Professional Documents
Culture Documents
لما كان )أصول الفقه( فن ا مستقلا ناسب ذكر مبادئه العشرة التي ينبغي لقاصد كل فن أن يعرفها.
لتصور ذلك الفن قبل الشروع فيه.
وقد جمعها بعضهم بقوله:
الحدد والموضـوع ثـم الثمـرة إن مبادئ كل علـم عشـرة
والسم الستمداد حكم الشارع ونسبـة و فضلـه والـواضـع
ومن درى الجميع حـاز الشرفا مسائل والبعض بالبعض اكتفى
زاد بعضهم :المبدأ الحادي عشر ،وهو :شرفه).(1
وعليه فهذه مبادئ )علم أصول الفقه(:
(1فحده :علم يبحث في أدلة الفقه الجمالية وكيفية الستفادة منها .وحال المستفيد .وسيأتي شرح هذا
التعريف إن شاء ال.
(2وموضوعه :الدلة الموصلة إلى معرفة الحكام الشرعية وأقسامها .واخأتلف مراتبها .وكيفية
الستدل بها ،مع معرفة حال المستدل.
(3وثمرته وفائدته ،منها:
القدرة على استنباط الحكام الشرعية على أسس سليمة يقول شيخ السلم ابن تيمية (1
رحمه ال) :إن المقصود من أصول الفقه أن يفقه مراد ال ورسوله بالكتاب والسنة().(2
معرفة أن الشريعة السلمية صالحة لكل زمان ومكان .وأنها قادرة على إيجاد (2
الحكام لما يستجد من حوادث على مر العصور.
(5العالم بالصول يشعر بالثقة والطمئنان لما دونه فقهاء السلم .وأنه مبني على
قواعد ثابتة مقررة شرعاا ،ممحصة بحثاا.
د( ليست الفائدة من علم أصول الفقه قاصرة على الفقه فقط .بل تتعداه إلى غيره من
العلوم من التفسير والحديث والتاريخ وغيرها).(3
)( ف بعض نسخ الورقات جاءا ف القدمة )المجد ل رب العاليم وصلجى ال علجى سيدنا ممجد وآله وصحبه أجعيم( وأكثرها ل ترد فيه هذه العبارة. 1
)( جع القلجة :ما كان مدلوله عددال مددال ل يقل عن ثالثاة ول يزيد عن عشرة .وجع الكثرة :ما وضع للجعدد الكثي من أحد عشر إل مال ناية له .ولكل منهمجا 2
أوزان.
)( كتاب سيبويه ).(578 ،3/491 3
5
تعريف أصول الفقه باعتبار مفردية
)فالصل ما يبنى عليه غيره ،والفرع ما يبني على غيره .والفقه معرفة الحكام الشرعية التي طريقها
الجتهاد(.
هذا التعريف الول لصول الفقه وهو تعريفه باعتبار مفردية ،فالصول جمع أصل والصل لغة:
ما يبني عليه غيره ،كأصل الجدار وهو أساسه المستتر في الرض المبني عليه الجدار .وأصل الشجرة
وهو طرفها الثابت في الرض .قال تعالى :ألم تر كيف ضرب ال مثلل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها
ثابت وفرعها في السماء ) (1) (24وهذا أحسن ما قيل في تعريف الصل.
وأما في الصطلح فيطلق على معان منها:
(1الدليل :كقولنا :أصل وجوب الصوم قوله تعالى :يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام (2)أي
دليله.
ومنه أصول الفقه :أي أدلته.
(2القاعدة المستمرة :كقولنا :إباحة الميتة للمضطر على خألف الصل.
(3المقيس عليه :وهذا في باب القياس حيث إن الصل أحد أركان القياس.
وأما الفرع :فهو ما يبنمى علمى غيمره ،مثمل فمروع الشمجرة فهمي مبنيمة علمى أصملها ،وفمروع الفقمه مبنيمة
على أصوله.
إوانما عرف الفرع – مع أنه ليس أحد الجزءين – لنه مقابل لحدهما وهو الصل ،والشيء يتضح
غاية التضاح إذا ذكر مقابله .أو يقال :قصد المؤلف التنبيه على أن الفقه مبني على أصوله ،وأن الجزء
الول وهو أصول مبني عليه ،والجزء الثاني وهو الفقه مبني ،فليس ذكر الفرع استطرادا كما قال بعضهم.
وأما الجزء الثاني من المركب فهو )الفقه( والفقه لغة :الفهم أي فهم غرض المتكلم من كلمه .قال
الجوهري :الفقه :الفهم .تقول :فقه الرجل بالكسر ،وفلن ل يفقه ول ينقه) ،(3ثم خأص به علم الشريعة.
والعالم به فقيه .وقد فقه بالضم فقاهة وفقهه ال وتفقه إذا تعاطى ذلك .ا هم.
والفقه اصطلحاا :معرفة الحكام الشرعية التي طريقها الجتهاد.
6
شرح التعريف:
قوله :معرفة :المعرفة تشمل اليقين – وهو ما أدرك على حقيقته كمعرفة أن الصلوات خأمس ،وأن
الزنا محرم ،والظن وهو ما أدرك على وجه راجح كما في كثير من مسائل الفقه) .(1مثل معرفة أن الوتر
سنة على مذهب الجمهور .وأن الزكاة غير واجبة في الحلي المباح على أحد القوال .والمراد بالمعرفة هنا
الظن؛ لقوله) :التي طريقها الجتهاد( .فهو صفة للمعرفة ،ل للحكام الشرعية إذ لو كان صفة للحكام
لدخأل في التعريف معرفة المقلد ،فإذا جعلناه صفة للمعرفة خأرج المقلد إذ يصير التعريف:
الفقه :هو المعرفة التي طريقها الجتهاد .والمقلد ليست معرفته عن طريق الجتهاد بل عن طريق
التقليد ،كما سيأتي إن شاء ال تعالى في آخأر الورقات.
وقوله) :الحكام الشرعية( أي المأخأوذة من الشرع المبعوث به النبي .كالوجوب والستحباب
والحرمة وغيرها.
وقيد )الشرعية( خأرج به الحكام العقلية ،كمعرفة أن الواحد نصف الثنين ،والحكام الحسية
كمعرفة أن النار حارة ،والعادية كنمزول المطر بعد الرعد والبرق.
وقوله) :التي طريقها الجتهاد( تقدم أنه صفة للمعرفة .والمعنى :التي طريق ثبوتها وظهورها
الجتهاد الذي هو بذل الجهد لدراك حكم شرعي مثل :النية واجبة في الوضوء والفاتحة واجبة في الصلة
السرية والجهرية على أحد القوال ،وغير ذلك من مسائل الخألف .وأما ما طريقه القطع مثل الصلة
واجبة والزنا محرم وغير ذلك من المسائل المصنف،فل تسمى معرفتها فقهافي الصطلح على لن
معرفة ذلك يشترك فيها الخأاص والعام .فالفقه بهذا التعريف ل يتناول إل فقه المجتهد.
هذا هو تعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه .وأما التعريف الثاني وهو تعريفه باعتباره علم ا على
هذا الفن المعين فسيذكره المصنف بعد الكلم على الحكام الشرعية .وال أعلم.
7
الحكممام الشمرعية
8
(2طلب ترك وهو النهي ،إن كان على سبيل اللزام فمحرم إوال فمكروه.
وقولنا :أو تخأيير :يراد به المباح.
وقولنا :أو وضع :يراد به الحكم الوضعي .وذلك أن الحكام نوعان:
أحكام تكليفية :وهي ما دل عليه خأطاب الشرع من طلب فعل أو ترك أو تخأيير ،وهي خأمسة: (1
الواجب ،والمندوب والمحظور ،والمكروه ،والمباح ،وسيأتي إن شاء ال تعالى بيان وجه إدخأال
المباح مع الحكام التكليفية مع أنه ل تكليف فيه.
أحكام وضعية :وهي ما دل عليه خأطاب الشرع من أسباب وشروط وموانع .تعرف عند (2
وجودها أحكام الشرع من فعل أو ترك .ويترتب على ذلك الصحة والفساد .فرؤية الهلل سبب
وجوب الصيام .والوضوء شرط للصلة .والحيض مانع منها ،وذكر المصنف من الحكام
الوضعية :الصحيح والباطل.
وأعلم أن ظاهر كلم المصنف أن الفقه هو العلم بهذه السبعة ،لنه لما عرف الفقه بأنه معرفة
الحكام الشرعية قال :والحكام سبعة .وأظهر في مقام الضمار توضيح ا للمبتدئ ،لكن يعلم أن الفقه
ليس معرفة حقيقة الواجب والمندوب . .إلخ ،لن هذا من أصول الفقه؛ إوانما المقصود أن الفقه معرفة
جزئياتها .والمراد الواجبات والمندوبات والمحرمات والمكروهات والفعال الصحيحة والفاسدة وال أعلم.
9
أقسام الحكم التكليفي
(1الواج ممب
)( وذلك كالصلة والصوما ،وأما قضاءا الدين ورد الودائع والنفاق علجى الزوجة فيصح بدون نية .ولكن ل ثاواب إل بنية .انظر )نثر الورود علجى مراقي السعود 4
11
2-3المندوب والمباح
)والمندوب ما يثاب على فعله ول يعاقب على تركه .والمباح مال يثاب على فعله ول يعاقب على تركه(.
القسم الثاني :المندوب .وهو لغة :اسم مفعول من الندب وهو الدعاء إلى الفعل ،وقيده بعضهم
بالدعاء إلى أمر مهم ،قال الشاعر:
في النائبات على ما قال برهانا ل يسألون أخاهم حين يندبهم
واصطلحاا :ما طلب الشارع فعله طلب ا غير جازم كالسواك والرواتب والتطيب يوم الجمعة.
والقيد الول لخأراج المحرم والمكروه والمباح .والقيد الثاني لخأراج الواجب.
والمندوب كما قال المصنف يثاب المكلف على فعله وذلك بقصد المتثال ،ول يعاقب على تركه.
والمندوب خأادم للواجب فهو دافع قوي على اللتزام بالواجبات إضافة إلى أنه يجبر النقص فيها كما
دلت السنة على ذلك) (1يقول الشاطبي رحمه ال )المندوب إذا اعتبرته اعتبا ار أعم وجدته خأادم ا للواجب،
لنه إما مقدمة له أو تذكار به كان من جنسه الواجب أو ل .فالذي من جنسه الواجب كنوافل الصلوات مع
فرائضها ،والذي من غير جنسه كالسواك وتعجيل الفطار وتأخأير السحور ،(2)(. .ومعنى كلمه – رحمه
ال – أن من حافظ على المندوبات حافظ على الواجبات ومن قصر في المندوبات فهو عرضة لن يقصر
في الواجبات .
وجمهور الصوليين على أن المندوب مأمور به حقيقة كما تقدم في التعريف ،لن المندوب طاعة،
والطاعة تكون بامتثال أمر ال تعالى ،فكان المندوب مأمو ار به حقيقة .قال تعالى[ :إن ال يأمر بالعدل
والحسان ]) (3وهذا أمر عام يشمل الواجب والمندوب ،وسيأتي إن شاء ال تعالى في باب المر انقسام
المر إلى أمر إيجاب وأمر استحباب وال أعلم.
12
ل .وهذا على رأي الجمهور خألف ا للحناف الذين
ويسمى المندوب :سنة ومستحب ا وتطوع ا ونف ا
جعلوا المندوب مرادف ا للنفل ول كراهة عندهم في تركه ،وفرقوا بين السنة والنفل ،فجعلوها أعلى منه رتبة.
فإن كانت مؤكدة فتركها مكروه تحريماا ،إوان كانت غير مؤكدة فتنمزيها).(1
والقسم الثالث :المباح
وهو لغة :المعلن والمأذون فيه .يقال :باح فلن بسره :أظهره ،وأباح الرجل ماله :أذن في الخأذ
والترك .واستباح الناس العشب :أقدموا على رعيه.
واصطلحاا :ما ل يتعلق به أمر ول نهي لذاته كالغتسال للتبرد ،والمباشرة ليالي الصيام ،وخأرج
بالقيد الول وهو ) ما ل يتعلق به أمر( الواجب والمندوب لنه مأمور بهما.
وخأرج بالقيد الثاني وهو )ول نهي( المحرم والمكروه لنه منهي عنهما.
وخأرج بالقيد الثالث وهو )لذاته( ما إذا كان المباح وسيلة لمأمور به ،فإنه يتعلق به أمر لكن ل
لذات المباح ،بل لكونه صار وسيلة ،أو كان المباح وسيلة لمنهي عنه فإنه يتعلق به نهي ،لكن ل لذاته
إوانما لكونه صار وسيلة .ومثال الول :الكل فهو مباح في الصل لكن لو توقف عليه بقاء الحياة صار
مأمو ار به لما تقدم .ومثال الثاني :أكل الفاكهة – مثلا – فهو مباح لكن لو أدى تفويت صلة الجماعة في
المسجد صار منهيا عنه كما تقدم.
ومن تعريف المباح يتضح أنه ليس مأمو ار به ،لن المر يستلزم إيجاب الفعل أو ترجيحه ،ول
ترجيح للفعل على الترك في المباح ،بل هما سواء.
وأما حكم المباح فهو كما ذكر المصنف ل ثواب في فعله ول عقاب في تركه ،وهذا مذهب جمهور
الصوليين ،والمراد بذلك المباح الباقي على وصف الباحة ،أما المباح الذي يكون وسيلة لمأمور به أو
منهي عنه فهذا حكمه حكم ما كان وسيلة إليه كما ذكرنا.
وتثبت الباحة بصيغ كثيرة وردت في النصوص الشرعية ومنها:
كقوله تعالى[ :ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضل من )(2
نفي الثم والجناح والحرج (1
ربكم ]) (3وقوله تعالى[ :ليس على العمى حرج ول على العرج حرج ول على المريض
)( هذا ليس علجى إطلقه .قال الشاطب رحه ال) :إذا قال الشارع ف أمر واقع "ل حرج فيه" فل يؤخذ منه حكم الباحة .إذ قد يكون كذلك وقد يكون 2
مكروهلا .فإن الكروه بعد الوقوع ل حرج فيه فلجيتفقد هذا ف الدلة( الوافقات ).(1/146
)( سورة البقرة ،آية .198 3
13
حرج ]) ،(1وقوله تعالى[ :إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير ال
فمن اضطر غير باغ ول عاد فل إثم عليه ]).(2
النص على الحل كقوله تعالى[ :أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ]).(3 (2
عدم النص على التحريم .قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال) :انتفاء دليل التحريم (3
دليل على عدم التحريم().(4
المتنان بما في العيان من المنافع وما يتعلق بها من الفعال كقوله تعالى[ :ومن (4
أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثال ومتاعال إلى حين ]).(5
القرائن التي تصرف المر من والوجوب إلى الباحة كقوله تعالى [ :إواذا حللتم (5
فاصطادوا ]) (6ويأتي هذا في باب المر إن شاء ال.
ويطلق على المباح لفظ الحلل والجائز.
فإن قيل :ما وجه إدخأال المباح في الحكام التكليفية مع أنه ل كلفة فيه؟
فالجواب :ما قاله جمهور الصوليين من أن إدخأال المباح في الحكام التكليفية إنما هو على
سبيل التغليب .وهذا استعمال مألوف معروف في اللغة العربية وأساليبها مثل) :السودان( للتمر
وال أعلم. )(7
والماء .و)البوان( للم والب
14
4-5المحظور والمكروه
)والمحظور ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله .والمكروه :ما يثاب على تركه ول يعاقب على فعله(.
الرابع من أقسام الحكم التكليفي :المحظور.
وهو لغة :اسم مفعول من الحظر بمعنى المنع يقال حظرت الشيء إذا حرمته ،وهو راجع إلى المنع
ومنه قوله تعالى[ :وما كان عطاء ربك محظو ارل ]).(1
واصطلحاا :ما طلب الشرع تركه طلب ا جازم ا من الفعال كعقوق الوالدين إواسبال الثياب ،أو
القوال كالغيبة والنميمة ،أو أعمال القلوب كالحقد والحسد.
والقيد الول :لخأراج الواجب والمندوب والمباح.
والقيد الثاني :لخأراج المكروه.
والحرام ضد الحلل .يقال :هذا حلل وهذا حرام ،كما قال تعالى[ :ول تقولوا لما تصف ألسنتكم
الكذب هذا حلل وهذا حرام لتفتروا على ال الكذب ]) .(2وأما قول الصوليين )الحرام ضد الواجب( فإنما
هو باعتبار تقسيم أحكام التكليف فيعيرف الحرام بضد تعريف الواجب كما ذكرنا.
وحكم المحرم ما ذكره المؤلف من أنه يثاب على تركه لكن بقصد المتثال ،وذلك بان يكف نفسه
عن المحرم امتثالا لنهي الشرع قاصدا بذلك وجه ال تعالى ،فلو تركه لنحو خأوف من مخألوق أو حياء أو
رياء أو عجز ،مسللمم من الثم لنه لم يرتكب حراماا ،ولكن ل أجر له ،لنه لم يقصد وجه ال بالترك
للحرام).(3
وأما فاعل المحرم بل عذر فهو مستحق للعقاب ول يلزم تحققه فهو تحت المشيئة ،وتقدم الكلم
على ذلك في باب الواجب.
ويسمى المحرم محظو ار كما عبر به المصنف.
قوله) :والمكروه ما يثاب على تركه ول يعاقب على فعله( هذا الخأامس من الحكام التكليفية وهو
)المكروه( وهو لغة اسم مفعول مشتق من الكراهة وهو البغض فالمكروه بمعنى المبغض بوزن اسم
المفعول.
)( بل قال بعضهم :يأث لن تقدي خوف الخملجوق علجى خوف ال تعال مرما وكذا الرياءا .انظر ممجوع الفتاوى ) ،(14/22) (10/720ففيهمجا مبحث نفيس 3
)( البحر اليط ) (1/303وانظر الكم التكلجيفي ص ،226الكم الوضعي عند الصولييم ص .40 5
16
بعض الحكام الوضعية
)والصحيح :ما يتعلق به النفوذ ويعتد به .والباطل :ما ل يتعلق به النفوذ ول يعتد به(
الصحيح والباطل من أقسام الحكم الوضعي لنهما حكم من الشارع على العبادات والعقود وتبني
عليهما الحكام الشرعية.
والصحيح لغة :السليم من المرض .قال الشاعر:
سواء صحيحات العيون وعورها وليل يقول المرء من ظلماته
واصطلحاا :ما يتعلق به النفوذ ويعتد به عبادة كان أم عقداا.
فالعقود توصف بالنفوذ والعتداد ،وأما العبادة فتوصف بالعتداد فقط .فالعتداد لفظ يصدق على
كل منهما ،ولو اكتفى به المؤلف لكان أخأصر إل أن يقال :إنه جمع بينهما لقصد اليضاح للطالب
المبتدئ.
ول يعتد بالعبادة أو العقد إل إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع ،فيحكم بالصحة ،فمن صلى صلة
مجتمعة شروطها وأركانها منتفية موانعها فهي صحيحة أي معتد بها شرعاا .ومن باع بيع ا كذلك فهو نافذ
ومعتد به.
والنفوذ لغة :المجاوزة ،وأصله من نفوذ السهم ،وهو بلوغ المقصود من الرمي.
واصطلحاا :التصرف الذي ل يقدر متعاطيه على رفعه.
وذلك مثل عقد البيع والجارة والنكاح ونحوها .فإذا وقع العقد على وجه صحيح لم يقدر أحد
المتعاقدين على رفعه.
واعلم أن العبادة لها أثر وهو براءة ذمة المكلف وسقوط الطلب .والعقد له أثر وهو الثمرة المقصودة
من العقد .فإذا حكم بصحة العبادة والعقد ترتب الثر على الفعل فبرئت الذمة في باب العبادات وترتبت
الثار في باب العقود إوال فل،والثرفي باب العبادا ت وا حد ،وأمافي العقود فكل عقد له ثمرة خأاصة،
فالبيع – مثلا – ثمرته نقل الملكية ،والجارة استيفاء المنفعة لحد المتعاقدين ،واستحقاق الجر للخأر
ونحو ذلك.
والباطل لغة :الذاهب ضياع ا وخأس ارا.
17
واصطلحاا :عكس الصحيح كما ذكره المصنف ،فهو الذي ل يتعلق به نفوذ ول اعتداد ،وذلك بأن
يخأتل شرط من الشروط أو يوجد مانع من الموانع.
وفي الباطل ل تترتب الثار على الفعل ،ففي الصلة ل تب أر ذمة المكلف ول يسقط الطلب ،وفي
العقد ل تترتب الثمرة المقصودة من العقد على العقد.
فإذا صلى بدون طهارة فصلته باطلة ،إواذا باع مالا يملك فالبيع باطل ،لخأتلل شرط الصلة
والبيع .ولو صلى نفلا مطلقا في وقت نهي فالصلة باطلة ،أو باع بعد النداء الثاني يوم الجمعة على وجه
ل يباح فالبيع باطل على القول الصحيح ،كما نص عليه القرطبي في تفسيره) (1وذلك لوجود المانع من
الصحة.
والباطل والفاسد بمعنى واحد على قول الجمهور إل في مسائل فرقوا فيها بين الفاسد والباطل،
وأشهرها مسألتان):(2
في الحج فرقوا بينهما ،فقالوا الفاسد ما وطئ فيه المحرم قبل التحلل الول ،والباطل ما (1
ارتد فيه عن السلم ،ففي الول يفسد حجة ويلزم التمام ،وفي الثاني يبطل إحرامه ويلزمه
الخأروج منه.
في النكاح :فقالوا :الفاسد :ما اخأتلفت العلماء في فساده كالنكاح بل ولي ،والباطل ما (2
أجمع العلماء على بطلنه كنكاح المعتدة أو نكاح خأامسة .وال أعلم.
)( انظر التمجهيد للسنوي ص ) (59والقواعد والفوائد الصولية لبن اللجحاما ص).(110 2
18
تعريف العلم والجهل
)والفقه أخأص من العلم :والعلم معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع .والجهل تصور الشيء على
خألف ما هو به في الواقع(.
المراد بالفقه هنا المعنى الشرعي ل المعنى اللغوي ،لن الفقه في الصطلح معرفة الحكام
الشرعية كما تقدم ،والعلم أعم منه ،لنه يصدق على العلم بالتفسير والحديث والنحو والبلغة وغير ذلك،
فصار الفقه أخأص من العلم ،فكل فقه علم وليس كل علم فقهاا.
قوله) :والعلم :معرفة المعلوم على ما هو به().(1
والمراد بالمعرفة :الدراك والمراد بالمعلوم :أي ما من شأنه أن يعلم وهذا التعريف فيه قيدان وبقي
قيد ثالث وهو معرفة جازمة) .(2فالقيد الول) :معرفة المعلوم( وهذا يخأرج عدم الدراك أصلا وهو الجهل
البسيط ،كأن يقال :عيرف المندوب .فيقول :ل أدري.
والقيد الثاني) :على ما هو به( أي على الذي هو عليه في الواقع .وهذا القيد يخأرج معرفة الشيء
على وجه يخأالف ما هو عليه وهو الجهل المركب .وقد عرفه بقوله) :تصور الشيء على خألف ما هو
به( وفي بعض النسخ) :على خألف ما هو عليه في الواقع( وهذا أوضح.
والمراد بالتصور :الدراك الخأالي عن الحكم ،وتأمل كيف عبر عن العلم بقوله) :معرفة() (3وفي
الجهل بقوله) :تصور( لن الجهل ليس بمعرفة ،إوانما هو حصول الشيء في الذهن فهو تصور.
ومثال الجهل المركب :هل تجوز الصلة بالتيمم عند عدم الماء؟ فيقول :ل تجوز.
وسمي جهلا مركب ا لن صاحبه يعتقد الشيء ويتصوره على خألف ما هو عليه فهذا جهل ،ويعتقد
أنه يعتقده على ما هو عليه فهذا جهل آخأر .ففيه جهلن :جهل بالمدمرك وجهل بأنه جاهل ،وأما البسيط
ففيه عدم الدراك بالكلية).(4
وأما القيد الثالث :فهو لخأراج المعرفة غير الجازمة ،فإن تساوىالمران فهو شك ،إوان ترجح
أحدهما على الخأر فالراجح ظن ،والمرجوح وهم .وسنذكر ذلك قريب ا إن شاء ال.
أقس ممام العل ممم
)( يطلجق العلجم – أيضال – علجى ممجوعة معارف ظنية راجحة ومنها ما هي قطعي بشرط أن تكون منظمجة حول موضوع ما كعلجم الفقه وعلجم الصول وعلجم النحو 1
وعلجم البلغاة وغايها) .ضوابط العرفة ص .(124وانظر )السائل الشتكة بيم أصول الدين وأصول الفقه( ص.35/
)( انظر الصول من علجم الصول ص .10 2
)( للجعلجمجاءا كلما طويل ف الفرق بيم العلجم والعرفة .وهل ها متادفان أو متلجفان .فانظر مدارج السالكيم لبن القيم ) (3/335وبدائع الفوائد ) .(2/61الدود 3
19
)والعلم الضروري ما ل يقع عن نظر واستدلل كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخأمس وهي السمع والبصر
والشم واللمس والذوق أو بالتواتر .وأما العلم المكتسب فهو ما يقع عن نظر واستدلل .والنظر هو الفكر
في حال المنظور فيه .والستدلل طلب الدليل .والدليل هو المرشد إلى المطلوب(.
لما عرف العلم ذكر أقسامه .والمراد علم المخألوق فهو قسمان:
(1العلم الضروري :وهو ما ل يقع عن نظر واستدلل .وذلك إذا كان إدراك المعلوم ضروريا ل يحتاج
إلى نظر واستدلل كالعلم بأن النار حارة ،وأن الكعبة قبلة المسلمين،وأن محمدا رسول ال.
ومن العلم الذي ل يحتاج إلى نظر واستدلل :العلم الواقع بإحممدى الح مواس الخأمممس الظمماهرة
وهي :السمع والبصر واللمس والشم والذوق فإنه يحصل العلم بها بدون نظر ول استدلل ،فلو سمممع
صهيل فرس علم أنه صوته أو رأى لون ا أبيض أو مس جسم ا علم أنه نمماعم أو خأشمن .أو شمم رائحممة
علم أنها طيبة أو كريهة أو ذاق طعام ا علم أنه حامض أو حلو.
وقوله )أو بالتواتر( أي :العلم الحاصل بالتواتر من العلم الضروري .وأشار بذلك إلى أن
من العلم الضروري أشياء ل تدرك بالحواس بل يستند فيها إلى خأبر جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب
كعلمنا بوجود بلد لم نره ووقوع الوقائع في الزمنة الماضية ونحو ذلك.
(2العلم النظري :ويسمى المكتسب :وهو ما يقع عن نظر واستدلل فقوله) :ما يقع( أي ما يحصل
من العلم فم )ما( جنس في التعريف وقوله) :عن نظر( .قيد يخأرج العلم الضروري ،لنه حاصل
عن غير نظر ،مثل العلم بأن المذي نجس ،وأن طواف الوداع واجب ،وأن الجارة عقد لزم.
ثم عرف النظر والستدلل لنهما واقعان في تعريف العلم الضروري نفي ا والمكتسب إثباتاا.
فالنظر لغة :يطلق على معانن منها :رؤية العين ،ومنها الفكر وهو المراد هنا.
واصطلح ا عرفه بقوله) :هو الفكر في حال المنظور فيه( أي :التفكير في الشيء المنظور فيه
طلب ا لمعرفة حقيقته .لن النظر هو الطريق إلى معرفة الحكام الشرعية إذا تمت شروطه ،وهي أن يكون
الناظر كامل اللة كما سيأتي إن شاء ال في الجتهاد ،وأن يكون نظره في دليل ل في شبهة وأن يستوفي
الدليل ويعرف شروط الستدلل.
قوله) :والستدلل :طلب الدليل( :السين والتاء للطلب كالستنصار طلب النصرة ،والمراد بالدليل:
ما يستدل به من نص أو إجماع أو غيرهما .والنظر والستدلل بمعنى واحد ،وهو أن كل منهما يؤدي إلى
20
المطلوب ،وجمع بينهما المصنف في تعريف العلم الضروري والمكتسب تأكيداا .وقال بعضهم :النظر أعم
من الستدلل ،لنه يكون في التصورات والتصديقات ،والستدلل خأاص بالتصديقات) (1وال اعلم.
قوله) :والدليل هو المرشد إلى المطلوب( الدليل فعيل بمعنى )فاعل( من الدللة وهي الرشاد،
فالدليل هو المرشد إلى المطلوب .وهذا تعريف لغوي لنه عام .فقد يكون الدليل مرشدا للمطلوب ،ول
يسمى دليلا في الصطلح.
واصطلحاا :ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خأبري.
وقولنا :ما :اسم موصول ،أي الذي يمكن التوصل . . .
بصحيح النظر :هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف أي النظر الصحيح.
فيه :أي في ذلك الشيء.
إلى مطلوب خأبري ،أي تصديقي ،كأن يقال في الدللة على تحريم النبيذ .النبيذ مسكر وكل مسكر
فيلزم عنه :النبيذ حرام. )(2
حرام لقوله ) كل مسكر حرام(
واعلم أن الدليل اسم لما كان موجب ا للعلم كالمتواتر والجماع وما كان موجب ا للظن كالقياس وخأبر
الواحد ونحو ذلك ،وأما ما اشتهر عند كثير من مؤلفي الصول بأن الليل هو ما أفاد العلم .وأما ما يفيد
الظن فهو أمارة .والمارة أضعف من الدليل .فهو غير صحيح – والظاهر أن هذه التفرقة جاءت من
المعتمزلة ومن وافقهم من نفاة الصفات – لن الدليل هو ما أرشدك إلى المطلوب .فقد يرشدك مرة إلى العلم
ومرة إلى الظن .فاستحق اسم الدليل في الحالين .والعرب ل تفرق بين ما يوجب العلم .وما يوجب الظن
في إطلق اسم الدليل وقد تعبدنا ال بكل منهما) (3وال اعلم.
)( التصور :إدراك معن الفرد من غاي أن يكم علجيه بنفي أو إثابات كإدراك معن النسان ومعن الكاتب ومعن الشجر ونو ذلك ،والتصديق هو إثابات أمر لمر 1
بالفعل أو نفيه عنه بالفعل .وهو السناد البي عند البلغاييم ،والمجلجة الساية عند النحوييم .نو الكاتب إنسان .فإدراك معن النسان ومعن الكاتب تصور.
وإدراك كون النسان كاتبال بالفعل أو ليس كاتبال بالفعل تصديق .ومنه العال حادث .العال ليس بقدي .انظر آداب البحث والناظرة للجشنقيطي .9 ،1/8
)( أخرجه التمذي برقم 1865والنسائي ) (8/297انظر جامع الصول ).(5/91 2
)( انظر العدة لبأ يعلجى ) (132 ،1/131اللجمجع ف أصول الفقه ص .49السائل الشتكة بيم أصول الدين وأصول الفقه ص .23 3
21
تعريف الظن والشك
)والظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الخأر ،والشك تجويز أمرين ل مزية لحدهما على الخأر(.
لما فرغ المصنف من تعريف العلم وبيان أقسامه ذكر ما يقابله وهو الظن إذ ليس هو من العلم.
لن العلم هو الدراك الجازم كما تقدم .والدراك غير الجازم ل يخألو من حالين:
الول :أن يتساوى المران ،فل يترجح أحدهما على الخأر عند المجيوز )بكسر الواو( ،إوان كان
أحدهما أرجح عند غيره أو في الواقع .وهذا هو الشك .كأن يقول :ل أدري طفت ثلثة أشواط أو أربعة.
الثاني :أن يترجح عنده أحد المرين على الخأر .فالراجح ظن ،والمرجوح وهم :كأن يقول :طفت
أربعة أشواط ويحتمل أنها ثلثة ،والظن درجات أعلها غلبة الظن كما سيأتي إن شاء ال.
والشك ضد اليقين جاء في لسان العرب)) (1اليقين العلم) (2إوازاحة الشك وتحقيق المر .واليقين ضد
الشك . .وهو في الصل بمعنى الستقرار .يقال :يقن الماء في الحوض إذا استقر ودام(.
والشك في الصل التصال وللزوق ،ومنه حديث الغامدية )أمر بها فشكت عليها ثيابها ثم رجمت(
أي شدت عليها وجمعت. )(3
ثم صار هذا اللفظ يطلق على التردد في شيئين بحيث ل يميل القلب إلى أحدهما .وقول المصنف
رحمه ال) :والظن تجويز (. . .فيه مسامحة فإن الظن ليس هو تجوي ازا ،إوانما هو الطرف الراجح المقابل
للطرف المرجوح ،وهو الوهم كما ذكرنا.
وأما غلبة الظن فهو قوة الظن فإن الظن يتزايد ويكون بعض الظن أقوى من بعض .قال أبو هلل
العسكري) :غلبة الظن عبارة عن طمأنينة الظن ،وهي رجحان أحد الجانبين على الجانب الخأر رجحانا
مطلق ا يطرح معه الجانب الخأر .ا هم().(4
والظن وغلبة الظن كل منهما يقوم مقام اليقين عند الفقهاء ،ويجوز بناء الحكام الشرعية عليه إذا
فقد اليقين الذي قلما يحصل عند الجتهاد) (5ولهذا يجب العمل بخأبر الواحد إذا كان ثقة ،ويجب العمل
بشهادة الشاهدين وخأبر المقومين إذا كانا عدلين .ويجب استصحاب حكم الحال السابق في حال الشك،
)( انظر اللجسان ).(13/457 1
)( فرق أبو هلل العسكري بيم العلجم واليقيم فقال :العلجم هو اعتقاد الشيءا علجى ما هو به علجى سبيل الثقة .واليقيم هو سكون النفس وثالججح الصدر با علجم ،ا هـ 2
)( لشيخ السلما ابن تيمجية – رحه ال – كلما مفيد حول هذا الوضوع فراجعه ف كتابه )الستقامة( ج 1ص 47وما بعدها. 5
22
مثل الشك في الحدث بعد الطهارة ،لن الظاهر بقاؤه ،وعدم حدوث المشكوك فيه ،قال العلمة ابن فرحون
في كتابه )تبصرة الحكام()) :(1تنبيه :وينمزل منمزلة التحقيق الظن الغالب ،لن النسان لو وجد وثيقة في
تركة مورثه أو وجد ذلك بخأطه ،أو بخأط من يثق به ،أو أخأبره عدل بحق ،فالمنقول جواز الدعوى بمثل
هذا ،والحلف بمجرده .وهذه السباب ل تفيد إل الظن دون التحقيق ،لكن غالب الحكام والشهادات إنما
تنبني على الظن ،وتنتمزل منمزلة التحقيق( .ا هم.
وفي الفقه مسائل عديدة حكم فيها بالصحة بناء على ما في ظن المكلف).(2
وأما ما ورد من النهي عن العمل بالظن .فهو الظن المرجوح الذي ل يقوم عليه دليل .بل هو قائم
على الهوى والغرض المخأالف للشرع قال تعالى[ :إن يدتبعون إل الظن إوان الظن ل يغني من الحق
شيئا ]) (3وقال تعالى[ :إن يدتبعون إل الظن وما تهوى النفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ]) (4وال
أعلم.
)( انظر القواعد والفوائد الصولية لبن اللجحاما ص 82والتمجهيد للسنوي ص .65 2
23
تعريف أصول الفقه وأبوابه
)وعلم أصول الفقه :طرقه على سبيل الجمال وكيفية الستدلل بها .وأبواب أصول الفقه :أقسام الكلم،
والمر والنهي ،والعام والخأاص ،والمجمل والمبين ،والظاهر والمؤول ،والفعال والناسخ والمنسوخ،
والجماع والخأبار ،والقياس ،والحظر والباحة ،وترتيب الدلة ،وصفة المفتي والمستفتي ،وأحكام
المجتهدين(.
هذا هو التعريف الثاني لصول الفقه ،وهو باعتباره لقبا لهذا الفن ،وقد تقدم تعريفه باعتبار مفرديه.
قال) :علم أصول الفقه :طرقه على سبيل الجمال ،وكيفية الستدلل بها(.
فقوله) :طرقه( أي طرق الفقه .والمراد أدلة الفقه الجمالية .وهي القواعد العامة التي يحتاج إليها
الفقيه مثل المر للوجوب ،والنهي للتحريم ،والجماع حجة ،ونحو ذلك من المسائل الكلية التي تبحث في
أصول الفقه .أما الدلة التفصيلية فل تذكر في أصول الفقه إل على سبيل التمثيل واليضاح مثل قوله
تعالى[ :وأقيموا الصلة وءاتوا الزكاة ]) (1للمر.و مثل :صلته في الكعبة) (2يمثل به للفعل في أنه ل
يعم أقسامه ،ومثل الجماع على أن بنت البن تأخأذ السدس مع بنت الصلب حيث ل معصب لهما.
وعبر المصنف كغيرة بقوله) :طرق الفقه( دون قوله )أدلة الفقه( بناء على المشهور عندهم ،وهو
التفريق بين الدليل والمارة وأكثر أصول الفقه ليست أدلة بل هي إمارات .وقد ذكرنا ضعف هذا الرأي فيما
تقدم.
وقوله) :وكيفية الستدلل بها( هذا معطوف على قوله) :طرقه( أي أن موضوع أصول الفقه أدلة
الفقه الجمالية ،وكيفية الستدلل بها على الحكام .وبقي أمر ثالث وهو معرفة حال المستدل ،وهو
المجتهد ،إوانما تركه المصنف لن كيفية الستدلل تجير إلى صفات من يستدل بها ،فاكتفى بذكر كيفية
الستدلل عن ذكر صفات من يستدل بها وهو المجتهد .وسيذكر ذلك في آخأر الورقات .حيث قال:
)ومن شروط المفتي أن يكون عالما بالفقه . .إلخ(.
والم مراد بقمموله) :وكيفيممة السممتدلل بهمما( أي كيفيممة السممتدلل بطممرق الفقممه الجماليممة ،وذلممك بمعرفممة
دللت اللفاظ ،وشمروط السمتدلل .فممن دللت اللفماظ العمموم والخأصمموص والطلق والتقييمد ،وشمروط
السممتدلل كحمممل المطلممق علممى المقيممد ،وتخأصمميص العممام ،ومعرفممة الترجيممح عنممد التعممارض ونحممو ذلممك مممما
يبحث في أصول الفقه .ثممم ذكممر المصممنف البمواب المتي تضممنها أصمول الفقمه ،لجمل أن ينشمط لهمما القمارئ
24
ويستعد لها ،ولم يذكر المطلق والمقيد لنه سيذكرهما في الكلم علممى العممام والخأمماص للمناسممبة بينهممما .والم
أعلم.
