You are on page 1of 4

‫حكم الصور والتماثيل‬

‫الحمد لله‪ .‬هناك مسألة أصولية خلفاية قديمة‪ ،‬منذ زمممن الصممحابة‪ .‬أل وهممي‪ :‬هممل نطبممق حرفايممة‬
‫النص أم روح النص؟ بمعنى هل علينا أن نطبق النص بحرفايته وعلى ظاهره‪ ،‬أم نحمماول أن نفهممم‬
‫روحه والمراد منه؟ اختلف الصحابة فاي هذا‪ .‬ول يخفى عليك حديث صلةا العصر فاي بني قريظة‪.‬‬
‫بعض الصحابة رضوان الله عليهم فاهموه على ظاهره‪ ،‬وبعضهم فاهم العلة المقصودةا منممه‪ .‬وأقممر‬
‫الرسول )‪ (‬الطرفاين‪.‬‬

‫والمسألة مشابهة هنا لورود نصوص فاي تحطيم التماثيل وطمممس الصممور‪ .‬فامممن فاهممم النصمموص‬
‫حرفايا ا لزمه تحطيم كل تمثال وطمس كل صورةا‪ .‬وقال أغلب هؤلءا بجواز الصور الشمسية لنهمما‬
‫مجرد حبس ظل‪ .‬ومن حرم هذه فاإنه تناقض لنه جممع بيمن الممذهبين‪ .‬والممذهب الثماني همو أن‬
‫سبب تحريم الصور والتماثيل كي ل تصبح ذريعة للشرك أو للتبرك‪ .‬ول يشترط لمنع التتماثيممل أن‬
‫ن مجترد تعظيم التتمثال يكفي للتتحريم سد تا ا لذريعة النتقال مممن التتعظيممم‬ ‫تكون معبودةا فاع ا‬
‫ل‪ ،‬بل إ ت‬
‫إلى العبادةا‪ .‬ولذلك كثير من العلماءا يمرون جممواز وضمع الصممور فامي موضمع مهممان‪ .‬فايجمموز رسمم‬
‫دس‪ .‬ويجمموز كممذلك وضممع تماثيممل بممدون‬ ‫الصور على السجاد الذي يداس بالقممدام‪ ،‬لن هممذا ل يقمم ت‬
‫رأس‪ ،‬لنها تبممدو ناقصممة‪ .‬ويجمموز وضممع صممور فاممي غيممر موضممع ظمماهر‪ .‬فال يجمموز تعليممق الصممورةا‬
‫)شمسية أم رسمية( على الحائط‪ ،‬لكن يجوز وضعها بين صفحات الكتاب إن أمنوا بممأن ل تقممدس‬
‫هذه الصورةا )كأن تكون صورةا شيخ أو ولي(‪ .‬وأجاز الجمهور صور غير ذي روح )نباتات وطبيعة(‪.‬‬
‫بل هناك من أجاز صنع التماثيل والصور إن أمن عدم التقديس‪ .‬وكممان القرافاممي )مممن الصمموليين‬
‫المالكية فاي القرن السابع الهجري( يصنع التماثيل بنفسه‪ ،‬كما ذكر فاي كتابه "شرح المحصور"‪.‬‬

‫مى‬ ‫وقد ورد فاي كتاب الله ذكر نوعين من التتماثيل‪ :‬التول‪ :‬تماثيل تعبد مممن دون اللممه‪ ،‬وهممذه تسمم ت‬
‫ن مثل هذه التتماثيل يحممرم علممى‬ ‫مى أنصاباا‪ .‬ومن البديهي أن نقول‪ :‬أ ت‬ ‫مى أصناما ا وتس ت‬ ‫تماثيل وتس ت‬
‫المسلم صنعها أو بيعها لن فايه إعانة على الشرك‪ .‬الث تمماني‪ :‬تماثيممل ل تعبممد مممن دون اللممه‪ ،‬وهممي‬
‫بالتتالي ليست أصناما ا ول أنصاباا‪ .‬وقد جعل القرآن الكريم عمل التماثيل‪ :‬نعمة من نعم الله علممى‬
‫نبيه سليمان عليه السلم‪} :‬ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شممهر وأسمملنا لممه عيممن القطممر‬
