You are on page 1of 119

‫مقالتا في‬

‫الحوار‬

‫مقـالتا‬
‫في الحوار‬

‫‪-1-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫‪-2-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫عباس الجراري‬

‫مقالتا‬
‫في‬
‫الحوار‬
‫منشورات النادي الجراري‬
‫‪- 44 -‬‬

‫‪-3-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫منشورات النادي الجراري‬


‫‪- 44 -‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬


‫‪2008MO1129‬‬ ‫رقم اليإداع القانوني ‪:‬‬
‫‪4-23-893-9981‬‬ ‫ردمك ‪:‬‬
‫الطبعة الوألى‬
‫جمادى الوألى ‪ 1429‬هـ = مايإو ‪2008‬م‬
‫مطبعة المنية ‪ -‬الرباط‬

‫‪-4-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫قبببل نحببو مببن عقببدين أو ثالثاببة‪ ،‬ول‬


‫سببيما بعببد تفكببك التحبباد السببوفياتي‪،‬‬
‫وظهببور العببالم السببلمي بببارزا ا علببى‬
‫الصببعيد الببدولي‪ ،‬دينببا ا وحضببارة وثاقافببة‬
‫ومشاكل كذلك‪ ،‬بدأ يطغى فببي السبباحة‬
‫الثقافيبببة – العربيبببة وغيرهبببا – تنظيبببم‬
‫مبؤتمراتا ونبدواتا عبدة‪ ،‬ومعهبا أخبذتا‬
‫تترى كتاباتا غزيرة عن الهوية والحببوار‪،‬‬
‫وعببن التعببايش والتسببامح‪ ،‬وكببذا عببن‬
‫التطرف والرهاب‪ ،‬وما إليها من القضايا‬
‫التي يمكن القول بأنها أسالت كثيرا ا مببن‬
‫المداد‪ ،‬وإن لم تتغير المواقف المسبببقة‬
‫منها‪ ،‬سواء عند هذا الطرف أو ذاك‪.‬‬
‫وكببانت أحببداث الحببادي عشببر مببن‬
‫سبتمبر عام واحد وألفين مناسبة لطإلقا‬
‫تلك المواقف‪ ،‬في اتجبباه إلصبباقا التهمببة‬
‫بالمس لمين البذين اضبطروا فبي سبياقا‬
‫رفضهم لهذه التهمة ورغبتهم فببي تبرئببة‬
‫أنفسهم ودينهم منهببا‪ ،‬أن يظهببروا مببدى‬
‫سبببماحة السبببلم ودعبببوته للتعبببايش‬
‫‪-5-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫وللحببوار وشببجبه للتطببرف والرهبباب‪،‬‬


‫بأسلوب دفاعي ينم في غالبه عن ضعف‬
‫واضح‪.‬‬
‫وقد تسنى لببي – بحكببم انشببغالتي‬
‫الفكرية – أن أحضر غير قليببل مببن تلببك‬
‫اللقبباآتا‪ ،‬وأن أشببارك فيهببا بدراسبباتا‬
‫وعروض‪ ،‬ضببممتها إلببى مببا نشببرتا مببن‬
‫مؤلفبباتا فببي الموضببوع‪ ،‬كببان تحريببر‬
‫بعضبببها بببباقتراح وطإلبببب مبببن هيبببآتا‬
‫ومنظماتا معنيببة‪ .‬وهببي كلهببا منشببورة‪،‬‬
‫وهذه عناوينها‪:‬‬
‫الثقافة من الهوية إلى الحوار‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪‬‬
‫مفهبببوم التعبببايش فبببي السبببلم‬ ‫‪‬‬

‫)بالعربيببببببببببة والفرنسببببببببببية‬
‫والنجليزية(‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫)‪1413‬هببب ‪-‬‬ ‫‪3‬‬ ‫)‪ (1‬منشببوراتا النببادي الجببراري رقببم‬


‫‪1993‬م(‪.‬‬
‫)‪ (2‬منشوراتا اليسيسكو )‪1417‬هب ‪1996 -‬م(‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫‪ ‬الببببببذاتا و الخببببببر )بالعربيببببببة‬


‫والفرنسية(‪.‬‬
‫)‪(3‬‬

‫‪ ‬الحبببوار مبببن منظبببور إسبببلمي‬


‫)بالعربيببببببببببة والفرنسببببببببببية‬
‫والنجليزية(‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫‪ ‬هويتنا و العولمة‪.‬‬
‫)‪(5‬‬

‫‪ ‬قضايا للتأمل برؤية إسلمية‪.‬‬


‫)‪(6‬‬

‫‪ ‬ل تطرف ول إرهاب في السلم‪.‬‬


‫)‪(7‬‬

‫‪ ‬الصإلح المنشود‪.‬‬
‫)‪(8‬‬

‫ونظبببرا ا لن الحبببديث عبببن الحبببوار‬


‫متواصإل والهتمام به متزايد‪ ،‬فقد تابعت‬
‫)‪1418‬هببب ‪-‬‬ ‫‪13‬‬ ‫)‪ (3‬منشببوراتا النببادي الجببراري رقببم‬
‫‪1998‬م(‪.‬‬
‫)‪ (4‬منشوراتا اليسيسكو )‪1420‬هب ‪2000 -‬م(‪.‬‬
‫)‪1421‬هببب ‪-‬‬ ‫)‪ (5‬منشببوراتا النببادي الجببراري رقببم ‪18‬‬
‫‪2000‬م(‪.‬‬
‫)‪1421‬هببب ‪-‬‬ ‫)‪ (6‬منشببوراتا النببادي الجببراري رقببم ‪20‬‬
‫‪2000‬م(‪.‬‬
‫)‪1425‬هببب ‪-‬‬ ‫)‪ (7‬منشببوراتا النببادي الجببراري رقببم ‪30‬‬
‫‪2004‬م(‪.‬‬
‫)‪1426‬هببب ‪-‬‬ ‫)‪ (8‬منشببوراتا النببادي الجببراري رقببم ‪33‬‬
‫‪2005‬م(‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫فببي موضببوعه تقببديم بعببض العببروض ؛‬


‫وهببي البتي يضببمها هبذا السببفر الصببغير‬
‫الذي ضمنته مقالتا ستة‪ ،‬آمل أن تلقببي‬
‫بعببض الضببوء علببى مقتضببياتا الحببوار‬
‫وشروط نجاحه‪ ،‬إضافة إلى ما سبق لببي‬
‫أن أصإدرتا من قبل‪.‬‬
‫وبالله العون والتوفيق‪.‬‬
‫الرباط في ‪ 24‬ربيع‬
‫الثاني ‪1429‬هب‬
‫الموافق فاتح مايو‬
‫‪2008‬م‬
‫عباس الجراري‬

‫‪-8-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫السإــلما‬
‫وحوار الحضاراتا‬

‫‪-9-‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫___________________‬
‫قــدما هــذا العــرض ارتجــال ل فــي إطــار "أحــاديث‬
‫الخميــــس" بأكاديميــــة المملكــــة المغربيــــة‬
‫يوما الخميس ‪ 18‬صفر ‪ 1420‬هـ الموافـق ‪ 3‬يونيـو‬
‫‪1999‬ما‪.‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله رب العالمين‬
‫والصــلةا والســلما علــى سإــيدنا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجميعن‬

‫السيد مدير الجلساتا‬


‫السيد أمين السر الدائم‬
‫السادةا الزملءا الكراما‬

‫من‬ ‫مقتبس‬ ‫اليوم‬ ‫حديث‬


‫مضمون العرض الذي تقببدمت بببه أمببام‬
‫ندوة إسلمية انعقدتا مببؤخرا ا بطهببران‪،‬‬
‫دعت إليها الجمهورية السلمية اليرانية‬
‫باعتبار كببون رئيسببها هببو رئيببس مببؤتمر‬
‫القمببة السببلمية الثببامن‪ ،‬وفببي نطبباقا‬
‫أعمال منظمة المببؤتمر السببلمي الببتي‬
‫يرأسبببها زميلنبببا البببدكتور عبببز البببدين‬
‫العراقي‪.‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫كان الهدف من هذه النندوة النتحضير‬


‫لمؤتمر دولي سينعقد في العببام الواحببد‬
‫بعد اللفين من التاريخ الميلدي‪ ،‬أي بعببد‬
‫نحو من سنتين‪ ،‬للننظر في قضية الحببوار‬
‫بين الحضبباراتا جميعهببا‪ ،‬وإمكببان اتخبباذ‬
‫حببد بصببدده‪ .‬وقببد‬ ‫موقببف إسببلمي مو ن‬
‫تشببرفت بببأن كلفنببي أميببر المببومنين‬
‫صإبباحب الجللببة الملببك الحسببن الثبباني‬
‫حفظببه الل نببه بتمثيببل المغببرب فببي هببذه‬
‫النندوة‪.‬‬
‫الموضوع إذن هببو "السببلم و حببوار‬
‫الحضاراتا"‪ .‬بطبيعة الحببال لببن أتحببدث‬
‫متعنلقاتهببا فببذلك‬
‫عن الن نببدوة وقراراتهببا و م‬
‫شببأن آخببر‪ ،‬وإنمببا سببأكتفي بببأن أقببدم‬
‫العناصإر الرئيسببية للعببرض الببذي ألقيتببه‬
‫أمام المنتدين‪.‬‬
‫في البداية وقفببت عنببد المنطلقبباتا‬
‫الرئيسببببية للحببببوار بيبببن الحضببباراتا‬
‫وحصرتها فيما يلي‪:‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫المنطلـــق الول‪ :‬وهبببو موقبببف‬


‫الخببر مببن السببلم والمسببلمين‪ ،‬ينظببر‬
‫الخببر إلببى المسببلمين باعتبببارهم أمببة‬
‫ضعيفة منعزلببة‪ ،‬وباعتبببارهم كببذلك غيببر‬
‫متسببببامحين‪ ،‬وميببببالين إلببببى العنببببف‬
‫والتعصب‪.‬‬
‫المنطلق الثاني‪ :‬وهببو أن العببالم‬
‫مقبببل علببى مببا ي مصببطلح علببى تسببميته‬
‫بالعولمة‪ .‬هذه العولمة المتسببترة خلببف‬
‫دى فببي ملمببح اقتصببادية‬ ‫العالميببة‪ ،‬تتببب ن‬
‫ومنافع مادية في غياب القيم التي بدونها‬
‫لن يحدث التببوازن العببالمي‪ .‬ولسببنا هنببا‬
‫بحاجة إلى أن نثبت أن السلم دين يدعو‬
‫مببة الكبببيرة‬
‫إلى العالمية‪ ،‬ويدعو إلببى ال ن‬
‫الواحدة ‪‬كنتم خير أمة أخرجت للناس‬
‫‪ ، ‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير‪‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪ ، ‬يا أيها النناس إنببا خلقنبباكم مببن ذكببر‬ ‫)‪(2‬‬

‫وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائببل لتعببارفوا‬

‫‪.110‬‬ ‫)‪ (1‬سورة آل عمران – الية‬


‫)‪ (2‬نفسهبا ‪ -‬الية ‪.104‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫إن أكرمكم عند اللببه أتقبباكم ‪ .‬الس لم‬


‫(‬ ‫‪(3‬‬

‫إذن ل يتعارض مع هببذه العالميببة‪ ،‬ولكببن‬


‫لبد من أن يكون هناك توازن‪.‬‬
‫المنطلق الثالث‪ :‬وهو أنه للدخول‬
‫فبببي هبببذا التبببوازن ببببرؤى وتصبببوراتا‬
‫إسببلمية‪ ،‬لببد مببن أن نقببوم بنقببد ذاتبي‬
‫لحوالنا الحاضرة وللواقببع الببذي نتخبببط‬
‫س الحاجببة إلببى‬ ‫فيه‪ ،‬والذي نحن في أمبب س‬
‫صببف‪،‬‬ ‫ذاتا‪ ،‬ولتوحيد ال ن‬‫مراجعته لتقوية ال ن‬
‫وللنتغلببب علببى بعببض المشببكلتا الببتي‬
‫يعانيها المسلمون‪ ،‬وفي طإليعتها انعببدام‬
‫أو ضببعف الحببوار والتبببادل فيمببا بيببن‬
‫المسلمين‪ ،‬فينبغي أن نتحاور فيمببا بيننببا‬
‫أول ا قبل أن نحاور الخر‪.‬‬
‫ثام إن الحببديث عببن السببلم وحببوار‬
‫الحضاراتا يقتضي مننا أن ننظبر فيمبا إذا‬
‫دم نموذجببا أو تصببورا‬ ‫كببان السببلم يقبب س‬
‫للحضببارة‪ .‬وهنببا ل بببد مببن استحضببار‬
‫)‪ (3‬سورة الحجراتا ‪ -‬الية ‪.13‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫أمرين‪ :‬أولهما أن الحضارة التي أسسببها‬


‫المسلمون قببامت علببى دعببائم وأسببس‬
‫ربما مببن أهمهببا المعرفبة البتي جبباء بهبا‬
‫السلم‪ ،‬وهي معرفة ليسببت كمببا يقببول‬
‫خصوم المسلمين معرفة غيبيببة‪ ،‬ولكنهببا‬
‫معرفة تقوم على التجريب والملمببوس‪،‬‬
‫وعلى اختبار الشياء‪ .‬أما المببور الغيبيببة‬
‫فقد وردتا في السلم بشببكل محلببول‪،‬‬
‫حتى ل يضيع فيها جهد الفكر السلمي‪.‬‬
‫ثابباني المريببن هببو اعتمبباد الحضببارة‬
‫السببلمية علببى مبببادئ وقيببم يمكببن أن‬
‫نجملهببا فببي مبببدأ "التقببوى"‪ .‬والتقببوى‬
‫كلمة جامعة‪ ،‬وما أحببوج المسببلمين إلببى‬
‫أن يعوها‪ ،‬لنها تتضمن جملببة مببن القيببم‬
‫عليهببا تقببوم الحضببارة وتتشببيد الثقافببة‬
‫ويتحقق التقدم العلمبي‪ ،‬مبن موضبوعية‬
‫ونزاهبببة فكريبببة وإخلصا وابتعببباد عبببن‬
‫الهواء والشهواتا‪.‬‬

‫‪- 15 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ول بد أن نضيف هنا أنه مبن السبس‬


‫النتي قببامت عليهببا الحضببارة السببلمية‪:‬‬
‫الشمولية والتكامل‪ .‬إنها حضارة لم تكن‬
‫أحادية منغلقة‪ ،‬وإنما كانت تمس مختلف‬
‫جبببوانب النسبببان ومتطلبببباتا الحيببباة‬
‫النسانية من أمور مادية وأمببور روحيببة‪،‬‬
‫فردية واجتماعيببة‪ ،‬مبا هبو نببافع ومبا هببو‬
‫ممتع‪.‬‬
‫تجرنببا هببذه النظببرة الشببمولية إلببى‬
‫تببببين دعامبببة أخبببرى فبببي الحضبببارة‬
‫السببلمية وهببي التفتببح الببذي عرفببه‬
‫المسببببلمون فببببي عهببببودهم الولببببى‬
‫المزدهرة‪ .‬يبدأ هذا التفتح مببن التقببارب‬
‫بيببن الجنبباس‪ ،‬وعببدم التعصببب لجنببس‬
‫معين‪ .‬ونعرف أنببه فببي السببلم ل فببرقا‬
‫بين عجمي وعربي إل بالتقوى‪ ،‬ول فببرقا‬
‫بين زيد وعمرو إل بالمقوماتا الببتي جبباء‬
‫بها السلم ودعا إليهببا ؛ ومببا سبوى ذلبك‬
‫فببإنه ل يوجببد مببا يمكببن أن يشببار إليببه‬
‫‪- 16 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بالتعصب أو التطببرف‪ .‬لقببد كببان التفتببح‬


‫على الخر من أسببس ازدهببار الحضببارة‬
‫السببلمية‪ ،‬وأكبببر مظهببر لببه هببو إقبببال‬
‫المسلمين على العلببوم وترجمتهببا‪ ،‬ولببم‬
‫يببتركوا إل مببا كببان فببي ذهنهببم أنهببم‬
‫متفوقون فيه مثل الشعر‪ ،‬لكن ما سببوى‬
‫ذلك‪ ،‬كمجال العلوم والفنون‪ ،‬فقببد عنببوا‬
‫به ونقلببوه دون أدنببى شببعور بببالنقص أو‬
‫الحرج‪.‬‬
‫يمكن أن نضيف فببي إطإببار دعامبباتا‬
‫الحضببارة السببلمية‪ :‬السببتقرار بكببل‬
‫جبببببوانبه القتصبببببادية والسياسبببببية‬
‫والجتماعية‪ ،‬وهو الببذي كببان خلببف هببذا‬
‫الزدهار البذي عرفتبه أمبة السبلم فببي‬
‫عهودها الولى‪ ،‬والذي نتجت عنه مظاهر‬
‫التقدم والرقي‪.‬‬
‫هنا ل بد مببن طإببرح سببؤال محببوري‪،‬‬
‫فهذه الحضارة التي أبببدعها المسببلمون‪،‬‬
‫هببل كببانت وليببدة المصببادفة ؟ أم كببانت‬
‫‪- 17 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫وليببدة منظببور ثاببابت ومسببتوف لكببل‬


‫الشروط التي جاء بهببا السببلم ؟ أجبباب‬
‫العرض على هذا السؤال بببأن الحضببارة‬
‫الببتي أبببدعها المسببلمون كببانت وليببدة‬
‫منظور يقوم على جملببة مقومبباتا‪ ،‬مببن‬
‫أهمها مقوماتا ثالثاة‪:‬‬
‫‪ -‬المقوما الول‪ :‬هو اليمان‬
‫‪ -‬المقــوما الثــاني‪ :‬هببو الببدعوة‬
‫إلببى العمببل‪ .‬وحيببن نقببول العمببل نعنببي‬
‫أيضا النتاج والبتكار والبداع‪.‬‬
‫‪ -‬المقوما الثالث‪ :‬هببو التواصإببل‬
‫معع الخببر‪ .‬وأنببا دائمببا أقببف عنببد سببورة‬
‫العصر التي تلخص المنظور السلمي‬
‫للحضببارة‪( :‬والعصببر إن النسببان لفببي‬
‫خسر‪ ،‬إل الذين آمنوا وعملوا الصببالحاتا‬
‫وتواصإوا بالحبق وتواصإوا بالصبر)‪.‬‬
‫نجد أنفسنا مضطرين للوقببوف عنببد‬
‫هذا المقوم الثببالث الببذي هببو التواصإببل‪،‬‬
‫صبر‪ .‬لمبباذا‬
‫من خلل التواصإي بالحق وال ن‬
‫‪- 18 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يبدعو السبلم إلبى التواصإبل ؟ الجبواب‬


‫المباشبببر لن هنببباك التعبببدد والتنبببوع‪،‬‬
‫والياتا التي تتحدث عببن ذلببك كببثيرة‪( :‬‬
‫ومبببن آيببباته خلبببق السبببمواتا والرض‬
‫واختلف ألسنتكم وألوانكم) )‪( ،(4‬يا أيهببا‬
‫الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) اليببة‪.‬‬
‫هببدف التواصإببل بببالطبع هببو التعببارف‬
‫والتعامل مببع الخببر‪ .‬ويقتضببي التعببارف‬
‫جملببة أشببياء نتحببدث عنهببا اليببوم‪ ،‬منهببا‬
‫التعببايش والتسببامح والتسبباكن وتبببادل‬
‫المصالح والمنافع‪.‬‬
‫دم السببلم هببذا التواصإببل أو‬ ‫كيف يق س‬
‫صبببر ؟ هنبباك‬‫هببذا التواصإببي بببالحق وال ن‬
‫داعر النقبباش‬
‫أسلوبان اثانان هما اللببذان ي مبب ع‬
‫حولهمببا فببي العببالم المعاصإببر‪ ،‬أسببلوب‬
‫الصراع‪ ،‬وأسلوب الحوار‪.‬‬
‫قبل أن نتحدث عببن أسببلوب الحببوار‬
‫الذي كان صإببلب نببدوة طإهببران‪ ،‬أرى أن‬

‫)‪ (4‬سورة الروم ‪ -‬الية ‪.22‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫صبببراع‪.‬‬‫أشبببير قببببل إلبببى أسبببلوب ال س‬


‫صراع‪ ،‬لذا نقرأ في‬ ‫فالسلم ل يستبعد ال ن‬
‫صراع بين‬ ‫بعض الياتا إشارة لموضوع ال ن‬
‫البشر وبين الثقافاتا والحضاراتا‪ .‬يكفي‬
‫أن نسوقا الية الكريمة التي جبباءتا فببي‬
‫مكانين مختلفين ومدلولهما واحد‪( :‬ولول‬
‫دفاع النله الناس بعضهم لبعض لفسببدتا‬
‫الرض) ‪( ،‬ولببول دفبباع النلببه النبباس‬
‫)‪(5‬‬

‫بعضببهم لبعببض لهببدمت صإببوامع وبيببع‬


‫وصإلواتا ومساجد يذكر فيهببا اسببم اللببه‬
‫كببثيراا‪ ،‬ولينصببرن النلببه مببن ينصببره) ‪.‬‬
‫)‪(6‬‬

‫صببراع مببع‬ ‫واضح أن السلم ل يستبعد ال ن‬


‫الخرين حين يقتضي المر ذلببك‪ .‬وعلببى‬
‫صببراع فكريببا‪ ،‬وقببد‬‫كل حال فقد يكون ال س‬
‫يكون حضاريا‪ ،‬وقد يكببون كببذلك حربيببا‪.‬‬
‫وقد أذن النله تبارك وتعالى بالمقاتلة لرد‬

‫)‪ (5‬سورة البقرة ‪ -‬الية ‪.251‬‬


‫)‪ (6‬سورة الحج – الية ‪.40‬‬
‫‪- 20 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫العتداء (أذن للذين يقاعتلون بأنهم ظلموا‬


‫وأن النله على نصرهم لقدير)‪.‬‬
‫)‪(7‬‬

‫السببلوب الثبباني هببو الحببوار‪ ،‬بببل‬


‫يمكننا أن نقول وبكببل تأكيببد أن السببلم‬
‫دين الحوار بامتياز ومن جوانب متعببددة‪.‬‬
‫فببي المنطلببق يكفببي أن نتلببو القببرآن‬
‫الكريبببم‪ ،‬وأن نسبببتعرض لغتبببه لكبببي‬
‫نسببتخرج معجمببا ا شببامل ا متكببامل ا كلببه‬
‫دة‬
‫يببدور حببول الحببوار بمببا فببي ذلببك مببا ن‬
‫الحوار نفسها‪ ،‬بحيبث نجبد الحببديث عببن‬
‫التحبباور وعببن المجادلببة وعببن البرهببان‬
‫وعن الحجج‪ ،‬أي مببا هببو متصببل بببالحوار‬
‫في شتى أشببكاله‪ .‬هببذا أمببر أول‪ ،‬المببر‬
‫الخر نجببد أن اللببه سبببحانه فببي قرآنببه‪،‬‬
‫وهو يحثنا علببى أن نقبببل الخببر ونتحبباور‬
‫معببه ول نغمطببه حقببه‪ ،‬يعطينببا المثببال‬
‫بنفسه جلت قدرته‪ ،‬أنه يحاور الصببالحين‬
‫ويحاور غير الصببالحين‪ ،‬ويخبرنببا القببرآن‬

‫نفسهببا – الية ‪.39‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الكريم ببأن النلبه سببحانه يحبباور النبيبباء‬


‫والملئكة وحتى الشياطإين‪.‬‬
‫درس‬ ‫افتح هنا قوسببا لشببير إلببى البب ن‬
‫الحسني الذي كنت تشرفت بإلقائه أمام‬
‫حضرة صإاحب الجللة حفظه الل نببه‪ ،‬فقببد‬
‫تناولت فيه الحببوار الببذي دار مببع سببيدنا‬
‫إبراهيم عليه السلم‪ ،‬ووقفبت قليل ا عنبد‬
‫السلوب الذي كان الله تعالى يحاوره به‬
‫ن سيدنا إبراهيم قرين له‪ ،‬تعالى الله‬ ‫ع‬
‫وكأ ن‬
‫عن ذلك‪ ،‬ويتنازل لببه‪ ،‬ويقنعببه بالوسببائل‬
‫سببلم‪ .‬هببذا‬ ‫التي يمكنببه إدراكهببا عليببه ال ن‬
‫درس مببببن دروس القببببرآن العظيمببببة‬
‫للكيفيببة الببتي ينبغببي أن يكببون عليهببا‬
‫الحوار‪.‬‬
‫هذا الحوار الببذي يببدعو إليبه القببرآن‬
‫سببلم‬‫الكريم غايته قديما وحديثا إحلل ال ن‬
‫بين البشر‪ .‬وقضية السلم فببي القبببرآن‬
‫هببي أيضببا قضببية معروفببة (وإن جنحببوا‬

‫‪- 22 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫للسلم فاجنح لها )‪( ،‬يا أيها الذين آمنوا‬


‫)‪(8‬‬

‫سلم كافة )‪ .‬الببدعوة إلببى‬


‫)‪(9‬‬
‫ادخلوا في ال ن‬
‫سببلم فببي القببرآن ل تحتبباج إلببى بيببان‬
‫ال ن‬
‫كبير لبرازها وتبين إلحاح السلم عليها‪.‬‬
‫مبا هبو السباس البذي يكمبن خلبف‬
‫هببذه الغايببة ؟ لمبباذا يببدعونا السببلم‬
‫للببدخول فببي السببلم ؟ السبباس هببو‬
‫الحفاظ على التكريم الذي خص الل ه ببه‬
‫النسببان‪ ،‬فببالنله تبببارك وتعببالى كببرم‬
‫النسببان بببأن أعطبباه حريتببه‪ ،‬وأعطبباه‬
‫المنافع والخيببراتا‪ ،‬ورزقببه مببن حيببث ل‬
‫يعلببم (ولقببد كرمنببا بنببي آدم) ‪ ،‬فلكببي‬
‫)‪(10‬‬

‫سلم ل بد مببن أن نحببافظ علببى‬ ‫نحقق ال ن‬


‫سببلم قائمببا علببى‬‫التكريم‪ ،‬إن لم يكن ال ن‬
‫التكريبببم‪ ،‬أي علبببى العبببتراف للن نببباس‬

‫)‪ (8‬سورة النفال ‪ -‬الية ‪.61‬‬


‫)‪ (9‬سورة البقرة – الية ‪.208‬‬
‫)‪ (10‬سورة السراء – الية ‪.70‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بحريبباتهم وحقببوقهم‪ ،‬فببإنه ل يمكببن أن‬


‫يكون سلم‪.‬‬
‫نصل هنا إلى تسبباؤل محببوري آخببر‪:‬‬
‫مببا هببي الوسببيلة الببتي يراهببا السببلم‬
‫للحببوار ؟ أي كيببف يبببين لنببا السببلم أن‬
‫نحبباور ؟ واضببح أن تسبباؤلنا هببذا يتعلببق‬
‫بالمنهجيببة السببلمية فببي الحببوار‪ .‬هببذه‬
‫المنهجية هي الببتي تحتبباج إلببى أن يقتنببع‬
‫بهببا الخببرون وأن يعببترفوا بهببا‪ ،‬وبببذلك‬
‫ميعترف للمسلمين بقدرتهم على الحببوار‬
‫وفقهببا‪ .‬يببدعو الل نببه تبببارك وتعببالى إلببى‬
‫الحوار بهذه المنهجيببة‪( :‬ادع إلببى سبببيل‬
‫ربببببك بالحكمبببة والموعظبببة الحسبببنة‬
‫وجادلهم بالتي هي أحسن) ‪ .‬المنهجية‬
‫)‪(11‬‬

‫تبدأ بالحكمة وهي الجامعة للخير‪ ،‬يمكببن‬


‫أن تلقببى بالكلمببة‪ ،‬ويمكببن أن تعطببى‬
‫بالمثببال والنمببوذج‪ ،‬ويمكببن أن منسببنربها‬

‫‪ -‬الية ‪.125‬‬ ‫سورة النحل‬ ‫)‪(11‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫للخرين ونقنعهببم بهببا بأسبباليب مختلفببة‬


‫كلها تدخل في نطاقا الحكمة‪.‬‬
‫الموعظببة أيضببا هببي الكلمببة الببتي‬
‫تقوم على النلين‪ ،‬وتصل إلى قلببب الخببر‬
‫بطريقة ليس فيها عنف أو إزعاج‪ ،‬وليس‬
‫فيها ما يببثيره ضببدك‪ .‬وقضببية الموعظببة‬
‫الحسنة هي تأكيد للكيفية التي ينبغي أن‬
‫تكون بها الموعظة‪ .‬كان من الممكن أن‬
‫تكتفي الية بالموعظببة‪ ،‬ولكنهببا وصإببفتها‬
‫بالحسببنة‪ ،‬لكببي تكببون أكببثر قببوة فببي‬
‫التببأثاير‪ .‬وقببد ألببح القببرآن الكريببم علببى‬
‫الموعظببة الحسببنة فببي مواقببف كببثيرة‪.‬‬
‫ومببن المواقببف الصببعبة الببتي أمببر الل نببه‬
‫سبحانه أنبياءه بأن يلتزموا بها في حكمة‬
‫ولين‪ ،‬حين طإلب جل جلله مببن موسببى‬
‫سببلم أن يببذهبا إلببى‬ ‫وهببارون عليهمببا ال ن‬
‫فرعون لمخاطإبته (اذهبا إلى فرعون إنه‬
‫طإغى‪ ،‬فقول له قول ا لينا) ‪ .‬وعليه فببإن‬
‫)‪(12‬‬

‫سورة طإبه – اليتان ‪.44-43‬‬ ‫)‪(12‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الل نيبببن والموعظبببة الحسبببنة همبببا مبببن‬


‫كلتا المنهج الذي يدعو إليه السلم‬ ‫مش س‬
‫م‬
‫في الحوار بعد الحكمة‪.‬‬
‫كل الثببالث فببي‬ ‫مشبب س‬‫ثام نببأتي إلببى ال م‬
‫المنهجيببة السببلمية وهببو المجادلببة‪( :‬‬
‫وجببادلهم)‪ .‬فحيببن ل تنفببع الحكمببة‪ ،‬ول‬
‫تنفبببع الموعظبببة الحسبببنة نصبببل إلبببى‬
‫المجادلببة‪ .‬لكببن هببذه المجادلببة ل تعنببي‬
‫التعنيف‪ ،‬ول تعني الخصببام‪ ،‬وإنمببا تعنببي‬
‫تبادل الحجببج ومحاولببة القنبباع بهببا‪ .‬هنببا‬
‫أيضا الثقافة السببلمية مليئببة بمببا يببدعو‬
‫)‪(13‬‬
‫إلى ذلك (قل هاتوا برهانكم)‪.‬‬
‫هببذا الحببوار الببذي رسببمنا معظببم‬
‫ملمحببه لحببد الن سببيدور حببول مبباذا ؟‬
‫نحن المسلمين جربنا الحوار مببع جهبباتا‬
‫متعبببددة‪ ،‬جربنببباه فيمبببا بيننبببا أي بيبببن‬

‫)‪ (13‬سورة البقرة )الية ‪ (111‬وسورة النبياء )الية ‪(24‬‬


‫وسببببببببببببببببببببببببببورة النمببببببببببببببببببببببببببل‬
‫)الية ‪.(64‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫المذاهب السلمية‪ ،‬والملتقياتا في هببذا‬


‫الحوار كثيرة وأعطى بعض ثاماره‪ .‬وكان‬
‫المغرب ول يزال رائدا ا فيه بحيببث دشببن‬
‫جللة الملك حفظببه اللببه منببذ أزيببد مببن‬
‫عشببر سببنواتا هببذا النببوع مببن الحببوار‪،‬‬
‫باستقباله لمجموعة مببن العلمبباء جبباءوا‬
‫مببن إيببران ومببن مجمببع التقريببب بيببن‬
‫المذاهب وبحضور عدد من الكبباديميين‪،‬‬
‫واجتمعنا هنا فببي الكاديميببة لمببدة ثالثاببة‬
‫أيام أو أربعة‪.‬‬
‫ثاببم إننببا نحببن المسببلمين حاورنببا‬
‫ونحبباور المسببيحيين‪ ،‬بببل إن المغببرب ‪-‬‬
‫وهو دائما الرائببد فبي هببذا المجببال ‪ -‬لببم‬
‫يكتببف بالببدعوة لمحبباورة المسببيحيين‪،‬‬
‫ولكن أدخل اليهببود كببذلك‪ .‬وقببد أعطببى‬
‫هذا الحوار بشائر بإمكان متببابعته بعببدما‬
‫سنة الماضية برعايببة ملكيببة‬ ‫دشن في ال ن‬
‫سامية‪.‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫إن الحوار الذي يدار لحد الن هو مع‬


‫أصإحاب دياناتا‪ ،‬تقوم الدعوة إليببه علببى‬
‫القرار باليمببان بببالله وتوحيببده كعنصببر‬
‫يجمببع المعتقببداتا الثلثاببة‪ .‬لكببن الوضببع‬
‫يتغيبببر حيبببن ننتقبببل إلبببى الحبببوار مبببع‬
‫الحضاراتا النسانية العالميببة‪ .‬هنببا ل بببد‬
‫أن أشير إلببى ملحظببة وجيهببة نبببه إليهببا‬
‫زميلنا الببدكتور عببز الببدين العراقببي فببي‬
‫جلسة خاصإة قبل الجلسة العلنية العامببة‬
‫للنندوة‪ ،‬وهي أننا سنحاور غيببر المببومنين‬
‫سنة ‪ ،2001‬سنحاور أمما وشببعوبا بعضببها‬
‫يبببدين ببببالنله وبالمعتقبببداتا السبببماوية‪،‬‬
‫وبعضببببها ل يببببدين بشببببيء‪ ،‬أو يببببدين‬
‫بمعتقببببداتا أخببببرى‪ .‬فهببببل سببببيظل‬
‫المسلمون يركزون على عنصببر اليمببان‬
‫كقاعدة للحوار ؟‬
‫ل بد هنببا أن ميفتببح أفببق آخببر‪ ،‬إذ مببن‬
‫الممكبببن أن يحببباور المسبببلمون غيبببر‬
‫المبببومنين مبببن أصإبببحاب الحضببباراتا‬

‫‪- 28 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الخببرى‪ ،‬عببن طإريببق القيببم ومبببادئ‬


‫السبببلوك العبببام‪ ،‬أي مبببن خلل هببباته‬
‫المقومببباتا البببتي وقبببع تناسبببيها فبببي‬
‫الحضارة المعاصإرة‪ ،‬وأوقعببت النسببانية‬
‫فبببي بعبببض المشبببكلتا‪ ،‬سبببواء بيبببن‬
‫الشعوب‪ ،‬أو بين الرجل والمرأة‪ ،‬أو بيببن‬
‫السر ؛ بحيث هناك مجموعة مببن القيببم‬
‫تقببوم علببى احببترام الخببر‪ ،‬واحببترام‬
‫الكرامة النسانية‪ .‬لهذا وقع التركيز فببي‬
‫خلصإبباتا النببدوة علببى أن الحببوار مببع‬
‫الحضاراتا الخرى ممكببن‪ ،‬والمسببلمون‬
‫مستعدون له عن طإريق هذه القيم حيببن‬
‫ل يتوافر مبدأ اليمببان‪ .‬نحببن مسببتعدون‬
‫لن نحبباور غيرنببا مببن البببوذيين وعبببدة‬
‫الشبببيطان وعببببدة الشبببمس‪ ،‬ومبببن‬
‫اللدينييببن والملحببدة‪ ،‬أن نحبباورهم فببي‬
‫حضبباراتهم وثاقافبباتهم مببن خلل القيببم‬
‫النسانية التي يمكن أن تكون مشببتركة‪،‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ث البشرية اليوم على‬


‫والتي يمكن أن تح ن‬
‫تصحيح المسيرة وتبادل الخذ والعطاء‪.‬‬
‫وقببع الببتركيز فببي النببدوة علببى هببذا‬
‫الجانب القيمي‪ ،‬باعتبار أن أزمببة العببالم‬
‫اليوم هي أزمببة قيببم‪ ،‬والمسببلمون لهببم‬
‫كامل المؤهلتا والقدراتا‪ ،‬ولهببم رصإببيد‬
‫من هذه القيم البتي مبن خللهبا يمكنهبم‬
‫أن يحاوروا الحضاراتا المختلفة‪.‬‬
‫أكتفي بهذه الخطاطإببة البتي حبباولت‬
‫من خللها أن أعكس بعض مببا قلتببه فببي‬
‫الندوة‪ .‬ومن حسن حظ حديثي اليوم أن‬
‫يكببون حاضببرا بيننببا زميلنببا الببدكتور عببز‬
‫الدين العراقي الذي تببرأس هببذه النببدوة‬
‫فببي طإهببران‪ ،‬بحكمببة ومعرفببة وقببدرة‬
‫فائقة‪ ،‬مع الحببرصا علببى تجنببب كببل مببا‬
‫يمكبببن أن يحيبببد بهبببا عبببن الطريبببق‪،‬‬
‫فاسببتطاعت فببي نهايببة المببر أن تخببرج‬
‫ث علببى‬‫بمجموعة من القراراتا كلها تحبب ن‬
‫الحببوار وتبببين خطببواته واسببتعداد المببة‬
‫‪- 30 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫السلمية له‪ ،‬من خلل منظمة المببؤتمر‬


‫السلمي‪ ،‬ولجرائببه مببع المببومنين ومببع‬
‫غيرهم‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫هل يوجد حوار‬


‫إسإلمي إسإلمي ؟‬

‫_______________‬
‫قدما هذا العرض ارتجال ل في إطــار "أحــاديث‬
‫الخميس" بأكاديمية المملكــة المغربيــة يـوما‬
‫الخميس ‪ 25‬رجب ‪1423‬هـــ الموافــق ‪ 3‬أكتــوبر‬
‫‪2002‬ما‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫‪- 33 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الحمد لله رب العالمين‬


‫والصــلةا والســلما علــى سإــيدنا‬
‫محمـــد وعلـــى آلـــه وصـــحبه‬
‫أجمعين‬

‫السيد مدير الجلساتا‬


‫السيد أمين السر الدائم‬
‫السادةا الزملءا‬
‫سيتطرقا هبذا الحبديث بإيجباز لعبدد‬
‫مببن النقببط المتعلقببة بهببذا الموضببوع‪.‬‬
‫فالحوار كما ل يخفى على أين أحد أصإبببح‬
‫يثار منذ عقود‪ ،‬ووقببع الببتركيز فيببه علببى‬
‫الببدين‪ ،‬باعتبببار أن الببدين هببو المكنيببف‬
‫للثقافبباتا‪ ،‬والمببؤسثار فببي العلقبباتا بيببن‬
‫النبباس وبيببن المجتمعبباتا‪ .‬هكببذا كببان‬
‫الحبببوار السبببلمي المسبببيحي‪ ،‬وكبببان‬
‫الحوار بيببن الببدياناتا السببماوية الثلثاببة‪،‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫وكان الحوار الببذي ضببم حببتى مجموعببة‬


‫من المذاهب والمعتقداتا المختلفة غيببر‬
‫الدياناتا السببماوية‪ .‬وتببذكرون مببن دون‬
‫شك عددا ا من هذه اللقاءاتا‪ .‬والمغببرب‬
‫أيضببا ا كببان لببه نصببيب فببي ذلببك‪ .‬وأنببا‬
‫شخصيا ا أتيح لي أن أشببارك كمببا شببارك‬
‫بعبببض البببزملء فبببي هبببذه النلقببباءاتا‬
‫الحوارية‪ ،‬ولكن تبين حين يكببون الحببوار‬
‫مببع الببدياناتا‪ ،‬هنبباك دائمببا ا نظببرة إلببى‬
‫السلم قائمة علببى الجهببل‪ ،‬وفيهببا نببوع‬
‫مببن السببتعلء‪ .‬ثاببم إن هببذه الحببواراتا‬
‫بصفة عامة تتم في جو احتفبالي‪ ،‬وغالببا ا‬
‫ما يطغى عليها ولو بطريقة خفية عنصببر‬
‫التبشير‪ .‬وهذا بصفة خاصإببة فببي الحببوار‬
‫مع المسلمين‪ .‬أما بالنسبببة للحببوار بيببن‬
‫المسيحية واليهودية فالمسيحيون عرفوا‬
‫فون حسببابهم مببع اليهببود فببي‬ ‫كيببف يصبب ن‬
‫قضية المسيح‪.‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بطبيعببة الحببال‪ ،‬نحببن المسببلمين ل‬


‫نخشببى مببن الحببوار‪ ،‬لن ديننببا هببو ديببن‬
‫الحوار بامتياز‪ .‬والقرآن الكريم هو كتاب‬
‫أساسه الحوار‪ ،‬والله تبارك وتعالى حاور‬
‫الجميببع‪ ،‬حبباور الملئكببة‪ ،‬حبباور النبيبباء‪،‬‬
‫حببباور المبببؤمنين المنبببافقين‪ ،‬حببباور‬
‫الشببيطان‪ ،‬بحيببث أن القببرآن الكريببم‬
‫يتضمن معجما ا للحببوار ل مثيببل لببه‪ .‬إذن‬
‫نحن المسلمين ليس عندنا مشببكل فببي‬
‫قضية الحوار مع الخر ؟ ولكببن أل يكببون‬
‫من المهم أن نتحاور مع أنفسببنا قبببل أن‬
‫منحبباور الخببر‪ ،‬خاصإببة ونحببن لببدينا هببذا‬
‫الرصإببيد الغنببي فببي الحببوار‪ .‬هببل نحببن‬
‫دخول في الحببوار مببع الخببر‪،‬‬ ‫مؤهلون لل ن‬
‫طإالمببا أننببا لببم نحبباور أنفسببنا ؟ ولهببذا‬
‫طإرحبببت السبببؤال‪ :‬هبببل يوجبببد حبببوار‬
‫إسلمي إسببلمي ؟ أي حببوار مببع الببذاتا‬
‫قبل أن يكون مع الخر‪.‬‬

‫‪- 36 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يمكببن أن نقببول إن هببذا الحببوار ل‬


‫نثيره كمببا ينبغببي أن يثببار‪ ،‬لكببونه يببواجه‬
‫مجموعة من العوائق‪ ،‬هي عوائق باطإنية‬
‫نفسببية يشببعر بهببا كببل طإببرف‪ ،‬ولكببن ل‬
‫يثيرها ول يتحدث عنها‪ .‬مثل ا هناك عوائق‬
‫بين المذاهب المختلفة‪ :‬أهل السنة‪ ،‬أهل‬
‫الشيعة‪ ،‬الباضببيون‪ ،‬وهببذا يعنببي أن كببل‬
‫توجه مببن هببذه التوجهبباتا المذهبيببة لببه‬
‫تمسك وتشبث واعتزاز بمببا يعتقببد وبمببا‬
‫يؤمن به‪ .‬وإذا تحدث الطرف الخر فإنما‬
‫يبقى الحديث في إطإار المجاملة‪ .‬نفببس‬
‫الشببيء حببتى بالنسبببة لمببذاهب أهببل‬
‫السنة‪ ،‬حين يلتقي أهل السنة‪ ،‬فببإن كببل‬
‫طإرف يظل محتفظا ا ومتمسكا ا إلى أبعبد‬
‫الحببدود بمببا هببو فببي مببذهبه‪ ،‬ويبقببى‬
‫الحديث في إطإار المجاملة‪ .‬أنبا شخصبيا‬
‫حيببن ألحببظ هببذه الملحظببة‪ ،‬أعتبببر أن‬
‫وراءها جانبا ا سياسببيا ا لن أصإببحاب هببذه‬
‫المذاهب سوااء في السنة أو في الشيعة‬

‫‪- 37 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫أو الباضبية‪ ،‬هببؤلء جميعببا ا ارتبطببوا منبذ‬


‫البدايبببة بالسياسبببة‪ ،‬أي كبببان للعامبببل‬
‫السياسبببي الثابببر الكببببير فبببي إيجببباد‬
‫المببذاهب‪ ،‬وفببي إيجبباد الفجببواتا بينهببا‪،‬‬
‫وظل العنصر السياسببي يسببتبد ويطغببى‬
‫إلى أن أصإبح يشببكل كيببان كببل مببذهب‪.‬‬
‫مببا إذا مببا‬
‫إن كل من يميببل إلببى مببذهب ن‬
‫تخنلى عن مذهبه‪ ،‬أو تخنلى عن جانب من‬
‫جببوانبه‪ ،‬فببإنه يشببعر كببأن سياسببته أو‬
‫ست‪.‬‬ ‫م ن‬
‫سياسة وطإنه قد م‬
‫تتاح الفرصإببة لنببا أن نحضببر مببؤتمرا ا‬
‫عربي نا ا أو إسببلمي نا ا أو دولي نبباا‪ ،‬ويريببد بعببض‬
‫العضببباء المسبببلمين أن يبببؤدوا صإبببلة‬
‫المغرب‪ ،‬فيحدث نببوع مببن الضببطراب‪،‬‬
‫م بجماعببة‪،‬‬ ‫من هو الشببخص الببذي سببيؤ ن‬
‫بعضببهم مببن أهببل السببنة وبعضببهم مببن‬
‫الشيعة‪ .‬ومن بين أهل السنة يوجببد مببن‬
‫هو منتسب لمذهب منهببا دون آخببر‪ ،‬مببع‬
‫أن المسألة ل أثار لها ول يمكن ول ينبغببي‬

‫‪- 38 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫أن تببثير أين خلف أو أين جببدل‪ .‬ويمكببن‬


‫كذلك أن أعطي مثل ا بببالجمع الببذي كببان‬
‫قببد عقببد هنببا فببي الكاديميببة بيببن أهببل‬
‫السنة وأهل الشببيعة‪ ،‬وفببي اليببوم الول‬
‫حان وقت صإلة المغرب‪ ،‬فألححت علببى‬
‫رئيس الوفببد اليرانببي الببذي هببو رئيببس‬
‫م‬
‫المجمع للتقريب بين المببذاهب‪ ،‬أن يببؤ ن‬
‫بنببا‪ ،‬فتعجببب لببول أنببى قببدمته بإصإببرار‪،‬‬
‫فأكبر ذلك وقدره‪ .‬ونفس الشببيء ي مقببال‬
‫بالنسبة لمذاهب أهببل السببنة‪ ،‬السببؤال‪:‬‬
‫هببل يمكببن تجبباوز هببذه الخلفبباتا الببتي‬
‫تشكل العنصر المؤثار في هذه المواقف‪،‬‬
‫والتي تحببول دون أن يكببون هنبباك حببوار‬
‫فيما بيننا نحن المسلمين ؟‬
‫أسببباب ذلببك عديببدة أولهببا الجهببل‪.‬‬
‫أهببل السببنة يجهلببون مببا عنببد الشببيعة‪،‬‬
‫وبحكم تشبثهم المكين بالمذهب‪ ،‬سببواء‬
‫المبببالكي أو الشبببافعي أو الحنبلبببي أو‬
‫الحنفي‪ ،‬قلما يتجاوزون المذهب‪ .‬أما أن‬

‫‪- 39 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫نعرف ما عند الباضية أو ما عند الشببيعة‬


‫فهذا شيء غير متببوفر‪ .‬ونفببس الشببيء‬
‫عند الشيعة‪ ،‬إل أن الشيعة أكببثر معرفببة‬
‫منببا بالمببذاهب السببنية‪ ،‬لكببن مببع ذلببك‬
‫يثيرون المشباكل‪ .‬حضبرتا عببدة مببراتا‬
‫ه‬ ‫م‬
‫جبب م‬
‫في إيببران‪ ،‬وفببي كببل مببرة كنببت أوا ع‬
‫بقضببية عاشببوراء ومببا يأخببذه علماؤهببا‬
‫علينا فيها من مظبباهر احتفاليببة‪ ،‬لدرجببة‬
‫دم بحثببا ا فببي‬
‫أنني اضطررتا مرة أن أقبب س‬
‫طإهبببران عبببن عاشبببوراء‪ ،‬وبنينبببت أن‬
‫المسببألة بعيببدة عببن التشببفي فببي أهببل‬
‫البببيت‪ .‬وعليببه فحببتى حيببن نحبباول أن‬
‫نبحببث عببن إمكانيببة للتقببارب‪ ،‬ونحضببر‬
‫مببؤتمراتا لببذلك‪ ،‬يكببون المببر مجببرد‬
‫حتفال‪.‬‬ ‫ا ح‬
‫هنببباك مجموعبببة مبببن القضبببايا أود‬
‫طإرحها هنا‪ ،‬وتتعلق بالعقيببدة‪ .‬أظببن أنببه‬
‫لم يعد هناك مبرر لكي نختلف فيها ؛ لببم‬
‫يبببق عنببدنا معتزلببة ول مببن ينبباقش فببي‬

‫‪- 40 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫قضية الصفاتا‪ ،‬ول من يجادل في قضبية‬


‫خلق القببرآن‪ .‬كببل هببذه الشببياء منتهيببة‬
‫الن‪ ،‬أعني في موضوع العقيدة ل ينبغببي‬
‫أن يقبببع أين خلف بيبببن مسبببلم وآخبببر‪.‬‬
‫بخصوصا قضية الفقه لماذا ل يبذل جهببد‬
‫في التقريب بين المببذاهب الفقهيببة مببن‬
‫خلل ما هو ميسر وما هو سببهل ؟ وهببذه‬
‫القضية سبق لي أنا شخصيا ا أن ناقشببتها‬
‫في جلسة مببع جماعببة ترفببض أن ميعمببل‬
‫سر الببذي هببو موجببود فببي المببذاهب‬ ‫بالي م ح‬
‫المختلفببة‪ .‬فمثل ا فببي المببذهب الحنفببي‬
‫ميسر نأخذ به في قضبية مبن‬ ‫حكم م‬ ‫هناك م‬
‫القضبايا‪ .‬فبي المبذهب الشبافعي هنباك‬
‫حكم ميسر في قضية من القضببايا نأخببذ‬
‫به ونسهل على الناس أمببر دينهببم وأمببر‬
‫فقههببم‪ ،‬وأكيببد أنببه مببن خلل العناصإببر‬
‫التيسيرية‪ ،‬ولو وصإل المر إلى حد ن الخذ‬
‫ببعض الرخببص‪ ،‬نحببل مشببكل الفقببه إذا‬
‫بببذل الفقهبباء جهببداا‪ ،‬ولكببن دون اعتمبباد‬

‫‪- 41 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫جميع رخببص المببذاهب واتخاذهببا مببذهبا ا‬


‫جديداا‪ .‬أضببف إلببى كببل هببذا أنببه ليسببت‬
‫هنبباك دراسببة أو جهببد يقببرب أو يببأتي‬
‫بالعناصإببر الببتي يمكببن أن تقببرب بيببن‬
‫المذاهب‪ ،‬إذ حتى الموسببوعاتا الفقهيببة‬
‫ل تزيببد شببيئا ا علببى عمليببة تجميببع آراء‬
‫المببذاهب وأحكامهببا وضببم بعضببها إلببى‬
‫بعض‪.‬‬
‫يبقببى العنصببر الخببر المهببم‪ ،‬وهببو‬
‫عنصببر القيببم والمعبباملتا‪ .‬هببذه نقطببة‬
‫ينبغببي أن نتفببق فيهببا نحببن المسببلمين‪،‬‬
‫لنها ت مببثير لنببا مشبباكل مببع غيرنببا‪ ،‬سببواء‬
‫فيمبببا يتعلبببق بالحبببدود أو المعببباملتا‬
‫الجتماعيببة أو القضببائية أو غيرهببا مببن‬
‫القضايا‪ .‬هنا ل بد من بذل جهد د آخببر مببن‬
‫نوع آخببر‪ ،‬لكببي نصببل إلببى مببا يمكببن أن‬
‫يكون مقبول ا ليس فقط عند المسلمين‪،‬‬
‫ولكن أيضا ا عند غيرهم‪ ،‬ل سيما بالنسبببة‬
‫لبعض القضببايا الببتي تثببار علببى الصببعيد‬

‫‪- 42 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الدولي العام‪ .‬لهذا يجب علينا جميعببا ا أن‬


‫نراجع بعض الشياء‪ ،‬ولسببنا نحببن اليببوم‬
‫الببذين نبببدع ذلببك‪ ،‬فسببيدنا عمببر بببن‬
‫الخطاب أسببقط حببد السببرقة حيببن رأى‬
‫الظببرف غيببر مناسببب لقببامته‪ .‬ولهببذا‬
‫ينبغبببي أن تكبببون هنببباك إرادة‪ ،‬وإرادة‬
‫علميببة مجببردة‪ ،‬وليببس تحببت الضببغط‬
‫السياسي‪ ،‬لنببه مببع كببل أسببف أصإبببحت‬
‫المبببذاهب شبببعاراتا سياسبببية‪ .‬أصإببببح‬
‫المذهب جزءا ا من الكيببان‪ .‬هببذا ل بببأس‬
‫مببق‬‫به‪ ،‬ولكببن ليببس إلببى الحببد الببذي يع ن‬
‫الفببوارقا بيببن المسببلمين‪ ،‬ل سببيما فببي‬
‫هببذه المرحلببة الببتي نسببعى فيهببا إلببى‬
‫التقريب بيببن المببذاهب‪ ،‬والببتي نريببد أن‬
‫ون فيها واجهة واحدة لنخاطإب غيرنا‪.‬‬ ‫منك س‬
‫والحقيقة أن هذا المببر ليببس سببه ا‬
‫ل‪،‬‬
‫المجتمعاتا ل تنتظر ما سبيفعله الفقهباء‬
‫أو العلمببباء‪ ،‬المجتمعببباتا تبحبببث عبببن‬
‫نفسها‪ .‬وهنا سأعطي مثل بالمغرب‪ ،‬فهو‬

‫‪- 43 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫من الدول القليلة التي احتفظببت بوحببدة‬


‫مببذهبها منببذ قببرون‪ ،‬أي منببذ المببولى‬
‫ادريببس‪ .‬طإبعببا ا كببان المغاربببة يأخببذون‬
‫بمببذهب أبببي حنيفببة‪ ،‬وببعببض المببذاهب‬
‫الخارجية‪ ،‬وبعض مذاهب الشيعة‪ ،‬ولكببن‬
‫اسببتقر المببر علببى المببذهب المببالكي‬
‫وعلى أن يكونوا من أهل السنة‪ ،‬واستمر‬
‫المر طإوال هذه القرون الثاني عشر‪ ،‬إل‬
‫فببي بعببض الوقبباتا ؛ ونحببن نعببتنز بببذلك‬
‫ونفتخببر بببه‪ .‬ووحببدة المببذهب كببانت‬
‫عنصرا ا مهما ا مببن العناصإببر الببتي جعلببت‬
‫محكمة العدل الدوليببة تقببر لنببا بمغربيببة‬
‫الصببحراء‪ .‬هببذا يعنببي أن هنبباك تبعيببة‬
‫مذهبيببة‪ ،‬وهببذا عنصببر جيببد‪ .‬ولكببن إذا‬
‫لحظنببا المجتمببع اليببوم‪ ،‬هنبباك أنبباس‬
‫يطبقببون المببذهب المببالكي‪ ،‬وآخببرون‬
‫يطبقببون مببذاهب أخببرى‪ ،‬لن هببذا يتبببع‬
‫فتبباوى القنبباة المصببرية‪ ،‬والخببر يتبببع‬
‫فتاوى القناة السعودية‪.‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫هنببببباك اضبببببطراب مبببببذهبي لن‬


‫المجتمعاتا بدأتا تشعر بأن ل بد مببن أن‬
‫يكون هناك شببيء آخببر‪ .‬النباس يببذهبون‬
‫مثل إلى الحج لداء فريضة الحببج أو لداء‬
‫العمببرة‪ ،‬فيببأتون بثقافبباتا دينيببة أخببرى‪،‬‬
‫فيقولون أنا رأيت الفقيه في الحرم كيف‬
‫يصببلي‪ ،‬ورأيببت المببام فببي غيببره كيببف‬
‫يخطبببب ‪ ...‬إلبببخ‪ .‬عنصبببر الضبببطراب‬
‫والبلبلببة الببذي هببو واقببع فببي العببالم‬
‫السبببلمي يمكبببن أن نتغلبببب عليبببه إذا‬
‫جلسببنا حببول مائببدة‪ ،‬إذا جلببس علمبباء‬
‫المسببلمين وجلببس فقهبباؤهم‪ ،‬واتفقببوا‬
‫على حلول لمختلف القضايا حببتى يكببون‬
‫المسببلمون بالفعببل أمببة‪ ،‬وحببتى يكونببوا‬
‫أصإحاب كلمة واحببدة‪ ،‬وحببتى يكونببوا إذا‬
‫حاوروا المسببيحيين أو حبباوروا اليهببود أو‬
‫حاوروا غير هؤلء من أصإببحاب المببذاهب‬
‫علببى كلمببة سببواء‪ .‬ولهببذا فببإن عنصببر‬

‫‪- 45 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الضطراب هو أيضا ا يضاف إلى العناصإببر‬


‫التي تحث على أن نراجع مواقفنا‪.‬‬
‫وها أنتم ترون أن الضببطراب وصإببل‬
‫في المغببرب إلببى هببذه الضببجة الكبببيرة‬
‫التي قامت منذ نحو سنة حببول البخبباري‬
‫وأبي هريببرة‪ .‬هببذا الضبطراب سببببه أن‬
‫فئببة مببن النبباس لببم تعببد تببؤمن بفقهنببا‪،‬‬
‫ولكنهببا تقببرأ مببا عنببد فلن وفلن مببن‬
‫الفقهاء الخرين‪ ،‬وتتأثار حتى ربما ببعببض‬
‫العوامل الخارجة عن السببلم‪ .‬وليسببت‬
‫تخفى حملتا التبشببير ومببا لهببا مببن أثاببر‬
‫في هذا المجال‪ .‬إذن قضببية الضببطراب‬
‫عنصر أساسي تحث المسلمين علببى أن‬
‫يجمعببوا كلمتهببم ل أن يزيلببوا الخلفبباتا‬
‫ولكن أن يقربوا بين هذه الخلفاتا‪ ،‬ومن‬
‫هنا فإن الحوار مع الببذاتا ضببروري قبببل‬
‫أن يكون مع الخر‪.‬‬
‫إن مسألة العلقة بين المذاهب وبين‬
‫السياسة ينبغي أن يبذل فيها جهد‪ ،‬لربما‬
‫‪- 46 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫لرجال السياسببة الكلمببة فببي هببذا حببتى‬


‫تخف وطإأة السياسة على الببدين وعلببى‬
‫الفقببه وعلببى المببذاهب‪ .‬ثاببم إن علببى‬
‫المسببلمين أن يعرفببوا مبباذا فببي الفقببه‬
‫السلمي عامة‪ .‬ونحمببد اللببه أن العببالم‬
‫السلمي وضمنه المغرب فيه أطإر‪ ،‬فيببه‬
‫شباب وفقهاء جدد‪ ،‬وفيه أنبباس قببادرون‬
‫على القيام بهذا العمل‪ .‬وبطبيعببة الحببال‬
‫علببى رأس مهببام الفقهبباء الجببدد النقببد‬
‫الذاتي وتوسببيع نطبباقا المعرفببة‪ ،‬لوضببع‬
‫اليد على الجوانب اليجابيببة الببتي يمكببن‬
‫بهببا أن نوسببع الفببق‪ ،‬ونلغببي الجببوانب‬
‫السبببلبية حبببتى نسبببتطيع أن نسبببتجيب‬
‫لمطلب الحوار‪.‬‬
‫وعلج المشببكل ينبغببي أن يبببدأ مببن‬
‫ذاتنا قبل أن نتحاور مع الخر‪.‬‬
‫أشكر لكم حسن إنصاتكم‪.‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫والسلما عليكم ورحمة الله‬


‫تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الحوار السليم‬
‫والمتكافئ‬
‫أسإاس تحالف‬
‫الثقافاتا‬

‫_______________________‬

‫‪- 49 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫نص الكلمة التي اسإتجاب بها الكاتب لــدعوةا‬


‫المجمع الثقــافي العربــي اللبنــاني‪ ،‬لتتلقــى‬
‫باسإم المثقفيـن العــرب‪ ،‬فـي حفــل افتتــاح‬
‫المؤتمر العالمي الذي انعقد برعايــة فخامــة‬
‫رئيــس الجمهوريــة اللبنانيــة الســيد إيميــل‬
‫لحود في موضــوع‪" :‬دور التفاعــل الثقــافي‬
‫في بناءا السلما العالمي"‪ ،‬وذلــك خلل أيــاما‬
‫‪ 30-29-28‬سإبتمبر ‪ ،2005‬بفندق البريستول فــي‬
‫بيــروتا‪ .‬إل أن التزامــاتا وظيفيــة طارئــة‬
‫حــالت دون حضــور الكــاتب وجعلتــه يقــدما‬
‫اعتذاره بعد أن كان حرر هذه الكلمة‪.‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫‪- 51 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله رب العالمين‬
‫والصــلةا والســلما علــى سإــيدنا‬
‫محمــد وعلــى جميــع النــبيئين‬
‫والمرسإلين‬

‫فخامــة الســيد إيميــل لحــود‬


‫رئيــس الجمهوريــة اللبنانيــة‬
‫المبجل‬
‫سإــيادةا أميــن عــاما المجمــع‬
‫الثقافي العربي الموقر‬
‫أصــحاب المعــالي والســعادةا‬
‫والسماحة الجلة‬
‫حضراتا السيداتا الفضــلياتا‬
‫والسادةا الماثل‬
‫يغمرنببي شببعور بببوافر السببعادة‬
‫وفبببائق العبببتزاز‪ ،‬إذ أحضبببر هبببذا‬
‫‪- 52 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫المؤتمر العبالمي البذي تشبارك فيبه‬


‫نخبة رفيعبة ومتميببزة مبن المثقفيبن‬
‫العرب والغربييببن إلببى جببانب ممثببل‬
‫لهيئة المببم المتحببدة‪ ،‬والببذي يقيمببه‬
‫المجمع الثقافي في بيببروتا عاصإببمة‬
‫لبنان الشقيق الذي كببان – ول زال‬
‫وسبببيظل – منبببار إشبببعاع للفكبببر‬
‫والحريببة والبببداع‪ .‬وذلكببم لمناقشببة‪:‬‬
‫"دور التفاعبببل الثقبببافي فبببي بنببباء‬
‫السلم العالمي"‪.‬‬
‫وإنببه لموضببوع يكتسببي أهميببة‬
‫بالغة في الفترة الراهنببة الببتي يبببدو‬
‫فيهببا العببالم متخبطببا فببي متاهبباتا‬
‫تسببتبد بهببا الشببقاقاتا والنزاعبباتا‪،‬‬
‫وتوجهها نوازع الصراع والصدام‪.‬‬
‫ويزيببد إحساسببي بهببذا الشببعور‬
‫تفضل المجمع بببدعوتي للقبباء كلمببة‬
‫فببي هببذه الجلسببة الفتتاحيببة باسببم‬
‫المثقفين العرب‪ ،‬مما أعببده تشببريفا‬
‫‪- 53 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫لي وللمغرب بلدي‪ ،‬ل أجد الكلمبباتا‬


‫الببتي تسببعفني للعببراب عمببا خلببف‬
‫في نفسي من وقع حميد‪.‬‬
‫وهو مببا يحثنببي علببى أن أزجببي‬
‫أخلبببص عبببباراتا الشبببكر والمتنبببان‬
‫للخببوين العزيزيببن السببتاذ الببدكتور‬
‫عبد الرؤوف فضببل اللببه أميببن عببام‬
‫المجمببع‪ ،‬والسببتاذ الببدكتور فكتببور‬
‫الكك أمين سره‪ ،‬اللذين قربا خطاي‬
‫إلببى هببذا الملتقببى الحافببل‪ ،‬وأضببفيا‬
‫علي ما أحسه من تشريف‪.‬‬
‫سإـــيدي رئيـــس الجمهوريـــة‬
‫المؤيد‬
‫الخــواتا والخــوةا السإــاتذةا‬
‫العزاءا‬
‫إن الموضبببوع المعبببروض علبببى‬
‫بسبباط البحببث فببي هببذا المنتببدى‬
‫المببببارك‪ ،‬يسبببتجيب لمبببا تتطلببببه‬

‫‪- 54 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫المرحلبببة التاريخيبببة البببتي يجتازهبببا‬


‫العرب وسببائر شببعوب العببالم‪ .‬وهببي‬
‫مرحلة ما أشد الحاجة فيها بالنسبببة‬
‫للجميع إلى إثاارة مثل هببذه القضببايا‬
‫الشببببائكة ذاتا المقاصإببببد البعيببببدة‬
‫والمغازي النبيلببة‪ ،‬لرتباطإهببا بالسببلم‬
‫العبالمي‪ ،‬وقببل ذلبك وبعبد لمبا قبد‬
‫يكون لها – بل لمببا لهببا بالتأكيببد –‬
‫مببن عببواقب هببي ل شببك سببتتحكم‬
‫في واقع العرب ومستقبلهم‪.‬‬
‫وهو مببا يتوقببف علببى حضببورهم‬
‫الذي ينبغي أن يكببون فعليببا وفبباعل ا‬
‫في عصببر العولمببة‪ ،‬بكببل مببا تببثيره‬
‫هببذه العولمببة مببن إشببكالياتا‪ ،‬ول‬
‫سيما ما يتصببل منهببا بالثقافببة الببتي‬
‫هي جمبباع الخصوصإببياتا الذاتيببة لي‬
‫مجتمبببع‪ ،‬بكبببل مبببا يشبببكل هبببذه‬
‫الخصوصإببياتا مببن طإاقبباتا إبداعيببة‬
‫فكرية ومكتسبة‪ ،‬ومن عناصإر روحية‬

‫‪- 55 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫وعقليببة وفنيببة وسببلوكية‪ ،‬وكببذا مببن‬


‫أنماط نفسية واجتماعية وما لها من‬
‫قواعد موجهة‪ ،‬سواء على المسببتوى‬
‫المعنببوي الخفببي أو علببى الصببعيد‬
‫المادي المحسوس‪.‬‬
‫وإلحاحببا ا علببى الببدور السببلمي‬
‫المتوخى للثقافببة مببن حيببث هببي –‬
‫أي الثقافاتا في تعببددها وتنوعهببا –‬
‫فقبببد أببببرز الموضبببوع المعبببروض‬
‫للدرس ما يكون بينها من تفاعل به‬
‫أناط هذا الدور‪.‬‬
‫ولسبببت أقصبببد هنبببا مبببا بيبببن‬
‫الثقافاتا من تفاعل عفببوي وتلقببائي‬
‫مببا إخبباله إل دائمببا غيببر منقطببع‪،‬‬
‫بحكم ضروراتا التعايش بيببن البشببر‬
‫ومقتضياتا التعامل بينهم‪ ،‬خاصإة في‬
‫هبببذا العصبببر البببذي تقلصبببت فيبببه‬
‫المسببافاتا وسببهل التواصإببل بفضببل‬
‫التقنيباتا الجديدة ؛ وإنما أقصد إلببى‬

‫‪- 56 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫مببا يكببون بينهببا مببن تبببادل التببأثار‬


‫والتببأثاير عبببر الخببذ والعطبباء‪ ،‬ومببن‬
‫خلل القتبببباس البببواعي والتكامبببل‬
‫المنهجي‪.‬‬
‫وإننببا بببدون أدنببى شببك‪ ،‬نتصببور‬
‫مدى ما يكون للتفاعل حيببن يتحقببق‬
‫علببى هببذا النحببو‪ ،‬مببن بلببورة واقببع‬
‫جديد‪ ،‬ليس فقط في تركيبببه ولكببن‬
‫في حركته كذلك‪ ،‬مببن حيببث تببأثايره‬
‫أول ا على الثقافة‪ ،‬ثام بعد ذلك على‬
‫مختلبببف جبببوانب الحيببباة والقبببوى‬
‫المانحة فيها للوجود والستمرار‪.‬‬
‫وذلكم ما يعطببي الثقافببة مزيببدا ا‬
‫مببن ملمببح التنببوع والتعببدد الببتي ل‬
‫تلبث أن تفضي إلى غنى يمكن تلك‬
‫الثقافببة مببن دفببع دافببق ومتجببدد‪،‬‬
‫يجعلها أقببدر علببى مواصإببلة التفاعببل‬
‫بثقة في النفس – أي في مكوناتهببا‬
‫وخصوصإياتها – وبتجاوب إيجببابي مببع‬

‫‪- 57 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ما عند غيرها‪ ،‬بعيدا ا عببن أي تقلببص‬


‫أو انكماش قببد ل يؤديببان إلببى غيببر‬
‫الجببترار والتهالببك‪ ،‬وفببي منببأى عببن‬
‫أي احتيببباط أو حبببذر مبببن هيمنبببة‬
‫الثقافة القوى وما قببد يببترتب علببى‬
‫هذه الهيمنة من احتواء أو تدمير‪.‬‬
‫والسبببف شبببديد أننبببا – نحبببن‬
‫العبببرب – نعببباني فبببي الظبببروف‬
‫الحاليببة شببعورا ا قويببا ا وعميقببا بهببذا‬
‫التهديد‪ ،‬نتيجة ما نعيشببه فببي حياتنببا‬
‫الخاصإة والعامة من مظبباهر تكشببف‬
‫مدى التحدي الذي نواجهه فببي هببذا‬
‫المضمار‪ .‬وهو التحببدي السبباعي إلببى‬
‫إخضاع ثاقافتنا في مجموع مفاهيمهببا‬
‫وأبعادها إلى منظومة أخرى تبدو لنا‬
‫صإيغها غريبة ودللتها مخالفة‪.‬‬
‫وإننببا لرفببع هببذا التحببدي نحتبباج‬
‫ليس إلى التصلب والتشنج والرفببض‬
‫المطلق‪ ،‬لنه ل إمكان لذلك‪ ،‬ولكببن‬

‫‪- 58 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫إلى التمييز في تلك المنظومببة بيببن‬


‫ما هو طإبباعن فببي مقومبباتا الببذاتا‬
‫وقيمها وإمكاناتها البداعية لستبعاده‪،‬‬
‫وبيبن مبا هبو موصإبل إلبى اكتسباب‬
‫المعببارف الجديببدة ومببا تفببرزه مببن‬
‫قواعد ومناهببج مببن شببأنها أن تببدفع‬
‫للحبببباقا بركببببب التقببببدم العلمببببي‬
‫والتكنولببوجي‪ ،‬ممببا نحببن فببي أمببس‬
‫الحاجة إليه‪ ،‬لنه هو وحببده المؤهببل‬
‫لمعايشببة المرحلببة والسببهام فيهببا‪،‬‬
‫ومبببن ثابببم الحفببباظ علبببى البببذاتا‬
‫وحمايتها من الببذوبان فببي غيرهببا أو‬
‫الفنببببباء‪ ،‬دون أن يفرغهبببببا مبببببن‬
‫مرتكزاتها وعناصإرها النسانية‪.‬‬
‫وعلى الرغببم مببن أننببا أضببعنا –‬
‫ونضيع – الثمين من وقتنببا للنهببوض‬
‫بما يساعدنا على ذلك‪ ،‬فإن الفرصإة‬
‫ما زالت أمامنببا سببانحة للتغييببر‪ ،‬أي‬
‫لبلوغ ما بببه نسببتطيع النببدماج فببي‬

‫‪- 59 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫العالم الجديد الذي – لحسببن حظنببا‬


‫– مببببا انفببببك يتعببببرض لتحببببولتا‬
‫وتغيبببراتا لبببم تحبببدد بعبببد ملمحبببه‬
‫النهائيببة ومببا سببيكون لنببا – نحببن‬
‫العرب – من موقع فيه‪ ،‬وإن كببانت‬
‫بوادرهببا بينببة قائمببة‪ ،‬وأكبباد أقببول‬
‫سببلبية وقاتمببة‪ ،‬ممببا يحتببم علينببا‬
‫مضببباعفة الجهبببود وتأكيبببد الحضبببور‬
‫وإظهبببار مبببا لبببدينا مبببن طإاقببباتا‬
‫وقدراتا‪ ،‬بببدءا ا مببن إمكببان التفاعببل‬
‫بيببن ثاقافتنببا وغيرهببا مببن الثقافبباتا‪،‬‬
‫مهمبببا تكبببن بعيبببدة عنهبببا أو غيبببر‬
‫مماثالة‪.‬‬
‫وإن أولببى درجبباتا هببذا التفاعببل‬
‫أن يقع الوعي بالبذاتا وببالخر‪ .‬وهبو‬
‫فببي بعببديه هببذين يعتبببر إشببكاليا ا‬
‫لسباب كببثيرة نعرفهببا‪ ،‬تسببتلزم منببا‬
‫أن نكسببر الحبباجز مببع أنفسببنا ومببع‬
‫سبببجف البببتي‬ ‫غيرنبببا‪ ،‬وأن نزيبببل ال س‬

‫‪- 60 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫سدولها الحاجبة للرؤيا‪ ،‬والببتي‬ ‫أرخت م‬


‫تزيببد كثافتهببا مببع تطببور الحببداث‬
‫المتلحقة‪ ،‬بما تخفيه من أزماتا وما‬
‫تخبئه من مفاجببآتا ؛ ولكنهببا جميعببا‬
‫تكشف انعدام التوازن بين الطرفين‪،‬‬
‫في تعميق للهوة الفاصإلة بينهما‪ ،‬أي‬
‫بيببن التفببوقا والتقببدم وبيببن التببأخر‬
‫والتخلببف‪ ،‬ممببا يعتبببر أقصببر طإريببق‬
‫وأيسببر سبببيل لتبببادل الشببك‪ ،‬ثاببم‬
‫لثاارة النببزاع واحتببدام الصببراع‪ .‬وهببو‬
‫ما يجلي معادلة الببذاتا والخببر‪ ،‬بببل‬
‫يعمق مشكلها ويزيد حلها صإعوبة‪.‬‬
‫ولعبببل فبببي طإليعبببة مبببا نحبببن‬
‫مطالبون به قبل حل هببذه المعادلببة‬
‫الشائكة‪ ،‬أن نثير معادلببة أخببرى بببل‬
‫معادلتا أخببرى كببثيرة ذاتيببة أو مببع‬
‫البببذاتا هبببي ل شبببك مبببن عوائبببق‬
‫مسيرتنا التنمويببة‪ .‬ومببن بينهببا قضببية‬
‫الدين والدنيا‪ ،‬بكل ما يتطلبببه الببدين‬
‫من اجتهاد لتفعيببل نصوصإببه وربطهببا‬

‫‪- 61 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بالواقع المتحرك‪ ،‬وكذا بكل ما تعنيه‬


‫الدنيا اليوم وما تسببتوجبه مببن علببم‬
‫وسياسة وقيم مدنية جديدة‪.‬‬
‫ومنهبببا كبببذلك مسبببألة الصإبببالة‬
‫والمعاصإببرة بقصببد التوفيببق المحكببم‬
‫بينهما‪ ،‬في غير انغلقا داخل القببديم‬
‫والتمسك الحرفي حببتى بالبببالي مبن‬
‫تراثاببه وتقاليببده‪ ،‬ولكببن دون إلغببائه‬
‫والتحلببل التببام منببه والرتمبباء فببي‬
‫أحضان الجديد فببي غيببر تمييببز بيببن‬
‫إيجابياته وسلبياته‪.‬‬
‫ولعلنببا أل نغفببل النببزاع الفاعببل‬
‫فينا بين الطموح إلى الوحدة لتجميع‬
‫قوى المة فببي اقتصببادها وسياسببتها‬
‫ومواقفهبببا‪ ،‬وبيبببن النطبببواء داخبببل‬
‫قطريببة هببي بببدورها أصإبببحت بحكببم‬
‫الغبببراقا فبببي إببببراز الخصوصإبببياتا‬
‫مهددة بالطائفية المذهبية والعرقية‪.‬‬

‫‪- 62 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫وأغلب الظن أننا إن نحن انتهينببا‬


‫من فك هذه العقد‪ ،‬فسببنحل تلقائيببا ا‬
‫إشكالية الذاتا والخر‪ ،‬بإصإببلح ذاتنببا‬
‫وفببرض وجودهببا وإقنبباع الخببر بهببذا‬
‫الوجود ومدى فعبباليته‪ .‬كمببا سببنتمكن‬
‫مببن تجبباوز التناقضبباتا الببتي نتخبببط‬
‫فيها‪ ،‬ومن سببلوك الطريببق الصببحيح‬
‫نحو تفاعل ثاقافي قادر على تحقيببق‬
‫أهدافه‪ ،‬وفي مقدمتها السلم‪.‬‬
‫وإذا كنبببا نبببثير هبببذه الثنائيببباتا‬
‫الداخليببة فببي مرحلببة أولببى‪ ،‬فلننببا‬
‫نببرى ضببرورة محبباورة الببذاتا قبببل‬
‫التحاور مع الخر‪ ،‬سعيا ا إلى تصفيتها‬
‫من الشوائب المشوهة لها والمثبطة‬
‫لسيرها في خط التفعيل والتفاعل‪.‬‬
‫نعبببم‪ ،‬إننبببا جميعبببا ا – أقويببباء‬
‫وضببعفاء – ننببادي بببالحوار الثقببافي‪،‬‬
‫أي بين ثاقافاتنا المختلفة‪ ،‬ونقيببم لببه‬
‫العديببببد مببببن النببببدواتا المحليببببة‬

‫‪- 63 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫والقليمية والعالمية‪ ،‬ولكن طإالما أننا‬


‫فض تلكم الثنائيبباتا ونبببث فيهببا‬ ‫لم ن م‬
‫بحسببم‪ ،‬وطإالمببا أن غيرنببا لببم يبببد‬
‫اسببتعدادا ا حقيقيببا ا للتحبباور‪ ،‬فببإن أي‬
‫ادعاء بإقامة هذا التحاور يظببل غيببر‬
‫ذي نفبببع أو مبببدلول‪ .‬والسببببب أن‬
‫الحوار من حيث هو – أي ما يببدور‬
‫بيبببن طإرفيبببن أو أكبببثر – يسبببتلزم‬
‫توافر شروط ما أظنها متحققة فيما‬
‫يتم الن في هذا الصدد‪.‬‬
‫ذلكبببم أنبببه ل جبببدوى مبببن أي‬
‫حببوار‪ ،‬بببل ل إمكببان لجرائببه علببى‬
‫نحو سليم ومتين‪ ،‬ما لم يكببن مبنيببا ا‬
‫على تكافؤ بين طإرفيه‪ .‬صإحيح أنه ل‬
‫مجال للحديث عن التكافؤ بين قوي‬
‫وضببعيف‪ ،‬أو بيببن متقببدم ومتخلببف‪،‬‬
‫فببأحرى بيببن مهيمببن ومستسببلم أو‬
‫من هو مفروض عليببه أن يستسببلم‪،‬‬
‫ولكن المقصود غير ذلببك‪ ،‬أعنببي أن‬

‫‪- 64 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يكببون بينهمببا شببعور بببالعتراف‪ ،‬أي‬


‫العتراف بوجود الخببر‪ ،‬مببع كببل مببا‬
‫يستوجبه من تقدير واحببترام همببا ل‬
‫شك يفضيان إلببى قبببوله والسببتعداد‬
‫للتعببرف إليببه والرغبببة فببي التعبباون‬
‫معببه وتبببادل الخببذ والعطبباء‪ ،‬فببي‬
‫تطلببع إلببى مببا قببد يكببون عنببده‬
‫من عناصإر مخالفببة غالبببا ا مببا تكببون‬
‫هي الجاذبة والمغرية بالقتباس‪.‬‬
‫وبهببذا تببزول كببل الطإمبباع فببي‬
‫الهيمنببة والتسببلط‪ ،‬وتسببتبعد جميببع‬
‫الشببببكوك وسببببائر ألببببوان الحببببذر‬
‫والحيطببة الببتي غالبببا مببا تنتببج عببن‬
‫الحساس باستعلء الجببانب المتفببوقا‬
‫واحتقبباره لمببن يببراه دونببه هببو ومببا‬
‫عنده‪ ،‬رغبة منه في التفرد والعتزاز‬
‫به والغترار‪.‬‬
‫وإذا ما تحقق الحببوار علببى هببذا‬
‫النحببو‪ ،‬فببإنه تلقائيببا ا سببيؤدي إلببى‬

‫‪- 65 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫تفاعببل إيجببابي ل يلبببث أن يصبببح‬


‫حاجببة ملحببة يشببعر بضببرورتها كببل‬
‫طإرف‪ ،‬لما يكتسبه من قيببم جديببدة‬
‫يغني بها قيمه الخاصإببة‪ ،‬فببي تراكببم‬
‫ناجع يتجه نحو خببط إنسبباني شببامل‬
‫وجببامع يببؤدي بببدوره إلببى تحقيببق‬
‫السببلم ومببا يتصببل بببه مببن غايبباتا‬
‫كونية مأمولة‪.‬‬
‫وحببتى ينجببح الحببوار وفببق هببذا‬
‫النهببج القببويم‪ ،‬فببإنه ل بببد لببه –‬
‫إضافة إلببى مببا سبببق – أن يتجبباوز‬
‫النقاش النظري التجريدي إلى مجال‬
‫عملببي تطبببيقي ينطلببق مببن الواقببع‬
‫ويسعى إلببى معالجببة أدوائببه‪ .‬وذلكببم‬
‫مببا يسببتدعي أطإببراف الحببوار إلببى‬
‫تناول القضايا العالقة المعكرة للجببواء‪،‬‬
‫والحائل ة دون أي تفباهم‪ .‬وهبي بالنسببة‬
‫للعرب في علقتهم مع الغرب ماثالة فببي‬
‫مشكلتا مزمنة وطإارئة يمكببن إجمالهببا‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪- 66 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫تحريببر فلسببطين وإقامببة دولببة‬ ‫‪-1‬‬


‫مسببتقلة فيهببا تكببون عاصإببمتها‬
‫القدس الشريف‪.‬‬
‫إنهاء احتلل العراقا وما يتعببرض‬ ‫‪-2‬‬
‫له من تشتيت وتدمير‪.‬‬
‫إزالة كل الوهببام الببتي رسببخها‬ ‫‪-3‬‬
‫الغببرب فببي ذهنببه حببول العببرب‬
‫والمسلمين‪ ،‬ول سيما مببا ألصببق‬
‫بهم وبدينهم من تهمة الرهاب‪.‬‬
‫تنقية الذاكرة ممببا يشببوبها عبببر‬ ‫‪-4‬‬
‫التاريببخ القببديم والحببديث مببن‬
‫مآس وأزماتا‪.‬‬
‫رفع الموانببع الظبباهرة والخفيببة‬ ‫‪-5‬‬
‫الببتي تحببول دون تمكببن العببرب‬
‫من أدواتا صإنع التقدم وامتلكهببا‬
‫للخذ بأسبببابه الحقيقيببة‪ ،‬وليببس‬
‫فقط لستهلك بعض منتجاته‪.‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫فخامـــة رئيـــس الجمهوريـــة‬


‫المعظم‬
‫الســـيد أميـــن عـــاما المجمـــع‬
‫المحترما‬
‫حضــراتا الســيداتا الماجــداتا‬
‫والسادةا الكارما‬
‫أشكر لكم حسببن إصإببغائكم‪ ،‬وأهنببئ‬
‫المجمع الثقافي العربي علببى عقببد هببذا‬
‫المببؤتمر الحافببل الببذي أرجببو لببه فببائق‬
‫النجاح في أعمال بقية جلسبباته‪ ،‬مجببددا ا‬
‫التعبببير عببن عميببق تقببديري للمجمببع إذ‬
‫أتاح لي فرصإة إلقاء هببذه الكلمببة باسببم‬
‫الشقاء العرب العزاء‪ ،‬ومتمنيا ا له كامل‬
‫التوفيق في تحقيق أهدافه الراميببة إلببى‬
‫إحببداث نهضببة ثاقافيببة عربيببة تببواكب‬
‫التطبببور العبببالمي‪ ،‬وتبببدعم التضبببامن‬
‫العربي‪ ،‬وتشيع الببوعي بضببرورة إحيببائه‬
‫واعتمبباد الثقافببة أساسببه وركيزتببه ؛ مببع‬
‫الببدعاء للبنببان الحبببيب أن يحفظببه اللببه‬

‫‪- 68 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ويكله برعايته وعنببايته‪ ،‬وأن يببديم عليببه‬


‫نعمبببة المبببن والسبببتقرار والسبببعادة‬
‫والهناء‪.‬‬
‫والسـلما عليكـم ورحمـة اللـه‬
‫تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪- 69 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫حوار الديان‬
‫بين عوامل الفشل‬
‫والنجاح‬

‫________________‬
‫عرض مقــدما للنــدوةا الدوليــة الــتي عقــدتها‬
‫اليسيسكو تحت الرعايــة الملكيــة الســامية‪،‬‬
‫في افتتاح النشطة التي سإتشــهدها مدينــة‬
‫فاس باعتبارها عاصــمة الثقافــة السإــلمية‬
‫هذا العاما‪ ،‬وذلكم بتعاون مع جمعيــة الــدعوةا‬
‫السإـــلمية العالميـــة و جامعـــة القروييـــن‬
‫وجمعية الزاوية الخضــراءا للتربيــة والثقافــة‬

‫‪- 70 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫فــي موضــوع‪" :‬دور جامعــة القروييــن فــي‬


‫تأسإيس حــوار الديــان وترابــط الحضــاراتا"‬
‫بمدينــة فــاس‪ ،‬خلل الأيــاما ‪ 20-19-18‬مــن ذي‬
‫الحجــــــــــة ‪1427‬هـــــــــــ الموافقــــــــــة‬
‫‪ 10 -8-9‬يناير ‪2007‬ما‪.‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله رب العالمين‬
‫والصــلةا والســلما علــى سإــيدنا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وجميع‬
‫النبيئين والمرسإلين‬

‫سإيادةا رئيس الجلسة معالي‬


‫الصــــديق العزيــــز السإــــتاذ‬
‫الـــدكتور عبـــد العزيـــز بـــن‬
‫عثمان التويجري‬
‫أصــحاب المعــالي والفضــيلة‬
‫والسعادةا‬
‫حضراتا السيداتا والسادةا‬

‫‪- 72 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يشببرفني أن أشببارك فببي هببذه‬


‫الندوة الدوليببة الهامببة الببتي تعقببدها‬
‫اليسيسبببكو تحبببت الرعايبببة الملكيبببة‬
‫السببامية‪ ،‬فببي افتتبباح النشببطة الببتي‬
‫ستشهدها مدينة فاس باعتبارها عاصإببمة‬
‫الثقافة السلمية هذا العام‪ ،‬بتعاون مببع‬
‫جمعيببة الببدعوة السببلمية العالميببة‬
‫وجامعببة القروييببن وجمعيببة الزاويببة‬
‫الخضبببراء للتربيبببة والثقافبببة‪ ،‬فبببي‬
‫موضوع‪" :‬دور جامعببة القروييببن فببي‬
‫تأسببببيس حببببوار الديببببان وترابببببط‬
‫الحضببباراتا"‪ ،‬ويسبببعدني أن يكبببون‬
‫عرضببببي متصببببل ا بأحببببد محاورهببببا‬
‫المقترحبببة‪ ،‬تحبببت عنبببوان‪" :‬حبببوار‬
‫الديان بين عوامل الفشل والنجاح"‪.‬‬
‫الخواتا والخوةا الكراما‬
‫في السياقا العالمي ومببا تعببرف‬
‫النسبانية مببن تطببوراتا علببى جميببع‬

‫‪- 73 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫المستوياتا‪ ،‬ظهرتا إشببكالية متمثلببة‬


‫في بعدين متعارضين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬وجود أسببباب ومظبباهر‬
‫متعببددة للتعببايش والسببلم والمحبببة‬
‫والسعادة‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬وجود أسببباب ومظبباهر‬
‫أخببببرى كببببثيرة للتنببببافر والتنبببباحر‬
‫والتصارع والتصادم‪.‬‬
‫وليس من حل لهذه الشكالية –‬
‫على ما فيهببا مببن تنبباقض – سببوى‬
‫مزيببببد مببببن التعببببارف والتعبببباون‪،‬‬
‫والتقريب بين الختلفبباتا‪ ،‬ول سببيما‬
‫النابعة من تباين الهوياتا‪ .‬وهو مببا ل‬
‫يتببأتى إل بببالحوار‪ ،‬بكببل مببا يتطلببب‬
‫من اعتراف بالخر واحترامه وتبببادل‬
‫الخذ والعطاء معه‪ ،‬فببي نطبباقا مببن‬
‫الحريببة يمببس الفكببر والتعبببير عنببه‬
‫باعتبارهمببببا فببببي طإليعببببة حقببببوقا‬
‫النسان‪.‬‬

‫‪- 74 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫وإذا كانت مجالتا الحوار كثيرة‪،‬‬


‫فلعبببل أهمهبببا وأبرزهبببا مبببا يتصبببل‬
‫بالثقافببببة ومببببا إليهببببا مببببن قيببببم‬
‫ومقومبببباتا‪ ،‬وخاصإببببة مببببا يرتبببببط‬
‫بالمعتقداتا‪ ،‬أي بالدين‪.‬‬
‫ولعلنا لم نعد في حاجة إلى أن‬
‫نثبت مببدى سببلمية السببلم وتببوجهه‬
‫التعايشببي ودعببوته للحببوار ؛ فببذلكم‬
‫ممببا سببال فيببه مببداد كببثير‪ ،‬وغببدا‬
‫معروفا ا للمسلمين وحببتى لخصببومهم‬
‫؛ والدلبة عليببه مبن النصبوصا ومببن‬
‫أحببببداث التاريببببخ والواقببببع كببببذلك‬
‫واضحة‪.‬‬
‫** ** **‬
‫ومببع هببذا‪ ،‬فببالحوار متعببثر بيببن‬
‫المسبببلمين وغيرهبببم مبببن أصإبببحاب‬
‫الببدياناتا الخببرى‪ ،‬علببى الرغببم مببن‬
‫الجهببود الكببثيرة الببتي بببذلت وتبببذل‬
‫فببي هببذا المضببمار‪ .‬ومببا أظننببا فببي‬

‫‪- 75 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫حاجة إلى استعراضها كلها أو بعضها‬


‫سبببواء علبببى مسبببتوى الفبببراد أو‬
‫المؤسساتا‪.‬‬
‫لماذا هو كذلك ؟‬
‫أول‪ :‬هناك عوائق من التاريخ ينبغي‬
‫العمل علببى محببو آثاارهببا‪ ،‬وعلببى رأسببها‬
‫الحروب الصليبية‪ ،‬والطرد من الندلس‪،‬‬
‫والستعمار‪ ،‬ثام احتلل فلسطين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬هناك كببذلك واقببع التخلببف‬
‫الببذي يعببانيه المسببلمون‪ ،‬مببن فقببر‬
‫وجهل وتهميش‪ ،‬علببى كببثرة عببددهم‬
‫وتعبببدد ثارواتهبببم ومواقبببع أوطإبببانهم‬
‫السبببتراتيجية‪ .‬وهبببو تخلبببف يعمبببل‬
‫الغببرب المسببيحي واليهببودي علببى‬
‫ترسيخه‪ ،‬رغم كببل مظبباهر اسببتهلك‬
‫نتبباج التقببدم الغربببي الببذي تعيشببه‬
‫المجتمعببببباتا السبببببلمية‪ ،‬دون أن‬
‫تشارك في صإنعه‪ .‬وهو واقببع يفضببي‬

‫‪- 76 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫إما إلى الكفببر بالببدين وفقببد المببل‬


‫فيه‪ ،‬وإمببا إلببى التشببدد والغلببو ومببا‬
‫ينتج عنهما من عنف وتطرف باسببم‬
‫هذا الدين‪ .‬كما يفضببي إلببى الدمببان‬
‫علببى التخببدير وغيببره مببن العلببل‬
‫والدواء التي غدتا للسف متفشية‪.‬‬
‫ثالثــلا‪ :‬ثاببم هنبباك النطببواء علببى‬
‫الذاتا – نتيجة ذلك – وتمسببك كببل‬
‫طإببرف بمببوقفه‪ ،‬فببي تجاهببل متعمببد‬
‫للطببرف الخببر يتجلببى فببي عببدة‬
‫مظاهر‪ ،‬منها‪:‬‬
‫عبببدم رغببببة غيبببر المسببلمين –‬ ‫‪-1‬‬
‫أقصببد النصببارى واليهببود – فببي‬
‫التعرف إلى السلم على حقيقته‪،‬‬
‫مببع اللجببوء أحيانببا إلببى محبباولتا‬
‫التشببويش والتشببويه‪ ،‬وفببق مببا‬
‫تكشببببببف مواقببببببف بعببببببض‬
‫المستشببرقين ورجببال الكهنببوتا‪،‬‬
‫ه فببي هببذه اليببام مببن‬‫ومببا يبببدون م‬

‫‪- 77 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫اسببببتخفاف بالسببببلم والنبببببي‬


‫الكريبببم‪ ،‬ممبببا يعتببببر اسبببتفزازا ا‬
‫لمشاعر المسلمين‪.‬‬
‫عدم رغبة المسببلمين كببذلك فببي‬ ‫‪-2‬‬
‫معرفببة الببدياناتا الخببرى‪ ،‬علببى‬
‫عكس ما كان في التاريببخ‪ ،‬سببواء‬
‫فببببي المشببببرقا أو النببببدلس أو‬
‫المغببرب‪ ،‬مببن خلل المنبباظراتا‬
‫الببتي كببانت تعقببد فببي المسبباجد‬
‫وغيرهببا مببن المجببالس العلميببة‪،‬‬
‫والببتي كببان العلمبباء المسببلمون‬
‫يناقشون فيها غيرهم من أصإحاب‬
‫تلببك الببدياناتا‪ ،‬بحريببة وبببدون أي‬
‫حرج‪ .‬وقببد كببان لعلمبباء جببامعتي‬
‫القروييببن وابببن يوسببف وغيرهمببا‬
‫مبببببن المؤسسببببباتا العلميبببببة‬
‫والتعليميببة المغربيببة أثاببر إيجببابي‬
‫كبير في هذا المجببال‪ .‬ويكفينببا أن‬
‫نشببببير إلببببى بعببببض العلمبببباء‬
‫المعاصإبببرين البببذين ببببرزوا فيبببه‬
‫‪- 78 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫باهتمامبباتهم الكلميببة والفلسبفية‬


‫ومعرفة الملل والنحل والمببذاهب‬
‫والخلف العببببالي والمناقشبببباتا‬
‫العقدية مع بعض المستشببرقين ؛‬
‫أمثببال العلمببة المرحببوم حسببن‬
‫الزهببراوي الرحمبباني المراكشببي‬
‫)المتببوفى عببام ‪1399‬هببب الموافببق‬
‫‪1979‬م(‪ ،‬وشيخه العلمببة المرحببوم‬
‫محمببببد بببببن احمببببد الرافعببببي‬
‫ا ح‬
‫الزموري الجديدي )المتوفى سنة‬
‫‪1360‬هب الموافقة ‪1941‬م(‪.‬‬
‫رابعلا‪ :‬إلببى جببانب هببذه العوائببق‬
‫يوجببد النببزاع الخفببي بيببن السببلم‬
‫والمسببيحية‪ ،‬أو فببي الحقيقببة بيببن‬
‫المسببلمين والمسببيحيين‪ .‬وهببو فببي‬
‫الساس نابع من شببعور كببل طإببرف‬
‫بقوته ومكانته وتاريخه وعدد أتببباعه‪،‬‬
‫مما يثير منافسة غير ظاهرة‪.‬‬

‫‪- 79 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫خامســلا‪ :‬تضبباف كببذلك الحاجببة‬


‫عنبببد الطرفيبببن إلبببى المعرفبببة‪ ،‬أي‬
‫معرفة الخببر‪ ،‬ول سببيما فببي جببانب‬
‫العقيدة‪ ،‬مببع احببترام الختلف فيهببا‪،‬‬
‫وعدم محاولبة إزالتبه أو السببتخفاف‬
‫بببه‪ ،‬ومببع النتببباه الحببذر إلببى مببا‬
‫يروجه بعض الداعين لوحدة الديببان‪،‬‬
‫من ضببرورة إلغبباء الببدياناتا بإذابتهببا‬
‫في دين واحبد‪ ،‬وفببي إطإبار إنسبانية‬
‫عالميببة تقببوم علببى اليمببان بببالله‬
‫واليببوم الخببر وعلببى فعببل الخيببر‪،‬‬
‫بعيدا عن العقائد والشرائع وما تدعو‬
‫إليببه وتفرضببه مببن التزامبباتا‪ ،‬سببواء‬
‫في العباداتا أو المعاملتا‪.‬‬
‫سإادسإلا‪ :‬على أن هببذه المعرفببة‬
‫ببببالخر ينبغبببي أن تسببببق بمعرفبببة‬
‫متجببددة ومتطببورة للببذاتا‪ ،‬بالجتهبباد‬
‫فبببي الببدين وفهببم نصوصإببه وفبببق‬
‫معطيببباتا الواقبببع المتغيبببر‪ ،‬وكبببذا‬

‫‪- 80 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بالحوار السلمي‪-‬السلمي‪ ،‬والتقريب‬


‫بين المذاهب التي غدا الخلف بينهببا‬
‫للسببف مجببال ا للتطبباحن والتحببارب‪،‬‬
‫ممببببا يعمقببببه خصببببوم السببببلم‬
‫ويستغلونه للتفرقة بين المسلمين‪.‬‬
‫** ** **‬
‫توجبببد إذن عوائبببق تحبببول دون‬
‫قيام حوار إيجابي‪ ،‬ولكن توجد كذلك‬
‫متغيراتا حالية يعرفهببا العببالم‪ .‬وهببي‬
‫تنببببذر بالمزيببببد مببببن التناقضبببباتا‬
‫والمشبببكلتا‪ ،‬وخاصإبببة مبببا يتعلبببق‬
‫بصببعوبة التعببايش فببي سببلم‪ ،‬ممببا‬
‫يجعل الحاجة ماسة إلببى تغييببر هببذا‬
‫الواقببع‪ .‬ول سبببيل لهببذا التغييببر غيببر‬
‫البدء بالحوار‪.‬‬
‫هبل معنبى هذا أن الحوار الببذي‬
‫أجري لحد الن قد فشل ؟‬

‫‪- 81 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫هو لببم ينجببح علببى النحببو الببذي‬


‫ينبغببي‪ ،‬ولببم يببؤتا ثامبباره المرجببوة‪،‬‬
‫ولكنببه مببا زال ضببرورياا‪ ،‬ومببا زالببت‬
‫الحاجببة ماسببة إليببه‪ ،‬لنببه الوسببيلة‬
‫الوحيدة لمنح المل للجيال الصاعدة‬
‫فبببي مسبببتقبل يسبببوده التعبببايش‬
‫والسلم ؛ بببل لعلبه ل خيببار سببواه‪،‬‬
‫لن العالم اليوم مخيببر بيببن أمريببن‪:‬‬
‫إما الصبراع والصبدام‪ ،‬وإمبا التفباهم‬
‫والتعببباون – أقصبببد فبببي جانبهمبببا‬
‫المعرفببي والعملببي – مببع الشببارة‬
‫إلببى أن جانبببا ا مببن ذلكببم الصببراع‬
‫والصببدام قببائم فببي الحقيقببة بيببن‬
‫الدين عامة وبين العلمانيببة واللحبباد‪.‬‬
‫وهو ما يغذي بطريقة أو بببأخرى مببا‬
‫بيببن أصإببحاب الببدياناتا وحببتى بيببن‬
‫ديانة الواحدة من نزاع‪.‬‬ ‫المنتمين لل ن‬
‫وإذا كببان المببر كببذلك‪ ،‬أي إذا‬
‫كان الحوار ضرورة ملحة‪ ،‬فإنه لكي‬
‫يثمببر يحتبباج إلببى شببروط أساسببية‬

‫‪- 82 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ينبغبببي أن تتبببوافر فبببي الطرفيبببن‪،‬‬


‫أهمها‪:‬‬
‫ل‪ :‬المعرفة الصحيحة‪.‬‬ ‫أو ل‬
‫ثانيلا‪ :‬عببدم التعصببب للقتناعبباتا‬
‫والمسلماتا والمواقف الذاتية‪.‬‬
‫ثالثــال‪ :‬التحلببي بالشببجاعة لثاببارة‬
‫جوانب الخلف الحقيقية‪ ،‬بعيببدا ا عببن‬
‫تحاشيها أو التغافببل عنهببا‪ ،‬أو مجببرد‬
‫ملمستها بسطحية واحتشام‪.‬‬
‫رابعلا‪ :‬العمل على إزالة العوائببق‬
‫المعرقلببة لي تفبباهم وتعببايش‪ ،‬ول‬
‫سيما عائق احتلل فلسطين‪.‬‬
‫خامســلا‪ :‬مسبباعدة دول الغببرب‬
‫المسببببيحي للببببدول السببببلمية‪ ،‬أو‬
‫بببببالحرى عببببدم وضببببع العوائببببق‬
‫والعراقيل فببي طإريقهببا حيببن تشببقه‬
‫بجهودها الخاصإة‪ ،‬كي تتغلب على ما‬
‫تعانيه من فقببر ومببرض وجهببل ومببا‬

‫‪- 83 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫إليها مببن مظبباهر التخلببف‪ ،‬ثاببم كببي‬


‫تنهببض وتمتلببك مفاتيببح التكنولوجيببا‬
‫المتطورة وما يرتبط بها من عوامل‬
‫التقدم والرقي‪.‬‬
‫هذا مببع العلببم أن المسبباعدة –‬
‫إذا تحققت – لن تكببون فببي صإببالح‬
‫دول الجنوب فحسب‪ ،‬ولكببن سببتفيد‬
‫منهببا كببذلك دول الشببمال‪ ،‬لسببباب‬
‫كببثيرة أبسببطها أن الغنببي – بحكببم‬
‫طإبيعة الكببون والبشببرية – ل يمكببن‬
‫أن ينعببم بغنبباه وإلببى جببانبه فقيببر‬
‫معبببوز‪ ،‬وأن العببباللم ل يسبببتطيع أن‬
‫ينتفع بعلمه وإلى جواره أمي جاهل‪،‬‬
‫دون نسببيان مببا يمتلكببه المسببلمون‬
‫من إمكاناتا ماديببة وطإاقبباتا علميببة‬
‫يعببرف الغببرب أهميتهببا ويسببتقطبها‬
‫ويشببجعها علببى البقبباء فببي أحضببانه‬
‫وخدمته‪.‬‬

‫‪- 84 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يضاف إلى هذه الشروط‪ ،‬شرط‬


‫آخر لزم‪ ،‬ويتمثل في وجببوب تغييببر‬
‫المنظور الذي يتعامل به كل طإببرف‬
‫مع الخببر‪ ،‬إذ ليببس فببي الغببرب إل‬
‫خصوم السلم‪ ،‬بببل هنبباك منصببفون‬
‫وحكمبباء‪ .‬كمببا أنببه ليببس فببي البلد‬
‫السبببببلمية إل البببببتزمت والجهبببببل‬
‫والتطرف والرهاب‪ ،‬بل هناك تسامح‬
‫واعتببدال وعلببم وتفتببح وتطلببع إلببى‬
‫الحداثاة في إطإار الصإببالة ومببا إليهببا‬
‫مببن قيببم يمكببن أن تكببون منطلقببا ا‬
‫جديدا ا للتفاهم إذا مببا تببم العببتراف‬
‫بها وقبولها واعتمادها في الخطاب‪.‬‬
‫** ** **‬
‫ومببع ذلببك‪ ،‬يثببار السببؤال‪ :‬هببل‬
‫يتحقق هذا النوع من الحوار ؟‬
‫إن الجواب سيكون باليجبباب إذا‬
‫ما حسنت النياتا‪ ،‬ووقع الصإغاء إلى‬
‫صإببوتا الحكمببة‪ ،‬وروعيببت مصببلحة‬
‫‪- 85 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫النسانية‪ .‬وهذا الصببوتا ل يمكببن أن‬


‫يصدر إل عن علماء حكماء مزوديببن‬
‫بأدواتا‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫أو ل‬
‫ل‪ :‬المعرفبببة الكافيبببة والفهبببم‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫ثانيلا‪ :‬حسن الستماع والصإغاء‪.‬‬
‫ثالثــــلا‪ :‬الرؤيبببببة الموضبببببوعية‬
‫والنزيهة‪.‬‬
‫رابعلا‪ :‬القدرة على تبببادل الببرأي‬
‫بعقلنية وهدوء واتزان‪.‬‬
‫خامســــلا‪ :‬الشببببجاعة لحببببداث‬
‫التغيير‪.‬‬
‫وهنا من حقنا أن نطببرح سببؤال ا‬
‫آخر‪ :‬هل علماؤنا مقتنعون بأن يكببون‬
‫لهم دور في هذا الحببوار‪ ،‬ومؤهلببون‬
‫للقيام به ؟‬

‫‪- 86 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫والسبببؤال نفسبببه يوضبببع حبببول‬


‫مؤسسبباتنا العلميببة السببلمية مببن‬
‫جامعبباتا ومجببامع ومببا إليهببا مببن‬
‫مراكز العلم والبحث‪ ،‬وبصببفة خاصإبة‬
‫حول جامعتي القرويين وابن يوسببف‬
‫وقد آلتا إلى ما هما عليه‪.‬‬
‫إن الجواب يقتضي مجال ا آخر ل‬
‫يتسع له هذا العرض‪.‬‬
‫وبعبببد‪ ،‬فبببإني ببببروح متفائبببل‪،‬‬
‫ولبلورة ما نتطلع جميعا ا إليه‪ ،‬أقببترح‬
‫أن تصببدر عببن هببذا المببؤتمر الهببام‬
‫توصإية بتشكيل هيئة عليا – بإشراف‬
‫اليسيسكو – لعلماء حكمبباء يمثلببون‬
‫جميبببع البببدول السبببلمية‪ ،‬تكبببون‬
‫مهمتهم القيببام بببدور حببواري فاعببل‬
‫مع الخر‪ ،‬على النحببو الببذي تتطلبببه‬
‫المرحلبببة‪ ،‬مبببع الفبببادة مبببن كبببل‬
‫التجبببارب السبببابقة‪ ،‬بمبببا لهبببا مبببن‬
‫إيجابياتا وسلبياتا‪.‬‬
‫‪- 87 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫أشكر لكم حسن إنصاتكم‪،‬‬


‫والسلما عليكم ورحمة الله‬
‫تعالى وبركاته‪.‬‬

‫لماذا الحوار ؟‬
‫وكيف ؟‬

‫‪- 88 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫_____________‬
‫عرض قدما – ارتجال ل ‪ -‬في المــؤتمر الــدولي‬
‫الــذي نظمــه كــل مــن منتــدى الحضــاراتا‬
‫والثقافة‪ ،‬ومجلــس مدينــة فــاس باعتبارهــا‬
‫عاصمة للثقافة السإلمية عاما ‪ ،2007‬بشراكة‬
‫مــع المركــز المغربــي متعــدد التخصصــاتا‬
‫للدراسإــاتا السإــتراتيجية والدوليــة‪ ،‬حــول‪:‬‬
‫"حوار الحضاراتا والتنوع الثقــافي"‪ ،‬أيــــاما‬
‫‪ 14-13-12‬ذو القعــدةا ‪1428‬هـــ الموافقــة ‪25-24-23‬‬
‫نونبر ‪2007‬ما‪.‬‬

‫‪- 89 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫‪- 90 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله رب العالمين‬
‫والصــلةا والســلما علــى سإــيدنا‬
‫محمـــد وعلـــى آلـــه وصـــحبه‬
‫أجمعين‬

‫الخوةا السإاتذةا‬
‫حضراتا السيداتا والسادةا‬
‫أود فببي البببدء أن أعببرب عببن‬
‫السببعادة الكبببيرة الببتي أشببعر بهببا‬
‫تغمرنبببي‪ ،‬وأنبببا أشبببارك فبببي هبببذا‬
‫المؤتمر الدولي الحاشد الببذي يلببتئم‬
‫بالرعايببة السببامية لصبباحب الجللببة‬
‫الملك محمببد السببادس نصببره اللببه‪،‬‬
‫حببول‪" :‬حببوار الحضبباراتا و التنببوع‬
‫الثقببافي"‪ ،‬والببذي ينظمببه كببل مببن‬

‫‪- 91 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫منتدى الحضاراتا والثقافببة‪ ،‬ومجلببس‬


‫مدينة فاس باعتبارها عاصإمة الثقافة‬
‫السببلمية هببذا العببام‪ ،‬بشببراكة مببع‬
‫المركز المغربي متعدد الختصاصإبباتا‬
‫للدراساتا الستراتيجية والدولية‪.‬‬
‫أما الموضوع الذي أقببترح تنبباوله‬
‫– وإن بارتجال ووفق ما يسببمح بببه‬
‫الوقت المحدد – فهو بهذا العنببوان‪:‬‬
‫"لماذا الحوار ؟ وكيف ؟"‪.‬‬
‫وانطلقببا ا مببن العنببوان الرئيسببي‬
‫للقضية البتي يبحثهبا المبؤتمر‪ ،‬فبإني‬
‫أرى ضببرورة توضببيح بسببيط يمببس‬
‫حي‪" :‬الحضارة" و"الثقافة"‪.‬‬ ‫مصطل ع‬
‫فالحضببارة ذاتا طإببابع مببادي أو‬
‫هي تتصببل بالماديبباتا الببتي تتواصإببل‬
‫وتتعبباقب بعفويببة وتلقائيببة مببن بلببد‬
‫لخر مع توالي العصور‪ ،‬مما تكاد به‬
‫أن تكون واحببدة ؛ فببي حيببن تعتبببر‬

‫‪- 92 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الثقافة أحد مقوماتا الهوية بالنسبببة‬


‫لي مجتمبببع ؛ وهبببي تتشبببكل مبببن‬
‫المكوناتا الروحية والفكريببة والدبيببة‬
‫والفنية التي تختلف من كيان لخببر‪،‬‬
‫علما ا بببأن هببذا الكيببان قببد يكبببر أو‬
‫يصغر تبعا ا لمدى اتسباع البذاتا ومببا‬
‫يكون فيها من تعدد وتنوع‪.‬‬
‫مببن هنببا ينشببأ الختلف الببذي يحببث‬
‫على إثاارة السؤال عن كيفيببة السببتفادة‬
‫منه‪ .‬ولعلي ل أحتاج إلى كبببير عنبباء فببي‬
‫التأمل‪ ،‬لأجيب بببأن هببذه الكيفيببة كامنببة‬
‫في "الحوار"‪.‬‬
‫وغير خاف أن الختلف – مببن حيببث‬
‫هو – ظاهرة كونية عامة جعلها اللببه عببز‬
‫خل حقببه‪ ،‬وآيببة يظهرهببا فببي‬
‫وجل سنة في ع‬
‫جميع مخلوقاته ابتلء لها‪ .‬يقول تعالى‪( :‬‬
‫ومبببن آيببباته خلبببق السبببماواتا والرض‬
‫واختلف ألسنتكم وألوانكم‪ ،‬إن في ذلبك‬

‫‪- 93 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫لياتا لقوم يعلمببون) ‪.‬بب (ولببو شبباء اللببه‬


‫)‪(1‬‬

‫لجعلكم أمة واحدة ولكببن ليبلببوكم فيمببا‬


‫آتاكم)‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫ويببببدو لبببي أن هبببذا البتلء اللهبببي‬


‫يتجلى في أمور أهمها اثانان‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬تبادل الخذ والعطاء‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التعاون والتآزر‪.‬‬
‫وبهببببذين الهببببدفين أرى تفسببببير‬
‫"التعببارف" الببذي تحببدث عنببه الحببق‬
‫سبببحانه فببي قببوله‪( :‬يببا أيهببا النبباس إنببا‬
‫خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ا‬
‫وقبائببل لتعببارفوا) ‪ ،‬أي شببعوبا ا وقبائببل‬
‫)‪(3‬‬

‫مختلفة لتتعاونوا وتتآزروا‪ .‬وهذا هو الذي‬


‫يغنببي الثقافبباتا والقيببم ويعطيهببا بعببدها‬
‫النساني‪ .‬لكن ما هو السبيل إلى ذلبك ؟‬

‫سورة الروم – الية ‪.22‬‬ ‫)‪(1‬‬


‫سورة المائدة ‪ -‬الية ‪.48‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫سورة الحجراتا – الية ‪.13‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪- 94 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫إنببه "الحببوار" الببذي أقصببد إلببى تكببرار‬


‫ذكره‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬ينبغي أن نستحضببر‬
‫حقيقبببببة هامببببة‪ ،‬وهببببي أننببببا –نحببببن‬
‫المسلمين– ليس لنا مشكل مع الحببوار‪،‬‬
‫وذلكببم لسببباب كببثيرة يكفببي أن أشببير‬
‫منها إلى سببين اثانين‪:‬‬
‫أولهما أن القرآن يدعو للحببوار‬
‫ويحدد منهجببه ويقببدم مجموعببة مببن‬
‫المصطلحاتا المتصلة بببه‪ ،‬علببى حببد‬
‫قوله الكريم‪( :‬قببال لببه صإبباحبه وهببو‬
‫يحاوره) ‪( ،‬قد سمع الله قول الببتي‬ ‫)‪(4‬‬

‫تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله‬


‫والله يسمع تحاوركمببا) ‪( ،‬ادع إلببى‬
‫)‪(5‬‬

‫سببببيل رببببك بالحكمبببة والموعظبببة‬


‫الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)‪.‬‬
‫)‪(6‬‬

‫‪.37‬‬ ‫سورة الكهف – الية‬ ‫)‪(4‬‬


‫سورة المجادلة – الية ‪.1‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫سورة النحل – الية ‪.125‬‬ ‫)‪(6‬‬

‫‪- 95 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ثانيهما أنه طإبق الحببوار علببى‬


‫أصإعدة مختلفببة ومسببتوياتا متعببددة‪،‬‬
‫فببي قبببول للببرأي الخببر‪ ،‬ممببا هببو‬
‫متجل بوضوح في القببرآن الكريببم ؛‬
‫إذ حاور الله تعالى الملئكة والنبيبباء‬
‫وحتى إبليس‪ .‬وقد وصإل هببذا الحببوار‬
‫إلببببى حببببد الرغبببببة فببببي الطإلع‬
‫الملموس علببى الكيفيببة الببتي يحيببي‬
‫اللببه بهببا المببوتى‪ ،‬ممببا ينببم فببي‬
‫الحقيقببة عببن سببعي إلببى المعرفببة‬
‫اليقينيببة القائمببة علببى الرؤيببة البصببرية‬
‫ي بها ليس إبراهيم عليببه السببلم‪،‬‬ ‫والمحعنل س‬
‫ع‬
‫ولكببن غيببره مببن الببذين قببد يسببألون أو‬
‫يشببكون‪( :‬وإذ قببال ابراهيببم رب أرنببي‬ ‫م‬
‫كيف تحيي الموتى‪ ،‬قال أولم تؤمن‪ ،‬قال‬
‫بلى ولكن ليطمئن قلبي‪ .‬قال فخذ أربعة‬
‫صرهن إليك‪ ،‬ثام اجعببل علببى‬ ‫من الطير ف م‬

‫‪- 96 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫كل جبل منهن جزءا ا‪ ،‬ثاببم ادعهببن ياتينببك‬


‫)‪(7‬‬
‫سعيا ا‪ ،‬واعلم أن الله عزيز حكيم)‪.‬‬
‫ليس لنا إذن أي مشببكل مببع الحببوار‬
‫من حيث هببو‪ ،‬لكببن مببع مببن يكببون هببذا‬
‫الحوار؟‬
‫‪ -1‬هل مع الغرب ؟ و أي غرب ؟‬
‫‪ -2‬أم هو حوار شمال‪-‬جنوب ؟‬
‫‪ -3‬أو بين الدياناتا ؟‬
‫‪ -4‬أو داخل الببدين الواحببد‪ ،‬كببالحوار‬
‫السلمي السلمي ؟‬
‫‪ -5‬أو بين الثقافاتا ؟‬
‫مهما تكن أطإراف الحوار أو الجهبباتا‬
‫المعنية به‪ ،‬فالسؤال الذي ينبغي طإرحه‪،‬‬
‫هو‪" :‬كيف يكببون الحببوار ؟"‪ .‬واختصببارا ا‬
‫للجابة أشير إلى الشروط التية‪:‬‬

‫سورة البقرة – الية ‪.260‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫‪- 97 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ل‪ :‬قبول الخر كما هببو‪ ،‬أي قبببول‬ ‫أو ل‬


‫الختلف معه والعببتراف بببه واحببترامه‪،‬‬
‫ممببا يسببتوجب عببدم المببس بمقدسبباته‬
‫وثاببوابت كيببانه‪ ،‬دون أي تنقيببص منببه أو‬
‫هيمنة عليه‪.‬‬
‫ثانيلا‪ :‬معرفته على حقيقته‪ .‬وهو مببا‬
‫يتطلب تصحيح المفاهيم‪ ،‬والتفاقا علببى‬
‫المببببدلول الحقيقببببي للمصببببطلحاتا‬
‫المتداولة في الحببوار‪ ،‬مثببل‪ :‬المقاومببة‪،‬‬
‫الرهببباب‪ ،‬الجهببباد‪ ،‬القتبببال‪ ،‬الصإبببولية‪،‬‬
‫السلفية السلموية‪ .‬وشبيهة بها عباراتا‬
‫مستعملة في اللغاتا الجنبية‪ ،‬على نحو‪:‬‬
‫‪ ،Islamophobie, Islamisme‬واعتبار السلم ‪Islam‬‬

‫مقترنا ا بالرهاب ‪.Terreur‬‬


‫وعلى الرغم من أن المجال ل يتسببع‬
‫للتفصببيل‪ ،‬فل أقببل مببن الوقببوف عنببد‬
‫مصببطلح واحببد هببو الرهبباب‪ .‬فمببدلول‬
‫الرهبباب المعتمببد عنببد خصببوم السببلم‬
‫للطعن فيه واتهببامه‪ ،‬والببوارد فببي قببوله‬
‫‪- 98 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫تعالى‪( :‬وأعببدوا لهببم مببا اسببتطعتم مببن‬


‫قوة ومن رباط الخيببل ترهبببون بببه عببدو‬
‫الله وعدوكم) ل يعني ما تقصببده كلمببة‬
‫)‪(8‬‬

‫‪ ،Terrorism – Terrorisme‬وإنمببا يعنببي دعببوة‬


‫المسببلمين للتسببلح بببالقوة‪ ،‬بمببا يجعببل‬
‫العدو ل يجرؤ عليهم‪ .‬وهببو أمببر مشببروع‬
‫ومتعارف عليه‪ ،‬ومعمببول ببه عنبد جميبع‬
‫الشعوب‪ ،‬سواء في القببديم أو الحببديث‪.‬‬
‫وما السباقا إلى التسببلح المنتشببر اليببوم‬
‫إل مظهر لذلك‪ .‬وإني لميل في السببياقا‬
‫مدان للرهاب‪ ،‬إلى استعمال مصببطلح‬ ‫ال م‬
‫"الحرابة" التي تدل على التعرض للناس‬
‫واغتصاب أموالهم والعتداء عليهم‪ .‬وهو‬
‫ما أدانه السلم وشدد عقوبته فببي هببذه‬
‫الية الكريمة‪( :‬إنما جزاء الذين يحاربون‬
‫الله ورسوله ويسعون في الرض فسادا ا‬
‫أن ميقنتلببوا أو ميصببنلبوا أو متق ن‬
‫طببع أيببديهم‬
‫وا مبن الرض‪.‬‬ ‫ف ح‬
‫جلهم من خلف أو مين ع‬ ‫وأر م‬

‫سورة البقرة – الية ‪.260‬‬ ‫)‪(8‬‬

‫‪- 99 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ذلببك لهببم خببزي فببي الببدنيا ولهببم فببي‬


‫الخرة عببذاب عظيببم) ‪ .‬وفببي الحببديث‬
‫)‪(9‬‬

‫الشببريف أن "مببن حمببل علينببا السببلح‬


‫فليس منا"‪.‬‬ ‫)‪(10‬‬

‫إن السلم بمثل هذه الدانة‪ ،‬يكشف‬


‫أحد ملمحه السلمية الببتي ل أحتبباج إلببى‬
‫تأكيدها‪ ،‬وهي متجلية في مظبباهر كببثيرة‬
‫معروفة ل أطإيببل بببذكرها وإن كنببت أرى‬
‫ضرورة توضيح موقفه من القتببال الببذي‬
‫لبببم يشبببرعه السبببلم إل للبببدفاع عبببن‬
‫النفببس‪ .‬وذلكببم مببا تشببير إليببه اليببة‬
‫الكريمببة‪( :‬أ ملذن للببذين ميقبباعتلون بببأنهم‬
‫ظلمببوا‪ ،‬وإن اللببه علببى نصببرهم لقببدير‪،‬‬ ‫م‬
‫الذين مأخرجوا من ديارهم بغير حق إل أن‬
‫يقولوا ربنا الله) ‪ ،‬إذ المعنى مقدر فيببه‬
‫)‪(11‬‬

‫محذوف هو القتال‪ ،‬أي مأذن القتال للذين‬

‫)‪ (9‬سورة المائدة – الية ‪.33‬‬


‫)‪ (10‬رواه البخاري عن عبد الله بن عمر‪.‬‬
‫)‪ (11‬سورة الحج – الية ‪.39‬‬

‫‪- 100 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ي مقبباعتلون‪ .‬وتجببدر الشببارة إلببى أن هببذه‬


‫الية هي أول ما نزل في هذا الصدد‪.‬‬
‫ثالثــلا‪ :‬التعبباون معببه لمببا فيببه خيببر‬
‫جميع الطإراف‪ ،‬وذلك بجملة أمور مأجمل‬
‫أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫مساعدة الطرف المحتاج‪ ،‬في غيببر‬ ‫‪-1‬‬
‫ن عليه‪.‬‬
‫تنقيص منه أو تكنبر أو م ن‬
‫على أن تكون هذه المساعدة‪ ،‬ليس‬ ‫‪-2‬‬
‫بجعببل المتخلببف مجببرد مسببتهلك‬
‫لمنتجاتا الطرف المتقدم‪.‬‬
‫وإنمببا بتمكينببه مببن المفاتيببح الببتي‬ ‫‪-3‬‬
‫تببؤهله لمواكبببة هببذا الطببرف فببي‬
‫تقدمه‪.‬‬
‫دون نسببيان حببل المشببكلتا الببتي‬ ‫‪-4‬‬
‫تعوقا كل حببوار‪ .‬ومببن بينهببا ظبباهرة‬
‫احتلل الرض‪ ،‬على نحو مببا تكشببفه‬
‫قضبببية فلسبببطين‪ .‬ومثلهبببا بقببباء‬
‫المسببتعمر السببباني فببي مببدينتي‬
‫‪- 101 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫سبتة ومليلية المغربيتين ومببا إليهمببا‬


‫من جزر‪ ،‬علببى الرغببم مببن أن زمببن‬
‫الستعمار قد ونلى ولم يعببد لوجببوده‬
‫مبرر‪ .‬ومببن هببذه المشببكلتا كببذلك‬
‫ظاهرة الهجببرة الببتي يعانيهببا سببكان‬
‫الجنوب‪ ،‬وهببم يتطلعببون إلببى حيببباة‬
‫أفضل فببي بلببدان الشمببببال‪ ،‬والببتي‬
‫تحاربها هذه البلدان‪ ،‬متناسية ما كان‬
‫قام به أولئك السكان طإببوال القببرن‬
‫يضحون‬ ‫الماضي‪ ،‬سواء وهم‬
‫بحيبباتهم فيمببا خاضببوا مببن معببارك‬
‫لتحريرهبببا‪ ،‬أو وهبببم يببببذلون جهبببد‬
‫طإاقاتهم ويفنون شبابهم في أعمببال‬
‫شاقة بالمعامل والمصانع والمناجم‪،‬‬
‫أو غيرها من الشغال الببتي لببم يكببن‬
‫أبناء تلك البلدان يقدرون على‬
‫أعبائهبببا‪ ،‬أو كبببانوا يبببأنفون منهبببا‪.‬‬
‫والجدير بالستغراب أنه فببي الببوقت‬
‫البببذي تتفبببق دول الشبببمال علبببى‬

‫‪- 102 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫محاربة هجببرة العمببال ومببن إليهببم‪،‬‬


‫فإنها تقوم بعملية انتقائيببة تقنببن بهببا‬
‫مشبببكل الهجبببرة‪ ،‬إذ تسبببعى إلبببى‬
‫استقدام الطإببر العليببا والمتخصصببة‬
‫وتشجع عليببه‪ .‬وهببو تببوجه ترمببي بببه‬
‫إلى تقويببة نفسببها‪،‬فببي وقببت تعمببل‬
‫علببى إفقببار دول الجنببوب وتجريببدها‬
‫من نخبها القادرة والمؤهلة‪.‬‬
‫ول يمكببن أن يكتمببل التعبباون‬ ‫‪-5‬‬
‫المطلببوب لنجبباح الحببوار‪ ،‬مببن غيببر‬
‫العمل الجاد على تنقيببة الببذاكرة ممببا‬
‫يشببوبها‪ ،‬وتقببديم العتببذار اللزم عببن‬
‫ذلبببك‪ ،‬والتعبببويض عنبببه إن اقتضبببى‬
‫الحببال‪ .‬وتجببدر الشببارة هنببا إلببى مببا‬
‫عانببباه العبببرب والمسبببلمون فبببي‬
‫الحببروب الصببليبية‪ ،‬وكببذا مببا قاسببوه‬
‫طإردوا من الندلس‪ ،‬بعببد أن دام‬ ‫حين م‬
‫اسببتقرارهم بهببا نحببو ثامانيببة قببرون‬
‫أتاحت للحضارة العربية السببلمية أن‬

‫‪- 103 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫تنمو هناك وتثمر وتخلبف تراثابا ا وآثابارا ا‬


‫ما زال السبان والبرتغبباليون ينعمببون‬
‫بمببا تببدر عليهببم عبببر السببياحة‪ .‬كمببا‬
‫تجدر الشببارة إلببى فببترة السببتعمار‪،‬‬
‫وما ارتبط بها من قمع وتنكيل وتأخير‪،‬‬
‫ومحاربة للفكر الوطإني وقيمه وسببائر‬
‫مكوناتا هوية المة‪ .‬تضاف إلببى ذلببك‬
‫كل المحاولتا التشويهية الببتي تببوجه‬
‫ضببد السببلم والمسببلمين والقببرآن‬
‫المجيد‪ ،‬والنبي الكريببم سببيدنا محمببد‬
‫عليه الصببلة والسببلم‪ ،‬علببى نحببو مببا‬
‫تكشفه أعمال شنيعة‪ ،‬كالرسوم الببتي‬
‫تسيء إلى رسول السلم‪ .‬ومثلها مببا‬
‫صإببدر مببؤخرا ا عببن قداسببة البابببا مببن‬
‫أحكام ضد المسلمين وما أنتجببوا مببن‬
‫ثاقافة وحضارة‪ ،‬في وقت تتم الببدعوة‬
‫إلى الحوار السلمي المسيحي‪ ،‬على‬
‫أساس من الحترام المتبببادل والقيببم‬
‫المشتركة‪.‬‬

‫‪- 104 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الخوةا السإاتذةا‬
‫حضراتا السيداتا والسادةا‬
‫هذه أفكار قصدتا مببن عرضببها إلببى‬
‫إثاارة بعض القضايا الببتي قببد يكببون فببي‬
‫مناقشتكم لها ما يلقي مزيدا ا من الضببوء‬
‫على موضوع "حوار الحضبباراتا والتنببوع‬
‫الثقافي"‪.‬‬
‫أشكر لكم حسن إصغائكم‬
‫والسلما عليكم ورحمة الله‬
‫تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪- 105 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫مدى إمكان حوار‬


‫الثقافاتا‬
‫في ظل العولمة‬

‫_________________________‬
‫* ملخص العرض الذي قدمه الكــاتب ارتجــال ل‬
‫في الندوةا التي عقدها مجلس جهة مكناس‪-‬‬
‫تافيللت‪ ،‬والمكتــب المركــزي لتحــاد كتــاب‬
‫المغــرب‪ ،‬بمدينــة الحــاجب يــومي الجمعــة‬
‫والسـبت ‪ 28‬و ‪ 29‬صـفر ‪1429‬هــ الموافـق ‪ 7‬و ‪8‬‬
‫مارس ‪2008‬ما‪.‬‬

‫‪- 106 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله رب العالمين‬
‫والصلةا والسلما على سإيدنا‬
‫محمد وعلى جميع النبيئين و‬
‫المرسإلين‬

‫أخي الكريم السإتاذ عبد‬


‫الحميد عقار رئيس اتحاد كتاب‬
‫المغرب‬
‫الزملءا العزاءا‬
‫حضراتا السيداتا والسادةا‬

‫‪- 107 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يسببعدني أن أحضببر هببذه النببدوة‬


‫الفكريببة الهامببة وأشببارك فيهببا‪ ،‬وذلكببم‬
‫لسباب كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنها تتناول موضوعا ا ما زال على‬
‫كثرة ما قيل فيه وكتب عنه‪ ،‬يحتبباج إلببى‬
‫مزيد من التحليل العلمي الدقيق‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنها تنعقببد فببي مدينببة الحبباجب‬
‫الجميلة والمجاهدة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنهببا مببن تنظيببم مجلببس جهببة‬
‫مكنبببباس تببببافيللت‪ ،‬و"اتحبببباد كتبببباب‬
‫المغرب" الذي ليمعه أطإيب الببذكرياتا‪،‬‬
‫والببذي يسببعى فببي عهببده الجديببد إلببى‬
‫النهوض بالرسالة التي تتطلبها المرحلببة‬
‫وينعتظرها المثقفون كافة‪.‬‬
‫الخـوةا السإـاتذةا‬
‫كتب في هذا الموضوع‬ ‫على كثرة ما م‬
‫بببرؤى وتوجهبباتا مختلفببة‪ ،‬فببإن بببروز‬
‫ظبباهرة العولمببة فتببح المجببال واسببعا ا‬

‫‪- 108 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫لمواصإبببلة تنببباوله‪ ،‬باعتبارهبببا تشبببكل‬


‫مجموعبببة تحبببدياتا تعانيهبببا الهويببباتا‬
‫الوطإنية والقضايا التي ترتبط بها‪ .‬وذلكم‬
‫مببا يحببث علببى مراجعببة القببول وتجديببد‬
‫الرأي‪.‬‬
‫وليبس يخفبى أن العولمبة نظ ام‪ ،‬أو‬
‫وضع جديد يسببعى إلببى السببيطرة علببى‬
‫العالم‪ ،‬بواسطة شركاتا كبببرى متعببددة‬
‫الجنسياتا وعابرة للقاراتا‪ ،‬لها إمكانبباتا‬
‫ضخمة‪ ،‬مادية وتقنية وغيرها‪ .‬وهببي بهبذا‬
‫تتجلببى فببي قطبيببة أحاديببة تتمثببل فببي‬
‫الولياتا المتحدة المريكيببة الببتي تعمببل‬
‫علببى فببرض نفسببها وإقصبباء غيرهببا‪،‬‬
‫معتمبببدة علبببى علقببباتا جديبببدة بيبببن‬
‫الشعوب‪ ،‬من خلل ثالث واجهاتا‪:‬‬
‫الولى‪ :‬واجهة اقتصادية هببي الببتي‬
‫كانت منها البدايببة‪ .‬وترتكببز علببى تحريببر‬
‫التجببببارة‪ ،‬وفتببببح السببببواقا‪ ،‬وحريببببة‬

‫‪- 109 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫التبادلتا‪ ،‬وتخفيض السعار‪ ،‬مما يقتضي‬


‫تنافسية قد ل تستطيعها الببدول الناميببة‪.‬‬
‫وهو ما يظهبر فبي جبوانب كبثيرة أهمهبا‬
‫خمسة‪:‬‬
‫‪ - 1‬إضببعاف النتبباج المحلببي‪ ،‬بمببا‬
‫فيه ما تتميببز بببه بعببض البلببدان‪،‬‬
‫على نحو ما يوجد فببي المغببرب‪،‬‬
‫كالفلحبببة والصبببيد والسبببياحة‬
‫والنسيج والصناعة التقليدية‪.‬‬
‫‪ - 2‬تقليص اليد العاملة‪ ،‬مما يجعل‬
‫البطالة تنتشر وتزيد‪.‬‬
‫‪ - 3‬فرض قوانين شغل غير ملئمة‪.‬‬
‫‪ - 4‬ضعف المداخيل الجمركية‪.‬‬
‫العتمببباد علبببى خوصإصبببة‬ ‫‪-5‬‬
‫المؤسسببباتا‪ .‬وهبببو مبببا يعنبببي‬
‫النسببحاب مببن السببوقا ومببن‬
‫تبعبباته‪ ،‬بمببا فببي ذلببك التبعبباتا‬
‫الجتماعية لتلك المؤسساتا‪.‬‬

‫‪- 110 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الثانيــة‪ :‬واجهبببة سياسبببية تابعبببة‬


‫للولببى‪ ،‬وتتجلببى فببي فببرض قببوانين‬
‫واتفاقياتا واستثماراتا وقروض‪ ،‬وغير‬
‫ذلببك ممببا يببؤثار علببى سياسببة البلببدان‬
‫النامية التي تضطر إلى الخضوع للهيببآتا‬
‫والمنظماتا الدولية المتحكمة‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬واجهببة ثاقافيببة تببدخل إليهببا‬
‫العولمة‪ ،‬من خلل مفاهيم جديدة‪ ،‬تبتعببد‬
‫عن التصوراتا الوطإنية‪ ،‬ويكون من‬
‫نتائجها فرض سوقا حرة للثقافة التي قد‬
‫ل تتفق وهذه التصوراتا ؛ مع حببث علببى‬
‫اسبببتهلك إنتببباج الشبببركاتا الكببببرى‬
‫المستبدة بالسوقا‪ .‬وهو ما يتم بالتواصإل‬
‫والتببببادل والحتكببباك‪ ،‬وعببببر تسبببريب‬
‫المعببارف والمعلومبباتا والخبببار بببدون‬
‫اعتراض أي حاجز‪ ،‬على نحببو مببا تقببدمه‬
‫الذاعاتا والفضائياتا وشبكاتا النترنيت‬
‫؛ في محاولة لتنميط الحياة‪ ،‬ونشر ثاقافة‬
‫تكنولوجيببة وصإببناعة قيببم جديببدة ؛ وإن‬

‫‪- 111 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫رأى بعببض المتحمسببين للعولمببة أنهببا‬


‫اللياتا والدواتا الثقافية‬ ‫فاعلة في‬
‫أكبببثر ممبببا هبببي مبببؤثارة فبببي الجبببوهر‬
‫والمضببمون‪ ،‬وأنهببا تعمببل علببى إخضبباع‬
‫النتاج الثقافي لعمليببة التسببويق ‪Marketing‬‬
‫الدعاية والعلن وما‬ ‫عن طإريق‬
‫يفرضان من أساليب‪.‬‬
‫والحق أن واقببع الثقافببة ليببس علببى‬
‫هذا النحو‪ ،‬إذ هي رؤية شمولية نابعة من‬
‫الحس بالوجود‪ ،‬والقدرة علببى اكتسبباب‬
‫المعببارف وهضببمها وتأملهببا والسببتنتاج‬
‫منها‪ ،‬واتخاذ موقف منها‪ .‬وهببي مشبباعر‬
‫وأحاسيس ورؤى وقيم وأنمبباط سببلوك‪،‬‬
‫إضافة إلى كونها تراكما ا تراثايببا ا وطإاقبباتا‬
‫إبداعية‪.‬‬
‫إنها ليسببت كيانببا ا مسببتقل ومنفصببل ا‬
‫عببن بقيببة مكونبباتا المجتمببع الصببغير‬
‫والكبير ؛ بل هي معها متداخلة لمببا بينهببا‬
‫مببن تببأثار وتببأثاير‪ .‬وبحكببم هببذه الحقيقببة‬
‫المتجلية في التأثار والتأثاير‪ ،‬يتوقببع – بببل‬
‫‪- 112 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫يحدث – أن يتأثار المجتمع بالثقافببة‪ ،‬وأن‬


‫تتأثار الثقافة بالمجتمع وما يعتمل فيه‪.‬‬
‫هنبباك إذن واجهبباتا ثالثاببة تفرضببها‬
‫العولمببة‪ ،‬وتفببرض معهببا علينببا خيبباراتا‬
‫ثالثاة‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يكون هدفنا هببو الحفبباظ‬
‫على أصإالتنا وهويتنببا الوطإنيببة والقوميببة‬
‫وما يشكلها من مقومبباتا‪ ،‬فببي طإليعتهببا‬
‫الثقافة‪ ،‬ولببو بببالنعزال عببن العببالم ومببا‬
‫يجري فيه من تحولتا ومؤثاراتا‪.‬‬
‫وما إخال هذا ممكنا في عبالم زالبت‬
‫منه الحواجز‪ ،‬وأصإبح مفتوحاا‪ ،‬ليس فقط‬
‫لتبادل البضائع في أسببواقا حببرة‪ ،‬ولكببن‬
‫كببببذلك لتسببببرب الفكببببار وتببببدفق‬
‫المعلوماتا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ننساقا نحو كل ما يببأتي‬
‫مبببن الخبببر المتحكبببم فبببي العولمبببة‪،‬‬
‫وبدون‬ ‫بعشوائية وانفعال وإعجاب‬

‫‪- 113 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ضوابط‪ ،‬حتى ما كان منهببا غيببر منسببجم‬


‫مع الببذاتا‪ .‬وهببو خيببار ل بببد مفببض إلببى‬
‫ردود فعل خطيببرة‪ ،‬لعببل أبرزهببا العببودة‬
‫القوية إلى الذاتا‪ ،‬ول سيما إلى‬
‫مقومها الثقببافي والببديني بغلببو وتشببدد‪،‬‬
‫ممببا قببد تتكببون بببه تجمعبباتا للقليبباتا‪،‬‬
‫بهدف الدفاع عن هويتها وما تتطلببع إليببه‬
‫من حقوقا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن ننفتح على العصر ونبدع‬
‫فيه‪ ،‬لكن بببوعي ومعرفببة‪ ،‬انطلقببا ا مببن‬
‫شروط‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫القتناع بمبدأ التغيير والعمببل‬ ‫‪-1‬‬
‫على تحقيقه‪.‬‬
‫التعرف العلمي على الذاتا‬ ‫‪-2‬‬
‫وما لها من سماتا حقيقية‪ ،‬والتمييز بيببن‬
‫ما هو إيجابي وما هو سلبي فيهببا‪ ،‬وذلببك‬
‫ما يعني مراجعتها‪ ،‬بما تقتضي من عببودة‬
‫إلببى الببوراء‪ ،‬لملحظببة التطببوراتا الببتي‬
‫مرتا منها هذه الذاتا‪.‬‬
‫‪- 114 -‬‬
‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫‪ - 3‬الوقوف على هذه التطببوراتا‪،‬‬


‫خاصإببة بعببد احتكاكنببا بببالغرب أول عهببد‬
‫النهضببة وفببي فببترة السببتعمار‪ ،‬لنببدرك‬
‫كيببف كنببا‪ ،‬انطلقببا ا مببن ثاقافتنببا وقيمنببا‪،‬‬
‫وكيف كنا – رغببم مقاومتنببا لببه – نسببعى‬
‫إلى اللحاقا بببه والتعلببم منببه والقتببباس‬
‫منه؛ ونطعم هذه الثقافة والقيم بمببا هببو‬
‫جديد‪ ،‬في حرصا على أصإ التنا‪ ،‬مبن غيبر‬
‫أن يكون دون ذلببك أي مشببكل أو عببائق‬
‫كما هو واقع الن‪.‬‬
‫‪ - 4‬معرفة الخر بدقة وموضببوعية‬
‫لدراك ما عنده مببن قيببم جديببدة نافعببة‪،‬‬
‫كالعقببل وحريببة التعبببير والديموقراطإيببة‬
‫وحقوقا النسان ؛ وكذا للوقوف على مببا‬
‫عنده من سلبياتا لتجنبهببا والعمببل علببى‬
‫استبعاد تأثايرها‪.‬‬
‫‪ - 5‬اعتبببار الثقافببة مقومببا ا أساسببيا ا‬
‫فبببي الهويبببة‪ ،‬ضبببمن منظبببور يراعبببي‬
‫مكوناتا هببذه الثقافببة‪ ،‬ليببس فقببط فببي‬

‫‪- 115 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫جانبها الببتراثاي أو البببداعي‪ ،‬ولكببن قبببل‬


‫ذلببك وبعببد‪ ،‬فببي الجببوانب الببتي تغببذيها‬
‫وتنميها وتحافظ لها على مكانتها كمقببوم‬
‫أساسي للهوية؛ علببى أن يكببون للتعليببم‬
‫والبحث العلمي موقع الصدارة في هببذه‬
‫الجببوانب‪ ،‬بمببا ينبغببي لهمببا مببن أصإببالة‬
‫وتجدد وجودة وكفاية‪.‬‬
‫‪ - 6‬البتعاد عببن الفرديببة‪ ،‬والببدخول‬
‫فببي تكتلتا تتقببوى بهببا الببذاتا اقتصبباديا‬
‫وسياسيا‪.‬‬
‫‪ - 7‬تببببوفير المكانبببباتا الماديببببة‬
‫والطاقاتا البشرية اللزمة لذلك‪.‬‬
‫‪ - 8‬التهيؤ بذلك للببدخول فببي حببوار‬
‫مع الذاتا ومع الخر‪.‬‬
‫فلعلنببا – بهببذا الحببوار – أن نكببون‬
‫مؤهلين لمواكبة العولمة‪ ،‬في قدرة ذاتية‬
‫على تبادل الخذ والعطبباء معهببا‪ ،‬بهببدف‬
‫اختيار ما هو منهببا نببافع‪ ،‬وتجنببب مببا هببو‬

‫‪- 116 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫ضار باقتصادنا وسياستنا وهويتنا الثقافية‬


‫؛ وكببذا بهببدف المسبباهمة فببي إمببدادها‬
‫والضببافة إليهببا‪ ،‬انطلقببا ا مببن مقومبباتا‬
‫كياننببا ومببا تتميببز بببه مببن أصإببالة وإبببداع‬
‫وتجدد‪.‬‬
‫أشكر لكم حسن اسإتماعكم‪.‬‬
‫والسلما عليكم ورحمة الله تعالى‬
‫وبركاته‪.‬‬

‫‪- 117 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫‪5........................................................................‬‬ ‫مقدمة‬
‫الحضاراتا‪9......................‬‬ ‫السإلما وحوار‬
‫إسإلمي؟‪...‬‬ ‫هل يوجد حوار إسإلمي‬
‫‪25‬‬

‫‪- 118 -‬‬


‫مقالتا في‬
‫الحوار‬

‫الحوار السليم والمتكافئ أسإاس‬


‫تحالف الثقافاتا‪37.............................................‬‬

‫حوار الديان بين عوامل الفشل‬


‫والنجاح‪51.....................................................................‬‬

‫وكيف؟‪63................................‬‬ ‫لماذا الحوار؟‬


‫مدى إمكان حوار الثقافاتا في‬
‫ظل العولمة‪75........................................................‬‬

‫‪- 119 -‬‬

You might also like