الكمملم
)فأما أقسام الكلم فأقل ما يتركب منه الكلم :اسمان ،أو اسم وفعل ،أو فعل وحرف ،أو اسم وحرف(.
يعنى أهل الصول بمباحث الكلم وأقسامه ،وهي مباحث نحوية وبلغية ،وذلك لنها هي المدخأل
إلى أصول الفقه حيث إن الصول يعتمد على الكتاب السنة ،والستدلل بهما متوقف على معرفة اللغة
العربية لنهما بلسان عربي مبين ،ومن ل يعرف اللغة ل يمكنه استنباط الحكام من الكتاب والسنة
استنباط ا صحيحاا.
قوله) :فأما أقسام الكلم . .إلخ(.
الكلم لغة :اللفظ الموضوع لمعنى.
واصطلحاا :اللفظ المفيد مثل :ال ربنا ،ومحمد نبينا.
ولم يذكر المصنف تعريف الكلم ،بل اكتفى بأقل ما يتركب منه ،فذكر أن أقل ما يتركب منه
الكلم اسمان كما مثلنا ،أو اسم وفعل مثل :جاء الحق ،وزهق الباطل .فهذا فعل وفاعل ،ومثل وقضي
المر .فعل ونائب فاعل أو فعل وحرف مثل :ما قام ولم يقم .وهذا أثبته قوم منهم المصنف ،فلم يعدوا
الضمير في قام ولم يقم الراجع إلى زيد – مثلا – لم يعدوه كلمة لعدم ظهوره ووجوده .وعده النحويون كلمة
في حكم الملفوظ الموجود ،وتتوقف الفائدة الكلمية عليه ،وهو ضمير مستتر ،والمستتر كالثابت وقوله )أو
اسم وحرف( هذا في النداء مثل :يا ال .وهذا فيه نظر .لن الكلم هو المقدر من الفعل وفاعله لن
تقديره :أدعو ال .وحرف النداء نائب عنه ،فيرجع ذلك إلى صورة السم مع الفعل .وغرض المصنف
وغيره من الصوليين بيان أقسام الجمل ومعرفة المفرد من المركب ،فلذلك لم يأخأذوا فيه بالتحقيق الذي
يسلكه النحويون.
والكلم جمع كلمة .وهي اسم وفعل وحرف .ووجه الحصر في الثلثة أن الكلمة إما أن تدل على
معنى في نفسها أو ل .فإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف مثل :الطلب في
الفصل .إوان دلت على معنى في نفسها وأشعرت هيئتها بزمن فهي الفعل كقام ويقوم وقم ،إوان لم تشعر
هيئتها بزمن فهي السم مثل محمد.
والسماء والفعال والحروف تمس الحاجة إلى معرفتها ،فإن السماء من النظرة الصولية ثلثة
أنواع:
(1ما يفيد العموم كالسماء الموصولة والنكرة في سياق النفي.
25
(2ما يفيد الطلق كالنكرة في سياق الثبات.
(3ما يفيد الخأصوص كالعلم .وتفصيل ذلك يأتي في محله إن شاء ال وكذا ما يتعلق بالفعل .وأما
الحروف فالفقيه بحاجة إلى معرفتها كالواو والفاء وعلى الجارة وغيرها.
هذا ما يتعلق بأقسام الكلم من حيثية ما يتركب منه ،وال أعلم.
أقسام الكلم باعتبار مدلوله
)والكلم ينقسم إلى أمر ونهي ،وخأبر واستخأبار .وينقسم أيضاا :إلى تمن وعرض وقسم(.
لما فرغ المصنف من ذكر أقسام الكلم باعتبار ما يتركب منه شرع في ذكر أقسامه باعتبار
مدلوله.
قوله) :والكلم ينقسم إلى أمر( وهو ما يدل على طلب الفعل نحو :أطع والديك.
قوله) :ونهي( وهو ما يدل على طلب الترك .نحو :ل تكذب في حديثك.
قوله) :وخأبر( وهو ما يحتمل الصدق والكذب نحو :سافر خأالد.
قوله) :واستخأبار( وهو الستفهام .وهو طلب العلم بشيء لم يكن معلوما من قبل .نحو :هل
فهمت المسألة؟ أحضر خأالد أم عاصم؟
قوله) :وينقسم أيضا إلى تممين( وهو طلب الشيء المحبوب الذي ل يرجى حصوله إما لكونه
مستحيلا نحو :ليت الشباب يعود يوماا .أو بعيد المنال كقول منقطع الرجاء :ليس لي مالا فأحج به.
وقوله) :وعرض( بسكون الراء .هو الطلب برفق نحو :أل تنمزل عندنا.
وقوله) :وقسم( بفتح القاف والسين ،هو الحلف نحو :وال لفعلن الخأير.
إوانما قال المصنف )وينقسم أيض ا ( . .مع أن ما قبله وما بعده تقسيم واحد إشارة إلى أن من
الصوليين من اقتصر على التقسيم الول .وأنه يرد عليه التقسيم الثاني .وأن الجميع تقسيم واحد).(1
وهناك تقسيم أخأصر من هذا ،كما عند البلغيين ،وهو أن الكلم قسمان:
(1خأبر :وتقدم تعريفه ،ويأتي شرحه إن شرحه إن شاء ال في باب الخأبار.
(2إنشاء :وهو ما ل يحتمل الصدق والكذب ،كقولك :اكتب .لن مدلوله ل يحصل إل بالتلفظ به ،فل
يقال :إنه صدق أو كذب.
ومن النشاء :المر والنهي والستفهام والتمني ومنه العرض .وهذا هو النشاء الطلبي ،ومنه القسم
وهو النشاء غير الطلبي.
26
وأهم هذه النواع :المر والنهي .وسيأتي الكلم فيهما إن شاء ال ،وأما بقية النواع فل يترتب عليها
في الصول كبير فائدة وال أعلم.
27
أقسام الكلم باعتبار استعماله
)ومن وجه آخأر ينقسم إلى :حقيقة ومجاز .فالحقيقة :ما بقي في الستعمال على موضوعه ،وقيل :ما
استعمل فيما اصطلح عليه من المخأاطبة .والمجاز :ما تجوز عن موضوعه .والحقيقة إما لغوية إواما
شرعية إواما عرفية(.
ينقسم الكلم باعتبار استعمال اللفظ إلى قسمين:
الثاني :مجاز. الول :حقيقة.
فالحقيقة :ما بقي في الستعمال على موضوعه.
مثل كلمة :أسد للحيوان المفترس .فإذا قلت :رأيت أسداا .فهي حقيقة لنهمما لفممظ بقممي فممي السممتعمال
على ما وضع له وهو الحيوان.
وهذا التعريف يرد عليه أنه خأاص بالحقيقة اللغوية ،فل يشمل الشرعية والعرفية كما سيأتي ،وعليه
فهما من المجاز عند المصنف.
ثم ذكر المصنف تعريفا آخأر للحقيقة وهو :ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخأاطبة .فقوله:
ما :أي لفظ.
وقوله :استعمل :مبني للمجهول ،ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على ما.
وقوله :فيما :أي في معنى.
وقوله اصطلح عليه :مبني للمجهول .وما بعده نائب فاعل .أي اصطلح على أن هذا المعنى لذلك
اللفظ.
وقوله :من المخأاطبة :بكسر الطاء على زنة اسم الفاعل .أي من الجماعة المخأاطبة غيرها .أي
خأاطبت غيرها بذلك اللفظ وعينته للدللة على ذلك المعنى بنفسه ،سواء بقي اللفظ على موضوعه اللغوي
أو لم يبق على موضوعه اللغوي ،بأن بقي على موضوعه الشرعي أو العرفي.
والصطلح معناه :اتفاق قوم على استعمال شيء في شيء معلوم عندهم .كاتفاق أهل الشرع
على استعمال الصلة في التعبد ل تعالى بأفعال وأقوال أولها التكبير وآخأرها التسليم .واتفاق أهل اللغة
على استعمال الصلة بمعنى الدعاء .وهكذا الدابة عند أهل العرف تطلق على ذوات الربع فقط كالفرس.
28
وهذا التعريف يعم أنواع الحقيقة الثلثة .وقد أثبت المصنف الحقيقة الشرعية والعرفية وهذا يدل
على اخأتياره لهذا التعريف إوان كان تقديمه للتعريف الول يقتضي ترجيحه وال أعلم.
وهناك تعريف أخأصر وأشمل وهو :الحقيقة :اللفظ المستعمل فيما وضع له).(1
فقوله) :اللفظ( :جنس في التعريف يشمل المعرف وغيره.
وقوله) :المستعمل( :قيد في التعريف يخأرج المهمل .وهو الذي ليس له معنى مثل ديز مقلوب زيد.
وقوله) :فيما وضع له( :قيد ثان يخأرج المجاز ،لن المجاز في غير ما وضع له.
ثم ذكر المصنف أن الحقيقة ثلثة أنواع:
(1حقيقة لغوية :وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة .مثل الصيام فهو في اللغة المساك .قال
النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة
تحت العجاج وأخرى تعلك الللجما
أي خأيل ممسكة عن الجري والحركة .وقيل :عن العلف.
(2حقيقة شرعية :وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع .كالصلة معناها :التعبد ل تعالى بأفعال
وأقوال أولها التكبير وآخأرها التسليم على الصفة المخأصوصة.
(3حقيقة عرفية :وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف .وهي نوعان:
عرفية عامة :وهي ما تعارف عليه عامة أهل العرف ،مثل لفظ الدابة فهي في اللغة اسم لكل (1
ما يدب على الرض غير أن العرف خأصصه بذوات الربع كما تقدم.
عرفية خأاصة :وهي ما تعارف عليه بعض الطوائف من اللفاظ التي وضعوها لمعنى عندهم. (2
مثل الجزم فهو في اللغة القطع كما في القاموس .وعند النحويين نوع من العراب.
فالحقيقة العرفية العامة هي التي لم يتعين ناقلها من المعنى اللغوي .والخأاصة عكسها.
هذا وقد أشار ابن بدران رحمه ال إلى الفائدة من معرفة أقسام الحقيقة فقال) :ومتى ورد اللفظ
وجب حمله على الحقيقة في بابه لغة أو شرع ا أو عرفاا() (2ا هم.
)( انظر :الرشاد للجشوكان ص .21 1
29
هذا ما يتعلق بالحقيقة .وأما المجاز فقد عرفه بقوله) :ما تجوز عن موضوعه( :فقوله) :ما تجوز(
بضم التاء والجيم وتشديد الواو مكسورة مبني للمجهول ،ويصح فتح التاء مبني ا للفاعل .أي ما تعدى به
عن موضوعه .فنقل في الستعمال عن معناه الصلي إلى معناه المجازي ومثاله :رأيت أسدا يرمي،
فكلمة أسد تعدى بها عن موضوعها الول وهو الحيوان المفترس ،ونقلت إلى الرجل الشجاع.
وهذا التعريف مبني على التعريف الول للحقيقة وهو )ما بقي في الستعمال على موضوعه( وأما
على التعريف الثاني للحقيقة فيكون المجاز) :ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخأاطبة( وعلى
التعريف الذي ذكرناه يكون المجاز :اللفظ المستعمل في غير ما وضع له .وهذا أوضح .وال أعلم.
30
أن مواع المج مماز
)والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة .فالمجاز بالزيادة مثل قوله تعالى[ :ليس كمثله
شيء ]) (1والمجاز بالنقصان مثل قوله تعالى[ :وسئل القرية ]) (2والمجاز بالنقل كالغائط فيما يخأرج من
النسان .والمجاز بالستعارة كقوله تعالى[ :جدا ارل يريد أن ينقض ]).((3
لما ذكر المصنف أنواع الحقيقة بعد تعريفها ذكر هنا أنواع المجاز بعد تعريفه .والمجاز نوعان:
(1مجاز بالكلمة :وهو ما تقدم تعريفه .حيث تنقل الكلمة من معناها الصلي إلى المعنى المجازي.
(2مجاز بالسناد :وهو المجاز العقلي .حيث يكون التجوز بالسناد ،فيسند الفعل أو ما في معناه إلى
غير ما هو له في الحقيقة ،ولبد من علقة مع وجود قرينة تمنع من إرادة المعنى الصلي مثل:
بنى المير قص ارا .وليس لهذا ذكر في الصول ،إوانما يذكر في علم البيان وذكرته لتكميل القسمة.
وشرط المجاز بالكلمة وجود علقة بين المعنى الصلي والمعنى المجازي ،ووجود قرينة مانعة من
إرادة المعنى الصلي .كما في المثال المتقدم :رأيت أسدا يرمي.
قوله) :والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة( :ذكر أن المجاز بالكلمة أربعة
أنواع:
(1مجاز بالزيادة :ومثاله قوله تعالى[ :ليس كمثله شيء ]) (4فقالوا :إن الكاف زائدة لتوكيد نفي
المثل ،ولو لم تكن زائدة لكانت بمعنى )مثل( وهذا باطل لما يلزم عليه من إثبات المثل ل تعالى إذ
يصير المعنى) :ليس مثل مثله شيء( والمنفي مثل المثل ،فيكون المثل ثابت ا وهذا باطل لن
القصد نفيه).(5
)( أما علجى القول بنفي الاز ف القرآن فل ماز ف الية ،لن العرب تقيم الثل مقاما النفس ،فيطلجقون الثل ويريدون به الذات .فأنت تقول :مثلجي ل يفعل كذا. 5
أي :أنا ل أفعل كذلك .قال تعال [وشهد شاهد من بن إسرائيل علجى مثلجه]]سورة الحقاف ،آية [10 :أي علجى أن القرآن من عند ال ،فيكون معن الية
)ليس مثل ذات ال شيءا( وإذا انتفت المجاثالجة ف الذات انتفت المجاثالجة ف الصفات ،لن القول ف الصفات كالقول ف الذات )انظر رسالة الشنقيطي "منع جواز
الاز" ص ،36بطلن الاز ص .(134
31
(2مجاز بالنقصان :أي بالحذف .ومثاله قوله تعالى[ :واسأل القرية ] أي أهل القرية ففيه حذف،
للقطع بأن المقصود سؤال أهل القرية ل سؤال القرية ،لنها عبارة عن البنية المجتمعة وسؤالها
إواجابتها من المحال).(6
فإن قيل :تعريف المجاز ل يصدق على المجاز بالزيادة والنقصان لنه لم يستعمل اللفظ في
غير موضعه.
فالجواب :أنه منه ،حيث استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل وسؤال القرية في سؤال أهلها،
وقال البلغيون :إنه مجاز من حيث إن الكلمة نقلت عن إعرابها الصلي إلى نوع آخأر من
العراب).(2
(3مجاز بالنقل :ومثاله كلمة )الغائط( فهو في أصل الوضع اسم للمكان المطمئن من الرض،
تقضي فيه الحاجة طلبا للستر .ثم نقل وصار يطلق على الفضلة الخأارجة من النسان ،والعلقة
المجاورة .لنها تجاور المكان المطمئن غالبا).(3
(4مجاز بالستعارة :ومثاله قوله تعالى[ :جدار يريد أن ينقض ]) (4حيث شبه ميل الجدار إلى
السقوط بإرادة السقوط التي هي من صفات الحي ،بجامع القرب من الفعل في كلل .ثم استعير
اللفظ الدال على المشبه به للمشبه ،ثم اشتق منه )يريد( بمعنى )يميل( على سبيل الستعارة
التصريحية التبعية..
وظاهر عبارة المصنف في قوله )أو نقل( توهم أن النقل قسم من المجاز ومقابل للقسام الخأرى
وليس كذلك ،فإن النقل يعم جميع أنواع المجاز بالكلمة كما تقدم في تعريفه.
)( أما علجى القول بنفي الاز فإن الراد بالقرية متمجع الناس أو أن الضاف ف الية كأنه مذكور لنه مدلول علجيه بالقتضاءا وما دول علجيه بطريق القتضاءا فهو علجى 6
القيقة .أو أن لفظ القرية يدخل ف مسمجاه الال والل .فمجن الول قوله تعال[ :وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك الت أخرجتك] ومن الثان[ :أو كالذي
مور علجى قرية وهي خاوية علجى عروشها]]انظر الصدرين السابقيم[.
)( انظر التلجخميص ف علجوما البلغاة للجقزوين ص .336 2
)( ليس ف الية ماز لن إطلق )الغماط( علجى الباز أو الدث حقيقة عرفية لن النسان ف العادة إنا ييءا من الغمائط إذا قضى حاجته فصار اللجفظ حقيقة 3
32
وهذا ومحل الحقيقة والمجاز كتب البلغة )علم البيان( والصوليون يذكرون ذلك ،لن البحث في
دللت اللفاظ من أهم موضوعات علم الصول ،ودللة اللفظ على المعنى قد تكون حقيقة وقد تكون
مجا ازا.
واعلم أن تقسيم الكلم إلى حقيقة ومجاز هو المشهور عند المتأخأرين في القرآن وغيره ،ومنهم من
قال ل مجاز في القرآن ،وهو قول ابن خأويز منداد من المالكية ،وقول الظاهرية وابن القاص من
الشافعية ،ومن أهل العلم من قال ل مجاز في القرآن ول في غيره وبه قال أبو إسحاق السفراييني وأبو
علي الفارسي من المتقدمين كما عزاه لهما ابن السبكي في جمع الجوامع) ،(1ومن المتأخأرين الشيخ محمد
المين الشنقيطي رحمه ال في رسالة خأاصة بهذا) ،(2وقد نصر هذا القول شيخ السلم ابن تيمية وابن
القيم رحمهما ال ،وبين شيخ السلم أن هذا التقسيم اصطلح حادث بعد القرون المفضلة لم يتكلم به
أحد من الصحابة والتابعين ول أحد من الئمة ول علماء اللغة ،والظاهر أن المجاز إنما جاء من جهة
المعتزلة ونحوهم من المتكلمين ليكون سلما لنفي كثير من صفات ال تعالى بإدعاء أنها مجاز ،وهذا من
أعظم وسائل التعطيل.
كما بين الشيخ – أيضا – بطلن هذا التقسيم ،وأن من ذهب إلى ذلك فقد تكلم بل علم وابتدع في
الشرع وخأالف العقل ،ومما يدل على بطلن ذلك أنه ل أحد يثبت أن العرب وضعت ألفاظا لمعان ثم
استعملت هذا الوضع في معان أخأر ،ومن ادعى أنه يعلم وضع ا تقدم ذلك فهو مبطل).(3
وكل ما يسميه القائلون بالمجاز مجا از فهو عند من يقول بنفي المجاز أسلوب من أساليب اللغة
العربية المتنوعة ،بعضها يتضح المراد منه بل قيد ،وبعضه يحتاج إلى قيد وكل منهما حقيقة في محله.
)( انظر رسالة )منع جواز الاز( ص 8الطبوعة ضمجن الزءا العاشر من أضواءا البيان. 2
)( انظر فهارس فتاوى شيخ السلما ابن تيمجية ) (2/13وراجع كتاب )بطلن الاز( بقلجم :مصطفى عيد الصياصنة. 3
33
المم ممر
)والمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب،والصيغة الدالة عليه :افعل .وهي عند
الطلق والتجرد عن القرينة تحمل عليه إل ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الباحة فيحمل
عليه(.
باب المر والنهي من البواب المهمة في أصول الفقه ،لن مدار التكليف على الوامر والنواهي.
فلبد من معرفة أحكامهما وما يترتب على مخأالفتهما ،يقول السرخأسي في أصوله)) :(1فأحق ما يبدأ به في
البيان المر والنهي لن معظم البتلء بهما ،وبمعرفتهما تتم معرفة الحكام ويتميز الحلل من الحرام( .ا
هم.
قوله )المر :استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب( هذا تعريف المر .وهو
من أحسن التعاريف.
وقوله :استدعاء :أي طلب وهذا جنس يشمل المر والنهي ،والمراد بالفعل :اليجاد ليشمل الفعل
المأمور به مثل[ :وءاتوا الزكاة ]) (2والقول المأمور به مثل[ :واذكروا ال كثي ارل ]).(3
والمعنى أن المر طلب إيجاد فعل أو إيجاد قول .وهذا القيد يخأرج النهي لنه استدعاء الترك كما
سيأتي.
وقوله :بالقول :أي باللفظ الدال عليه .والمراد صيغ المر وهذا قيد ثان لخأراج الشارة فإنها إوان
أفادت طلب الفعل ،لكنها ل تسمى أم ارا.
وقوله )ممن هو دونه( أي دون الطالب في الرتبة ،وهذا قيد ثالث خأرج به استدعاء الفعل ممن
ساواه وهذا التماس .أو ممن هو فوقه وهذا دعاء وسؤال .وعلى هذا فطلب الفعل يسمى أم ار مع العلو).(4
قال الخأضري:
)( انظر غااية الراما ف شرح مقدمة الماما للجتلجمجسان ص .71والعلجو معناه :هيئة راجعة إل المر – بكسر اليم – وهي كونه أعلجى من الأمور .والستعلءا :هيئة 4
ف المر – بسكون اليم – وهو كون الطلجب بغملجظة وقهر .انظر )نثر الورود .(1/173
34
وفي التساوي فالتماس وقعا أمر مع استعل وعكسه دعا
وقول المصنف) :على سبيل الوجوب( هذا متعلق بقوله) :استدعاء( وهذا قيد رابع لخأراج الندب
والباحة وغيرهما ،وفيه بيان أن صيغة المر تقتضي الوجوب ،وهذا عند الطلق ،أي التجرد من القرائن
الصارفة للمر عن الوجوب إلى غيره.
والظاهر أن المؤلف يرى أن المندوب ليس مأمو ار به لعدم وجوبه وتحتمه ،والمحققون على أن
المندوب مأمور به لنه طاعة إجماعاا ،والطاعة فعل مأمور به ،إوان كان غير واجب ،فيكون المر أمر
إيجاب وأمر استحباب .وتقدم ذلك في الكلم على المندوب.
قوله) :على سبيل الوجوب( صيغة المر إما أن تكون مجرد عن القرينة ،إواما أن تكون مقيدة ،فإن
كانت مجردة فالمخأتار ما ذكره المصنف من أنها تقتضي الوجوب كقوله تعالى [ :وأقيموا الصلة وءاتوا
الزكاة ]) (1فهذا يحمل على الوجوب لعدم قرينة تصرفه عنه ونسب في شرح الكوكب المنير هذا القول إلى
الجمهور من أرباب المذاهب الربعة ،وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال )وأمر ال ورسوله إذا أطلق
كان مقتضاه الوجوب().(2
والدلة على ذلك كثيرة جدا منها قوله تعالى[ :فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة
أو يصيبهم عذاب أليم ]).(3
ووجه الدللة :أن ال تعالى توعد المخأالفين لمر الرسول بالفتنة وهي الزيغ ،أو بالعذاب الليم،
ول يتوعد بذلك إل على ترك واجب ،فدل على أن أمر الرسول المطلق يقتضي الوجوب .قال القرطبي:
)بهذه الية استدل الفقهاء على أن المر للوجوب .(4)( . .
وقوله) :والصيغة الدالة عليه :افعل( أي أن المر لبد له من صيغة تدل عليه وهي )افعل( مثل:
[أقم الصلة لدلوك الشمس ]) (5والمراد بذلك كل ما يدل على طلب الفعل من أي صيغة ،فيشمل افعلي
35
وافعلوا ونحوهما ،ومما يدل على طلب الفعل اسم فعل المر كقوله تعالى[ :عليكم أنفسكم ]) ،(1والمصدر
النائب عن فعل المر مثل قوله تعالى[ :وبالوالدين إحسانال ]) (2والمضارع المقرون بلم المر كقوله
تعالى[ :وليكتب بينكم كاتب بالعدل ]).(3
وهناك صيغ أخأرى تدل على طلب الفعل ومنها:
(1التصريح بلفظ المر كقوله تعالى[ :إن ال يأمر بالعدل والحسان ]) (4وحديث ابن عباس في وفد
عبد القيس وفيه )آمركم بأربع .(5)( . .
(2لفظ فرض أو وجب أو كتب ونحوها .قال تعالى[ :كتب عليكم الصيام ]) (6وحديث ابن عمر رضي
ال عنهما قال) :فرض رسول ال زكاة الفطر في رمضان().(7
(3وصف الفعل بأنه طاعة أو يمدح فاعله أو يذم تاركه أو يرتب على فعله ثواب أو على تركه عقاب
وغيرها ،كقوله ) أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا .وقال بالسبابة والوسطى().(8
قوله) :وهي عند الطلق والتجرد عن القرينة تحمل عليه إل ما دلل الدليل على أن المراد منه
الندب أو الباحة فيحمل عليه( هذا بيان النوع الثاني من الوامر وهو ما اقترن بقرينة فيصرف المر
حسب هذه القرينة ،لن صيغة المر ل تحمل على غير الوجوب إل إذا وجد دليل صارف عن الوجوب
إلى غيره .كالندب ،ومثاله :حديث عبد ال المزني أن النبي قال) :صلوا قبل صلة المغرب ،قال في
الثالثة :لمن شاء .(9)( . .
36
أو الباحة ومثاله قول تعالى [ :إواذا حللتم فاصطادوا ]) .(1والقرينة الصارفة في الول قوله )لمن
شاء( وفي الثاني هي أن المر بعد الحظر للباحة لن الصطياد في الحرام حرام ،لقوله تعالى[ :وحرم
عليكم صيد البر ما دمتم حرمال ]) (2أي محرمين.
ومن هنا قال الصوليون :المر بعد الحظر للباحة واحتجوا بأن هذا النوع من المر للباحة في
أغلب استعمالت الشرع ،كما مثلنا .وكقوله تعالى[ :فإذا تطدهرن فأتوهن من حيث أمركم ال ]) (3بعد قوله
تعالى[ :ول تقربوهدن حتى يطهرن ]) ،(4وقد يكون في مقام يتوهم فيه الحظر كقوله ) افعل ول حرج() (5في
جواب من سألوه في حجة الوداع عن تقديم أفعال الحج التي تفعل يوم العيد بعضها على بعض وكقوله في
قصة اللديغ )اقسموا واضربوا لي بسهم().(6
ويرى آخأرون أن المر بعد الحظر يرجع إلى ما كان عليه قبل الحظر ،قال ابن كثير عند تفسير
آية المائدة [ :إواذا حللتم فاصطادوا ])) :(7والصحيح الذي يثبت على السبر) (8أنه يرد الحكم إلى ما كان
عليه قبل النهي .فإن كان واجبا رده واجباا ،إوان كان مستحبا فمستحب ،أو مباحا فمباح ،ومن قال :إنه
على الوجوب ينتقض عليه بآيات كثيرة ،ومن قال :إنه للباحة يرد عليه بآيات أخأر .والذي ينتظم الدلة
كلها هذا الذي ذكرناه ،كما أخأتاره بعض علماء الصول وال أعلم() (9ا هم.
فمثال :أمر بعد نهي عاد إلى الوجوب حديث" :فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلة ،إواذا أدبرت
فاغسلي عنك الدم ،ثم صلي").(10
)( السب لغمة الختبار ومنه ساي ما يتب به طول الرح وعرضه مسبارلا ،والسب يذكر غاالبال مع التقسيم فيقال :السب والتقسيم .وهو أحد مسالك العلجة ف باب 8
القياس ويراد بمجا حصر الوصاف الوجودة ف الصل الصالة للجعلجية ف عدد ث إبطال بعضها بدليلجه فيتعيم الباقي فالصر تقسيم والبطال سب )متصر ابن
الاجب بشرح العضد ،2/236مذكرة الشنقيطي ص .(257
)( تفسي ابن كثي ).(3/9 9
37
فالمر بالصلة للوجوب ،لن الصلة قبل امتناعها بالحيض واجبة ،ومثاله أيض ا قوله تعالى[ :
فإذا انسلخ الشهر الحرم فاقتلوا المشركين ]) (1فالمر بقتل المشركين كان واجب ا قبل دخأول الشهر الحرم
فمنع من أجلها ،ثم أمر به بعد انسلخأها ،فيرجع إلى ما كان عليه قبل المنع وهو الوجوب.
ومثال الستحباب حديث" :كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها") (2فالزيارة مستحبة قبل المنع ثم
نهي عنها ،ثم أمر بها فعاد المر إلى الستحباب.
وتقديم مثال ما كان مباحا ثم نهي عنه ثم أمر به.
وهذا القول هو المخأتار ،لن الحظر كان لعارض ،فإذا ارتفع العارض عاد المر إلى ما كان
عليه.
ثم إن هذا القول فيه جمع بين الدلة ،كما أشار إليه الحافظ ابن كثير رحمه ال ،واخأتار هذا القول
الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه ال ،ورجحه الشيخ محمد المين الشنقيطي رحمه ال .ونسبه الطوفي في
مخأتصر الروضة إلى الكثرين .وال أعلم).(3
)( انظر السودة ف أصول الفقه ص ،16شرح الكوكب الني ) (3/60مذكرة الشنقيطي علجى الروضة ص ،193 ،192أضواءا البيان ) (2/4متصر الروضة ص 3
.86
38
من مسائل المممر
)ول يقتضي التكرار على الصحيح إل إذا دل الدليل على قصد التكرار ،ول يقتضي الفور .والمر بإيجاد
الفعل أمر به ،وبما ل يتم الفعل إل به كالمر بالصلة أمر بالطهارة المؤدية إليها .إواذا فعل خأرج المأمور
عن العهدة(.
المسألة الولى قوله) :ول يقتضي التكرار( :اعلم أن صيغة المر تقتضي فعل المأمور مرة واحدة
قطعا ول خألف في ذلك إوانما الخألف فيما زاد على المرة وهو التكرار ،بمعنى فعل المأمور به كلما قدر
عليه المكلف ،فالمر من حيث التكرار وعدمه له ثلث صور:
(1إما أن يقيد بما يفيد الوحدة ،فهذا يحمل على ما قيد به ،ول يقتضي التكرار كقوله تعالى[ :ول على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ]) (1فظاهر الية وجوب تكرار الحج بتكرار الستطاعة،
)(2
لكن سئل رسول ال :أفي كل عام يا رسول ال؟ فأجاب بما يدل على أنه في العمر مرة واحدة
فيحمل المر في الية على الواحدة لهذا الدليل من السنة.
(2أن يقيد بما يفيد التكرار ،وهذا فيه خألف) (3والصحيح أنه يحمل على ما قيد به من إرادة التكرار
كما رجحه المصنف .والقيد قد يكون صفة وقد يكون شرطاا ،فالشرط كقوله تعالى [ :إوان كنتم جنبا
فاطددهروا ]) (4فكلما حصلت الجنابة وجب التطهر بالغسل منها.
والصفة كقوله تعالى[ :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ]) (5فكلما حصلت السرقة وجب
القطع ،ما لم يكن تكرار السرقة قبل القطع.
وهذا فيما إذا كان كل من الشرط والصفة علة ثابتة كما مثلنا .فيكون التكرار لوجود العلة،
بمعنى أنه كلما وجدت العلة وجد الحكم) .(6فإن لم يكن علة ثابتة فل تكرار مثل :إن جاء زيد
فاعتق عبدا من عبيدي .فإذا جاء زيد حصل ما علق عليه المر ،لكن ل يتكرر بتكرر مجيئه.
(3المر المطلق الذي لم يقيد .فهذا فيه خألف هل يقتضي التكرار أو ل؟
)( نقل صاحب شرح الكوكب الني ) (3/46التفاق علجى أنه للجتكرار .مع أن بعض النفية خالفوا فانظر كشف السرار ).(1/123 3
39
فمنهم من قال يقتضي التكرار ،وهذا حكاه الغزالي عن أبي حنيفة ،وابن القصار عن مالك ،وهو
رواية عن أحمد اخأتارها أكثر أصحابه) ،(1لن المر كالنهي في أن النهي أفاد وجوب الترك والمر أفاد
وجوب الفعل ،فإذا كان النهي يفيد الترك على التصال أبداا ،وجب أن يكون المر يفيد وجوب الفعل على
التصال أبدا وهذا معنى التكرار ،والمراد به :حسب المكان.
والقول الثاني أن المر المطلق ل يقتضي التكرار لن ما قصد به من تحصيل المأمور به يتحقق
بالمرة الواحدة والصل براءة الذمة مما زاد عليها ،بل يخأرج المكلف من عهدته بمرة واحدة ،ول يلزمه تك ارره
والمداومة عليه ،وذلك لن صيغة المر ل تدل إل على مجرد إدخأال ما هية الفعل) (2في الوجود ل على
كمية الفعل ،ولو قال السيد لعبده :ادخأل السوق واشتر تم ارا ،لم يعقل منه التكرار ،ولو كرر العبد ذلك
لحسن لومه ،ولو سيده على عدم التكرار لعد السيد مخأطئاا.
وهذا هو اخأتيار المصنف – هنا – فإنه قال) :ول يقتضي التكرار على الصحيح( أي عند الطلق
كما يدل عليه ما بعده ،وهو رواية عن المام أحمد اخأتارها أبو يعلى وتلميذه أبو الخأطاب ،وهو الصحيح
عند الحنفية ،ورجح ذلك الطوفي ،ومال إليه ابن قدامة ،واخأتاره ابن الحاجب).(3
أما ما قاله الولون من أن المر كالمنهي فغير صحيح للفرق بن المر والنهي ،لن النتهاء عن
الفعل أبدا ممكن ،أما الشتغال به أبدا فغير ممكن فظهر الفرق.
وأما ما فيه التكرار فذلك لنصوص أخأر وقرائن وأسباب توجب ذلك ،كالصلة فإن تكرارها في كل
يوم وليلة خأمس مرات ليس لجل المر بها ،إوانما لتكرار أسبابها وهي الوقات .ومما يتعلق بهذا البحث
مسألة إجابة مؤذن بعد مؤذن فهل يكتفي بالول لن المر ل يقتضي التكرار؟ أو يجيب كل مؤذن من
باب تعدد السبب؟ فيه احتمال).(4
المسألة الثانية :قوله) :ول تقتضي الفور( أي عند الطلق بخألف :سافر الن .فهي للفور،
وسافر رأس الشهر.فهي للتراخأي لوجود قرينة.
والفور معناه :المبادرة بالفعل عقب المر في أول وقت المكان .والتراخأي :تأخأير الفعل عن أول
وقت المكان .والقائلون بأن المر للتكرار يتفقون على أنه للفور .لن التكرار ل يتحقق بدون المبادرة.
)( الاهية بعن القيقة انظر العتب للجزركشي ص 337معجم لغمة الفقهاءا ص .398 2
)( انظر روضة الناظر مع شرحها ) (2/78متصر الروضة ص .87متصر النتهى ) (2/81أصول السرخسي ص .20 3
)( انظر شرح الهذب ) (3/119فتح الباري ) (2/92فتاوى العز بن عبد السلما ص 87التمجهيد للسنوي ص 283حاشية الصنعان علجى شرح العمجدة ) 4
.(2/188
40
وأما القائلون بأن المر ليس للتكرار .فاخأتلفوا في ذلك على قولين:
الول :أنها ل تقتضي الفور ،وبه قال أكثر الشافعية وأكثر الحناف ،وهو رواية عن المام أحمد،
بل المر لمجرد الطلب فل يقتضي الفور ول التراخأي ،وقد يقتضي لن الغرض إيجاد الفعل ولو مرة واحدة
من غير اخأتصاص بالزمن الول أو الثاني بل في أي زمان وجد فيه أجزأ.
والقول الثاني :أنها تقتضي الفور .وهو قول المالكية وبعض الشافعية ،وبعض الحنفية ،وهو ظاهر
المذهب عند الحنابلة) .(1وهذا هو القول الراجح إن شاء ال لما يلي:
(1آيات من كتاب ال تعالى فيها المر بالمبادرة إلى امتثال أوامر ال تعالى والثناء على من فعل ذلك
)(2
كقوله تعالى[ :وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقين ]
وقوله تعالى[ :فاستبقوا الخيرات ]) (3وقال تعالى[ :إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ]).(4
(2ما جاء في قصة الحديبية ،وفيها) :قال رسول ال لصحابه :قوموا فانحروا ثم احلقوا( قال :فو
ال ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلث مرات .فلما لم يقم منهم أحد دخأل على أم سلمة فذكر
لهاما لقي من الناس . . .الحديث() ،(5ووجه الدللة :أنه لو لم يكن المر للفور ما دخأل الرسول
على أم سلمة مغضبا ول قال لها) :أل ترين إلى الناس! إني آمرهم بالمر فل يفعلون( كما في
رواية ابن إسحاق.
(3أن المبادرة بالفعل أحوط وأب أر للذمة ،وأدل على الطاعة ،والتأخأير له آفات ،ويقتضي تراكم
الواجبات حتى يعجز النسان عنها.
(4وكما أن الشرع دل على اقتضاء المر الفور ،كذلك اللغة فإن السيد لو أمر عبده بأمر فلم يمتثل
ل.
فعاقبه فاعتذر العبد بأن المر على التراخأي لم يكن عذره مقبو ا
المسألة الثالثة :قوله) :والمر بإيجاد الفعل أمر به وبما ل يتم الفعل إل به( أي :أن ما توقف عليه
وجود الواجب بطريق شرعي لتب أر منه الذمة فهو واجب إذا كان ذلك في مقدور المكلف ،وتحت هذه
القاعدة صورتان ،وذلك بناء على دخأول المندوب في المر:
)( انظر متصر ابن الاجب مع شرح العضد ) (2/84العدة ) (1/281أضواءا البيان ).(5/112 1
41
(1مال يتم الواجب إل به فهو واجب .كالمر بالصلة أمر بالطهارة ،والمر بستر العورة أمر بشراء
ما يسترها).(1
ووجه هذه الصورة :أنه لو لم تجب الطهارة – مثلا – لوجوب الصلة لجاز تركها ،ولو جاز
تركها لجاز ترك الواجب المتوقف عليها واللزم باطل.
