You are on page 1of 17

‫وداعًا للطائفية‪ 7 :‬خطوات مركّزة إلنهاء هذه اللعنة من حياتنا‬

‫‪11‬‬
‫ا‬
‫حامًل لجنسيّة غير تلك التي أنت تملكها اآلن‪ ،‬تخيّل‬ ‫تخيّل معي عزيزي القارئ أنّك ولدت‬
‫لست سوريًّا وال ِمصريًّا وال عراقيًّا‪ ،‬تخيّل أنّك نشأت في أحد الدول اإلسكندنافيّة‬
‫َ‬ ‫أنّك‬
‫‪.‬الباردة‪ ،‬وأصبحت إنساناا نرويجيًّا‪ ،‬وعشت في بقعة ما من الريف الدنماركي‬
‫!هناك حيث ال شيء للرؤية سوى العشب على مد النظر‪ ،‬والكثير الكثير من البقر‬
‫كم ستكون الحياة سعيدة و ُمملة في نفس الوقت! تستيقظ صبا احا لكي تشرب قهوتك الساخنة‪،‬‬
‫ومن ثم تذهب لعملك البسيط في المواصًلت غير المزدحمة حت اما‪ ،‬بعدها تنجز القليل من‬
‫األمور في دوائر الدولة اللطيفة هناك‪ ،‬والتي غالباا ستشاهد فيها موظفة حسناء ذات إطًلله‬
‫عسر يُذكر‬
‫!فاتنة‪ ،‬وتمشي معامًلتك دون أي ُ‬
‫!ترجع للمنزل‪ ،‬تشاهد التلفاز‪ ،‬تقرأ الجريدة‪ ،‬تنام‪ ،‬وهكذا دواليك‬
‫حياة بسيطة‪ ،‬هادئة‪ ،‬و ُمملة! ال سيما أنّه ينقصها عنصر مهم جداا موجود لدينا نحن أصحاب‬
‫ضا منها قبل قليل‬
‫‪.‬الجنسيّات الحماسية التي ذكرنا بع ا‬
‫هذا العنصر المفقود هو اإلثارة التي دخلت حياتنا وتغلغلت في جميع ثناياها ومنعطفاتها‪.‬‬
‫حياتهم ينقصها اإلثارة والمغامرة‪ ،‬فحياتنا أشبه ما تكون بالمًلحم التي تُرى في الفيديوهات‬
‫التحفيزيّة‪ ،‬كل يوم تجد جديد أمام طابور لشيء ما يجب أن تقف أمامه‪ ،‬كل يوم تحدي ألجل‬
‫‪.‬ركض وراء رغيف‪ ،‬أو سعي نحو معلومة فاسدة في معظمها‬
‫الحياة هنا مثيرة بشكل جنوني بالمقارنة معهم‪ ،‬أولئك الذين يفتقدون اإلثارة والمغامرة في‬
‫المحرض األكبر على هذه اإلثارة والداعم المستمر لها‪ ،‬وال ُمجيّش‬
‫ّ‬ ‫حياتهم‪ ،‬كما أنّهم يفتقدون‬
‫!الذي رفض أن يفارقها ويفارقنا منذ زمن بعيد‬
‫هذا ال ُمجيّش الذي ش ّكل لعنة أحاطت بأعناقنا حتى ّ‬
‫حزتها! اللعنة التي من ال ُممكن أن تكون‬
‫انحيازا للدين أو الفصيل السياسي أو القبيلة االجتماعيّة‪ .‬اللعنة التي تجعلك تف ّكر في‬
‫ا‬
‫!خواصك ومزاياك مع الرغبة في سحق كل خاصة ومزيّة لـ (فصيل ‪ /‬جماعة ‪ /‬دين) آخر‬
‫كثيرا‪ ،‬اللعنة التي من اإلجحاف أن‬
‫اللعنة التي أهلكتنا على مدار قرون والتي قد طالت ا‬
‫نختصرها في بضعة حروف ال تستطيع التعبير عن مدى الحقد واألسى الذي خلّفته‪ ،‬لكن‬
‫هذه هي ضريبة اللغة‪ ،‬لذلك ال يمكن القول سوى ّ‬
‫أن هذه اللعنة اتفق الجميع على‬
‫!بالطائفيّة تسميتها‬

‫إن التاريخ وعلى طول مسيرته‪ ،‬دائ اما ما كان يسير على قدمان اثنتان‪ ،‬ولكي يتحرك التاريخ‬ ‫ّ‬
‫في أحد المجتمعات كان ال بد ألحد األقدام تلك أن تسير لألمام بينما تبقى األخرى في الخلف‬
‫!ثابتة في مكانها‬
‫ففي كل مرحلة تاريخيّة كانت هناك هاتان القدمان ال ُممثلتان بطائفتان من الناس‪ ،‬الطائفة‬
‫األولى – القدم األولى – هي الجماعة المحافظة الرجعيّة‪ ،‬أ ّما الطائفة الثانية – القدم‬
‫األخرى – فهي الجماعة الثائرة ال ُمجدّدة‪ ،‬ومن خًلل التفاعل المستمر بين هاتين الطائفتين‬
‫!يتحرك المجتمع ويمشي التاريخ نحو األمام‬
‫بمعنى أوضح‪ ،‬ال يوجد بشر غير طائفيين أبداا! حتى في أكثر دول العالم تحض اّرا وسًل اما!‬
‫دائ اما هناك أناس طائفيين في كل المجتمعات‪ ،‬لكن الفرق الذي يُوصم مجتمع ُمعين بأنّه‬
‫تفوق نسبة الطائفيين على األقل طائفيّة‬
‫!طائفي هو ّ‬
‫فالفارق بين اإلنسان الطائفي واإلنسان غير الطائفي هو فارق بالدرجة وليس‬
‫الطائفيّة صفة أصيلة في اإلنسان و َمن يطالب بإنسان ال طائفي كمن يطالب بذئب ال !بالنوع‬
‫!يأكل اللحم! وبالتالي هو جاهل بطبيعة اإلنسان وبصفاته الغريزيّة الموجودة فيه‬
‫عرفه‬ ‫ا‬