‫ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربممه ومممن يممزغ منهممم عممن أمرنمما نممذقه مممن عممذاب السممعير*‬
‫ب وققدورن راسيات اعملمموا آل داود ج شممكارا‬ ‫جوا ج‬ ‫ن كال ج‬
‫جفا ن‬
‫يعملون له ما يشاءا من محاريب وتماثيل و ج‬
‫ل من عبادي الشكور{ )سبأ‪ .(13-12:‬وهنا يسميها اللممه بالتماثيممل وليممس بالصممنام‪ ،‬لنهمما ل‬ ‫وقلي ل‬
‫قتعبد من دون الله‪ .‬وهذا أمر يدخل فاي باب التوحيد واليمان‪ ،‬وهو أمر مشترك بين النبياءا كلهممم‪.‬‬
‫ن ما يتعتلق بالعقائد لم يتغتير‪ ،‬وهو واحممد عنممد جميممع النبيمماءا لقمموله تعممالى‪:‬‬ ‫ول خلفا بين العلماءا أ ت‬
‫صممينا بممه إبراهيممم وموسممى‬ ‫ا‬
‫صممى بممه نوحمما والممذي أوحينمما إليممك‪ ،‬وممما و ت‬
‫دين ما و ت‬ ‫}شرع لكم من ال ت‬
‫شورى‪.(13:‬‬ ‫دين ول تفترقوا فايه‪) {...‬ال ت‬‫وعيسى‪ ،‬أن أقيموا ت‬
‫ال‬

‫ورين فاي التنار‪ -‬وأتنهم أشد ت الن تمماس عممذابا ا عنممد‬


‫ن المص ت‬ ‫وردت أحاديث صحيحة كثيرةا وكتلها تؤ ت‬
‫كد ‪ :‬أ ت‬
‫ص الحاديث‪ :‬أتنهم يضاهون بخلق اللممه‪ .‬والمضمماهاةا هممي المشمماكلة‪ ،‬أي‬ ‫الله ‪ .‬وعتلة ذلك حسب ن ت‬
‫أتنهم يخلقون تماثيل على شاكلة خلق الله‪ ،‬ولذلك يقال لهم يوم القيامة‪ :‬أحيمموا ممما خلقتممم‪ .‬قممال‬
‫ل ووجوب تغييره«‪ .‬لكن ابن‬ ‫التنووي فاي شرح مسلم )‪» :(82|14‬وأجمعوا على منع ما كان له ظ ت‬
‫ن رسول‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫وثبت‬ ‫الطفال«‪.‬‬ ‫حجر استدرك فاي الفتح )‪» :(388|10‬إن هذا الجماع محتله غير لعب‬
‫الله )‪ (‬استعمل وسائد ومرافاق فايها صور‪ ،‬ولكتنه كان ينقض الت تصمماليب ويزيلهمما‪ .‬كممما ثبممت عنممه‬
‫إباحة لعب الطفال‪ -‬وهي تماثيل صغيرةا‪ -‬كما روت أم المؤمنين عائشممة رضممي اللممه عنهمما‪ .‬وقممد‬
‫نقل القاضي عتياض عن جمهور الفقهاءا أتنهم أجازوا بيممع هممذه اللعممب لتممدريب البنممات علممى إدارةا‬
‫شؤون الطفال‪ ،‬وهذا من الغراض المعتبرةا شرعاا‪ .‬ونقله للجواز صحيح لكمن تعليلمه خطمأ‪ ،‬فاقمد‬
‫دثت عائشة عن )فارس له جناحان(‪ ،‬فاما علقة هذه اللعبة بتربيممة الولد؟ فاالصممحيح أن ألعمماب‬ ‫تح ت‬
‫الطفال جائزةا للذكور والناث بغير كراهة‪ ،‬لنها بعيدةا عن مظنممة التعظيممم‪ .‬وكممان أحممد مشممايخنا‬
‫يقول‪ :‬إن عقول الطفال أكبر من عقول كثير من الكبار‪ ،‬ذلك أنك ل تجد أبممدا ا طفل ا يعبممد الدميممة‬
‫التي يلعب بها‪.‬‬
‫أما إذا كانت التتماثيل المصنوعة مضاهاةا لخلق الله‪ ،‬أو تشممتبها ا بخلممق اللممه‪ ،‬فاممذلك يجعلهمما حراممما ا‬