(2ما ل يتم المندوب إل به فهو مندوب ،فالمر بالتطيب يوم الجمعة كما في حديث ابن عباس
)وأصيبوا من الطيب() (2أمر بشراء الطيب ندبا ل وجوباا.
وهذه الصورة ل تدخأل – على رأي المصنف – لنه ل يرى أن المندوب مأمور به ،وال أعلم.
)واذا فعل خأرج عن العهدة() :فعل( بالبناء للمجهول أي :فعل المأمور به،
المسألة الرابعة :قوله :إ
والعهدة :بضم العين تعلق المر بالمأمور .والمعنى :أن المأمور إذا فعل ما أمر به على وجه صحيح فإنه
يخأرج عن عهدة ذلك المر ويوصف ذلك الفعل بالجزاء .والجزاء معناه :براءة الذمة وسقوط الطلب .أما
الثابة على الفعل فليست من لوازم المتثال فقد يحصل الجزاء وبراءة الذمة ول يحصل الثواب ،وقد يكون
مثاب ا ول تب أر الذمة.
فمثال الول :قول الزور والعمل به في الصيام .فقد قال النبي ) من لم يدع قول الزور والعمل به
فقول الزور والعمل به في الصيام أوجب إثما يقابل ثواب )(3
فليس ل حاجة في أن يدع طعامه وشرابه(
الصوم .وقد اشتمل الصوم على المتثال المأمور به والعمل المنهي عنه ،فبرئت الذمة للمتثال ووقع
الحرمان للمعصية.
والثاني :كأن يفعل فعلا ناقصا عن الشرائط والركان ،فيثاب على ما فعل ول تب أر الذمة إل بفعله
ل ،فإذا أخأرج الزكاة ناقصة فإنه يخأرج التمام إواذا ترك شيئ ا من واجبات الحج كالمبيت بمزدلفة فإنه
كام ا
يجبره بالدم ،إواذا ضحى بمعيبة وجبت عليه سليمة .إواذا فوت الجمعة بقي في العهدة .فالنقص إما أن
يجبر بجنسه أو ببدله أو بإعادته كاملا أو يبقى في العهدة فيأثم صاحبه) (4وال أعلم.
)( تثيل الؤلف بالطهارة فيه نظر ،لن فيها دليلل يصها ،بلف المر بشراءا ما يست العورة .وال أعلجم. 1
42
من يدخأل في المر والنهي ومن ل يدخأل
)يدخأل في خأطاب ال تعالى المؤمنون .والساهي والصبي والمجنون غير داخألين في الخأطاب ،والكفار
مخأاطبون بفروع الشرائع وبما ل تصح إل به وهو السلم ،لقوله تعالى[ :قالوا لم نك من المصلين ]).((1
ذكر المصنف في هذا المبحث من يدخأل في أوامر الشرع ونواهيه ومن ل يدخأل ،ولو أخأر هذا
الموضوع بعد مبحث النهي لكان أحسن.
قوله) :يدخأل في خأطاب ال تعالى المؤمنون( المراد بخأطاب ال :الخأطاب التكليفي المتضمن
لطلب الفعل أو الترك كقوله تعالى[ :وأقيموا الصلة ]) ،(2وقوله تعالى[ :ول تقربوا الزنا ]).(3
والمراد بالمؤمنين :المكلفون من ذكر وأنثى ممن آمن بال ورسوله .لدخأول النساء في جمع الذكور
إذا وجدت قرينة كما هنا .والمكلف هو البالغ العاقل.
قوله) :والساهي والصبي والمجنون غير داخألين في الخأطاب( الساهي اسم فاعل من )سها يسهو
سهوا فهو سانه( قال في اللسان) :السهو والسهوة :نسيان الشيء والغفلة عنه .وذهاب القلب إلى غيره (. .
).(4
فالساهي في حال سهوه غير مكلف لن مقتضى التكليف فهم المكلف لما كلف به .وهذا ل يتم إل
بالنتباه .ولهذا لم يجب سجود السهو على من سها في صلته إل بعد التذكر وزوال العذر ،وحينئذ يكون
مكلفاا.
وقوله )والصبي( هو النسان من الولدة إلى أن يفطم ،ويطلق على الصغير دون الغلم).(5
والصبي غير مكلف سواء كان ممي از على القول الراجح ،أو غير مميز وهذا بالجماع.
وقوله) :والمجنون( هو فاقد العقل .وهو من ل يطابق كلمه وأفعاله كلم وأفعال العقلء).(6
43
وهو غير مكلف لقوله ) :رفع القلم عن ثلثة :عن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبي حتى يكبر.
وفي رواية حتى يحتلم وفي رواية :حتى يبلغ .وفي رواية حتى يشب .وعن المجنون حتى يعقل().(1
فجعل الشارع البلوغ علمة لظهور العقل وفهم الخأطاب ومن ل يفهم ل يصح تكليفه .لعد قصد
المتثال.
فإن قيل :كيف تقولون :إن الصبي والمجنون غير مكلفين مع وجوب الزكاة وأروش الجنايات وقيم
المتلفات في ماليهما؟
فالجواب :أن هذا ليس من خأطاب التكليف ،إوانما هو من خأطاب الوضع ،وهو ل يشترط فيه
التكليف بالبلوغ والعقل .وتوضيحه :أن هذا من باب ربط الحكام بأسبابها ،بمعنى أن الشرع وضع أسباب ا
تقتضي أحكاما تترتب عليها تحقيقا للعدل في خألقه ورعاية لمصالح العباد ،فمتى وجد السبب وجد الحكم،
فإذا وجد النصاب وجبت الزكاة ،سواء كان النصاب لبالغ عاقل أو لصبي أو لمجنون ،وكذا نقول إذا وجد
التلف وجب الضمان إذا لم يرض صاحب الحق بإسقاط حقه مهما كان المتلف ،وال أعلم.
قوله) :والكفار مخأاطبون بفروع الشرائع (. .المراد بالفروع الحكام العملية من الوامر كالصلة
والزكاة ،والنواهي كالزنا وشرب الخأمر .ولو عبر به المصنف لكان أولى).(2
فهذه المسألة فيها خألف بين أهل العلم .وما ذكره المصنف من أنهم مخأاطبون.
هو القول الراجح لقوة دليله ،وأما كونهم مخأاطبين بالسلم فهذا ل خألف فيه.
قال تعالى [ :ما سلككم في سقر) (42قالوا لم نك من المصلين) (43ولم نك نطعم المسكين)
(44وكدنا نخوض مع الخائضين) (45وكدنا نكدذب بيوم الدين) (46حتى أتانا اليقين) .(3)] (47وقال
[فل صددق ول صدلى) (31ولكن كدذب وتودلى) ،(4)] (32ومن الدلة أيض ا التمسك بالعمومات تعالى:
كقوله تعالى[ :ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ]) (5وقوله تعالى[ :يا بني آدم خذوا
زينتكم عند كل مسجد ]).(6
)( أخرجه التمذي برقم 1423وأبو داود 4403وابن ماجه رقم 2041والنسائي ) (6/156وذكره البخماري تعلجيقال ف الطلق والدود ) 12/120الفتح( 1
44
ومع أن الكافر مخأاطب بالوامر فإنه ل يصح منه فعل المأمور به حال كفره قال تعالى[ :وما
منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إل أنهم كفروا بال وبرسوله ]) (1فاليمان شرط لصحة الفعل ،ول يعارض
هذا ما تقدم من أنهم مخأاطبون حال كفرهم ،لن المراد هنا أنهم يعذبون عليها في الخأرة زيادة على عذاب
الكفر ،والمراد هنا أنهم ل يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم ول تنفعهم.
إواذا أسلم الكافر ل يؤمر بقضاء الماضي لقوله تعالى[ :قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد
سلف ]).(2
ولقول النبي لعمرو بن العاص) :أما علمت يا عمرو أن السلم يهدم ما كان قبله() (3ولن في
ذلك ترغيب ا له في السلم ،فإنه إذا علم أنه ل يطالب بقضاء ما ترك فإنه يرغب في السلم إذ لو كلف
بالقضاء لنفر عن السلم) (4وال أعلم.
)( ل داعي للطالة ف هذه السألة لنا ليست من أصول الفقه .لن أثار اللف فيها إنا يظهر ف الدار الخرة ،حيث يعذب الكافر زيادة علجى عذاب الكفر، 4
ومسائل أصول الفقه إنا هي دلئل وقواعد تعرف با الحكاما والتكاليف ف هذه الدار .واللف ف هذه السألة ل يظهر أثاره ف الدنيا ،لن الكافر ل تصح منه
العبادة حال كفره ،وإذا أسلجم ل يؤمر بقضاءا ما فاته .انظر الصول ) ،(1413 – 2/2/399السائل الشتكة بيم أصول الفقه وأصول الدين ص .94وانظر
كلمال ماتعال للجشاطب – رحه ال – ف إدخال مسائل ليست من الصول ف أصول الفقه ف الوافقات .1/42
45
هل المر بالشيء نهي عن ضده؟
)( استظهر الشنقيطي رحه ال أن هذه السألة مبنية علجى قول التكلجمجيم ومن وافقهم من الصولييم بالمر النفسي وهو العن القائم بالذات الرد عن الصيغمة .ول 1
ريب أنه قول باطل مبن علجى زعم باطل ،وهو أن كلما ال تعال مرد العن القائم بالذات فل حروف ول ألفاظ )راجع مذكرة الشنقيطي ص .(27
)( سورة النفال ،آية.45 : 2
46
من ضرورته باللزوم من باب )ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب( فقولك :أسكن .يستلزم نهيك عن
الحركة ،لن المأمور به ل يمكن وجوده مع التلبس بضده.
والنهي عن الشيء يستلزم المر بضده .لن النهي عن الشيء طلب لتركه بالذات ولفعل ما هو
من ضرورة الترك باللزوم ،فقولك :ل تتحرك يستلزم أمرك بالسكون ،لن المنهي عنه ل يمكن وجوده مع
التلبس بضده وال أعلم).(1
)( انظر ممجوع الفتاوى ) (10/531الفوائد لبن القيم ص 226مذكرة الشنقيطي ص .28 ،27 1
47
النه ممي
)والنهي :استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب ،ويدل على فساد المنهي عنه ،وترد
صيغة المر والمراد به الباحة أو التهديد أو التسوية أو التكوين(.
النهي :استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب ،وشرح التعريف يستفاد مما تقدم
في شرح تعريف المر.
وقوله) :على سبيل الوجوب( أي وجوب الترك .وهذا القيد لخأراج الصيغة المستعملة في الكراهة.
وللنهي صيغة واحدة هي المضارع المقرون بل الناهية ،كقوله تعالى[ :ول تقربوا الزنى ]) (1وقد
يستفاد النهي بغير هذه الصيغة ،وذلك مثل الجمل الخأبرية التي وردت بلفظ التحريم ،كقوله تعالى[ :حررمت
عليكم أمهاتكم ]) ،(2أو نفي الحل كقوله تعالى[ :يا أيها الذين آمنوا ل يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ])،(3
أو لفظ )نهى( كحديث أبي سعيد رضي ال عنه قال) :نهى رسول ال عن صوم يوم الفطر ويوم
)(4
النحر(
قوله) :على سبيل الوجوب ( . . .اعلم أن صيغة النهي عند الطلق والتجرد عن القرينة
تقتضي أمرين:
الول :تحريم المنهي عنه ،وهو معنى قول المصنف )على سبيل الوجوب( أي وجوب الترك ،ومن
لزم وجوب الترك تحريم المنهي عنه ،وهذا باتفاق الئمة الربعة .والجمهور على أن النهي يقتضي
التكرار والفور ،فإذا نهى الشرع عن شيء وجبت المبادرة بالترك وأل يفعل المنهي عنه في أي وقت من
الوقات ،قال تعالى[ :وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ]) (5فأمر ال تعالى بالنتهاء عن
المنهي عنه .فيكون النتهاء واجباا .لن المر يقتضي الوجوب كما تقدم.
يقول المام الشافعي رحمه ال) :أصل النهي من رسول ال أن كل ما نهى عنه فهو محرم ،حتى
تأتي عنه دللة تدل على أنه إنما نهى عنه لمعنى غير التحريم().(6
ومثال ذلك :الصلة إلى القبور فهي محرمة بدليل النهي الذي ورد في حديث أبي مرثد الغنوي
رضي ال عنه قال :قال رسول ال ) :ل تصلوا إلى القبور ول تجلسوا عليها().(7
)( أخرجه مسلجم رقم 972وأبو داود رقم 3229والتمذي رقم 1050والنسائي ).(2/67 7
48
ومثال مجيء النهي لغير التحريم قوله ) :ل يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول() (1فقد ذكر
الحافظ ابن حجر رحمه ال في فتح الباري عن الجمهور :أن النهي للكراهة ،لن الذكر بضعة من النسان
لحديث )هل هو إل بضعة منك().(2
المر الثاني مما تقتضيه صيغة النهي :فساد المنهي عنه ،فل تب أر الذمة ،ول يسقط الطلب إن كان
عبادة ،ول يترتب الثر المقصود من العقد على العقد إذا كان معاملة كما تقدم في الكلم على الباطل،
والقول بالفساد هو قول الئمة الربعة وغيرهم لحديث عائشة رضي ال عنها؛ أن النبي قال) :من عمل
عملا ليس عليه أمرنا فهو رد() ،(3ووجه الدللة منه :أن ما نهى عنه الشرع فليس عليه أمر النبي فيكون
مردوداا ،وما كان مردودا على فاعله فكأنه لم يوجد لنه فاسد.
فالشارع نهى عن الصلة بل طهارة ولغير القبلة وبدون ستر العورة ،ونهى عن بيع الغرر ،وعن
بيع ما ل يملك ،فإن وقع ذلك حكم بفساده ،وقد ل يقتضي النهي الفساد إذا وجد دليل مثل حديث أبي هريرة
رضي ال عنه عن النبي قال" :ل تصيروا البل والغنم فمن ابتاعها بعد فهو بخأير النظرين بعد أن
يحتلبها إن شاء أمسك إوان شاء ردها وصاع تمر") (4فل يدل النهي على أن البيع فاسد بدليل أنه جعل
الخأيار للمشتري).(5
ثم ذكر المؤلف أن صيغ المر تأتي للباحة وقد تقدم الكلم على ذلك ،وليس هذا تك ار ارا ،لن
المقصود هناك بيان أن الصيغة ل تخأرج عن الوجوب إل بدليل ،والمراد هنا بين ما استعملت فيه الصيغة
من المعاني.
وتأتي للتهديد مثل قوله تعالى[ :قل تمدتعوا فإن مصيركم إلى النار ]) (6والقرينة الصارفة إلى التهديد
أن ذلك الوعيد يدل على التهديد.
أو للتسوية كقوله تعالى[ :فاصبروا أو ل تصبروا ]) .(7أو للتكوين وهو اليجاد من العدم بسرعة
كقوله تعالى[ :كونوا ققردة خاسئين ]).(8
والولى ذكر هذه المعاني في الكلم على المر عند ذكر الباحة والندب كما تقدم.
)( رواه البخماري. 1
)( أخرجه مسلجم رقم 1718وأخرجه البخماري تعلجيقال ف البيوع وموصولل ف الصلجح ،انظر فتح الباري ) (4/355وأخرجه أبو داود برقم 4606وابن ماجه رقم 3
.14
)( رواه البخماري برقم 2041ومسلجم برقم 1524وقوله )ل تصروا( :بضم أوله وفتح ثاانية بوزن :تزكوا والتصرية :حبس اللجب ف الضرع حت يتمجع. 4
)( انظر فتح الباري ) (4/367وف طرح التثريب ) (6/78نقل الجاع علجى أن بيع الصراة صحيح. 5
49
الع ممام
)وأما العام فهو ما عم شيئين فصاعداا ،من قولك :عممت زيدا وعم ار بالعطاء .وعممت جميع الناس
بالعطاء وألفاظه أربعة :السم الواحد المعروف باللم ،واسم الجمع المعرف باللم ،والسماء المبهمة كمن
فيمن يعقل ،وما فيما ل يعقل ،وأي في الجميع ،وأين في المكان ،ومتى في الزمان ،وما في الستفهام
والجزاء وغيره ،ول في النكرات كقولك :ل رجل في الدار ،والعموم من صفات النطق ،ول تجوز دعوى
العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه(.
اعلم أن البحث في دللت اللفاظ من حيث الشمول وعدمه من المباحث الصولية المهمة ،فإن
هناك من اللفاظ ما ل يدل إل يدل إل على فرد معين ،ومنها ما يدل على فرد غير معين ،ومنها ما يدل
على أفراد ل حصر لها .كل ذلك جاء في نصوص الكتاب والسنة.
إواذا كان استنباط الحكام الشرعية من الدلة ل يتم إل بمعرفة شروط الستدلل كما تقدم كان لزام ا
على الصولي والفقيه أن يعني بدراسة دللت اللفاظ ،ويستفيد من قواعدها وضوابطها.
والعام لغة :الشامل.
واصطلحاا :ما عم شيئين فصاعداا.
وقوله :ما :أي لفظ ،وهي جنس في التعريف تشمل ما يراد تعريفه وغيره.
وقوله :عم شيئين :أي تناول شيئين دفعة واحدة ،وهذا قيد يخأرج ما ل يتناول إل واحدا كالعلم مثل
زيد ،والنكرة المفردة في سياق الثبات) (1مثل) :رجل( فهو لفظ يصلح لكل واحد من رجال الدنيا لكن بدون
استغراق ومنه قوله تعالى[ :فتحرير رقبة ]).(2
وقوله :فصاعداا :حال حذف عاملها وصاحبها ،أي فذهب المعدود صاعدا عن الشيئين .وهذا قيد
لخأراج المثنى النكرة في الثبات كرجلين.
)( قد تفيد النكرة ف سياق الثابات العمجوما كمجا سيأت إن شاءا ال. 1
50
وبقي على التعريف قيد آخأر وهو )بل حصر() (1لخأراج اسم العدد كمائة وألف ،لنها تشمل اثنين
فصاعدا ولكنها بحصر ،والعام بل حصر .فاسم العدد والعام كل منهما يدل على الكثرة لكن الكثرة في
العام غير محصورة ،وفي العدد محصورة.
وقوله) :من قولك عممت زيدا وعم ار بالعطاء . .إلخ( أي أن العام مأخأوذ من قولك) :عممت
بالعطاء( أي شملت المذكورين ،ففي العام شمول ،أو يكون مثالا للعام الذي يتناول شيئين ،والعام الذي
يتناول جميع الجنس).(2
ثم ذكر المصنف أن صيغ العموم أربع .وهذا ليس على سبيل الحصر ،لنها أكثر من ذلك ،إوانما
حصرها بأربع مراعاة للطالب المبتدئ .وصيغ العموم كما يلي:
(1السم الواحد المعرف باللف واللم .والمراد بالواحد المفرد ،والمراد باللف واللم )أل( الستغراقية
فإن مدخأولها عام ،وعلمتها صحة وقوع )كل ( موقعها كقوله تعالى[ :إن النسان لفي خسر)(2
إل الذين ءامنوا ]) (3فهذا عام بدليل الستثناء.
(2اسم الجمع المعرف باللم التي ليست للعهد .والمراد الجمع بالمعنى اللغوي ،وهو اللفظ الدال على
جماعة فيشمل الجمع وهو ماله مفرده ،واسم الجمع وهو ما ليس له مفرد من لفظه ،واسم الجنس
الجمعي .فالول كقوله تعالى[ :قد أفلح المؤمنون) (4)] (1وقوله تعالى [ :إواذا بلغ الطفال منكم
الحلم فليستئذنوا ]) .(5والثاني مثل كلمة )النساء( في قوله تعالى[ :الرجال قوامون على النساء ]).(6
والثالث :اسم الجنس الجمعي وهو ما يدل على أكثر من اثنين ،ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء كقوله
تعالى[ :إن البقر تشابه علينا ]) (7ومفرد بقرة ،أو بالياء كقوله تعالى[ :غلبت الروم) (8)] (2ومفرده
رومي.
51
رومي .وأما المعرف بأل العهدية فيكون عايم ا إذا كان المعهود عايم ا كقوله تعالى[ :إذ قال
رلبك للملئكة إني خالق بش ارل من طين) (71فإذا سدويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له
صا فالمعرف خأاص )(1
ساجدين) (72فسجد الملئكة كلهم أجمعون() ] (73فإن كان المعهود خأا ي
كقوله تعالى[ :كما أرسلنا إلى فرعون رسولل) (15فعصى فرعون الرسول ]).(2
(3السماء المبهمة :وذلك كأسماء الشرط كقوله تعالى[ :من يعمل سوءال يجز به ]) ،(3وأسماء
الستفهام كقوله تعالى[ :فأين تذهبون) (4)] (26والسماء الموصولة كقوله ) الذي يشرب في
آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم().(5
ومن للعموم في العاقل كما مثلنا ،سواء كانت شرطية أو استفهامية أو موصولة .و )ما(
للعموم في غير العاقل كقوله تعالى[ :وما تفعلوا من خير يعلمه ال ]) (6وقوله تعالى[ :وما
عند ال خير للبرار) (7)] (198وقوله تعالى[ :ماذا أجبتم المرسلين).(8)] (65
ومعنى البهام في أسماء الشرط والستفهام أنها ل تدل على معين ،وفي السماء
الموصولة افتقارها إلى صلة تعين المراد.
وقول المصنف) :وأي في الجميع( أي أن )أييا( تكون شرطية نحو قوله تعالى[ :أديما
ي الحزبين أحصى لما
د أ لنعلم [ تعالى: كقوله استفهامية
و ، )(9
الجلين قضيت فل عدوان علدى ]
لبثوا أمدا) .(10)] (12وموصولة كقوله تعالى[ :ثدم لننـزعدن من كل شيعة أديهم أشلد على
وتكون لغير العاقل كالمثال الول ،وللعاقل كالمثال الثاني والثالث. )(11
الرحمن عتديا)] (69
) ( أخرجه البخماري رث 5311ومسلجم رقم 2065عن أما سلجمجة رضي ال عنها. 5
52
وقوله) :وأين في المكان ،ومتى في الزمان( :أي أن )أين( تكون استفهامية للسؤال عن
المكان كما تقدم ،وتأتي شرطية كقوله تعالى[ :أينما تكونوا يدرككم الموت ])) (1ومتى( تأتي
استفهامية كقوله تعالى[ :متى نصر ال ])(2؟ وشرطية نحو :متى تسافر أسافر.
وقوله) :وما في الستفهام والجزاء وغيره( :أي أن )ما( تأتي استفهامية وتأتي للجزاء أي:
الشرط ،وتقدم مثالهما .وفي بعض نسخ الورقات )والخأبر( بدل )والجزاء( والمراد بها الموصولة
وتقدم مثالها أيضاا .وقول المصنف )وغيره( أي غير المذكور الذي هو الستفهام والجزاء على
نسخأتنا ،والستفهام والخأبر على النسخأة الثانية وذلك كالخأبر على النسخأة الولى ،والجزاء
على الثانية.
(4النوع الرابع من صيغ العموم :ل .في النكرات ،والمراد أن )ل( المركبة مع النكرة تفيد العموم كقوله
تعالى[ :فل رفث ول فسوق ول جدال في الحج ]) .(3فالنكرة في سياق النفي تفيد العموم ،وكذا في
سياق النهي أو الشرط أو الستفهام النكاري كقوله تعالى[ :فل تدعوا مع ال أحدا) (4)] (18وقوله
وقوله تعمالى[ :من )(5
تعالى [ :إوان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ]
إله غير ال يأتيكم بضياءء ]).(6
وبقي صيغ أخأرى لم يتعرض لها المصنف ومنها:
لفظ :كل .وهي من أقوى صيغ العموم ،لنها تشمل العاقل وغيره ،المذكر (1
والمؤنث ،المفرد والمثنى والجمع .قال تعالى[ :كلل نفس ذائقة الموت ]) (7وقال ) :كل الناس يغدو
فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).(8
ويلحق )بكل( ما دل على العموم بمادته مثل جميع ومعشر ومعاشر وعامة كافة ونحوها.
)( سورة النساءا ،آية.78 : 1
53
المضاف لمعرفة ،سواء كان مفردا أو جمع ا كقوله تعالى [ :إوان تعددوا نعمت ال ل (2
تحصوها ]) (1وقوله تعالى[ :يوصيكم ال في أولدكم ]).(2
)(3
النكرة في سياق المتنان كقوله تعالى[ :وأنزلنا من السماء ماء طهورا)] (48 (3
لن العموم يتناسب مع المتنان وكقوله تعالى[ : :فيهما فاكهة ونخل وردمان).(4)] (68
النكرة في سياق الثبات تفيد العموم بدليل قوله تعالى[ :علمت نفس ما أحضرت) (4
(5)] (14والدليل قوله تعالى[ :هنالك تبلوا كلل نفس دما أسلفت ]).(6
وقوله) :والعموم من صفات النطق( :النطق مصدر بمعنى اسم المفعول ،أي :المنطوق.
والمنطوق هو اللفظ لنه ينطق به لشتماله على الحروف .فالعموم من صفات اللفاظ .فيقال :لفظ عام.
لن العام له صيغ تستعمل في العموم ل يستفاد بدونها – كما تقدم في المثلة – فإذا وردت الصيغة
مجردة عن القرائن دلت على استغراق الجنس ،فالعموم من مفهوم لسان العرب .هذا مذهب السلف من
صدر هذه المة .ومن تابعهم ممن بعدهم .فكانوا يستدلون ويحتجون بنصوص العموم .فيوافق المخأالف
منهم على صحة الستدلل .ولنذكر مثالين لذلك:
الول :عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال :لما نزلت [ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ]) (7قال
ففهم الصحابة رضي ال )(9) (8
أصحاب النبي :وأينا لم يظلم .فنمزلت [إن الشرك لظلم عظيم)، ] (13
عنهم العموم في الية إما من السم الموصول [والذين آمنوا ] أو من النكرة في سياق النفي [يظلم ] ولم
54
ينكر عليهم النبي ذلك الفهم .بل جاء البيان أن المراد بالظلم الشرك) .(1قال في فتح الباري) :وفيه
الحمل على العموم حتى يرد دليل الخأصوص().(2
المثال الثاني :ما رواه ابن عمر رضي ال عنهما قال :قال رسول ال ) :من جير ثوبه خأيلء لم
ينظر ال إليه يوم القيامة .فقالت أم سلمة رضي ال عنها :فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال :يرخأينه
شب ارا .فقالت :إذن تنكشف أقدامهن :قال :فيرخأينه ذراعا ول يزدن عليه().(3
ففهمت أم سلمة رضي ال عنها من لفظ )ممنن( العموم ،وأقرها النبي ولم ينكر ذلك عليها ،بل بين
لها حكم النساء .فهذا دليل على أن لفظة )ممنن( تفيد العموم بدون قرينة .لن العموم من صفات اللفاظ(
).(4
وقوله) :ول يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه( الضمير في قوله) :غيره(
يعود إلى النطق .وقوله ) :من الفعل (بيان للغير ،والمعنى أن الفعل ليس من صيغ العموم .وهذا يراد به
الفعل المثبت نحو :وال لكلين طعاماا .فإذا أكل طعاما واحدا بير بيمينه .أما الفعل في سياق النفي فهو من
صيغ العموم ،فإذا حلف ل يبيع حنث بأي بيع كان ،وسير الفرق بين النوعين هو أن الفعل ينحل عن
مصدر وزمن .فالمصدر كامن في معناه إجماعاا .فإن كان مثبتا فالمصدر مثبت .والنكرة في سياق
الثبات ل تعم إل في مقام المتنان كما تقدم .إوان كان منفييا فالمصدر منفي ،والنكرة في سياق النفي تعم
كما مضى ،ومثال الفعل المثبت قول بلل رضي ال عنه )صلى رسول ال داخأل الكعبة() ،(5فهذا ل
يعم الفرض والنفل ،إذ ل يتصور أن هذه الصلة فرض ونفل معاا .ومثال الفعل المنفي قوله تعالى[ :
وأخرى لم تقدروا عليها ]) (6أي ل قدرة لكم عليها .فهو نفي لجميع أنواع القدرة).(7
)( أخرجه البخماري ) (10/258ومسلجم ) (14/304دون قوله) :فقالت (. .وأخرجه التمذي بتمجامه ) (5/406والنسائي ) (8/209وإسناده صحيح. 3
55
والمراد بقوله) :وما يجري مجراه( كالقضايا المعينة مثل حديث أبي رافع رضي ال عنه قال:
)قضى رسول ال بالشفعة للجار().(1
فهذا ل يعم كل جار ،لحتمال الخأصوصية في ذلك الجار .والراوي نقل صيغة العموم لظنه عموم
الحكم ،هكذا مثل شراح الورقات ،وهو رأي أكثر الصوليين.
ويرى آخأرون ومنهم ابن الحاجب والعضد والمدي والشوكاني أن هذا يعم كل جار ،لن الصحابي
الراوي عدل عارف باللغة ،فل ينقل صيغة العموم وهي كلمة )الجار( المعرفة بلم الجنس إل إذا علم أو
ظن العموم .ومثل هذا يفيد العموم ،لن اللم غالبا للستغراق فحملها على اللم العهدية خألف الظاهر
وخألف الغالب) (2وهذا هو الراجح.
صا في غاية الوضوح() ،(3ولنه
قال الشوكاني) :فرجحان عمومه وضعف دعوى احتمال كونه خأا ي
مؤيد بعموم الشريعة لكل الناس .والنبي إذا حكم بقضاء في واقعة معينة ،ثم حدث لنا مثلها وجب
إلحاقها بها ،لن حكم المثلين واحد ،وهو إلحاق باللفظ ل بالقياس ،وال أعلم.
)( انظر الحكاما للمدي ) (2/274شرح العضد علجى متصر ابن الاجب ) ،(2/119إرشاد الفحول للجشوكان ص) ،(125شرح الكوكب الني )(3/231 2
56
الخأ مماص
)والخأاص يقابل العام .والتخأصيص :تمييز بعض الجملة .وهو ينقسم إلى :متصممل ومنفصممل ،فالمتصممل:
الستثناء والشرط ،والتقييد بالصفة(.
لما فرغ من العام ذكر الخأاص لن العام يدخأله التخأصيص ،ولن العام قد يطلق ويراد به الخأاص،
وقد ذكر أن الخأاص يقابل العام.
فالخأاص لغة :لفظ يدل على النفراد وقطع الشتراك يقال :خأص فلن بكذا .انفرد به فلم يشاركه
فيه غيره .والخأاصة ضد العامة.
واصطلحاا :اللفظ الدال على محصور.
فهو يقابل العام ،فإذا كان العام هو اللفظ الشامل لجميع أفراده بل حصر .فالخأاص يدل على
الحصر :إما بشخأص كالعلم مثل :جاء محمد .أو الشارة نحو :هذا مخألص في عمله .أو بعدد
كأسماء العداد نحو :عندي عشرون كتاباا.
قوله) :والتخأصيص ،تمييز بعض الجملة( عرف التخأصيص لنه هو المقصود بهذا البحث.
والتخأصيص :لغة :الفراد ،واصطلحا :تمييز بعض الجملة .فالتمييز بمعنى الخأراج .والمراد بالجملة:
العام .فكأنه قال :إخأراج بعض العام.
وقيل :التخأصيص :إخأراج بعض أفراد العام .أي جعل الحكم الثابت للعام مقصو ار على بعض
أفراده بإخأراج البعض الخأر عنه .وهذا التعريف أوضح فإذا قلت :حضر الضيوف إل خأالداا .فإن )خأالداا(
فرد من أفراد العام .وقد أخأرج عن حكم العام فلم يثبت له الحضور ،وهذا الخأراج بواسطة الستثناء.
والعام إذا دخأله التخأصيص يسمى العام المخأصوص أو المخأصص ،والدليل الذي حصل به الخأراج
يسمى )المخأصص( بزنة اسم الفاعل وهو المراد عند الصوليين ،ويطلق المخأصص أيضا على فاعل
التخأصيص وهو الشارع.
صمص المفهموم ممن التخأصميص
قوله) :وهو ينقسمم إلمى متصمل ومنفصمل( الضممير يعمود علمى المخأ ي
فهو نوعان:
صص في نص واحد:
متصل :وهو الذي ل يستقل بنفسه ،بل يكون العام والمخأ ي (1
57
كقوله تعالى[ :ول على الناس حلج البيت من استطاع إليه سبيل ]) ،(1فقوله )من
صا بالمستطيع ،وقوله عن ربه )كل عمل ابن
استطاع( بدل من الناس ،فيكون وجوب الحج خأا ي
آدم له إل الصوم().(2
منفصل :وهو الذي يستقل بنفسه بأن يكون العام في نص ،والمخأصص في نص آخأر، (2
كقوله تعالى[ :يوصيكم ال في أولدكم للذكر مثل حظ النثيين ]) .(3خأص بقوله ) :ل يرث
المسلم الكافر ،ول الكافر المسلم().(4
قوله) :فالمتصل الستثناء والشرط والصفة( أي أن المخأصص المتصل هو الستثناء نحو :هذا
وقف على أولدي إل الغني ،والشرط نحو :إن قدم بكر فأكرمه ،والصفة نحو :أكرم العلماء العاملين،
وسنفصل القول في ذلك إن شاء ال.
58
المخأص ممص المتص ممل
(1الستثناء
)والستثناء :إخأراج ما لوله لدخأل في الكلم .إوانما يصح بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء ،ومن
شرطه :أن يكون متصلا بالكلم .ويجوز تقديم الستثناء على المستثنى منه ،ويجوز الستثناء من الجنس
ومن غيره(.
هذا النوع الول من المخأصص المتصل وهو الستثناء ،وهو لغة :مأخأوذ من الثني أي العطف
والصرف .تقول :ثنيت الحبل أثنيه :إذا عطفت بعضه على بعض .وتقول :ثنيته عن الشيء :إذا صرفته
عنه.
واصطلحاا :إخأراج ما لوله لدخأل في الكلم ،بإل أو إحدى أخأواتها.
كقوله ) :الصلح جائز بين المسلمين إل صلحا حيرم حللا أو أحل حراماا ،والمسلمون على
شروطهم إل شرطا حيرم حللا أو أحل حراماا().(1
وقوله) :إخأراج( :المراد بالخأراج :الطرح بإسقاط ما بعد أداة الستثناء من المعنى الذي قبلها.
فيخأالف ما بعدها ما قبلها فيما تقرر من حكم مثبت أو منفي.
وقوله) :ما لوله( الضمير عائد على الخأراج أي لول ذلك الخأراج موجود.
وقوله) :لدخأل في الكلم( أي لدخأل ذلك المخأرج في حكم الكلم السابق ،نحو :جاء القوم إل زيداا.
فلول الستثناء لدخأل )زيد( في حكم الكلم السابق وصدق عليه المجيء.
وقولنا :بإل أو إحدى أخأواتها :هذا قيد لخأراج المخأصصات المتصلة الخأرى كالشرط والصفة،
لن تعريف المصنف يصدق عليها ،ولعل المؤلف سكت عن هذا القيد لظهوره وال أعلم.
واعلم أن المعنى اللغوي للستثناء متحقق في المعنى الصطلحي ،لن المستثنى معطوف عليه
بإخأراجه من حكم المستثنى منه ،أو لنه مصروف عن حكم المستثنى منه.
والستثناء له شروط منها:
)( أخرجه التمذي رقم 1352بتمجامه ،وأبو داود علجى قوله )علجى شروطهم( رقم 3594وهو حديث صحيح بشواهده. 1
59
أن يبقى من المستثنى منه شيء .كأن يقول :له علي عشرة إل خأمسة .فيلزمه خأمسة، (1
فإن قال :له علي عشرة إل عشرة ،بطل الستثناء بالجماع ،كما نقله الرازي في المحصول وابن
الحاجب في مخأتصر المنتهى لفضائه إلى العبث ،وكونه نقضا كلييا للكلم إل في قول شاذ ،إواذا
بطل الستثناء لزمته العشرة كلها.
أما إذا استثنى الكثر كأن يقول :له علي عشرة إل ستة .ففيه خألف فأكثر الصوليين
)(1
على الجواز ورجحه الشوكاني ،ومنعه آخأرون منهم المام أحمد وأصحابه ،وهو قول للشافعي
وهذا الخألف فيما إذا كان الستثناء من عدد.
أما إذا كان الستثناء من صفة فيصح استثناء الكثر أو الكل .ومنه قوله تعالى لبليس[ :
إدن عبادي ليس لك عليهم سلطان إل من ادتبعك من الغاوين) (2)] (42فاستثنى الغاوين وهم أكثر
من غيرهم بدليل قوله تعالى[ :وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (3)] (103ولو قال :أعط
من في البيت إل الغنياء .فتبين أن الجميع أغنياء صح الستثناء ولم يعطوا شيئاا.
أما استثناء أقل من النصف فهو جائز بالجماع ،نقله الشوكاني في الرشاد) ،(4وأما
استثناء النصف ففيه الخألف والصحيح ،الجواز كالمثال المتقدم وهو قول الجمهور من الشافعية
والمالكية والحنفية ،والراجح عند الحنابلة.
الشرط الثاني من شروط الستثناء أن يكون متصلا بالكلم :إما حقيقة أو حكماا، (2
فالول أن يكون المستثنى عقب المستثنى منه مباشرة بأن يقول :اعتق عبيدي إل سعيداا .والثاني
أن يحصل فاصل اضطراري كالعطاس والسعال ونحوهما فيحكم له بالتصال ويصح الستثناء.
وعلى هذا فإن حصل فاصل بينهما من سكوت أو كلم بطل الستثناء عند الجمهور ،وقيل
يصح مع السكوت أو الفاصل إذا كان الكلم واحداا ،واستدل هؤلء بحديث ابن عباس رضي ال
عنهما .أن النبي قال يوم فتح مكة) :إن هذا البلد حرمه ال يوم خألق السموات والرض ل
60
يعضد شوكه ول يخأتلى خأله .فقال العباس يا رسول ال :إل الذخأر ،فإنه لقينهم وبيوتهم .فقال:
إل الذخأر() (1وهذا قوله وجيه لقوة دليله كما ترى.