‫!قائًل‪ :‬أنه الكائن الحاقد الجاحد الماشي على قدمين ديستوفسكي جاهل باإلنسان الذي ّ‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬دعني أخبرك أيها القارئ العزيز بشيء ُمهم ال بد من اإلشارة إليه‪ .‬إن‬
‫عدد المقاالت التي تدعوا إلى التغيير واالنفتاح وتقبّل اآلخر أصبحت كثيرة جداا على المواقع‬
‫‪.‬العربيّة‪ ،‬تلك المقاالت التي تحاول أن ترسم لك معالم في الطريق نحو األفضل‬
‫لماذا ال أحد يتغيّر إذًا؟ لماذا نسبة الذين تأثّروا ً‬
‫فعًل قد ال لكن السؤال الواجب طرحه‪،‬‬
‫تتعدى الـ ‪%5‬؟‬
‫نعم‪ ،‬معظم تلك المقاالت والتي !المواساة الجواب على هذا التساؤل يكمن في كلمة هي‬
‫كانت أراجيك نفسها منصة النطًلق العديد منها كانت تحمل طابع المواساة‪ .‬الطابع الذي‬
‫يقول لك أن كل شيء على ما يرام وأن الوضع ُمستتب لكن هناك بعض األشياء الواجب‬
‫!تغييرها أو تحسينها‪ ،‬ومن ثم يُطبطب المقال على كتفك فتبتسم أنت له ومن بعدها تنساه‬
‫كل ما تفعله صحيح وعلى الطريق لكن حبذا لو فعلت ذلك بدل ذلك! نحن جيّدون لكن لربما‬
‫جرا على نمط‬ ‫علينا أن نرتقي ا‬
‫قليًل! مسارنا صحيح لكننا بحاجة لبعض التعديًلت! وهلم ًّ‬
‫هكذا عبارات تقول بأن البوصلة خاصتنا بحاجة لتعديل طفيف فقط‪ ،‬بينما الحقيقة تقول أنّنا‬
‫!فقدنا البوصلة منذ زمن‬
‫يجب علينا قراءة الكتب التي تُدمينا وتغرس خناجرها فينا‪: ،‬يقول الروائي البائس كافكا‬
‫وإذا كان ما نقرأه ال يوقظنا من غفلتنا فما قيمة ما نقرأ إذًا؟‬
‫لذلك لن يكون هذا المقال مقال مواساة وطبطبة على الذات أبداا! في هذا المقال سأعمد إلى‬
‫تجهيز سبعة خناجر ألغرسها في قلوبكم جميعاا! سأحاول أن أقتل ذلك اإلنسان الطائفي‬
‫المتواجد داخل كل واحد منا بحكم طبيعتنا البشريّة‪ ،‬والذي هو بحاجة فقط لشرارة بسيطة‬
‫‪.‬لكي يظهر ويعبّر عن نفسه‬
‫قرب‬
‫الشرارة قد تكون انهيار الدولة التي تعيش فيها‪ ،‬أو حادث مؤلم تمر به كذبح إنسان ُم ّ‬
‫لك على هويته! أو شيء آخر من هذه األفعال التي تضرب قلب اإلنسان في صميمه ّ‬
‫لتمزقه‬
‫‪.‬وتسلخه عن كل المبادئ والقيم التي آمن وعاش بها‬
‫ليس هناك تربيت على الكتف هنا‪ ،‬هناك سكاكين‬ ‫ليس هناك سبع خطوات في هذا المقال‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ستُطلق إلى الصدور‪ ،‬إلى صدور الشباب تحديداا كونهم هم الضحية من كل هذه اللعبة‬
‫القذرة‪ .‬فغالباا لن تجد طاعناا في السن طائفياا‪ ،‬بل ُج ّل المخدوعين هم من الشباب اليافعين‬
‫!الذين يُرمى بهم في وجه الموت ُمباشرة ا‬
‫نطلب منكم الصفح والعفو كون هذا المقال سيكون قاسيًّا‪ ،‬كقسوة األم على ابنها عندما تُريد‬
‫‪.‬منه أن ينام‪ ،‬أو قسوتها على ابنتها لكي تحل واجبات المدرسة‬
‫الهدف من هذا المقال هو إنهاء أشرس مسرحيّة قذرة قد عشناها‪ ،‬والتي كان عنوانها‬
‫الرئيسي هو الطائفيّة‪ ،‬والتي استمرت وطالت كثيرا ا لدرجة أن الجمهور نفسه قد مات ولكنها‬
‫!لم تنت ِه بعد‬
‫افتحوا لي صدوركم ودعوني أتكلم عن هذه الخناجر السبعة التي سنحاول بها اآلن أن نقتل‬
‫‪.‬اإلنسان الطائفي الذي أهلكنا‬
‫ال إمام سوى العقل ‪1/‬‬
‫أحد أجمل معاني كلمة العقل في اللغة العربيّة هو ال ُمحاصر وال ُمحدّد‪ .‬لكن لحظة‪ُ ،‬محاصر‬
‫!لمن وألي شيء بالتحديد؟‬
‫في دول الخليج هناك الزي الخاص بهم حيث يضع الرجال على رؤوسهم ذلك الشيء‬
‫ضا‪ّ .‬‬
‫ألن ِعقال األسود الذي يُقال له‬ ‫هو تلك اللفافة التي ال ِعقال وهي لفظة ُمشتقة من عقل أي ا‬
‫!توضع على الرأس لتحاصره من كل الجوانب‬
‫فإذاا العقل البشري هو ال ُمحاصر الندفاع اإلنسان الغريزي‪ ،‬ال ُمتمثّل في المشاعر الهوجاء‬
‫سيتحول‬
‫ّ‬ ‫والرغبات الجامحة والتي لو تركت دون ُمحدد يحددها وضابط يضبطها فإن العالم‬
