Professional Documents
Culture Documents
دور المبادرة في التنمية المحلية
دور المبادرة في التنمية المحلية
عتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أحد الرهانات التي تعتمدها الدولة لبلوغ هدف التنمية المحلية عبر إدارة عمومية
حديثة ومنفتحة على محيطها،ولتحقيق هذا الهدف قامت الدولة بأحد أولوياتها الكبرى النهوض بأوضاع اإلدارة المحلية
تجسيدا لهذه السياسة ،اعتبارا لكون اإلدارة المركزية ال يمكنها أن تلبي حاجيات المواطنين وتجيب عن كل انتظاراتهم
.فقامت بإحداث اإلدارة المحلية حتى تساير للتطور الذي عرفه مسلسل الالمركزية
تطرح مسألة التنمية المحلية في إطار البحث عن محددات العمل المحلي،من خالل استخدام مجموع اإلمكانيات
المتوفرة،واستغال ل المؤهالت المادية و البشرية بهدف الوصول إلى أقصى درجة من اإلنتاجية ،بعدا مهما ويجد ذلك داللة
في طريقة العمل الهادفة إلى تحقيق الفعالية ،وذلك بمراعاة الشروط الضرورية لتدبير المنتج في تناسق تلك المؤهالت
المتوفرة سواء كانت ذا أساس مادي أو بشري وعلى هذا األساس ،وفي ظل تراجع دور الدولة لفائدة الفاعلين االخرين ــ
بما فيهم الجماعات المحلية ــ منحت التنمية بعد أكثر أهمية .في ظل تمويل مجموعة من االختصاصات لفائدة الجماعات
لتدبير شؤونها المحلية ،خاصة في المجاالت ذات الصلة المباشرة بالميدان االجتماعي ــ كالصحة و التعليم ــ و التي
اعتبرتها سياسة التقويم عبئا يضاف ألعباء الدولة وعامال لتكريس العجز في الخزينة لعدم إنتاجياتها المباشرة ومن تمة،
فإن محاولة البحث في إمكانية مساهمة اإلمكانيات المحلية في تحقيق التنمية ،يقضي عدم حصر الموضوع في إطار
ضيق ،بل يتجاوز ذلك إلى محاولة إشراك كل الفاعلين في التنمية المحلية بما في ذلك الجماعات المحلية وممثلي المجتمع
.المدني
هذا التجديد يفرض انتقال التدبير اإلداري حيث يمكن الجماعات المحلية من النهوض بدورها كفاعل اقتصادي واجتماعي،
و االنتقال بالديمقراطية المحلية من ديمقراطية شكلية إلى ديمقراطية حقيقية ،و التي تفرض بالضرورة تشكيل المجالس
بطريقة االنتخاب الديمقراطي النزيه ،كما تفرض منع استقالل اداري ،ومالي لإلدارة المحلية التي تواكب التطورات
المستجدة السياسية و االجتماعية و .االقتصادية
في تاريخ 18ماي ،2005كان ان أعلن صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،حفظه هللا ،في خطابه السامي انطالق
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،حيث اعتبر هذا الورش الكبير إجابة على اإلشكالية االجتماعية في المغرب ” ،التي
تتجلى في كون فئات و مناطق عريضة تعيش ظروفا صعبة ،بل و تعاني من حاالت فقر وتهميش ،تتنافى مع ما نريده من
كرامة موفورة لمواطنينا ..”.كما أكد صاحب الجاللة على أن الطموح الكبير ،على المدى البعيد ” ،يستهدف االرتقاء
فانطلقت هاته الخطوة المباركة من أجل تعزيز و ..بمؤشرات التنمية البشرية لوطننا العزيز إلى مستوى البلدان المتقدمة
حماية الحقوق التي تضمنها المواثيق واالتفاقيات الدولية ،و أعطى المغرب أولوية خاصة للتنمية البشرية في جميع
جوانبها ،علما منه أن الشخص الذي يعيش في فقر مدقع ،و يعاني من اإلقصاء االجتماعي والهشاشة و البطالة ،ال يمكن
له أن يساهم ،بشكل أفضل ،بقدراته في الحياة السياسية واالجتماعية لجماعته… لهذا ،فإن الهدف الرئيسي يتمثل في