قوله) :ويجوز تقديم الستثناء على المستثنى منه( أي لوقوعه في كلم العرب وغرض
المصنف بيان أنه ل يشترط في صحة الستثناء تأخأير المستثنى عن المستثنى منه في اللفظ ،بل
يجوز تقديمه وهو قول الجمهور .ومنه قوله ) :إني – وال – إن شاء ال ل أحلف على يمين
فأرى غيرها خأي ار منها إل كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خأير() ،(2هكذا يمثل بعض الصوليين
وليس فيه استثناء بالمعنى المتقدم ،ولعله مبني على ما جاء في المسيودة )في أصول الفقه من أن
الشتراط بالمشيئة هو استثناء في كلم النبي والصحابة ،وليس استثناء في العرف النحوى() (3ا
هم.
وقد بوب البخأاري رحمه ال في صحيحه في كتاب اليمان والنذور فقال) :باب الستثناء في
اليمان( ثم أورد الحديث :فالستثناء عند الفقهاء أعم ،ومنه :لك هذا المنمزل ولي هذه الغرفة.
قوله) :ويجوز الستثناء من الجنس ومن غيره( الستثناء من الجنس هو الستثناء المتصل نحو:
قام القوم إل زيداا .وهو من المخأصصات .والستثناء من غير الجنس هو المنقطع نحو :جاء القوم إل
فرساا .وله عليي ألف دينار إل ثوباا .فيصح الستثناء وتسقط قيمة الثوب من اللف على القول بصحة
الستثناء المنقطع.
ووجه اشتراط كون المستثنى من جنس المستثنى منه ،لن الستثناء إخأراج بعض ما دخأل في
المستثنى منه ،وغير جنسه لم يدخأل حتى يحتاج إلى إخأراج .ول خألف في جواز الستثناء من الجنس.
وأما من غير جنسه فاكثر الصوليين على جوازه لوروده في القرآن الكريم وفي كلم العرب .قال
تعالى[ :يا أيها الذين ءامنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن تكون تجارة عن تراض منكم ]) (4وقال
تعالى[ :ل يسمعون فيها لغوال إل سلما ]) (5وقال الراجز:
)( أخرجه البخماري رقم 1736ومسلجم رقم .1353 1
61
إل اليعـافيـر إوال العيـس وبلـدة ليـس بها أنيـس
واليعافير :وهي أولد بقر الوحش .والعيس وهي البل البيض يخأالط بياضها شيء من الشقرة .ليس
واحد منها من جنس النيس . .
والقول بالجواز هو الصحيح لقوة مأخأذه ،وهو قول أكثر الشافعية والمالكية وبعض الحنابلة .وأما
الصحيح من الروايتين عند المام أحمد رحمه ال فهو القول بالمنع ،واخأتار الغزالي) (1وقال المدي )ومنع
منه الكثرون().(2
وعلى هذا فقوله :له عليي ألف دينار ثوباا .على القول بالجواز تسقط قيمة الثوب من اللف كما
تقدم .وعلى القول بعدم صحة الستثناء المنقطع يكون قوله :إل ثوباا .لغوا وتلزمه اللف كاملة .جاء في
مخأتصر الخأرقي) :ومن أقر بشيء واستثنى من غير جنسه كان استثناؤه باطلا) (. . (3وال أعلم.
62
(2الش ممرط
63
المطلمق والمقيمد
)والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق ،كالرقبة قيدت باليمان في بعض المواضع ،وأطلقت في بعض
المواضع ،فيحمل المطلق على المقيد(.
هنا بحثان:
الول :في المخأصص الثالث وهو الصفة .الثاني :في المطلق والمقيد.
أما الول :فالمراد بالصفة والمخأصصة للعام :الصفة المعنوية وليس النعت المذكور في علم
النحو.
وهي :ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام من نعت أو بدل أو حال).(1
فمثال النعت :هذا وقف على أولدي المحتاجين.ومنه قوله ) :من باع نخألا مؤب ار فثمرتها للبائع
إل أن يشترط المبتاع().(2
فقوله )مؤب ارا( صفة للنخأل .ومفهومها أن النخأل إن لم تؤبر فثمرتها للمشتري .ومثال البدل :هذا
وقف على أولدي المحتاجين منهم ،ومنه قوله تعالى[ :ول على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيل ]) (3فقوله [من استطاع ] بدل من [الناس ] فيكون وجوب الحج على المستطيع منهم.
ومثال الحال :قوله تعالى في جزاء الصيد[ :ومن قتله منكم متعمدال فجزاء مثل ما قتل من
النعم ]).(4
فقوله )متعمداا( حال من المضمر المرفوع في )قتله( وهو يدل على أن الجزاء خأاص بالعامد دون
المخأطئ والناسي ،وهذا على أحد القولين في المسألة وهو الظهر إن شاء ال ،وال أعلم.
أما المبحث الثاني فهو :في المطلق والمقيد ،إوانما ذكره هنا لن المطلق شبيه بالعام والمقيد شبيه
بالخأاص ،لكن عموم العام شمولي وعموم المطلق بدلي على المشهور .فإذا قيل :أكرم الطلب .فالمراد
الشمول فهذا عام .إواذا قيل :أكرم طالباا .فهذا فيه عموم من جهة أنه ل يخأص فردا بعينه بل هو شائع في
جميع الفراد ،لكن ل يتناوله الحكم إل على سبيل البدل ل الجمع .فإذا أكرم زيد – مثلا – لم يكرم غيره.
والمطلق لغة :ما خأل من القيد .واصطلحاا :ما ديل على شائع في جنسه بل قيد.
)( أخرجه البخماري رقم 2090ومسلجم رقم ،1543وأخرجه أصحاب السنن عن عبد ال ابن عمجر رضي ال عنهمجا .والتأبي :تلجقيح النخمل .بوضع شيءا من 2
64
فقولنا) :ما( أي لفظ .وهذا يشمل المطلق والمقيد وقولنا )على شائع في جنسه( يخأرج العلم كزيد.
والعام لنه يستغرق جميع أفراد الجنس ل على أنه شائع فقط ،وقولنا :بل قيد :يخأرج المقيد.
وأكثر مواضع المطلق النكرة في سياق الثبات نحو :أكرم طالباا .ومنه قوله تعالى[ :والذين
يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ]).(1
والمقيد لغة :ما وضع فيه قيد من إنسان أو حيوان.
واصطلحاا :ما دل على شائع في جنسه مقيد بصفة من الصفات .نحو :أكرم طالب ا مهذب ا فم
)طالباا( فرد شائع في جنس الطلب .قيد هنا بما يقلل شيوعه .فالمقيد هو مطلق لحقه قيد أخأرجه عن
الطلق إلى التقييد.
واعلم أن اللفاظ في هذا الباب ثلثة أقسام:
الول :ما جاء بل قيد .فهذا يجب العمل به على إطلقه .كقوله تعالى[ :وأمهات نسائكم ] فهذا
نص مطلق لم يقيد بالدخأول فيعمل به على إطلقه ،فتحرم أم الزوجة بمجرد العقد على بنتها ،سواء دخأل
بها أم لم يدخأل).(2
الثاني :ما جاء مقيدا فيلزم العمل بموجب القيد الوارد فيه ول يصح إلغاؤه ،كقوله تعالى في كفارة
الظهار [فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ] فورد الصيام مقيدا بالتتابع وبكونه قبل
التماس والستمتاع ،فيعمل به على تقييده بهذين القيدين).(3
الثالث :أن يرد اللفظ مطلقا في نص ومقيدا في نص آخأر ،فيحمل المطلق على المقيد ،ومعنى
حمل المطلق عليه أن يقيد المطلق بقيد المقيد .وذلك إذا كان الحكم واحداا .ومثاله :ما ذكره المصنف من
أن الرقبة قيدت باليمان في كفارة القتل في قوله تعالى[ :فتحرير رقبة مؤمنة ]) (4وأطلقت في كفارة
[فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ]) (5والحكم واحد وهو تحرير رقبة ،فيحمل الظهار في قوله تعالى:
المطلق على المقيد ،ويشترط اليمان في كفارة الظهار على أحد القولين في المسألة.
فإن اخأتلف الحكم عمل بكل منهما على ما ورد عليه من إطلق أو تقييد .ومثاله :آية الوضوء
قيدت فيها اليدي إلى المرافق ،كما قال تعالى[ :فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ]) (6وفي آية التيمم
جاءت مطلقة ،قال تعالى[ :فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ]) (7والحكم مخأتلف لنه في الوضوء غسل،
)( لشيخ السلما ابن تيمجية رحه ال رساله ف هذا الوضوع انظرها ف ممجوع الفتاوى ).(19/235 3
65
وفي التيمم مسح .فل يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور ،وقد دلت السنة على أن المسح في التيمم
للكفين ،وال أعلم.
هذا وللمطلق والمقيد أحوال أخأرى وقع فيها الخألف أيض ا تجدها في المطولت.
66
المخأصص المنفصل
)ويجوز تخأصيص الكتاب بالكتاب ،وتخأصيص الكتاب بالسنة ،وتخأصيص السنة بالكتاب ،وتخأصيص
السنة بالسنة ،وتخأصيص النطق بالقياس ،ونعني بالنطق قول ال تعالى وقول الرسول .(
لما فرغ من المخأصص المتصل وذكر المطلق والمقيد ضمممنا شممرع فممي بيممان المخأصممص المنفصممل،
وهو الذي يستقل بنفسه كما تقدم ،والمخأصص المنفصل ثلثة:
الحس :والمراد به المشاهدة والدراك بالحواس ومثاله :قوله تعالى عن ريح عاد[ :تدمر كل شيء (1
بأمر ربها ]) (1فالية عامة دخألها التخأصيص بالحس حيث دل على أن الريح لم تدمر السموات
والرض والجبال.
العقل :ومثاله قوله تعالى[ :ال خأالق كل شيء ]) (2فإن العقل دل على أن ذات ال تعالى غير (2
مخألوقة مع أن لفظ شيء يتناوله سبحانه ،قال تعالى[ :كل شيء هالك إل وجهه ]) (3وقال تعالى[ :
قل أي شيء أكبر شهادة قل ال ]).(4
ومنع بعض العلماء أن يكون هذا وما قبله من باب التخأصيص ،وهو إخأراج بعض أفراد
العام ،وقالوا :إن ذلك من باب العام الذي أريد الخأاص ،وهو أن يكون المخأصوص غير مراد عند
المتكلم ول المخأاطب ،بمعنى أنه غير داخأل في العام أصلا بحيث يحتاج إلى إخأراج.
على أن بعضهم قال :إن التخأصيص قد يفهم من قوله تعالى[ :بأمر ربها ]) (5وقوله تعالى:
[ما تذر من شيء أتت عليه إل جعلته كالرميم ]) ،(6وال أعلم.
الشرع :وهذا هو الذي بينه المصنف ،وهو المراد في أصول الفقه .وتحته قسمان: (3
الول :تخصيص الكتاب .والمخأصص له أربعة :كتاب مثله ،أو سنة ،أو إجماع ،أو قياس.
تخأصيص الكتاب بالكتاب :أي تخأصيص بعض آياته العامة ببعض آخأر. (1
وقوله )يجوز( أي بدليل وقوعه .ومثاله قوله تعالى[ :والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة
قروء ]) (7فهذه الية عامة في المدخأول بها وغير المدخأول بها ،فخأصت بقوله تعالى[ :يا أيها
67
الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة
تعتدونها ]) (1فخأرجت غير المدخأول بها من عموم الية الولى فل عدة عليها لهذه الية.
تخأصيص الكتاب بالسنة :ومثاله :قوله تعالى[ :وأحل لكم ما ورآء ذلكم ]) .(2خأص بحديث: (2
)ل تنكح المرأة على عمتها ول على خأالتها().(3
تخأصيص الكتاب بالجماع :وهذا لم يذكره المصنف إوانما كان الجماع مخأصصا لنه (3
بمثابة نص قاطع شرعي .أما العام فهو ظاهر ظني عند الجمهور ،فيقدم القاطع .قال ابن بدران
)والحق أن التخأصيص يكون بدليل الجماع ل بالجماع نفسه() (4ومثلوه بقوله تعالى[ :والذين
يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ]) (5فالية عامة في الحر
والرقيق ،فخأصت بالجماع على أن العبد القاذف يجلد على النصف من الحر.
ولكن هذا التمثيل فيه نظر ،لنه ثبت الخألف في المسألة فقد ذكر القرطبي) (6رحمه ال.
أن من أهل العلم من يرى أنه يجلد ثمانين كالحر ،ومنهم ابن مسعود رضي ال عنه وعمر بن
عبد العزيز رحمه ال ،إواذا ثبت الخألف فل إجماع .ولنه قد يكون المخأصص للية هو القياس،
ومن المثلة :قوله تعالى[ :يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى
ذكر ال ] فإنهم أجمعوا على أنه ل جمعة على عبد ول امرأة).(7
تخأصيص الكتاب بالقياس :ومثاله قوله تعالى [الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة (4
جلدة ]) (8فإن عموم الزانية خأص بالكتاب وهو قوله تعالى[ :فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما
على المحصنات من العذاب ]) (9فيقاس العبد الزاني على المة في تنصيف العذاب والقتصار
على خأمسين جلدة على المشهور.
القسم الثاني :تخصيص السنة .والمخأصص لها كتاب أو سنة مثلها أو قياس.
68
)(1
(1تخأصيص السنة بالكتاب :ومثاله قوله ) :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا :ل إله إل ال(
خأص بقوله تعالى[ :حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ]).(2
(2تخأصيص السنة بالسنة :ومثاله قوله ) :فيما سقت السماء العشر() (3فهذا عام في القليل والكثير.
خأص بقوله ) :ليس فيما دون خأمسة أوسق صدقة().(4
(3تخأصيص السنة بالقياس :ومثاله قوله ) :البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام() (5فخأص من
الحديث العبد قياس ا على المة التي ثبت تنصيف الحد عليها بالقرآن كما تقدم .فيجلد العبد خأمسين
جلدة كما ذكرنا في تخأصيص الكتاب بالقياس.
وتخأصيص الكتاب والسنة بالقياس هو المراد بقول المصنف )وتخأصيص النطق بالقياس(
ثم بين أن المقصود بالنطق :الكتاب والسنة .إوانما جاز تخأصيص الكتاب والسنة بالقياس لن
القياس يستند إلى نص من كتاب أو سنة ،فكأن المخأصص هو ذلك النص ،فرجع المر إلى
تخأصيص الكتاب والسنة بمثلهما وال أعلم.
)( هذا طرف من حديث صحيح أخرجه البخماري رقم 1412انظر جامع الصول ).(4/611 3
)( أخرجه البخماري رقم 1340ومسلجم رقم 979وهو طرف من حديث أبأ سعيد رضي ال عنه. 4
)( أخرجه مسلجم رقم 1690والتمذي رقم 1434وأبو داود رقم .4415 5
69
المجمممل ولمبيممن
)والمجمل ما افتقر إلى البيان .والبيان إخأراج الشيء من حيز الشكال إلى حيز التجلي .والنص مال
يحتمل إل معنى واحداا .وقيل :ما تأويله تنزيله ،وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي(.
اعلم أن اللفظ من حيث الدللة على المعنى له حالتان:
(1أن يدل على معنى واحد .وهذا هو النص كما سيأتي إن شاء ال.
(2أن يحتمل معنيين فأكثر .فإن كانا على حد سواء فهذا مجمل ،إوان كان أحدهما أظهر من
الخأر وأرجح فحمله على الراجح هو الظاهر ،وحمله على المرجوح هو المؤول.
والمجمل لغة :المجموع ،ومنه أجمل الحساب إذا جمع وجعل جملة واحدة ،ويطلق على المبهم من
ل.
أجمل المر أي أبهم .والمبهم أعم من المجمل عموما مطلقاا ،فكل مجمل مبهم ،وليس كل مبهم مجم ا
فإذا قلت لشخأص :تصدق بهذا الدرهم على رجل .فهذا فيه إبهام .وليس فيه إجمال لنه معناه ل إشكال
فيه.
والمجمل اصطلحا عرفه بقوله) :ما افتقر إلى بيان( فقوله )ما( أي لفظ )افتقر( أي احتاج إلى
بيان إما بقول أو بفعل ،لن المراد منه لم يتضح ،وقيل :ما احتمل معنيين أو أكثر ل مزية لحدهما أو
أحدها على الخأر.
وأسباب الجمال ثلثة:
عدم معرفة المراد ،ومن أسبابه الشتراك في الدللة :وهذا إما في المركب أو في المفرد. (1
فالمركب :وهو ما كان الجمال فيه بالنظر إلى المطلوب من التركيب كقوله تعالى[ :إل أن
يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح ]) (1لحتمال أن يكون الزوج وأن يكون الولي ،والمفرد
إما اسم كقوله تعالى[ :والمطلقات يتربص بأنفسهن ثلثة قروء ]) (2فالقرء متردد بين معنيين:
الطهر والحيض .ولذا وقع الخألف بين العلماء :هل تكون الثلثة قروء هذه حيضات أو
أطها ارا؟ وقد يكون المفرد فعلا كقوله تعالى[ :والليل إذا عسعس ]) (3لتردده بين أقبل وأدبر ،أو
[فتيمموا صعيدال طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ]) (4لتردد )من( حرف ا كقوله تعمالى:
بين ابتداء الغاية أي مبدأ المسح من الصعيد الطيب فل يتعين ما له غبار .أو تكون للتبعيض،
فيتعين التراب الذي له غبار يعلق باليد .ولذا وقع الخألف في ذلك ،ول يزول الجمال فيما ذكر
إل بتعيين المراد.
70
عدم معرفة الصفة .ويزول الجمال ببيان الصفة ،ومثاله قوله تعالى[ :وأقيموا الصلة ]) (1فإن (2
صفة إقامة الصلة مجهولة تحتاج إلى بيان ،فحصل بيانها بالقول والفعل من الرسول .
عدم معرفة المقدار .ويزول الجمال ببيان المقدار .ومثاله قوله تعالى[ :وءاتوا الزكاة ]) (2فإن (3
مقدار الزكاة يحتاج إلى بيان فحصل بيانه بقول الرسول .
ومن أنوع المجمل ما أحدثه الشرع من دللة جديدة لبعض اللفاظ بحيث إن السامع ليهتدي إلى
معناها بالطلب والتأمل بل في الستفسار من قائلها مثل :أتدرون من البخأيل ؟ أتدرون من المفلس ؟
لهذا فالمجمل باب واسع ومبحث رحيب عند الصوليين .
واعلم أن الجمال إوان كان قد ورد في الشريعة وأنه نوع من تعبد ال تعالى للعباد ،فإنه لم يبق فيها
مجمل ،لن النبي قد بين لمته جميع شريعته ،كما قال " لقد تركتم على مثل البيضاء ،ليلها
كنهارها ل يزيغ بعدي عنها إل هالك") (3ولم يترك البيان عند الحاجة إليه أبداا .فإن وقع للمجتهد شيء
من ذلك فقد يكون لعدم اطلعه على المبيين لهذا الجمال .فيكون نسبيي ا وال أعلم.
قوله) :والبيان إخأراج الشيء من حيز الشكال إلى حيز التجلي( لما عرف المجمل .عرف البيان
لفتقار المجمل إليه .وهو لغة :الظهور والوضوح يقال :بان المر وتبين بمعنى اتضح وانكشف.
وأما في الصطلح فهو يطلق على التبيين وهو فعل المبين .ويطلق على الدليل الذي حصل به
البيان ،ويطلق على العلم الذي يستفاد من الدليل ،والمصنف جرى على الول وهو الشهر ،فعرفه بأنه
إظهار المعنى للمخأاطب إوايضاحه فقال )إخأراج الشيء . .إلخ(.
وهذا التعريف مبني على ما درج عليه أكثر الصوليين حيث خأصوا البيان بإيضاح ما فيه خأفاء.
ومنهم من يطلقه على كل إيضاح ،سواء تقدمه خأفاء أم ل.
وقد انتقد المصنف نفسه هذا التعريف في كتابه )البرهان() (4وذلك لورود عبارات ل ينبغي إيداعها
التعاريف مثل :الحيز ،وذلك أن التبيين أمر معنوي ،والمعنى ل يوصف بالستقرار في الحييز ،لن الحييز
هو الفراغ المتوهم الذي يشغله شيء ،وهو من ألفاظ المتكلمين.
وممن انتقده المدي) (5لنه غير جامع ،فإن المبيين ابتداء :الذي لم يسبق بإجمال مثل :سماء،
ص ا ببيان المجمل كما ذكرنا.
أرض ،جدار .ل يدخأل في هذا التعريف مع أنه بيان .فيكون التعريف خأا ي
)( رواه أحد ) (4/126والاكم ) (1/96وابن ماجه رقم 43وهو حديث صحيح له شواهد فانظر السنة لبن عاصم ).(1/27 3
71
قوله) :إخأراج الشيء( :المراد بالخأراج إظهار معنى المبيين للمخأاطب إوايضاحه ،وهذا على أن البيان
يطلق على فعل المبيين ،وهو التبيين كما قدمنا.
وقوله) :من حيز الشكال( :أي من صفة وحال الشكال .والشكال :هو خأفاء المراد بحيث ل يدرك
المقصود من اللفظ.
قوله) :إلى حيز التجلي( :أي الظهور والوضوح .وذلك يتم ببيان الصفة أو المقدار أو تعيين المراد
كما تقدم.
قوله) :والنص ما ل يحتمل إل معنى واحداا( لما عرف المجمل وعرف البيان ذكر النص ،لنه هو
المبين للمجمل .وهو لغة :عبارة عن الظهور ،ومنه سمي كرسي العروسة منصة ،لظهورها عليه ،وسيذكر
المصنف ذلك.
والنص اصطلح ا عرفه بقوله) :مال يحتمل إل معنى واحداا( .فقوله) :ما( أي لفظ .وقوله )ل يحتمل
إل معنى واحداا( أي يدل على معنى واحد قطعاا ،ول يحتمل غيره .وهذا هو النص الصريح.
ومثاله قوله تعالى[ :محمد رسول ال ] فالية نص صريح في أن محمدا رسول ال .وقوله تعالى:
[للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ]) (1فالية نص في قدرة مدة التربص.
قال القاضي أبو يعلى) :والصحيح أن يقال :النص ما كان صريحا في حكم الحكام إوان كان اللفظ
محتملا في غيره ،وليس من شرطه أل يحتمل إلمعنى واحداا ،لن هذا يعيز وجوده (. .والظاهر أن هذا
النص غير الصريح ،وال أعلم.
ويطلق النص عند الفقهاء على كل ما ورد في الكتاب والسنة أنه نص ،فيقال لنا النص والمعنى،
ونصوص الشريعة متضافرة بذلك . .وهو بهذا الصطلح يقابل الجماع والقياس).(2
وقوله) :وقيل ما تأويله تنمزيله( هذا تعريف آخأر للنص.
وقوله) :تأويله( :أي حمله على معناه وفهم المراد منه.
)تنمزيله( :أي بمجرد نزوله يفهم معناه ،ول يتوقف فهم المراد على تأويل أي :على تفسير .لنه ل
يحتمل إل معنى واحدا كما تقدم).(3
والتعريف الول الذي ذكره المصنف أدق من هذا ،لنه قد يدخأل فيه الظاهر ،لنه بمجرد سماعه يفهم
منه معناه الظاهر من غير احتياج إلى شيء آخأر ،إوان احتمل غيره مرجوحاا.
)( انظر العدة لبأ يعلجى ) (1/138رسالة ف أصول الفقه للجعكبي ص ،105وأصول الفقه للجبديسي ص 366شرح تنقيح الفصول ص ،36التأسيس ف 2
72
قوله) :وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي( يشير بذلك إلى أن النص في وضوحه يشبه
العروس الجالسة على مرتفع ل تخأفى على أحد .ول يحتمل أن تكون غيرها هي ،فكذلك النص في ظهوره
الذي ل يحتمل إل معنى واحداا.
والظاهر أن المراد بقوله) :وهو مشتق من منصة العروس( الشتقاق المعنوي وهو الرتفاع والظهور.
ل الشتقاق اللغوي .لن )منصة( بكسر الميم اسم آلة مشتقة من المصدر وهو النص .وليس النص
مشتق ا منها .وال أعلم.
الظمماهر والمممؤول
)والظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الخأر .ويؤول الظاهر بالدليل ،ويسمى الظاهر بالدليل(.
الظاهر لغة :الواضح .وقال بعضهم :لفظه يغني عن تفسيره .واصطلحا عرفه بقوله) :ما احتمل
أمرين أحدهما أظهر من الخأر(.
فقوله) :ما( :أي لفظ.
وقوله) :احتمل أمرين( :أي معنيين أو أكثر ،لن الظاهر قد يكون له عدة احتمالت ،هو في
أحدها أظهر .وهذا يخأرج النص لما تقدم.
وقوله) :أحدهما( :أي أحد المعنيين ،وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن بمجرد السماع ،وهذا
يخأرج المجمل لنه ل يتبادر فيه واحد من المعنيين.
وقوله) :أظهر من الخأر( :للظهور أسباب منها:
(1الحقيقة ويقابلها المجاز .نحو :رأيت أسد .فهو يحتمل أن يكون المراد الحيوان المفترس ،وهو
الظاهر لنه موضوع له ،ويحتمل الرجل الشجاع ،وحمله عليه تأويل ل يقبل إل بقرينة.
(2الكتفاء وعدم التقدير ،لن هذا هو الصل ،فقوله تعالى[ :وجاء ربك ]) (1ظاهره أن ال تعالى
يجيء بنفسه ،وادعاء أن المراد )جاء أمر ربك( تأويل على خألف الظاهر.
73
(3الطلق وعدم التقييد كقوله تعالى في كفارة الظهار[ :فتحرير رقبة ]) (1الظاهر أن الرقبة غير
مقيدة باليمان ،وتقدم ذلك في باب المطلق والمقيد.
)(2
(4العموم .فألفاظ العموم ظاهرة فيه مع احتمال الخأصوص .وحملها على الخأصوص تأويل
ومن أمثلة الظاهر ما ورد في حديث البراء بن عازب رضي ال عنه قال :سئل رسول ال
عن الوضوء من لحوم البل .فقال" :توضأوا منها " . .الحديث).(3
فإن الظاهر من الحديث أن المراد غسل العضاء الربعة ،لن الوضوء حقيقة شرعية يحمل في
كلم الشرع على مراده ،ول يصح حمله على المعنى الثاني وهو النظافة إل بدليل ول دليل ،فيكون ظاه ار
في المعنى الول.
قوله) :ويؤول الظاهر بالدليل( :أي يصرف اللفظ عن ظاهره بالدليل .وهذا يفيد أن حكم الظاهر أنممه
ل يعممدل عنممه إل بممدليل صممحيح يص مرفه عممن ظمماهره ،ويكممون الممدليل أقمموى مممن الظمماهر ،إوال فيجممب العمممل
بالظاهر.
وحمممل اللفممظ علممى المعنممى الظمماهر ل يحتمماج إلممى دليممل ،لن هممذا هممو الصممل ،ولن العمممل بالظمماهر
طريقة السلف الصمالح مممن هممذه الممة ،ولنمه أحمموط وأبم أر للذمممة ،وأقمموى فممي التعبمد ،وأدل علمى النقيماد .فمإذا
ل.
صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صار مؤو ا
ل :إذا رجممع .نقممول :آل المممر إلممى فلن .أي:
والمممؤول لغممة :مممأخأوذ مممن الول مصممدر آل يممؤول أو ا
رجع إليه.
واصطلحاا :حمل اللفظ على المعنى المرجوح.
أي :صممرف اللفممظ عممن ظمماهره المتبممادر منممه إلممى معنممى مرجمموح غيممر متبممادر للممذهن .ومثمماله قمموله
[فقولى إني نذرت للرحمـن صــوما ]) (4فلفممظ الصمموم فممي اليممة يحتمممل معنييممن :أحممدهما وهممو تعممالى:
الظماهر بمعنمى الصموم الشمرعي وهمو المسمماك عمن المفطمرات .والثماني وهمو المرجمموح بمعنممى المسمماك عمن
الكلم .وهذا هو المراد من الية بدليل [فلن أكلم اليوم إنسديا ]).(5
وهذا هو التأويل في اصطلح الصوليين) .(6وهو ل يكون صحيح ا مقبولا إل بثلثة شروط:
)( أخرجه أبو داود رقم 184وغايه وهو حديث صحيح ولسلجم بعناه .انظر صحيح مسلجم رقم .360 3
)( ويطلجق التأويل علجى التفسي وهو توضيح الكلما بذكر معناه الراد به ويطلجق علجى مال الكلما إل حقيقته .فإن كان خبال فتأويلجه وقوع الخمب به وإن كان طلجبال 6
)( انظر )مسألة التقريب بيم أهل السنة والشيعة( 1/214للجدكتور ناصر القفاري. 6
75
الشرط الثالث :أن يكون هناك موجب للتأويل .بأن يكون ظاهر النمص مخأالفم ا لقاعمدة مقمررة معلوممة
مممن الممدين بالضممرورة ،أو مخأالفم ما لنممص أق مموى منممه س ممنداا .ومثممال ذل ممك .قمموله " :الج ار أح ممق بصممقبه").(1
والصممقب :القممرب والملصممقة .وهممو المعنممى ال ارجممح .ويحتمممل أن الممراد الشمريك .وهممو المرجمموح .فلممما جمماء
حديث "إذا وضعت الحدود وصيرفت الطرق فل شفعة") (2منممع إرادة الجممار الملصممق ،وتعيممن حمممل الحممديث
الول على الشريك ،لنه ل ضرب لحدود ول صرف لطرق إل في الشممركة .أممما الجيمران فكممل علممى حممدوده،
وطرقه .فمن حمله على الشريك قال :ل شفعة لجار ،وال أعلم.
قمموله) :ويسمممى الظمماهر بالممدليل( أي أن المممؤول يصممير ظمماه ار بسممبب الممدليل ،لن الظمماهر نوعممان:
ظاهر من جهة اللفظ ،وظماهر مممن جهممة المدليل ،فهمو ظمماهر مقيمد ،ويفهممم منمه أن المدليل لبمد أن يكمون قوييم ا
ليكون المرجوح راجحاا ،لن مال يصيره الدليل راجح ا ل يكون ظاه ارا .وال أعلم.
76
الفع ممال
)فعمل صماحب الشمريعة ل يخألمو إمما أن يكمون علمى وجمه القربمة والطاعمة أو غيمر ذلمك ،فإن ديل المدليل علمى
الخأتصاص به يحمل على الخأتصاص ،إوان لم يديل ل يخأتص به ،لن ال تعالى يقول[ :لقد كان لكم في
رسول ال أسوة حسنة]) (1فيحمل على الوجمموب عنممد بعممض أصمحابنا .ومممن أصمحابنا مممن قمال :يحممل علمى
الندب .ومنهم من قال :يتوقف فيه .فإن كان على غير وجه القربممة والطاعممة فيحمممل علممى الباحممة فمي حقممه
وحقنا(.
أفعممال الرسممول من أقسممام السممنة ،لن السممنة هممي قمموله وفعله وتقريمره .وقممد ذكممر هنمما الفعممال ثممم
القرار وأما القوال فذكرها فيما بعد في باب )الخأبار( وكان الولى بالمصنف أن يجمعها في باب مسممتقل
كما هي طريقة كثير من الصوليين.
وقد عني الصوليون بالفعال ،وأفردوا فيها مصمنفات مسمتقلة ،لنهما ممن أدلمة الحكمام الشمرعية ،ول
خألف في ذلك.
قوله) :فعل صاحب الشريعة( أي النبي .
قوله) :ل يخألو إما أن يكون على وجه القربة والطاعة . . .إلخ( أي أن الفعال لها حالتان:
الولى :أن يكون فعلها على وجه القربة والطاعة.
الثانية :أل يكون على وجه القربة والطاعة).(2
فإن كان على وجه القربة والطاعة فل يخألو من حالين:
الولى :أن يدل دليل على الخأتصاص به.
الثانية :أل يدل دليل على الخأتصاص به.
قمموله) :فممإن دل الممدليل علممى الخأتصمماص بممه يحمممل علممى الخأتصمماص( أي :يحكممم بالخأصوصممية
لوجود الدليل ،وليس لحممد أن يفعلممه مثلممه ،وذلممك كزيممادته فممي النكمماح علممى أربممع نسمموة لقمموله تعممالى[ :يا أيها
النبي إدنا أحللنا أزواجك ]) (3وكممن أكممثر مممن أربممع ،وكالوصممال فممي الصمموم ،والنكمماح بلفممظ الهبممة ،وغيممر ذلممك
مما يدل عليه القرآن أو السنة).(4
)وان لممم يممدل ل يخأتممص بممه( أي إن لممم يممدل الممدليل علممى أن هممذا الفعممل خأمماص بممه لممم يحكممم
قمموله :إ
بالخأصوصية ،وهذا هو الصل ،أعني عدم الخأصوصية إل بدليل .لن الصل التأسي بممه لقوله تعممالى:
)( انظر شرح الكوكب الني ) (1/385وانظر غااية الراما ص .148 2
)( انظر كتاب ) غااية السول ف خصائص الرسول ( لبن اللجققن. 4
77
[لقد كان لكم فمي رسمول الم أسموة حسمنة ]) (1فيكمون همذا النمص معممولا بمه حمتى يقموم المدليل الممانع ،وهمو مما
يوجب الخأصوصية.
وقوله تعالى[ :لقد كان لكم في رسول ال أسوة حسنة ]) (2السمموة :بضممم الهممزة وكسممرها لغتممان .قمرئ
بهما في السبعة بمعنى القدوة .قال ابن كثير رحمه ال) :هذه اليمة الكريممة أصممل كممبير فممي التأسمي برسمول
ال في أقواله وأفعاله وأحواله().(3
قمموله) :فيحمممل علممى الوجمموب عنممد بعممض أصممحابنا . .إلممخ( أي :فممإذا كممان الفعممل علممى وجممه القربممة
والطاعممة ول دليممل علممى الخأتصمماص ففيممه خألف ،ومثمماله ممما ورد عممن شمريح بممن هممانئ قممال :سممألت عائشممة
رضي ال عنها :بأي شيء كان يبدأ الرسول إذا دخأل بيته .قالت :بالسواك).(4
فالسواك عند دخأول البيت فعل مجرد لم يرد به قول ،وفعلممه علممى وجممه القربممة ،فهممذا فيممه خألف علممى
أقوال ذكر المصنف منها ثلثة:
قمموله) :فيحمممل علممى الوجمموب عنممد بعممض أصممحابنا( هممذا القممول الول وهممو وجمموب اتبمماع المممة لممه.
وقمموله )عنممد بعممض أصممحابنا( أي الشممافعية .يعنممي ابممن سمريج وابممن أبممي هريمرة – وهممما مممن كبممار الشممافعية،
وهممو روايممة عممن المممام أحمممد ذكرهمما أبممو يعلممى وهممو قممول المممام مالممك .ودليلهممم قمموله تعممالى[ :وممما ءاتمماكم
الرسول فخأذوه ]) .(5واستبعد هذا القول إمام الحرمين في البرهان .وأما الية فمعناها :ما أمركم به الرسمول
فخأممذوه بممدليل [وممما نهمماكم عنممه فممانتهوا ]) (6وعلممى القممول بممأن اليممة ظمماهرة فممي غممرض المسممتدل ،لكممن تطممرق
الحتمال يضعف الستدلل.
وقوله) :ومن أصحابنا من قال :يحمل على الندب( هذا القول الثاني وهو أنه يستحب للمة اتبمماعه
فيما فعله على وجه القربة .وهممو قممول لبعممض الشمافعية كممما ذكمر المصمنف ،وقممول الظاهريممة وهممو قمول أكمثر
الحنفية ،ورواية عمن الممام أحمممد .ذكرهما القاضمي أبمو يعلمى .ورجمح هممذا إممام الحرميممن فممي البرهمان ،وتبعمه
78
الغزالي في المنخأول ،ورجحه الشوكاني في الرشاد ،لنه أقل ما يتقرب به هو المندوب ،ول دليل يدل علممى
زيادة على الندب ،فوجب القول به).(1
قوله) :ومنهم من قال يتوقف فيه( هذا هو القول الثالث ،وهممو التوقممف لعممدم معرفممة الممراد ولتعممارض
الدلممة .وهممذا أضممعف القموال ،قممال الشمموكاني) :وعنممدي أنممه ل معنممى للوقممف فممي الفعممل الممذي قممد ظهممر فيممه
قصد القربة .فإن قصد القربة يخأرجه عن الباحة إلى ما فوقها .والمتيقن مما هو فوقها الندب( ا هم).(2
وال ارج ممح – والم م أعلم ممم – هم ممو الق ممول بالنم ممدب ،لن القربم ممة ،طاعم ممة وه ممي غيم ممر خأارج ممة ع ممن الم مواجب
والمندوب ،والقدر المشمترك بينهممما ترجيمح الفعممل علممى الممترك ،وهمذه حقيقممة المنمدوب ،قمال شميخ السمملم ابممن
تيمية رحمه ال) :وما فعله النبي على وجه التعبممد فهممو عبمادة ،يشممرع التأسمي بمه فيممه ،فمإذا خأصممص زمانم ا
أو مكان ا بعبادة كان تخأصيصه تلك العبادة سنة .(3)( . . .
قمموله) :فممإن كممان علممى غيممر وجممه القربممة والطاعممة فيحمممل علممى الباحممة فممي حقممه وحقنمما( .هممذه هممي
الحال الثانية للفعال النبوية .وهو الذي لم يظهر فيه قصد القربة .ويدخأل تحت هذا نوعان).(4
(1ما فعله بمقتضى الجبلة والبشرية كالقيام والقعود والنوم والكل والشرب ،فهذا ل حكم له في ذاته
لنه ليس من باب التكليف ،لن التكليف فيما يمكمن فعلمه وتركمه ،وهمذه الفعمال ليسمت مشمروعة
لذاتها أو مقصودا بها التأسي ،لن كل ذي روح من البشر ل يخألو عنها إل إذا كممان هممذا الفعممل
لممه هيئممة معينممة ،كصممفة أكلممه وش مربه ونممومه ونحممو ذلممك ،فهممذا لممه حكممم شممرعي ،كممما دلممت عليممه
النصوص.
(2ممما فعلممه وفممق العممادات ،وذلممك كلباسممه فه ذا النمموع مبمماح لممم يقصممد بممه التشم مريع فل اسممتحباب
للمتابعممة ،لن اللبمماس منظممور فيممه إلممى العممادة الممتي اعتادهمما أهممل البلممد ،ولهممذا لممم يغيممر الرسممول
لباسه الذي كان يلبسه قبل النبوة) ،(5إوانمما وضمع السملم شمروط ا وضموابط للبماس الرجمل والممرأة
تستفاد من الكتاب والسنة.
