You are on page 1of 19

‫في افتتاحه للدورة الولى من السنة التشريعية الثانية من الولية التشريعية العاشرة للبرلمان أكتوبر الماضي‪ ،‬أكد الملك‬

‫محمد السادس‪ ،‬أن “النموذج التنموي للمملكة أصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن المغربي”‪ .‬وأضاف الملك في‬
‫خطابه أن “المغاربة اليوم يحتاجون إلى التنمية المتوازنة والمنصفة التي تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل وفرص الشغل‪،‬‬
‫وخاصة للشباب‪ ،‬وتساهم في الطمئنان والستقرار والندماج في الحياة المهنية والعائلية والجتماعية‪ ،‬التي يطمح إليها كل‬
‫مواطن؛ كما يتطلعون إلى تعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع إلى الخدمات الستشفائية الجيدة في إطار الكرامة‬
‫النسانية”‪ .‬ومن خلل خطابه‪ ،‬وضع الملك أسس تصور للنموذج التنموي الجديد المنشود‪ ،‬حيث ارتكزت على ضرورة‬
‫تسريع تفعيل الجهوية المتقدمة ونقل الختصاصات والكفاءات البشرية المؤهلة والموارد المالية الكافية‪ .‬فضل عن العمل‬
‫على إخراج نظام اللتمركز الداري‪ ،‬وملئمة السياسات العمومية مع الخصوصيات المحلية‪ .‬وركز أيضا على ضرورة إشراك‬
‫‪ .‬كافة القوى الحية والفعاليات والكفاءات الوطنية في إعداد هذا المشروع الجديد انطلقا من روح الدستور‬

‫خطاب الملك حول النموذج التنموي الجاديد‪ ،‬فتح نقاشا واسعا حول التنمية الجاتماعية والقاتصادية بالمغرب‪ ،‬حيث أصبح‬
‫‪ .‬التفكير في نموذج تنموي جاديد من صلب أولويات الحكومة والفاعليين المؤسساتيين والسياسيين وغيرهم‬

‫في هذا الملف نقارب وجاهات نظر خبراء اقاتصاديين وفاعليين سياسيين حول أعطاب النموذج التنموي القديم في حالة وجاوده‪،‬‬
‫‪ .‬وكذا تصوراتهم للتوجاهات الساسية للنموذج التنموي الجاديد‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أجامع المتدخلون في الملف أن المغرب ل يتوفر على نموذج تنموي حقيقي‪ ،‬وكل ما في المر مجارد تفكير‬
‫فيه‪ .‬والواقاع أن هناك مخططات قاطاعية هي التي حلت محل النموذج الذي كان يجاب أن يكون‪ .‬وعلى الرغم من نجااعة بعض‬
‫المخططات التي حققت بعض التراكمات‪ ،‬إل أن غياب النسجاام والرؤية الواضحة‪ ،‬جاعلها قااصرة عن تحقيق الهداف التنموية‬
‫المطلوبة‪ .‬ينضاف إلى ذلك‪ ،‬تعدد المخططات التي ترتبط أساسا بعمر الوليات الحكومية‪ ،‬وبالتالي إنهاء مخطط قابل تحقيقه‬
‫الهداف المسطرة واستبداله بمخطط آخر‪ ،‬زيادة على تعثر عدد من المخططات دون تقييم أو محاسبة رغم الميزانيات الباهظة‬
‫‪.‬المخصصة له‬

‫العديد من التقارير الوطنية خاصة تقارير المندوبية السامية وبنك المغرب‪ ،‬وكذا التقارير الدولية‪ ،‬تشيد تارة بما حققه المغرب‬
‫وتبرز تارة أخرى الختللت الكبرى التي يعيشها المغرب‪ ،‬وبالرغم من العديد من هذه التقارير تشيد بالنجاازات التي تم‬
‫تحقيقها على مستويات عدة خاصة في مجاال الصناعة والفلحة والطاقاات‪ ،‬غير أنه في المقابل يبقى عاجازا عن تجااوز‬
‫الكراهات التي ترتبط بالحياة اليومية للمواطن المغربي‪ ،‬سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو التشغيل‪ ،‬وهي كل قاطاعات‬
‫حيوية‪ .‬هذا التفاوت يعلق عليه المتتبعون أن المغرب يسير بسرعتين‪ .‬ففي الوقات الذي يتبوء فيه مراتب مهمة في قاطاعات‬
‫معينة ينزل درجاات في قاطاعات أخرى تمس بشكل مباشر حياة المواطنين‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬أوضح صندوق النقد الدولي أن‬
‫‪.‬تحقيق معدل نمو في حدود ‪ 4.5‬في المائة في المغرب ليس كافيا ول يمكنه التقليص من نسبة البطالة‬

‫هذا الواقاع أكده تقرير للبنك الدولي في تقرير تحت عنوان “المغرب في أفق ‪ :2040‬الستثمار في الرأسمال اللمادي لتسريع‬
‫القالعا القاتصادي”‪ ،‬أن “المستوى المعيشي للمغاربة يعادل حاليا نظيره لدى الفرنسيين في عام ‪ ،1950‬ولدى اليطاليين في‬
‫‪ ،1955‬والسبان في ‪ ،1960‬والبرتغاليين في ‪ .”1965‬وأضاف التقرير أن المغرب يواجاه ضرورة الستجاابة لتطلعات‬
‫الشباب في الولوج بشكل أسرعا إلى مستوى معيشي يقترب من المستوى المعيشي في البلدان الكثر تقدما‪ .‬ودعا البنك الدولي‬
‫المغرب إلى تعزيز العقد الجاتماعي‪ ،‬القائم على النهوض بمجاتمع منفتح‪ ،‬وإعادة تركيز عمل الدولة على مهامها السيادية‪،‬‬
‫‪.‬وتنمية الرأسمال البشري‪ ،‬وتعزيز الرأسمال الجاتماعي‬

‫ويعيش المغرب تأخرا في العديد من المجاالت‪ ،‬أشار إليها تقرير البنك الدولي‪ ،‬حيث أبرز أن معدل وفيات الرضع في المغرب‬
‫في عام ‪ 2015‬على المستوى نفسه المسجال في الدول الوربية في عام ‪ ،1960‬أي في حدود ‪ 24‬حالة وفاة عن كل ‪1000‬‬
‫ولدة‪ .‬وعلى مستوى القدرة الشرائية ومستوى العيش‪ ،‬أوضح تقرير البنك الدولي أن البنية الحالية للنفقات الستهلكية للسر‬
‫المغربية تقترب من بنية البلدان الوربية في خمسينيات‪ ،‬وستينيات القرن الماضي‪ ،‬وأن حصة النفاق على الغذاء في الميزانية‪،‬‬
‫ارتفعت‪ ،‬ول تزال في مستوى عال‪ ،‬إذ تصل حوالي ‪ 40‬في المائة‪ ،‬ما يعكس ضعف القدرة الشرائية للسر‪ ،‬وهيمنة النفقات‬
‫الملزمة‪ .‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬توقاع التقرير أن يستمر مستوى معيشة المغاربة في الرتفاعا‪ ،‬ولن يمثل سوى ‪ 30‬في المائة من‬
‫‪.‬مستوى المعيشة في جانوب أوربا بحلول عام ‪2040‬‬
‫في المقابل التقرير ذاته‪ ،‬أن المغرب حقق خلل السنوات الخمس عشرة الماضية‪ ،‬تقدما ل يمكن إنكاره‪ ،‬سواء على الصعيد‬
‫القاتصادي والجاتماعي أو على مستوى الحريات الفردية والحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬مما أتاح للمملكة إطلق مسار اللحاق‬
‫القاتصادي ببلدان جانوب أوربا في أفق سنة ‪ . 2040‬وهو ما من شأنه أن يكفل للمغرب مكانة مستحقة بين البلدان الصاعدة‬
‫‪.‬بالنظر إلى المؤهلت التي يتوفر عليها‬

‫النموذج التنموي الجاديد للقااليم الجانوبية‬

‫قابل انتقاد الملك للنموذج التنموي القديم‪ ،‬أعطى الملك محمد السادس بالعيون بمناسبة الذكرى الربعين لنطلق المسيرة‬
‫الخضراء‪ ،‬انطلقاة النموذج التنموي الجاديد للقااليم الجانوبية‪ ،‬وتفتح مشاريع هذا النموذج آفاقاا واعدة‪ ،‬حيث من المنتظر أن‬
‫تصبح مركزا رئيسيا إقاليميا ودوليا حقيقيا‪ ،‬وسيمكن انجااز مشاريع هذا البرنامج الذي يشكل نقلة كبرى لتطوير القدرات‬
‫القاتصادية والتنموية بالمناطق الجانوبية‪ ،‬من فتح آفاق تنموية وجاديدة داخل النسيج القاتصادي والجاتماعي‪ .‬ويشكل هذا‬
‫البرنامج التنموي‪ ،‬بالنظر لما يتضمنه من مشاريع في مجاال البنيات التحتية والصحة والتكوين والصناعة والفلحة والصيد‬
‫البحري وغيرها من القطاعات‪ ،‬رافعة لدعم المؤهلت الطبيعية والبشرية التي تزخر بها المنطقة كموقاع استراتيجاي متميز‬
‫ومنطقة محورية تربط شمال المملكة بجانوبها‪ ،‬ونقطة استقطاب مهمة لجالب استثمارات عمومية وتوفير بنيات تحتية‪ .‬وبلغ‬
‫الغلف المالي المقترح لنجااز برنامج النموذج التنموي للقااليم الصحراوية ‪ 77‬مليار درهم‪ ،‬مع توقاع مضاعفة الناتج الجامالي‬
‫‪.‬المحلي وخلق ‪ 120‬ألف فرصة عمل‬

‫*******‬

‫‪ :‬عبد الواحد سهيل عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والشتراكية‬

‫المخططات القطاعية ينقصها النسجاام واللتقائية‬

‫في هذا الحوار يؤكد عبد الواحد سهيل خبير اقاتصادي وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والشتراكية‪ ،‬على الحاجاة الماسة‬
‫للتوصل لحل وسط تاريخي توافقي حول النموذج القاتصادي والجاتماعي‪ ،‬ينطلق من معرفة ماذا نريد في هذه البلد‪ ،‬بغض‬
‫‪.‬النظر عن التوجاهات السياسية‬

‫ويرى المتحدث أن المغرب لديه إمكانيات للستثمار في اقاتصاد المعرفة‪ ،‬مبرزا‪ ،‬أننا نعيش اليوم في القرية العالمية وعصر‬
‫تكنولوجايا المعلومات‪ ،‬لذلك لبد من النهوض بهذا الجاانب واستحضاره في النموذج التنموي‪ ،‬لبناء شخصية مغربية في مختلف‬
‫‪.‬المجاالت‪ ،‬مع ترسيخ النفتاح على مختلف الثقافات‬

