Professional Documents
Culture Documents
_____ __ __ ____ _______ ___ _______
_____ __ __ ____ _______ ___ _______
حورية بن قادة :باحثة مساعدة بمركز المام الججنيد للدراسصصات والبحصصوث الصصصوفية
المتخصصة.
لشاك أن الممارسة العملية أو التجربة الصوفية تعد من أهم العوامل الصصتي سصصاعدت
على بقاء التصوف واستمراريته ،فالدين يبعث القصصوى فصصي النإسصصان وينظصصم سصصلوكه
عن طريق الممارسات أو الفعال التي يكررهصصا علصصى الصصدوام ،والصصتي هصصي بصصدورها
بمثابة الحافظ لهذا الدين من الخاتفاء أو الزوال ،وعلصصى ذلصصك فالممارسصصات العمليصصة
تقوي باطن المتدين أو الصوفي وظاهر سلوكه ،وتجعل الفكرة الدينية حقيقصصة قابلصصة
للنمو وللتأثر والتأثير في البيئة التي يعيش فيها ،وهي إذ تنبصصع مصصن العتقصصاد الصصديني
فهي أيضا مؤثرة فيه ومتأثرة به من الناحية الخارى.
وقد اهتم الصوفية بصفة خااصة بهصصذه الممارسصصات أو الشصصعائر الدينيصة لمصصا لهصصا مصصن
أهمية في ترقي المريد والوصول به لسمى مقامصصات اليقيصصن ،كمصصا تمصصد المشصصتركين
فيها ببعض أساليب ووسائل الضصصبط حيصصث إنإهصصا تحصصدد طبيعصصة علقصصاتهم بصصالخارين
وبالعالم المحيط بهم ،ومصصن جأولصصى هصصذه الشصصعائر والممارسصصات :العهصصد أو مصصا يسصصمى
بالبيعة.
فإذا كان الطريق الصوفي يتشكل ويتكون من شايخ ومريد ،فإن الذي يربط
بينهما :العهد والبيعة ،فإن العهد هو أوثق رباط بين رجلين تحاببا في ا وتعاهدا
على طاعته ،إنإها بيعة ل ،وفي ا ،ول ،وبال .قال تعالى﴿ :لقد رضي ا عن
المؤمنين إذ يبايعونإك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم ،فأنإزل السكينة عليهم
وأثابهم فتحا قريب﴾[1] .
وقال سبحانإه وتعالى أيضا﴿ :إن الذين يبايعونإك إنإما يبايعون ا يد ا فوق
أيديهم﴾ [2].والعهد أو ما يسمى بالمبايعة للشيخ معناه :الخاذ والتلقي ،ومبايعة الشيخ
هي تجديد لمبايعة رسول ا صلى ا عليه وسلم .إذ المشيخة في الدين وراثة
النبوة .والبيعة عقد إلزامي يلزم المتعاقدين بالوفاء بالعهد لقوله تعالى﴿ :وأوفوا
بعهد ا إذا عاهدتم ول تنقضوا اليمان بعد توكيدها وقد جعلتم ا عليكم كفيل﴾[3].
والمناط العملي للبيعة الصوفية هو السلوك والخالق ،وما يجب على المريد عمله
تجاه ربه ،وما ينبغي أن يكون عليه حيال البشر أو الخليقة بوجه عام...
وهذا المعنى متحقق في العهد عند الصوفية ،حيصصث يقصصصد بأخاصصذ العهصصد علصصى
المريد أن يحافظ على الواجبات والداب الشرعية ،ويراعي ما يلقنه له شاصصيخه مصصن
الذكصصار والوراد والمجاهصصدات حصصال بعصصد حصصال ،ول يهملهصصا ول يغفصصل عنهصصا،
فالمقصود بالعهد عند الصوفية هو التأكيد على السالك والمريد بالنإتقصصال مصصن حيصصاة
الغفلة وغلبة الشهوات إلى حياة التوبصصة والمراجعصصة للنفصصس ،والبحصصث عصصن عيوبهصصا،
والقبال على ا ،فيتحقق بهذا العهد التأكيصصد علصصى النإتقصصال مصصن حصصال إلصصى أخاصصرى،
ومصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصن مرحلصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصة إلصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصى مرحلصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصة
جديدة.