‫فورا‬
‫‪.‬إلى خراب ا‬
‫ولع َل أبرز تلك الحاالت واالنفًلتات التي قد يسهو العقل عنها‪ ،‬فتنفلت الغرائز وتجمح‪ ،‬هي‬
‫!الطائفيّة! فالطائفيّة هي كتلة من الغرائز الهوجاء وليست كتلة من األفكار إطًلقاا‬
‫هناك شيء لطيف في جميع األديان‪ ،‬وهو أنها تُسقط حكم التكليف والعبوديّة عن اإلنسان‬
‫فكرا‪ ،‬أي أنه كتلة من الغرائز المتنقّلة دون ُمحاصر‬
‫المجنون كونه غير عاقل ال يملك ا‬
‫يضبطها‪ .‬لذلك ومن هذا المنطلق يُمكن القول بأن معيارك للحكم والعبوديّة هو العقل! لذلك‬
‫!أي شيء يُخالفه ال تتردد في سحقه‬
‫نتعرض ألحد‪ ،‬لكن دعني أذ ّكرك بأن الكاردينال في عصور أوروبا الوسطى‬ ‫ال نريد أن ّ‬
‫كان يبيع للناس مساحات في الجنة! وهناك اآلن لدينا بعض من الذين يبيعون البسطاء من‬
‫ضا! رغم أن أبناء هؤالء يستمتعون بالدراسة في أفخر جامعات‬
‫الشباب مساحات في الجنة أي ا‬
‫!أوروبا‬
‫صديقي العزيز‪ ،‬هناك خدعة في األمر‪ ،‬صدقني لو أنهم ً‬
‫فعًل يؤمنون بما يقولونه لك لما‬
‫سا! لصارعوك عليه كما يُصارع النمر األسد‬
‫!تركوه لك أسا ً‬
‫أعظم رجل دين رأيته في حياتي ولم أتردد في اللحاق به أينما ذهب ومشى على الرغم من‬
‫صدقني إن أعظم رجل دين يجب !أنه قد يخطئ إال أنه يُصحح وفقاا لما يمر به‪ ،‬هو عقلي‬
‫عليك أن تتبعه هو العقل‪ .‬وكل إنسان يحاول أن يُفهمك عكس ذلك هو يحاول أن يركب‬
‫!ظهرك لكي يجعلك فيما بعد قنبلة أو صاروخ أو حزام ناسف ليقتل به الحجر والشجر‬
‫بدال منك؟ هل توافق أن تجعل شخص ما يشرب عندما تكون أنت‬ ‫هل تسمح إلنسان أن يأكل ا‬
‫شا؟ هل تسمح لرجل أن ينام مع زوجتك نيابةا عنك؟ هل توافقين أن تنام امرأة أخرى‬
‫عط ا‬
‫منك على صدر زوجك؟‬ ‫ا‬
‫!بدال ِ‬
‫بدال منكم إذاا! كيف تعطونهم اإلذن بأخذ هذه الجوهرة التي‬
‫كيف تسمحون للناس بالتفكير ا‬
‫على أساسها أصبحتم ُمكلّفين بالعبوديّة! كيف تتنازلون عن عقولكم! كيف تفعلون ذلك‬
‫!كيف؟‬

‫العًلقة بين السماء واألرض كانت بحاجة لواسطة وهي الرسول‪ ،‬لذلك ال يوجد هناك داعٍ‬
‫لوسيط آخر لكي يُفهمك بحجة أنه هو أعقل منك وأفهم! وإن حاولوا إقناعك بغير ذلك فهو‬
‫‪.‬ألجل فرض السيطرة عليك تحت ما يُسمى بالحكم الديني أو الكهنوتي‬
‫والذي غايته العظمى ليس الدين كما يوهمونك‪ ،‬بل السيطرة على عقلك وجعلك فتى ُمطيع‬
‫بًل قدرة على التفكير الحر‪ .‬وبذلك قد جعلوا أنفسهم بشر رتبة أولى بينما أنا وأنت بشر‬
‫صنف ثاني رخيصي الثمن! وعند أي محاولة لنقدهم أو التكلم عنهم يتحولون إلى وحوش‬
‫!كاسرة ويرفضون النقد بدعوى أن لحومهم مسمومة‬
‫ا‬
‫رسوال وفقاا لكل زمن‪ ،‬غير ذلك ما‬ ‫العًلقة بين السماء واألرض انتهت بالوسيط الذي كان‬
‫!هو إال محاولة لفرض حكم وسيطرة عليك لكي تعيش ضعيف ُمطيع خانع بين أيديهم‬
‫لذلك ال تتردد بعد اآلن بأال تعبأ بهم جميعاا وتنزع عنهم تلك الهالة التي لطالما أقنعوك‬
‫بوجوب رؤيتها! من اللحظة الحالية اِجعل شعارك ال إمام سوى العقل‪ ،‬ألن العقل هو أساس‬
‫!التكليف واالستحقاق األول كله‬
‫!ألم تفهم معنى أفًل يعقلون التي لطالما كنت تسمعها! هل أدركت معناها اآلن! هل عقلت‬
‫اإلله الذي يحب الدماء ‪2/‬‬
‫الذي ُمنع من ‪ PK‬فيلم العالميّة والتي كانت في سياق عرض السينما من المشاهد الهامة في‬
‫التداول في عدّة بلدان بسبب مساسه بالمقدسات‪ ،‬كان المشهد األخير الذي دار بين بطل الفيلم‬
‫‪.‬المتمثّل بكائن فضائي هبط على كوكب األرض‪ ،‬وبين راهب بوذي يلعب دور رجل الدين‬
‫باشرا ا‬
‫قائًل‪ :‬تقولون‬ ‫ا‬
‫سؤاال ُم ا‬ ‫تدور المحادثة بين الطرفين ليسأل الكائن الفضائي الراهب‬
‫جميعكم – أي أنتم يا رجال الدين – أن هناك إله واحد في هذا الكون‪ ،‬لكني أخالفكم‬