تقليص العجز االجتماعي ،من خالل إعادة الهيكلة و تطوير المجاالت التي تعاني من الفقر و الهشاشة و اإلقصاء
االجتماعي .ويستدعي بلوغ هذا الهدف ،بذل الجهود على ثالث مستويات :توسيع نطاق الولوج إلى الخدمات االجتماعية
…”.األساسية؛ و تنمية األنشطة المدرة للدخل القار و فرص العمل؛ والمساعدة التي تستهدف األشخاص المحرومين
و في اطار المتابعة و التقويم ،قرر صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،نصره هللا ،في خطابه السامي ليوم 30يوليوز
،2009بمناسبة عيد العرش ،على أساس النتائج األولية لمبادرة التنمية البشرية ” ،بإعطاء دفعة جديدة وقوية لهذا
التالية توجيهاتنا من انطالقا الدائم، :الورش
أوال :توخي المزيد من النجاعة والمكتسبات .و ألجل ذلك ،ندعو كافة الفاعلين عند إعداد مشاريعها إلى مراعاة نوعيتها
.و استمراريتها ،و التقائها مع مختلف البرامج القطاعية ،و مخططات التنمية الجماعية
.ثانيا :ضرورة إخضاع مشاريعها للتقييم و المراقبة ،و األخذ بتوصيات المرصد الوطني لهذه المبادرة
ثالثا :التركيز على المشاريع الصغرى الموفرة لفرص الشغل و للدخل القار ،السيما في هذه الظرفية االقتصادية
”.الصعبة
و مع هذا كله فالمالحظ أن المبادرة الوط نية للتنمية البشرية على مستوى اقليم سيدي بنور مازالت في حاجة إلى المزيد
من الفعالية خصوصا و أن طبيعة الواقع االجتماعي (االقتصادي والفكري والنفسي والتربوي والبيئي) تلعب دوراً أساسيا ً
الشباب منها يعاني التي والمشكالت األزمات طبيعة تحديد .في
و من بين االعمال التي قام بها عامل صاحب الجاللة على إقليم سيدي بنور ،السيد المصطفى الضريس ،خال مراسيم
االحتفاالت بالذكرى التاسعة والخمسون لعيد االستقالل المجيد ،بمقر العمالة ،رفقة الكاتب العام لإلقليم السيد جمال
الرايس ،وبحضور كل من السلطات المحلية و المصالح األمنية و الهيئات المنتخبة و فعاليات المجتمع المدني ،حيث قام
بتسليم سيارة للنقل المدرسي ،لفائدة الجماعات القروية العامرية ،وذلك بهدف محاربة الهدر المدرسي تشجيع التمدرس
بالوسط القروي في اطار مبادرة التنمية البشرية .ثم انتقل مع الوفد المرافق له لوضع الحجر األساس للشطر األول
لمشروع المركب االجتماعي لمدينة سيدي بنور ،الذي رصدت له كلفة إجمالية تقدر ب 12مليون درهم ،حيث سينجز هو
اآلخر في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشراكة مع كل من المجلس الجهوي ،المجلس اإلقليمي ،المجلس
.يضم دار الطالب و دار الطالبة بطاقة استيعابية تقدر ب 240سرير الجماعي و التعاون الوطني ،الشطر األول
كما ثم توزيع 15سيارة للنقل المدرسي بإقليم سيدي بنور في اطار مبادرة التنمية البشرية ،لفائدة العديد من الجماعات
.القروية باإلقليم وذلك بهدف محاربة الهدر المدرسي تشجيع التمدرس بالوسط القروي
وكذالك في إطار المخطط اإلقليمي لتواصل القرب ،تنظم اللجنة اإلقليمية للتنمية البشرية إلقليم سيدي بنور المخيم
الصيفي الثالث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،تحت شعار ” مخيم المبادرة الوطنية فضاء للتربية على قيم
المواطنة” ،حيث سيستفيد منه أزيد من 200طفلة وطفل منحدرين من األحياء و الجماعات الفقيرة باإلقليم وفقا لمعايير