)( انظر البهان لماما الرميم ) (1/322العدة ف أصول الفقه ) (3/734شرح تنقيح الفصول ص 288النخمول ص ،226إرشاد الفحول ص .36 1
)( للجشيخ سلجيمجان بن سحمجان – رحه ال – كلما ماتع حول هذا الوضوع ف رسالته )إرشاد الطالب إل أهم الطالب( ص 29وما بعدها. 5
79
وبقي من الفعمال نموع آخأمر وهمو مما فعلمه بيان ا لمجممل ،فهمذا حكممه حكمم المجممل ،فمإن كمان واجبم ا
فالفعل واجب .إوان كان مندوب ا فالفعل مندوب .لكنه واجمب علمى الرسمول مطلق ا حمتى يحصمل البلغ ،ثمم
يكون حكمه كحكم المة في ذلك.
فمثال الواجب :مسحه الرأس كله) (1بيانا لقوله تعالى[ :وامسحوا برءوسكم ]).(2
ومثممال المنممدوب :صمملته ركعتين عنممد المقممام بعممد طموافه) (3بيانم ا لقمموله تعممالى[ :واتخأممذوا مممن مقممام
إبراهيم مصلى ]) (4وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتممح البماري الجمماع علممى جمواز ركعمتي الطمواف علمى أي
جهة من جهات الكعبة) (5وال أعلم.
)( أخرجه البخماري رقم 183ومسلجم رقم 235من حديث عبد ال بن زيد رضي ال عنه. 1
80
الق م مرار
)واقرار صاحب الشريعة على القول هو قول صاحب الشريعة .إواق ارره على الفعل كفعله .وما فعل في وقته
إ
في غير مجلسه وعلم به ولم ينكره ،فحكمه حكم ما فعل في مجلسه(.
لما بين حكم الفعل ذكر بعده القرار ،لنه من السنة كما تقدم ،وصورته أن يسكت النبي عن
إنكار قول أو فعل بين يديه أو في عصره وعلم به ،فكل أمر أقر الرسول عليه ولم ينكر على فاعله ،فإن
كان قولا فهو كقوله ،إوان كان فعلا فهو كفعله ،لنه معصوم عن أن يقر أحدا على خأطأ أو معصية
فيما يتعلق بالشرع.
مثال القرار على الفعل :إق ارره الحبشة يلعبون في المسجد من أجل التأليف على السلم ،كما
في حديث عائشة رضي ال عنها قالت :رأيت رسول ال يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون
بحرابهم في المسجد .الحديث).(1
ومثاله – أيضا – إق ارره قيس بن عمرو رضي ال عنه على قضاء ركعتي الفجر بعد الصلة مع
أن الوقت وقت نهي) .(2ومثال القرار على القول :إق ارره أبا بكر رضي ال عنه على قوله بإعطاء سلب
القتيل لقاتله).(3
قوله) :وما فعل في وقته في غير مجلسه . .إلخ( أي :وما فعله المكلف أو قاله )في وقته( أي
زمان حياته ) في غير مجلسه( أي :بحيث ل يشاهده ،ولكنه )علم به ولم ينكره فحكمه ما فعل في
)واقرار صاحب
مجلسه( أي في دللته على جواز ذلك الفعل أو القول ،وهذا يشمله ما تقدم في قوله إ
الشريعة (. . .لكنه صرح به لليضاح ،ودفع توهم الخأتصاص بما في مجلسه .ومثال ذلك :قصة معاذ
رضي ال عنه حيث كان يصلي العشاء مع النبي ثم ينصرف إلى قومه ويصلي بهم) ،(4فهي له تطوع
ولهم فريضة ،وهذا ليس في القوة كالواقع بين يديه لحتمال أنه لم يبلغه إوان كان الغالب على الظن أن
رسول ال كان يعلم الئمة الذين يصلون في قبائل المدينة ،ومما يؤكد ذلك قصة العرابي الذي شكا إلى
النبي تطويل معاذ ،كما في حديث جابر رضي ال عنه).(5
وقد استدل بحديث معاذ من أجاز صلة المفترض خألف المتنفل ،وهي مسألة خألفية .وال أعلم
بالصواب.
)( أخرجه البخماري رقم 443ومسلجم رقم .892والراب :بكسر الاءا جع حربة وهي اللة دون الرمح .انظر كتاب )الرف والصناعات ف الجاز ف عصر 1
81
النس ممخ
)وأما النسخ فمعناه لغة :الزالة ،يقال :نسخأت الشمس الظل :إذا أزالته .وقيل معناه :النقل .من قولهم:
نسخأت ما في هذا الكتاب أي نقلته.
وحده :هو الخأطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخأطاب المتقدم على وجه لوله لكان ثابت ا مع
تراخأيه عنه(.
النسخ في اللغة يطلق على معنيين:
(1الرفع والزالة .يقال :نسخأت الشمس الظل أي أزالته .ونسخأت الريح الثر :أزالته .قال تعالى:
[فينسخ ال ما يلقى الشيطان ]).(1
(2النقل :يقال :نسخأت ما في الكتاب أي نقلته مع بقائه في نفسه .لن ما في الكتاب لم ينقل
حقيقة ،قال تعالى[ : :إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ]).(2
قوله) :وحده :الخأطاب الدال على رفع الحكم . .إلخ( حده :أي معناه الصطلحي،
وهذا تعريف الناسخ ،لنه هو الخأطاب ،ل تعريف النسخ الذي هو رفع الحكم أو اللفظ ،لكن
يؤخأذ منه تعريف النسخ ،لنه يلزم من كون الناسخ هو الخأطاب الدال على الرفع أن يكون
مدلول الخأطاب هو النسخ الذي هو رفع الحكم ،فالرافع هو الخأطاب .والرفع هو النسخ .فهما
متلزمان إذ ل رفع إل بخأطاب.
قوله) :الخأطاب( المراد به :الكتاب والسنة .فالناسخ هو الكتاب والسنة ،ول نسخ بالجماع ول
القياس ،أما الجماع فلنه ل ينعقد إل بعد وفاته ،وبعد وفاته ل يمكن النسخ لنه تشريع ،إوانما يقع
النسخ بمستند الجماع .وأما القياس فلن النص مقدم عليه .ول يصار إليه إل عند عدم النص.
والناسخ في الحقيقة هو ال تعالى ويطلق على النص الناسخ ،فيقال :هذه الية ناسخأة لكذا.
قوله) :الدال على رفع الحكم( المراد برفع الحكم تغييره من إيجاب إلى إباحة كنسخ الصدقة عند
مناجاة الرسول كما سيأتي إن شاء ال .أو من إباحة إلى تحريم كنسخ إباحة الخأمر المنصوص عليه في
82
قوله تعالى[ :تتخذون منه سك ار ورزقال حسنال ]) (3وغير ذلك .وقد يكون النسخ برفع اللفظ – كما سيذكره
المصنف .إوانما اقتصر على نسخ الحكم لنه هو الغالب.
قوله) :الثابت بالخأطاب المتقدم( :هذا صفة للحكم المنسوخ .وبالخأطاب :متعلق بالثابت.
والمتقدم :أي في الورود إلى المكلفين .فهو متقدم على الخأطاب الدال على الرفع.
وهذا القيد لخأراج رفع الحكم الثابت بالبراءة الصلية فليس بنسخ ،ذلك أن ابتداء العبادات في
الشرع مزيل لحكم البراءة الصلية ،وهي عدم التكليف ،وليس هذا نسخأاا ،لن البراءة لم تثبت بخأطاب من
الشرع.
وقوله) :على وجه لوله لكان ثابتاا( :وجه بمعنى :حال .والضمير في قوله )لوله( يعود على
الخأطاب الثاني .واسم كان :هو الحكم .أي حال كونه على وجه لول ذلك الخأطاب لكان ذلك الحكم ثابتاا.
وقوله) :مع تراخأيه عنه( :أي مضي مدة بين الناسخ والمنسوخ ،وهذا القيد لخأراج ما إذا كان
الخأطاب الثاني غير متراخ ،بل كان متصلا بالول ،فل يكون نسخأ ا بل يكون بيان ا كالشرط والصفة
والستثناء.
فقوله تعالى[ :ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ]) (1فيه رفع حكم وجوب الحج
عن غير المستطيع ،ولكنه ليس بنسخ ،لنه لم يتراخ عنه ،بل هو متصل .هكذا قال بعض
الصوليين.وهذا فيه نظر لن التخأصيص بالمخأصص المتصل – وهو البدل هنا – ليس رفع ا للحكم،
إوانما هو بيان أن المخأرج غير مراد بالحكم ،وال أعلم.
وهذا التعريف مطول ل يليق بالمخأتصرات .مع ما يرد عليه من اعتراضات .منها :أنه عرف
الناسخ دون النسخ .ومنها :أنه غير جامع ،لنه لم يذكر نسخ اللفظ – كما سيأتي – ومنها :أن قوله )على
ثم زيفه. )(2
وجه . .إلخ( زيادة محضة .وقد ذكر المصنف هذا التعريف في كتابه )البرهان(
ولو قيل في تعريفه :هو رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب أو السنة) ،(3لكان أوضح
وأخأصر ،وال أعلم.
83
أقسام النسخ باعتبار المنسوخ
)ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم .ونسخ الحكم وبقاء الرسم .والنسخ إلى بدل إوالى غير بدل ،إوالى ما هو
أغلظ إوالى ما هو أخأف(.
المنسوخ :هو الحكم الشرعي الذي انتهى بالدليل المتأخأر .وقد يسمى الدليل الول منسوخأاا .وهو
المراد هنا .وهذا الدليل إما قرآن .أو سنة.
قوله )ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم( هذا النوع الول .فينسخ اللفظ ويبقى الحكم معمولا به .وقد
ذكر المدي رحمه ال أن العلماء متفقون على جواز نسخ الرسم دون الحكم خألف ا لطائفة شاذة من
المعتزلة).(1
ومثال ذلك :آية الرجم .فعن عمر رضي ال عنه أنه قال" :كان فيما أنزل آية الرجم فقرأناها
ووعيناها وعقلناها .ورجم رسول ال رجمنا بعده . . .الحديث").(2
فهذا يدل على نزول آية الرجم .وأنها نسخأت .وبقي حكمها لقوله) :ورجمنا بعده(.
فإن قيل :ما الحكمة من نسخ الرسم وبقاء الحكم؟ فالجواب ما نقله الزركشي في البرهان عن ابن
الجوزي أنه قال) :إنما كان كذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه المة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق
الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به .فيسرعون بأيسر شيء ،كما سارع الخأليل إلى ذبح ولده
بمنام ،أدنى طرق الوحي() (3ا هم.
قوله) :ونسخ الحكم وبقاء الرسم( هذا النوع الثاني من أنواع النسخ باعتبار المنسوخ .وهو أن ينسخ
الحكم الشرعي ويبقى اللفظ الدال عليه غير معمول به .وهذا أكثر أنواع النسخ.
ومثاله :قوله تعالى[ :إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين إوان يكن منكم مائة يغلبوا
ألفال من الذين كفروا بأنهم قوم ل يفقهون ]) (4فقد دلت الية على وجوب مصابرة العشرين من المسلمين
المائتين من الكفار .ومصابرة المائة اللف .فنسخ هذا الحكم بقوله تعالى[ :الن خفف ال عنكم وعلم أن
فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ]).(5
فإن قيل :ما الحكمة من بقاء التلوة مع نسخ الحكم؟ فالجواب من وجهين:
)( رواه البخماري ) (6442ومسلجم .(1691وهو حديث طويل .وانظر مقالل ف أسانيد آية الرجم .ف ملجة )الكمجة( العدد السابع ص .235 2
84
الول :بقاء ثواب التلوة .فإن القرآن كما يتلى ليعرف الحكمم منمه ويعممل بمه ،فهمو يتلمى ليثماب عليمه
القارئ.
الثاني :تذكير المة بحكمة النسخ ،ول سيما ما فيه تخأفيف ورفع المشقة.
وبقي نوع ثالث لم يذكره المصنف وهو نسخ الحكم والرسم معاا ،ومثاله :ما ورد عن عائشة رضي
ال عنها قالت" :كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ،ثم نسخأن بخأمس معلومات
فتوفي رسول ال وهن فيما يق أر من القرآن" .وفي رواية) :نزل في القرآن "عشر رضعات معلومات" ثم
أنزل أيضا خأمس معلومات"().(1
فآية التحريم بعشر رضعات منسوخ لفظها وحكمها .وهذا معلوم عند الصحابة رضي ال عنهم
بدليل أنهم لم يثبتوها حين جمعوا القرآن .وأما آية الخأمس رضعات فهي مما نسخ رسمه وبقي حكمه.
بدليل أن الصحابة رضي ال عنهم حين جمعوا القرآن لم يثبتوا رسمها ،وحكمها باق عندهم.
وقول عائشة رضي ال عنها" :وهن فيما يق أر من القرآن" أي يتلى حكمها دون لفظها ،وقال
البيهقي :المعنى :أنه يتلوه من لم يبلغه نسخ تلوته).(2
قوله) :والنسخ إلى بدل إوالى غير بدل ،إوالى ما هو أغلظ وأخأف( هذا معطوف على ما قبله .أي:
ويجوز النسخ إلى بدل إوالى غير بدل .ومعنى) :إلى بدل( أن يأتي حكم آخأر بدل الحكم المنسوخ .وهذا
النوع ل خألف فيه.
ومعنى )إلى غير بدل( أن يزول الحكم السابق ول يخألفه حكم آخأر .وهذا مذهب الجمهور .ومثلوه
بنسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي نجوى رسول ال في قوله تعالى[ :يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم
الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ]) (3نسخأت بقوله تعالى[ :ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم
صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب ال عليكم فدأقيموا الصلة وءاتوا الزكاة ]).(4
وقد منع هذا النوع الظاهرية .وأييد ذلك الشيخ محمد المين الشنقيطي رحمه ال ،وقال :إن القول
بالنسخ إلى غير بدل قول باطل .إوان قال به جمهور العلماء ،لن ال تعالى يقول[ :ما ننسخ من آية أو
ننسها نأت بخير منها أو مثلها ]).(5
)( انظر إرشاد الفحول ص 190 ،189وشرح النووي علجى حديث عائشة رضي ال عنها عند رقم .1452 2
85
وأجاب عن آية الصدقة بأن الذي نسخ هو الوجوب ،وأما الستحباب فهو باق لم ينسخ .فالنسخ
إلى بدل) .(1وورد هذا الجواب عن الكمال بن الهمام صاحب التحرير).(2
والقول بالجواز أظهر لقوة مأخأذه .وأما ما استدل به المانعون من الية الكريمة .فعنه ثلثة أجوبة:
الول :أن المراد بالية – هنا – نظم الجملة ولفظها .لورود ذلك في كتاب ال تعالى في أكثر من
موضع .قال تعالى[ :يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ]) (3والصل في الطلق الحقيقة ،ول يصرف اللفظ عن
ظاهره .إل بدليل .ول دليل هنا.
الثاني :سلمنا أن المراد نسخ الحكم .وهذا ل يعارض النسخ إلى غير بدل ،لن ال تعالى عليم
حكيم .فقد يكون عدم الحكم خأي ار من ذلك الحكم المنسوخ .في نفعه للناس.
الثالث :سلمنا أن المراد نسخ الحكم .لكنه عام دخأله التخأصيص بما نسخ إلى غير بدل.
وتخأصيص العموم جائز .وال أعلم).(4
وأما إجابتهم عن آية الصدقة وأنه نسخ الوجوب وبقي الستحباب .فهذا فيه نظر .فإن الية
)أأشفقتم( لم تثبت حكم ا تكليفي ا آخأر .وكون التصدق مندوب ا إليه .إن كان بهذا الناسخ فل دليل فيه .إوان
كان بالدلة العامة التي ندبت إلى التصديق فهذا مسلم .لكنها خأاصة بالموسرين وهي عامة في جميع
الوقات .وتقديم الصدقة عند المناجاة كان واجبا على الغنياء والفقراء على السواء وال أعلم).(5
)والى ما أغلظ إوالى ما هو أخأف( أي :أن النسخ على بدل .قد يكون )إلى بدل أغلظ( أي:
قوله :إ
)والى بدل أخأف( أي :أقل مشقة من المنسوخ .وبقي نوع ثالث وهو:
إلى حكم أثقل من الحكم المنسوخ .إ
على بدل مسانو .فالنواع ثلثة.
أما الول :وهو النسخ إلى بدل أثقل .فجوزه الجمهور لوقوعه .ومثاله نسخ التخأيير بين صيام
رمضان والطعام في قوله تعالى[ :وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خأي ار فهو خأير له
وأن تصوموا خأير لكم إن كنتم تعلمون ]) .(6نسخ بقوله تعالى[ :فمن شهد منكم الشهر فليصمه ]) (7الدال
)( انظر أضواءا البيان ) (3/362ومذكرة الشنقيطي علجى الروضة ص .79وإرشاد الفحول ص .187 1
86
على وجوب الصيام في حق المقيم الصحيح أداء ،والمسافر والمريض قضاء .إوايجاب الصيام أثقل من
التخأيير بينه وبين الطعام.
ومنع ذلك بعض الظاهرية وبعض الشافعية محتجين بآيات التيسير والتخأفيف ورفع الحرج عن هذه
)(2
المة .كقوله تعالى[ :يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر ]) (1وقوله تعالى[ :يريد ال أن يخأفف عنكم ]
ول تخأفيف في نسخ الخأف إلى الثقل ،بل هو التثقيل .إوارادة العسر.
ول دليممل فممي ذلممك لن الحكممم الجديممد يكممون ميسم م ار علممى المكلفيممن ل مشممقة فيممه .وثقلممه وصممف لممه
بالنسبة إلى ما قبله .مع ما فيه من زيادة النفع .وعظيم الجر.
وأما الثاني وهو النسخ إلى بدل أخأف .فل خألف في جوازه ،ومثاله :آيتا المصابرة [إن يكن منكم
عشرون صابرون يغلبوا مائتين ]) (3ثم قال سبحانه [فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ]) (4فمصابرة
مسلم واحد لثنين من الكفار أخأف من مصابرة الواحد لعشرة منهم.
وأما الثالث وهو النسخ إلى بدل مساو فمثاله :نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة كما في
حديث البراء رضي ال عنه أنه صلى إلى بيت المقدس بعد الهجرة بضعة عشر شه ار) .(5نسخ هذا
باستقبال الكعبة الثابت بقوله تعالى[ :فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم
شطره ]) (6فاستقبال الكعبة مسانو لستقبال بيت المقدس بالنسبة لفعل المكلف .وهذا النوع ل خألف فيه
كالذي قبله.
87
أنواع النسخ باعتبار الناسخ
)ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب ،ونسخ السنة بالكتاب وبالسنة ،ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر ،ونسخ الحاد
بالحاد وبالمتواتر ،ول يجوز نسخ الكتاب بالسنة .ول المتواتر بالحاد ،لن الشيء ينسخ بمثله وبما هو
أقوى منه(.
تقدم أن الناسخ هو ال تعالى لنه هو الرافع للحكم .دل على ذلك خأطابه المتأخأر الدال على
انتهاء الحكم الشرعي .ويطلق الناسخ على الدليل نفسه – وهو المراد هنا – وهو إما كتاب أو سنة.
وقد ذكر المصنف مسائل النسخ بين الكتاب والسنة وبين ما يجوز وما ل يجوز.
قوله) :ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب( هذا النوع الول من أنواع الناسخ وهو أن يكون قرآنا.
والمنسوخ قرآن مثله .وهذا النوع ل خألف فيه .وتقدمت أمثلته.
قوله) :ونسخ السنة بالكتاب( هذا النوع الثاني وهو أن يكون الناسخ قرآنا والمنسوخ سنة .وهذا قول
الجمهور .لن القرآن والسنة من عند ال تعالى .غير أن القرآن متعبد بتلوته .والسنة غير متعبد
بتلوتها .ونسخ حكم أحد الوحيين غير ممتنع.
ومثاله :إن المباشرة والكل والشراب في ليالي الصيام كانت محرمة بالسنة .لما ورد في حديث ابن
عباس "كان الناس على عهد رسول ال إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا
إلى القابلة") .(1فنسخ ذلك بقوله تعالى[ :أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم
لباس لهن علم ال أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالن باشروهن ]).(2
ومنع الشافعي رحمه ال هذا النوع في إحدى روايتيه لقوله تعالى[ :وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس
ووجه الدللة :أنه سبحانه قد جعل السنة بياانا للقرآن .والناسخ بيان للمنسوخ .فلو كان )(3
ما نزل إليهم ]
القرآن ناسخأ ا للسنة لكان القرآن بيان ا للسنة .وهذا ل يجوز.
والصحيح قول الجمهور لوقوعه ،وأما الية فل يتم الستدلل بها على المنع ،لجواز أن يكون
المراد من قوله )لتبين( :لتبلغ .والتبليغ عام ،فحمل الية عليه أولى.
)( تري الكل والشرب والباشرة ورد ف حديث ابن عباس مقيدال بصلة العشاءا .وورد ف حديث الباءا بن عازب الذي رواه البخماري ) (4/129تقيد ذلك بالنوما. 1
وهو كذلك ف سائر الحاديث ولعل ذكر صلة العشاءا لكون ما بعدها مظنة النوما غاالبال وحديث ابن عباس رواه أبو داود ) (6/425عون العبود(.
)( سورة البقرة ،آية.187 : 2
88
قوله) :وبالسنة( أي ويجوز نسخ السنة بالسنة ،وهذا هو النوع الثالث ،وهو أن يكون الناسخ سنة
والمنسوخ سنة ،ومثاله حديث بريدة رضي ال عنه أن النبي قال" :كنت نهيتكم عن زيارة القبور
فزوروها") (4فقوله" :كنت نهيتكم" يدل على أن النهي ثابت بالسنة.
قوله) :ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر( أي ويجوز نسخ المتواتر من الكتاب أو السنة .بالمتواتر.
فهما قسمان:
الول :نسخ الكتاب بالسنة بالمتواترة.
الثاني :نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة.
أما الول فمذهب الجمهور جوازه .وذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه إلى عدم الجواز .احتج
الجمهور بأن الكل وحي من ال .واستدل الشافعي بقوله تعالى[ :ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير
منها أو مثلها ]) (2والسنة ليست خأي ار من القرآن ول مثله).(3
والراجح – وال أعلم – الجواز ،لن الناسخ حقيقة هو ال عز وجل على لسان رسول ال فإن كل
ما صح عن رسول ال فأحكامه من ال .قال تعالى[ :وما ينطق عن الهوى) (3إن هو إل وحي يوحى)
(4)] (4ومحل النمزاع الحكم وليس اللفظ ،وعليه فإن لفظ )بخأير منها أو مثلها( يكون من السنة كما يكون
من القرآن .فالحكام كلها من ال تعالى )إن الحكم إل ل( وال أعلم.
وقد مثلوا لذلك بقوله تعالى[ :كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خي ارل الوصية للوالدين
والقربين ]) (5فنسخأت هذه الوصية للوالدين بحديث "ل وصية لوارث" .فإن الجماع منعقد على معنى هذا
الحديث.
وهذا المثال فيه نظر .فإن الحديث آحاد) .(6ثم أن من شروط النسخ تعذر الجمع بين الدليلين ،وهنا
يمكن الجمع عن طريق التخأصيص ،بأن يخأرج من الية الوارث منهما فل وصية له بمقتضى الحديث
فتكون الية في حق غير الوارث ،والحديث في حق الوارث .وقد ذكر بعض المحققين أن الناسخ هو آية
المواريث .والحديث بيان للناسخ وال أعلم).(7
)( الرسالة للجشافعي ) (108 ،1/106وقد روى ذلك الازمي عن الشافعي وأحد بسند متصل إليهمجا ف كتابه )العتبار ص .(57 3
)( لكن قالوا :إنه متواتر معن للجاع علجى معناه ،انظر نظم التناثار من الديث التواتر ص .167 6
89
وأما الثاني :وهو نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة ،فهو مجمع عليه بين القائلين بالنسخ .قال
في شرح الكوكب المنير) :وأما مثال نسخ متواتر السنة بمتواترها فل يكاد يوجد .(1)( . .
قوله) :ونسخ الحاد بالحاد( أي ويجوز نسخ الحاد بالحاد ،وهذا مجمع عليه بين القائلين
بالنسخ .لتحاد الناسخ والمنسوخ في المرتبة والقوة .ومثاله تقدم في حديث بريدة رضي ال عنه .قال في
شرح الكوكب المنير) :وله أمثله كثيرة().(2
قوله) :وبالمتواتر( :أي و يجوز نسخ الحاد بالمتواتر ،لنه أقوى منه .وهذا – أيضا – محل
اتفاق .قال في شرح الكوكب المنير) :ولكن لم يقع().(3
قوله) :ول يجوز نسخ الكتاب بالسنة( هذا هو النوع الرابع ،وهو أن يكون الناسخ سنة والمنسوخ
قرآناا .والمراد بالسنة هنا :غير المتواترة .لن نسخ القرآن بالسنة المتواترة تقدم ذكره عند قوله )ويجوز نسخ
المتواتر بالمتواتر( .فيكون المراد بالسنة هنا :الحاد .فالحاد ل ينسخ القرآن ،لن القوي ل ينسخ
بأضعف منه كما سيأتي .وهذه العبارة موجودة في بعض نسخ الورقات .ويشكل عليه قوله )ول يجوز نسخ
المتواتر بالحاد( لن المتواتر يشمل الكتاب والسنة ،فيكون تك ار ار إل أن يكون قوله )المتواتر( خأاص ا
بالسنة .وال أعلم.
وقد ذهب المؤلف رحمه ال في كتابه )البرهان( إلى جواز نسخ الكتاب والسنة .وذكر ما يؤيد
ذلك).(4
قوله) :ول المتواتر بالحاد( أي ل يجوز شرعا نسخ المتواتر كالقرآن والسنة المتواترة بالحاد .لنه
دونه في القوة ،لن المتواتر قطعي والحاد ظني ،والشيء إنما ينسخ بمثله ،أو بما هو أقوى منه .كما
تقدم.
وهذا مذهب الجمهور .وذهب جماعة من أهل الظاهر منهم ابن حزم إلى جوازه ،وهي رواية عن
أحمد .وهو الراجح إن شاء ال ،لن القطعي هو اللفظ ومحل النسخ هو الحكم .ول يشترط في ثبوته
التواتر .لن الدللة باللفظ المتواتر قد تكون ظنية .لجواز أن يكون المراد غير ذلك فحينئذ لم يرفع الظني
إل بالظني.
90
ومثال ذلك :ما رواه عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال :بينما الناس بقباء في الصلة الصبح
إذ جاءهم آت فقال :إن رسول ال قد أنزل عليه القرآن .وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها .وكانت
وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة().(5
ووجه الدللة :أن وجوب التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتا بالسنة المتواترة ،لنه لم يوجد في
القرآن ما يدل عليه .وهؤلء قبلوا خأبر الواحد وعملوا به في نسخ ما تقرر عندهم بطريق العلم ،والنبي لم
ينكر عليهم ،فدل على الجواز .وال أعلم.
91
التعارض بين الدلة
)إذا تعارض نطقان فل يخألو :إما أن يكونا عامين ،أو خأاصين ،أو أحدهما عاما والخأر خأاصاا ،أو كل
واحد منهما عاما من وجه وخأاصا من وجه .فإن كانا عامين وأمكن الجمع بينهما جمع ،إوان لم يمكن
الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ .فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخأر ،وكذلك إن كانا
خأاصين .إوان كان أحدهما عاما والخأر خأاص ا فيخأصص العام بالخأاص .إوان كان كل واحد منهما عام ا
من وجه وخأاصا من وجه فيخأصص عموم كل واحد منهما بخأصوص الخأر(.
عني الصوليون بمباحث التعارض والترجيح بعد مباحث الدلة الشرعية – الكتاب والسنة
والجماع والقياس – وذلك لن هذه الدلة قد يقع بينها تعارض ول يمكن إثبات الحكم إل بإزالة هذا
التعارض.
واعلم أن التعارض بين نصوص الشريعة غير موجود في الحقيقة ،لكن قد يقع ذلك بحسب نظر
المجتهد :إما لنقص في علمه أو خألل في فهمه ،وهو تعارض في الظاهر ل يمكن أن يقع على وجه ل
يمكن فيه الجمع أو النسخ أو الترجيح .وذلك لن الحكام الشرعية ما شرعت إل لجلب المصالح.
وكان الولى بالمصنف أن يؤخأر بحث التعارض إلى نهاية الكلم على الدلة ،كما جرى على ذلك
غيره من أهل الصول ،لن التعارض يتعلق بجميع الدلة ،لكنه خأصصه بالكتاب والسنة لقوله )إذا
تعارض نطقان( لن المراد بهما :قول ال تعالى ،وقول الرسول كما تقدم في المخأصص المنفصل.
قوله) :إذا تعارض نطقان( التعارض لغة :تفاعل من العرض – بضم العين – وهو الناحية
والجهة .كأن الكلم المتعارض يقف بعضه في عرض بعض أي ناحيته وجهته ،فيمنعه من النفوذ إلى
حيث وجهه ،فهو إذن بمعنى التقابل والتمانع.
واصطلحاا :تقابل الدليلين بحيث يخأالف أحدهما الخأر.
وذلك كأن يكون أحد الدليلين يفيد الجواز ،والخأر يدل على المنع ،فكل منهما مقابل للخأر
ومخأالف له.
قوله )فل يخألو (. .أي المر والشأن .من أربع حالت:
الولى :أن يكون بين دليلين عامين.
الثانية :أن يكون بين دليلين خأاصين.
الثالثة :أن يكون بين دليلين أحدهما عام والخأر خأاص.
الرابعة :أن يكون بين دليلين كل واحد منهما عام من وجه وخأاص من وجه آخأر.
والمراد بقول المصنف )إذا تعارض نطقان( أي نصان من قول ال تعالى أو من قول رسول .
92
أما الحالة الولى فللخأروج من التعارض طرق:
الول :أن يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين ،فيجمع بينهما بحيث يحمل كل منهما على حال
ل يناقض الخأر .والجمع أولى من الترجيح باتفاق أهل الصول ،لن فيه العمل بكل الدليلين.
ومثاله :قوله " :إذا دبغ الهاب فقد طهر") (1أخأرجه مسلم عن ابن عباس .وعند أهل السنن "أيما
إهاب دبغ فقد طهر") .(2وقوله " ل تنتفعوا من الميتة بإهاب ول عصب" وهو حديث عبد ال بن عكيم،
فهذا معارض في الظاهر للول.
فجمع بينهما بأن الهاب اسم لما لم يدبغ .وبعد الدبغ يقال له :شن وقربه .فيكون النهي عن
النتفاع بالهاب ما لم يدبغ ،فإذا دبغ لم يسم إهاباا ،فل يدخأل تحت النهي .قال في سبل السلم )وهو
جمع حسن() (3وفي المسألة أقوال أخأرى.
الثاني :أن يجعل أحدهما ناسخأا للخأر ،وهذا إذا علم التاريخ بأن علم السابق منهما ،فيكون
المتأخأر ناسخأ ا له .ويعمل به دون المتقدم.
فهذه الية تفيد )(4
ومثاله :قوله تعالى[ :فمن تطوع خي ارل فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ]
التخأيير بين الصيام والطعام وترجح الصيام .وقوله تعالى[ :فمن شهد منكم الشهر فليصمه ]) (5يفيد
تعيين الصيام أداء في حق غير المريض والمسافر وقضاء في حقهما ،وهي متأخأرة عن الولى فتكون
ناسخأة لها بدليل قول سلمة بن الكوع رضي ال عنه :لما نزلت [وعلى الذين يطيقونه فدية طعام
مسكين ]) (6كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الية التي بعدها فنسخأتها().(7
الثالث :فإن لم يعلم التاريخ يتوقف فيهما إلى أن يظهر مرجح لحدهما على الخأر فيعمل به .وهذا
هو الطريق الثالث وهو الترجيح ،وهو ل يكون إل بدليل ،لن الترجيح بل مرجح باطل ،والترجيح هو تقوية
أحد الطرفين المتعارضين بدليل ،وللترجيح طرق كثيرة ،بعضها يرجع إلى الممتن ،وبعضها يرجع إلى
السند ،وهي مذكورة في المطولت.
ومثاله قوله " :من مس ذكره فل يصلي حتى يتوضأ").(8
وهذا مروي عن بسرة بنت صفوان وأبي هريرة وجابر رضي ال عنهم وغيرهم.
)( أخرجه مسلجم رقم 366وأبو داود رقم 4123والتمذي رقم 1728والنسائي ).(7/173 1
)( أخرجه أبو داود رقم 4128 ،4127والتمذي رقم 1729والنسائي ) (7/175وهو حديث صحيح. 2
)( أخرجه التمذي رقم 82وأبو داود ) (181والنسائي ) ،(1/100وهو حديث صحيح. 8
93
وحديث قيس بن طلق عن أبيه رضي ال عنه أن النبي سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه
الوضوء؟ قال" :ل ،إنما هو بضعة منك").(1
فهذان حديثان متعارضان في الظاهر ،الول يوجب الوضوء من مس الذكر ،والثاني ل يوجبه.
فيرجح الول على الثاني لما يأتي:
(1أن العمل به أحوط.
(2لنه أكثر طرق ا ومصححيه أكثر.
(3لنه ناقل عن البراء الصلية ،وهي عدم إيجاب الوضوء والناقل يقدم على المبقي .لن مع
الناقل زيادة علم حيث أفاد حكم ا شرعييا ليس موجودا عند المبقي على الصل .وهذا عند
الجمهور.
والترجيح هو أحد القوال في المسألة ،ومن العلماء من قال بالنسخ ،ومنهم من قال بالجمع).(2
أما الحالة الثانية من أحوال التعارض فهي أن يكون بين دليلين خأاصين كما تقدم ،وللخأروج من التعارض
طرق:
الول :الجمع كما تقدم .ومثاله :حديث جابر في صفة حجة النبي أنه صلى الظهر يوم النحر
بمكة) (3وحديث ابن عمر رضي ال عنهما أنه صلها بمنى).(4
قال النووي) :ووجه الجمع بينهما أنه طاف للفاضة قبل الزوال ،ثم صلى الظهر بمكة في أول
وقتها ،ثم رجع إلى منى ،فصلى بها الظهر مرة أخأرى بأصحابه حين سألوه ذلك .(5)( . .
الثاني :فإن لم يمكن الجمع فالثاني ناسخ إن علم التاريخ .ومثاله :قوله تعالى [يا أيها النبي إدنا
أحللنا أزواجك التي آتيت أجورهن ]) (6وقوله تعالى[ :ل يحل لك النساء من بعد ول أن تبدل بهن من
أزواج ولو أعجبك حسنهن ]) (7الية ،فالثانية ناسخأة للولى .فحرم ال تعالى على نبيه أن يتزوج على
نسائه ،والباحة دلت عليها الية الولى .وهذا على أحد القوال).(8
)( أخرجه أبو داود رقم 183 ،182والتمذي رقم 85والنسائي ) (1/101وهو حديث صحيح. 1
)( أخرجه مسلجم رقم 1218من حديث جابر رضي ال عنه. 3
)( أخرجه مسلجم رقم .1308وانظر لزاما فتح الباري ) (3/567وتغملجيق التعلجيق لبن حجر ).(3/101 4
94
الطريق الثالث :إذا لم يمكن النسخ فالترجيح .ومثاله حديث ميمونة رضي ال عنها أن النبي
تزوجها وهو حلل) (1وحديث ابن عباس رضي ال عنهما أن النبي تزوجها وهو محرم).(2
فيرى جمع من أهل العلم ترجيح الول لما يأتي:
أن ميمونة صاحبة القصة ،ول شك أن صاحب القصة أدرى بما جرى له في نفسه من (1
غيره .ومن قواعد الترجيح أن خأبر صاحب الواقعة المروية مقدم على خأبر غيره ،لنه أعرف
بالحال من غيره.
لن حديثها مؤيد بحديث أبي رافع رضي ال عنه أن النبي تزوجها وهو حلل .قال: (2
وكنت الرسول بينهما) (3فأبو رافع رضي ال عنه هو رسوله إليها يخأطبها عليه فهو مباشر
للواقعة ،وابن عباس ليس كذلك.
أن ميمونة وأبا رافع كانا بالغين وقت تحمل الحديث المذكور ،وابن عباس ليس ببالغ (3
وقت التحمل ،وعند الصوليين ترجيح خأبر الراوي المتحمل بعد البلوغ على المتحمل قبله ،لن
البالغ أضبط من الصبي لما تحمل).(4
الحالة الثالثة من أحوال التعارض :أن يكون بين دليلين أحدهما عام والخأر خأاص ،فيخأصص
العام بالخأاص .ومثاله :قوله تعالى[ :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ]) (5فهذه الية دلت على وجوب
القطع في القليل والكثير .وحديث" :ل تقطع يد سارق إل في ربع دينار فصاعداا") (6يدل على تحديد
نصاب القطع ،فيكون الحديث مخأصصا لعموم الية على مذهب الجمهور وال أعلم.
الحالة الرابعة :أن يكون التعارض بين دليلين أحدهما أعم من الخأر من وجه ،وأخأص من وجه
آخأر ،فيجمع بينهما بأن يخأصص عموم كل واحد منهما بخأصوص الخأر إن دل على ذلك دليل .ومثاله:
قوله تعالى[ :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجال يتردبصن بأنفسهدن أربعة أشهر وعش ار ]) (7فهذه الية
عامة في الحامل وغيرها ،وخأاصة بالمتوفى عنها .وقوله تعالى[ :وأولت الحمال أجلهدن أن يضعن
حملهدن ]) (8خأاصة بالحامل عامة في المتوفى عنها وغيرها .فيخأصص عموم الولى والثانية ،فتخأرج
الحامل من عموم الولى ،وتكون عدتها وبضع الحمل ،سواء كانت متوفى عنها أم غيرها.