‫!في هذا الكون ال يوجد إله واحد بل إلهان! إله أنتم صنعتموه وإله هو الذي صنعنا الرأي‪،‬‬
‫اإلله األول هو إله بشري يُشبهكم تما اما‪ ،‬إله يحاسب الناس بنا اء على مناظرهم‪ ،‬إله يحب‬
‫!األغنياء ويضع الفقراء على قائمة االنتظار! إله بمًلمح وصفات بشريّة قبيحة مثلكم أنتم‬
‫!أما اإلله اآلخر فهو الذي صنعنا وهو الذي ال نعرف عنه شيئاا أبداا‬
‫صديقي العزيز‪ ،‬اإلله الذي يحمل صفة حب الدماء هو إله بشري صنعته ُمخيّلتك المريضة‬
‫ّ‬
‫وحز رؤوسهم‬ ‫تقرب إليه بالقرابين والدماء وسحق الناس وتفجير منازلهم‬
‫فقط! ال يوجد إله يُ ّ‬
‫!ونسف أجسادهم‬
‫هذا إله بشري واضح‪ ،‬تحركه المصالح التي قد تكون سياسيّة في ُمعظمها‪ .‬وإن كان هو‬
‫موجود فعًلا – هذا اإلله الدموي – فهو حت اما غير عادل‪ ،‬وال أظنك بحاجة ألن تعبد إل اها‬
‫ممزقة ألجله‬‫! ُمتحي اّزا وغير عادل‪ ،‬وفوق هذا كله يعشق الدم ويحب أن يرى جثث األطفال ّ‬
‫تحول األرض إلى جحيم لكي تكسب السماء! هناك ُمتسع للجميع‬‫صدقني ليس هناك داعٍ ألن ّ‬
‫‪.‬كي يعيشوا كما يريدون وبالفكر الذي يرغبون ويقتنعون به‬
‫اإلله الذي يُوصل إليه بالدماء وبسحق الناس ليس إله‪ ،‬بل مصلحة (سياسيّة ‪ /‬اجتماعيّة)‬
‫!لبست ثوب اإلله وتم خداعك بها‬
‫محدودية الحواس والخروج من اإلطار ‪3/‬‬
‫تواترا ضمنه‪.‬‬
‫ا‬ ‫ألذن اإلنسان مجال سمعي ُمعين يمكنها فقط أن تدرك األصوات التي تملك‬
‫ا‬
‫فمثًل األذن البشريّة تسمع األصوات التي تواتراتها تتراوح من ‪ 20‬هيرتز إلى ‪ 20‬ألف‬
‫غير ذلك أعلى أو أقل ال يُمكن لألذن أن تسمعه‬
‫‪.‬هيرتز‪َ .‬‬
‫البصر أيضا ا كذلك‪ ،‬هناك تواترات ال تستطيع العين البشريّة أن تراها إن كانت خارج‬
‫نطاقها وال سيما التواترات السريعة‪ ،‬فيكون من الصعب نقلها للمخ ومن ثم ادراكها‬
‫‪.‬وتفسيرها‬
‫ضا! نعم‪ ،‬فهناك ُمحددات معيّنة تجعل من الصعب‬
‫وأهم من السمع والبصر هو التفكير أي ا‬
‫صا لكي يفكر ضمنها وال يتجاوزها‬ ‫على اإلنسان أن يف ّكر خارج أطر تم وضعها له خصي ا‬
‫أبداا‪ .‬إال أن االختًلف هنا هو أن العقل على عكس السمع والبصر قابل للنمو فهو أشبه‬
‫بعضلة تكبر كلما استخدمت‪ ،‬لذلك يمكن للتفكير أن يتحدى اإلطار الذي وضع فيه وأن‬
‫!يهشمه ويحطمه حتى‬
‫اإلطار الذي يضبط التفكير غالباا ما تش ّكله ثًلثيّة (الدين – العادات والتقاليد – السياسة) فأي‬
‫شيء خارج عن دينك‪ ،‬انتماءك السياسي‪ ،‬عاداتك ال يُسمح لك إطًلقاا أن تفكر به أو ّ‬
‫تطلع‬
‫!عليه‬
‫لكن ومع المحاوالت الحثيثة لرؤية اآلخر واالنفتاح على المجتمعات والثقافات‪ ،‬سيبدأ هذا‬
‫سع أكثر فأكثر ومن ثم قد يتحطم كليًّا! وعندها ستدرك أن إطارك القديم ما كان‬
‫اإلطار بالتو ّ‬
‫!إال وه اما وضعوك فيه لكي تبقى منتمياا لهم دون جدال وال نقاش‬
‫الطائفيّة في أحد جوانبها هي االنغًلق! فمن المستحيل أن تكون إنساناا انفتح على الجميع‬
‫وخبر حياة الجميع وبعدها تبقى طائفيًّا! يستحيل ذلك تما اما‬
‫َ‬ ‫!وقرأ للجميع‬
‫أن هناك أناس‬‫ير إالّ نفسه‪ ،‬الذي يختبئ خلف إصبعه! الذي ال يعلم ّ‬ ‫الطائفي فقط هو الذي ال َ‬
‫آخرون على هذا الكوكب ولهم تفكير خاص بهم قد يخالفونه ب ِه! الطائفي كما قلنا كتلة من‬
‫الغرائز الجامحة نتيجة تقاعس في أداء العقل لوظيفته! لذلك ال تتعجب عندما تُمسك تلك‬
‫!المشاعر الجامحة سًل احا وتبدأ بالفتك بالناس؛ ألنّها لم تعتد على أن ترى أحد يختلف عنها‬
‫اخرج من إطارك اللعين الذي ُوضعت فيه‪ ،‬هناك عوالم أخرى تنتظرك لكي تراها‪ .‬صدقني‬
‫أن جمال هذا الكون يكمن في اختًلفه‪ ،‬لو كان الناس سواسيّة لخرب العالم وفسد‪ ،‬لكن بداعة‬
‫والتنوع‪ ،‬فحاول أالّ تدمر بغرائزك المنفلتة هذا‬
