You are on page 1of 2

‫عدلــه مــن أعظــم أســباب توادهــم ومحبتهــم ومــن أعظــم أســباب‬ ‫الوالــد عــن ولــده قبــل أن يســأل الولــد

‫الوالــد عــن ولــده قبــل أن يســأل الولــد عــن والــده(‪ ،)3‬فإنــه ســبحانه كما‬
‫برهــم أجمعيــن لــه‪ ،‬ويف الصحيحيــن(‪ )5‬عــن النعمــان بــن بشــير‬ ‫أوصــى األبنــاء باآلبــاء بـ ًـرا وإحســانا فقــد أوصــى اآلبــاء باألبنــاء تربيـ ًة‬
‫╝‬
‫إن الحمــد هلل؛ نحمــده ونســتعينه ونســتغفره ونتــوب إليــه‪ ،‬ونعــوذ بــاهلل‬ ‫َّ‬
‫◙ عندمــا نحلــه والــده نحلــة وطلبــت أمــه أن ُيشــهد علــى ذلــك‬ ‫وتأديبــا؛ فإنــه جــل يف عــاه كمــا أنــه قــال‪:‬ﱯ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﱮ‬
‫مــن شــرور أنفســنا وســيئات أعمالنــا؛ مــن يهــده اهللُ فــا مضـ َّـل لــه‪،‬‬
‫رســول اهلل ﷺ‪ ،‬فلمــا أتــى رســول اهلل ﷺ قــال لــه ♥‪:‬‬ ‫[العنكبــوت‪ ]8:‬فإنــه قــال جــل يف عــاه‪ :‬ﱯ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﱮ‬
‫«ل»‪َ ،‬ف َقـ َ‬ ‫«أك َُّل َو َلـ ِـد َك ن ََح ْل َتـ ُه ِم ْثـ َـل َهـ َـذا؟« َف َقـ َ‬
‫َ‬ ‫ومــن يضلــل فــا هــادي لــه‪ ،‬وأشــهد أن ال إلــه إال اهللُ وحــده ال شــريك‬
‫ـال ♥‪:‬‬ ‫ـال‪َ :‬‬ ‫[النســاء‪ ]11:‬وقــال ﱯ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﱮ [التحريــم‪. ]6:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لــه‪ ،‬وأشــهد أن محمــد ًا عبــده ورســوله‪ ،‬وصف ُّيــه وخلي ُلــه‪ ،‬وأمينــه علــى‬
‫ُــم« ‪ ،‬ويف روايــة «الَ َأ ْش َ‬
‫ــهدُ َع َلــى‬ ‫(‪)6‬‬
‫ــن َأ ْوالَدك ْ‬ ‫« َفا َّت ُقــوا اهَّللَ َوا ْعد ُلــوا َب ْي َ‬ ‫نعــم؛ إنهــا مســئولي ٌة جســيمة وأمانـ ٌة عظيمــة؛ فالواجــب علــى كل والد‬
‫وحيــه‪ ،‬ومب ِّلــغ النــاس شــرعه‪ ،‬مــا تــرك خيـ ًـرا إال َّ‬
‫دل األمــة عليــه‪ ،‬وال‬
‫ــو ٍر« (‪ ،)7‬ويف روايــة يف «صحيــح مســلم» أن النبــي ﷺ قــال لــه‪:‬‬
‫(‪)8‬‬
‫َج ْ‬ ‫أن يتقــي اهلل يف أوالده وأن يعمــل علــى تأديبهــم وتربيتهــم وتنشــئتهم‬
‫ِ‬ ‫حذرهــا منــه؛ فصلــوات اهلل وســامه عليــه وعلــى آلــه وصحبــه‬ ‫شـ ًـرا إال َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫«أ َي ُسـ ُّـرك أ ْن َيكُونــوا إل ْيــك فــي البـ ِّـر َسـ َـوا ًء؟« قــال‪َ « :‬بلــى»‪ ،‬قــال‪« :‬فـ َـا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫علــى عقائــد الديــن وأعمــال اإلســام وآدابــه العظيمــة‪ ،‬وأن يعمــل‬
‫ٍ‬ ‫‪.‬أمــا بعــد‪:‬‬
‫أجمعيــن َّ‬
‫إِ ًذا«؛ تحذيـ ًـرا منــه صلــوات اهلل وســامه عليــه مــن عــدم العــدل بيــن‬ ‫أســاس مــن تقــوى اهلل جــل‬ ‫علــى تنشــئتهم النشــأة الصالحــة علــى‬