يقول المام البسهروردي في ذلك" :لبس الخرقصصة -والمصصراد بهصصا العهصصد والمبايعصصة-
ارتباط بين الشيخ وبين المريد ،وتحكيم من المريد للشيخ في نإفسه ،والتحكيم سصصائغ
في الشرع لمصالح دنإيوية ،فماذا ينكر المنكر للبس الخرقة على طالب صصصادق فصصي
طلبه ،يتقصد شايخا بحسن ظصصن وعقيصصدة ،يحكمصصه فصصي نإفسصصه لمصصصالح دينصصه ،يرشاصصده
ويهصصديه ،ويعرفصصه طريصصق المواجيصصد ،ويبصصصره بآفصصات النفصصوس ،وفسصصاد العمصصال،
ومداخال العدو"[4].
وبالتالي فإن العهد الصصوفي بيصن الشصيخ والمريصد معاهصدة يلصتزم بمقتضصاها المريصد
بفعل المصصأمورات )العبصصادات( ،وتصصرك المعاصصصي ،والتتلمصصذ للشصصيخ واتبصصاع طريقتصصه
واللصصتزام بقواعصصد وآداب الطريصصق ،والمداومصصة علصصى الذكصصار والوراد ،والحقيقصصة
الراسخة عند الصوفية أن هذا العهد يمثل رمزا للمعاهصصدة بيصن اص سصبحانإه وتعصصالى
وبين المريد ،لن يد الشيخ في المصافحة أثناء العهصصد هصصي رمصصز لبيعصصة رسصصول اصص
صلى ا عليه وسلم التي قال فيها سبحانإه وتعالى﴿ :إن الذين يبايعونإك إنإما يبايعون
ا﴾ [5].فالعهد رباط مقدس ل يستطيع المريد أن يتحلل منه ،لذلك يتوخاى المشصصايخ
عدم التسرع في إعطاء العهود للمريدين ليتأكدوا من عزمهم وصدقهم وإخالصصصهم
ومدى جديتهم في الطريق ،وطاعتهم للشيخ الذي يعتبر مرشادا لهم كممثل للطريقصصة
المنتمي إليها ،والعهد هو وصلة دنإيوية رمزية بين المريد والشيخ الذي يعلوه[6]...
وما بيعة المشايخ إل تذكير بذلك العهد -بيعصصة رسصصول اصص صصصلى اصص عليصصه وسصصلم،-
وح ب
ث على العمل بمقتضصصاه ،وزيصصادة علصصى الربصصط الروحصصي الصصذي يقصصع بيصصن المريصصد
والشيخ الذي يأخاذ على يده البيعة ،فيصصتزبكى علصصى يصصد ذلصصك الشصصيخ ،وتصصصفى روحصصه
وقلبه ،حتى يراعي ذلك العهد ،وإنإما مراعاة ذلك العهد بالتمسك بالشصصريعة والعمصصل
بها.
والحاصل أن تزكي الروح وتصفيتها وسلمة القلب من كدورات الدنإيا كل ذلك مصصا
أحبه ا تعالى لعباده وأمر به ،فإذا وقع ذلصصك للعبصد ،وقصع لصه القصصرب مصن الحضصصرة
اللهية ،وذلك يقتضي أن يكون المؤمن عندئصصذ يبصصصر بصصال ،وينطصصق بصصال ،ويسصصمع
بال ،فيكون سمعه من سمع ا ،وبصصصره مصن بصصصر اصص ،وبطشصصه مصصن بطصصش اصص،
فتخرق له العادة ،وليس ببعيد أن يسمع خاطاب ﴿ألسصصت بربكصصم﴾ .عيانإصصا كمصصا يسصصمعه
الولياء ،وكما سمعته ذرية آدم -عليه السلم -عندما أشاهدهم ا تعالى على أنإفسهم
في عالم الذر ،فسماعه لهذا النصصداء مقصصام عظيصصم ،لكنصصه ل يقصصع إل بعصصد تزكيصصة القلصصب
والنفصصس ،وهمصصا ل يأتيصصان إل ببيعصصة شاصصيخ عصصارف بصصال ،لصصه خاصصبرة بتزكيصصة القلصصوب
وتطهيرها[7].