)( أخرجه البخماري رقم 6407ومسلجم رقم ،1684واللجفظ له عن عائشة رضي ال عنها. 6
95
وقد دل على هذا التخأصيص حديث سبيعة السلمية أنها وضعت بعد وفاة زوجها بليال ،فأفتاها
فدل ذلك على أن الحامل المتوفى عنها غير داخألة في عموم آية البقرة ،وال أعلم. )(9
النبي أن تتزوج
96
الجممماع
)وأما الجماع فهو اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة .ونعني بالعلماء :الفقهاء .ونعني بالحادثة:
الحادثة الشرعية .إواجماع هذه المة حجة دون غيرها ،لقوله ) ل تجتمع أمتي على ضللة( والشرع ورد
بعصمة هذه المة(.
هذا هو الدليل الثالث من الدلة المتفق عليها ،وهو الجماع بعد الكتاب والسنة .والجماع لغة:
العزم والتفاق .واصطلحاا :اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة.
وقوله) :اتفاق( :هذا قيد يخأرج وجود خألف ولو كان المخأالف واحدا إذا كان يعتد به فل ينعقد
الجماع.
قوله) :علماء العصر( فسره بأن المراد بهم الفقهاء وهم المجتهدون،وهذا القيد يخأرج المقلدين
والعوام ،فل عبرة بهم في الجماع وفاق ا ول خألفاا .كما يخأرج العلماء غير الفقهاء كالنحويين واللغويين
وغيرهم.
وقوله) :على حكم الحادثة( الجار والمجرور متعلق بقوله )اتفاق( والمراد بها هنا الحادثة الشرعية،
لنها محل نظر الفقهاء ،وهذا القيد يخأرج التفاق على حكم غير شرعي كلغوي ،فل مدخأل له في
الجماع ،لن الغرض البحث في الجماع ،على أنه من الدلة الشرعية.
وبقي قيدان:
الول :علماء العصر من هذه المة :لخأراج اتفاق علماء الشرائع السابقة فل يعتبر كما ذكره
ل.المصنف ،ولعله تركه لوضوحه أو اكتفاء بذكره مستق ا
الثاني :بعد النبي :لخأراج اتفاق الصحابة في عهد النبي فل يكون إجماع ا من حيث كونه
ل ،لن الدليل حصل بسنة النبي من قول أو فعل أو تقرير ،إواذا قال الصحابي :كينا نفعل أو كانوا
دلي ا
يفعلون كذا على عهد النبي كان ذلك من المرفوع حكماا ،وليس نقلا للجماع.
)واجماع هذه الية حجة دون غيرها( أي :والجماع حجة شرعية ،يجب العمل به على كل قوله :إ
مسلم .والمراد الجماع القولي الصريح .وقوله) :دون غيرها( أي غير هذه المة من المم السابقة ،فليس
إجماعهم حجة علينا يجب اتباعها ،ومن الدلة على أن الجماع حجة قوله تعالى [وكذلك جعلناكم أمة
ل ،ومقتضى ذلك أنهم عصموا من الخأطأ فيما أجمعوا عليه قولا وفعلا).(2 )(1
وسطا ] أي عدو ا
97
ومن الدلة :قوله " ل تجتمع أمتي على ضللة() (1ووجه الدللة :أن عموم الحديث ينفي وجود
الضللة ،والخأطأ ضللة فل يجوز الجماع عليه ،فيكون ما أجمعوا عليه حيقا فوجب اتباعه.
)والجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان ،ول يشترط انقراض العصر على الصحيح ،فإن
قلنا :انقراض العصر شرط يعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الجتهاد ،ولهم أن يرجعوا
عن ذلك الحكم ،والجماع يصح بقولهم وبفعلهم ،وبقول البعض وبفعل البعض ،وانتشار ذلك وسكوت
الباقين عنه(.
ذكر المصنف بعض مسائل الجماع ومنها:
قوله) :والجماع حجة على العصر الثاني ( . .أي أن الجماع حجة يجب الخأذ به على أهل
العصر الثاني بالنسبة لعصر أهل الجتهاد؛ فإذا أجمع الصحابة رضي ال عنهم على حكم شرعي فليس
للتابعين أن يخأالفوا هذا الجماع ،بل هو حجة عليهم وعلى من بعدهم في أي عصر من العصور ،لن
الجماع يمنع من حدوث خألف.
وق مموله) :وف ممي أي عص ممر ك ممان( أي :وج ممد الجم مماع م ممن عص ممر الص ممحابة فم ممن بع ممدهم إل ممى آخأ ممر
الزمان).(1
ق مموله) :ول يش ممترط انقم مراض العص ممر عل ممى الص ممحيح( أي :ل يش ممترط انقم مراض عص ممر المجمعي ممن،
ومعناه :أن يموت أهل الجماع ثم يبدأ الحتجاج بإجماعهم ،وهذه المسألة فيها قولن:
الول :أنم ممه ل يشم ممترط انق م مراض العصم ممر وهم ممذا مم ممذهب الجمهم ممور ،فينعقم ممد الجمم مماع بمجم ممرد اتفم مماق
المجتهدين ولو كانوا أحيمماء ،فل تجمموز مخأمالفته ،لن أدلممة حجيممة الجممماع ل تمموجب انقمراض العصممر ،ولن
الجماع هو التفاق ،وقد حصل فما الذي يمنع ممن قبموله؟ ولن التمابعين قمد احتجموا بإجمماع الصممحابة قبممل
انقراض عصرهم ،ولو كان ذلك شرط ا لم يحتجوا به.
الثمماني :أنممه يشممترط انق مراض العصممر ،وهممو قممول بعممض الشممافعية وروايممة عممن المممام أحمممد .ووجممه
اشتراط :احتمال رجوع بعض المجتهدين عن رأيه ،فيؤول ذلك إلى الخألف.
والقول الول هو الصحيح كما ذكر المصنف لقوة أدلته ،ولن القول باشتراط انقراض العصر يممؤدي
إلى تعذر الجماع ،لنه ل يكاد عصر ينقرض حتى يحدث من أولده ممن ينشمأ ويبلممغ درجمة الجتهماد ،ولممه
أن يخأالف ،لن الجماع لممم ينعقممد ،وهممذا يمؤدي إلممى إبطممال انعقماد الجممماع ،ومما أدى إلممى ذلممك فهممو باطمل.
)( اعلجم أن الجاع القطعي وهو ما يعلجم وقوعه من المة بالضرورة .ل أحد ينكر ثابوته .كالجاع علجى وجوب الصلة وتري الزن .وأما الجاع الظن وهو ما يعلجم 1
بالتتبع والستقراءا فهذا متلجف ف ثابوته ،والظهر أنه مكن ف عصر الصحابة ،وف غايه متعذر غاالبلا ،وهو رأي شيخ السلما ابن تيمجية رحه ال .فقد قال) :ول
يعلجم إجاع بالعن الصحيح إل ما كان ف عصر الصحابة ،أما بعدهم فقد تعذر غاالبلا() .ممجوع الفتاوى (13/341وقال) :والجاع الذي ينضبط ما كان علجيه
السلجف الصال إذ بعدهم كثر الختلف وانتشرت المة( )العقيدة الواسطية(.
99
قال القرافي) :وانقراض العصر ليس شرط ا خألف ا لقوم من الفقهاء والمتكلمين لتجممدد الممولدة كممل يمموم فيعتممذر
الجماع() (1ا هم.
قوله) :فإن قلنا انقراض العصر شرط . .إلخ( بين بذلك ثمرة الخألف .والمعنى .إن قلنا :انقمراض
العصممر بممموت أهلممه )شممرط( أي فممي حجيممة الجممماع .وهممذا القممول مقابممل للقممول الصممحيح) .يعتممبر( بممالجزم
على أنه جمواب الشمرط .أي :يعتمبر قمول ممن ولمد فمي عصمر المجمعيمن ،وبلمغ رتبمة الجتهماد فمي حياتهم أو
في حياة بعضهم .فله أن يخأالف .ول يعد مخأالف ا للجماع .لنه لم ينعقد.
قوله) :ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم( هذه ثمرة أخأرى .أي :وللمجمعين أو بعضهم – على القممول
بالشتراط – أن يرجعوا عن الحكم الذي أجمعوا عليه .ول يعد ذلك نقض ا للجماع .لن لم يستقر.
قوله) :والجماع يصمح بقمولهم وبفعلهمم( أي :أن الجمماع ينعقممد ويتحقممق بقمول المجمعيممن وبفعلهممم،
أي :بكل منهما ،ولهمذا أعماد البماء ،فمإذا قمالوا بجمواز شميء فهمذا إجمماع علمى الجمواز ،وكمذلك إذا فعلموا شميئا
فيدل فعلهم على الجواز لعصمتهم عن الباطل تقدم.
والجممماع لبممد لممه مممن مسممتند :إممما مممن الكتمماب أو السممنة .س مواء علمنمماه أو جهلنمماه ،لن القممول فممي
الدين بل مستند ل يجوز.
قمموله) :وبق ممول البعممض وبفعممل البعممض وانتشممار ذلممك وسممكوت البمماقين( هممذا إشممارة علممى الجممماع
السكوتي ،وهو أن يقول بعض المجتهدين قولا أو يفعل فعلا مع انتشار ذلك في الباقين وسكوتهم ،وهمذا فيممه
خألف ،فممأكثر الشممافعية والمالكيممة وروايممة عممن أحمممد أنممه إجممماع تن مزيلا للسممكوت من مزلة الرضمما والموافقممة إذا
مضممت مممدة كافيممة للنظممر فممي ذلممك القممول بعممد سممماعه ،وكممان قمماد ار علممى إظهممار أريممه ،وهممذا ظمماهر كلم
المصنف.
وقيل :يكون حجة ل إجماعاا .لرجحان الموافقة بالسممكوت علممى المخأالفممة ،وليممس إجماعم ا لن حقيقممة
الجماع لم تتحقق فيه .وقيل :ليس بحجة ول إجماع ،لنه ل ينسب لساكت قول .وقيل غير ذلك).(2
وقول المصنف )وانتشار ذلك( مفهومه أنه إذا لم ينتشر في الباقين فليس بإجماع ،لحتمال ذهممولهم
عنه وعدم اطلعهم عليه .وال أعلم.
()1التنقيح ص .330
( )2انظر إرشاد الفحول ص .84
100
قول الصحابي
)وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره على القول الجديد ،وفي القول القديم حجة(.
قول الصحابي من الدلة المخأتلفة في حجيتها.
والمراد به :ما أثر عن أحد من أصحاب النبي من قول أو فعل أو تقرير في أمر من أمور الدين.
والصحابي :من صحب النبي ولو ساعة ،أو رآه مؤمن ا به وما ت على ذلك.
وقول الصحابي إن ثبت له حكم الرفع كقوله أمرنا أو نهينا أو من السنة كذا فهو مرفمموع حكمماا ،وهممو
حجة كما هو مقرر في علم الحديث ،إوان لم يثبت له حكم الرفممع فقممد أجمممع العلممماء علممى أن قممول الصممحابي
في مسمائل الجتهماد ليمس بحجمة علمى صمحابي آخأمر ،لن الصمحابة رضمي الم عنهمم اخأتلفموا فمي كمثير ممن
المسائل ،ولمو كمان قمول أحمدهم حجمة علمى غيمره لمما تمأتى منهمم همذا الخألف .كمما أجمعموا عمل الخأمذ بقمول
الصحابي فيما ل مجال للرأي أو الجتهاد فيه ،لنه ممن قبيمل الخأممبر التمموقيفي عممن صمماحب الرسمالة .كما
أنه ل خألف فيما أجمع عليه الصحابة صمراحة أو كمان ممما ل يعمرف لمه مخأالف ،كمما فمي تموريث الجمدات
السدس .ومن العلماء من استثنى من الصحابي المعروف بالخأذ عن السرائيليات .إوانما الخألف في قول
الصحابي العاري عن كل ما سبق .ففيه قولن:
القول الول :إنه حجة .وهو ممذهب الممام مالممك وأبمي حنيفممة والشمافعي فممي أحمد قمموليه ،وروايمة عمن
المم ممام أحمم ممد ،رجحهم مما ابم ممن القيم ممم ،وذكم ممر أن المم ممام أحمم ممد يأخأم ممذ بقم ممول الصم ممحابي ،ويعتم ممبره بعم ممد السم ممنة
الصحيحة).(1
ومممن أدلممة هممؤلء قمموله تعممالى[ :كنتــم خيــر أمــة أخرجــت للنــاس تــأمرون بــالمعروف وتنهــون عــن
المنكر ]) (2قالوا :هو خأطاب مع الصحابة بأن ما يأمرون به معروف ،والمعروف يجب قبوله.
وممن الدلمة أن الم تعمالى ممدح الصمحابة والتمابعين لهمم بإحسمان ،إوانمما اسمتحق التمابعون ذلمك لنهمم
اتبعمموهم فممي كممل شمميء سم مواء مممن حيممث الرجمموع إلممى الكتمماب والسممنة ،أو اجتهممادهم ،أو القتممداء بهممم ،لن
التباع يجب حمله على فرده الكامممل ،قممال تعممالى[ :والسابقون الولون من المهـاجرين والنصـار وال ذين
اتبعوهم بإحسـان رضـي ال عنهـم ورضـوا عنـه ]) (3ولن اجتهمماد الصممحابي أقممر إلممى الص مواب مممن اجتهمماد
غي مره لمشمماهدته المموحي وقربممه مممن الرسممول ،كيممف والظمماهر مممن حمماله أن ل يقممول ممما قممال إل سممماعا مممن
رسول ال ل سيما فيما يخأالف القياس.
)( لقد نفى ابن القيم نسبة هذا القول للجشافعي ف كلما ماتع تده ف أعلما الوقعيم ) (4/120وللجزركشي – من بعده – كلما مفادة أن الشافعي ف مذهبه 1
الديد يرى أن قول الصحابأ حجة .فيكون له قولن ف الديد واحد موافق للجقدي .فانظر البحر اليط ).(6/53
)( انظر أعلما الوقعيم ) (4/152مذكرة الشنقيطي ص 165حجية قول الصحابأ ف ملجة )أضواءا الشريعة( العدد الثامن ص 365ممجوع فتاوى ابن تيمجية ) 2
.(20/582
)( انظر أعلما الوقعيم ) (1/29وانظر طرح التثريب ).(1/103 3
102
الخأبم ممار
)وأما الخأبار :فالحبر مما يمدخأله الصمدق والكمذب .والخأمبر ينقسمم إلمى قسممين :آحماد ومتمواتر .فمالمتواتر مما
يوجب العلم ،وهو أن يروي جماعة ل يقع التواطمؤ علمى الكمذب ممن مثلهمم إلمى أن ينتهمي إلمى المخأمبر عنمه،
ويكون في الصل عن مشاهدة أو سماع ل عن اجتهاد(.
اعلممم أنممه جممرت عممادة الصمموليين بممإيراد مبمماحث مممن علمموم الحممديث فممي أصممول الفقممه ،وذلممك لن
الكتاب والسنة هما مدار البحث في علم الصول .ولما كان القرآن ل يحتاج إلى نظر في سنده ،لنه ثممابت
ثبوت ا قطعي ا بالنقل المتواتر لفظ ا ومعنى صار البحث مقتص ار على النظر في دللة النص على الحكم.
أما السنة فإن المستدل بها يحتاج إلى نظرين:
(1نظر في ثبوتها.
(2ونظر في دللة النص على الحكم.
لذا أورد الصوليون هذه الشذرات من علوم الحديث.
قمموله) :وأممما الخأبممار :فممالخأبر ممما يممدخأله الصممدق والكممذب( :الخأبممار :جمممع خأممبر .وهممو :ممما يممدخأله
الصممدق والكممذب .أي :يحتمممل الصممدق والكممذب ،لكممن أورد علممى هممذا التعريممف أن مممن الخأبممار ممما ل يممدخأله
الكذب ،ومنها ما ل يدخأله الصدق ،فإذا زيد على التعريف كلمة )لذاته( زال هذا اليراد ،إذ يخأرج بهذا القيممد
الخأممبر الممذي ل يحتمممل الصممدق أو ل يحتمممل الكممذب باعتبممار المخأممبر بممه ،فممالول كخأممبر مممدعي الرسممالة بعممد
الرسول ،والثاني كخأبر ال تعالى وخأبر رسوله ال الثابت عنه ،فإذا قال إنسمان :قمدم أخأموك .فهمذا خأمبر
يحتممل الصمدق والكمذب لمذات الخأمبر ،فمإن طمابق الواقمع فهمو صمدق ،إوان خأالفه فهمو كمذب .وذلمك إمما علمى
ل ،أو الكممذب إن كممان
الس مواء إن كممان القائممل مجهممول الحممال ،أو مممع رجحممان الصممدق إن كممان المخأممبر عممد ا
فاسقاا.
قوله) :والخأبر ينقسم إلى قسمين :آحاد ومتواتر( لما عرف الخأبر ذكر أقسامه.
(2متواتر. فالخأبر باعتبار وصوله إلينا قسمان (1 :آحاد.
قوله) :فالمتواتر ما يوجب العلمم ،وهمو أن يمروي جماعممة . . .إلمخ( ذكممر تعريممف المتمواتر وبيممان مما
يفيده ،وبدأ المصنف بالمتواتر لطول الكلم على الحاد ولعتباره في معنى الحاد نفي معنى المتواتر.
فالمتواتر لغة :اسم فاعمل ممن تمواتر الشميء أي :جاء بعضمه فمي إثمر بعمض ،ومنمه تمواتر المطمر أي :تتمابع
نمزوله .قال الشياء إل إذا وقعت بينهما فترة ،إوال فهي مداركة ومواصلة .(1)(. . .
103
واصممطلحاا :أن يممروي جماعممة ل يقممع التواطممؤ علممى الكممذب مممن مثلهممم إلممى أن ينتهممي إلممى المخأممبر
عنه.
هذا تعريف المصنف ،وهو تعريف يحتاج إلى تقدير ،لن المتواتر ليممس هممو روايممة الجماعممة ،بممل ممما
يرويممه جماعممة ،والروايممة نفسممها هممي التم مواتر فيقممدر :حممال المتم مواتر أن يرويممه جماعممة .ولممو قممال) :ممما رواه
جماعة( لكان أحسن.
ومن هذا التعريف وما بعده يتبين أن شروط المتواتر أربعة:
(1أن يرويممه عممدد ،وقممد أشممار المصممنف إلممى ذلممك بقمموله) :أن يممروي جماعممة( وقممد اخأتلممف العلممماء فممي
العدد المطلوب على أقوال كثيرة ،كلها ضعيفة لتكافئها في الدعوى ،ولن أدلتها ل تعلق لشيء منها
بالخأبار ،والصحيح ما قاله شيخ السلم ابن تيميممة رحمممه المم ،ونسممبه إلممى الكممثرين مممن أن التمواتر
ليس له عدد محصور ،بل قد يحصل بكثرةالمخأبرين ،وقممد يحصممل بصممفاتهم لضممبطهم ودينهمم ،وقممد
يحصل بقرائن تحتف بالخأبر يحصل بمجموعها العلممم .وقممد يحصممل بتلقممي المممة لممه بممالقبول ،والمممة
ل تجتمع على ضللة ،وقد يحصل إذا أجمع أهل الحديث على صحته ونحو ذلك).(1
(2أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب ،وأشار إليه بقوله) :ل يقع التواطؤ من مثلهم على الكذب(.
(3أن يسممتوي جميممع طبقممات السممند بالشممرطين السممابقين إلممى أن ينتهممي إلممى المخأممبر عنممه .وأشممار إليممه
بقوله) :إلى أن ينتهي إلى المخأبر عنه(.
(4أن يكم ممون مسم ممتند خأم ممبرهم عم ممن مشم مماهدة أو سم ممماع كقم ممولهم" :سم مممعنا أو رأينم مما" ل عم ممن اجتهم مماد ،لن
الجتهاد يمكن فيه الغلط بخألف المشاهدة ،فإن من أخأممبر عممن وجممود حادثممة إخأبمما ار عممن مشمماهدة لممم
يجز عليه الغلط .وأشار إليه بقوله) :ويكون في الصل عن مشاهدة أو سماع ل عن اجتهاد(.
قمموله )فممالمتواتر ممما يمموجب العلممم( أي أن المتمواتر يفيممد العلممم .وهممل هممو العلممم الضممروري أو النظممري؟
قممولن :أرجحهممما أن المتم مواتر يفيممد العلممم الضممروري أي اليقينممي الممذي يضممطر النسممان إلممى التصممديق بممه
تصديقا جازماا ،كوجمود الئممة الربعمة ،ووجمود مكمة ودمشمق مثلا بالنسمبة لممن لمم يرهمما ،ولمو أراد التخألمص
من العلم بذلك لم يستطع ،وقد نسب الشوكاني هذا القول إلى الجمهور ،وقال :إنه الحق).(2
وكممما يفيممد المتمواتر العمممل يفيممد العمممل بممما دل عليممه بتصممديقه إن كممان خأممب ارا ،وتطممبيقه إن كممان طلبماا.
ومثال المتواتر :عن أبي هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول الم ) من كممذب علميي متعمممدا فليتبموأ مقعمده
من النار().(3
104
فممال المنممذري :وهممذا الحممديث قممد روي عممن غيممر واحممد مممن الصممحابة فممي الصممحاح والسممنن والمسممانيد
وغيرهما ،حتى بلغ مبلغ التواتر ،وال أعلم).(1
الحم مماد
)والحمماد :هممو الممذي يمموجب العمممل ول يمموجب العلممم .وينقسممم إلممى مرسممل ومسممند ،فالمسممند ممما اتصممل إسممناده،
والمرسممل ممما لممم يتصممل إسممناده .فممإن كممان مممن م ارسمميل غيممر الصممحابة فليممس بحجممة إل م ارسمميل سممعيد بممن
المسيب ،فإنها فتشت فوجدت مسانيد عن النبي .(
هذا هو النوع الثاني من أنواع الخأبر باعتبار وصوله إلينا وهو الحاد.
والحاد لغة :جمع أحد كأجل وآجال بمعنى واحد .وهمزته مبدلة من واو فأصله وحد ،وخأممبر الحمماد
ما يرويه الواحد.
واصطلحاا :ما لم يتواتر
أي لممم تبلممغ نقلتممه مبلممغ الخأممبر المتمواتر ،سمواء كممان المخأممبر بممه واحممدا أو اثنيممن أو أربعممة أو خأمسممة أو
غير ذلك من العداد التي ل تشعر بأن الخأبر دخأل في حد التواتر.
قموله )يموجب العممل( أي يجمب العممل بمما تضممنه خأمبر الحاد بتصمديقه إن كمان خأمب ارا ،وتطمبيقه إن
كممان طلب ماا ،بشممرط صممحته عممن رسممول ال م ل فممرق فممي ذلممك بيممن الحكممام والعقائممد علممى القممول الصممحيح،
لعموم الدلة في وجوب العمل بخأبر الواحد ،ومن ذلك حديث ابن عمر رضي ال عنهممما قممال :بينممما النمماس
بقبمماء فممي صمملة الصممبح إذ جمماءهم آت ،فقممال :إن النممبي ق د أنممزل عليممه الليلممة قمرآن ،وقممد أمممر أن يسممتقبل
الكعبة فاستقبلوها ،وكانت وجوههم إلى الشام ،فاستداروا إلى الكعبة).(2
فهذا دليل ظمماهر فمي العمممل بخأممبر الواحمد ،فمإن الصمحابة رضمي الم عنهمم تحولموا عمن بيمت المقمدس
على الكعبة بخأبر الواحد ،فصدقوا خأبره ،وعملوا به.
ومممن الدلممة أن النممبي كان يبعممث الحمماد إلممى النمواحي والقبائممل لتبليممغ الحكممام الشممرعية ،فلممول أنممه
يجب العمل بخأبرهم لم يكن لبعثهم فائدة.
)( التغايب والتهيب ) (1/111وانظر نظم التناثار من الديث التواتر للجكتان. 1
105
ومن الدلة أن الصحابة رضي ال عنهم قد أجمعموا علممى قبممول خأمبر الواحممد والعممل بممه فمي وقممائع ل
يمكممن حصممرها ،فقممد رجعموا إلممى الغسممل مممن المموطء مممن غيممر إنمزال إلممى قممول عائشممة رضممي الم عنهمما .وفممي
توريث الجدة إلى قول المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة وغير ذلك كثير).(1
يقممول النممووي) :وقممد تظمماهرت دلئممل النصمموص الشممرعية والحجممج العقليممة علممى وجمموب العمممل بخأممبر
الواحد ،وقد قرر العلماء في كتب الفقه والصول ذلممك بممدلئله ،وأبلغمموه أبلمغ إيضماح ،وصمنف جماعممات ممن
أهل الحديث وغيرهم مصنفات مستكثرات في خأبر الواحد ووجوب العمل به ،وال أعلم().(2
وقممال أيض ماا) :فالممذي عليممه جممماهير المسمملمين مممن الصممحابة والتممابعين فمممن بعممدهم مممن المحممدثين
والفقهاء وأصحاب الصول أن خأبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع ،يلزم العمل بها ويفيمد الظمن ول يفيمد
العلم ،وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع ل بالعقل .(3)( . .
واعلم أن التفريق بين العقائممد والحكممام فممي السمتدلل بأحماديث الحماد قممول غريممب محممدث ،ل دليمل
عليممه مممن كتمماب ول سممنة .بممل هممو مخأممالف لممما عليممه سمملف المممة ،فممإن الدلممة الممتي يسممتدل بهمما علممى وجمموب
الخأذ بحديث الحاد في الحكام الشرعية هي أدلة على وجوب الخأذ بها في العقائد لعمومهمما ،ومممن أدعممى
تخأصيصها بالحكام فعليه الدليل).(4
قمموله) :ول يمموجب العلممم( هممذا قممول الجمهممور :أن الحمماد ل تفيممد العلممم ،بممل تفيممد الظممن ،وهممو رجحممان
صممحة نسممبتها إلممى مممن نقلممت عنممه ،ويخأتلممف هممذا بمماخأتلف رتبتهمما فالصممحيح لممذاته ليممس كالحسممن لغيم مره.
وهكذا.
وذلك بأنه لو أفاد خأبر كل واحد العلم لصممدقنا كممل خأمبر نسمممعه ،ونحمن ل نصممدق كممل خأمبر نسمممعه،
فدل على أنه ل يفيد العلم ،ولن أعدل رواة الحاد يجوز في حقه الكذب والغلط ،فالقطع بصدقه مع تجممويز
الكذب والغلط عليه ل معنى له.
وهناك قممول آخأمر ،وهممو أن أخأبممار الحماد تفيمد العلممم ،وهممو ممذهب الظاهريمة ،وقمد نصمره ابممن حممزم).(5
وهو قول جماعة من أهل الحديث ،ولهم أدلممة ذكرهمما ابمن القيمم فمي كتممابه )الصمواعق المرسمملة علممى الجهميممة
والمعطلة().(6
والمخأتممار أن أخأبممار الحمماد تفيممد الظممن ،وربممما أفممادت العلممم بممالقرائن مثممل أن تتلقمماه المممة بممالقبول
تصديق ا له وعملا به ،أو كونه مروي ا في الصحيحين ،ونحو ذلك ،وال أعلم.
)( انظر أصل العتقاد ص 57رسالة الديث حجة بنفسه ف العقائد والحكاما لللبان. 4
106
قمموله) :وينقسممم إلممى مرسممل ومسممند( أي أن أخأبممار الحمماد تنقسممم إلممى مرسممل ومسممند ،وهممذا باعتبممار
اتصال السند وانقطاعه .فالمسند لغة :اسممم مفعمول مممن السممناد ،وهمو ضممم جسمم إلمى آخأممر ،ثمم اسممتعمل فممي
المعاني يقال :أسند الخأبر إلى فلن إذا نسبه إليه.
قوله) :فالمسند ما اتصل إسناده( هذا تعريف المسند.
اصممطلحاا :وهممو ممما اتصممل إسممناده ،والم مراد بالتصممال أن يممروي شممخأص عممن شممخأص إلممى المخأممبر
عنه.
ومثاله :قول البخأاري رحمه ال في صحيحه :حدثنا عبد الم بمن يوسمف قال :أخأبرنما مالمك عمن ابمن
شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي ال عنه ،أن رسول ال قال) :من أدرك ركعة
من الصلة فقد أدرك الصلة().(1
وتعريمف المصمنف للمسممند فيممه عمموم ،لنممه يشممل كممل مما اتصممل إسممناده ممن روايمة إلممى منتهمماه ،بممأن
ذكر في السند رواته كلهم فيدخأل فيه الموقوف إذا جاء بسند متصل).(2
وأكثر ما يستعمل المسند في المرفوع إلى النبي دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم.
قوله) :والمرسل ما لم يتصل إسناده(
المرسل لغة :اسم مفعول مشتق ممن الرسمال :وهمو الطلق فكأن المرسمل أطلمق السمناد ولمم يقيمده
بجميع رواته.
وأما في الصطلح :فذكره بقوله )ما لم يتصل إسناده( وهذا عند الصوليين.
ومعنمماه :أن يسممقط بعممض الممرواة ،سمواء كممان السمماقط واحممدا أو أكممثر مممن أي موضممع فممي السممند ،ففيممه
رواية الراوي عمن لم يسمع منه .وعليه فالمرسل في اصطلح أهل الصول يشمل أنواع النقطاع ،فيممدخأل
فيه المنقطع والمعضل ،كما يدخأل فيه مرسل الصحابي.
قال ابن الثير) :المرسل من الحديث هو أن يروي الرجل حديث ا عمن لم يعاصره( ا هم).(3
والمنقطع هو الذي سقط من إسناده رجل غير الصحابي .والمعضل هو الذي سقط منه اثنان.
وأما المرسل عند المحدثين فهو ما رفعه التابعي إلى النبي ،وذلك بأن يسقط منه الصحابي .وممن
أمثلتمه مما أخأرجمه مسملم فمي صمحيحه فمي كتماب المبيوع قمال :حدثن محممد بمن ارفمع ثنما حجيمن ثنما الليمث عمن
عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول ال نهى عن المزابنة والمحاقلة).(4
107
فسممعيد بممن المسمميب تممابعي كممبير روى هممذا الحممديث عممن النممبي بدون أن يممذكر الواسممطة بينممه وبيممن
الرسول وهو الصحابي.
قوله) :فمإن كمان ممن م ارسميل غيمر الصمحابة فليمس بحجمة( همذا بيمان حكمم الحتجماج بالمرسمل .وقمد
ذكر المصنف حكم مرسل غير الصحابي ،وسكت عن مرسل الصحابي وذلك لنه حجة عند جماهير أهل
العلم قال الحافظ) :وهو الذي عليه عمل أئمة الحديث( ا هم).(1
وذلك لن مرسل الصحابي موصول مسند ،لن روايتهم غالب ا عن الصحابة ،والجهالة بالصحابة ل
تضر ،لنهم كلهم عدول.
ولهذا لمم يعمد ابمن الصملح مرسمل الصمحابي ممن الحمديث المرسمل ،لنمه فمي حكمم الموصممول المسمند
فقمال) :لممم نعممد فممي أنمواع المرسممل ونحمموه ممما يسمممى فممي أصممول الفقممه :مرسممل الصممحابي ،مثممل ممما يرويممه ابممن
عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول ال ولم يسمعوه منمه ،لن ذلممك فممي حكمم الموصممول المسممند،
لن روايتهم عن الصحابة ،والجهالة بالصحابي غير قادحة ،لن الصحابة كلهم عدول ،وال أعلم().(2
ومرسل الصحابي :هو ما أخأبر به الصحابي عن قول النبي أو فعله ولم يسمعه أو يشمماهده ،لنممه
لم يدرك زمانه إما لصغر سنه أو لتأخأر إسلمه أو غيابه .ومثاله مما أخأرجمه البخأماري فمي صمحيحه بسمنده
عن عائشة رضي ال عنها قالت :كان أول ما بدئ به رسول ال الرؤيا الصمادقة فمي النموم ،فكمان ل يمرى
رؤيا إل جاءت مثممل فلمق الصممبح . . .الحممديث () (3فهمذا ممن م ارسميل الصمحابة ،لن عائشمة لممم تممدرك هممذه
القصة ،لنها ولدت بعد المبعث بأربع أو خأمس سنين).(4
ومثمماله – أيضم ا – ممما أخأرجممه البخأمماري بسممنده عممن ابممن الزبيممر أنممه خأطممب فقممال :قممال محمممد ) :من
فه ذا مرسممل صممحابي لن عبممد الم م بممن الزبيممر ولممد عممام )(5
لبممس الحريممر فممي الممدنيا لممن يلبسممه فممي الخأم مرة(
الهجرة).(6
وقد ذكر الحافظ في الفتح) (7أنه تبين من الروايتين اللتين أوردهما البخأماري بعمد همذا المرسمل أن ابمن
الزبير إنما حمله عن النبي بواسطة عمر رضي ال عنه ،وذكر الحافظ أنه لم يقف فممي شمميء مممن الطممرق
المتفقة عن عمر أنه رواه بلفظ )لن( بل الحديث عنه في جميع الطرق بلفظ )لم( وال أعلم.
)( النكت علجى ابن الصلح ) (2/548وانظر المجوع شرح الهذب ).(1/62 1
)( فتح الباري ) (10/289وقد ذكر الافظ ثالثاة من مراسيل ابن الزبي فمجن أرادها رجع إليا. 7
108
قال السيوطي في تدريب الراوي) :وفي الصممحيحين مممن م ارسمميل الصممحابة ممما ل يحصمى ،لن أكمثر
روايمماتهم عممن الصممحابة ،وكلهممم عممدول ،وروايمماتهم عممن غيرهممم نممادرة ،إواذا رووهمما بينوهمما ،بممل أكممثر ممما رواه
الصحابة عن التابعين ليس أحاديث مرفوعة ،بل إسرائيليات أو حكايات أو موقوفات( ا هم).(1
هممذا فممي م ارسمميل الصممحابة .وأممما م ارسمميل غيممر الصممحابة كمرسممل التممابعي ففيممه خألف ،وقممد ذكممر
المصنف أنها ليست بحجة ،وذلك للجهل بالساقط في السناد لحتممال أنمه تمابعي ،ثمم يحتممل أنمه ضمعيف.
وبتق ممدير ك ممونه ثق ممة يحتم ممل أن ممه روى ع ممن ت ممابعي أيضم ماا ،ويحتم ممل أن ممه ض ممعيف وهك ممذا ،وه ممذا ق ممول جمه ممور
المحدثين ،وكثير من أهل الصمول والفقهماء .يقمول الممام مسملم رحممه الم فمي مقدممة صمحيحه) :والمرسمل
من الروايات في أصل قولنا وقمول أهمل العلمم بالخأبمار ليمس بحجمة() (2ومثمل ذلمك حكمى ابمن عبمد المبر وابمن
)وانممما ذكممر المرسممل فممي قسممم المممردود للجهممل
الصمملح والنممووي وغيرهممم .قممال ابممن حجممر فممي شممرح النخأبممة إ
المحذوف( ا هم).(3
وذهب الئمة الثلثة :مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنمه إلمى قبمول المرسمل إذا كمان المرسمل
ثقممة ،ول يرسممل إل عممن ثقممة ،وحجتهممم أن التممابعي الثقممة ل يسممتحل أن يقممول :قممال رسممول الم . . . إل إذا
سمعه من ثقة.
وقممال بعممض أهممل العلممم ومنهممم الشممافعي :يحتممج بم ارسمميل كبممار التممابعين الممذين أكممثر روايتهممم عممن
الصممحابة كسممعيد بممن المسمميب وعممروة بممن الزبيممر ،وذلممك بشممرط أن يعضممده مرسممل آخأممر أو قممول صممحابي أو
قياس أو يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم).(4
وقممد مشممى المصممنف علممى القممول بممالمنع ولممم يسممتثن إل م ارسمميل سممعيد بممن المسمميب ،وعلممل ذلممك بممأنه
فتممش عنهمما فوجممد أن سممعيدا أسممقط الصممحابي ،وع ازهمما للنممبي والغالب أن يكممون الصممحابي هممو صممهره أبممو
زوجتممه أبممو هريمرة رضممي الم عنممه .والمفتممش لهمما هممو الشممافعي رحمممه الم علممى ممما نقلممه المصممنف فممي كتممابه
وال أعلم. )(5
)البرهان(
واعلم ممم أن المصم ممنف لمم مما نم ممص علم ممى أن مرسم ممل غيم ممر الصم ممحابي ليم ممس بحجم ممة فهم ممم منم ممه أن مرسم ممل
الصحابي حجة ،كما تقدم فيكون ذكر حكم النوعين ،وال أعلم.
)( انظر الرسالة للجشافعي ص 461وانظر تفصيل هذه الشروط ف كتاب )الديث الرسل( للجدكتور ممجد حسن هيتو ص 36وما بعدها. 4
109
صيغ أداء الحديث
)والعنعنة تدخأل على السانيد .إواذا ق أر الشيخ يجوز للراوي أن يقمول :حمدثني أو أخأمبرني .إواذا قم أر همو علممى
الشيخ يقول :أخأبرني ول يقول حدثني .إوان أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول :أجازني وأخأبرني إجازة(.
لممما فممرغ المصممنف مممن بيممان أقسممام الخأممبر شممرع فممي ذكممر كيفيممة تحملممه وأدائممه وللحممديث تحمممل وأداء.
فالتحمل :أخأذ الحديث عن الغير .والداء :إبلغ الحديث إلى الغير.
قوله) :والعنعنة تدخأل على السانيد( العنعنة من صيغ أداء الحديث ،وهي رواية الحديث بلفممظ عممن
فلن عن فلن دون تصريح بالتحديث أو السماع.
وق مموله )ت ممدخأل الس ممانيد( أي عل ممى الح مماديث المس ممندة ،وه ممذا يفي ممد أن الح ممديث المعنع ممن ف ممي حك ممم
الحديث المسند في القبول والعمل به ،ل في حكم المرسل في رده وعدم العمل بممه ،وذلممك لتصممال سممنده فممي
الظمماهر ،إوانممما نب ممه عليممه دون غيم مره لوقمموع الخألف ف ممي حكممم المعنع ممن ،فممالجمهور عل ممى أن المعنعممن م ممن
المتصل ،كما ذكر المصنف بشرطين:
الول متفق عليه :وهو سلمة معنعنمه وبراءتمه ممن التمدليس ،فل يحكمم بالتصمال ممن ممدلس إل أن
يصرح بالتحديث.