‫ن التتشتبه بخلممق اللممه ومضمماهاته يمكممن أن‬ ‫صحيحة الواردةا‪ .‬لك ت‬ ‫وتعتبر من الكبائر وفاق الحاديث ال ت‬
‫شممجر‪ ،‬وفاممي صممنع لعممب البنممات‬ ‫شمس والقمر والجبال وال ت‬ ‫يكون فاي صنع تماثيل ما ل روح له كال ت‬
‫ن المقصمود هنما ممن يصمنع‬ ‫ما ورد التنص بإباحته صراحة‪ ،‬ولذلك قمال بعمض العلمماءا أ ت‬ ‫وغير ذلك م ت‬
‫ديا ا لقدرةا الله‪ ،‬ومن يعتقد أتنه قادر على أن يخلق كخلق اللممه‪ ،‬فايريممه‬ ‫ت‬ ‫تح‬ ‫صورةا‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫يرسم‬ ‫التتمثال أو‬
‫سممر‬ ‫ا‬
‫صورةا‪ .‬وتأييدا لهذا القول فا ت‬ ‫ت‬
‫الله تعالى عجزه يوم القيامة بأن يكلفه أن ينفخ التروح فاي تلك ال ت‬
‫من ذهممب يخلممق‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫أظلم‬ ‫"ومن‬ ‫ي‬
‫ل فاي حديثه القدس ت‬ ‫ابن حجر – فاي فاتح الباري‪ -‬قول الله عتز وج ت‬
‫صممانع ولممو‬ ‫ت‬
‫ن الحرام هنا يتعلممق بني تممة ال ت‬ ‫سر ذهب بمعنى قصد‪ .‬وعلى هذا القول فاإ ت‬ ‫خلقا ا كخلقي" فا ت‬
‫كان المصنوع تمثال ا لجماد أو رسما ا يدوي تا ا لتية صورةا‪ .‬وورد فاي الموسوعة الفقهتية )باب تصمموير(‬
‫صمور تحريمم اقتنائهما أو تحريمم‬ ‫ما يلي‪» :‬يمذهب جمهمور العلمماءا إلمى أتنمه ل يلمزم ممن تحريمم ال ت‬
‫ذب فاي التنار وأن تممه مممن‬ ‫ور وأتنه يع ت‬ ‫ن عملتية التتصوير لذات الرواح ورد فايها لعن المص ت‬ ‫استعمالها‪ .‬فاإ ت‬
‫ت‬
‫قق فاي مستعملها علة تحريم‬ ‫صور‪ ،‬ولم تتح ت‬ ‫ا‬
‫أشد ت التناس عذابا‪ ،‬ولم يرد شيءا من ذلك فاي اقتناءا ال ت‬
‫صممور أو‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫مماءا‬
‫ن‬ ‫اقت‬ ‫ممع‬‫ن‬‫م‬ ‫ممى‬‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬‫ت‬ ‫ممد‬ ‫ي‬ ‫مما‬
‫م‬ ‫ورد‬ ‫صور من المضاهاةا لخلق الله تعممالى‪ .‬ومممع ذلممك فاقممد‬ ‫ال ت‬
‫ن‬‫ل علمى أ ت‬ ‫ن الحاديث الواردةا فاي ذلمك ليمس فايهما ذكمر عمذاب‪ ،‬أو أي قرينمة تمد ت‬ ‫ت‬
‫استعمالها‪ ،‬إل أ ت‬
‫صورةا التي يحرم اقتناؤها‪ :‬أتنه قد فاعل صغيرةا مممن‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫مقتني‬ ‫حكم‬ ‫يكون‬ ‫وبهذا‬ ‫الكبائر‪.‬‬ ‫اقتنائها من‬
‫صور فاي الحكم‪ :‬التنووي‪ ...‬وعليه يجممري‬ ‫صغائر‪ ...‬وقد نتبه إلى الفرق بين التتصوير وبين اقتناءا ال ت‬ ‫ال ت‬
‫أكثر كلم الفقهاءا«‪ .‬أما الحاديث التي فايها أن الملئكة ل تدخل بيتا ا فايه صورةا أو كلممب‪ ،‬فاالراجممح‬
‫أن المقصود هي ملئكممة المموحي‪ ،‬ل غيرهمما‪ .‬ولممذلك جعممل ابممن حبممان هممذا خاصمما ا بممالنبي )‪ .(‬وإل‬