‫ّ‬ ‫ما نراه من كوكب تكمن في االختًلف‬
‫!االختًلف‬
‫االطًلع على وال تتوانى عن تدمير إطارك الفكري الذي ُح ِ ّد َد به عقلك‪ ،‬وذلك من خًلل‬
‫‪.‬اآلخر واالنفتاح على الثقافات التي تُحيط بنا جميعاا‬
‫الحس الجمالي الذي نفتقده ‪4/‬‬
‫لمجرد‬
‫ّ‬ ‫هل تعلم أن الذين يريدونك أن تكون إنسان طائفي يفتك بالبشر ويسحق اآلخرين‬
‫وتذوقه‬
‫ّ‬ ‫يحرمون عليك الفن‬
‫!االختًلف الفكري معهم‪ ،‬هم نفسهم أولئك الذي ّ‬
‫ألم تلحظ وجود هذا الرابط الخطير بينهم! ألم تعرف أن كل هذا التضيق على مفاهيم الحس‬
‫الجمالي بمختلف تجلّياته هو ألجل جعل منك إنساناا جافاا‪ ،‬قاسياا‪ ،‬وكأنّك زجاجة صمغ منسيّة‬
‫!في أحد دكاكين النجارة‬
‫مجرد أن تُصبح إنساناا فناناا سيستحيل عليك أن تنفذ مصالحهم وأن تكون طائفيًّا يقتل‬
‫ألنه وبُ ّ‬
‫!ويذبح ويدمر‬
‫ال يوجد إنسان يقتل إنسان آخر بعد قراءته لمسرحيّة ما لشكسبير أو سماعه لمعزوفة‬
‫من المستحيل على إنسان أن يمسك بيده األولى ريشة لكي يرسم لوحة !ألندريه ريو رقيقة‬
‫‪.‬وفي يده األخرى سيف ّ‬
‫يحز به األعناق! ُمستحيل أن يحدث أمر كهذا‬
‫ضا‪ .‬ال‬‫ليس في مرحلة الشباب فحسب‪ ،‬بل الطفولة أي ا‬ ‫معظم أزماتنا ناتجة من هذه النقطة‪َ ،‬‬
‫وتذوقهما‪ ،‬على العكس تما اما‪ ،‬الجميع يم ّجد‬‫ّ‬ ‫أحد يربي ابنه وال ابنته على حب الفن والجمال‬
‫الفقر والذل والقبح! الجميع يبتعد عن الفنون بمختلف أنواعها‪ ،‬الكل يريد أن يصبح طبيباا‬
‫سا وأستاذاا‪ ،‬لكن ال أحد يُريد أن يكون موسيقياا أو رسا اما‬
‫!ومهند ا‬
‫التفوه بذلك‪ ،‬لن يرحمه أحد من لسانه وربما من يده! ولن يطول األمر حتى‬
‫والذي يحاول ّ‬
‫يصبح مسخرة على لسان جميع من حوله! تُريد أن تصبح رسام بينما ابن خالتك طبيب!‬
‫!تُريد أن تصبح موسيقي بينما ابن عمتك مهندس! يا لك من ولد أبله وأحمق‬
‫النفوس أصبحت جافة وخشنة‪ ،‬ولع َل أفضل من سيواسيها هو الفن‪ ،‬فابقوا حيث الفن‬
‫!والفنانين‪ ،‬فأصحاب الحس الجمالي من المستحيل أن يؤذوا أحداا‬
‫تذوق الجمال‪ ،‬على حب الفن‪ ،‬على رؤية تجلّيات الكون وعظمته في‬ ‫ربّوا أوالدكم على ّ‬
‫كثيرا‪ .‬جربنا ما نحن عليه اآلن ولم نفلح‪،‬‬
‫أبهى الصور‪ .‬مللنا من الطب والهندسة‪ ،‬مللنا منها ا‬
‫!لم ال نجرب ما هو آخر لعلنا ننجح‬ ‫َ‬
‫وتذ ّكروا دائ اما – أيها الشباب – إن الذي يُريد منكم أن تكونوا طائفيين ُمجرمين‪ ،‬هو نفسه‬
‫يحرم عليكم الفن (رؤية ‪ /‬سماع ‪ /‬كتابة) والحس الجمالي‪ ،‬فهًل استخدمت عقلك‬ ‫الذي ّ‬
‫!وعرفت الرابط بين األمرين هنا‬
‫الفلترة النقدية والتخلص من اإلسفنجة ‪5/‬‬
‫سع هذا المثل ‪.‬إن كنت تصدق كل ما تقرأ فًل تقرأ ‪:‬هناك مثل ياباني لطيف يقول‬ ‫دعنا نو ّ‬
‫وليس القراءة فقط‪ ،‬فيصبح كالتالي‪ :‬إن كنت تصدق كل ما تقرأ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫قليًل ليشمل كافة الجوانب‬
‫تر وال تسمع‬‫!وترى وتسمع‪ ،‬فًل تقرأ وال َ‬
‫هناك رجل دين شهير خرج في أحد ُمقابًلته ليتكلّم في أفضليّة الرجل على المرأة من‬
‫الناحية العقليّة‪ ،‬فاضطر لًلستشهاد بالعلم كي يُبرر موقفه واضطر بدوره أن يقول ّ‬
‫أن هناك‬
‫نسي اسمها هي المسؤولة عن الضعف العقلي الذي لديها‬‫َ‬ ‫!لدى المرأة غدة‬
‫لم يلبث األمر طويًلا حتى انتشر المقطع كالنار في الهشيم‪ ،‬وأصبح أحد أشهر الحجج على‬
‫هذا الرجل الذي حاول أن يُبرر موقفه بشاهد علمي‪ ،‬فحدثت هذه الكارثة التي ال تُحمد‬
‫!عقباها‬
‫العلم مضماره الدليل‪ ،‬والدين مضماره ‪.‬عزيزي القارئ‪ ،‬للدين رجاله كما للعلم رجاله‬
‫ضا‬
‫!القداسة‪ ،‬ال تحاول أن تخلطهما معاا! وال تحاول أن تتابع من يخلطهما معاا أي ا‬