تستهدف باألساس التالميذ المعوزين والمتفوقين دراسيا باإلضافة إلى الشروط القانونية المتعارف عليها في نظام
الصيفية .المخيمات
فهذه العوامل تؤثر بفعّالية في تكوين أنماط السلوك واتجاهات الفكر وسقف المعاناة النفسية والمادية للشباب والتي
..تخلف صعوبات في التنمية والتطور في المجتمع لتحقيق الهدف الرئيسي الرامي إلى إدماج الشباب في عملية التنمية
فبإشراك هذا الشباب واستجوابه لمعرفة احتياجاته ورفع توقعاته ورؤيته سيكون من المفيد جدا العمل على الحد من
المخاطر الناشئة عن اإل ضعاف المتواصل للشباب وتأثيراته النفسية وإمكانية تحوله إلى طاقة تدميرية كالتسكع و
االنحراف نحو المخدرات و السرقة ،والدعارة ..و هي وقائع تفضي بضرورة االرتقاء بفرص مشاركة الشباب في الحياة
المدنية السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،و توسيع مجال حقوقه والتوجه لالشتغال الفعلي في حقل الحريات العامة
لترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق اإلنسان ،باإلضافة إلى نشر ثقافة التواصل مع اآلباء والجمعيات والمؤسسات
…المعنية
و من جهة أخرى و بحسب منظوري الشخصي و من خالل تتبع و مواكبة مجال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على
مستوى إقليم سيدي بنور كنموذج للواقع الوطني ،في الوقت الذي تعتبر فيه الحكامة الجيدة بمبادئها المرتبطة بالتخطيط،
و بالرؤية اإلستراتيجية ،و بالمحاسبة ،و بالمساءلة ،و بحكم القانون ،و بالمساواة والشفافية ،و بالتنظيم و المراقبة
سواء كانت قبلية أو آنية أو بعدية بمثابة ركيزة أساسية إلنجاح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،فإنه إذا ما حاولنا
الوقوف على أهم اإلكراهات سواء كانت إدارية أو مالية ،فإن ابرز االكراهات الواجب ايالؤها االهتمام و التفاعل
االيجابي معها هي تلك االكراهات الفلسفية التي تبقى ايضا ضرورة ملحة للوقوف عليها ،اذا علمنا ان هاته اإلكراهات
الفلسفية تتمثل أساسا في عدم استيعاب الفلسفة الجديدة خصوصا المجتمع المدني ،و يرجع األمر إلى ضعف الدور
اإلعالمي الذي يراد منه إطالع الجميع بفحوى المبادرة ( بالرغم مما قد يسجل من مبادرات أيضا في هذا الوسط اإلعالمي
لمواكبة العمليات المرتبطة بالمبادرة الوطنية ان محليا او إقليميا حيث تبقى ضعيفة – و هذه حقيقة وجبت إثارتها في
حقنا كإعالميين) – ،قلت الدور اإلعالمي الذي يراد منه إطالع الجميع بفحوى المبادرة و ببرامجها و فلسفتها ،و عدم
اقتصاره على الهيئات و اللجان المتصلة مباشرة بالمبادرة ،أو الباحثين ،الشيء الذي سيجعل المبادرة برنامجا تفييئيا،
المجتمع طاقات كل على منفتح برنامج أنه حين .في
و أمام هذه المواقف ،يبقى المواطن عنصرا مهما في العملية التنموية ،و المواطنة تعتبر سبيال من سبل إنجاح المبادرة
من أجل تنمية بشرية ملؤها التكامل و التضامن و التعاون..وتبقى كذلك العالقة بين المواطنة والتنمية البشرية عالقة
متينة ،على أساس أن بناء الوطن هو قوام المواطنة ،و التنمية البشرية هي بناء الوطن بالمعنى الشامل ،فكلما كانت
المواطنة أصيلة و قوية ،كلما كان إسهام المواطن في التنمية البشرية فاعال و مؤثرا ،و بالتالي حينما نؤكد على أخالقيات
المواطنة ،نكون في الوقت نفسه نؤكد على ترسيخ أسس التنمية البشرية التي تهدف إلى تحقيق التقدم والرفاهية لجميع
.أفراد المجتمع
سعيد 1.