‫فاالملكين الموكلين بالمرءا يدخلون مثل هذه البيوت‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫صور فاي البيوت إذا لم تكن منصوبة معظ تمممة علممى‬ ‫وقد أجاز جمهور الفقهاءا استعمال التتماثيل وال ت‬
‫ستائر والحيطان‪ ،‬وكانت ممتهنة أو معترضة ل وطءا القمدام أو غيمر ذلمك‪ .‬قمال عكرممة‪» :‬كمانوا‬ ‫ال ت‬
‫ب من التماثيل نصباا‪ ،‬ول يرون بأسا بما وطئته القممدام«‪ .‬وعكرمممة ينقممل هنمما عممن‬ ‫ص‬
‫ق ج ج‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫يكرهون‬
‫ط مممن التصمماوير مثممل الممذي‬ ‫سمم ج‬
‫ئ وب ق ج‬
‫طم ج‬
‫الصحابة‪ .‬وقال محمد بمن سمميرين‪» :‬كممانوا ل يممرون مما وق ج‬
‫ب«‪ .‬وقال ابن عبد البر فاي التمهيد )‪» :(199|21‬هذا أعدل المذاهب وأوسطها فاي هذا الباب‬ ‫ص ج‬‫نق ج‬
‫وعليه أكثر العلماءا‪ .‬ومن مل عليه الثار لم تتعارض على هذا التأويممل‪ .‬وهممو أولممى ممما اعتقممد فايممه‬
‫والله الموفاق للصواب«‪.‬‬

‫ظم هو مذهب جمهور الصحابة‪ ،‬بل إجماعهم‪ .‬حيث‬ ‫ويبدو أن جواز ترك الصور والتماثيل التي ل ت قعج ت‬
‫أنهم لم يحطموا التماثيل والصور فاي بلدان فاممارس والشممام والعممراق‪ ،‬لكنهممم حطموهمما فاممي بلد‬
‫الهند وبلد العرب‪ .‬ذلك أنها لم تكن تعبد فاي فاارس والشام ومصر‪ .‬وتركوا تلك الصروح الضمخمة‬
‫والتماثيل الكثيرةا إلى اليوم‪ .‬وتأمل هذه المثلة‪:‬‬

‫دخل سعد بن أبي وقاص )فااتح العراق وأحد المبشرين للجنة( قصر كسممرى فاممي المممدائن‪ .‬وفاممي‬
‫ذلك القصر صور كثيرةا على الجدران وتماثيل‪ .‬ولم يهدم منها شمميئاا‪ ،‬بممل بقيممت ليومنمما هممذا‪ .‬ولممم‬
‫ينكر عليه أحد من الصحابة ول على غيره‪ .‬فاهذا إجماع منهم على جواز إبقائها إن لم تكن تعبد من‬
‫دون الله ولم يكن لها أي قدسية‪ .‬قال الطبري فاي تمماريخه )‪» :(464|2‬لممما دخممل سممعد المممدائن‬
‫فارأى خلوتها‪ ،‬وانتهى إلى إيوان كسرى‪ ،‬أقبل يقرأ‪} :‬كم تركوا مممن جنممات وعيممون وزروع ومقممام‬
‫كريم ونعمة كانوا فايها فااكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين{‪ .‬وصلى فايه صمملةا الفتممح‪ ،‬ول تصمملى‬
‫جماعة‪ .‬فاصلى ثماني ركعات ل يفصل بينهن‪ .‬واتخذه مسجداا‪ .‬وفايه تماثيل الجص‪ :‬رجممال وخيممل‪.‬‬
‫ولم يمتنع –ول المسلمون لذلك– وتركوها على حالها‪ .‬قالوا‪ :‬وأتم سعد الصلةا يوم دخلهمما‪ ،‬وذلممك‬
‫أنه أراد المقام فايها‪ .‬وكانت أول جمعة بالعراق جمعت جماعة بالمدائن فاي سممنة سممت عشممرةا«‪.‬‬
‫وانظر كذلك تاريخ السلم للذهبي )‪.(158|3‬‬

‫وكانت على جدران إيوان كسرى صور ملونة بالحجم الطبيعي‪ ،‬مرسومة بدقة فاائقممة‪ .‬وممما تممزال‬