‫طالما رجل الدين يتكلّم في الدين احترمه تما اما واتبعه مع الحفاظ على عقلك طبعاا‪ ،‬لكن‬
‫ويطوع العلم لصالح خدمة تو ّجهاته فًل‬
‫ّ‬ ‫وبمجرد أن يحاول رجل الدين أن يلوي األعناق‬‫ّ‬
‫حول نفسه‬‫تتردد أبداا في نقده ومواجهته والسخرية من أفكاره حتى‪ ،‬ألنه بفعلته تلك هو قد ّ‬
‫وليس أنت من فعل‬‫َ‬ ‫!إلى مسخرة‬
‫بمجرد أن‬
‫ّ‬ ‫نفس األمر مع الطرف اآلخر‪ ،‬لديك عالم يتحدث عن العلم‪ ،‬اتبعه وال تتردد‪ ،‬لكن‬
‫لإلجابة على أعتى سؤال فلسفي في كون من ال شيء يصدر ذلك العالم كتاب عنوانه‬
‫فًل تتردد في أن تنتقده وتواجهه! ألنه تعدّى على مجال غيره! من أين أتى الكون؟ التاريخ‬
‫!ألنه عالم فيزيائي أراد أن يُجيب على سؤال فلسفي‬
‫لكن طبعاا وكما قلنا ُمسبقاا‪ ،‬لن يترك لك رجال األديان األمر هكذا‪ ،‬فمن المستحيل أن‬
‫يجعلونك تنتقدهم‪ ،‬لذلك فرضوا عليك سلطتهم تحت عدّة شعارات من نمط ّ‬
‫أن لحومهم‬
‫!مسمومة وغيرها‬
‫دعك منهم يا صديقي‪ ،‬لحومهم – في أغلبهم وليس كلهم – ليست مسمومة بل فاسدة‪ ،‬وال‬
‫كثيرا بتلك اللحوم بل حاول أن تعرف‬
‫ا‬ ‫سيما أولئك الجامدين الذين ال يتقبلون النقد‪ ،‬ال تعبأ‬
‫قيمتها الحقيقية‪ ،‬وإن حاولت أن تتعدى على مجال غيرها بشكل ساذج فًل تتردد أبداا في‬
‫‪.‬نقدها‬
‫ال تكن كاإلسفنجة تستقبل كل ما تقرأ وترى دون أدنى محاكمة عقليّة تقوم بها! ُكن ا‬
‫فلترا‬
‫!نقديًّا يُمرر الجيد ويمنع الخبيث‪ ،‬السيّئ‪ ،‬والمسموم‬
‫التاريخ يقول كل شيء ‪6/‬‬
‫إن كل من لم يفقه التاريخ‪ ،‬محكوم ‪:‬يقول الفيلسوف األمريكي البراغماتي جورج سانتيانا‬
‫‪.‬وهذا هو قطعاا ما يحدث في حالتنا !عليه بتكرار مآسيه‬
‫الحظوا أنّه قال كل من لم يفقه التاريخ وليس من لم يقرأ! ألنّه من الممكن أن تقرأ التاريخ‬
‫!ولكنك تكرر نفس سذاجاته السابقة ألنك لم تفقه ولم تعقل ولم تفهم من التاريخ شيئاا‬
‫سطحة إلى أبعد حد قد تتخيله‪ ،‬فهي ال تتعدى كونها تمجيديّة فقط! ال‬‫معلوماتنا التاريخيّة ُم ّ‬
‫تخرج منها بشيء ُمفيد أبداا‪ ،‬فقط يمكن لبعض الوعّاظ والمتحمسين من أمثالهم أن‬
‫‪.‬يستخدموها عندما يعظوك لكي يقولوا لك أن الذين ماتوا قبلنا كانوا أفضل منا‬
‫مغوارا‪ ،‬وجد‬
‫ا‬ ‫تاريخنا تمجيدي فقط‪ ،‬لن تعرف منه سوى أن جدّك كان ا‬
‫بطًل‪ ،‬وجد جدّك كان‬
‫سا فأين نحن منهم؟! هذا فقط كل ما نعرفه‪ ،‬دون أن ندرك ولو‬ ‫جد جدّك كان ُم ا‬
‫قاتًل شر ا‬
‫!بشيء بسيط أن تاريخنا العربي هو تاريخ إنساني قبل كل شيء‪ .‬واإلنسان يخطئ ويصيب‬
‫تعوده على القول ّ‬
‫بأن كل ما يمر به هو شيء جديد لم يسبق له مثيل على‬ ‫غطرسة اإلنسان ّ‬
‫مدار التاريخ‪ ،‬لكن الواقع هو العكس تما اما‪ّ ،‬‬
‫ألن التاريخ محكوم بعنصر تكرار الظواهر‬
‫نفسها‪ّ ،‬‬
‫ألن البشر ال يتغيّرون مهما حدث‪ ،‬وهم على نفس دأبهم منذ كانوا على الشجر إلى‬
‫!اللحظة التي سوف يستعمرون بها المريخ‬
‫ولكي تعرف ما نمر به اآلن‪ ،‬انظر إلى أوروبا في العصور الوسطى‪ ،‬عندما انشرخت‬
‫ُمتصارعة بين أكبر طائفتين فيها‪ ،‬والتي أدت بدورها إلى إشعال أعتى الحروب التي‬
‫ضربتها والتي سميت بالحروب الدينيّة‪ ،‬حيث كانت نتيجتها الحتميّة إبادة ثلث سكانها ومن‬
‫!ث ّم التمهيد لبزوغ عصر النهضة والتنوير‬
‫أال يذكرك هذا بأحد؟ أال تذكرك هاتين الطائفتين بما نمر به نحن اآلن! من لم يفقه التاريخ‬
‫محكوم عليه بتكرار مآسيه! هل تعتقد أننا قد فقهنا جزء من التاريخ وليس كله حتى‪ ،‬هل‬
‫!تعتقد ذلك؟‬
‫ظهر فيلسوف التنوير‬
‫َ‬ ‫ليقول عبارته فولتير في نفس تلك الفترة المظلمة من أوروبا‪،‬‬
‫إن الصراع الطويل بين طرفين دون انتصار أحدهما‪ ،‬لهو دليل قاطع على أ ّن كًل ‪:‬الشهيرة‬‫ّ‬
‫!الطرفين على خطأ‬
