنسائي [‪ ،]4545‬وابن ماجة [‪ ،]2264‬وصححه األلباين يف‬
‫اإلرواء [‪.[1352‬‬
‫)‪ (2‬إعالم املوقعني [‪.[123/4‬‬
‫)‪ (3‬عون املعبود [‪.[151/9‬‬
‫‪‬‬

‫ههم‬ ‫يبس‪ ،‬ولكنّ ُه ﷺ أرا َد ْ‬ ‫«ال خيفى عىل ٍ‬


‫أحد َّ‬
‫أن ين ّب ْ‬ ‫ينقص إذا َ‬
‫طب ُ‬ ‫الر َ‬
‫أن ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ّفاض�ل‪ ..‬ف�أراد تعليمه�م وتقريرهم ع�ىل أن علة املنع‬ ‫بذل�ك ع�ىل ع ّل�ة التّحري� ِم‪َ ،‬‬
‫وهو الت‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫باتفاق»)‪.(1‬‬ ‫موجود ٌة مس ّلم ٌة‬

‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪،‬‬
‫فأتيت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫صائ�م‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫هشش�ت يوم� ًا‪ ،‬فق ّب ُ‬
‫لت وأنا‬ ‫ُ‬ ‫عم�ر ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وع� ْن‬
‫صائم؟‬
‫ٌ‬ ‫صنعت اليو َم أمر ًا عظي ًا‪ ،‬فق ّب ُ‬
‫لت وأنا‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫بأس‬
‫قلت‪ :‬ال َ‬
‫ُ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫يرض شيئ ًا؟ قال‪ :‬ال‪.‬‬


‫تضمضت‪ ،‬ثم جمجته‪ ،‬أكان ُّ‬
‫َ‬ ‫يعني‪ :‬أرأيت لو‬

‫وهي ّأول‬ ‫أن املضمض َة ال ُ‬


‫وذل�ك َّ‬
‫َ‬ ‫«فأش�ار إىل ٍ‬
‫الص�و َم‪َ ،‬‬
‫تنقض ّ‬ ‫فقه بديع‪،‬‬ ‫َ‬
‫أن القبل َة م ْن دواعي اجلاع ومفتاح ُه‪.‬‬ ‫الرش ِ‬
‫ب ومفتاح ُه‪ ،‬كا َّ‬ ‫ّ‬

‫الرشب ال يفس�د‬ ‫عندهم َّ‬


‫أن أوائل ّ‬ ‫ْ‬ ‫ثبت‬
‫الصو َم كا يفس�د ُه اجلاع‪ ،‬وكا َ‬
‫والرشب يفس�دُ ّ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫فكذلك أوائل اجلاع« اه�)‪.(3‬‬ ‫الصيام‬
‫ّ‬
‫حتر ْك ش�هوت ُه لك َّن األوىل ل ُه‬
‫حمرم� ًة عىل م ْن مل ْ ّ‬
‫ليس�ت ّ‬
‫ْ‬ ‫«القبل ُة يف ّ‬
‫الصوم‬
‫وقيل مكروهة‪.‬‬ ‫األصح َ‬
‫ّ‬ ‫فهي حرا ٌم يف ح ّق ِه عىل‬
‫كت شهوت ُه َ‬ ‫حر ْ‬‫تركها‪ ،‬وأ ّما م ْن ّ‬
‫إن َ‬
‫أنزل هبا»)‪.(4‬‬ ‫الصو َم ّإال ْ‬ ‫وال خالف ّأهنا ال ُ‬
‫تبطل ّ‬
‫وليس�ت معنا‬
‫ْ‬ ‫العدو غد ًا‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ ،‬إنّا القو‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫خديج ‪ I‬قال‪ُ :‬‬ ‫ع ْن راف ِع ِ‬
‫بن‬
‫مدً ى‪.‬‬

‫)‪ (1‬املنتقى رشح املوطإ [‪.[243/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]3285‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[3536‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[152/4‬‬
‫)‪ (4‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[215/7‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫ق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫بكون أحدمه�ا عظ ًا‪ ،‬وهذا تنبيه عىل ع�د ِم الت ِ‬
‫ّذكية‬ ‫ِ‬ ‫«فنب�ه ع�ىل ع ّل ِة املن ِع م�ن الت ِ‬
‫ّذكية هبا‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعظا ِم؛ إ ّما لنجاسة بعضها؛ وإ ّما لتنجيسه عىل مؤمني اجل ِّن‪.‬‬
‫ار»)‪.(2‬‬ ‫احلبشة‪ ،‬ففي الت ِ‬
‫ّذكية هبا تش ّب ٌه بالك ّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخر مدى‬ ‫ِ‬
‫ولكون‬
‫ِ‬
‫اخل�ذف)‪َ ،(3‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ ِ‬
‫عن‬ ‫امل�زين ‪َ I‬‬ ‫بن مغ ّف ٍل‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫قال‪ :‬هنى الن ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬

‫فيه‪ ،‬وخياف مفس�دته‪ ،‬ويلتحق ِبه ّ‬


‫كل ما ش�ارك ُه‬ ‫عن اخلذف؛ أل ّنه ال مصلحة ِ‬
‫ُ‬ ‫ّهي ِ‬
‫الن ُ‬
‫يف هذا‪.‬‬
‫فهو جائز)‪.(5‬‬ ‫كان ِ‬
‫أن ما َ‬ ‫َّ‬
‫الصيد َ‬
‫العدو‪ ،‬وحتصيل ّ‬
‫ِّ‬ ‫فيه مصلحة‪ْ ،‬أو حاجة يف قتال‬
‫فحملت عىل ٍ‬
‫بكر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تبوك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ غزو َة َ‬ ‫مع‬
‫غزوت َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن يعىل ِ‬
‫بن أم ّي َة ‪َ I‬‬
‫أوثق أعايل يف نفيس‪.‬‬
‫فهو ُ‬
‫َ‬
‫ونزع ثن ّيت ُه‪.‬‬ ‫فعض أحدمها اآلخر‪ ،‬فانتزع يده من ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫فاستأجرت أجري ًا‪َ ،‬‬
‫فقاتل رجالً‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫)‪.(6‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأهدرها‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فأتى الن َّ‬
‫جاز ل ُه ْ‬
‫أن ير َّد‬ ‫ِ‬
‫املعضوض؛ َ‬ ‫العاض ّملا َ‬
‫صال ع�ىل‬ ‫َّ‬ ‫فإن‬ ‫ِ‬
‫وأبينه؛ َّ‬ ‫ّعليل‬ ‫ِ‬
‫أحس�ن الت ِ‬ ‫«وه�ذا م ْن‬
‫يده من ِ‬
‫فمه‪.‬‬ ‫صياله عنه بانتزا ِع ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2488‬ومسلم [‪.[1968‬‬


‫)‪ (2‬إعالم املوقعني [‪.[124/4‬‬
‫ثم ترمي هبا احلصا َة َبني‬ ‫ٍ‬
‫ّخذ خمذف ًة م ْن خش�ب َّ‬
‫ه�و رمي�ك حصاة ْأو نوا ًة تأخذها َبني س� ّبابتيك وترمي هبا‪ْ ،‬أو تت ُ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫ِ‬
‫والس ّبابة‪ .‬النهاية [‪.[16/2‬‬
‫إهبامك ّ‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]4842‬ومسلم [‪.[1954‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[106/13‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]2266‬ومسلم [‪.[1674‬‬
‫‪‬‬

‫الش�ارعِ؛ فال ُ‬
‫يقابل‬ ‫مأذون ِ‬
‫فيه م َن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫كان س�قوطها ٍ‬
‫بفعل‬ ‫ِ‬
‫إس�قاط ثنايا ُه؛ َ‬ ‫فإذا أ ّدى َ‬
‫ذلك إىل‬
‫بالدّ ِية»)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬

‫ص ل ُه‪.‬‬ ‫للصائ ِم)‪ّ ،(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ ِ‬ ‫ال َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬
‫فرخ َ‬ ‫عن املبارشة ّ‬ ‫سأل الن َّ‬
‫آخر فسأل ُه‪ ،‬فنها ُه‪.‬‬
‫وأتا ُه ُ‬
‫شيخ‪ ،‬وا ّلذي هنا ُه ٌّ‬
‫شاب)‪.(3‬‬ ‫ص ل ُه ٌ‬ ‫فإذا ا ّلذي ّ‬
‫رخ َ‬
‫ففرق بينها يف احلكم‪.‬‬
‫الشاب والشيخ‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫النبي ﷺ الفرق بني‬
‫ويف هذا مراعاة ِّ‬
‫تتحر ُك‬ ‫ِ‬
‫للش�باب ونحوهم‪ ،‬ممن ّ‬ ‫«فاس�تنبط العلا ُء من ذلك‪ :‬أن القبل َة واملبارشة تكرهان‬
‫َ‬
‫ش�هوته عن�د ذلك‪ ،‬وخيش�ى عليه مواقع� ُة احلرا ِم‪ ،‬أ ّما من ال خيش�ى منه ذلك ف�ال كراهة يف‬
‫ح ّقه»)‪.(4‬‬
‫ِ‬
‫بالقبلة»)‪.(5‬‬ ‫املني‬ ‫الصو َم ّإال ْ‬
‫أن َ‬ ‫«وال خالف ّأهنا ال ُ‬
‫ينزل َّ‬ ‫تبطل ّ‬

‫فقال‪ :‬مل ْن َ‬
‫قتل مؤمن ًا توب ٌة؟‬ ‫اس‪َ ،‬‬ ‫رجل إىل ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫قال‪ :‬جا َء ٌ‬
‫بن عبيدةَ‪َ ،‬‬ ‫فعن ِ‬
‫سعد ِ‬ ‫ْ‬
‫قال‪« :‬ال ّإال الن ُّار»‪.‬‬
‫َ‬

‫أن مل ْن َ‬
‫قت�ل مؤمن ًا توب ٌة‬ ‫كنت تفتين�ا َّ‬
‫كنت تفتين�ا‪َ ،‬‬ ‫ذه�ب َ‬
‫قال ل ُه جلس�اؤ ُه‪ :‬م�ا هكذا َ‬ ‫َ‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫مقبول ٌة‪ ،‬فا ُ‬
‫بال اليوم؟‬
‫أن َ‬
‫يقتل مؤمن ًا»‪.‬‬ ‫ال مغضب ًا يريدُ ْ‬
‫«إين أحسب ُه رج ً‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬

‫)‪ (1‬إعالم املوقعني [‪.[124/4‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البرشتني‪.‬‬ ‫)‪ (2‬معنى املبارشة ههنا ال ّلمس باليد َ‬
‫وهو التقاء‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]2387‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[2065‬‬
‫)‪ (4‬جمموع فتاوى ابن باز [‪.[315 / 15‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[215/7‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫كذلك)‪.(1‬‬ ‫قال‪ :‬فبعثوا يف ِ‬
‫أثره‪ ،‬فوجدو ُه‬ ‫َ‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫اليمن‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل‬ ‫عن أيب موسى َ‬
‫قال‪ :‬بعثني‬
‫أدع‪.‬‬
‫أرشب وما ُ‬
‫ُ‬ ‫إن هبا أرشب ًة‪ ،‬فا‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫واملزر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫البتع‪،‬‬
‫قلت‪ُ :‬‬‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫الذ ِ‬
‫رة‪.‬‬ ‫فنبيذ ّ‬
‫املزر ُ‬ ‫ِ‬ ‫البتع ُ‬
‫العسل‪ ،‬وأ ّما ُ‬ ‫فنبيذ‬ ‫قلت‪ :‬أ ّما ُ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫كيف‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬كنّ�ا نرقي يف اجلاهل ّي ِة‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫األش�جعي َ‬
‫ِّ‬
‫بن ٍ‬
‫مالك‬ ‫ِ‬
‫عوف ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫ترى يف َ‬
‫ذلك؟‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫الرق�ى‪ ،‬فجا َء ُآل عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ِ‬
‫ُ‬ ‫عبد اهلل ‪َ L‬‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫جاب�ر ِ‬
‫عن ّ‬ ‫قال‪ :‬هنى‬ ‫وع� ْن‬
‫ِ‬
‫العقرب‪،‬‬ ‫كانت عندنا رقي ٌة نرقي هبا م َن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ ،‬إ ّن ُه ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬ ‫حز ٍم إىل‬
‫الرقى‪.‬‬
‫عن ّ‬‫هنيت ِ‬
‫وإن َّك َ‬

‫)‪ (1‬رواه ابن أيب شيبة [‪.[27753‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ،]5603‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪ ،]7333‬وأصله يف البخاري [‪ ،]4343‬ومسلم‬
‫]‪.[1733‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2200‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫قال‪ :‬فعرضوها ِ‬


‫عليه‪َ ،‬‬ ‫َ‬

‫فأج�اب العلاء عن ُه‬


‫َ‬ ‫الرقى)‬
‫هنيت ع� ْن ّ‬
‫«وأ ّم�ا قوله‪( :‬يا رس�ول اهلل إنّ�ك َ‬
‫ٍ‬
‫بأجوبة‪:‬‬

‫الرشع عىل اإلذن‪.‬‬


‫واستقر ّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫وأذن فيها‪ ،‬وفعلها‪،‬‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫كان هنى ّأوالً‪َّ ،‬‬
‫ثم َ‬
‫نسخ َ‬ ‫َ‬

‫سبق‪.‬‬
‫الرقى املجهولة كا َ‬
‫عن ّ‬‫أن النّهي ِ‬
‫َّ‬

‫كان�ت اجلاهل ّية‬


‫ْ‬ ‫َ‬
‫يعتقدون منفعته�ا وتأثريها بطبعها كا‬ ‫َّ‬
‫أن النّه�ي لقو ٍم كان�وا‬
‫تزعم ُه يف أشياء كثرية»)‪.(2‬‬

‫َ‬
‫يكون‬ ‫ٍ‬
‫رشوط‪ْ :‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ثالثة‬ ‫الرقى عندَ اجتا ِع‬ ‫ِ‬
‫جواز ّ‬ ‫أمجع العلا ُء عىل‬
‫«وقدْ َ‬
‫يعرف معناه م�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غريه‪ْ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ب�كال ِم اهلل تعاىل ْأو بأس�ائه وصفاته‪ ،‬وبال ّلس�ان الع�ر ِّ‬
‫يب‪ْ ،‬أو با‬
‫ِ‬
‫بذات اهلل تعاىل»)‪.(3‬‬ ‫الرقي َة ال تؤ ّث ُر بذاهتا‪ْ ،‬بل‬ ‫يعتقدَ َّ‬
‫أن ّ‬
‫ﷺ‬

‫وهو ُ‬
‫يسأل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو ‪َ L‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ّبي ﷺ عندَ اجلمرة َ‬
‫رأيت الن َّ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ْ‬
‫أرمي‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫نحرت َ‬
‫قبل ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل‪ :‬يا‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أنحر‪.‬‬
‫أن َ‬ ‫حلقت َ‬
‫قبل ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‬ ‫آخر‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أخ َر ّإال َ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫سئل عن ٍ‬
‫حرج)‪.(4‬‬
‫افعل وال َ‬ ‫يشء قدّ َم وال ّ‬ ‫فا َ ْ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2199‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[168/14‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[195/10‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري[‪ ،]124‬ومسلم [‪.[1306‬‬
‫‪‬‬

‫نذرت هللِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ّ ،‬إين‬ ‫الفتح‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ِ‬ ‫أن رج ً‬
‫ال قا َم يو َم‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪َّ L‬‬ ‫وع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصيل يف ِ‬ ‫عليك م ّك َة ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ركعتني‪.‬‬ ‫املقدس‬ ‫بيت‬ ‫أن ّ َ‬ ‫فتح اهلل‬
‫إن َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثم أعاد ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َّ َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ثم أعاد ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َّ َ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫النبي ﷺ التيس�ري‪ ،‬كا قال تعاىل‪( :‬ﯤ ﯥ) [األعىل‪ْ ،[8 :‬‬


‫«أي‪:‬‬ ‫وهكذا كان منهج ِّ‬
‫لك رشع ًا س�هالً‪ ،‬س�مح ًا‪ ،‬مس�تقي ًا‪ ،‬عدالً ال‬
‫ونرش ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫علي�ك َ‬
‫َ‬ ‫نس�ه ُل‬
‫أفعال اخل�ري وأقوال ُه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫عر»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫حرج‪ ،‬وال َ‬‫اعوجاج فيه‪ ،‬وال َ‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫وع� ْن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫ع�ن الن ِّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪.(4‬‬ ‫وقال ﷺ‪:‬‬


‫ِ‬
‫أمرين ّإال َ‬ ‫ُ‬ ‫وع ْن عائش� َة ‪ّ J‬أهنا ْ‬
‫أخذ أيرمها ما مل ْ‬ ‫بني‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫خري‬
‫قالت‪ :‬ما ّ َ‬
‫كان أبعدَ الن ِ‬
‫ّاس من ُه)‪.(5‬‬ ‫كان إث ًا َ‬
‫فإن َ‬
‫يك ْن إث ًا‪ْ ،‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]3305‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[2597‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري [‪.[372/8‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]39‬ومسلم [‪.[2816‬‬
‫وقواه األلباين يف الصحيحة [‪ ]423/6‬بشواهده‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ]21788‬عن أيب أمامة ‪ّ ،I‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3560‬ومسلم [‪.[2327‬‬
‫‪‬‬

‫(‬ ‫)‪(2‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫ﷺ‬ ‫)‪(4‬‬

‫)‪.(5‬‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ليل َة‬ ‫اس�تأذنت س�ود ُة‬
‫ْ‬ ‫حممد ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬ ‫وعن القاس�م بن ّ‬
‫القاس�م‪ :‬وال ّثبط ُة‬ ‫وكانت ام�رأ ًة ثبط ًة ‪ُ -‬‬
‫يقول‬ ‫ّ�اس)‪،(6‬‬ ‫ِ‬
‫حطمة الن ِ‬ ‫تدفع قبل� ُه‪َ ،‬‬
‫وقبل‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫املزدلف�ة ُ‬
‫ِ‬
‫بدفعه‪.‬‬ ‫دفعه‪ ،‬وحبسنا حتّى أصبحنا‪ ،‬فدفعنا‬‫قبل ِ‬‫فخرجت َ‬
‫ْ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فأذن هلا‪،‬‬ ‫ال ّثقيل ُة‪َ .‬‬

‫أحب إ َّيل م ْن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬


‫أدفع بإذنه ُّ‬
‫فأكون ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ كا استأذنت ُه سودةُ‪،‬‬ ‫استأذنت‬
‫ُ‬ ‫أكون‬ ‫وألن‬
‫مفروح ِبه)‪.(7‬‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫استأذن العباس بن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫عمر ‪َ L‬‬ ‫وع ْن عبد اهلل ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫لب ‪I‬‬ ‫َ ّ ُ ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن َ‬
‫فأذن ل ُه)‪.(8‬‬ ‫ِ‬
‫سقايته‪َ ،‬‬ ‫يبيت بم ّك َة ليا َيل منًى م ْن ِ‬
‫أجل‬ ‫أن َ‬ ‫ْ‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫اس ‪َّ L‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬

‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬نحيف‪.‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬دهني الشعر مسرتسله‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬متوسط ليس بالطويل‪ ،‬وال بالقصري‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ّ :‬محام‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3394‬ومسلم [‪.[168‬‬
‫)‪ (6‬أي‪ :‬قبل الزحام‪.‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]1680‬ومسلم [‪.[1290‬‬
‫)‪ (8‬رواه البخاري [‪ ،]1634‬ومسلم [‪.[1315‬‬
‫‪‬‬

‫اإلذخر لصاغتنا‪ ،‬وقبورنا‪.‬‬


‫َ‬ ‫رسول اهلل ّإال‬
‫َ‬ ‫اس‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫فقال الع ّب ُ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫أوحي‬
‫َ‬ ‫‪ ،‬هذا حممول عىل أ ّن ُه ﷺ‬ ‫فقال رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫«قوله‪َ :‬‬
‫طلب‬ ‫ذلك أ ّن ُه ْ‬ ‫باس�تثناء اإلذخر وختصيصه من العم�وم‪ ،‬أو أوحي ِ‬
‫إليه قبل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫إليه يف احلال‬
‫ِ‬
‫فاستثنه‪ْ ،‬أو أ ّن ُه اجتهدَ يف اجلميع‪ .‬واهلل أعلم»)‪.(2‬‬ ‫أحد استثناء يشء‬

‫ِ‬
‫احلديث‪.‬‬ ‫ذكر يف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ّبي ﷺ با َ‬
‫بيان خصوص ّية الن ِّ‬
‫ِ‬
‫واملشاهد‪.‬‬ ‫الرشع ّي ِة‪ ،‬واملبادر ُة إىل َ‬
‫ذلك يف املجام ِع‬ ‫ِ‬
‫املصالح ّ‬ ‫ِ‬
‫مراجعة العاملِ يف‬ ‫جواز‬
‫ُ‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫منزلة الع ّب ِ‬
‫اس عندَ الن ِّ‬ ‫عظيم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لكونه َ‬
‫كان هبا أصل ُه ومنشؤ ُه‪.‬‬ ‫عنايت ُه ﷺ ِ‬
‫بأمر م ّك َة‬
‫ِ‬
‫الكفر إىل يو ِم‬ ‫ِ‬
‫ب�الد‬ ‫ِ‬
‫املدين�ة‪ ،‬وإبقا ُء حكمها م ْن‬ ‫ِ‬
‫اهلج�رة ع ْن م ّك َة إىل‬ ‫ِ‬
‫وجوب‬ ‫رف�ع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة)‪.(3‬‬

‫شاسع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫البرص‪،‬‬ ‫رضير‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ّإين ٌ‬
‫رجل‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫سأل الن َّ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ابن أ ِّم مكتو ٍم أ ّن ُه َ‬

‫أن ّ َ‬
‫أصيل يف بيتي؟‪.‬‬ ‫الدّ ار‪ ،‬ويل قائدٌ ال يالئمني‪ْ ،‬‬
‫فهل يل رخص ٌة ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]1349‬ومسلم [‪ .]1353‬واإلذخر‪ :‬نبات طيب الرائحة‪.‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[127/9‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[50/4‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪» :‬‬

‫ذلك ندب ًا َ‬
‫لكان أوىل م ْن يس�ع ُه‬ ‫ولو َ‬
‫كان َ‬ ‫ويف ه�ذا دليل عىل َّ‬
‫أن حض�ور اجلاعة واجب‪ْ ،‬‬
‫والضعف‪ ،‬وم ْن َ‬
‫كان يف مثل حال ابن أ ّم مكتوم)‪.(2‬‬ ‫التّخ ّلف عنها أهل ّ‬
‫الرضر ّ‬

‫فإن من فقه املفتي ونصحه إذا سأله املستفتي عن يشء‪ ،‬فمنعه منه‪ ،‬وكانت حاجته تدعوه‬
‫ويفتح له باب املباح‪.‬‬
‫َ‬ ‫إليه؛ أن يد ّله عىل ما هو ٌ‬
‫عوض له منه‪ ،‬فيسدَّ عليه باب املحظور‪،‬‬

‫ويصف له ما ينفعه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يرضه‪،‬‬
‫فمثاله مثال الطبيب الناصح حيمي العليل عا ّ‬
‫علمت م ْن نح ُن‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل قدْ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬ ‫يلمي َ‬
‫قال‪ :‬أتينا‬ ‫فريوز الدّ ِّ‬
‫َ‬ ‫ع ْن‬
‫وم ْن أي َن نح ُن‪ ،‬فإىل م ْن نح ُن؟‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫نصنع هبا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اخلمر‪ ،‬فاذا‬ ‫حتريم‬
‫َ‬ ‫أصحاب كر ٍم‪ ،‬وقدْ َ‬
‫أنزل اهلل ‪D‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إنّا‬ ‫فقلنا‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫بالز ِ‬
‫بيب؟‪.‬‬ ‫نصنع ّ‬
‫ُ‬ ‫قلنا‪ :‬ما‬
‫)‪(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫[يتخمر ويسكر]‬
‫ّ‬ ‫قلت‪ :‬أفال ّ‬
‫نؤخر ُه حتّى يشتدَّ ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]552‬والنسائي [‪ ،]851‬وابن ماجة [‪ ،]792‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪،]561‬‬
‫ورواه مسلم [‪ ]653‬بنحوه من حديث أيب هريرة‪.‬‬
‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[180/2‬‬
‫)‪ (3‬النبذ واالنتباذ‪ :‬أن يوضع الزبيب أو التمر أو نحومها يف املاء‪ ،‬ويرشب نقيعه قبل أن خيتمر ويصبح مسكرا‪.‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫َ‬


‫قال‪:‬‬

‫(علمت م ْن نح ُن) يعني‪ :‬القبيلة‪ ،‬وقوله‪( :‬وم ْن أي َن نح ُن) يعني‪ :‬من البلد‪.‬‬
‫َ‬ ‫«قوله‪:‬‬

‫يمك ُن أن حيمل عىل ّأهنم صائرون إىل ما يأيت عن اهلل وعن رسوله ﷺ‪،‬‬
‫ويلتزمون با جاء عن اهلل وعن رسوله ﷺ»)‪.(3‬‬

‫اس ‪ L‬إ ْذ أتا ُه‬ ‫كنت عندَ ِ‬


‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلسن َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫بن أيب‬ ‫ِ‬
‫سعيد ِ‬ ‫وكذا فعل ابن عباس‪ ،‬ع ْن‬
‫ّصاوير‪.‬‬ ‫وإين أصنع ِ‬
‫هذه الت‬ ‫ِ‬
‫صنعة يدي‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫إنسان إنّا معيشتي م ْن‬ ‫فقال‪ :‬يا أبا ع ّب ٍ‬
‫اس ّإين‬ ‫رجل‪َ ،‬‬
‫ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪ ،‬س�معت ُه ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫ثك ّإال ما‬ ‫فق�ال اب ُن ع ّب ٍ‬
‫اس‪ :‬ال أحدّ َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬

‫واصفر وجه ُه‪.‬‬


‫َّ‬ ‫الر ُ‬
‫جل ربو ًة شديدةً‪،‬‬ ‫فربا ّ‬
‫روح)‪.(4‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ‬
‫جر ِّ‬ ‫َ‬
‫فعليك هبذا ّ‬ ‫أبيت ّإال ْ‬ ‫وحيك ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ليس فيه ٌ‬
‫كل يشء َ‬ ‫تصنع‪،‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫إن َ‬ ‫فقال‪:‬‬

‫احلقيقي إىل مله ِم‬


‫ُّ‬ ‫االفتقار‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ينبعث من قلب�ه‬ ‫ينبغ�ي للمفتي املو ّفق إذا نزلت به املس�ألة أن‬
‫ِ‬
‫الس�داد‪،‬‬ ‫طريق‬
‫ويفتح له َ‬ ‫ِ‬
‫القلوب‪ ،‬أن يلهم�ه الصواب‪،‬‬ ‫الص�واب‪ ،‬ومع ّل� ِم اخلري‪ ،‬وه�ادي‬
‫َ‬
‫فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق‪.‬‬

‫ال فتك ّل َم جلدتو ُه‪ْ ،‬أو‬ ‫ِ‬


‫امرأته رج ً‬ ‫مع‬ ‫فلا س�أل ٌ‬
‫رجل النبي ﷺ‪ ،‬فقال‪ :‬لو َّ‬
‫أن رج ً‬
‫ال وجدَ َ‬
‫سكت عىل ٍ‬
‫غيظ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سكت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قتل قتلتمو ُه‪ْ ،‬أو‬
‫فنزلت آي ُة ال ّل ِ‬
‫عان)‪.(5‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وجعل يدعو‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ‪:‬‬

‫الرقيق ْأو البايل م ْن اجللود‪.‬‬ ‫هي األسقية م ْن األدم وغريها‪ ،‬واحدها ش ّن وأكثر ما يقال َ‬
‫ذلك يف اجللد ّ‬ ‫)‪َ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]3710‬والنسائي [‪ ،]5736‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1477‬‬
‫)‪ (3‬رشح سنن أيب داود [‪ ]25/419‬لعبد املحسن العباد‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2225‬ومسلم [‪.[2110‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪ ]1495‬عن عبد اهلل بن مسعود ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫بني لنا احلكم يف هذا)‪.(1‬‬


‫معنا ُه‪َ ّ :‬‬ ‫قوله ﷺ‪:‬‬
‫وغريه يف آداب الفتوى‪« :‬وينبغي أن يدعو إذا أرا َد اإلفتاء»)‪.(2‬‬
‫س�ألت عائش� َة أ َّم‬ ‫بن ٍ‬
‫عوف َ‬ ‫محن ِ‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫وكان من دعائه ﷺ‪ :‬ما رواه أبو س�لم َة ب ُن عبد ّ‬
‫يفتتح صالت ُه إذا قا َم م َن ال ّل ِ‬
‫يل؟‬ ‫نبي اهلل ﷺ‬ ‫املؤمنني‪ :‬بأي ٍ‬
‫يشء َ‬
‫ُ‬ ‫كان ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫افتتح صالت ُه‪:‬‬
‫يل َ‬ ‫كان إذا قا َم م َن ال ّل ِ‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫)‪.(3‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫هلكت يا‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫قال‪ :‬جا َء ٌ‬
‫رجل إىل الن ِّ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫َ‬
‫قال‪» :‬‬
‫َ‬
‫رمضان‪.‬‬ ‫وقعت عىل امرأيت يف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫تر‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ٍ )‪ِ (4‬‬ ‫َ‬
‫ّبي ﷺ بعرق فيه ٌ‬
‫يت الن ُّ‬
‫جلس‪ ،‬فأ َ‬
‫ثم َ‬‫قال‪َّ :‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[128/10‬‬


‫)‪ (2‬آداب الفتوى واملفتي واملستفتي [‪ ]49/1‬للنووي‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[770‬‬
‫)‪ (4‬والعرق عند الفقهاء ما يسع مخسة عرش صاعا وهي ستون مدا لستني مسكينا لكل مسكني مد‪ .‬رشح النووي‬
‫]‪.[226/7‬‬
‫‪‬‬

‫بيت أحوج ِ‬
‫إليه منّا‪.‬‬ ‫أهل ٍ‬
‫بني البتيها ُ‬
‫أفقر منّا؟ فا َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫بدت أنياب ُه‪َّ ،‬‬
‫ّبي ﷺ حتّى ْ‬ ‫َ‬
‫فضحك الن ُّ‬
‫ِ‬
‫باملعصية‪ ،‬ذلك أن جميئ ُه مستفتي ًا يقتيض‬ ‫ِ‬
‫اعرتافه‬ ‫مع‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫«فلم يعاقب ُه الن ّ‬
‫ْ‬
‫ذلك ْ‬ ‫ِ‬
‫أن ال‬ ‫وهي مفس�دةٌ؛ فاقتىض َ‬ ‫لكان س�بب ًا لرتك االس�تفتاء‪َ ،‬‬
‫عوقب َ‬ ‫َ‬ ‫فلو‬
‫النّ�د َم والتّوب�ة‪ْ ،‬‬
‫يعاقب»)‪.(2‬‬
‫َ‬

‫فق باملتع ّل ِم‪ ،‬والتّل ّطف يف التّعليم‪ ،‬والتّأ ّلف عىل الدّ ين‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫ّ‬
‫والسعي يف إخالص املسلم‪.‬‬
‫التّعاون عىل العبادة‪ّ ،‬‬
‫الراهنة‪.‬‬
‫إعطا ُء الواحد فوق حاجته ّ‬
‫حيث ج�ا َء خائف ًا عىل نفس�ه راغب ًا يف‬
‫الرجل ُ‬ ‫ِ‬ ‫كان م� ْن ِ‬ ‫ِ‬
‫ضحك�ه ﷺ َ‬
‫تباين ح�ال ّ‬ ‫وس�بب‬
‫أن َ‬
‫يأكل ما أعطي ُه م ْن الك ّفارة‪.‬‬ ‫طمع يف ْ‬
‫الرخص َة َ‬
‫فلا وجدَ ّ‬
‫فدائها مها أمكن ُه‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫اخلطاب وحسن‬ ‫فه يف‬ ‫وحسن تأتّيه وتل ّط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالمه‬ ‫الرجل يف مقاط ِع‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضحك م ْن حال ّ‬ ‫وقيل‪:‬‬
‫ِ‬
‫مقصوده»)‪.(3‬‬ ‫له إىل‬‫له يف توص ِ‬
‫توس ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫األنصاري ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬ ‫وع ْن سلم َة ِ‬
‫أوتيت م ْن مجا ِع النّساء ما مل ْ‬
‫ُ‬ ‫كنت رج ً‬
‫ال قدْ‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫صخر‬ ‫بن‬
‫أصيب‬
‫َ‬ ‫رمضان فرق ًا م ْن ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ينسلخ‬ ‫من امرأيت حتّى‬‫تظاهرت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رمضان‬ ‫فلا َ‬
‫دخل‬ ‫يؤت غريي‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫هي ختدمني‬
‫أنزع‪ ،‬فبينا َ‬
‫أن َ‬ ‫أقدر ْ‬
‫ّهار‪ ،‬وأنا ال ُ‬ ‫ذلك إىل ْ‬
‫أن يدركني الن ُ‬ ‫فأتتابع يف َ‬
‫َ‬ ‫منها يف ليلتي‪،‬‬
‫فوثبت عليها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ف يل منها يش ٌء‪،‬‬‫تكش َ‬ ‫ذات ٍ‬
‫ليلة إ ْذ ّ‬ ‫َ‬
‫فقل�ت‪ :‬انطلق�وا مع�ي إىل‬
‫ُ‬ ‫فأخرهت�م خ�ري‪،‬‬
‫ْ‬ ‫غ�دوت ع�ىل قوم�ي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أصبح�ت‬
‫ُ‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخر ُه بأمري‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]1936‬ومسلم [‪.[1111‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[165/4‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ]171/4‬بترصف‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ مقال ًة‬ ‫قرآن‪ْ ،‬أو َ‬
‫يقول فينا‬ ‫أن َ‬
‫ينزل فينا ٌ‬ ‫ف ْ‬
‫نتخو ُ‬ ‫ُ‬
‫نفع�ل؛ ّ‬ ‫فقال�وا‪ :‬ال واهلل ال‬
‫فاصنع ما بدا َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫أنت‪،‬‬
‫اذهب َ‬
‫ْ‬ ‫يبقى علينا عارها‪ ،‬ولك ْن‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخرت ُه خري‪.‬‬ ‫فأتيت‬
‫ُ‬ ‫فخرجت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬أنا َ‬
‫بذاك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬أنا َ‬
‫بذاك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫صابر‬
‫ٌ‬ ‫فإين‬
‫حكم اهللِ‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫فأمض َّيف‬ ‫قلت‪ :‬أنا َ‬
‫بذاك‪ ،‬وها أنا ذا؛‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫باحلق ال ُ‬
‫أملك غريها‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬ال وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ُ‬ ‫فرضبت صفح َة عنقي بيدي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪» :‬‬

‫وهل أصابني ما أصابني ّإال يف ّ‬


‫الصيا ِم؟‬ ‫رسول اهللِ‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫باحلق لقدْ بتنا ليلتنا ِ‬
‫هذه وحشى‪ ،‬ما لنا عشا ٌء‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫ووجدت عندَ‬
‫ُ‬ ‫أي‪،‬‬ ‫الر ِ‬
‫الض َيق‪ ،‬وس�و َء ّ‬
‫عندكم ّ‬
‫ُ‬ ‫وجدت‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فرجعت إىل قومي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بصدقتكم‪ ،‬فادفعوها إ َّيل‪ ،‬فدفعوها إ َّيل)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫السع َة والرك َة‪َ ،‬‬
‫أمر يل‬ ‫رسول اهلل ﷺ ّ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]2213‬والرتمذي [‪ ،]3299‬وابن ماجة [‪ ،]2062‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪[2091‬‬
‫بشواهده‪.‬‬
‫‪‬‬

‫فرخص ِ‬
‫فتنز َه عن ُه قو ٌم‪َ ،‬‬
‫فبلغ َ‬
‫ذلك‬ ‫فيه‪ّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ ش�يئ ًا‪َ ّ ،‬‬ ‫عن عائش� َة ‪ J‬قالت‪َ :‬‬
‫صنع الن ُّ‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فخطب‪ ،‬فحمدَ اهللَ‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫الن َّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫ويف رواي�ة ملس�لم‪:‬‬


‫‪.‬‬

‫التنزه عن‬
‫التعمق يف العبادة‪ ،‬وذ ُّم ّ‬
‫والنهي عن ّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫احلث عىل االقتداء ب�ه ﷺ‪،‬‬
‫املباح ش ّك ًا يف إباحته‪.‬‬

‫وأن الق�رب إلي�ه ‪ E‬واخلش�ية ل�ه إن�ا يكون عىل حس�ب م�ا أم�ر‪ ،‬ال بمخ ّيالت‬
‫ٍ‬
‫أعال مل يأمر هبا)‪.(2‬‬ ‫النفوس‪ ،‬وتك ّل ِ‬
‫ف‬
‫َ‬
‫يسألون ع ْن‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالك ‪ I‬قال‪ :‬جاء ثالث ُة ٍ‬ ‫بن ٍ‬‫أنس ِ‬
‫وعن ِ‬
‫أزواج الن ِّ‬ ‫بيوت‬ ‫رهط إىل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫غفر ل ُه‬ ‫كأهن ْم تقا ّلوها ‪ ،‬فقالوا‪ :‬وأي َن نح ُن م َن الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ؟قدْ َ‬ ‫فلا أخروا ّ‬
‫ّب�ي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫عب�ادة الن ِّ‬
‫)‪(3‬‬

‫ما تقدّ م من ِ‬
‫ذنبه وما ّ‬
‫تأخ َر‪.‬‬ ‫َ ْ‬
‫أفطر‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫هر‪ ،‬وال ُ‬
‫آخر‪ :‬أنا أصو ُم الدّ َ‬ ‫أصيل ال ّل َيل أبد ًا‪َ ،‬‬
‫وقال ُ‬ ‫فإين ّ‬
‫أحده�م‪ :‬أ ّما أنا ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫إليهم‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫أتزو ُج أبد ًا‪ ،‬فجا َء‬ ‫ُ‬
‫أعتزل النّس�ا َء فال ّ‬ ‫آخر‪ :‬أنا‬
‫ُ‬

‫)‪.(4‬‬
‫َ‬
‫رمضان‬ ‫الفتح إىل مكّ� َة يف‬
‫ِ‬ ‫خ�رج عا َم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫جاب�ر بن عبد اهلل ‪َّ L‬‬ ‫وع� ْن‬
‫وهم مشاةٌ‪ ،‬وركبان‪.‬‬
‫ّاس ْ‬ ‫كراع الغمي ِم َ‬
‫قال‪ :‬فصا َم الن ُ‬ ‫بلغ َ‬‫حتّى َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]6101‬ومسلم [‪.[2356‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[107/15‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬اعتروها قليل ًة‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]5063‬ومسلم [‪.[1401‬‬
‫‪‬‬

‫ينظرون ما ُ‬
‫تفعل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الصو ُم‪ ،‬إنّا‬
‫عليهم ّ‬
‫ُ‬ ‫شق‬
‫ّاس قدْ َّ‬
‫إن الن َ‬ ‫َ‬
‫فقيل ل ُه‪َّ :‬‬
‫بعض الن ِ‬
‫ّ�اس‪ ،‬وصا َم‬ ‫فأفطر ُ‬ ‫رشب‪،‬‬ ‫ث�م‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّاس‪َّ ،‬‬
‫نظ�ر الن ُ‬
‫بق�دح‪ ،‬فرفع� ُه إىل فيه حتّى َ‬ ‫فدع�ا‬
‫بعض‪.‬‬
‫ٌ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫بعضهم صا َم َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫فقيل للن ِّ‬
‫بالص�و ِم‪ْ ،‬أو ّأهن ْم أمروا‬
‫ت�رض َر ّ‬
‫ّ‬ ‫حممول عىل م ْن‬ ‫«قوله‪:‬‬
‫ِ‬
‫ملصلحة بيان جوازه‪ ،‬فخالفوا الواجب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالفطر أمر ًا جازم ًا‬
‫يترض ْر ِبه‪ ،‬ويؤ ّيد الت َ‬
‫ّأويل‬ ‫الس�فر عاصي ًا إذا مل ْ ّ‬
‫الصائم اليوم يف ّ‬ ‫ِ‬
‫ّقديرين ال يكون ّ‬
‫وعىل الت‬
‫الصيا ُم»)‪.(2‬‬
‫عليهم ّ‬
‫ُ‬ ‫شق‬ ‫األو َل قول ُه‪َّ :‬‬
‫«إن النّاس قدْ َّ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َّ I‬‬ ‫ِ‬
‫أن�س بن‬ ‫ع� ْن‬
‫فيه�م مل ْ يؤاكلوها‪ ،‬ومل ْ‬
‫ْ‬ ‫حاض�ت امل�رأ ُة‬ ‫أن اليه�و َد كانوا إذا‬
‫فأنزل اهلل تعاىل‪( :‬ﮠ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫البيوت‪َ ،‬‬
‫ّبي ﷺ الن َّ‬‫أصحاب الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫فسأل‬ ‫جيامعوه َّن يف‬
‫َ‬
‫فق�ال‬ ‫ِ‬
‫اآلي�ة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫آخ�ر‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [البق�رة‪ [222 :‬إىل‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫أن يدع من أمرنا شيئ ًا ّإال خالفنا ِ‬ ‫الر ُ‬
‫فيه!‬ ‫جل ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫فبلغ َ‬
‫ذلك اليهو َد‪ ،‬فقالوا ما يريدُ هذا ّ‬
‫إن اليهو َد ُ‬
‫تقول كذا وكذا‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫برش‪ ،‬فقاال‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫حضري‪ ،‬وع ّبا ُد ب ُن ٍ‬ ‫فجا َء أس�يدُ ب ُن‬
‫فال نجامعه َّن؟‬

‫أن قدْ وجدَ )‪ (3‬عليها‪ ،‬فخرجا‪ ،‬فاستقبلها هد ّي ٌة م ْن‬ ‫ِ‬


‫رسول اهلل ﷺ حتّى ظننّا ْ‬ ‫فتغري وج ُه‬
‫َّ‬
‫أن مل ْ جيدْ عليها)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫فأرسل يف آثارمها‪ ،‬فسقامها‪ ،‬فعرفا ْ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لبن إىل الن ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1114‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[233/7‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬غضب‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[302‬‬
‫‪‬‬

‫«فسقامها» أي‪ :‬من اللبن تل ّطف ًا هبا وإظهار ًا للرضا‪.‬‬


‫استمر الغضب بل‬
‫َّ‬ ‫«مل جيد عليها» ألهنا كانا معذورين؛ حلس�ن ن ّيتها فيا تك ّلا به‪ ،‬أو ما‬
‫زال)‪.(1‬‬

‫فمروا‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ كانوا يف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أن ناس ًا م ْن‬
‫اخلدري ‪َّ I‬‬ ‫ٍ‬
‫سفر‪ّ ،‬‬ ‫أصحاب‬ ‫ِّ‬ ‫سعيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫هل فيكم ٍ‬
‫راق؛ َّ‬
‫فإن س ّيدَ‬ ‫هلم‪ْ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫يضيفوهم‪ ،‬فقالوا ْ‬
‫ْ‬ ‫فلم‬
‫فاستضافوهم‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫العرب‪،‬‬ ‫أحياء‬ ‫بحي م ْن‬
‫ٍّ‬
‫مصاب؟‬
‫ٌ‬ ‫احلي ٌ‬
‫لديغ ْأو‬ ‫ِّ‬
‫نعم‪.‬‬
‫منهم‪ْ :‬‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن يقبلها‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫فأعطي قطيع ًا م ْن غن ٍم‪ ،‬فأبى ْ‬
‫َ‬ ‫جل‪،‬‬ ‫الكتاب‪ ،‬فر َأ ّ‬
‫الر ُ‬ ‫بفاحتة‬ ‫فأت�ا ُه‪ ،‬فرقا ُه‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫أذكر َ‬
‫ذلك للن ِّ‬ ‫حتّى َ‬
‫ِ‬
‫الكتاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بفاحتة‬ ‫رقي�ت ّإال‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل واهللِ‪ ،‬ما‬ ‫ذلك ل ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فذكر َ‬
‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فأت�ى الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫فتبس َم‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫لقلوهبم‪ ،‬ومبالغة يف‬
‫ْ‬ ‫فإنّا قال ُه تطييب� ًا‬ ‫«أ ّما قوله ﷺ‪:‬‬
‫تعريفهم أ ّنه حالل ال شبهة ِ‬
‫فيه»)‪.(3‬‬ ‫ْ ُ‬

‫يرقي‪ْ ،‬‬
‫وأن يكون اجلعل ل ُه‬ ‫أن َ‬‫ألن أبا س�عيد التز َم ْ‬
‫إمضاء ما يلتزم ُه املرء عىل نفس�ه؛ َّ‬
‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالوفاء‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫وألصحابه‪ ،‬وأمر ُه الن ّ‬
‫كان أصله معلوم ًا‪.‬‬
‫االشرتاك يف املوهوب إذا َ‬

‫)‪ (1‬مرقاة املفاتيح رشح مشكاة املصابيح [‪.[245/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2276‬ومسلم [‪.[2201‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[188/14‬‬
‫‪‬‬

‫ذلك وإجابته ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫يعلم رغبته يف َ‬
‫جواز طلب اهلد ّية مم ّ ْن ُ‬
‫ُ‬
‫عرضت ِ‬
‫فيه شبهة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫احلل‪ ،‬وترك التّرصف ِ‬
‫فيه إذا‬ ‫اليشء ا ّلذي ظاهره ِّ‬
‫جواز قبض ّ‬
‫ّ‬
‫الصحابة خصوص ًا الفاحتة‪.‬‬
‫ّص‪ ،‬وعظمة القرآن يف صدور ّ‬
‫االجتهاد عند فقد الن ِّ‬
‫َ‬
‫أولئك منعوا‬ ‫قس�م ل ُه؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬ ‫هو يف يده منعه مم ّ ْن‬‫الرزق املقس�وم ال يس�تطيع م ْن َ‬ ‫َّ‬
‫أن ّ‬
‫هلم لدغ العقرب حتّى‬ ‫ماهلم نصيب ًا‪،‬‬ ‫وكان اهلل قسم للص ِ‬
‫َ‬
‫ب ْ‬ ‫فمنعوهم‪ ،‬فس ّب َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حابة يف‬ ‫َ ّ‬ ‫الضيافة‪،‬‬
‫ّ‬
‫هلم‪.‬‬
‫قسم ْ‬
‫هلم ما َ‬‫سيق ْ‬
‫َ‬
‫كان رأس� ًا يف املنع؛ َّ‬
‫ألن م ْن عادة النّاس‬ ‫ِ‬
‫بالعقاب م ْن َ‬ ‫اختص‬
‫َّ‬ ‫احلكمة البالغة ُ‬
‫حيث‬
‫دوهنم جزاء وفاق ًا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعقوبة‬ ‫اختص‬ ‫رأسهم يف املنع‬ ‫فلا َ‬
‫كان‬ ‫االئتار ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫كبريهم‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫بأمر‬
‫كثر؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫وكأن احلكم�ة ِ‬
‫فيه أيض ًا إرادة اإلجابة إىل ما يلتمس� ُه املطلوب من ُه ّ‬ ‫َّ‬
‫ولو َ‬
‫الش�فاء ْ‬
‫كان م ْن آحاد النّاس لع ّل ُه مل ْ يك ْن يقدر عىل القدر املطلوب ْ‬
‫منهم)‪.(1‬‬ ‫امللدوغ ْلو َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وأ ّم َر علينا أبا عبيد َة نتل ّقى عري ًا‬ ‫جابر بن عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬بعثنا‬ ‫وع ْن ِ‬
‫َ‬
‫فكان أبو عبيد َة يعطينا تر ًة ترةً‪.‬‬ ‫وزودنا جراب ًا م ْن ٍ‬
‫تر مل ْ جيدْ لنا غري ُه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لقريش‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫تصنعون هبا؟‬ ‫كنتم‬
‫كيف ْ‬‫فقلت‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يل‪ ،‬وكنّا‬ ‫ق�ال‪ :‬نمصها كا يمص الصبي‪ ،‬ثم نرشب عليه�ا من ِ‬
‫املاء‪ ،‬فتكفينا يومنا إىل ال ّل ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُّ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫اخلبط)‪ ،(2‬ثم نب ّله ِ‬
‫باملاء‪ ،‬فنأكل ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نرضب بعص ّينا‬
‫َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫الضخ ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكثيب ّ‬ ‫ِ‬
‫كهيئ�ة‬ ‫ِ‬
‫البحر‬ ‫ِ‬
‫س�احل‬ ‫فرفع لنا عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫البحر‪َ ،‬‬ ‫س�احل‬ ‫ق�ال‪ :‬وانطلقنا عىل‬
‫هي دا ّب ٌة تدعى العن َ‬
‫ر‪.‬‬ ‫فأتينا ُه‪ ،‬فإذا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬ال‪ْ ،‬بل نح ُن ُ‬
‫ثم َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫سبيل اهللِ‪ ،‬وقدْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ويف‬ ‫رسل‬ ‫قال أبو عبيدةَ‪ :‬ميت ٌة‪َّ .‬‬
‫اضطررتم‪ ،‬فكلوا‪.‬‬
‫ْ‬
‫ثالث ٍ‬
‫مائة حتّى سمنّا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فأقمنا ِ‬
‫عليه شهر ًا‪ ،‬ونح ُن‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[458/4‬‬


‫)‪ (2‬ورق الشجر‪.‬‬
‫‪‬‬

‫الفدر)‪ (2‬كال ّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ )‪(1‬‬ ‫نغرتف م ْن ِ‬ ‫َ‬


‫ور‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ونقتطع من ُه‬
‫ُ‬ ‫بالقالل الدّ ه َن‪،‬‬ ‫وقب عينه‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪ :‬ولقدْ رأيتنا‬
‫ور‪.‬‬‫كقدر ال ّث ِ‬
‫ِ‬ ‫ْأو‬

‫وأخ�ذ ضلع ًا م ْن‬


‫َ‬ ‫وقب ِ‬
‫عينه‪،‬‬ ‫فأقعده�م يف ِ‬ ‫ع�رش رجالً‪،‬‬ ‫أخ�ذ منّ�ا أبو عبيد َة ثالث َة‬
‫َ‬ ‫فلق�دْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وشائق)‪.(3‬‬ ‫بعري معنا‪ ،‬فمر من حتتها‪ ،‬وتزودنا من ِ‬
‫حلمه‬ ‫أعظم ٍ‬ ‫ثم َ‬
‫رحل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫أضالعه‪ ،‬فأقامها‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فذكرنا َ‬
‫ذلك ل ُه‪.‬‬ ‫فلا قدمنا املدين َة أتينا‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ من ُه‪ ،‬فأكل ُه)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فأرسلنا إىل‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫أحبار‬ ‫كنت قائ ًا عندَ رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فجا َء ح ٌ‬
‫ر م ْن‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫ثوبان موىل‬ ‫عن‬
‫ِ‬
‫اليهود‪.‬‬

‫حممدُ ‪.‬‬ ‫َ‬


‫عليك يا ّ‬ ‫السال ُم‬ ‫َ‬
‫فقال‪ّ :‬‬
‫يرصع منها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فدفعت ُه دفع ًة كا َد‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬مل َ تدفعني؟‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬أال ُ‬
‫تقول يا‬ ‫ُ‬

‫سا ُه ِبه أهل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اليهودي‪ :‬إنّا ندعو ُه باسمه ا ّلذي ّ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫َ‬
‫أسألك‪.‬‬ ‫جئت‬
‫اليهودي‪ُ :‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬جتويفها‪.‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬القطع‪.‬‬
‫)‪ (3‬هي اللحم يغىل إغالء وال ينضج‪ ،‬ثم ُ‬
‫حيمل يف السفر‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2483‬ومسلم [‪.[1935‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫بأذين‪.‬‬
‫أسمع َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فقال‪ْ :‬‬
‫سل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بعود مع ُه)‪َ ،(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فنكت‬
‫َ‬
‫موات؟‬
‫ُ‬ ‫والس‬ ‫ِ‬
‫األرض ّ‬ ‫غري‬
‫األرض َ‬
‫ُ‬ ‫ّاس يو َم تبدّ ُل‬ ‫ُ‬
‫يكون الن ُ‬ ‫اليهودي‪ :‬أي َن‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫قال‪ :‬فم ْن ّأو ُل الن ِ‬
‫ّاس إجازةً؟‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يدخلون اجلنّ َة)‪(3‬؟‬
‫َ‬ ‫حتفتهم َ‬
‫حني‬ ‫ْ‬ ‫اليهودي‪ :‬فا‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫غذاؤهم عىل إثرها؟‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬فا رشاهبم ِ‬
‫عليه؟‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫صدقت وإن َّك ٌّ‬


‫لنبي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اليهودي‪ :‬لقدْ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫فذهب‪.‬‬
‫َ‬ ‫انرصف‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫)‪.(5‬‬

‫بالعود يف األرض‪ ،‬ويؤ ّثر ِبه فيها‪ ،‬وهذا يفعل ُه املفكّر‪ .‬رشح النووي [‪.[226/3‬‬
‫ِ‬ ‫)‪ (1‬ومعنا ُه‪ّ :‬‬
‫خيط‬
‫)‪ (2‬اجلر‪ :‬الرصاط‪.‬‬
‫ِ‬
‫وخيص به ويالطف‪.‬‬ ‫الرجل‬
‫ّ‬ ‫وهي ما هيدى إىل ّ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫وهو احلوت‪ ،‬ومجع ُه نينان‪.‬‬
‫)‪َ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[315‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ املدين َة‪ ،‬فأتا ُه يسأل ُه‬ ‫أنس بن ٍ‬


‫مالك ‪َّ I‬‬ ‫وعن ِ‬
‫أن عبدَ اهلل ب َن سال ٍم بلغ ُه مقد ُم الن ِّ‬
‫ع ْن أشيا َء‪.‬‬
‫أرشاط الس ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اعة؟ وما ّأو ُل طعا ٍم‬ ‫ّ‬ ‫نبي‪ ،‬ما ّأو ُل‬ ‫سائلك ع ْن ثالث ال يعلمه َّن ّإال ٌّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ّ :‬إين‬
‫أبيه ْأو إىل أ ّم ِه؟‬
‫الولد ينزع إىل ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أهل اجلن ِّة؟ وما ُ‬
‫بال‬ ‫يأكل ُه ُ‬

‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهللِ)‪.(1‬‬ ‫أن ال إل َه ّإال اهلل وأن َّك‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أشهدُ ْ‬

‫َ‬
‫تقرءون‬ ‫ألس�تم‬ ‫َ‬
‫نجران س�ألوين‪ ،‬فقالوا يل‪:‬‬ ‫قدمت‬
‫ُ‬ ‫قال‪ّ :‬ملا‬ ‫ِ‬
‫املغرية ِ‬
‫بن ش�عب َة ‪َ I‬‬ ‫وع ْن‬
‫ْ‬
‫بني عيسى وموسى ما َ‬
‫كان)‪(2‬؟‬ ‫(ﭱ ﭲ) [مريم‪ ،[28 :‬وقدْ َ‬
‫كان َ‬
‫أجيبهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فلم ِ‬
‫أدر ما‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ سألت ُه ع ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫قدمت عىل‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫ّبي أخا‬ ‫ُ‬
‫هارون الن ُّ‬ ‫ه�و‬ ‫املذكور يف قوله تعاىل‪( :‬ﭱ ﭲ) َ‬
‫ليس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه�ارون‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ألهن ْم‬ ‫َ‬
‫هبارون؛ ّ‬ ‫مسمى‬
‫آخر ًّ‬ ‫هبارون هذا ٌ‬
‫رجل ُ‬ ‫َ‬ ‫والس�ال ُم‪ْ ،-‬بل املرا ُد‬
‫الصال ُة ّ‬
‫موس�ى ‪-‬عليها ّ‬
‫قبلهم)‪.(4‬‬ ‫احلني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسم َ‬
‫ْ‬ ‫والص َ‬ ‫أوالدهم بأساء األنبياء‪ّ ،‬‬‫ْ‬ ‫ون‬ ‫كانوا ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[3938‬‬


‫والسالم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫السال ُم أخت ًا‬ ‫َ‬ ‫طول الزّ ِ‬
‫مان ما ال يمك ُن ْ‬ ‫أي‪ :‬م ْن ِ‬
‫الصال ُة ّ‬
‫هلارون أخي موسى عليها ّ‬ ‫مريم عليها ّ‬
‫تكون ُ‬ ‫أن‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2135‬‬
‫)‪ (4‬حتفة األحوذي [‪.[477/8‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ ليل َة اجل ِّن؟‪.‬‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫هل َ‬‫سألت علقم َة‪ْ :‬‬ ‫ع ْن ٍ‬
‫عامر َ‬
‫كان اب ُن مسعود شهدَ َ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ ليل َة‬ ‫مع‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫فقال علقم ُة‪ :‬أنا‬
‫منكم َ‬
‫ْ‬ ‫هل شهدَ أحدٌ‬ ‫ُ‬ ‫مسعود‪،‬‬ ‫سألت اب َن‬
‫ُ‬
‫اجل ِّن‪.‬‬
‫ِ‬
‫األودية‬ ‫وهو بم ّك َة ففقدنا ُه‪ ،‬فالتمس�نا ُه يف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ذات ليل�ة َ‬
‫رس�ول اهلل َ‬ ‫مع‬
‫ق�ال‪ :‬ال‪ ،‬ولكنّا كنّا َ‬
‫استطري ْأو َ‬
‫اغتيل)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫والش ِ‬
‫عاب‪ ،‬فقلنا‬ ‫ّ‬
‫بات هبا قو ٌم‪.‬‬ ‫فبتنا برش ٍ‬
‫ليلة َ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫حراء‪.‬‬ ‫فلا أصبحنا إذا هو ٍ‬
‫جاء م ْن َ‬
‫قبل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بات هبا قو ٌم‪.‬‬ ‫نجدك‪ ،‬فبتنا برش ٍ‬
‫ليلة َ‬ ‫َ‬ ‫فلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫فطلبناك‪ْ ،‬‬ ‫فقدناك‪،‬‬ ‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫فقلنا‪ :‬يا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫نرياهنم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وآثار‬
‫آثارهم َ‬
‫ْ‬ ‫فانطلق بنا‪ ،‬فأرانا‬
‫َ‬
‫ال�زا َد‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫وس�ألو ُه ّ‬
‫‪.‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫غريهم فجا َء يف‬
‫ْ‬ ‫ملؤمنيهم‪ ،‬وأ ّما‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال بعض العلاء هذا‬
‫أن طعامهم ما مل يذكر اسم اهلل ِ‬
‫عليه)‪.(3‬‬ ‫حديث آخر َّ‬
‫ْ ْ‬

‫هاب‪ .‬النهاية [‪.[152/3‬‬ ‫ّفر ُق ّ‬ ‫كأن ال ّطري محلته‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬


‫برعة َّ‬ ‫ذهب ِبه‬
‫والذ ُ‬ ‫أو اغتاله أحدٌ ‪ .‬واالستطارة والتّطاير‪ :‬الت ّ‬ ‫أي َ‬‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[450‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[170/4‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع االأعراب‬

‫لق�د كان م�ن كال خلقه ﷺ حس� ُن تعامله مع من اتصف بالغلظة والش�دّ ة من الناس‪،‬‬
‫مواقف عظيم ٌة وجليل ٌة مع األعراب الذين عرفوا بالش�دّ ة والغلظة يف القول‬
‫ُ‬ ‫فق�د كانت ل�ه‬
‫والفع�ل‪ ،‬كا قال تع�اىل‪( :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ) [التوبة‪.[97 :‬‬

‫بالرمحة واحلل�م؛ كا قال في�ه اهلل‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫ُ‬


‫يقاب�ل غلظتهم وش�دّ هتم ّ‬ ‫ف�كان‬
‫ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) ]آل عمران‪.[159 :‬‬

‫األعراب وهم سك ُ‬
‫ّان البادية فيهم جفا ٌء وقسوةٌ؛ ولذلك قال النبي ﷺ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املعروف أن‬ ‫ومن‬
‫َ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫خمالطة الن ِ‬
‫ّاس‪ ،‬واجلفا ُء‪:‬‬ ‫غلظ طبع ُه؛ لق ّل ِة‬
‫«أي‪ :‬م ْن سك َن البادي َة َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قال يف النّهاية )‪ْ :(281/1‬‬
‫غلظ ال ّطبعِ»‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ُ‬

‫فم�ن س�كن البادية أورثه ذلك جفا ًء يف الطبعِ‪ ،‬وغلظ� ًة حتى يف األلفاظ‪ ،‬بخالف الذي‬
‫الرجل الذي‬ ‫يس�ك ُن يف احلرض ويف املدن‪ ،‬فرتى خلقه أق�رب وألفاظه ألني ّ‬
‫وأرق من ألفاظ ّ‬
‫ِ‬
‫البادية‪.‬‬ ‫يعيش يف‬

‫وق�د ق�ال اهلل تع�اىل‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ‬


‫ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]8619‬عن أيب هريرة ‪ ،I‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[6123‬‬
‫‪‬‬

‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [التوبة‪.[99-98 :‬‬
‫وق�ال تعاىل‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [التوبة‪.[101 :‬‬
‫فكان منهم املؤمنون ومنهم املنافقون‪.‬‬
‫ومل يك�ن النب�ي ﷺ يرىض ألحد من أصحابه جاء من البادية وس�كن املدينة أن يعود إىل‬
‫البادية مرة أخرى‪ ،‬وعدّ ذلك من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫مس�عود ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫فع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل بن‬ ‫ْ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ﷺ‬
‫لكن جيوز هذا يف ظروف استثنائية‪:‬‬
‫َ‬
‫عقبيك؟‬ ‫ارتددت عىل‬
‫َ‬ ‫اج‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا اب َن األكو ِع‬ ‫احلج ِ‬
‫دخل عىل ّ‬ ‫فع ْن سلم َة ِ‬
‫بن األكو ِع أ ّن ُه َ‬
‫بت؟‬
‫تعر َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫البدو)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫أذن يل يف‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬ولك َّن‬
‫ﷺ‬

‫وهذا واضح يف أسلوبه ﷺ مع األعرايب الذي بال يف املسجد‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬
‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إ ْذ جا َء أعرا ٌّ‬
‫يب‪،‬‬ ‫قال‪ :‬بينا نح ُن يف املس�جد َ‬
‫مع‬
‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫كف عن هذا] َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ :‬م ْه م ْه [أي‪َّ :‬‬ ‫أصحاب‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫املس�جد‪َ ،‬‬ ‫فقا َم ُ‬
‫يبول يف‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي [‪ ،]5102‬وقال األلباين‪« :‬صحيح لغريه»‪ .‬التعليقات احلسان [‪.[3241‬‬
‫ِ‬
‫الفتنة»‪.‬‬ ‫ّعر ِ‬
‫ب يف‬ ‫«باب الت ّ‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]7087‬ومسلم [‪ ،]1862‬وبوب عليه البخاري بقوله‪ُ :‬‬
‫أي‪ :‬ال تقطعوا عليه بوله‪ .‬النهاية [‪.[301/2‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫‪‬‬

‫فرتكو ُه حتّى َ‬
‫بال‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ دعا ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫‪ْ .‬أو كا َ‬
‫قال‬ ‫‪D‬‬

‫بدلو من ٍ‬
‫ماء‪ ،‬فشنّه ِ‬
‫عليه)‪ -(1‬أي ص ّبه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال م َن القو ِم فجا َء ٍ ْ‬
‫فأمر رج ً‬ ‫َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫فلا فر َغ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫جالس ّ‬
‫فصىل ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫يب املسجدَ والن ُّ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫دخل أعرا ٌّ‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫ترحم معنا أحد ًا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وحممد ًا‪ ،‬وال‬
‫اللهم ارمحني ّ‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ ِ‬
‫فالتفت إليه الن ُّ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬
‫يلبث ْ‬
‫فلم ْ‬
‫فأرسع إليه الن ُ‬
‫َ‬ ‫املسجد‪،‬‬ ‫بال يف‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫يس�ب‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ّب‪ ،‬ومل ْ‬
‫فلم يؤن ْ‬ ‫يب بعدَ ْ‬
‫أن فق َه‪ :‬فقا َم إ َّيل بأيب وأ ّمي‪ْ ،‬‬ ‫ويف رواية‪َ :‬‬
‫فقال األعرا ُّ‬
‫بس�جل من ٍ‬
‫ماء‪ ،‬فأفر َغ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫أمر‬
‫ثم َ‬‫‪َّ ،‬‬
‫عىل ِ‬
‫بوله)‪.(3‬‬

‫ِ‬
‫باملخالفة‬ ‫باجلاهل‪ ،‬وتعليمه ما يلزمه م�ن غري تعنيف‪ ،‬وال إي�ذاء إذا مل ِ‬
‫يأت‬ ‫ِ‬ ‫الرف�ق‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫حيتاج إىل استئالفه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إن َ‬
‫كان مم ّ ْن‬ ‫استخفاف ًا ْأو عناد ًا‪ ،‬وال س ّيا ْ‬
‫ِ‬
‫خلقه‪.‬‬ ‫رأف ُة الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬وحس ُن‬
‫ق�ال العلاء‪َ :‬‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫لقوله ﷺ‪» :‬دعو ُه« َ‬ ‫ِ‬
‫باحت�ال أخ ّفها؛‬ ‫الرض ِ‬
‫رين‬ ‫دف�ع أعظم ّ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫ملصلحتني‪:‬‬ ‫قوله ﷺ‪» :‬دعو ُه«‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]219‬ومسلم [‪.[285‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]220‬والرتمذي [‪ ،]147‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪ ،]529‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[529‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫فكان احتال زيادته‬ ‫َ‬
‫حصل‪،‬‬ ‫ترض َر‪ ،‬وأصل التّنجيس قدْ‬ ‫ِ‬
‫قطع عليه بوله ّ‬
‫أ ّن ُه ْلو َ‬
‫الرضر ِبه‪.‬‬
‫أوىل م ْن إيقاع ّ‬

‫فل�و أقام�و ُه يف أثناء بوله‬ ‫َ‬


‫حصل يف جزء يس�ري م َن املس�جد‪ْ ،‬‬ ‫َّ‬
‫أن التّنجي�س ق�دْ‬
‫ست ثيابه وبدنه ومواضع كثرية م ْن املسجد‪.‬‬
‫لتنج ْ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫نفوس الص ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنكار‬ ‫حابة؛ وهلذا بادروا إىل‬ ‫ِ ّ‬ ‫مقرر ًا يف‬ ‫ّجاس�ة َ‬
‫كان ّ‬ ‫االحرتاز م ْن الن‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫باملعروف‪ ،‬والن ِ‬
‫ّهي ع ْن‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫عندهم أيض ًا م� ْن ِ‬
‫طلب‬ ‫تقر َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحرضته ﷺ َ‬
‫ْ‬ ‫قبل اس�تئذانه‪ ،‬وملا ّ‬
‫ِ‬
‫املنكر‪.‬‬
‫فراغه بصب ِ‬
‫املاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ألمرهم عندَ‬ ‫ِ‬
‫املفاسد عندَ زوال املانع؛‬ ‫املبادر ُة إىل ِ‬
‫إزالة‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ألن الب ّل َة‬ ‫ِ‬
‫الواقعة؛ َّ‬ ‫ويلتحق ِبه غري‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض طاهرة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫أن غسالة النّجاسة الواقعة عىل‬
‫أن املقصو َد التّطهري‬ ‫اب َ‬
‫نقل‪ ،‬وعلمنا َّ‬ ‫الرت َ‬
‫أن ّ‬‫يثبت َّ‬ ‫ِ‬
‫األرض غسالة نجاسة‪ ،‬فإذا مل ْ ْ‬ ‫الباقية عىل‬
‫ِ‬
‫الفارق‪.‬‬ ‫تعني احلكم بطهارة الب ّلة‪ ،‬وإذا ْ‬
‫كانت طاهر ًة فاملنفصلة أيض ًا مثلها؛ لعدم‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األقذار‪.‬‬ ‫تعظيم املسجد وتنزهي ُه ع ْن‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫يشرتط حفرها)‪.(1‬‬ ‫أن األرض تطهر بصب ِ‬
‫املاء عليها وال‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ﷺ‬

‫نجراين‬ ‫ِ‬
‫وعلي�ه ردا ٌء‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬
‫)‪(2‬‬
‫ٌّ‬ ‫كن�ت أميش َ‬
‫ُ‬ ‫ع�ن أنس ب�ن مالك ‪ I‬قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫احلاشية)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫غليظ‬

‫بقيت حاشيت ُه يف‬


‫انش�ق الر ُد‪ ،‬وحتّى ْ‬ ‫ِ‬
‫بردائه جبذ ًة ش�ديدةً‪ ،‬حتّى‬ ‫يب‪ ،‬فجبذ ُه‬
‫َّ‬ ‫فأدرك ُه أعرا ٌّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وقدْ أ ّثرت هبا حاش�ي ُة الر ِ‬
‫داء‬ ‫ِ‬ ‫عنق‬ ‫ِ‬
‫صفحة ِ‬ ‫ونظرت إىل‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عنق‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫جبذته‪.‬‬ ‫م ْن شدّ ِة‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪ ،]325/1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[191/3‬‬


‫)‪ (2‬نسبة إىل نجران بلد معروف َبني احلجاز واليمن‪.‬‬
‫وهي طرف ال ّثوب ّمما ييل ّ‬
‫طرت ُه‪.‬‬ ‫)‪َ (3‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫عندك‪.‬‬ ‫قال‪ :‬يا حممدُ ‪ ،‬مر يل م ْن ِ‬
‫مال اهلل ا ّلذي‬ ‫ثم َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫بعطاء)‪.(1‬‬ ‫أمر ل ُه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فالتفت ِ‬
‫ثم َ‬‫فضحك‪َّ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫إليه‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وحلمه‪ ،‬وصفحه اجلمي�ل‪ ،‬وصره عىل األذى يف‬ ‫خلق‬ ‫بي�ان ِ‬
‫كال ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واملال‪.‬‬ ‫النّفس‬

‫وليتأسى ِبه الوالة بعده يف خلقه اجلميل‬


‫ّ‬ ‫والتّجاوز ع ْن جفاء م ْن يريد تأ ّلفه عىل اإلسالم‪،‬‬
‫الصفح‪ ،‬واإلغضاء والدّ فع با ّلتي َ‬
‫هي أحسن‪.‬‬ ‫م ْن ّ‬
‫اجلاهلني‪ ،‬واإلعراض ع ْن مقابلتهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫احتال‬
‫ِ‬
‫باحلسنة‪ ،‬وإعطاء م ْن يتأ ّلف قلب ُه‪.‬‬ ‫الس ّيئة‬
‫دفع ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بجهله‪.‬‬ ‫العفو ع ْن مرتكب كبرية ال حدَّ فيها‬
‫ُ‬
‫ب منها يف العادة)‪.(2‬‬ ‫الضحك عند األمور ا ّلتي ّ‬
‫يتعج ُ‬ ‫إباحة ّ‬
‫ما رواه أبو موسى ‪ I‬قال‪:‬‬ ‫ﷺ‬

‫بالل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واملدينة)‪ ،(3‬ومع ُه ٌ‬ ‫بني م ّك َة‬ ‫ِ‬
‫باجلعرانة َ‬ ‫وهو ٌ‬
‫نازل‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كنت عندَ الن ِّ‬
‫ُ‬
‫تنجز يل ما وعدتني)‪!(4‬‬ ‫يب َ‬
‫فقال‪ :‬أال ُ‬ ‫ّبي ﷺ أعرا ٌّ‬
‫فأتى الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‪:‬‬

‫أبرش!!‬
‫عيل م ْن ْ‬
‫أكثرت َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬قدْ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]3149‬ومسلم [‪ ]1057‬واللفظ له‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪ ،]506/10‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[147/7‬‬
‫)‪ (3‬الذي جزم به أكثر الرشاح أهنا بني ال ّطائف ومكّة وإىل مكّة أقرب‪.‬‬
‫يعجل ل ُه نصيبه م َن الغنيمة فإ ّن ُه ﷺ َ‬
‫كان‬ ‫أن ّ‬ ‫وكان طلبه ْ‬
‫َ‬ ‫خاص ًا ِبه‪ ،‬وحيتمل ْ‬
‫أن يكون عا ّم ًا‪،‬‬ ‫كان ّ‬ ‫أن الوعد َ‬ ‫)‪ (4‬حيتمل َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫حنني باجلعر ِ‬
‫أن جتمع غنائم ٍ‬
‫باجلعرانة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حينئذ‬ ‫قسم الغنائم‬
‫رجع منها َ‬ ‫فلا َ‬‫بالعساكر إىل ال ّطائف‪ّ ،‬‬ ‫هو‬
‫وتوج َه َ‬
‫ّ‬ ‫انة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أمر ْ‬
‫َ‬
‫كان حديث عهد باإلسال ِم استبطاء الغنيمة واستنجاز قسمتها‪ .‬فتح الباري [‪.[46/8‬‬ ‫وقع يف كثري مم ّ ْن َ‬
‫فلهذا َ‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫الغضبان َ‬ ‫ِ‬
‫كهيئة‬ ‫ٍ‬
‫وبالل‬ ‫َ‬
‫فأقبل عىل أيب موسى‬
‫قاال‪ :‬قبلنا‪.‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بقدح ِ‬
‫ثم دعا ٍ‬
‫ومج فيه‪َّ ،‬‬
‫فغسل يديه ووجه ُه فيه‪َّ ،‬‬ ‫فيه ما ٌء‪،‬‬ ‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫الس ِرت‪ْ :‬‬ ‫ِ‬
‫أن أفضال أل ّمكا‪ ،‬فأفضال هلا من ُه‬ ‫فنادت أ ُّم س�لم َة م ْن وراء ّ‬
‫ْ‬ ‫القدح ففعال‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأخذا‬
‫طائف ًة)‪.(1‬‬
‫جاهل بحال النبي ﷺ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جلف‬ ‫ع�يل من أبرش‪ُ ،‬‬
‫قول‬ ‫أكثرت َّ‬
‫َ‬ ‫يب‪:‬‬ ‫«وقول األعرا ِّ‬
‫وقضيت لغريه‪ ،‬فقبلها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫عرضت عليه‪ ،‬فحرمها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫برشه هبا لو قبلها‪ ،‬لكنها‬ ‫وبقدر البرشى التي ّ‬
‫الرور يف برشة ّ ِ‬
‫املب�رش‪ ،‬وأصله يف‬ ‫َ‬ ‫تظه�ر‬
‫ُ‬ ‫يت بذلك ألهنا‬
‫س�م ْ‬
‫ير‪ّ ،‬‬
‫ر با ُّ‬
‫خ� ٌ‬
‫توسع ًا‪.‬‬
‫الرش ّ‬
‫اخلري‪ ،‬وقد يقال يف ّ ِّ‬
‫ِ‬
‫باخلري عىل العموم‬ ‫برش ُه به؛ ألنه قصدَ تبشريه‬
‫‪ ،‬مل يذكر له عني ما ّ‬ ‫النبي ﷺ‪:‬‬
‫وقول ِّ‬
‫يصلح خلري الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الذي‬
‫و ّملا جهل ذلك ر ّده حلرمانه‪ ،‬و ّملا عرض ذلك عىل من عرف قدره؛ بادر إليه وقبل ُه‪َ ،‬‬
‫فنال‬
‫َّ‬
‫واحلظ األوفر‪.‬‬ ‫ر‪،‬‬
‫اخلري األك َ‬
‫من البشارة َ‬
‫والتمس�ح به مبالغة يف‬ ‫وبصق فيه وأمرمها برشب ذلك‬
‫َ‬ ‫وكونه ﷺ غس�ل وجهه يف ِ‬
‫املاء‬
‫ّ‬
‫إيصال اخلري هلا»)‪.(2‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فلا َ‬
‫قفل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫جابر ِ ِ‬
‫عن ِ‬
‫قبل نجد‪ّ ،‬‬ ‫مع‬
‫بن عبد اهلل ‪ :L‬أ ّن ُه غزا َ‬
‫كثري العضاه)‪.(4‬‬ ‫قفل معه‪ ،‬فأدركتهم القائل ُة)‪ (3‬يف ٍ‬
‫واد ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]4328‬ومسلم [‪.[503‬‬


‫)‪ (2‬املفهم [‪.[448/6‬‬
‫احلر‪.‬‬
‫أي‪ :‬وسط النّهار وشدّ ُة ِّ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫كل شجر عظيم ل ُه شوك‪ .‬النهاية [‪.[255/3‬‬ ‫)‪ (4‬وهو ّ‬
‫‪‬‬

‫ُ‬ ‫بالش ِ‬
‫جر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫العضاه يستظ ّل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ونزل‬ ‫ون ّ‬ ‫وتفر َق الن ُ‬
‫ّاس يف‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫فنزل‬
‫ٍ‬
‫سمرة)‪ ،(1‬فع ّل َق هبا سيف ُه‪.‬‬ ‫حتت‬
‫َ‬

‫جالس)‪.(2‬‬
‫ٌ‬ ‫يب‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يدعونا‪ ،‬فجئنا ُه فإذا عند ُه أعرا ٌّ‬ ‫جابر‪ :‬فنمنا نوم ًة‪َّ ،‬‬
‫ثم إذا‬ ‫قال ٌ‬‫َ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪.(4‬‬

‫)‪.«(5‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(6‬‬ ‫ثم مل ْ يعاقب ُه‬
‫َّ‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬


‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫يف من ِ‬
‫يده‪ ،‬فأخذ ُه‬ ‫َ‬
‫الس ُ ْ‬
‫فسقط ّ‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫قال‪ :‬كن خري ٍ‬
‫آخذ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ْ َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫يقاتلونك‪.‬‬ ‫مع قو ٍم‬ ‫ُ‬
‫أكون َ‬ ‫َ‬
‫أقاتلك‪ ،‬وال‬ ‫أن ال‬ ‫َ‬
‫أعاهدك عىل ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫الورق‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شجرة كثرية‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫ِ‬
‫احلارث؛ كا يف رواية احلاكم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫غورث ب ُن‬ ‫)‪ (2‬هو‬
‫ً‬
‫مسلوال‪.‬‬ ‫أي‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫يقال شام ُه إذا است ّل ُه وشام ُه إذا أغمد ُه‪ .‬لسان العرب [‪.[330/12‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪ (4‬املراد أغمد ُه‪ ،‬وهذه الكلمة م ْن األضداد‪ُ ،‬‬
‫صدقه‪ ،‬وعلم أ ّنه ال يصل إليه‪ِ،‬‬
‫ِ‬ ‫حيل بين ُه وبين ُه؛ حت ّق ِق‬
‫وعرف أ ّن ُه َ‬
‫َ‬ ‫األعرايب ّملا ش�اهدَ َ‬
‫ذلك ال ّثبات العظيم‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫)‪(5‬‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫نفسه‪ .‬فتح الباري [‪.[427/7‬‬ ‫ِ‬ ‫السالح‪ ،‬وأمك َن م ْن‬‫فألقى ّ‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ]2910‬ومسلم [‪.[843‬‬
‫‪‬‬

‫ّاس)‪.(1‬‬ ‫فقال‪ :‬جئتكم من ِ‬


‫عند ِ‬
‫خري الن ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ سبيله‪ ،‬فجاء إىل ِ‬
‫قومه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫فخىل‬
‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اس�تئالف الك ّف ِ‬
‫ار؛ ليدخلوا يف اإلسال ِم‪ ،‬ومل ْ يؤاخذه‬ ‫النبي ﷺ لش�دّ ِة رغبته يف‬ ‫ِ‬
‫فم َّن عليه ُّ‬
‫صنع‪ْ ،‬بل عفا عن ُه‪.‬‬
‫با َ‬

‫ترك اإلمام معاقبة من جفا عليه وتو ّعده إن شاء‪ ،‬والعفو عنه إن أحب‪.‬‬

‫اجلهال‪.‬‬
‫ر الرسول ﷺ‪ ،‬وحلمه وصفحه عن ّ‬
‫ص ُ‬
‫ش�جاعته‪ ،‬وبأسه‪ ،‬وثبات نفس�ه صىل اهلل عليه‪ ،‬ويقينه أن اهلل ينرصه‪ ،‬ويظهره عىل‬
‫الدين كله)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬

‫النبي ﷺ ويو ّقرونه‪،‬‬


‫فقد كانوا كثري ًا ما يسألون النبي ﷺ‪ ،‬وكان الصحاب ُة ‪ ‬هيابون َّ‬
‫ومل يكونوا يس�ألونه عن أش�ياء مسكوت عنها؛ خش�ية أن ينزل حتريم هذه األشياء؛ فيكون‬
‫السائل قد تسبب يف ذلك فيأثم‪.‬‬

‫النب�ي ﷺ‪ ،‬فيجيبهم عىل ذلك‪،‬‬


‫َّ‬ ‫وكان�وا يفرح�ون باألع�راب إذا قدموا املدينة؛ ليس�ألوا‬
‫فينتفع الصحابة‪.‬‬
‫ِ‬
‫باملدينة سن ًة ما يمنعني م َن‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬ ‫سمعان ‪َ I‬‬ ‫َ‬ ‫اس ِ‬
‫النو ِ‬ ‫ِ‬
‫أقمت َ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن‬ ‫عن ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ عن ٍ‬
‫يشء)‪.(3‬‬ ‫َ‬ ‫هاجر مل ْ ْ‬
‫يسأل‬ ‫كان أحدنا إذا‬ ‫ِ‬
‫اهلجرة ّإال املسأل ُة‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫كالز ِ‬ ‫ِ‬
‫ائر‪ ،‬وما منع ُه م َن اهلجرة واس�تيطان املدين�ة ّإال ّ‬
‫الرغبة يف‬ ‫باملدين�ة ّ‬ ‫أنّ� ُه أقا َم‬
‫ارئ�ني دون املهاجري َن‪،‬‬
‫َ‬ ‫بذلك لل ّط‬
‫س�مح َ‬
‫َ‬ ‫س�ؤال رس�ول اهلل ﷺ ع ْن أمور الدّ ي�ن؛ فإ ّن ُه َ‬
‫كان‬

‫الش ِ‬
‫يخني‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان‬ ‫ِ‬
‫رشط ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه احلاكم [‪ ،]4322‬وصححه عىل‬
‫]‪.[2872‬‬
‫)‪ (2‬رشح صحيح البخارى البن بطال [‪.[101/5‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2553‬‬
‫‪‬‬

‫السؤال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫حيتملون يف ّ‬ ‫ألهن ْم‬
‫وغريهم؛ ّ‬
‫ْ‬ ‫بسؤال الغرباء م َن األعراب‬ ‫يفرحون‬ ‫املهاجرون‬ ‫وكان‬
‫َ‬
‫املهاجرون اجلواب)‪.(1‬‬ ‫ويعذرون‪ ،‬ويستفيد‬
‫َ‬
‫فكان يعجبنا‬ ‫رسول اهلل ﷺ عن ٍ‬
‫يشء)‪،(2‬‬ ‫َ‬ ‫أن َ‬
‫نسأل‬ ‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬هنينا ْ‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ِ )‪(3‬‬ ‫جل م ْن ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ْ‬
‫نسمع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫العاقل‪ ،‬فيسأل ُه ونح ُن‬ ‫أهل البادية‬ ‫أن جيي َء ّ‬
‫مجل فأناخ ُه‬ ‫ِ‬
‫البادية عىل ٍ‬ ‫رجل م ْن ِ‬
‫أهل‬ ‫دخ�ل ٌ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫املس�جد‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫مع الن ِّ‬
‫جلوس َ‬‫ٌ‬ ‫بينا نح ُن‬
‫حممدٌ ؟‬ ‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫كم ّ‬‫هلم أ ّي ْ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫ثم عقل ُه‪َّ ،‬‬
‫يف املسجد َّ‬
‫ظهرانيهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بني‬
‫ّكئ َ‬
‫ّبي ﷺ مت ٌ‬
‫والن ُّ‬
‫ّكئ‪.‬‬
‫األبيض املت ُ‬
‫ُ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫فقلنا‪ :‬هذا ّ‬
‫لب‬ ‫جل‪ :‬يا ابن ِ‬
‫عبد امل ّط ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫فقال ل ُه ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫َ‬
‫نفسك‪.‬‬ ‫عيل يف‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫عليك يف املسألة‪ ،‬فال جتدْ َّ‬ ‫سائلك‪ ،‬فمشدّ ٌد‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ :‬إين‬
‫جل للن ِّ‬ ‫فقال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫أرسلك؟‬ ‫تزعم َّ‬
‫أن اهللَ‬ ‫ُ‬ ‫فزعم لنا أن َّك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسولك‬ ‫حممدُ أتانا‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫السا َء؟‬
‫خلق ّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فم ْن َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪» :‬‬

‫األرض؟‬
‫َ‬ ‫خلق‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فم ْن َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[111/16‬‬


‫سؤال ما ال رضور َة ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫)‪ (2‬يعني‬
‫ُ‬
‫اجلهل واجلفا ُء‪.‬‬ ‫فيهم‬
‫ويغلب ْ‬
‫ُ‬ ‫هم األعراب‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وألن أهل البادية ْ‬ ‫)‪ (3‬يعني م ْن ْمل يك ْن بلغ ُه النّهي ع ْن ّ‬
‫السؤال‪،‬‬
‫‪‬‬

‫وجعل فيها ما َ‬
‫جعل؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلبال‬ ‫قال‪ :‬فمن نصب ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫أرسلك؟‬ ‫َ‬
‫اجلبال آهللُ‬ ‫األرض ونصب ِ‬
‫هذه‬ ‫وخلق‬ ‫السا َء‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خلق ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫صلوات يف يومنا وليلتنا‪.‬‬ ‫مخس‬ ‫رسولك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أن علينا َ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫أمرك هبذا؟‬ ‫َ‬
‫أرسلك آهللُ‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫رسولك َّ‬
‫أن علينا زكا ًة يف أموالنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫أمرك هبذا؟‬ ‫َ‬
‫أرسلك آهللُ‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫رمضان يف سنتنا‪.‬‬ ‫أن علينا صو َم ِ‬
‫شهر‬ ‫رسولك َّ‬
‫َ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫أمرك هبذا؟‬ ‫َ‬
‫أرسلك آهللُ‬ ‫قال‪ :‬فبا ّلذي‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫البيت من استطاع ِ‬
‫إليه سبيالً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حج‬ ‫رسولك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أن علينا َّ‬ ‫وزعم‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أنقص منه َّن‪.‬‬


‫باحلق ال أزيدُ عليه َّن‪ ،‬وال ُ‬ ‫وقال‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك ِّ‬ ‫وىل َ‬
‫ثم ّ‬
‫َّ‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫ﷺ‬

‫يب‪َ ،‬‬
‫فقال متى‬ ‫ث القو َم جاء ُه أعرا ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫جملس حيدّ ُ‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬بينا الن ُّ‬
‫الساع ُة؟‬
‫ّ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حيدّ ُ‬ ‫فمىض‬

‫قال فكر َه ما َ‬
‫قال‪.‬‬ ‫سمع ما َ‬
‫َ‬ ‫بعض القو ِم‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ُ‬

‫يسمع‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بعضهم‪ْ :‬بل مل ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫‪.‬‬ ‫حتّى إذا قىض حديث ُه َ‬


‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ها أنا يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫كيف إضاعتها؟‪.‬‬ ‫َ‬


‫قال‪َ :‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫الس ُ‬
‫ائل؟)‪ ،‬ثم إخباره عن الذي سأل عنه‪.‬‬ ‫وجوب تعليم السائل؛ لقوله‪( :‬أي َن ّ‬
‫ُ‬
‫حق‬
‫ال بحديث أو غريه؛ ألن من ِّ‬ ‫أن من ِ‬
‫آداب املتع ّل ِم أن ال يسأل العامل ما دام مشتغ ً‬
‫يتمه‪.‬‬
‫القوم الذين بدأ بحديثهم أن ال يقطعه عنهم حتى ّ‬
‫ف�ق باملتعلم وإن جفا يف س�ؤاله‪ ،‬أو جه�ل؛ ألنه ﷺ مل يو ّبخ ُه عىل س�ؤاله قبل‬
‫الر ُ‬
‫ّ‬
‫إكال حديثه‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]633‬ومسلم [‪ ،]12‬وقد سبق‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]59‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫«كيف إضاعتها؟»)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫جواز مراجعة العامل عند عدم فهم السائل؛ لقوله‪:‬‬

‫ب؟‬
‫الض ِّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ :‬ما ترى يف هذا ّ‬ ‫إن أعراب ّي ًا نادى‬
‫فعن ابن عمر قال‪َّ :‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫واب؟ َ‬
‫فقال‬ ‫فق�ال‪ :‬ما ُ‬
‫يقت�ل املحر ُم م َن ال�دّ ِّ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫أن أعراب ّي ًا ن�ادى الن َّ‬
‫عم�ر َّ‬
‫َ‬ ‫وع�ن ِ‬
‫اب�ن‬ ‫ِ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫ع�ازب ‪ L‬يف ِ‬
‫قوله‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫الراء ِ‬ ‫وع� ْن‬
‫إن محدي زي ٌن‪َّ ،‬‬
‫وإن ذ ّمي‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫رجل‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ﯲ ﯳ) [احلجرات‪َ ،[4 :‬‬
‫قال‪ :‬فقا َم ٌ‬
‫شني‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪.(4)«D‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫فهو‬ ‫ِ‬
‫عظمته يعني ْ‬
‫إن مدحت رج ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ال َ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬ ‫نفسه‪،‬‬ ‫مدح‬
‫القول ُ‬ ‫جل م ْن هذا‬ ‫ومقصو ُد ّ‬
‫ومعيب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فهو مذمو ٌم‬
‫ال َ‬ ‫حممو ٌد ومز ّي ٌن‪ْ ،‬‬
‫وإن ذممت رج ً‬

‫هو اهلل ‪.E‬‬


‫)‪(5‬‬
‫شني َ‬ ‫‪ِ «D‬‬
‫أي‪ :‬ا ّلذي محد ُه زي ٌن وذ ّم ُه ٌ‬ ‫وقوله‪:‬‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل ولدَ يل غال ٌم أس�و ُد‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫أن أعراب ّي� ًا أتى الن َّ‬
‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َّ I‬‬
‫[وإين أنكرته]‪.‬‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬رشح ابن بطال [‪ ،]127/1‬عمدة القاري [‪.[7/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمح�د [‪ ،]5505‬وقال ش�عيب األرناؤوط‪« :‬إس�ناده صحيح عىل رشط الش�يخني» أ‪.‬ه��‪ .‬ورواه البخاري‬
‫]‪ ،]5536‬ومسلم [‪ ]1943‬دون نداء األعريب‪.‬‬
‫)‪ (3‬مستخرج أيب عوانة [‪ ،]362/4‬ورواه البخاري [‪ ،]1828‬ومسلم [‪ ]1199‬دون نداء األعريب أيض ًا‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]3367‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي [‪.[3367‬‬
‫)‪ (5‬حتفة األحوذي [‪.[109/9‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫محر‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ٌ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ون املذكور فاجتذبه ِ‬
‫إليه‬ ‫أن يكون يف أصوهلا ما هو بال ّل ِ‬ ‫ق�ال‪ :‬لع ّل ُه نزع ُه ٌ‬
‫عرق‪].‬أي‪ :‬لعله ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجا َء عىل لونه]‪.‬‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ِ‬
‫البادية‪:-‬‬ ‫رجل م ْن ِ‬
‫أهل‬ ‫ث ‪ -‬وعند ُه ٌ‬
‫كان يوم� ًا حيدّ ُ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫فع�ن أيب هريرة ‪َّ :I‬‬
‫أن الن َّ‬

‫)‪.(3‬‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (1‬األورق من اإلبل‪ :‬الذي يف لونه بياض إىل سواد‪ .‬والورقة‪ :‬سواد يف غرة‪ ،‬وقيل‪ :‬سواد وبياض كدخان الرمث‬
‫[نوع من النبات]‪ .‬لسان العرب [‪.[376/10‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]5309‬ومسلم [‪ ،]1500‬وقد سبق‪.‬‬
‫ذلك وبني اس�تواء الزّ رع‪ ،‬ونجاز أمره ك ّله م َن‬ ‫البذر يف احلال‪ْ ،‬‬
‫ومل يك ْن بني َ‬ ‫فنبت ُ‬‫فبذر‪َ ،‬‬ ‫أي‪ :‬أنه َ‬
‫أذن ل ُه يف الزرع َ‬ ‫)‪ْ (3‬‬
‫القلع واحلصد والتّذرية واجلمع والتّكويم ّإال قدر ملحة البرص‪ .‬فتح الباري [‪.[27/5‬‬
‫‪‬‬

‫أصحاب زرعٍ‪ ،‬وأ ّما نح ُن فلسنا‬


‫ُ‬ ‫يب‪ :‬واهلل ال جتد ُه ّإال قرش ّي ًا ْأو أنصار ّي ًا‪ّ ،‬‬
‫فإهن ْم‬ ‫َ‬
‫فقال األعرا ُّ‬
‫ِ‬
‫بأصحاب زرعٍ!‬

‫ّبي ﷺ)‪.(1‬‬ ‫َ‬


‫فضحك الن ُّ‬
‫البديعي)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫وجوابه‬ ‫البدوي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فطانة‬ ‫أي م ْن‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فجلس ِبه‬
‫َ‬ ‫بدوي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫ضيف‬‫ٌ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫نزل بنا‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬
‫ثوبان موىل‬ ‫وع ْن‬
‫ِ‬
‫بيوته‪.‬‬ ‫أما َم‬

‫زال خير ُه‬ ‫وكيف حدهبم يف الص ِ‬


‫الة‪ ،‬فا َ‬ ‫َ‬ ‫فرحهم باإلسال ِم‪،‬‬ ‫كيف‬
‫ّاس َ‬ ‫فجعل يسأل ُه ِ‬
‫عن الن ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل نرض ًا‪.‬‬ ‫رأيت وج َه‬
‫ير ُه حتّى ُ‬ ‫ذلك با ّلذي ّ‬ ‫م ْن َ‬

‫فأشار إ َّيل مستخفي ًا ال يألوا‪:‬‬


‫َ‬ ‫أن َ‬
‫يؤكل‪ ،‬دعاين‪،‬‬ ‫وحان ُ‬
‫أكل ال ّطعا ِم ْ‬ ‫َ‬ ‫ّهار‪،‬‬ ‫حتّى إذا َ‬
‫انتفخ الن ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ﷺ‬ ‫‪J‬‬

‫أصبح يف بيتنا يش ٌء يأكل ُه أحدٌ م َن الن ِ‬


‫ّاس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫احلق ما‬ ‫ِ‬
‫ودين ِّ‬ ‫قالت‪ :‬وا ّلذي َ‬
‫بعثك باهلدى‬ ‫ْ‬
‫رأي�ت َ‬
‫ل�ون‬ ‫ُ‬ ‫اعت�ذرت ِ‬
‫ب�ه عائش� ُة ‪ ،J‬حتّ�ى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يعت�ذرن ب�ا‬ ‫ِ‬
‫نس�ائه‪ ،‬ك ّله� َّن‬ ‫ف�ر ّدين إىل‬
‫كسف‪.‬‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬‫ِ‬

‫قال‪ :‬إنّا ُ‬
‫أهل‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬حتّى َ‬‫َ‬ ‫يعارض‬
‫ُ‬ ‫البدوي‬
‫ُّ‬ ‫ال ففط َن‪ ،‬فا َ‬
‫زال‬ ‫البدوي عاق ً‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫يرشب عليها‬ ‫احلرض‪ ،‬إنّا يكفي أحدنا القبض ُة م َن الت ِ‬
‫ّمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كأهل‬ ‫َ‬
‫معانون يف زماننا‪ ،‬لسنا‬ ‫ِ‬
‫البادية‬
‫ُ‬
‫اخلصب)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فذلك‬ ‫الرشب ُة م َن ال ّل ِ‬
‫بن‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬باسمها‬ ‫نسميها ثمرا َء‪ ،‬فدعا هبا‬ ‫عنز لنا ِ‬ ‫فمر ْت عندَ َ‬
‫احتلبت‪ ،‬كنّا ّ‬
‫ْ‬ ‫قد‬ ‫ذلك ٌ‬ ‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2348‬‬


‫)‪ (2‬مرقاة املفاتيح [‪.[3600/9‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬إذا وجد تر وعليه ماء أو لبن‪ ،‬فهذا أعىل يشء‪ ،‬وهذا هو اخلصب‪ .‬وفيه حسن خلق هذا البدوى وحصافة‬
‫عقله وفطانته وطيب كالمه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ومسح رضعها َ‬


‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فأخذ برجلها‬ ‫حتمحم‪،‬‬ ‫فأقبلت ِ‬
‫إليه‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ ،‬فمأل ُه‪.‬‬ ‫فحلب َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بمحلب لنا‪ ،‬فأتيت ُه ِبه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫فحفلت‪ ،‬فدعاين‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫أن يضع ُه‪َ ،‬‬
‫ثم أرا َد ْ‬ ‫الض ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال ل ُه‬ ‫فرشب من ُه رشب ًة ضخم ًة‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫يف‬ ‫فدفعت إىل ّ‬
‫ُ‬
‫)‪ ،(1‬فعا َد‪.‬‬

‫ورشب ما شا َء اهلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫فكر َر حتّى امت َ‬
‫أل‪،‬‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ‪:‬‬ ‫أن يضع ُه‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه‬ ‫ثم أرا َد ْ‬
‫َّ‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ث�م حلب ِ‬
‫فيه َ‬
‫‪ ،‬ومأل ُه َّ‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫رشبت‬ ‫ِ‬
‫نسائه‪ ،‬ك ّلا‬ ‫ثم أرسلني إىل‬ ‫إليه فحلب ِ‬
‫فيه َ‬ ‫رجعت ِ‬
‫‪ ،‬فمأل ُه‪َّ ،‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫‪ ،‬حتّى ر ّده َّن ك ّله َّن‪.‬‬ ‫امرأ ٌة ر ّدين إىل األخرى‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫رددت ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫فلم ُآل ْ‬
‫أن‬ ‫ثم أعطاين‪ْ ،‬‬‫فرشب ما ش�ا َء اهلل‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬فرفعت ُه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املس�ك‪َ ،‬‬ ‫وأطيب م َن‬ ‫ِ‬
‫العس�ل‪،‬‬ ‫فرشبت رشاب ًا أحىل م َن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫القدح‪،‬‬ ‫ش�فتي عىل ِ‬
‫درج‬ ‫أضع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫‪ .‬يعني‪ :‬العنز)‪.(2‬‬

‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ِ‬


‫اهلاد ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫عن شدّ ِ‬
‫اد ِ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فآم َن به‪ ،‬واتّبع ُه‪َّ ،‬‬
‫األعراب جا َء إىل الن ِّ‬ ‫ال م َن‬
‫أهاجر َ‬
‫معك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫وقسم‬ ‫فقسم‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ سبي ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫غنم الن ُّ‬
‫كانت غزو ٌة َ‬
‫فلا ْ‬‫بعض أصحابه‪ّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬‫فأوىص به الن ُّ‬
‫إليه‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬ما هذا؟‬ ‫وكان يرعى ظهرهم‪ ،‬فلا جاء دفعوه ِ‬
‫َ‬ ‫قسم ل ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ْ ّ َ‬ ‫ل ُه‪ ،‬فأعطى أصحاب ُه ما َ‬

‫الرشب‪ .‬النهاية [‪[559/3‬‬ ‫الرش ِ‬


‫ب بعد ّ‬ ‫)‪ (1‬من ُ‬
‫العلل‪ :‬وهو ّ‬
‫)‪ (2‬رواه اآلجري يف كتاب الرشيعة [‪ ،]1048‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ،]1977‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪ :‬ما هذا؟‬ ‫ِ‬ ‫قسم قسم ُه َ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأخذ ُه‪ ،‬فجا َء به إىل الن ِّ‬
‫لك الن ُّ‬ ‫قالوا‪ٌ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫حلقه بسه ٍم‪،‬‬ ‫وأشار إىل‬ ‫ّبعتك عىل ْ‬
‫أن أرمى إىل هاهنا‪،‬‬ ‫ّبعتك‪ ،‬ولكنّي ات َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ما عىل هذا ات َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فأدخل اجلنّ َة‪.‬‬ ‫فأموت‪،‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫س�هم ُ‬
‫حيث‬ ‫ّبي ﷺ ُ‬
‫حيمل قدْ أصاب ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫يت ب�ه الن ُّ‬
‫العدو‪ ،‬فأ َ‬
‫ِّ‬ ‫قت�ال‬ ‫ثم هنضوا يف‬
‫فلبث�وا قلي�الً‪َّ ،‬‬
‫أشار‪.‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قالوا‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فصىل ِ‬
‫صالته‪:‬‬ ‫ظهر م ْن‬
‫فكان فيا َ‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ثم قدّ م ُه‪ّ ،‬‬ ‫ثم ك ّفن ُه الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ يف ج ّبته‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫)‪.(1‬‬

‫يرجع‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫كان معا ٌذ ّ‬ ‫بن ِ‬


‫عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫وع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫ُ‬ ‫مع رسول اهلل ﷺ العشا َء‪َّ ،‬‬
‫يصيل َ‬
‫ِ‬
‫بأصحابه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فيصيل‬

‫وخرج‪،‬‬ ‫فلا َ‬
‫طال عىل الفتى ّ‬
‫صىل‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ذات يو ٍم ّ‬
‫َ‬ ‫وصىل خلف ُه فتًى م ْن قومه‪ّ ،‬‬ ‫هبم‪،‬‬
‫فصىل ْ‬ ‫فرجع َ‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫إن هذا ٌ‬ ‫ذلك ل ُه‪َ ،‬‬
‫فق�ال‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫ألخرن‬ ‫لنفاق‪،‬‬ ‫صىل معا ٌذ َ‬
‫ذكر َ‬ ‫فلا ّ‬ ‫َ‬
‫فأخ�ذ بخط�ا ِم بعريه‪ ،‬وانطلقوا‪ّ ،‬‬
‫صنع الفتى‪.‬‬‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخر ُه معا ٌذ با ّلذي َ‬
‫َ‬

‫فيطو ُل علينا‪.‬‬
‫يرجع‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫عندك‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫املكث‬ ‫رسول اهللِ‪ُ ،‬‬
‫يطيل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال الفتى‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال للفتى‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي [‪ ،]1953‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[61‬‬


‫‪‬‬

‫َ‬
‫دندنتك‬ ‫وأسأل اهلل اجلنّ َة وأعو ُذ ِبه م َن الن ِّار‪ّ ،‬‬
‫وإين ال أدري‪ ،‬ما‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بفاحتة‬ ‫قال‪ :‬أقر ُأ‬
‫َ‬
‫معاذ؟‬‫ودندن ُة ٍ‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫سيعلم معا ٌذ إذا قد َم القو ُم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال الفتى‪ :‬ولك ْن‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فقدموا‪َ .‬‬
‫قال‪ :‬فاستشهدَ الفتى‪.‬‬ ‫العدو قدْ دنوا‪َ .‬‬
‫َّ‬ ‫وقدْ خروا َّ‬
‫أن‬
‫‪.‬‬ ‫ذلك ٍ‬
‫ملعاذ‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ بعدَ َ‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫وكذبت‪ ،‬استشهدَ )‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫صدق اهللَ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬

‫أنس بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫تسبق‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ ناق ٌة ّ‬
‫تسمى العضبا َء‪ ،‬ال تكا ُد ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫كان للن ِّ‬
‫املسلمني‪،‬‬ ‫ذلك عىل‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فس�بقه‪ .‬فاش�تدَّ َ‬ ‫فس�ابق‬ ‫ٍ‬
‫قعود)‪،(2‬‬ ‫يب عىل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فجا َء أعرا ٌّ‬
‫ِ‬
‫سبقت العضبا ُء‪.‬‬ ‫وقالوا‪:‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫وجوههم َ‬
‫قال‬ ‫ْ‬ ‫فلا رأى ما يف‬
‫ّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫ُّ‬
‫احلث عىل التّواضعِ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫للر ِ‬
‫واملسابقة عليها‪.‬‬ ‫كوب‪،‬‬ ‫ّاختا ُذ اإلبل ّ‬
‫أن أعراب ّي ًا يسابق ُه‪.‬‬
‫ريض َّ‬ ‫ِ‬
‫لكونه‬ ‫ّبي ﷺ وتواضع ُه؛‬ ‫حس ُن ِ‬
‫َ‬ ‫خلق الن ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه ابن خزيمة [‪ ،]1634‬وقال األلباين‪« :‬إسناده جيد»‪ .‬صفة صالة النبي ﷺ [ص‪ ،]106‬وهو يف البخاري‬
‫]‪ ،]705‬ومسلم [‪ ]465‬خمترص ًا‪.‬‬
‫أن‬ ‫يكون اب َن ِ‬
‫سنتني إىل ْ‬ ‫َ‬ ‫ذلك ْ‬
‫أن‬ ‫يركب‪ّ ،‬‬
‫وأقل َ‬ ‫َ‬ ‫هو البكر حتّى‬
‫اجلوهري‪َ :‬‬
‫ّ‬ ‫قال‬ ‫ِ‬
‫اإلبل‪َ ،‬‬ ‫كوب م ْن‬
‫الر َ‬
‫استحق ّ‬
‫َّ‬ ‫)‪ (2‬وهو ما‬
‫فيسمى مجالً‪ .‬لسان العرب [‪.[359/3‬‬
‫ّ‬ ‫السادسة‪،‬‬ ‫َ‬
‫يدخل ّ‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[2872‬‬
‫‪‬‬

‫كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫يرتفع ّإال ات َ‬
‫ّضع)‪.(1‬‬ ‫ُ‬ ‫يشء منها ال‬ ‫أن َّ‬
‫لإلشارة إىل َّ‬ ‫التّزهيدُ يف الدّ نيا؛‬

‫ﷺ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أن رض ِ‬ ‫ِ‬


‫املغرية ِ‬ ‫ِ‬
‫فسطاط‬ ‫بعمود‬ ‫فرضبت إحدامها األخرى‬
‫ْ‬ ‫تني اقتتلتا‪،‬‬ ‫بن شعب َة ‪ّ َّ :I‬‬ ‫عن‬
‫فقتلت ولدها ا ّلذي يف بطنها]‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫حامل‬ ‫وهي‬
‫فقتلتها‪[ .‬ويف لفظ‪َ :‬‬
‫بغر ٍة)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ بالدّ ية عىل عصبة القاتلة‪ ،‬وقىض ملا يف بطنها ّ‬ ‫فقىض‬
‫ذلك َّ‬
‫يطل)‪.(3‬‬ ‫استهل‪ُ ،‬‬
‫فمثل َ‬ ‫َّ‬ ‫نطق وال‬ ‫رشب وال َ‬
‫أكل‪ ،‬وال َ‬ ‫َ‬ ‫تغرمني م ْن ال‬
‫يب‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫فقال األعرا ُّ‬
‫بغر ٍة)‪.(4‬‬
‫وقىض ملا يف بطنها ّ‬ ‫فقال ﷺ‪:‬‬
‫ِ‬
‫لوجهني‪:‬‬ ‫إنّا ذ ّم سجعه‬

‫عارض ِبه حكم ّ‬


‫الرشع‪ ،‬ورا َم إبطاله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أ ّن ُه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ ّن ُه تك ّلف ُه يف خماطبته‪ ،‬وهذان الوجهان م َن ّ‬
‫السجع مذمومان‪.‬‬

‫وهو مش�هور يف احلديث‬‫ّب�ي ﷺ يقول ُه يف بع�ض األوقات َ‬ ‫الس�جع ا ّل�ذي َ‬


‫كان الن ُّ‬ ‫وأ ّم�ا ّ‬
‫ِ‬ ‫فليس م ْن هذا؛ أل ّن ُه ال يعارض ِبه حكم ّ‬
‫هو حسن)‪.(5‬‬ ‫الرشع‪ ،‬وال يتك ّلف ُه فال هني فيه‪ْ ،‬بل َ‬ ‫َ‬
‫أقاويلهم الباطلة بأسجا ٍع تر ّقق القلوب‬ ‫يرو َ‬
‫جون‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ألهن ْم كانوا ّ‬
‫بالكهان ّ‬
‫ّ‬ ‫رضب املثل‬
‫َ‬ ‫وإنّا‬
‫ليميلوا إليها)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[47/6‬‬


‫ممل�وك عب�دٌ أو أم� ٌة‪ ،‬ويك�ون مقدارها نصف عرش الدي�ة‪ .‬وهذا‪ :‬حممول عىل أهنا رضبته�ا بعمود ال يقصد بهِ‬
‫ٌ‬ ‫أي‪:‬‬
‫ْ‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫قصاص‪ ،‬وال دية عىل اجلاين‪ .‬رشح النووي‬ ‫فيه الدّ ية عىل العاقلة‪ ،‬وال جيب ِ‬
‫فيه‬ ‫القتل غالب ًا‪ ،‬فيكون شبه عمد جتب ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫]‪.[176 ،177/11‬‬
‫أي‪ :‬هيدر‪ .‬النهاية [‪.[136/3‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]6906‬ومسلم [‪ ،]1682‬والنسائي [‪ ]4823‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[178/11‬‬
‫)‪ (6‬لسان العرب [‪.[363/13‬‬
‫‪‬‬

‫اجلاهلني)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫فح ِ‬
‫عن‬ ‫كان مأمور ًا ّ‬
‫بالص ِ‬ ‫وإنّا مل ْ يعاقب ُه أل ّن ُه ﷺ َ‬
‫ٍ‬
‫طيالسة مكفوف ٌة‬ ‫قال‪ :‬أتى النّبي ﷺ أعرايب ِ‬
‫عليه ج ّب ٌة م ْن‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو ‪َ L‬‬ ‫وعن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫كل را ٍع ِ‬
‫ابن راعٍ‪،‬‬ ‫يرف�ع َّ‬
‫َ‬ ‫صاحبك�م هذا)‪ (2‬يري�دُ ْ‬
‫أن‬ ‫ْ‬ ‫إن‬ ‫بديب�اج‪َ ،‬‬
‫فقال‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بديب�اج‪ْ ،‬أو م�زرور ٌة‬
‫ٍ‬
‫فارس‪.‬‬ ‫فارس ِ‬
‫ابن‬ ‫ٍ‬ ‫ويضع َّ‬
‫كل‬ ‫َ‬
‫ثياب م ْن ال‬ ‫َ‬
‫عليك َ‬ ‫فأخذ بمجام ِع ج ّب ِته‪ ،‬فاجتذب ُه‪َ ،‬‬
‫وقال‪ :‬ال أرى‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ مغضب ًا‪،‬‬
‫فقا َم الن ُّ‬
‫فجلس‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫رجع‬
‫ثم َ‬ ‫ُ‬
‫يعقل‪َّ ،‬‬
‫‪S‬‬

‫)‪.(3‬‬

‫ّبي ﷺ فبايع ُه عىل اإلسال ِم‪.‬‬


‫يب الن َّ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫جابر بن عبد اهلل ‪ L‬قال‪ :‬جا َء أعرا ٌّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ِ )‪(4‬‬
‫حممدُ أقلني بيعتي)‪.(5‬‬
‫فقال‪ :‬يا ّ‬ ‫يب ٌ‬
‫وعك باملدينة ‪ ،‬فأتى الن َّ‬ ‫فأصاب األعرا َّ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فأبى‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[218/10‬‬


‫)‪ (2‬يقصد النبي ‪.‬‬
‫وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[134‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪،]7061‬‬
‫احلمى وأملها‪ .‬النهاية [‪[207/5‬‬
‫)‪ّ (4‬‬
‫)‪ (5‬أي‪ :‬اقبل مني فسخ البيعة التي بيننا‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ثم جاء ُه َ‬
‫فقال‪ :‬أقلني بيعتي‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فأبى‪.‬‬
‫ثم جاء ُه َ‬
‫فقال‪ :‬أقلني بيعتي‪.‬‬ ‫َّ‬
‫يب)‪.(1‬‬
‫فخرج األعرا ُّ‬
‫َ‬ ‫فأبى‪،‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫أسلم ْ‬
‫أن يرتك اإلسالم‪ ،‬وال مل ْن‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ بيعته‪ ،‬أل ّن ُه ال جيوز مل ْن‬
‫إنّا مل ْ يقل ُه الن ّ‬
‫يب‬
‫أن يرتك اهلجرة ويذهب إىل وطنه ْأو غريه‪ .‬وهذا األعرا ّ‬ ‫ّب�ي ﷺ للمقا ِم عنده ْ‬ ‫هاج�ر إىل الن ّ‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ عىل املقام مع ُه)‪.(3‬‬
‫وبايع الن ّ‬
‫َ‬ ‫هاجر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كان مم ّ ْن‬

‫الز ُّق ا ّلذي ينفخ ِبه النّار‪،‬‬ ‫املبني م َن ال ّطني‪َ .‬‬


‫وقيل‪ّ :‬‬ ‫وهو ُّ‬ ‫كري احلدّ اد‪َ ،‬‬
‫الكور)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫واملبني‪:‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ّحاس وغريمها إذا أذيبا‪.‬‬ ‫الفض ِة والن‬
‫وسخ ّ‬‫ِ‬ ‫هو ما ِ‬
‫تلقيه م ْن‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬تطرد املدين ُة من ال خري ِ‬
‫فيه وخترج ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫أي‪ :‬يصفو وخيلص ويتم ّيز‪ ،‬ومعنى احلديث‪ :‬أ ّن ُه خيرج م َن املدينة م ْن مل ْ‬ ‫ْ‬
‫خلص إيانه)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫خيلص إيانه‪ ،‬ويبقى فيها م ْن‬

‫خرج منها‬ ‫ٌ‬


‫مشكل؛ فقدْ‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫خرج م َن املدينة‪َ ،‬‬
‫«ظاهر هذا احلديث ذ ُّم م ْن َ‬
‫ُ‬
‫البالد‪ ،‬وكذا من بعدهم من الفضالء‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫حابة‪ ،‬وسكنوا غريها م َن‬ ‫مجع كثري من الص ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ ٌ ْ ّ‬
‫يب‬ ‫خ�رج عنها كراه� ًة فيها‪ ،‬ورغب� ًة عنها كا َ‬
‫فع�ل األعرا ُّ‬ ‫َ‬ ‫م�ن‬ ‫َّ‬
‫أن املذم�و َم ْ‬
‫ِ‬
‫البدو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املدينة راجع ًا إىل‬ ‫أي‪ :‬م ْن‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1883‬ومسلم [‪.[1383‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل مسلم [‪.[156/9‬‬
‫)‪ (4‬النهاية [‪.[217/4‬‬
‫)‪ (5‬حتفة األحوذي [‪.[289/10‬‬
‫‪‬‬

‫وفت�ح ِ‬
‫بالد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كن�رش العل ِم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫صحيحة‪،‬‬ ‫إليهم فإنّ�ا خرجوا ملقاص�دَ‬ ‫املش�ار‬ ‫املذك�ور‪ ،‬وأ ّم�ا‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املدينة‬ ‫ِ‬
‫فض�ل‬ ‫ِ‬
‫اعتقاد‬ ‫َ‬
‫ذل�ك عىل‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملرابط�ة يف ال ّث ِ‬ ‫ال�رش ِك‪،‬‬
‫وهم َ‬
‫غ�ور وجهاد األع�داء‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وفضل سكناها)‪.(1‬‬ ‫ِ‬

‫فألق�م عين ُه خصاص َة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أن�س ِ‬


‫ِ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫أن أعراب ّي ًا أتى َ‬
‫باب‬ ‫مال�ك ‪َّ :I‬‬ ‫بن‬ ‫ع� ْن‬
‫َ‬
‫ليفقأ عين ُه‪.‬‬ ‫بحديدة‪ ،‬أو ٍ‬
‫عود؛‬ ‫ٍ‬ ‫ّ )‪(3‬‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فتوخا ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ )‪(2‬‬
‫ْ‬ ‫فبرص به الن ُّ‬‫الباب ‪َ .‬‬
‫انقمع)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫برص‬
‫أن َ‬‫فلا ْ‬
‫ّ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه الن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لع ٌ‬ ‫بن ٍ‬
‫سعد ‪َ I‬‬ ‫سهل ِ‬ ‫ِ‬
‫ّبي ﷺ‬
‫ومع الن ِّ‬
‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫حجر الن ِّ‬ ‫جحر يف‬ ‫رجل م ْن‬ ‫قال‪ :‬ا ّط َ‬ ‫ع ْن‬
‫حيك ِبه رأس ُه‪.‬‬
‫مدرى ُّ‬‫ً‬
‫)‪.(6‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫لئال يقع البرص عىل‬ ‫أن االس�تئذان م�رشوع ومأمور ِبه‪ ،‬وإنّا َ‬
‫جعل ّ‬ ‫«معنا ُه‪َّ :‬‬
‫أن ينظر يف جحر باب وال غريه مما هو متعرض ِ‬
‫فيه؛ لوقو ِع برصه عىل‬ ‫ٍ‬
‫ألحد ْ‬ ‫احلرام‪ ،‬فال ُّ‬
‫حيل‬
‫ّ َ ّ‬
‫امرأة أجنب ّية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بخفيف ففقأها؛ فال‬ ‫ويف ه�ذا احلديث‪ :‬جواز رمي عني املتط ّل�ع بيشء خفيف‪ْ ،‬‬
‫فلو رما ُه‬
‫كان قدْ نظر يف بيت ليس ِ‬
‫فيه امرأة حمرم»)‪.(7‬‬ ‫ضان‪ ،‬إذا َ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[200/13‬‬


‫حماذي عينه كأهنّا لقمة هلا‪.‬‬
‫َ‬ ‫)‪ (2‬اخلصاصة‪ :‬الفرجة‪ ،‬واملعنى َ‬
‫جعل فرجة الباب‬
‫أي‪ :‬طلب ُه‪.‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫ورجع‪.‬‬
‫َ‬ ‫أي‪ :‬ر َّد برصه‬
‫)‪ْ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه النسائي [‪ ،]4858‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]5924‬ومسلم [‪.[2156‬‬
‫)‪ (7‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[137/14‬‬
‫‪‬‬

‫يب يعود ُه‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬


‫دخل عىل أعرا ٍّ‬ ‫اس ‪َّ L‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬

‫‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫مريض يعود ُه َ‬ ‫ّبي ﷺ إذا َ‬
‫دخل عىل‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ل ُه‪:‬‬

‫القبور‪.‬‬
‫َ‬ ‫شيخ ٍ‬
‫كبري تزير ُه‬ ‫تثور عىل ٍ‬
‫تفور‪ْ ،‬أو ُ‬
‫محى ُ‬ ‫كال ْبل َ‬
‫هي ّ‬ ‫طهور! ّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬قلت‪:‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫ويف رواية‪« :‬فا أمسى من ِ‬
‫الغد ّإال م ّيت ًا»)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫ال بأس يعني‪ :‬ال شدّ َة عليك‪ ،‬وال أذى‪.‬‬

‫طهور إن ش�اء اهلل‪ ،‬وإنا قال النبي ﷺ إن ش�اء اهلل؛ ألن‬


‫ٌ‬ ‫يعني‪ :‬هذا‬
‫هذه مجلة خر ّي ٌة‪ ،‬وليس�ت مجلة دعائ ّي ًة؛ ألن الدعاء ينبغي لإلنسان أن جيزم به‪ ،‬وال يقول إن‬
‫شئت‪.‬‬
‫َ‬
‫شئت»)‪.(3‬‬
‫وهلذا هنى النبي ﷺ أن يقول الرجل «اللهم اغفر يل إن شئت‪ ،‬اللهم ارمحني إن َ‬
‫ال تقل هذا؛ ألن اهلل ال مكره له‪ ،‬إن شاء غفر لك‪ ،‬وإن شاء مل يغفر ومل يرحم‪ ،‬فال يقال‪ :‬إن‬
‫شئت‪.‬‬
‫سألت اهلل فال تقل إن َ‬
‫َ‬ ‫يستعظم العطاء‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬ ‫شئت إال ملن له مكره‪ ،‬أو ملن‬
‫َ‬
‫النبي ﷺ ال بأس طهور إن شاء اهلل‪ ،‬فهذا؛ ألنه خر وتفاؤل‪،‬‬ ‫أما ُ‬
‫قول إن شاء اهلل يف قول ِّ‬
‫بأس‪.‬‬
‫فيقول‪ :‬ال بأس‪ ،‬كأنه ينفي أن يكون به ٌ‬
‫يقول‪ :‬إن شاء اهلل؛ ألن األمر ك ّله بمشيئة اهلل ‪.(4)D‬‬
‫ثم ُ‬

‫أي‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كان كا ظننت‪.‬‬ ‫الفاء فيه مع ّقبة ملحذوف تقديره‪ :‬إذا أبيت ْ‬
‫فنعم‪ْ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[3616‬‬


‫)‪ (2‬رواه الطراين [‪ ]7213‬عن رشحبيل‪ ،‬وقال اهليثمي‪« :‬فيه من مل أعرفه»‪ .‬جممع الزوائد [‪.[39/3‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6339‬ومسلم [‪ ]2679‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رشح رياض الصاحلني [‪ ]484/4‬البن عثيمني‪.‬‬
‫‪‬‬

‫املريض إذا دخل عليه أن يقول‪ :‬ال بأس طهور إن شاء اهلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫أنه ينبغي ملن عاد‬

‫كان أعراب ّي ًا جافيا‪ ،‬وال عىل‬


‫ولو َ‬‫نقص عىل اإلمام يف عيادة مريض م ْن رع ّيته ْ‬ ‫أ ّن ُه ال َ‬
‫يتسخط قدر اهلل فيسخط‬ ‫ّ‬ ‫بالص ِر ّ‬
‫لئال‬ ‫العامل يف عيادة اجلاهل؛ ليع ّلم ُه ويذكّر ُه با ينفع ُه ويأمر ُه ّ‬
‫ِ‬
‫بسقمه‪ ،‬إىل غري َ‬
‫ذلك م ْن جر خاطره وخاطر أهله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عليه ويس ّليه ع ْن أمله ْبل يغبط ُه‬
‫ِ‬
‫بالقبول‪ ،‬وحيسن جواب م ْن يذكّر ُه َ‬
‫بذلك)‪.(1‬‬ ‫أن يتل ّقى املوعظة‬ ‫ِ‬
‫للمريض ْ‬ ‫أ ّن ُه ينبغي‬

‫ﷺ‬

‫كان اس�م ُه زاه�ر ًا)‪َ ،(2‬‬


‫كان هيدي‬ ‫ِ‬
‫البادية َ‬ ‫ال م� ْن ِ‬
‫أهل‬ ‫أن رج ً‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َّ :I‬‬ ‫أن�س ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫خيرج‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إذا أرا َد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ اهلد ّي َة م َن‬
‫أن َ‬ ‫فيجهز ُه‬
‫ّ‬ ‫البادية‪،‬‬ ‫للن ِّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫يبيع متاع ُه‪ ،‬فاحتضن ُه‬
‫وهو ُ‬‫ّبي ﷺ يوم ًا‪َ ،‬‬
‫ال دمي ًا‪ ،‬فأتا ُه الن ُّ‬ ‫َ‬
‫وكان رج ً‬ ‫ّبي ﷺ حي ّب ُه‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬
‫وهو ال يبرص ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م ْن خلفه‪َ ،‬‬
‫الر ُ‬
‫جل‪ :‬أرسلني‪ ،‬م ْن هذا؟‬ ‫َ‬
‫فقال ّ‬
‫حني عرف ُه‪.‬‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ِ‬
‫بصدر الن ِّ‬ ‫ألصق ظهر ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فجعل ال يألو ما‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫فعرف الن َّ‬
‫َ‬ ‫فالتفت‪،‬‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ ُ‬
‫يقول‪( :‬م ْن يشرتي العبدَ ؟))‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫وجعل الن ُّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل إذ ًا واهلل جتدين كاسد ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬

‫)‪.(4‬‬ ‫ْأو َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]119/10‬رشح رياض الصاحلني [‪ ]484/4‬البن عثيمني‪.‬‬


‫)‪ (2‬هو زاهر بن حرام‪ ،‬كان بدويا من أشجع الناس‪.‬‬
‫)‪ (3‬وهذا من مزاحه ﷺ الذي ال يقول فيه إال ح ّق ًا حيث أطلق عليه العبد؛ لكون الناس ك ّلهم عبيد هلل‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد يف مسنده [‪ ،]12237‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[5760‬‬
‫‪‬‬

‫أي‪ :‬ساكن باديتنا‪ ،‬أو هيدي إلينا من صنوف نبات البادية‪ ،‬وأنواع ثارها فصار‬
‫كأنه باديتنا‪ ،‬أو إذا احتجنا متاع البادية جاء به إلينا‪ ،‬فأغنانا عن الرحيل‪.‬‬
‫ِ‬
‫احل�ارضة‪ ،‬أو أنه ال يقص�د بالرجوع إىل‬ ‫نجه�زه با حيتاجه من‬
‫أي‪ّ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫احلارضة إال خمالطتنا‪.‬‬

‫مليح السرية‪.‬‬
‫أي‪ :‬قبيح الصورة‪ ،‬مع كونه َ‬
‫ففي�ه التنبي�ه عىل أن املدار عىل حس�ن الباطن‪ ،‬ولذا جاء يف احلدي�ث‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫س�ت‬ ‫ِ‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ بكر ًة)‪ّ ،(3‬‬
‫فعوض ُه منها َّ‬ ‫أن أعراب ّي ًا أهدى‬
‫وع�ن أيب هري�رة ‪َّ :I‬‬
‫ّ‬
‫فتسخط ُه)‪.(4‬‬ ‫ٍ‬
‫بكرات‪،‬‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فبلغ َ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فحمدَ اهللَ وأثنى عليه َّ‬
‫ذلك الن َّ‬

‫)‪.(5‬‬
‫ِ‬
‫االس�تكثار‪ ،‬وإنّا‬ ‫طلب‬ ‫ُ‬ ‫قبول اهلدي ِ‬
‫�ة مم ّ ْن َ‬ ‫«ك�ر َه َ‬
‫الباعث ل� ُه عليها َ‬ ‫كان‬ ‫ّ‬
‫اهلم ِة‪ ،‬وقط ِع‬
‫وعلو ّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫س�خاوة الن ِ‬
‫ّفس‪،‬‬ ‫فيهم م ْن‬
‫عرف ْ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫الفضيلة؛ ملا‬ ‫فيه ِ‬
‫هبذه‬ ‫خ�ص املذكوري�ن ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫األعواض»)‪.(6‬‬ ‫ّظر ع ْن‬‫الن ِ‬

‫)‪ (1‬فيض القدير [‪.[452/2‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ]2564‬عن أيب هريرة ‪ .I‬مجع الوسائل يف رشح الشائل [‪ ]29/2‬للقاري‪.‬‬
‫البكر من اإلبل بمنزلة الفتى من الناس‪ .‬النهاية [‪[149/1‬‬
‫ُ‬ ‫)‪(3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن طمع ُه يف اجلزاء َ‬
‫يب َّ‬ ‫أي‪ :‬كره ًا ْ‬
‫فيض جوده ﷺ‪ .‬حتفة‬ ‫سمع م ْن‬
‫َ‬ ‫أكثر؛ ملا‬
‫كان َ‬ ‫تسخ َط األعرا ُّ‬
‫يرض هبا‪ ،‬وإنّا ّ‬
‫ومل َ‬ ‫)‪ْ (4‬‬
‫األحوذي [‪[308/10‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]3945‬وأبو داود [‪ ،]3437‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2119‬‬
‫)‪ (6‬حتفة األحوذي [‪.[308/10‬‬
‫‪‬‬

‫ابتاع فرس ًا‬


‫ّبي ﷺ َ‬ ‫بن خزيم َة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي ﷺ‪َّ :‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ع ْن عار َة ِ‬
‫ِ‬
‫فرسه)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ؛ ليقضي ُه ثم َن‬
‫يب‪ ،‬فاستتبع ُه الن ُّ‬
‫م ْن أعرا ٍّ‬
‫يب‪.‬‬ ‫َ‬
‫وأبطأ األعرا ُّ‬ ‫امليش‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫فأرسع‬
‫َ‬
‫ّبي ﷺ ابتاع ُه‪،‬‬ ‫يشعرون َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالفرس‪ ،‬وال‬ ‫يب‪ ،‬فيساومون ُه‬ ‫َ‬
‫يعرتضون األعرا َّ‬ ‫ٌ‬
‫رجال‬ ‫فطفق‬
‫َ‬
‫السو ِم عىل ما ابتاع ُه ِبه من ُه‪.‬‬
‫بعضهم يف ّ‬
‫ْ‬ ‫حتّى زا َد‬
‫وإال بعت ُه!‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفرس ّ‬ ‫كنت مبتاع ًا هذا‬
‫إن َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫يب‬
‫فنادى األعرا ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫يب َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫سمع ندا َء األعرا ِّ‬
‫َ‬ ‫حني‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقا َم الن ُّ‬
‫يب‪ :‬ال واهلل ما بعتك ُه!‬ ‫َ‬
‫فقال األعرا ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫يب ُ‬ ‫ِ‬
‫يرتاجع�ان)‪،(2‬‬ ‫يب ومها‬ ‫َ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫وطفق األعرا ُّ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ وباألعرا ِّ‬
‫يلوذون بالن ِّ‬ ‫ّاس‬
‫فطف�ق الن ُ‬
‫َ‬
‫هلم شاهد ًا يشهدُ ّأين قدْ بعتك ُه‪.‬‬
‫َّ‬
‫فقال خزيم ُة بن ٍ‬
‫ثابت‪ :‬أنا أشهدُ أن َّك قدْ بايعت ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ عىل خزيم َة َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فأقبل الن ُّ‬
‫ِ‬
‫بش�هادة‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ش�هاد َة خزيم َة‬ ‫َ‬
‫فجع�ل‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪،‬‬ ‫َ‬
‫بتصديق�ك ي�ا‬ ‫َ‬
‫فق�ال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رجلني)‪.(3‬‬
‫ب�ن ٍ‬
‫زيد َّ‬
‫أن زيدَ ب َن‬ ‫وقد ظهر أثر ذل�ك عند مجع القرآن؛ فع ْن خارج َة ِ‬
‫كنت‬ ‫ِ‬
‫األحزاب ُ‬ ‫ِ‬
‫س�ورة‬ ‫ففقدت آي ًة م ْن‬ ‫ِ‬
‫املصاحف‪،‬‬ ‫ح�ف يف‬
‫الص َ‬ ‫ثابت ‪َ I‬‬‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫نس�خت ّ‬‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫مع خزيم َة ِ‬
‫جعل‬‫األنصاري ا ّلذي َ‬
‫ِّ‬ ‫ثاب�ت‬ ‫بن‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ يقر ُأ هبا‪ْ ،‬‬
‫فلم أجدها ّإال َ‬ ‫َ‬ ‫أس�مع‬
‫ُ‬

‫يب‪ :‬اتّبعني‪.‬‬ ‫أي‪َ :‬‬


‫قال لألعرا ِّ‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫َ‬
‫وحيرضون مكاملتها‪.‬‬ ‫أي‪ :‬يتع ّل َ‬
‫قون هبا‬ ‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]21376‬وأبو داود [‪ ]3607‬والنسائي [‪ ،]4647‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[1286‬‬
‫‪‬‬

‫وهو قول ُه‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫ِ‬


‫رجلني‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ش�هادت ُه ش�هاد َة‬
‫ﭘ) [األحزاب‪.(1)[23 :‬‬

‫كان ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ّب�ي ﷺ يتقاضا ُه دين� ًا َ‬
‫يب إىل الن ِّ‬
‫ع�ن أيب س�عيد اخلدري ‪ I‬قال‪ :‬ج�ا َء أعرا ٌّ‬
‫عليك ّإال قضيتني!‬
‫َ‬ ‫أحر ُج‬ ‫ِ‬
‫عليه حتّى َ‬
‫قال ل ُه‪ّ :‬‬ ‫فاشتدَّ‬

‫وحيك تدري م ْن تك ّل ُم؟!‬


‫َ‬ ‫فانتهر ُه أصحاب ُه‪ ،‬وقالوا‪:‬‬

‫أطلب ح ّقي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬إين‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫تر‪ ،‬فأقرضينا حتّى يأتينا ترنا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«إن َ‬
‫فقال هلا‪ْ :‬‬ ‫أرس�ل إىل خول َة ِ‬
‫بنت ٍ‬
‫قيس‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫كان عندك ٌ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫فنقضيك»‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫أنت يا‬
‫نعم بأيب َ‬
‫فقالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬

‫يب وأطعم ُه)‪.(2‬‬


‫فأقرضت ُه‪ ،‬فقىض األعرا َّ‬
‫أوفيت أوىف اهلل َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫فق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(4)«(3‬‬
‫ٍ‬
‫بوس�ق‬ ‫ِ‬
‫األعراب جزور ًا‬ ‫ٍ‬
‫رجل م ْن‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫ابتاع‬
‫وعن عائش�ة ‪ J‬قالت‪َ :‬‬
‫الذ ِ‬
‫خرة)‪.(5‬‬ ‫م ْن ِ‬
‫تر ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2807‬‬


‫ِ‬
‫أي‪ :‬أعطا ُه زائد ًا عىل ح ّقه طعم ًة ل ُه‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫أن يصيب ُه أ ًذى يقلق ُه ويزعج ُه‪.‬‬
‫أي م ْن غري ْ‬ ‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه ابن ماجه [‪ ]2426‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2421‬‬
‫الذ ِ‬
‫خرة‪ :‬العجوةُ‪.‬‬ ‫تر ّ‬
‫)‪ُ (5‬‬
‫‪‬‬

‫فلم جيد ُه‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ إىل ِ‬


‫ُ‬ ‫فرجع ِبه‬
‫ّمر‪ْ ،‬‬
‫والتمس ل ُه الت َ‬
‫َ‬ ‫بيته‪،‬‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫فق�ال ل ُه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فخ�رج ِ‬
‫إليه‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬

‫يب‪ :‬وا غدرا ُه!!‬ ‫َ‬


‫فقال األعرا ُّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟!‬ ‫أيغدر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قاتلك اهلل‬ ‫ّاس‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫قالت‪ :‬فنهم ُه الن ُ‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم عا َد ل ُه‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬

‫يب‪ :‬وا غدرا ُه!‬ ‫َ‬


‫فقال األعرا ُّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫أيغدر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قاتلك اهلل‬ ‫ّاس وقالوا‪:‬‬
‫فنهم ُه الن ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫مر ِ‬
‫تني ْأو ثالث ًا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫فر ّد َد َ‬
‫ذلك‬
‫بن أم ّي َة ْ‬
‫فقل‬ ‫أصحابه‪ :‬اذهب إىل خويل َة ِ‬
‫بنت حكي ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لرجل م ْن‬ ‫فل�ا رآ ُه ال يفق� ُه عن ُه‪َ ،‬‬
‫قال‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ﷺ‬ ‫هل�ا‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫ْ‬
‫فابعث‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫هو عندي يا‬
‫نعم َ‬
‫قالت‪ْ :‬‬ ‫جل َ‬
‫فقال‪ْ :‬‬ ‫الر ُ‬
‫رجع ّ‬
‫ث�م َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل َّ‬ ‫فذه�ب إليها ّ‬
‫َ‬
‫م ْن يقبض ُه‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫للر ِ‬
‫جل‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫فذهب ِبه فأوفا ُه ا ّلذي ل ُه‪.‬‬


‫َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أصحابه َ‬ ‫جالس يف‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫برسول اهلل ﷺ َ‬ ‫يب‬
‫فمر األعرا ُّ‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫حابس‬ ‫األقرع ب ُن‬
‫ُ‬ ‫عيل‪ ،‬وعند ُه‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ احلس� َن ب َن ٍّ‬ ‫قال‪ :‬ق ّب َل‬
‫عن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫ّميمي جالس ًا‪.‬‬
‫الت ُّ‬
‫منهم أحد ًا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األقرع‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫لت ْ‬ ‫الولد ما ق ّب ُ‬ ‫إن يل عرش ًة م َن‬ ‫ُ‬ ‫فقال‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فنظر ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫إليه‬ ‫َ‬
‫لهم‪.‬‬ ‫الص َ‬
‫بيان؟ فا نق ّب ْ‬ ‫لون ّ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬تق ّب َ‬ ‫يب إىل الن ِّ‬ ‫وع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬جا َء أعرا ٌّ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]25780‬وقال اهليثمي‪« :‬إسناده صحيح»‪ .‬جممع الزوائد [‪ ،]248/4‬وحسنه األرنؤوط‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5997‬ومسلم [‪.[2318‬‬
‫‪ (3)9‬رواه البخاري [‪ ،]5998‬ومسلم [‪.[2317‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع الع�شاة واملذنبني‬

‫لقد كان أصحاب النبي ٍ‬


‫حممد ﷺ من أعظم الناس تعظي ًا حلرمات اهلل‪ ،‬وأكثرهم خشي ًة‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫له‪ ،‬وأعظمهم خوف ًا منه‪.‬‬
‫ُ‬
‫الشيطان‬ ‫خيل جمتمعهم ممن اس�تز ّله‬
‫املعايص فيجتنبوهنا‪ ،‬ومع ذلك مل ُ‬
‫َ‬ ‫لقد كانوا يع ّظمون‬
‫فوقع يف بعض الذنوب واملعايص خصوص ًا أهنم كانوا حديثي عهد بجاهلية‪.‬‬
‫وهوى النفس‪َ ،‬‬
‫األمر إىل إزهاق‬
‫ولكنّه�م كانوا رسعان م�ا يتوبون ويرجعون‪ ،‬وينيبون‪ ،‬حتى ول�و أ ّدى ُ‬
‫املهج يف سبيل التخ ّلص من عقاب اهلل يوم الدين‪.‬‬
‫األرواح وبذل ِ‬

‫النبي ﷺ يف التعامل مع هؤالء العصاة واملذنبني‪.‬‬


‫فينبغي لنا أن نقف عىل منهج ِّ‬
‫وق�د أم�ر اهلل العصاة يف زمانه أن يأتوا إليه؛ ليس�تغفر هل�م اهلل‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ)‬
‫[النساء‪.[64 :‬‬

‫فهم ال يأتونك يا حممد لتغفر هلم‪ ،‬ولكن لتطلب هلم من اهلل املغفرة‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫بالزنا‪.‬‬
‫ائذن يل ّ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ْ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫إن فتًى شا ّب ًا أتى الن َّ‬ ‫ع ْن أيب أمام َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫فأقبل القوم ِ‬
‫عليه‪ ،‬فزجرو ُه‪ .‬قالوا‪ :‬م ْه م ْه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫‪ .‬فدنا من ُه قريب ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫فجلس‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهلل يا‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫‪َ .‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫فداءك‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬جعلني اهلل‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫فلم يك ْن‬ ‫ق�ال‪ :‬فوضع يده ِ‬


‫عليه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫‪ْ .‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫َ ُ‬
‫ذلك الفتى يلتفت إىل ٍ‬
‫يشء)‪.(1‬‬ ‫بعدُ َ‬
‫ُ‬
‫فكا أن لك حمار َم فللناس حمار ُم‪ ،‬واملزين هبا هي –والبد‪ -‬أخت إنسان أو أمه أو عمته‪..‬‬
‫كنت ترضاه لنفس�ك فهذه نقيص� ٌة‪ ،‬وإن َ‬
‫كنت ال ترضاه لنفس�ك‪ ،‬فكيف ترضاه‬ ‫ال�خ‪ ،‬فإن َ‬
‫للناس؟‬

‫وهك�ذا اس�تدل النب�ي ﷺ بقبح الزنا يف أع�ني الناس؛ فإهنم ال يرضون�ه ألمهاهتم‪ ،‬وال‬
‫فعامل الناس ب�ا حتب أن يعاملوك به‪ ،‬وما تكرهه لنفس�ك فاكرهه‬‫ِ‬ ‫لبناهت�م‪ ،‬وال ملحاره�م‪،‬‬
‫للناس‪.‬‬

‫املذنب يوم القيام�ة من العذاب‬


‫َ‬ ‫ينتظ�ر‬
‫ُ‬ ‫إن اإلقن�اع العق�يل إذا انض�اف إىل خش�ية اهلل مما‬
‫أصبح احلاجز عن الذنوب أقوى وأقوى‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]21708‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ،]370‬وقد سبق‪.‬‬


‫‪‬‬

‫ش�اب ط ّبق‬
‫ٍّ‬ ‫املحرمة‪ ،‬وأبغض الزنا عن قناعة‪ .‬ولو أن كل‬
‫كف الش�اب ع�ن نزوته ّ‬
‫وهنا َّ‬
‫َ‬
‫احلديث يف نزواته ملا زنى أحدٌ ؛ ألنه ال يرىض ذلك يف حمارمه)‪.(1‬‬ ‫هذا‬
‫لق�د تعام�ل مع�ه ﷺ ب�كل رف�ق ورمحة‪ ،‬كي�ف ال‪ ،‬وق�د أخ�ر اهلل عنه بقول�ه‪( :‬ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ)‬
‫]آل عم�ران‪ ،[159 :‬وهذه ش�هادة من اهلل تعاىل لنب ّيه ﷺ برمحت�ه بالناس كافة ذكرهم وأنثاهم‪،‬‬
‫صغريهم وكبريهم‪ ،‬برهم وفاجرهم‪.‬‬
‫ق�ال اب�ن كثري يف قوله تع�اىل‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ)‪ ،‬أي‪ :‬لو كنت س� ّي َئ الكالم‬
‫ق�اس القلب عليهم النفض�وا عنك وتركوك‪ ،‬ولك َّن اهلل مجعه�م عليك‪ ،‬وأالن جانبك هلم‬
‫َ‬
‫تأليف� ًا لقلوهب�م‪ ،‬كا قال عبد اهلل ب�ن عمرو ‪ :I‬إنه رأى صفة رس�ول اهلل ﷺ يف الكتب‬
‫املتقدمة‪ :‬أنه «ليس ٍّ‬
‫بفظ‪ ،‬وال غليظ‪ ،‬وال ّ‬
‫س�خاب يف األس�واق‪ ،‬وال جيزي بالس�يئة الس�يئة‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ولكن يعفو ويصفح)‪.«(2‬‬

‫عاجلت‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫مسعود ‪ I‬قال‪ :‬جا َء ٌ‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫ُ‬ ‫رجل إىل الن ِّ‬ ‫بن‬
‫شئت‪.‬‬
‫فاقض َّيف ما َ‬ ‫ِ‬ ‫أمسها‪ ،‬فأنا هذا‪،‬‬ ‫دون ْ‬
‫أصبت منها ما َ‬ ‫ِ‬
‫أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫وإين‬
‫امرأ ًة يف أقىص املدينة‪ّ ،‬‬
‫)‪(4‬‬

‫َ‬
‫نفسك!!‬ ‫سرتت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سرتك اهلل ْلو‬ ‫عمر‪ :‬لقدْ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه ُ‬
‫ّبي ﷺ شيئ ًا‪.‬‬
‫فلم ير َّد الن ُّ‬
‫ْ‬
‫فانطلق‪.‬‬
‫َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪،‬‬ ‫فقا َم ّ‬
‫عليه ِ‬
‫هذه اآلي َة‪( :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫ال دعاه‪ ،‬وتال ِ‬
‫ّبي ﷺ رج ً ُ‬
‫فأتبع� ُه الن ُّ‬
‫ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [هود‪.[114 :‬‬

‫)‪ (1‬رشح األربعني النووية [‪ ]11/36‬للشيخ عطية سامل‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪[4838‬‬
‫)‪ (3‬تفسري ابن كثري [‪.[148/2‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬تناوهلا واستمتع هبا‪.‬‬
‫‪‬‬

‫خاص ًة؟‬
‫نبي اهلل هذا ل ُه ّ‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل م َن القوم‪ :‬يا َّ‬ ‫َ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويف رواية البخاري‪:‬‬
‫أحل�ق هب�ا م�ن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الصل�وات اخلم�س‪ ،‬وم�ا‬ ‫(ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) أي‪ :‬ه�ذه‬
‫وتوجب الثواب‪ ،‬فإهنا‬ ‫تقر ُب إىل اهلل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫التطوعات من ِ‬
‫ُ‬ ‫أكر احلسنات‪ ،‬وهي‪ :‬مع أهنا حسنات ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫السيئات وتحوها‪.‬‬ ‫تذهب‬
‫ُ‬
‫الصغائ�ر‪ ،‬كا ق ّيدهت�ا األحاديث الصحيح�ة عن النب�ي ﷺ‪ ،‬مثل قوله‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬
‫وكا ق ّيدهتا اآلية التي يف سورة النساء‪ ،‬وهي قوله تعاىل‪( :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [النساء‪.(3)[31 :‬‬
‫بظاه�ر قول�ه تع�اىل‪( :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) املرجئ� ُة‪ ،‬وقال�وا‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫ِ‬ ‫وتس َ‬
‫�ك‬ ‫ّ‬
‫كانت ْأو صغرية‪َ ،‬‬
‫ومحل اجلمهور ه�ذا املطلق عىل املق ّيد يف‬ ‫كل س� ّيئة كب�رية ْ‬‫احلس�نات تك ّف ُر ّ‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫احلديث ّ‬
‫واستدل هبذا احلديث عىل عدم وجوب احلدّ يف القبلة وال ّلمس ونحومها‪ ،‬وعىل سقوط‬ ‫َّ‬
‫عم ْن أتى شيئ ًا منها‪ ،‬وجا َء تائب ًا نادم ًا)‪.(4‬‬ ‫التّعزيز ّ‬

‫النب�ي ﷺ طالبني منه إقامة احلدِّ عليهم بس�بب م�ا اقرتفوه من‬ ‫ٍ‬
‫واحد إىل‬ ‫غ�ري‬
‫ِّ‬ ‫فق�د ج�اء ُ‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]526‬ومسلم [‪.[2763‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ]233‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫)‪ (3‬تفسري السعدي [‪.[391/1‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[357/8‬‬
‫‪‬‬

‫اإلرصار؛ أقام‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حياول يف أول األمر رصفهم‪ ،‬فإذا وجد منهم‬ ‫الذن�وب واملعايص‪ ،‬ف�كان ﷺ‬
‫عليهم احلدَّ ‪.‬‬
‫َ‬
‫رس�ول‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫احلصيب ‪َ I‬‬ ‫ع� ْن بريد َة ِ‬
‫ماعز ب ُن مالك إىل الن ِّ‬
‫قال‪ :‬جا َء ُ‬ ‫ب�ن‬
‫طهرين‪.‬‬
‫اهلل ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫ثم جا َء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬


‫غري بعيد‪َّ ،‬‬
‫فرجع َ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫طهرين‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫طهرين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثم جا َء َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل ّ‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫غري بعيد‪َّ ،‬‬
‫فرجع َ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫مثل َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ‪:‬‬ ‫الرابع ُة َ‬
‫قال ل ُه‬ ‫كانت ّ‬
‫حتّى إذا ْ‬
‫الزنا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬م َن ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فسأل قوم ُه‪:‬‬

‫ليس ِبه بأس‪.‬‬


‫قالوا‪َ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ريح ٍ‬
‫مخر‪.‬‬ ‫فلم جيدْ من ُه َ‬ ‫فقا َم ٌ‬
‫رجل‪ ،‬فاستنكه ُه‪ْ ،‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال يا‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫برمجه‪.‬‬ ‫أمر‬ ‫فعندَ َ‬
‫ذلك َ‬
‫ِ‬
‫الغرقد‪ ،‬فا أوثقنا ُه‪ ،‬وال حفرنا ل ُه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فانطلقنا ِبه إىل بقي ِع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واخلزف)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫واملدر‬ ‫فرمينا ُه بالعظ ِم‬
‫ِ‬
‫بجالميد‬ ‫فانتصب لنا‪ ،‬فرمين�ا ُه‬ ‫احل�ر ِة)‪،(3‬‬
‫َ‬ ‫ع�رض ّ‬ ‫َ‬ ‫فاش�تدَّ )‪ ،(2‬واش�تددنا خلف ُه حتّى أتى‬
‫احلر ِة)‪ (4‬حتّى َ‬
‫مات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫املوت‪.‬‬ ‫ومس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فذكروا َ‬
‫مس احلجارة‪َّ ،‬‬ ‫حني وجدَ َّ‬
‫لرسول اهلل ﷺ أ ّن ُه َّفر َ‬ ‫ذلك‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫أحاطت ِبه خطيئت ُه‪.‬‬


‫ْ‬ ‫قائل ُ‬
‫يقول‪ :‬لقدْ َ‬
‫هلك لقدْ‬ ‫ِ‬
‫فرقتني ٌ‬ ‫فكان النّاس ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫أفضل من ِ‬
‫توبة ٍ‬
‫ثم‬
‫فوضع يد ُه يف يده‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫ماعز‪ ،‬أ ّن ُه جا َء إىل الن ِّ‬ ‫َ ْ‬ ‫وقائل ُ‬
‫يقول‪ :‬ما توب ٌة‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫باحلجارة‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬اقتلني‬
‫ِ‬
‫يومني ْأو ثالث ًة‪.‬‬ ‫َ‬
‫بذلك‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فلبثوا‬

‫جلس‪.‬‬
‫ثم َ‬‫جلوس‪ ،‬فس ّل َم‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫وهم‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ْ‬ ‫ثم جا َء‬
‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫بن ٍ‬
‫مالك‪.‬‬ ‫غفر اهلل ِ‬
‫ملاعز ِ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فقالوا‪َ :‬‬
‫أو العظام‪ْ ،‬أو اخلزف‪ِ ،‬‬
‫أو اخلشب‪ ،‬وغري َ‬
‫ذلك‬ ‫أو املدر‪ِ ،‬‬
‫باحلجر‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الرجم حيصل‬ ‫ّفق ِ‬
‫عليه العلاء َّ‬
‫أن ّ‬ ‫)‪ (1‬هذا دليل ملا ات َ‬
‫تتعني األحجار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ممّا حيصل به القتل‪ ،‬وال ّ‬
‫)‪ (2‬أي‪ :‬هرب‪.‬‬
‫أي‪ :‬جانبها‪.‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫أي‪ :‬احلجارة الكبار‪.‬‬‫)‪ِ (4‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬ثم جاءته امرأ ٌة من ٍ‬


‫طهرين‪.‬‬
‫رسول اهلل ّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫األزد‪،‬‬ ‫غامد م َن‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ماعز بن ٍ‬
‫مالك‪.‬‬ ‫فقالت‪َ :‬‬
‫أراك تريدُ ْ‬
‫دت َ َ‬
‫أن تر ّددين كا ر ّد َ‬ ‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫الزنا‪.‬‬
‫قالت‪ّ :‬إهنا حبىل م َن ّ‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‪:‬‬

‫وضعت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫األنصار حتّى‬ ‫قال‪ :‬فكفلها ٌ‬
‫رجل م َن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وضعت الغامد ّي ُة‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬قدْ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فأتى الن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫نبي اهلل‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إ َّيل رضاع ُه يا َّ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪َ ،‬‬ ‫فقا َم ٌ‬
‫رجل م َن‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬فرمجها)‪.(1‬‬

‫ليتم‬ ‫ِ‬ ‫منقب ٌة عظيم ٌة ِ‬


‫مع توبته؛ ّ‬ ‫اس�تمر عىل طلب إقامة احلدّ عليه َ‬
‫َّ‬ ‫ملاعز بن مالك؛ أل ّن ُه‬
‫يس�تمر ع�ىل اإلقرار با‬
‫ُّ‬ ‫البرشي يقتيض أ ّن ُه ال‬
‫َّ‬ ‫أن ال ّطبع‬ ‫م�ع َّ‬
‫تطه�ريه‪ ،‬ومل ْ يرج�ع ع� ْن إقراره َ‬
‫وأقر م ْن غري اضطرار إىل إقامة‬
‫وقوي عليها‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫يقتيض إزهاق نفس�ه‪ ،‬فجاهدَ نفسه عىل َ‬
‫ذلك‪،‬‬
‫هادة مع وضوح ال ّطريق إىل سالمته من القتل بالت ِ‬
‫ّوبة‪.‬‬ ‫بالش ِ‬ ‫ذلك ِ‬
‫عليه ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1695‬‬


‫‪‬‬

‫دليل عىل سقوط إثم املعايص الكبائر بالت ِ‬


‫ّوبة‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫أن يبادر إىل التّوبة منها‪ ،‬وال خير هبا أحد ًا‪ ،‬ويسترت‬
‫وقع يف معصية ْ‬
‫يستحب مل ْن َ‬
‫ُّ‬ ‫أ ّن ُه‬
‫عن النّاس‪.‬‬‫ذلك ِ‬ ‫ِ‬
‫وسرت َ‬ ‫أن يأمره بالت ِ‬
‫ّوبة‪،‬‬ ‫فيستحب ْ‬ ‫ّفق أ ّن ُه خير أحد ًا‬ ‫بسرت اهلل‪ِ ،‬‬
‫وإن ات َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الفاعل‪ ،‬وال يفضح ُه وال يرفع ُه‬ ‫ذلك أن يس�رت عىل‬ ‫يس�تحب ِ‬
‫ملن ا ّط َ‬
‫لع عىل مثل َ‬ ‫ُّ‬ ‫أ ّن ُه‬
‫إىل اإلمام‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالفاحش�ة جماهر ًا ّ‬
‫فإين‬ ‫ه�ذا ك ّله يف غري املجاهر‪ ،‬فأ ّم�ا إذا َ‬
‫كان متظاهر ًا‬
‫هو وغري ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أحب مكاشفته والتّريح به؛ لينزجر َ‬‫ّ‬
‫القصة م ْن‬ ‫ِ‬
‫وقع يف ه�ذه ّ‬
‫�ت يف إزه�اق نفس املس�لم‪ ،‬واملبالغ�ة يف صيانته مل�ا َ‬ ‫التّث ّب ُ‬
‫خطأ يف معنى‬ ‫إليه بالرجو ِع واإلش�ارة إىل قبول دعواه ِ‬
‫إن ا ّدعى إكراه ًا‪ْ ،‬أو ً‬ ‫ترديده‪ ،‬واإلياء ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ال ْأو غري َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫الزنا‪ْ ،‬أو مبارشة دون الفرج مث ً‬
‫ّ‬
‫بفعل الفاحش�ة عن�د اإلمام‪ ،‬ويف املس�جد والتّرصي�ح ِ‬
‫فيه با‬ ‫مرشوع ّي� ُة اإلق�رار ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫يستحيى م َن التّل ّفظ به م ْن أنواع ّ‬
‫الرفث يف القول م ْن أجل احلاجة امللجئة‬
‫ِ‬
‫إلقام�ة احلدّ ؛‬ ‫أق�ر ٍ‬
‫بأمر حمتمل‬ ‫ِ‬
‫بالصوت الع�ايل وإعراض اإلم�ام ع ْن م ْن َّ‬
‫ن�داء الكب�ري ّ‬
‫ذلك لريتّب ِ‬
‫عليه مقتضا ُه‪.‬‬ ‫يفر ُه با ال يوجب حدّ ًا ْأو يرجع‪ ،‬واستفساره ع ْن رشوط َ‬ ‫ِ‬
‫الحتال ْ‬
‫أن ّ‬
‫َّ‬
‫أن إقرار املجنون الغٍ‪.‬‬

‫أثر ل ُه‪ ،‬يؤخذ م ْن قوله «استنكهو ُه»‪.‬‬


‫السكران ال َ‬ ‫َّ‬
‫أن إقرار ّ‬
‫رجع َ‬
‫قبل‪.‬‬ ‫للمقر ْ‬
‫بأن يرجع‪ ،‬وأ ّن ُه إذا َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّعريض‬
‫الت ُ‬
‫ِ‬
‫لغريه‪.‬‬ ‫جواز تفويض اإلمام إقام َة احلدّ‬

‫املقر با يوجب احلدَّ ما يدفع ِبه عن ُه احلدَّ ‪.‬‬


‫جواز تلقني ّ‬
‫بالزنا ْ‬
‫أن يقول‬ ‫َ‬
‫رشط عىل م ْن ش�هدَ ّ‬ ‫ثم‬
‫الرصيح‪ ،‬وم ْن َّ‬ ‫ِ‬
‫باإلقرار ّ‬ ‫أن احلدَّ ال جيب ّإال‬
‫َّ‬
‫ذلك‪ ،‬وال يكفي ْ‬
‫أن يقول أشهد أ ّن ُه زنى‪.‬‬ ‫ولج ذكر ُه يف فرجها ْأو ما أشب َه َ‬
‫رأيته َ‬
‫‪‬‬

‫بالزنا يف مدّ ة االستثبات‪ ،‬ويف احلامل حتّى تضع‪.‬‬


‫اعرتف ّ‬
‫َ‬ ‫ترك سجن ِ‬
‫من‬
‫وجوب االستفس�ار ِ‬
‫عن احلال ا ّلتي ختتلف األح�كام باختالفها‪ ،‬ويؤخذ هذا م ْن‬
‫قوله ْ‬
‫«هل أحصنت؟»‪.‬‬

‫ورجم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّبع‬
‫وإال ات َ‬ ‫َ‬
‫فذاك‪ّ ،‬‬ ‫بالرجو ِع‬
‫رص َح ّ‬ ‫أقر يرتك‪ْ ،‬‬
‫فإن ّ‬ ‫بالزنا إذا َّ‬
‫املقر ّ‬ ‫َّ‬
‫أن ّ‬
‫كان محلها من زن ًا أو غريه‪ ،‬وهذا جممع ِ‬
‫عليه‬ ‫أ ّن ُه ال ترجم احلبىل حتّى تضع‪ ،‬س�واء َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وهي حامل مل ْ جتلد باإلمجا ِع حتّى تضع‪.‬‬ ‫لئال يقتل جنينها‪ ،‬وكذا ْلو َ‬
‫كان حدّ ها اجللد َ‬ ‫ّ‬

‫الرجل‪.‬‬
‫وهي حمصنة كا يرجم ّ‬
‫زنت َ‬ ‫َّ‬
‫أن املرأة ترجم إذا ْ‬
‫يقت�ص منها حتّى تضع‪ ،‬وهذا جممع‬
‫ّ‬ ‫وهي حامل ال‬
‫وجب عليها قصاص َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن م� ْن‬
‫يقتص منها بعد وضعها حتّى تس�قي ولدها ال ّلبن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الزاني�ة‪ ،‬وال ُّ‬
‫ث�م ال ترجم احلامل ّ‬
‫علي�ه‪َّ .‬‬
‫ويستغني عنها ِ‬
‫بلبن غريها)‪.(1‬‬

‫رجل‬ ‫ِ‬
‫املسجد‪ ،‬ونح ُن قعو ٌد مع ُه‪ ،‬إ ْذ جا َء ٌ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫ع ْن أيب أمام َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬بينا‬
‫أصبت حدّ ًا فأقم ُه َّ‬
‫عيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ومل ْ يسأل ُه عن ُه‪.‬‬ ‫فسكت عن ُه‬
‫َ‬

‫أصبت حدّ ًا فأقم ُه َّ‬


‫عيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫ثم أعا َد َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َّ‬
‫فسكت عن ُه‪.‬‬
‫َ‬
‫الصالةُ‪.‬‬
‫وأقيمت ّ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ّبعت‬
‫انرصف‪ ،‬وات ُ‬
‫َ‬ ‫حني‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫ّبع ّ‬
‫نبي اهلل ﷺ‪ ،‬ات َ‬
‫انرصف ُّ‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫الر ِ‬
‫جل‪.‬‬ ‫أنظر ما ير ُّد عىل ّ‬
‫ُ‬

‫أصبت حدّ ًا فأقم ُه َّ‬


‫عيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ّإين‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫فلحق ّ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪ ،]126/12‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[201/11‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال ل ُه‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬بىل يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬ ‫َ‬
‫فقال‪ْ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ْأو َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬

‫يفر ُه‪ ،‬فإ ّن ُه ال جي�ب عىل اإلمام ْ‬


‫أن‬ ‫ِ‬
‫أقر بح�دٍّ ومل ْ ّ‬
‫البخ�اري محله عىل م ْن َّ‬
‫ِّ‬ ‫ترمج�ة‬ ‫«فظاه�ر‬
‫تاب»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫يقيم ُه عليه إذا َ‬

‫ع�ن احل�دود ْبل يدف�ع مها أمك� َن‪ ،‬وهذا ّ‬


‫الرج�ل مل ْ يفصح‬ ‫أن اإلم�ام ال يكش�ف ِ‬ ‫َّ‬
‫فلم يكش�ف ُه‬ ‫ِ‬
‫علي�ه‪ ،‬فلع ّل ُه‬ ‫بأم�ر يلزم� ُه ِبه إقام ُة احلدّ‬
‫ٍ‬
‫أصاب صغرية ظنّها كبرية توجب احلدّ ‪ْ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫باالحتال‪.‬‬ ‫ألن موجب احلدّ ال يثبت‬ ‫ذلك؛ َّ‬ ‫ّبي ﷺ ع ْن َ‬ ‫الن ّ‬
‫ِ‬
‫عليه ندم ًا ورجوع ًا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫للس ِرت‪ ،‬ورأى َّ‬
‫إلقامة احلدّ‬ ‫تعرضه‬
‫أن يف ّ‬ ‫وإنّا مل ْ يستفر ُه إيثار ًا ّ‬
‫ِ‬ ‫بالرجو ِع عن ُه‪ ،‬إ ّم�ا بالت‬
‫ّعريض‪ ،‬وإ ّما‬ ‫ِ‬
‫بموجب احل�دّ ّ‬ ‫أقر‬
‫تلق�ني م ْن َّ‬
‫َ‬ ‫اس�تحب العلاء‬
‫َّ‬ ‫وقدْ‬
‫بأوضح من ُه ليدرأ عن ُه احلدّ )‪.(3‬‬
‫َ‬
‫واختار ابن القيم أن العايص إذا تاب قبل القدرة عليه سقط عنه احلد)‪.(4‬‬

‫يبنيّ ْ‬
‫هل لإلما ِم‬ ‫أقر باحلدِّ ْ‬
‫ومل ْ‬ ‫«ب�اب إذا َّ‬
‫ُ‬ ‫)‪ (1‬رواه البخ�اري [‪ ]6823‬ومس�لم [‪ ،]2764‬وترجم له البخاري بقوله‪:‬‬
‫أن يسرت ِ‬
‫عليه؟»‪.‬‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[134/12‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[134/12‬‬
‫)‪ (4‬إعالم املوقعني [‪.[17/3‬‬
‫‪‬‬

‫جاءت تائب ًة‪ ،‬وأقا َم عليها احلدَّ ؟‬


‫ْ‬ ‫فاعز جا َء تائب ًا‪ ،‬والغامد ّي ُة‬
‫ٌ‬ ‫فإن َ‬
‫قيل‪:‬‬ ‫وقال ‪ْ :V‬‬

‫أصحاب‬
‫ُ‬ ‫احتج‬
‫أقيم عليها‪ ،‬وهب�ا َّ‬ ‫ريب َّ‬
‫أن احل�دَّ َ‬ ‫ِ‬
‫تائب�ني‪ ،‬وال َ‬ ‫ري�ب ّأهن�ا جاءا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قي�ل‪ :‬ال‬
‫ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القول‬

‫وأن التّوب َة ّ‬
‫مطهرةٌ‪ ،‬ومها‬ ‫مطه ٌر‪َّ ،‬‬ ‫فأجاب با مضمون ُه َّ‬
‫بأن احلدَّ ّ‬ ‫َ‬ ‫وسألت شيخنا ع ْن َ‬
‫ذلك؛‬ ‫ُ‬
‫ّبي ﷺ‬ ‫ّطهري بمجر ِد الت ِ‬
‫ّوبة‪ ،‬وأبيا ّإال ْ‬ ‫اختارا التّطهري باحلدِّ عىل الت ِ‬
‫يطهرا باحلدِّ ‪ ،‬فأجاهبا الن ُّ‬
‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حق ماعز‪ٍ:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذل�ك‪ ،‬وأرش�دَ إىل اختي�ار التّطهري بالتّوبة ع�ىل التّطهري باحلدِّ ‪َ ،‬‬
‫فق�ال يف ِّ‬ ‫إىل َ‬
‫جاز ترك ُه‪.‬‬ ‫تعني احلدُّ بعدَ الت ِ‬
‫ّوبة ملا َ‬ ‫ولو ّ َ‬
‫‪ْ ،‬‬
‫اعرتف ِ‬
‫ب�ه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لصاحب احلدِّ ا ّلذي‬ ‫أن يرتك ُه كا َ‬
‫ق�ال‬ ‫بني ْ‬
‫خمري َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ب�ل اإلم�ا ُم ّ ٌ‬
‫ّطهري ِبه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يقيم كا أقام ُه عىل ٍ‬
‫ماعز والغامد ّية ّملا اختارا إقامت ُه‪ ،‬وأبيا ّإال الت َ‬ ‫أن َ‬ ‫وبني ْ‬
‫‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫يأبيان ّإال إقامت ُه عليها‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ مرار ًا‪ ،‬ومها‬ ‫َ‬
‫ولذلك ر ّدمها الن ُّ‬
‫ِ‬
‫مسلك‬ ‫وبني‬ ‫جتوز إقامته بعدَ الت ِ‬
‫ّوبة ألب ّت َة‪َ ،‬‬ ‫مس�لك م ْن ُ‬
‫يقول‪ :‬ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وسط بني‬ ‫ُ‬
‫املس�لك‬ ‫وهذا‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫تدل ّإال عىل هذا‬ ‫السنّ َة رأيتها ال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ْن ُ‬
‫القول‬ ‫أثر للتّوبة يف إسقاطه ألب ّت َة‪ ،‬وإذا تأ ّملت ّ‬‫يقول‪ :‬ال َ‬
‫أعلم)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫الوسط‪ ،‬واهلل ُ‬
‫خرجت عىل ِ‬
‫عهد‬ ‫ْ‬ ‫وائل الكن�دي عن ِ‬
‫أبيه َّ‬
‫أن ام�رأ ًة‬ ‫بن ٍ‬ ‫وقري�ب م�ن هذا حديث علقم� َة ِ‬
‫ِّ ْ‬
‫رجل‪ ،‬فتج ّللها)‪ ،(2‬فقىض حاجت ُه منها‪.‬‬ ‫الصالةَ‪ ،‬فتل ّقاها ٌ‬ ‫رسول اهلل ﷺ تريدُ ّ‬ ‫ِ‬

‫فصاحت‪.‬‬
‫ْ‬
‫فانطلق‪.‬‬
‫َ‬
‫جل َ‬
‫فعل يب كذا وكذا‪.‬‬ ‫الر َ‬ ‫إن َ‬
‫ذاك ّ‬ ‫فقالت‪َّ :‬‬
‫ْ‬ ‫ومر عليها ٌ‬
‫رجل‪،‬‬ ‫َّ‬
‫جل يف ِ‬
‫طلبه‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫فذهب ّ‬
‫َ‬
‫جل َ‬
‫فعل يب كذا وكذا‪.‬‬ ‫الر َ‬ ‫إن َ‬
‫فقالت‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬
‫ذاك ّ‬ ‫ْ‬ ‫بعصابة م َن املهاجري َن‪،‬‬ ‫ومر ْت‬
‫ّ‬

‫)‪ (1‬إعالم املوقعني [‪.[60 ،61/2‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬غشيها ِ‬
‫بثوبه وجامعها‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪‬‬

‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالر ِ‬ ‫ِ‬


‫جل ا ّلذي َ‬
‫وقع عليها‪.‬‬ ‫طلب ّ‬ ‫جل ا ّلذي َ‬
‫ذهب يف‬ ‫فذهبوا يف طلبه‪ ،‬فجاءوا ّ‬
‫هو هذا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فقالت‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫فذهبوا به إىل الن ِّ‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ذهب‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬أنا ا ّلذي أغثتك‪ ،‬وقدْ‬
‫َ‬

‫ر القو ُم‪ّ :‬أهن ْم أدركو ُه يشتدُّ ‪.‬‬


‫وأخ َ‬
‫ِ‬
‫هؤالء فأخذوين‪.‬‬ ‫كنت أغيثها عىل صاحبها‪ ،‬فأدركني‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬إنّا َ‬

‫عيل‪.‬‬ ‫هو ا ّلذي َ‬


‫وقع َّ‬ ‫كذب‪َ ،‬‬
‫فقالت‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل أنا صاحبها‪.‬‬ ‫وقع عليها َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫لريجم‪ ،‬قا َم صاحبها ا ّلذي َ‬
‫َ‬ ‫أمر ِبه‬
‫فلا َ‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‪:‬‬
‫للر ِ‬
‫جل قوالً حسن ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال ّ‬
‫نبي اهللِ‪ :‬أال ترمج ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقيل يا َّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫إشكال وجوابه‪:‬‬