فلبد لكل مسلم من البيعة ليسصير مصصع شاصصيخ يزكيصصه ويرشاصصده حصصتى وإن كصصان عالمصصا،
)وذلك لنإه ل يكفي عند الصوفية في سلوكهم إلى طريق ا سبحانإه وتعالى مجبرد
العلم ،فمجرد قراءة كتب التصوف عندهم -بل معانإصصاة لتهصصذيب النفصصس ومجاهصصدتها-
إنإما تعد متعة ذهنية ،وثقافة عقلية ،قد تشارك فيها النفصصس المصصارة بالسصصوء ،فتكصصون
طريقا إلى الضللة ،أما المنح الروحية من ا تعالى فهي نإتيجة الجهود والعمال،
فالصوفية أرباب أحوال ،ل أصحاب أقصصوال ،وعنصصدهم لصصم ينصصل المشصصاهدة مصصن تصصرك
المجاهصصدة( ،فصصالعلم يحتصصاج إلصصى عمصصل ،والسصصلوك هصصو العمصصل ،ويحتصصاج إلصصى تزكيصصة
وتهذيب القلوب وأمراض النفوس ،ولذا نإجصصد أن أخاصصذ العهصصد لصصم يكصصن قصصد حصصدث فصصي
زمننا هذا أو قبل مائة سنة أو أكثر ،بل اتصل سند البيعة من رسول اصص صصصلى اصص
عليه وسلم إلى زمننا هذا ،يأخاذها لعللم عن لعللم ،وكبير عن كبير ،من ذلصصك مصصا ورد
في فضل أبي حنيفة -رضي ا عنه -أن الستاذ أبا علي الدقاق قصصال" :أخاصصذت هصصذه
الطريقة من أبي القاسم النصراباذي ،وقال أبو القاسم :أنإا أخاذتها من الشصصبلي ،وهصصو
أخاذها من السري السقطي ،وهو من معصصروف الكرخاصصي ،وهصو مصصن داوود الطصصائي،
ر بفضله"[8].وهو أخاذ العلم والطريقة من أبي حنيفة ،وكل منهم أثنى عليه وأق ب
إذن فلم يكن يستغني عن أخاذ الطريقة أحد من المتقدمين مصن أولصي الفضصصل ،فكيصصف
بنا نإحن في زمان تكثر فيه الفتنة والفساد؟!
وقد درج أئمة الصوفية يأخاذون العهد على المريد بصصالتزام الصصدين والخاصصذ بصصالعزائم،
ومجانإبة الرخاص والتأويلت ،قال المام الشعرانإي في ذلك" :ثم ل يخفى عليك يصصا
أخاي أن من شاأن أهل ا عز وجل كونإهم يأخاذون العهد على المريد بصصتركه المبصصاح
زيادة على المر والنهي طلبا لترقيه ،إذ المباح ل ترقى فيه من حيصصث ذاتصصه ،وإنإمصصا
هو أمر برزخاي بين المر والنهي ،جعله ا تعالى مرتبة تنفيس للمكلفين يتنفسصصون
به من مشقة التكليف ،إذ القبال على ا تعصالى فصي امتثصال المصر واجتنصاب النهصي
على الدوام ليس من مقدور البشر[9]."...
فالناس مع تقادم العهد يتدرجون إلى السوأ ،فيحتاجون مصصن يحيصصي اصص بصصه قلصصوبهم،
ويجدد به إيمانإهم ،فصصإذا جصصاءهم الشصصيخ المرشاصصد الكامصصل وأخاصصذ عليهصصم البيعصصة تراهصصم
ينهضون وتتغير أحوالهم...