‫األبنــاء لمــا يورثــه مــن عقـ ٍ‬ ‫فــإن مــن الواجبــات الجســيمة التــي يجــب علــى العبــد رعايتهــا‪،‬‬
‫ـوق وعــدم ب ـرٍ وإحســان وتقاط ـ ٍع وتهاجــر‬ ‫وعــا والقيــام بحقوقــه جــل يف عــاه ‪.‬‬
‫واألمانــات العظيمــة التــي يلــزم االهتمــام بهــا ورعايتهــا‪:‬‬
‫بيــن اإلخــوان ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وأســس مهمــة البــد‬ ‫♦ وتربيــة األبنــاء تقــوم علــى ركائــز عظيمــة‬
‫ونصحا وتوجيه��ا‪ ،‬فإنها أمانـ ٌة عظيمة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تربية وتأديب��ا‬ ‫العناي��ة باألبن��اء‬
‫* وم��ن ركائ��ز تربي��ة األبن��اء‪ :‬الرفــق بهــم ومعاملتهــم بالرحمــة‬ ‫مــن العنايــة بهــا؛ ليتحقــق للعبــد هــذا المقصــود الجليــل والمطلــب‬
‫العظيــم النبيــل ‪.‬‬
‫ـب كبيــر‪ ،‬يقــول اهلل تبــارك وتعالــى‪ :‬ﱯ ﭥ‬ ‫ومســؤولي ٌة جســيمة وواجـ ٌ‬
‫واللطــف واإلحســان‪ ،‬والبعــد عــن الغلظــة والشــدة والجفــاء؛ فــإن‬
‫ﭦﭧ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭰ‬
‫الرفــق مــا دخــل يف شــيء إال زانــه وال ُنــزع مــن شــيء إال شــانه‪ ،‬وتبــدأ‬ ‫* وم��ن أه��م ه��ذه الركائ��ز‪ :‬الدعاء لهــم من قبــل مجيئهم ومــن بعده؛‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﱮ‬
‫هــذه الرحمــة وهــذا التلطــف وهــذا الرفــق مــع األوالد منــذ صغرهــم‬ ‫مــن قبــل مجيئهــم بالهبــة الصالحــة‪ ،‬ومــن بعــده بالهدايــة والصــاح‪،‬‬
‫[األنفــال‪]28-27:‬؛ والمعنــى‪ :‬أن اهلل ســبحانه وتعالــى وهــب اآلبــاء‬
‫وحنــوا‬
‫ًّ‬ ‫ونعومــة أظفارهــم‪ ،‬وتمضــي معهــم دائمــ ًة مســتمرة رف ًقــا‬ ‫ثــم إذا شـ ُّبوا علــى الهدايــة والصــاح ُيدعــى لهــم باالســتقامة والثبات‪.‬‬
‫هــؤالء األبنــاء امتحانًــا وابتــاءا‪ ،‬واتمــن األب علــى أبنائــه واتمــن‬
‫وعط ًفــا مــن اآلبــاء علــى أبنائهــم‪ ،‬وقــد جــاء يف الصحيحيــن مــن‬
‫(‪)9‬‬
‫ومــن دعــوات النبييــن يف هــذا البــاب دعــاء خليــل الرحمــن‬
‫الوالــد علــى أوالده وجعــل عليــه ألوالده حقوقــا‪ ،‬فــإذا قــام بهــا وأ َّداهــا‬
‫حديــث أبــي هريــرة أن النبــي ﷺ ق َّبــل الحســن ابــن علــي‪ ،‬واألقــرع بــن‬ ‫♠‪:‬ﱯﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﱮ [الصافــات‪ ،]100:‬ومــن دعائــه‪:‬‬
‫حابــس جالــس عنــده فقــال‪« :‬إِ َّن لِــي ع َشــر ًة ِمــن الو َلـ ِـد مــا َقب ْلـ ُ ِ‬ ‫فــرط‬ ‫أجــرا عظيمــا وثوا ًبــا جزيــا‪ ،‬وإذا َّ‬ ‫كمــا ُأمــر فــإن لــه عنــد اهلل ً‬
‫ـم‬
‫ـت من ُْهـ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ﱯﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﱮ[إبراهيــم‪ ،]35:‬ومــن دعائــه‪ :‬ﱯﯢ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عــرض نفســه للعقوبــة بحســب تفريطــه ‪.‬‬