‫يرجم؟‬ ‫باعرتاف‪ ،‬وال ٍ‬


‫ببينة‪ ،‬فكيف‬ ‫ٍ‬ ‫يثبت عليه الزنا‬ ‫َ‬
‫املغيث مل ْ‬ ‫ُ‬
‫يشكل أن‬
‫ُ‬
‫وأجيب عن ذلك بأجوبة‪:‬‬
‫ِ‬
‫بظاهره‬ ‫يأمر‪ :‬ق�ال العظيم آبادي‪« :‬وال خيف�ى أ ّن ُه‬
‫يأم�ر برمجه‪ ،‬ومل ْ‬
‫‪ .1‬أن�ه ﷺ ق�ارب أن َ‬
‫مش�كل إ ْذ ال يس�تقيم األم�ر ّ‬
‫بالرج ِم م ْن غ�ري إقرار‪ ،‬وال ب ّينة‪ ،‬وق�ول املرأة ال يصلح‬
‫الراوي نظر ًا إىل ظاهر األمر)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫وذلك قال ُه ّ‬ ‫أن يأمر ِبه‪،‬‬
‫قارب ْ‬
‫َ‬ ‫فلا‬ ‫ب ّينة‪َّ ،‬‬
‫فلعل املراد ّ‬
‫إقامة احلدِّ بال ّل ِ‬
‫وث ال ّظ ِ‬
‫اهر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ .2‬أن هذا من‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]1454‬وأبو داود [‪ ،]4379‬وأمحد [‪ ،]26698‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[900‬‬
‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[165/12‬‬
‫‪‬‬

‫وهو يشتدُّ‬ ‫َ‬ ‫إقامة احلدِّ بال ّل ِ‬


‫وث ال ّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫«إن هذا ُ‬
‫قال ابن القيم‪َّ :‬‬
‫أدرك َ‬ ‫القوي‪ ،‬فإ ّن ُه‬
‫ِّ‬ ‫اهر‬ ‫مثل‬
‫كان مغيث ًا هلا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املرأة‪ ،‬وا ّدعى أ ّن ُه َ‬ ‫واعرتف بأ ّن ُه َ‬
‫كان عندَ‬ ‫َ‬ ‫هارب ًا َ‬
‫بني أيدي القو ِم؛‬
‫ِ‬
‫واخلمر‬ ‫الزن�ا‬‫الصحاب ُة حدَّ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫ظاهر‪ ،‬وق�دْ أق�ا َم ّ‬
‫ٌ‬ ‫ل�وث‬ ‫ه�و هذا‪ ،‬وهذا‬ ‫وقال�ت امل�رأةُ‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والرائح ُة»)‪.(1‬‬ ‫احلمل ّ‬ ‫وهو‬
‫قريب من ُه؛ َ‬ ‫ٌ‬ ‫نظري هذا‪ْ ،‬أو‬
‫هو ُ‬ ‫بال ّلوث ا ّلذي َ‬
‫أمر ِبه قا َم‬
‫(فلا َ‬
‫‪ .3‬لع�ل النب�ي ﷺ أمر بتعزيره ال برمجه‪ :‬قال البيهقي بعد أن رواه بلفظ‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫بتعزيره»)‪.(2‬‬ ‫أمر‬ ‫ُ‬ ‫هذه الر ِ‬
‫صاحبها) قال‪« :‬فعىل ِ‬
‫حيتمل أ ّن ُه إنّا َ‬ ‫واية‬ ‫ّ‬
‫حيتمل أهنم شهدوا ِ‬
‫بالزنا‪ ،‬وأخطئوا ىف َ‬
‫ذلك)‪.(3‬‬ ‫عليه ّ‬ ‫ُ ّ ْ‬ ‫‪.4‬‬
‫ٌ‬
‫«س�اك إذا انفر َد‬ ‫‪ .5‬أن احلدي�ث ضعيف‪ ،‬فمداره عىل س�اك بن حرب‪ ،‬قال النس�ائي‪:‬‬
‫كان يل ّق ُن فيتل ّق ُن»)‪.(4‬‬
‫حج ًة؛ أل ّن ُه َ‬ ‫ٍ‬
‫بأصل مل ْ يك ْن ّ‬
‫ماعز‬ ‫ِ‬
‫اعرتافه م ْن ٍ‬ ‫وقد أشار البيهقي إىل تضعيفه حيث قال بعد أن رواه‪« :‬وقدْ وجدَ َ‬
‫مثل‬
‫أعلم»)‪.(5‬‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأشهر‪ .‬واهلل ُ‬
‫ُ‬ ‫أكثر‬
‫وأحاديثهم ُ‬
‫ْ‬ ‫حدودهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫يسقط‬ ‫واجلهن ّية‪ ،‬والغامد ّية‪ ،‬ومل ْ‬

‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫فجاءت الغامد ّي ُة‪،‬‬ ‫قال – بع�د ذكر قصة ماعز‪:-‬‬ ‫ِ‬
‫احلصيب ‪َ I‬‬ ‫ع�ن بريد َة بن‬
‫فطهرين‪ ،‬وإ ّن ُه ر ّدها‪.‬‬
‫زنيت‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ّ ،‬إين قدْ‬ ‫يا‬
‫رددت ماعز ًا‪ ،‬فواهلل ّإين‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهللِ‪ ،‬مل َ ت�ر ّدين لع ّل َك ْ‬
‫أن تر ّدين كا‬ ‫َ‬ ‫قالت‪ :‬يا‬ ‫فل�ا َ‬
‫كان الغدُ ْ‬ ‫ّ‬
‫حلبىل‪.‬‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬حاشية ابن القيم مع عون املعبود [‪.[165/12‬‬


‫)‪ (2‬سنن البيهقي [‪.[284/8‬‬
‫)‪ (3‬سنن البيهقي [‪.[284/8‬‬
‫)‪ (4‬األحاديث املختارة [‪ ،]20/12‬هتذيب التهذيب [‪.[234/4‬‬
‫)‪ (5‬سنن البيهقي [‪.[284/8‬‬
‫‪‬‬

‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫خبز‪،‬‬ ‫‪ ،‬فلا فطمته أتته بالصبي يف ِ‬
‫يده كر ُة ٍ‬ ‫ُ ُ ّ ِّ‬ ‫ّ‬
‫أمر هبا‪،‬‬
‫ثم َ‬‫املسلمني‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رجل م َن‬ ‫بي إىل‬
‫الص َّ‬
‫فدفع ّ‬
‫َ‬ ‫نبي اهلل قدْ فطمت ُه‪ ،‬وقدْ َ‬
‫أكل ال ّطعا َم‪،‬‬ ‫هذا يا َّ‬
‫ّاس‪ ،‬فرمجوها‪.‬‬
‫وأمر الن َ‬
‫فحفر هلا إىل صدرها‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫فسمع‬ ‫وجه ٍ‬
‫خالد‪ ،‬فس ّبها‪،‬‬ ‫فتنضح الدّ م عىل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بحجر‪ ،‬فرمى رأس�ها ّ َ‬ ‫الوليد‬ ‫فيقبل خالدُ ب ُن‬
‫نب�ي اهلل ﷺ س� ّب ُه إ ّياه�ا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫ودفنت)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫أمر هبا‪ّ ،‬‬
‫فصىل عليها‪،‬‬ ‫ثم َ‬‫َّ‬
‫زنت؟‬
‫نبي اهلل وقدْ ْ‬ ‫عمر‪ّ :‬‬
‫تصيل عليها يا َّ‬ ‫زاد يف رواية‪َ :‬‬
‫فقال ل ُه ُ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫ِ‬
‫لكثرة مطالبات النّاس ل ُه‬ ‫َ‬
‫وذل�ك‬ ‫أن املك�س م ْن أقبح املعايص ّ‬
‫والذنوب املوبقات؛‬ ‫َّ‬
‫بغري ح ّقها‪ ،‬ورصفها يف‬‫أمواهلم ِ‬
‫ْ‬ ‫ذلك من ُه وانتهاكه للن ِ‬
‫ّاس‪ ،‬وأخ�ذ‬ ‫وتكرر َ‬
‫وظالماهت�م عن�ده ّ‬
‫ْ‬
‫غري وجهها‪.‬‬
‫غريهم‪.‬‬ ‫يصيل ِ‬
‫عليه‬ ‫أن اإلمام وأهل الفضل يص ّل َ‬
‫ون عىل املرجوم كا ّ‬ ‫داللة َّ‬
‫ْ‬
‫سقوط إثم املعايص الكبائر بالت ِ‬
‫ّوبة)‪.(4‬‬ ‫ُ‬

‫حمصلة لغرضها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«فإن َ‬


‫ْ‬
‫وهي ّ‬
‫قي�ل‪ :‬فا بال ماعز والغامد ّية مل ْ يقنعا بالتّوبة‪َ ،‬‬
‫الرجم؟‬ ‫وهو سقوط اإلثم‪ْ ،‬بل ّ‬
‫أرصا عىل اإلقرار‪ ،‬واختارا ّ‬ ‫َ‬

‫املاكس‪ .‬النهاية [‪[349/4‬‬


‫ُ‬ ‫الرضيب ُة ا ّلتي يأخذها‬
‫)‪ (1‬املكس‪ّ :‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1695‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪ ]1696‬عن عمران بن حصني ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[199/11‬‬
‫‪‬‬

‫كل ٍ‬
‫حال ال س ّيا وإقامة‬ ‫ِ‬
‫باحلدود وس�قوط اإلثم متي ّق ٌن عىل ّ‬ ‫فاجلواب‪َّ :‬‬
‫أن حتصيل الراءة‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫احلدّ ِ‬
‫بأمر الن ّ‬
‫ٍ‬
‫بيشء م� ْن رشوطها‪ ،‬فتبقى املعصي ُة‬ ‫وأن َّ‬
‫خيل‬ ‫تك�ون نصوح ًا‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫فيخاف ْ‬
‫أن ال‬ ‫ُ‬ ‫وأ ّم�ا التّوب�ة‬
‫بطريق متي ّق�ن دون ما يتطرق ِ‬
‫إلي�ه احتال‪ .‬واهلل‬ ‫ٍ‬ ‫وإثمه�ا دائ� ًا ِ‬
‫عليه‪ ،‬فأرادا حص�ول الراءة‬
‫ّ‬
‫أعلم»)‪.(1‬‬

‫يف هذه الرواي�ة أن النبي ﷺ مل يرمجها إال بع�د أن أرضعت وليدها وفطمت ُه‪،‬‬
‫الصبي‪ ،‬فرمجها رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫الس�ابق أن رجال من األنص�ار تك ّفل بإرضاع‬ ‫ِ‬
‫احلدي�ث‬ ‫ويف‬
‫ِّ‬
‫مبارشة‪.‬‬
‫فإن ال ّثانية رصحية يف َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫وايتان ظاهرمها االختالف‪َّ ،‬‬ ‫الر‬ ‫ِ‬
‫قال النووي‪« :‬فهاتان ّ‬
‫رمجها َ‬
‫كان بعد فطامه وأكله اخلبز‪ ،‬واألوىل ظاهرها أ ّن ُه رمجها عقب الوالدة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صحيحتان‪،‬‬ ‫وايتان‬ ‫والر‬ ‫وجيب تأويل األوىل‪ ،‬ومحلها عىل وفق ال ّثانية؛ ّ‬
‫ألهنا قض ّية واحدة‪ّ ،‬‬
‫وال ّثانية منها رصحية ال يمكن تأويلها‪.‬‬

‫الرواية األوىل‪( :‬قا َم رجل‬


‫فيتعني تأويل األوىل‪ ،‬ويكون قوله يف ّ‬ ‫ليست رصحية‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫واألوىل‬
‫وسا ُه‬ ‫ِ‬ ‫م َن األنصار َ‬
‫بالرضاعة كفالته وتربيته‪ّ ،‬‬‫فقال‪ :‬إ َّيل رضاعه) إنّا قال ُه بعد الفطام‪ ،‬وأرا َد ّ‬
‫رضاع ًا جماز ًا»)‪.(2‬‬

‫برضبه‪ ،‬فمنّا م�ن يرضبه ِ‬


‫بيده‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فأمر‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫بس�كران‪َ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫يت الن ُّ‬
‫قال‪ :‬أ َ‬
‫انرصف‪.‬‬ ‫فلا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ومنّا م ْن يرضب ُه بنعله‪ ،‬ومنّا م ْن يرضب ُه بثوبه‪ّ ،‬‬
‫قال ٌ‬
‫رجل‪ :‬ما ل ُه أخزا ُه اهلل!!‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[199/11‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[202/11‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫)‪.(2‬‬ ‫زاد يف رواية‪:‬‬

‫أن‬ ‫ِ‬
‫بتزيينه ل ُه املعصي َة ْ‬ ‫الش�يطان يريدُ‬ ‫أن ّ‬ ‫بذلك‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�يطان‬ ‫عوهنم ّ‬
‫الش‬ ‫«ووج ُه‬
‫ْ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‪.‬‬ ‫حصلوا مقصو َد ّ‬ ‫ِ‬ ‫حيصل له اخلزي‪ ،‬فإذا دعوا ِ‬
‫فكأهن ْم قدْ ّ‬
‫باخلزي‪ّ ،‬‬ ‫عليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫باإلبعاد عن ِ‬
‫رمحة اهلل كال ّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك منع الدّ ِ‬
‫عن»)‪.(3‬‬ ‫ْ‬ ‫عاء عىل العايص‬ ‫ويستفا ُد م ْن َ ُ‬
‫ٍ‬
‫رجل قدْ‬ ‫م�ر عىل‬ ‫أن أبا ال�دّ ِ‬
‫أث�ر أيب قالب َة َّ‬
‫‪-‬ريض اهللُ تعاىل عن ُه‪َّ -‬‬
‫َ‬ ‫رداء‬ ‫وقري�ب م�ن ذلك ُ‬
‫أصاب ذنب ًا‪ ،‬فكانوا يس ّبون ُه‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مستخرجيه؟‬ ‫ٍ‬
‫قليب)‪ْ ،(4‬أمل تكونوا‬ ‫أرأيتم ْلو وجدتو ُه يف‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ْ‬
‫قالوا‪ :‬بىل‪.‬‬

‫عافاكم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أخاكم‪ ،‬وامحدوا اهللَ ا ّلذي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فال تس ّبوا‬

‫قالوا‪ :‬أفال تبغض ُه؟‬

‫فهو أخي)‪.(5‬‬
‫أبغض عمل ُه‪ ،‬فإذا ترك ُه؛ َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬إنّا ُ‬

‫ب محار ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عمر ِ‬


‫بن اخل ّط ِ‬
‫وكان يل ّق ُ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫كان اسم ُه عبدَ اهللِ‪،‬‬ ‫ال عىل عهد الن ِّ‬ ‫اب َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫ع ْن َ‬
‫اب)‪ِ َ .(6‬‬ ‫ال�رش ِ‬ ‫َ‬
‫فأيت به يوم ًا‪َ ،‬‬
‫فأمر‬ ‫ّبي ﷺ قدْ جلد ُه يف ّ‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يضح�ك‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ِبه‪ ،‬فجلدَ ‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[6781‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]4478‬وصححه األلباين يف حتقيق املشكاة [‪.[3621‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪ ]67/12‬باختصار‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬بئر‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود يف الزهد [‪ ،]232‬عبد الرزاق يف املصنف [‪ ،]20267‬وأبو نعيم يف احللية [‪.[225/1‬‬
‫اب املسكر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرش َ‬
‫بسبب رشبه ّ‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ (6‬‬
‫‪‬‬

‫أكثر ما يؤتى ِبه‪.‬‬


‫اللهم العن ُه‪ ،‬ما َ‬
‫َّ‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل م َن القو ِم‪:‬‬ ‫َ‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬

‫تنايف بني ارتكاب النّهي‪ ،‬وثبوت حم ّبة اهلل ورسوله يف قلب املرتكب؛ أل ّن ُه ﷺ‬
‫أنّه ال َ‬
‫صدر من ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫مع وجود ما‬
‫هلل ورسوله َ‬
‫حيب ا َ‬
‫املذكور ُّ‬
‫َ‬ ‫ر َّ‬
‫بأن‬ ‫أخ َ‬
‫أن يكون استمرار ثبوت حم ّبة اهلل ورسوله يف قلب العايص مق ّيد ًا با إذا ند َم عىل‬ ‫وحيتمل ْ‬
‫ِ‬
‫بخالف م� ْن مل ْ يقع من ُه َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫املذكور‪،‬‬ ‫نب‬ ‫وق�وع املعصي�ة‪ ،‬وأقيم ِ‬
‫عليه احلدُّ ‪ ،‬فك ّف َ�ر عن ُه ّ‬
‫َ‬ ‫الذ َ‬ ‫َ‬
‫العفو‬ ‫ذلك ُ‬
‫نسأل اهللَ‬ ‫يسلب من ُه َ‬ ‫أن يطبع عىل ِ‬
‫قلبه يش ٌء حتّى‬ ‫نب ْ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫بتكرار ّ‬ ‫فإ ّنه خيشى ِ‬
‫عليه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والعافي َة)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫اخلمر؛‬ ‫رشب‬ ‫يكثر‬ ‫املعني ا ّلذي َ‬ ‫«قدْ هنى النّبي ﷺ عن ِ‬
‫لعنة هذا ّ ِ‬
‫َ‬ ‫كان ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اخلمر مطلق ًا‪.‬‬ ‫شارب‬
‫َ‬ ‫مع أ ّن ُه ﷺ لع َن‬
‫هلل ورسول ُه‪َ ،‬‬
‫حيب ا َ‬ ‫ال َ‬
‫ذلك بأ ّن ُه ُّ‬ ‫مع ّل ً‬

‫حيب اهلل ورسول ُه‪.‬‬ ‫جتوز لعن ُة ّ ِ‬


‫املعني ا ّلذي ُّ‬ ‫املطلق‪ ،‬وال ُ‬
‫ُ‬ ‫جيوز ْ‬
‫أن يلع َن‬ ‫ذلك عىل أ ّن ُه ُ‬ ‫َّ‬
‫فدل َ‬

‫هلل ورسول ُه»)‪.(3‬‬


‫حيب ا َ‬
‫أن َّ‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن فال بدَّ ْ‬ ‫أن َّ‬
‫كل‬ ‫وم َن املعلو ِم َّ‬
‫ب�ن ٍ‬
‫مالك‬ ‫أنس ِ‬
‫وع�ىل ذل�ك ف�إن قيل‪ :‬ما وج�ه اجلمع بني ه�ذا احلديث‪ ،‬وب�ني حديث ِ‬
‫اخلمر عرشةً‪ :‬عارصها‪ ،‬ومعترصها‪ ،‬وشارهبا‪ ،‬وحاملها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬لع َن‬
‫واملحمول ُة ِ‬
‫إليه‪ ،‬وساقيها‪ ،‬وبائعها‪َ ،‬‬
‫وآكل ثمنها‪ ،‬واملشرتي هلا‪ ،‬واملشرتا ُة ل ُه)‪.(4‬‬

‫املعني فإنه ال جي�وز‪ ،‬وحديث أنس بن مالك يف لعن‬


‫اجل�واب‪ :‬أن حدي�ث الباب يف لعن ّ‬
‫جنس شاريب اخلمر عىل العموم‪ ،‬وهو جائز‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[6780‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[78/12‬‬
‫)‪ (3‬منهاج السنة النبوية [‪.[570-569/4‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]1295‬وابن ماجة [‪ ،]3381‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫غالمه ح ّل ٌة‪ ،‬فسألت ُه‬ ‫ِ‬
‫وعليه ح ّل ٌة‪ ،‬وعىل‬ ‫لقيت أبا ذر بالر ِ‬
‫بذة)‪،(1‬‬ ‫ٍ‬
‫سويد َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫املعرور ِ‬ ‫ِ‬
‫عن‬
‫ٍّ ّ‬
‫فعريت ُه بأ ّم ِه‪.‬‬
‫ساببت رجالً‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ذلك َ‬
‫فقال‪ّ :‬إين‬ ‫ع ْن َ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال يل الن ُّ‬

‫)‪.(3‬‬

‫قال ابن حجر‪:‬‬

‫بذل�ك ‪-‬عىل عظيم منزلت�ه عنده‪ -‬حتذير ًا ل� ُه ع ْن معاودة مث�ل َ‬


‫ذلك؛ أل ّن ُه‬ ‫َ‬ ‫«وإنّ�ا و ّبخ� ُه‬
‫هو‬ ‫ٍ‬
‫بوج�ه م ْن وجوه الع�ذر‪ ،‬لك ْن وقوع َ‬ ‫كان مع�ذور ًا‬ ‫وإن َ‬‫ْ‬
‫ذلك م ْن مثله يس�تعظم أكثر مم ّ ْن َ‬
‫دونه»)‪.(4‬‬

‫ِ‬
‫احلرقة)‪،(5‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل‬ ‫عن أسام َة بن ٍ‬
‫زيد ‪ L‬قال‪ :‬بعثنا‬ ‫َ‬
‫فهزمناهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فص ّبحنا القو َم‪،‬‬

‫قال‪ :‬ال إل َه ّإال اهلل‪.‬‬


‫فلا غشينا ُه َ‬
‫منهم‪ّ ،‬‬
‫ال ْ‬ ‫ِ‬
‫األنصار رج ً‬ ‫ٌ‬
‫ورجل م َن‬ ‫وحلقت أنا‬
‫ُ‬

‫األنصاري‪ ،‬فطعنت ُه برحمي حتّى قتلت ُه‪.‬‬


‫ُّ‬ ‫فكف‬
‫َّ‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫فلا قدمنا َ‬


‫بلغ الن َّ‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬من قرى املدينة عىل ثالثة أيام قريبة من ذات عرق عىل طريق احلجاز‪ .‬معجم البلدان [‪[24/3‬‬
‫أخالقهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أي‪ :‬هذا التّعبري م ْن أخالق اجلاهل ّية‪ ،‬ففيك خلق م ْن‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]30‬ومسلم [‪ ،]1661‬وقد سبق‪.‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[85/1‬‬
‫ِ‬
‫لكثرة م ْن‬ ‫بالس�ها ِم‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫فأحرقوهم ّ‬
‫ْ‬ ‫م�رة بن ذبيان‬
‫بينهم وبني بني ّ‬
‫ْ‬ ‫كانت‬
‫لوقعة ْ‬ ‫بذل�ك‬ ‫س�موا‬
‫وه�م بط�ن م ْن جهينة‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫)‪(5‬‬
‫منهم‪.‬‬
‫قتلوا ْ‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫فق�ال يا أس�ام ُة‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫متعوذ ًا)‪.(1‬‬
‫كان ّ‬‫قلت‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬

‫ذلك اليو ِم)‪.(2‬‬ ‫أسلمت َ‬


‫قبل َ‬ ‫ُ‬ ‫ّيت ّأين مل ْ أك ْن‬
‫يكررها حتّى تن ُ‬ ‫فا َ‬
‫زال ّ‬
‫ِ‬
‫للقاع�دة املعروفة يف الفق�ه واألصول َّ‬
‫أن األح�كام يعمل فيها‬ ‫ِ‬
‫«فيه دليل‬
‫الرائر‪.‬‬
‫يتوىل ّ‬ ‫بال ّظ ِ‬
‫واهر‪ ،‬واهلل ّ‬
‫بل ابتدأت َ‬
‫اآلن‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ» معنا ُه مل ْ يك ْن تقدّ َم إس�المي‪ِ ،‬‬ ‫وقول�ه‪« :‬حتّى تنّيت ّأين أس�لمت‬
‫وقال هذا الكالم من عظ ِم ما وقع ِ‬
‫فيه»)‪.(3‬‬ ‫ليمحو عنّي ما تقدّ َم‪َ .‬‬ ‫اإلسالم؛‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذلك م ْن عمل صالح يف‬ ‫س�بق ل ُه قبل َ‬
‫اس�تصغر ما َ‬ ‫كان‬ ‫ِ‬
‫«فيه إش�عار بأ ّن ُه َ‬
‫َ‬
‫الشديد‪ ،‬وإنّا أور َد َ‬
‫ذلك عىل سبيل املبالغة»)‪.(4‬‬ ‫سمع م َن اإلنكار ّ‬ ‫مقابلة ِ‬
‫هذه الفعلة ملا‬
‫َ‬
‫«يف هذا ال ّلوم تعليم وإب�الغ يف املوعظة حتّى ال يقدم أحدٌ عىل قتل م ْن‬
‫تل ّف َظ بالت ِ‬
‫ّوحيد»‪.‬‬

‫ت�أو َل قوله تع�اىل‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ)‬ ‫َّ‬


‫«لعل أس�امة ّ‬
‫فلم يلزم ُه دي ًة وال غريها»)‪.(5‬‬
‫ّبي ﷺ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫ولذلك عذر ُه الن ّ‬ ‫[غافر‪،[85 :‬‬

‫أن ال يقاتل مس�ل ًا بعد‬ ‫ِ‬


‫حل�ف أس�ام َة ْ‬ ‫س�بب‬ ‫القصة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫«كان�ت هذه ّ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ذلك»)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬قاهلا خوف ًا م َن ّ‬


‫السالح‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]4269‬ومسلم [‪.[96‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[107/2‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[196/12‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[196/12‬‬
‫)‪ (6‬فتح الباري [‪.[196/12‬‬
‫‪‬‬

‫حسبك م ْن صف ّي َة كذا وكذا ‪ -‬تعني‪ :‬قصريةً‪.‬‬


‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫قلت للن ِّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال ﷺ‪:‬‬
‫ِ‬
‫وغزارته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كثرته‬ ‫مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬
‫هذه الغيب َة ْلو ْ‬ ‫َّ‬
‫لغريت ُه ع ْن حاله‪َ ،‬‬
‫بالبح�ر ّ‬ ‫يمزج‬
‫ُ‬ ‫كانت ممّا‬
‫خلطت هبا؟)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫بأعال ٍ‬
‫نزرة‬ ‫ٍ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫للثالثة املتخ ّلفني عن غزوة تبوك‪.‬‬ ‫جتىل ذلك يف هجره‬ ‫وقد ّ‬
‫ال م ْن َ‬
‫تبوك‪ ،‬حرضين‬ ‫توج َه قاف ً‬ ‫َ‬ ‫فلا بلغني َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قدْ ّ‬ ‫أن‬ ‫كعب ب ُن مالك‪ّ .. :‬‬
‫قال ُ‬
‫ِ‬
‫سخطه غد ًا؟‬ ‫أخرج م ْن‬ ‫بم‬ ‫ُ‬ ‫ب ّثي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وأقول‪َ :‬‬ ‫الكذب‪،‬‬
‫َ‬ ‫فطفقت أتذك ُّر‬
‫ُ‬
‫كل ذي ٍ‬
‫رأي م ْن أهيل‪.‬‬ ‫ذلك َّ‬
‫وأستعني عىل َ‬
‫ُ‬
‫فأمجعت صدق ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بيشء أبد ًا‪،‬‬ ‫أنجو من ُه‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫عرفت ّأين ل ْن َ‬
‫ُ‬ ‫الباطل حتّى‬ ‫زاح عنّي‬
‫ثم َ‬
‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫باملسجد‪ ،‬فركع ِ‬
‫ِ‬ ‫وكان إذا قد َم م ْن ٍ‬
‫سفر بد َأ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ قادم ًا‪،‬‬
‫ركعتني‪َّ ،‬‬ ‫فيه‬ ‫َ‬ ‫وص ّب َح‬
‫جلس للن ِ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫َ‬
‫وثانني‬
‫َ‬ ‫وحيلف�ون ل ُه‪ ،‬وكانوا بضع ًة‬
‫َ‬ ‫يعتذرون ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ذل�ك جاء ُه املخ ّل َ‬
‫فون‪ ،‬فطفقوا‬ ‫فعل َ‬‫فل�ا َ‬
‫ّ‬
‫رسائرهم إىل اهلل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ووكل‬ ‫هلم‪،‬‬
‫واستغفر ْ‬
‫َ‬ ‫وبايعهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫عالنيتهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫منهم‬ ‫رجالً‪َ ،‬‬
‫فقبل ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املغضب‪َّ ،‬‬ ‫تبس َم‬
‫تبس َم ّ‬
‫مت ّ‬‫فلا س ّل ُ‬
‫جئت‪ّ ،‬‬
‫حتّى ُ‬
‫بني ِ‬
‫يديه؟‬ ‫جلست َ‬
‫ُ‬ ‫فجئت أميش حتّى‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬
‫سأخرج‬
‫ُ‬ ‫لرأيت ّأين‬
‫ُ‬ ‫غريك م ْن ِ‬
‫أهل الدّ نيا؛‬ ‫َ‬ ‫جلس�ت عندَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ّ ،‬إين واهلل ْلو‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫أعطيت جدالً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بعذر‪ ،‬ولقدْ‬ ‫ِ‬
‫سخطه ٍ‬ ‫م ْن‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]4875‬والرتمذي [‪ ،]2502‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5140‬‬
‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[177/7‬‬
‫‪‬‬

‫كذب ترىض ِبه عنّي؛ ليوشك َّن اهلل ْ‬


‫أن‬ ‫حديث ٍ‬ ‫َ‬ ‫علمت لئ ْن حدّ َ‬
‫ثتك اليو َم‬ ‫ُ‬ ‫ولكنّي واهلل لقدْ‬
‫فيه‪ّ ،‬إين ألرجو ِ‬
‫فيه عقبى اهللِ‪ ،‬واهلل ما‬ ‫صدق جتدُ عيل ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫حديث‬ ‫ثتك‬‫عيل‪ ،‬ولئ ْن حدّ َ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫يس�خطك َّ‬
‫فت َ‬
‫عنك‪.‬‬ ‫حني خت ّل ُ‬
‫أير منّي َ‬
‫قط أقوى‪ ،‬وال َ‬ ‫كنت ُّ‬‫عذر‪ ،‬واهلل ما ُ‬‫كان يل ٌ‬‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ٌ‬
‫رجال م ْن بني سلم َة‪ ،‬فاتّبعوين‪.‬‬ ‫وثار‬
‫فقمت َ‬
‫ُ‬
‫ب�ه ِ‬
‫إليه‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ با اعتذر ِ‬
‫ِ‬ ‫اعت�ذرت إىل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تك�ون‬ ‫عج�زت يف ْ‬
‫أن ال‬ ‫َ‬ ‫فقال�وا يل‪ :‬لق�دْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬
‫فأكذ َب نفيس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أرجع إىل‬
‫َ‬ ‫أردت ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫املخ ّل َ‬
‫فون‪ ،‬فواهلل ما زالوا يؤنّبونني حتّى‬
‫هل لقي هذا معي من ٍ‬
‫أحد؟‬ ‫ْ‬ ‫هلم‪َ ْ :‬‬
‫قلت ْ‬
‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫قلت‪.‬‬
‫مثل ما َ‬ ‫ِ‬
‫رجالن قاال‪َ :‬‬ ‫نعم لقي ُه َ‬
‫معك‬ ‫قالوا‪ْ :‬‬
‫مثل ما َ‬
‫قيل‪َ :‬‬
‫لك‪.‬‬ ‫فقيل هلا‪َ :‬‬
‫َ‬

‫قلت‪ :‬م ْن مها؟‬ ‫َ‬


‫قال‪ُ :‬‬
‫الواقفي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫وهالل ب ُن أم ّي َة‬ ‫العامري‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫الربيع َة‬
‫قالوا‪ :‬مرار ُة ب ُن ّ‬
‫ِ‬
‫صاحلني قدْ شهدا بدر ًا فيها أسوةٌ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رجلني‬ ‫فذكروا يل‬

‫حني ذكرومها يل‪.‬‬


‫فمضيت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ف عن ُه‪.‬‬ ‫املسلمني ع ْن كالمنا ّأهيا ال ّثالث ُة م ْن ِ‬


‫بني م ْن خت ّل َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬وهنى‬
‫ِ‬
‫باألرض ا ّلتي‬ ‫ه�ي‬
‫األرض فا َ‬
‫ُ‬ ‫نفيس‬
‫ّ�رت يل يف َ‬
‫وتغريوا لنا‪ ،‬حتّى تنك ْ‬
‫ّ�اس‪ّ ،‬‬
‫فاجتنبن�ا الن ُ‬
‫مخسني ليل ًة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أعرف‪ ،‬فلبثنا عىل َ‬
‫ذلك‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫يبكيان‪.‬‬ ‫صاحباي‪ ،‬فاستكانا‪ ،‬وقعدا يف بيوهتا‬ ‫فأ ّما‬
‫َ‬
‫وأطوف يف‬
‫ُ‬ ‫الص�ال َة‬
‫أخ�رج فأش�هدُ ّ‬
‫ُ‬ ‫فكنت‬
‫ُ‬ ‫وأجلده�م‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أش�ب الق�و ِم‬
‫َّ‬ ‫فكن�ت‬
‫ُ‬ ‫وأ ّم�ا أن�ا‬
‫جملسه بعدَ الص ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الة‬ ‫ّ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فأس ّل ُم عليه‪َ ،‬‬
‫وهو يف‬ ‫َ‬ ‫األس�واق‪ ،‬وال يك ّلمني أحدٌ ‪ ،‬وآيت‬
‫ِ‬
‫حر َك شفتيه بر ِّد ّ‬
‫السال ِم أ ْم ال؟‬ ‫هل ّ‬ ‫فأقول يف نفيس‪ْ :‬‬ ‫ُ‬
‫‪‬‬

‫التفت نحو ُه‬


‫ُّ‬ ‫نظ�ر إ َّيل‪ ،‬وإذا‬
‫أقبلت عىل صاليت َ‬
‫ُ‬ ‫أصيل قريب ًا من ُه‪ ،‬وأس�ارق ُه الن َ‬
‫ّظر‪ ،‬فإذا‬ ‫ث�م ّ‬
‫َّ‬
‫أعرض عنّي‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫حائط أيب قتادةَ‪،‬‬ ‫جدار‬ ‫رت‬
‫تسو ُ‬ ‫ِ‬ ‫حتّى إذا َ‬
‫طال َ‬
‫َ‬ ‫مشيت حتّى ّ‬ ‫ُ‬ ‫املسلمني‬
‫َ‬ ‫جفوة‬ ‫عيل م ْن‬
‫ذلك َّ‬
‫السال َم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأحب الن ِ‬
‫ّاس إ َّيل‪ ،‬فس ّل ُ‬
‫عيل ّ‬
‫مت عليه‪ ،‬فواهلل ما ر َّد َّ‬ ‫ُّ‬ ‫عمي‬
‫وهو اب ُن ّ‬
‫َ‬
‫فعدت ل ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فس�كت‪،‬‬
‫َ‬ ‫أحب اهللَ ورس�ول ُه‪،‬‬
‫هل تعلمني ُّ‬ ‫َ‬
‫أنش�دك باهللِ‪ْ ،‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا أبا قتادةَ‪،‬‬
‫ُ‬
‫فعدت ل ُه‪ ،‬فنشدت ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فسكت‪،‬‬
‫َ‬ ‫فنشدت ُه‪،‬‬
‫أعلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬اهلل ورسول ُه ُ‬
‫اجلدار‪.‬‬
‫َ‬ ‫رت‬
‫تسو ُ‬ ‫عيناي‪ ،‬وتو ّل ُ‬
‫يت حتّى ّ‬ ‫َ‬ ‫ففاضت‬
‫ْ‬
‫الش�أ ِم ممّ� ْن قد َم بال ّطعا ِم يبيع ُه‬
‫أهل ّ‬ ‫ِ‬
‫أنباط ِ‬ ‫نبطي م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فبينا أنا أميش بس�وق املدينة إذا ٌّ‬
‫بن ٍ‬
‫مالك؟‬ ‫كعب ِ‬
‫يدل عىل ِ‬‫يقول‪ :‬م ْن ُّ‬ ‫ِ‬
‫باملدينة ُ‬

‫غس َ‬ ‫ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫دفع إ َّيل كتاب ًا م ْن ملك ّ‬ ‫َ‬
‫يشريون ل ُه حتّى إذا جاءين َ‬ ‫ّاس‬
‫فطفق الن ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫هوان وال‬ ‫جيعل�ك اهلل ِ‬
‫بدار‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف�إذا ِ‬
‫في�ه‪ :‬أ ّم�ا بعدُ فإ ّن ُه قدْ بلغن�ي َّ‬
‫جفاك‪ ،‬ومل ْ‬ ‫صاحبك قدْ‬ ‫أن‬
‫نواسك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فاحلق بنا‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫مضيعة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ّور‪ ،‬فسجرت ُه هبا‪.‬‬
‫مت هبا ال ّتن َ‬ ‫فقلت ّملا قرأهتا‪ :‬وهذا أيض ًا م َن البالء‪ّ ،‬‬
‫فتيم ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يأتيني‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول‬ ‫الوحي إذا‬ ‫َ‬
‫واستلبث‬ ‫اخلمسني‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أربعون م َن‬ ‫مضت‬
‫ْ‬ ‫حتّى إذا‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫امرأتك‪.‬‬ ‫َ‬
‫تعتزل‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫يأمرك ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫فقال‪َّ :‬‬
‫فقلت‪ :‬أط ّلقها أ ْم ماذا ُ‬
‫أفعل؟‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬ال‪ْ ،‬بل اعتزهلا‪ ،‬فال تقربنّها‪.‬‬
‫َ‬

‫ذلك‪.‬‬ ‫صاحبي ِ‬
‫بمثل َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فأرسل إىل‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يقيض اهلل يف هذا األمر‪ِ.‬‬ ‫عندهم حتّى‬ ‫ِ‬
‫بأهلك‪ ،‬فكوين‬ ‫فقلت المرأيت‪ :‬احلقي‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫هني ع ْن كالمنا‪.‬‬ ‫مخسون ليل ًة م ْن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بذلك عرش ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حني َ‬ ‫فكمل لنا‬ ‫ليال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فلبثت‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫جالس‬ ‫ظهر ٍ‬
‫بي�ت م ْن بيوتنا‪ ،‬فبين�ا أنا‬ ‫مخس�ني ليل ًة عىل ِ‬
‫َ‬ ‫صباح‬ ‫ِ‬
‫الفجر‬ ‫يت ص�ال َة‬‫ث�م ص ّل ُ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫رحبت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫األرض با‬
‫ُ‬ ‫عيل‬
‫وضاقت َّ‬
‫ْ‬ ‫عيل نف�يس‪،‬‬
‫ضاقت َّ‬
‫ْ‬ ‫ذكر اهلل ‪ D‬منّا‪ ،‬قدْ‬‫ع�ىل احل�ال ا ّلتي َ‬
‫أبرش‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صوت صارخٍ أويف عىل سل ٍع ُ‬
‫كعب ب َن مالك ْ‬ ‫يقول بأعىل صوته‪ :‬يا َ‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬

‫فرج‪.‬‬ ‫وعرفت ْ‬
‫أن قدْ جا َء ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فخررت ساجد ًا‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفجر‪.‬‬ ‫حني ّ‬
‫صىل صال َة‬ ‫رسول اهلل ﷺ النّاس ِ‬
‫بتوبة اهلل علينا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فآذن‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫الر ِ‬
‫ور‪،‬‬ ‫وهو ُ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫فلا س� ّل ُ‬ ‫َ‬
‫يرق وجه ُه م ْن ّ‬ ‫قال َ‬ ‫مت عىل‬ ‫كعب‪ّ :‬‬ ‫قال ٌ‬
‫ولدتك أ ّم َك‪.‬‬
‫َ‬ ‫عليك ُ‬
‫منذ‬ ‫َ‬ ‫مر‬ ‫أبرش ِ‬
‫بخري يو ٍم َّ‬ ‫ْ‬
‫رسول اهلل أم من ِ‬
‫عند اهللِ؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عندك يا‬ ‫فقلت‪ :‬أم ْن‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬‫َ‬
‫ْ ْ‬
‫‪ ،‬وأنزل اهلل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [التوبة‪.(1)[118 :‬‬
‫وقص ُة ِ‬
‫كعب بن مالك مشهور ٌة وظاهر ٌة يف هجر النبي ﷺ له ولصاحبيه‪ ،‬ويف هذا تأديب‬
‫هلم‪ ،‬وتربية هلم عىل طاعة اهلل ورسوله عىل كل حال‪ ،‬وترك املخالفة‪ ،‬وعرة وعظة لغريهم‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫املس�لمني‬
‫َ‬ ‫قطع يف اإلس�ال ِم‪ْ ،‬أو م َن‬ ‫ٍ‬
‫رجل َ‬ ‫إن ّأو َل‬ ‫ع� ْن عبد اهلل بن مس�عود ‪َ I‬‬
‫ق�ال‪َّ :‬‬
‫رجل أ ِ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫ٌ َ‬
‫يت به الن ُّ‬
‫إن هذا َ‬
‫رسق‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫َ‬
‫فقيل‪ :‬يا‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ رماد ًا)‪.(2‬‬ ‫أسف وج ُه‬
‫َّ‬ ‫فكأنّا‬

‫كرهت قطع ُه‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل كأن َّك‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4418‬ومسلم [‪.[2769‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬كأنه ذر ِ‬
‫عليه الرماد من كثرة احلزن‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪‬‬

‫‪D‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ث�م قر َأ‪( :‬ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫‪َّ .‬‬
‫ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النور‪.(1)[22 :‬‬

‫ﷺ‬

‫ّبي ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫فأمر الن ُّ‬
‫رسقت‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫املرأة املخزوم ّي ِة ا ّلتي‬
‫شأن ِ‬ ‫هم ُ‬ ‫أن قريش ًا أ ّ‬
‫مه ْ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪َّ J‬‬
‫تقطع يدها‪.‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫فقالوا‪ :‬وم ْن يك ّل ُم فيها‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫جيرتئ عليه ّإال أسام ُة ب ُن زيد ُّ‬
‫حب‬ ‫ُ‬ ‫فقالوا‪ :‬وم ْن‬
‫فك ّلمه فيها أسام ُة بن ٍ‬
‫زيد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫فتلو َن وج ُه‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫استغفر يل يا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه أسام ُة‪:‬‬

‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫هو أهل ُه‪َّ ،‬‬
‫فاختطب‪ ،‬فأثنى عىل اهلل با َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫العيش‪ ،‬قا َم‬
‫ُّ‬ ‫فلا َ‬
‫كان‬ ‫ّ‬

‫‪.‬‬

‫فقطعت يدها‪.‬‬ ‫رسقت‪،‬‬ ‫بتلك ِ‬


‫املرأة ا ّلتي‬ ‫أمر َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ثم َ‬‫َّ‬
‫فأرفع حاجتها‬
‫ُ‬ ‫وكانت تأتيني بعدَ َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫جت‪،‬‬
‫وتزو ْ‬
‫فحسنت توبتها بعدُ ‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫قالت عائش ُة‪:‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(2‬‬ ‫إىل‬

‫قالت‪ْ :‬‬
‫هل يل م ْن توبة يا رسول اهلل؟‬ ‫ويف رواية ْ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد[‪ ،]3967‬وحسنه األلباين يف السلسلة[‪.[1637‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]4304‬ومسلم [‪.[1688‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫ِ‬
‫األمر‪.‬‬ ‫الشفاعة يف احلدود إذا انتهى َ‬
‫ذلك إىل أويل‬ ‫منع ّ‬
‫ُ‬
‫الش�فاعة يف ذوي ّ‬
‫الذنوب حس�نة مجيلة ما مل ْ‬ ‫أن ّ‬‫أعلم خالف ًا َّ‬
‫ال ُ‬
‫أن يقيمها إذا بلغت ُه‪.‬‬ ‫وأن عىل الس ِ‬
‫لطان ْ‬ ‫لطان‪َّ ،‬‬
‫الس َ‬ ‫ْ‬
‫ّ‬ ‫تبلغ ّ‬
‫كان ولد ًا‪ْ ،‬أو قريب ًا‪ْ ،‬أو كبري القدر‪،‬‬
‫ولو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وجب عليه‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫املحاباة يف إقامة احلدّ عىل م ْن‬ ‫ترك‬
‫فاعة فيمن وجب ِ‬
‫عليه)‪.(2‬‬ ‫للش ِ‬
‫تعر َض ّ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬واإلنكار عىل م ْن ّ‬ ‫والتّشديد يف َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ص فيه‪ْ ،‬أو ّ‬ ‫رخ َ‬

‫ﷺ‬

‫أضني)‪ ،(3‬فعا َد جلد ًة عىل‬ ‫منهم حتّى‬ ‫قال‪ :‬أ ّن ُه اشتكى ٌ‬


‫بن عباد َة َ‬ ‫بن ِ‬
‫سعد ِ‬ ‫ِ‬
‫سعيد ِ‬
‫َ‬ ‫رجل ْ‬ ‫ع ْن‬
‫فوقع عليها)‪.(4‬‬ ‫لبعضهم‪َّ ،‬‬
‫فهش هلا‪،‬‬ ‫فدخلت ِ‬
‫عليه جاري ٌة‬ ‫ْ‬ ‫عظ ٍم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫بذلك‪َ ،‬‬
‫وقال‪ :‬اس�تفتوا يل‬ ‫أخرهم َ‬ ‫رجال ِ‬
‫قومه يعودون ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫دخل ِ‬
‫عليه‬ ‫فلا َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عيل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫دخلت َّ‬
‫ْ‬ ‫جارية‬ ‫وقعت عىل‬
‫ُ‬ ‫فإين قدْ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فذكروا َ‬
‫ذلك‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫هو ِبه‪ْ ،‬لو رضبنا ُه مائ َة‬ ‫فقال�وا‪ :‬ي�ا نبي اهللِ‪ ،‬ما رأينا ٍ‬
‫بأحد م َن الن ِ‬
‫مث�ل ا ّلذي َ‬
‫الرض َ‬‫ّاس م َن ّ ِّ‬ ‫َّ‬
‫هو ّإال جلدٌ عىل عظ ٍم‪.‬‬ ‫ولو محلنا ُه َ‬ ‫ٍ‬
‫خت عظام ُه‪ ،‬ما َ‬ ‫لتفس ْ‬
‫إليك؛ ّ‬ ‫مات‪ْ ،‬‬ ‫سوط َ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]6619‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ،L‬وصحح إسناده أمحد شاكر‪ ،‬وضعفه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[95/12‬‬
‫وهو شدة املرض حتّى نحل جسمه‪ .‬النهاية [‪[104/3‬‬ ‫الضنى َ‬
‫أي أصابه ّ‬ ‫أي‪ْ :‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫خيبث هبا‪.‬‬ ‫يرع إالّ َ‬
‫وهو عىل أمة م ْن إماء الدّ ار ُ‬ ‫فلم ْ‬
‫)‪ (4‬ويف رواية ابن ماجة‪ْ :‬‬
‫‪‬‬

‫أن يأخذوا له عثكاالً)‪ِ (1‬‬


‫فيه مائة شمراخ‪ ،‬فيرضبو ُه هبا رضب ًة واحد ًة)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ْ‬ ‫فأمر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مفرق�ة مراعاة‬
‫فف�ي رضب ه�ذا الرج�ل بعث�كال فيه مائة ش�مراخ بدال من مائة س�وط ّ‬
‫مفرق ًا‪ ،‬كا يرضب غريه من األصحاء‪.‬‬
‫لضعفه؛ ألنه ال يطيق اجللد بالسوط ّ‬
‫املس�تحق قتله‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كان حمصن ًا حدَّ َّ‬
‫ألن‬ ‫بأن َ‬
‫الرجم ْ‬
‫«وإذا زنى املريض وحدّ ه ّ‬
‫هذه احلالة أقرب ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ورمجه يف ِ‬
‫ألن جلده يف ِ‬
‫هذه احلالة قدْ ي�ؤ ّدي إىل هالكه‪،‬‬ ‫كان ح�دّ ه اجلل�د ال جيل�د حتّى ي�رأ؛ َّ‬
‫وإن َ‬
‫ْ‬
‫املستحق ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهو غري‬
‫َ‬
‫كان خداج ًا ضعيف اخللقة؛ فيرضب بعثكال‬‫كالس ِّل ْأو َ‬
‫كان املرض ال يرجى زواله ّ‬ ‫ولو َ‬
‫ْ‬
‫فيه مائة ش�مراخ‪ ،‬فيرضب ِبه دفعة‪ ،‬وال بدّ م ْن وصول ّ‬
‫كل ش�مراخ إىل بدنه؛ ولذا َ‬
‫قيل ال بدّ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬
‫أن تكون مبسوطة»)‪.(3‬‬
‫«وقد ثبت أن املح�دو َد إذا كان معذور ًا خ ّف َ‬
‫ف عنه‪ ،‬ب�أن جيمع له مائة‬
‫فيرضب هبا رضب ًة واحدةً»)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫شمراخٍ ‪ ،‬أو مائة سوط‪،‬‬

‫عطس ٌ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إ ْذ‬ ‫�لمي َ‬ ‫ع ْن معاوي َة ِ‬
‫رجل م ْن‬ ‫َ‬ ‫مع‬ ‫قال‪ :‬بينا أنا ّ‬
‫أصيل َ‬ ‫بن احلك ِم ّ‬
‫الس ِّ‬
‫القو ِم‪.‬‬
‫َ‬
‫يرمحك اهلل‪.‬‬ ‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫بأبصارهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فرماين القو ُم‬
‫َ‬
‫تنظرون إ َّيل؟‬ ‫شأنكم‬
‫ْ‬ ‫فقلت‪ :‬وا َ‬
‫ثكل أ ّمياه! ما‬ ‫ُ‬
‫)‪(5‬‬
‫أفخاذهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بأيدهيم عىل‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يرضبون‬ ‫فجعلوا‬

‫الرطب‪ .‬النهاية [‪[183/3‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫العذق م ْن أعذاق النّخل ا ّلذي‬


‫ُ‬
‫يكون فيه ّ‬ ‫)‪ (1‬العثكال‪:‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ]4472‬وابن ماجه [‪ ]2574‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2986‬‬
‫)‪ (3‬فتح القدير [‪.[245/5‬‬
‫)‪ (4‬إغاثة اللهفان [‪.[98/ 2‬‬
‫)‪ (5‬فعلوا هذا ليسكتو ُه‪ ،‬وهذا قبل ْ‬
‫أن يرشع التّسبيح مل ْن ناب ُه يشء يف صالته‪.‬‬
‫‪‬‬

‫سكت‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫يصمتونني‬
‫رأيتهم ّ‬
‫ْ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫رأيت مع ّل ًا قبل ُه‪ ،‬وال بعد ُه أحس� َن تعلي ًا‬
‫هو وأ ّم�ي‪ ،‬ما ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فبأيب َ‬ ‫فل�ا ّ‬
‫صىل‬ ‫ّ‬
‫من ُه‪ ،‬فواهلل ما كهرين)‪ ،(1‬وال رضبني‪ ،‬وال شتمني‪.‬‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫كان ِ‬
‫عليه رسول اهلل ﷺ م ْن عظيم اخللق ا ّلذي شهدَ اهلل تعاىل‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ :‬بيان ما َ‬ ‫ويف هذا‬
‫عليهم)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫باجلاهل‪ ،‬ورأفته بأ ّم ِته‪ ،‬وشفقته‬
‫ِ‬ ‫ل ُه ِبه‪ ،‬ورفقه‬

‫ٍ‬
‫رجل‪ ،‬فنزع ُه‬ ‫ذهب يف ِ‬
‫يد‬ ‫رسول اهلل ﷺ رأى خات ًا م ْن ٍ‬
‫َ‬ ‫اس ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬ ‫ْ‬
‫فطرح ُه‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫انتفع ِبه‪.‬‬ ‫َ‬
‫خاتك‪ْ ،‬‬ ‫خذ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ْ :‬‬ ‫ذهب‬ ‫للر ِ‬
‫جل‪ :‬بعدَ ما َ‬ ‫َ‬
‫فقيل ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬ال آخذ ُه أبد ًا‪ ،‬وقدْ طرح ُه‬
‫الرت ّخص‬ ‫ِ‬
‫«فيه املبالغة يف امتثال أمر رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬واجتناب هنيه‪ ،‬وعدم ّ‬
‫الضعيفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّأويالت ّ‬ ‫ِ‬
‫فيه بالت‬
‫وغريهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫الرجل إنّا َ‬
‫ترك اخلاتم عىل سبيل اإلباحة مل ْن أرا َد أخذه م َن الفقراء‬ ‫ثم َّ‬
‫إن هذا ّ‬ ‫َّ‬
‫جاز ترصفه فيه‪ِ.‬‬ ‫ٍ‬
‫وحينئذ جيوز أخذه مل ْن شا َء‪ ،‬فإذا أخذ ُه َ ّ‬
‫عليه األخذ‪ ،‬والتّرصف ِ‬
‫فيه بالبي ِع وغريه‪.‬‬ ‫كان صاحبه أخذه؛ مل حيرم ِ‬ ‫ولو َ‬
‫ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫به ع�ىل من حيت�اج ِ‬
‫إلي�ه؛ َّ‬ ‫ولك�ن ت�ورع ع�ن أخ�ذه وأراد الصدقة ِ‬
‫ّبي ﷺ مل ْ‬
‫ألن الن ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ‬

‫أي‪ :‬ما انتهرين‪.‬‬


‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[537‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[20/5‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2090‬‬
‫‪‬‬

‫ترصفه عىل‬ ‫عن التّرصف ِ‬


‫فيه ِّ‬ ‫ينه ُه ِ‬
‫من ّ‬‫وبقي ما س�وا ُه ْ‬
‫َ‬ ‫عن لبس�ه‪،‬‬
‫بكل وجه‪ ،‬وإنّا هنا ُه ْ‬ ‫ّ‬
‫اإلباحة»)‪.(1‬‬
‫أن النّبي ﷺ أبرص يف ِ‬
‫يده خات ًا م ْن ٍ‬
‫ذهب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اخلشني ‪َّ َّ I‬‬ ‫ِّ‬ ‫ومن ذلك ما جاء ع ْن أيب ثعلب َة‬
‫ٍ‬
‫بعود مع ُه‪.‬‬ ‫يقرع يد ُه‬ ‫َ‬
‫فجعل ُ‬
‫اخلاتم‪ ،‬فرمى ِبه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫أخذ‬ ‫غفل الن ُّ‬ ‫فلا َ‬‫ّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫إصبعه‪َ ،‬‬ ‫فلم ير ُه يف‬
‫ّبي ﷺ‪ْ ،‬‬ ‫فنظر الن ُّ‬
‫َ‬
‫وق�د ب�وب عليه ابن حب�ان يف صحيحه (‪ )538/1‬بقوله‪« :‬ذكر ج�واز زجر املرء املنكر‬
‫بيده دون لسانه‪ ،‬إذا مل يكن فيه تعدٍّ »‪.‬‬

‫خاتم‬ ‫ِ‬
‫وعليه‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫نجران إىل‬ ‫ال قد َم م ْن‬ ‫اخلدري ‪َّ :I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫ٍ‬
‫سعيد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫ذهب‪.‬‬ ‫م ْن‬
‫)‪.(3‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فأعرض عن ُه‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫أهلك‬ ‫أعطيت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ش�ئت‬ ‫فقالت‪ْ :‬‬
‫إن‬ ‫ْ‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬أتتها برير ُة تس�أهلا يف كتابتها‬
‫ُ‬
‫ويكون الوال ُء لنا‪.‬‬ ‫شئت أعتقتها‬ ‫إن ِ‬ ‫ويكون الوال ُء يل‪َ .‬‬
‫وقال أهلها‪ْ :‬‬ ‫ُ‬

‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫ذلك َ‬


‫فقال الن ُّ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ذكّرت ُه َ‬ ‫فل�ا جا َء‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عىل ِ‬
‫املنر َ‬ ‫ُ‬ ‫ث�م قا َم‬
‫َّ‬
‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[66/14‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ،]5190‬وأمحد [‪ ]17295‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[303‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ]5188‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪.[226/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]456‬ومسلم [‪[1504‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫صدقات بني‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ رج ً‬
‫ال عىل‬ ‫َ‬
‫اس�تعمل‬ ‫�اعدي ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫الس‬ ‫ٍ‬
‫ِّ‬ ‫وع ْن أيب محيد ّ‬
‫سلي ٍم يدعى اب َن ال ّلتب ّي ِة‪.‬‬
‫فلا جا َء حاسب ُه)‪.(1‬‬
‫ّ‬
‫أهدي يل‪.‬‬
‫َ‬ ‫لكم‪ ،‬وهذا‬ ‫َ‬
‫فجعل يقول‪ :‬هذا ْ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬
‫ثم خطبنا‪ ،‬فحمدَ اهللَ‪ ،‬وأثنى ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫‪ ،‬ثالث ًا)‪.(2‬‬ ‫إبطه ُ‬


‫يقول‪:‬‬ ‫بياض ِ‬
‫رئي ُ‬
‫رفع يد ُه حتّى َ‬
‫ثم َ‬‫َّ‬
‫بال ٍ‬
‫فالن‬ ‫يقل ما ُ‬
‫اليش ُء مل ْ ْ‬
‫جل ّ‬‫الر ِ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫وع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫ّبي ﷺ إذا بلغ ُه ع ْن ّ‬
‫كان الن ُّ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫يقول‪ ،‬ولك ْن ُ‬
‫يقول‪» :‬‬ ‫ُ‬
‫«كان النبي ﷺ ال يواجه أحدا با يكرهه‪ ،‬بل يقول‪ :‬وما بال أقوام يقولون‬
‫كذا ويفعلون كذا؟»)‪.(4‬‬

‫مملوكني‬
‫َ‬ ‫فأعتق س ّت ًة‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫موته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار أوىص عندَ‬ ‫ال م َن‬ ‫ٍ‬
‫حصني ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫عمران ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫ع ْن‬
‫غريهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ل ُه‪ ،‬ومل ْ يك ْن ل ُه ٌ‬
‫مال‬

‫أمر م ْن حياسب ُه ويقبض من ُه‪.‬‬


‫أي‪َ :‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2597‬ومسلم [‪.[1832‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ]4788‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (4‬زاد املهاجر إىل ربه [ص‪.[67‬‬
‫‪‬‬

‫وقال ل ُه قوالً شديد ًا‪.‬‬


‫ذلك َ‬
‫فغضب م ْن َ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫فبلغ َ‬
‫ذلك الن َّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وأرق أربع ًة)‪.(2‬‬ ‫فأعتق ِ‬
‫اثنني‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫بينهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أقرع‬
‫ثم َ‬ ‫أهم ثالث َة أجزاء‪َّ ،‬‬
‫فجز ْ‬
‫مملوكيه‪ّ ،‬‬ ‫ثم دعا‬
‫َّ‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫رجل‪ ،‬فصيح ِ‬
‫عليه‪ ،‬فجا َء جار ُه إىل‬ ‫مرض ٌ‬ ‫جابر ب ُن سمر َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫عن ُ‬
‫مات‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‪ :‬إ ّن ُه قدْ َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬إ ّنه صيح ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫قال‪ :‬فرجع فصيح ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مات‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إ ّن ُه قدْ َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫فجا َء إىل‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫فرجع‪ ،‬فصيح ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخر ُه‪.‬‬ ‫انطلق إىل‬
‫ْ‬ ‫فقالت امرأت ُه)‪:(3‬‬
‫ْ‬
‫اللهم العن ُه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ّ‬
‫ٍ‬
‫بمشقص)‪ (4‬مع ُه‪.‬‬ ‫نحر نفس ُه‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪ ،‬فرآ ُه قدْ َ‬ ‫انطلق ّ‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫لغريه عىل مثل فعله‪ .‬وأ ّما أصل‬ ‫كان يرتك الصالة ِ‬
‫عليه تغليظ ًا وزجر ًا‬ ‫ّبي ﷺ وحده َ‬ ‫)‪ (1‬وهذا حممول عىل َّ‬
‫ّ‬ ‫أن الن ّ‬
‫الصحابة‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[140/11‬‬ ‫ِ‬
‫الصالة عليه فال بدّ م ْن وجودها م ْن بعض ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫مهمت ْ‬
‫أصيل عليه» عند النسائي فقط وصححه‬ ‫أن ال َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (2‬رواه مسلم[‪ ،]1668‬والنسائي[‪ ]1958‬وقوله‪« :‬لقدْ‬
‫األلباين يف حتقيق املشكاة [‪.[3390‬‬
‫ِ‬
‫جلاره‪.‬‬ ‫أي‪ :‬زوجة املريض‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬نصل السهم إذا كان طويال غري عريض‪.‬‬
‫‪‬‬

‫مات‪.‬‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأخر ُه أ ّن ُه قدْ َ‬
‫فانطلق إىل الن ِّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫بمشاقص مع ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ينحر نفس ُه‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬رأيت ُه ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫يصىل عىل ِّ‬
‫كل م ْن‬ ‫بعضهم‪ّ :‬‬
‫ْ‬ ‫أهل العل ِم يف هذا‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫«واختلف ُ‬
‫َ‬
‫وهو ُ‬ ‫قاتل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫القبلة وعىل ِ‬
‫وإسحق‪.‬‬
‫َ‬ ‫قول ال ّث ِّ‬
‫وري‬ ‫ّفس‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫صىل إىل‬

‫غري اإلما ِم»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫قاتل الن ِ‬


‫يصيل اإلما ُم عىل ِ‬
‫ال ّ‬
‫ويصيل عليه ُ‬ ‫ّفس‬
‫ّ‬
‫ليحذ َر‬ ‫ذلك‬ ‫احلنظىل‪ :‬أ ّن ُه ﷺ إنّا َ‬
‫قال َ‬ ‫ِّ‬ ‫إبراهيم‬
‫َ‬ ‫إس�حاق ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫روينا ع ْن‬
‫«وقدْ ّ‬
‫ارتكب»)‪.(3‬‬ ‫الة ِ‬
‫عليه‪ ،‬ف َ‬
‫ال يرتكبوا كا‬ ‫برتك الص ِ‬
‫النّاس ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لغريه ع ْن مثل فعله»)‪.(4‬‬ ‫«وترك الصالة ِ‬
‫عليه معنا ُه العقوبة ل ُه وردع‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫للفس�ق مع ما ِ‬
‫ِ‬
‫كأهل‬ ‫اإليان‬ ‫فيه م َن‬ ‫ِ َ‬ ‫كان مظهر ًا‬
‫«أ ّما م ْن َ‬
‫ِ‬
‫فهؤالء ال بدَّ ْ‬ ‫ِ‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫بعض‬
‫عليهم ُ‬
‫ْ‬ ‫أن ّ َ‬
‫يصيل‬ ‫الكبائر‪،‬‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬
‫ألمثاله ع ْن ِ‬ ‫أحدهم زجر ًا‬ ‫وم�ن امتن�ع من الص ِ‬
‫ِ‬
‫امتنع الن ُّ‬
‫مثل م�ا فعل ُه‪ ،‬كا َ‬ ‫ْ‬ ‫الة عىل‬ ‫َ َ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع�ن الص ِ‬
‫كثري م ْن‬
‫كان ٌ‬ ‫املدين ا ّل�ذي ال وفا َء ل ُه‪ ،‬وكا َ‬ ‫نفس�ه‪ ،‬وعىل ِّ‬
‫الغال‪ ،‬وعىل‬ ‫الة عىل ِ‬
‫قاتل‬ ‫ِ ّ‬
‫السن ِّة حسن ًا»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬ ‫أهل البد ِع ‪َ -‬‬
‫كان عمل ُه هبذه ّ‬
‫يمتنعون من الص ِ‬
‫الة عىل ِ‬ ‫َ َ ّ‬
‫الس ِ‬
‫لف‬ ‫ّ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]3185‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪ ،]84‬ورواه مسلم [‪ ]978‬والرتمذي‬
‫]‪ ]1068‬خمترص ًا‪.‬‬
‫)‪ (2‬سنن الرتمذي [‪.[372/2‬‬
‫)‪ (3‬السنن الكرى [‪.[19/4‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[328/8‬‬
‫)‪ (5‬جمموع الفتاوى [‪.[286/24‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫اجلهني ‪َّ I‬‬ ‫ٍ‬ ‫وع�ن ِ‬


‫زي�د ِ‬
‫ر‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ ّ َ‬
‫تويف ي�و َم خي َ‬ ‫أصح�اب الن ِّ‬ ‫أن رج� ً‬
‫ال م ْن‬ ‫ِّ‬ ‫خال�د‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فذكروا َ‬
‫ذلك‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫فتغري ْت وجو ُه الن ِ‬
‫ّاس‬ ‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫درمهني)‪.(1‬‬ ‫ففتّشنا متاع ُه‪ ،‬فوجدنا خرز ًا م ْن ِ‬
‫خرز هيو َد ال يساوي‬
‫سأل عنها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫جلنازة َ‬ ‫دعي‬ ‫ُ‬ ‫وع ْن أيب قتاد َة ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫رسول اهلل ﷺ إذا َ‬ ‫كان‬
‫خري قا َم ّ‬
‫فصىل عليها‪.‬‬ ‫أثني عليها ٌ‬
‫فإن َ‬‫ْ‬
‫‪ ،‬ومل ْ ِّ‬
‫يصل عليها)‪.(2‬‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬
‫قال ألهلها‪:‬‬ ‫غري َ‬
‫أثني عليها ُ‬
‫وإن َ‬‫ْ‬

‫«ترك املصطف�ى ﷺ الصالة عىل م�ن وصفنا نعت�ه كان ذلك عن قصد‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫جائزة عىل م ْن أتى‬ ‫غري‬ ‫ِ‬
‫الفعل‪ ،‬ال َّ‬ ‫مثل َ‬ ‫الت ِ‬
‫ّأديب من ُه ﷺ أل ّمت َه؛ كيال يرتكبوا َ‬
‫الصال َة ُ‬
‫أن ّ‬ ‫ذلك‬
‫يصل ِ‬
‫عليه ﷺ»)‪.(3‬‬ ‫مثل ما أتى م ْن مل ْ ِّ‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه أب�و داود[‪ ،]2710‬والنس�ائي[‪ ،]1959‬واب�ن ماج�ة [‪ ،]2848‬وصحح�ه احلاك�م [‪ ]2582‬عىل رشط‬
‫الشيخني‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وض ّعفه األلباين يف اإلرواء [‪.[726‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]22049‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[3046‬‬
‫)‪ (3‬صحيح ابن حبان [‪.[64/5‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع املنافقني‬

‫كل ٍ‬
‫فئة من الناس حس�ب ما يقتضي�ه وضعهم وحاهلم‪،‬‬ ‫يعامل َّ‬
‫ُ‬ ‫لق�د كان نب ّين�ا حممدٌ ﷺ‬
‫النب�ي ﷺ يعاملهم‪ :‬فئة‬
‫ُّ‬ ‫لننظ�ر كيف كان‬
‫َ‬ ‫نقف عندها؛‬
‫وإن م�ن الفئ�ات التي ينبغي لن�ا أن َ‬
‫«املنافقني»‪ ،‬وهم الذين أظهروا اإليان‪ ،‬وأبطنوا الكفر‪.‬‬

‫ •‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [البقرة‪.[8 :‬‬

‫ •‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ)‬
‫[البقرة‪.[9 :‬‬

‫ •‬
‫(ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [البقرة‪ ،[12-11 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ) [البقرة‪.[206-204 :‬‬

‫ •‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [النساء‪.[142 :‬‬
‫‪‬‬

‫ •‬
‫قال تع�اىل‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ) [البق�رة‪ ،[14 :‬وقال تع�اىل‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [التوبة‪.[79 :‬‬
‫ •‬
‫(ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ)‬ ‫تع�اىل‪:‬‬ ‫ق�ال‬
‫]آل عم�ران‪ ،[118 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ)‬
‫]آل عمران‪ ،[120 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ)‬
‫[النساء‪.[141 :‬‬
‫ •‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [النس�اء‪ ،[139-138 :‬وق�ال‬
‫تع�اىل‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ‬
‫ﮅ) [ااحلرش‪.[11 :‬‬
‫ •‬
‫قال تع�اىل‪( :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ‬
‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [النور‪.[50-47 :‬‬
‫وق�ال تع�اىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫‪‬‬

‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ‬
‫ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ‬
‫ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ‬
‫ﮟ ﮠ) [النساء‪.[63-60 :‬‬
‫ •‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ) [املنافقون‪.[5 :‬‬
‫ •‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [النور‪.[19 :‬‬
‫ •‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [املنافقون‪.[7 :‬‬
‫ •‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ) [التوبة‪.[67 :‬‬
‫إن املنافق�ني م�ن أخطر الفئات التي هتدّ ُد األمة؛ نظر ًا الختالطهم باملس�لمني ومعرفتهم‬
‫ُ‬
‫العضال الباط ُن»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫والضعف فيهم‪ ،‬والن ُ‬
‫ّفاق كا قال ابن القيم‪« :‬هو الدّ ا ُء‬ ‫القوة‬ ‫ِ‬
‫بمكامن ّ‬
‫تصو ٌر‬
‫الزمن األول ثم انقرضوا‪ ،‬وهذا ّ‬
‫يتص�و ُر البعض أن هؤالء املنافقني كانوا يف ّ‬
‫ّ‬ ‫وق�د‬

‫)‪ (1‬مدارج السالكني [‪.[354/1‬‬


‫‪‬‬

‫َ‬
‫«واملنافقون ما زالوا‪،‬‬ ‫باط�ل‪ ،‬بل هم باقون يف كل زمان؛ كا قال ش�يخ اإلس�الم ابن تيمي�ة‪:‬‬
‫ِ‬
‫القيامة»)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫يزالون إىل يو ِم‬ ‫وال‬

‫والنفاق مل يعرفه العرب واملس�لمون إال بع�د اهلجرة النبو ّية إىل املدينة‪ ،‬فلم يكن معروف ًا‬
‫بمكة‪ ،‬وذلك ألن املسلمني يف مكة مل يكن هلم شوك ٌة‪ ،‬بل كانت الشوك ُة والقوة للمرشكني‪،‬‬
‫ُ‬
‫املرشك عقيدته‪.‬‬ ‫فلم يكن هناك دا ٍع ألن َ‬
‫خيفي‬
‫ُ‬
‫النفاق يف املدينة بعد أن ازدادت قوة املسلمني‪ ،‬وقد أظهر املنافقون اإلسالم‪ ،‬وأبطنوا‬ ‫ظهر‬
‫الكفر؛ جبن ًا وخداع ًا‪ ،‬وكان يرأسهم عبدُ اهلل بن أيب ابن سلول)‪ (2‬الذي كان ينتظر الزعامة عىل‬
‫األوس واخلزرج قبل اهلجرة النبوية‪ ،‬فلا خر هذا األمر دخل يف اإلسالم نفاق ًا‪.‬‬

‫ويتحني الفرص لإليقاع‬


‫ّ‬ ‫والرش والكيدَ ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫يظهر اإلسالم‪ ،‬ويبط ُن احلقدَ ‪،‬‬
‫وظل ابن سلول ُ‬
‫ِ‬
‫املؤامرات ضدَّ املسلمني‪ ،‬إىل أن هلك‪.‬‬ ‫يأل جهد ًا يف ِ‬
‫حبك‬ ‫باملسلمني‪ ،‬ومل ُ‬
‫ِ‬
‫تأليف قلبه‪.‬‬ ‫بالصفح واحللم؛ رغب ًة يف‬
‫ِ‬ ‫ومع ذلك فقد كان النبي ﷺ يرت ّفق به‪ ،‬ويعامله‬

‫إكاف‪ ،‬حتت� ُه قطيف ٌة فدك ّي ٌة)‪،(3‬‬


‫ٌ‬ ‫أن النّب�ي ﷺ ركب محار ًا ِ‬
‫عليه‬ ‫زيد ‪َّ :I‬‬ ‫ع�ن أس�ام َة بن ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫وذاك َ‬ ‫ِ‬
‫احلارث ِ‬
‫وقعة‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬
‫اخلزرج‪،‬‬ ‫بن‬ ‫وأردف وراء ُه أسام َة‪َ ،‬‬
‫وهو يعو ُد سعدَ ب َن عباد َة يف بني‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بدر‪.‬‬

‫فيهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بمجلس ِ‬


‫ٍ‬
‫واملرشكني عب�دة األوثان واليه�ود‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫املس�لمني‬
‫َ‬ ‫أخ�الط م َن‬ ‫فيه‬ ‫م�ر‬
‫حتّ�ى َّ‬
‫ِ‬
‫املجلس عبدُ اهلل ب ُن رواح َة‪.‬‬ ‫يسلم عبدُ اهللِ)‪ ،(4‬ويف‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫وذلك َ‬
‫قبل ْ‬ ‫َ‬ ‫يب‪،‬‬
‫عبدُ اهلل ب ُن أ ٍّ‬

‫)‪ (1‬جمموع الفتاوى [‪.[212 / 7‬‬


‫يب أبوه‪ ،‬وسلول أ ّمه‪ ،‬فهو منسوب إىل أبيه وأمه مع ًا‪.‬‬
‫)‪ (2‬أ ٌّ‬
‫صنعت فيها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫)‪ (3‬اإلكاف ما يوضع عىل الدّ ا ّبة كالرذعة‪ ،‬وقوله «فدك ّية» نسبة إىل فدك القرية املشهورة‪ ،‬كأهنّا‬
‫والراكب فوق القطيفة‪ .‬فتح الباري [‪.[122/10‬‬ ‫أن اإلكاف ييل احلار والقطيفة فوق اإلكاف‪ّ ،‬‬ ‫واحلاصل َّ‬
‫أن يظهر اإلسالم‪.‬‬ ‫)‪ (4‬أي‪ :‬قبل ْ‬
‫‪‬‬

‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫روا‬
‫قال‪ :‬ال تغ ّ‬ ‫املجلس عجاج ُة الدّ ا ّبة)‪ّ ،(1‬مخ َر عبدُ اهلل ب ُن أ ٍّ‬
‫يب أنف ُه بردائه‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫غشيت‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫علينا‪.‬‬
‫َ‬
‫القرآن‪.‬‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬ ‫فدعاهم إىل اهللِ‪ ،‬وقر َأ‬
‫ْ‬ ‫وقف‪َ ،‬‬
‫فنزل‬ ‫ثم َ‬
‫ّبي ﷺ ‪َّ ،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫عليهم الن ُّ‬
‫ْ‬ ‫فس ّل َم‬
‫كان ما ُ‬
‫تقول ح ّق� ًا‪ ،‬فال تؤذنا يف‬ ‫إن َ‬ ‫يب‪ّ :‬أهيا املر ُء‪ ،‬ال أحس� َن م ْن ه�ذا ْ‬ ‫َ‬
‫فق�ال عب�دُ اهلل ب ُن أ ٍّ‬
‫جاءك منّا‪ ،‬فاقصص ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫رحلك‪ ،‬فم ْن‬‫َ‬ ‫وارجع إىل‬ ‫جمالسنا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫نحب َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال عبدُ اهلل ب ُن رواح َة‪ :‬اغشنا يف جمالسنا‪ ،‬فإنّا‬
‫مهوا ْ‬
‫أن يتواثبوا‪.‬‬ ‫َ‬
‫واملرشكون واليهو ُد حتّى ّ‬ ‫َ‬
‫املسلمون‬ ‫فاستب‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫محارك‪.‬‬ ‫إليك عنّي‪ ،‬واهلل لقدْ آذاين نت ُن‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫«فلا أتا ُه الن ُّ‬
‫ويف رواية‪ّ :‬‬
‫أطيب رحي ًا َ‬
‫منك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫حلار‬ ‫ِ‬ ‫فقال ٌ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫األنصار‪ :‬واهلل ُ‬ ‫رجل م َن‬
‫ٍ‬ ‫فغضب ِّ‬ ‫رجل من ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫فكان بينها‬ ‫واحد منها أصحاب ُه‪،‬‬ ‫لكل‬ ‫َ‬ ‫قومه فشتم ُه‪،‬‬ ‫فغضب لعبد اهلل ٌ ْ‬
‫َ‬
‫ّعال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باجلريد واأليدي والن ِ‬ ‫رضب‬
‫ٌ‬

‫ّبي ﷺ خي ّف ْ‬
‫ضهم)‪.(4)«(3‬‬ ‫فلم ْ‬
‫يزل الن ُّ‬ ‫ْ‬
‫بن عباد َة َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫دخل عىل ِ‬
‫سعد ِ‬ ‫ركب رسول اهلل ﷺ دا ّبت ُه حتّى َ‬
‫ثم َ‬‫َّ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫َ‬
‫أعطاك‪ ،‬ولقدْ‬ ‫َ‬
‫أعطاك اهلل ا ّلذي‬ ‫واصفح‪ ،‬فواهلل لقدْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫اعف عن ُه يا‬ ‫َ‬
‫فقال س�عد‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫بالعصابة)‪.(7‬‬ ‫فيعصبو ُه‬ ‫ِ‬
‫البحرية)‪ْ (6‬‬ ‫أهل ِ‬
‫اصطلح ُ‬
‫يتوجو ُه ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫هذه‬ ‫َ‬

‫ارتفع م ْن غبار حوافرها‪.‬‬


‫َ‬ ‫هو ما‬
‫)‪َ (1‬‬
‫مسلمون وك ّفار‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪[158/12‬‬
‫َ‬ ‫بالسال ِم عىل قوم ْ‬
‫فيهم‬ ‫)‪ (2‬فيه‪ :‬جواز االبتداء ّ‬
‫بينهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ويسهل األمر‬
‫ّ‬ ‫ّنهم‬
‫أي‪ :‬يسك ْ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]2699‬ومسلم [‪ ]1799‬عن أنس بن مالك ‪.I‬‬
‫ِ‬
‫ملصلحة التّأ ّلف‪.‬‬ ‫كان مشهور ًا هبا‪ْ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫لكونه َ‬ ‫ّبي ﷺ يف َ‬
‫تلك احلالة‬ ‫)‪ (5‬كنّا ُه الن ّ‬
‫)‪ (6‬هذا ال ّلفظ يطلق عىل القرية وعىل البلد‪ ،‬واملراد ِبه هنا املدينة النّبو ّية‪.‬‬
‫يتوجو ُه ويعصبو ُه‪.‬‬
‫أن ّ‬‫عادهتم إذا م ّلكوا إنسان ًا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وكان م ْن‬ ‫ملكهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫)‪ (7‬معنا ُه‪ :‬اتّفقوا عىل ْ‬
‫أن جيعلو ُه‬
‫‪‬‬

‫فعل ِبه ما َ‬
‫رأيت‪.‬‬ ‫فذلك َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بذلك)‪،(1‬‬ ‫باحلق ا ّلذي أعطاك ُه َ‬
‫رشق‬ ‫فلا ر َّد اهلل َ‬
‫ذلك ِّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الكتاب كا‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫املرشكني‬
‫َ‬ ‫يعفون ِ‬
‫ع�ن‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ وأصحاب ُه‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪،‬‬
‫فعف�ا عن ُه الن ُّ‬
‫ويصرون عىل األذى‪َ ،‬‬
‫قال اهلل ‪( :D‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫َ‬ ‫أمرهم اهلل‬
‫ْ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [آل عمران‪.[186 :‬‬

‫فيهم)‪.(2‬‬ ‫العفو ما أمر ُه اهلل ِبه‪ ،‬حتّى َ‬


‫أذن اهلل ْ‬ ‫َ‬ ‫يتأو ُل‬
‫ّبي ﷺ ّ‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬
‫املنافقني مش�هور‬
‫َ‬ ‫املرشكني واليهود بامل ِّن والفداء وصفحه ِ‬
‫عن‬ ‫َ‬ ‫وعف�وه ﷺ ع� ْن كثري م َن‬
‫والسري‪.‬‬
‫يف األحاديث ّ‬
‫ص�در األذى من زعي ِم‬
‫َ‬ ‫النبي ﷺ؛ فلم يغض�ب عندما‬
‫حل�م ِّ‬
‫ُ‬ ‫فق�د ظه�ر يف هذا احلديث‬
‫مخ�ر أنف�ه بردائه‪ ،‬وأس�ا َء األدب مع‬
‫تغ�روا علين�ا» و ّ‬
‫املنافق�ني بقول�ه لرس�ول اهلل ﷺ‪« :‬ال ّ‬
‫النبي ﷺ حيث ناداه بنداء االستخفاف بقوله‪« :‬أهيا املر ُء»‪.‬‬

‫يغضب‪ ،‬وعفا عنه‪.‬‬


‫ْ‬ ‫النبي ﷺ هذا الكالم القبيح باحل ًلم‪ ،‬فلم‬
‫وقابل ُّ‬
‫والصر‬ ‫«ويف هذا احلديث‪ :‬بيان ما َ ِ‬
‫والصفح‪ّ ،‬‬
‫ّبي ﷺ م َن احللم‪ّ ،‬‬
‫كان عليه الن ّ‬
‫قلوهبم»)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫عىل األذى يف اهلل تعاىل‪ ،‬ودوام الدّ عاء إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وتأ ّلف‬

‫إن النب�ي ﷺ كان مأم�ور ًا من ربه يف بداية الدع�وة بالعفو والصفح (ﮤ ﮥ‬


‫(ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [احلجر‪.[94 :‬‬ ‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [البقرة‪[109 :‬‬

‫وكانت التوجيهات يف البداية بعدم املواجهة بالسالح حتى يقوى املسلمون ويستطيعوا‬
‫املواجهة‪.‬‬

‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫غص‪ ،‬وحسدَ الن ّ‬
‫أي‪َّ :‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫قتاهلم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫أي‪ :‬يف‬
‫فيهم»‪ْ :‬‬ ‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]6254‬ومسلم [‪ .]1798‬وقوله‪« :‬حتّى َ‬
‫أذن اهللُ ْ‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[159/12‬‬
‫‪‬‬

‫قتل‬‫من َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ بدر ًا‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫زيد ‪ L‬قال‪ّ :‬مل�ا غزا‬ ‫ع�ن أس�ام َة ب�ن ٍ‬
‫فقتل اهلل هب�ا ْ‬ ‫َ‬
‫غانمني‬ ‫منصورين‬ ‫رسول اهلل ﷺ وأصحاب ُه‬ ‫ُ‬ ‫قريش‪َ ،‬‬
‫فقفل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وسادة‬ ‫ّ ِ )‪(1‬‬ ‫ِ‬
‫صناديد الكفار‬ ‫من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ومن مع ُه‬ ‫َ‬ ‫قريش‪َ -‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صناديد الك ّف ِ‬
‫س�لول ْ‬ ‫ابن‬
‫يب ُ‬ ‫ابن أ ٍّ‬
‫ق�ال ُ‬ ‫وس�ادة‬ ‫ار‪،‬‬ ‫من‬
‫معه�م أس�ارى ْ‬
‫ْ‬
‫س�ول ﷺ عىل اإلس�ال ِم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫توج َه ‪ ،‬فبايعوا ّ‬
‫الر‬ ‫أمر قدْ ّ‬ ‫املرشكني‪ ،‬وعبدة األوثان‪ :‬هذا ٌ‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫َ‬
‫)‪(2‬‬

‫فأسلموا)‪.(3‬‬

‫وهذا خلوفهم وجزعهم‪.‬‬


‫ِ‬
‫ظهور قوة املس�لمني‪ ،‬ويظهرون‬ ‫برشهم عند‬ ‫َّ‬
‫ودل ه�ذا احلديث عىل أن املنافقني خيتفون ّ‬
‫ِ‬
‫ضعف املسلمني‪.‬‬ ‫ورشهم وأذاهم عند‬
‫نفاقهم ّ‬
‫الرش للمسلمني‬
‫ومع إعالهنم الدخول يف اإلسالم‪ ،‬إال أن عداوهتم لإلسالم‪ ،‬وإضارهم َّ‬
‫الدوائ�ر‪ ،‬وينته�زون الفرص املواتي�ة لالنقضاض‬
‫َ‬ ‫يتغ�ري‪ ،‬ف�ا زالوا يرت ّبصون باملس�لمني‬
‫مل ّ ْ‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫كان الن ُ‬
‫ّفاق يف‬ ‫منافق؛ وإنّا َ‬
‫فيهم ٌ‬ ‫َ‬
‫«املهاجرون مل ْ يك ْن ْ‬
‫ومجهورهم‬ ‫أرشافهم‬ ‫أس�لم‬ ‫فلا‬ ‫ِ‬ ‫هم ُ‬ ‫وذلك َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫م� ْن َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أهل املدينة؛ ّ‬ ‫األنصار ْ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫األنصار؛‬ ‫دخل م َن‬
‫قومهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وظهوره يف‬ ‫لعز اإلسال ِم‪،‬‬‫أن يظهروا اإلسال َم نفاق ًا؛ ِّ‬
‫الباقون ْ‬
‫َ‬ ‫احتاج‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫اإليان ّإال م ْن َ‬
‫هو مؤم ٌن‬ ‫َ‬ ‫يظهر‬
‫فلم يك ْن ُ‬ ‫ومجهورهم ك ّفار ًا‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫أرشافهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فكان‬ ‫أهل م ّك َة‬‫وأ ّما ُ‬
‫ِ‬
‫ملصلحة‬ ‫يظهر اإلسال َم‬ ‫ظاهر ًا وباطن ًا؛ فإ ّن ُه َ‬
‫املنافق ُ‬
‫ُ‬ ‫وهيجر؛ وإنّا‬
‫ُ‬ ‫أظهر اإلسال َم يؤذى‬ ‫كان م ْن َ‬
‫أظهر اإلسال َم بم ّك َة يتأ ّذى يف دنيا ُه»)‪.(4‬‬
‫وكان م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫دنيا ُه‪،‬‬