وفي ذلك يقول المام السهروردي" :فالمريد الصصصادق إذا دخاصصل تحصصت حكصصم الشصصيخ
وصحبته ،وتأدب بآدابه ،يسري من باطن الشيخ حصصال إلصصى بصصاطن المريصصد ،كسصصراج
يقتبس من سراج ،وكلم الشيخ إلى المريصصد بواسصصطة الصصصحبة وسصصماع المقصصال ،ول
يكون هذا إل لمريد حصصصر نإفسصصه مصصع الشصصيخ ،وانإسصصلخ مصصن إرادة نإفسصصه ،وفنصصى فصصي
الشصصيخ بصصترك اخاتيصصار نإفسصصه ،فبالتصصآلف اللهصصي يصصصير بيصصن الصصصاحب والمصصصحوب
امتزاج وارتباط بالنسبة الروحية ،والطهارة الفطرية ،ثم ل يزال المريد مع الشصصيخ
كذلك متأدبا بترك الخاتيار ،وحتى يرتقي من ترك الخاتيار مصع اص تعصالى ،ويفهصم
مصن اص كمصا كصان يفهصصم مصن الشصيخ ،ومبصدأ هصصذا كلصه الصصحبة والملزمصة للشصصيوخ
والخرقة )العهد( مقدمة ذلك"[10].
مما سبق نإخلص إلى أنإه ينبغصصي لمريصصد الكمصصال أن يلتحصصق بمرشاصصد يتعهصصده بصصالتوجيه
ويرشاده إلى الطريق الحق ،ويضيء له ما أظلم من جصصوانإب نإفسصصه ،حصصتى يعبصصد اصص
تعالى على بصيرة وهدى ويقين؛ يبايع المرشاد ويعاهده على السير معه في طريصصق
التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة ،والتحقصصق بركصصن الحسصصان والصصترقي
في مقاماته...
وأخاذ العهد ليس أمرا مبتدعا من لدن الصوفية -كما يدعي البعض -بل إنإه ثابت في
القرآن والسنة وسيرة الصحابة:
فمن القرآن :سبق وأن ذكرنإا قول ا تعالى﴿ :إن الذين يبايعونإك إنإما يبايعون ا يد اصص
فوق أيديهم فمن نإكث فإنإما ينكث على نإفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اصص فسصصيؤتيه
أجرا عظيما﴾[11].
وقال تعالى أيضا﴿ :وأوفوا بعهد ا إذا عاهصصدتم ول تنقضصصوا اليمصصان بعصصد توكيصصدها
وقد جعلتم ا عليكم كفيل﴾[12].
وعن يعلى بن شاداد قال" :حبدثني أبي شاداد بن أوس -رضي ا عنصصه -وعبصصادة بصصن
الصامت حاضر يصدقه ،قال :كنا عند النبي صلى ا عليه وسلم فقال" :هصصل فيكصصم
غريب؟" -يعني من أهل الكتاب -فقلنا :ل يا رسول ا ،فصصأمر بغلصصق البصصاب ،وقصصال:
"ارفعوا أيديكم وقولوا :ل إله إل ا" ،فرفعنا أيدينا ساعة وقلنا :ل إلصصه إل اصص ،ثصصم
وضع رسول ا صلى ا عليه وسلم يده ثم قال" :الحمد ل ،اللهم إنإك بعثتني بهذه
الكلمة ،وأمرتني بها ،ووعدتني عليها الجنة ،وإنإك ل تخلف الميعاد" ،ثم قصصال عليصصه
الصلة والسلم" :أبشروا فإن ا قد غفر لكم"[15].
وقد سأل علي -كرم ا وجهه -النبي صلى ا عليصصه وسصصلم بقصصوله" :يصصا رسصصول اصص
دلني على أقرب الطرق إلى ا ،وأسهلها على عباده ،وأفضلها عنده تعالى" ،فقصصال
النبي صلى ا عليه وسلم" :عليك بمداومة ذكر ا سرا وجهرا" ،فقال علي" :كل
الناس ذاكرون فخصني بشيء" ،قال رسول ا صلى ا عليه وسصصلم" :أفضصصل مصصا
قلته أنإا والنبيون من قبلي :ل إله إل ا ،ولو أن السموات والرضصصين فصصي كفصصة ول
إله إل ا في كفة لرجحت بهم ،ول تقوم القيامة وعلى وجه الرض مصصن يقصصول :ل
إله إل ا" .ثم قال علي" :فكيف أذكر؟" قال النبي صلى ا عليه وسصصلم" :غبمصصض
عينيك واسمع مني ل إله إل ا ثلث مرات ،ثم قلها ثلثا وأنإا أسمع ،ثم فعصصل ذلصصك
برفع الصوت"[16].