‫ضا يُشبه تو ّجه‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن القوتين المتعاكستين فولتير هناك قانون فيزيائي أي ا‬
‫باالتجاه والمتساويتين بالشدّة تكون محصلتهما الفناء! ألنّهما بنفس القوة واألسلوب وطريقة‬
‫أن تو ّجهاتهما مختلفة‪ ،‬فتكون النتيجة الحتمية هي فناءهم معاا! وهذا ما سيحدث‬‫القتال إالّ ّ‬
‫‪.‬وفقاا لمسيرة التاريخ إن أردنا التنبؤ بشيء ما هنا‬
‫الطرفان هم بنفس القوة ونفس الشراسة إالّ أنّهما متعاكسان فًل بد من أن يكون العدم هو‬
‫ضا طالما نحن خارج نطاقهم‪،‬‬ ‫كثيرا لذلك وتقول فليفنوا بعضهم بع ا‬
‫مصيرهم! لكن ال تفرح ا‬
‫ّ‬
‫ألن فناءهم سيترافق مع فناء كل شيء تقريباا‪،‬‬ ‫فالغباء الطائفي هو انفًلت غريزي عشوائي‬
‫!مستحيل أن يكون له ضابط يحميك و ُمحدد يحفظ لك أمنك الشخصي‬
‫إالّ في حالة واحدة يمكن أن يتم تجنّب ذلك‪ ،‬وهي أن ذلك المقاتل الذي يمسك بيده اآلن سيفاا‬
‫لكي ّ‬
‫يحز به عنق أحدهم‪ ،‬أن يترك سيفه ليقرأ كتاباا ما ويعرف ّ‬
‫أن السخافة التي يفعلها‪،‬‬
‫ضا وأصبحت عظامهم مكاحل ولم يستفيدوا شيء‪ ،‬عندها فقط يمكن له أن‬ ‫فعلها َمن قبله أي ا‬
‫!يفقه ما حدث وال يكرره من جديد‬
‫أعمارا إلى أعماره ‪:‬صدق ذلك الشاعر عندما قال‬
‫ً‬ ‫!ومن وعى التاريخ في أعماقه‪ ،‬أضاف‬
‫اِعرف التاريخ قبل أن تكرر مآسيه‪ ،‬العمر قصير يا صديق‪ ،‬من السذاجة أن تكرر األمور‬
‫!التي فعلها األقدمون ولم ينجحوا وتنتظر أنت أن تنجح بها‬
‫كوكب األغبياء ‪7/‬‬
‫ُمحا ّجة ُمهمة في موضوع هللا والكون‪ ،‬صحيح كارل ساغان لدى عالم الكوزمولوجيا الشهير‬
‫أنّه استخدمها هو لدحض فرضيّة وجود اإلله‪ ،‬إالّ أنّني سأستخدمها هنا لدحض فكرة الطائفيّة‬
‫‪.‬والصراع الديني‬
‫شيرا بذلك إلى كوكب األرض وسكانه‬
‫‪.‬تلك المحا ّجة تحمل اسم كوكب األغبياء‪ُ ،‬م ا‬
‫مجرد كوكب يدور حول نجم هو الشمس! تخيّل‬
‫ّ‬ ‫تخيّل كوكب األرض الصغير والذي هو‬
‫مجرة تحوي مليارات النجوم غيره‬
‫ّ‬ ‫!الشمس والتي هي عبارة عن نجم صغير في‬
‫مجرة واحدة ضمن مليارات المجرات األخرى في هذا‬‫ّ‬ ‫مجرة درب التبانة‪ ،‬والتي هي‬
‫ّ‬ ‫تخيّل‬
‫!الكون! تخيّل الكون‪ ،‬والذي قد يكون كوناا واحداا من ضمن أكوان أخرى موجودة أي ا‬
‫ضا‬
‫قرب عدسة الكاميرا خاصتك‬
‫اآلن ومن منظور علوي فوق كل هذه المسافات الفلكيّة الهائلة‪ّ ،‬‬
‫على هذا الكوكب الصغير ال ُمسمى األرض‪ .‬هل تعتقد ّ‬
‫أن هللا مع دين ضد دين آخر على‬
‫أن هللا مع طائفة ضمن دين‪ ،‬ضد كل الطوائف‬ ‫سطحه! لنذهب أبعد من ذلك‪ ،‬هل تعتقد ّ‬
‫!واألديان األخرى‬
‫أن هللا مع مذهب ضمن طائفة ضمن دين ضد جميع المذاهب‬ ‫أبعد من ذلك‪ ،‬هل تعتقد ّ‬
‫والطوائف واألديان األخرى! هل تعتقد ّ‬
‫أن هللا يقف مع جماعة صغيرة من الناس ضد كل‬
‫والملل في هذا الكوكب الذي هو ال شيء بالنسبة لضخامة الكون‬
‫الجماعات والمذاهب ِ‬
‫!الهائلة‬

‫لماذا مسختم صورة هللا في عقول الناس إلى هذا الحد! لماذا صغّرتم صورة اإلله في‬
‫سختم صورة هذا اإلله غير العادل! اإلله الذي يحب فقط جماعة من‬‫ُمخيًّلت البشر! لماذا ر ّ‬
‫!األحياء ويكره – بحقد – الجميع اآلخر‪ ،‬على الرغم من أنّه رحيم كما تقولون‬
‫المشكلة ليست في اإلله حت اما‪ ،‬المشكلة في العقول المريضة التي صغّرت مفهوم اإلله‬
‫كثيرا من وجود فيالق من الملحدين بدأت بالظهور؛‬
‫صلته على مقاسها‪ ،‬لذلك ال تستغرب ا‬ ‫وف ّ‬
‫ألن هذا اإلله الصغير الذي على مقاس البعض‪ ،‬لم يعد يعجبهم وال يفي بتطلّعاتهم أبداا‪ ،‬لذلك‬
‫ّ‬
‫!لن يترددوا بأن يُلحدوا به‬
‫هل أدركت اآلن معنى كلمة هللا أكبر التي تقولها وال تفهم معناها! صديقي العزيز ال تصغّر‬
‫صورة هللا وتجعلها على مقاسك ومقاس جماعتك‪ ،‬ألنّه بشهادتك أنت وبشهادة الجميع‪ ،‬هللا‬