‫هذه الصور إلى يومنا هذا‪ .‬فاهذه لم تكن مدفاونة فاي الرمل طبعاا‪ ،‬بل هذا القصممر دخلممه عممدد مممن‬
‫الصحابة وأقاموا فايه‪ .‬فاكيف لم يروا الصور وهي واضحة ما تزال لهذا اليمموم؟! أممما عممدم القممدرةا‬
‫على الهدم‪ ،‬فابديله الطمس )أي للصور(‪ .‬وهذا ل يحتاج ل لنفقة كبيرةا ول لتسخير عدد هائممل مممن‬
‫الناس‪ .‬ومن السهل أن يأمر الحاكم بطلي الجدران من جديد‪ .‬فالم يبممق إل أنهممم فاهممموا أحمماديث‬
‫طمس الصور بأنها خاصة بما كانت له قدسية أو ما كان يعبد من غير الله‪ .‬وهذه الصور اسممتمرت‬
‫مشاهدةا يصفها المؤرخون والدباءا‪ .‬قال ياقوت الحموي فاي معجم البلدان )‪» :(295|1‬وقد كممان‬
‫فاي اليوان صورةا كسرى أنو شروان‪ ،‬وقيصر ملك أنطاكية‪ ،‬وهو يحاصرها ويحارب أهلهمما«‪ .‬وقممد‬
‫وصفها الشاعر العباسي الشهير البحتري فاي قصيدته السينية الرائعة‪ .‬فايصور لنمما البحممتري هممذه‬
‫الصور بأنها من الدقة بحيث يكاد يتخيلها حقيقة فايلمسها بيده ليتأكد أنها مجرد صورةا‪ .‬فايقول فاي‬
‫قصيدته‪:‬‬
‫ج‬
‫عنسمممممممي‬ ‫ن ج‬ ‫ممممممممدائ ج ج‬ ‫ض ال ج‬‫ت جإلمممممممى أبجيممممممم ج‬ ‫جهممممممممم ق‬ ‫م فاجوج ج‬
‫ي القهممممممممو ق‬ ‫ضمممممممجرت جرحجلممممممم ج‬ ‫ح ج‬ ‫ج‬
‫س‬ ‫مممممممممممر‬ ‫ق‬ ‫فا‬ ‫و‬ ‫م‬‫رو‬ ‫ن‬ ‫ممممممممممم‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ممممممممممم‬ ‫ع‬ ‫ت‬‫إر‬ ‫ة‬
‫ج‬ ‫ممممممممممم‬ ‫ي‬ ‫ك‬‫أنطا‬ ‫وإذا ممممممممممممارجأيت صمممممممممممورةا ج ج‬
‫ج‬ ‫ن ج‬ ‫ج‬ ‫ج ج‬ ‫ج ج‬ ‫جج‬ ‫ج‬ ‫ج ج‬ ‫جج‬
‫س‬ ‫رفا‬ ‫د‬ ‫المممممممم‬ ‫ت‬ ‫تحمممممممم‬ ‫فا‬
‫ج‬ ‫صممممممممفو‬ ‫ال‬ ‫يزجممممممممى‬ ‫ن‬ ‫شممممممممروا‬ ‫ج‬ ‫أنو‬ ‫لو ج‬ ‫ل‬ ‫ثمممممممم‬ ‫ج‬ ‫موا‬ ‫منايمممممممما‬ ‫وال‬
‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫ق‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬
‫س‬ ‫ور‬ ‫ة‬ ‫ج‬ ‫غ‬ ‫صممممممبي‬ ‫فاممممممي‬ ‫ق‬
‫ل‬ ‫يختمممممما‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ف‬ ‫أصمممممم‬ ‫علممممممى ج‬ ‫ج‬ ‫س‬ ‫لبمممممما‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ممممممم‬ ‫ر‬ ‫ضممممممرا‬ ‫اخ‬
‫ج‬ ‫فاممممممي‬
‫ج ج‬ ‫ج‬ ‫ج ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬
‫س‬
‫ج‬
‫خمممممممر‬ ‫ةا‬ ‫ر‬ ‫إشممممممما‬ ‫همممممممم‬ ‫ن‬‫بي‬ ‫همممممممم‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ءا‬‫أحيممممممما‬ ‫ف العيممممممم نن أ جنهمممممممم جممممممم جد ج‬ ‫صممممممم ق‬
‫ج‬ ‫ق‬ ‫ق‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫ج‬ ‫تج ج‬