وجروي عن جرير بن عبد ا أنإه قال :قلت :يا رسول ا ،اشاترط علصصبي فصصأنإت أعلصصم
بالشرط .قال" :أبايعك على أن تعبد ا وحده ،ول تشرك به شاصصيئا ،وتقيصصم الصصصلة،
وتؤتي الزكاة ،وتنصح المسلم ،وتبرأ من الشرك"[17].
وعن جرير أيضا أنإه قال" :بصصايعت رسصصول اص صصلى اص عليصه وسصلم علصى إقامصصة
الصلة ،وإيتاء الزكاة ،والنصح لكل مسلم"[18].
وعن سلمى بنت قيس -رضي ا عنها -وكانإت إحدى خاالت رسول ا صلى اصص
عليه وسلم وقد صبلت معه القبلتين ،وكانإت إحدى نإساء بني عدي بن النجار ،قالت:
"جئت رسول ا صلى ا عليه وسلم فبايعته في نإسصوة مصن النإصصصار ،فلمصصا شاصرط
علينا على أل نإشرك بال شايئا ،ول نإسرق ،ول نإزنإي ،ول نإقتصصل أولدنإصصا ،ول نإصصأتي
ببهتصصان نإفصتريه بيصن أيصدينا وأرجلنصا ول نإعصصصيه فصي معصصروف ،قصال" :ول تغششصن
أزواجكن" قالت :فبايعناه ثم انإصرفنا ،فقلت لمرأة منهن ارجعي فسلي رسول اصص
صلى ا عليه وسلم ما حبرم علينا من مال أزواجنا؟ قالت :فسألته فقال" :تأخاذ ماله
فجتحابي به غيره"[19].
وعن أميمة بنت رقيقة قالت" :بايعت رسول ا صصلى اص عليصه وسصصلم فصي نإسصوة،
فقال لنا" :فيما استطعتن وأطقتن" ،قلت :ا ورسوله أرحم بنا منا بأنإفسنا ،قلت :يصصا
رسول ا بافيعنا ،قال سفيان :تعني صاففحنا ،فقال رسول ا صلى ا عليه وسصصلم:
"إنإما قولي لمائة امرأة كقولي لمرأة واحدة"[20].
بل إن النبي صلى ا عليه وسلم قد بايع من هم صغار لم يبلغوا الحلصصم؛ فقصد أخاصرج
الطبرانإي عن محمد بن علي بن الحسين رضي ا عنهم" :أن النبي صلى ا عليه
وسلم بايع الحسن والحسين وعبد ا بصصن عبصصاس وعبصصد اصص بصصن جعفصصر -رضصصي اصص
عنهم -وهم صغار ولم جيبفقلوا )من أبقل وجهه إذا نإبتت لحيته( ،ولم يبلغوا ولم يبصصايع
مبنا"[21].
صغيرا إل ف
وأخارج الطبرانإي أيضا عن عبد اص بصن الزبيصصر وعبصد اص بصن جعفصصر -رضصصي اص
عنهما" -أنإهما بايعا رسول ا صلى اصص عليصصه وسصصلم وهمصصا ابنصصا سصصبع سصصنين ،فلمصصا
سم وبسط يده ،فبايعهما"[22]. رآهما رسول ا صلى ا عليه وسلم تب ب
وأما بيعة الصحابة رضوان ا عليهم لخلفاء رسول ا صلى ا عليه ،فقد أخاصصرج
ابن شااهين في الصحابة عن إبراهيم بن المنتشصر عصن أبيصه عصن جصصده قصال" :كصانإت
بيعة النبي صلى ا عليه وسلم حين أنإزل عليه﴿ :إن الذين يبايعونإصصك إنإمصصا يبصصايعون
ا﴾ [23]،التي بايع الناس عليها البيع ة ل والطاع ة للح ق ،وك انإت بيع ة أب ي بك ر
رضي ا عنه" :تبايعونإي ما أطعت ا" ،وكانإت بيعة عمر رضي اصص عنصصه ومصصن
بعده كبيعة النبي صلى ا عليه وسلم[24].