‫ماذا نقصد بالنموذج التنموي؟‬

‫بالنسبة للنموذج التنموي هو إطار عام يكون في كثير من الحيان إما مفكر فيه بشكل دقايق‪ ،‬وهناك نماذج تنموية ليبرالية >‬
‫صرفة‪ ،‬وهناك نماذج تنموية ليبرالية اشتراكية‪ ،‬وهناك نموذج تنموي آخر كالنموذج الصيني‪ ،‬وهو نوعا من الوجاود القوي‬
‫للدولة في دواليب القاتصاد‪ ،‬وهناك نموذج تنموي ينبني على وجاود القطاعا الخاص والقطاعا العام كما هو الشأن للدول‬
‫السكندنافية‪ ،‬خاصة على مستوى إعادة توزيع الثروة‪ .‬في الواقاع النموذج القاتصادي ل يمكن أن يكون إل في إطار نموذج‬
‫اجاتماعي‪ ،‬حيث إنه مرتبط بعدة خاصيات التي يتميز بها كل اقاتصاد‪ ،‬كالقاتصادات النامية لديه نموذج معين‪ ،‬والقاتصاد النامي‬
‫‪ .‬الذي يرتكز على الفلحة له نموذج معين‪ ،‬والقاتصادات الصناعية كذلك‪ ،‬كل نموذج اقاتصادي لديه نموذج تنموي مواكب‬

‫وحتى نقف عند هذا المصطلح‪ ،‬فالقاتصاد نشاط بشري يسعى بصفة عامة إلى إنتاج الثروة وتوسيع النتاج ومواجاهة حاجايات‬
‫المجاتمع‪ ،‬ويسعى إلى تحويل المجاتمع‪ .‬وحين نتحدث عن البلدان السائرة في طريق النمو‪ ،‬يعني البلدان التي ستنتقل من مستوى‬
‫إلى مستوى آخر‪ ،‬سواء تعلق المر بالدخل أو الفقر أو ركود آليات القاتصاد‪ ،‬كالتوسع في العمران وتطور القاتصاد في‬
‫مختلف القطاعات الفلحية والصناعية والتجاارية والخدمات وغيرها‪ ،‬يعني بناء نموذج يلبي بالساس حاجايات المجاتمع‪ ،‬إذ ل‬
‫‪ .‬يوجاد اقاتصاد مجارد عن التغيير الجاتماعي وغيره من الجاوانب الخرى‬

‫الختلف الوحيد القائم يوجاد في مدارس التفكير‪ .‬حيث هناك من يعتبر أننا إذا خلقنا اقاتصاد السوق‪ ،‬فإنه يخلق نوعا من‬
‫التوازن‪ ،‬ويحقق الناس أرباحا وبالتالي تقوم بالستثمار الذي ينتج عنه خلق مناصب الشغل الذي يفضي إلى رفع الدخل وبالتالي‬
‫تحقيق النمو القاتصادي‪ ،‬غير أن التاريخ بين أن هذا التوجاه غير كاف‪ ،‬وهذا النموذج تمت مراجاعته في فترات تاريخية معينة‬
‫في مجاموعة من البلدان‪ .‬هناك رأي يقول بأن الدولة عليها أن تتدخل‪ ،‬وهناك رأي آخر يقول العكس‪ ،‬فيما رأي ثالث يقول‬
‫‪ .‬بتدخل الدولة في لحظات معينة فقط‪ .‬وكلها آراء فكرية لها ارتباط بالكيفية التي يمكن بها تحويل المجاتمع‬

‫في هذه النقطة بالذات‪ ،‬هل يمكن أن نقول إن المغرب اعتمد نماذج تنموية معينة منذ الستقلل إلى اليوم‪ ،‬وهل كانت هناك >‬
‫رؤية لنموذج معين؟‬

‫قابل ذلك‪ ،‬الستعمار حين دخوله كانت لديه رؤية لنموذج اقاتصادي‪ ،‬والنظام الستعماري بنى رؤيته القاتصادية على أساس >‬
‫توسع الرأسمالية حتى يغزو مجاموعة من لبلدان‪ ،‬وبالتالي استغلل واستثمار خيرات هذه البلدان حتى يرفع من قاوته القاتصادية‬
‫والعسكرية‪ .‬لما حل النظام الستعماري بالمغرب‪ ،‬غير النظام القاتصادي القائم بالبلد‪ ،‬والذي اعتمد أساس على نظام فلحي‬
‫جازء كبير منه له علقاة بالرعي‪ ،‬كما أن الكثافة السكانية للمغرب في بداية العشرينيات كانت قاليلة‪ ،‬بعد ذلك وفي الفترة‬
‫الستعمارية تطورت البنيات التحتية‪ ،‬ومنها ميناء الدار البيضاء الذي غير وجاه المغرب‪ ،‬بالضافة إلى الطرقاات والسكك‬
‫الحديدية والمناجام‪ ،‬زيادة على ذلك لحقت هذه التغييرات النظام الفلحي أيضا‪ ،‬حيث أصبحت عصرية‪ ،‬وظهور بعض‬
‫الصناعات وكذا طبقة عاملة كانت غير موجاودة من قابل‪ ،‬ونوعا من التمدن وظهور مدن جاديدة‪ ،‬كالقنيطرة‪ ،‬وهذا كان نموذج‬
‫‪.‬للقاتصاد الستعماري‬

‫وبعد الستقلل‪ ،‬شرعت الحكومات السابقة في تطبيق نماذج أخرى‪ ،‬أساسا منذ ‪ 1956‬إلى غاية حكومة عبد ا إبراهيم‪ ،‬وهنا‬
‫نجاد وثائق ترتبط بهذا الموضوعا‪ ،‬خاصة التخطيط الخماسي الولي للفترة ما بين ‪ 1960‬و ‪ ،1964‬والتي كانت في اتجااه‬
‫استقلل البلد اقاتصاديا وفك الرتباط بفرنسا وتنويع العلقاات مع الخارج‪ ،‬وخلق العملة الوطنية‪ ،‬وبنك المغرب والتوجاه نحو‬
‫التصنيع‪ ،‬كانت هذه الفكرة عند العناصر التقدمية التي كانت في الحكومات خلل تلك الفترة‪ ،‬والتي تأسست على ضرورة توجاه‬
‫‪.‬المغرب نحو التصنيع وأل يقتصر فقط على الفلحة‬

‫هناك أراء تقول إن المغرب لم يشرعا في نهج السياسة التصنيعية إل في السنوات الخيرة؟ >‬

‫أبدا‪ ،‬المغرب شرعا في هذه السياسة منذ سنوات‪ ،‬على سبيل المثال شركة ل سامير التي تعيش مشكل كبيرا اليوم‪ ،‬كانت >‬
‫ضمن هذا النهج حيث دخل المغرب في تعاون مع اليطاليين الذين كانوا منبوذين من طرف”كارتيل” البترول آنداك‪ ،‬وهكذا‬
‫دخل المغرب إلى غمار صناعة تكرير النفط‪ ،‬وكان هذا التعاون جازءا من بناء أسس صناعة كيماوية وبتروكيماوية‪ ،‬وبعدها‬
‫كل مشاريع التي تعتمد على الفوسفاط ومنها “ماروك فوسفور” و”ماروك شيمي”‪ ،‬هناك أيضا مصنع “صوماكا” لتركيب‬
‫السيارات‪ ،‬وصناعات أخرى بدأت في فترات سابقة‪ .‬في بداية الستينات‪ ،‬حينما تم إبعاد حكومة اليسار‪ ،‬قادم الملك الحسن الثاني‬
‫‪ .‬نموذجاا اقاتصاديا آخرا مبني على الفلحة والسياحة ووضعت مسألة التصنيع جاانبا نوعا ما‬

‫وشرعا المغرب أيضا في عدد من الخطوات‪ ،‬ومنها عملية المغربة التي شملت العديد من القطاعات القاتصادية كالبناك إلى‬
‫التعشير وغيرها‪ ،‬وكان الهدف على هذا المستوى هو خلق قااعدة من المقاولين والمقاولت القاتصادية المغربية‪ .‬ولبد أن أشير‬
‫إلى أن المغرب كان في سنوات الستينيات في مستوى كوريا الجانوبية‪ ،‬ولنا أن نقارن اليوم بين المغرب وهذا البلد‪ .‬طبعا‬
‫‪ .‬توجاهات المغرب في هذا الطار كانت بإيعاز من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي‪ ،‬وكان تلميذا نجايبا لهما‬

‫وهكذا بقي المغرب في هذا النموذج إلى غاية بداية التسعينيات‪ ،‬بحيث وقاعت العديد من التطورات‪ .‬وفي ‪ 1965‬قارر المغرب‬
‫تأميم التجاارة الخارجاية المتعلقة بالخضر والفواكه‪ ،‬وهذا له ارتباط مع توسيع السوق المغربي وتطور الصناعات الغذائية‪ ،‬بعد‬
‫السبعينيات ظهر نشاط الصيد البحري بعد قارار توسيع المنطقة البحرية الخاصة به‪ ،‬ثم في هذه الفترة أيضا عرف المغرب‬
‫‪.‬تطور قاطاعا النشاط المصرفي‪ ،‬والتي لعب دورا مهما‬

‫هل يعيش المغرب مفارقاة بين نسب النمو والتنمية؟ ومدى انعكاسها على المواطنين؟ >‬

‫النموذج الجاتماعي المغربي‪ ،‬يمكن تلخيصه فيما يلي‪ ،‬النمو في المغرب يتسم بالبطء وعدم الستمرارية من الستقلل إلى >‬
‫اليوم‪ .‬بعد الستقلل‪ ،‬وفي ظل مجاتمع يتغير‪ ،‬كان عدد السكان أقال من ‪ 10‬مليين‪ ،‬واليوم تجااوز ‪ 34‬مليون نسمة‪ ،‬وجازء‬
‫كبير من السكان يقيمون بالخارج ولعبوا دورا في القاتصاد مهما‪ .‬مستوى التعليم تطور‪ ،‬البلد عرف مجاموعة من التغييرات‬
‫ولكن بالمقابل بقي النمو هشا غير عادل‪ ،‬مع فوارق كبيرة‪ ،‬الفرق ما زال في مستويات مهمة رغم تقلصه نسبيا‪ ،‬ولكن ل زال‬
‫‪ .‬هناك مليين من الفقراء‪ ،‬وكذلك العدالة الجاتماعية والمجاالية ما زالت مختلة‬

‫وبالتالي فالمغرب بهذه السياسات وهذه النماذج‪ ،‬ل يستطيع أن يجايب على الشكاليات المطروحة عليها‪ .‬وفكرة النموذج‬
‫التنموي وعدم استجاابته للحاجايات‪ ،‬ليست جاديدة‪ ،‬وكنا في حزب التقدم والشتراكية من الوائل الذين أشاروا إليها‪ ،‬لن المغرب‬
‫عرف انتعاشة منذ بداية سنة ‪ 2000‬من خلل تطور البنيات التحتية‪ ،‬ومن خلل الستثمارات المهمة‪ ،‬حيث إن نسبة الستثمار‬
‫‪.‬بالنسبة للدخل تقدر بما بين ‪ 32‬و ‪ 34‬في المائة وهذا رقام ضخم‬

‫ولكن ماذا ينتج على مستوى النمو القاتصادي ومستوى عيش المواطنين؟‪ ،‬الثر ليس ظاهرا بالشكل الكافي‪ ،‬وبالتالي فإما أن‬
‫‪ .‬الستثمار يتم بشكل خاطئ أو أن الستثمار يتم في القطاعات التي ل تخلق النمو القاتصادي المطلوب‬

‫المغرب توجاه نحو الستثمار في الصناعات الجاديدة )السيارات والطيران( وقادم تحفيزات مهمة‪ ،‬هل انعكس ذلك على القيمة >‬
‫المضافة ونسب الندماج؟‬