‫س‬ ‫لم‬ ‫م جيدايج ب ج ج‬ ‫ق‬ ‫ه‬
‫جج ت ق‬ ‫را‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫*‬ ‫تى‬ ‫ح‬
‫ج ت‬ ‫تابي‬ ‫ج‬ ‫إر‬
‫ج ج‬‫هم‬ ‫فاي‬ ‫تلي‬ ‫جيغ ج‬
‫ج‬

‫فاالسؤال هنا‪ :‬لماذا ترك الصحابة الصور فاي إيوان كسرى؟ احتار مخالفونا فاي الجابة عممن ذلممك‪.‬‬
‫فاقال أحدهم أن علينا اتبمماع الحمديث فاقمط وتممرك عمممل الصمحابة‪ .‬وهممذا عجيمب‪ ،‬فاممو هممل يفعمل‬
‫الصحابة أمرا من هوى أنفسهم؟ أليست أفاعال الصحابة و أقوالهم هي ترجمة لتعاليم المصطفى‬
‫)‪(‬؟ فال نحن تركنا أقوال الرسول )‪ ،(‬ول الصممحابة رضمموان اللممه عليهممم فاعلمموا‪ .‬ولكنهممم فاهممموا‬
‫النصوص بغير ما فاهمها المخالف! والصحابة هم الذين رووا لنا تلك الحاديث‪ .‬وهممم الممذين قيلممت‬
‫مقدم عند التعارض‪ .‬وإجماع الصحابة من مصادر التشريع‪ .‬ثم إن جميممع الفممرق الممم‬ ‫لهم‪ .‬فافهمهم ق‬
‫‪ 73‬تدعي أنها تتبع القرآن والسممنة‪ .‬علممى أن الفممارق المميممز للفرقممة الناجيممة أنهمما تتبممع أصممحاب‬
‫الرسول )‪ .(‬وأما دعوى أنهم كانوا طوال تلك السنين الطويلمة مشممغولين‪ ،‬فاهمي دعموى ل أظمن‬
‫صاحبها مقتنع بها‪ ،‬إل أنه لم يجد غيرها‪ .‬فاهل صقعب على سعد بن أبممي وقمماص أو أحممد ن مممن الممولةا‬
‫بعده أن يأمر أحد العبيد بطلي تلك الجدران التي عليها الصور؟ وأما إنكار أن يكممون الصممحابة قممد‬
‫رأوا تلممك الصممور‪ ،‬فامكممابرةا وجحممود‪ .‬فاممإيوان كسممرى هممو أكممبر المبمماني فاممي المممدائن‪ ،‬ودخممول‬
‫المسلمين إليه عند الفتح متواتر مشهور ل ينكره أحد‪ .‬وقد ملته الصور والتماثيل‪ ،‬وقد قيلممت بهمما‬
‫الشعار‪ .‬وقد صار اليوان هو مركز الحكم فاي العراق حتى تم بناءا الكوفاة‪ .‬وقممد أجمماب الشمميخ د‪.‬‬
‫أحمد الغامدي على السؤال فاقال‪» :‬هذه الصور والتماثيل ليسممت أصممناما ا تعبممد وإنممما هممي صممور‬
‫ترمز إلى أحداث‪ ،‬ولعل إبقاءاها كان فايه عبرةا«‪ .‬قلت لعله كذلك‪ ،‬والتعليل لبقائها بأنها ل قتعبد هو‬
‫عين قولنا‪ .‬وقال‪» :‬خامساا‪ :‬المحذور هو إنشاءا الصور‪ ،‬وأما حديث علممي –رضممي اللممه عنممه‪ -‬فاممي‬
‫طمس التماثيل فاهو فاي التماثيل المجسمة«‪ .‬لكن المسألة ليست صورا ا وحسب‪ ،‬فاإيوان كسرى‬
‫مليءا بالتماثيل كعادةا الملوك‪ .‬وعلي نفسه قد حكم العراق فالم يأمر بتدمير شيءا من تماثيله‪.‬‬

‫وذكري لقصر كسرى مجرد مثال‪ ،‬حيث بقيت التماثيل الكبيرةا ليست فاقط فاي قصور كسرى بممل‬
‫فاي العراق والشام ومصر وفاارس‪ .‬نعم‪ ،‬حصل تحطيم لبعممض الصممنام فاممي السممند وبلد ممما رواءا‬