‫ـم«‪،‬‬ ‫ـم الَ ُي ْر َحـ ُ‬ ‫ـن الَ َي ْر َحـ ُ‬ ‫َأ َحــدً ا»‪َ ،‬فنَ َظـ َـر إل ْيــه َر ُســول اهَّلل ﷺ وقــال‪َ :‬‬
‫«مـ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﱮ[إبراهيــم‪ ،]40:‬ومــن دعــوات زكريــا‬
‫ولهــذا يقــول اهلل جــل وعــا‪ :‬ﱯ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ويف الصحيحيــن(‪ )10‬مــن حديــث أم المؤمنيــن عائشــة ▲‬ ‫♠‪:‬ﱯ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡﱮ [آل‬
‫ﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩﯪﯫﯬﯭ‬
‫ـان؟‬ ‫الص ْب َيـ َ‬
‫ـون ِّ‬ ‫قالــت‪ :‬جــاء أعرابــي إلــى رســول اهلل ﷺ وقــال‪ُ «:‬ت َق ِّب ُلـ َ‬ ‫عمــران‪ ،]38:‬ومــن دعــاء عبــاد الرحمــن كمــا يف أواخــر ســورة الفرقــان‪:‬‬
‫ـك َأ ْن َن ـزَع اهَّلل مـِ‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰﱮ [التحريــم‪]6:‬؛ واآليــة أصــل عظيــم يف تأديــب األوالد‬
‫ـن َق ْلبِــكَ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫«أ َو َأ ْم ِلـ ُ‬
‫ـك َلـ َ‬ ‫ـال النَّبِــي ﷺ‪َ :‬‬
‫ُّ‬ ‫ـم»‪َ ،‬ف َقـ َ‬‫َف َمــا ُن َق ِّب ُل ُهـ ْ‬ ‫ﱯﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫(‪)1‬‬
‫وتربيتهــم ووجــوب ذلــك وتحتُّمــه علــى اآلبــاء ‪ .‬ويف الصحيحيــن‬
‫الر ْح َم ـةَ«‪ ،‬فــإن هــذه الرحمــة يــا معاشــر المؤمنيــن والرفــق باألبنــاء‬ ‫َّ‬ ‫ﮯﱮ[الفرقــان‪.]74:‬‬
‫ســبب لقــرب األبنــاء مــن آبائهــم ومحبتهــم لهــم؛ فــإذا ُوجــد هــذا‬ ‫ٌ‬ ‫ول ُيعلــم أن دعــوة الوالــد لولــده مســتجاب ٌة ال تــرد فقــد قــال ﷺ‪ « :‬ثالث‬
‫ُــم َرا ٍع‬ ‫مــن حديــث ابــن عمــر ¶ أن النبــي ﷺ قــال‪ُ « :‬ك ُّلك ْ‬
‫ُول عــن ر ِعيتِــه‪ِ،‬‬ ‫ـن َر ِع َّيتِـ ِـه؛ ِ‬
‫ووجــدت هــذه المحبــة تمكــن األب مــن التوجيــه والنصــح‬ ‫القــرب ُ‬ ‫دعــوات مســتجابات الشــك فيهــن‪ :‬دعــوة المظلــوم‪ ،‬ودعــوة الوالــد‪،‬‬ ‫اإل َمــا ُم َرا ٍع َو ُهـ َـو َم ْس ـئ ٌ َ ْ َ َّ‬ ‫ُول َعـ ْ‬ ‫ـم َم ْس ـئ ٌ‬ ‫َو ُك ُّل ُكـ ْ‬
‫ِ‬
‫ــرأ ُة َراع َيــ ٌة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ُ‬
‫ـل تــام مــن األبنــاء واهتمــا ٍم بتوجيهــات اآلبــاء ‪.‬‬ ‫والبيــان مــع تق ُّبـ ٍ‬ ‫يتعجــل‬ ‫الم ْ‬
‫ــن َرع َّيتــه‪َ ،‬و َ‬ ‫ــو َم ْســئُول َع ْ‬ ‫ــل َرا ٍع فــي أ ْهلــه َو ُه َ‬ ‫َو َّ‬
‫ودعــوة المســافر« (‪ )4‬ول ُيحــذر أشــد الحــذر يف هــذا المقــام أن َّ‬ ‫ـادم را ٍع فِــي مـ ِ‬ ‫ـت زَو ِجهــا و ِهــي مس ـئُو َل ٌة عــن ر ِعيتِهــا‪ ،‬والخَ ـ ِ‬ ‫فِــي بيـ ِ‬