‫لكي نفهم هذه المور‪ ،‬لبد أن نعلم أن المغرب ل يشتغل بخطة اقاتصادية واضحة‪ ،‬طبعا يتوفر على مخططات قاطاعية >‬
‫ينقصها النسجاام واللتقائية‪ ،‬وهذا أمور استنتجاها وخلص إليها العديد من الخبراء والمؤسسات‪ .‬بالضافة إلى ذلك ل يوجاد‬
‫تخطيط بعيد المدى‪ ،‬وبدون شك هناك مشكل الحكامة القاتصادية‪ ،‬وهنا تطرح تساؤلت‪ :‬من يسير هذا القاتصاد؟ وفي أي‬
‫مستوى؟ وكيف يشتغل القطاعا العام؟‪ ،‬وما هو دور القطاعا الخاص المغربي؟‪ .‬هل يمكن تطوير القاتصادي على أساس‬
‫‪.‬الرأسمال الجانبي؟‪ ،‬وما حدود تدخل الدولة؟‬

‫‪ .‬هذه التساؤلت كلها وإن تم التفكير فيها لم تتم الجاابة عليها بالشكل المطلوب‬

‫أطلق المغرب العديد من البرامج الستثمارية القطاعية في وليات حكومية‪ ،‬وبعدها تم القفز على هذه البرامج وتم إطلق‬
‫‪……..‬برامج جاديد سواء على مستوى التجاارة أو السياحة أو الصناعة أو غيرها؟‬

‫أظن أن المسؤولية جاماعية يتحملها كل الفاعلين السياسيين والقاتصاديين والمؤسساتيين‪ ،‬حيث لم يجادوا الصيغة أو الجاوبة لحل‬
‫‪ .‬هذه الشكاليات‪ ،‬وفي المغرب لدينا مندوبية سامية للتخطيط‪ ،‬ولكن ل تخطيط لدينا‬

‫من سيقوم بالتخطيط إذن؟ >‬

‫التخطيط من صلحيات السلطة التنفيذية‪ ،‬لحد الن مررنا من نظام دستوري قابل ‪) 2011‬الملكية التنفيذية(‪ ،‬إلى ما بعد >‬
‫‪ 2011‬حيث الملكية البرلمانية والدور المهم جادا لجاللة الملك على مستوى التأطير والتوجايه‪ ،‬ولكن المطروح هو كيف يمكن‬
‫‪ .‬في الوقات الذي نخطط فيه أن يكون فيه التتبع والمواكبة لما نخطط له في إطار النسجاام بين مختلف القطاعات‬

‫فهل فعل المغرب يتوفر على نموذج؟ إذا كان المر باليجااب فليقل لنا أحد ما هو هذا النموذج ويبسطه لنا‪ ،‬طبعا هناك‬
‫‪.‬مخططات أعطت بعض الثمار‪ ،‬بحيث ل يمكن القول بالعدمية في كل شيء‬

‫ففي السياحة مثل‪ ،‬هناك مكاسب تحققت‪ ،‬وكذلك الفلحة التي تطورت‪ ،‬ومن يقول إنها لم تحقق شيئا ليس بموضوعي‪ ،‬لكن في‬
‫نفس الوقات لماذا لم تتطور الصناعة بعد؟‪ ،‬وحجام الصناعة بالمغرب ما زال محدودا‪ .‬وهل لدى المغرب طموح فيما يتعلق‬
‫باقاتصاد المعرفة‪ ،‬الذي أبدعت فيه العديد من الدول ومن بينها كوريا الجانوبية‪ ،‬وهل لدى المغرب نظام تربية وتكوين الذي‬
‫سيواكب هذه السياسات العمومية؟‪ ،‬كذلك‪ ،‬كيف يمكن أيضا تهييء العنصر البشري والستثمار فيه ليكون رافع للنموذج‬
‫‪ .‬التنموي؟‪ .‬البلدان التي تشتغل على التخطيط تأخذ وقاتا للتفكير الجاماعي على أساس أفكار وتقييمات‬

‫التخطيط ل يرتبط بعمر الحكومات‪ ،‬بل يحتاج لرؤية كاملة مندمجاة على المدى البعيد ول علقاة له بالستراتيجايات القطاعية‪.‬‬
‫وهذه القاعدة غير موجاودة في المغرب‪ .‬وكخلصة فالمغرب ل يتوفر على نموذج تنموي‪ ،‬لدينا تفكير فقط في عدد من‬
‫‪ .‬المخططات والطرق‪ ،‬والتي وإن أعطت أكلها فإنها لم ترقاى إلى مستوى الطموحات‬

‫المخططات القطاعية التي أطلقها المغرب ترتبط بعمر الحكومات‪ ،‬وكل حكومة تأتي بمخططاتها‪ ،‬وتلغي المخططات السابقة أو‬
‫تغييرها‪ ،‬هل تتحكم الخلفية السياسية للمسؤولين الحكوميين في تعدد المخططات وتغييرها؟‬

‫لمدى طويل ما زال نقاش من يحكم وكيف ستسير البلد مطروحا‪ ،‬وهو نقاش قاديم من ‪ 1956‬إلى الن‪ ،‬وخلل هذه الفترة‬
‫مرت البلد بمراحل صعبة‪ ،‬ووصلنا إلى مرحلة السكتة القلبية كما سماها الحسن الثاني‪ ،‬وفي عهد محمد السادس تحدث في‬
‫‪.‬إحدى خطاباته الخيرة عن الزلزال السياسي‬

‫اليوم‪ ،‬دستور ‪ 2011‬صوت عليه بالجاماعا‪ ،‬ولول مرة يكون دستور بمشاركة القوى الحية في البلد‪ .‬ما نحتاج إليه اليوم أهم‬
‫من التساؤل عمن يحكم وكيف‪ ،‬إذ نحتاج للوصول إلى حل وسط تاريخي توافقي حول النموذج القاتصادي والجاتماعي‪ ،‬ينطلق‬
‫من معرفة ماذا نريد في هذه البلد‪ ،‬بغض النظر عن التوجاهات السياسية التي لن تؤثر عليه بشكل كبير‪ ،‬وكيف يمكن أن نشتغل‬
‫على نموذج اقاتصادي واجاتماعي بنوعا من التوافق‪ ،‬حتى نتجااوز الرتباط بالحكومات والتوجاهات السياسية‪ .‬طبعا يمكن أن‬
‫‪ .‬نختلف حول المداخل والليات‪ ،‬ولكن يبقى الهدف واحد هو بناء الوطن والدفع بتقدمه‬

‫ينتقد العديد من الفاعلين إهمال الدولة أو الحكومة للجاانب الثقافي في مخططاتها‪ ،‬بالرغم من أن لهذا الجاانب جازءا مهما في >‬
‫أي نموذج تنموي على اعتبار تأثيره على تكوين وبناء شخصية النسان المغربي‪ ،‬كيف ترى ذلك؟‬

‫من دون شك أن الهتمام بالعنصر البشري‪ ،‬تثقيفا وتكوينا وتعليما‪ ،‬يعتبر من المور الساسية‪ ،‬والمغرب لديه إمكانيات >‬
‫للستثمار في اقاتصاد المعرفة‪ ،‬اليوم نعيش في القرية العالمية وعصر تكنولوجايا المعلومات‪ ،‬لذلك لبد من النهوض بهذا‬
‫الجاانب واستحضاره في النموذج‪ ،‬وبالتالي لبد من بناء شخصية مغربية في مختلف المجاالت‪ ،‬مع ترسيخ النفتاح على مختلف‬
‫‪.‬الثقافات‬

‫في التربية والتعليم‪ ،‬هناك مجاموعة من المخططات في هذا المجاال‪ ،‬وتم النتقال من مخطط إلى مخطط دون تقييم جادي‪> ،‬‬
‫ومؤخرا تم اعتماد صيغة التعاقاد في التعليم‪ ،‬هل هو حل مناسب؟ وما تأثيره على تكوين العنصر البشري؟‬

‫الساسي في اعتقادي‪ ،‬هو أن يجاد المغاربة المدرسة والطر التي ستدرس أبناءهم‪ ،‬بشرط أن تتوفر الكفاءة في هذه الطر‪> ،‬‬
‫ول فرق أن يكون موظفا رسميا أو متعاقادا‪ .‬إطار التعليم حين يكون كفءا ل يمكن إل أن تشيد به وتشجاعه‪ ،‬ولكن حين يكون‬
‫خامل ول يؤدي عمله فل موجاب لستمراره في الوظيفة مدى الحياة‪ .‬هناك حقوق يجاب أن تصان‪ ،‬وبالتالي يجاب أن يكون‬
‫هناك نوعا من النصاف للجاميع‪ .‬الساسي أيضا هو أن يساير نظام التعليم العصر‪ ،‬وأن يتم تكوين أبناء المغاربة بالشكل الذي‬
‫‪.‬سيجاعلهم متعلمين بالشكل المطلوب‪ ،‬ومواكبة تغييرات العصر‬

‫ركز الملك في إحدى خطاباته على أعطاب الدارة المغربية‪ ،‬وشدد على أن تكون إدارة مواطنة في خدمة المواطن‪ ،‬كيف >‬
‫ترى واقاع الدارة؟‬

‫لدينا إدارات وليس إدارة واحدة‪ ،‬وكل واحدة لها تخصصاتها وآليات اشتغالها‪ ،‬والدارة لم تأت من فراغ‪ ،‬فهي لها امتداد‪،‬‬
‫وجااءت من رواسب قاديمة ترتبط بالستعمار والسلطة‪ ،‬وما زالت بصمة الستعمار مستمرة ولها بعض التمظهرات في الدارة‬
‫‪ .‬المغربية‪ .‬الدارة أيضا من نتاج النظام السياسي المغربي‪ ،‬والمفهوم الجاديد للسلطة لم يظهر إل مع عهد الملك محمد السادس‬

‫‪ .‬بطيعة الحال الدارة مهمتها هو أن تجاسد السلطة وتقوم بمهام الدولة‪ ،‬وفي نفس الوقات تخدم الشعب‬

‫المشكل المطروح في الدارة والسلطة‪ ،‬هو غياب نوعا من الحكامة الكفيل بالرقاي بها وبخدماتها‪ ،‬والمشكل هنا ثقافي وسياسي‬
‫‪.‬زيادة على التربية على المواطنة‬

‫نحن نعلم أن المغرب عاش قارونا من السخرة والظلم والتظلم‪ .‬المطلوب في الدارة اليوم أن تعيد العتبار للمرتفقين‪ ،‬وأن يتم‬
‫ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة إذ أن الشكال في الدارة المغربية هو غياب ثقافة الجازاء‪ .‬وفي كثير من الحالت يجاد‬
‫المواطن أو المرتفق نفسه بل حول ول قاوة له أمام الدارة وهذا ناتج عن كون عقلية الدارة غير مواكبة لروح دستور ‪.2011‬‬
‫هذا الوضع والشكاليات المرتبطة به‪ ،‬بالضافة إلى تمركز السلط في الرباط‪ ،‬كلها أمور يجاب أن نستحضرها في نقاش‬
‫‪ .‬النموذج التنموي‪ ،‬طبعا حل هذه الشكاليات ل يمكن أن يتم إل بالتدرج والمتابعة‬