‫ٍ‬
‫غالب صنديد‪ .‬النهاية [‪[55/3‬‬ ‫وهم أرشافهم‪ ،‬وعظاؤهم ورؤساؤهم‪ ،‬الواحدُ صنديد‪ُ ،‬‬
‫وكل عظي ٍم‬ ‫)‪ْ (1‬‬
‫ظهر وجهه‪ ،‬أو قد استمر فال طمع يف إزالته وتغيريه‪.‬‬
‫أي‪َ :‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[4566‬‬
‫)‪ (4‬الفتاوى الكرى [‪.[450/3‬‬
‫‪‬‬

‫�ح ذل�ك انحيازهم إىل جان�ب هيود بني قينق�اع‪ ،‬الذين نقضوا العه�د الذي كان‬
‫ويوض ُ‬
‫ّ‬
‫بينهم وبني رسول اهلل ﷺ بأن ال يعتدي أحد اجلانبني عىل اآلخر‪.‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قريش� ًا يو َم ٍ‬
‫ب�در‪ ،‬وقد َم‬ ‫ُ‬ ‫أصاب‬
‫َ‬ ‫�اس ‪َ L‬‬
‫قال‪ّ :‬ملا‬ ‫ع� ْن عب�د اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬
‫قينقاع‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫مجع اليهو َد يف ِ‬
‫سوق بني‬ ‫املدين َة؛ َ‬
‫)‪.(1‬‬
‫َ‬
‫يعرفون‬ ‫ٍ‬
‫قريش كانوا أغار ًا)‪ (2‬ال‬ ‫قتلت نفر ًا م ْن‬
‫نفسك أن َّك َ‬
‫َ‬ ‫يغرن َّك م ْن‬
‫حممدُ ال ّ‬
‫قالوا‪ :‬يا ّ‬
‫ّاس‪ ،‬وأن َّك مل ْ َ‬
‫تلق مثلنا‪.‬‬ ‫لعرفت أنّا نح ُن الن ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القتال‪ ،‬إن َّك ْلو قاتلتنا‬
‫َ‬
‫ذل�ك‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ‬ ‫َ‬
‫فأن�زل اهلل ‪ D‬يف‬
‫ﭽ) [آل عمران‪.(3)[12 :‬‬
‫ٍ‬
‫بجلب‬ ‫قدمت‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫وذكر ابن هشام عن أيب عون حممد بن عبد اهلل الثقفي َّ‬
‫أن امرأ ًة م َن‬
‫ِ‬
‫كشف وجهها‪،‬‬ ‫وجلست إىل صائ ٍغ هبا‪ ،‬فجعلوا يريدوهنا عىل‬‫ْ‬ ‫قينقاع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بسوق بني‬ ‫هلا‪ ،‬فباعت ُه‬
‫َ‬
‫انكش�فت س�وأهتا‪،‬‬ ‫قامت‬ ‫فلا‬ ‫ِ‬ ‫الص ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ائ�غ إىل ط�رف ثوهبا‪ ،‬فعق�د ُه إىل ظهرها‪ّ ،‬‬ ‫فأب�ت‪ ،‬فعم�دَ ّ‬
‫ْ‬
‫فصاحت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فضحكوا هبا‪،‬‬
‫وكان هيودي ًا‪ ،‬وشدّ ِ‬
‫ت اليهو ُد عىل املسل ِم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الصائغِ‪ ،‬فقتل ُه‪،‬‬ ‫فوثب ٌ‬
‫ّ‬ ‫املسلمني عىل ّ‬
‫َ‬ ‫رجل م َن‬ ‫َ‬
‫فقتلو ُه‪.‬‬
‫وبني‬
‫بينهم َ‬ ‫الرش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فاسترصخ ُ‬
‫أهل املس�ل ِم‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫فوقع ّ ُّ‬
‫َ‬ ‫املسلمون‪،‬‬ ‫فغضب‬
‫َ‬ ‫اليهود‪،‬‬ ‫املسلمني عىل‬
‫َ‬
‫قينقاع)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫بني‬

‫)‪ (1‬ويف رواي�ة‪ :‬فإنك�م ق�د عرفتم أين نبي مرس�ل‪ ،‬جت�دون ذلك يف كتابكم‪ ،‬وعه�د اهلل إليكم‪ .‬الس�رية النبوية البن‬
‫إسحاق [‪.[313/1‬‬
‫الغر ا ّلذي ْمل ّ‬
‫جيرب األمور‪ .‬النهاية [‪[385/3‬‬ ‫)‪ (2‬أغار‪ :‬مجع غمر وهو اجلاهل ّ‬
‫وحسنه ابن حجر يف الفتح [‪ ،]332/7‬وصححه أمحد شاكر يف عمدة التفسري وضعفه‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ّ ،]3001‬‬
‫األلباين يف ضعيف أيب داود [‪.[524‬‬
‫)‪ (4‬السرية النبوية [‪ ]48/2‬البن هشام‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رضب احلصار‪ ،‬وشدِّ‬ ‫وقد كان صنيعهم هذا مس�توجب ًا ما عاملهم به رس�ول اهلل ﷺ من‬
‫اخلناق عليهم‪ ،‬حتى نزلوا عىل حكمه‪.‬‬
‫وحدثني عاصم ب�ن عمر بن قتادة قال‪« :‬فحارصهم رس�ول اهلل ﷺ‬
‫منهم‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫حني أمكن ُه اهلل ْ‬
‫س�لول‪َ ،‬‬ ‫يب اب ُن‬
‫حتى نزلوا عىل حكمه‪ ،‬فقا َم إليه عبدُ اهلل ب ُن أ ّ‬
‫ِ‬
‫اخلزرج‪.‬‬ ‫حممدُ أحس ْن يف موا ّيل‪ ،‬وكانوا حلفا َء‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫فأبطأ ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬

‫حممدُ أحس ْن يف موا ّيل‪.‬‬ ‫َ‬


‫فقال‪ :‬يا ّ‬
‫فأعرض عن ُه‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جيب در ِع‬ ‫َ‬
‫فأدخل يد ُه يف‬
‫ال)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫لوجهه ظل ً‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حتّى رأوا‬ ‫وغضب‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ أرسلني‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وثالثائة دار ٍع)‪ ،(3‬قدْ‬ ‫ٍ‬
‫حارس)‪،(2‬‬ ‫ِ‬
‫أربعائة‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال واهللِ‪ ،‬ال أرس�لك حتّى حتس� َن يف موا ّيل‪،‬‬
‫وائر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتصدهم يف غداة واحدة؟! ّإين واهلل امرؤ أخشى الدّ َ‬ ‫ْ‬ ‫واألسود‪،‬‬ ‫األمحر‬ ‫منعوين م َن‬
‫)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫وكان عبد اهلل بن أيب ال يزال صاحب ٍ‬
‫شأن يف قومه؛ فقبل رسول اهلل ﷺ شفاعته يف بني‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قينقاع عىل أن جيلوا عن املدينة‪ ،‬وأن يأخذوا معهم أمواهلم عدا السالح‪.‬‬

‫تغري وجهه للسواد من شدة غضبه ﷺ‪.‬‬


‫)‪ (1‬أي‪ّ :‬‬
‫)‪ (2‬وهو الذى ال درع‪ ،‬وال مغفر عليه‪.‬‬
‫)‪ (3‬الذي عليه درع‪.‬‬
‫)‪ (4‬السرية النبوية [‪ ]48/2‬البن هشام‪ .‬وإسناده حسن‪ ،‬لكنه مرسل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ثاب�ت ‪َ I‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫زي�د ِ‬
‫خرج مع ُه‪،‬‬
‫ن�اس مم ّ ْن َ‬
‫رجع ٌ‬‫ّب�ي ﷺ إىل أحد‪َ ،‬‬ ‫قال‪ّ :‬ملا َ‬
‫خرج الن ُّ‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫نقاتلهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫نقاتلهم‪ ،‬وفرق ًة ُ‬
‫تقول‪ :‬ال‬ ‫ْ‬ ‫تقول‬ ‫ِ‬
‫فرقتني‪ :‬فرق ًة ُ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫أصحاب الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬

‫فنزل�ت‪( :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ْ‬
‫ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [النساء‪.(1)[88 :‬‬

‫ذلك رصحي ًا‬


‫يب وأصحابه‪ ،‬وق�دْ ور َد َ‬
‫خ�رج مع ُه» يعن�ي‪ :‬عبد اهلل ب�ن أ ّ‬
‫َ‬ ‫«رج�ع ن�اس مم ّ ْن‬
‫َ‬
‫ّب�ي ﷺ عىل اإلقامة‬
‫وافق رأيه رأي الن ّ‬ ‫يب َ‬
‫كان َ‬ ‫يف رواي�ة موس�ى بن عقب�ة‪َّ ،‬‬
‫وأن عبد اهلل ب�ن أ ّ‬
‫ِ‬
‫ألصحابه‪:‬‬ ‫يب‬ ‫فخرج‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال عبد اهلل بن أ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫وأجاهبم الن ّ‬
‫ْ‬ ‫باخلروج‪،‬‬ ‫أشار غريه‬
‫فلا َ‬‫باملدينة‪ّ ،‬‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫نقتل أنفسنا؟ فرجع ِ‬
‫بثلث الن ِ‬ ‫أطاعهم وعصاين‪ ،‬عال َم ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫وه�و والد جابر‬
‫َ‬ ‫ّبعه�م عبد اهلل بن عمرو بن حرام‬
‫ْ‬ ‫فات‬
‫أن يرجعوا فأبوا‪َ ،‬‬
‫فناشدهم ْ‬ ‫ِ‬
‫أبعدكم اهلل أعدا َء اهللِ‪ ،‬فسيغني‬
‫ُ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫خزرج ّي ًا كعبد اهلل بن أ ّ‬
‫يب‪،‬‬
‫عنكم نب ّي ُه)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫اهلل‬

‫يب)‪.(3‬‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬يف احلكم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫مع عبد اهلل بن أ ّ‬
‫انرصف َ‬
‫َ‬ ‫فيمن‬ ‫فرقتني» ْ‬ ‫«وكان أصحاب رسول اهلل ﷺ‬
‫ِ‬
‫فرقتني‪،‬‬ ‫أمرهم‬
‫ْ‬ ‫رصتم يف‬
‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫فئت�ني ْ‬ ‫املنافقني‬
‫َ‬ ‫املؤمنني يف‬
‫َ‬ ‫معرش‬ ‫لكم يا‬
‫فا ْ‬
‫َ‬
‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫وأمر‬
‫عنهم‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫وتعادهيم‪ .‬فنهى اهلل الفرق َة ا ّلذي َن يذ ّب َ‬
‫ون‬ ‫ْ‬ ‫تباينهم‬
‫ْ‬ ‫عنهم وفرق ًة‬
‫ْ‬ ‫فرق ًة ُّ‬
‫تذب‬
‫منهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واحد يف الت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مجيع ًا ْ‬
‫رؤ ْ‬ ‫هلم وال ّت ّ‬
‫ّباين ْ‬ ‫منهاج‬ ‫أن يكونوا عىل‬
‫هم إىل أحكا ِم الك ّف ِ‬
‫ار با‬ ‫وارتدادهم‪ ،‬ور ّد ْ‬
‫ْ‬ ‫كفرهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫نكس�هم يف‬
‫ْ‬ ‫(ﭫ ﭬ)‪ :‬يعني‪:‬‬
‫ِ‬
‫اخلبيثة)‪.(4‬‬ ‫أعاهلم‬ ‫ِ‬
‫بسبب ما اكتسبوا م ْن‬ ‫أي‬
‫ُ‬ ‫كسبوا‪ْ :‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]4050‬ومسلم [‪.[2776‬‬


‫)‪ (2‬السرية النبوية [‪ ]64/2‬البن هشام‪ ،‬فتح الباري [‪.[356/7‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[356/7‬‬
‫)‪ (4‬تفسري اخلازن [‪ ،]407/1‬حتفة األحوذي [‪.[304/8‬‬
‫‪‬‬

‫الضعفاء‪ ،‬وسحبهم‬
‫فصح أن املنافقني خذلوا املسلمني يف أحرج املواقف‪ ،‬بتأثريهم عىل ّ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫ثل�ث جي�ش املس�لمني‪ ،‬ال�ذي خ�رج للتص�دّ ي للمرشك�ني‪ ،‬واحتج�وا ألنفس�هم بأوهى‬
‫ٌ‬
‫حاصل ال حمالة‪.‬‬ ‫األسباب‪ ،‬وهو زعمهم أن القتال لن يقع‪ ،‬مع أهنم كانوا يعلمون أن القتال‬

‫وإن�ا الذي صدّ هم عن االنضام إىل كتائب املس�لمني هو كفره�م ونفاقهم؛ كا أوضح‬
‫اهلل ذل�ك بقول�ه تع�اىل‪( :‬ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [آل عمران‪.[167 :‬‬
‫ٌ‬
‫ختذيل‬ ‫النبي ﷺ عىل ه�ذا اجل�رم العظيم الذي في�ه‬
‫وم�ع م�ا صدر منهم فل�م يعاقبه�م ُّ‬
‫للمسلمني‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫فرس�ول اهلل ﷺ مل يقت�ل أحد ًا من املنافقني ممن خيالط املجتم�ع حتصي ً‬


‫ال ملصالح الدعوة‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬سدُّ ذرائع النفور عن دعوة اإلسالم‪.‬‬
‫فكسع)‪ٌ (2‬‬
‫رجل م َن‬ ‫قال‪ :‬كنّا يف ٍ‬
‫غزاة)‪،(1‬‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ‪َ L‬‬ ‫ويدل عىل ذلك حديث ِ‬
‫جابر ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لألنصار‪.‬‬ ‫األنصاري‪ :‬يا‬
‫ُّ‬ ‫فقال‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪َ .‬‬ ‫املهاجري َن رج ً‬
‫ال م َن‬
‫)‪(3‬‬
‫املهاجري‪ :‬يا للمهاجري َن‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وقال‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فسمع َ‬
‫ذلك‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األنصار‪.‬‬ ‫ال م َن‬ ‫كسع ٌ‬
‫رجل م َن املهاجري َن رج ً‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َ ،‬‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬هي غزوة بني املصطلق‪.‬‬


‫بالر ِ‬
‫جل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫)‪ (2‬الكسع‪ :‬رضب الدّ بر باليد ْأو ّ‬
‫)‪ (3‬بالرغم أن اللفظ املس�تخدم لفظ إس�المي‪« :‬املهاجرون واألنصار»‪ ،‬لكن ملا استخدم استخدام ًا خاطئ ًا أنكر‬
‫النبي ﷺ ذلك‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫املدينة ليخرج َّن‬ ‫يب َ‬
‫فقال‪ :‬فعلوها!!‪ ،‬أما واهلل لئ ْن رجعن�ا إىل‬ ‫فس�مع َ‬
‫بذلك عبدُ اهلل ب� ُن أ ٍّ‬ ‫َ‬
‫األعز منها َّ‬
‫األذل)‪!(1‬‬ ‫ُّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫َ‬
‫فبلغ الن َّ‬
‫ِ‬
‫املنافق‪.‬‬ ‫عنق هذا‬
‫أرضب َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل دعني‬ ‫عمر َ‬
‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فقا َم ُ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫فراح يف ساعة ما َ‬
‫كان يرحل فيها)‪.(3‬‬ ‫بالر ِ‬
‫حيل‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ال‪ ،‬ولك ْن أ ّذ ْن ّ‬
‫وهو ُّ‬
‫األذل»‪.‬‬ ‫األعز َ‬
‫ُّ‬ ‫فأنت يا رسول اهلل‬ ‫ذلك فأخر ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪َ :‬‬ ‫فلقي ُه أسيد بن حضري فسأل ُه ع ْن َ‬

‫ّب�ي ﷺ فقال‪ :‬بلغني أنّك‬ ‫ِ‬ ‫يب م�ا َ‬ ‫َ‬


‫كان م ْن أمر أبيه‪ ،‬فأتى الن ّ‬ ‫وبل�غ عب�د اهلل بن عبد اهلل بن أ ٍّ‬
‫فإن كنت فاعالً‪ ،‬فمرين ِبه فأنا أمحل إليك رأسه‪.‬‬‫تريد قتل أيب فيا بلغك عن ُه‪ْ ،‬‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫الذ ُ‬
‫ليل‬ ‫ّ�ك ّ‬
‫تق�ر أن َ‬
‫تنقل�ب إىل املدين�ة حتّ�ى َّ‬
‫ُ‬ ‫ويف رواي�ة‪َ :‬‬
‫فق�ال ل� ُه ابن�ه عب�د اهلل‪ :‬واهلل ال‬
‫العزيز‪َ ،‬‬
‫ففعل)‪.(5‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ‬

‫يب فقالوا‪ :‬كنت ترجى وتدفع‪،‬‬ ‫َ‬


‫فانكفأ ّ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫معمر ِ‬ ‫الرزّ ِاق ع ْن‬ ‫ِ‬
‫كل منافق إىل عبد اهلل بن أ ٍّ‬ ‫مرس�ال‪:‬‬ ‫عن قتاد َة‬ ‫)‪ (1‬يف رواية عبد ّ‬
‫األذل‪ .‬وس�ندها مرس�ل = = جيد؛ كا‬ ‫ِ‬
‫املدينة ليخرج َّن األعزُّ منها ّ‬ ‫ترض وال تنفع‪َ ،‬‬
‫فقال‪ :‬لئ ْن رجعنا إىل‬ ‫فرصت ال ُّ‬
‫قال ابن حجر يف الفتح [‪.[649/8‬‬
‫يب‪ :‬أقدْ فعلوها؟ نافرونا‪ ،‬وكاثرونا يف بالدنا‪ ،‬واهلل ما مثلنا وجالبيب‬ ‫ويف رواية ابن إسحاق‪َ :‬‬
‫فقال عبد اهلل بن أ ٍّ‬
‫سم ْن كلبك يأكلك‪ .‬السرية النبوية [‪ ]359/4‬البن هشام‪ .‬يقصد أننا آويناهم‬ ‫قريش ِ‬
‫هذه ّإال كا َ‬
‫قال القائل‪ّ :‬‬
‫وأطعمناهم‪ ،‬فلا شبعوا وعزّ وا كاثرونا‪ ،‬ونافسونا‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]3518‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم [‪.[2584‬‬
‫ب‬‫)‪ (3‬واحلكمة ظاهرة من أمره ﷺ بالرحيل يف وقت غري معتاد‪ ،‬وهي‪ :‬أن ترك مثل هذا اخلر ينترش يف اجليش يس ّب ُ‬
‫بلبل ًة يف األفكار‪ ،‬ويثري القيل والقال مما يرصف أذهان اجلند إىل مهاترات كالمية‪ ،‬ال حتمد عقباها‪ .‬فكانت مسرية‬
‫العميق بعد الن ِ‬
‫ّصب الش�ديد آثار الفتنة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال وهنار ًا مما أجهدهم‪ ،‬حتى وقعوا نيام ًا‪ ،‬فمس�ح النو ُم‬
‫اجليش املتصلة لي ً‬
‫مرويات غزوة بني املصطلق [‪.[190/1‬‬
‫)‪ (4‬السرية النبوية [‪ ]291/2‬البن هشام‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]1582‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي [‪.[3315‬‬
‫‪‬‬

‫العزيز‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ورسول اهلل ﷺ‬ ‫الذ ُ‬
‫ليل‬ ‫يب بأ ّن ُه ّ‬
‫فأقر عبدُ اهلل ب ُن أ ٍّ‬
‫أي‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫كان ِ‬
‫عليه ﷺ م َن احللم‪.‬‬ ‫قال النووي ‪ِ :V‬‬
‫فيه‪ :‬ما َ‬
‫والصر عىل بعض املفاس�د خوف ًا م ْن ْ‬
‫أن ترتتّب عىل‬ ‫ترك بع�ض األمور املختارة‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫ذلك مفسدة أعظم من ُه‪.‬‬
‫وغريهم؛ لتقوى شوكة‬
‫ْ‬ ‫واملنافقني‪،‬‬
‫َ‬ ‫وكان ﷺ يتأ ّلف النّاس‪ ،‬ويصر عىل جفاء األعراب‬‫َ‬
‫غريهم يف‬
‫ْ‬ ‫وتت�م دعوة اإلس�الم‪ ،‬ويتمكّ�ن اإليان م ْن قل�وب املؤ ّلفة‪ ،‬ويرغ�ب‬
‫ّ‬ ‫املس�لمني‪،‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫لذلك‪.‬‬ ‫يعطيهم األموال اجلزيلة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫اإلسالم‪،‬‬
‫يتوىل‬ ‫أمر باحلك ِم بال ّظ ِ‬
‫اهر‪ ،‬واهلل ّ‬ ‫وإلظهارهم اإلسالم‪ ،‬وقدْ َ‬
‫ُ‬ ‫املنافقني هلذا املعنى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ومل ْ يقتل‬
‫ِ‬
‫لطلب دنيا‪،‬‬ ‫وجياهدون مع ُه إ ّما مح ّي ًة‪ ،‬وإ ّما‬
‫َ‬ ‫وألهن ْم كانوا معدودي َن يف أصحابه ﷺ‪،‬‬
‫الرائر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫عشائرهم»)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫ْأو عصب ّية مل ْن مع ُه م ْن‬
‫أن‬ ‫أي‪ :‬من الشواهد عىل قاعدة سد الذرائع‪َّ :‬‬ ‫»‬
‫أن‬ ‫قول الن ِ‬
‫ّاس َّ‬ ‫يكون ذريع ًة إىل ِ‬
‫َ‬ ‫املنافقني مع ِ‬
‫كونه مصلح ًة؛ ّ‬
‫لئال‬ ‫يكف ع ْن ِ‬
‫قتل‬ ‫كان ُّ‬‫ّبي ﷺ َ‬
‫َ َ‬ ‫الن َّ‬
‫عن اإلس�ال ِم ممن َ ِ‬ ‫ّفور ِ‬ ‫َ‬ ‫حممد ًا ﷺ ُ‬
‫يقتل أصحاب ُه؛ َّ‬
‫دخل فيه‪ ،‬ومم ّ ْن مل ْ‬ ‫ّ ْ‬ ‫يوجب الن َ‬
‫ُ‬ ‫القول‬ ‫ألن هذا‬ ‫ّ‬
‫ّفور حرا ٌم»)‪.(2‬‬ ‫ْ ِ‬
‫يدخل فيه‪ ،‬وهذا الن ُ‬
‫ﷺ‬

‫يفرق بينهم وبني غريهم من املس�لمني‬


‫فعاملهم معاملة املس�لمني يف أحكام الدنيا‪ ،‬فلم ّ‬
‫يف األحكام الظاهرة‪.‬‬
‫«من أظهر اإلي�ان بعد الكفر له حكم املس�لمني من املوارث�ة واملناكحة‬
‫وغري ذلك من أحكام املسلمني»)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[139/16‬‬


‫)‪ (2‬إقامة الدليل عىل إبطال التحليل [‪.[471/3‬‬
‫)‪ (3‬األم [‪.[166/6‬‬
‫‪‬‬

‫«اإلي�ان ال ّظاهر ا ّلذي جتري ِ‬


‫عليه األح�كا ُم يف الدّ نيا ال‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫املنافقني‬ ‫فإن‬ ‫ِ‬
‫اآلخ�رة؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫�عادة يف‬ ‫الس‬ ‫يكون صاحب ُه م ْن ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الباط�ن ا ّلذي‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫أهل ّ‬ ‫اإلي�ان يف‬ ‫يس�تلز ُم‬
‫مع‬
‫ون َ‬ ‫مؤمن�ون يص ّل َ‬
‫َ‬ ‫ه�م يف ال ّظ ِ‬
‫اهر‬ ‫بمؤمنني ْ‬
‫َ‬ ‫هم‬ ‫ِ‬
‫اآلخر وما ْ‬ ‫ا ّلذي� َن قال�وا آمنّا باهلل وبالي�و ِم‬
‫َ‬
‫املنافقون‬ ‫يناكحوهنم ويوارثوهنم كا َ‬
‫كان‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫واملس�لمون‬ ‫َ‬
‫ويغزون‪،‬‬ ‫وحيج َ‬
‫ون‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ويصومون‬ ‫الن ِ‬
‫ّاس‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫عىل ِ‬
‫عهد‬
‫مناكحتهم‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫للكف�ر ال يف‬ ‫املنافق�ني بحك� ِم الك ّف ِ‬
‫ار املظهري� َن‬ ‫ّب�ي ﷺ يف‬
‫حيك�م الن ُّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ومل ْ‬
‫نحو َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫موارثتهم‪ ،‬وال ِ‬
‫ّاس بالن ِ‬
‫ّفاق‪ -‬ورث ُه ابن ُه عبدُ اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أشهر الن ِ‬ ‫‪-‬وهو م ْن‬
‫َ‬ ‫ْبل ّملا َ‬
‫مات عبدُ اهلل ب ُن أيب اب ُن سلول‬
‫َ‬
‫املؤمنون‪.‬‬ ‫منهم يرث ُه ورثت ُه‬
‫يموت ْ‬
‫ُ‬ ‫سائر م ْن َ‬
‫كان‬ ‫َ‬
‫وكذلك ُ‬ ‫املؤمنني‪،‬‬
‫َ‬ ‫وهو م ْن ِ‬
‫خيار‬ ‫َ‬
‫منافق‪ْ ...‬‬
‫وإن‬ ‫ِ‬
‫الباطن أ ّن ُه ٌ‬ ‫علم يف‬ ‫املس�لمني‪ْ ...‬‬
‫وإن َ‬ ‫َ‬ ‫مع‬ ‫ٌ‬
‫وارث ورثو ُه َ‬ ‫ألحدهم‬
‫ْ‬ ‫مات‬
‫وإذا َ‬
‫َ‬
‫وكذلك كانوا يف‬ ‫َ‬
‫ويرث�ون؛‬ ‫َ‬
‫يورثون‬ ‫األس�فل م ْن الن ِ‬
‫ّ�ار؛ ْبل كانوا‬ ‫ِ‬ ‫اآلخرة يف الدّ ِ‬
‫رك‬ ‫ِ‬ ‫كان�وا يف‬
‫املسلمني»)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫كسائر‬ ‫ِ‬
‫واحلدود‬ ‫ِ‬
‫احلقوق‬
‫فهؤالء املنافقون يعاملون معاملة املسلمني ما مل يظهر منهم ما ُّ‬
‫يدل عىل كفرهم ونفاقهم‬
‫رصاح� ًة‪ ،‬ف�إن ظهر منهم ذلك‪ ،‬وثب�ت باألدلة الواضحة‪ ،‬فيعاملون معامل�ة الكفار‪ ،‬ويقام‬
‫عليهم حكم الردة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فاس�د‪ ،‬وشيطان‬ ‫احلرية لكل منافق‬
‫يقرره البعض من ترك ّ‬
‫ولذلك من اخلطأ الواضح ما ّ‬
‫كف عن املنافقني!‬
‫النبي ﷺ َّ‬ ‫ٍ‬
‫بحجة أن َّ‬
‫مارد‪ ،‬بأن يقول ما شا َء‪ّ ،‬‬
‫ك�ف ع�ن املنافق�ني يف زمانه؛ ألهن�م كان�وا يكتمون‬
‫النب�ي ﷺ َّ‬
‫َّ‬ ‫وخف�ي ع�ىل ه�ؤالء أن‬
‫تقم عليهم فيه الب ّين ُة الواضح ُة‪ ،‬وكانوا ينكرونه‬
‫نفاقهم‪ ،‬وما ظهر منهم من فلتات اللسان مل ْ‬
‫الكاذبة‪ ،‬كا قال تع�اىل‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ) [املنافق�ون‪ ،[2 :‬أي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باألي�ان‬ ‫ويتنصل�ون من�ه‬
‫ّ‬
‫وقاي�ة يتقون هبا القت�ل‪( ،‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [التوبة‪ .[74 :‬أو‬
‫ِ‬
‫وارتداد آخرين عنه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الدخول يف اإلسالم‬ ‫لعدم إمكان إقامتها إال مع ِ‬
‫تنفري أقوام عن‬

‫)‪ (1‬جمموع الفتاوى [‪ ]210/7‬باختصار‪.‬‬


‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫فسمعت عبدَ‬ ‫سفر أصاب النّاس ِ‬


‫فيه شدّ ةٌ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف ٍ‬ ‫مع‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال زيد ‪ :I‬خرجنا َ‬
‫ِ‬
‫حوله‪ ،‬ولئ ْن رجعنا م ْن‬ ‫ينفضوا م ْن‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل حتّى ّ‬ ‫يب ُ‬
‫يقول‪ :‬ال تنفقوا عىل م ْن عندَ‬ ‫اهلل ب َن أ ٍّ‬
‫األعز منها َّ‬
‫األذل‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫عنده ليخرج َّن‬

‫ّبي ﷺ‪ ،‬فدعاين‪ ،‬فحدّ ثت ُه‪.‬‬


‫لعمي ‪ ،‬فذكر ُه للن ِّ‬
‫)‪(1‬‬
‫فذكرت َ‬
‫ذلك ّ‬ ‫ُ‬ ‫قال زيد بن أرقم‪:‬‬
‫ِ‬
‫وأصحاب�ه‪ ،‬فحلف�وا م�ا قال�وا‪ّ .‬‬
‫فكذبن�ي‬ ‫يب‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ إىل ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب�ن أ ٍّ‬ ‫فأرس�ل‬
‫ِ‬
‫البيت)‪.(3‬‬ ‫فجلست يف‬ ‫هم ْمل يصبني مثل ُه ُّ‬
‫قط‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وصدّ ق ُه ‪ ،‬فأصابني ٌّ‬
‫)‪(2‬‬

‫َ‬
‫ومقتك؟!‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫بك‬ ‫أن ّ‬
‫كذ َ‬ ‫أردت إىل ْ‬
‫َ‬ ‫عمي‪ :‬ما‬ ‫َ‬
‫فقال يل ّ‬
‫فوق�ع يف نف�يس ممّ�ا قال�و ُه ش�دّ ٌة حتّ�ى َ‬
‫أن�زل اهلل تع�اىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫َ‬
‫إىل‬ ‫[املنافق�ون‪[1 :‬‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ)‬
‫آخ�ر الس�ورة‪ ،‬وفيه�ا‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ‬
‫ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎ‬
‫ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ)‬
‫[املنافقون‪.[8-7 :‬‬

‫هلل قدْ صدّ َ‬


‫قك يا زيدُ )‪.(4‬‬ ‫إن ا َ‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫عيل‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ فقرأها َّ‬ ‫َ‬
‫فأرسل إ َّيل‬

‫هو س ّيد قومه اخلزرج‪.‬‬ ‫)‪ (1‬املراد ِ‬


‫عمه حقيقة وإنّا َ‬
‫وليس ّ‬
‫بعمه سعد بن عباد َة َ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫أخطأ سمعك‪ ،‬لع ّلك ش ّب َه عليك»‪ .‬مغازي الواقدي [‪ ،]417/2‬ثم إن‬ ‫فقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬لع ّلك‬
‫)‪ (2‬ويف رواية‪َ :‬‬
‫تكذيب سيد القوم‪ ،‬وتصديق غالم صغري قد ال يكون مقبوال عند كثري من الناس يف هذه املرحلة‪.‬‬
‫)‪ (3‬ويف رواية أمحد [‪ :]18799‬فرجعت إىل املنزل‪ ،‬فنمت كئيب ًا حزين ًا‪.‬‬
‫َ‬
‫وضحك يف‬ ‫َ‬
‫فعرك بأذين‬ ‫اهلم‪ ،‬أتاين‬
‫خفقت برأس م َن ِّ‬
‫ُ‬ ‫مع رسول اهلل ﷺ قدْ‬ ‫أسري َ‬ ‫)‪ (4‬ويف رواية َ‬
‫قال‪ :‬فبينا أنا ُ‬
‫قلت ما‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ُ ،‬‬ ‫قال َ‬
‫لك‬ ‫فقال‪ :‬ما َ‬ ‫إن أبا ٍ‬
‫بكر حلقني َ‬ ‫ثم َّ‬ ‫يرين َّ‬
‫أن يل هبا اخللدَ يف الدّ نيا‪َّ .‬‬ ‫وجهي‪ ،‬فا َ‬
‫كان ّ‬
‫وضحك يف وجهي‪.‬‬‫َ‬ ‫قال يل شيئ ًا ّإال أ ّن ُه َ‬
‫عرك أذين‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ سور َة املنافقنيَ ‪.‬‬ ‫فلا أصبحنا قر َأ‬ ‫مثل قويل أليب ٍ‬
‫بكر‪ّ .‬‬ ‫فقلت ل ُه َ‬ ‫عمر‬
‫ثم حلقني ُ‬ ‫أبرش‪َّ .‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فقال‪ْ :‬‬
‫رواه الرتمذي [‪ ،]3313‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي [‪.[3313‬‬
‫‪‬‬

‫رءوسهم)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫فلووا‬ ‫هلم َ‬
‫قال‪ّ :‬‬ ‫ليستغفر ْ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ؛‬
‫دعاهم الن ُّ‬
‫ْ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬

‫معاتباهتم‪،‬‬ ‫واالقتصار عىل‬ ‫أتباعهم‪،‬‬ ‫ينفر‬ ‫ِ‬


‫باهلفوات؛ ّ‬ ‫ِ‬
‫كراء القو ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫لئ�ال َ‬ ‫مؤاخذة‬ ‫ترك‬
‫ذلك؛ ملا يف َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫خالف َ‬ ‫وإن ِ‬
‫كانت القرائ ُن ترش�دُ إىل‬ ‫أياهنم‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وتصديق‬ ‫أعذاره�م‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقب�ول‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ّأنيس والت ِ‬
‫ّأليف‪.‬‬ ‫م َن الت ِ‬

‫َ‬
‫بذلك‬ ‫إن قصدَ‬ ‫للمقول ِ‬
‫في�ه‪ ،‬وال يعدُّ نميم ًة مذموم� ًة ّإال ْ‬ ‫ِ‬ ‫ج�واز تبلي ِغ م�ا ال ُ‬
‫جيوز‬ ‫ُ‬
‫املطلق‪ ،‬وأما إذا ْ ِ‬
‫كانت فيه مصلح ٌة ّ‬
‫ترج ُح عىل املفسدة فال)‪.(2‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اإلفسا َد‬

‫ﷺ‬

‫ِ‬
‫اجلمعة (ﭑ‬ ‫ِ‬
‫الفجر يو َم‬ ‫ِ‬
‫صالة‬ ‫كان يقر ُأ يف‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫اس ‪َّ L‬‬ ‫ع� ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬
‫أن الن َّ‬
‫جدة‪ ،‬و(ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) [اإلنسان‪.[1 :‬‬ ‫ﭒ ﭓ) الس ِ‬
‫ّ‬
‫واملنافقني)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫اجلمعة‬ ‫ِ‬
‫اجلمعة سور َة‬ ‫ِ‬
‫صالة‬ ‫كان يقر ُأ يف‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫وأن الن َّ‬
‫َ‬
‫«قال العلاء‪ :‬واحلكمة يف قراءة اجلمعة اش�تاهلا عىل وجوب اجلمعة وغري‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫واحلث عىل التّوكّل ّ‬
‫والذكر وغري َ‬ ‫ِّ‬ ‫ذلك م ْن أحكامها‪ ،‬وغري َ‬
‫ذلك ممّا فيها م َن القواعد‪،‬‬ ‫َ‬

‫وتنبيهم ع�ىل التّوبة‪ ،‬وغري َ‬


‫ذلك ممّا فيها‬ ‫ْ‬ ‫منهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لتوبيخ حارضهيا ْ‬ ‫املنافق�ني‬
‫َ‬ ‫وقراءة س�ورة‬
‫اجتاعهم فيها»)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫جيتمعون يف جملس أكثر ِ‬
‫من‬ ‫َ‬ ‫ألهن ْم ما كانوا‬
‫م َن القواعد؛ ّ‬
‫ومع عفو النبي ﷺ عن ابن س�لول‪ ،‬وتر ّفقه به إال أنه ملا وصل أذاه إىل أهل بيته اش�تدَّ يف‬
‫معاملته‪ ،‬وطلب من قومه األخذ عىل يديه‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]4900‬ومسلم [‪ ،]2772‬والرتمذي [‪.[2772‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[646/8‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[879‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[167/6‬‬
‫‪‬‬

‫فق�د ح�اك املنافق�ون يف هذه الغ�زوة (غزوة بني املصطل�ق) حادثة اإلفك بعد أن َ‬
‫فش�ل‬
‫كيدهم يف املحاولة األوىل؛ إلثارة النعرة اجلاهلية‪.‬‬

‫ر اإلفك هو‪ :‬عبد اهلل بن أيب ابن سلول املنافق‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫والذي ّ‬
‫توىل ك َ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [النور‪.[11 :‬‬

‫فهو الذي بدأ بالكالم يف اإلفك‪ ،‬وكان يصول فيه وجيول‪ ،‬وكان جيمع الناس يف بيته ممن‬
‫ِ‬
‫اخلبث والنفاق‪ ،‬وكان يذيع ذلك‪ ،‬وير ّدده مع عصابته‪.‬‬ ‫هم عىل شاكلته يف‬

‫ومل�ا انت�رش الكالم يف ذل�ك من قبله�م‪ ،‬وكانوا يتناقلون�ه فيا بينهم‪ ،‬أث�ر ذلك يف بعض‬
‫املؤمن�ني فانزلق�وا معه�م‪ ،‬وصاروا يتكلم�ون بذلك مع م�ن تكلم‪ ،‬وي�رددون قول اإلفك‬
‫والنفاق دون وعي وإدراك ملا يقصده ابن أيب من وراء ذلك‪.‬‬

‫النبي ﷺ خطيب ًا‬


‫فل�ا بل�غ األمر مبلغه من احلرج والضيق بالنبي ﷺ واملس�لمني؛ ق�ام ُّ‬
‫)‪(1‬‬ ‫فكل�م أصحاب�ه فيه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫األوس)‪ (2‬رضبنا‬ ‫إن َ‬
‫كان م َن‬ ‫َ‬
‫أعذرك من ُه‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل أنا واهلل‬ ‫فقال‪ :‬يا‬ ‫فقام سعدُ بن ٍ‬
‫معاذ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أمرك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلزرج أمرتنا‪ ،‬ففعلنا فيه‬ ‫وإن َ‬
‫كان م ْن إخواننا م ْن‬ ‫عنق ُه‪ْ ،‬‬

‫ولكن اجتهلت ُه‬‫ِ‬ ‫ال صاحل ًا‪،‬‬ ‫َ‬


‫وكان رج ً‬ ‫ِ‬
‫اخلزرج‪،‬‬ ‫وهو س ّيدُ‬
‫قالت عائشة‪ :‬فقا َم سعدُ ب ُن عباد َة َ‬
‫وال تقدر عىل ِ‬
‫قتله‪ .‬فقا َم أسيدُ ب ُن‬ ‫لعمر اهلل َال تقتل ُه‪َ ،‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫ِ‬
‫لسعد ِ‬ ‫احلم ّي ُة)‪َ ،(3‬‬
‫ُ‬ ‫كذبت ُ‬‫َ‬ ‫معاذ‪:‬‬ ‫فقال‬
‫لعمر اهلل لنقتلنّ ُه‪ ،‬فإن َّك‬ ‫ِ‬
‫لس�عد ِ‬ ‫بن ٍ‬
‫معاذ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫س�عد ِ‬ ‫ٍ‬
‫كذبت ُ‬‫َ‬ ‫بن عبادةَ‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫عم‬
‫وهو اب ُن ِّ‬
‫حضري‪َ ،‬‬
‫املنافقني‪.‬‬
‫َ‬ ‫جتادل ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫منافق‬
‫ٌ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬ينرصين‪ ،‬والعذير النّارص‪.‬‬


‫)‪ (2‬وهم قبيلة سعد‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬استخفته‪ ،‬وأغضبته‪ ،‬ومحلته عىل اجلهل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ورس�ول اهلل ﷺ عىل ِ‬


‫املنر‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فث�ار احلي ِ‬
‫فن�زل‪ ،‬فخ ّف ْ‬
‫ضهم‬ ‫مهوا‬
‫واخل�زرج حتّى ّ‬
‫ُ‬ ‫األوس‬
‫ُ‬ ‫�ان‬ ‫َ ّ‬
‫وسكت)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫حتّى سكتوا‬

‫الصالح‪.‬‬ ‫خيرج ِ‬
‫عن اسم ّ‬ ‫ِ‬
‫ألهل الباطل ُ‬ ‫ب‬
‫ّعص َ‬ ‫َّ‬
‫أن الت ّ‬
‫ِ‬
‫الفتنة‪ ،‬وسدِّ ذريعة َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫وتسكني ِ‬
‫ثائرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلصومة‪،‬‬ ‫ّدب إىل قط ِع‬
‫الن ُ‬
‫ُ‬
‫وفضل احتال األذى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بزوال أغلظها‪،‬‬ ‫الرض ِ‬
‫رين‬ ‫أخف ّ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫احتال‬

‫كان قريب ًا محي ًا‪.‬‬


‫ولو َ‬ ‫الر َ‬
‫سول‪ْ ،‬‬ ‫خالف ّ‬
‫َ‬ ‫مباعد ُة م ْن‬
‫أطلق َ‬
‫ذلك‪ ،‬ومل ْ ينكر ُه‬ ‫ألن سعد بن معاذ َ‬ ‫أن م ْن آذى النّبي ﷺ ٍ‬
‫بقول ْأو فعل يقتل؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬
‫ّبي ﷺ)‪.(2‬‬
‫الن ّ‬
‫فاملنافق�ون كان�وا حياولون دائ� ًا َ‬
‫زرع الفتنة يف املجتمع املس�لم‪ ،‬وزعزعت�ه من الداخل‪،‬‬
‫أحد عندما رجع�وا ِ‬
‫بثلث اجليش‪،‬‬ ‫أحيان� ًا بتخذيل املس�لمني عن اجلهاد كا فعل�وا يف غزوة ٍ‬

‫وأحيان� ًا بإث�ارة العصبي�ة القبلية ك�ا يف غزوة بني املصطل�ق‪ ،‬وأحيان ًا بمحاولة تش�ويه أهل‬
‫يقة ‪.J‬‬ ‫العفيفة عائش َة الصدّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطاهرة‬ ‫الصالح واإليان‪ ،‬كا فعلوا مع أ ِّم املؤمنني‬

‫ويصفح كثري ًا عنهم؛ طمع ًا يف‬


‫ُ‬ ‫بحكمة‪ ،‬وحل ٍم‪ ،‬ورو ّي ٍة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫كل ذلك‬ ‫يقاب�ل َّ‬
‫ُ‬ ‫النب�ي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫وكان‬
‫للحق‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫هدايتهم‪ ،‬وصالحهم‪ ،‬ورجوعهم‬

‫ﷺ‬

‫ٍ‬
‫عرة م�ن الناس‪،‬‬ ‫وكان�ت يف ِ‬
‫زمن‬ ‫ْ‬ ‫وكان ذلك يف ش�هر رجب س�ن َة تس� ٍع م�ن اهلجرة‪،‬‬
‫والناس حي ّبون املق�ام يف ثارهم وظالهلم‪،‬‬ ‫الثار‪،‬‬ ‫وج�دب م�ن البالد‪ ،‬ويف ٍ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫طابت في�ه ُ‬‫ْ‬ ‫وقت‬
‫ويكرهون شخوصهم عىل تلك احلال‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]2661‬ومسلم [‪.[2770‬‬


‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[480/8‬‬
‫‪‬‬

‫وكان رس�ول اهلل ﷺ ق ّل�ا خيرج يف غزوة إال كنّى عنه�ا ّ‬


‫وورى بغريها)‪ ،(1‬إال ما كان من‬
‫الش ّق ِة‪ ،‬وشدّ ة الزمان‪.‬‬ ‫غزوة َ‬
‫تبوك؛ لبعد ّ‬

‫فأذن‬ ‫ٍ‬
‫واهية‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫بأعذار‬ ‫فجاءه كثري من املنافقني يستأذنونه يف عدم اخلروج معه‪ ،‬ويعتذرون‬
‫هلم يف ذلك‪َ ،‬‬
‫وقبل أعذارهم‪.‬‬

‫يب اب ُن سلول‪ ،‬واجلدُّ بن قيس‪.‬‬ ‫َ‬


‫استأذن منهم‪ :‬عبدُ اهلل بن أ ِّ‬ ‫وكان مم ّ ِن‬

‫ففضحهم اهلل بذلك‪ ،‬وعتب‬


‫ُ‬ ‫احلر‪.‬‬
‫وق�ال قو ٌم من املنافقني بعضهم لبع�ض‪ :‬ال تنفروا يف ِّ‬
‫النبي ﷺ يف إذنه هلم‪.‬‬
‫عىل ّ‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [التوبة‪.[82-81 :‬‬

‫وق�ال تع�اىل‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ‬


‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ)‬
‫[التوبة‪.[42 :‬‬
‫ِ‬
‫التن�اول‪ ،‬وكان الس�فر (ﭦ‬ ‫منفع�ة دنيوي ٍ‬
‫�ة س�هلة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫لطل�ب‬ ‫أي‪ :‬ل�و كان خروجه�م‬
‫ّ‬
‫ال (ﭨ) لعدم املش ّقة الكثرية (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ)‬
‫ﭧ) أي‪ :‬قريب ًا سه ً‬
‫السفر؛ فلذلك تثاقلوا عنك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫طالت عليهم املساف ُة‪ ،‬وصعب عليهم‬
‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬

‫(ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) أي‪ :‬س�يحلفون أن هل�م أع�ذار ًا يف‬


‫خت ّلفهم عن اخلروج‪ ،‬وأهنم ال يستطيعون ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫والك�ذب‪ ،‬واإلخب�ار بغ�ري الواق�ع‪( ،‬ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ِ‬
‫بالقع�ود‪،‬‬ ‫(ﭴ ﭵ)‬
‫ﭹ)‪.‬‬
‫إرادة ِ‬
‫غريه‪ ،‬كأن يريد أن يغزو جهة الرشق‪ ،‬فيسأل عن ٍ‬
‫أمر يف جهة‬ ‫إظهار ٍ‬
‫يشء مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وتستعمل يف‬ ‫«ورى»‪ :‬سرت‪،‬‬
‫َ‬ ‫)‪ (1‬معنى ّ‬
‫ويتجهز للسفر‪ ،‬فيظن من يراه ويسمعه أنه يريد جهة الغرب‪ .‬فتح الباري [‪ ]159/6‬باختصار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الغرب‪،‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫(ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ)‬
‫[التوبة‪.[43 :‬‬

‫ف (ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫أي‪ :‬ساحمك اهلل وغفر لك مما أجريت (ﭾ ﭿ ﮀ) يف التخ ّل ِ‬


‫َ‬
‫فتعذر‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكاذب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الصادق من‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) بأن تتحنهم؛ ّ َ‬
‫ليتبني لك‬
‫يستحق ذلك)‪.(1‬‬
‫ُّ‬ ‫العذر ممن ال‬
‫َ‬ ‫يستحق‬
‫ُّ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫إظهار‬ ‫َ‬
‫الصادق منهم يف‬ ‫هال تركتهم ّملا استأذنوك‪ ،‬فلم ْ‬
‫تأذن ألحد منهم يف القعود؛ لتعلم‬
‫مرصين عىل القعود عن الغزو‪ ،‬وإن مل تأذن هلم فيه)‪.(2‬‬
‫طاعتك من الكاذب‪ ،‬فإهنم قد كانوا ّ‬
‫ﷺ‬ ‫ﷺ‬

‫وهم مخسة عرش رج ً‬


‫ال تعاهدوا أن يدفعوه عن راحلته إىل الوادي إذا تسنّم العقبة بالليل‪.‬‬
‫أمر منادي� ًا‪ ،‬فنادى‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪ّ :‬مل�ا َ‬ ‫ع� ْن أيب ال ّط ِ‬
‫في�ل َ‬
‫تب�وك‪َ ،‬‬ ‫غزوة‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ م ْن‬ ‫أقبل‬
‫أخذ العقب َة)‪ ،(3‬فال يأخذها أحدٌ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬

‫ِ‬
‫واحل‪،‬‬ ‫الر‬ ‫رهط متل ّث َ‬ ‫عا ٌر‪ ،‬إ ْذ َ‬
‫أقبل ٌ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يقود ُه حذيف ُة‪،‬‬
‫مون عىل ّ‬ ‫ويسوق به ّ‬ ‫فبينا‬
‫ِ‬
‫واحل‪.‬‬ ‫الر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عار ًا‪َ ،‬‬
‫يرضب وجو َه ّ‬
‫ُ‬ ‫عا ٌر‬
‫وأقبل ّ‬ ‫برسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫يسوق‬ ‫وهو‬ ‫غشوا ّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫«)‪ ،(4‬حتّى َ‬
‫هبط‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ حلذيف َة‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫عا ٌر‪.‬‬
‫ورجع ّ‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫نزل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فلا َ‬
‫هبط‬ ‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[338/1‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري [‪.[139/4‬‬
‫ِ‬
‫اجلبل وعر‪.‬‬ ‫طريق يف‬
‫ٌ‬ ‫)‪ (3‬العقب ُة‪:‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬حسبك‪ ،‬وهي بمعنى‪ :‬كفى كفى‪.‬‬
‫‪‬‬

‫مون‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واحل‪ ،‬والقو ُم متل ّث َ‬ ‫عرفت عا ّم َة ّ‬
‫الر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬قدْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫أعلم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬اهلل ورسول ُه ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ﷺ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وما علمنا‬ ‫منادي‬ ‫منهم ثالث ًة‪ ،‬قالوا‪ :‬واهلل ما سمعنا‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ْ‬ ‫فعذر‬
‫َ‬
‫ما أرا َد القو ُم‪.‬‬
‫ِ‬
‫احلياة الدّ نيا‪ ،‬ويو َم يقو ُم‬ ‫ِ‬
‫ولرس�وله يف‬ ‫حرب هلل‬ ‫الباقني‬ ‫عرش‬ ‫عا ٌر‪ :‬أش�هدُ َّ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫االثني َ‬
‫ْ‬ ‫أن‬ ‫فقال ّ‬
‫األشها ُد)‪.(1‬‬

‫وقد أنزل اهلل يف هؤالء قوله‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [التوبة‪.[74 :‬‬

‫كان�ت هب�ا بيع� ُة‬


‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ليس�ت العقب�ة املش�هورة بمنً�ى ا ّلت�ي‬ ‫ِ‬
‫«وه�ذه العقب�ة‬ ‫ق�ال الن�ووي‪:‬‬
‫ِ‬
‫برسول اهلل ﷺ‬ ‫ِ‬
‫للغدر‬ ‫َ‬
‫املنافقون فيها‬ ‫اجتمع‬ ‫األنصار ‪ ،‬وإنّا ِ‬
‫هذه عقبة عىل طريق تبوك‪،‬‬
‫َ‬
‫منهم»)‪.(2‬‬ ‫يف غزوة َ‬
‫تبوك‪ ،‬فعصم ُه اهلل ْ‬
‫يظن بعض من ال عل�م عنده‪ ،‬أن أصحاب العقبة املذكورين يف‬
‫«قد ُّ‬
‫أصحاب العقبة الذين بايعوا النبي ﷺ يف أول اإلسالم‪ ،‬وحاشاهم من‬
‫ُ‬ ‫هذا احلديث‪ :‬هم‬
‫ذلك‪.‬‬
‫إن�ا ه�ؤالء قوم عرضوا لرس�ول اهلل ﷺ يف عقب�ة صعدها ملا َ‬
‫قفل م ْن غ�زوة تبوك‪ ،‬وقد‬
‫النبي ﷺ‬
‫‪ ،‬فلا أخذها ُّ‬ ‫كان أم�ر منادي� ًا‪ ،‬فنادى‪:‬‬
‫مون‪ ،‬لئال يعرفوا‪ ،‬أرادوا به سوء ًا‪ ،‬فلم يقدرهم اهلل تعاىل»)‪.(3‬‬
‫عرضوا له‪ ،‬وهم مل ّث َ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد يف مسنده [‪ ،]23280‬وقال اهليثمي يف املجمع [‪« :]195/6‬رجاله رجال الصحيح»‪ ،‬وقال‬
‫األرناؤوط‪« :‬إسناده قوي عىل رشط مسلم»‪ ،‬وأصل هذه القصة يف صحيح مسلم [‪ ]2779‬خمترصة‪.‬‬
‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[126/17‬‬
‫)‪ (3‬جامع األصول من أحاديث الرسول [‪.[9306 / 1‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫)‪(1‬‬ ‫ع� ْن حذيف�ة ‪ I‬أن النّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫مندس�ني بينهم‪ ،‬وليس�وا منهم عىل احلقيقة ك�ا قال تعاىل‪( :‬ﭬ‬
‫أي‪ّ :‬‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [التوبة‪ ،[101 :‬فهم ينسبون إىل صحبتي‪ ،‬فهم‬
‫يف الظاهر معي‪ ،‬لكن يف الباطن هم ضدّ ي‪.‬‬

‫وهم الذين ج�اؤوا متل ّثمني‪ ،‬وقد قصدوا النبي ليلة العقبة‪ ،‬فحاه اهلل‬
‫منهم‪ ،‬وأعلمه بأسائهم)‪.(3‬‬

‫هم‪.‬‬
‫رش ُ‬
‫تدفع ّ‬
‫أي‪ُ :‬‬‫‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫بحيث يظهر أث�ر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حار ًا‬
‫احلرارة‪،‬‬ ‫ترك‬ ‫ُ ُ‬ ‫أكتافهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫حي�دث يف‬ ‫أي‪ :‬ورم ًا ّ‬
‫ِ‬
‫املصباح)‪.(4‬‬ ‫وهو شعل ُة‬ ‫براج م ْن ٍ‬
‫نار‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫صدورهم مم ّثل ًة‬
‫ْ‬ ‫وشدّ ُة هلبها يف‬

‫أي‪ :‬أن اهلل هيلك هؤالء الثانية من املنافقني هبذا الداء يف الدنيا)‪.(5‬‬

‫ﷺ‬

‫فخرج‬ ‫غريهم‪،‬‬ ‫اس�تنفر‬ ‫ّبي ﷺ كا‬ ‫ِ‬


‫غزوة َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اس�تنفرهم الن ُّ‬
‫ُ‬ ‫تبوك‬ ‫«ويف‬
‫وبعضهم خت ّلفوا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫بعضهم مع ُه‪،‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬ويف رواية‪ :‬يف أصحايب‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2779‬‬
‫)‪ (3‬فيض القدير [‪.[454/4‬‬
‫)‪ (4‬مرقاة املفاتيح [‪.[3816/9‬‬
‫)‪ (5‬املفهم [‪.[334/7‬‬
‫‪‬‬

‫ناقته؛ ليقع يف ٍ‬
‫واد‬ ‫بحل حزا ِم ِ‬
‫مهوا ِّ‬ ‫وكان يف ا ّلذي�ن خرج�وا معه من هم ِ‬
‫بقتله يف ال ّط ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ريق‪ّ ،‬‬ ‫ُ ْ َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫هناك‪.‬‬
‫ال�ر ا ّلذي ال‬
‫صاحب ّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫هو‬ ‫ولذلك ُ‬
‫يق�ال‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫أس�اءهم؛‬
‫ْ‬ ‫فأرس إىل حذيف َة‬
‫الوح�ي‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فج�اء ُه‬
‫الص ِ‬
‫حيح»)‪.(1‬‬ ‫ثبت َ‬
‫ذلك يف ّ‬ ‫يعلم ُه غري ُه‪ ،‬كا َ‬
‫الر الذي ال يعلمه غريه‪ ،‬أي‪ :‬من‬
‫«وهلذا كان حذيفة يقال ل�ه‪ :‬صاحب ّ ِّ‬
‫تعيني مجاعة من املنافقني‪ ،‬وهم هؤالء‪ ،‬قد أطلعه عليهم رسول اهلل ﷺ دون غريه»)‪.(2‬‬
‫ِ‬
‫راحلته‬ ‫نزل ع ْن‬ ‫حني غزا َ‬
‫تبوك َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬‫َ‬ ‫بري ‪ I‬قال‪ :‬بلغنا َّ‬
‫أن‬ ‫الز ِ‬
‫وعن عرو َة بن ّ‬
‫َ‬
‫فأخذ بزمامها‬ ‫ِ‬
‫اليان‪،‬‬ ‫جتر زمامها حتّى لقيها حذيف ُة ب ُن‬ ‫فأوح�ى ِ‬
‫إليه وراحلت ُه بارك ٌة‪،‬‬
‫فقامت ُّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫جلس عندها‪ ،‬حتّى قا َم‬ ‫ثم َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ جالس ًا‪ ،‬فأناخها َّ‬ ‫فاقتادها حتّى رأى‬
‫‪.‬‬ ‫فأتا ُه‪َ .‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬حذيف ُة ب ُن اليان‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫ق�ال‬
‫ِ‬
‫اليان‪.‬‬ ‫غري حذيف َة ِ‬
‫بن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫رهط ذوى ٍ‬ ‫‪ٍ .‬‬
‫ذكرهم ألحد َ‬
‫ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫يعلم‬
‫املنافقني‪ ،‬مل ْ ْ‬
‫َ‬ ‫عدد م َن‬
‫مات ٌ‬ ‫ِ‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ُ‬
‫رجل يظ ُّن أ ّن ُه‬ ‫خالفته إذا َ‬ ‫اب ‪ I‬ىف‬ ‫كان ُ‬ ‫فلا ّ َ‬
‫توىف‬ ‫ّ‬
‫فإن مش�ى مع� ُه حذيف ُة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالة عليه‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صىل‬ ‫أخذ بي�د حذيف َة‪ ،‬فاقتاد ُه إىل ّ‬ ‫الرهط َ‬ ‫َ‬
‫أولئ�ك ّ‬ ‫م� ْن‬
‫ِ‬ ‫عمر مع ُه فأبى ْ‬ ‫انتزع حذيف ُة يد ُه فأبى ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمر‬
‫يصىل عليه‪َ ،‬‬ ‫أن ّ َ‬ ‫انرصف ُ‬
‫َ‬ ‫يمشى مع ُه‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫عليه‪ ،‬وإن َ‬
‫عليه)‪.(3‬‬‫يصىل ِ‬
‫أن ّ‬ ‫عمر ‪ْ I‬‬ ‫ُ‬
‫غري صحيح؛‬
‫النبي ﷺ أعلم حذيفة بأس�اء مجيع املنافق�ني‪ ،‬وهذا ُ‬
‫البعض أن َّ‬
‫ُ‬ ‫وق�د يظ ُّن‬
‫ويعرف‬
‫ُ‬ ‫يعرف بعضهم بأعياهنم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أعيان مجيع املنافقني‪ ،‬وإنا كان‬ ‫النبي ﷺ مل يكن يعلم‬
‫ألن َّ‬
‫ِ‬
‫بالصفات‪.‬‬ ‫بعضهم‬

‫)‪ (1‬جمموع الفتاوى [‪.[211/7‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري [‪.[182/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه البيهقي يف الكرى [‪ ]17297‬هكذا مرسال‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعلم حذيف َة بأساء هؤالء املنافقني الذين ّ‬
‫مهوا بقتله فقط‪.‬‬ ‫والنبي ﷺ إنا َ‬
‫فق�د ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ) [التوبة‪.[101 :‬‬

‫تذكر ل�ه صفاهتم‪،‬‬ ‫دلي�ل عىل أن�ه مل يعرفه�م‪ ،‬ومل َّ‬


‫يدل ع�ىل أعياهنم‪ ،‬وإن�ا كانت ُ‬ ‫ففيه�ا ٌ‬
‫فيتوسمها يف بعضهم‪ ،‬كا قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ّ‬
‫ﭙ ﭚ) [حممد‪.(1)«[30 :‬‬

‫مجيع من عنده من‬ ‫ٍ‬


‫يعرف َ‬
‫ُ‬ ‫بصفات يعرفون هبا‪ ،‬ال أنه‬ ‫التوسم فيهم‬
‫ّ‬ ‫فهو يعرفهم من باب‬
‫والر ِ‬
‫يب عىل التعيني‪.‬‬ ‫أهل النفاق‪ّ ،‬‬

‫النبي ﷺ هذا االستهزا َء بشدّ ٍة وحزم‪:‬‬


‫ولقد قابل ُّ‬
‫رأيت َ‬
‫مثل‬ ‫ٍ‬
‫جملس يوم ًا‪ :‬ما ُ‬ ‫تبوك يف‬ ‫ِ‬
‫غزوة َ‬ ‫رجل يف‬‫قال ٌ‬‫قال‪َ :‬‬
‫عمر ‪َ L‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫بن َ‬ ‫ْ‬
‫هؤالء‪ ،‬ال أرغب بطون ًا‪ ،‬وال أكذب ألسن ًة‪ ،‬وال أجبن عندَ ال ّل ِ‬
‫قاء)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ّقرائنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ألخرن‬ ‫كذبت ولكن َّك ٌ‬
‫منافق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫املجلس‪:‬‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل يف‬ ‫َ‬

‫ُ‬
‫القرآن‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫ونزل‬ ‫َ‬
‫فبلغ َ‬
‫ذلك الن َّ‬
‫وهو ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫بحقب)‪ِ (3‬‬
‫ِ‬ ‫قال عبدُ اهللِ‪ :‬فأنا رأيت ُه متع ّلق ًا‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ تنكب ُه احلجار ُة َ‬ ‫ناقة‬

‫ونلعب»)‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫نخوض‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪« :‬إنّا كنّا‬ ‫يا‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري [‪.[204/4‬‬


‫هم إال األكل‪ .‬وال أكذب ألسنة‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫)‪ (2‬أرغب بطونا‪ :‬يعني‪ :‬أهنم واسعو البطون من كثرة األكل‪ ،‬وليس هلم ٌّ‬
‫يفرون وهيربون‪،‬‬
‫أهنم يتكلمون بالكذب‪ ،‬وال أجبن عند اللقاء‪ ،‬أي‪ :‬أهنم خيافون لقاء العدو‪ ،‬وال يثبتون بل ّ‬
‫وهذه الصفات تنطبق عىل املنافقني تام ًا ال عىل املؤمنني‪.‬‬
‫رشح رياض الصاحلني [‪ ]101/2‬البن عثيمني‬
‫)‪ (3‬احلقب‪ :‬حبل يشد به الرحل يف بطن البعري مما ييل ذيله‪.‬‬
‫)‪ (4‬ويف رواية‪ :‬حديث الركب نقطع به عناء الطريق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫يقول‪( :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [التوبة‪.(1)[65 :‬‬


‫ورسول اهلل ﷺ‪ُ ،‬‬
‫ُ‬

‫يقول اهلل تعاىل يف كتابه الكريم‪( :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ‬


‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [التوبة‪.[66-65 :‬‬
‫ِ‬
‫عالمات املنافقني‪.‬‬ ‫فاالستهزا ُء بدين اهلل من‬

‫مبني عىل تعظيم‬ ‫خمرج عن الدين؛ ألن َ‬


‫أصل الدين ٌّ‬ ‫كفر ٌ‬‫واالستهزا ُء باهلل وآياته ورسوله ٌ‬
‫ومناقض له أش�دَّ‬
‫ٌ‬ ‫اهلل وتعظيم دينه ورس�له‪ ،‬واالس�تهزاء بيشء من ذلك ٍ‬
‫مناف هلذا األصل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫املناقضة‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ال يزيدهم‬ ‫وهلذا ملا جاءوا إىل رس�ول اهلل ﷺ يعتذرون هبذه املقالة‪ ،‬كان‬
‫ع�ىل قول�ه‪( :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ) [التوبة‪.[66-65 :‬‬

‫وق�د يق�ول قائل‪ :‬ال�ذي يف القص�ة ليس اس�تهزا ًء بالدي�ن مب�ارشة‪ ،‬وإنا هو اس�تهزا ٌء‬
‫بأشخاص‪.‬‬

‫فنقول‪ :‬إنه ليس استهزا ًء هبم ألجل أشخاصهم‪ ،‬أو قبائلهم‪ ،‬وإنا هو استهزا ٌء هبم ألجل‬
‫ِ‬
‫هؤالء)‪.‬‬ ‫دينهم؛ بدليل قوهلم‪( :‬ما رأينا َ‬
‫مثل ّقرائنا‬

‫وكش�فت أرسارهم‪،‬‬ ‫ِ‬


‫فضح�ت املنافقني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالفاضحة؛ ألهن�ا‬ ‫ِ‬
‫التوب�ة‬ ‫يت س�ور ُة‬
‫س�م ْ‬
‫ْ‬ ‫وقد ّ‬
‫ِ‬
‫العمل هلدم املجتمع املسلم‪.‬‬ ‫نت خم ّططاهتم‪ ،‬وأهدافهم‪ ،‬وكالمهم‪ ،‬وطرقهم يف‬ ‫وب ّي ْ‬
‫اس‪ :‬سور ُة الت ِ‬
‫ّوبة‪.‬‬ ‫قلت ِ‬
‫البن ع ّب ٍ‬ ‫بن ٍ‬
‫جبري َ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ِ‬
‫سعيد ِ‬ ‫ع ْن‬

‫تبقي‬
‫(ومنهم) حتّى ظنّوا ّأهنا ل ْن َ‬
‫ْ‬ ‫(ومنه�م)‪،‬‬
‫ْ‬ ‫زالت ُ‬
‫تنزل‪:‬‬ ‫هي الفاضح ُة ما ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪« :‬التّوب ُة َ‬
‫منهم ّإال َ‬
‫ذكر فيها»)‪.(2‬‬ ‫أحد ًا ْ‬

‫)‪ (1‬رواه الطري يف تفسريه [‪ ،]16912‬وقال العالمة أمحد شاكر‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[4882‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫قال تع�اىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [التوبة‪.[108-107 :‬‬

‫مضار ًة للمؤمنني‪ ،‬وملسجدهم الذي جيتمعون فيه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) أي‪:‬‬

‫(ﭕ) أي‪ :‬قصدهم فيه الكفر‪ ،‬إذا قصدَ غريهم اإليان‪.‬‬

‫ويتفرق�وا وخيتلف�وا‪( ،‬ﭙ)أي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫(ﭖ ﭗ ﭘ) أي‪ :‬ليتش� ّعبوا‬
‫إع�داد ًا (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) أي‪ :‬إعان� ًة للمحاربني هلل ورس�وله‪ ،‬الذين تقدّ م‬
‫يس�تعني‬
‫ُ‬ ‫حراهبم‪ ،‬واش�تدت عداوهتم‪ ،‬وذلك كأيب عامر الراهب‪ ،‬الذي ذهب إىل املرشكني‬
‫قي�رص بزعمه أنه‬
‫َ‬ ‫ذه�ب إىل‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ي�درك مطلوب ُه عندهم‬ ‫فل�ا مل‬ ‫ِ‬
‫حرب رس�ول اهلل ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫هب�م ع�ىل‬
‫ِ‬
‫الطريق‪ ،‬وكان عىل وعد ومماألة‪ ،‬هو واملنافقون‪.‬‬ ‫اللعني يف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فهلك‬ ‫ينرصه‪،‬‬
‫ِ‬
‫والعاجز‬ ‫ِ‬
‫الضعيف‪،‬‬ ‫َ‬
‫اإلحس�ان إىل‬ ‫(ﭡ ﭢ ﭣ) يف بنائنا إياه (ﭤ ﭥ) أي‪:‬‬
‫ِ‬
‫والرضير‪.‬‬
‫ُ‬
‫أصدق من حلفهم‪.‬‬ ‫(ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) فشهاد ُة اهلل عليهم‬
‫(ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) أي‪ :‬ال ِّ‬
‫تصل يف ذلك املس�جد الذي بن�ي رضار ًا أبد ًا‪ .‬فاهلل يغنيك‬
‫بمضطر إليه‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ولست‬
‫َ‬ ‫عنه‪،‬‬

‫(ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) ظهر فيه اإلس�الم يف «قباء»‪ ،‬وهو مسجد «قباء»‬


‫أس َس عىل إخالص الدين هلل‪ ،‬وإقامة ذكره وشعائر دينه‪ ،‬وكان قدي ًا يف هذا عريق ًا فيه‪ ،‬فهذا‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫فاضل‪ ،‬وأهله فضالء؛‬ ‫املس�جد الفاضل (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ) وتتع ّبد وتذكر اهلل تعاىل فهو‬
‫ويتطهروا من‬
‫ّ‬ ‫وهل�ذا مدحه�م اهلل بقول�ه‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) من الذن�وب‪،‬‬
‫ِ‬
‫واألحداث‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والنجاسات‬ ‫األوساخ‪،‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الرذيلة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واألخ�الق‬ ‫الرش ِك‬
‫كالتن�زه من ّ‬
‫ّ‬ ‫(ﮃ ﮄ ﮅ) الطه�ارة املعنوي�ة‪،‬‬
‫ِ‬
‫األحداث)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫األنجاس‪ ،‬ورفع‬ ‫احلس ّي ِة كإزالة‬
‫والطهارة ّ‬

‫جيب هد ُم‬ ‫ِ‬


‫حمر ٌم‪ ،‬وأنه ُ‬
‫آخر بقربه أنه ّ‬
‫الرض ُار ملسجد َ‬
‫املسجد الذي يقصدُ به ّ‬ ‫أن اختاذ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مقصود أصحابه‪.‬‬ ‫الرض ِار الذي ا ّط َ‬
‫لع عىل‬ ‫مسجد ّ‬
‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫قلبت ني ُة‬
‫فينقلب منه ّي ًا عنه‪ ،‬كا ْ‬
‫ُ‬ ‫تغريه النّي ُة‪،‬‬ ‫َ‬
‫العمل وإن كان فاضال ّ‬ ‫أن‬
‫الرض ِار عملهم إىل ما ترى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مسجد ّ‬
‫يتعني تركها‪،‬‬
‫التفريق بني املؤمنني‪ ،‬فإهنا من املعايص التي ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيصل هبا‬ ‫أن كل حالة‬
‫وإزالتها‪.‬‬
‫ُّ‬
‫واحلث‬ ‫يتع�ني اتّباعها واألم�ر هبا‬
‫مج�ع املؤمن�ني وائتالفهم ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫حيص�ل هبا ُ‬ ‫ك�ا أن كل حال�ة‬
‫يوجب‬ ‫ِ‬
‫للنه�ي عنه‪ ،‬كا‬ ‫ِ‬
‫املوجب‬ ‫ِ‬
‫املقصد‬ ‫عليه�ا؛ ألن اهلل ع ّلل اختاذهم ملس�جد ال�رضار هبذا‬
‫ُ‬
‫الكفر‪ ،‬واملحارب َة هلل ورسوله‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذلك‬

‫النهي عن الصالة يف أماكن املعصية‪ ،‬والبعد عنها‪ ،‬وعن قرهبا‪.‬‬


‫ِ‬
‫الرض ِار‪َ ،‬‬
‫وهني‬ ‫مس�جد ّ‬ ‫رت معصي ُة املنافقني يف‬‫أن املعصي�ة تؤ ّث ُر يف البقاع‪ ،‬كا أ ّث ْ‬
‫مس�جد ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قباء حتى قال اهلل فيه‪:‬‬ ‫رت يف‬ ‫عن القيام فيه‪ ،‬وكذلك الطاع ُة تؤ ّث ُر يف األماكن كا أ ّث ْ‬
‫(ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [التوبة‪.[108 :‬‬
‫كل ٍ‬
‫سبت ّ‬
‫يصيل‬ ‫يزور قباء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ملسجد ٍ‬
‫ِ‬
‫الفضل ما ليس لغريه‪ ،‬حتى كان ﷺ ُ‬ ‫قباء م َن‬ ‫وهلذا كان‬
‫َّ‬
‫وحث عىل الصالة فيه)‪.(3‬‬ ‫فيه)‪،(2‬‬

‫أنه يستفاد من هذه التعاليل املذكورة يف اآلية‪ ،‬أربع قواعد مهمة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[351/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]1192‬ومسلم [‪ ]1399‬عن ابن عمر ‪.L‬‬
‫وصححه األلباين‪.‬‬ ‫)‪ (3‬روى الرتمذي [‪ ]324‬عن أسيد بن ظهري عن النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫مضار ٌة ملس�لم‪ ،‬أو فيه معصية هلل‪ ،‬ف�إن املعايص من ف�روع الكفر‪ ،‬أو فيه‬
‫ّ‬ ‫كل عم�ل في�ه‬
‫حمر ٌم ممنوع منه‪ ،‬وعكس�ه‬
‫تفري�ق ب�ني املؤمن�ني‪ ،‬أو فيه معاونة ملن عادى اهلل ورس�وله‪ ،‬فإنه ّ‬
‫ٌ‬
‫بعكسه‪.‬‬
‫ِ‬
‫معصية اهلل ال تزال مبعد ًة لفاعلها عن اهلل بمنزلة‬ ‫احلس� ّي َة الناش�ئ َة عن‬
‫أن األعال ّ‬
‫ُ‬
‫بحي�ث يتقطع قلب�ه من الندم‬ ‫اإلرصار ع�ىل املعصي�ة حت�ى يزيله�ا‪ ،‬ويتوب منه�ا توب ًة تا ّم ًة‬
‫ِ‬
‫واحلرات‪.‬‬

‫النبي ﷺ الذي‬
‫ِّ‬ ‫�س ع�ىل التقوى‪ ،‬فمس�جدُ‬ ‫أنه إذا كان مس�جدُ قباء مس�جد ًا ّ‬
‫أس َ‬
‫أسسه بيده املباركة‪ ،‬وعمل فيه‪ ،‬واختاره اهلل له من باب أوىل وأحرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫�س ع�ىل التقوى‪،‬‬
‫املؤس ُ‬
‫املبني ع�ىل اإلخ�الص واملتابعة‪ ،‬هو العمل ّ‬
‫أن العم�ل َّ‬
‫املوص ُل لعامله إىل جنات النعيم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�س عىل ش�فا‬ ‫املبني عىل س�وء القص�د‪ ،‬وعىل البد ِع والضالل هو العمل ّ‬
‫املؤس ُ‬ ‫والعم�ل ُّ‬
‫فاهنار به يف نار جهنم‪ ،‬واهلل ال هيدي القوم الظاملني)‪.(1‬‬ ‫هار‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫جرف ٍ‬
‫َ‬
‫قب�ل مقد ِم‬ ‫ِ‬
‫باملدين�ة َ‬ ‫ِ‬
‫الكري�ات‪ ،‬أنّ� ُه َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫اآلي�ات‬ ‫ِ‬
‫ه�ذه‬ ‫ِ‬
‫ن�زول‬ ‫«س�بب‬
‫ُ‬
‫تنرص يف اجلاهل ّي ِة‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان قدْ ّ َ‬ ‫اهب‪،‬‬‫الر ُ‬
‫عامر ّ‬‫يقال ل ُه أبو ٍ‬ ‫اخلزرج ُ‬
‫ِ‬ ‫رجل م َن‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ إليها ٌ‬
‫كبري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخلزرج ٌ‬ ‫رشف يف‬
‫ٌ‬ ‫فيه عباد ٌة يف اجلاهل ّي ِة‪ ،‬ول ُه‬
‫وكان ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫وقر َأ َ‬
‫علم ِ‬

‫وصارت لإلسال ِم‬


‫ْ‬ ‫املس�لمون ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واجتمع‬ ‫ِ‬
‫املدينة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ مهاجر ًا إىل‬ ‫فلا قد َم‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وظاهر هبا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وبارز بالعداوة؛‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عني أبو ٍ‬
‫عامر بريقه‬ ‫رشق ال ّل ُ‬
‫بدر؛ َ‬ ‫وأظهرهم اهلل يو َم ٍ‬ ‫كلم ٌة عالي ٌة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حرب‬ ‫فار ًا إىل ك ّف ِ‬
‫ار مكة من مرشكي قريش‪ ،‬يالئهم عىل‬ ‫وخرج ّ‬
‫َ‬
‫املس�لمني ما‬ ‫فكان م ْن ِ‬
‫أمر‬ ‫َ‬ ‫العرب‪ ،‬وقدموا عام ٍ‬
‫أحد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحياء‬ ‫وافقهم م ْن‬ ‫فاجتمع�وا بم ْن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ّقني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وكانت العاقب ُة للمت َ‬ ‫وامتحنهم اهلل ‪،D‬‬ ‫َ‬
‫كان‪،‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فوقع يف إحداه َّن‬
‫ني‪َ ،‬‬‫الص ّف ِ‬
‫بني ّ‬
‫حفائر في�ا َ‬
‫َ‬ ‫حفر‬
‫الفاس�ق قدْ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان ه�ذا‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[351/1‬‬


‫‪‬‬

‫صلوات‬
‫ُ‬ ‫وشج رأس ُه‬
‫َّ‬ ‫الس�فىل‪،‬‬
‫وكرت رباعيت ُه اليمنى ّ‬
‫ْ‬ ‫فجرح وجه ُه‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأصيب ذلك اليو َم‪،‬‬
‫َ‬
‫اهلل وسالمه ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫نرصه‪،‬‬ ‫واس�تاهلم إىل‬ ‫فخاطبهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫املبارزة إىل ِ‬
‫قومه م َن‬ ‫ِ‬ ‫عامر يف ّأو ِل‬
‫وتق�دّ َم أب�و ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫وموافقته‪.‬‬

‫عدو اهللِ‪ ،‬ونالوا من ُه‪ ،‬وس� ّبو ُه‪،‬‬


‫فاس�ق‪ ،‬يا َّ‬
‫ُ‬ ‫بك عين ًا يا‬
‫أنعم اهلل َ‬
‫فلا عرفوا كالم ُه قالوا‪ :‬ال َ‬
‫ّ‬
‫رش‪.‬‬
‫أصاب قومي بعدي ٌّ‬
‫َ‬ ‫وهو ُ‬
‫يقول‪ :‬واهلل لقدْ‬ ‫فرجع َ‬
‫َ‬
‫يس�لم‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬فأبى ْ‬ ‫ف�راره‪ ،‬وقر َأ ِ‬
‫عليه م َن‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ق�دْ دعا ُه إىل اهلل َ‬
‫قبل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫َ‬
‫يموت بعيد ًا طريد ًا‪ ،‬فنالته ِ‬
‫هذه الدّ عوةُ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫وترد‪ ،‬فدعا ِ‬
‫عليه‬
‫ُ‬ ‫ّ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ذهب إىل‬
‫وظهور؛ َ‬ ‫س�ول ﷺ يف ارتفا ٍع‬ ‫الر‬
‫أمر ّ‬
‫ّاس م ْن أحد‪ ،‬ورأى َ‬ ‫وذل�ك أنّ� ُه ّملا فر َغ الن ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مجاعة‬ ‫وكتب إىل‬
‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪ ،‬فوعد ُه‪ ،‬ومنّا ُه‪ ،‬وأقا َم عن�د ُه‪،‬‬ ‫الرو ِم يس�تنرص ُه عىل الن ِّ‬ ‫هرق�ل ملك ّ‬
‫يقاتل ِبه‬ ‫ٍ‬
‫بجيش ُ‬ ‫ّيهم أ ّن ُه س�يقد ُم‬
‫يعدهم‪ ،‬ويمن ْ‬‫ْ‬ ‫والر ِ‬
‫يب‬ ‫ِ‬
‫أهل النّفاق ّ‬ ‫ِ‬
‫األنصار م ْن ِ‬ ‫من ِ‬
‫قومه م َن‬ ‫ْ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬ويغلبه ويرده عا هو فيه‪ِ.‬‬ ‫َ‬
‫ُّ ّ َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ويكون‬ ‫كتبه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ألداء ِ‬ ‫ِ‬
‫عن�ده‬ ‫ال يق�دم عليهم ِ‬
‫فيه م ْن يق�د ُم م ْن‬ ‫أن يتّخ�ذوا ل ُه معق ً‬ ‫وأمره�م ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫عليهم بعدَ َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫مرصد ًا ل ُه إذا قد َم‬

‫ِ‬
‫خروج‬ ‫ملس�جد ٍ‬
‫قب�اء‪ ،‬فبنو ُه‪ ،‬وأحكمو ُه‪ ،‬وفرغ�وا من ُه قبل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫جماور‬ ‫ٍ‬
‫مس�جد‬ ‫فرشعوا يف ِ‬
‫بناء‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل َ‬
‫تبوك‪.‬‬

‫ليحتجوا بصالته‬‫ّ‬ ‫فيصيل يف مس�جدهم؛‬ ‫َّ‬ ‫إليهم‪،‬‬


‫ْ‬ ‫يت‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ْ‬
‫أن يأ َ‬ ‫َ‬ ‫وجاءوا‪ ،‬فس�ألوا‬
‫الش ِ‬
‫اتية‪.‬‬ ‫وأهل الع ّل ِة يف ال ّل ِ‬
‫يلة ّ‬ ‫ِ‬ ‫منهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للضعفاء ْ‬ ‫وإثباته‪ ،‬وذكروا ّأهن ْم إنّا بنو ُه ّ‬ ‫تقريره‬ ‫فيه عىل‬

‫‪.‬‬ ‫فيه َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫الة ِ‬‫فعصمه اهلل من الص ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫بعض يو ٍم؛ َ‬
‫نزل‬ ‫يبق بين ُه وبينها ّإال يو ٌم‪ْ ،‬أو ُ‬ ‫َ‬
‫تب�وك‪ ،‬ومل ْ َ‬ ‫ِ‬
‫املدينة م ْن‬ ‫قفل ﷺ راجع ًا إىل‬ ‫فل�ا َ‬
‫ّ‬
‫املؤمنني‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مجاعة‬ ‫بني‬
‫ّفريق َ‬ ‫الكفر والت ِ‬
‫ِ‬ ‫الرض ِار‪ ،‬وما اعتمد ُه بانو ُه م َن‬ ‫ِ‬
‫مس�جد ّ‬ ‫عليه جريل ِ‬
‫بخر‬
‫أس َس من أول يوم عىل التّقوى‪.‬‬
‫مسجدهم مسجد قباء الذي ّ‬
‫ْ‬ ‫يف‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫مقدمه املدين َة‪ ..‬فأنزل اهلل‪:D ،‬‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬
‫املس�جد م ْن هدم ُه َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إىل َ‬
‫ذلك‬ ‫َ‬
‫فبعث‬
‫(ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‪.(1)«)...‬‬

‫الرض ِار َ‬
‫حني اهنار»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫مسجد ّ‬ ‫«رأيت الدّ َ‬
‫خان م ْن‬ ‫ُ‬ ‫وعن جابر بن عبد اهلل ‪ L‬قال‪:‬‬

‫ُ‬
‫الرس�ول ﷺ‪ ،‬وك ّفن ُه‬ ‫فصىل عليه‬
‫ّ‬ ‫وملا رجع النبي ﷺ من غزوة َ‬
‫تبوك ّ َ‬
‫تويف ابن س�لول)‪،(3‬‬
‫بقميصه‪ ،‬هذا مع أذ ّيته لرسول اهلل ﷺ وللمؤمنني‪.‬‬
‫مات أبو ُه‪،‬‬
‫حني َ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫قال‪ :‬جاء عبدُ اهلل بن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬ ‫عمر ‪َ L‬‬ ‫ع�ن ِ‬
‫ِ‬
‫يب إىل الن ِّ‬
‫بن أ ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اب�ن َ‬
‫واستغفر ل ُه‪.‬‬ ‫وصل ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫قميصك أك ّفنه ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬أعطني‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫فأعطا ُه قميص ُه َ‬
‫وقال‪:‬‬
‫فأخرج فوضع ُه عىل‬
‫َ‬ ‫فأمر ِبه‪،‬‬
‫أدخل حفرت� ُه‪َ ،‬‬ ‫يب بعدَ ما َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عبدَ اهلل ب َن أ ٍّ‬ ‫فأت�ى‬
‫عليه من ِ‬
‫ريقه‪.‬‬ ‫ونفث ِ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ركبتيه‪،‬‬
‫ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وثبت ِ‬ ‫ُ‬
‫أتصيل عىل‬ ‫رسول اهلل‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ليصيل عليه ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فلا قا َم‬
‫عمر‪ّ :‬‬
‫قال ُ‬
‫قال يوم كذا وكذا‪ ،‬كذا وكذا؟! أعدّ د ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه قول ُه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يب‪ ،‬وقدْ َ َ‬ ‫ابن أ ٍّ‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فتبس َم‬
‫ّ‬
‫قال‪:‬‬ ‫أكثرت ِ‬
‫عليه َ‬ ‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬
‫انرصف‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫فصىل ِ‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ َّ‬ ‫عليه‬
‫ِ‬
‫اآليتان م ْن براءةٌ‪( :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫يمكث ّإال يس�ري ًا حتّى ْ‬
‫نزلت‬ ‫ْ‬ ‫فلم‬
‫ْ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [التوبة‪.[84 :‬‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري [‪.[185/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه احلاكم [‪ ،]8763‬وصححه ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫وذلك يف ذي القعدة سن َة تسع‪.‬‬
‫َ‬ ‫منرصفهم م ْن َ‬
‫تبوك‬ ‫ْ‬ ‫مات بعدَ‬
‫)‪ (3‬وقد َ‬
‫‪‬‬