‫النهر‪ ،‬عندما وجد الصحابة أقوما ا عاكفون على عبادتها‪ ،‬كما حصل فاي جزيرةا العرب نفسممها‪ ،‬أممما‬
‫فاي غير ذلك فال‪ .‬ومن الطرائف أن أحمد المعاصمرين المؤيمدين لهمدمها‪ ،‬ادعمى أن تلمك التماثيمل‬
‫والصنام الفرعونية كانت مطمورةا بالرمال ولم تكن ظاهرةا على وقت الصممحابة! بممل لممم تظهممر‬
‫للعيان إل قبل مئتين من السنيين‪ .‬وهذا القول منه قصممور فاممي التتبممع لكتممب التاريممخ‪ .‬وإل فاكتممب‬
‫ن الجمماحظ )وهممو معاصممر‬ ‫التاريخ مليئة بالخبار التي تنص على معرفاة المسلمين بها‪ .‬مممن ذلممك أ ت‬
‫للئمة مالك والشافاعي وأحمد( عممدد عجممائب الممدنيا فاقممال كممما فاممي حسممن المحاضممرةا )‪:(65|3‬‬
‫»وصنم الهرمين وهو بلهوية ويقال بلهنيت وتسميه العامة أبو الهول‪ ،‬ويقال إنه طلسم للرمل لئل‬
‫يغلب على الجيزةا«‪ .‬وقال ياقوت الحموي فاي معجممم البلممدان )‪» :(401|5‬وعلممى ركممن أحممدهما‬
‫)يعني الهرمان( صنم كبير يقال له بلهيت‪ .‬ويقال إنه طلسم للرمل لئل يغلب على كورةا الجيممزةا‪.‬‬
‫وهو صورةا رأس آدمي ورقبته ورأسا ا كتفيه كالسمد‪ .‬وهمو عظيمم جمداا‪ .‬وهمو صمورةا مليحمة كمأن‬
‫الصانع فارغ منه عن قرب‪ .‬وهو مصبوغ بحمرةا إلى موجممودةا إلممى الن ممع تطمماول المممدةا وتقمدم‬
‫العوام«‪ .‬وانظر كممذلك كلم ابممن فاضممل فاممي "مسممالك البصممار" )‪ (235|1‬وكلم البغممدادي فاممي‬
‫"الفاادةا والعتبار فاي المور المشاهدةا والحوادث المعاينة بأرض مصر" )ص ‪.(96‬‬
‫وكان عدد الصحابة الذين دخلوا مصر أكممثر ممن ثلثمئمة كمما حقممق ذلمك السمميوطي فامي "حسمن‬
‫المحاضرةا" )‪ .(166|1‬وأول مدينة حاصروها هي مدينة "عين شمس" كما ورد عند ابن كثير فاممي‬
‫البداية والنهاية )‪ .(98|7‬وهي مشحونة بالتماثيل الكبيرةا كما ذكر ذلك عبد اللطيف البغدادي فاممي‬
‫القرن السادس حيث قال فاي رحلته )ص ‪» :(96‬ومن ذلك الثار التي بعين شمممس‪ .‬وهممي مدينمة‬
‫صغيرةا يشاهد سورها محدقا ا بها مهدوماا‪ ،‬ويظهر من أمرها أنها قد كانت بيممت عبممادةا‪ .‬وفايهمما مممن‬
‫الصنام الهائلة العظيمممة الشممكل مممن نحممت الحجممارةا‪ ،‬يكممون طممول الصممنم زهمماءا ثلثيممن ذراعمماا‪،‬‬
‫وأعضاؤه على تلك النسبة من العظم‪ .‬وعلى معظم تلك الحجارةا و تصاوير النسممان وغيممره مممن‬
‫الحيوان كتابات كثيرةا بالقلم المجهول«‪ .‬وقد سكن الصحابة الفسممطاط والجيممزةا‪ ،‬وهممما قريبممان‬
‫جدا ا من الهرامات‪ .‬ومن الجدير بالذكر هنمما أن الهرامممات نفسممها كممانت مكسمموةا ا بتصمماوير لغممة‬
‫الفراعنة التي بعض حروفاها على شكل طيور وحيوانات‪ .‬قال البغدادي عن الهرامممات )ص ‪:(92‬‬