‫كيف يمكن في اعتقادكم تحقيق عدالة مجاالية ما بين الجاهات المغربية؟ >‬

‫المور يجاب أن ينظر إليها في سياقاها‪ ،‬المغرب متنوعا ومختلف‪ ،‬ومناطق المغرب تختلف في مؤهلتها وإمكانياتها >‬
‫الجاغرافية والطبيعية والسكانية وغيرها‪ .‬حاليا هناك توجاه لنظام جاهوي‪ ،‬ونحن نعرف إن هناك تفاوت في إمكانيات كل جاهة‪،‬‬
‫لكن الساسي هو أن كل مناطق المغرب يجاب أن تتوفر لديها المدرسة والمستشفى والطرق‪ .‬بشكل عام‪ ،‬الخدمات الساسية‬
‫كلها يجاب أن تتوفر بغض النظر عن إمكانيات كل جاهة‪ ،‬وهذا من صلب نقاش النموذج التنموي الذي يجاب العداد له‪.‬‬
‫والنموذج التنموي يرتبط بنضج التجاربة الديمقراطية‪ ،‬وتجاربتنا الديمقراطية لم تنضج بعد‪ ،‬كما أن مستوى الفاعلين بما فيها‬
‫الحزاب والسلطة والصحافة والمجاتمع المدني لم ينضج بعد‪ ،‬وهذا يعني أن نجااح أي مبادرة أو نموذج لبد من توفر شرط‬
‫‪.‬نضج كافة المتدخلين‬

‫***‬

‫عبد السلم الصديقي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والشتراكية‪ :‬ضعف الحكامة وغياب الرقاابة وهيمنة المقاربة‬
‫التكنوقاراطية من أسباب فشل النموذج التنموي المغربي‬

‫يرى عبد السلم الصديقي أن فشل النموذج التنموي يعود إلى أسباب متعددة منها ضعف الحكامة وضعف إشراك المواطنين في‬
‫العملية التنموية زيادة على هيمنة المقاربة التكنوقاراطية عوض المقاربة التشاركية‪ .‬وعلى هذا الساس يؤكد الصديقي أن‬
‫المغرب في حاجاة إلى الرجاوعا إلى التخطيط‪ ،‬ليس إلى التخطيط اللزامي المعمول به سابقا في الدول الشتراكية‪ ،‬أو التخطيط‬
‫الذي اتبع في المغرب وبعض البلدان الرأسمالية الخرى‪ ،‬بل إلى التخطيط الستراتيجاي الذي من شأنه أن يعطي لمختلف‬
‫‪ .‬البرامج القطاعية بعدا استراتيجايا ونسقا موحدا حول أهداف مشتركة‬
‫أي نموذج تنموي يحتاج إليه المغرب‪ ،‬وما هي السس التي سيبنى عليها؟ >‬

‫الجاميع يقر اليوم بحاجاة المغرب إلى تبني نموذج تنموي جاديد‪ ،‬كما أكد على ذلك صاحب الجاللة في خطابه الخير بمناسبة >‬
‫افتتاح الدورة التشريعية الخريفية‪ .‬وتأتي هذه الحاجاة بعدما استنفد النموذج التنموي المطبق اليوم كل امكانياته مع الشارة إلى‬
‫‪.‬ما تم تحقيقه من مكتسبات خلل العقدين الخيرين على مستويات عدة‬

‫والنموذج التنموي كما نراه‪ ،‬ينبغي أن ينطلق من الخفاقاات والمكتسبات‪ .‬وعليه تقويم هذه الخفاقاات وتثمين المكتسبات‪.‬‬
‫الخفاقاات التي أصبحت واضحة للعيان تتمثل بالخصوص في عدم مسايرة تحسين مستوى عيش الساكنة مع التطور‬
‫‪ .‬القاتصادي‪ .‬لن النمو القاتصادي لم ينعكس إيجاابا على الرفاه الجاتماعي والحد من الفوارق الجاتماعية والمجاالية‬

‫ما هي العوامل التي أدت إلى فشل النموذج التنموي المغربي‪ ،‬وبالتالي لم يعد يستجايب للمتطلبات الراهنة؟ >‬

‫يمكن حصر العوامل التي كانت وراء هذه المفارقاة وفشل النموذج التنموي المغربي في ضعف الحكامة وغياب الرقاابة‪> ،‬‬
‫وضعف اشراك المواطنين في العملية التنموية وهيمنة المقاربة التكنوقاراطية على المقاربة التشاركية‪ ،‬والستناد إلى المرجاعية‬
‫‪ .‬الليبرالية واعتبار إشكالية توزيع الدخل مسألة ثانوية سيتم تجااوزها بصفة تلقائية‬

‫النموذج التنموي يرتكز على فروعا أساسية وهي النموذج القاتصادي والمجاتمعي والسياسي‪ ،‬ما السبيل إلى نموذج تنموي‬
‫مغربي يزاوج بين هذه الفروعا‪ ،‬بشكل متوازن؟‬

‫طبعا ينبغي الرجاوعا إلى الفكرة الولى التي خرجات عن علماء القاتصاد‪ ،‬والتي تعتبر القاتصاد علما اجاتماعيا‪ .‬والهدف من‬
‫وراء العملية القاتصادية يكمن في تلبية الحاجايات الساسية للمواطنات والمواطنين‪ ،‬وبالتالي المر يتطلب معالجاة شمولية‬
‫تمزج‪ ،‬كما قالتم عن حق‪ ،‬بين مختلف هذه العوامل القاتصادية والجاتماعية والسياسية والثقافية … وهي التي يعبر عنها رفيقنا‬
‫المرحوم عبد العزيز بلل بالعوامل غير القاتصادية للتنمية‪ .‬إذ ل يمكن تصور نموذج تنموي دون الخذ بعين العتبار مقومات‬
‫الشعب الحضارية واللغوية والفنية والعقائدية … يمكن أن نأخذ كمثال حالة البلدان السيوية الصاعدة التي عرفت كيف توظف‬
‫‪.‬إيجاابيا خصوصياتها الثقافية في العملية التنموية‬

‫يرى متتبعون أن المغرب يسير بسرعتين‪ ،‬من ناحية توجاد مخططات ضخمة استفادت من أموال كثيرة‪ ،‬لكن بالمقابل أثرها >‬
‫على المواطن تبقى محدودة؟‬

‫هنا تكمن المفارقاة‪ ،‬من جاهة تراكم الثروات ومن جاهة أخرى تراكم البؤس‪ .‬وتتم العملية الولى على حساب تفاقام الفقر الذي‬
‫ليس قادرا بل هو نتيجاة تركز الثروات والغتناء الفاحش لفئة قاليلة‪ .‬ويبقى التحدي الساسي هو معالجاة هذه التفاوتات من خلل‬
‫‪.‬سياسيات عمومية مبدعة وشجااعة وإراداوية‬

‫تنطلق من النتاج مع تحقيق التوازن بين مداخيل الرأسمال ومداخيل العمل‪ ،‬وتستمر خلل إعادة التوزيع من خلل توفير‬
‫خدمات عمومية ذات جاودة عالية كالصحة والتعليم والسكن والنقل العمومي وغيرها من الخدمات‪ ،‬هذا مع تبني نظام جابائي‬
‫‪.‬مبني على العدالة‪ ،‬وضمان تكافؤ الفرص بين أفراد الشعب‬

‫يرتبط نجااح النموذج التنموي بتحقيق النمو القاتصادي والتنمية الجاتماعية‪ ،‬كيف يمكن فك الرتباط بين نسب النمو التي يتم >‬
‫تسجايلها بأداء القطاعا الفلحي‪ ،‬حتى ل يرتهن الداء القاتصادي والتنمية الجاتماعية بالتقلبات المناخية؟‬

‫من الملحظ أن النمو القاتصادي ما زال رهينا بالتقلبات المناخية‪ ،‬وإن كانت هذه التبعية قاد تراجاعت نسبيا خلل السنوات >‬
‫الخيرة بفضل عصرنة القطاعا الفلحي‪ .‬وللحد من تأثير العوامل الطبيعية على النمو ينبغي تطوير القطاعا الفلحي‪ ،‬ل بالشكل‬
‫الذي تتم به المور في إطار مخطط المغرب الخضر‪ ،‬وتصنيع البلد تصنيعا حقيقيا بالعتماد على التكنولوجايا والبتكار‬
‫‪.‬وتطوير البحث العلمي والرفع من مؤهلت اليد العاملة‬

‫في السنوات الخيرة اختار المغرب التوجاه نحو فتح أبواب الستثمار في المهن العالمية خاصة قاطاعا الطيران والسيارات‪> ،‬‬
‫هل تعتقدون أن هذا التوجاه كفيل بتأسيس نموذج تنموي قاوي ومستدام؟‬

‫إن انفتاح المغرب أمر إيجاابي في حد ذاته‪ ،‬وسيكون من المؤسف له أن ينغلق على ذاته‪ .‬فالمغرب في حاجاة إلى رؤوس >‬
‫أموال أجانبية والستثمار الخارجاي‪ ،‬وفي حاجاة إلى عقد شراكات متنوعة مع مختلف البلدان وهو ما يقوم به بالنظر الى تنوعا‬
‫علقااته مع مختلف القارات وفي ذلك ربح كبير ليس فقط على المستوى القاتصادي‪ ،‬بل أيضا على مستوى إشعاعا المغرب‬
‫حضاريا وثقافيا‪ ،‬وتعزيز مكانتها في المنتديات والمنظمات القاليمية والدولية‪ .‬وبالمكان تطوير هذا التوجاه أكثر حتى يستفيد‬
‫منه المغرب بصفة أمثل كنا يستفيد منه شركاؤه حسب منطق رابح رابح‪ .‬وهذه هي الفلسفة التي نتبعها في بناء شراكاته مع‬
‫‪.‬بلدان القارة الفريقية‬

‫ارتكز مشروعا قاانون المالية في جاانب منه‪ ،‬على إعطاء أولوية للقطاعات الجاتماعية‪ ،‬ومنها التشغيل‪ ،‬هل تعتقدون أن هذه‬
‫الولوية من شانها أن تعزز النموذج التنموي المغربي‪ ،‬وكيف يمكن للمقاولت المغربية أن توفر مناصب شغل مستدامة؟‬

‫مشروعا قاانون المالية لسنة ‪ ، 2018‬ل يتميز في الجاوهر على سابقيه‪ ،‬إذ تم وضعه بنفس السلوب وبنفس التوجاهات مع إدخال‬
‫بعض التدابير المحدودة الثر‪ ،‬فعلى مستوى التشغيل‪ ،‬يتضمن المشروعا إجاراء واحد ليس إل‪ .‬هو إجاراء معدل لجاراء كان‬
‫موجاودا في القانونين الماليين الخيرين والذي يعبر عنه ب ” تحفيز”‪ ،‬بالضافة إلى اتباعا السياسات العمومية للتشغيل الجااري‬
‫بها العمل منذ أزيد من عشر سنوات من قابيل ” إدماج” و ” تأهيل” و ” التشغيل الذاتي”‪ .‬نحن في حاجاة إلى أجارآة حقيقية‬
‫لمضامين الستراتيجاية الوطنية للتشغيل التي تم إعدادها بصفة تشاركية‪ ،‬وتتضمن العديد من الجاراءات العملية منها ما هو آني‬
‫‪.‬ومنها ما على المدى المتوسط والبعيد‬

‫ما السبيل إلى ضمان العدالة المجاالية فيما يتعلق بتوزيع المشاريع التنموية في مختلف الجاهات المغربية‪ ،‬وكيف يمكن >‬
‫الخروج من التركز الذي تعرفه جاهات دون أخرى؟‬