‫بدعــوة والســيما يف حــال غضــب علــى ولــده بالشــر‪ ،‬ثــم‬ ‫ٍ‬ ‫الوالــد‬ ‫ـال‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫دائما‬
‫* وم��ن الركائ��ز العظيمة يف تأدي��ب األبناء‪ :‬أن يحــرص األب ً‬ ‫َ‬ ‫ُول عــن ر ِعيتِ ِ‬ ‫ســي ِد ِ‬
‫تســتجاب دعوتــه تلــك فينــدم علــى ذلــك ندامــة شــديدة‪ ،‬واهلل يقــول‪:‬‬ ‫ُول‬‫ُــم َم ْســئ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫و‬ ‫ٍ‬
‫ع‬
‫ْ َ َ‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ُــم‬‫ك‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫ــه‬ ‫َ ْ َ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ئ‬ ‫ــ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ــو‬ ‫ه‬
‫َ ِّ َ ُ َ َ ْ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫علــى التوجيــه والنصــح والوصيــة بمعالــي األمــور ورفيعهــا؛ وصي ـ ًة‬ ‫ُول عــن ر ِعيتِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫بالعقائــد الدينيــة العظيمــة وفرائــض اإلســام وواجباتــه المتينــة‪،‬‬ ‫ﱯ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﱮ[اإلســراء‪.]11:‬‬ ‫ــه‪،‬‬ ‫ُــم َم ْســئ ٌ َ ْ َ َّ‬ ‫ُــم َرا ٍع َو ُك ُّلك ْ‬ ‫ــن َرع َّيتــه« ‪ .‬ويف روايــة « ُك ُّلك ْ‬ ‫َع ْ‬
‫اعيـ ٌة ع َلــى بيــتِ‬ ‫ـل بيتِـ ِـه‪ ،‬والمــر َأ ُة ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫والنهــي عــن الحــرام والتحذيــر مــن اآلثــام‪ ،‬وإن مــن بليــغ وعظيــم‬ ‫* وإن م��ن الركائ��ز العظيم��ة يف تربية األبن��اء‪ :‬العدل بينهــم وال ُبعد‬ ‫الر ُجـ ُـل َرا ٍع َع َلــى أ ْهـ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫َواألميـ ُـر َراعٍ‪َ ،‬و َّ‬
‫ـن َر ِع َّيتِـ ِـه « (‪)2‬؛ ومعنــى‬ ‫َ ْ‬ ‫ـ‬‫ع‬ ‫ُول‬‫ٌ‬ ‫ئ‬ ‫ـ‬‫س‬ ‫م‬ ‫ـم‬‫ـ‬‫ك‬
‫ْ َ َ ُ ْ َ ْ‬‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ٍ‬
‫ع‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ـم‬
‫ـ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ف‬ ‫ز َْو ِج َهــا َو َو َلـ ِـد ِه‪َ ،‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري (‪)2586‬؛ ومسلم (‪ ،)1623‬ويف آخره قال ﷺ‪« :‬فارجعه»‪.‬‬ ‫عــن الجــور والحيــف والظلــم؛ فــإن األب إذا لــم يعــدل بيــن أبنائــه‬
‫مســئول‪ :‬أي أن العبــد إذا وقــف بيــن يــدي اهلل جــل يف عــاه ســأله عــن‬
‫(‪ )6‬هذه الزيادة يف لفظ آخر للحديث أخرجها البخاري (‪.)2587‬‬ ‫أوجــد بينهــم العــداوة والتحاســد والتباغــض‪ ،‬وإذا عــدل بينهــم كان‬
‫(‪ )7‬أخرجه البخاري (‪)2650‬؛ ومسلم (‪.)1623‬‬ ‫ذلــك‪ ،‬وقــد قــال بعــض العلمــاء‪ :‬إن اهلل جــل وعــا يــوم القيامــة يســأل‬