‫!دائ اما أكبر من تلك الصورة‬

‫دعني أخ ّمن‪ ،‬طالما أنّك وصلت لهذه الفقرة من المقال فإنك حت اما ستكون اآلن ُمستفَز‬
‫ألقصى درجات االستفزاز‪ ،‬وهذا إن حدث حقاا فهو لدليل كبير على ّ‬
‫أن هذا المقال قد نجح‬
‫‪.‬في إيصال الفكرة المنشودة إليك‬
‫يُقال في اللغة العربيّة عن اإلنسان الذي يُصارع طواحين الهواء‪ ،‬أو عن الذي يتكلّم ا‬
‫كثيرا‬
‫أن ال أحد يعبأ به وال أحد يتغيّر بسببه‪ ،‬يُقال عنه أنّه كالحداد الذي يضرب حديداا بارداا!‬‫إالّ ّ‬
‫أن الحديد ال ينثني إالّ إذا كان حامياا كأنّه الجحيم‪ ،‬لذلك الحداد الذي يحاول‬
‫فجميعنا يعلم ّ‬
‫!ضرب وثني الحديد البارد هو حداد ساذج إلى أبعد حد‬
‫في هذا المقال أردنا ضرب الحديد الحامي وليس البارد! ولع َل تسخين هذا الحديد كان بشكل‬
‫ليس أي استفزاز‪ ،‬بل هو استفزاز إيجابي‬
‫ُمباشر عن طريق االستفزاز الذي أنت به اآلن! َ‬
‫صلة عن كيفيّة التخلص من ورم الطائفيّة الذي أصاب أجسادنا‬‫ُمعزز بسبع خطوات ُمف ّ‬
‫‪.‬جميعاا‬
‫لسنا كصفحات الفيسبوك السلبيّة التي ال يكون استفزازها سوى من نمط أيّها العربي أنت‬
‫حمار‪ ،‬أو أيّها المتديّن أنت حمار‪ .‬ال ال أبداا‪ ،‬االستفزاز في هذا المقال إيجابي لكي يسخن‬
‫الحديد ومن ثم ينثني ويتغيّر نحو األفضل! استفزاز سيقودك للوعي واإلدراك‪ ،‬ومن ثم فهم‬
‫‪.‬حقيقية ما يجري والمسير إلى األمام‬
‫لذلك أنت اآلن – أيّها ال ُمستفَز – أمام أمرين ال ثالث لهما‪ ،‬إ ّما أن تختار الطريق األول وهو‬
‫األسهل وأن تقوم باالستجابة النفعالك اللحظي‪ ،‬وتعلّق على هذا المقال ا‬
‫قائًل بصهيونيّة‬
‫وتفرغ بذلك وبأسوأ طريقة ُممكنة‬‫ّ‬ ‫أراجيك ويهوديّة الكاتب وماسونيّة رئيس التحرير‪،‬‬
‫‪.‬شحنات االستفزاز لديك‬
‫أو أن تختار الطريق الثاني وهو الصحيح واألصعب‪ ،‬وأن تحاول أن تف ّكر مليًّا في هذا‬
‫الكًلم‪ ،‬وأن تبحث فيه وأن تحاكم بعقلك مدى عًلقته بالواقع‪ ،‬ومدى عًلقته بالفكر الطائفي‬
‫‪.‬في عقول من تعرفهم‬
‫وتذ ّكر دائ اما مقولة كافكا‪ّ ،‬‬
‫إن الكتاب الجيد هو الذي يُدمينا ويغرس خناجره فينا‪ ،‬وهذا هو‬
‫تما اما ما فعلته ضمن هذا المقال! لم تكن سبع خطوات بل كانت سبع رصاصات لقتل ذلك‬
‫الكيان الطائفي الموجود في مجرى دم كل إنسان‪ ،‬وآمل حقاا أن تكون هذه الرصاصات قد‬
‫‪.‬نجحت في إصابة أهدافها‬

‫ال إمام سوى العقل ألنّه أساس التكليف‪ ،‬فكل ما يخالفه ال تتردد في سحقه‪ ،‬وكل من يصر‬
‫على تغيّب عقلك يريد ركوب ظهرك! ّ‬
‫إن اإلله الذي يحب الدماء ليس إله‪ ،‬بل توجه بشري‬
‫لعين أُس ِقط على صفات اإلله! لكل إنسان إطار فكري ُمعين محدود بتشغيل عقله ضمنه‪،‬‬
‫فحطم إطارك الخاص من خًلل معرفة اآلخر بشكل ُمستمر‬ ‫! ّ‬
‫تذ ّكر دائ اما ّ‬
‫أن اإلنسان الفنان من ال ُمستحيل أن يضر أحداا؛ ّ‬
‫ألن من عرف جمال الوجود‬
‫يستحيل عليه أن يعرف قبح األذى! تخلّص من عقليّة اإلسفنجة التي تستوعب كل شيء‪،‬‬
‫!وتحول إلى فلتر نقدي يغربل كل ما يدخل ويخرج منه وإليه‬‫ّ‬
‫التاريخ يقول كل شيء فًل تكرر نفس الحماقات التي فُعلت من قبل‪ ،‬فهناك حماقات أخرى‬
‫وأخيرا‪ ،‬دعك من صورة اإلله الصغير الذي استقرت في ذهنك‪ ،‬اإلله‬
‫ا‬ ‫يجب علينا تجريبها!‬
‫الذي يحب جماعة من الناس ويكره كل شيء‪ ،‬دعك من هذه الصورة ال ّممسوخة الموجودة‬
‫‪.‬في مخيلتك المريضة‬
‫المشوهة التي‬
‫ّ‬ ‫وتذ ّكر دائ اما لماذا تقول هللا أكبر! وكأنّها جواب ُمباشر على هذه الصورة‬
‫صل على مقاسك! اإلله الذي‬‫لطالما استقرت في جمجمتك‪ ،‬صورة اإلله الممسوخ الذي فُ ّ‬
‫يقف معك فقط‪ ،‬ويكره الجماعات والمذاهب والطوائف واألديان األخرى بشكل شمولي‬
‫! ُمرعب‬

You might also like