‫أعلم)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬


‫فعجبت بعدُ م ْن جرأيت عىل رسول اهلل ﷺ يومئذ‪ ،‬واهلل ورسول ُه ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫وص�ىل ِ‬
‫عليه إجرا ًء ل� ُه عىل ظاهر‬ ‫ّ‬ ‫عمر‬
‫ّبي ﷺ بق�ول َ‬ ‫«وإنّا مل ْ يأخ�ذ الن ُّ‬
‫قت صالحيته‪،‬‬ ‫لظاهر احلكم‪ ،‬وملا ِ‬
‫فيه م ْن إكرام ولده ا ّلذي حت ّق ْ‬ ‫ِ‬ ‫حكم اإلسالم‪ ،‬واستصحاب ًا‬
‫لقومه‪ ،‬ودفع املفسدة»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ومصلحة االستئالف‬
‫لكال شفقته عىل م ْن تع ّل َق‬‫ِ‬ ‫يب ما َ‬
‫فعل؛‬ ‫مع عبد اهلل بن أ ٍّ‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫«إنّا َ‬
‫فعل الن ّ‬
‫ف قومه م ْن اخلزرج‬ ‫ولتطيي�ب قلب ولده عبد اهلل الرجل الصالح‪ ،‬ولتأ ّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بط�رف م َن الدّ ين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وترك الصالة ِ‬ ‫ِ‬
‫الرصيح؛ َ‬
‫لكان‬ ‫قب�ل ورود النّهي ّ‬ ‫عليه َ‬ ‫َ ّ‬ ‫جيب س�ؤال ابنه‬‫فلو مل ْ ْ‬
‫فيه�م‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫لرياس�ته‬
‫هني فانتهى»)‪.(3‬‬ ‫أن َ‬‫السياسة إىل ْ‬ ‫ِ‬
‫األمرين يف ّ‬ ‫َ‬
‫فاستعمل أحسن‬ ‫س ّب ًة عىل ابنه‪ ،‬وعار ًا عىل قومه‪،‬‬
‫أرس‬ ‫وقيل‪ :‬إنّا أعطاه قميصه مكافأة ِ‬
‫لعبد اهلل املنافق امل ّيت؛ أل ّن ُه َ‬
‫حني َ‬ ‫اس َ‬ ‫ألبس الع ّب َ‬
‫كان َ‬ ‫ُ‬
‫ألبس عبدَ اهلل قميص ُه مكافأ ًة ملا‬
‫ّبي ﷺ َ‬ ‫«فريون َّ‬
‫أن الن َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سفيان بن عيينة‪:‬‬ ‫يوم بدر قميص ًا‪َ .‬‬
‫قال‬
‫صنع»)‪.(4‬‬
‫َ‬

‫بي�ان عظي ِم م�كارم أخالق الن ِّ‬


‫ّب�ي ﷺ؛ فقدْ‬ ‫وق�ال الن�ووي ‪« :V‬ويف ه�ذا احلديث‪ُ :‬‬
‫وصىل ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كان م ْن هذا املنافق م ْن اإليذاء‪ ،‬وقابل ُه باحلس�نى‪ ،‬فألبس� ُه قميص ًا كفن ًا‪،‬‬
‫علم ما َ‬
‫َ‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [القلم‪.(5)«[4 :‬‬ ‫واستغفر ل ُه‪َ .‬‬
‫َ‬
‫«من كان مظهر ًا لإلسالم فإنه جتري عليه أحكام اإلسالم الظاهرة‪:‬‬
‫من املناكحة واملوارثة‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬لكن من علم منه النفاق والزندقة؛ فإنه ال جيوز ملن علم‬
‫ذلك منه الصالة عليه وإن كان مظهر ًا اإلسالم‪ ،‬فإن اهلل هنى نبيه عن الصالة عىل املنافقني‪.‬‬
‫فتجوز الصال ُة عليه إذا كان ظاهره اإلسالم»)‪.(6‬‬
‫ُ‬ ‫وأما من َّ‬
‫شك يف حاله؛‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]1269‬ومسلم [‪.[2774‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[336/8‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[336/8‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[1350‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[167/15‬‬
‫)‪ (6‬الفتاوى الكرى [‪ ]19-17 / 3‬باختصار‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وكان م�ن الذي�ن خت ّلفوا عن غزوة تبوك‪ ،‬وكان يث ّب ُط َ‬


‫الناس عن اخلروج‪ ،‬وكان عمري بن‬
‫سعيد يتي ًا يف حجره‪ ،‬وأمه َ‬
‫حتت اجلالس‪ ،‬وكان يكفله‪ ،‬وحيس ُن إليه‪.‬‬
‫فسمعه وهو يقول‪ :‬واهلل‪ ،‬لئن كان حممد صادق ًا لنحن رش من احلمري!‬
‫أحب الناس إ َّيل‪ ،‬وأحس�نهم عندي أثر ًا‪ ،‬وأعزهم‬
‫كنت َّ‬
‫فق�ال له عمري‪ :‬يا ج�الس‪ ،‬لقد َ‬
‫قلت مقال ًة لئن ذكرهتا لتفضحنّك‪ ،‬ولئن كتمتها‬
‫ع�يل أن يدخ�ل عليه يش ٌء نكرهه؛ واهلل لقد َ‬
‫عيل من األخرى!‬ ‫ُ‬
‫أهون َّ‬ ‫ألهلك َّن‪ ،‬وإحدامها‬
‫النبي ﷺ إىل اجلالس‪ ،‬فس�أله ع�ا قال عمري‪.‬‬ ‫َ‬
‫فبع�ث ُّ‬ ‫فذك�ر للنب�ي ﷺ مقال� َة اجلالس‪،‬‬
‫عمري»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قلت ما قال‬
‫عمري‪ ،‬وما ُ‬
‫ٌ‬ ‫عيل‬
‫فحلف اجلالس باهلل لرسول اهلل ﷺ‪« :‬لقد كذب َّ‬
‫فتب إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ول�وال أن ينزل قرآن‪ ،‬فيجعلني معك ما‬
‫فق�ال عم�ري‪« :‬بىل واهلل قلته‪ْ ،‬‬
‫قلته»‪.‬‬
‫يتحرك أحدٌ ‪.‬‬
‫الوحي إىل رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فسكتوا ال ّ‬
‫ُ‬ ‫فجاء‬
‫الوحي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يتحركون إذا نزل‬
‫وكذلك كانوا يفعلون ال ّ‬
‫فرف�ع ع�ن رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فق�ال‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [التوبة‪.[74 :‬‬
‫أتوب»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عيل التوب َة‪ ،‬فأنا‬
‫فقال اجلالس‪« :‬قد قلته‪ ،‬وقد عرض اهلل َّ‬
‫يمتنع عن ٍ‬
‫خري كان يصنعه إىل عمري بن سعيد‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وحسنت توبته‪ ،‬ومل‬
‫ْ‬ ‫فاعرتف بذنبه‪،‬‬
‫َ‬
‫قال عروة‪ :‬فا زال عمري يف علياء بعد هذا حتى مات)‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬ه�ذه القص�ة رواها ابن جرير الط�ري [‪ ،]361/14‬وعبد ال�رزاق يف املصنف [‪ ]1830‬عن ع�روة ابن الزبري‬
‫مرسلة‪ ،‬وقال ابن عبد الر‪« :‬وقصته مشهورة يف التفاسري»‪ .‬االستيعاب [‪.[79 / 1‬‬
‫‪‬‬

‫ومن مراس�يل ابن س�ريين قال‪ :‬ملا نزلت هذه اآلية‪ :‬أخذ النبي ﷺ بأذن عمري وقال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫وقد استعمل عمر بن اخلطاب عمري بن سعيد هذا عىل محص‪ ،‬ومات عمري هذا بالشام‪،‬‬
‫أس�تعني ب�ه عىل أعال‬
‫ُ‬ ‫«وددت ل�و أن يل رج ً‬
‫ال مثل عمري‬ ‫ُ‬ ‫وكان عم�ر ب�ن اخلط�اب يق�ول‪:‬‬
‫املسلمني»)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫القس�مة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ناس� ًا يف‬ ‫آثر‬ ‫ٍ‬ ‫عب�د اهلل ابن مس�عود َ‬
‫ق�ال‪ّ :‬ملا َ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫حنني َ‬ ‫كان يو ُم‬ ‫ْ‬
‫ذلك‪ ،‬وأعطى أناس ًا من أرشافِ‬ ‫مثل َ‬ ‫ِ‬
‫اإلبل‪ ،‬وأعطى عيين َة َ‬ ‫ٍ‬
‫حابس مائ ًة م ْن‬ ‫األقرع ب َن‬ ‫فأعطى‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القسمة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ يف‬ ‫وآثرهم‬ ‫ِ‬
‫العرب‪،‬‬
‫ْ‬
‫عدل فيها وما أريدَ فيها وج ُه اهلل‪.‬‬ ‫إن ِ‬
‫هذه لقسم ٌة ما َ‬ ‫فقال ٌ‬
‫رجل‪ :‬واهلل َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ألخرن‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫فأتيت ُه فأخرت ُه با َ‬
‫قال‪.‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ّيت ّأين مل ْ أذك�ر ُه ل ُه‪َ .‬‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫وامحر وجه ُه حتّى تن ُ‬
‫َّ‬ ‫ذلك غضب ًا ش�ديد ًا‬
‫فغض�ب م ْن َ‬
‫َ‬
‫إن مل ْ ْ‬
‫يعدل اهلل ورسوله‪.‬‬ ‫فم ْن ُ‬
‫يعدل ْ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫ّأس بم ْن مىض م َن النّظراء‪.‬‬ ‫فح ِ‬


‫عن األذى‪ ،‬والت ّ‬ ‫والص ُ‬ ‫اإلعراض ِ‬
‫عن اجلاهل‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫وس�مع‬
‫َ‬ ‫املنافقني ا ّلذي َن آذو ُه‪،‬‬
‫َ‬ ‫مع غريه م َن‬ ‫ِ‬
‫املنافق مس�لكه َ‬ ‫س�لك النبي ﷺ مع هذا‬‫َ‬ ‫وقد‬
‫لغريهم‪ّ ،‬‬
‫لئال يتحدّ ث‬ ‫ْ‬ ‫النقيادهم وتأليف� ًا‬
‫ْ‬ ‫ر اس�تبقا ًء‬
‫منه�م يف غ�ري موطن ما كره ُه‪ ،‬لكنّ ُه ص َ‬
‫ْ‬
‫النّاس أ ّن ُه يقتل أصحابه فينفروا‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه عبد الرزاق [‪.[18304‬‬


‫)‪ (2‬أسد الغابة [‪.[873/ 1‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]3405‬ومسلم [‪ ]1062‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ون َ‬
‫ذلك‬ ‫ذلك فيتل ّق َ‬
‫ومع َ‬
‫فيهم‪َ ،‬‬
‫ليس ْ‬‫فيهم ممّا َ‬
‫يغضبهم ما يقال ْ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫أن أه�ل الفضل قدْ‬
‫ّبي ﷺ اقتدا ًء بموسى ‪.(1)S‬‬ ‫بالص ِر‪ ،‬واحللم كا َ‬
‫صنع الن ّ‬ ‫ّ‬
‫ﷺ‬

‫النبي ﷺ‪ ،‬ولك َّن خفا َء أسائهم‬


‫وقد سبق معنا أن أساء بعض املنافقني كانت ختفى عىل ِّ‬
‫والنبي ﷺ إ ّما بأعياهنم‪ ،‬أو‬
‫ِّ‬ ‫ال يعن�ي خفا َء عالماهتم وصفاهت�م‪ ،‬بل هم معروفون للصحابة‬
‫بعالماهتم‪.‬‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ) [حممد‪.[30 :‬‬
‫َ‬
‫ألريناك أش�خاصهم‪ ،‬فعرفتهم‬ ‫«يقول تعاىل‪ :‬ولو نش�اء ي�ا حممد‬
‫عيان� ًا‪ .‬ولكن مل يفعل تعاىل ذلك يف مجيع املنافقني؛ س�رت ًا منه ع�ىل خلقه‪ ،‬ومح ً‬
‫ال لألمور عىل‬
‫ظاهر السالمة‪ ،‬ور ّد ًا للرائر إىل عاملها‪.‬‬
‫(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ)‪ ،‬أي‪ :‬في�ا يبدو من كالمهم‪ ،‬ال�دال عىل مقاصدهم‪ ،‬يفهم‬
‫أي احلزبني هو‪ ،‬بمعاين كالمه‪ ،‬وفحواه‪ ،‬وهو املراد من ِ‬
‫حلن القول»)‪.(2‬‬ ‫املتكلم من ِّ‬
‫‪‬‬

‫ومن ذلك قول عبد اهلل بن مسعود ‪ I‬وهو يتحدّ ُ‬


‫ث عن صالة اجلاعة‪« :‬ولقدْ رأيتنا‬
‫منافق معلوم الن ِ‬
‫ّفاق»)‪.(3‬‬ ‫ف عنها ّإال ٌ‬
‫وما يتخ ّل ُ‬
‫ُ‬
‫«فطفقت إذا‬
‫ُ‬ ‫وق�ول كع�ب ب�ن مالك ‪ I‬وه�و حيكي قص�ة ختلفه عن غ�زوة تب�وك‪:‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ حيزنني ّأين ال أرى يل أسو ًة ّإال رج ً‬
‫ال مغموص ًا‬ ‫ِ‬
‫خروج‬ ‫خرجت يف الن ِ‬
‫ّاس بعدَ‬ ‫ُ‬
‫ال ممن عذر اهلل من الض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عفاء)‪.(4‬‬ ‫ْ ّ‬ ‫عليه يف النّفاق‪ْ ،‬أو رج ً ّ ْ َ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬فتح الباري [‪.[512/10[ ،]56/8‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري [‪.[321/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[654‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]4418‬ومسلم [‪.[2769‬‬
‫‪‬‬

‫مغموص ًا‪ :‬أي مطعون ًا ِ‬


‫عليه يف دينه متّه ًا بالن ِ‬
‫ّفاق)‪.(1‬‬ ‫ْ‬
‫ظاهر يف معرفة الصحابة هلؤالء املنافقني بصفاهتم‪ ،‬ومواقفهم‪ ،‬وحلن قوهلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فإنه‬
‫وهذا من تام حكمة اهلل‪ ،‬بأن بقي األمر مربوط ًا بصفات وعالمات حتى حيذرها املؤمن‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ومكان‪.‬‬ ‫وخيافها يف كل زمان‬
‫وم�ن تأ ّمل صف�ات املنافق�ني املوجودة يف س�ور‪ :‬التوب�ة‪ ،‬واملنافقني‪ ،‬والن�ور‪ ،‬والبقرة‪،‬‬
‫الس�ور؛ لوجده�ا موج�ودة يف كث�ري م�ن الكتّ�اب‪،‬‬
‫والنس�اء‪ ،‬واألح�زاب‪ ،‬وغريه�ا م�ن ّ‬
‫والصحف ّي�ني‪ ،‬واملم ّثل�ني الذي�ن يتكلم�ون اآلن ع�ىل املأل‪ ،‬نج�د يف مقاالهت�م وترصحياهتم‬
‫وتلميحاهتم نفس كالم املنافقني األولني‪( ،‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [حممد‪.[30 :‬‬
‫ﷺ‬
‫ •‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ق�ال الن ُّ‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫)‪.(2‬‬
‫«وإنا ثقلت هاتان الصالتان يف املس�اجد عىل املنافقني أكثر من غريمها‬
‫م�ن الصلوات؛ ألن املنافني كا وصفه�م اهلل يف القرآن‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ُ‬
‫ينش�ط للعم�ل إذا رآه‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [النس�اء‪ ،[142 :‬واملرائ�ي إن�ا‬
‫النّاس‪ ،‬فإذا مل يشاهدوه ثقل ِ‬
‫عليه العمل‪.‬‬ ‫ْ‬
‫كان يغل�س بالفجر غالب ًا‪،‬‬
‫يصيل هات�ني الصالتني يف الظ�الم‪ ،‬فإنه َ‬
‫ّب�ي ﷺ ّ‬ ‫وق�د َ‬
‫كان الن ُّ‬
‫فلم يكن حي�رض مع ُه هاتني‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫مصب�اح‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫حينئذ‬ ‫ويؤخ ُ�ر العش�اء اآلخ�رة‪ ،‬ومل يكن يف مس�جده‬
‫حيتس�ب األجر يف ش�هودمها‪ ،‬فكان املنافقون يتخلفون عنها‪ ،‬ويظنّون‬
‫ُ‬ ‫الصالتني إال مؤم ٌن‬
‫ّبي ﷺ«)‪.(3‬‬ ‫أن َ‬
‫ذلك خيفى عىل الن ِّ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[163/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]657‬ومسلم [‪.[651‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري البن رجب [‪.[23 / 5‬‬
‫‪‬‬

‫ •‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬

‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫بقرنيه عند‬ ‫هو عىل حقيقت�ه وظاهر لفظه‪ ،‬واملرا ُد أنّ� ُه حياذهيا‬ ‫َ‬
‫قيل‪َ :‬‬
‫َ‬
‫�اجدون‬ ‫الس‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ألن الك ّفار‬
‫غروهبا‪ ،‬وكذا عند طلوعها؛ َّ‬
‫ليكون ّ‬ ‫حينئذ‪ ،‬فيقارهنا؛‬ ‫يس�جدون هلا‬
‫َ‬
‫يسجدون ل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وألعوانه ّأهن ْم إنّا‬ ‫ِ‬
‫لنفسه‬ ‫الساجدي َن ل ُه‪ ،‬وخي ّي ُل‬
‫هلا يف صورة ّ‬
‫علو ُه وارتفاعه وس�لطانه وتس� ّلطه وغلبته‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫هو عىل املجاز‪ ،‬واملراد بقرنه وقرنيه‪ّ :‬‬
‫وقي�ل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫كمدافعة ذوات‬ ‫هلم ع ْن تعجيله�ا‬ ‫ِ‬
‫بتزيني ّ‬ ‫وأعوان�ه‪ ،‬ومعن�ا ُه َّ‬
‫الش�يطان ومدافعته ْ‬ ‫أن تأخريها‬
‫األول)‪.(2‬‬
‫والصحيح ّ‬
‫القرون ملا تدفع ُه‪ّ .‬‬
‫ •‬
‫ّب�ي ﷺ أنه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ب�ن ٍ‬
‫عمرو ‪ِ L‬‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫عن الن ِّ‬ ‫ْ‬

‫)‪.(5)«(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[622‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[124/5‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]33‬ومسلم [‪.[59‬‬
‫ِ‬ ‫امليل ِ‬
‫عن القصد‪ .‬رشح النووي عىل‬ ‫ِ‬
‫الفجور ُ‬ ‫ُ‬
‫وأصل‬ ‫ِ‬
‫أهل ال ّلغة‪:‬‬
‫قال ُ‬
‫والكذب‪َ .‬‬ ‫َ‬
‫الباطل‬ ‫احلق‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫مال ِ‬
‫عن ِّ‬ ‫أي‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫)‪ْ (4‬‬
‫صحيح مسلم [‪.[48/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ]2459‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم [‪.[58‬‬
‫‪‬‬

‫ •‬
‫ّبي ﷺ أن�ه َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫ع�ن الن ِّ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫املعائب‬ ‫مع الت ّّنز ِه ِ‬
‫عن‬ ‫احلني‪َ ،‬‬
‫الص َ‬ ‫بزي ّ‬ ‫طرق ِ‬
‫اخلري‪ ،‬والتّز ّيي ِّ‬ ‫أي‪ :‬حتري ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫والباطنة‪.‬‬ ‫ال ّظ ِ‬
‫اهرة‪،‬‬
‫يتدارس‬ ‫أورث اخلش�ي َة والتّقوى‪ ،‬وأ ّم�ا ا ّلذي‬
‫َ‬ ‫ين ما‬ ‫حقيق� ُة ِ‬
‫الفقه يف الدّ ِ‬
‫ُ‬
‫دون ِ‬
‫قلبه)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫بلسانه َ‬ ‫ألن الفق َه تع ّل َق‬ ‫بمعزل عن الر ِ‬
‫تبة العظمى؛ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ليتعز َز ِبه ويتأك َّل ِبه فإ ّن ُه‬
‫أبواب ًا من ُه ّ‬
‫ْ ّ‬
‫ •‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫عم�ر ‪ِ L‬‬
‫عن الن ِّ‬ ‫َ‬ ‫ع�ن ِ‬
‫ابن‬ ‫ِ‬
‫)‪.(3‬‬
‫وهي ا ّلتي تطلب الفحل‬ ‫ِ‬
‫قطيعني م َن الغن�م‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬املرت ّددة بني‬ ‫ق�ال الس�ندي‪» :‬‬
‫املرشكني‬ ‫ومع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫املؤمنني بظاه�ره‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫مع‬
‫مع إحدامه�ا‪ ،‬واملنافق َ‬ ‫تس�تقر َ‬
‫ّ‬ ‫قطيعني‪ ،‬وال‬ ‫فت�رت ّدد بني‬
‫الرجول ّية ع ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة َ‬
‫تل�ك ّ‬ ‫ِ‬
‫بباطن�ه تبع� ًا هلوا ُه وعرضه الفاس�د‪،‬‬
‫الش�اة‪ ،‬وفيه س�لب ّ‬ ‫فص�ار‬
‫َ‬
‫املنافقني»)‪.(4‬‬
‫َ‬
‫وصفات املنافقني الذميمة كثرية‪ ،‬وسورة التوبة مليئة بفضائحهم وصفاهتم التي كشفها‬
‫ِ‬
‫للحذر منهم‪ ،‬ومنها‪.‬‬ ‫اهلل للمؤمنني؛‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫بصوت رفي ٍع)‪َ (5‬‬ ‫ر‪ ،‬فنادى‬ ‫ُ‬ ‫عمر ‪َ L‬‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ املن َ‬ ‫قال‪ :‬صعدَ‬ ‫بن َ‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]2684‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3229‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[378/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2784‬‬
‫)‪ (4‬مرقاة املفاتيح رشح مشكاة املصابيح [‪.[130/1‬‬
‫أي‪ٍ :‬‬
‫عال‪.‬‬ ‫)‪ْ (5‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫قال تع�اىل‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ِ‬


‫منزله خمفي ًا م� َن الن ِ‬
‫ّاس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وس�ط‬ ‫ول�و َ‬
‫كان يف‬ ‫أي‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ)‬
‫[النور‪.[19 :‬‬

‫قال‪ :‬أمرنا بالص ِ‬


‫دقة‪ ،‬وكنّا نحامل عىل ظهورنا)‪.(3‬‬ ‫ٍ‬
‫مسعود البدري َ‬ ‫ما ثبت ع ْن أيب‬
‫ّ‬
‫أكثر من ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فتصدّ َق أبو‬
‫إنسان بيشء َ‬ ‫بنصف صاعٍ‪ ،‬وجا َء‬ ‫عقيل‬

‫فنزلت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫اآلخر ّإال ري�ا ًء‪،‬‬ ‫فعل ه�ذا‬ ‫ِ‬
‫صدق�ة هذا‪ ،‬وما َ‬ ‫لغن�ي ع ْن‬ ‫املنافق�ون‪َّ :‬‬
‫إن اهللَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فق�ال‬
‫ُ‬ ‫ٌّ‬
‫(ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [التوبة‪.(4)[79 :‬‬
‫القليل بأن اهلل غني عن صدقته‪ ،‬وفيمن أعطى الكثري بأ ّنه ٍ‬
‫مراء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فتك ّلموا فيم ْن أعطى‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫والبهتان‪ ،‬دائا يشكّكون‪ ،‬ويطعنون يف نوايا‬ ‫بالز ِ‬
‫ور‬ ‫هكذا املنافقون دأهبم ّاهتام املؤمنني ّ‬
‫ٍ‬
‫مش�بوهة‪ ،‬كا نرى اآلن يف‬ ‫ٍ‬
‫أغراض‬ ‫ِ‬
‫بوجود‬ ‫خريي‪ ،‬فيتّهموهنم‬ ‫كل م�ن يقوم ع�ىل مرشو ٍع‬ ‫ِّ‬
‫ٍّ‬
‫اجلرائد ال ّطع� َن يف القائمني عىل األع�ال اخلري ّي ِة وملزهم؛ ذل�ك ألن املنافقني ال‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كث�ري م�ن‬
‫حي ّب�ون اخل�ري‪ ،‬وال حيبون قيام أعال اخلري وتناميها؛ لذا فهم يش�كّكون يف القائمني عليها‪،‬‬
‫املصالح احلكوم ّي ِة‪ ،‬أم يف ِ‬
‫غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املدارس‪ ،‬أم يف‬ ‫ِ‬
‫املس�اجد‪ ،‬أم يف‬ ‫س�وا ٌء كانت هذه األعال يف‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ّعييب‪.‬‬ ‫وهو الت ُ‬


‫ّوبيخ والت ُ‬ ‫)‪ (1‬م َن الت ِ‬
‫ّعيري‪َ ،‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7985‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪،]2032‬‬
‫تلك األجرة‪ْ ،‬أو نتصدّ ق هبا ك ّلها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باألجرة‪ ،‬ونتصدّ ق م ْن َ‬ ‫)‪ (3‬معنا ُه‪ :‬نحمل عىل ظهورنا‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ،]4668‬ومسلم [‪.[1018‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ يوم ًا‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫عيل الن ُّ‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫دخل َّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫‪.‬‬

‫املنافقني)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫رجلني م ْن‬ ‫قال ال ّل ُ‬
‫يث بن سعد‪ :‬كانا‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املدينة‬ ‫ق�رب‬ ‫فلا َ‬
‫كان‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وع� ْن جاب�ر بن عبد اهلل ‪َّ L‬‬
‫َ‬ ‫س�فر‪ّ ،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ قد َم م ْن‬ ‫أن‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫اكب)‪ ،(2‬فقال‬
‫الر َ‬ ‫ريح شديد ٌة تكا ُد ْ‬
‫أن تدف َن ّ‬ ‫هاجت ٌ‬
‫ْ‬
‫)‪.(3‬‬

‫مات)‪.(4‬‬
‫املنافقني قدْ َ‬
‫َ‬ ‫عظيم م َن‬
‫ٌ‬ ‫فلا قد َم املدين َة فإذا ٌ‬
‫منافق‬ ‫ّ‬
‫ف�ات يف ذل�ك اليوم زيد بن رفاعة وه�و من منافقي اليهود‪ ،‬كان م�ن عظاء بنى قينقاع‬
‫وأسلم ظاهر ًا‪.‬‬

‫فوضعت يدي‬
‫ُ‬ ‫ال موع�وك ًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ رج ً‬ ‫مع‬ ‫وعن س�لمة ب�ن األكوع َ‬
‫ق�ال‪ :‬عدنا َ‬
‫حر ًا‪.‬‬ ‫رأيت كاليو ِم رج ً‬ ‫ِ‬
‫ال أشدَّ ّ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل ما ُ‬
‫ُ‬ ‫عليه‪،‬‬

‫نبي اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فق�ال ُّ‬
‫ِ‬
‫أصحابه)‪.(6‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ م ْن‬ ‫ِ‬
‫لرجلني‬ ‫)‪،(5‬‬

‫والصحب� َة‪ ،‬ال ّأهنا ممّ� ْن نالت ُه‬


‫«س�امها م� ْن أصحابه إلظهارمها اإلس�ال َم ّ‬
‫ّ‬
‫الصحبة»)‪.(7‬‬
‫فضيلة ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[6068‬‬


‫أي‪ :‬تغ ّيب ُه ع ْن النّاس‪ ،‬وتذهب ِبه لشدّ هتا‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫ملوته وراحة البالد والعباد به‪ِ.‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬عقوبة له وعالمة ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2782‬‬
‫ِ‬
‫منرصفني‪.‬‬ ‫أي‪ :‬املو ّل ِيني أقفيتها‬ ‫)‪ِ (5‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[2783‬‬
‫)‪ (7‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[128/17‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫لرجل مم ّ ْن مع ُه‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ر‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ومن ذلك‪ :‬ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬شهدنا خي َ‬
‫‪.‬‬ ‫يدّ عي اإلسال َم)‪:(1‬‬
‫كثرت ِبه اجلراح ُة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫القتال حتّى‬ ‫الر ُ‬
‫جل أشدَّ‬ ‫القتال َ‬
‫قاتل ّ‬ ‫ُ‬ ‫حرض‬
‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫أهل الن ِّار فإ ّن ُه قدْ َ‬
‫قاتل اليو َم قتاالً شديد ًا‪ ،‬وقدْ‬ ‫قلت ل ُه إ ّن ُه م ْن ِ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬ا ّلذي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقيل‪ :‬يا‬
‫مات‪.‬‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫يمت‪ ،‬ولك َّن ِبه‬ ‫ذلك إ ْذ َ‬
‫قيل‪ :‬إنّ� ُه مل ْ ْ‬ ‫هم ع�ىل َ‬
‫يرتاب‪ ،‬فبينا ْ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫بعض الن ِ‬
‫ّ�اس ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪ :‬ف�كا َد ُ‬
‫جراح ًا شديد ًا‪.‬‬
‫اجلراح َ‬
‫فقتل نفس ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ر عىل‬ ‫كان م َن ال ّل ِ‬
‫يل مل ْ يص ْ‬ ‫فلا َ‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫بذلك َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫ر الن ُّ‬
‫فأخ َ‬
‫أمر ب�الالً‪ ،‬فنادى بالن ِ‬
‫ّاس‪:‬‬ ‫ث�م َ‬
‫َّ‬
‫)‪.(2‬‬

‫يقلص عن ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ جالس ًا يف ِّ‬


‫ُ‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫عن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ظل حجرته‪ ،‬قدْ كا َد ُ‬ ‫«كان‬

‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ألصحابه‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫فجا َء ٌ‬
‫رجل ُ‬
‫أزرق)‪.(3‬‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ دعا ُه َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫فلا رآ ُه الن ُّ‬
‫ّ‬
‫هبم!!‬ ‫أنت حتّى َ‬
‫آتيك ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬كا َ‬

‫املنافقني‪ .‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[123/2‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان م ْن‬ ‫)‪ (1‬اسمه قزمان‪،‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]4204‬ومسلم [‪.[111‬‬
‫لئيا‪.‬‬
‫)‪ (3‬قال حممود شاكر‪ :‬إذا قيل‪« :‬رجل أزرق»‪ ،‬فإنا يعنون زرقة العني‪ ،‬وكانت العرب تتشاءم باألزرق‪ ،‬وتعدّ ه ً‬
‫تفسري الطري [‪.[363 / 14‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫وأنزل اهلل ‪( :D‬ﯤ‬ ‫َ‬
‫حيلفون باهلل ما قالوا‪ ،‬وما فعلوا‪،‬‬ ‫هبم فجعلوا‬
‫فذهب‪ ،‬فجا َء ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫آخر ِ‬
‫اآلية)‪.(1‬‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‪[ )...‬املجادلة‪ [18 :‬إىل ِ‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫بن بريد َة عن ِ‬
‫أبيه ‪َ I‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫‪.(2)«D‬‬
‫ّعظيم‪.‬‬
‫يستحق الت َ‬
‫ُّ‬ ‫أي‪ :‬أغضبتمو ُه؛ أل ّن ُه يكون تعظي ًا ل ُه‪َ ،‬‬
‫وهو مم ّ ْن ال‬ ‫‪ْ :‬‬
‫كم)‪.(3‬‬
‫أسخطتم ر ّب ْ‬
‫ْ‬ ‫عليكم طاعته‪ ،‬فإذا أطعتمو ُه فقدْ‬
‫ْ‬ ‫فتجب‬
‫ُ‬ ‫يك س ّيد ًا ْ‬
‫لكم‬ ‫إن ُ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪ :‬معنا ُه‪ْ :‬‬
‫فحالكم دون‬
‫ْ‬ ‫وهو منافق‪،‬‬
‫دكم َ‬ ‫إن َ‬
‫كان س ّي ْ‬ ‫ِ‬
‫للمنافق س ّيد فإ ّن ُه ْ‬ ‫َ‬
‫وقال ابن األثري‪« :‬ال تقولوا‬
‫لكم َ‬
‫ذلك»)‪.(4‬‬ ‫حاله‪ ،‬واهلل ال يرىض ْ‬

‫عارش عا ّم َة املس�لمني يف أح�كام الدنيا‪ ،‬ولكنه مل يأت ْن‬


‫َ‬ ‫املنافقني كا‬
‫َ‬ ‫عارش‬
‫َ‬ ‫فالرس�ول ﷺ‬
‫أحد ًا منهم عىل مصالح األمة يف وظائفهم العا ّمة‪ ،‬فلم يسندْ إليهم جباي َة األموال‪ ،‬وال اإلمار َة‬
‫يف احلرب‪ ،‬وال القضا َء بني الناس‪ ،‬وال اإلمامة يف الصالة‪ ،‬وال غري ذلك من الوظائف‪.‬‬
‫والس�بب يف ذلك أهنم يكفرون باهلل ورس�وله‪ ،‬وحياربون اهلل ورسوله واملؤمنني‪ ،‬يضاف‬
‫فقدهم األمان َة التي هي أحدُ أسس الواليات عىل املسلمني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إىل ذلك‬

‫ﷺ‬ ‫ِ‬
‫اليان َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫وائل ع ْن حذيف َة ِ‬
‫بن‬ ‫ع ْن أيب ٍ‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]3267‬وقال ابن كثري يف تفسريه [‪« :]53/8‬إسناده جيد»‪ ،‬وصحح الشيخ أمحد شاكر إسناده‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ]4977‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (3‬عون املعبود [‪.[3009 /7‬‬
‫)‪ (4‬النهاية [‪.[418/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪.[7113‬‬
‫‪‬‬

‫قوهلم‪ ،‬فال يتعدّ ى‬


‫ْ‬ ‫ي�ر َ‬
‫ون‬ ‫املاضني كانوا ّ‬
‫َ‬ ‫قبلهم َّ‬
‫ألن‬ ‫ْ‬ ‫رش ًا مم ّ ْن‬
‫«إنّ�ا كانوا ّ‬
‫غريهم»)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫هم إىل‬
‫رش ْ‬
‫ّ‬
‫يرصحوا‬
‫�م مل ْ ّ‬ ‫َ‬
‫أولئك‪ ،‬غري ّأهن ْ‬ ‫ال�رش ما مل ْ يظه�ر‬
‫�م أظهروا م َن ّ ّ‬
‫أرا َد ّأهن ْ‬
‫يعرفون ِبه»)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫بأفواههم‪ ،‬فكانوا‬
‫ْ‬ ‫ّفث يلقون ُه‬‫هو الن ُ‬ ‫ِ‬
‫بالكفر‪ ،‬وإنّا َ‬
‫«ويش�هد ملا َ‬
‫قال ابن ب ّطال ما أخرج ُه ّ‬
‫الب�زار)‪ (3‬م ْن طريق عاصم ع ْن أيب‬
‫«قلت حلذيف َة‪ :‬النّفاق اليوم ّ‬
‫رش أ ْم عىل عهد رسول اهلل ﷺ؟‬ ‫ُ‬ ‫وائل‬
‫َ‬
‫يس�تخفون عىل‬ ‫ظاهر‪ّ ،‬إهن ْم كانوا‬ ‫ه�و اليوم‬ ‫ِ‬
‫بي�ده عىل جبهته‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫وقال‪ :‬أو ُه‪َ ،‬‬ ‫فرضب‬
‫َ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫عهد رسول اهلل ﷺ«‪.‬‬
‫بأخطر‬
‫َ‬ ‫قط‪ ،‬يف ماضيه�ا‪ ،‬وال حارضه�ا‪ ،‬وال يف مس�تقبلها‬ ‫فل�م َ‬
‫تبت�ل األ ّم� ُة اإلس�الم ّي ُة ُّ‬
‫وأكثر خطر ًا‪ ،‬وأدو ُم مصيب ًة عىل اإلس�الم‬ ‫أعظ�م رضر ًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النفاق واملنافق�ني‪ ،‬فاملنافقون‬ ‫م�ن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واملس�لمني من إخواهن�م الكافرين؛ ألهنم من بن�ي جلدتنا‪ ،‬ويتك ّلمون بألس�نتنا‪ ،‬ويرفعون‬
‫ش�عاراتنا‪ ،‬ويتظاهرون بإس�المنا‪ ،‬وينتمون إىل مجاعاتنا‪ ،‬وفرقنا‪ ،‬وم�ع ذلك ال يفرتون وال‬
‫أكثر من مواالة املس�لمني‪ ،‬هلذا‬ ‫ِ‬
‫ييأس�ون م�ن الكيد لن�ا‪ ،‬ويتعاونون مع أعدائن�ا‪ ،‬ويوالوهنم َ‬
‫ِ‬ ‫حذر اهلل ورس�وله واملؤمنون من خطرهم‪ ،‬ونبهوا عىل رضرهم‪ ،‬وأمروا ِ‬
‫احليطة‪،‬‬ ‫بأخذ‬ ‫ّ‬ ‫فقد ّ َ‬
‫ِ‬
‫واحلذر منهم‪.‬‬
‫َ‬
‫احلديث عن النفاق واملنافقني ورد يف القرآن يف س�بع عرش َة س�ور ًة‬ ‫ُّ‬
‫وي�دل ع�ىل ذلك أن‬
‫يكون ك ّله يف شأهنم»)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫القرآن أن‬ ‫مدن ّي ًة‪ ،‬حتى قال ابن القيم ‪« :V‬كا َد‬
‫�اب ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫عم�ر ِ‬
‫ب�ن اخل ّط ِ‬ ‫َ‬ ‫أئمته�م‪ ،‬فع�ن‬ ‫ُ‬
‫الرس�ول ﷺ ع�ىل أ ّمت�ه م�ن ّ‬ ‫خ�اف‬
‫َ‬ ‫وق�د‬
‫)‪.(5‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رشح صحيح البخارى [‪ ]57/10‬البن بطال‪.‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[74/13‬‬
‫)‪ (3‬مسند البزار [‪[2900‬‬
‫)‪ (4‬مدارج السالكني [‪[358/1‬‬
‫)‪ (5‬رواه أمحد [‪ ]144‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[80‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اللس�ان به‪،‬‬ ‫منطلق‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬أي‪ :‬عامل ٌ للعل�م‪،‬‬ ‫املن�اوي ‪:V‬‬ ‫ق�ال‬
‫ُّ‬
‫وتفحصه‪ ،‬وتق ّعره يف‬
‫ّ‬ ‫القلب والعمل‪ ،‬فاس�دُ العقي�دة‪ٍ ،‬‬
‫مغر للناس بشقاش�قه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫جاهل‬ ‫لكنّ�ه‬
‫الكالم»)‪.(1‬‬
‫قال ابن القيم ‪« :V‬إن بل ّية اإلسالم باملنافقني شديدة جدّ ًا؛ ألهنم منسوبون إليه‪ ،‬وهم‬
‫وصالح‪ ،‬وهو غاي ُة‬
‫ٌ‬ ‫علم‬ ‫ُ‬
‫اجلاهل أنه ٌ‬ ‫كل ٍ‬
‫قالب يظ ُّن‬ ‫أع�داؤه يف احلقيق�ة‪ ،‬خيرجون عداوته يف ِّ‬
‫حصن له قد قلعوا أساس�ه‬‫ٍ‬ ‫معقل لإلس�الم هدموه؟ وكم من‬ ‫ٍ‬ ‫اجلهل والفس�اد‪ ،‬فلله كم من‬
‫حمنة وبل ّي ٍة‪ ،‬وال‬
‫وخربوه؟ وكم من علم له قد طمس�وه؟ فال يزال اإلس�الم‪ ،‬وأهله منهم يف ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يزعمون أهنم بذلك مصلح�ون‪( ،‬ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ش�بههم رس ّي ٌة بعد رس ّي�ة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ي�زال يطرق�ه من‬
‫ْ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [البقرة‪.(2)«[12 :‬‬

‫)‪ (1‬التيسري برشح اجلامع الصغري [‪.[52/1‬‬


‫)‪ (2‬مدارج السالكني [‪.[355/1‬‬

‫اﻟﺒﺎب اﻟﺨﺎﻣﺲ‪:‬‬

‫ﺒﻲ ﷺ‬ ‫ُ‬
‫ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﱠ ﱢ‬
‫ﻣﻊ ﺷﺮاﺋﺢ ﻋﺎﻣﺔ‬
‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع عموم الن�شاء‬

‫كان تعامل النبي ﷺ مع النساء يتسم بالرفق واحلنو والرمحة؛ وذلك ملا طبعه اهلل عليه من‬
‫كريم األخالق والرمحة بالناس والرفق هبم‪ ،‬وملا يعلمه ﷺ من ضعف النساء وقلة حيلتهن‪.‬‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬قال‪ :‬فحمدَ‬ ‫حج َة الودا ِع َ‬
‫مع‬ ‫ِ‬
‫األحوص ‪ I‬أ ّن ُه ش�هدَ ّ‬ ‫ع�ن عمرو ِ‬
‫بن‬
‫«)‪.(1‬‬ ‫قال‪:‬‬‫ثم َ‬ ‫َ‬ ‫اهللَ‪ ،‬وأثنى ِ‬
‫ووعظ‪َّ ،‬‬ ‫عليه‪ ،‬وذك َّر‬

‫(‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬قال‬

‫وأمثاهلم يف األخالق وال ّطباع‪ ،‬كأهن َّن شقق َن منهم)‪.(4‬‬


‫ْ‬ ‫أي‪ :‬نظائرهم‬
‫ْ‬
‫الوحي بتخفيف‬ ‫ومساويات هلم فيا فرض اهلل إال ما استثناه‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫للرجال‪،‬‬ ‫فهن أشبا ٌه ونظائر‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بزيادة كاحلجاب‪.‬‬ ‫كإسقاط اجلمعة واجلهاد‪ ،‬أو‬
‫كل ٍ‬
‫يشء ّإال للر ِ‬ ‫فقالت‪ :‬ما أرى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫وع ْن أ ِّم عار َة األنصار ّية ‪ّ J‬أهنا أتت الن َّ‬
‫ّبي ﷺ‬
‫ٍ‬
‫بيشء‪.‬‬ ‫َ‬
‫يذكرن‬ ‫وما أرى النّسا َء‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]1163‬وابن ماجه [‪ ،]1851‬وحسنه األلباين يف اإلرواء [‪.[2030‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[368/6‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ،]113‬وأبو داود [‪ ،]236‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[1983‬‬
‫)‪ (4‬النهاية [‪.[492/2‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫ه�ذه اآلي� َة‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫فنزل�ت‬
‫ْ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ‬
‫ﯗﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ) [األحزاب‪.(1)[35 :‬‬

‫معهم‪.‬‬ ‫مع الر ِ‬


‫جال‪ ،‬فمدحه َّن هبا‬
‫ْ‬ ‫مراتب َ ّ‬
‫َ‬ ‫عرش‬
‫فذكر اهلل هل َّن َ‬
‫َ‬
‫ﷺ‬

‫وق�د أمره اهلل بمبايعته�ن فق�ال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬


‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [املمتحنة‪.[12 :‬‬

‫تس�مى «مبايع َة النّس�اء» الاليت ك َّن‬ ‫«هذه الرشوط املذكورة يف هذه ِ‬


‫اآلية‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫األوقات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الذكور والنساء يف مجي ِع‬ ‫جتب عىل‬ ‫ِ‬
‫يبايع ْن عىل إقامة الواجبات املشرتكة التي ُ‬
‫يتعني عليهم‪.‬‬
‫فيتفاوت ما يلزمهم بحسب أحواهلم‪ ،‬ومراتبهم‪ ،‬وما ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرجال‪،‬‬ ‫وأما‬
‫ُ‬
‫يمتث�ل ما أم�ر ُه اهلل به‪ ،‬ف�كان إذا جاءته النس�ا ُء يبايعن�ه‪ ،‬والتزمن هبذه‬ ‫النب�ي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫ف�كان‬
‫ر قلوهب َّن‪ ،‬واس�تغفر هلن اهلل فيا حيصل منهن من التقصري‪ ،‬وأدخلهن‬
‫الرشوط بايعه َّن‪ ،‬وج َ‬
‫يف مجلة املؤمنني‪ ،‬بأن‪:‬‬
‫َ‬
‫يفردن اهلل وحده بالعبادة‪.‬‬ ‫(ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ)‪ ،‬أي‪:‬‬

‫(ﭟ ﭠ) كا كان ذلك موجود ًا كثري ًا يف البغايا وذوات األخدان‪.‬‬


‫ِ‬
‫اجلهالء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لنساء اجلاهل ّية‬ ‫(ﭡ ﭢ ﭣ)‪ ،‬كا جيري‬

‫أي‪ :‬ال‬ ‫ُ‬


‫والبهتان‪ :‬االفرتا ُء عىل الغري‪ْ ،‬‬ ‫(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ)‪،‬‬
‫يفرتين بكل ٍ‬
‫حالة‪ ،‬سوا ٌء تع ّل ْ‬
‫قت هب َّن وأزواجهن‪ ،‬أو سوا ٌء تعلق ذلك بغريهم‪.‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي[‪ ]3211‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي [‪.[3211‬‬


‫‪‬‬

‫(ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ)‪ ،‬أي‪ :‬ال يعصين�ك يف كل ٍ‬


‫أم�ر تأمره� َّن ب�ه؛ ألن أم�رك ال‬
‫ِ‬
‫ومخش‬ ‫ِ‬
‫الثياب‪،‬‬ ‫وش�ق‬
‫ِّ‬ ‫يك�ون إال بمع�روف‪ ،‬ومن ذلك طاعته� َّن لك يف النهي عن النياحة‪،‬‬
‫ِ‬
‫اجلاهلية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوجوه‪ ،‬والدّ عاء بدعاء‬

‫(ﭰ) إذا التزم َن بجميع ما َ‬


‫ذكر‪.‬‬

‫(ﭱ ﭲ ﭳ) ع�ن تقصريه� َّن‪ ،‬وتطييب� ًا خلواطره�ن‪( ،‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) أي‪:‬‬


‫وس�عت رمحته َّ‬
‫كل يشء‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫كث�ري املغفرة للعاصني‪ ،‬واإلحس�ان إىل املذنبني التائبني‪( ،‬ﭸ)‬
‫وعم إحسانه الرايا»)‪.(1‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األنصار نبايع ُه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نسوة م َن‬ ‫ّبي ﷺ يف‬ ‫وعن أميم َة ِ‬
‫بنت رقيق َة ‪ّ J‬أهنا ْ‬
‫أتيت الن َّ‬
‫قالت‪ُ :‬‬ ‫ْ‬
‫يت‬
‫نزين‪ ،‬وال نأ َ‬ ‫َ‬
‫ن�رق‪ ،‬وال َ‬ ‫َ‬
‫نرشك باهلل ش�يئ ًا‪ ،‬وال‬ ‫نبايعك عىل ْ‬
‫أن ال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫فقلن�ا‪ :‬يا‬
‫ٍ‬
‫معروف‪.‬‬ ‫َ‬
‫نعصيك يف‬ ‫بني أيدينا وأرجلنا‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫نفرتيه َ‬ ‫ٍ‬
‫ببهتان‬

‫«‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫نبايعك يا‬ ‫هلم‬
‫أرحم بنا‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فقلنا‪ :‬اهلل ورسول ُه‬

‫«)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫واملبايعة وهي املعاهدة هلا فائدة كبرية‪ ،‬وهي إلزام املبايع بالوفاء با عاهد عليه‪ ،‬فهو دائ ًا‬
‫يتذكر البيعة فيحمله ذلك عىل الوفاء‪.‬‬

‫وكان يمتح ُن من هاجرت إليه من املؤمنات‪:‬‬


‫َ‬ ‫قالت‪ِ :‬‬
‫ّبي ﷺ‬
‫هاجرن إىل الن ِّ‬ ‫املؤمن�ات إذا‬
‫ُ‬ ‫كانت‬ ‫ّبي ﷺ أهنا ْ‬ ‫ع�ن عائش� َة ‪َ J‬‬
‫زوج الن ِّ‬
‫بق�ول اهلل تع�اىل‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ)‬ ‫ِ‬ ‫يمتحنه� َّن‬
‫آخر ِ‬
‫اآلية‪.‬‬ ‫[املمتحنة‪ [10 :‬إىل ِ‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي [‪.[857/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ]4181‬والرتمذي [‪ ]1597‬وابن ماجة [‪ ،]2874‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة‬
‫]‪.[529‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫باملحنة‪.‬‬ ‫أقر‬ ‫ِ‬ ‫قالت عائش ُة‪ :‬فمن أقر هبذا ّ ِ‬
‫الرشط م َن املؤمنات فقدْ َّ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫بذلك م ْن قوهل َّن َ‬
‫قال هل َّن‬ ‫َ‬
‫أقررن َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا‬ ‫َ‬
‫فكان‬
‫«‪.‬‬

‫غري أ ّن ُه بايعه َّن بالكال ِم‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫امرأة ُّ‬ ‫ِ‬
‫قط‪َ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ يدَ‬ ‫مس ْت يدُ‬
‫ال واهلل ما ّ‬
‫يقول هل َّن إذا َ‬
‫أخذ عليه َّن‪:‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ عىل الن ِ‬
‫ّس�اء ّإال با أمر ُه اهلل‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫واهلل ما َ‬
‫أخذ‬
‫كالم ًا)‪.(1‬‬

‫جال عندَ‬ ‫ِ‬


‫بمصافحة الر ِ‬ ‫ِ‬
‫جرت العاد ُة‬ ‫فقط‪ ،‬ال مصافح ًة ِ‬
‫باليد‪ ،‬كا‬ ‫ذلك كالم ًا ْ‬ ‫ُ‬
‫يق�ول َ‬ ‫أي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫املبايعة)‪.(2‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫والرفق؛ مل�ا يف املرأة من ضعف ورقة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والعطف‬ ‫فيتعام�ل معه َّن بالل�ني والرمحة واملح ّب ِة‬
‫ولذلك كان يطلق عليهن‪ :‬القوارير‪.‬‬

‫يقال‬ ‫ِ‬
‫أسفاره‪ ،‬وغال ٌم أسو ُد ُ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫كان‬ ‫فع ْن ِ‬
‫أنس بن مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫الصوت‪.‬‬ ‫َ‬
‫وكان حسن ّ‬ ‫ل ُه أنجش ُة حيدو‪،‬‬

‫«‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬
‫بكلمة لو تك ّلم هبا بعضكم لعبتموها ِ‬
‫ٍ‬
‫عليه)‪.(3‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قال أبو قالب َة‪ :‬فتك ّل َم الن ُّ‬
‫ّبي ﷺ‬ ‫َ‬
‫«‪ ،‬يعني‪ :‬الن ِ‬
‫ّساء‪.‬‬ ‫ويف لفظ ألمحد )‪:(12350‬‬

‫يت َ‬
‫بذلك‬ ‫سم ْ‬
‫الزجاجة‪ّ ،‬‬
‫وهي ّ‬ ‫ِ‬
‫بالقوارير‪ ،‬والقوارير مجع قارورة‪َ ،‬‬ ‫النبي ﷺ النساء‬
‫فش� ّبه ُّ‬
‫الرشاب فيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الستقرار ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]2713‬ومسلم [‪.[1866‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[636/8‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6149‬ومسلم [‪.[2323‬‬
‫‪‬‬

‫الر ّقة‪ ،‬وال ّلطافة‪ ،‬وضعف البنية)‪.(1‬‬ ‫ِ‬


‫بالقوارير يف ّ‬ ‫والنّساء يش ّبه َن‬
‫«‪:‬‬ ‫واختلف العلاء يف سبب قوله ﷺ ألنجشة‪:‬‬
‫َ‬
‫وكان حيدو هب َّن‪ ،‬وينشد شيئ ًا م َن القريض‬
‫َ‬ ‫الصوت‪،‬‬ ‫كان حس�ن ّ‬ ‫أن أنجش�ة َ‬
‫فقيل‪ :‬معنا ُه َّ‬
‫بالكف ع ْن‬ ‫فلم يأم ْن ْ‬
‫أن يفتنه َّن‪ ،‬ويقع يف قلوهب َّن حداؤ ُه‪ ،‬فأمر ُه‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫والرجز‪ ،‬وما فيه تش�بيب‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫ذلك‪.‬‬‫َ‬
‫ّ‬
‫واستلذت ُه‪،‬‬ ‫أرسعت يف امليش‬ ‫السري؛ َّ‬
‫ألن اإلبل إذا سمعت احلداء‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫الرفق يف ّ‬ ‫وقيل‪ :‬املراد به ّ‬
‫وخياف‬ ‫ذلك؛ َّ‬
‫ألن النّس�اء يضعف َن عند ش�دّ ة احلركة‪،‬‬ ‫اكب‪ ،‬وأتعبت ُه‪ ،‬فنها ُه ع ْن َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الر َ‬
‫فأزعجت ّ‬
‫رضره َّن وسقوطه َّن‪.‬‬
‫ِ‬
‫لرع�ة تأ ّثره َّن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالقواري�ر؛‬ ‫فق�ال‪« :‬ش� ّبهه َّن‬ ‫ِ‬
‫األمرين‪َ ،‬‬ ‫القرطب�ي يف «املفه�م»‬ ‫وج�و َز‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫الس�قوط‪ِ ،‬‬
‫أو الت ّّأمل م ْن كثرة احلركة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فخاف عليه َّن م ْن ِّ‬ ‫وعدم جت ّلده َّن‪،‬‬
‫الس�ري برعة ّ‬ ‫حث ّ‬ ‫َ‬
‫خاف عليه َّن الفتنة م ْن ساع النّشيد»)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫الرعة‪ْ ،‬أو‬
‫واالضطراب النّاشئ ع ْن ّ‬
‫ﷺ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫«)‪.(3‬‬
‫الصاحلات م ْن نساء قريش‪ ،‬ال عىل العموم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فاملحكوم ل ُه باخلري ّية ّ‬
‫عليهم يف‬
‫ْ‬ ‫هي ا ّلتي تقوم‬
‫أكثر شفقة‪ ،‬وقيل‪ :‬احلانية عىل ولدها َ‬
‫ٍ‬
‫بحانية‪.‬‬ ‫فليست‬ ‫جت‬ ‫تزو ْ‬ ‫تتزوج‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫فإن ّ‬ ‫يتمهم‪ ،‬فال ّ‬
‫ْ‬ ‫حال‬
‫والصيانة ل ُه‪ ،‬وترك‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬
‫وأصون ملاله باألمانة فيه‪ّ ،‬‬ ‫أحفظ‬ ‫أي‪:‬‬
‫ْ‬
‫التّبذير يف اإلنفاق)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[545/10‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪ ،]564/10‬املفهم ملا أشكل من تلخيص كتاب مسلم [‪.[43/19‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]5082‬ومسلم [‪.[2527‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[125/9‬‬
‫‪‬‬

‫تفضيل ِ‬
‫نساء قريش عىل نساء العرب؛ وذلك ملعنيني‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫«وىف هذا احلديث‪:‬‬

‫احلنو عىل الولد‪ ،‬واالهتام بأمره‪ ،‬وحسن تربيته‪.‬‬


‫ُّ‬
‫)‪(1‬‬ ‫ذات ِ‬
‫يد الزوج»‪.‬‬ ‫حفظ ِ‬
‫ُ‬

‫ﷺ‬

‫َ‬
‫رس�ول‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫جاءت امرأ ٌة إىل‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد اخلدري ‪ I‬قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب‬
‫مك اهلل‪.‬‬ ‫نأتيك ِ‬
‫فيه‪ ،‬تع ّلمنا ممّا ع ّل َ‬ ‫َ‬ ‫نفسك يوم ًا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فاجعل لنا م ْن‬ ‫َ‬
‫بحديثك‪،‬‬ ‫الر ُ‬
‫جال‬ ‫ذهب ّ‬
‫اهلل َ‬
‫)‪(2‬‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فع ّلمه َّن ممّا ع ّلم ُه اهلل‪ ،‬ووعظه َّن‪ ،‬وأمره َّن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فاجتمع َن‪ ،‬فأتاه َّن‬
‫ف�كان في�ا َ‬
‫قال هل َّن‪:‬‬ ‫َ‬
‫مر ِ‬
‫تني‪.‬‬ ‫رسول اهلل ْأو ِ‬
‫اثنني؟‪ ،‬فأعادهتا ّ‬ ‫َ‬ ‫فقالت امرأ ٌة منه َّن‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫«‪.‬‬

‫«)‪.(4‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫الصحابة م ْن احلرص عىل تعليم أمور الدّ ين‪ ،‬وقد بوب‬ ‫ويف احلديث ما َ ِ‬
‫كان عليه نس�اء ّ‬
‫عليه البخاري‪« :‬باب عظة اإلمام النساء وتعليمهن»‪.‬‬

‫يكتب بعدَ‬
‫ُ‬ ‫اإلثم إنّا‬
‫ألن َ‬ ‫أن يبلغوا؛ َّ‬ ‫أي‪ :‬اإلث ِم‪ ،‬واملعنى ّأهن ْم ماتوا َ‬
‫قبل ْ‬ ‫ْ‬
‫البلوغِ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫إليهم إ ْذ َ‬ ‫وكأن الر ِ‬
‫عليهم أشدَّ )‪.(5‬‬
‫ْ‬ ‫احلزن‬ ‫فيكون‬ ‫عقوق؛‬ ‫ذاك‬ ‫ْ‬ ‫ينسب‬
‫َ‬ ‫فيه أ ّن ُه ال‬ ‫َّ ّ َّ‬
‫)‪ (1‬رشح صحيح البخارى البن بطال [‪.[544/7‬‬
‫َ‬
‫نفسك‪.‬‬ ‫ْ‬
‫فاجعل لنا يوم ًا م ْن‬ ‫الر ُ‬
‫جال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫عليك ّ‬ ‫ّبي ﷺ‪ :‬غلبنا‬
‫)‪ (2‬ويف رواية للبخاري‪ :‬قالت النّسا ُء للن ِّ‬
‫)‪[ (3‬ويف رواية أمحد [‪ :]7310‬موعدك َّن بيت فالنة]‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]102‬ومسلم [‪.[2634‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[196/1‬‬
‫‪‬‬

‫الصحابة م َن احلرص عىل تعليم أمور الدّ ين‪.‬‬ ‫ما َ ِ‬


‫كان عليه نسا ُء ّ‬
‫املسلمني يف اجلنّة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن أطفال‬
‫ِ‬
‫ولدان حجبا ُه م ْن النّار)‪.(1‬‬ ‫مات ل ُه‬ ‫َّ‬
‫أن م ْن َ‬
‫املريب األعظم ﷺ؛‬
‫املريب والناصح مراعا َة نفس ّية املنصوح‪ ،‬وهذا الذي فعله ّ‬
‫وفيه أن عىل ّ‬
‫ّب ع�ىل فقد الولد جر ًا‬
‫فه�و يعلم مكان� َة االبن يف قلب أ ّمه‪ ،‬فذكر هل� َّن األجر العظيم املرتت َ‬
‫خلواطره َّن‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ الصال َة ي�وم ِ‬
‫العيد‪ ،‬فبد َأ‬ ‫ِ‬ ‫مع‬ ‫عبد اهلل ‪َ L‬‬ ‫بن ِ‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ش�هدت َ‬‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اخلطبة ِ ٍ‬‫ِ‬ ‫بالص ِ‬
‫�الة َ‬
‫وحث‬ ‫ثم قا َم متوكّئ ًا عىل بالل‪َ ،‬‬
‫فأمر بتقوى اهللِ‪،‬‬ ‫بغري أذان‪ ،‬وال إقامة‪َّ ،‬‬ ‫قب�ل‬ ‫ّ‬
‫ّرهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ّاس‪ ،‬وذك ْ‬ ‫ووعظ الن َ‬ ‫طاعته‪،‬‬ ‫عىل‬
‫ث�م مىض حتّى أتى النّس�ا َء‪ ،‬فوعظه َّن‪ ،‬وذكّره َّن‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫«‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ؟‬ ‫فقالت‪َ :‬مل يا‬ ‫ين)‪،(3‬‬ ‫فقامت امرأ ٌة من ِس َط ِة الن ِ‬
‫ّساء)‪ ،(2‬سفعا ُء اخلدّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثوب ٍ‬
‫بالل م ْن أقرطته َّن‪ ،‬وخواته َّن)‪.(5‬‬ ‫يلقني يف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فجعل َن يتصدّ ق َن م ْن حل ّيه َّن‪،‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[196/1‬‬


‫)‪ (2‬أي‪ :‬جالسة يف وسطه َّن‪.‬‬
‫تغري وسواد‪.‬‬
‫أي‪ :‬فيها ّ‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫حقوق األزواج وإحساهنم‪ ،‬ويكتمن اإلحسان‪ ،‬ويظهرن التشكّي كثري ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جيحدن‬ ‫)‪ (4‬وهو الزّ وج‪ ،‬أي‪:‬‬
‫‪ .‬رواه‬ ‫ويف حديث آخر‪:‬‬
‫البخاري [‪ ،]29‬ومسلم [‪ ]907‬عن عبد اهلل بن عباس ‪.L‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[885‬‬
‫‪‬‬

‫خلف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫النس�اء‬ ‫وصفوف‬
‫َ‬ ‫كب�ري‪،‬‬ ‫اجلمع‬ ‫فالنب�ي ﷺ ح�ني رأى أن�ه مل يس�م ِع النس�ا َء؛ ألن‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫صفوف الرجال‪ ،‬أتاه َّن فوعظه َّن؛ أدا ًء حل ّقه َّن يف الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫ِ‬
‫فراغه‪ ،‬ويعظه َّن ويذكّره َّن إذا مل‬ ‫«يس�تحب إذا مل ْ يس�معه َّن ْ‬
‫أن يأتيه َّن بعدَ‬ ‫ُّ‬
‫ّب مفسدة»)‪.(1‬‬‫يرتت ِ‬

‫مكرات الصوت فال حاجة القرتاب اخلطيب من مكان النساء‪.‬‬ ‫أما َ‬


‫اآلن مع وجود ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استحباب وعظ النّساء وتعليمه َّن أحكا َم اإلسال ِم وتذكريه َّن با ُ‬
‫جيب عليه َّن‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حني يفر ُغ‪.‬‬ ‫اآلن ْ‬ ‫ٍ‬
‫لعطاء‪ :‬أترى ح ّق ًا عىل اإلما ِم َ‬
‫أن يأ َيت النّسا َء‪ ،‬فيذكّره َّن َ‬ ‫قال اب ُن جريجٍ ‪ُ :‬‬
‫قلت‬
‫هلم ال يفعلون ُه؟)‪.(2‬‬
‫عليهم‪ ،‬وما ْ‬
‫ْ‬ ‫حلق‬ ‫إن َ‬
‫ذلك ٌّ‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬

‫ّف‪.‬‬ ‫بيان ِ‬
‫رفق النبي ﷺ يف وعظ النساء‪ ،‬فلم يغ ّل ْظ ومل يعن ْ‬ ‫ُ‬

‫مع‬ ‫ّس�وة إىل الص ِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مبادرة َ‬
‫يع�ز عليه َّن م� ْن حل ّيه َّن َ‬
‫دقة با ُّ‬ ‫ّ‬ ‫تل�ك الن‬ ‫«ويف‬
‫ِ‬
‫امتثال‬ ‫ين‪ ،‬وحرصه َّن ع�ىل‬ ‫ِ‬
‫الوق�ت‪ ،‬دالل ٌة عىل رفي� ِع مقامه� َّن يف الدّ ِ‬ ‫ِ‬
‫احل�ال يف َ‬
‫ذلك‬ ‫ِ‬
‫ضي�ق‬
‫أمر الر ِ‬
‫وريض عنه َّن»)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫سول ﷺ‬ ‫ِ ّ‬

‫«‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬


‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫وكيف؟‬
‫َ‬ ‫قالوا‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫«)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[174/6‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]961‬ومسلم [‪.[885‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[469/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه النسائي [‪ ،]2527‬وحسنه األلباين‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود‬ ‫ام�رأة ِ‬
‫عبد اهلل بن‬ ‫ِ‬ ‫زين�ب‬ ‫فع� ْن‬
‫َ‬
‫«‪.‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قدْ‬ ‫وإن‬ ‫ذات ِ‬
‫اليد‪َّ ،‬‬ ‫خفيف ِ‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪ :‬إن َّك ٌ‬
‫رجل‬ ‫ُ‬ ‫فرجعت إىل ِ‬
‫عبد اهللِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫غريكم)‪.(1‬‬ ‫ذلك جيزي عنّي‪ّ ،‬‬
‫وإال رصفتها إىل‬ ‫كان َ‬ ‫فإن َ‬ ‫دقة‪ِ ،‬‬
‫فأته فاسأل ُه‪ْ ،‬‬ ‫أمرنا بالص ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ائتيه ِ‬
‫أنت)‪.(2‬‬ ‫فقال يل عبدُ اهللِ‪ْ :‬بل ِ‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫قالت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ حاجتي حاجتها‪ْ .‬‬ ‫بباب‬ ‫ِ‬
‫األنصار ِ‬ ‫فانطلق�ت فإذا امرأ ٌة م َن‬
‫ُ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫ألقيت ِ‬
‫عليه املهاب ُة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ قدْ‬ ‫َ‬
‫وكان‬
‫ِ‬
‫بالباب‬ ‫ِ‬
‫امرأت�ني‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فأخر ُه َّ‬ ‫ب�الل‪ ،‬فقلنا له‪ِ :‬‬
‫ائ�ت‬ ‫فخ�رج علينا ٌ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الصدق ُة عنه�ا عىل أزواجها‪ ،‬وع�ىل أيتا ٍم يف حجورمه�ا؟ وال ختر ُه م ْن‬
‫أجت�زئ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تس�أالنك‪:‬‬
‫نح ُن‪.‬‬
‫«‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال ل ُه‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فسأل ُه‪َ ،‬‬ ‫فدخل ٌ‬
‫بالل عىل‬ ‫َ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫وزينب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬امرأ ٌة م َن‬
‫«‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫قال‪ :‬امرأ ُة ِ‬
‫عبد اهلل‪.‬‬ ‫َ‬

‫«)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‬

‫املعطي‬ ‫ِ‬
‫الواجب�ة عىل م ْن ال يلز ُم‬ ‫ٌ‬
‫حممول يف‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫احلث ع�ىل الص ِ‬
‫ُّ‬
‫َ‬ ‫األقارب‪َ ،‬‬ ‫دقة عىل‬ ‫ّ‬
‫منهم‪.‬‬
‫نفقته ْ‬

‫أضع صدقتي َ‬
‫فيك ويف بني أخٍ يل يتامى‪.‬‬ ‫أن َ‬‫)‪ (1‬ويف رواية النسائي [‪ :]2583‬أيسعني ْ‬
‫يستفتي يف تصدق زوجته عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫)‪ (2‬كأنه استحيا أن‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]1466‬ومسلم [‪.[1000‬‬
‫‪‬‬

‫الرح ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬


‫احلث عىل صلة ّ‬
‫بغري ِ‬
‫إذن زوجها‪.‬‬ ‫جواز تر ِع ِ‬
‫املرأة باهلا ِ‬ ‫ُ ّ‬
‫جال والن ِ‬
‫اخلري للر ِ‬ ‫ِ‬
‫ّساء‪.‬‬ ‫عظ ُة النّساء‪ ،‬وترغيب و ِّيل األمر يف أفعال ِ ّ‬
‫ِ‬ ‫ث مع الن ِ‬
‫ّساء األجانب عندَ ِ‬
‫الفتنة‪.‬‬ ‫أمن‬ ‫التّحدّ ُ َ‬
‫ِ‬
‫العذاب‪.‬‬ ‫بالذ ِ‬
‫نوب‪ ،‬وما يتو ّق ُع بسببها م َن‬ ‫ِ‬
‫املؤاخذة ّ‬ ‫ّخويف م َن‬
‫ُ‬ ‫الت‬
‫ِ‬
‫أعلم من ُه‪.‬‬
‫هو ُ‬ ‫فتيا العاملِ َ‬
‫مع وجود م ْن َ‬
‫حتم ِل العل ِم)‪.(1‬‬
‫الرت ّقي يف ّ‬
‫طلب ّ‬
‫ُ‬
‫خيفي املستفتي شخصيته لقول امرأة ابن مسعود‪« :‬وال ختر ُه م ْن نح ُن»‪.‬‬
‫جواز أن َ‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫الفطر‪،‬‬ ‫خيرج يو َم األضحى‪ ،‬ويو َم‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫اخلدري ‪َّ I‬‬ ‫ٍ‬
‫كان ُ‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫س�عيد‬ ‫عن أيب‬
‫هم‪،‬‬ ‫جلوس يف ّ‬ ‫فأقبل عىل الن ِ‬
‫صىل صالت ُه وس� ّل َم‪ ،‬ق�ا َم‪َ ،‬‬ ‫فيبد ُأ بالص ِ‬
‫الة‪ ،‬فإذا ّ‬
‫مصال ْ‬ ‫ٌ‬ ‫وهم‬
‫ّاس ْ‬ ‫ّ‬
‫أمرهم هبا‪.‬‬ ‫كانت ل ُه حاج ٌة ِ‬
‫بغري َ‬
‫ذلك‬ ‫ّاس‪ْ ،‬أو ْ‬ ‫ٍ‬
‫ببعث ذكر ُه للن ِ‬ ‫كان ل ُه حاج ٌة‬
‫فإن َ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫أكثر م ْن يتصدّ ُق النّسا ُء )‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫وكان َ‬ ‫«‪،‬‬ ‫وكان ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫َ‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال لن�ا‬ ‫ِ‬
‫املهاج�رات‪ْ ،‬‬ ‫وكانت م� َن‬
‫ْ‬ ‫ع�ن يس�رية ‪،J‬‬

‫«)‪.(3‬‬
‫اسم ٍ‬
‫فعل بمعنى‪ :‬الزم َن‪.‬‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[330/3‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]304‬ومسلم [‪ ،]889‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه الرتمذي [‪ ]3583‬وأبو داود [‪ ]1505‬وأمحد [‪ ،]26549‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4087‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫سبحان اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بقول‪:‬‬ ‫أي‪:‬‬
‫ْ‬
‫أي‪ِ :‬‬
‫قول‪ :‬ال إل َه ّإال اهلل‪.‬‬ ‫ْ‬
‫والر ِ‬
‫وح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سبحان ِ‬
‫امللك القدّ ِ‬ ‫َ‬ ‫أي‪ِ :‬‬
‫رب املالئكة ّ‬
‫وس ُّ‬
‫وح قدّ ٌ‬
‫وس‪ْ ،‬أو س ّب ٌ‬ ‫قول‪:‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫اعددن عدد مر ِ‬ ‫ِ‬
‫باألنامل‪ ،‬إما بعقدها‪ْ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫ّس�بيح والتهليل‬
‫ات الت‬ ‫َ َ ّ‬ ‫أي‪:‬‬
‫برءوسها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مجع أنملة‪ ،‬وهي ا ّلتي فيها ال ّظ ُ‬
‫فر)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫واألنامل ُ‬
‫ُ‬
‫«وحيتمل أن املراد العقد بنفس األنامل‪ ،‬أو بجملة األصابع‪.‬‬

‫والعقد باملفاصل‪ :‬أن يضع إهبامه يف كل ذكر عىل مفصل‪.‬‬

‫والعقد باألصابع‪ :‬أن يعقدها ثم يفتحها»)‪.(2‬‬

‫فم�ن عدَّ بوض�ع طرف اإلهبام ع�ىل أنامل األصابع األخ�رى‪ ،‬فقد ع�دَّ باألنامل‪ ،‬ومن‬
‫وضع أطراف األنامل عىل الكف فقد عد أيضا هبا‪ ،‬فاألمر يف هذا واسع‪.‬‬

‫بذلك‬ ‫َّ‬
‫ليحط عنها َ‬ ‫ِ‬
‫الكل�ات بأنامله َّن؛‬ ‫حيصني َ‬
‫تلك‬ ‫َ‬ ‫«حرضه َّن ﷺ عىل ْ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫الذ ِ‬
‫نوب‪.‬‬ ‫ما اجرتحت ُه م ْن ّ‬
‫القيامة عا اكتسبن‪ ،‬وبأي ٍ‬
‫يشء استعمل َن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬يسأل َن يو َم‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫فيش�هدن لصاحبهن أو ِ‬
‫عليه با اكتس�ب ُه (ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫َ‬ ‫أي‪ :‬متك ّل ٌ‬
‫ات‪،‬‬
‫َّ ْ‬ ‫ْ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [النور‪.[24 :‬‬

‫كر‪.‬‬
‫الذ َ‬ ‫الذ ِ‬
‫كر‪ ،‬يعني ال ترتك َن ّ‬ ‫أي‪ِ :‬‬
‫عن ّ‬ ‫ْ‬
‫كر؛‬ ‫أي‪ :‬ال ترتك َن ّ‬ ‫ُ‬ ‫بنسيان الر ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫الذ َ‬ ‫نسيان أسباهبا‪ْ ،‬‬ ‫محة‬ ‫ّ‬ ‫قال القاري‪ :‬واملرا ُد‬
‫الرمح َة‪.‬‬
‫كر حلرمت َّن ثواب ُه‪ ،‬فكأنّك َّن تركت َّن ّ‬ ‫فإنّك َّن ْلو تركت َّن ّ‬
‫الذ َ‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[31/10‬‬


‫)‪ (2‬قاله ابن عالن يف الفتوحات الربانية [‪.[250/3‬‬
‫‪‬‬

‫ترك الر ِ‬
‫محة»)‪.(1‬‬ ‫فيكون م َن اهلل ُ ّ‬
‫َ‬ ‫منكم الغفل ُة؛‬
‫ُ‬ ‫أي‪ :‬ال يك ْن‬

‫ٍ‬
‫عميس‬ ‫بنت‬
‫وم�ن النس�اء العظيات يف اإلس�الم الاليت علمهن رس�ول اهلل ﷺ‪ :‬أس�ا ُء ُ‬
‫‪ J‬فق�د كان�ت ش�خصية علم ّي ًة دعوي�ة مؤ ّث�رة‪ ،‬واعظة للرجال والنس�اء‪ ،‬وق�د توارد‬
‫الرجال ليسمعوا منها حديث فضل مهاجرة احلبشة [وسيأيت قريب ًا]‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬
‫ق�ال يل‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫عمي�س ‪J‬‬
‫ع�ن أس�اء ِ‬
‫بن�ت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫«)‪.(2‬‬

‫تصاب النس�اء بالكرب بسبب احلمل‪ ،‬أو الوضع‪ ،‬أو قسوة الزوج‪ ،‬أو اشتداد‬
‫ُ‬ ‫وكثري ًا ما‬
‫األوالد عليها‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫فعىل املرأة أن حتافظ عىل هذا الذكر العظيم الذي يفرج اهلل به الكرب‪.‬‬

‫وق�د ثب�ت ع�ن النبي ﷺ أن�ه كان يقول عن�د الك�رب‪:‬‬

‫«)‪.(3‬‬

‫وهو حديث جليل ينبغي االعتناء ِبه‪ ،‬واإلكثار من ُه عند الكرب واألمور العظيمة‪.‬‬
‫َ‬
‫ويسمون ُه‪ :‬دعاء الكرب»)‪.(4‬‬
‫ّ‬ ‫يدعون ِبه‪،‬‬
‫َ‬ ‫السلف‬ ‫ري‪َ :‬‬
‫كان ّ‬ ‫َ‬
‫قال ال ّط ُّ‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫وذوات‬ ‫والعواتق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العيدي�ن‪،‬‬ ‫�ض يو َم‬
‫نخرج احل ّي َ‬ ‫قال�ت‪ :‬أمرنا ْ‬
‫أن‬ ‫ن أ ِّم عط ّي� َة ‪J‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع� ْ‬
‫مصاله ّن‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويعتزل احل ّي ُض ع ْن ّ‬ ‫ودعوهتم‪،‬‬ ‫املسلمني‪،‬‬ ‫اخلري‪ ،‬ومجاع َة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فيشهدن َ‬ ‫اخلدور‪،‬‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[31/10‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ]1525‬وابن ماجه [‪ ،]3882‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[1364‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6346‬ومسلم [‪ ]2730‬عن عبد اهلل بن عباس ‪.L‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[47/17‬‬
‫‪‬‬

‫جلباب‪.‬‬ ‫ليس هلا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫ٌ‬ ‫رسول اهلل إحدانا َ‬ ‫قالت امرأةٌ‪ :‬يا‬

‫«)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫أي‪ :‬تعريها من ثياهبا ما ال حتتاج ِ‬
‫إليه)‪.(2‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ٍ‬
‫هيئات‬ ‫ِ‬
‫وذوات‬ ‫شواب أ ْم ال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العيدين‪ ،‬سوا ٌء ك َّن‬ ‫ِ‬
‫شهود‬ ‫خروج الن ِ‬
‫ّساء إىل‬ ‫ِ‬ ‫استحباب‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫أ ْم ال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املس�لمني‪،‬‬
‫َ‬ ‫اخلري ودعو ُة‬ ‫رص َح يف حدي�ث أ ِّم عط ّي� َة بع ّلة احلك� ِم‪َ ،‬‬
‫وهو ش�هوده َّن َ‬ ‫وق�دْ ّ‬
‫ِ‬
‫وطهرته‪.‬‬ ‫ذلك اليو ِم‬ ‫ورجاء ِ‬
‫بركة َ‬ ‫ُ‬
‫ذك�ر اهلل‪ ،‬وال مواط َن اخلري‪ ،‬كمجالس العلم ّ‬
‫والذكر س�وى‬ ‫هتجر َ‬ ‫َّ‬
‫أن احلائض ال ُ‬
‫املساجد)‪.(3‬‬
‫ُ‬
‫تدرك‪.‬‬ ‫الش ًا ّبة ّأو َل ما‬
‫مجع عاتق وهي ّ‬

‫ت�زوج‪ ،‬وقدْ أدركت وش� ّبت‪ ،‬وجتمع عىل العتّق‬


‫ه�ي التّ�ي مل ْ تب ْن م ْن والدهيا ومل ْ ّ‬ ‫َ‬
‫وقي�ل‪َ :‬‬
‫والعواتق)‪.(4‬‬
‫فتكون ِ‬
‫فيه اجلاري ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫البكر‪.‬‬ ‫اخلدر ناحي ٌة يف البيت يرتك عليها س ٌ‬
‫رت‬
‫)‪(5‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫حفظت «ق» ّإال م ْن يف‬
‫ُ‬ ‫قال�ت‪ :‬ما‬
‫ْ‬ ‫بن الن ِ‬
‫ّعان‬ ‫ع� ْن أم هش�ام بنت حارث� َة ِ‬
‫كل ٍ‬
‫مجعة‪.‬‬ ‫خيطب هبا َّ‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]351‬ومسلم [‪.[890‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[424/1‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[470/2[ ،]424/1‬‬
‫)‪ (4‬النهاية [‪.[179/3‬‬
‫)‪ (5‬النهاية [‪.[13/3‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ واحد ًا)‪.(1‬‬ ‫ّور‬ ‫َ‬
‫وكان تنّورنا وتن ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫س�بب اختيار «ق» ّأهنا مش�تملة عىل البعث‪ ،‬واملوت‪ ،‬واملواعظ ّ‬
‫الش�ديدة‪،‬‬
‫والزواجر األكيدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫«وكان تنّورن�ا)‪ (2‬وتنّ�ور رس�ول اهلل ﷺ واح�د ًا»‪ ،‬إش�ارة إىل حفظه�ا ومعرفتها‬ ‫قوهل�ا‪:‬‬
‫ّبي ﷺ وقرهبا م ْن منزله)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫بأحوال الن ّ‬

‫ِ‬
‫الفجر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ صال َة‬ ‫مع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫يش�هدن َ‬ ‫املؤمنات‬ ‫قالت‪« :‬ك َّن نسا ُء‬
‫ٍ‬
‫الصالةَ‪ ،‬ال يعرفه� َّن أحدٌ م َن‬
‫يقض�ني ّ‬ ‫حني‬ ‫متل ّفع�ات بمروطه� َّن ‪َّ ،‬‬
‫ثم ينقلب� َن إىل بيوهت َّن َ‬
‫)‪(4‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الغلس»)‪.(5‬‬

‫الصالة يف ال ّليل‪ ،‬وجواز ُه يف الن ِ‬


‫ّهار م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خروج النّساء إىل املساجد لشهود ّ‬ ‫استحباب‬
‫ُ‬
‫أكثر م ْن الن ِ‬
‫ّهار‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫خيش عليه َّن ْأو هب َّن فتن ٌة‪.‬‬
‫ذلك إذا مل ْ َ‬
‫وحمل َ‬ ‫الريبة َ‬ ‫ألن ال ّل َيل مظنّ ُة ّ‬
‫باب أوىل؛ َّ‬
‫ِ‬
‫الوقت)‪.(6‬‬ ‫بح يف ّأو ِل‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استحباب املبادرة بصالة ّ‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫والعش�اء يف‬ ‫الص ِ‬
‫بح‬ ‫ِ‬ ‫عمر ‪َ L‬‬ ‫ع� ْن عبد اهلل ِ‬
‫لعمر تش�هدُ صال َة ّ‬
‫قال‪ :‬كان�ت امرأ ٌة َ‬ ‫ب�ن َ‬
‫ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلاعة يف‬
‫ويغار؟‬
‫ُ‬ ‫عمر يكر ُه َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫أن َ‬‫تعلمني َّ‬
‫َ‬ ‫خترجني‪ ،‬وقدْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقيل هلا‪ :‬مل َ‬
‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[873‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (2‬ال ّتنّور‪ :‬ا ّلذي خيبز فيه‪ .‬النهاية [‪.[199/1‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[161/6‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬متل ّف ٍ‬
‫فات بأكسيته ّن‪ .‬النهاية [‪.[261/4‬‬ ‫ْ‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]372‬ومسلم [‪.[645‬‬
‫)‪ (6‬فتح الباري [‪.[56/2‬‬
‫‪‬‬

‫قالت‪ :‬وما يمنع ُه ْ‬


‫أن ينهاين؟‬ ‫ْ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪ :‬يمنع ُه ُ‬
‫قول‬ ‫َ‬
‫وهناه َّن عن التط ّيب حال اخلروج للمسجد أو لغريه‪:‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(3)«(2‬‬
‫وهنني ِ‬
‫عن التّط ّيب كا يف رواية مس�لم ع ْن زينب؛‬ ‫َ‬ ‫بذلك‬ ‫«وإنّا َ‬
‫أمرن َ‬
‫الرجال بطيبه َّن‪.‬‬
‫حيرك َن ّ‬ ‫ّ‬
‫لئال ّ‬
‫ّحيل ا ّلذي‬ ‫ِ‬
‫كحسن امللبس‪ ،‬والت ّ‬ ‫املحركات لداعي ّ‬
‫الشهوة‬ ‫ويلحق بال ّط ِ‬
‫يب ما يف معنا ُه م َن ّ‬ ‫ُ‬
‫والزينة الفاخرة»)‪.(4‬‬
‫يظهر أثره ّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال لنا‬ ‫امرأة ِ‬
‫عبد اهلل بن مس�عود ‪ْ I‬‬ ‫ِ‬ ‫زينب‬
‫وع ْن َ‬
‫)‪.(5‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(6‬‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫وع ْن أيب موس�ى ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪ (7‬يعني‪ :‬زانية‪.‬‬
‫نظ�ر إليها‪ ،‬فقدْ‬ ‫ومحلته�م عىل الن ِ‬ ‫جت ش�هو َة الر ِ‬
‫ّظر إليها‪ ،‬وم ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫جال بعطرها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«ألهن�ا ه ّي ْ‬
‫ّ‬
‫ٌ )‪(8‬‬
‫فهي آثمة» ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبب زنى العني َ‬‫فهي ُ‬
‫زنى بعينيه‪َ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]900‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم [‪.[442‬‬


‫يب‪ .‬النهاية [‪.[191/1‬‬ ‫ٍ‬
‫تاركات لل ّط ِ‬ ‫أي‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]565‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[515‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[192/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[443‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[444‬‬
‫وصححه األلباين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (7‬رواه أبو داود [‪ ،]4173‬والرتمذي [‪،]2786‬‬
‫)‪ (8‬حتفة األحوذي [‪.[58/8‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫عمر ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫بن َ‬‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫)‪.(1‬‬

‫«ووج�ه كون صالهت َّن يف البي�وت أفضل‪ :‬األم ُن م َن الفتنة‪ ،‬ويتأ ّك�دُ َ‬
‫ذلك بعد وجود ما‬
‫قالت»)‪.(2‬‬
‫قالت عائشة ما ْ‬
‫ثم ْ‬ ‫والزينة‪ ،‬وم ْن َّ‬
‫رج ّ‬ ‫َ‬
‫أحدث النّساء م َن ال ّت ّ‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫س�نان‬ ‫ق�ال‪ّ :‬مل�ا رج�ع النّبي ﷺ م�ن حج ِ‬
‫ت�ه‪َ ،‬‬
‫قال أل ِّم‬ ‫اس ‪َ L‬‬ ‫ع� ْن عب�د اهلل ِ‬
‫ب�ن ع ّب ٍ‬
‫ْ ّ‬ ‫َ ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫األنصار ّي ِة‪:‬‬

‫اآلخر‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫هو وابن ُه ع�ىل أحدمها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫حج َ‬
‫قال�ت‪ :‬ناضح�ان)‪ (3‬كانا أليب فالن ‪-‬زوجها‪َّ -‬‬
‫ْ‬
‫يسقي ِ‬
‫عليه غالمنا‪.‬‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫معقل‬ ‫وكان لنا ٌ‬
‫مجل جعل ُه أبو‬ ‫َ‬ ‫حج َة الوداعِ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫قالت‪ّ :‬ملا َّ‬
‫حج‬ ‫ٍ‬
‫معقل ْ‬ ‫وعن أ ِّم‬
‫ٍ‬
‫معقل‪.‬‬ ‫َ‬
‫وهلك أبو‬ ‫مرض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫سبيل اهللِ‪ ،‬وأصابنا ٌ‬ ‫يف‬

‫حج ِه جئت� ُه‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫فلا ف�ر َغ م ْن ّ‬
‫ّب�ي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫وخ�رج الن ُّ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬

‫عليه‪ ،‬فأوىص ِبه أبو‬


‫مجل هو ا ّلذي نح�ج ِ‬
‫ُّ‬ ‫وكان لنا ٌ َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫معقل‪،‬‬ ‫َ‬
‫فهل�ك أبو‬ ‫قال�ت‪ :‬لقدْ هت ّيأنا‪،‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫معقل يف‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]567‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[576‬‬
‫َ‬
‫أحدث النّسا ُء‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ رأى ما‬ ‫«لو َّ‬
‫أن‬ ‫)‪ (2‬فتح الباري [‪ .]349/2‬ومقصود احلافظ بقول عائشة‪ :‬قوهلا ‪ْ :J‬‬
‫َ‬
‫إرسائيل»‪ .‬رواه البخاري [‪ ]869‬ومسلم [‪.[445‬‬ ‫منعت نسا ُء بني‬
‫ْ‬ ‫ملنعه َّن املسجدَ كا‬
‫)‪ (3‬الناضح‪ :‬البعري ا ّلذي يستقى ِ‬
‫عليه‪ .‬النهاية [‪.[69/5‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]1863‬ومسلم [‪.[1256‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫احلجة يف ال ّثواب‪ ،‬ال ّأهنا تقوم مقامها يف إس�قاط‬ ‫«فأعلمه�ا َّ‬


‫أن العم�رة يف رمضان تعدل ّ‬
‫حج الفرض»)‪.(2‬‬ ‫الفرض‪ ،‬لإلمجا ِع عىل َّ‬
‫أن االعتار ال جيزئ ع ْن ّ‬

‫ومثل�ه‪ :‬ل�و أن رجال نذر إن ش�فى اهلل مريضه أن خيتم القرآن‪ ،‬فلا ش�فى اهلل مريضه قرأ‬
‫سورة اإلخالص ثالث ًا مستدال بقول النبي ﷺ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [اإلخالص‪[1 :‬‬

‫)‪ .(3‬فهل يكفيه ذلك؟‬

‫اجلواب‪ :‬ال يكفيه؛ ألن سورة اإلخالص تعدل ثلث القرآن يف الثواب‪ ،‬ولكنها ال تقوم‬
‫مقامه يف القراءة‪.‬‬

‫استدل به اإلمام أمحد وغريه عىل جواز إعطاء من ال جيد‬ ‫وقوله‪:‬‬


‫ليحج‪.‬‬
‫َّ‬ ‫نفقة حج الفريضة من الزكاة‬

‫ﷺ‬

‫رس�ول اهلل ﷺ إذا س ّل َم قا َم النّسا ُء َ‬


‫حني يقيض تسليم ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ع ْن أ ِّم س�لم َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫كان‬
‫أن يقو َم‪.‬‬ ‫ومكث يسري ًا َ‬
‫قبل ْ‬ ‫َ‬

‫انرصف‬
‫َ‬ ‫أن يدركه َّن ِ‬
‫من‬ ‫ينفذ النّس�ا ُء‪َ ،‬‬
‫قبل ْ‬ ‫لكي َ‬ ‫أعلم َّ‬
‫أن مكث ُه ْ‬ ‫َ‬
‫ق�ال الزهري‪ :‬فأرى واهلل ُ‬
‫م َن القو ِم)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه أب�و داود [‪ ]1989‬وه�ذا لفظه‪ ،‬والرتم�ذي [‪ ،]939‬وابن ماجة [‪ ]2993‬خمت�رص ًا‪ ،‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود [‪.[1736‬‬
‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[604/3‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]6643‬عن أيب سعيد ‪ ،I‬ورواه مسلم [‪ ]811‬ع ْن أيب الدّ رداء ‪.I‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[837‬‬
‫‪‬‬

‫فينرصف النّس�ا ُء‪ ،‬فيدخل َن بيوهت َّن‬


‫ُ‬ ‫كان يس� ّل ُم)‪،(1‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ّبي ﷺ ْ‬ ‫وع ْن أ ِّم س�لم َة ِ‬
‫زوج الن ِّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(2‬‬ ‫ينرصف‬
‫َ‬ ‫قبل ْ‬
‫أن‬ ‫م ْن ِ‬

‫املأمومني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أحوال‬ ‫مراعاة اإلمام‬
‫ُ‬
‫االحتياط يف اجتناب ما قدْ يفيض إىل املحذور‪.‬‬
‫اجتناب مواضع التّهم‪.‬‬
‫ُ‬
‫كراه ُة خمالطة الرجال للن ِ‬
‫ّساء يف ال ّطرقات فض ً‬
‫ال ع ْن البيوت‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫حيرضن اجلاعة يف املسجد)‪.(3‬‬ ‫َّ‬
‫أن النّساء ك َّن‬
‫ﷺ‬
‫َ‬
‫فق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫الرج�ال‪ ،‬وأ ّما إذا‬ ‫صفوف النّس�اء ال ّلوايت يص ّل َ‬ ‫ِ‬
‫مع ّ‬‫�ني َ‬ ‫ُ‬ ‫باحلديث‬ ‫«وامل�را ُد‬
‫ورشها آخرها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص ّل َ‬
‫كالرجال خري صفوفه َّن ّأوهلا‪ّ ،‬‬ ‫الرجال‪ ،‬فه َّن ّ‬ ‫مع ّ‬‫ني متم ّيزات ال َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجال‪،‬‬ ‫الرجال لبعده َّن م� ْن خمالطة ّ‬ ‫م�ع ّ‬
‫آخر صفوف النّس�اء احلارضات َ‬ ‫فض َ�ل َ‬
‫وإنّ�ا ّ‬
‫كالمهم ونحو ذل�ك‪ ،‬وذ َّم ّأو َل‬‫ْ‬ ‫حركاهتم‪ ،‬وس�اع‬
‫ْ‬ ‫ورؤيته�م وتع ّل�ق القلب ْ‬
‫هبم عن�د رؤية‬ ‫ْ‬
‫ذلك»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫لعكس َ‬ ‫صفوفه َّن‬
‫ﷺ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫عمر ‪َ L‬‬ ‫ع ْن ناف ٍع ع ْن ِ‬
‫ابن َ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬النبي ﷺ‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[850‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[336/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[440‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[159/4‬‬
‫‪‬‬

‫مات)‪.(1‬‬
‫عمر حتّى َ‬ ‫ْ‬
‫يدخل من ُه اب ُن َ‬ ‫فلم‬
‫نافع‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫الرجال‪ْ ،‬‬
‫ب�ل يعتزل َن يف جانب‬ ‫واحلدي�ث ِ‬
‫فيه دليل َّ‬
‫مع ّ‬‫أن النّس�اء ال خيتلط َن يف املس�اجد َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫مع اإلمام‪.‬‬
‫هناك باالقتداء َ‬ ‫املسجد‪ ،‬ويص ّل َ‬
‫ني‬
‫فكان عبد اهلل بن عمر أش�دّ اتّباع ًا للس�ن ِّة‪ ،‬فلم يدخل من الباب ا ّلذي ج ِع َل للن ِ‬
‫ّساء حتّى‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫مات)‪.(2‬‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫املسجد‪،‬‬ ‫خارج م ْن‬ ‫وهو‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫يقول َ‬ ‫سمع‬
‫َ‬ ‫األنصاري ‪ I‬أنّه‬
‫ِّ‬ ‫أس�يد‬ ‫ع ْن أيب‬
‫رس�ول اهلل ﷺ للن ِ‬
‫ُ‬ ‫ريق‪َ ،‬‬ ‫جال مع الن ِ‬
‫ّس�اء يف ال ّط ِ‬
‫ّس�اء‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫الر ُ َ‬ ‫َ‬
‫فاختلط ّ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫باجلدار م ْن لصوقها ِبه)‪.(4‬‬


‫ِ‬ ‫إن ثوهبا ليتع ّل ُق‬ ‫ِ‬
‫باجلدار حتّى َّ‬ ‫تلتصق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فكانت املرأ ُة‬

‫ﷺ‬

‫فقالت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫فقب�ض ي�د ُه‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بكت�اب‬ ‫ّب�ي ﷺ‬ ‫ع� ْن عائش� َة ‪َّ J‬‬
‫أن ام�رأ ًة م�دّ ْت يده�ا إىل الن ِّ‬
‫فل�م تأخ�ذ ُه؟ َ‬
‫فق�ال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بكتاب ْ‬ ‫م�ددت ي�دي َ‬
‫إليك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل‬ ‫ي�ا‬
‫)‪.(5‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫امرأة‪َ .‬‬ ‫قالت‪ْ :‬بل يدُ‬
‫ْ‬
‫«وإنا أمرها باخلضاب؛ لتس�رت برشهتا‪ ،‬فخضاب اليد مندوب للنس�اء‬
‫للفرق بني كفها وكف الرجل»)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]462‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪ ،]483‬وضعفه غريه‪.‬‬
‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[92/2‬‬
‫أن يركبن ح ّقها‪َ ،‬‬
‫وهو وسطها‪ .‬النهاية [‪[415/1‬‬ ‫هو ْ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ،]5272‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[929‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]4166‬والنسائي [‪ ،]5089‬وحسنه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (6‬فيض القدير [‪.[330/5‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫النبي ﷺ ق�ال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫أن�س بن مال�ك ‪ I‬أن َّ‬ ‫ع�ن‬

‫)‪.(1‬‬

‫أي‪ :‬م ْن حزهنا واشتغال قلبها ِبه)‪.(2‬‬


‫ْ‬

‫يش�ق‬
‫عليهم ما ُّ‬
‫ْ‬ ‫مصلحتهم‪ّ ،‬‬
‫وأال يدخل‬ ‫ْ‬ ‫باملأمومني‪ ،‬وس�ائر األتباع‪ ،‬ومراعا ُة‬
‫َ‬ ‫فق‬
‫الر ُ‬
‫ّ‬
‫كان يسري ًا م ْن غري رضورة‪.‬‬
‫وإن َ‬
‫عليهم ْ‬
‫ْ‬
‫الرجال يف املسجد‪.‬‬
‫مع ّ‬‫جواز صالة النّساء َ‬
‫ُ‬

‫عم ْن ال يؤمن من ُه‬ ‫وإن َ‬


‫كان األوىل تنزيه املس�جد ّ‬ ‫بي جيوز إدخاله املس�جد‪ْ ،‬‬
‫الص َّ‬
‫أن ّ‬‫َّ‬
‫حدث)‪.(3‬‬

‫«إذا كان الطفل مميزا رشع إحضاره إىل املس�جد ليعتاد الصالة مع مجاعة املس�لمني‪ ،‬وقد‬
‫ص�ح عن النب�ي ﷺ أنه قال‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬

‫«أم�ا إذا كان الطف�ل غري مميز فاألفضل أال حيرض إىل املس�جد ألن�ه ال يعقل الصالة وال‬
‫معنى اجلاعة‪ ،‬وملا قد يسببه من األذى للمصلني»)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]709‬ومسلم [‪.[469‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[187/4‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[187/4‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ]495‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ،I‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (5‬فتاوى اللجنة الدائمة [‪.[263/ 5‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬


‫فسأل‬ ‫ُ‬ ‫تقم املسجدَ ‪ ،‬ففقدها‬
‫كانت ُّ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ :I‬‬
‫أن امرأ ًة سودا َء ْ‬
‫عنها‪ ،‬فقالوا‪ :‬ماتت‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫فكأهن ْم ص ّغروا أمرها‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫فد ّلو ُه‪ّ ،‬‬
‫فصىل عليها)‪.(1‬‬

‫ِ‬
‫املسجد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تنظيف‬ ‫ُ‬
‫فضل‬
‫غاب‪.‬‬ ‫والص ِ‬
‫ديق إذا َ‬ ‫الس ُ‬
‫ؤال ع ْن اخلاد ِم ّ‬ ‫ّ‬
‫املكافأ ُة بالدّ ِ‬
‫عاء‪.‬‬
‫جنائز أهل ِ‬
‫اخلري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شهود‬ ‫غيب يف‬
‫الرت ُ‬
‫ّ‬
‫يصل ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫احلارض عندَ ِ‬
‫قره مل ْن مل ْ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ندب الصالة عىل املي ِ‬
‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ِ‬
‫باملوت)‪.(2‬‬ ‫اإلعال ُم‬
‫ﷺ‬
‫باليمن‪ ،‬فخرجنا مهاجرين ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬ ‫ّبي ﷺ ونح ُن‬ ‫ع ْن أيب موس�ى ‪َ I‬‬
‫َ‬ ‫خمرج الن ِّ‬
‫قال‪ :‬بلغنا ُ‬
‫أو ِ‬
‫اثنني‬ ‫ومخس�ني‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ثالثة‬ ‫واآلخر أبو ره ٍم‪ ،‬يف‬ ‫أصغرهم‪ ،‬أحدمها أبو بردةَ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأخوان يل أنا‬ ‫أنا‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ومخسني رج ً‬
‫ال م ْن قومي‪.‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]458‬ومسلم [‪.[956‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[553/1‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫طالب وأصحاب ُه‬ ‫جعفر ب َن أيب‬ ‫ِ‬
‫باحلبشة‪ ،‬فوافقنا‬ ‫ّجايش‬ ‫فركبنا سفين ًة‪ ،‬فألقتنا سفينتنا إىل الن‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫عند ُه‪.‬‬
‫ِ‬
‫باإلقامة‪ ،‬فأقيموا معنا‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ بعثنا هاهنا‪ ،‬وأمرنا‬ ‫جعفر‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ٌ‬
‫فأسهم لنا‪ْ ،‬أو َ‬
‫قال‬ ‫َ‬ ‫ر‪،‬‬
‫افتتح خي َ‬
‫حني َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫فأقمنا مع ُه حتّى قدمنا مجيع ًا‪ ،‬فوافقنا‬
‫أعطانا منها‪.‬‬
‫ِ‬
‫ألصحاب سفينتنا‬ ‫ر منها ش�يئ ًا ّإال مل ْن ش�هدَ مع ُه‪ّ ،‬إال‬ ‫غاب ع ْن ِ‬ ‫ٍ‬
‫فتح خي َ‬ ‫قس�م ألحد َ‬
‫َ‬ ‫وما‬
‫معهم‪.‬‬ ‫هلم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫قسم ْ‬
‫جعفر وأصحابه‪َ ،‬‬ ‫مع‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ألهل الس ِ‬ ‫أناس م َن الن ِ‬
‫باهلجرة‪.‬‬ ‫سبقناكم‬
‫ْ‬ ‫فينة‪:‬‬ ‫ِ ّ‬ ‫َ‬
‫يقولون لنا يعني‬ ‫ّاس‬ ‫َ‬
‫وكان ٌ‬
‫ّبي ﷺ زائرةً‪ ،‬وقدْ‬ ‫وهي مم ّ ْن قد َم معنا عىل حفص َة ِ‬
‫زوج الن ِّ‬ ‫ٍ‬
‫عميس‪َ ،‬‬ ‫بنت‬
‫ودخلت أس�ا ُء ُ‬
‫ْ‬
‫هاجر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّجايش فيم ْن‬
‫ِّ‬ ‫هاجرت إىل الن‬
‫ْ‬ ‫كانت‬
‫ْ‬
‫حني رأى أساء‪ :‬من ِ‬
‫هذه‪.‬‬ ‫عمر َ‬ ‫عمر عىل حفص َة وأسا ُء عندها‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫فقال ُ‬ ‫فدخل ُ‬
‫ٍ‬
‫عميس‪.‬‬ ‫بنت‬
‫قالت‪ :‬أسا ُء ُ‬
‫ْ‬
‫هذه؟ البحري ُة ِ‬
‫هذه)‪(1‬؟‬ ‫قال عمر‪ :‬احلبشي ُة ِ‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫قالت أسا ُء‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫منكم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫برسول اهلل ﷺ‬ ‫أحق‬ ‫ِ‬
‫باهلجرة‪ ،‬فنح ُن ُّ‬ ‫سبقناكم‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫جاهلكم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ويعظ‬ ‫جائعكم‪،‬‬ ‫يطعم‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬
‫كنتم َ‬ ‫وقالت‪ّ :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫كال واهللِ‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫فغضب�ت‪،‬‬
‫ْ‬
‫أطعم‬ ‫وايم اهلل ال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ )‪(2‬‬ ‫وكنّ�ا يف ِ‬
‫ُ‬ ‫وذلك يف اهللِ‪ ،‬ويف رس�وله ﷺ‪ُ ،‬‬ ‫باحلبش�ة‪،‬‬ ‫البغضاء‬ ‫دار البعداء‬
‫ِ‬
‫ونخاف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لرسول اهلل ﷺ‪ ،‬ونح ُن كنّا نؤذى‬ ‫قلت‬ ‫أرشب رشاب ًا‪ ،‬حتّى َ‬
‫أذكر ما َ‬ ‫ُ‬ ‫طعام ًا‪ ،‬وال‬
‫ِ‬
‫عليه‪.‬‬ ‫أكذب‪ ،‬وال ُ‬
‫أزيغ‪ ،‬وال أزيدُ‬ ‫ّبي ﷺ وأسأل ُه‪ ،‬واهلل ال‬ ‫وسأذكر َ‬
‫ُ‬ ‫ذلك للن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫البحر لركوهبا إ ّيا ُه‪.‬‬ ‫فيهم‪ ،‬وإىل‬ ‫ِ‬
‫)‪ (1‬نسبها إىل احلبشة لسكناها ْ‬
‫ِ‬
‫بإسالمه ع ْن قومه‪ .‬رشح النووي‬ ‫َ‬
‫وكان يستخفي‬ ‫)‪ (2‬البعداء يف النّسب‪ ،‬البغضاء يف الدّ ين؛ ألهنّ ْم ك ّفار إالّ الن ّ‬
‫ّجايش‪،‬‬
‫]‪.[65/16‬‬
‫‪‬‬

‫عمر َ‬
‫قال كذا وكذا‪.‬‬ ‫نبي اهلل َّ‬
‫إن َ‬ ‫قالت‪ :‬يا َّ‬
‫ّبي ﷺ ْ‬
‫فلا جا َء الن ُّ‬
‫ّ‬
‫قال‪ :‬فا ِ‬
‫قلت ل ُه‪.‬‬ ‫َ‬

‫قلت ل ُه‪ :‬كذا وكذا‪.‬‬


‫قالت ُ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫رأيت أبا موس�ى وأصحاب الس ِ‬
‫�فينة يأتوين أرس�االً)‪ (1‬يس�ألوين ع ْن هذا‬ ‫ُ‬ ‫قال�ت‪ :‬فلق�دْ‬
‫ْ‬
‫َ ّ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫أنفسهم ممّا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هلم الن ُّ‬
‫قال ُ‬ ‫ْ‬ ‫أعظم يف‬
‫ُ‬ ‫أفرح‪ ،‬وال‬
‫هم به ُ‬‫احلديث‪ ،‬ما م َن الدّ نيا يش ٌء ْ‬
‫َ‬
‫احلديث منّي)‪.(2‬‬ ‫رأيت أبا موسى‪ ،‬وإ ّن ُه ليستعيدُ هذا‬
‫ُ‬ ‫قالت أسا ُء‪ :‬فلقدْ‬
‫ْ‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫اب ‪ I‬عىل‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬ ‫َ‬ ‫سعد بن أيب وقاص ‪َ I‬‬ ‫عن ٍ‬
‫استأذن ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫صوته)‪.(4‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش يسألن ُه‪ ،‬ويستكثرن ُه)‪ ،(3‬عالي ًة أصواهت َّن عىل‬ ‫وعند ُه نسو ٌة م ْن‬
‫احلجاب‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تبادرن‬ ‫عمر‬ ‫َ‬
‫استأذن ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫يضحك‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫َ‬
‫فدخل‪ ،‬والن ُّ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫َ‬
‫فأذن ل ُه الن ُّ‬
‫أنت وأ ّمي‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل بأيب َ‬ ‫أضحك اهلل سن َّك يا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫أحق ْ‬
‫أن هيب َن يا‬ ‫أنت ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ!‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يا عدو ِ‬
‫ات أنفسه َّن‪ ،‬أهتبنني‪ ،‬ومل ْ هتب َن‬ ‫أقبل عليه َّن َ‬
‫ثم َ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬

‫أي أفواج ًا‪ ،‬فوج ًا بعد فوج‪.‬‬


‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]4231‬ومسلم [‪.[2503‬‬
‫)‪ (3‬يطلب َن كثري ًا م ْن كالمه وجوابه بحوائجه َّن وفتاوهي َّن‪.‬‬
‫أن كالم ّ‬
‫كل واحدة بانفرادها أعىل م ْن صوته ﷺ‪ .‬رشح النووي‬ ‫كان باجتاعها ال َّ‬
‫علو أصواهت َّن إنّا َ‬
‫أن ّ‬ ‫ُ‬
‫حيتمل َّ‬ ‫)‪(4‬‬
‫عىل صحيح مسلم [‪.[164/15‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫وأغلظ م ْن‬ ‫فقل َن‪ :‬إن َّك ُّ‬
‫أفظ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫)‪.(2‬‬

‫فج ًا َ‬
‫هرب هيبة‬ ‫�يطان متى رأى عمر س�الك ًا ّ‬
‫َ‬ ‫أن ّ‬
‫الش‬ ‫ٌ‬
‫حممول عىل ظاهره‪َّ :‬‬ ‫وهذا احلديث‬
‫يفعل ِ‬
‫فيه‬ ‫أن َ‬
‫عمر ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وفارق َ‬
‫فج آخر؛ لش�دّ ة خوفه م ْن بأس َ‬
‫وذهب يف ٍّ‬
‫َ‬ ‫الفج‪،‬‬
‫ذلك ّ‬ ‫عمر‪،‬‬
‫م ْن َ‬
‫شيئ ًا‪.‬‬
‫يف�و ْت مقص�ود ًا رشع ّي ًا‪َ ،‬‬
‫ق�ال تعاىل‪:‬‬ ‫والرف�ق م�ا مل ْ ّ‬ ‫ُ‬
‫فض�ل ل�ني اجلانب واحلل�م ّ‬
‫َ‬
‫وق�ال‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫(ﯱ ﯲ ﯳ) [احلج�ر‪،[88 :‬‬
‫وقال تعاىل‪( :‬ﯘ ﯙ ﯚ) [التوبة‪.(3)«[128 :‬‬
‫ﭧ) [آل عمران‪َ ،[159 :‬‬

‫يأنف منها‪.‬‬
‫يتكر عىل األرملة‪ ،‬وال ُ‬ ‫فقد أواله َّن ﷺ َ‬
‫كامل رمحته ورفقه‪ ،‬وكان ال ّ ُ‬
‫ُ‬
‫ويطيل‬ ‫ويقل ال ّل َ‬
‫غو‪،‬‬ ‫كر‪ُّ ،‬‬ ‫يكثر ّ‬
‫الذ َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬ ‫عن عبد اهلل بن أيب أوىف ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫كان‬
‫فيقيض ل ُه احلاجة)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫واملسكني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األرملة‬ ‫مع‬ ‫يأنف ْ‬
‫ويقرص اخلطب َة‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫يميش َ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ّ ُ‬ ‫الصالةَ‪،‬‬
‫ّ‬

‫فق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(5‬‬
‫ِ‬
‫ّبي ﷺ ال يواجه أحد ًا با يكره‬ ‫َ‬
‫وكان الن ّ‬ ‫هي بمعنى ّ‬
‫فظ غليظ‪،‬‬ ‫وليست لفظة أفعل هنا للمفاضلة‪ْ ،‬بل َ‬‫ْ‬ ‫)‪َ (1‬‬
‫قال العلاء‪:‬‬
‫وكان عمر يبالغ يف الزّ جر ع ْن املكروهات مطلق ًا وطلب املندوبات‪ ،‬فلهذا َ‬
‫قال النّسوة‬ ‫َ‬ ‫ّإال يف ّ‬
‫حق م ْن حقوق اهلل‪،‬‬
‫ل ُه َ‬
‫ذلك‪ .‬فتح الباري [‪.[47/7‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3683‬ومسلم [‪.[2397‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[165/15‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5005‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (4‬رواه النسائي [‪،]1414‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ]5353‬ومسلم [‪ ]2982‬عن أيب هريرة ‪.I‬‬
‫‪‬‬

‫الكاسب هلا‪ :‬العامل ملئونتها‪ ،‬واألرمل ُة‪ :‬م ْن ال زوج هلا‪،‬‬


‫ُ‬ ‫بالس�اعي‬
‫«املرا ُد ّ‬
‫فارقت زوجها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫هي ا ّلتي‬ ‫جت أ ْم ال‪َ ،‬‬
‫وقيل‪َ :‬‬ ‫تزو ْ‬
‫كانت ّ‬
‫سواء ْ‬
‫الزاد ِ‬
‫بفقد‬ ‫وهو الفقر وذه�اب ّ‬
‫يت أرملة ملا حيصل هلا م� َن اإلرمال‪َ ،‬‬
‫س�م ْ‬
‫ّ‬
‫فني زاده»)‪.(1‬‬
‫الرجل إذا َ‬ ‫الزوج‪ ،‬يقال‪َ :‬‬
‫أرمل ّ‬ ‫ّ‬
‫ﷺ‬
‫إن‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جاءت امرأ ٌة إىل‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫أنس بن مالك ‪َ I‬‬
‫إليك حاج ًة‪.‬‬
‫يل َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‪:‬‬
‫فرغت م ْن حاجتها)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫بعض ال ّط ِ‬
‫رق حتّى‬ ‫ِ‬ ‫فخال معها يف‬
‫حتتاج املساعدةَ‪ ،‬والرعاي َة منه والرفق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وهذا من تواض ِع ِّ‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬ولطفه باملرأة التي‬

‫حقوقه�م‪ ،‬ويرش�دَ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ليص�ل أه�ل احلق�وق إىل‬ ‫منه�م؛‬
‫ْ‬ ‫ب�روزه ﷺ للن ِ‬
‫ّ�اس‪ ،‬وقرب�ه‬
‫ِ‬
‫لوالة األمور‪.‬‬ ‫مسرتشدهم؛ ليشاهدوا أفعاله وحركاته‪ ،‬فيقتدى هبا‪ ،‬وهكذا ينبغي‬
‫ْ‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ملصلحة‬ ‫صر ُه ﷺ عىل املش ّقة يف نفسه‬
‫إجابته ﷺ م ْن سأل ُه حاج ًة‪.‬‬
‫الضعيفة)‪.(3‬‬
‫مع املرأة ّ‬ ‫ِ‬
‫تواضعه ﷺ بوقوفه َ‬
‫لتأخ�ذ ِ‬
‫بيد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املدين�ة‬ ‫ِ‬
‫أه�ل‬ ‫كان�ت األم ُة م�ن ِ‬
‫إماء‬ ‫ِ‬ ‫ق�ال‪ْ :‬‬
‫إن‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َ I‬‬ ‫وع�ن أن�س ب�ن‬
‫ْ‬
‫شاءت)‪.(4‬‬
‫ْ‬ ‫فتنطلق ِبه ُ‬
‫حيث‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[112/18‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2326‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪ ]182/15‬باختصار‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]11530‬وعلقه البخاري [‪ ،]6072‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫كانت حاجتها‬
‫ّرصف حتّى ْلو ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫«والتّعبري باألخذ باليد إش�ارة إىل غاي�ة الت ّ‬
‫ذل�ك‪ ،‬وه�ذا ٌّ‬
‫دال عىل مزيد‬ ‫تل�ك احلاجة عىل َ‬
‫والتمس�ت من ُه مس�اعدهتا يف َ‬
‫ْ‬ ‫خ�ارج املدين�ة‬
‫تواضعه وبراءته م ْن مجيع أنواع الكر ﷺ»)‪.(1‬‬
‫وأما وجه اجلمع بني هذا احلديث وبني كونه ﷺ مل يمس يد امرأة‪ :‬فقيل‪:‬‬
‫الرفق واالنقياد‪ .‬قاله احلافظ ابن حجر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وهو ّ‬
‫‪ .1‬أن املقصود م َن األخذ باليد‪ :‬الزم ُه‪َ ،‬‬
‫حكم املرأة‪ ،‬فاجلاري ُة ُ‬
‫تباع وتشرتى؛ وهلذا ال حتتجب اجلارية حتى‬ ‫ُ‬ ‫‪ .2‬أن اجلاري َة ليس هلا‬
‫من األجانب‪.‬‬
‫‪ .3‬حيتم�ل أهن�ا جارية صغرية‪ ،‬وه�ذا هو األق�رب‪ ،‬أي‪ :‬أهنا دون البلوغ‪ .‬قاهلا الش�يخ‬
‫عبد العزيز الراجحي)‪.(2‬‬

‫ارتضع منها ﷺ قبل حليمة‬


‫َ‬ ‫كانت موال ًة أليب هلب ِ‬
‫بن عبد امل ّطلب‪،‬‬ ‫كمرضعته ثويبة التي ْ‬
‫للنبي ﷺ‪ ،‬أرضعته بلبن اب�ن هلا ُ‬ ‫ٍ‬
‫وأرضعت‬
‫ْ‬ ‫يقال له‪ :‬مروح‪،‬‬ ‫الس�عد ّية‪ ،‬فه�ي ّأو ُل مرضعة ِّ‬
‫ّ‬
‫وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد األسد)‪.(3‬‬
‫ْ‬ ‫عمه‪،‬‬
‫قبله محز ُة ّ‬
‫كانت ثويبة مرضع َة رس�ول اهلل ﷺ يصلها وهو بمك�ة‪ ،‬وكانت خدجية‬
‫تكرمها وهي عىل ملك أيب هلب‪ ،‬وسألته أن يبيعها هلا‪ ،‬فامتنع‪.‬‬
‫فلا هاجر رسول اهلل ﷺ أعتقها أبو هلب‪ ،‬وكان رسول اهلل ﷺ ُ‬
‫يبعث إليها بصلة وبكسوة)‪.(4‬‬
‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫كان يكرمها‪،‬‬ ‫أن الن ّ‬ ‫«اختل�ف يف إس�المها‪ ...‬وا ّلذي يف ّ‬
‫الس�ري َّ‬ ‫َ‬
‫أن َ‬
‫كان‬ ‫الصلة م� َن املدينة‪ ،‬إىل ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫وكان يرس�ل إليها ّ‬ ‫تزو َج خدجية‪،‬‬
‫وكان�ت تدخ�ل عليه بعدما ّ‬
‫ْ‬
‫ومات ابنها مروح»)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫ماتت‪،‬‬
‫بعد فتح خير ْ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[490/10‬‬


‫)‪ (2‬إسالم ويب‪ ،‬وقد سبق‪.‬‬
‫)‪ (3‬أسد الغابة [‪.[8/1‬‬
‫)‪ (4‬اإلصابة يف تييز الصحابة [‪.[548/7‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[145/9‬‬
‫‪‬‬

‫وكذل�ك أ ُّم أيم َن‪ :‬حاضن ُة النبي ﷺ‪ ،‬واس�مها بركة بنت ثعلب�ة بن عمرو بن حصن بن‬
‫مالك بن سلمة بن عمرو بن النعان‪ ،‬وكانت أل ِّم رسول اهلل ﷺ)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫أرضه حتّى‬ ‫ِ‬
‫ّخالت م� ْن‬ ‫ّب�ي ﷺ الن‬ ‫كان ُ‬ ‫الر َ‬
‫ج�ل َ‬ ‫ٍ‬
‫مال�ك ‪َّ I‬‬ ‫ِ‬
‫جيعل للن ِّ‬ ‫أن ّ‬ ‫أن�س بن‬ ‫ع� ْن‬
‫ذلك يرد ِ‬
‫عليه ما َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫كان أعطا ُه‪.‬‬ ‫فجعل بعدَ َ ُّ‬ ‫فتحت عليه قريظ ُة والن ُ‬
‫ّضري‪،‬‬ ‫ْ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأسأل ُه ما َ‬
‫كان أهل ُه أعطو ُه‪ْ ،‬أو بعض ُه‪.‬‬ ‫يت الن َّ‬ ‫وإن أهيل أمروين ْ‬
‫أن آ َ‬ ‫أنس‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫قال ٌ‬
‫فجاءت أ ُّم أيم َن‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪ ،‬فأعطانيه َّن‪،‬‬ ‫فأتيت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫نب�ي اهلل ﷺ ق�دْ أعطا ُه أ َّم أيم َن‪،‬‬ ‫َ‬
‫وكان ُّ‬
‫ِ‬
‫وقالت‪ :‬واهلل ال نعطيكاه َّن‪ ،‬وقدْ أعطانيه َّن‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فجعلت ال ّث َ‬
‫وب يف عنقي‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫نبي اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال ُّ‬
‫كال وا ّلذي ال إل َه ّإال َ‬
‫هو‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وتقول‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫أمثاله)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫عرشة‬ ‫ِ‬
‫أمثاله‪ْ ،‬أو قريب ًا م ْن‬ ‫فجعل ُ‬
‫يقول‪ :‬كذا حتّى أعطاها عرش َة‬ ‫َ‬

‫َ‬
‫تل�ك املنائح حتّى‬ ‫م�ن ر ّد‬
‫امتنعت ْ‬
‫ْ‬ ‫«إهنا‬
‫أم أيم�ن‪ّ :‬‬
‫قصة ّ‬
‫«قول�ه يف ّ‬
‫ِ‬
‫ألصل‬ ‫كانت هبة مؤ ّبدة وتليك ًا‬
‫ْ‬ ‫أهنا‬
‫ّت ّ‬
‫ألهنا ظن ْ‬
‫فعلت هذا ّ‬
‫ْ‬ ‫عوضها عرشة أمثاله» إنّا‬
‫ّ‬
‫الرقبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫رضيت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ذلك‪ ،‬فا َ‬
‫زال يزيدها يف العوض حتّى‬ ‫ّبي ﷺ استطابة قلبها يف اسرتداد َ‬
‫وأرا َد الن ّ‬
‫والرتبية»)‪.(3‬‬
‫حق احلضانة ّ‬
‫رع من ُه ﷺ وإكرام هلا؛ ملا هلا م ْن ّ‬ ‫ّ‬
‫وكل هذا ت ّ‬
‫بمنائ�ح م ْن‬
‫َ‬ ‫آثره�م األنصار‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫املهاج�رون‬ ‫َ‬
‫«ق�ال العلاء‪ّ :‬مل�ا ق�د َم‬
‫الش�جر‬ ‫ِ‬
‫برشط ْ‬
‫أن يعمل يف ّ‬ ‫ومنهم م ْن قبله�ا‬ ‫فمنه�م م ْن قبله�ا منيحة حمض�ة‪،‬‬ ‫أش�جارهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫تطب نفس�ه ْ‬
‫نفوس�هم‬
‫ْ‬ ‫أن يقبلها منيحة حمضة‪ ،‬هذا لرشف‬ ‫واألرض ول� ُه نصف ال ّث�ار‪ ،‬ومل ْ ْ‬
‫وكان هذا مساقاة‪ ،‬ويف معنى املساقاة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أن يكونوا ّ‬
‫كالً‪،‬‬ ‫وكراهتهم ْ‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬اإلصابة [‪ ،]291/14‬تاريخ دمشق [‪.[302/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]4120‬ومسلم [‪.[1771‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[101/12‬‬
‫‪‬‬

‫بأنصبائهم فيها ع ْن َ‬
‫تلك املنائح‪ ،‬فر ّدوها إىل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫املهاجرون‬ ‫عليهم خير استغنى‬
‫ْ‬ ‫فتحت‬
‫ْ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫األنصار»)‪.(1‬‬
‫لعمر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق�ال أبو ٍ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫أن�س ب�ن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ِ‬
‫بكر ‪ I‬بع�دَ وفاة رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫وع� ْن‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يزورها‪.‬‬ ‫انطلق بنا إىل أ ِّم أيم َن نزورها كا َ‬
‫كان‬ ‫ْ‬
‫بكت‪.‬‬
‫فلا انتهينا إليها ْ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫لرسوله ﷺ‪.‬‬ ‫خري‬ ‫ِ‬
‫فقاال هلا‪ :‬ما يبكيك؟ ما عندَ اهلل ٌ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫لرس�وله ﷺ‪ ،‬ولك� ْن أبكي َّ‬ ‫خري‬ ‫أعلم َّ‬ ‫َ‬ ‫فقال�ت‪ :‬م�ا أبك�ي ْ‬
‫أن م�ا عندَ اهلل ٌ‬ ‫أك�ون ُ‬ ‫أن ال‬ ‫ْ‬
‫قد انقطع من الس ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫الوحي ِ‬
‫َ َ ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يبكيان معها)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫البكاء‪ ،‬فجعال‬ ‫فه ّيجتها عىل‬

‫احلني وفضلها‪.‬‬
‫الص َ‬ ‫زيار ُة ّ‬
‫هو دونه‪.‬‬
‫الصالح مل ْن َ‬
‫زيار ُة ّ‬
‫ِ‬
‫وألهل و ِّد صديقه‪.‬‬ ‫زيار ُة اإلنسان مل ْن َ‬
‫كان صديق ُه يزور ُه‪،‬‬
‫الصاحلة‪ ،‬وساع كالمها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرجال للمرأة ّ‬
‫زيار ُة مجاعة م َن ّ‬
‫استصحاب العامل والكبري صاحب ًا ل ُه يف ّ‬
‫الزيارة‪ ،‬والعيادة‪ ،‬ونحومها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫احلني واألصحاب‪ْ ،‬‬
‫وإن كانوا قدْ انتقلوا إىل أفضل ممّا‬ ‫الص َ‬ ‫البكا ُء حزن ًا عىل ف�راق ّ‬
‫)‪(3‬‬ ‫كانوا ِ‬
‫عليه‪.‬‬

‫غرت عىل خدجي َة‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫ّبي ﷺ ما ُ‬
‫غرت عىل أحد م ْن نساء الن ِّ‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬ما ُ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[99/12‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2454‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[10/16‬‬
‫‪‬‬

‫ثم يق ّطعها أعضا ًء‪َّ ،‬‬


‫ثم يبعثها يف‬ ‫ذبح ّ‬
‫الشاةَ‪َّ ،‬‬ ‫يكثر ذكرها‪ ،‬ور ّبا َ‬
‫ّبي ﷺ ُ‬ ‫رأيتها‪ ،‬ولك ْن َ‬
‫كان الن ُّ‬
‫ِ‬
‫صدائق خدجي َة‪.‬‬

‫قلت ل ُه‪ :‬كأ ّن ُه مل ْ يك ْن يف الدّ نيا امرأ ٌة ّإال خدجي ُة‪.‬‬


‫فر ّبا ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫فيقول‪:‬‬

‫وهو عندي‪.‬‬
‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫عجوز إىل الن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫جاءت‬
‫ْ‬ ‫وع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‬

‫قالت‪ :‬أنا ج ّثام ُة املزن ّي ُة‪.‬‬


‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫أنت وأ ّمي يا‬ ‫قالت‪ٍ :‬‬
‫بخري بأيب َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫اإلقبال!‬ ‫ِ‬
‫العجوز هذا‬ ‫تقبل عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫رسول اهلل ُ‬
‫َ‬ ‫خرجت‪ ،‬قلت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫أحد من الن ِ‬
‫ّس�اء ّإال عىل‬ ‫يدخ�ل عىل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّبي ﷺ ال‬ ‫مالك ‪ I‬ق�ال‪َ :‬‬ ‫أن�س ب�ن ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫كان الن ُّ‬ ‫ع�ن‬
‫ُ‬
‫يدخل عليها‪.‬‬ ‫كان‬ ‫ِ‬
‫أزواجه‪ّ ،‬إال أ ِّم سلي ٍم‪ ،‬فإ ّن ُه َ‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقيل ل ُه يف َ‬

‫«أ ُّم س�لي ٍم» بن�ت ملح�ان األنصاري�ة ‪ ،J‬وهي أم أن�س بن مالك ‪ I‬مش�هورة‬
‫بكنيتها‪ ،‬واختلف يف اسمها‪.‬‬
‫ِ‬
‫غزوة بئر معونة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ملحان‪ ،‬قتل يف‬ ‫‪ :‬حرام بن‬ ‫ِ‬
‫بقوله‬ ‫واملرا ُد‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]3818‬ومسلم [‪.[2435‬‬


‫احلاكم يف املستدرك [‪ ]17/1‬وصححه‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ،]216‬وقد سبق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫)‪ (2‬أخرجه‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]2844‬ومسلم [‪.[2455‬‬
‫‪‬‬

‫ويف احلديث‪ :‬حفظ عهد اإلخوان واألصحاب والقيام بمصالح أهلهم بعد وفاهتم‪.‬‬
‫قتل معه‪ِ ،‬‬
‫ففيه أ ّن ُه‬ ‫بأن أخاه�ا َ ُ‬ ‫ر قلب أ ِّم س�ليم بزيارهتا‪ ،‬ويع ّل ُل َ‬
‫ذلك َّ‬ ‫ّب�ي ﷺ َ‬
‫كان جي� ُ‬ ‫والن ّ‬
‫ِ‬
‫عهده ﷺ)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫َ‬
‫وذلك م ْن‬ ‫ِ‬
‫وفاته‪،‬‬ ‫بخري بعدَ‬ ‫خلفه يف ِ‬
‫أهله ٍ‬ ‫ُ‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫مظعون‪.‬‬ ‫عثان ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫وكانت عندَ‬ ‫عيل خويل ُة ُ‬
‫بنت حكي ِم‪،‬‬ ‫ع ْن عائش َة ‪ْ J‬‬
‫ْ‬ ‫دخلت َّ‬
‫ْ‬ ‫قالت‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ بذاذ َة هيئتها)‪َ ،(2‬‬


‫فقال يل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فرأى‬

‫زوج هلا‪،‬‬ ‫ّهار‪ ،‬ويقو ُم ال ّل َيل‪َ ،‬‬


‫فهي كم ْن ال َ‬ ‫زوج هلا‪ ،‬يصو ُم الن َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل امرأ ٌة ال َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫فرتكت نفسها وأضاعتها‪.‬‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫مظعون‪ ،‬فجاء ُه‪.‬‬ ‫عثان ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ إىل‬ ‫َ‬
‫فبعث‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫أطلب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّتك‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬ولك ْن سن َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬ال واهلل يا‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫قوته‪،‬‬
‫ضعفت ّ‬
‫ْ‬ ‫أذاب نفسه وجهدها‬
‫يب‪ :‬يريد أ ّن ُه إذا َ‬ ‫‪َ :‬‬
‫قال اخل ّطا ُّ‬
‫ِ‬
‫حاجة أهله‪.‬‬ ‫يستطع قضا َء‬ ‫فلم‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ضيف َ‬
‫كان‬ ‫بالصو ِم إذا أضاف� ُه‬ ‫‪ِ :‬‬
‫فيه دليل ع�ىل َّ‬
‫ٌ‬ ‫املتط�وع ّ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫َ‬
‫وذلك‬ ‫ِ‬
‫ملواكلته إ ّيا ُه‪،‬‬ ‫َ‬
‫بذلك من ُه‪ ،‬ويزيد يف حم ّبته‬ ‫املس�تحب ل ُه ْ‬
‫أن يفطر‪ ،‬ويأكل مع ُه؛ لينبس�ط‬ ‫ّ‬
‫نوع م ْن إكرامه»)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[461 / 8‬‬


‫رث ال ّلبسة‪ .‬النهاية [‪.[110/1‬‬
‫أي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫)‪ (2‬البذاذة رثاثة اهليئة‪ُ .‬‬
‫بذ اهليئة وبا ّذ اهليئة‪ْ :‬‬
‫يقال‪ُّ :‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]1369‬وأمحد [‪ ،]25776‬واللفظ له‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7946‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[170/4‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‪ ،‬وإنّا أرسينا)‪ (1‬حتّى كنّا يف‬


‫مع الن ِّ‬ ‫ٍ‬
‫س�فر َ‬ ‫حصني ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬كنّا يف‬ ‫ٍ‬ ‫عن عمران بن‬
‫ِ‬
‫املسافر منها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫آخر ال ّل ِ‬
‫يل وقعنا وقع ًة‪ ،‬وال وقع َة أحىل عندَ‬

‫ثم‬ ‫ثم ٌ‬
‫فالن‪َّ ،‬‬ ‫ث�م ٌ‬
‫فالن‪َّ ،‬‬ ‫اس�تيقظ منّا أبو ٍ‬
‫بكر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وكان ّأو َل م ْن‬
‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫�مس‪،‬‬ ‫حر ّ‬‫ف�ا أيقظنا ّإال ُّ‬
‫ابع‪.‬‬
‫الر ُ‬ ‫عمر ب ُن اخل ّط ِ‬
‫اب ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫حيدث ل ُه يف‬ ‫ُ‬
‫يس�تيقظ‪ ،‬ألنّا ال ن�دري ما‬ ‫هو‬ ‫َ‬
‫يكون َ‬ ‫ْ‬
‫يوق�ظ حتّى‬ ‫ّب�ي ﷺ إذا ن�ا َم مل ْ‬ ‫َ‬
‫وكان الن ُّ‬
‫ِ‬
‫نومه)‪.(2‬‬

‫ال جليد ًا أجوف)‪.(3‬‬ ‫َ‬


‫وكان رج ً‬ ‫ّاس‪،‬‬
‫أصاب الن َ‬
‫َ‬ ‫عمر ورأى ما‬ ‫َ‬
‫استيقظ ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫بصوته‬ ‫َ‬
‫اس�تيقظ‬ ‫ويرف�ع صوت ُه بالت ِ‬
‫ّكبري حتّى‬ ‫يكر‬ ‫ورف�ع صوت ُه بالت ِ‬
‫ّكب�ري‪ ،‬فا َ‬
‫ُ‬ ‫زال ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫فك�ر‬
‫َّ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫أصاهبم‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫استيقظ شكوا ِ‬
‫إليه ا ّلذي‬ ‫َ‬ ‫فلا‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ .‬‬‫الن ُّ‬
‫فتوض َ�أ‪ ،‬ونودي بالص ِ‬
‫�الة‪ّ ،‬‬
‫فصىل‬ ‫ِ‬ ‫ثم َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫َ ّ‬ ‫نزل‪ ،‬فدع�ا بالوضوء‪ّ ،‬‬ ‫غري بعي�د‪َّ ،‬‬
‫فس�ار َ‬
‫َ‬ ‫فارحت�ل‪،‬‬
‫بالنّاس‪.‬‬

‫مع القو ِم‪َ ،‬‬


‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫معتزل مل ْ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يصل َ‬ ‫برجل‬ ‫هو‬
‫انفت�ل م ْن صالته إذا َ‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬

‫َ‬
‫قال‪ :‬أصابتني جناب ٌة وال ما َء‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫الرى سري عا ّمة ال ّليل‪.‬‬


‫)‪ّ (1‬‬
‫قطع الوحي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يمتنعون م ْن إيقاظه ﷺ؛ ملا كانوا يتو ّق َ‬
‫َ‬
‫خيافون م ْن إيقاظه َ‬ ‫عون م َن اإلحياء إليه يف املنام‪ ،‬فكانوا‬ ‫)‪ (2‬كانوا‬
‫ِ‬
‫فال يوقظون ُه الحتال َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫)‪ (3‬اجلليد‪ :‬القوي‪ ،‬وأجوف أي رفيع الصوت‪ ،‬خيرج صوته من جوفه بقوة‪ٍ.‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عليهم إ ْذ ملْ‬ ‫الصالة يف وقتها بأهنّ ْم ال حرج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪ِ (4‬‬
‫ْ‬ ‫هلم م ْن األسف عىل فوات ّ‬ ‫عرض ْ‬ ‫الصحابة ملا َ‬ ‫تأنيس لقلوب ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وفيه‪:‬‬
‫يتعمدوا َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫العط�ش‪َ ،‬‬
‫فنزل‪ ،‬فدعا فالن� ًا)‪ (1‬ودعا عل ّي ًا‪،‬‬ ‫ّاس م َن‬ ‫ِ‬
‫ّبي ﷺ‪ ،‬فاش�تكى إليه الن ُ‬ ‫س�ار الن ُّ‬
‫ث�م َ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫مزادتني)‪ (2‬م ْن‬ ‫بني‬ ‫ٍ‬
‫س�ادلة رجليها َ‬ ‫ٍ‬
‫بامرأة‬ ‫نس�ري إذا نح ُن‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬اذهبا فابتغيا املا َء‪ .‬فبينا نح ُن‬
‫ُ‬
‫ماء عىل ٍ‬
‫بعري هلا‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫فقلنا هلا‪ :‬أي َن املا ُء‪.‬‬

‫لكم‪.‬‬
‫قالت‪ :‬أهيا ْه أهيا ْه ‪ ،‬ال ما َء ْ‬
‫)‪(3‬‬
‫ْ‬
‫أهلك وبني ِ‬
‫املاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بني‬
‫َ‬ ‫فكم َ‬
‫قلنا‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫وليلة‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬مسري ُة يو ٍم‬
‫ْ‬
‫قاال هلا‪ :‬انطلقي إذ ًا‪.‬‬

‫قالت‪ :‬إىل أي َن‪.‬‬


‫ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫قاال‪ :‬إىل‬

‫ابئ‪.‬‬
‫الص ُ‬ ‫قالت‪ :‬ا ّلذي ُ‬
‫يقال ل ُه ّ‬ ‫ْ‬
‫تعنني‪ ،‬فانطلقي‪.‬‬
‫َ‬ ‫هو ا ّلذي‬
‫قاال‪َ :‬‬
‫مثل ا ّلذي أخرتنا‪ ،‬وأخرت ُه ّأهنا موت ٌة‬
‫احلديث‪ ،‬فأخرت ُه َ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ وحدّ ثا ُه‬
‫فجاءا هبا إىل الن ِّ‬
‫ٌ‬
‫صبيان أيتا ٌم‪.‬‬ ‫هلا‬
‫َ‬
‫وأوكأ‬ ‫ِ‬
‫املزادتني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أفواه‬ ‫فيه م ْن‬ ‫قال‪ :‬فاس�تنزلوها عن بعريها‪ ،‬ودعا النّبي ﷺ ٍ‬
‫بإناء‪ ،‬ففر َغ ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫وأطلق العزا َيل)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫أفواهها‪،‬‬
‫ونودي يف الن ِ‬
‫ّاس‪ :‬اسقوا‪ ،‬واستقوا‪.‬‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬هو عمران بن حصني‪.‬‬


‫وهي أكر م َن القربة‪.‬‬
‫)‪ (2‬املزادة معروفة َ‬
‫لكم‬
‫ليس ْ‬
‫أي‪َ :‬‬
‫لكم‪ْ ،‬‬
‫قالت بعده‪ :‬ال ماء ْ‬
‫هيهات‪ ،‬ومعنا ُه البعد م َن املطلوب واليأس من ُه‪ ،‬كا ْ‬
‫َ‬ ‫هيهات‬
‫َ‬ ‫ه�و بمعن�ى‬
‫)‪َ (3‬‬
‫ماء حارض وال قريب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫ولكل مزادة عزاالن م ْن أسفلها‪.‬‬ ‫الراوية‪،‬‬
‫مصب املاء م ْن ّ‬
‫ُّ‬ ‫وهي‬
‫)‪ (4‬العزايل مجع عزالء َ‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عطاش حتّى روينا‪ ،‬ومألنا َّ‬


‫ٌ‬ ‫َ‬
‫أربعون رج ً‬
‫غري أنّا مل ْ‬
‫كل قربة معنا وإداوة‪َ ،‬‬ ‫ال‬ ‫فرشبن�ا ونح ُن‬
‫ِ‬
‫املزادتني‪.‬‬ ‫نسق بعري ًا‪ ،‬وهي تكاد تنرضج)‪ (1‬من ِ‬
‫املاء يعني‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أن أعط�ى ا ّل�ذي أصابت�ه اجلناب� ُة إناء من ٍ‬
‫م�اء‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫آخ�ر َ‬
‫ذاك ْ‬ ‫َ‬
‫ً ْ‬ ‫ُ‬ ‫وكان ُ‬
‫‪.‬‬
‫تنظر إىل ما ُ‬
‫يفعل بائها‪.‬‬ ‫وهي قائم ٌة ُ‬
‫َ‬
‫حني ابتد َأ فيها‪.‬‬
‫أقلع عنها‪ ،‬وإ ّن ُه ليخ ّي ُل إلينا ّأهنا أشدُّ مأل ًة منها َ‬
‫وايم اهلل لقدْ َ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫ٍ‬
‫وس�ويقة‪ ،‬حتّى مجعوا هلا طعام ًا كثري ًا‪ ،‬فجعلوها يف‬ ‫ٍ‬
‫ودقيقة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عجوة‪،‬‬ ‫فجمعوا هلا م ْن ِ‬
‫بني‬
‫بني يدهيا‪.‬‬
‫وب َ‬ ‫ٍ‬
‫ثوب‪ ،‬ومحلوها عىل بعريها‪ ،‬ووضعوا ال ّث َ‬
‫َ‬
‫قال هلا‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫حبسك يا فالن ُة‪.‬‬ ‫عنهم‪ ،‬قالوا‪ :‬ما‬ ‫احتبست‬
‫ْ‬ ‫فأتت أهلها‪ ،‬وقدْ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫ابئ‪َ ،‬‬
‫ففعل كذا وكذا‪،‬‬ ‫رجالن‪ ،‬فذهبا يب إىل هذا ا ّلذي ُ‬ ‫ِ‬
‫الص ُ‬
‫يقال ل ُه ّ‬ ‫العجب‪ ،‬لقيني‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬‫ْ‬
‫وقالت بإصبعيها الوس�طى والسب ِ‬
‫ابة‪ ،‬فرفعتها‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫وهذه‪،‬‬ ‫بني ِ‬
‫هذه‬ ‫ّاس م ْن ِ‬
‫ألس�حر الن ِ‬ ‫فواهلل إ ّن ُه‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫لرسول اهلل ح ّق ًا‪.‬‬ ‫واألرض‪ْ ،‬أو إ ّن ُه‬ ‫السا َء‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الساء تعني ّ‬ ‫إىل ّ‬
‫الرص َم‬ ‫َ‬
‫يصيب�ون ّ‬ ‫املرشكني‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يغ�ريون عىل م َن حوهلا م� ْن‬ ‫ذلك‬ ‫َ‬
‫املس�لمون بعدَ َ‬ ‫َ‬
‫ف�كان‬
‫هي من ُه)‪.(2‬‬‫ا ّلذي َ‬
‫لكم يف اإلسال ِم؟‬ ‫يدعونكم عمد ًا‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فقالت يوم ًا لقومها‪ :‬ما أرى َّ‬
‫فهل ْ‬ ‫ْ‬ ‫هؤالء القو َم‬ ‫أن‬ ‫ْ‬
‫فأطاعوها‪ ،‬فدخلوا يف اإلسال ِم»)‪.(3‬‬

‫تنشق لكثرة امتالئها‪.‬‬


‫أي‪ّ :‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫الرصم‪ :‬أبيات جمتمعة م َن النّاس‪.‬‬
‫)‪ّ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]344‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم [‪.[682‬‬
‫‪‬‬

‫فق�د حف�ظ النبي ﷺ هل�ذه املرأة املعروف ال�ذي قدّ مت ُه هلم‪ ،‬فراعى ذل�ك فيها‪ ،‬فقدّ م هلا‬
‫طعام ًا كثري ًا‪ ،‬وراعى ذلك يف قومها أيض ًا حفظ ًا ملعروفها‪.‬‬

‫«حفظ النبي ﷺ هذه املرأة يف قومها وبالدها‪ ،‬فراعى يف قومها ذمامها»)‪.(1‬‬

‫أن من فاتته صالة فإنه يؤ ّدهيا إذا ذكرها‪ ،‬ولو بعد خروج وقتها‪.‬‬
‫أن احلاجة إىل املاء إذا اشتدّ ْت أخذ حيث وجد ويعوض صاحبه منه‪ ،‬كا عو ِ‬
‫ضت‬ ‫ّ‬
‫املرأةُ‪.‬‬

‫من دالئل النبوة ومعجزات الرسول ﷺ أن توضأ أهل اجليش‪ ،‬ورشبوا‪ ،‬واغتسل‬
‫من كان جنب ًا مما سقط من العزاىل‪ ،‬وبقيت املزادتان مملوءتني‪.‬‬

‫مراعاة ذمام الكافر واملحافظة به كا حفظ النبي ﷺ هذه املرأة يف قومها وبالدها‪.‬‬

‫فراع�ى يف قومه�ا ذمامها‪ ،‬وإن كانت من صميمهم‪ ،‬فهي م�ن أدناهم‪ ،‬وكان ترك الغارة‬
‫عىل قومها سبب ًا إلسالمها‪ ،‬وإسالمهم وسعادهتم‪.‬‬

‫ُ‬
‫بيان مقدار االنتفاع باالستئالف عىل اإلسالم؛ ألن قعودهم عن الغارة عىل قومها‬
‫كان استئالف ًا هلم‪ ،‬فعلم القوم قدر ذلك‪ ،‬وبادروا إىل اإلسالم؛ رعاية لذلك ِّ‬
‫احلق‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫قر‬ ‫ٍ‬
‫بامرأة تبكي عندَ ٍ‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫مر الن ُّ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫صبي هلا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫عىل ّ‬
‫تصب بمصيبتي‪ ،‬ومل ْ تعرف ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫إليك عنّي‪ ،‬فإن َّك مل ْ‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬عمدة القاري [‪.[32/4‬‬


‫)‪ (2‬رشح صحيح البخارى [‪ ]487/1‬البن بطال‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ّبي ﷺ‪ ،‬فأخذها مثل املوت)‪.(1‬‬ ‫َ‬


‫فقيل هلا‪ :‬إ ّن ُه الن ُّ‬
‫ابني‪.‬‬
‫فلم جتدْ عند ُه ّبو َ‬
‫ّبي ﷺ ْ‬
‫باب الن ِّ‬
‫فأتت َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫أعرفك‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬مل ْ‬
‫ْ‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أن الصر ا ّلذي حيمد ِ‬
‫عليه صاحبه ما َ‬
‫بخالف ما بعد‬ ‫كان عند مفاجأة املصيبة‪،‬‬ ‫َّ ّ‬
‫َ‬
‫ذلك‪ ،‬فإ ّن ُه عىل األ ّيام يسلو‪.‬‬

‫والصر معتذرة‬ ‫ِ‬ ‫ّأهنا ّملا‬


‫جاءت طائعة ملا أمرها به م َن التّقوى ّ‬
‫ْ‬
‫فهو ا ّلذي‬ ‫الصر ْ‬
‫أن يك�ون يف ّأول احلال‪َ ،‬‬ ‫حق هذا ّ‬ ‫ب�ني هلا َّ‬
‫أن ّ‬ ‫الصادر ِ‬
‫عن احلزن ّ َ‬ ‫ع� ْن قوهل�ا ّ‬
‫يرتتّب ِ‬
‫عليه ال ّثواب)‪.(3‬‬

‫الظاهر أن بكاءها كان زائدا عن احل�دِّ ‪ ،‬أو وقعت يف النياحة؛ ألن‬


‫البكاء العادي ليس بمنكر‪.‬‬

‫وجواب النبي ﷺ هلا من األس�لوب احلكيم‪ ،‬وهو تل ّقي الس�ائل بغري ما يتط ّل ُ‬
‫ب بتنزيل‬
‫األهم‪ ،‬واألوىل بالسؤال)‪.(4‬‬
‫ُّ‬ ‫سؤاله منزلة غريه تنبيه ًا عىل أنه‬

‫كأن�ه يق�ول هلا‪ :‬دعي االعتذار فإين ال أغضب لنفيس‪ ،‬إنا أغضب هلل‪ ،‬والتفتي إىل ما هو‬
‫أهم من ذلك‪.‬‬

‫ِ‬
‫باجلاهل‪ ،‬ومس�احمة املصاب‪ ،‬وقبول اعتذاره‪،‬‬ ‫والرفق‬ ‫ما َ ِ‬
‫كان فيه ﷺ م َن التّواضع‪ّ ،‬‬
‫مع ّ‬
‫كل أحد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باملعروف‪ ،‬والنّهي ِ‬
‫عن املنكر َ‬ ‫ومالزمة األمر‬

‫ً‬
‫خجال من ُه ومهابة‪.‬‬ ‫عرفت أ ّن ُه ﷺ‬
‫ْ‬ ‫أي‪ :‬م ْن شدّ ة الكرب ا ّلذي أصاهبا ّملا‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1283‬ومسلم [‪.[926‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[150/3‬‬
‫)‪ (4‬ينظر‪ :‬اإليضاح يف علوم البالغة [‪.[110/2‬‬
‫‪‬‬

‫حوائج الن ِ‬
‫ّاس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أن يت َ‬
‫ّخذ م ْن حيجب ُه ع ْن‬ ‫أن القايض ال ينبغي ل ُه ْ‬
‫َّ‬

‫اآلمر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫ٍ‬


‫بمعروف ينبغي ل ُه ْ‬ ‫َّ‬
‫ولو مل ْ يعرف َ‬
‫يقبل‪ْ ،‬‬ ‫أمر‬
‫أن م ْن َ‬
‫بالص ِر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلزع م َن املنه ّيات؛ ألمره هلا بالتّقوى مقرون ًا ّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫املوعظة)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫ونرش‬ ‫ِ‬
‫ّصيحة‪،‬‬ ‫احتال األذى عندَ ِ‬
‫بذل الن‬ ‫ِ‬ ‫غيب يف‬
‫الرت ُ‬
‫ّ‬
‫ﷺ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫بن أيب ٍ‬
‫ذباب َ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫إياس ِ‬
‫ِ‬ ‫فع ْن‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫ذئرن النّسا ُء عىل أزواجه َّن)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬ ‫عمر إىل‬
‫فجا َء ُ‬
‫ص يف رضهب َّن)‪.(3‬‬ ‫ّ‬
‫فرخ َ‬
‫َ‬
‫يشكون أزواجه َّن‪.‬‬ ‫كثري‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫فأطاف بآل رسول اهلل ﷺ نسا ٌء ٌ‬
‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال الن ُّ‬
‫)‪.(4‬‬
‫خياركم م ْن ال يرضهب َّن‪،‬‬
‫ْ‬ ‫بخياركم‪ْ .‬بل‬
‫ْ‬ ‫نساءهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يرضبون‬ ‫الرجال ا ّلذي‬ ‫َ‬
‫أولئك ّ‬ ‫ليس‬
‫أي‪َ :‬‬
‫ويتحمل عنه َّن‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرضب أفضل وأمجل)‪.(5‬‬
‫والصر عىل سوء أخالقه َّن وترك ّ‬
‫ّحمل ّ‬
‫فالت ّ‬

‫وهي حبىل م َن ّ‬
‫الزنا‪،‬‬ ‫نبي اهلل ﷺ َ‬ ‫أن امرأ ًة م ْن جهين َة ْ‬
‫أتت َّ‬ ‫ٍ‬
‫حصني ‪َّ I‬‬ ‫عم�ران ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن‬
‫أصبت حدّ ًا فأقم ُه َّ‬
‫عيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نبي اهلل‬
‫فقالت‪ :‬يا َّ‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[150/3‬‬


‫َ‬
‫واجرتأن‪ .‬النهاية [‪.[151/2‬‬ ‫عليهم‬
‫ْ‬ ‫أي نشزن‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫خيرض جلد ًا‪ ،‬وال يرضب يف مقتل‪ ،‬مع جتنب الوجه‪..‬الخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬أي‪ :‬يف احلدود املرشوعة بحيث ال يكر عظا‪ ،‬وال‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ،]2146‬وابن ماجه [‪ ]1985‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[1863‬‬
‫)‪ (5‬عون املعبود [‪.[130/6‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫ففعل‪.‬‬ ‫نبي اهلل ﷺ ول ّيها‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فدعا ُّ‬
‫ثم ّ‬
‫صىل عليها‪.‬‬ ‫فرمجت‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫أمر هبا‬
‫ثم َ‬‫ّت عليها ثياهبا‪َّ ،‬‬
‫نبي اهلل ﷺ‪ ،‬فشك ْ‬
‫فأمر هبا ُّ‬
‫َ‬
‫زنت‪.‬‬
‫نبي اهلل وقدْ ْ‬ ‫عمر‪ّ :‬‬
‫تصيل عليها يا َّ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه ُ‬
‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫سببان‪:‬‬ ‫هذا اإلحسان ل ُه‬ ‫قوله ﷺ لو ِّيل الغامد ّية‪:‬‬
‫أن يؤذوها‪،‬‬‫هب�م ْ‬
‫حتملهم الغرية‪ ،‬وحل�وق العار ْ‬
‫ْ‬ ‫اخل�وف عليه�ا م ْن أقارهب�ا ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫فأوىص باإلحسان إليها حتذير ًا ْ‬
‫هلم م ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وحر َض عىل اإلحسان إليها ملا يف نفوس النّاس م َن‬
‫تابت‪ّ ،‬‬‫أمر ِبه رمحة هلا إ ْذ قدْ ْ‬
‫َ‬
‫ذلك‪ ،‬فنهى ع ْن هذا ك ّله)‪.(2‬‬
‫النّفرة م ْن مثلها‪ ،‬وإساعها الكالم املؤذي ونحو َ‬

‫فحسنت توبتها‬
‫ْ‬ ‫وع ْن عائش َة ‪ J‬يف قصة املخزومية التي رسقت قالت عائشة ‪:J‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ)‪.(3‬‬ ‫فأرفع حاجتها إىل‬
‫ُ‬ ‫وكانت تأتيني بعدَ َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫جت‪،‬‬
‫وتزو ْ‬
‫بعدُ ‪ّ ،‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫هل يل م ْن توبة يا رسول اهلل؟‬ ‫ويف رواية ْ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫فقالت يل أ ُّم سلي ٍم‪:‬‬ ‫ِ‬


‫بأهله‪،‬‬ ‫َ‬
‫فدخل‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫تزو َج‬ ‫مالك ‪َ I‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫ْ‬ ‫قال‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ هد ّي ًة‪.‬‬ ‫ْلو أهدينا‬
‫فقلت هلا‪ :‬افعيل‪.‬‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[1696‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[205/11‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]4304‬ومسلم [‪.[1688‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ]6619‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ،L‬وصحح إسناده أمحد شاكر‪ ،‬وضعفه شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ذت حيس ًة‪ ،‬فجعلت ُه يف ٍ‬


‫تور)‪.(1‬‬ ‫فاخت ْ‬ ‫ٍ‬
‫وأقط‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫وسمن‬ ‫فعمدت إىل ٍ‬
‫تر‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫تقرئك‬ ‫وهي‬ ‫بعثت هبذا َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ْ ،‬‬
‫إليك أ ّمي‪َ ،‬‬ ‫فقل‪ْ :‬‬ ‫اذهب هبذا إىل‬
‫ْ‬ ‫أنس‬
‫فقالت‪ :‬يا ُ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫لك منّا ٌ‬
‫قليل يا‬ ‫إن هذا َ‬ ‫ُ‬
‫وتقول‪َّ :‬‬ ‫السال َم‪،‬‬
‫ّ‬
‫إن هذا َ‬
‫لك منّا‬ ‫ُ‬
‫وتقول‪َّ :‬‬ ‫الس�ال َم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫تقرئك ّ‬ ‫إن أ ّمي‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫فذهبت هبا إىل‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫قليل يا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫وسمى رجاالً‪.‬‬
‫‪ّ ،‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫لقيت)‪.(2‬‬
‫سمى‪ ،‬وم ْن ُ‬
‫فدعوت م ْن ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بأهله‪.‬‬ ‫غاص‬
‫البيت ٌّ‬
‫ُ‬ ‫فرجعت فإذا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال يل‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫فرأي�ت النّب�ي ﷺ وض�ع ِ‬
‫جعل يدعو‬ ‫تلك احليس�ة‪ ،‬وتك ّل َم هبا ما ش�ا َء اهلل‪َّ ،‬‬
‫يديه عىل َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫عرش ًة عرشةً‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫ودخلت طائف ٌة‪ ،‬حتّى أكلوا ك ّل ْ‬


‫هم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فخرجت طائف ٌة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫قال‪ :‬فأكلوا حتّى شبعوا‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‪:‬‬
‫رفعت)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫حني‬
‫أكثر أ ْم َ‬
‫كان َ‬‫وضعت َ‬
‫ُ‬ ‫حني‬
‫فرفعت‪ ،‬فا أدري َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بتكثري ال ّطعام)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‬ ‫ويف هذا احلديث معجزة ظاهرة‬
‫ٍ‬
‫منسوجة‪ ،‬فيها حاشيتها)‪.(5‬‬ ‫ٍ‬
‫بردة‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫سهل ‪َّ I‬‬
‫أن امرأ ًة جاءت الن َّ‬ ‫وع ْن‬

‫)‪ (1‬التّور إناء مثل القدح‪.‬‬


‫ٍ‬
‫ثالثائة‪.‬‬ ‫)‪ (2‬وكانوا زها َء‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[1428‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[232/9‬‬
‫)‪ (5‬حاشية ال ّثوب هدبه‪ ،‬فكأ ّن ُه َ‬
‫قال إهنّا جديدة ْمل يقطع هدهبا ْ‬
‫ومل تلبس بعد‪.‬‬
‫‪‬‬

‫فجئت ألكسوكها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬نسجتها بيدي‪،‬‬
‫ْ‬
‫فالن‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فحس�نها ٌ‬
‫وإهنا إزار ُه‪ّ ،‬‬
‫فخرج إلينا ّ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ حمتاج ًا إليها‪،‬‬
‫فأخذها الن ُّ‬
‫‪.‬‬
‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ْ :‬‬
‫أرسل هبا ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثم‬
‫رجع‪ ،‬فطواها‪َّ ،‬‬
‫ثم َ‬‫فجلس ما شا َء اهلل يف املجلس‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫وعلم�ت أ ّن ُه ال ير ُّد‬
‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ حمتاج ًا إليها‪َّ ،‬‬
‫ثم س�ألت ُه‪،‬‬ ‫أحس�نت‪ ،‬لبس�ها الن ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال القو ُم‪ :‬ما‬
‫سائالً‪.‬‬
‫َ‬
‫لتكون كفني‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ّ :‬إين واهلل ما سألت ُه أللبس ُه‪ ،‬إنّا سألت ُه‬
‫فكانت كفن ُه)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫قال ٌ‬
‫سهل‪:‬‬ ‫َ‬

‫ّبي ﷺ‪ ،‬وسعة جوده‪ ،‬وقبوله اهلد ّية‪.‬‬ ‫حس ُن ِ‬


‫خلق الن ّ‬
‫ليعرف ُه قدرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫استحسان اإلنسان ما يرا ُه عىل غريه م َن املالبس وغريها‪ ،‬إ ّما ّ‬ ‫جواز‬
‫ُ‬
‫حيث يسوغ ل ُه َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بطلبه من ُه ُ‬ ‫ليعرض ل ُه‬
‫وإ ّما ّ‬
‫مرشوع ّية اإلنكار عند خمالفة األدب ظاهر ًا‪ْ ،‬‬
‫وإن مل ْ يبلغ املنكر درجة التّحريم‪.‬‬
‫اليشء قبل وقت احلاجة ِ‬
‫إليه)‪.(2‬‬ ‫جواز إعداد ّ‬‫ُ‬

‫رسول اهلل ﷺ لطعا ٍم صنعت ُه ل ُه‪َ ،‬‬


‫فأكل من ُه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن أ ّم س�لي ٍم ْ‬
‫دعت‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫طول ما لبس‪ ،‬فنضحته ٍ‬
‫باء)‪.(3‬‬ ‫حصري لنا قدْ اسو َّد م ْن ِ‬
‫ٍ‬ ‫فقمت إىل‬ ‫أنس‪:‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ٌ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[1277‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[144/3‬‬
‫الرواية‬ ‫ِ‬ ‫ليلني فإ ّن ُه َ‬ ‫ِ‬
‫كان م� ْن جريد النّخل ‪-‬كا ّرص َح ب�ه يف ّ‬ ‫)‪ (3‬اس�وداده لط�ول زمن�ه وكثرة اس�تعاله‪ ،‬وإنّا نضح� ُه َ‬
‫األخرى‪ -‬ويذهب عن ُه الغبار ونحوه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫فص�ىل لن�ا‬
‫ّ‬ ‫والعج�وز م� ْن ورائن�ا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫واليتي�م وراء ُه)‪،(1‬‬
‫َ‬ ‫وصفف�ت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫فق�ا َم‬
‫انرصف)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬
‫ركعتني‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬

‫كان الدّ اعي امرأةً‪ ،‬لك ْن ُ‬


‫حيث تؤم ُن الفتنة‪.‬‬ ‫ولو َ‬
‫ولو مل ْ تك ْن عرس ًا‪ْ ،‬‬
‫إجاب ُة الدّ عوة ْ‬
‫ِ‬
‫باملش�اهدة‬ ‫الصالة‬
‫تعليمهم أفعال ّ‬
‫ْ‬ ‫صال ُة النّافلة مجاعة يف البيوت‪ ،‬وكأ ّن ُه ﷺ أرا َد‬
‫لبعد موقفها‪.‬‬‫ألجل املرأة؛ فإهنا قدْ خيفى عليها بعض التّفاصيل ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫املصىل‪ ،‬وقيام الصبي مع الرجل ص ّف ًا‪ ،‬وتأخري الن ِ‬
‫ّس�اء ع ْن صفوف‬ ‫ّ‬ ‫تنظيف مكان‬‫ُ‬
‫ّ ّ َ ّ‬
‫الرجال‪ ،‬وقيام املرأة ص ّف ًا وحدها إذا مل ْ يك ْن معها امرأة غريها»)‪.(3‬‬
‫ّ‬

‫فقال‪:‬‬ ‫الس ِ‬
‫�ائب‪َ ،‬‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫دخل عىل أ ِّم ّ‬ ‫َ‬ ‫عن ِ‬
‫جابر بن عبد اهلل ‪َّ :L‬‬
‫أن‬
‫)‪.(4‬‬

‫احلمى‪ ،‬ال َ‬
‫بارك اهلل فيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قالت‪ّ :‬‬
‫)‪.(5‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫صهر عىل النار ذهب خبثه‪ ،‬وبقي صافي ًا‪ ،‬كذلك احلمى تفعل يف اإلنسان‪.‬‬
‫فإن احلديد إذا َ‬
‫رسول اهلل ﷺ وأنا مريضة‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬عادين‬ ‫ِ‬
‫وع ْن أ ِّم العالء ْ‬
‫)‪.(6‬‬

‫احلمريي موىل رسول اهلل ﷺ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬وهو ضمرية بن سعد‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]380‬ومسلم [‪.[658‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[490/1‬‬
‫)‪ِ (4‬‬
‫أي‪ :‬ترعدي َن‪ .‬النهاية [‪.[305/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[2575‬‬
‫)‪ (6‬رواه أبو داود [‪ ،]3092‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة [‪.[714‬‬
‫‪‬‬

‫وكانت م َن املبايعات)‪.(1‬‬
‫ْ‬ ‫عمة حكيم بن حزام‬‫هي ّ‬‫املنذري‪ :‬وأ ّم العالء َ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫ّبي ﷺ أحس� َن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫مرضت ام�رأ ٌة م ْن ِ‬ ‫ٍ‬
‫س�هل َ‬ ‫وع� ْن أيب أمام َة ِ‬
‫وكان الن ُّ‬ ‫أهل العوايل‪،‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن‬
‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫للمريض‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫يشء عياد ًة‬
‫أصبح َ‬
‫سأل عنها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فلا‬
‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫فاتت ليالً‪ ،‬فدفنوها‪ ،‬ومل ْ يعلموا الن َّ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫نوقظك يا‬ ‫فقالوا‪ :‬كرهنا ْ‬
‫أن‬
‫وكر أربع ًا)‪.(2‬‬
‫فصىل عليها‪َ ّ ،‬‬ ‫فأتى قرها‪ّ ،‬‬
‫وحمل هذا عندي‬ ‫ِ‬
‫النس�اء‪ ،‬وإن مل يكن ذوات حمر ٍم‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫عيادة‬ ‫«وفيه‪ :‬إباح ُة‬
‫أن تكون املرأة متجا ّلة)‪ ،(3‬وإن كانت غري متجا ّلة فال‪ ،‬إال أن يسأل عنها‪ ،‬وال ينظر إليها»)‪.(4‬‬

‫ٍ‬
‫وسمن‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ عىل أ ِّم سلي ٍم فأتت ُه ٍ‬
‫بتمر‬ ‫أنس ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫دخل الن ُّ‬ ‫ع ْن ٍ‬

‫صائم‪.‬‬ ‫فإين‬
‫وتركم يف وعائه‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫سقائه‪،‬‬ ‫سمنكم يف‬ ‫فقال‪ :‬أعيدوا‬‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫وأهل بيتها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املكتوبة‪ ،‬فدعا أل ِّم سلي ٍم‬ ‫غري‬ ‫البيت ّ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫فصىل َ‬ ‫ناحية م ْن‬ ‫ثم قا َم إىل‬
‫َّ‬
‫خويص ًة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إن يل‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫فقالت أ ُّم سلي ٍم‪ :‬يا‬
‫ْ‬
‫هي‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ما َ‬
‫ادع اهلل ل ُه‪.‬‬
‫قالت‪ :‬خويدمك أنس‪ُ ،‬‬ ‫ْ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫آخرة وال دنيا ّإال دعا يل ِبه‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫خري‬ ‫فا َ‬
‫ترك َ‬
‫)‪ (1‬الرتغيب والرتهيب [‪.[148/4‬‬
‫)‪ (2‬رواه النسائي [‪ ]1907‬وصححه األلباين يف صحيح النسائي [‪ ،]1981‬وروى البخاري [‪ ،]458‬ومسلم‬
‫]‪ ]956‬عن أيب هريرة نحوه‪ ،‬وقد سبق‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬كبرية‪.‬‬
‫)‪ (4‬التمهيد [‪.[255/6‬‬
‫واغفر ذنبه»‪ ،‬وصححها‬
‫ْ‬ ‫أكثر مال ُه‪ ،‬وولد ُه‪ْ ،‬‬
‫وأطل عمر ُه‪،‬‬ ‫«اللهم ْ‬
‫َّ‬ ‫)‪ (5‬ويف رواية عند ابن سعد يف الطبقات [‪:]14/7‬‬
‫احلافظ يف الفتح [‪.[229/4‬‬
‫‪‬‬

‫حج ٍ‬
‫اج‬ ‫ِ‬
‫األنصار ماالً‪ ،‬وحدّ ثتني ابنتي أمين ُة أ ّن ُه دف َن لصلبي مقد َم ّ‬ ‫فإين مل ْن ِ‬
‫أكثر‬ ‫قال أنس‪ّ :‬‬
‫وعرشون ومائ ٌة)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫بضع‬
‫البرص َة ٌ‬
‫قارب املائ َة‪.‬‬
‫َ‬ ‫وتسعني من اهلجرة‪ ،‬وقدْ‬
‫َ‬ ‫ذلك إىل سنة ثالث‬ ‫وقدْ َ‬
‫عاش أنس بعد َ‬
‫ِ‬
‫اثنتني يف‬ ‫َ‬
‫ثالث دعوات قدْ رأي�ت منها‬ ‫ويف مس�لم «‪« :«2481‬فدع�ا يل رس�ول اهلل ﷺ‬
‫الدّ نيا‪ ،‬وأنا أرجو ال ّثالثة يف اآلخرة»‪.‬‬

‫إن اب َن‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل َّ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫ذهبت يب خالتي إىل الن ِّ‬
‫ْ‬ ‫الس�ائب بن يزيد قال‪:‬‬
‫وعن ّ‬
‫وجع‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أختي‬
‫ِ‬
‫وضوئه‪.‬‬ ‫فرشبت م ْن‬ ‫توض َأ‬
‫ثم ّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فمسح رأس ودعا يل بالركة‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫احلجلة)‪.(2‬‬ ‫زر‬ ‫ِ‬
‫كتفيه َ‬ ‫فنظرت إىل خات ِم الن ّّبو ِة َ‬ ‫ِ‬
‫مثل ِّ‬ ‫بني‬ ‫ُ‬ ‫ظهره‬ ‫خلف‬
‫َ‬ ‫قمت‬
‫ثم ُ‬‫َّ‬
‫بزرها بيضتها‪ ،‬ويؤ ّيد ُه َّ‬ ‫ِ‬
‫أن يف حديث آخر «مثل‬ ‫وامل�راد باحلجل�ة ال ّطري‪ ،‬وعىل هذا فاملراد ّ‬
‫بيضة احلامة»)‪.(3‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مجيل َة)‪.(4‬‬ ‫فساها‬ ‫كانت ُ‬
‫يقال هلا‪ :‬عاصي ُة‪ّ ،‬‬ ‫أن ابن ًة َ‬
‫لعمر ْ‬ ‫عمر َّ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ابن َ‬

‫وغري اسم ج ّثامة املزنية إىل ّ‬


‫حسانة – كا تقدم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ثبت‬ ‫«معنى ِ‬
‫هذه األحاديث تغيري االسم القبيح ْأو املكروه إىل حسن‪ ،‬وقدْ َ‬
‫الصحابة»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫أحاديث بتغيريه ﷺ أساء مجاعة كثريي َن م َن ّ‬
‫فقالت‬ ‫يت ابنتي ّبرةَ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عطاء َ‬ ‫حمم ِد ِ‬
‫بن عمرو ِ‬
‫ْ‬ ‫س�م ُ‬
‫قال‪ّ :‬‬ ‫بن‬ ‫وغري اس�م ّبرة إىل زينب‪ :‬فع ْن ّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[1846‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[183‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[562/6‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[3988‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[120/14‬‬
‫‪‬‬

‫ب�رةَ‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫يت ّ‬‫وس�م ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ هن�ى ع� ْن هذا االس� ِم‪.‬‬ ‫بن�ت أيب س�لم َة‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫زين�ب ُ‬
‫ُ‬ ‫يل‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫نسميها؟‬
‫بم ّ‬‫فقالوا‪َ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫عصاة‬ ‫أس�لم أحدٌ م ْن‬ ‫قال‪ :‬مل ْ يك ْن‬ ‫فغ�ري ع�اص إىل مطيع‪ :‬عن عبدُ اهلل بن مطي ٍع عن ِ‬
‫أبيه َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ مطيع ًا)‪.(2‬‬ ‫فسا ُه‬ ‫غري مطيعٍ‪َ ،‬‬
‫كان اسم ُه العايص‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫قريش َ‬
‫ٍ‬
‫قريش» أي‪ :‬ممن اسمه العايص من قريش)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫عصاة‬ ‫«م ْن‬
‫وغري حزن)‪ (4‬إىل سهل‪:‬‬
‫ب عن ِ‬ ‫عن ِ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫اسمك؟»‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪« :‬ما‬ ‫أبيه َّ‬
‫أن أبا ُه جا َء إىل الن ِّ‬ ‫ابن املس ّي ِ ْ‬
‫َ‬
‫قال‪ٌ :‬‬
‫حزن‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬ال أغري اس ًا سا ِ‬
‫نيه أيب‪.‬‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫زالت احلزون ُة فينا بعدُ )‪.(5‬‬ ‫قال اب ُن املس ّي ِ‬
‫ب‪ :‬فا ْ‬ ‫َ‬
‫كان يف الن ِ‬
‫ّفر‬ ‫ال ُ‬
‫يقال ل ُه أرص ُم َ‬ ‫أخدري ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬ ‫ٍّ‬ ‫وغري أرصم إىل زرعة‪ :‬عن أسام َة ِ‬
‫بن‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫َ‬ ‫ا ّلذي َن أتوا‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬أنا أرص ُم‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2142‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1782‬‬
‫)‪ (3‬ينظر‪ :‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[134/12‬‬
‫الغليظ اخلشن‪ .‬واحلزون ُة‪ :‬اخلشونة‪ .‬النهاية [‪.[380/1‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املكان‬ ‫ُ‬
‫احلزن‪:‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪.[6190‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫وهكذا ينبغي احلرص عىل تس�مية األوالد بأس�اء حسنة‪ ،‬وجتنب ما ال يليق منها وما ال‬
‫يستحسن‪.‬‬