‫العدالة المجاالية تمر عبر تطوير التمركز واللتركيز حتى نجاعل من الجاهات أقاطاب تنموية بكل معنى الكلمة‪ .‬فالجاهوية التي >‬
‫جااءت في الدستور هي مشروعا حضاري كبير‪ .‬ونحن ما زلنا في بداية المشوار‪ ،‬وعلينا أن نسرعا الوتيرة دون تسرعا كنقل‬
‫العديد من الختصاصات وتحويل الموارد والوفاء بما تم التنصيص عليه في الدستور من قابيل إنشاء صندوق التضامن بين‬
‫الجاهات‪ ،‬وصندوق تأهيل الجاهات‪ .‬بالطبع لبد من تحسين الحكامة وإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى يضطلع الجاميع‬
‫‪.‬بمسؤولياته‬

‫يبرز إشكال آخر‪ ،‬يتمثل في عدم تجاانس البرامج الحكومية في مختلف القطاعا‪ ،‬ومن مثل ذلك إطلق عدد من المخططات دون‬
‫أن إنهائها أو استكمالها‪ ،‬كيف يمكن الخروج من هذا النفق؟‬

‫المغرب يشكو دائما من ضعف اللتقائية في البرامج القطاعية‪ ،‬مما يجاعلها محدودة الجادوى‪ ،‬إن لم تكن فاشلة في نهاية >‬
‫المطاف ودون نتائج تذكر‪ .‬أعتقد‪ ،‬خلفا لبعض الراء السائدة‪ ،‬أن المغرب في حاجاة إلى الرجاوعا إلى التخطيط‪ ،‬ليس إلى‬
‫التخطيط اللزامي المعمول به سابقا في الدول الشتراكية‪ ،‬أو التخطيط الذي اتبع في المغرب وبعض البلدان الرأسمالية‬
‫الخرى‪ .‬الحديث يتم اليوم على التخطيط الستراتيجاي‪ .‬مما سيعطي لمختلف البرامج القطاعية بعدا استراتيجايا ونسقا موحدا‬
‫حول أهداف مشتركة لنعرف أين نسير وماهي وجاهتنا؟‬

‫العديد من المنتقدين يقولون إن المقاولت تستفيد من مجاموعة من الجاراءات الضريبية وتحفيزات مهمة‪ ،‬ولكنها بالمقابل تبقى‬
‫مساهمتها في تحريك القاتصاد دون النتظارات؟‬

‫نعم‪ ،‬تستفيد المقاولت‪ ،‬خاصة الكبرى منها‪ ،‬من العديد من المتيازات والتحفيزات‪ .‬وعليها أن تقدم في المقابل‪ ،‬خلق فرص‬
‫الشغل‪ ،‬وأداء واجاباتها الضريبية واحترام قاانون الشغل‪ ،‬والحفاظ على البيئة‪ .‬وهذا ما تقوم به المقاولة المواطنة‪ ،‬أو المقاولة‬
‫ذات المسؤولية الجاتماعية‪ .‬إل أن مثل هذه المقاولت محدودة للغاية‪ ،‬ول يتجااوز عددها العشرات‪ .‬لذلك على السلطات‬
‫‪.‬العمومية أن تكون صارمة أكثر خلل تقديم التحفيزات والمتيازات‬
‫إن اقاتصاد الريع عدو التنمية والتقدم‪ ،‬فهما نقيضان على الوجاه الكمل‪ .‬والقاتصاد السليم هو الذي يعتمد على الشفافية‬
‫‪.‬والمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص‬

‫هل هناك من إجاراءات فعلية كفيلة بتقوية روح الثقة وتعزيز مناخ العمال الذي من شنه أن يرفع وتيرة الدينامية >‬
‫القاتصادية؟‬

‫لتقوية روح الثقة وتحسين مناخ العمال لبد من تطبيق دولة الحق والقانون في العمال‪ ،‬فهناك فئة واسعة من المقاولين ل >‬
‫يطالبون بالمتيازات بقدر ما يطالبون بالشفافية‪ .‬وتطبيق القانون على الجاميع أيا كان موقاعه وانتماؤه وعلقااته‪ ،‬من شأنه أن‬
‫‪ .‬يرسخ المساواة أمام القانون‪ ،‬وهذا مبدأ أساسي لبناء الدولة الحديثة‪ ،‬دولة الحق والقانون‬

‫تعلن كل سنة آلف المقاولت إفلسها وهو ما ينعكس على خلق الثروة ومناصب الشغل اعتقادكم ما هي أسباب هذا >‬
‫النزيف‪ ،‬وكيف يمكن الحد منه؟‬

‫إفلس المقاولت قاانون يكاد طبيعيا‪ ،‬ففي كل سنة هناك المئات بل اللف من المقاولت تتعرض للفلس وهناك أضعاف >‬
‫أضعاف هذا العدد تنشأ من جاديد‪ ،‬هذه سنة الحياة‪ ،‬ما يسري على الكائنات الحية يسري على المقاولت وغيرها من الظواهر‪.‬‬
‫هذا ل يعني أن نبقى مكتوفي اليدي والستسلم للمر الواقاع‪ ،‬بل هناك إمكانيات ووسائل لنقاد بعض المقاولت من الفلس‬
‫‪ .‬ولكن ليس كلها‪ ،‬فمثل يمكن التفكير بصفة استباقاية على العمل على تحويل نشاط المقاولة ودعمها حتى ل تفلس‬

‫****‬

‫عبد الحد الفاسي الفهري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والشتراكية‪ :‬السياسات الجاتماعية تفتقر إلى المقاربة القبلية‬
‫لمعالجاة الفوارق المطروحة‬

‫اعتبر عبد الحد الفاسي الفهري‪ ،‬أن المغرب‪ ،‬اليوم‪ ،‬يسير في إطار النظام الليبرالي‪ ،‬وأن الدولة لديها تدخل قاوي من خلل‬
‫الستثمار العمومي‪ ،‬ومن خلل قاطاعا عام قاوي في مجاموعة من المجاالت‪ .‬كما أن هناك سياسات اجاتماعية ومبادرات متعددة‪.‬‬
‫وأضاف الفاسي الفهري‪ ،‬في حوار مع بيان اليوم‪ ،‬أن هذا الوضع في إطار الليبرالية‪ ،‬أفرز العديد من الختللت‪ .‬وبالرغم من‬
‫ذلك‪ ،‬فهذا النظام لديه مكتسبات‪ ،‬ضمنها‪ ،‬اقاتصاد أكثر تنوعا‪ ،‬وإنجااز إصلحات مهمة في عدة مجاالت منها المجاال المالي‪،‬‬
‫البنيات التحتية‪ ،‬والتحكم في بعض التوازنات الماكر واقاتصادية‪ ،‬بالرغم من وجاود العجاز التجااري‪ ،‬والمديونية التي بلغت درجاة‬
‫‪.‬مقلقة‪ .‬وفيما يلي نص الحوار‬

‫ما هو النموذج التنموي الذي يمكن أن يسير فيه المغرب بعد النتقاد الصريح للملك للنموذج القديم؟‬

‫أول لبد من توضيح مفهوم هذا النموذج‪ ،‬لذلك لبد من مناقاشة التوجاهات والختيارات الساسية التي تنبى عليها السياسة >‬
‫العمومية‪ ،‬وكذلك الوسائل والليات الكفيلة بتفعيل هذه الختيارات‪ ،‬وهذا يؤدي بنا إلى مسألة الحكامة‪ .‬نحن لسنا بصدد مراجاعة‬
‫النظام القاتصادي المغربي‪ ،‬الليبرالي المبني على اقاتصاد السوق والمقاولة التي تلعب دورا أساسيا‪ ،‬وبطبيعة الحالة المقاولة‬
‫تنتج استجاابة لطلب معين سواء في السوق الداخلي أو ألخارجاي‪ .‬حاليا هناك إقارار بأن السوق الداخلي ضعيف ومحدود‪،‬‬
‫وبالتالي كيف يمكن توسيعها من خلل تطوير القدرة الشرائية والستثمار العمومي إلى غير ذلك‪ ،‬وبالتالي التوجاه نحو التصدير‬
‫واستغلل الفرص‪ .‬الن لبد من تطوير السوق الداخلي والستجاابة للحاجايات الساسية‪ .‬وفي رأي الشخصي الشتراكية أفضل‬
‫من الليبرالية‪ ،‬طبعا نحن اشتراكيين‪ ،‬ولسنا بصدد تغيير النظام الليبرالي‪ .‬وحتى نعرف بهذه الشتراكية وبألوان مغربية نحن‬
‫مطالبين بمجاهود فكري‪ .‬الشتراكية بديل للرأسمالية‪ ،‬ل يوجاد فيها استغلل النسان للنسان‪ ،‬وتستجايب للحاجايات الساسية‬
‫‪ .‬الثقافية والقاتصادية والجاتماعية‪ ،‬وهي نظام تمارس فيه الديمقراطية في أسمى تجالياتها‬

‫لنعد إلى موضوعا النموذج التنموي والسس التي يجاب التركيز عليها؟ >‬

‫جايد‪ ،‬لكن ما أريد أن أقاول هو أن الشتراكية أفضل من الليبرالية‪ ،‬والليبرالية أفضل من التخلف طبعا حين تحترم مجاموعة >‬
‫من القواعد يمكنها أن تكون إطار لبناء اقاتصاد قاوي‪ ،‬وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية‪ .‬إذن لسنا بصدد تغيير هذا النظام‪ ،‬اليوم‬
‫المغرب يسير في إطار النظام الليبرالي‪ ،‬والدولة لديها تدخل قاوي من خلل الستثمار العمومي‪ ،‬ومن خلل قاطاعا عام قاوي في‬
‫مجاموعة من المجاالت‪ .‬كما أن هناك سياسات اجاتماعية ومبادرات متعددة‪ ،‬وهذا الوضع في إطار الليبرالية أفرز العديد من‬
‫الختللت‪ .‬وبالرغم من ذلك ‪ ،‬فهذا النظام لديه مكتسبات‪ ،‬مثل لدينا اقاتصاد أكثر تنوعا‪ ،‬وتمت مجاموعة من الصلحات مهمة‬
‫في عدة مجاالت منها المجاال المالي‪ ،‬البنيات التحتية‪ ،‬التحكم في بعض التوازنات الماكر واقاتصادية‪ ،‬بالرغم من وجاود العجاز‬
‫التجااري‪ ،‬والمديونية التي بلغت درجاة مقلقة‪ .‬وإلى جاانب هذه المكتسبات هناك نواقاص كثيرة خاصة في الجاانب الجاتماعي‪.‬‬
‫وهو ما أدى إلى أن نحقق إنجاازات دون أن يكون هناك أثر على المواطن بالشكل الكافي‪ ،‬وأدى ذلك إلى تفاقام الفوارق‬
‫الجاتماعية‪ ،‬ومن بين النواقاص أيضا ضعف قادرة التنافسية القاتصادية للمغرب‪ .‬من بين السس التي يجاب معالجاتها أيضا‪،‬‬
‫مشكل الشباب والبطالة‪ ،‬لدينا اليوم مليون و ‪ 700‬ألف في الفئة العمرية مت بين ‪ 15‬و ‪ 24‬سنة‪ ،‬بدون شغل بدون تأهيل‬
‫مهني‪ ،‬ول يستفيدون من أي برنامج للتأهيل وهذا أكبر مشكل يعيق جاميع المجاالت بالنظر إلى تأثيره عليها‪ ،‬كما نسبة إدماج‬
‫‪.‬النساء في سوق الشغل ضعيفة‬