وخالصة القول فإن الصحابة رضوان ا عليهم كانإوا يبايعون رسول ا صلى ا
عليه وسلم على حالت مختلفة ،منها بيعتهصصم علصصى السصصلم ،وبيعتهصصم علصصى أعمصصال
السلم ،وبيعتهم علصى الهجصصرة ،وعلصصى النصصرة والجهصاد ،وبيعتهصم علصى المصصوت،
وبيعتهم على السمع والطاعة...
ومن أجل هذا المعنى ،كان البحصصث عصصن القصصدوة والنمصصوذج المثصصل للخاصصذ عنصصه منصصذ
الصصصدر الول للسصصلم؛ مصن ذلصصك مصصا رواه المصصام البخصصاري فصصي صصصحيحه أبن عبصد
الرحمن بن يزيد ،وهو من أئمة وفقهاء التابعين ،قال" :سألنا حذيفة بن اليمصصان عصصن
رجل قريب السمت والهدي من النبي صلى ا عليه وسلم حتى تأخاذ عنه[25]."...
وهكذا فمسألة الخاذ والتلقي مسلسلة من النصصبي صصصلى اصص عليصصه وسصصلم إلصصى مشصصايخ
زمانإنا هذا،
فقد نإهج الجوبراث من مرشادي الصوفية منهج الرسول صلى ا عليه وسلم فصصي أخاصصذ
البيعة في كل عصر ،فقد ذكر الستاذ الندوي في كتابه" :رجال الفكر والدعوة فصصي
السلم"" :أن الشيخ عبد القادر الجيلنإي فتح باب البيعة والتوبة على مصصصراعيه،
يدخال فيه المسلمون من كصصل نإاحيصصة مصصن نإصصواحي العصصالم السصصلمي ،يجصصددون العهصصد
والميثصصاق مصصع اصص ،ويعاهصصدون علصصى أن ل يشصصركوا ول يكفصصروا ،ول يفسصصقوا ،ول
يبتدعوا ،ول يظلمصوا ،ول يسصتحبلوا مصا حصرم اص ،ول يصتركوا مصا فصرض اص ،ول
يتفانإوا في الدنإيا ،ول يتناسوا الخارة ،وقد دخال في هذا الباب -وقصد فتحصه ا علصى
يد الشيخ عبد القادر -خالق ل يحصيهم إل ا ،وصلحت أحوالهم ،وحسن إسلمهم،
وظل الشصيخ يربيه م ويحاسصبهم ،ويشصرف عليهصم ،وعلصى تقصدمهم ،فأصصبح هصؤلء
التلميذ الروحيون يشعرون بالمسؤولية بعد البيعة والتوبة وتجديد اليمان على يصصد
عبد مخلص ،وعالم ربانإي ،وظل بينهم وبين الشيخ رباط وثيصصق عميصصق ،أقصصوى مصصن
رباط التلميذ بالساتذة والشصصيوخ ،ومصصن ربصصاط الجنصصد بالقائصصد ،ومصصن ربصصاط الرعيصصة
بالراعي ،إنإما هو رباط روحي ديني ،ل يهن ول ينحبل ،وإنإما هو ميثصصاق ل ينقصصض
ول ينكث"[26].
وعليصصه ،فليصصس فصصي العهصصد الصصصوفي بهصصذا العتبصصار مصصن مخالفصصة شاصصرعية ،ول يعصصد
متعارضا مع أصصصول الشصصريعة ،ونإصصصوص الكتصصاب والسصصنة تشصصهد لصصه ،بصصل إن تلصصك
المعاهدات والبيعات قد كان لها من الثر في الصلح والتزكية أقوى شاأن وأوفصصر
نإصيب.
الهوامش: