Professional Documents
Culture Documents
ما بعد البقاء
ما بعد البقاء
ما بعد البقاء
-في ظل نظام قمعي استبدادي ,وحيث تحتاج إلى موافقة أمنية لكل عمل جماعي
تقوم فيه ,حتى إقامة حفالت الزفاف ! لم يكن هناك أي مجال " نظيف " لتقوم
بعمل منظم يرتقي بمستوى الصحة النفسية في بلدي سوريا .فالقبضة االمنية
كانت تحاصر كل شيء ,وحتى لو فكرت بالقيام بعمل مدني ليس له أي طابع
سياسي ,كانت تالحقك أصابعها ,متآزرة مع مصائد الفساد واإلفساد التي كانت
تقف في طريق الحصول على أي ترخيص لجمعية مدنية غير حكومية .
-في هذا االجواء بدأنا في 2008مع مجموعة من األخصائيين النفسيين
والمهتمين بالصحة النفسية مجموعة تطوعية تعنى بالصحة النفسية ,وكانت
نشاطاتها تتضمن جلسات أسبوعية لنقاش مواضيع متنوعة في المجال النفسي ,
وأحيانا كانت تتضمن عرض فلم وثائقي او درامي يتناول مرضا نفسيا ,بحيث يتم
نقاشه .وكنا بين الفينة واألخرى نقوم ببعض الورشات التدريبية في أحد
المواضيع المهمة .
-ورغم قلة الميزانية التي لم يتجاوز مجموعها ال 200دوالر ,كنا نتابع نشاطنا
القائم على مبادئ أساسية من ضرورية تعميم الثقافة النفسية ,وتصحيح المفاهيم
الخاطئة حولها ,وضرورة المقاربة متعددة االختصاصات للحاالت النفسية بحيث
يتعاون الطبيب النفسي والمعالج النفسي ,االخصائي االجتماعي ,والمشايخ
المتنورين من أجل مساعدة المريض على تجاوز ازمتها والوصول إلى حالة
الرفاه النفسي واالجتماعي .لقد كان طموحنا كبيرا وأهدافنا بعيدة المدى و استمر
نشاطنا قرابة ال 3سنوات حتى بداية 2011عندما انطلقت الثورة السورية .
وفي االشهر االخيرة من عام 2013تجددت العالقة مع منظمة أطباء العالم ,حيث
بالتعاون معهم استمر دعم العيادة النفسية ,وبلغ عدد المستفيدين من خدماتها
حتى نهاية عام 2013حوالي () .مريضا .وأيضا بدأنا بشراكة من منظمة
المثلث الفرنسية حيث بالتعاون معهم قمنا بمتابعة عدد من المشاريع وهي أسليب
البقاء حيث بلغ عدد المستفيدين حتى نهاية العام حوالي () ,والتعليمي االجتماعي
وعدد المستفيدين () ’ والترفيهي () ,والتعليم التعويضي () .
ما تحتاجه مستقبل سوريا الزاهر /المستقبل الزاهر للصحة النفسية :
-رغم كل الجهود التي بذلناها والخدمات المتميزة التي قدمناها إال أننا ما زلنا
بحاجة لمزيد من الدعم كما ونوعا ,بحيث يزداد عطاؤنا ويتطور ,ومن االمور
المحددة التي نحتاجها :
-دعم مادي مستقر وثابت لمدة سنوات من أجل االستمرار في تنفيذ المشاريع
والتخطي الجيد لها فحتى نهاة هذاالعام كانت معظم مشاريعنا تنفذ على مدى أشهر
فقط و وتحتاج المنظمة إلى جهات تكفل دعمها وتتبناها على مدى سنوات بيحث
تمكننا من وضع خطط استراتيجية حقيقة.
-دعم مادي ثابت للنفقات اإلدارية ,بحيث يمكن تخصيص رواتب لخبراء في
الموارد البشرية ,واإلعالم ,ونفقات التنقل والسفر ,وتأمين مكان ثابت الستمرار
العمل دون انقطاع .وأيضا للقيام بالتواصل مع الجهات الدولية وحضور
المؤتمرات ,وتعزيز المشاريع ذات المردود البعيد كمشاريع التدريب والبحث
العلمي .
-نحتاج دعم من جهة ضبط جودة الخدمات المقدمة ,وتطوير وسائل لتقييم األداء
واالرتقاء به .
وأخيرا ,لقد بدأنا كنبتة صغيرة ,في غابة من األخطار وبميزانية ,ال تتجاوز ال 200
دوالر ,ورغم كل الظروف التي مرت بنا ,لم نتوقف ,تابعنا المسيرة وأعدنا تجميع
أنفسنا ,لم نرض أن نستمر كضحايا ,بل انطلقنا لنكون من الناجين ,ولكن النجاة نفسها
لم تحقق طموحنا ,فعملنا بمساعدة الكثير من األصدقاء والمخلصين لنكون نموذجا ناجحا
,نفيد فيه أهلنا من الالجئين السوريين ,وأهلنا الذين استقبلونا من األردنيين ,لقد حولنا
المحنة إلى منحة ,والتهديد إلى فرصة ,والحلم إلى حقيقة تكبر يوما بعد يوم ,لقد
تضاعفت ميزانية مشاريعنا الف ضعف ! وأصبح طموحنا ال يقتصر فقط على عالج آثار
الكارثة اإلنسانية التي حلت بالشعب السوري ,ولكن تعداه إلى أبعد من ذلك بكثير ,فقد
أصبح هدفنا هو االرتقاء بواقع الصحة النفسية في مجتمعنا األصلي ,وفي المجتمع
المضيف ,إلى أقصى حدا يمكن لطموح اإلنسان أن يصله .ومن يدري ربما يكون لنا
مساهمة في تطوير الصحة النفسية على مستوى العالم ,عندها فقط يمكننا أن نشعر بأن
اسمنا قد اصبح واقعا ,المستقبل الزاهر .