‫(‪.)1623( )8‬‬ ‫(‪ )3‬نقله ابن القيم ‪ $‬يف «تحفة المودود» (ص‪ )229‬عن بعض أهل العلم ولم يسمهم‪.‬‬
‫(‪ )9‬أخرجه البخاري (‪)5997‬؛ ومسلم (‪.)2318‬‬ ‫(‪ )4‬رواه‪ ‬أحمــد (‪ )10196‬وأبــو داود (‪)1536‬؛ وأخرجــه الترمــذي (‪)1905‬؛ وابــن ماجــه (‪)3862‬‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري (رقم‪ )893/‬واللفظ له؛ ومسلم (رقم‪.)1829/‬‬
‫(‪ )10‬أخرجه البخاري (‪)5998‬؛ ومسلم (‪.)2317‬‬ ‫وحســنه‪ ‬األلباين يف «صحيــح الترغيــب والترهيــب» (‪.)3132‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه البخاري (‪.)5200‬‬
‫ولهــذا يلــزم اآلبــاء متابعــة أبنائهــم يف هــذا النــوع مــن األصحــاب ألن‬ ‫ونافــع وصايــا اآلبــاء لألبنــاء تلــك الوصايــا العظيمــة والمواعــظ‬
‫لــه تأثيــرا بالغــا وخطــور ًة عظيمــة علــى العقــول واألديــان واألخــاق‬ ‫المســدَّ دة للقمــان الحكيــم وهــو يعــظ ابنــه‪ ،‬وقــد ذكرهــا اهلل تبــارك‬
‫واآلداب‪ ،‬فكــم تــاه مــن الشــباب والشــابات بســبب هــذه الوســائل يف‬ ‫ومثــال‬
‫ً‬ ‫أنموذجــا رفي ًعــا‬
‫ً‬ ‫وتعالــى يف كتابــه العظيــم يف ســورة لقمــان‬
‫ـور عظيمــة وباليــا جســيمة ال يعلــم مداهــا إال اهلل تبــارك وتعالــى ‪.‬‬ ‫أمـ ٍ‬ ‫عل ًّيــا لوصيــة األبنــاء وتربيتهــم وتأديبهــم بــاآلداب الفاضلــة واألخــاق‬
‫* وإن م��ن الركائ��ز العظيم��ة يف تأدي��ب األبناء وتربيته��م‪ :‬أن يكون‬ ‫الكاملــة ‪ .‬وإن مــن أعظــم مــا يكــون يف هــذا المقــام تربيــة األبنــاء‬
‫الوالــد قــدو ًة ألبنائــه‪ ،‬ال أن يأمرهــم بالخيــر فــا يأتيــه‪ ،‬وال أن ينهاهــم‬ ‫منــذ أول النشــأة وبدايــة األمــر علــى االعتقــاد الصحيــح إيما ًنــا بــاهلل‬
‫عــن الشــر فيأتيــه؛ فيكــون قــدوة ســيئة ألوالده‪ ،‬وتكــون دعوتــه وتأديبــه‬ ‫وبــكل مــا أمــر عبــاده باإليمــان بــه وتوحيــده جــل يف عــاه وإخــاص‬
‫وتبايــن عجيــب‪ ،‬فلســان حالــه يف واد وفعالــه‬ ‫لهــم يف تناقــض عظي ـ ٍم ُ‬ ‫الديــن لــه‪ ،‬قــال اهلل تعالــى‪ :‬ﱯ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫واد آخــر؛ فينشــأ األبنــاء تحــت مثــل هــؤالء اآلبــاء نشــأ ًة متناقضــة‬ ‫يف ٍ‬ ‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﱮ[البقــرة‪ ،]132:‬ويف‬
‫مضطربــة فيكــون تأثيرهــم علــى أبنائهــم تأثيـ ًـرا وخيمــا؛ ولهــذا يجــب‬ ‫أوائــل وصايــا لقمــان البنــه‪ :‬ﱯ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫دومــا وأبــدا‬
‫علــى الوالــد وهــو يــؤ ِّدب أبنــاءه ويوجــه أوالده أن يتذكــر ً‬ ‫ﭴ ﱮ[لقمــان‪ ،]13:‬ثــم مــن بعــد ذلــك ‪-‬مــن بعــد الوصيــة بالتوحيــد‬
‫قــول اهلل تبــارك وتعالــى‪:‬ﱯ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫واإليمــان‪ -‬تأتــي الوصيــة بفرائــض اإلســام العظيمــة وواجباتــه‬
‫ﮪ ﮫ ﱮ[البقــرة‪ ،]44:‬وقــول شــعيب ♠ لقومــه‪ :‬ﱯ ﯩ‬ ‫المتحتمــة والنهــي عــن الحــرام والتحذيــر مــن اآلثــام‪ ،‬ومــن أعظــم‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﱮ[هــود‪. ]88:‬‬ ‫مــا يكــون يف هــذا البــاب وصيــة األبنــاء بالصــاة ﱯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫♦ ومــع عنايــة الوالــد بهــذه األمــور العظيمــة يف تأديبــه ألبنائــه وتوجيهــه‬ ‫ﯔ ﯕ ﱮ[طــه‪ ،]132:‬ويف «المســند« و«ســنن أبــي داود« عــن النبــي‬
‫ألوالده فعليــه أال يع ِّلــق قلبــه بهــذه األســباب وأن يفــوض أمــره إلــى اهلل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﷺ أنــه قــال‪« :‬مــروا َأو َلدكُــم بِالص َ ِ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ــم َأ ْبنَــا ُء َســ ْب ِع ســن َ‬
‫ــاة َو ُه ْ‬ ‫ُ ُ ْ َ ْ َّ‬
‫متــوكال عليــه معتمــدا عليــه راجيــا منــه وحــده جــل يف عــاه أن يصلــح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ــم َأ ْبنَــا ُء َع ْش‬
‫ُــم‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫َْ‬‫ب‬ ‫ص‬ ‫وا‬ ‫ــر‬
‫ُ ُ‬ ‫«م‬ ‫روايــة‬ ‫ويف‬ ‫«‬ ‫ر‬ ‫ــ‬ ‫ــم َع َل ْي َهــا َو ُه ْ‬
‫وه ْ‬‫اضرِ ُب ُ‬‫َو ْ‬
‫لــه أوالده وأن يحفظهــم بمــا يحفــظ بــه عبــاده الصالحيــن ‪.‬‬ ‫ٍ (‪)11‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــم َع َل ْي َهــا ل َع ْشــر« ‪.‬‬ ‫وه ْ‬ ‫اضر ُب ُ‬‫ــاة ل َســ ْبعٍ‪َ ،‬و ْ‬ ‫بِ َّ‬
‫الص َ‬
‫♦ ولنعلــم يف هــذا المقــام أن الوالــد إذا ُو ِّفــق يف هــذا البــاب ‪-‬بــاب تربية‬
‫* وإن م��ن الركائ��ز العظيم��ة يف تأديب األبناء وتربيته��م‪ :‬تعاهدهم‬
‫ـن اهلل عليــه بصــاح أبنائــه‬ ‫األبنــاء وتوجيههــم‪ -‬وصبــر علــى ذلــك ومـ َّ‬
‫ســاحب ومؤثــر يف‬ ‫ٌ‬ ‫يف بــاب الجليــس والصاحــب؛ فــإن الصاحــب‬
‫فإنــه يترتــب علــى هــذا الصــاح وعلــى هــذه التربيــة والتأديــب مــن‬
‫جليســه والبــد‪ ،‬ويبيــن لهــم ذلــك المثــال الرفيــع الــذي ذكــره النبــي‬
‫اآلثــار الحميــدة والعوائــد المباركــة التــي يجنيهــا الوالــد يف دنيــاه ويف‬
‫ـورا ال حصــر لهــا ‪ .‬وكذلــك يف‬ ‫♥ يف بيــان تأثيــر الصاحــب علــى صاحبــه يف الخيــر أو‬
‫قبــره ويــوم لقــاء اهلل تبــارك وتعالــى أمـ ً‬ ‫ــل ا ْل َج ِل ِ‬
‫يــس‬ ‫«م َث ُ‬‫الشــر‪ ،‬ففــي الصحيحيــن عــن النبــي ﷺ أنــه قــال‪َ :‬‬
‫مقــام التفريــط إذا فـ َّـرط الوالــد يف تربيــة أبنائــه وتأديبهــم فإنــه يتعــرض‬