‫ما الحل إذن؟ >‬

‫دائما فيما يتعلق بالسس‪ ،‬نحن اليوم في حاجاة إلى العدالة ودولة الحق والقانون في المجاال القاتصادي‪ ،‬وحركة ‪ 20‬فبراير >‬
‫طالبت بمحاربة الريع‪ .‬اذن لبد من تفعيل آليات الحكامة ومحاربة الريع والحتكار‪ ،‬وجاميع الساليب غير الشريفة في المجاال‬
‫القاتصادي التي تعرقال الستثمار المنتج‪ .‬المغرب في حاجاة أيضا إلى إصلح القضاء خاصة في ارتباطه بالمجاال القاتصادي‪.‬‬
‫مسألة أخرى أساسية‪ ،‬هي التصنيع‪ ،‬حيث ل يوجاد بلد تجااوز التخلف بدون تصنيع‪ ،‬لدينا حاليا مخطط التسريع الصناعي‪ ،‬أكيد‬
‫لديه إيجاابيات وتراكمات‪ ،‬لكن لبد من تقييم له‪ .‬وفي التصنيع ل يمكن أن نكتفي ببعض النجاازات وإن كانت مهمة‪ .‬مسألة‬
‫التصنيع لبد أن تكون مندمجاة في علقاتها بالتكوين والتأهيل وخلق نسيج صناعي قاوي‪ ،‬يعني لبد من وجاود تنسيق بين مختلف‬
‫الفاعلين‪ ،‬ففي البلدان المتقدمة‪ ،‬نجاد هناك تنسيق وتشاور بين الجاامعات وبين المقاولت‪ ،‬لذلك لبد من خلق إطار في هذا‬
‫‪.‬التجااه لتعزيز التصنيع المندمج‬

‫كذلك ل يجاب أن نسقط في التعارض بين النجااعة القاتصادية والمسألة الجاتماعية‪ ،‬وهنا أذكر بإحدى مخرجاات صندوق النقد‬
‫الدولي في هذا الصدد‪ ،‬حيث قاال إن الدول التي استطاعت أن تواجاه الزمة‪ ،‬هي الدولة التي قالصت الفوارق الجاتماعية‬
‫وتحكمت فيها‪ ،‬وكلما كانت الفوارق الجاتماعية كبيرة‪ ،‬كلما أثر على قاوة القاتصاد‪ .‬نعتبر داخل حزب التقدم والشتراكية‪ ،‬أن‬
‫معالجاة بعض الختللت في الميزانية والماكر واقاتصادية‪ ،‬ل يتم بنهج السياسة التقشفية‪ ،‬طبعا لبد من التحكم في التوازنات‪،‬‬
‫ولكن دون المس بمستوى الستثمار العمومي‪ ،‬أو فرض مزيد من الضرائب على الشعب‪ ،‬وذلك حتى ل نسقط في تعارض بين‬
‫‪.‬المسألة الجاتماعية والتوازنات القاتصادية‬

‫إلى جاانب ذلك‪ ،‬هناك أيضا الصلح الجابائي‪ ،‬إذ بالرغم من التوصيات التي تم الخروج بها في مناظرة ‪ ،2013‬لكن تفعيلها‬
‫يتم بشكل محتشم‪ ،‬لذلك لبد من عدالة ضريبية‪ .‬وهذا يتماشى مع يقوله الخبراء القاتصاديون والذي مفاده أنه كلما كانت هناك‬
‫عدالة ضريبية كلما كانت المردودية المالية أفضل‪ ،‬وعلى هذا الساس ينبغي إعادة النظر في العفاءات الضريبية التي تمنحها‬
‫‪.‬الدولة لبعض المؤسسات والمقاولت‬
‫ل نسى أيضا مسألة نظام الحماية الجاتماعية‪ ،‬والذي يجاب أن يكون محور السياسيات العمومية‪ ،‬وهناك أمثلة كثيرة في هذا‬
‫الصدد في مجاموعة من الدول‪ ،‬حيث يعتبر بناء المجاتمع المتضامن المنشود هو الساس‪ .‬إذن على المغرب أن يوفر نظام‬
‫حماية اجاتماعية للمغاربة وتوفير تأمين لكل الوضعيات الجاتماعية ومنها البطالة والمرض وغيرها‪ ،‬والعمل على توسيع‬
‫التغطية‪ ،‬وإعادة النظر في المعاشات الصغيرة ومعاشات الرامل‪ .‬وهكذا فإن بناء نظام الحماية الجاتماعية والحتياط‬
‫الجاتماعي مسألة أساسية‪ ،‬ولبد من ضمان مدخول للكرمة لجاميع المغاربة‪ ،‬وإن كان مشكل استهداف المستفيدين يطرح‬
‫‪.‬مشكل‪ ،‬لكن يوجاد لدينا من الليات ما يكفي لتحديد خريطة الستهداف‬

‫كيف ترون المتيازات الممنوحة للستثمارات الخارجاية بالمغرب؟ >‬

‫نحن ل نتفق على أن يكون المغرب‪ ،‬مجاال للستثمار بكلفة منخفضة‪ ،‬وإذ نؤكد على ضرورة استقطاب الستثمارات‪ ،‬لكن >‬
‫‪ .‬مع حفظ مستويات عيش المغاربة سواء على مستوى الجاور أو الحماية الجاتماعية أو على المستوى البيئي والجاتماعي‬

‫ألن يؤثر تخلي الدولة عن الخدمات العمومية الساسية لفائدة القطاعا الخاص على النموذج التنموي؟ >‬

‫في هذه المجاالت يمكن أن يدخل القطاعا الخاص‪ ،‬ولكن بضوابط تحمي خدمات هذه القطاعات كالصحة والتعليم‪ ،‬والتي >‬
‫يجاب أن يكون فيها القطاعا العام قاطاعا أساسيا‪ .‬وبالرغم من كون مسألة دخول القطاعا الخاص مسألة عادية على غرار العديد‬
‫‪ .‬من الدول‪ ،‬ولكن الدولة ل يجاب عليها أن تتخلى عن هذه القطاعات بشكل كلي‬

‫ما العمل للرتقاء بالعنصر البشري الذي يشكل حلقة أساسية في أي نموذج تنموي؟ >‬

‫طبعا لبد من الرتقاء بالعنصر البشري الذي هو الحلقة الساسية‪ ،‬وفي اعتقادي فإن السياسات الجاتماعية تأتي كمقاربة >‬
‫بعدية لتصحيح بعض الختللت في الوقات الذي من المفروض أن تكون مبنية على مقاربة قابلية وبعدية في نفس الوقات‪ ،‬وأن‬
‫تضع هذه السياسات العنصر البشري في صلب أهدافها‪ .‬وكمثال على ذلك‪ ،‬نورد مخطط المغرب الخضر‪ ،‬بالتأكيد هناك‬
‫إنجاازات هامة‪ ،‬ولكن أي أثر لها على العالم القروي وعلى شغيلة القطاعا الفلحي‪ ،‬وهل هناك مراجاعة في العلقاة بين‬
‫المستثمرين الكبار والمستخدمين والفلحين الصغار‪ .‬كذلك لبد من تثمين مجاموعة القطاعات‪ ،‬ومنها قاطاعا القاتصاد‬
‫التضامني‪ ،‬الذي ل يجاب أن ننظر إليه كاقاتصاد الفقراء‪ ،‬حيث إنه يمكن أن يخلق الثروة‪ ،‬وله منقعة اقاتصادية‪ ،‬ويمكن أن يلعب‬
‫دور أساسي في العملية التنموية‪ ،‬مبني على التعاون والتآزر والتضامن‪ ،‬وتجاميع الفاعلين فيه وتنظيمهم جاماعيا‪ .‬وله دور أيضا‬
‫‪.‬على مستوى إدماج المرأة في العملية التنموية‬

‫في اعتقادكم ما الحل لتجااوز إشكال عدم انسجاام المخططات القطاعية؟ >‬

‫المغرب يحتاج إلى الحد الدنى من التخطيط‪ ،‬ويعني تخطيط توجايهي يوضح الولويات ويوضح الرؤية بالنسبة لجاميع >‬
‫الفاعلين‪ ،‬والتخطيط بالمفهوم الديمقراطي التشاركي‪ .‬طبعا نرى العديد من المخططات القطاعية‪ ،‬كل مخطط في جاانب‪ ،‬وبعد‬
‫فترة ينادي القائمون عليها بالتنسيق‪ ،‬لذلك صبح التخطيط بالمفهوم الذي أشرت إليه مسألة أساسية مع استحضار مجاموعة من‬
‫‪.‬المور الساسية بيئية واجاتماعية واقاتصادية وغيرها‬

‫حسن انفلوس‬

‫‪.‬‬ ‫‪:‬في مصطلحات الموضوع وإشكاليته‬

‫تعتبر التربية مجاموعة عمليات تهدف إلى تنمية وتطوير قادرات ومهارات الفرد وبناء شخصيته بناء متكامل لتأهيله للتعامل‬
‫مع محيطه الجاتماعي والقاتصادي والثقافي‪ ،‬والتأقالم مع البيئة التي يعيش فيها من أجال مواجاهة متطلبات الحياة بمختلف‬
‫‪.‬أوجاهها‬
‫ويرتبط التعليم بالتربية باعتباره مجاموعة عمليات منظمة يتم من خللها إكساب المتعلم السس البنائية العامة للمعرفة بطريقة‬
‫‪ .‬مقصودة ومنظمة ومحددة الهداف‪ .‬وتتم عملية التربية والتعليم‪ ،‬أو ما يعرف بالتعليم النظامي‪ ،‬بالمؤسسات التعليمية‬

‫كما يرتبط التكوين بكل من التربية والتعليم ارتياطا وثيقا‪ ،‬ويعرف على أنه تلقين الفراد مهارات مهنية وفنية تهدف إلى‬
‫إكسابهم كفايات مهنية‪،‬تنمي مواهبهم وخبراتهم ومهاراتهم‪ ،‬ليصبحوا أكفاء قاادرين على الندماج في الحياة العملية والقيام‬
‫‪ .‬بوظيفة أو دور أو شغل في إطار تخصص معين‪ ،‬منتجاين ومساهمين في التنمية البشرية والرقاي الجاتماعي والقاتصادي‬

‫ويرتبط عادة مصطلح التكوين بنعت يتجالى في » المهني «‪ ،‬يحدد تخصص الفرد في مهنة معينة حسب رغبته وتوجاهه‪،‬‬
‫تمكنه من التحكم في مجاال عمل معين من أجال إتقانه وتحقيق مردودية أفضل في إطار قاناعة واقاتناعا لضمان أعلى درجاة من‬
‫‪.‬الستقرار النفسي والمكانة الجاتماعية‬

‫ويسجال المتتبعون والفاعلون التربويون بمجاتمعنا‪ ،‬من ناحية‪ ،‬أن كل من التكوين المهني والتربية والتعليم‪ ،‬يشكل قاطاعا‬
‫مستقل‪ ،‬كما يسجالون أن التخصصات المدرسية والجاامعية تتم داخل مؤسسات تعليمية‪ ،‬على امتداد أسلك ابتدائية منها وثانوية‬
‫وجاامعية‪ ،‬في حين أن التخصصات المهنية تجارى بمؤسسات مهنية تمكن المتكون‪ ،‬حسب مستواه التعليمي‪ ،‬من الحصول على‬
‫دبلوم مهني من مستوى التخصص إلى مستوى التقني المتخصص‪ ،‬مرورا بمستويي التأهيل والتقني‪ ،‬كما فتح المجاال لعداد‬
‫‪.‬إجاازة مهنية وماستر متخصص بمؤسسات جاامعية‬