‫»وعلى تلك الحجارات كتابات بالقلم القديم المجهول الذي لم أجد بديار مصر من يزعم أنه سمع‬
‫بمن يعرفاه‪ .‬وهذه الكتابات كثيرةا جداا‪ ،‬حتى لو قنقل ما علمى الهرميمن فاقمط إلمى صمحف‪ ،‬لكمانت‬
‫زهاءا عشرةا آلفا صفحة«‪ .‬وذكر مثممل ذلممك المسمعودي فامي تماريخه )‪ (361|1‬وابممن تغمري فامي‬
‫النجوم الزاهرةا )‪.(41|1‬‬

‫وعليه فاالصحابة الذين دخلوا مصر‪ ،‬جزما ا رأوا أبا الهول و تصاوير الهرام‪ .‬هذا فاضل ا عممن أصممنام‬
‫عين شمس التي ل شك ول ريب أنهم رأوها بعد فاتحها‪ ،‬ودخولهم فاي المدينة‪ .‬ونفممي رؤيتهممم لهمما‬
‫مكابرةا‪ .‬هذا إضافاة إلى أصنام مدينة "منف" الفرعونية ‪-‬وغيرها‪ -‬التي أجممزم أنهمم رأوهمما‪ ،‬لكمثرةا‬
‫عددهم وطول مكثهم فاي مصر‪ .‬وهي التي يقول عنها البغدادي )ص ‪» :(102‬وأما الصنام وكثرةا‬
‫عددها وعظم صورها‪ ،‬فاأمر يفوت الوصف ويتجاوز التقدير‪ .‬وأما إتقممان أشممكالها وإحكممام هيئاتهمما‬
‫والمحاكاةا بها المور الطبيعية‪ ،‬فاموضع تعجب بالحقيقة«‪ ،‬ومع هذا لممم نرهممم هممدموا شمميئا ا منهمما‪.‬‬
‫فاهل كان المسلمون عاجزين عن هدم تلك الصنام؟ هذا غير صممحيح البتممة‪ ،‬وذلممك لنهممم حطممموا‬
‫حصن بابليون وأسوار نهاوند فاي فاارس‪ ،‬ونقبوا كثيرا من الحصون التي حاصروها‪ ،‬وهممي حصممون‬
‫عظيمة عليها حراسممات مشمددةا ترممي المسمملمين بالسممهام حالمة نقبهممم وهممدمهم لهما‪ .‬أتراهمم‬
‫عاجزين عن تشويه وجوه تلك الصنام على القل؟ فاو الله إن لم يكن هذا القول إهانممة للصممحابة‬
‫فاكيف تكون الهانة؟ وهل يعقل أن يكون غير المسلمين قادرين على البناءا والمسلمون عاجزون‬
‫عن مجرد الهدم؟ هذا محال‪.‬‬

‫فاالخلصة أنه ل يجوز تعليق أي صورةا )بما فايها الصور الفوتوغرافايممة( إذا كممان هممذا سمميؤدي إلممى‬
‫ممن ممن ذلمك )ك أن يعلمق‬ ‫تعظيمها أو التبرك بها )وبخاصة صمور المشمايخ والزعمماءا(‪ .‬وأمما إن أ ج‬
‫الرجل صورته أو صورةا ولده( فال بأس به‪ .‬وما كان من الصممور فاممي غيممر موضمموع التعظيممم مثممل‬
‫الوسائد والسجاد‪ ،‬فاليس فايه كراهة‪ ،‬وكذلك المر فاي التماثيل‪ .‬ول بأس بلعممب الطفممال‪ ،‬لنهمما ل‬
‫قق مصلحة مشروعة كممما لمو كمانت للتتعليمم أو التتمدريب‬ ‫قتع ت‬
‫ظم‪ .‬وإذا كانت التتماثيل المصنوعة تح ت‬
‫ا‬
‫)كالتي تستخدم كوسائل إيضاح فاي المدارس(‪ ،‬فاإتنها أيضمما ترتفممع مممن الباحممة إلممى السممتحباب‪،‬‬
‫دم فايهمما‪ .‬واللممه‬
‫ورتبما كانت واجبة فاي بعض الحالت إذا أصبحت وسيلة فاتعالة لفهم العلمموم والت تقمم ت‬
‫أعلم بالصواب‪.‬‬

You might also like