‫بذلــك إلــى عواقــب وخيمــة وآثــار جســيمة يف دنيــاه وأخــراه‪ .‬أال فلنتـ ِـق‬ ‫ـك َونَافِــخِ ا ْلكي ـرِ‪َ ،‬ف َحامـ ُـل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـل ا ْل ِمسـ ِ‬ ‫ِ‬
‫السـ ْـوء ك ََحامـ ِ ْ‬
‫ِ‬
‫ـس َّ‬ ‫الصالِــحِ َوا ْل َج ِليـ ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـح عليــه بالدعــاء‬ ‫اهلل يف أوالدنــا‪ ،‬ولنراقبــه جــل يف عــاه يف أبنائنــا‪ ،‬ولنلـ َّ‬ ‫َــاع منْــ ُه‪َ ،‬وإ َّمــا أ ْن تَجــدَ منْــ ُه‬ ‫ا ْلم ْســك‪ :‬إ َّمــا أ ْن ُي ْحذ َيــك‪َ ،‬وإ َّمــا أ ْن َت ْبت َ‬
‫َ‬
‫ـخ ا ْلكِيـرِ‪ :‬إِ َّمــا َأ ْن ُي ْحـرِ َق ثِ َيا َبـ َ‬
‫يحــا َط ِّي َبـةً‪َ ،‬ونَافِـ ُ‬
‫‪w w w.al-badr.ne t‬‬

‫يحــا‬‫َجــدَ ِر ً‬ ‫ـك‪َ ،‬وإِ َّمــا َأ ْن ت ِ‬ ‫ِر ً‬


‫أن يصلحهــم وأن يهديهــم وأن يســدِّ دهم وأن يجنِّبهــم مســالك الــردى‬
‫يــن َخ ِل ِيل ِ‬
‫ــر ُء َع َلــى ِد ِ‬
‫ــه‬ ‫َخبِي َثــةً« ‪ ،‬وقــد قــال ♥‪« :‬ا ْل َم ْ‬
‫(‪)12‬‬
‫وحســن‬ ‫والفســاد‪ ،‬ولنُعنــى بحســن تأديبهــم وجميــل توجيههــم ُ‬
‫ِ ْ (‪)13‬‬
‫رعايتهــم مســتمدين يف ذلــك كلــه العــون مــن اهلل وحــده جــل يف عــاه ‪.‬‬ ‫ــن ُيخَ الــل« ‪.‬‬ ‫َف ْل َينْ ُظ ْــر َأ َحدُ ك ْ‬
‫ُــم َم ْ‬
‫اللهــم انــا نســألك يــا ربنــا بأســمائك الحســنى وصفاتــك العليــا وبأنــك‬ ‫ـوع مــن األصحــاب‬ ‫ثــم يجــب التنبــه أنــه قــد اســتجدَّ يف زماننــا هــذا نـ ٌ‬
‫أنــت اهلل يــا ذا الجــال واإلكــرام يــا حــي يــا قيــوم يــا رب العالميــن أن‬ ‫والجلســاء لــم يكــن لــه وجــو ٌد يف زمــن ســابق؛ أال وهــو مجالســة‬
‫ـن عليهــم بالصــاح والهدايــة‬ ‫تصلــح لنــا أوالدنــا أجمعيــن‪ ،‬اللهــم مـ َّ‬ ‫القنــوات الفضائيــة ومواقــع األنترنــت ونحــو ذلــك من خالل الوســائل‬
‫واالســتقامة والســداد‪ ،‬وجنِّبهــم يــا ربنــا الفســاد والــردى والهــاك‪،‬‬ ‫الحديثــة التــي اســتجدَّ ت يف بيــوت النــاس ويف أيديهــم يف زماننــا هــذا؛‬
‫اللهــم ال نرجــو ذلــك إال منــك‪ ،‬وال نتــوكل يف ذلــك ويف أي أمــر مــن‬ ‫(‪ )11‬أخرجــه أحمــد (‪ ،)6689‬وأبــو داود (‪ ،)495‬وقــال عنــه األلبــاين يف «الثمــر المســتطاب»‪ :‬هــو حديــث‬
‫أمورنــا إال عليــك؛ فأنــت وحــدك المســتعان وعليــك التــكالن وال‬ ‫حســن أو صحيــح بطريقيــه‪.‬‬
‫(‪ )12‬أخرجه البخاري (‪)5534‬؛ ومسلم (‪ ،)2628‬عن أبي موسى‪.‬‬
‫حــول وال قــوة إال بــاهلل العلــي العظيــم ‪.‬‬ ‫(‪ )13‬أخرجــه أبــو داود (‪)4833‬؛ والترمــذي (‪ )2378‬بلفــظ‪ «:‬الرجــل علــى‪ ،» ...‬عــن أبــي هريــرة‪ ،‬وأحمــد‬
‫وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬ ‫(‪ )8028‬باللفــظ المذكــور أعــاه‪ ،‬وحســنه األلبــاين يف «صحيــح الجامــع» (‪.)5858‬‬

You might also like