‫ع�ن احلس�ن ق�ال‪ :‬أتت عج�وز إىل النبي ﷺ فقالت‪ :‬ي�ا رس�ول اهلل ادع اهلل أن يدخلني‬
‫اجلنة‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪:‬‬

‫ق�ال‪ :‬فول�ت تبكي‪ .‬فق�ال‪:‬‬


‫(ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الواقعة‪.(2)[37-35 :‬‬

‫فازحه�ا ﷺ مريد ًا إرش�ادها إىل أهنا ال تدخل اجلنة عىل اهليئة الت�ي عليها‪ ،‬بل ترجع يف‬
‫سن ثالث وثالثني‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫عتقت بريرةُ‪ ،‬وكان زوجها عبد ًا‪ ،‬اختارت فراقه)‪ ،(3‬فش�فع النبي ﷺ له عندها كي‬
‫ْ‬ ‫فل�ا‬
‫ترجع إليه‪ ،‬فقالت‪ :‬ال حاجة يل فيه‪.‬‬

‫يطوف خلفها‬ ‫كأين أنظر ِ‬


‫إلي�ه‬ ‫ٌ‬
‫مغيث‪ّ ،‬‬ ‫كان عبد ًا ُ‬
‫يقال ل� ُه‬ ‫زوج برير َة َ‬ ‫�اس َّ‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن َ‬
‫تسيل عىل ِ‬
‫حليته‪.‬‬ ‫يبكي ودموع ُه ُ‬

‫ّب�ي ﷺ لع ّب ٍ‬
‫اس‪:‬‬ ‫َ‬
‫فق�ال الن ُّ‬
‫‪.‬‬

‫وجود إسناده األلباين يف ختريج املشكاة [‪.[4775‬‬


‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ّ ]4954‬‬
‫)‪ (2‬رواه الرتمذي يف الشائل [ص‪ ،]199‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪[2987‬‬
‫)‪ (3‬ألن األمة إذا أعتقت وهي زوجة لعبد خريت بني البقاء معه وبني فراقه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬


‫فقال الن ُّ‬
‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ :‬تأمرين‪.‬‬ ‫قالت يا‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫قالت‪ :‬ال حاج َة يل ِ‬
‫فيه)‪.(2‬‬ ‫ْ‬
‫بذلك ال أختار العود ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أي‪ :‬فإذا مل ْ تلزمني‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ﷺ‬

‫ُ‬ ‫فلم ْ‬ ‫عن فاطم َة ِ‬


‫بنت ٍ‬
‫رسول اهلل ﷺ سكنى‬ ‫جيعل هلا‬ ‫إن زوجها ط ّلقها ثالث ًا‪ْ ،‬‬
‫قيس قالت‪َّ :‬‬ ‫ْ‬
‫وال نفق ًة‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫فقال يل‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫سفيان‪ ،‬وأبا جه ٍم خطباين‪.‬‬ ‫أن معاوي َة ب َن أيب‬
‫ذكرت ل ُه َّ‬
‫ُ‬ ‫حللت‬
‫ُ‬ ‫فلا‬
‫ّ‬
‫)‪(3‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫فكرهت ُه‪َّ ،‬‬
‫فقالت‪ :‬بيدها هكذا‪ :‬أسام ُة‪ ،‬أسام ُة‪.‬‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‬

‫فاغتبطت)‪.(5‬‬ ‫فجعل اهلل ِ‬


‫فيه خري ًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فتزوجت ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ّ :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ولدك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫راجعتيه فإ ّن ُه أبو‬ ‫)‪ (1‬عند النسائي [‪ْ :]5332‬لو‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[5283‬‬
‫)‪ (3‬العاتق هو ما بني العنق واملنكب‪ ،‬واملقصود أنه كثري الرضب للنّساء‪ِ.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الفقري الذي ال مال ل ُه‪.‬‬
‫علوك‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫الص‬
‫)‪ّ (4‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[1480‬‬
‫‪‬‬

‫بنكاح أسامة فلا ع ّلم ُه م ْن دينه‪ ،‬وفضله‪ ،‬وحسن طرائفه‪،‬‬


‫ِ‬ ‫«وأ ّما إشارته ﷺ‬
‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫وكرم شائله‪ ،‬فنصحها‬
‫احلث عىل زواجه ّملا‬
‫ّب�ي ﷺ ّ‬ ‫ِ‬
‫كان أس�ود جدّ ًا‪ّ ،‬‬
‫فكر َر عليها الن ّ‬ ‫موىل‪ ،‬وقدْ َ‬
‫لكون�ه ً‬ ‫فكرهت� ُه‬
‫«فجعل اهلل يل ِ‬
‫فيه خري ًا واغتبطت»)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫َ‬
‫كذلك‪ ،‬وهلذا ْ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫علم م ْن مصلحتها يف َ‬
‫ذلك‬ ‫َ‬
‫«ذكر هذين الرجلني ب�ا يكرهان‪ ،‬لكن من ب�اب النصيحة‪ ،‬ال من‬
‫باب نرش العيب والفضيحة‪ ،‬وفرق بني هذا وهذا‪.‬‬
‫وكذلك لو جاء إنس�ان يستش�ريك قال‪ :‬أطلب العلم عند فالن؟ وأنت تعلم أن فالن ًا ذو‬
‫منهج منحرف‪ ،‬فال حرج عليك أن تقول له‪ :‬ال تطلب العلم عنده‪.‬‬
‫مثل أن يكون يف عقيدته يشء أو يف فكره يشء أو يف منهجه يشء‪ ،‬وختش�ى أن يؤ ّث َر عىل‬
‫تبني ل�ه‪ ،‬تقول‪ :‬ال‬
‫ه�ذا ال�ذي جاء يستش�ريك أيطلب العل�م عنده أم ال؟ وج�ب عليك أن ّ َ‬
‫تطلب العلم عند هذا‪ ،‬هذا فيه كذا وكذا»)‪.(2‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫األنصار إىل‬ ‫ٍ‬
‫جليبيب امرأ ًة م� َن‬ ‫ّبي ﷺ ع�ىل‬
‫خط�ب الن ُّ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫أنس ب�ن مالك ‪َ I‬‬
‫أبيها‪.‬‬
‫أستأمر أ ّمها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬حتّى‬
‫فنعم إذ ًا‪.‬‬
‫ّبي ﷺ‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫فقال الن ُّ‬
‫فذكر َ‬
‫ذلك هلا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫جل إىل امرأته َ‬ ‫فانطلق ّ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫وفالن!‬ ‫رسول اهلل ﷺ إالّ جليبيب ًا‪ ،‬وقدْ منعناها من ٍ‬
‫فالن‬ ‫ُ‬ ‫فقالت‪ :‬الها اهلل إذ ًا)‪ ،(3‬ما وجدَ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫تستمع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واجلاري ُة يف سرتها‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[98/10‬‬


‫)‪ (2‬رشح رياض الصاحلني [‪.[110/6‬‬
‫)‪ (3‬املعنى‪ :‬ال واهلل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫بذلك‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫ر الن َّ‬
‫أن خي َ‬ ‫الر ُ‬
‫جل يريدُ ْ‬ ‫فانطلق ّ‬
‫َ‬
‫لكم‪،‬‬ ‫إن َ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أم�ر ُه‪ْ ،‬‬ ‫أتري�دون ْ‬
‫َ‬ ‫فقال�ت اجلاري� ُة‪:‬‬
‫كان ق�دْ رضي ُه ْ‬ ‫أن تر ّدوا عىل‬ ‫ْ‬
‫فأنكحو ُه‪.‬‬
‫فكأهنا ج ّل ْت ع ْن أبوهيا‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫صدقت‪.‬‬ ‫وقاال‪:‬‬
‫كنت قدْ رضيت ُه‪ ،‬فقدْ رضينا ُه‪.‬‬
‫إن َ‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪ْ :‬‬ ‫فذهب أبوها إىل الن ِّ‬
‫َ‬
‫فزوجها‪.‬‬
‫‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫املرشكني قدْ‬ ‫ناس م� ْن‬ ‫جليبي�ب‪ ،‬فوجدو ُه قدْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ز َع ُ‬


‫َ‬ ‫قت�ل وحول ُه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فركب‬
‫َ‬ ‫املدين�ة‬ ‫أهل‬ ‫ث�م ّ‬
‫َّ‬
‫قتلهم‪.‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫املدينة)‪.(2‬‬ ‫ب)‪ (1‬يف‬ ‫وإهنا مل ْن ِ‬
‫أنفق ث ّي ٍ‬ ‫َ‬
‫أنس‪ :‬فلقدْ رأيتها ّ‬
‫قال ٌ‬

‫‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫لرجل‪:‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‬ ‫بن ٍ‬
‫عامر ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬ ‫ع ْن عقب َة ِ‬

‫نعم‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للمرأة‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫نعم‪.‬‬
‫قالت‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫يفرض هلا صداق ًا‪ ،‬ومل ْ يعطها شيئ ًا‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫جل‪ ،‬ومل ْ ْ‬ ‫َ‬
‫فدخل هبا ّ‬ ‫فزو َج أحدمها صاحب ُه‪،‬‬
‫ّ‬
‫فل�ا حرضت ُه الوفا ُة‬
‫ر‪ّ ،‬‬ ‫س�هم بخي َ‬
‫ٌ‬ ‫وكان م ْن ش�هدَ احلديبي َة ل ُه‬
‫َ‬ ‫وكان ممّ� ْن ش�هدَ احلديبي َة‪،‬‬
‫َ‬
‫أشهدكم‬
‫ْ‬ ‫أفرض هلا صداق ًا‪ ،‬ومل ْ أعطها شيئ ًا‪ّ ،‬‬
‫وإين‬ ‫زوجني فالن َة‪ ،‬ومل ْ ْ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫إن‬ ‫َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ر‪.‬‬
‫ّأين أعطيتها م ْن صداقها سهمي بخي َ‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬أكثر خ ّطاب ًا‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]11944‬قال شعيب األرنؤوط‪ :‬إسناده صحيح عىل رشط الشيخني‪.‬‬
‫‪‬‬

‫بائة ٍ‬
‫ألف‪.‬‬ ‫فأخذت سه ًا فباعته ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫يم�ن املرأة وبركتها؛ ألن‬ ‫ُّ‬
‫ويس�تدل بذلك عىل‬ ‫أي‪ :‬أق ّله مؤون ًة‪ ،‬وأس�هله إجاب ًة للخطبة‪،‬‬
‫�ت بركته‪ ،‬ومن ي�ره‪ :‬خ ّف ُة‬
‫عم ْ‬ ‫الن�كاح ألف�ة ب�ني الزوجني‪ ،‬فيقص�دُ منه اخل ّف ُة‪ ،‬ف�إذا ّ‬
‫تير ّ‬
‫ِ‬
‫النكاح من وليمة ونحوها)‪.(2‬‬ ‫وترك املغاالة فيه‪ ،‬وكذا مجيع متع ّل ِ‬
‫قات‬ ‫ُ‬ ‫صداقها‪،‬‬
‫ُ‬

‫فكرهت َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫�ب‪،‬‬ ‫بنت خذا ٍم األنصاري ِ‬
‫�ة ‪َّ J‬‬ ‫ع�ن خنس�اء ِ‬
‫ْ‬ ‫وهي ث ّي ٌ‬
‫زوجها َ‬
‫أن أباها ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فر َّد نكاح ُه)‪.(3‬‬ ‫فأتت‬
‫ْ‬

‫زو َج ابنته‬
‫أن األب إذا ّ‬ ‫ويف احلديث دليل عىل أ ّن ُه ال جيوز تزويج ال ّث ّيب ِ‬
‫بغري إذهنا‪ ،‬وعىل َّ‬
‫ال ّث ّيب ِ‬
‫بغري رضاها أ ّن ُه ال جيوز وير ّد)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬

‫صدر‬ ‫أنزل اهلل ‪D‬‬


‫ٍ‬
‫صام�ت َ‬ ‫أوس ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ع�ن خول� َة ِ‬
‫بنت ثعلب� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬واهلل َّيف ويف‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫املجادلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سورة‬

‫عيل يوم ًا‪،‬‬ ‫َ‬


‫فدخ�ل َّ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫وضجر‪ْ .‬‬
‫َ‬ ‫وكان ش�يخ ًا كبري ًا قدْ س�ا َء خلق ُه‬
‫َ‬ ‫كن�ت عند ُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال�ت‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫كظهر أ ّمي‪.‬‬ ‫عيل‬ ‫ِ‬ ‫فغضب‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫فقال‪ :‬أنت َّ‬ ‫َ‬ ‫بيشء‪،‬‬ ‫فراجعت ُه‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬
‫هو يريدين عىل نفيس‪.‬‬
‫عيل‪ ،‬فإذا َ‬
‫دخل َّ‬ ‫فجلس يف نادي قومه ساع ًة‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫خرج‪،‬‬
‫ثم َ‬‫قالت‪َّ :‬‬
‫ْ‬

‫حيكم‬ ‫قلت حتّى‬


‫قلت ما َ‬
‫ختلص إ َّيل وقدْ َ‬ ‫كال وا ّلذي نفس خويل َة ِ‬
‫بيده ال‬ ‫فقل�ت‪ّ :‬‬
‫ُ‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بحكمه‪.‬‬ ‫اهلل ورسول ُه فينا‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]2117‬وصححه األلباين‪.‬‬


‫)‪ (2‬فيض القدير [‪.[482 /3‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[5139‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود رشح سنن أيب داود [‪.[90/6‬‬
‫‪‬‬

‫عيف‪ ،‬فألقيت ُه عنّي‪.‬‬


‫الض َ‬
‫يخ ّ‬ ‫تغلب ِبه املرأ ُة ّ‬
‫الش َ‬ ‫ُ‬ ‫وامتنعت من ُه‪ ،‬فغلبت ُه با‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬فواثبني‪،‬‬
‫ْ‬
‫جئت‬
‫خرج�ت حتّى ُ‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫فاس�تعرت منها ثياهبا‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بع�ض جارايت‪،‬‬ ‫خرجت إىل‬
‫ُ‬ ‫ث�م‬
‫قال�ت‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫فجعلت أشكو ِ‬
‫إليه ﷺ ما ألقى‬ ‫ُ‬ ‫لقيت من ُه‪،‬‬
‫فذكرت ل ُه ما ُ‬
‫ُ‬ ‫بني ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫فجلست َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬
‫ِ‬
‫خلقه‪.‬‬ ‫من ِ‬
‫سوء‬ ‫ْ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فجع�ل‬ ‫قال�ت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫ثم‬ ‫كان ّ‬
‫يتغش�ا ُه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ما َ‬ ‫فتغش�ى‬ ‫ُ‬
‫القرآن‪ّ ،‬‬ ‫برحت حتّى َ‬
‫نزل َّيف‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬فواهلل ما‬
‫ْ‬
‫عيل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫ثم قر َأ َّ‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫رس َي عن ُه‪َ ،‬‬
‫فقال يل‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) إىل قوله‪ِ:‬‬

‫(ﯔ ﯕ ﯖ) [املجادلة‪.[4-1 :‬‬

‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال يل‬

‫يعتق‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ما عند ُه ما ُ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫كبري ما ِبه م ْن صيا ٍم‪.‬‬


‫شيخ ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إ ّن ُه ٌ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل ما َ‬
‫ذاك عند ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قلت واهلل يا‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬
‫آخر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل سأعين ُه بعرق َ‬ ‫فقلت‪ :‬وأنا يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ففعلت)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]26774‬وأبو داود [‪ ،]2214‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪ ،]2087‬وقد سبق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ونخدمهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ فنس�قي القو َم‪،‬‬ ‫مع الن ِّ‬ ‫معو ٍذ ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬كنّا نغزو َ‬
‫ِ‬
‫الرب ّي ِع بن�ت ّ‬ ‫ِ‬
‫ع�ن ّ‬
‫ِ‬
‫املدينة)‪.(1‬‬ ‫ونر ُّد اجلرحى والقتىل إىل‬
‫ِ‬
‫املدينة»‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ نسقي ونداوي اجلرحى‪ ،‬ونر ُّد القتىل إىل‬ ‫مع الن ِّ‬
‫ويف لفظ‪« :‬كنّا َ‬
‫ِ‬
‫األنصار‬ ‫ٍ‬
‫ونسوة م َن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يغزو بأ ِّم سلي ٍم‬ ‫كان‬ ‫مالك ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫وع ْن ِ‬
‫فيسقني املا َء‪ ،‬ويداوي َن اجلرحى)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫مع ُه إذا غزا‪،‬‬
‫بنت أيب ٍ‬
‫بكر وأ َّم س�لي ٍم –يعن�ي يوم أحد‪-‬‬ ‫رأيت عائش� َة َ‬
‫ُ‬ ‫وعن�ه أيض�ا ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬لق�دْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإهنا ملشم ِ‬
‫ثم‬ ‫القرب عىل متوهنا‪ ،‬تفرغانه يف أفواه القو ِم‪َّ ،‬‬
‫ثم ترجعان فتمآلهنا‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫رتان تنقالن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫أفواه القو ِم)‪.(3‬‬ ‫ِ‬
‫فتفرغانه يف‬ ‫ِ‬
‫جتيئان‬
‫أخلفهم يف‬ ‫ٍ‬
‫غ�زوات‪،‬‬ ‫س�بع‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬ ‫وع� ْن أ ِّم عط ّي َة األنصار ّي ِة ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫غزوت َ‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫هلم ال ّطعا َم‪ ،‬وأداوي اجلرحى‪ ،‬وأقو ُم عىل املرىض)‪.(4‬‬ ‫فأصنع ُ‬
‫ُ‬ ‫رحاهلم‪،‬‬
‫ْ‬
‫السقي‪ ،‬واملداواة ونحومها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«فيه خروج النّساء يف الغزوة‪ ،‬واالنتفاع هب َّن يف ّ‬
‫مس برشة ّإال يف‬ ‫ِ‬ ‫وه�ذه امل�داواة ملحارمه َّن وأزواجه� َّن‪ ،‬وما َ‬ ‫ِ‬
‫لغريهم ال يك�ون فيه ّ‬
‫ْ‬ ‫كان منها‬
‫موضع احلاجة»)‪.(5‬‬
‫فتجوز مداواة األجانب عندَ الرضورة‪ ،‬وتقدّ ُر‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املسألة‬ ‫حكم‬ ‫وقال ابن حجر ‪« :V‬أما‬
‫ُ‬
‫واجلس باليد‪ ،‬وغري ذلك»)‪.(6‬‬
‫ِّ‬ ‫بقدرها فيا يتع ّلق بالنظر‬
‫حولوه عند امرأة يقال‬ ‫ُ‬
‫أكحل سعد يوم اخلندق فثقل ّ‬ ‫أصيب‬
‫َ‬ ‫وعن حممود بن لبيد قال‪ :‬ملا‬
‫هلا‪ :‬رفيدة‪ ،‬وكانت تداوي اجلرحى‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[2670‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1810‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]3811‬ومسلم [‪.[4064‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[3380‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[188/12‬‬
‫)‪ (6‬فتح الباري [‪.[136/10‬‬
‫‪‬‬

‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬وإذا أصبح‪:‬‬ ‫مر به يقول‪:‬‬


‫ف�كان النب�ي ﷺ إذا َّ‬
‫فيخره)‪.(1‬‬

‫بع�ض دع�اة حترير املرأة يس�تدل بمثل هذه األحادي�ث عىل جواز عمل امل�رأة مطلق ًا‪ ،‬وهذا‬
‫استدالل باطل؛ فأين عمل املرأة يف مداواة اجلرحى ونقل القتىل من عملها سكرترية يف مكتب؟‬

‫هل العمل يف حميط الدماء واجلثث حيث ال يوجد أدنى جمال لثوران الشهوة أو حدوث‬
‫الفتنة‪ ،‬هل يستوي وعمل شابة مجيلة متغنّجة مع الرجال‪ ،‬حيث ختالطهن وحتادثهن؟!‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بعض مغازي‬ ‫ِ‬
‫وجدت امرأ ٌة مقتول ًة يف‬ ‫عمر ‪َ L‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن َ‬
‫بيان)‪.(2‬‬ ‫قتل الن ِ‬
‫ّساء والص ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ع ْن ِ‬
‫ُ‬ ‫فنهى‬
‫ّ‬
‫والصبيان إذا مل ْ يقاتلوا»)‪.(3‬‬
‫«وأمجع العلاء عىل العمل هبذا احلديث‪ ،‬وحتريم قتل النّساء ّ‬
‫َ‬
‫ﷺ‬

‫وه�و القائ�ل‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫ٌ‬
‫مس�ئول عن تعلي�م زوجته‪ ،‬وإرش�ادها‪ ،‬وتوجيهه�ا الوجه� َة الصحيح َة‪ ،‬وما‬ ‫فالرج�ل‬
‫ِ‬
‫تعليمهن‬ ‫ِ‬
‫الرجال يف‬ ‫ِ‬
‫تفريط‬ ‫املنكرات عند كثري من الزوجات يف حياهت َّن‪ ،‬إال بسبب‬
‫ُ‬ ‫ش�اعت‬
‫أمور دينه َّن‪.‬‬
‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه البخ�اري يف األدب املف�رد [‪ ،]1129‬وصحح�ه احلاف�ظ اب�ن حجر يف اإلصاب�ة [‪ ،]11175‬واأللباين يف‬
‫صحيح األدب املفرد [‪.[863‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]3015‬ومسلم [‪.[1744‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[48/12‬‬
‫)‪ (4‬رواه النسائي يف السنن الكرى [‪ ]9174‬عن أنس ‪ ،I‬وروى البخاري [‪ ،]893‬ومسلم [‪ ]1829‬نحوه‬
‫عن عبد اهلل بن عمر ‪.L‬‬
‫‪‬‬

‫والتقرب إىل اهلل بالنوافل‪.‬‬


‫ّ‬ ‫فكان ﷺ يريب زوجاته عىل العبادة‬
‫ •وإذا دخل العرش األواخر من رمضان أيقظهن للقيام والعبادة‪.‬‬
‫ •ويربيهن ﷺ عىل اإلخالص هلل يف العبادة‪.‬‬
‫ •وكان يعلم زوجته االستعاذ َة من الرشور‪.‬‬
‫ •ويعلمهن األذكار النافعة كأذكار الصباح واملساء‪.‬‬
‫ •وكان يرشدهن لألفضل واألير يف العبادة‪.‬‬
‫ •وكان يأمر أهله باالقتصاد يف العبادة وعدم التشديد عىل النفس‪.‬‬
‫ •وكان يعظ زوجاته وحيثهن عىل الصدقة واإلنفاق يف اخلري‪.‬‬
‫ •وكان يربيه�ن ع�ىل حس�ن الق�ول‪ ،‬وينهاه�ن عن الفح�ش يف الكالم حت�ى مع غري‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫ •وكان ﷺ ال يسكت عن منكر يراه عند أهل بيته‪ ،‬بل يسارع إىل إزالته‪.‬‬
‫وقد سبق تفصيل ذلك يف الفصل األول من الباب الثاين‪« :‬تعامل النبي ﷺ مع زوجاته»‪،‬‬
‫فلرياجع‪.‬‬
‫ف�إذا تأدب�ن هبذه اآلداب الكريمة ك ّن القدوة واملثل الصالح لغريهن من نس�اء املؤمنني؛‬
‫وقد قال اهلل تع�اىل‪( :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ) [األحزاب‪.[34 :‬‬


‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع كبار ّ‬


‫ال�شن‬

‫َ‬
‫بمراحل متعدّ دة يف رحلته الدنيوية‪،‬‬ ‫مضت س�نّ ُة اهلل تعاىل يف اإلنس�ان أن جعله ُّ‬
‫يمر‬ ‫ْ‬ ‫فقد‬
‫ثم شا ّب ًا قو ّي ًا‪ ،‬وأخري ًا شيخ ًا ضعيف ًا‪.‬‬
‫فيبدأ وليد ًا ضعيف ًا‪َّ ،‬‬
‫ق�ال اهلل تع�اىل‪( :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الروم‪.[54 :‬‬

‫ولق�د حرص اإلس�ال ُم ع�ىل العناية بمرحلة الش�يخوخة‪ ،‬وجعلها حمط�ة تكريم وعناية‬
‫ّصف بالضع�ف‪ ،‬وحيتاج إىل م�ن خيدمه‪ ،‬ويقوم بش�ئونه‪.‬‬
‫�ة؛ وذل�ك ألن صاحبه�ا يت ُ‬ ‫خاص ٍ‬
‫ّ‬
‫ولذلك فهي مرحلة حرجة‪.‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫وقد كان النبي ﷺ يقول‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫وكان يقول أيضا‪:‬‬

‫تنقص فيه قوا ُه الظاهرة والباطنة‪ ،‬حتى‬


‫أخس�ه وأنقصه؛ ألن اإلنس�ان ُ‬ ‫ِ‬
‫العمر هو ّ‬ ‫ُ‬
‫وأرذل‬
‫تنقص‪ ،‬فينسى اإلنسان ما كان يعلمه)‪.(3‬‬
‫قواه العقلية ُ‬
‫أرذل العمر؛ كا‬‫«أما استعاذته ﷺ م َن اهلرم‪ ،‬فاملراد ِبه االستعاذة م َن الر ِّد إىل ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والضبط‬
‫واحلواس ّ‬ ‫ِ‬
‫ذلك ما فيه م َن اخلرف‪ ،‬واختالل العقل‬ ‫الرواية ا ّلتي بعدها‪ ،‬وسبب َ‬
‫ِّ‬ ‫جا َء يف ّ‬
‫والفهم‪ ،‬وتشويه بعض املناظر‪ ،‬والعجز ع ْن كثري م َن ال ّطاعات‪ ،‬والتّساهل يف بعضها»)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]2823‬ومسلم [‪ ]2706‬عن أنس بن مالك ‪.I‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]2822‬عن سعد بن أيب وقاص ‪.I‬‬
‫)‪ (3‬تفسري السعدي [‪ ]444/1‬بترصف‪.‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[29/17‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬ ‫الس� ِّن‪ ،‬فقد أوالهم َّ‬ ‫خاصة مع ِ‬


‫رعاية واهتام‪،‬‬ ‫كل‬ ‫كبار ّ‬ ‫ولقد كان للرس�ول ﷺ معامل ٌة ّ‬
‫وم�ع أن�ه ﷺ كان حس�ن ِ‬
‫اخللق مع مجي�ع الناس‪ ،‬إال أنه كان أش�دَّ عطف ًا ورمح�ة ورفق ًا عىل‬
‫الس ِّن‪.‬‬
‫الضعفاء‪ ،‬كاألطفال‪ ،‬والنساء‪ ،‬وكبار ّ‬
‫ﷺ‬
‫خري؟‬ ‫أي الن ِ‬
‫ّاس ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪ُّ ،‬‬ ‫ال َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫فعن أيب بكر َة ‪َّ I‬‬
‫أن رج ً‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رش؟‬ ‫فأي الن ِ‬
‫ّاس ٌّ‬ ‫َ‬
‫قال‪ُّ :‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ّاج�ر‪ ،‬فينبغي ْ‬ ‫كرأس ِ‬
‫املال للت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبي ‪َّ :V‬‬ ‫َ‬
‫ّجر فيا‬
‫أن يت َ‬ ‫�اعات‬ ‫والس‬
‫«إن األوقات ّ‬ ‫ق�ال ال ّط ُّ‬
‫يربح ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أكثر‪ِ ،‬‬ ‫كان رأس ِ‬
‫فاز‬ ‫عمره ْ‬
‫بأن حس َن عمل ُه فقدْ َ‬ ‫انتفع م ْن‬
‫فمن َ‬ ‫بح َ‬‫الر ُ‬ ‫ماله كثري ًا َ‬
‫كان ّ‬ ‫وك ّلا َ ُ‬
‫وخر خران ًا مبين ًا»)‪.(2‬‬ ‫يربح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫رأس ماله مل ْ ْ‬
‫أضاع َ‬
‫َ‬ ‫وأفلح‪ ،‬وم ْن‬
‫َ‬
‫وق�ال ﷺ‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫وقال ﷺ‪:‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫األشعري ‪َ I‬‬
‫ِّ‬ ‫ع ْن أيب موسى‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]2320‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3297‬‬


‫)‪ (2‬حتفة األحوذي [‪.[512/6‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ]1404‬عن طلحة بن عبيد اهلل‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5371‬‬
‫)‪ (4‬رواه احلاكم [‪ ]1255‬عن جابر بن عبد اهلل ‪ ،L‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[3263‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ]4843‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[2199‬‬
‫‪‬‬

‫« ْ‬
‫أي‪ :‬تبجيله وتعظيمه‪.‬‬
‫ِ‬
‫بتوقريه يف املجالس‪،‬‬ ‫أي‪ :‬تعظيم ّ‬
‫الش�يخ الكبري يف اإلس�الم‬ ‫ْ‬
‫والشفقة ِ‬
‫عليه‪ ،‬ونحو َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫والرفق ِبه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وعدَّ ذلك م ْن إجالل العبد لر ّبه‪ ،‬وتبجيله وتعظيمه له؛ وذلك حلرمة الكبري عند اهلل؛ وملا‬
‫له من السابقة يف اإلسالم؛ وملا له من احلق عىل غريه‪.‬‬
‫كا أن يف ذلك إظهار ًا حل ّقه عىل املجتمع الذي يعيش فيه؛ ألن هذا حق أعطاه الرشع إياه‪.‬‬
‫ومفره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قارئه‪ ،‬وحافظه‪،‬‬ ‫أي‪ :‬وإكرام‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫يعني‪ :‬غري املتجاوز احلدّ يف العمل ِبه‪ ،‬وتتبع ما خفي منه‪ ،‬واش�تبه ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫م ْن معانيه‪.‬‬
‫أي‪ :‬وغري املتباعد عن ُه‪ ،‬املعرض ع ْن تالوته وإحكام قراءته‪ ،‬وإتقان معانيه‬
‫ْ‬
‫والعمل با فيه‪.‬‬
‫ِ‬
‫أي‪ :‬العادل)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬والسلطان‪ ،‬وقدّ م املس َّن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وحامل‬ ‫ثم إن النبي ﷺ مجع يف هذا احلديث بني املس ِّن‪،‬‬
‫كأنه يقول‪ :‬و ّق ْر املس� َّن كا تو ّق ُر الس�لطان والرئيس واحلاكم‪ ،‬وع ّظ ِم املس َّن كا تع ّظ ُم حامل‬
‫القرآن احلاذق‪.‬‬
‫وعن أنس ‪ I‬قال‪:‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫يوسعوا ل ُه‪َ ،‬‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫أن ّ‬ ‫َ‬
‫فأبطأ القو ُم عن ُه ْ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬ ‫جا َء ٌ‬
‫شيخ يريدُ الن َّ‬
‫)‪.(2‬‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬

‫)‪ (1‬عون املعبود [‪.[132/13‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ]1919‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2196‬‬
‫بن ٍ‬
‫عمرو‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[6540‬‬ ‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ]4943‬عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫‪‬‬

‫رأ من أن‬ ‫وهو كناي� ٌة ِ‬


‫عن التّرئة؛ حيث إن�ه ﷺ ت ّ‬ ‫ليس ع�ىل طريقتنا‪َ ،‬‬
‫أي‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫يكونوا من حزبه؛ إذ ليس املس�لم من ال حيرتم الكبري‪ ،‬وليس من املجتمع املس�لم من مل يو ّقر‬
‫مشاخيه وأكابره من املسنني‪.‬‬
‫أي‪ :‬با يستح ّق ُه م َن التّعظيم والتّبجيل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫ليق�رر أن االعتداء عىل الكبري‬
‫أبلغ من قول‪« :‬يوقر الكبري»؛ ّ‬ ‫وقول�ه ﷺ‪:‬‬
‫نسب املس َّن إليه‪،‬‬
‫بالقول‪ ،‬أو الفعل‪ ،‬أو اإلشارة‪ ،‬هو اعتدا ٌء عىل جناب رسول اهلل ﷺ الذي َ‬
‫‪.‬‬ ‫وانتسب إليه‪ ،‬بقوله‬

‫ذكر ابن كثري عن طلحة بن عبيد اهلل قال‪ :‬خرج عمر ليل ًة يف سواد الليل فدخل بيت ًا‪ ،‬فلا‬
‫ذهبت إىل ذلك البيت‪ ،‬فإذا عجوز عمياء مقعدةٌ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أصبحت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫يأتيك؟‬ ‫فقلت هلا‪ :‬ما ُ‬
‫بال هذا الرجل‬ ‫ُ‬
‫وخيرج عني األذى)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫فقالت‪ :‬إنه يتعاهدين مدّ ة كذا وكذا‪ ،‬يأتيني با يصلحني‪،‬‬
‫لتب�ني عوار‬
‫الس� ِّن ورعاية املس�نني ت�أيت ّ َ‬ ‫ِ‬
‫كب�ار ّ‬ ‫الص�ور املرشق�ة يف معامل�ة‬
‫ومث�ل ه�ذه ّ‬
‫ُ‬
‫حيدث لبعض املسنني‬ ‫األخبار بني حني وآخر عا‬
‫ُ‬ ‫املجتمعات غري اإلسالمية‪ ،‬حيث تطالعنا‬
‫هناك‪ ،‬ومدى العزلة التي يعيشون فيها‪.‬‬
‫ذكرت إحدى التقارير أن حقوق املسنني منتهكة يف شتى أنحاء العامل‪ ،‬وأهنم يعانون من‬
‫اإلمهال والفقر‪ ،‬وأن أعدادا كبرية منهم تعيش دون معاش أو دخل منتظم‪.‬‬
‫فف�ي تقري�ر بعنوان «حالة املس�نني يف العامل عام ‪ »2002‬وش�مل ‪ 32‬دولة‪ ،‬أن املس�نني‬
‫حمروم�ون م�ن الرعاية الصحي�ة والتعلي�م‪ ،‬وأن احلكوم�ات وصانعي الق�رار يتجاهلوهنم‬
‫فيجدون أنفسهم معزولني عن املجتمع‪.‬‬
‫وقال أحد معدّ ي التقرير‪« :‬كأنك حني تبلغ الستني ال تعامل كإنسان »‪.‬‬

‫)‪ (1‬البداية والنهاية [‪.[153/7‬‬


‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بعض قساة القلوب يطالبون بالتخ ّلص من كبار ّ‬
‫الس ِّن بدعوى عدم جدواهم!‬ ‫بل إن َ‬
‫ّني يف العامل يف ٍ‬
‫تزايد مستمر‪.‬‬ ‫ومما يزيد املشكلة تعقيد ًا أن عدد املسن َ‬

‫السكانية إىل أن القرن العرشين شهد زياد ًة‬


‫ات ّ‬ ‫ّني عامل ّي ًا‪ُ :‬‬
‫تشري اإلحصائ ّي ُ‬ ‫إحصائيات املسن َ‬
‫ّني يف عام ‪1400‬ه�‪/‬‬
‫وصلت نس�بة املس�ن َ‬
‫ْ‬ ‫كبري ًة يف أعداد املس�نني يف معظم دول العامل‪ ،‬فقد‬
‫‪1980‬م إىل ‪ 376‬مليون نسمة يف العامل‪.‬‬

‫وقف�ز الع�دد إىل ‪ 427‬مليون نس�مة يف عام ‪1410‬ه�‪1990 /‬م‪ ،‬وبنس�بة ‪ % 80 ،8‬من‬
‫سكان العامل‪ ،‬وكذلك ارتفع يف عام ‪1420‬ه�‪2000/‬م؛ ليصل إىل ‪ 590‬مليون نسمة‪.‬‬

‫يتضاعف إىل ‪ 1171‬مليون نس�مة عام ‪1440‬ه��‪2020/‬م‪ ،‬وأن جيد العامل‬


‫َ‬ ‫ويتو ّق ُ‬
‫�ع أن‬
‫ّني)‪.(1‬‬
‫نفس ُه ويف سكانه ‪ %25‬من املسن َ‬
‫ِ‬
‫الوفي�ات؛ ولذلك جتدُ‬ ‫ِ‬
‫وكثرة‬ ‫ِ‬
‫ع�دد املواليد‪،‬‬ ‫املجتمع�ات األورب ّي� َة اآلن تش�يخ؛ لق ّل ِة‬
‫ِ‬ ‫إن‬
‫الشباب عندهم قليال‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لكثرة املواليد‪.‬‬ ‫هذا بخالف جمتمعاتنا اإلسالم ّي ِة فتجد نسب َة الشباب فيها عالي ًة نظرة‬

‫ننجب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وإمهال املجتم ِع هلم يقولون‪ :‬ملاذا‬ ‫َ‬
‫عقوق األبناء لآلباء‪،‬‬ ‫َ‬
‫يرون‬ ‫الس ِّن حينا‬
‫إن كبار ّ‬
‫إذا كان هذا هو جزاءنا من أبنائنا يف النهاية؟‬
‫ِ‬
‫االبن ِّ‬
‫العاق!‬ ‫ِ‬
‫الكلب أوىل من تربية‬ ‫وأنفع‪ ،‬فرتبي ُة‬
‫ُ‬ ‫الكلب أوىف لنا منهم‬
‫َ‬ ‫إن‬

‫العجاب‪.‬‬
‫َ‬ ‫العجب‬
‫َ‬ ‫ولذا نجدُ من احتفائهم بالكالب وحبهم لرتبيتها‬
‫َ‬
‫وفن�ادق للكالب‪ ،‬وبدالت للكالب‪ ،‬ويرتكون‬ ‫ٍ‬
‫مستش�فيات للكالب‪،‬‬ ‫فنجد يف الغرب‬
‫أطفال البرش يقتلهم اجلوع واملرض!‬
‫والتبجي�ل يف ِّ‬
‫ظل‬ ‫َ‬ ‫الس� ِّن يف جمتمعاتن�ا –إال القلي�ل‪ -‬االحرتا َم‬
‫كبار ّ‬
‫وبفض�ل اهلل يلق�ى ُ‬
‫وبرهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الراقية التي ُّ‬ ‫التعالي ِم اإلسالم ّي ِة‬
‫حتث عىل إكرامهم‪ّ ،‬‬

‫)‪ (1‬من موقع )‪.(http://fac.ksu.eDu.sa/assaLManea/pubLIcatIons‬‬


‫‪‬‬

‫َ‬
‫يتناوبون عىل خدمته‪ ،‬وزياراته‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يدخل املستش�فى جتدُ أوالد ُه‬ ‫كبري الس� ِّن عندنا حينا‬
‫إن َ‬
‫بل ال يكادون يرتكونه حلظة‪.‬‬
‫ﷺ‬
‫َ‬
‫دخ�ل ﷺ مكة فاحت� ًا ودخل املس�جد احلرام أتاه أب�و بكر الصديق بأبي�ه أيب قحافة‬ ‫فل�ا‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فلا رآ ُه‬
‫يعوده‪ّ ،‬‬
‫أنت ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫تيش َ‬ ‫إليك م ْن ْ‬
‫يميش َ‬ ‫أحق ْ‬ ‫َ‬ ‫قال أبو ٍ‬
‫بكر‪ :‬يا‬ ‫َ‬
‫أن َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫هو ُّ‬
‫رسول اهلل َ‬
‫فأسلم)‪.(1‬‬ ‫مسح صدر ُه َ‬
‫وقال ل ُه‪:‬‬ ‫قال‪ :‬فأجلسه َ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ثم َ‬‫بني يديه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫جوانب من تقدير النبي ﷺ هلذا الشيخ الكبري‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫َ‬ ‫ويف هذا احلديث عدّ ُة‬
‫أن�ه أرا َد أن يأتي ُه بنفس�ه إىل بيته‪ ،‬وأنه أجلس� ُه بني يديه‪ ،‬ويف هذا م�ن التكريم ما فيه‪ ،‬ثم‬
‫مسح عىل صدره‪.‬‬
‫َ‬

‫دخلت عليه‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫للعجوز التي كانت صديق ًة خلدجي َة‪ ،‬وأهنا ّملا‬ ‫وقد س�بق معنا قص ُة اس�تقباله‬
‫‪.‬‬ ‫قال هلا‪:‬‬
‫َ‬
‫اإلقبال!‬ ‫ِ‬
‫العجوز هذا‬ ‫تقبل عىل ِ‬
‫هذه‬ ‫رسول اهلل ُ‬
‫َ‬ ‫قالت عائشة‪ :‬يا‬
‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫النبي ﷺ هذه‬ ‫ُ‬
‫التعامل الذي عامل به ُّ‬ ‫َ‬
‫وس�أل عن أحواهلا‪ ،‬وهذا‬ ‫فقد أحس� َن اس�تقباهلا‪،‬‬
‫ِ‬
‫املعاملة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وحسن‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حسن‬ ‫يبني ما كان عليه النبي ﷺ من‬
‫الس ِّن ّ ُ‬
‫العجوز الكبري َة يف ّ‬
‫َ‬

‫وتقدم قريب ًا حديث العجوز التي أتت النبي ﷺ فقالت‪ :‬يا رسول اهلل ادع اهلل أن يدخلني‬
‫اجلنة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]27001‬وقال اهليثمي‪ :‬رجاله ثقات‪ ،‬وحسنه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[7164‬‬
‫احلاكم يف املستدرك [‪ ]40‬وصححه‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[216‬‬
‫ُ‬ ‫)‪ (2‬أخرجه‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫فقال‪» :‬‬

‫(ﮡ ﮢ‬ ‫ق�ال‪ :‬فق�ال‪:‬‬


‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الواقعة‪.(1)[37-35 :‬‬

‫عم عىل عص ًا ل ُه‪.‬‬


‫كبري يدّ ُ‬
‫شيخ ٌ‬‫ّبي ﷺ ٌ‬ ‫قال‪« :‬جا َء ٌ‬
‫رجل إىل الن ِّ‬ ‫ع ْن عمرو ِ‬
‫بن عبس َة َ‬

‫يغفر يل؟‬ ‫ٍ‬


‫وفجرات)‪ْ (2‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل َّ‬ ‫َ‬
‫فهل ُ‬ ‫غدرات‬ ‫إن يل‬ ‫فقال‪ :‬يا‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬بىل‪ ،‬وأشهدُ أن َّك‬

‫)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫ويف رواية‪ :‬فانطلق وهو يقول‪ :‬اهلل أكر اهلل أكر)‪.(4‬‬

‫ﷺ‬

‫بعث رس ّي ًة ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ إذا َ‬ ‫عن بريد َة بن احلصيب ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫كان‬
‫)‪.(5‬‬

‫ثابت يف ّ‬
‫الشيوخِ‬ ‫ِ‬
‫احلرب ٌ‬ ‫الشيوخِ يف ِ‬
‫دار‬ ‫قتل ّ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف ِ‬ ‫ّهي م ْن‬
‫«الن ُ‬
‫احلرب‪ ،‬م ْن ٍ‬
‫قتال‪ ،‬وال ٍ‬
‫رأي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أمر‬ ‫ا ّلذين ال معون َة هلم عىل ٍ‬
‫يشء م ْن ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي يف الشائل [ص‪ ،]199‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2987‬‬


‫)‪ (2‬الفجرات‪ :‬مجع فجرة‪ ،‬وهي املرة من الفجور‪ ،‬وهو اسم جامع لكل رش‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]18939‬وقال األرنؤوط‪ :‬حديث صحيح بشواهده‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه ابن أيب الدنيا يف حسن الظن باهلل [‪.[144‬‬
‫)‪ (5‬رواه الطحاوي يف رشح معاين اآلثار [‪ ،]5184‬وأشار إىل تصحيحه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫بأس‬ ‫احل�رب كا َ‬
‫كان لدري�د‪ ،‬فال َ‬ ‫هل�م معون ٌة يف‬ ‫الش�يوخِ ا ّلذي َن ْ‬
‫دري�د)‪ (1‬عىل ّ‬ ‫ُ‬
‫وحدي�ث‬
‫ِ‬
‫القتال‪،‬‬ ‫منهم أش�دُّ م ْن ٍ‬
‫كثري م َن‬ ‫ُ‬ ‫تلك املعون َة ا ّلتي‬
‫ألن َ‬ ‫يقاتلون؛ َّ‬
‫َ‬ ‫بقتلهم‪ْ ،‬‬
‫تكون ْ‬ ‫وإن مل ْ يكونوا‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫كذلك؛ قتلوا‪.‬‬ ‫كان َ‬
‫ذلك‬ ‫يقاتل ّإال هبا‪ ،‬فإذا َ‬
‫يلتئم مل ْن ُ‬
‫القتال ال ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ولعل‬
‫ِ‬
‫املقتولة‬ ‫رباح أخي حنظل َة يف ِ‬
‫املرأة‬ ‫حديث ٍ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫ذلك ُ‬
‫قول‬ ‫ليل عىل َ‬‫والدّ ُ‬
‫ِ‬
‫وارتفعت الع ّل ُة ا ّلتي‬ ‫قتلت‪،‬‬
‫قاتلت ْ‬
‫ْ‬ ‫تقتل‪ ،‬فإهنّا ال ُ‬
‫تقاتل‪ ،‬فإذا‬ ‫أي‪ :‬فال ُ‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫منع م ْن قتلها‪.‬‬
‫هلا َ‬
‫كانت‬ ‫بقتل ِ‬
‫املرأة إذا ْ‬ ‫ب�أس ِ‬ ‫الص ّم ِة للع ّل ِة ا ّلتي ذكرنا ٌ‬
‫دليل عىل أ ّن ُه ال َ‬ ‫قتله�م دريدَ ب� َن ّ‬
‫ْ‬ ‫ويف‬
‫هو‬ ‫ِ‬
‫احلرب‪ ،‬فهذا ا ّلذي ذكرنا‪َ ،‬‬ ‫أي يف ِ‬
‫أمور‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبري ذي ّ‬ ‫كالش ِ‬
‫يخ‬ ‫ِ‬
‫احلرب ّ‬ ‫ٍ‬
‫تدبري يف‬ ‫أيض ًا َ‬
‫ذات‬
‫ِ‬
‫اآلثار»)‪.(3‬‬ ‫ا ّلذي يوجبه تصحيح معاين ِ‬
‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ﷺ‬

‫وم�ن ذل�ك تقديمه�م يف الكالم‪ :‬ففي قص�ة الرجل الذي قتل بخي�ر وجاء رجالن من‬
‫ٍ‬
‫مسعود‬ ‫ٍ‬
‫سهل وحم ّيص ُة وحو ّيص ُة ابنا‬ ‫الر ِ‬
‫محن ب ُن‬ ‫فانطلق عبدُ ّ‬
‫َ‬ ‫قومه ليكلا رسول اهلل يف أمره‪:‬‬
‫فس�كت‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أحدث القو ِم‬ ‫وهو‬
‫َ‬ ‫�م َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫الر ِ‬
‫محن يتك ّل ُ‬ ‫فذه�ب عب�دُ ّ‬
‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪،‬‬
‫إىل الن ِّ‬
‫فتك ّلا)‪.(4‬‬

‫الس ِّن)‪.(5‬‬
‫الكبري ّ‬
‫َ‬ ‫أي‪ :‬قدّ ِم‬

‫«كان رسول اهلل ﷺ إذا سقى‬ ‫أخرج أبو يعىل عن ابن عباس َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫وتقديمهم يف السقاية‪:‬‬
‫)‪.(6‬‬ ‫ْأو َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬الذي فيه قتل دريد‪ ،‬وقد كان شيخ ًا فاني ًا‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]2669‬وابن ماجة [‪ ،]2842‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[701‬‬
‫)‪ (3‬رشح معاين اآلثار [‪.[224/3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]3173‬ومسلم [‪.[1669‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[177/1‬‬
‫قوي»‪ .‬فتح الباري [‪.[87/10‬‬
‫)‪ (6‬رواه أبو يعىل [‪ ،]2425‬وقال ابن حجر‪« :‬سنده ٌّ‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال لن�ا‬ ‫األنص�اري ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬
‫مس�عود‬ ‫ع� ْن أيب‬
‫ِّ‬

‫)‪.(1‬‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(2‬‬

‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عن ابن عمر ‪َّ L‬‬
‫أن‬
‫)‪.(3‬‬
‫«فيه‪ :‬تقديم ذي الس� ِّن يف الس�واك‪ ،‬وكذلك ينبغي تقديم ذي الس� ِّن يف‬
‫الطعام والرشاب والكالم وامليش والكتاب وكل منزلة؛ قياس� ًا عىل الس�واك واستدالال من‬
‫يريد‪ :‬ليتك ّل ِم األك ُ‬
‫ر‪ ،‬وهذا من باب أدب اإلسالم‪.‬‬ ‫قوله «ﷺ» حلويصة وحميصة‪:‬‬
‫تقديم ذي السن أوىل يف كل ٍ‬
‫يشء ما مل يرتت ِ‬
‫ّب القو ُم يف اجللوس‪ ،‬فإذا ترتّبوا‬ ‫ّ ِّ‬
‫فالسنة تقديم األيمن فاأليمن من الرئيس أو العامل‪ ،‬عىل ما جاء يف حديث رشب اللبن»)‪.(4‬‬
‫صحيح»)‪.(5‬‬
‫ٌ‬ ‫«وهو‬
‫َ‬
‫فرشب من ُه وع ْن‬ ‫ٍ‬
‫برشاب‬ ‫يت‬ ‫َ‬ ‫�اعدي ‪َّ I‬‬ ‫ٍ‬ ‫س�هل ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ أ َ‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫الس‬
‫بن س�عد ّ‬ ‫فع ْن‬
‫ُ‬
‫األشياخ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يساره‬ ‫ِ‬
‫يمينه غال ٌم وع ْن‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[673‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]6231‬ومسلم [‪.[2160‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[2271‬‬
‫)‪ (4‬رشح صحيح البخارى البن بطال [‪.[364/1‬‬
‫)‪ (5‬فتح الباري [‪.[357/1‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال للغال ِم‪:‬‬
‫منك أحد ًا‪.‬‬
‫أوثر بنصيبي َ‬
‫رسول اهللِ‪ ،‬ال ُ‬ ‫َ‬ ‫فقال الغال ُم‪ :‬ال واهلل يا‬‫َ‬
‫يده)‪.(2‬‬‫رسول اهلل ﷺ يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ )‪(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬فتل ُه‬
‫كرامتهم‬
‫ْ‬ ‫هم وإيثار‬ ‫ِ‬
‫لقلوب األش�ياخ‪ ،‬وإعالم ًا بو ّد ْ‬ ‫ذلك أيض ًا تأ ّلف ًا‬
‫«وفعل َ‬ ‫َ‬
‫وهي َّ‬ ‫ِ‬
‫أحق‪ ،‬وال يدفع‬
‫أن األيمن ّ‬ ‫ذلك أيض ًا بيان هذه ّ‬
‫الس�نّة‪َ ،‬‬ ‫وتضم َن َ‬
‫ّ‬ ‫إذا مل ْ تنع منها س�نّة‪،‬‬
‫ِ‬
‫باستئذانه»)‪.(3‬‬ ‫إىل غريه ّإال ِ‬
‫بإذنه‪ ،‬وأ ّن ُه ال بأس‬
‫فتقديم الكبري خمصوص با إذا مل يكن احلق لغريهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصغري؛ وذلك ملا له‬ ‫الكبري عىل‬ ‫يتبني لنا كيف كان النبي ﷺ يقدّ ُم‬
‫فمن هذه األحاديث ّ ُ‬
‫َ‬
‫الس ِّن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلق‪ ،‬وملا له من اخلرة واملعرفة أكثر من غريه من حدثاء ّ‬
‫من ِّ‬
‫وتقديمه للكبري فيه إش�عار بتكريمه‪ ،‬وعدم إهانته؛ ألن الصغري عندما يتقدّ م عىل الكبري‬
‫الكبري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سيتأ ّثر الكبري‪ ،‬فلذلك أمر الرسول ﷺ بأن يقدّ َم‬

‫ •‬
‫إن فريض َة اهلل‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫خثعم‪،‬‬
‫َ‬ ‫جاءت امرأ ٌة م ْن‬
‫ْ‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫عن ِ‬
‫ابن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫أفأحج عن ُه؟‬ ‫يثبت عىل الر ِ‬
‫احلة‬ ‫أدركت أيب شيخ ًا كبري ًا ال ُ‬ ‫احلج‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫عىل عباده يف ِّ‬
‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ •‬
‫يف حدي�ث خولة بنت ثعلب�ة التي ظاهر منها زوجها أوس ب�ن الصامت قالت‪َ :‬‬
‫فقال يل‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬

‫)‪ (1‬أي‪ :‬وضعه يف يده ودفعه إليه‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]2319‬ومسلم [‪.[2030‬‬
‫)‪ (3‬رشح صحيح مسلم [‪[201/13‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]1513‬ومسلم [‪.[1334‬‬
‫‪‬‬

‫يعتق‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ما عند ُه ما ُ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫كبري ما ِبه م ْن صيا ٍم‪.‬‬
‫شيخ ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل إ ّن ُه ٌ‬ ‫فقلت‪ :‬واهلل يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫رسول اهلل ما َ‬
‫ذاك عند ُه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قلت واهلل يا‬
‫قالت‪ُ :‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬
‫آخر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل سأعين ُه بعرق َ‬ ‫فقلت‪ :‬وأنا يا‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ففعلت)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫ﷺ‬ ‫ •‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(2‬‬
‫ﷺ‬
‫كبري السن قريب من املوت فعليه أن يتوب‪ ،‬ويستعد للقاء اهلل‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [فاط�ر‪ ،[37 :‬ق�ال‬
‫يب»)‪.(3‬‬ ‫ابن عباس‪« :‬يعني ّ‬
‫الش َ‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬
‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ]26774‬وأبو داود [‪ ،]2214‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪ ،]2087‬وقد سبق‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ]671‬ومسلم [‪.[468‬‬
‫)‪ (3‬تفسري ابن كثري [‪ ،]493/6‬وعلقه البخاري يف كتاب الرقاق من صحيحه‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[6056‬‬
‫‪‬‬

‫كأن َ‬
‫يقول‪ْ :‬لو مدَّ يل يف‬ ‫اعتذار‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫يبق ل ُه‬ ‫ِ‬
‫العذر‪ ،‬واملعن�ى‪ :‬أ ّن ُه مل ْ َ‬ ‫اإلعذار‪ :‬إزال ُة‬
‫ُ‬ ‫«‬
‫أمرت ِبه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لفعلت ما‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األجل؛‬
‫ِ‬
‫العذر‪ ،‬ومكّن ُه من ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الغاية يف‬ ‫يقال‪ :‬أعذر ِ‬
‫إليه إذا ب ّلغ ُه أقىص‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫حصل ل ُه‪ ،‬فال ينبغي ل ُه‬ ‫ِ‬
‫بالعم�ر ا ّلذي‬ ‫اعة مع تك ِ‬
‫ّنه منها‬ ‫ترك ال ّط ِ‬
‫وإذا مل يك�ن ل�ه عذر يف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ٌ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫واإلقبال عىل اآلخرة بالك ّل ّية)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫االستغفار‪ ،‬وال ّطاع ُة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ّإال‬
‫ُ‬
‫إعذار بعده؛ ألن الستني قريب من‬ ‫َ‬ ‫«أي‪ :‬أعذر إليه غاية اإلعذار الذي ال‬
‫ِ‬
‫ولقاء اهلل‬ ‫ب املن ّي ِة‬ ‫ِ‬
‫اإلنابة‪ ،‬واخلش�وعِ‪ ،‬واالستس�ال ِم هلل تعاىل‪ ،‬وتر ّق ِ‬ ‫معرتك العباد‪ ،‬وهو س� ُّن‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫إعذار يف ِ‬
‫عمر اب�ن آدم؛ لطف ًا من اهلل لعباده حني نقلهم من حالة اجلهل‬ ‫إعذار بعدَ‬
‫ٌ‬ ‫فه�ذا‬
‫مر ًة بعد أخرى‪ ،‬ومل يعاقبهم إال بع�د احلجج الالئحة املبكّتة‬
‫إىل حال�ة العلم‪ ،‬وأعذر إليه�م ّ‬
‫هلم»)‪.(2‬‬

‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫عن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن الن َّ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫األمل»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وطول‬ ‫حب الدّ نيا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اثنتني‪ :‬يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫الكبري شا ّب ًا يف‬ ‫قلب‬ ‫«ال ُ‬
‫يزال ُ‬
‫ِ‬ ‫احلب ِ‬ ‫ومعنا ُه‪َّ :‬‬
‫شبابه)‪.(4‬‬ ‫اب يف‬
‫الش ّ‬ ‫ذلك كاحتكا ِم ّ‬
‫قوة ّ‬ ‫للال حمتكم يف َ‬ ‫أن قلب ّ‬
‫الشيخ كامل ِّ‬
‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ق�ال‪:‬‬ ‫وع� ْن ِ‬
‫أنس بن مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬فتح الباري [‪.[240/11‬‬


‫)‪ (2‬رشح صحيح البخارى البن بطال [‪.[153/10‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6420‬ومسلم [‪ ]1046‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[138/7‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]6421‬ومسلم [‪ ،]1047‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫أخالقه‬ ‫أي‪ :‬م ْن‬ ‫أي‪ :‬ينمو ويقوى‬ ‫ويضعف‬
‫ُ‬ ‫يشيب‬ ‫أي‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫طوله)‪.(1‬‬ ‫أي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ومنعه‬ ‫أي‪ِ :‬‬
‫مجعه‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ذلك‬ ‫املال‪َّ ،‬‬
‫وأن َ‬ ‫ِ‬
‫وكثرة ِ‬ ‫ِ‬
‫العمر‪،‬‬ ‫احلرص عىل ِ‬
‫طول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث‪ :‬كراه ُة‬ ‫«يف هذا‬
‫ٍ‬
‫بمحمود‪.‬‬ ‫ليس‬
‫َ‬
‫راغب يف‬ ‫فهو‬ ‫ِ‬
‫األشياء إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫األمرين‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واحلكم ُة يف الت‬
‫ٌ‬ ‫ابن آد َم نفس ُه‪َ ،‬‬ ‫أحب‬
‫أن َّ‬ ‫هبذين‬ ‫ّخصيص‬
‫الص ّح ِة ا ّلتي‬ ‫ِ‬
‫األس�باب يف دوا ِم ّ‬ ‫وأحب َ‬
‫املال؛ أل ّن ُه م ْن أعظ ِم‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫العمر‪،‬‬ ‫لذلك َ‬
‫طول‬ ‫فأحب َ‬ ‫َّ‬ ‫بقائها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بقرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫دوامه»)‪.(2‬‬ ‫نفاد َ‬
‫ذلك‪ ،‬اشتدَّ ح ّب ُه‪ ،‬ورغبت ُه يف‬ ‫أحس‬‫العمر‪ ،‬فك ّلا َّ‬ ‫ينشأ عنها غالب ًا ُ‬
‫طول‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َ I‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫الكذ ِ‬
‫اب‪ ،‬والعائل املستكر‪.‬‬ ‫الزاين‪ ،‬وامللك ّ‬ ‫ففي هذا احلديث‪ :‬وعيدٌ شديدٌ ّ‬
‫للشيخ ّ‬
‫مع بعدها من ُه‪ ،‬وعدم رضورته إليها‪،‬‬ ‫منهم التز َم املعصية املذكورة َ‬
‫كل واحد ُ‬ ‫أن َّ‬
‫وس�ببه‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫ه�ذه املعايص‬ ‫ٍ‬
‫بذنب‪ ،‬لك ْن ّمل�ا مل ْ يك ْن إىل‬ ‫وإن َ‬
‫كان ال يع�ذر أح�دٌ‬ ‫وضع�ف دواعيه�ا عن�ده; ْ‬
‫بحق اهلل‬
‫إقدامهم عليها املعاندةَ‪ ،‬واالس�تخفاف ِّ‬ ‫ْ‬ ‫رضورة مزعجة‪ ،‬وال دواعي معتادة أش�ب َه‬
‫ٍ‬
‫حلاجة غريها)‪.(4‬‬ ‫تعاىل‪ ،‬وقصد معصيته ال‬

‫الش ِ‬
‫�يب َ‬ ‫أن النّبي ﷺ هنى عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ع� ْن عمرو ِ‬
‫وقال‪:‬‬ ‫نتف ّ‬ ‫ْ‬ ‫ش�عيب ع ْن أبيه ع� ْن جدّ ه َّ َّ‬ ‫بن‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬حتفة األحوذي [‪.[520/6‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[241/11‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[107‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[117/2‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي [‪ ،]2821‬والنس�ائي [‪ ،]5068‬واب�ن ماجة [‪ ،]3721‬وقال األلباين‪« :‬صحيح لغريه»‪ .‬صحيح‬
‫الرتغيب والرتهيب [‪.[2091‬‬
‫‪‬‬

‫ويف رواية‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(2‬‬

‫الفتح‪ ،‬ورأس ُه وحليت ُه ُ‬


‫مثل ال ّثغا ِم ْأو‬ ‫ِ‬ ‫يت بأيب قحاف َة عا َم‬ ‫جابر بن عبد اهلل ‪َ L‬‬
‫قال‪ :‬أ َ‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ِ‬
‫نسائه َ‬ ‫فأمر ِبه إىل‬ ‫ِ )‪(3‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ال ّثغامة ‪َ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بصفرة ْأو محرة‪ ،‬وحيرم خضابه‬ ‫للر ِ‬
‫جل واملرأة‬ ‫«يس�تحب خضاب ّ‬
‫الش�يب ّ‬ ‫ُّ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫لقوله ﷺ‪:‬‬ ‫بالس ِ‬
‫واد‬ ‫ّ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وع�ن أيب هري�ر َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(6‬‬
‫ِ‬
‫واملراد به صبغ ش�يب ال ّلحية ّ‬
‫والرأس‪ ،‬وال يعارض ُه ما ور َد م َن النّهي ع ْن إزالة ّ‬
‫الشيب؛‬
‫الصبغ ال يقتيض اإلزالة)‪.(7‬‬ ‫َّ‬
‫ألن ّ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]4202‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5760 ،7463‬‬
‫)‪ (2‬رواه ابن حبان [‪ ]2985‬وقال األلباين‪« :‬حسن صحيح»‪ .‬التعليقات احلسان [‪.[329‬‬
‫مر يش ّبه ِبه ّ‬
‫الشيب‪ .‬النهاية [‪.[214/1‬‬ ‫أبيض الزّ هر وال ّث ِ‬
‫هو نبت ُ‬
‫)‪َ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[3924‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[80/14‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]3462‬ومسلم [‪.[2103‬‬
‫)‪ (7‬فتح الباري [‪.[499/6‬‬

‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع ال�شغار‬

‫ِ‬
‫والش�فقة عليهم‪ ،‬وهو‬ ‫ّب�ي ﷺ ش�ديدَ االهت�ام باألطف�ال‪ُّ ،‬‬
‫حي�ث عىل رمحته�م‪،‬‬ ‫كان الن ُّ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫القائل ﷺ‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫فل�ا جاءت�ه الغامدية التي زنت رده�ا حتى تلد‪ ،‬فلا وضعت وجاءت َ‬
‫ق�ال ﷺ‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫نبي اهللِ)‪.(2‬‬
‫فقال‪ :‬إ َّيل رضاع ُه يا َّ‬ ‫ِ‬
‫األنصار َ‬ ‫فقا َم ٌ‬
‫رجل م ْن‬

‫رك عليهم‪ ،‬وحينّكهم‪ ،‬ويدعو هلم‪ ،‬وكان الصحابة رضوان‬


‫فكان ﷺ يؤتى بالصبيان‪ ،‬في ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ التاس ًا للركة‪.‬‬ ‫عليهم إذا ولدَ هلم مولو ٌد؛ أتوا به‬

‫فأتيت املدين َة‪،‬‬ ‫متم‬ ‫الز ِ‬ ‫محلت ِ‬


‫بعبد اهلل ِ‬
‫ُ‬ ‫فخرجت وأنا ٌّ‬
‫ُ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫بري ْ‬ ‫بن ّ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْن أسا َء ‪ّ J‬أهنا‬
‫)‪(3‬‬

‫بقباء‪ ،‬فولدته ٍ‬
‫بقباء‪.‬‬ ‫فنزلت ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫فكان‬ ‫تفل يف ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫ثم َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ثم ُ ِ‬
‫ثم دعا بتمرة‪ ،‬فمضغها‪َّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ‪ ،‬فوضعت ُه يف حجره‪َّ ،‬‬ ‫أتيت به الن َّ‬ ‫َّ‬
‫وكان ّأو َل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وبر َك عليه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّأو َل يشء َ‬
‫ثم دعا ل ُه ّ‬
‫ثم حنّك ُه بتمرة‪َّ ،‬‬‫ريق رسول اهلل ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫دخل جوف ُه ُ‬
‫ٍ‬
‫مولود ولدَ يف اإلسال ِم)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ]1920‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ،L‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5444‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1695‬‬
‫ِ‬
‫للوالدة‪.‬‬ ‫أي‪ :‬مقارب ٌة‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪.[3619‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫األنصاري إىل‬ ‫ذهبت ِ‬
‫بعبد اهلل ِ‬
‫بن أيب طلح َة‬ ‫ُ‬ ‫وعن أنس بن مالك ‪ I‬قال‪:‬‬
‫ِّ‬
‫هينأ بعري ًا ل ُه)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫عباءة ُ‬ ‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ يف‬ ‫حني ولدَ ‪،‬‬
‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫فيه‪ ،‬فالكهن ثم فغر فا الصبي)‪ (2‬فمجه يف ِ‬
‫فيه‪،‬‬ ‫ترات‪ ،‬فألقاهن يف ِ‬
‫ٍ‬ ‫نعم‪ ،‬فناولت� ُه‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ ِّ‬ ‫َّ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫فقل�ت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫يتلمظ ُه)‪.(3‬‬
‫بي ّ‬ ‫الص ُّ‬ ‫َ‬
‫فجعل ّ‬
‫وسا ُه عبدَ اهلل)‪.(4‬‬
‫‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫أي‪ :‬حمبوب‬
‫بضم احلاء وكرها فالكر بمعنى املحبوب‪ْ ،‬‬
‫روي ِّ‬
‫َ‬
‫حب األنصار التّمر)‪.(5‬‬
‫ضم احلاء فتقديره‪ :‬انظروا ِّ‬
‫األنصار التّمر‪ ،‬وأ ّما عىل ّ‬

‫حني ولدَ ‪ ،‬فوضع ُه‬


‫ّبي ﷺ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫باملنذر ِ‬ ‫ِ‬
‫س�هل بن س�عد ‪َ I‬‬ ‫عن‬
‫بن أيب أسيد إىل الن ِّ‬ ‫يت‬
‫قال‪ :‬أ َ‬
‫جالس‪.‬‬ ‫فخذه‪ ،‬وأبو ٍ‬
‫أسيد‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أسيد ِ‬ ‫بني ِ‬
‫يديه)‪ ،(6‬فأمر أبو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬ ‫فاحتمل م ْن فخذ الن ِّ‬ ‫بابنه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ بيشء َ‬
‫فلها الن ُّ‬
‫)‪.(7‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬
‫فاستفاق الن ُّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل)‪.(8‬‬ ‫فقال أبو ٍ‬
‫أسيد‪ :‬قلبنا ُه يا‬ ‫َ‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫بالقطران‪.‬‬ ‫أي‪ :‬يطليه‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫أي‪ :‬فتحه‪.‬‬
‫)‪ْ (2‬‬
‫)‪ (3‬أي‪ :‬حيرك لسانه ليتتبع ما يف ِ‬
‫فيه م ْن آثار التّمر‪ ،‬وأكثر ما يفعل َ‬
‫ذلك يف يشء يستطيب ُه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2114‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[123/14‬‬
‫)‪ (6‬أي‪ :‬انشغل‪.‬‬
‫بي َ‬
‫فسأل عن ُه‪.‬‬ ‫الص ّ‬
‫فلم َير ّ‬ ‫مشتغال ِبه‪َ ،‬‬
‫فأفاق م ْن َ‬
‫ذلك‪ْ ،‬‬ ‫ً‬ ‫كان‬ ‫)‪ِ (7‬‬
‫أي‪ :‬انقىض ما َ‬
‫أي‪ :‬رصفنا ُه إىل منزله‪.‬‬
‫)‪ْ (8‬‬
‫‪‬‬

‫قال‪ٌ :‬‬
‫فالن‪.‬‬

‫املنذر)‪.(1‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ‬ ‫فسا ُه‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫قال‪:‬‬
‫ألن ابن ع�م ِ‬
‫أبيه املنذر بن‬ ‫ّب�ي ﷺ هذا املولود «املنذر» َّ‬
‫ّ‬ ‫«وس�بب تس�مية الن ّ‬
‫ليكون خلف ًا من ُه»)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫فتفاءل ِبه؛‬
‫َ‬ ‫أمريهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫كان قدْ استشهدَ ِ‬
‫ببئر معونة‪،‬‬ ‫عمرو َ‬

‫إبراهيم‪ ،‬وحنّك ُه‬ ‫فس�ا ُه‬ ‫ُ ِ‬


‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬
‫فأتيت به الن َّ‬ ‫وعن أيب موس�ى ‪ I‬قال‪ :‬ولدَ يل غال ٌم‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بتمرة‪ ،‬ودعا له بالركة‪ ،‬ودفعه إ ّيل)‪.(3‬‬

‫وأن قول�ه ﷺ‬‫بأس�اء األنبي�اء ‪َّ ،Q‬‬ ‫ِ‬ ‫التّس�مية‬


‫ٍ‬
‫أس�يد‬ ‫س�مى ابن أيب‬ ‫ليس بان ٍع َ‬
‫من التّس�مية بغريمها‪ ،‬ولذا ّ‬ ‫َ‬
‫باملنذر)‪.(4‬‬

‫عليه�م‪،‬‬ ‫ر ُك‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫َ‬ ‫ّب�ي ﷺ َّ‬ ‫ع� ْن عائش� َة ِ‬
‫ْ‬ ‫بالصبي�ان‪ ،‬في� ّ‬ ‫كان يؤت�ى ّ‬ ‫أن‬ ‫زوج الن ِّ‬
‫باء فأتبع ُه بول ُه ومل ْ يغسل ُه)‪.(5‬‬‫عليه‪ ،‬فدعا ٍ‬
‫فبال ِ‬ ‫بصبي َ‬ ‫يت‬
‫ٍّ‬ ‫ّكهم‪ ،‬فأ َ‬
‫وحين ْ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫صغري مل ْ ْ‬
‫يأكل ال ّطعا َم إىل‬ ‫أتت ٍ‬
‫بابن هلا‬ ‫حمصن ‪ّ I‬أهنا ْ‬ ‫ٍ‬ ‫بنت‬ ‫قيس ِ‬
‫وع ْن أ ِّم ٍ‬
‫باء‪ ،‬فنضح ُه‪ ،‬ومل ْ يغسل ُه)‪.(6‬‬ ‫ثوبه‪ ،‬فدعا ٍ‬ ‫فبال عىل ِ‬ ‫ِ‬
‫حجره‪َ ،‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ يف‬ ‫ُ‬ ‫فأجلس ُه‬

‫مؤاخذهتم؛‬ ‫منهم‪ ،‬وع�د ُم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬


‫ْ‬ ‫حيدث ْ‬ ‫ر ع�ىل ما‬ ‫والص ُ‬
‫باألطفال‪ّ ،‬‬ ‫ف�ق‬
‫الر ُ‬ ‫فف�ي هذا احلديث‪ّ :‬‬
‫لعدم تكليفهم)‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ]6191‬ومسلم [‪.[2149‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[128/14‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]5467‬ومسلم [‪.[2145‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[126/14‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]5468‬ومسلم [‪.[286‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]223‬ومسلم [‪.[287‬‬
‫)‪ (7‬فتح الباري [‪.[434/10‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫بثياب فيها مخيص ٌة س�ودا ُء‪،‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫يت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ‬
‫قال�ت‪ :‬أ َ‬
‫ْ‬ ‫ن أ ِّم خال�د بنت خالد ‪J‬‬
‫ع� ْ‬
‫فأسكت القو ُم‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫خالد‪ُ ،‬فأيت يب النّبي ﷺ‪ ،‬فألبسنيها ِ‬
‫بيده‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ائتوين بأم ٍ‬
‫َ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫اخلميصة ويش�ري ِ‬
‫بيده إ َّيل‬ ‫ِ‬ ‫ينظر إىل عل ِم‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫فجعل ُ‬
‫‪.‬‬

‫بلسان احلبش ّي ِة احلس ُن)‪.(1‬‬


‫ِ‬ ‫والسنا‬
‫ّ‬
‫وكانت أم خالد مع أهلها يف هجرة احلبشة‪ ،‬فلذلك داعبها النبي ﷺ بلسان أهل احلبشة‪.‬‬

‫أي ّأهنا‬
‫بذلك‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫للمخاطب َ‬ ‫ِ‬
‫بطول البقاء‬ ‫تطلق العرب َ‬
‫ذلك وتريد الدّ عاء‬
‫تطول حياهتا حتّى يبىل ال ّثوب وخيلق‪.‬‬

‫وخر ْق ثيابك‪ ،‬وارقعها)‪.(2‬‬


‫عش ّ‬‫وأخلق معنا ُه‪ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫أبل‬
‫عاشت ِ‬
‫هذه»)‪.(3‬‬ ‫ْ‬ ‫«مل ْ ْ‬
‫تعش امرأة مثل ما‬

‫عن أنس بن مالك ‪ I‬قال‪ :‬كان رسول اهلل ﷺ يالعب زينب بنت أم سلمة‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫مرار ًا)‪.(4‬‬
‫فل�م ْ‬
‫يزل ماء‬ ‫ِ‬
‫فنض�ح يف وجهها‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫وهو يغتس�ل‬
‫دخل�ت عليه ﷺ َ‬
‫ْ‬ ‫«وقدْ‬
‫كرت»)‪.(5‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫الشباب يف وجهها حتّى‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5845‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪.[280/10‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري [‪.[184/6‬‬
‫)‪ (4‬رواه الضياء يف املختارة [‪ ،]1733‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2141‬‬
‫)‪ (5‬حاشية ابن القيم عىل سنن أيب داود [‪ ،]122/1‬االستيعاب [‪ ]1855/4‬البن عبد الر‪.‬‬
‫‪‬‬

‫فمج ﷺ يف وجهه‬ ‫ذات ٍ‬


‫الريبع‪ ،‬وهو ابن مخس سنني‪َّ ،‬‬
‫مرة حممو ُد بن ّ‬
‫وقد وقف بني يديه َ ّ‬
‫جم ّ ًة من ماء من دلو يازحه هبا‪.‬‬
‫سنني‬ ‫ِ‬
‫مخس‬ ‫ّبي ﷺ جم ّ ًة جمّها يف وجهي وأنا اب ُن‬ ‫الربي ِع َ‬ ‫ِ‬
‫حممود ِ‬
‫َ‬ ‫«عقلت م ْن الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن ّ‬ ‫ع ْن‬
‫م ْن ٍ‬
‫دلو»)‪.(1‬‬
‫ّبي إال تلك املجة‪ ،‬فعدَّ هبا‬
‫ف�كان م�ن بركة ذلك أنه ملا كر مل يبق يف ذهنه من ذكر رؤية الن ّ‬
‫من الصحابة‪.‬‬
‫إن َ‬
‫كان عىل بعد‪.‬‬ ‫يسمى جم ّ ًا ّإال ْ‬ ‫هو إرسال املاء م َن الفم‪َ ،‬‬
‫وقيل‪ :‬ال ّ‬ ‫«املج َ‬
‫ُّ‬
‫مع‬ ‫كان َ‬ ‫وفعله النّبي ﷺ مع حممود إما مداعب ًة منه‪ ،‬أو ليبارك ِ‬
‫عليه هبا كا َ‬
‫ذلك م ْن شأنه َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫الصحابة‪.‬‬‫أوالد ّ‬
‫الصبيان جمالس احلدي�ث‪ ،‬وزيارة اإلمام‬
‫جواز إحض�ار ّ‬
‫ُ‬ ‫ويف ه�ذا احلديث م� َن الفوائد‪:‬‬
‫صبياهنم»)‪.(2‬‬
‫ْ‬ ‫دورهم‪ ،‬ومداعبته‬
‫ْ‬ ‫أصحابه يف‬

‫أخ ُ‬
‫يقال ل ُه‪ :‬أبو‬ ‫َ‬
‫وكان يل ٌ‬ ‫ّبي ﷺ أحس� َن الن ِ‬
‫ّاس خلق ًا‪،‬‬ ‫أنس ب ُن مالك ‪َ :I‬‬
‫كان الن ُّ‬ ‫قال ُ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫وكان إذا جا َء َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫عمري‪ ،‬وكان فطي ًا‪،‬‬
‫النّغري‪ :‬طائر كان يلعب به‪.‬‬

‫جواز تكنية م ْن مل ْ يولد ل ُه‪.‬‬


‫ُ‬
‫ليس كذب ًا‪.‬‬
‫تكنية ال ّطفل‪ ،‬وأ ّن ُه َ‬
‫ليس إث ًا‪.‬‬
‫جواز املزاج فيا َ‬
‫ُ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[77‬‬


‫)‪ (2‬فتح الباري [‪ ]173/1‬باختصار‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]6203‬ومسلم [‪.[2150‬‬
‫‪‬‬

‫املسميات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جواز تصغري بعض‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالعصفور‪ ،‬وتكني الو ّيل إ ّيا ُه م ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫بي‬
‫الص ّ‬
‫جواز لعب ّ‬
‫ُ‬
‫السجع بالكال ِم احلسن بال كلفة‪.‬‬
‫جواز ّ‬
‫ُ‬
‫وتأنيسهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الصبيان‬
‫مالطفة ّ‬
‫الش ِ‬
‫ائل‪ ،‬والتّواضع‪.‬‬ ‫كان النّبي ﷺ ِ‬
‫عليه م ْن حسن اخللق‪ ،‬وكر ِم ّ‬ ‫بيان ما َ‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫زيار ُة األهل؛ َّ‬
‫ألن أ ّم سلي ٍم والدة أيب عمري َ‬
‫هي م ْن حمارمه ﷺ)‪.(1‬‬

‫يعني يازح ُه)‪.(2‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪ :‬ر ّبا َ‬ ‫أنس بن ٍ‬


‫مالك ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫قال َيل الن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القول من ِ‬
‫أخالقه)‪.(3‬‬ ‫ولطيف‬ ‫مداعباته ﷺ‬ ‫مجلة‬ ‫َ ْ‬ ‫هذا‬

‫ثم ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫وكثري ًا‪ ،‬م ْن بني الع ّب ِ‬
‫اس َّ‬ ‫يصف عبدَ اهللِ‪ ،‬وعبيدَ اهللِ‪ّ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫ّبي ﷺ‬
‫فكان الن ُّ‬
‫‪.‬‬
‫ويلزمهم)‪.(4‬‬ ‫لهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فيستبقون ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫فيقعون عىل ظهره وصدره‪ ،‬فيق ّب ْ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫قال‪:‬‬

‫[يلعبون] فس ّل َم عليهم)‪.(5‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫غلان‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ عىل‬ ‫عن ِ‬
‫أنس بن مالك َ‬
‫قال‪ :‬أتى‬
‫ِ‬
‫الغلان‪ ،‬فس ّل َم علينا)‪.(6‬‬ ‫مع‬ ‫ُ‬ ‫وع ْن ٍ‬
‫أنس َ‬
‫ألعب َ‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ وأنا‬ ‫عيل‬
‫قال‪ :‬أتى َّ‬
‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[129/14‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ]5002‬والرتمذي [‪ ،]1992‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[7909‬‬
‫)‪ (3‬حتفة األحوذي [‪.[108/6‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ]1839‬وقال يف جممع الزوائد [‪ :]285/9‬إسناده حسن‪ ،‬وضعفه األلباين يف الضعيفة [‪.[6547‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]6247‬ومسلم [‪ ،]2168‬وأبو داود [‪ ]5202‬والزيادة له‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[2482‬‬
‫‪‬‬

‫الرور والفرح إىل نفوس هؤالء الناشئة‪ ،‬ويعطيهم‬


‫َ‬ ‫ُ‬
‫يدخل‬ ‫ِ‬
‫األسلوب‬ ‫لقد كان ﷺ هبذه‬
‫والرد واألخذ والعطاء معهم‪ ،‬وهذا من حكمته ﷺ‪.‬‬
‫الدفعة املعنوية ليتعودوا حمادثة الكبار ّ‬

‫يداعب األطفال‪ ،‬فيمسح رؤوسهم‪ ،‬فيشعرون بالعطف واحلنان‪.‬‬


‫ُ‬ ‫كان رسول اهلل ﷺ‬
‫ِ‬
‫األنصار جا َء‬ ‫كان رس�ول اهلل ﷺ يزور األنصار‪[ ،‬فإذا جا َء إىل ِ‬
‫دور‬ ‫فعن أنس ‪ I‬قال‪َ :‬‬
‫هلم)‪.(1‬‬
‫رءوسهم‪ ،‬ويدعو ْ‬
‫ْ‬ ‫صبياهنم‪ ،‬ويمسح عىل‬
‫ْ‬ ‫يدورون حول ُه] فيس ّلم عىل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‬ ‫ُ‬
‫صبيان‬
‫بنت ٍ‬
‫محيد إىل‬ ‫زين�ب ُ‬ ‫وذهب�ت ِبه أ ّم ُه‬ ‫ّبي ﷺ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بن هش�ا ٍم‬ ‫وع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫أدرك الن َّ‬ ‫وكان ق�دْ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل بايع ُه‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪،‬‬

‫فمسح رأس ُه‪ ،‬ودعا ل ُه)‪.(2‬‬


‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫خرج إىل‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ :‬ص ّل ُ‬
‫بن س�مر َة ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫مع رسول اهلل ﷺ صال َة األوىل ‪َّ ،‬‬
‫يت َ‬
‫)‪(3‬‬

‫أحدهم واحد ًا واحد ًا‪.‬‬ ‫يمسح خدّ ْي‬ ‫َ‬


‫فجعل‬ ‫ٌ‬
‫ولدان‪،‬‬ ‫وخرجت مع ُه‪ ،‬فاستقبل ُه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أهله‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫فمسح خدّ ي‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬وأ ّما أنا‬

‫ار ‪.‬‬
‫)‪(5) (4‬‬ ‫ِ‬
‫جؤنة ع ّط ٍ‬ ‫فوجدت ِ‬
‫ليده برد ًا ْأو رحي ًا كأنّا أخرجها م ْن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫لألطف�ال‪،‬‬ ‫الصبي�ان بي�ان حس�ن خلق�ه‪ ،‬ورمحت�ه‬
‫«ويف مس�حه ﷺ ّ‬
‫ومالطفتهم»)‪.(6‬‬
‫ْ‬

‫)‪ (1‬رواه النسائي يف الكرى [‪ ،]8349‬والطحاوي يف رشح مشكل اآلثار [‪ ،]1577‬والزيادة له‪ ،‬وصححه األلباين‬
‫يف التعليقات احلسان [‪.[460‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪.[2502‬‬
‫)‪ (3‬يعني ال ّظهر‪.‬‬
‫)‪ (4‬ا ّلتي يعدّ فيها ال ّط ُ‬
‫يب وحيرز‪ .‬النهاية [‪.[318/1‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[2329‬‬
‫)‪ (6‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[85/15‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫لون‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ فقالوا‪« :‬أتق ّب َ‬ ‫ِ‬
‫األعراب عىل‬ ‫ناس م َن‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪ :‬قد َم ٌ‬
‫صبيانكم»‪.‬‬
‫ْ‬
‫نعم‪.‬‬
‫فقالوا‪ْ :‬‬
‫فقالوا‪ :‬لكنّا واهلل ما نق ّب ُل‪.‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ﷺ‬
‫ب يف النفس البرش ّية عا ّم ًة‪ ،‬ويف نف�س األطفال أكثر تأثري ًا‪ ،‬وأكر‬ ‫ِ‬
‫أث�ر ط ّي ٌ‬
‫مل�ا كان للهد ّية ٌ‬
‫األطفال منها ويتحفهم هبا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّبي ﷺ يعطي‬ ‫وقع ًا‪ ،‬فقد كان الن ُّ‬
‫اللهم ْ‬
‫بارك لنا يف‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فيقول‪:‬‬ ‫بأو ِل ال ّث ِ‬
‫مر‪،‬‬ ‫كان يؤتى ّ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أصغر م ْن حيرض ُه م َن‬
‫َ‬ ‫يعطي�ه‬ ‫ثم‬
‫مع بركة‪َّ ،‬‬ ‫مدينتن�ا‪ ،‬ويف ثارن�ا‪ ،‬ويف مدّ ن�ا‪ ،‬ويف صاعنا‪ ،‬برك ًة َ‬
‫ِ‬
‫الولدان)‪.(2‬‬
‫والرمحة‪،‬‬ ‫كان ِ‬
‫عليه ﷺ م ْن مكارم األخالق‪ ،‬وكال ّ‬ ‫بيان ما َ‬ ‫ِ‬
‫«فيه‪ُ :‬‬
‫الش�فقة ّ‬
‫في�ه‪ ،‬وأكثر تط ّلع� ًا ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫لكونه أرغب ِ‬
‫ِ‬ ‫الصغ�ري؛‬
‫وخص هب�ذا ّ‬
‫َّ‬ ‫والصغ�ار‪،‬‬
‫ومالطف�ة الكب�ار ّ‬
‫وحرص ًا ِ‬
‫عليه»)‪.(3‬‬
‫ترون نكس�وها ِ‬
‫هذه‬ ‫َ‬ ‫فقال‪ :‬م ْن‬ ‫ٍ‬
‫بثي�اب َ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫يت‬ ‫ُ‬
‫حديث أم خالد ملا أ َ‬ ‫وق�د س�بق‬
‫خالد‪ ،‬فأيت يب النّبي ﷺ‪ ،‬فألبسنيها ِ‬
‫بيده)‪.(4‬‬ ‫قال‪ :‬ائتوين بأم ٍ‬ ‫فأسكت القو ُم‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫اخلميص َة‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ﷺ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يوم ًا‪َ ،‬‬ ‫خلف‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬
‫اس ‪َ L‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5998‬ومسلم [‪.[2317‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[1373‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[146/9‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري [‪ ]5848‬عن أم خالد بنت خالد ‪.J‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬

‫ﷺ‬

‫فتي�ان حزاور ٌة)‪ ،(2‬فتع ّلمنا‬


‫ٌ‬ ‫ّبي ﷺ ونح ُن‬ ‫عب�د اهلل ‪َ I‬‬ ‫بن ِ‬ ‫جندب ِ‬‫ِ‬
‫مع الن ِّ‬
‫قال‪ :‬كنّا َ‬ ‫ع� ْن‬
‫القرآن‪ ،‬فازددنا ِبه إيان ًا»)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫ثم تع ّلمنا‬ ‫َ‬
‫القرآن‪َّ ،‬‬ ‫أن نتع ّل َم‬ ‫اإليان َ‬
‫قبل ْ‬ ‫َ‬

‫ﷺ‬

‫تقف عند حدِّ املالعبة واملالطفة والتقبيل‪ ،‬بل جتاوزت ذلك‬


‫فلم تكن معاملته للصبيان ُ‬
‫إيل الرتبية النافعة‪ ،‬والتوجيه السديد‪.‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ق�ال‪َ :‬‬
‫قال يل‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َ I‬‬ ‫أن�س ِ‬
‫ِ‬ ‫ع� ْن‬
‫ِ‬
‫وكثرة‬ ‫زيادة ٍ‬
‫بركة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫سبب‬ ‫ُ‬
‫الس�ال ُم َ‬
‫يكون ّ‬ ‫أي‪:‬‬
‫)‪ْ .(4‬‬
‫ٍ‬
‫ورمحة)‪.(5‬‬ ‫ٍ‬
‫خري‪،‬‬

‫وكانت يدي ُ‬
‫تطيش‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حجر‬ ‫كنت غالم ًا يف‬
‫عن عمر بن أبى س�لمة قال‪ُ :‬‬

‫وصححه األلباين بزياداته يف الصحيحة [‪.[2382‬‬


‫ّ‬ ‫)‪ (1‬رواه الرتمذي [‪ ،]2516‬وأمحد [‪ ،]2800‬والزيادتان له‪،‬‬
‫قارب البلو َغ‪ .‬النهاية [‪.[380/1‬‬
‫َ‬ ‫وهو ا ّلذي‬
‫)‪َ (2‬‬
‫)‪ (3‬رواه ابن ماجة [‪ .]61‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[61‬‬
‫غريب»‪ ،‬وض ّعفه األلباين يف ضعيف الرتمذي‬
‫ٌ‬ ‫صحيح‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫«حديث حس ٌن‬ ‫)‪ (4‬رواه الرتمذي [‪ ،]2698‬وقال‪:‬‬
‫]‪ ،]2698‬وقال يف صحيح الرتغيب والرتهيب [‪« :]1608‬حسن لغريه»‪.‬‬
‫)‪ (5‬حتفة األحوذي [‪.[397/7‬‬
‫‪‬‬

‫فا‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال يل‬ ‫يف الص ِ‬
‫حفة‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫زالت َ‬
‫تلك طعمتي بعدُ )‪.(1‬‬ ‫ْ‬
‫ويف ه�ذا احلدي�ث أن النب�ي ﷺ كان ال يأنف من األكل مع الصغ�ري‪ ،‬لكنه كان إذا رأى‬
‫ِ‬
‫لألدب نصحهم وأرشدهم‪.‬‬ ‫منهم خمالفة‬

‫فيتعامل ﷺ مع خطئه بأسلوب تربوي رشيد‪ ،‬با يتناسب وصغر سنّه‪.‬‬


‫ِ‬
‫األنص�ار‪ ،‬فأخذوين‪،‬‬ ‫كن�ت غالم ًا أرم�ي َ‬
‫نخل‬ ‫ُ‬ ‫الغف�اري َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ب�ن ٍ‬
‫عمرو‬ ‫ع�ن أيب راف� ِع ِ‬
‫ّبي ﷺ‪.‬‬
‫فذهبوا يب إىل الن ِّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل اجلوع‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫مسح رأس ُه َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ثم َ‬‫َّ‬
‫ﷺ‬
‫ٍ‬
‫حسن فيه‪.‬‬ ‫فينادي الطفل بأحسن أسائه‪ ،‬أو بكنيته‪ ،‬أو بوصف‬

‫‪.‬و‬ ‫الصبي فيق�ول‪:‬‬


‫َّ‬ ‫فت�ار ًة ين�ادي‬
‫‪.‬‬

‫)‪.(3‬‬ ‫؛ كا قال ألنس ّملا نزلت آية احلجاب‪:‬‬ ‫وتارة يناديه بقوله‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪ ،]5376‬ومسلم [‪.[2022‬‬


‫وحسنه احلافظ ابن حجر‬
‫صحيح‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫غريب‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث حس ٌن‬ ‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ]1288‬وأمحد [‪ ،]19830‬وقال‪ :‬هذا‬
‫يف اإلمت�اع باألربعني املتباينة الس�اع [ص‪ ،]38‬وقال األرناؤط‪ :‬حمتمل للتحس�ني‪ ،‬وضعفه األلباين يف اإلرواء‬
‫]‪.[2518‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمحد [‪ ،]11958‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[2957‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫وقال عن أبناء جعفر ابن عمه أيب طالب‪:‬‬

‫وقد سبق قريب ًا‪.‬‬ ‫وتار ًة ينادهيم بالكنية‪ ،‬فيقول للطفل الصغري‪:‬‬

‫كثري من األطفال الصغار اليوم؟‬


‫فأين هذا من التعامل الغليظ القاس الذي يالقيه ٌ‬

‫ِ‬
‫الغلان‪ ،‬فس� ّل َم علين�ا‪ ،‬فبعثني إىل‬ ‫مع‬ ‫ُ‬
‫ألعب َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وأنا ُ‬ ‫عيل‬
‫أن�س‪ :‬أتى َّ‬‫يق�ول ٌ‬
‫َ‬
‫حبسك؟‬ ‫قالت‪ :‬ما‬
‫جئت ْ‬‫فلا ُ‬ ‫ٍ‬
‫فأبطأت عىل أ ّمي‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫حاجة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حلاجة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل‬ ‫قلت‪ :‬بعثني‬
‫ُ‬

‫قالت‪ :‬ما حاجت ُه؟‬


‫ْ‬

‫رس‪.‬‬
‫قلت‪ّ :‬إهنا ٌّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل أحد ًا‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬الَ حتدّ ث َّن ِّ‬
‫بر‬ ‫ْ‬

‫ث�ت ِبه أحد ًا‬


‫وبع�د م�دة يطل�ب منه أحد أصحاب�ه أن يعرف الر‪ ،‬فيق�ول‪ :‬واهلل لو حدّ ُ‬
‫حلدّ َ‬
‫ثتك)‪.(2‬‬

‫أخرت ِبه أحد ًا بعد ُه‪ ،‬ولقدْ سألتني أ ُّم‬


‫ُ‬ ‫رس ًا‪ ،‬فا‬
‫ّبي ﷺ ّ‬
‫أرس إ َّيل الن ُّ‬
‫ويف رواية‪ :‬قال أنس‪َّ :‬‬
‫سلي ٍم‪ ،‬فا أخرهتا ِبه)‪.(3‬‬

‫فلو َ‬
‫كان‬ ‫ّبي ﷺ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫«قال بعض العلاء‪َّ :‬‬
‫وإال ْ‬ ‫خيتص بنساء الن ّ‬
‫الر ُّ‬
‫كأن هذا ّ َّ‬
‫وسع أنس ًا كتانه»)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫م َن العلم ما‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]1753‬وصححه األلباين يف أحكام اجلنائز [ص‪.[166‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪.[2482‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[6289‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[82/11‬‬
‫‪‬‬

‫اجلم‪ ،‬وأنه ع�ىل رشفه‪ ،‬ومكانت�ه يتواضع حتى‬


‫النب�ي ﷺ‪ ،‬وتواضعه ُّ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫خل�ق‬ ‫حس� ُن‬
‫يس ّل َم عىل الصبيان‪ ،‬وهم يلعبون يف السوق‪.‬‬

‫أنه يس ُّن لإلنسان أن يس ّل َم عىل من َّ‬


‫مر به‪ ،‬ولو كان من الصبيان‪.‬‬

‫الصبي باحلاجة لكن برشط أن يكون مأمون ًا‪.‬‬ ‫ِ‬


‫إرسال‬ ‫جواز‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫رس شخص حتى ولو ألمه وأبيه‪.‬‬
‫أنه ال جيوز لإلنسان أن يبدي َّ‬

‫خترن أحد ًا ِّ‬


‫بر رس�ول اهلل ﷺ»‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫حس� ُن تربية أم س�ليم البنها حي�ث قالت‪« :‬ال‬
‫وإنا قالت له ذلك مع أنه مل خيرها‪ ،‬ومل خير غريها؛ تأييد ًا له‪ ،‬وتثبيت ًا)‪.(1‬‬

‫وهذه من أهم األمور التي حيتاج إليها الطفل دائ ًا‪ ،‬ويغفل عنها اآلباء غالب ًا‪.‬‬

‫يش�عر الناش�ئة بمكانتهم وتقدي�ر ذاهتم‪ ،‬وأهنم يف كث�ري من األمور‬


‫ُ‬ ‫النب�ي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫فق�د كان‬
‫كغريهم من الكبار‪ ،‬هلم حقوق مرعاة‪.‬‬
‫ِ‬
‫يمينه‬ ‫فرشب من ُه‪ ،‬وع� ْن‬ ‫ٍ‬
‫ب�رشاب‬ ‫يت‬ ‫َ‬ ‫�اعدي َّ‬ ‫ٍ‬ ‫س�هل ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ أ َ‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫الس‬
‫بن س�عد ّ‬ ‫ع ْن‬
‫ٌ‬
‫أشياخ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يساره‬ ‫غالم‪ ،‬وع ْن‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال للغال ِم‪:‬‬

‫منك أحد ًا‪.‬‬


‫أوثر بنصيبي َ‬ ‫َ‬
‫فقال الغال ُم‪ :‬ال واهلل‪ ،‬ال ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يف ِ‬
‫يده)‪.(2‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فت ّل ُه‬
‫َ‬

‫وينمي‬
‫والش�عور بالراحة‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الطفل يبعث فيه االعت�اد عىل النفس‪،‬‬ ‫إن اح�رتا َم ش�خص ّي ِة‬

‫)‪ (1‬رشح رياض الصاحلني [‪ ]44-41/4‬البن عثيمني باختصار‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2451‬ومسلم [‪.[2031‬‬
‫وت ّله يف يده‪ :‬أي‪ :‬وضعه يف يده‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ٍ‬
‫باس�تخفاف‪ ،‬والتقليل م�ن مكانته‪ ،‬يؤ ّدي ب�ه إىل العقد‬ ‫مواهب�ه‪ ،‬يف ح�ني أن التعام�ل مع�ه‬
‫النفس ّية‪ ،‬واالضطراب والدّ ون ّية‪.‬‬

‫ُ‬
‫ورسول اهلل ﷺ قاعدٌ يف بيتنا‪.‬‬ ‫بن ٍ‬
‫عامر ‪ I‬أ ّن ُه َ‬
‫قال‪ :‬دعتني أ ّمي يوم ًا‪،‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫أعطيك‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬ها َ‬
‫تعال‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‬
‫ِ‬
‫أعطيه تر ًا‪.‬‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال هلا‬
‫ِ‬
‫بإعطاء‬ ‫ٍ‬
‫بكلات هزالً ْأو كذب ًا‬ ‫ِ‬
‫لألطفال عند البكاء مث ً‬
‫ال‬ ‫يتفوه ِبه النّاس‬ ‫«يف احلديث َّ‬
‫أن ما ّ‬
‫ٍ‬
‫بتخويف م ْن يشء حرا ٌم داخل يف الكذب»)‪.(2‬‬ ‫يشء ْأو‬

‫فالكذب عىل الطفل يفقده ثقته بأبويه‪ ،‬فينرصف عن االستاع إليها‪ ،‬ويعمد إىل تقليدمها‬
‫يراقب سلوك الكبار‪ ،‬ويقتدي هبم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يف الكذب؛ ألنه‬

‫الصدق معه عند تس�ليته‪ ،‬أو إضحاكه‪ ،‬أو رسد قصص وحكايات عليه‪،‬‬
‫فيجب مراعا ُة ّ‬
‫ُ‬
‫والكذب من أبشع الطباع‪ ،‬ولكنه من أسهلها اكتساب ًا‪ ،‬وأصعبها عالج ًا‪.‬‬

‫برفق ٍ‬
‫ولني‪ ،‬مع احرتامه�م وتقديرهم‪ ،‬جيعلهم‬ ‫وختام� ًا نقول‪ :‬إن التعامل م�ع األطفال ٍ‬
‫حب اآلخرين‪ ،‬والتآلف مع غريهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ويريب فيهم َّ‬
‫ويعودهم عىل االعتاد عىل النفس‪ّ ،‬‬
‫أسوياء‪ّ ،‬‬
‫تعودوا يف صغرهم‪.‬‬
‫والتآخي‪ ،‬ومعاملة غريهم باملودة والرأفة كا كانوا يعاملون‪ ،‬وكا ّ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ]4991‬وصححه األلباين‪.‬‬


‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[229/13‬‬

‫اﻟﺒﺎب اﻟﺴﺎدس‪:‬‬

‫ﺒﻲ ﷺ‬ ‫ُ‬
‫ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﱠ ﱢ‬
‫ﻣﻊ ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺸﺮ‬
‫‪‬‬

‫تعامل النبي ﷺ مع ا ِ‬
‫جل ِّن‬

‫ِ‬
‫واإلنس‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)‬ ‫ٌ‬
‫مبعوث للثقلني اجل ِّن‬ ‫النب�ي ﷺ‬
‫ُّ‬
‫[األنبياء‪ ،[107 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ) [الفرقان‪.[1 :‬‬
‫باحل�ق واهلدى‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫�ة اجلن وكا ّف ِ‬
‫�ة الورى‪،‬‬ ‫املبع�وث إىل عام ِ‬
‫ُ‬ ‫«وهو‬ ‫ق�ال الطح�اوي ‪:V‬‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ّور والض ِ‬
‫ياء»)‪.(1‬‬ ‫وبالن ِ ّ‬
‫ﷺ‬
‫قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣﭤﭥﭦ ﭧ ﭨ) [اجل�ن‪ ،[2-1 :‬وقال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)‬
‫[األحقاف‪.[31-29 :‬‬
‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع ْن علقم َة قال‪ :‬أنا‬
‫منكم َ‬
‫ْ‬ ‫هل شهدَ أحدٌ‬ ‫ُ‬ ‫مس�عود‪،‬‬ ‫س�ألت اب َن‬
‫ُ‬
‫ليل َة اجل ِّن؟‬
‫والش ِ‬
‫�عاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األودية ّ‬ ‫ذات ٍ‬
‫ليلة‪ ،‬ففقدنا ُه‪ ،‬فالتمس�نا ُه يف‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل َ‬ ‫مع‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬ولكنّا كنّا َ‬
‫أو َ‬
‫اغتيل‪.‬‬ ‫فقلنا‪ :‬استطري‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ليلة بات هبا قوم‪ ،‬فلا أصبحنا إذا هو ٍ‬
‫حراء‪.‬‬ ‫قبل‬‫جاء م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫برش ٍ َ‬ ‫قال‪ :‬فبتنا ِّ‬‫َ‬

‫)‪ )(1‬العقيدة الطحاوية مع رشحها [‪.[125/1‬‬


‫‪‬‬

‫بات هبا قو ٌم‪.‬‬ ‫نجدك‪ ،‬فبتنا برش ٍ‬


‫ليلة َ‬ ‫َ‬ ‫فلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫فطلبناك‪ْ ،‬‬ ‫فقدناك‪،‬‬ ‫رسول اهلل‬ ‫قال‪ :‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫الزا َد‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫نرياهنم‪ ،‬وسألو ُه ّ‬
‫ْ‬ ‫وآثار‬
‫آثارهم‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫فانطلق بنا‪ ،‬فأرانا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫عليهم س�ور َة‬ ‫ِ‬


‫أصحابه‪ ،‬فقر َأ‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ عىل‬ ‫خرج‬ ‫جابر بن عبد اهلل ‪َ I‬‬ ‫ع ْن ِ‬
‫ْ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫الر ِ‬
‫محن م ْن ّأوهلا إىل آخرها‪ ،‬فس�كتوا‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫(]\[^)‪،‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫هو يتبع ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ُ‬


‫ع ْن أيب هرير َة ‪ I‬أ ّن ُه َ‬
‫ّبي ﷺ إداو ًة لوضوئه وحاجته‪ ،‬فبينا َ‬
‫مع الن ِّ‬
‫حيمل َ‬
‫‪.‬‬ ‫هبا‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫فقال‪ :‬أنا أبو هريرةَ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫انرصفت حتّى إذا فر َغ‬ ‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫بأحجار أمحلها يف طرف ثويب حتّى وضعته�ا إىل جنبه‪َّ ،‬‬ ‫فأتيت� ُه‬
‫بال العظ ِم‪ ،‬والر ِ‬
‫وثة؟‬ ‫فقلت‪ :‬ما ُ‬
‫ُ‬ ‫مشيت‪،‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ق�ال‪:‬‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[450‬‬


‫)‪ (2‬رواه الرتمذي [‪ ،]3291‬وحسنه األلباين يف الصحيحة [‪ ]2150‬وضعفه غريه‪ ،‬وهو الصواب‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪.[3860‬‬
‫‪‬‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫اخلدري ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫س�عيد‬ ‫عن أيب‬
‫ِّ‬
‫)‪.(1‬‬
‫لي�س م ْن عوامر‬
‫علمتم أ ّن ُه َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫باإلن�ذار‬ ‫َ‬
‫«ق�ال العلاء‪ :‬معن�ا ُه‪ :‬وإذا مل ْ يذهب‬
‫عليكم فاقتلو ُه‪ ،‬ول ْن جيعل اهلل‬
‫ْ‬ ‫هو ش�يطان‪ ،‬فال حرمة‬ ‫أس�لم م ْن اجل ِّن‪ْ ،‬بل َ‬
‫َ‬ ‫البيوت‪ ،‬وال مم ّ ْن‬
‫أسلم»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫بخالف العوامر وم ْن‬ ‫لالنتصار عليكم ِ‬
‫بثأره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ل ُه سبي ً‬
‫ال‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫جيوز ُ‬
‫قتل‬ ‫جيوز ك�ا ال ُ‬
‫حق ال ُ‬ ‫قتل اجل� ِّن ِ‬
‫بغري ٍّ‬ ‫أن َ‬
‫«وذلك َّ‬
‫َ‬
‫كان كافر ًا‪ْ ،‬بل‬
‫ولو َ‬ ‫ٍ‬ ‫كل ٍ‬
‫حال‪ ،‬فال ُّ‬ ‫حمر ٌم يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫يظلم أحد ًا ْ‬
‫َ‬ ‫ألحد ْ‬
‫أن‬ ‫حيل‬ ‫لم ّ‬‫حق‪ ،‬وال ّظ ُ‬
‫اإلنس بال ٍّ‬
‫ق�ال تعاىل‪( :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ‬
‫َ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) [املائدة‪.(3)«[8 :‬‬

‫ثم‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬فس�معنا ُه ُ‬ ‫ُ‬ ‫رداء ‪َ I‬‬ ‫عن أيب الدّ ِ‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫قال‪ :‬قا َم‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫يتناول شيئ ًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫وبسط يد ُه كأ ّن ُه‬ ‫ثالث ًا‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫س�معناك ُ‬ ‫َ‬ ‫فلا فر َغ من الص ِ‬
‫َ‬
‫نس�معك‬ ‫الصالة ش�يئ ًا مل ْ‬
‫تقول يف ّ‬ ‫رس�ول اهللِ‪ ،‬قدْ‬ ‫الة قلنا‪ :‬يا‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫بسطت َ‬
‫يدك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ورأيناك‬ ‫قبل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫تقول ُه َ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫)‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2236‬‬


‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[236/14‬‬
‫)‪ (3‬جمموع الفتاوى [‪.[44/19‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[542‬‬
‫‪‬‬

‫الدواب‬
‫ّ‬ ‫تعامل النبي ﷺ مع‬

‫ِ‬
‫قضاء حوائجه؛ فيستفيد من‬ ‫ِ‬
‫احليوانات؛ لتخدمه يف‬ ‫ّ‬
‫وسخر له‬ ‫وكرمه‪،‬‬ ‫َ‬
‫اإلنسان ّ‬ ‫خلق اهلل‬
‫املالبس من صوفها وجلودها‪ ،‬ويتّخذ من بعضها زينة وطيب ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫حلومها وألباهنا‪ ،‬ويرتدي‬
‫قال تع�اىل‪( :‬ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ)‬
‫[النحل‪.[8-5 :‬‬
‫وقد أرس�ل اهلل نبيه حممدا ﷺ رمحة للعاملني‪ ،‬ورمحته ليس�ت خمصوص ًة باإلنس فقط‪ ،‬بل‬
‫ِ‬
‫واحليوانات‪ ،‬ومجيع املخلوقات‪.‬‬ ‫هي لإلنس واجل ِّن‪،‬‬
‫ﷺ‬
‫أغر‬ ‫َ‬
‫وكان ّ‬
‫)‪(1‬‬ ‫ٍ‬
‫ف�رس ملك ُه‪،‬‬ ‫وهو ّأو ُل‬ ‫�كب‪َ .‬‬
‫قيل‪َ :‬‬ ‫الس ُ‬ ‫ِ‬
‫اخليل‪ّ :‬‬ ‫ق�ال ابن القيم ‪« :V‬فم َن‬
‫طلق ِ‬
‫اليمني كميت ًا)‪.(3‬‬ ‫حمج ً‬
‫ال)‪َ (2‬‬ ‫ّ‬
‫فيه خزيم ُة بن ٍ‬
‫ثابت‪.‬‬ ‫وكان أشهب‪ ،‬وهو ا ّلذي شهدَ ِ‬
‫َ‬ ‫واملرجتز‪:‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رب وسبح ٌة والور ُد‪.‬‬ ‫حيف وال ّل ُ‬
‫زاز وال ّظ ُ‬ ‫وال ّل ُ‬
‫�افعي‬ ‫ٍ‬
‫مجاعة ّ‬
‫الش‬ ‫إس�حاق ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫حممدُ ب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهذه س�بع ٌة مت ٌ‬
‫ّ‬ ‫ّفق عليها‪ ،‬مجعها اإلما ُم أبو عبد اهلل ّ‬
‫يف ٍ‬
‫بيت َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫أي بياض‪.‬‬
‫غرة ْ‬‫)‪ (1‬أي‪ :‬يف وجهه ّ‬
‫وهو ا ّلذي يف قوائمه بياض‪.‬‬
‫)‪َ (2‬‬
‫وهو ا ّلذي لون ُه بني ّ‬
‫السواد واحلمرة‪.‬‬ ‫)‪َ (3‬‬
‫‪‬‬

‫املقوقس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكانت شهبا َء )‪ (1‬أهداها ل ُه‬
‫ْ‬ ‫دلدل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البغال‪ُ :‬‬ ‫َ‬
‫وكان ل ُه م َن‬

‫اجلذامي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فض ٌة‪ .‬أهداها ل ُه فرو ُة‬ ‫وبغل ٌة أخرى ُ‬
‫يقال هلا‪ّ :‬‬

‫صاحب أيل َة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫وبغل ٌة شهبا ُء أهداها ل ُه‬
‫ِ‬
‫القبط‪.‬‬ ‫املقوقس ُ‬
‫ملك‬ ‫أشهب‪ ،‬أهدا ُه ل ُه‬ ‫َ‬
‫وكان‬ ‫عفري‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وم َن احلمري‪ٌ :‬‬
‫اجلذامي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫آخر‪ :‬أهدا ُه ل ُه فرو ُة‬
‫ومحار ُ‬
‫ٌ‬
‫ّبي ﷺ محار ًا فركب ُه‪.‬‬ ‫وذكر ّ‬
‫أن سعدَ ب َن عباد َة أعطى الن ّ‬ ‫َ‬
‫هاجر عليها‪.‬‬
‫َ‬ ‫وهي ا ّلتي‬
‫قيل‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫اإلبل‪ :‬القصوا ُء‪َ ،‬‬ ‫وم َن‬

‫كان‬ ‫بذل�ك‪َ ،‬‬


‫وقيل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫س�ميتا‬
‫جدع‪ ،‬وإنّا ّ‬
‫ٌ‬ ‫عضب وال‬
‫ٌ‬ ‫والعضب�ا ُء واجلدع�ا ُء‪ :‬ومل ْ يك ْن هب�ا‬
‫يت ِبه‪.‬‬
‫فسم ْ‬
‫عضب؛ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫بأذهنا‬

‫خالف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اثنتان؟ ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫وهل العضبا ُء واجلدعا ُء واحد ٌة ْأو‬
‫ٍ‬
‫قعود)‪ (2‬له فسبقها‪ ،‬فاشتدَّ َ‬
‫ذلك‬ ‫يب عىل‬ ‫هي ا ّلتي ْ‬
‫ثم جا َء أعرا ّ‬
‫تسبق‪ّ ،‬‬‫كانت ال ُ‬ ‫والعضبا ُء‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫سبقت العضبا ُء‪.‬‬ ‫املسلمني‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫َ‬ ‫عىل‬

‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫َ‬
‫ليغيظ‬ ‫ِ‬
‫احلديبية‬ ‫فض ٍة‪ ،‬فأهدا ُه يو َم‬ ‫جهل يف ِ‬
‫أنفه بر ٌة م ْن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وغنم ﷺ يو َم ٍ‬
‫بدر مج ً‬
‫ال مهر ّيا أليب‬ ‫َ‬
‫املرشكني)‪.(4‬‬
‫َ‬ ‫ِبه‬
‫وكانت له مائ ُة ٍ‬
‫ذبح مكاهنا شاةً‪.‬‬ ‫أن تزيدَ ‪ ،‬ك ّلا و ّلدَ ل ُه ّ‬
‫الراعي هبم ًة َ‬ ‫وكان ال يريدُ ْ‬
‫َ‬ ‫شاة‪،‬‬ ‫ْ ُ‬

‫)‪ (1‬الشهبة‪ :‬لون بياض‪ ،‬يصدعه سواد يف خالله‪ .‬لسان العرب [‪.[508/1‬‬
‫أن يركب‪ .‬النهاية [‪[87/4‬‬‫)‪ (2‬القعود م َن اإلبل‪ :‬ما أمكن ْ‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ،]6020‬وقد سبق‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ،]1749‬وابن ماجة [‪ ،]3100‬وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[1535‬‬
‫‪‬‬

‫منائح ترعاه ّن أ ّم أيم َن)‪.(1‬‬


‫َ‬ ‫سبع ٍ‬
‫أعنز‬ ‫وكانت ل ُه ُ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫منزله‪ ،‬وصادفنا‬ ‫فلم نصادف ُه يف‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬
‫لقيط ِ‬
‫بن صر َة ‪َ I‬‬
‫قال‪ :‬قدمنا عىل رسول اهلل ﷺ ْ‬ ‫ْ‬
‫املؤمنني‪.‬‬
‫َ‬ ‫عائش َة أ َّم‬

‫فصنعت لنا‪ ،‬وأتينا بقنا ٍع)‪.(2‬‬


‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫بخزيرة‪،‬‬ ‫فأمرت لنا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم جا َء‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫نعم يا‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬قلنا‪ْ :‬‬
‫املراح‪ ،‬ومع ُه سخل ٌة‬
‫ِ‬ ‫الراعي غنم ُه إىل‬ ‫جلوس‪ ،‬إ ْذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫دفع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫مع‬
‫قال‪ :‬فبينا نح ُن َ‬
‫تيعر‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬هبم ًة‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫)‪.(3‬‬

‫ِ‬
‫اخليل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ م َن‬ ‫أحب إىل‬ ‫بن ٍ‬
‫يسار َ‬
‫قال‪ :‬مل ْ يك ْن يش ٌء َّ‬ ‫معقل ِ‬
‫ِ‬ ‫ع ْن‬

‫)‪.(4‬‬ ‫ثم َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َّ‬

‫)‪ (1‬زاد املعاد [‪.[128/1‬‬


‫)‪ (2‬اخلزي�رة م�ن األطعم�ة‪ :‬م�ا اختذ من دقي�ق وحلم‪ ،‬يقطع اللح�م صغار ًا‪ ،‬ويص�ب عليه املاء‪ ،‬فإذا نض�ج ذر عليه‬
‫ِ‬
‫والقناع ال ّط ُبق فيه ٌ‬
‫تر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الدقيق‪ ،‬فإن مل يكن فيها حلم فهي عصيدة‪.‬‬
‫وصححه األلباين‪ ،‬وقد سبق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪،]142‬‬
‫)‪ (4‬رواه أمحد [‪ ،]19801‬وقال شعيب األرنؤوط‪ :‬حسن لغريه‪ ،‬وضعفه األلباين يف ضعيف الرتغيب والرتهيب‬
‫]‪.[802‬‬
‫‪‬‬

‫ِ‬
‫بردائه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فرسه‬ ‫يمس�ح وج َه‬ ‫وهو‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ِ‬
‫ُ‬ ‫رئي رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫أنس بن مالك ‪ I‬أنه قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫فسئل ع ْن َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫مراعاته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واملبالغة يف‬ ‫ِ‬
‫سبيل اإلكرا ِم ل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بردائه عىل‬ ‫ِ‬
‫فرس�ه‬ ‫«مس�ح ُه ﷺ وج َه‬
‫واإلحسان ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫اخليل»‪،‬‬ ‫«إين عوتب�ت ال ّليل َة يف‬
‫فقال ﷺ‪ّ :‬‬ ‫مثل هذا‪َ ،‬‬‫ذلك ّملا مل ْ يعهدْ من� ُه ُ‬
‫س�ئل ع ْن َ‬ ‫وإنّ�ا َ‬
‫خصها اهلل ِبه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عوتب يف املبالغة يف مراعاهتا والتّعاهد هلا واإلحس�ان ملا ّ‬ ‫َ‬ ‫وه�ذا يقتيض أنّ� ُه إنّا‬
‫األجر واملغن ِم عون ًا ِ‬
‫عليه»)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للخري م َن‬ ‫أن جعلها سبب ًا‬ ‫م ْن ْ‬
‫وهو ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ يلوي ناصي َة‬ ‫بن ِ‬
‫عبد اهلل َ‬ ‫ِ‬
‫جرير ِ‬
‫فرس بإصبعه َ‬ ‫رأيت‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫وع ْن‬
‫)‪.(3‬‬
‫معناه مل�وي مضفور فيها‪ ،‬واملراد بالن ِ‬
‫ّاصية هنا ّ‬
‫الش�عر املسرتس�ل عىل‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬
‫قال اخل ّطايب وغريه‪ :‬قالوا‪ :‬وكنّى بالن ِ‬
‫ّاصية ع ْن مجيع ذات الفرس‪.‬‬ ‫اجلبهة‪َ .‬‬
‫ُّ‬
‫وأن‬ ‫ِ‬
‫للغزو وقتال أع�داء اهلل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رب�اط اخليل‪ ،‬واقتنائه�ا‬ ‫ه�ذه األحاديث‪ :‬اس�تحباب‬‫ِ‬ ‫ويف‬
‫فضلها وخريها واجلهاد ٍ‬
‫باق إىل يوم القيامة)‪.(4‬‬

‫ِ‬
‫اخليل)‪.(5‬‬ ‫الش َ‬
‫كال م َن‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ يكر ُه ّ‬ ‫ع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫كان‬
‫ي�ده اليرى‪ ،‬أو يف ِ‬
‫يده اليمنى‬ ‫بياض ويف ِ‬ ‫ِ‬
‫رجله اليمنى ٌ‬ ‫الفرس يف‬ ‫َ‬
‫يك�ون‬ ‫أن‬ ‫والش ُ‬
‫�كال‪ْ :‬‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ورجله اليرى‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مالك يف املوطأ [‪ ]1019‬بالغ ًا‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة برقم [‪ ]3187‬بشواهده‪.‬‬
‫)‪ (2‬املنتقى رشح املوطإ [‪.[216/3‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[1872‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[16/13‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[1875‬‬
‫‪‬‬

‫حمجلة وواحدة مطلقة‪،‬‬ ‫هو ْ‬


‫أن يكون من ُه ثالث قوائم ّ‬ ‫َ‬
‫كال ا ّلذي تشكّل ِبه اخليل‪ ،‬فإ ّن ُه يكون يف ثالث قوائم غالب ًا‪.‬‬
‫بالش ِ‬
‫تشبيه ًا ّ‬

‫غري ذلك‪.‬‬
‫وقيل ُ‬
‫ذلك اجلنس‪ ،‬فلم يكن ِ‬
‫فيه نجاب ٌة)‪.(1‬‬ ‫جر َب َ‬ ‫َ‬
‫قيل‪ :‬حيتمل ْ‬
‫ْ ْ‬ ‫أن يكون قدْ ّ‬
‫ﷺ‬

‫ثم‬
‫فترشب – يعني اهلرة‪َّ ،-‬‬
‫ُ‬ ‫يضع هلا اإلنا َء‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ُ‬ ‫كان‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫قالت‪َ :‬‬
‫يتوض ُأ بفضلها)‪.(2‬‬
‫ّ‬
‫رسول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ويف رواية قالت عائشة‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫يتوض ُأ بفضلها)‪.(3‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫رأيت‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وقدْ‬

‫قالت‪:‬‬ ‫أن أبا قتاد َة َ‬


‫دخل عليها ْ‬ ‫وكانت عندَ ِ‬
‫ابن أيب قتاد َة َّ‬ ‫ْ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك‬ ‫كعب ِ‬ ‫وعن كبش َة ِ‬
‫بنت ِ‬ ‫ْ‬
‫فسكبت ل ُه وضوء ًا‪.‬‬
‫ُ‬

‫رشبت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ترشب‪ ،‬فأصغى)‪ (4‬هلا اإلنا َء حتّى‬
‫ُ‬ ‫هر ٌة‬
‫فجاءت ّ‬
‫ْ‬ ‫قالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫قالت كبش ُة‪ :‬فرآين أنظر ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫بنت أخي‪.‬‬
‫أتعجبني يا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫نعم‪.‬‬
‫فقلت‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[19/13‬‬


‫)‪ (2‬رواه الطراين يف األوسط [‪ ،]7949‬وصححه الشيخ األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[4958‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]76‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[69‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬أمال‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]75‬والرتمذي [‪ ،]92‬والنسائي [‪ ،]86‬وابن ماجة [‪ ،]367‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[173‬‬
‫‪‬‬

‫يطوف�ون عىل ِ‬
‫أهله‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫البي�ت ا ّلذي َن‬ ‫ِ‬
‫باملاليك م ْن خ�د ِم‬ ‫ُ‬
‫«حيتم�ل أ ّن ُه ش� ّبهها‬
‫ِ‬
‫كقوله تعاىل‪( :‬ﯵ ﯶ) [النور‪.[58 :‬‬ ‫ِ‬
‫للخدمة‬
‫ِ‬
‫مواساة‬ ‫ِ‬
‫كاألجر يف‬ ‫األجر يف مواساهتا‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫للحاجة‪ ،‬يريدُ َّ‬ ‫َ‬
‫يطوفون‬ ‫ُ‬
‫وحيتمل أ ّن ُه ش ّبهها بم ْن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫للحاجة»)‪.(1‬‬ ‫يطوف‬
‫ُ‬ ‫م ْن‬

‫َ‬
‫فدخل حائط ًا‬ ‫ذات ي�و ٍم‪...‬‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ خلف� ُه َ‬ ‫ٍ‬
‫جعف�ر َ‬
‫قال‪ :‬أردفني‬ ‫بن‬ ‫ع�ن ِ‬
‫عب�د اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫وذرفت عينا ُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّبي ﷺ ح َّن‬
‫فلا رأى الن َّ‬
‫مجل‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪ ،‬فإذا ٌ‬ ‫ٍ‬
‫لرجل م َن‬

‫فسكت‪.‬‬
‫َ‬ ‫فمسح ذفرا ُه)‪،(2‬‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫فأتا ُه الن ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يل يا‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪َ ،‬‬ ‫فجا َء فتًى م َن‬

‫)‪.(4)«(3‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬
‫ببطنه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫حلق ظهر ُه‬ ‫رسول اهلل ﷺ ٍ‬
‫ببعري قدْ َ‬ ‫ُ‬ ‫مر‬ ‫ابن احلنظل ّي ِة ‪َ I‬‬
‫سهل ِ‬
‫ِ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫وع ْن‬
‫)‪.(5‬‬

‫أي‪ :‬م َن اجلوع‪.‬‬


‫‪ْ :‬‬
‫‪ِ :‬‬
‫أي‪ :‬ا ّلتي ال تقدر عىل النّطق‪.‬‬
‫واملعنى خافوا اهلل يف ِ‬
‫هذه البهائم ا ّلتي ال تتك ّلم فتس�أل ما هبا م َن اجلوع‪،‬‬
‫والعطش‪ ،‬والت ِ‬
‫ّعب‪ ،‬واملش ّقة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رشح السنة [‪ ]70/2‬باختصار‪.‬‬


‫وهو املوضع ا ّلذي يعرف م ْن قفا ُه‪.‬‬ ‫)‪ّ (2‬‬
‫الذفرى م َن البعري ّ‬
‫مؤخر رأسه‪َ ،‬‬
‫أي‪ :‬تكره ُه وتتعب ُه‪.‬‬
‫)‪ْ (3‬‬
‫)‪ (4‬رواه أبو داود [‪ ،]2549‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[2297‬‬
‫)‪ (5‬رواه أبو داود [‪ ،]2548‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[23‬‬
‫‪‬‬

‫أي‪ :‬سمينة)‪.(1‬‬ ‫ِ‬


‫لألكل ْ‬ ‫أي‪ :‬حال كوهنا صاحل ًة‬
‫‪ْ :‬‬
‫دواب‬ ‫وقوف عىل‬ ‫وه�م‬ ‫مر عىل قو ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫وع�ن مع�اذ بن أنس ‪ I‬ع ْن رس�ول اهلل ﷺ أ ّن ُه َّ‬
‫َ‬
‫ورواحل‪.‬‬ ‫هلم‪،‬‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫هلم‬ ‫َ‬
‫فقال ْ‬
‫)‪.(2‬‬
‫ّبي ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫وع� ْن أيب هري�ر َة ‪ِ I‬‬
‫عن الن ِّ‬

‫)‪.(3‬‬

‫فجعلت تر ّدد ُه‪َ ،‬‬


‫فقال‬ ‫ْ‬ ‫فكانت ِ‬
‫فيه صعوب ٌة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ركبت عائش ُة بعري ًا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫بن ٍ‬
‫هانئ قال‪:‬‬ ‫رشيح ِ‬
‫ِ‬ ‫ع ْن‬
‫)‪.(4‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫هلا‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬

‫)‪.(5‬‬

‫بالس ِنة هنا القحط‪.‬‬


‫وهو ضدّ اجلدب‪ ،‬واملراد ّ‬
‫هو كثرة العشب واملرعى‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫واب‪ ،‬ومراعاة مصلحتها‪ْ ،‬‬
‫فإن سافروا يف اخلصب‬ ‫الرفق بالدّ ِّ‬ ‫ُّ‬
‫احلث عىل ّ‬
‫الس�ري‪ ،‬فتأخذ ح ّظها م ْن األرض با‬ ‫ق ّللوا ّ‬
‫الس�ري‪ ،‬وتركوها ترعى يف بعض النّهار‪ ،‬ويف أثناء ّ‬
‫ترعا ُه منها‪.‬‬

‫)‪ (1‬عون املعبود [‪.[158/7‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد [‪ ،]15219‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[908‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]2567‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[22‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2594‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم [‪.[1926‬‬
‫‪‬‬

‫قوهتا‪ ،‬وال يق ّللوا‬


‫الس�ري؛ ليصلوا املقصد وفيها بق ّية م� ْن ّ‬
‫عجلوا ّ‬ ‫ْ‬
‫وإن س�افروا يف القحط ّ‬
‫ووقفت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ألهنا ال جتد ما ترعى فتضعف‪ ،‬ويذهب نقيها‪ ،‬ور ّبا ك ّل ْت‪،‬‬
‫الرضر؛ ّ‬
‫السري‪ ،‬فيلحقها ّ‬
‫ّ‬

‫النّزول يف أواخر ال ّليل للنّو ِم ّ‬


‫والراحة‪.‬‬

‫أدب م ْن‬
‫‪ ،‬فهذا ٌ‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫الس�موم‬ ‫آداب الس�ري والنّزول‪ ،‬أرش�دَ ِ‬
‫إليه ﷺ ؛ َّ‬
‫ودواب األرض م ْن ذوات ّ‬
‫ّ‬ ‫ألن احلرشات‬ ‫ّ‬
‫وألهنا تلتقط منها ما يس�قط م� ْن مأكول‬‫والس�باع ت�يش يف ال ّلي�ل ع�ىل ال ّطريق لس�هولتها‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫م�ر ِبه منها ما‬
‫عر َس اإلنس�ان يف ال ّطريق ر ّبا َّ‬
‫ونح�وه‪ ،‬وم�ا جتد فيها م ْن ر ّم�ة ونحوها‪ ،‬فإذا ّ‬
‫أن يتباعد ِ‬
‫عن ال ّطريق)‪.(1‬‬ ‫يؤذيه‪ ،‬فينبغي ْ‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عمر ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫ع ْن عبد اهلل بن َ‬

‫)‪.(2‬‬
‫هي هوا ُّم األرض وحرشاهتا‪.‬‬
‫َ‬
‫اهل�رة‪ ،‬وحتريم حبس�ها ِ‬
‫بغري طع�ام ْأو‬ ‫«يف احلدي�ث ٌ‬
‫دلي�ل لتحري� ِم قت�ل ّ‬
‫رشاب»)‪.(3‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ع� ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪،(4‬‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[69/13‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3482‬ومسلم [‪.[2242‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[240/14‬‬
‫ِ‬
‫أي‪ :‬يكدم بفمه األرض النّد ّية‪ .‬وال ّثرى ال ّ‬
‫رتاب النّدي‪.‬‬ ‫)‪ْ (4‬‬
‫‪‬‬

‫)‪(1‬‬

‫وإن لنا يف البهائ ِم أجر ًا؟»‪.‬‬ ‫َ‬


‫رسول اهللِ‪َّ ،‬‬ ‫قالوا‪ :‬يا‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫احلي ذا كبد رطبة‪َّ ،‬‬


‫ألن‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬يف اإلحسان إىل ّ‬
‫وسم َي ّ‬
‫أجر‪ّ ،‬‬
‫حي بسقيه ونحوه ٌ‬
‫كل حيوان ٍّ‬
‫جيف جسمه وكبده‪.‬‬
‫امل ّيت ّ‬

‫وهو عا ّم يف مجيع احليوان‪.‬‬


‫حي أجر‪َ .‬‬ ‫املعنى يف ّ‬
‫كل كبد ٍّ‬
‫بقتله‪ ،‬فيحصل‬ ‫باحليوان املح�رتم وهو ما مل يؤم�ر ِ‬
‫ِ‬ ‫«إن عموم�ه خمصوص‬ ‫َّ‬
‫َ ْ‬
‫كان مملوك ًا ْأو‬ ‫ذلك من وجوه اإلحس�ان ِ‬
‫إليه سواء َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ّثواب بس�قيه‪ ،‬ويلتحق به إطعامه وغري َ ْ‬
‫ِ‬
‫لغريه»)‪.(3‬‬ ‫كان مملوك ًا ل ُه ْأو‬
‫مباح ًا‪ ،‬وسواء َ‬
‫)‪(4‬‬
‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال الن ُّ‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َ I‬‬
‫)‪.(6‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫أنس ِ‬
‫ع ْن ِ‬
‫)‪.(7‬‬

‫كان عر ًا‪ .‬فتح الباري‬


‫الصعود منها َ‬ ‫وهو يشعر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك أل ّن ُه َ‬
‫احتاج إىل َ‬
‫بأن ّ‬ ‫كان يعالج بيديه؛ ليصعد م َن البئر‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫)‪ (1‬وإنّا‬
‫]‪.[41/5‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]2363‬ومسلم [‪.[2244‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[241/14‬‬
‫)‪ (4‬أي‪ :‬يدور حول بئر‪.‬‬
‫)‪ (5‬أي‪ :‬خفها‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري [‪ ،]3467‬ومسلم [‪.[2245‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري [‪ ،]2320‬ومسلم [‪.[1553‬‬
‫‪‬‬

‫محر ًة معها‬ ‫ِ‬


‫حلاجته‪ ،‬فرأينا ّ‬ ‫فانطلق‬ ‫سفر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف ٍ‬ ‫مع‬ ‫وعن ابن مس�عود َ‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬كنّا َ‬
‫ِ‬
‫فرخان‪ ،‬فأخذنا فرخيها‪.‬‬

‫فجعلت ُ‬
‫تفرش‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫احلمر ُة‬
‫فجاءت ّ‬
‫ْ‬

‫‪.‬‬ ‫ّبي ﷺ‪َ ،‬‬


‫فقال‪:‬‬ ‫فجا َء الن ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫حرقناها‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ورأى قري َة ٍ‬
‫نمل قدْ ّ‬
‫قلنا‪ :‬نح ُن‪.‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫كالعصفور‪.‬‬ ‫طائر صغري‬

‫بت م َن األرض‪.‬‬
‫وتقر ْ‬
‫ترفرفت بجناحيها‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫أي‪:‬‬
‫ْ‬
‫الزنابري مكروه ٌة‪ ،‬وأ ّما الن ُ‬
‫ّمل فالعذر‬ ‫يف احلديث داللة عىل َّ‬
‫أن حتريق بيوت ّ‬
‫وذلك َّ‬
‫أن رضره قدْ يزول م ْن غري إحراق‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أقل؛‬ ‫ِ‬
‫فيه ُّ‬

‫والرض ُب اآلخر ا ّلذي‬


‫جائز‪ّ ،‬‬
‫رضار فدفع عاديته ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ق�ال‪ :‬والن ُ‬
‫َ‬
‫ّمل عىل رضبني أحدمها مؤذ ّ‬
‫وهو ال ّطوال األرجل ال جيوز قتله)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫ال رضر فيه‪َ ،‬‬
‫‪:‬‬

‫�وب‪ ،‬فرأى غلان� ًا ْأو فتيان ًا‬ ‫أن�س عىل احلك ِم ِ‬


‫ٍ‬ ‫بن ٍ‬
‫زيد َ‬ ‫ع� ْن هش�ا ِم ِ‬
‫بن أ ّي َ‬ ‫مع‬
‫دخلت َ‬
‫ُ‬ ‫ق�ال‪:‬‬
‫نصبوا دجاج ًة يرموهنا‪.‬‬

‫البهائم»)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ّبي ﷺ ْ‬
‫أن تص َ‬ ‫أنس‪« :‬هنى الن ُّ‬ ‫َ‬
‫فقال ٌ‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ]2675‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[487‬‬


‫)‪ (2‬عون املعبود [‪.[240/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري [‪ ]5513‬ومسلم [‪.[1956‬‬
‫‪‬‬

‫أي‪ :‬حتبس؛ لرتمى حتّى توت‪.‬‬


‫ْ‬
‫ٍ‬
‫س�عيد وغال ٌم م� ْن بني حييى ٌ‬
‫رابط‬ ‫دخل عىل حييى ِ‬
‫بن‬ ‫عمر ‪ L‬أ ّن ُه َ‬ ‫وع� ْن عبد اهلل ِ‬
‫ب�ن َ‬
‫دجاج ًة يرميها‪.‬‬
‫غالمكم ع ْن‬
‫ْ‬ ‫فقال‪ :‬ازجروا‬‫أقبل هبا وبالغال ِم مع ُه َ‬
‫ثم َ‬ ‫عمر حتّى ح ّلها‪َّ ،‬‬ ‫فمش�ى إليها اب ُن َ‬
‫ِ‬
‫للقتل)‪.(1‬‬ ‫ر هبيم ٌة ْأو غريها‬
‫أن تص َ‬ ‫ّبي ﷺ هنى ْ‬ ‫سمعت الن َّ‬
‫ُ‬ ‫فإين‬ ‫ِ‬
‫للقتل؛ ّ‬ ‫ر هذا ال ّط َري‬ ‫ْ‬
‫أن يص َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جب�ري َ‬ ‫ِ‬
‫س�عيد ِ‬
‫قري�ش قدْ نصبوا طري ًا ْ‬
‫وهم‬ ‫بفتيان م ْن‬ ‫عمر‬
‫مر اب ُن َ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫بن‬ ‫ويف رواي�ة ع ْن‬
‫تفرقوا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لصاحب ال ّط ِري َّ‬
‫ِ‬
‫عمر ّ‬
‫فلا رأوا اب َن َ‬ ‫نبلهم‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫خاطئة م ْن‬ ‫كل‬ ‫يرمون ُه‪ ،‬وقدْ جعلوا‬
‫فعل هذا؟ لع ْن اهلل م ْن َ‬
‫فعل هذا‪.‬‬ ‫عمر‪ :‬م ْن َ‬ ‫َ‬
‫فقال اب ُن َ‬
‫ِ‬
‫وح غرض ًا)‪.(2‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ لع َن م ْن ّاخت َذ شيئ ًا فيه ّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ويف رواية‪:‬‬
‫)‪.(4‬‬ ‫النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫أن َّ‬ ‫ٍ‬
‫عباس ‪َّ L‬‬ ‫وع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن‬
‫ِ‬
‫كالغ�رض م َن اجللود‬ ‫ترمون ِ‬
‫إليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫احل�ي غرض ًا‬ ‫«أي‪ :‬ال تتّخذوا احليوان‬
‫َّ‬ ‫ق�ال الن�ووي‪ْ :‬‬
‫قال ﷺ يف رواية ابن عمر ا ّلتي بعد ِ‬
‫هذه‪« :‬لع ْن اهلل م ْن‬ ‫وغريها‪ ،‬وهذا النّهي للتّحري ِم‪ ،‬وهلذا َ‬
‫إن َ‬
‫كان‬ ‫ِ‬
‫لذكاته ْ‬ ‫لنفسه‪ ،‬وتضييع ملال ّي ِته‪ ،‬وتفويت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للحيوان‪ ،‬وإتالف‬ ‫َ‬
‫فعل هذا»‪ ،‬وأل ّن ُه تعذيب‬
‫إن مل ْ يك ْن مذكًّى»)‪.(5‬‬ ‫ِ‬
‫وملنفعته ْ‬ ‫مذكًّى‪،‬‬

‫فقال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وجهه َ‬ ‫وس�م يف‬ ‫محار قدْ‬ ‫ِ‬ ‫ع� ْن ِ‬
‫جابر ب�ن عبد اهلل ‪َّ L‬‬
‫َ‬ ‫مر عليه ٌ‬
‫ّبي ﷺ َّ‬
‫أن الن َّ‬
‫)‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري [‪.[5514‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]5515‬ومسلم [‪.[1958‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ،]4442‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[5113‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[1957‬‬
‫)‪ (5‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[108/13‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[2117‬‬
‫‪‬‬

‫ويف رواي�ة‪َ :‬‬


‫فق�ال‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬

‫اآلدمي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫كل احليوان املحرتم م� َن‬ ‫فمنهي عن� ُه يف ِّ‬
‫ٌّ‬ ‫ال�رضب يف الوجه‬
‫«أ ّما ّ‬
‫اآلدمي أش�دُّ ‪ ،‬أل ّن ُه جممع‬ ‫ِ‬
‫والبغ�ال‪ ،‬والغن ِم‪ ،‬وغريها‪ ،‬لكنّ� ُه يف‬ ‫ِ‬
‫واخلي�ل‪ ،‬واإلبل‪،‬‬ ‫واحلم�ري‪،‬‬
‫ِّ‬
‫احلواس‪.‬‬ ‫الرضب‪ ،‬ور ّبا شان ُه‪ ،‬ور ّبا آذى بعض‬ ‫املحاسن‪ ،‬مع أ ّنه لطيف أل ّنه يظهر ِ‬
‫فيه أثر ّ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫للحديث‪ ،‬وملا ذكرنا ُه‪.‬‬ ‫فمنهي عن ُه باإلمجا ِع‬ ‫وأ ّما الوسم يف الوجه‬
‫ٌّ‬
‫لكرامته‪ ،‬وأل ّنه ال حاجة ِ‬
‫إليه‪ ،‬فال جيوز تعذيبه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اآلدمي فوسمه حرام؛‬ ‫فأ ّما‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫البغوي م ْن أصحابنا‪ :‬ال جيوز‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فق�ال مجاعة م ْن أصحابنا‪ :‬يكره‪َ ،‬‬
‫وقال‬ ‫اآلدمي َ‬
‫ِّ‬ ‫غري‬
‫وأ ّم�ا ُ‬
‫ّبي ﷺ لع َن فاعله‪ ،‬وال ّلع�ن يقتيض التّحريم‪ .‬وأ ّما‬ ‫وهو األظه�ر؛ َّ‬
‫ألن الن ّ‬ ‫فأش�ار إىل حتريمه‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫اآلدمي فجائز بال خالف عندنا‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫وسم غري الوجه م ْن غري‬
‫ُ‬
‫يستحب يف غريها‪ ،‬وال ينهى عن ُه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الزكاة واجلزية‪ ،‬وال‬
‫يستحب يف نعم ّ‬
‫ّ‬ ‫لك ْن‬

‫قال أهل ال ّلغة‪ :‬الوسم أثر ك ّية)‪.(2‬‬


‫َ‬

‫يرمون كبش ًا بالن ِ‬


‫ّبل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وهم‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫جعفر ‪َ I‬‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫أناس ْ‬ ‫رسول اهلل ﷺ عىل‬ ‫مر‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫بن‬ ‫ْ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ذلك‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫فكر َه َ‬

‫ومثلت‬
‫ُ‬ ‫هت ِبه‪،‬‬
‫وش�و َ‬
‫ّ‬ ‫قطعت أطراف ُه‬
‫َ‬ ‫أمثل ِبه مثالً‪ ،‬إذا‬ ‫ِ‬
‫باحليوان ُ‬ ‫مثلت‬ ‫ُ‬
‫يقال‪ُ :‬‬
‫واالس�م‪ :‬املثلة‪ .‬فأ ّما‬
‫ُ‬ ‫بالقتي�ل‪ ،‬إذا جدع�ت أنف� ُه‪ْ ،‬أو أذنه‪ْ ،‬أو مذاكريه‪ْ ،‬أو ش�يئ ًا م ْن أطرافه‪.‬‬
‫ِ‬
‫فهو للمبالغة)‪.(4‬‬‫م ّث َل‪ ،‬بالتّشديد‪َ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه أبو داود [‪ ،]2564‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[2310‬‬
‫)‪ (2‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[97/14‬‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي [‪ ،]4440‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (4‬النهاية [‪.[294/4‬‬
‫‪‬‬

‫ﷺ‬
‫ِ‬
‫اخليل والبهائ ِم»)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫إخصاء‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ع ْن‬ ‫عمر ‪َ L‬‬
‫قال‪« :‬هنى‬ ‫عن ِ‬
‫ِ‬
‫ابن َ‬
‫ِ‬
‫اخلصيتني واسئصاهلا)‪.(2‬‬ ‫شق‬
‫واخلصاء‪ُّ :‬‬
‫ٍ‬
‫ملنفعة حاصل�ة يف َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫«اخلص�اء يف غري بن�ي آدم ممنوع يف احلي�وان ّإال‬
‫ِ‬
‫كتطييب ال ّلحم ْأو قطع رضر عن ُه»)‪.(3‬‬

‫«حيرم خصاء احليوان غري املأكول مطلق ًا‪ ،‬وأ ّما املأكول فيجوز يف صغريه‬
‫دون كبريه»)‪.(4‬‬
‫وممّا ُّ‬
‫يدل عىل جواز خصاء ما يف خصائه منفع ٌة‪:‬‬
‫ِ‬
‫كبش�ني‬ ‫يضح َي اش�رتى‬ ‫ّ‬ ‫كان إذا أرا َد ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن عائش� َة وع ْن أيب هرير َة َّ‬
‫أن‬
‫فذبح أحدمه�ا ع ْن أ ّم ِته مل ْن ش�هدَ هللِ‬ ‫ِ‬
‫موجوءي�ن)‪َ ،(5‬‬ ‫ِ‬
‫أملحني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أقرن�ني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س�مينني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عظيم�ني‪،‬‬
‫حمم ٍد ﷺ)‪.(6‬‬ ‫ِ‬ ‫ّوحيد وشهدَ له بالبالغِ‪ ،‬وذبح اآلخر عن ٍ‬
‫حممد وع ْن آل ّ‬
‫َ ْ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بالت ِ‬

‫واب‪ :‬النّمل ُة‪،‬‬ ‫ّبي ﷺ هنى ع ْن ِ‬


‫قتل أرب ٍع م َن الدّ ِّ‬ ‫اس ‪َ L‬‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫«إن الن َّ‬ ‫ع ْن عبد اهلل ِ‬
‫بن ع ّب ٍ‬

‫والنّحل ُة‪ ،‬واهلدهدُ ‪ّ ،‬‬


‫والرص ُد)‪.(8)«(7‬‬

‫أ ّما النّمل فال يقتل منه إال ما آذى‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]4755‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع برقم [‪.[6956‬‬


‫)‪ (2‬غريب احلديث البن اجلوزي [‪.[453/2‬‬
‫)‪ (3‬املفهم ملا أشكل من تلخيص كتاب مسلم [‪.[127/12‬‬
‫)‪ (4‬فتح الباري [‪.[119/9‬‬
‫أي‪ :‬خص ّيني‪ .‬النهاية [‪.[152/5‬‬
‫)‪ْ (5‬‬
‫)‪ (6‬رواه ابن ماجة [‪ ]3122‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجة [‪.[3122‬‬
‫أبيض ونصف ُه أسود‪.‬النهاية [‪.[21/3‬‬
‫عظيم نصفه ُ‬
‫ٌ‬ ‫ريش‬ ‫ِ‬
‫الرأس واملنقار‪ ،‬ل ُه ٌ‬ ‫ضخم‬
‫ُ‬ ‫طائر‬
‫هو ٌ‬ ‫)‪َ (7‬‬
‫)‪ (8‬رواه أبو داود [‪ ،]5267‬وصححه األلباين يف اإلرواء [‪.[2490‬‬
‫‪‬‬

‫وأ ّما النّحل ُة فلا فيها م َن املنفعة‪َ ،‬‬


‫وهو العسل ّ‬
‫والشمع‪.‬‬
‫فصار يف معنى ّ‬
‫اجلاللة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الريح‬ ‫والرصد فلتحري ِم حلمها‪ ،‬يقال َّ‬
‫إن اهلدهد منتن ّ‬ ‫وأ ّما اهلدهد ّ‬
‫قلوهبم ما‬ ‫ليخلع ع ْن‬ ‫بصوته وش�خصه‪ ،‬فنهى عن ِ‬
‫قتله؛‬ ‫ِ‬ ‫وتتطري‬ ‫والرصد تتش�اءم ِبه العرب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتقادهم ّ‬
‫الشؤ َم)‪.(1‬‬ ‫ُ‬ ‫ثبت فيها م َن‬
‫َ‬

‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫قالت‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ع ْن عائش� َة ‪ْ J‬‬
‫)‪.(2‬‬

‫‪ ،‬ويف رواية له أيض ًا تقييد الغراب ب�«األبقع»‪.‬‬ ‫بدل‬ ‫ويف رواية ملسلم‪:‬‬

‫احلل واحلرم واإلحرام‪ .‬وأصل‬ ‫ّفق مجاهري العلاء عىل جواز قتله� َّن يف ّ‬
‫«ات َ‬
‫ِ‬
‫خلروج�ه ع ْن أم�ر اهلل تعاىل‬ ‫الرج�ل الفاس�ق ؛‬‫وس�م َي ّ‬
‫ّ‬ ‫الفس�ق يف كالم الع�رب‪ :‬اخل�روج‪،‬‬
‫واب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يت هذه فواسق ؛ خلروجها باإليذاء واإلفساد ع ْن طريق معظم الدّ ِّ‬ ‫فسم ْ‬
‫وطاعته‪ّ ،‬‬
‫فهو ا ّلذي يف ظهره وبطنه بياض)‪.(3‬‬
‫َ‬ ‫وأ ّما‬

‫‪ :‬اجلارح»)‪.(4‬‬ ‫َو‬

‫وسا ُه فويسق ًا)‪.(5‬‬ ‫أمر ِ‬ ‫اص ‪َّ I‬‬ ‫وعن ِ‬


‫سعد ِ‬
‫بن أيب و ّق ٍ‬
‫بقتل الوزغِ‪ّ ،‬‬ ‫ّبي ﷺ َ‬
‫أن الن َّ‬ ‫ْ‬

‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬مرقاة املفاتيح [‪ ،]2681/7‬املوسوعة الفقهية [‪[283/17‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]1829‬ومسلم [‪.[1198‬‬
‫)‪ (3‬جاء يف املوس�وعة الفقهية [‪« :]218/32‬اتفق الفقهاء عىل أن الغراب من الفواس�ق‪ ،‬لكن احلنفية خصوا ذلك‬
‫بالغ�راب ال�ذي يأكل ِ‬
‫اجليف ‪-‬أي النجاس�ات‪ -‬مع غريها‪ ،‬ولي�س منه غراب الزرع‪ ،‬وهو ال�ذي يأكل الزرع‪.‬‬
‫وذهب املالكية إىل عدّ الغراب من الفواس�ق مطلق ًا‪ ،‬س�واء كان أس�ود أو أبقع‪ .‬وقال الش�افعية‪ :‬الغراب أنواع‪،‬‬
‫منها‪ :‬األبقع‪ ،‬وهو فاسق حمرم بال خالف‪ ،‬ومنها‪ :‬األسود الكبري‪ ،‬وهو حرام عىل األصح‪ ،‬ومنها‪ :‬غراب الزرع‪،‬‬
‫وهو حالل عىل األصح‪ ...‬وذهب احلنابلة إىل أن ما يباح أكله من الغربان ليس من الفواسق‪ ،‬ونصوا عىل أنه ال‬
‫يباح أكل العقعق والقاق وغراب البني والغراب األبقع»‪.‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪ ]113/8‬باختصار‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري [‪ ،]3306‬ومسلم [‪.[2238‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫وع ْن أيب هرير َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬

‫)‪.(1‬‬

‫َ‬
‫وق�ال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بقت�ل ال�وزغِ‪،‬‬ ‫أم�ر‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫رشي�ك ‪َّ J‬‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫أن‬ ‫وع� ْن أ ِّم‬
‫‪.(2)«S‬‬

‫ّ‬
‫وحث‬ ‫أن الوزغ من احلرشات املؤذيات‪ ،‬وأمر النّبي ﷺ ِ‬
‫بقتله‪،‬‬ ‫«اتّفقوا عىل َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لكونه م َن املؤذيات»)‪.(3‬‬ ‫عليه‪ ،‬ور ّغب ِ‬
‫فيه‬ ‫ِ‬
‫َ‬

‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بن ٍ‬
‫عمرو ‪َّ L‬‬
‫أن‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬

‫َ‬
‫قيل‪ :‬وما ح ّق ُه؟‬

‫)‪.(4‬‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬

‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫ريض اهلل تعاىل عن ُه َّ‬
‫أن‬ ‫ع ْن أيب أمام َة َ‬
‫)‪.(5‬‬
‫بن قر َة عن ِ‬
‫ألذبح ّ‬
‫الش�ا َة وأنا أرمحها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهللِ‪ّ ،‬إين‬ ‫ال َ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫أبيه َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫وع ْن معاوي َة ِ ّ ْ‬
‫الشا َة ْ‬
‫أن أذبحها‪.‬‬ ‫ألرحم ّ‬
‫ُ‬ ‫ْأو َ‬
‫قال‪ّ :‬إين‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم [‪.[2240‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري [‪ ،]3359‬ومسلم [‪.[2237‬‬
‫)‪ (3‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[236/14‬‬
‫)‪ (4‬رواه النسائي [‪ ،]4445‬واحلاكم [‪ ،]7574‬وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وضعفه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه الطراين يف الكبري [‪ ،]7915‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع [‪.[6261‬‬
‫‪‬‬

‫)‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬

‫)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬ ‫بن ٍ‬
‫خالد ‪َّ I‬‬
‫أن‬ ‫عن ِ‬
‫زيد ِ‬ ‫ْ‬
‫يستحق املدح ال ّ‬
‫الذ َّم‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بصياحه ِ‬
‫فيه‪ ،‬وم ْن َ‬
‫أعان عىل طاعة‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬قيام ال ّليل‬
‫ْ‬
‫الزوال‬
‫ق�رب الفجر‪ ،‬وعند ّ‬
‫َ‬ ‫جرت العادة بأ ّن ُه يرصخ رصخات متتابعة إذا‬
‫ْ‬
‫فطرة فطر ُه اهلل عليها‪.‬‬

‫يس�ب‪ ،‬وال ْ‬
‫أن يستهان‬ ‫َّ‬ ‫أن‬ ‫أن ّ‬
‫كل م ْن اس�تفيدَ من ُه اخلري ال ينبغي ْ‬ ‫يؤخذ من ُه َّ‬
‫ِبه‪ْ ،‬بل يكرم‪ ،‬وحيسن ِ‬
‫إليه)‪.(3‬‬
‫ِ‬
‫األنصار‬ ‫ِ‬
‫أس�فاره وامرأ ٌة م َن‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ يف‬ ‫قال‪ :‬بينا‬ ‫ٍ‬
‫حصني َ‬ ‫عمران ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫وع ْن‬
‫فضجرت‪ ،‬فلعنتها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫عىل ٍ‬
‫ناقة‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ﷺ َ‬


‫فقال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فسمع َ‬
‫ذلك‬ ‫َ‬
‫يعرض هلا أحدٌ )‪.(4‬‬
‫ُ‬ ‫اآلن تيش يف الن ِ‬
‫ّاس ما‬ ‫فكأين أراها َ‬ ‫ُ‬
‫عمران‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫قال‬

‫بعض مت�ا ِع القو ِم إ ْذ‬ ‫قال‪ :‬بين�ا جاري ٌة عىل ٍ‬


‫ناق�ة عليها ُ‬ ‫األس�لمي ‪َ I‬‬ ‫وع� ْن أيب ب�رز َة‬
‫ِّ‬
‫اللهم العنها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فقالت‪ْ :‬‬
‫حل)‪،(5‬‬ ‫ْ‬ ‫هبم ُ‬
‫اجلبل‪،‬‬ ‫وتضايق ُ‬
‫َ‬ ‫ّبي ﷺ‪،‬‬
‫برصت بالن ِّ‬
‫ْ‬

‫)‪.(6‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬‬


‫فقال الن ُّ‬ ‫َ‬

‫س�بق هنيه�ا وهني غريها ع ْن‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫وكان قدْ‬ ‫«وإنّا َ‬
‫قال ه�ذا زجر ًا هلا ولغريها‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]15165‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[26‬‬


‫)‪ (2‬رواه أبو داود [‪ ،]5101‬وصححه األلباين يف التعليقات احلسان [‪.[5701‬‬
‫)‪ (3‬عون املعبود [‪.[5/14‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم [‪.[2595‬‬
‫السري‪ .‬النهاية [‪.[433/1‬‬ ‫ِ‬
‫)‪ (5‬زجر للنّاقة إذا حثثتها عىل ّ‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم [‪.[2596‬‬
‫‪‬‬

‫لتلك النّاق�ة يف ال ّطريق‪ ،‬وأ ّما‬ ‫ِ‬


‫بإرس�ال النّاقة‪ ،‬واملراد النّه�ي ع ْن مصاحبته َ‬ ‫فعوقبت‬
‫ْ‬ ‫ال ّلع�ن‪،‬‬
‫ّرصفات ا ّلتي ْ‬
‫كانت جائزة‬ ‫بيعه�ا وذبحها وركوهبا يف غري مصاحبته ﷺ‪ ،‬وغري َ‬
‫ذلك م� َن الت ّ‬
‫فبقي الباقي كا‬ ‫الرشع إنّا ور َد بالن ِ‬
‫ّهي ع� ْن املصاحبة‪َ ،‬‬ ‫فهي باقية ع�ىل اجلواز؛ َّ‬
‫ألن ّ‬ ‫قب�ل هذا َ‬
‫َ‬
‫كان‪.‬‬

‫واملراد هنا‪ :‬خذوا ما عليها م َن املتاع ورحلها وآلتها«)‪.(1‬‬

‫ليذبح‬
‫َ‬ ‫الش�فر َة‬ ‫َ‬
‫فأخذ ّ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫ال م� ْن‬ ‫َ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أتى رج ً‬ ‫ع� ْن أيب هري�ر َة ‪َّ I‬‬
‫أن‬
‫)‪.(2‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فقال ل ُه‬ ‫ِ‬
‫لرسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬

‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬
‫ق�ال‪:‬‬ ‫قال‪ِ :‬‬
‫ثنتان حفظتها ع ْن‬ ‫ٍ‬
‫أوس ‪َ I‬‬ ‫بن‬ ‫ع�ن ش�دّ ِ‬
‫اد ِ‬ ‫ْ‬

‫)‪.(3‬‬

‫ويستحب‬ ‫السكّني‪ ،‬وتعجيل إمرارها وغري َ‬


‫ذلك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬بإحداد ّ‬
‫ِ‬ ‫الذبيحة‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫جيرها إىل مذبحها‪.‬‬
‫وأال يذبح واحدة بحرضة أخرى‪ ،‬وال ّ‬ ‫بحرضة ّ‬ ‫ّأال حيدّ ّ‬
‫السكّني‬

‫الذبائ�ح‪ ،‬والقتل قصاص ًا‪ ،‬ويف حدٍّ ‪،‬‬ ‫عا ٌّم يف ّ‬


‫كل قتيل م َن ّ‬ ‫وقول�ه ﷺ‪:‬‬
‫ونحو َ‬
‫ذلك‪ .‬وهذا احلديث م ْن األحاديث اجلامعة لقواعد اإلسالم»)‪.(4‬‬
‫وهو حيدُّ ش�فرت ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫أضجع ش�ا ًة يريدُ ْ‬
‫أن يذبحها َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫اس ‪َّ L‬‬
‫أن رج ً‬ ‫وع�ن ِ‬
‫اب�ن ع ّب ٍ‬ ‫ِ‬
‫)‪.(5‬‬ ‫ّبي ﷺ‪:‬‬
‫الن ُّ‬

‫)‪ (1‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[148/16‬‬


‫مطو ًال‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم [‪ ،]2038‬وقد سبق ّ‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم [‪.[1955‬‬
‫)‪ (4‬رشح النووي عىل صحيح مسلم [‪.[107/13‬‬
‫)‪ (5‬رواه احلاكم [‪ ،]7563‬وصححه عىل رشط البخاري‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪.[24‬‬
‫‪‬‬

‫عيل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ بغل ٌة‪ ،‬فركبها‪َ ،‬‬ ‫طالب ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع�يل ِ‬
‫فقال ٌّ‬ ‫أهديت إىل‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بن أيب‬ ‫ع� ْن ِّ‬
‫مثل ِ‬
‫هذه)‪.(2‬‬ ‫لكانت لنا ُ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اخليل؛‬ ‫احلمري عىل‬ ‫)‪(1‬‬
‫ْلو محلنا‬
‫َ‬
‫)‪.(3‬‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬

‫سبب الكراهة استبدال األدنى با ّلذي َ‬


‫هو خري‪.‬‬ ‫ُ‬
‫محلت ع�ىل اخليل َّ‬
‫قل‬ ‫ْ‬ ‫أن يك�ون املعنى واهلل أعل�م‪َّ :‬‬
‫أن احلم�ر إذا‬ ‫يش�به ْ‬
‫والركض‪ ،‬وال ّطلب‪،‬‬ ‫للر ِ‬
‫كوب‪ّ ،‬‬ ‫وانقطع ناؤها وتع ّط ْ‬
‫لت منافعها‪ ،‬واخليل حيتاج إليها ّ‬ ‫َ‬ ‫عددها‬
‫ِ‬
‫للبغل يشء م ْن‬ ‫وليس‬ ‫مأكول‪ ،‬وغري َ‬
‫ذلك م َن الفوائ�د‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫واجله�اد‪ ،‬وإح�راز الغنائم‪ ،‬وحلمها‬
‫فأحب ْ‬
‫أن يكثر نسلها؛ ليكثر االنتفاع هبا‪ .‬أه�)‪.(4‬‬ ‫ِ‬
‫هذه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ﷺ‬

‫الراعي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫قال‪ :‬ع�دا ّ‬‫اخل�دري ‪َ I‬‬ ‫ٍ‬


‫ئب عىل ش�اة‪ ،‬فأخذه�ا‪ ،‬فطلب� ُه ّ‬ ‫الذ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫س�عيد‬ ‫ع� ْن أيب‬
‫تنزع منّي رزق ًا ساق ُه اهلل إ َّيل؟‬ ‫الذئب عىل ِ‬
‫ذنبه َ‬
‫قال‪ :‬أال تتّقي اهللَ! ُ‬ ‫فانتزعها من ُه‪ ،‬فأقعى ّ ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنس!‬ ‫فقال‪ :‬يا عجبي ذئب مق ٍع عىل ِ‬
‫ذنبه يك ّلمني كال َم‬ ‫َ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بأنباء ما قدْ‬ ‫ّ�اس‬ ‫بأعجب م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فق�ال ّ‬
‫ر الن َ‬ ‫بيثرب خي ُ‬
‫َ‬ ‫حممدٌ ﷺ‬
‫ذل�ك؟ ّ‬ ‫َ‬ ‫أخرك‬ ‫ئ�ب‪ :‬أال‬
‫الذ ُ‬
‫سبق‪.‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫يسوق غنم ُه حتّى َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫دخل املدين َة‪ ،‬فزواها إىل زاوية م ْن زواياها‪َّ ،‬‬
‫ثم أتى‬ ‫ُ‬ ‫الراعي‬
‫فأقبل ّ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ فأخر ُه‪.‬‬

‫الصال ُة جامع ٌة‪.‬‬


‫فنودي‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫فأمر‬
‫َ‬

‫أي‪ :‬أنزينا‪.‬‬
‫)‪ْ (1‬‬
‫)‪ (2‬اإلشار ُة إىل بغلة رسول اهللﷺ‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود [‪ ،]2565‬والنسائي [‪ .]3580‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود [‪.[2311‬‬
‫)‪ (4‬عون املعبود [‪.[167/7‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫للراعي‪:‬‬ ‫خرج‪َ ،‬‬


‫فقال ّ‬ ‫ثم َ‬‫َّ‬
‫ُ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫فأخرهم‪َ ،‬‬
‫فقال‬ ‫ْ‬

‫)‪.(1‬‬
‫ﷺ‬
‫فركبت لوح ًا‬
‫ُ‬ ‫فانكرت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫س�فينة‪،‬‬ ‫البحر يف‬ ‫ركبت‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ َ‬ ‫ع ْن س�فين َة موىل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫احل�ارث‪ ،‬أنا موىل‬ ‫فقلت‪ :‬ي�ا أبا‬ ‫فلم يرعن�ي إالّ ِبه‪،‬‬ ‫ٍ )‪(2‬‬
‫ُ‬ ‫منه�ا‪ ،‬فطرحن�ي يف أمج�ة فيه�ا أس�دٌ ‪ْ ،‬‬
‫ريق‬‫زال يغمزين‪ ،‬وهيدين�ي إىل ال ّط ِ‬ ‫ِ‬
‫بمنكبه ش� ّقي‪ ،‬فا َ‬ ‫وغمز‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فطأط�أ رأس� ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪،‬‬
‫فظننت أ ّن ُه يو ّدعني)‪.(3‬‬
‫ُ‬ ‫مههم‪،‬‬
‫َ‬ ‫فلا وضعني‬ ‫حتّى وضعني عىل ال ّط ِ‬
‫ريق‪ّ ،‬‬
‫الرو ِم‪ْ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أن س�فين َة موىل‬ ‫ِ‬
‫املنكدر َّ‬ ‫عن ِ‬ ‫ويف رواية ِ‬
‫بأرض ّ‬ ‫اجليش‬ ‫أخطأ‬ ‫رس�ول اهلل ﷺ‬ ‫ابن‬
‫ِ‬
‫باألسد‪.‬‬ ‫هو‬ ‫َ‬ ‫فانطلق هارب ًا‬
‫اجليش‪ ،‬فإذا َ‬ ‫يلتمس‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أرس‪،‬‬
‫َ‬
‫وكيت‪.‬‬
‫َ‬ ‫كيت‬
‫كان م ْن أمري َ‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫احلارث أنا موىل‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا أبا‬
‫ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫فأقبل األس�دُ له بصبص ٌة حتّى قام إىل ِ‬
‫جنبه‪ ،‬ك ّلا‬ ‫َ‬
‫أقبل يميش‬ ‫س�مع صوت ًا أهوى إليه‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رجع األسدُ )‪.(4‬‬ ‫َ‬ ‫إىل ِ‬
‫جنبه حتّى َ‬
‫ثم َ‬‫اجليش‪َّ ،‬‬ ‫بلغ‬

‫)‪ (1‬رواه أمحد [‪ ،]11383‬وصححه األلباين يف الصحيحة [‪ ،]122‬وقد سبق‪.‬‬


‫امللتف‪ .‬لسان العرب [‪.[23/1‬‬
‫ُّ‬ ‫)‪ (2‬األمجة‪ :‬الشجر الكثري‬
‫وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (3‬رواه احلاكم [‪،]4235‬‬
‫)‪ (4‬رواه عبد ال�رزاق يف املصن�ف [‪ ،]20544‬وأبو نعيم يف احللية [‪ ،]130/9‬وصححه األلباين يف حتقيق املش�كاة‬
‫]‪.[5949‬‬

‫‪١٦٠ mm‬‬ ‫‪١٠ mm‬‬ ‫‪٥٠ mm‬‬ ‫‪١٠ mm‬‬

‫جمع اهلل لنبيه حممد ﷺ من خ�ص ��ال الكمال وحما�ص ��ن ال�ص ��فات ما‬
‫مت ّي ��ز ب ��ه عن �صائ ��ر اأهل الأر�ض‪ ،‬ف ��كان ا ّأم ًة جامعاً للخري‪ ،‬واأ�ص ��و ًة ح�صن ًة يف‬
‫ِ‬
‫وخ�صو�صهم‪،‬‬ ‫عمومهم‬‫رب‪ ،‬ومثا ًل راقياً يف التعامل مع النا�ض ِ‬ ‫كافة اأعمال ال ّ‬
‫�صغريِهم وكبريِهم‪ ،‬موؤم ِنهم وكافرِهم‪.‬‬
‫ين�صر املظلو َم‪ ،‬ويعني املحتا َج‪ ،‬وي�صرب على اأذى ال�صفيه‪ ،‬ويقابل ال�صيئة‬
‫باحل�صن ��ة‪ ،‬ويلق ��ى النا� ��ض بوج ��ه طلي ��ق‪ ،‬با�صم الثغ ��ر‪ ،‬ملي ��ح الطلعة‪ ،‬كرمي‬
‫العطاء‪ ،‬ح�صن الأداء‪.‬‬
‫�صخ�ص ��ه من م ��كارم الأخ ��اق اأق ّر‬
‫اإذا ا�ص ��تبان لع ��دوه م ��ا ينط ��وي عليه ُ‬
‫بالإمي ��ان‪ ،‬واأذع ��ن بالت�ص ��ديق‪ ،‬حت ��ى ق ��ال قائله ��م مل ��ا راأى من ك ��رمي خلقه‬
‫يل من‬ ‫وح�ص ��ن تعامل ��ه‪« :‬يا حمم ��د‪ ،‬واهلل ما كان على الأر�ض وج� � ٌه اأبغ�ض اإ ّ‬
‫وجهك‪ ،‬فقد اأ�ص ��بح وج ُهك اأحب الوجوه اإيلّ‪ .‬واهلل ما كان من دينٍ اأبغ�ض‬
‫بلد اأبغ�ض‬ ‫يل م ��ن دين ��ك فاأ�ص ��بح دينُك اأحب الدين اإيلّ‪ .‬واهلل م ��ا كان من ٍ‬ ‫اإ ّ‬
‫أحب الباد اإيلّ»‪.‬‬ ‫يل من بلدك فاأ�صبح بل ُدك ا ّ‬ ‫اإ ّ‬
‫ويف ه ��ذا الكت ��اب نتع� � ّرف على نبينا ﷺ من جهة تعاماته مع �ص � ِ‬
‫�نوف‬
‫اخللق على تباين �ص ��فاتهم وتغاير اأحوالهم؛ نتعرف عليه زوجاً واأباً وجاراً‬
‫و�ص ��احباً وبائع� �اً وم�ص ��رياً وقا�ص ��ياً ومفتي� �اً؛ وق ��د بعث ��ه اهلل عبداً ر�ص ��و ًل‪،‬‬
‫‪٢٤٠ mm‬‬

‫وحاه مبحا�صن ال�صفات‪.‬‬ ‫فج ّمله مبكارم الأخاق‪ّ ،‬‬


‫فتتبعن ��ا بع�ص� �اً من التعام ��ات النبوية لإبراز حما�ص ��ن َم ��ن كان خ ُلقُه‬
‫القراآن‪ ،‬الذي بعثه ربه ليتمم به مكارم الأخاق؛ فيعرف املوافق واملخالف‪،‬‬
‫النبي الأمي حينما‬ ‫واملقارب واملباعد‪ ،‬والعدو وال�صديق‪ ،‬كيف كان حال هذا ّ‬
‫يتواج ��د م ��ع النا� ��ض يف بيوته ��م واأ�ص ��واقهم وحماله ��م؟ وكي ��ف كان يتعامل‬
‫والرب والفاجر‪ ،‬والكرمي واللئيم؟ وما هو‬ ‫معه ��م وفيهم القريب والغريب‪ ،‬رَّ ُ‬
‫امل�ص ��تفاد من هذه الدرا�ص ��ة التي تف�ص ��ح عن جليل معاين ال�ص ��دق والكرم‪،‬‬
‫وغاية كمال ح�صن الأدب؟‬
‫ن�ص ��كر كل من اأ�ص ��هم يف هذا امل�صروع الكبري الذي انطلقت منه م�صاريع‬
‫عدي ��دة‪ ،‬ب ��داأت فع � ً�ا ‪-‬وهلل احلم ��د‪ -‬برجم ��ة ه ��ذا الكت ��اب ون�ص ��ره باللغ ��ة‬
‫الإنكليزية بن�ص ��ختني‪ :‬الأوىل ترجمة كاملة موجهة للم�ص ��لمني‪ ،‬والثانية‪:‬‬
‫ترجم ��ة خمت�ص ��رة موجه ��ة لغري امل�ص ��لمني‪ ،‬ون�ص� �األ اهلل الع ��ون يف اأن نكمل‬
‫ترجمته اإىل العديد من اللغات العاملية‪.‬‬

‫‪ISBN: 978-603-8047-59-0‬‬

‫‪publishing@zadgroup.net‬‬

You might also like