‫فما العلقاة القائمة حاليا بين قاطاعي التكوين المهني والتربية والتعليم؟ وما الموقاع الطبيعي لقطاعا التكوين المهني بالنسبة‬
‫لمنظومة التربية والتكوين؟ وكيف يتم التحاق التلميذ والطلبة بالتكوين المهني؟ وكيف يتم استفادتهم من برامج تكوينية؟ وكيف‬
‫يمكنهم استكمال دراستهم وتكوينهم كلما رغبوا في ذلك؟‬

‫سنحاول الجاابة على هذه السئلة الفرعية المشكلة للشكالية العامة المناقاشة في سياق المستجادات الطارئة على الساحة التربوية‬
‫والتكوينية ببلدنا‪ ،‬والمتعلقة بعلقاة التكوين المهني بمنظومة التربية والتكوين‪ ،‬انطلقاا من التصور العام للفاعلين التربويين‬
‫لقطاعا التكوين المهني‪ ،‬ومطلب المتتبعين والمختصين في مجاال التربية والتكوين والتوجايه التربوي القاضي بدمج التكوين‬
‫‪ :‬المهني بمنظومة التربية والتعليم‪ ،‬وذلك من خلل الفقرات التالية‬

‫‪:‬علقاة التكوين المهني بالتربية والتعليم‪ ،‬حاليا ‪II.‬‬

‫لقد أصبح التكوين المهني يلعب أدوارا هامة بالمجاال القاتصادي والجاتماعي‪ ،‬حيث يزود مختلف القطاعات النتاجاية الصناعية‬
‫والفلحية والخدماتية باليد العاملة المؤهلة‪ ،‬سواء بالمؤسسات العمومية أو الخصوصية في مواجاهة للتحديات الجاديدة التي‬
‫‪.‬يفرضها محيط هذه الدارة وتزايد مهام الدولة وتشعب نشاطها‬
‫وقاد كان التكوين المهني إلى أمد قاريب يرتكز‪ ،‬بصفة أساسية‪ ،‬حول التكوين الساسي الذي يغلب عليه الطابع الكاديمي لتزويد‬
‫‪ .‬الفراد بالمعلومات الضرورية التي تؤهلهم لشغل مناصب بالقطاعا العام‬

‫‪:‬وتتجالى أهمية التكوين المهني في‬

‫·‬ ‫تلبية حاجايات المجاتمع‪ ،‬عموما‪ ،‬من اليد العاملة المؤهلة‪ ،‬والمقاولت النتاجاية والمؤسسات الخدماتية لتحسين مردوديتها‬
‫وتنافسيتها وتطوير مجاالت اشتغالها؛‬

‫·‬ ‫تلبية حاجايات التلميذ والطلبة الراغبين في اللتحاق بالتكوين المهني‪ ،‬ضمن مساراتهم الدراسية والتكوينية‪ ،‬وتوفير لهم‬
‫‪ .‬فرص التأهيل المهني‪ ،‬وتيسير اندماجاهم في الحياة العملية وضمان ترقايتهم المهنية والجاتماعية‬

‫‪:‬ويهدف التكوين المهني إلى‬

‫·‬ ‫إكساب الشباب مهارات عملية عن طريق ممارسة نشاط مهني يسمح لهم بالحصول على تأهيل يسهل اندماجاهم في‬
‫الحياة العملية؛‬

‫·‬ ‫تمكينهم من تكوين يتلءم وخصوصيات الوسط الذي ينتمون إليه وفق توجاهاتهم ورغباتهم؛‬

‫·‬ ‫المساهمة في تحسين تأطير النسيج القاتصادي للمقاولت الصغرى والمتوسطة؛‬

‫·‬ ‫المساهمة في المحافظة على حرف الصناعة التقليدية التي ل يزال المجاتمع في حاجاة لمنتوجااتها؛‬

‫·‬ ‫الرفع من كفاءات الموظفين لتأهيلهم للقيام بالمهام الملقاة على عاتقهم وتأهيلهم لمسايرة الساليب والوسائل الحديثة في‬
‫‪.‬العمل‬

‫لقد تعايش قاطاعا التكوين المهني وقاطاعا التربية والتعليم‪ ،‬على امتداد أكثر من نصف قارن‪ ،‬منفصلين ومتباعدين إلى حد التنافر‬
‫واقاعا وتدبيرا وتسييرا من حيث المؤسسات التعليمية والمهنية والبرامج والمناهج التكوينية‪ ،‬إل من بعض العمليات التربوية‬
‫والدارية المحدودة والمحددة من خلل نص تشريعي مشترك‪ ،‬بين وزارة التربية الوطنية والوزارة الوصية على قاطاعا‬
‫‪ .‬التكوين المهني‪ ،‬يحدد سنويا إجاراءات يبقى تطيقها مبتورا في عدة مراحل‬

‫وفي ما يلي بعض القواسم المشتركة والتنافرات كما يتم ملمسة وقاعها وآثارها اليجاابية والسلبية على التلميذ‪ ،‬تم تسجايلها من‬
‫‪ :‬خلل الممارسة الميدانية واللقاءات المنعقدة مع التلميذ بالمؤسسات التعليمية والتظاهرات العلمية والبواب المفتوحة‬

‫‪:‬موقاع قاطاعا التكوين المهني بالنسبة لقطاعا التربية والتعليم ‪1.‬‬

‫نظرا لعدم رؤية الخيط الرابط بينهما‪ ،‬وعدم تكثيف الخدمات العلمية‪ ،‬فالتلميذ وأولياء أمورهم يصعب عليهم نسج العلقاة‬
‫الرابطة بين التكوين المهني والتربية والتعليم‪ ،‬خصوصا لما يتأملون توقايع الوزارتين الوصيتين الواردتين بالدورية المشتركة‬
‫التي تصدر سنويا‪ ،‬والقطاعات المكونة المتعددة التي تشرف على كل منها وزارة معينة‪ ،‬والمؤسسات التكوينية الموزعة‬
‫جاغرافيا والقائمة بعيدا عن المؤسسات التعليمية‪ ،‬وبعيدة عن سكنى أغلب المتكونين الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول‬
‫يوميا إلى المؤسسة المهنية المتواجادة غالبا بالحواضر دون البوادي‪ ،‬والتي ترد عنها على التلميذ معلومات ضئيلة ل تشفي‬
‫‪ .‬غليلهم ما يشكل لديهم تصورات ومواقاف سلبية‪ ،‬سواء من حيث الموقاع الجاغرافي أو الواقاع التكويني‬

‫‪:‬الدورية المشتركة ‪2.‬‬

‫ترد الدورية المشتركة على المؤسسات التعليمية‪ ،‬وذلك خلل السنة الدراسية‪ ،‬تسطر مجاموعة من العمليات والنشطة‪ ،‬تتلخص‬
‫‪:‬في ما يلي‬

‫·‬ ‫شروط ومسطرة التوجايه إلى مؤسسات التكوين المهني؛‬

‫·‬ ‫تحديد مستويات التكوين المهني والدبلومات المخولة للمستفيدين من التكوين؛‬

‫·‬ ‫تنسيق مختلف العمليات وتتبعها على الصعيد الجاهوي والقاليمي؛‬

‫·‬ ‫تشكيلة اللجان المحلية والمهام المنوطة بها؛‬

‫·‬ ‫عملية العلم المهني وتشكيلة اللجانة المشرفة عليها؛‬


‫·‬ ‫تنظيم زيارات ميدانية للمؤسسات المهنية؛‬

‫·‬ ‫عملية الترشيحات والفترات الزمنية المخصصة لها والجاراءات التربوية والدارية المطلوبة محليا وإقاليميا وجاهويا؛‬

‫·‬ ‫اختبارات النتقاء والتوجايه التي تتم بمؤسسات التكوين المهني حيث يشرف عليها الطر العاملة بقطاعا التكوين المهني‪،‬‬
‫تنظيما وتمريرا وتصحيحا ومداولت وإعلنا عن النتائج؛‬

‫·‬ ‫مسطرة إخبار التلميذ الناجاحين في اختبارات النتقاء لللتحاق بمؤسسات التكوين المهني وآجاال التسجايل؛‬

‫·‬ ‫‪ .‬مسطرة إعادة التوجايه بالنسبة للتلميذ الراغبين في متابعة دراستهم بأسلك التعليم العام والتقني‬

‫‪III.‬‬ ‫‪ :‬الموقاع الطبيعي للتكوين المهني بالنسبة لمنظومة التربية والتكوين‬

‫حيث‪ ،‬يعتبر التكوين المهني‪ ،‬من وجاهة نظر العديد من المتتبعين والفاعلين التربويين‪ ،‬سيرورة تربوية وتعليمية وتكوينية‪،‬‬
‫تمكن التلميذ والطلبة الملتحقين بهذا القطاعا‪ ،‬من تكوين نظري وتطبيقي يشحذ مهاراتهم وينمي كفاءاتهم من أجال القيام بمهنة‬
‫‪ .‬أو نشاط مهني يتطابق وميولتهم وتوجاهاتهم‪ ،‬ويترجام مؤهلتهم وقادراتهم المعرفية والجاسمية عمليا وواقاعيا‬

‫من هذا المنطلق فالتكوين المهني ينسجام وأهداف التربية والتكوين‪ ،‬بل يعتبر امتدادا لمنظومة التربية والتعليم‪ ،‬مركزا على‬
‫‪ .‬الجاوانب التطبيقية والميدانية‪ ،‬من أجال تأهيل المتكون لممارسة مهنة تمكنه من الندماج في الحياة العملية‬

‫لهذا أصبح من النجاع‪ ،‬في اعتقادنا ووفق مطلب الكثير من المتبعين والفاعلين التربويين‪ ،‬دمج التكوين المهني بمنظومة التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬تحت يافطة التعليم المهني إلى جاانب التعليم العام والتقني‪ ،‬يتعايشان بنفس المؤسسة التعليمية الثانوية‪ ،‬بعد تحويل جاميع‬
‫المؤسسات التعليمية والمهنية إلى مؤسسات التعليم العام والتقني والمهني عبر جاميع السلك التعليمية والتكوينية‪ ،‬وذلك‬
‫‪:‬للعتبارات التالية‬

‫‪1.‬‬ ‫محو الصور النمطية والتصورات الخاطئة لدى التلميذ والطلبة حول قاطاعا التكوين المهني‪ ،‬وإطلعهم ميدانيا على‬
‫مميزاته ومزاياه والمهن التي يعرضها لهم‪ ،‬وفرص الندماج في الحياة العملية التي يتيحها لحاملي الدبلومات المهنية‪ ،‬وذلك‬
‫عبر التواصل المستمر بين التلميذ والطلبة والمتكونين؛‬
‫‪2.‬‬ ‫تعايش التلميذ والطلبة والمتكونين ضمن نفس الفضاءات التعليمية والتكوينية‪ ،‬وشعورهم بالثقة في التكوين المهني‬
‫بالنتماء إلى نفس المنظومة‪ ،‬واقاتسامهم نفس المرافق‪ ،‬وخضوعهم لنفس الظروف التعليمية والتكوينية‪ ،‬من أجال ردم الهوة‬
‫الفاصلة بين التعليم والتكوين تجاسيدا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص؛‬

‫‪3.‬‬ ‫تبادل المعلومات والطلعا‪ ،‬في عين المكان‪ ،‬على عروض التكوين المهني‪ ،‬بحيث تلغى جاميع الحواجاز واللتباسات‬
‫والفوارق التي يتخيلها التلميذ بين التعليم والتكوين‪ ،‬وذلك عن طريق التواصل اليومي بين المتعلمين والمتدربين والمكونين‪،‬‬
‫وعن طريق الزيارات المستمرة للفضاءات التكوينية ومعاينة الشغال النظرية والتطبيقية التي يستفيد منها المتكونون؛‬

‫‪4.‬‬ ‫توزيع التجاهيزات المخبرية والمحرفية المتواجادة حاليا بمؤسسات التكوين المهني على المؤسسات التعليمية من أجال‬
‫استغللها بالتعليم المهني خلل الحصص التطبيقية؛‬

‫‪5.‬‬ ‫استغلل القاعات المتخصصة والمختبرات والمحارف في مختلف التجاارب والشغال التطبيقية‪ ،‬حيث يفتقر التلميذ حاليا‬
‫للخدمات التربوية والتعليمية التي تقدمها النشطة المحرفية والمخبرية‪ ،‬لما لها من أهمية قاصوى في ترسيخ مضامين الدروس‬
‫النظرية وربطها بالواقاع المعيش اقاتصاديا وتكنولوجايا واجاتماعيا؛‬

‫‪6.‬‬ ‫استغلل قااعات التعليم العام‪ ،‬ما يخفف وطأة الكتظاظ التي تعيشها أغلب المؤسسات التعليمية‪ ،‬خصوصا منها الثانوية‬
‫التأهيلية‪ ،‬وما يمكن التلميذ من القيام بأنشطة إضافية من قابيل الستفادة من حصص الدعم والتقوية والمراجاعة والتثبيت من‬
‫خلل تمارين وأشغال موجاهة‪ ،‬تمكنهم من استيعاب محتويات الدروس النظرية بشكل عميق يتيح لهم فرص شحذ خيالهم وفهم‬
‫الظواهر المجاردة ؛‬

‫‪7.‬‬ ‫تقريب التكوينات والتخصصات المهنية وأهميتها من جاميع التلميذ والطلبة‪ ،‬من أجال ازدياد تعلقهم بالتكوين المهني‬
‫وشحذ رغباتهم وتقوية طموحاتهم وتبديد الصور النمطية المكونة‪ ،‬والنظرة السلبية المتراكمة عبر الزمان لدى غالبيتهم‪ ،‬والتي‬
‫تشكل مثبطات وعوائق اجاتماعية وثقافية تعترض سبيل الراغبين في اللتحاق بالتكوين المهني؛‬

‫‪8.‬‬ ‫بلورة التلميذ والطلبة مشاريعهم المهنية انطلقاا من واقاع معيش‪ ،‬وبناء على خدمات أبواب مفتوحة محليا بشكل مستمر‬
‫ومستدام‪ ،‬وعروض وموائد مستديرة ولقاءات توعوية وإعلمية وأنشطة تعريفية من إعداد التلميذ أنفسهم تحت إشراف‬
‫المستشار في التوجايه التربوي‪ ،‬ومن إعداد مختصين ومهنيين وأرباب مقاولت ومعامل وضيعات فلحية ومحلت خدماتية أو‬
‫تجاارية…؛‬

‫‪9.‬‬ ‫توفير جاهود أطر التوجايه التربوي وتوحيدها وترشيد معايير التوجايه إلى التعليم المهني بمزاوجاة منطق الرغبة والميول‬
‫ونتائج القياس النفسي والتربوي والمعرفي‪ ،‬وتجااوز منطق النتقاء والطاقاة الستيعابية المحدودة؛‬
‫‪:‬في أفق الصلح التعليمي المرتقب ‪IV.‬‬

‫التعليم المهني تعليم يجامع في ذات الن بين التعليم الكاديمي والتكويني‪ ،‬من أجال إعداد اليد العاملة المتخصصة والمؤهلة ‪1.‬‬
‫للعمل في مختلف القطاعات النتاجاية والخدماتية‪ ،‬كما يرتبط بأقاطاب التعليم العام والتقني‪ ،‬حيث يستفيد التلميذ من خدمات‬
‫التعليم المهني بمؤسسات التربية والتعليم نظريا وتطبيقيا بنفس السلك التعليمية‪ ،‬ونفس المدد الزمنية‪ ،‬ونفس الفترات‬
‫والسنوات الدراسية‪ ،‬يتوج بحصول التلميذ على دبلوم التعليم المهني حسب المستويات التعليمية والمهنية‪ ،‬وحسب السلك‬
‫الدراسية الثانوية والجاامعية‪ ،‬ويمنحهم فرص الندماج في الحياة العملية وإمكانية العود إلى قاطبي التعليم العام والتقني لمتابعة‬
‫الدراسة حسب التوجاهات والتخصصات المرغوب فيها‪ ،‬وفق تنظيم يخضع للتنقل عبر ممرات بين التربية والتعليم والتكوين‪،‬‬
‫كما يخض للتناوب بين النظام التعليمي المهني بالمؤسسة التعليمية والتداريب الميدانية بالمقاولت والمعامل الصناعية‬
‫‪ .‬والضيعات الفلحية وغيرها حسب التخصصات المهنية الجااري فيها التعليم المهني‬

‫‪2.‬‬ ‫إحداث نظام مطابقة الدبلومات‪ ،‬بالتعليم الثانوي العدادي‪ ،‬بين دبلوم التعليم العام العدادي ودبلوم التعليم المهني‬
‫العدادي‪ ،‬وبالتعليم الثانوي التأهيلي‪ ،‬بين شهادة البكالوريا والبكالوريا المهنية‪ ،‬حسب التخصصات المدرسية والمهنية‪ ،‬مع‬
‫اعتماد نفس المطابقات المناسبة بأسلك التعليم الجاامعي‪ ،‬وذلك‪ ،‬عموما‪ ،‬عبر المستويات التعليمية والمهنية‪ ،‬وعلى امتداد الحياة‬
‫المدرسية والتكوينية للتلميذ والطالب‪ ،‬مع تطبيق نظام الممرات والتنقل من التخصصات التعليمية إلى التخصصات المهنية‬
‫والعكس‪ ،‬لفائدة التلميذ والطلبة الراغبين في ذلك والمتوافرة فيهم شروط التحصيل الدراسي والتعليم المهني؛‬

‫‪3.‬‬ ‫توحيد القطاعات المكونة تحت مظلة مؤسسة معينة موحدة‪ ،‬تشرف على قاطاعا التعليم المهني وتضطلع على الخصوص‬
‫‪:‬بالمهام التالية‬

‫·‬ ‫التنسيق بين مختلف المؤسسات التكوينية والوزارات الوصية؛‬

‫·‬ ‫إشراك أطر التوجايه التربوي في جاميع العمليات‪ ،‬وخلل جاميع المراحل‪ ،‬وبشكل مستمر‪ ،‬إلى جاانب الطر المشرفة‬
‫على التعليم المهني؛‬

‫·‬ ‫جامع المواد العلمية حول مختلف القطاعات المكونة المدنية والعسكرية‪ ،‬ومعالجاتها‪ ،‬وإعداد دعائم إعلمية ونشرها‬
‫ورقايا وإلكترونيا؛‬
‫·‬ ‫وضع جاداول زمنية لمختلف اختبارات النتقاء والتوجايه إلى التعليم المهني‪ ،‬والشراف على تنظيمها ماديا وإداريا‬
‫والعلن عن النتائج؛‬

‫·‬ ‫إعداد المواضيع الختبارية حسب المستويات الدراسية والمهنية وكذا التخصصات المتاحة؛‬

‫·‬ ‫دراسة سوق الشغل وإعداد دلئل إعلمية ومعطيات دقايقة حول مختلف المهن والتعريف بالحديث منها والتقليدي‬
‫والمعاصر منها والصيلي‪ ،‬وذلك في جاميع القطاعات مسايرة للتطور الصناعي والتكنولوجاي من أجال الستجاابة لمختلف‬
‫حاجايات المجاتمع؛‬

‫‪4.‬‬ ‫تخصيص المتكونين منح التعليم المهني في شكل خدمات الطعام والمبيت بداخليات أو بدور الطلبة أو مادية لفائدة الطلبة‬
‫الحاصلين على شهادة البكالوريا؛‬

‫‪5.‬‬ ‫إدماج المتكونين المؤهلين مهنيا في النسيج القاتصادي والجاتماعي والخدماتي لضخ دم جاديد في شريان التنمية البشرية‬
‫والنمو القاتصادي‪ ،‬عن طريق توظيف خبراتهم وتكويناتهم التي نالوها وتشجايعهم على النتاج والعطاء وتحفيز التلميذ والطلبة‬
‫‪ .‬على القابال على امتلك مهنة تضمن التحاقاهم بالحياة العملية والمساهمة في رقاي وازدهار المجاتمع‬

‫‪:‬خاتمة‬

‫إن دمج التعليم المهني بمؤسسات التعليم العام والتقني الثانوي والجاامعي بشكل متواز‪ ،‬ووفق نظام الممرات‪ ،‬في جاميع المراحل‬
‫التعليمية والتكوينية‪ ،‬ومطابقة الشواهد والدبلومات‪ ،‬من شأنه أن يعزز مكانة التكوين المهني ويقوي إقابال التلميذ والطلبة على‬
‫هذا القطاعا الحيوي‪ ،‬الذي أصبح يشكل عصب التنمية القاتصادية والبشرية بمختلف القطاعات‪ ،‬ويسير بالمجاتمعات نحو الرقاي‬
‫والزدهار‪ ،‬حيث اليد العاملة المؤهلة تسهم في جاودة المنتوج وترفع المردوية إلى أعلى المستويات‪ ،‬إذ يجامع المختصون في‬
‫مجاال تنمية الموارد البشرية أنه توجاد علقاة متينة بين التربية والتعليم والتكوين المهني من جاهة‪ ،‬وبين التكوين المهني والتنمية‬
‫‪.‬القاتصادية والجاتماعية وتوفر المهارات البشرية‪ ،‬من جاهة أخرى‬

‫إن هذا لن يتأتى إل في ظل توفير أساتذة وأطر مكونة ومتخصصة أكاديميا ومهنيا عن طريق التكوين وإعادة التكوين‪ ،‬وتوفير‬
‫مؤسسات تعليمية مجاهزة تشمل محارف ومخابر وفضاءات ومرافق تضمن للتلميذ والطلبة والمتكونين فرصا تحفيزية للتعليم‬
‫‪.‬والتكوين عبر مساراتهم الدراسية والتكوينية‬

‫‪:‬المراجاع‬
‫·‬ ‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،2000 ،‬الرباط‪ ،‬المغرب؛‬

‫·‬ ‫الدوريات المشتركة بين وزارة التربية الوطنية ووزارة التشغيل والتكوين المهني‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب؛‬

‫·‬ ‫الدكتور أحمد أبو سعيد‪ ،‬الدكتورة لمياء الهواري‪ ،‬التوجايه التربوي والمهني‪ ،‬دار الشروق‪ ،2008 ،‬عمان‪ ،‬الردن؛‬

‫·‬ ‫أ‪ .‬عبد الكريم غريب‪ ،‬المنهل التربوي‪،‬عالم التربية‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،2006 ،‬مطبعة النجااح الجاديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب؛‬

‫·‬ ‫‪Denis Pelletier, Raymond Bujold et collaborateur, Pour une approche‬‬


‫‪éducative en orientation, gaëtan morin, 1984, Québec, Canada.‬‬

‫‪.‬نهاري امبارك‪ ،‬مفتش التوجايه التربوي‪ ،‬مكناس‬

You might also like