الثماني مخأتلمف فيمه :وهمو لقماء المراوي لمممن روى عنممه واجتماعهممما ولممو ممرة واحمدة ،وبممه قمال البخأماري
وشيخأه ابن المديني وغيرهما من أئمة الحديث .وهذا الرأي هو المخأتار الصحيح الذي عليه أئمة هذا الفممن،
ما قال النووي في شرح مسلم) :(1ومنهم من اكتفممى بإمكممان اللقماء والمعاصمرة كالممام مسمملم ،والمعنعممن كممثير
في الصحيحين وغيرهما.
ومثاله :ما أخأرجه البخأاري في صحيحه قال :حدثنا عبد الم بمن يوسمف قال :أخأبرنما مالمك عمن ابمن
شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال :سمعت رسول ال ق أر في المغرب بالطور).(2
فهممذا الحممديث صممحيح وسممنده متصممل .وأممما العنعنممة فهممي محمولممة علممى التصممال ،لن رواتممه غيممر
مدلسممين ،فمالممك إمممام حممافظ ،وابممن شممهاب الزهممري فقيممه حممافظ متفممق علممى جللتممه إواتقممانه ،ومحمممد بممن جممبير
ثقة.
ثم ذكر المؤلف ألفاظ الرواية من غير الصحابي ،ولها مراتب بعضها أقوى من بعض ،ومنها:
قراءة الشيخ على التلميذ ليروي عنه ،فيق أر الشيخ على الرواة وهم يسمعون .وهذه المرتبة (1
هي الغابة في التحمل ،وللراوي في هذه المرتبة أن يقول :حدثني فلن أو أخأبرني.
110
قمراء التلميممذ علممى الشمميخ وهممو يسمممع .فيقممول :نعممم أو يسممكت .فتجمموز الروايممة عنممه بممذلك (2
فيقول التلميذ :أخأبرني أو حدثني قراءة عليه .وهل يسوغ له ترك )قراءة عليه(؟
قممولن :المصممنف ومممن وافقممه يممرى المنممع ،لنممه لممم يحممدثه،لن التحممديث فممي عرفهممم عبممارة عممن ق مراءة الشمميخ
وغيمره يسمممع .والقمول الثماني :الجمواز لن القصمد العلم بالروايمة عممن الشمميخ ،وكممل ممن الصميغتين صمالح
لذلك .والول قال به مسلم
وهو مذهب الشافعي وأصحابه ورواية عن أحمد ،وبالثاني قال البخأاري وبعض أهل العلم.
الجازة :وهي أن يأذن الشيخ للتلميذ أن يروي عنه ما رواه ،كأن يقول لمه :أجمزت لمك أن (3
تروي عني صحيح البخأاري .فيقول التلميذ :أجازني ،أو أخأبرني إجازة.
وقمموله) :مممن غيممر قمراءة( أي مممن غيممر قمراءة مممن الشمميخ علممى المراوي ول مممن المراوي علممى
الشيخ .وال أعلم.
111
القي مماس
)وأما القياس :فهو رد الفرع إلى الصل في الحكم بعلة تجمعهما .وهو ينقسم إلى ثلثة أقسممام :قيمماس علممة،
وقيسا دللة ،وقياس شبه .فقيماس العلمة :مما كممانت العلمة فيمه موجبممة للحكممم .وقيماس الدللمة :همو السمتدلل
بأحد النظيرين على الخأر ،وهو أن تكون العلة دالة على الحكم ،ول تكون موجبة للحكم .وقياس الشبه هممو
الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبه ا به ،ول يصار إليه مع إمكان ما قبله(.
هممذا هممو الصممل ال اربممع مممن الصممول الممتي يسممتدل بهمما وهممو القيمماس ،وخأممالف فيممه الظاهريممة وآخأممرون،
وقالوا :ليس من الصول لنه ل يفيد إل الظن.
والصواب مع الجمهور ،فإن القياس يثير ظين ا غالب ا يعمل بممه فمي الحكممام الشمرعية ،وقمولهم :ل يفيمد
إل الظن ،نقول :خأبر الواحد ونحوه ل يفيد إل الظن في الصل ،ومع هذا يستدل به.
وقد دل على اعتبار القياس دليلا كتاب ال تعالى وسنة رسوله وأقوال الصحابة ،قال تعالى[ :لقد
أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ]) ،(1المي مزان ممما تمموزن بممه المممور
ويقايس بمه بينهما .قال شميخ السملم ابمن تيميمة) :والقيماس الصمحيح ممن العمدل .فمإنه تسموية بيمن متمماثلين.
وتفريق بين المخأتلفين .(2)(. .
ومن السنة ما ورد عن أبي هريرة رضي ال عنه أن رجلا أتممى النممبي فقال) :يا رسممول الم ولممد لممي
غلم أسود .فقال :هل لك من إبل؟ قال :نعم .قال .ما ألوانها؟ قال :حمر .قال :هل فيها مممن أورق؟ قممال:
نعم .قال :فأنى ذلك؟ قال :لعله نزعه عرق .قال :فلعل ابنك هذا نزعه عرق() (3متفق عليه.
قال ابن العربي) :فيه دليل على صحة القياس والعتبار بالنظير().(4
ومممن أقموال الصممحابة ممما ورد فممي كتمماب عمممر بممن الخأطمماب رضممي الم عنممه إلممى قاضمميه أبممي موسممى
الشعري رضي ال عنه وفيه )ثم الفهم فيما أدلى عليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ول سمنة ،ثمم قياس
المور عندك واعرف المثال .ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى ال وأشبهها بالحق .(5)( . .
)( هذا الكتاب من عمجر رضي ال عنه كتاب جلجيل القدر تلجقاه العلجمجاءا بالقبول .وقد شرحه ابن القيم رحه ال ف أعلما الوقعيم .وف ملجة البحوث السلمية 5
العدد السابع عشر تقيق هذا الكتاب وبيان ما تضمجنه من توجيهات للجقضاة للجدكتور ناصر الطريفي ص .254 – 196
112
ونقممل ابممن القيممم فممي أعلم الممموقعين عممن المزنممي مممن كبممار الشممافعية أنممه قممال) :الفقهمماء مممن عصممر
الرسممول إل ى يومنمما وهلممم جم م ار اسممتعملوا المقمماييس فممي الفقممه فممي جميممع الحكممام فممي أمممر دينهممم( وقممال:
)وأجمعوا على أن نظير الحق حق ،ونظير الباطل باطل().(1
قوله) :وأما القياس فهو رد الفرع على الصل .(. .
القياس لغة :التقدير والمسماواة .تقمول :قسمت الثموب بالمذراع إذا قمدرته بمه ،وفلن ل يقماس بفلن أي
ل يساوي به.
واصممطلحاا) :رد الفممرع إلممى الصممل فممي الحكممم بعلممة تجمعهممما( ،والبمماء فممي قمموله) :بعلممة( سممببية أي
بسبب علة ،ومعنى رد الفرع إلى الصل جعله مساوي ا له وراجع ا إليه فممي الحكممم ،حيممث إن الفممرع لممم يممرد فممي
بيممان حكمممه نممص ول إجممماع ،لن موضمموع القيمماس طلممب أحكممام الفممروع المسممكوت عنهمما ،الممتي لممم يممرد فيهمما
نص ول إجماع ،فإذا وجدت علة الصل في الفرع أعطي حكم الصل.
ل. )(2
ومثمماله :قيمماس الرز علممى الممبر فممي جريممان الربمما ،والعلممة الممتي تجمعهممما هممي الطعممم والكيممل مث ا
وقياس العبد على المة في تنصيف حد الزنا بجامع الممرق فممي كمل منهممما .ودليمل الصممل آيممة سمورة النسماء.
كما تقدم في التخأصيص.
وأركان القياس أربعة:
(1الفممرع ،وهممو المحممل الممذي يمراد إثبممات الحكممم فيممه ،ويسمممى المقيممس .وهممو الرز فممي المثممال الول
والعبد في المثال الثاني.
(2الصل ،وهو المحل المعلوم بثبوت الحكم فيه ،ويسمى المقيس عليه ،وهو البر ،والمة.
(3والحكممم ،وهممو المممر المقصممود إلحمماق الفممرع بالصممل فيممه .وهممو جريممان الربمما فممي المثممال الول.
وتنصيف الحد في الثاني.
(4العلة ،وهي المعنى المشترك بيمن الصمل والفممرع المقتضممي إثبمات الحكمم فمي الفممرع .وهمي الطعممم
والكيل مثلا في الول ،والرق في الثاني.
قوله) :وهو ينقسم إلى ثلثة أقسام( لما ذكر تعريف القياس شرع في تقسيمه بحسب علته .فذكر أنممه
ثلثة :قياس العلة وقياس الدللة ،وقياس الشبه .وعرف كل قسم منها.
قوله )فقياس العلة :هو ما كانت العلة فيه موجبة الحكم(.
أي :هو ما كانت العلة الممتي تجمممع الفممرع والصممل فممي الحكممم )موجبممة الحكممم( أي :مقتضممية للحكممم،
بمعنى أنه ل يحسمن تخألممف الحكمم عنهما فممي الفمرع بممأن توجمد همي فممي الفمرع ول يوجممد الحكممم .ومثماله :قيماس
113
ف ]) (1والحكممم
ضممرب الوالممدين أو أحممدهما علممى التممأفيف المنصمموص عليممه فممي قمموله تعممالى[ :فل تقل لهما أ د
هو التحريم ،والعلة هي اليذاء .فل يحسن عقلا تخألف الحكمم فمي الفمرع بمأن يبماح الضمرب ،ويمنمع التمأفيف
مع وجود العلة في الفرع على أتم وجه) .(2وهذا على قول من يممرى أن ثبمموت الحكممم فممي الفممرع فممي هممذا القسممم
بطري ممق القي مماس فيك ممون بطري ممق المنط مموق ونق ممل ف ممي البره ممان) (3ع ممن أك ممثر الص مموليين أن ممه بطري ممق مفه مموم
الموافقممة ،وهممو أن يوافممق المسممكوت عنممه المنطمموق فممي الحكممم ،وقممد يكممون أولممى وقممد يكممون مسمماويا والضممرب
أولى بالتحريم من التأفيف.
والمشمهور أن قيماس العلمة همو الجمممع بيمن الفمرع والصممل بنفممس العلممة ،كممما إذا قلنمما :يجممري الربما فمي
ل .وهو إما جلي أو خأفي ،وما ذكمره المصممنف هممو مممن قيمماس
الرز قياس ا على البر بجامع الطعم والكيل مث ا
العلة الجلي ،وهو ما علم من غير معاناة وفكر).(4
قموله) :وقيماس الدللممة :هممو السمتدلل بأحمد النظيريممن علمى الخأمر ،وهممو أن تكممون العلمة دالمة علمى
الحكممم ول تكممون موجب ممة للحك ممم( قمموله) :هممو السممتدلل( أي ه ممو أن يس ممتدل بأح ممد النظيريممن عل ممى النظي ممر
الخأممر .والممراد بممالنظيرين :الشمميئان المتشمماركان فممي الوصمماف كاشممتراك الشممنان والممبر فممي وصممف الكيممل،
وقوله) :أن تكون العلة دالة على الحكم( أي على ثبوت الحكم في الفرع.
وقوله) :ول تكون موجبة للحكم( أي ل تكون مقتضية لثبوت الحكم كما في قياس العلة.
ومثمماله :قيمماس الشممنان) (5علممى الممبر فممي جريممان الربمما بجممامع الكيممل .فالعلممة وهممي الكيممل دالممة علممى
الحكم ،وهو جريان الربمما فممي الشمنان ،ولكنهمما ليسمت موجبمة لثبموت الحكمم فمي الفممرع ،لجمواز خألممو الفمرع عممن
هذا الحكم ،لحتمال إيجاد فرق بين الصل والفرع ،بأن البر مطعوم والشنان غير مطعوم.
والمشمهور أن قياس الدالمة همو الجممع بيمن الصمل والفممرع بمدليل العلمة ،ل بالعلمة نفسمها :كالشمدة فمي
الخأمر أو الرائحة ،فإن الشدة أو الرائحمة ليسمت همي العلمة .سممي بمذلك لن الممذكور دليمل العلمة .وقمد يكمون
أثر العلة كأن يقمال :القتمل بمثقمل يموجب القصماص :كالقتمل بمحمدد بجامع الثمم ،وهمو أثمر العلمة المتي همي:
القتل العمد العدوان .وقد يكون حكم العلة كأن يقال :تقطع الجماعة بالواحممد ،كممما يقتلمون بمه بجمامع وجمموب
الديممة .وهممو حكممم العلممة ،ول منافمماة بيممن هممذا وممما ذكممر المصممنف لج مواز تعممدد الصممطلح أو اخأتلفممه وال م
أعلم).(6
)( سورة السراءا ،آية.23 : 1
)( ويسمجى هذا قياس الول وهو أن يكون ثابوت الكم ف الفرع أول منه ف الصل كهذا الثال أو مساويال له كقياس تري إتلف اليتيم باللجبس علجى تري إتلفه 2
)( الشنان :بفتح المجزة وكسرها شجر معروف كان يستعمجل قديال ف غاسل الثياب. 5
114
قوله) :وقياس الشبه :هو الفرع المتردد بين أصلين(.
مثاله) :(1العبد .هل يملك بالتمليك أو ل؟ وهمل إذا قتممل فيمه الديممة أو القيممة؟ فهمو مممتردد بيممن أصمملين
مخأتلفي الحكم.
الول الحممر فالعبممد يشممبه الحممر مممن حيممث إنممه إنسممان مكلممف يثمماب ويعمماقب وينكممح ويطلممق ،وتلزمممه
أوامر الشرع ونواهيه.
الصممل الثمماني :المممال أو البهيمممة كممما عممبر بعضممهم ،فهممو يشممبه هممذا الصممل مممن حيممث إنممه يبمماع
ويوهب ويوصى به ويرهن ويورث وغير ذلك من أحوال المال.
فالعبممد فممرع أشممبه الحممر فيملممك بالتمليممك وفيممه الديممة ،وهممذا الصممل الول ،وأشممبه البهيمممة فل يملممك
بالتمليك وفيه القيمة .وهذا الصل الثاني.
قمموله) :فيلحممق بأكثرهممما شممبها بممه( أي يلحممق هممذا الفممرع بممأكثر الصمملين شممبها بممه فممي صممفات منمماط
الحكم .وهو المال .فيأخأذ حكمه . .لنه يشبهه في الحكم والصفة مع ا أكثر مما يشبه الحر فيهما.
قوله) :ول يصار إليه مع إمكان ما قبله( هذه العبارة ثابتة في بعض النسخ ،ومعناها :أن هممذا النمموع
من القياس أضعف من الذي قبله ،فل يصار إليممه مممع إمكمان القسممين الوليمن ،إذ ليمس بيمن الفمرع والصممل
علة مناسبة ،سوى أنه يشبهه في أكثر الحكام ،مع أنه ينازعه أصل آخأر .وال أعلم.
)( انظر أمثلجة أخرى ف شرح الروضة لبن بدران ) (2/296ومذكرة الشنقيطي ص .266 1
115
من شروط القيمماس
)وم ممن ش ممرط الف ممرع أن يك ممون مناس ممب ا للص ممل .وم ممن ش ممرط الص ممل أن يك ممون ثابتم م ا ب ممدليل متف ممق علي ممه بي ممن
الخأصمين .ومن شرط العلة أن تطرد في معلولتها فل تنتقمض لفظما ول معنمى .وممن شمرط الحكمم أن يكمون
مثل العلة في النفي والثبات .والعلة هي الجالبة للحكم ،والحكم هو المجلوب للعلة(.
لما ذكر تعريف القياس وأقسامه ذكر بعض شروط أركان القياس.
قمموله) :ومممن شممرط الفممرع أن يكممون مناسممبا للصممل( أي :ومممن شممروط الفممرع لنممه مفممرد مضمماف فهممو
للعممموم).ولم منن( للتبعيممض ،لن لممه شممروط ا أخأممرى .والظهممر أن الم مراد بالمناسممبة :المناسممبة فممي العلممة بممأن
تكون علة الحكم وصف ا مناسب ا لكل من الصممل والفممرع ،مثممل تشممويش الفكممر وانشممغال القلممب وصممف مناسممب
لمنع الحاقن من القضاء قياسا على منع الغضبان منه ،وكالستعجال في قياس قتممل الموصممى لممه للموصممي
علمى قتمل الموارث مممورثه ،وكالسممكار وصممف مناسممب لتحريمم النبيمذ قياسم ا علممى الخأمممر) ،(1وعلمى هممذا فيغنمي
ع ممن ذكم مره م مما تق ممدم ف ممي التعري ممف م ممن ق مموله )بعل ممة تجمعهم مما( إل أن يق ممال :إن الش ممرطية ق ممد ل تس ممتفاد م ممن
التعريف؛ لن هذه الورقات وضعت للطالب المبتدئ الذي هو قريب الغفلة عن استفادة ذلك من التعريف.
ويحتمممل أن يمراد بالمناسممبة كممون حكممم الفممرع مممماثلا لحكممم الصممل ،كقيمماس القتممل بالمثقممل علممى القتممل
بالمحدد في وجوب القصاص .فالحكم في الصل هو عين الحكم في الفرع ،ذكره في غاية المرام).(2
وقممد ذكممر الشمموكاني أن مممن شممروط الفممرع مسمماواة علتممه لعلممة الصممل ،ومسمماواة حكمممه لحكممم الصممل،
فهذا يفسر به كلم المصنف) .(3فل يقاس التفاح على البر في جريان الربا ،لن الفرع ليس مساوي ا للصل
في العلة ،وهي الكيل مثلا حيث إن التفاح ليس مكيلا وال أعلم.
قوله) :ومن شرط الصل أن يكون ثابت ا بدليل متفممق عليممه بيممن الخأصمممين( هممذا شممرط لحكمم الصممل
كممما عممبر بممه غيمره ،ومعنممى ذلممك أن يكممون حكممم الصممل الممذي يمراد إثبمماته للفممرع ثابتم ا بممدليل نممص أو إجممماع،
متفق عليه بين الخأصمممين المتنمازعين ،لن البحممث بينهممما فمإذا ذكممر المسممتدل الحكممم مقترنما بمدليله ممن نمص
أو إجمال لم يشترط موافقة الخأصم ،لن دللة النص الصريح أو الجماع على الحكم يؤمن معه النتشار.
إوانممما شممرط ذلممك لئل يمنممع الخأصممم الحكممم فيحتمماج الخأممر علممى إثبمماته فيكممون انتقممالا مممن مسممألة علممى
مسألة أخأرى ،وينتشر الكلم فيفوت المقصود.
)( يكثر ف كتب الصول ذكر هذا الثال .وفيه نظر لن النب صرح بأن كل مسكر حراما .ومن شرط الفرع أل يكون منصوصال علجى حكمجه .ومن ل يشتط 1
ذلك ييز هذا القياس فانظر الشرح الكبي )) (2/287أضواءا البيان ).((3/312
)( غااية الراما ص .198 2
)( انظر إرشاد الفحول ص ،209غااية الراما شرح مقدمة الماما للجتلجمجسان ص .197 3
116
ومثاله قول الحنبلي :جلد الميتة نجس فل يطهر بالدباغ كجلد الكلب .فيقول الحنفممي :ل أسمملم حكممم
الصل ،وهو أن جلد الكلب ل يطهر بالدباغ ،بل هو يطهر به عندي.
فحكممم الصممل المقيممس عليممه ليممس متفقم ا عليممه بينهممما ،فل يصممح القيمماس ،وهممذا مممن القموادح فممي بمماب
القياس ،ويسمى )المنع(.
فممإن لممم يكممن خأصممم ،بممل أريممد مجممرد إثبممات ذلممك الحكممم فممي الفممرع ،فالشممرط ثبمموت حكممم الصممل بممدليل
يقول به القائس وهو المثبت للقياس.
قوله) :ومن شرط العلة أن تطرد في معلولتها(.
أي ومن شرط العلة ممن حيمث إلحمماق الفمرع بالصممل بواسممطتها أن تطممرد ،ومعنممى الطمراد :أنممه كلمما
وجدت العلة في صورة من الصور وجد معها الحكم كالكسار ،فكلممما وجمد الكسمار فممي شميء وجممد التحريممم
فيه ،كالكيل والطعم – مثلا – فكلما وجد الكيل والطعم في شيء حرم الربا فيه.
والمراد بمعلولتها الحكام المعللة بها كتحريم الربا في البر معلل بالكيل والطعم على أحد القوال.
وقوله) :فل تنتقض لفظ ا ول معنى( هذا تفريع علممى شممرطية الطمراد ،والنتفمماض أن يوجممد الوصممف
في صورة من الصور ،ول يوجد معه الحكم ،وهذا من القوادح التي تبطل القياس ويسمى )النقض(.
ول حاجة لقول المصنف )لفظاا( لنه إذا انتقض معنى انتقض لفظاا ،بممل لممو اقتصممر المصممنف علممى
قموله )فل تنتقمض( لكفمى ،لن العلمة ل تكمون إل معنمى ،واللفماظ دالمة عليهما ،ولعلمه جممع بينهمما لليضماح
والتأكيد ،أي فل ينتقض لفظ العلة ول معناها) (1أو يقال :إن كانت العلة مركبة ممن عمدة أوصماف نظمر إلمى
اللفظ ،إوان كانت أم ار واحدا نظر على معنى .وسيأتي إن شاء ال مثال ذلك).(2
واعلم أن المصنف عمم النقض ،وهو تخألف الحكم ،سواء كان المانع أو لغير مانع ،فيفسد القيمماس،
وهو ما مشى عليه في جمع الجوامع) .(3ونقله عن الشافعي واخأتاره جماعة .ويرى آخأرون أن تخألف الحكممم
عممن الوصممف فيممه تفصمميل :فممإن كممان لجممل مممانع منممع مممن تممأثير العلممة أو لفقممد شممرط تأثيرهمما ،فل يكممون ذلممك
مبطلا للعلة ،بل هو تخأصيص لها ،إوال فهو نقض إوابطال .وبه قال التلمساني في مفتاح الوصول ،ونسممبة
الشنقيطي لكثر العلماء).(4
ومثال النقض أن يقال :القتل العمد العدوان علة لوجوب القصاص إجماعماا ،لكممن ينتقممض ذلمك بقتمل
الوالد ولده ،فمإنه ل يجممب القصماص ،فل يقتممل بمه مممع وجمود العلممة ،وهممي الوصماف الثلثمة :القتمل ،والعممد،
والعدوان .فيقال :إن العلممة تخألفممت لممانع وهممو البموة ،لنهمما مانعمة مممن تممأثير العلمة فمي الحكممم ،فل يقممال همذه
)( انظر الشرح الكبي ).(2/493 1
117
العلة منقوضة لتخألف الحكم عنها في هذه الصورة ،بمل همي علمة منمع ممن تأثيرهما ممانع ،فل تبطمل فمي غيمر
الب ،فكلممما وجممد القتممل العمممد العممدوان مممن غيممر الب ونحمموه وجممب القصمماص ،حيممث ل مممانع مممن تأثيرهمما.
وهذا نقض على رأي الولين ،وتخأصيص على القول الثاني.
ومثال فقد الشرط :الزنا علة الرجم إجماعاا .وشرطه :الحصان .فإذا تخألف الحكمم – وهمو الرجمم –
مع وجود العلة – وهي الزنا – فل يقال :إنها علة منقوضة ،بل علة تخأتلف شرط تأثيرها.
إوان كان تخألفها لغير ذلك لم يصمح التعليمل بهما ،كمما لمو قيمل :تجمب الزكماة فمي المواشمي قياسم ا علمى
الموال بجامع دفع حاجة الفقير .فيقال :إن التعليل بدفع حاجة الفقير قد تخألف الحكمم عنهما فمي الجمواهر
كممالللي لصمملحيتها لممدفع حاجممة الفقيممر ،ومممع هممذا فل زكمماة فيهمما ،فهممي علممة منقوضممة حيممث وجممد المعنممى
المعلل به ،وهو دفع حاجة الفقير ،ولم يوجد الحكم وهو وجوب الزكاة.
قمموله) :ومممن شممرط الحكممم أن يكممون مثممل العلممة فممي النفممي والثبممات( الممراد بممالحكم حكممم الصممل مممن
حيث صحة إلحاق الفرع فيه بسبب علته ،أي :وممن شممروط الحكمم أن يكممون تابعم ا للعلمة فمي النفممي والثبممات
أي في الوجود والعدم ،فإن وجدت العلة وجد الحكم ،إوان انتفت انتفى .وهذا الشرط أعم من الشرط الممذكور
فممي العلممة ،لن ذاك خأمماص بوجممود الحكممم عنممد وجممود العلممة ،وهممذا عممام للوجممود والنتفمماء ،فممالول هممو الطممرد،
والثمماني هممو العكممس .وهممذا إن كممان الحكممم معللا بعلممة واحممدة :كتحريممم الخأمممر لعلممة السممكار ،فمممتى وجممد
السكار وجد التحريم ،ومتى انتفى السكار انتفمى التحريمم ،فمإن كمان للحكمم علمل متعمددة لمم يلمزم ممن انتفماء
علة معينة منها انتفاء الحكم ،فيثبت بالعلمة الخأمرى كممالبول والغمائط والنمموم لنقمض الوضمموء ،فلممو عمدم البمول
والغائط ثبت النقض بالنوم.
واعلم أن ظاهر كلم المصنف اشتراط النعكاس في العلممة ،ومعنمماه كلممما انتفممت العلممة انتفممى الحكممم،
ومن يشترط ذلك يمنع تعليل الحكم بعلتين ،لنه إذا انتفت علة لم ينتف الحكم لوجود العلممة الخأممرى وقيامهمما
مقامها.
والصم ممحيح أن ذل م ممك ل يش م ممترط إوان ك م ممان هم ممو الغ م ممالب .ونس م ممبه فم ممي الش م ممرح الكم ممبير للورق م ممات إل م ممى
الجمهور) ،(1فيجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين وذلك لوقوعه ،ولن العلة علمة على وجود الحكم ،ول مممانع
من تعدد العلمات.
ومثماله ممما تقمدم مممن تعليممل إيجمماب الوضمموء بمالبول والغممائط والريمح والنمموم ،ومثمماله أيضما تعليمل حرممة
النكاح بالقرابة والصهر والرضاع.
قوله) :والعلة هي الجالبة للحكم( هذا أحد تعمماريف العلممة ،وهممي الركممن ال اربممع مممن أركممان القيمماس كممما
تقدم.
)( الشرح الكبي ).(2/497 1
118
ثم إن أريد بالجالبة للحكم أي بمذاتها فغيمر صمحيح ،لن الم تعمالى ل يحملمه علمى شمرع الحكمم سموى
إرادته جل وعل ،يخألق ما يشاء ويخأتار.
إوان أريد أن الشارع جعلها جالبمة للحكمم فهمذا ل بمأس بمه .ولكمن التعمبير )بالمعرفمة للحكمم( أولمى ممن
الجالبممة للحكممم للحتمممال المممذكور ،وذلممك لن العلممة معرفممة لوجممود الحكممم ،فمممتى عرفممت العلممة عممرف ثبمموت
الحكممم معهمما ،بسممبب أن بينهممما مناسممبة تقتضممي ترتيممب الحكممم عليهمما ،فالسممكار علممة أي أن هممذا الوصممف
علمة معيرفة على حرمة المسكر كالخأمر والنبيذ .فالخأل قبل أن يصير مسك ار مباح ،فإذا ظهممرت فيممه القمموة
المسكرة وصار خأم ار حرم .فعلة التحريم وهي السكار تدل على ترتب الحكم عليها وتعلقه بها ،فإن وجممدت
وجد ،إوان لم توجد لم يوجد الحكم.
قوله) :والحكم هو المجلوب للعلة( هذا تعريف الحكم وهو أحد أركان القياس كما تقدم.
ومعنى ذلك أن الحكم هو ما جلبته العلة واقتضته من تحريم وتحليل وصممحة وفسمماد ووجمموب وانتفمماء
ونح ممو ذل ممك ،فتحري ممم الخأم ممر حك ممم ش ممرعي اقتض ممته العل ممة وه ممي الس ممكار .إوانم مما ك ممان الحك ممم مجلوبم م ا للعل ممة
لمناسبتها له ،فإنه ما ثبت حكم الصل في الفرع إل بسبب هذه العلة وال أعلم.
119
الحظممر والباحممة
)وأما الحظر والباحة فمن الناس من يقول :إن أصل الشمياء علمى الحظمر إل مما أبماحته الشمريعة .فمإن لمم
يوجد في الشريعة ما يمدل علممى الباحممة يتمسمك بالصمل وهمو الحظممر .وممن النمماس مممن يقممول :بضممده ،وهمو
أن الصل في الشياء على الباحة إل ما حظره الشرع ]ومنهم من قال بالتوقف[(.
قول )وأما الحظر والباحة( معطوف على قوله في أول الورقات )وأما أقسام الكلم( فهو مممن جملممة
ما أراد تفصيله بعد إجماله.
والمم مراد بممالحظر :المنممع .والباحممة ضممده .وهممذه المسممألة) (1وهممي مسممألة العيممان المنتفممع بهمما ذكممر
المصنف فيها ثلثة أقوال:
الول :أن الشممياء المنتفممع بهمما علممى الحظممر إل ممما دلممت الش مريعة علممى إبمماحته فهممو مبمماح ،فممإن لممم
يوجد في الشريعة ما يدل على الباحة فمإنه يتمسممك بالصممل وهممو الحظمر ،واحتمج القممائلون بممذلك بممأن جميمع
الشياء مملوكة ل جل وعل ،والصل في ملك الغير منع التصرف فيه إل بإذنه.
القول الثاني :أن الصل في المنافع الباحة إل ما حظره الشرع .ومن أدلة قمموله تعممالى[ :هو الذي
خلق لكم ما في الرض جميعا ]) (2ووجه الدللة :أن ال تعالى امتن على خألقممه بممما فممي الرض جميعماا ،ول
يمتن إل بمباح إذ ل منة في محرم ،وخأص من ذلك بعض الشياء وهي الخأبممائث لممما فيهمما مممن الضممرر لهممم
في معاشهم أو معادهم ،فيبقى ما عداها مباحا بموجب الية.
ب ذو
وقممال تعممالى[ :والرض وضــعها لل نــام ) (10فيهــا فاكهــة والنخــل ذات الكمــام ) (11والحــ د
العصف والريحان ) (3)] (12فامتن ال تعالى على النام بممأن وضمع لهمم الرض ،وجعمل لهمم فيهما أرزاقهممم
من القوت والتفكه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي ال عنه أن النبي قال) :إن أعظممم المسمملمين جرمم ا مممن سممأل عممن
شيء لم يخأيرم فحرم من أجل مسألته().(4
ووجه الدللة من وجهين:
(1أن الشياء ل تحيرم إل بتحريم خأاص لقوله) :لم يحرم(.
(2أن التحريم قد يكون لجل المسألة .فبين بهذا أنها بدون ذلك ليست محرمة.
)( انظر كتاب )السائل الشتكة بيم أصول الدين وأصول الفقه( للجدكتور ممجد العروسي ص .84 1
)( أخرجه البخماري رقم 6859ومسلجم رقم 2358وأبو داود رقم .4610 4
120
والقول الثالث :التوقف )وهذا ثابت في بعض النسخ( ودليلمه أن المبماح مما أذن فيمه صمماحب الشمرع،
والمحظور ما حرمه صاحب الشرع ،فإذا لم يمرد الشمرع وجمب أل يكمون مباحما ول محظمو ارا ،فموجب أن يكمون
على التوقف.
والقول الثاني أرجح القوال في المسألة لقوة أدلته .ومما علممل بممه الولممون ضممعيف ل يقمف فمي مقابلممة
النصوص .وأما الثالث ففيه نظر ،فإن ال تعالى خألق لنا وسخأر [ما في السموات وما في الرض جميعــال
منه ]) (1نسمتفيد منهمما ،فالتصممرف فيهما ينبغممي أن يكمون مباحم ا بهممذا الصممل العممام ،وقممد نصممر القممول بالباحممة
شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال).(2
واعلممم أن المسممألة خأاصممة بالعيممان المنتفممع بهمما ،وكلم المصممنف عممام حيممث عممبر بالشممياء ،وهممي
تشمل المنافع والمضار ،كممما تشممل القموال والفعمال ،وقمد فصمل شمارح الورقمات جلل المدين المحلمى وبيمن
حكم المنافع وأنه الحل ،والمضار وأنه التحريم ،وقال :إن هذا هو الصحيح) .(3وال أعلم.
121
استصحمماب الحممال
)ومعنى استصحاب الحال :أن يستصحب الصل عند عدم الدليل الشرعي(.
الستصحاب من الدلمة المخأتلمف فيهما .وقمول المصنممف ) ومعنممى استصمحاب الحمال ( يشعممر بممأن
الستصممحاب تقممدم لممه ذكممر كغي مره مممن المبمماحث السممابقة .وليممس كممذلك لن المصممنف لممم يممذكره فممي مجمممل
البواب أول الورقات ،وكان النسب أن يعنون له بمسألة ونحوها.
والستصحاب لغة :طلب الصحبة كالستسقاء طلب السقيا ،والصحبة مقارنة الشيء ومقاربته.
واصطلحاا :هو الحكم بأن ما ثبت في الزمن الماضي ،فالصل بقاؤه في الزمن المستقبل.
فإذا ثبت شيء فالمستدل يطلب صحبته في الحال والستقبال حتى يدل دليل على رفعه.
فلو ادعى شخأص على آخأر دينا لم تقبل دعواه .ويكون القول قول المدعى عليه استصحابا للحال.
إذ الصل براءة الذمة من الحقوق المالية حتى يدل دليل على خألف ذلك.
والستصحاب أنواع:
الول :استصحاب العدم الصلي ،حتى يرد الدليل الناقل عنه ،وهذا النوع هو الممذي ذكمره المصممنف
بقوله) :أن يستصحب الصل عند عدم الدليل الشرعي( .والمراد بالصمل :العمدم الصملي .وهمو مما يسممى
بممالبراءة الصمملية .فالصممل ب مراءة الذمممة مممن التكمماليف الشممرعية حممتى يممرد دليممل شممرعي علممى تغيي مره :كنفممي
صلة سادسة .وعدم وجوب صوم رجب.
وقمموله) :عنممد عممدم الممدليل الشممرعي( الممراد بعممدم الممدليل باعتبممار ممما يظهممر للمجتهممد ل بممالنظر للواقممع
ونفس المر .فإذا بحث المجتهد ولم يجد الدليل استصحب البراءة الصلية.
وهممذا النمموع حجممة .قممال السممبكي فممي البهمماج شممرح المنهمماج) :والجمهممور علممى العمممل بهممذا ،وادعممى
بعضهم التفاق( ا هم) (1وقد ذكر المصنف أنه حجة في كلمه على ترتيب الدلة كما سيأتي إن شاء ال.
الثاني :الستصحاب الذي ديل الشرع على ثبمموته ودوامممه كاستصممحاب الطهمارة بنمااء علممى ممما مضمى
مممن الوضمموء حممتى يثبممت نمماقض ،واستصممحاب بقمماء النكمماح بنمماء علممى عقممد الممزواج الصممحيح شممرعاا ،وبقمماء
الملك في المبيع بناء على عقمد الممبيع الصممحيح شمرعاا ،وبقمماء شممغل ذممة مممن أتلممف شمميئ ا بنمماء علمى مما صممدر
منه من إتلف .فالحكم بذلك استصحاب للحكم الذي دل المدليل الشمرعي علمى ثبموته ودواممه .ولمم يقمم دليمل
على تغييره.
122
وهم ممذا النم مموع ل خألف فم ممي وجم مموب العمم ممل بم ممه عنم ممد الصم مموليين علم ممى أن يثبم ممت معم ممارض لم ممه .قم مماله
الزركشي).(1
النوع الثالث :استصحاب الدليل مع احتمال المعارض .فالعموم يستصحب إلممى أن يممرد تخأصمميص.
صممص تعطيممل للش مريعة .والنممص يستصممحب إلممى أن يممرد نسممخ .ومممن
لن تعطيلممه بممدعوى البحممث عممن مخأ ي
أمثلة ذلك أن فريقا من أهل العلمم قالوا بجمواز نكماح الزانيمة قبمل وضمع حملهما .والصمحيح عمدم الجمواز لقموله
تعم ممالى[ :وأولت الحمـــال أجلهـــدن أن يضـــعن حملهـــدن ]) (2فيجم ممب استصم ممحاب هم ممذا العمم مموم حم ممتى يثبم ممت
تخأصيصه بما يدل على جواز الصورة المذكورة).(3
النمموع ال اربممع :استصممحاب الحكممم الثممابت بالجممماع فممي محممل الخألف ،وهممذا النمموع ارجممع إلممى حكممم
الشرع .بأن يتفق على حكم في حالة ،ثم تتغيممر صممفة المجمممع عليممه .ويخأتلمف المجمعممون فيممه .فيسممتدل مممن
لم يغير الحكم باستصحاب الحال.
ومثممال ذلممك :اسممتدلل مممن يقممول :إن المممتيمم إذا رأى الممماء فممي أثنمماء صمملته ل تبطممل صمملته .لن
الجممماع منعقممد علممى صممحتها قبممل ذلممك .فاستصممحب هممذا الجممماع إلممى أن يممدل دليممل علممى أن رؤيممة الممماء
مبطلة.
وهذا النوع هو محل الخألف .فأكثر الحنابلة وأصحاب أبممي حنيفممة والشممافعي علممى أنممه ليممس بحجممة.
لن الجماع إنما ديل علمى دوام الصملة حمال العمدم .فأما ممع وجمود المماء فهمو مخأتلمف فيمه ،ول إجمماع ممع
الخأتلف.
وقال بعض الصمموليين والفقهماء :إنمه حجممة .وبمه قمال داود الظماهري واخأتماره الممدي وابمن الحمماجب
وابن القيم وغيرهم .قال الشوكاني) :والقول الثاني هو الراجح ،لن المتمسك بالستصحاب با ن
ق علممى أصممل
قائم في مقام المنع ،فل يجب عليه النتقال عنه إل بدليل يصلح لذلك ،فمن ادعاه جاء به().(4
لكن نوقش ذلك بأن البقاء على الصل القمائم إنمما يكممون ممع النممص أو العقممل .أمما حيممن يكمون دليلممه
الجمماع فل .لن الجممماع فمي مسممألة المتيمم – مثلا – مشمروط بالعممدم .فل يكمون دليلا عنممد الوجممود .والم
أعلم.
)( البحر اليط ) (6/20وانظر أصول الفقه السلمي للجزحيلجي ).(2/863 1
)( انظر أعلما الوقعيم ) (1/341رسالة ف أصول الفقه للجعكبي ص 136إرشاد الفحول ص 238أدلة التشريع الخمتلجف ف الحتجاج با للجدكتور عبد العزيز 4
الربيعة ص 303وانظر الشرح المجتع علجى الزاد للجشيخ ممجد بن عثيمجيم ).(1/341
123
ومممن الدلممة علممى صممحة السممتدلل بالستصممحاب ممما عممدا النمموع ال اربممع قمموله تعممالى[ :فمــن جــاءه
موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى ال ]) .(5ووجممه الدللممة :أنممه لممما نممزل تحريممم الربمما خأممافوا مممن
الموال المكتسبة من الربا قبل التحريم ،فبينت الية أن مما اكتسمبوا قبمل التحريمم علمى المبراءة الصملية ،فهمو
حلل ول حرج عليهم فيه).(6
وم ممن الدل ممة أن م مما ثب ممت ف ممي الزم ممان الول م ممن وج ممود أم ممر أو ع ممدمه ول ممم يظه ممر زوال ممه ،ف ممإنه يل ممزم
بالضرورة والبداهة أن يحصل الظن ببقائه كما كان .والعمل بالظن واجب).(3
ومن الدلمة – أيضما – قيام الجمماع علمى اعتبمار الستصمحاب فمي كمثير ممن الفمروع الفقهيمة كبقماء
الوضوء والحدث والزوجية والملك – ما تقدم – مع وجود الشك في رافعها).(4
هذا وقد استنبط الفقهاء بعض القواعد من الستصحاب وأدلته ومن ذلك:
(1الصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت تغييره.
(2الصل في الشياء النافعة الباحة.
(3الصل في الشياء الضارة التحريم.
(4اليقين ل يزول بالشك.
(5الصل براءة الذمة من التكاليف والحقوق.
(6الصل في الذبائح التحريم.
(7الصل في العقود والشروط الصحة إل ما أبطله الشارع.
وتفصيل ذلك ل يتسع له المقام وال أعلم.
124
ترتيممب الدل ممة
)وأممما الدلممة فيقممدم الجلممي منهمما علممى الخأفممي ،والممموجب للعلممم علممى الممموجب للظممن ،والنطممق علممى القيمماس،
والقياس الجلي على الخأفي .فإن وجد في النطق ما يغير الصل إوال فيستصحب الحال(.
قوله) :وأما الدلة( أي وأما ترتيب الدلة كما ذكر ذلك في أول الورقات.
والدلممة جم ممع دليممل ،والمم مراد بممه هن مما ممما تثب ممت ب ممه الحكممام الش ممرعية م ممن الكت مماب والس ممنة والجممماع
والقيمماس ،وكممذا قممول الصممحابي علممى أحممد القممولين ،والستصممحاب علممى القممول المخأتممار .ومممن المعلمموم أن
الدلممة الشممرعية متفاوتممة فممي القمموة فيحتمماج إلممى معرفممة القمموى ليقممدم علممى غي مره عنممد التعممارض ،ولهممذا كممان
الولى بالمصنف أن يذكر هذه الكلممات اليسميرة ممع التعمارض المتقمدم بحثمه ،لن ترتيمب الدلمة يحتاج إليمه
عنممد التعممارض ،وهممذا ممما فعلممه المؤلفممون فممي أصممول الفقممه ،ولعممل المصممنف أخأممر موضمموع الممترتيب إلممى هنمما،
لنه يجري في الدلة الربعة التي آخأرها القياس .فلما فرغ من الدلة شرع في بيان الترجيح بينها.
قوله) :فيقدم الجلي منها على الخأفي( أي يقدم من أدلة الكتاب والسنة )الجلممي( وهممو ممما اتضممح منممه
الم مراد )الخأفممي( .وهممو ممما خأفممي الم مراد منممه ،وذلممك كالظمماهر والمممؤول ،س مواء كممان الظمماهر ظمماه ار بنفسممه أو
بالدليل كما تقدم في بابه ،كما يقدم اللفممظ المسممتعمل فممي الحقيقمي علمى المسمتعمل فمي معنمماه المجمازي ،لن
الحقيقي هو الظاهر من اللفظ.
وهذا على القول بوقوع المجاز في القرآن ،وتقدم بيان ذلك.
قوله) :والموجب للعلم على الموجب للظن( أي ويقدم ما يفيمد العلمم وهمو اليقيمن علمى مما يفيمد الظمن،
وذلك كالمتواتر والحاد ،فإن المتواتر يفيد العلم ،والحاد يفيد الظن،كما مضى في الخأبار ،وما أفاد العلممم
صماا .فإن الحماد يخأصمص المتمواتر ،كمما فمي أظهر مما أفاد الظنس إل أن يكون المتواتر عايمم ا والحماد خأا ي
قوله تعالى[ :يوصيكم ال في أولدكم ]) (1مع حديث "ل يمرث المسملم الكمافر ،ول الكمافر المسملم" وتقمدم ذلمك
في الخأاص.
قمموله) :والنطممق علممى القيمماس( أي ويقممدم النطممق علممى القيمماس ،والممراد بممالنطق قممول الم تعممالى وقممول
ص
الرسمول ،كمما تقممدم تعريفمه فمي التخأصمميص ،فيقممدم ذلمك علمى القيماس إل إن كممان النمص عايممما فمإنه يخأم ي
بالقياس ،ومثاله تقدم في التخأصيص.
قمموله) :والقيمماس الجلممي علممى القيمماس الخأفممي( القيمماس الجلممي ممما نممص علممى علتممه أو أجمممع عليهمما أو
كان مقطوعا فيه بنفي الفارق بين الفرع والصل.
125
ومممن أمثلتممه قيمماس إحمراق مممال اليممتيم علممى أكلممه المنصمموص عليممه فممي آيممة سممورة النسمماء فممي التحريممم
بجامع التلف إذ ل فرق بينهما.
والقياس الخأفي ما ثبتت علته بالسمتنباط ،ولممم يقطمع بنفممي الفممارق بيممن الفممرع والصمل ،كمما تقممدم فمي
ل ،فإنه لم يقطع بنفي الفارق لحتمال أن يقممال :إن
قياس الشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل مث ا
البر مطعوم ،والشنان غير مطعوم.
قوله) :فإن وجد في النطق ما يغير الصل إوال فيستصحب الحال( :أي أن وجد في الكتاب والسممنة
ص م ما فإننم مما نعمم ممل
مم مما يغيم ممر الصم ممل وهم ممو الم ممبراءة الصم مملية عمم ممل بم ممالنص وتم ممرك الصم ممل ،إوان لم ممم نجم ممد ن ي
بالستصحاب ،وهو العدم الصلي كما تقدم ،وال أعلم.
126
شممروط المفتممي
)ومن شرط المفتي أن يكون عالم ا بالفقه أصلا وفرعاا ،خألفم ا وممذهباا ،وأن يكمون كاممل اللمة فمي الجتهماد،
عارف ما بممما يحتمماج إليممه فممي اسممتنباط الحكممام مممن النحممو واللغممة ومعرفممة الرجممال وتفسممير اليممات ال مواردة فممي
الحكام والخأبار الواردة فيها(.
لما فرغ المصنف من الكلم على الدلة شمرع يتكلمم علمى صمفات ممن يشمتغل بالدلمة وهمو المجتهمد،
فذكر شروطه ،وهذا مسلك لبعض الصوليين ،وهممو تمأخأير مبحممث الجتهماد عممن مبحممث الدلمة ،والكمثرون
قدموا باب الجتهاد على مباحث الدلة ،لنها من عمل المجتهد.
قوله) :وممن شمرط المفمتي( أي المجتهمد ،والمفمتي :اسمم فاعمل ممن أفمتى الربماعي ،ومصمدره الفتماء.
قال في القاموس) :أفتاه في المر :أبانه له .والفتيا والفتوى )وتفتح( ما أفتى به الفقيه( أهم.
والمراد هنا :المخأبر عن حكم شرعي.
وللمفتي شروط ل يكون صالحا للفتاء إل بها ذكر بعضا منها.
قوله) :أن يكمون عالمم ا بمالفقه أصملا وفرعماا ،خألفم ا ومممذهباا( هممذا الشمرط الول ممن شمروط المجتهممد،
إوانممما اشممترط علمممه بممالفقه لنممه المقصممود ،والم مراد بممالفقه هنمما مسممائل الفقممه ،وليممس الم مراد ممما تقممدم فممي أول
الورقات ،وهو معرفة الحكام الشرعية لئل يصير المعنى :أن يكون عالم ا بمعرفة الحكام وهذا غير مراد.
والم مراد بقمموله :أص ملا وفرعماا :أي أصممول الفقممه وفروعممه .فأصممول الفقممه أدلممة الفقممه الجماليممة وكيفيممة
الستفادة منها وفروعه :مسائله الجزئية.
ل( مسمامحة ،لن وفي إدخأال أصول الفقه في الفقه كما يدل عليمه قموله )أن يكمون عالمم ا بمالفقه أصم ا
أصول الفقه ليس داخألا في الفقه ،إل إن كان يريد بالصل أمهمات المسمائل المتي همي كالقواعمد ،لكمن يفموته
التنبيه على معرفة أصول الفقه للمجتهد ،إل أن يدخأل في قوله )كامل اللة( كما سيأتي إن شاء ال).(1
قال ابن الجوزي) :قال العلماء :من الواجب على الفقيه اللزم لمه طلممب الوقمموف علمى حقمائق الدلمة
وأوضاعها التي هي مباني قواعد الشرع( ا هم).(2
وقوله) :وفرعاا( أي يعمرف المسمائل الفقهيمة التابعمة لهمذه القواعمد وغيرهما ،وليمس الممراد حفظهما ،إنمما
المقصود أن يحفظ جملة منها ،ليتمكن من معرفة ما يرد عليه أثناء الفتوى ،إذ ل يتصور العلم بجميعها.
وقوله) :خألف ا ومذهباا( أي يشترط في المفتي مع علمه بالفقه وأصوله أن يكون مطلعم ا علمى خألف
العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ،ليذهب إلى قول من أقوالهم .كما أنه لبد ممن معرفمة الجممماع،
لئل يفتي بخألف ما أجمع عليه .فيكون قد خأرق الجماع.
127
والممراد بقمموله )ومممذهباا( ممما يسممتقر عليممه أريممه ،وممما يسمموغ الممذهاب إليممه سسمملن العلممم بممالخألف سممبب
للعلممم بممما يسمموغ الممذهاب إليممه وهممذا إن حمممل كلمممه علممى المجتهممد المطلممق .فممإن حمممل علممى المجتهممد المقيممد
فممالمراد بالمممذهب ممما يسممتقر عليممه رأي إمممامه .فيجممب أن يكممون عالمم م ا بقواعممد مممذهب إمممامه ،ليجتهممد فممي
التخأريج على أصوله ،أو يجتهد في ترجيح بعض أقموال إمممامه علمى بعمض ،وذكممر فمي جمممع الجواممع) (1أنمه
ل يشترط علم المجتهد بتفمماريع الفقمه ،لنهما إنممما تحصمل بعمد الجتهمماد فكيمف تشممترط فيممه؟! وهممذا خألف مما
عليه المصنف .والظاهر بعض القواعد الفقهية كما تقدم.
وقمموله) :وأن يكممون كامممل اللممة فممي الجتهمماد( هممذا الشممرط الثمماني مممن شممروط المفممتي ،والممراد بكمممال
اللممة :صممحة الممذهن ،وجممودة الفهممم بعممده ،فيكممون ممما بعممده شممرط ا آخأممر .أو يريممد بكمممال اللممة ممما ذك مره بعممده
فيكون تفسي ارا .وهذا على أنه ل يفتي إل مجتهد ،وبه قال جممع ممن أهمل العلمم ،ويمرى آخأمرون أن المفمتي إذا
كممان متبح م ار فممي مممذهب إمممامه ،فاهممما لكلمممه ،عالممما لراجحممه مممن مرجمموحه كفممى ،ولممو لممم يكممن مسممتطيعا
اس ممتنباط الحك ممام م ممن أدلته مما ،وذل ممك لن اش ممتراط الجته مماد المطل ممق ف ممي المف ممتي يفض ممي إل ممى ح ممرج عظي ممم
واسترسممال الخألممق فممي أه موائهم ،ويضمماف إلممى ذلممك ممما نشمماهده فممي واقممع المممة السمملمية مممن كممثرة الجهممل
بأحكممام الممدين فممي كممثير مممن أفرادهمما ،وكممثرة مشمماغل المتخأصصممين فممي أحكممام الشمريعة مممما قممد يحممول بينهممم
وبين بلوغ درجمة الجتهماد .والقضماء ممع أنمه مركمز عظيمم ل يشمترط فيمه الجتهماد ،فليكمن المفمتي كالقاضمي
الذي ينفذ الحكام) (2وال أعلم.
قمموله) :عارف ما بممما يحتمماج إليممه فممي اسممتنباط الحكممام مممن النحممو اللغممة( أي :لبممد أن يكممون المجتهممد
عالم ا بالقدر اللزم لفهم الكلم من اللغة والنحو .أما اللغة فلن القرآن والسممنة بلسمان العممرب وردا ،فل يفهممم
نصوصهما من يجهل اللغة .وأمما النحمو فلن المعماني تخأتلمف بماخأتلف العمراب .فلبمد ممن معرفمة النحمو
والعراب.
قوله) :ومعرفة الرجال( أي :رواة الحديث ليأخأذ برواية المقبول منهم دون المجروح.
قوله) :وتفسير اليممات المواردة فمي الحكممام والخأبمار المواردة فيهما( أي ومممن شمرط المجتهممد أن يكمون
عالم ا بنصوص الكتاب والسنة التي لها تعلمق بمما يجتهمد فيمه ممن الحكمام .فيعمرف آيات الحكمام وتفسميرها
والحماديث المتي تتعلمق بهما الحكمام .ول يشمترط حفظهما بمل يكفمي معرفمة مظانهما فمي أبوابهما ليراجعهما وقمت
الحاجة إليها.
)( انظر أعلما الوقعيم ) (4/212وقد رأي هذا الرأي جع منهم ابن السبكي فيمجا نقلجه عنه ممجد علجي بن حسيم الالكي ف كتابه )تذيب الفروق( ج 2ص 2
129
ما يشترط في المستفتي
)ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد ،فيقلد المفتي في الفتيا .وليس للعالم أن يقلد ]وقيل يقلد[(.
لم مما ف ممرغ المص ممنف رحم ممه الم م م ممن بي ممان ش ممروط المف ممتي ش ممرع ف ممي بي ممان م مما يش ممترط ف ممي المس ممتفتي،
والمستفتي :اسم فاعمل ممن السمتفتاء بمعنممى طلممب الفتمموى ،فالسمين والتماء للطلممب ،والممراد هنما :السمائل عممن
حكم شرعي.
قوله) :ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد( أي :أهممل جمواز التقليممد ل مممن أهممل الجتهمماد،
فيدخأل فيه العامي والمتعلم الذي لم يبلغ درجة الجتهاد.
قمموله) :فيقلممد المفممتي فممي الفتيمما( أي :أن المقلممد يجممب عليممه تقليممد المفممتي لقصمموره عممن إدراك الحكممام
من أدلتها .وقوله )في الفتيا( أي :في جواب المفتي عن السؤال الموجه إليممه مممن المسممتفتي .ومعنممى تقليممده:
قبول قوله والعمل به كما سيأتي ،وظاهر قوله في )الفتيا( أنه يقلده في الفتوى ،ول يقلده في الفعل ،فلممو رأى
الجاهل العالم يفعل فعل لم يجز له تقليده فيه حتى يسأله ،إذ لعله فعله لمر لم يظهر للمقلد.
قمموله) :وليممس للعممالم أن يقلممد( أي :وليممس للمجتهممد أن يقلممد غيمره لتمكنممه مممن الجتهمماد إل إذا اجتهممد
بالفعممل ولممم يظهممر لممه الحكممم ،أو نزلممت بممه حادثممة تقتضممي الفوريممة ،فيجمموز أن يقلممد حينئممذ للضممرورة .أممما إذا
اجتهد وأداه اجتهاده إلى حكم لم يجز له أن ينتقل عنه ،ويقلد غيره من المجتهدين باتفاق.
وقوله) :وقيل :يقلد( هذا ثابت في بعممض النسممخ .والظمماهر أن الخألف فيمممن لممم يجتهممد ،فهممل لممه أن
يقلد غيره؟ الرجح أنه ممنوع من التقليد إل في الحالتين المذكورتين وال أعلم).(1
واعلم أنه يجب على المستفتي أن يريد باستفتائه الحق والعمل به .فل يسأل عما ل يعني .أو يتتبممع
الرخأص أو يقصد إفحام المفتي ،أو يقول :أفتاني غيرك بكذا .أو نحو ذلك من المقاصد السيئة.
ول يسممتفتي إل مممن يعلممم أو يغلممب علممى ظنممه أنممه أهممل للفتمموى ،بممما ي مراه مممن انتصممابه للفتيمما واحممترام
الناس له وأخأذهم عنه ،أو بخأبر عدل عنه .وينبغي أن يخأتار أوثق المفمتين علمما وورعماا .وقيمل :يجممب ذلمك
لن الغرض حصول ظن الصابة ،وهي إلى الفضل أقرب ،وال أعلم).(2
130
التقل مميد
)والتقليمد :قبممول قممول القائممل بل حجممة .فعلممى همذا قبممول قمول النمبي يسمى تقليمداا ،ومنهمم مممن قمال :التقليممد:
قبممول قممول القائممل وأنممت ل تممدري مممن أيممن قمماله .فممإن قلنمما :إن النممبي كان يقممول بالقيمماس فيجمموز أن يسمممى
قبول قوله تقليداا(.
لما بيين المصنف أن المجتهد ل يقلد بين حقيقة التقليد.
والتقليد لغة :وضع الشيء في العنق محيطا به .وذلك الشيء )قلدة( والجمع )قلئد( ويطلق علممى
تفويض المر إلى الشخأص كأن المر جعل في عنقه كالقلدة.
واصطلح ا عرفه بقوله) :قبول قول القائل بل حجة( أي بل حجة يذكرها القائل للسائل.
قوله )فعلى هممذا قبمول قممول النممبي يسمى تقليممداا( أي :فعلمى همذا التعريممف يكمون قبممول قمول النمبي
تقليممدا لنطبمماق التعريممف عليممه ،لنممه ي ذكر الحكممم ،ول يممذكر دليممل الحكممم ،لكممن جمماء عممن المصممنف فممي
)البرهان( خألف ذلك ،فإنه قال) :وذهب بعضهم إلى أن التقليد قبول قول القائل بل حجممة ،ومممن سمملك هممذا
المسمملك منممع أن يكممون قبممول قممول النممبي تقلي دا فممإنه حجممة فممي نفسممه( ا هم م) .(1ويظهممر أن مممن أطلممق عليممه
تقليدا قصد المجاز والتوسع ،قال المدي ) :إوان سمي ذلك تقليمدا بعمرف السمتعمال فل مشماحة فمي اللفمظ(
ا هم).(2
قوله) :ومنهم من قال :التقليد :قبمول قمول القائمل وأنمت ل تمدري ممن أيمن قماله( أي ل تعمرف مأخأمذه.
وهذا يخأرج أخأذ القول مع معرفة دليله فهذا اجتهاد.
ولممو قيممل فممي تعريفممه هممو) :اتبمماع مممن ليممس قمموله حجممة( لكممان أخأصممر وأشمممل وأوضممح .لن معظممم
الصوليين خأصصوا حدودهم بالقول ،ول معنى للخأتصاص به ،فمإن التبماع فممي الفعمال المبينممة كالتبمماع
في القوال).(3
ويخأممرج بممه اتبمماع الرسممول فليس تقليممدا لنممه اتبمماع للحجممة ،وكممذا اتبمماع أهممل الجممماع لن الجممماع
حجة ،وكذا اتباع قول الصحابي على القول بأنه حجة.
قوله) :فإن قلنا :إن النبي كان يقول بالقياس ،فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليممداا( هممذا تفريممع علممى
الحممد الثمماني الممذي ذك مره للتقليممد .وهممو أننمما إذا قلنمما إن الرسممول يج وز لممه أن يحكممم بالقيمماس أي :يجتهممد ول
131
يقتص ممر عل ممى ال مموحي ،ولي ممس المم مراد خأص مموص القي مماس ،ب ممل المم مراد جم مواز مطل ممق الجته مماد كم مما عيب ممر ف ممي
البرهان).(1
قوله) :فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليداا( أي :لننا ل نعلم مأخأذ قوله من الجتهاد أو مممن المموحي،
إوان قلنا إنه ل يجوز له أن يجتهد فل يسمى قبوله تقليداا ،لنا نعلم أن ما يقوله يقوله عممن وحممي .فل ينطبممق
عليه هذا التعريف.
والصحيح أن الرسول يجوز له الجتهاد ،ول يسمى قبول قوله تقليدا كما تقدم.
أممما الجتهمماد فممي أمممر الممدنيا فهممو جممائز وواقممع بالجممماع ،كممما حكمماه ابممن حممزم وغي مره) (2مثممل قصممة
)(4
اجتهمماده ف ي تممأبير النخأممل) (3وأممما أمممر الشممرع فعلممى أصممح الق موال لقمموله تعممالى[ :وشاورهم في المـر ]
وطريق المشاورة :الجتهاد .ولنه قد وقع كما في قصة أسارى بدر) (5وكمما فمي رجموعه لقول العبماس فمي
قمموله) :إل الذخأممر( كممما تقممدم فممي مبمماحث السممتثناء فممي بمماب التخأصمميص ،ولممو كممان ذلممك بمموحي لممم يتغيممر،
فدل على أنه باجتهاد وال أعلم.
132
الجته مماد
)وأما الجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض .فالمجتهد إن كان كامل اللة في الجتهاد فإن اجتهد فممي
الفممروع فأصمماب فلممه أجم مران ،إوان اجتهممد وأخأطممأ فلممه أجممر واحممد .ومنهممم مممن قممال :كممل مجتهممد فممي الفممروع
مصيب .ول يجوز أن يقال :كل مجتهد في الصول ]الكلمية[ مصيب ،لن ذلك يؤدي إلمى تصمويب أهمل
الضمللة مممن النصممارى والمجمموس والكفمار والملحممدين .ودليمل ممن قمال :ليمس كممل مجتهمد فممي الفمروع مصميبا
طا
قموله " من اجتهمد فأصماب فلمه أجمران ،ومممن اجتهمد وأخأطممأ فلممه أجمر واحممد" .وجمه المدليل :أن النمبي خأ ي
المجتهد تارة وصوبه أخأرى ]وال سبحانه أعلم[(.
لممما تكلممم عممن التقليممد وشممروط المجتهممد ،وأن الجتهمماد يجممب علممى مممن اجتمعممت فيممه شممروطه ذكممر
تعريف الجتهاد ،لن الجتهاد يقابل التقليد .وهو لغة :بذل الجهد) (1واستفراغ الوسع لدراك أمر شاق .ول
يستعمل إل فيما فيه مشقة .تقول :اجتهد في حمل الصخأرة .ول تقول :اجتهد في حمل العصا.
واصطلح ا عرفه بقوله) :بذل الوسع في بلوغ الغرض( والوسع :بضم الواو :الطاقة والقوة).(2
وهذا تعريمف عمام ،همو التعريمف اللغموي أقمرب ،فلبمد ممن تقييمده بمالحكم الشمرعي ،لن الممراد البحمث
في الجتهاد الذي همو طريمق لثبمات حكمم شمرعي .فيكمون الممراد بمالغرض :الحكمم الشمرعي المطلموب .ولمو
قيده بالفقيه وقال :بذل الفقيه وسعه لبلوغ الغرض لكان كافياا ،كما في جمع الجوامع ،لن الفقيه ل يتكلممم إل
في الحكام الشرعية .وللمجتهد شروط تقدم أكثرها في الكلم على المفتي.
قمموله) :فالمجتهممد إن كممان كامممل اللممة فممي الجتهمماد ( . .أي :محصملا لجميممع آلت الجتهمماد كممما
تقدم بيانه ،فيكون مستقل بمعرفة الحكام .والظاهر أن مراده المجتهد المطلممق .لنممه هممو الممذي يكممون كامممل
اللممة ،ويكممون بممذلك احممترز مممن مجتهممد المممذهب ومجتهممد الفتمموى) (3إوان لممم يتقممدم لهممما ذكممر ،إوان كممان الممذي
يظهر جريان الحكم المذكور فيهما ،أو يكون لدفع توهم بعض المسامحة في بعض شروط الجتهاد ،وعلمى
كل فلو أسقط قوله )إن كان كامل اللة( لكان أولى وال أعلم.
قوله) :فإن اجتهد في الفروع( المراد بها المسائل الفقهية الظنية التي ليس فيها دليل قاطع .لن هذا
هو موضع الجتهاد.
قوله) :فأصاب فله أجران ،إوان اجتهد فأخأطأ فله أجر واحممد( الممراد بالصممابة أن يوافممق ممما أداه إليممه
اجتهاده ما هو الحكم في الواقع .وقوله) :أجران( أي :نصيبان مممن الثمواب يعلمهممما الم كميمة وكيفيمة :أجممر
)( الهد بالضم اليم :الطاقة .وبفتحها :الشقة .انظر اللجسان ) (3/133مادة )جهد(. 1
)( التهد الطلجق من توفرت فيه شروط الجتهاد .ومتهد الذهب هو العال بذهب إمامه التمجكن من تريجح ما ل ينص علجيه إمامه علجى منصوصه ومتهد الفتوى. 3
من قصر اجتهاده علجى ما صح عن إمامه ول يتمجكن من تريجح غاي النصوص ]انظر أعلما الوقعيم .[4/212
133
علمى اجتهماده ،وأجممر علمى إصمابته الحمق ،لكممونه سمين سممنة يقتمدي بهما فيتبعممه المقلمدون ،ويظهمر الحمق .إوان
اجتهد وأخأطأ فله أجر واحد على اجتهاده ،وخأطؤه مغفور له ،لنه غير مقصود إل إن قصر في الجتهاد.
وهممذا هممو القممول الصممحيح فممي المسممألة ،أنممه ليممس كممل مجتهممد نصمميباا ،بممل المصمميب واحممد ،ومممن عممداه
مخأطئ .وهو قول مالك وأبي حنيفة في قول ،والشافعية والحنابلة.
قوله) :ومنهم من قال :كل مجتهد في الفروع مصيب( هذا القول الثاني في المسألة ،وهو قول آخأممر
لبي حنيفة وبعض الشافعية وبعض المالكية وبعض المتكلمين .فيكون له على هذا القول أجران.
ومنشأ الخألف هل ل تعالى في كل واقعة حكم معين في نفس المر قبل اجتهاد المجتهممد؟ أو ليممس
لممه حكممم معيممن ،إوانممما الحكممم فيهمما ممما وصممل إليممه المجتهممد باجتهمماده؟ فأصممحاب حكمممه ممما أدى إليممه اجتهمماد
المجتهد ،فما غلب على ظنه فهو حكم ال.
وقال الجمهور :إن ل تعالى في كل مسألة حكما معينا قبل الجتهاد فمممن وافقممه فهممو مصمميب ،ومممن
لم يوافقه فهو مخأطئ.
قمموله) :ول يجمموز أن يقممال :كممل مجتهممد فممي الصممول الكلميممة مصمميب( الممراد بالصممول الكلميممة:
مسممائل العقيممدة المنسمموبة إلممى علممم الكلم .وهممو ممما أحممدثه المتكلمممون فممي أصممول الممدين مممن إثبممات العقائممد
بالطرق التي ابتكروها وأعرضوا بها عما جاء في الكتاب والسنة) .(1والمعنى :أنه ل يصح أن يقممال كممل مممن
اجتهممد فممي أمممور العقائممد فهممو مصمميب .بممل المصمميب واحممد ،ومممن عممداه مخأطممئ ،وقممد نقممل بعضممهم الجممماع
على ذلك .ومخأالفة بعضهم ل يعتد بها).(2
قوله) :لن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضممللة ممن النصمارى والمجموس والكفممار والملحمدين( هممذا
تعليل لما تقدم .أي :لن هذا القول يمؤدي إلمى تصمويب ممن أخأطمأ ممن أهمل الضمللة .وأن كمل مما أدى إليمه
اجتهادهم فهو موافق لما هو الحق .وتصويبهم باطل .وما أدى إلى الباطل فهو باطل.
وقوله) :أهل الضللة( أي :أهل الباطل.
وقوله) :من النصارى( وهم من ينتسبون في ديممانتهم إلمى شمريعة عيسمى عليمه السملم .وأصمملها ديمن
منمزل من ال .لكنها حرفت وبدلت .وهم يقولون بالتثليث .ومعناه :أن ال عندهم ثلثة :الله الب .واللممه
البن ،والله الروح القدس .تعالى ال عما يقولون.
وقمموله) :والمجمموس( هممم قمموم يعبممدون النممور والنممار ،والظلمممة والشمممس والقمممر ويزعمممون أن للكممون
إلهين .أحدهما :النور .والثاني:الظلمة.
134
وق مموله) :والكف ممار( جم ممع ك ممافر .والكف ممر :كف ممر أك ممبر مخأ ممرج م ممن المل ممة .وه ممو كف ممر التك ممذيب ،وكف ممر
السممتكبار ،وكفممر العمراض ،وكفممر الشممك ،وكفممر النفمماق .وكفممر أصممغر ل يخأممرج مممن الملممة .ويتنمماول جميممع
المعاصي).(1
وقوله) :والملحدين( مفرده :ملحد وهو من كفر بالديان كلها.
قوله) :ودليل من قال :ليس كل مجتهد في الفروع مصيباا .قوله " :من اجتهد فأصاب فله أجران .
.إلخ") (2أي من جملة ما استدل به القمائلون بمأنه ليمس كمل مجتهمد فمي الفمروع مصميباا .همذا الحمديث .ووجمه
الدللة :أن الرسول جعل المجتهدين قسمين :قسما مصيباا .وقسما مخأطئاا ،ولو كان كمل منهمم مصميبا لمم
يكن لهذا التقسيم معنى ،وال أعلم .وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
)( رواه البخماري برقم 6919ومسلجم برقم 1716عن عمجرو بن العاص رضي ال عنه واللجفظ الذكور ل أقف ف الكتب الستة. 2
135
أسممماء الم ارج ممع
(1البهاج في شرح المنهاج ،لتقمي المدين علمي بمن عبمد الكمافي السمبكي المتموفى سمنة 756ه م وولمده عبمد
الوهاب المتوفى سنة 771هم .دار الكتب العلمية في بيروت .توزيع مكتبة دار الباز.
(2الحكممام فممي أصممول الحكممام .لبممي محمممد علممي بممن محمممد بممن حممزم الندلسممي الظمماهري المتمموفى سممنة
456هم أشرف على طبعه أحمد شاكر .توزيع دار العتصام.
(3الحكام في أصول الحكام .لسيف الدين علي بن أبي علممي بممن محمممد المممدي المتمموفى سممنة 631همم.
تحقيق د .سيد الجميلي .الناشر دار الكتاب العربي الطبعة الولى سنة 1404هم.
(4آداب البحممث والمنمماظرة .للشمميخ محمممد الميممن الشممنقيطي المتمموفى سممنة 1393ه مم .الناشممر مكتبممة ابممن
تيمية القاهرة ،ومكتبة العلم بجدة.
(5أدلة التشريع المخأتلف فيها .د .عبد العزيز الربيعة )معاصر( .مؤسسة الرسالة.
(6الحممدود النيقممة والتعريفممات الدقيقممة للقاضممي الشمميخ زكريمما بممن محمممد النصمماري المتمموفى سممنة 926ه مم.
تحقيق د .مازن المبارك ،دار الفكر المعاصر .بيروت.
(7إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الصمول .لمحممد بمن علمي الشموكاني المتموفى سمنة 1250همم.
دار المعرفة في بيروت.
(8الستدلل عند الصوليين .د.علي بن عبد العزيز العميريني )معاصر( .مكتبة التوبة.
(9السممتقامة لبممي العبمماس أحمممد بممن عبممد الحليممم بممن تيميممة المتمموفى سممنة 748همم ،تحقيممق د .محمممد رشمماد
سالم .طبعة جامعة المام محمد بن سعود السلمية.
(10الصابة في تمييز الصحابة .لبمي الفضمل أحممد بمن علمي بمن حجمر العسمقلني المتموفى سمنة 852ه م
تحقيق .د .طه محمد الزيني .الناشر مكتبة الكليات الزهرية.
(11أصل العتقاد .د .عمر بن سليمان الشقر) .معاصر(.
(12أصول السرخأسمي .لبمي بكمر محممد بمن أبمي سمهل السرخأسمي المتموفى سمنة 490ه م تحقيمق أبمي الوفماء
الفغاني .مطابع دار الكتاب العربي بالقاهرة )1372هم(.
(13أصول الفقه لمحمد زكريا البرديسي )معاصر( المكتبة الفيصلية بمكة .الطبعة الثالثة.
(14أصول الفقه السلمي .د .وهبة الزحيلي )معاصر( دار الفكر.
(15الصول من علم الصول .للشيخ محمد بن صالح العثيمين .ط :جامعة المام.
(16أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن .للشيخ محمد المين الشنقيطي المتوفى سنة 1393هم.
136
(17أعلم الممموقعين عممن رب العممالمين .شمممس الممدين أبممي عبممد الم محمممد بممن أبممي بكممر المعممروف بممابن قيممم
الجوزية المتوفى سنة 751هم.
(18الم ،لبي عبد ال محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204هم .دار الفكر.
(19النجم الزاهرات علمى حمل ألفمماظ الورقمات .لمحممد بممن عثمممان المممارديني المتمموفى سممنة 871همم .تحقيمق
د .عبد الكريم بن علي النملة .الطبعة الولى.
(20اليضاح في علوم البلغة .للخأطيب القزويني المتوفى سنة 739هم المكتبة التجارية الكبرى بمصر.
(21اليضمماح لقموانين الصممطلح لبممي محمممد يوسممف بممن عبممد الرحمممن بممن الجمموزي الحنبلممي المتمموفى سممنة
656هم تحقيق .د .فهد السدحان .مكتبة العبيكان.
(22اليضاح لناسخ القرآن ومنسوخأه .لمكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة 437ه م تحقيممق .د .أحمممد
حسن فرحات .الطبعة الولى مطابع الرياض.
(23البحممر المحيممط فممي أصممول الفقممه .لبممدر الممدين محمممد بممن بهممادر بممن عبممد الم م الزركشممي المتمموفى سممنة
794هم الطبعة الثانية و ازرة الوقاف والشئون السلمية بالكويت.
(24بدائع الفوائد لبي عبد ال محمد بمن أبمي بكمر المعمروف بمابن القيمم الجوزيمة المتموفى 751همم .الناشمر:
مكتبة القاهرة .الطبعة الثانية 1392هم.
(25البرهممان فممي أصممول الفقممه لمممام الحرميممن أبممي المعممالي عبممد الملممك بممن عبممد ال م الجممويني المتمموفى سممنة
478هم تحقيق عبد العظيم الديب .مطابع دار الوفاء بمصر.
(26بطلن المجاز .لمصطفى عبد الصياصنة) .معاصر( دار المعراج للنشر والتوزيع.
(27تبصرة الحكام لبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون المتوفى سممنة 799ه م مطبمموع بهممامش )فتممح العلممي
المالك( ومطبوع وحده في مجلد .مكتبة دار الباز.
(28التأسمميس فممي أصممول الفقممه .تممأليف أبممي إسمملم مصممطفى بممن سمملمة )معاصممر( الناشممر مكتبممة خأالممد بممن
الوليد بميت عقبة.
(29تحفة الحوذي شرح جامع الترمذي .لعبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري المتموفى سمنة 1353همم.
دار الفكر بيروت.
(30تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي .لجلل الدين عبمد الرحممن بمن أبمي بكمر السميوطي المتموفى سمنة
911هم تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف .دار الكتب العلمية .الطبعة الثانية.
(31تسهيل المنطق .لعبد الكريم بن مراد الثري )معاصر( دار مصر للطباعة.
(32التعريف ممات .لعل ممي ب ممن محم ممد الشم مريف الجرج مماني المت مموفى س ممنة 816ه م م دار الكت ممب العلمي ممة بي ممروت.
الطبعة الولى 1403هم.
137
(33تفسير القرطبي :الجامع الحكام القرآن لبي عبد ال محمد بن أحمد النصاري القرطبي المتوفى سنة
671هم .دار إحياء التراث العربي .بيروت.
(34تفسير ابن كثير :تفسير القرآن العظيم لسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي المتمموفى سممنة
774هم دار الشعب.
(35التقييد واليضاح .شرح مقدمة ابن الصمملح لزيمن المدين عبمد الرحيمم بممن الحسممين الع ارقممي المتمموفى سممنة
806هم .دار الفكر العربي.
(36تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم للحافظ خأليل بن كيكلممدي العلئممي المتمموفى سممنة 761ه م تحقيممق د.
عبد ال آل الشيخ .الطبعة الولى.
(37التمهيمد فمي أصمول الفقمه لبمي الخأطماب محفموظ بمن أحممد بمن الحسمن الكلموذاني الحنبلمي المتموفى سمنة
510هم م د ارسممة وتحقيممق :مفيممد محمممد أبممو عمشممة )ج (2 ،1ومحمممد بممن علممي بممن إبراهيممم )ج (4 ،3
منشورات مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى الطبعة الولى 1406هم.
(38التمهيد في تخأريمج الفمروع علمي الصمول .لجممال المدين عبمد الرحيمم بمن الحسمن السمنوي المتموفى سمنة
772هم .تحقيق محمد حسن هيتو .طبع مؤسسة الرسالة .بيروت.
(39جامع الصول في أحاديث الرسول صلى ال عليه وسلم لبي السعادات المبممارك بممن محمممد بممن الثيممر
الجممزري المتمموفى سممنة 606همم .تحقيممق عبممد القممادر الرنمماؤوط .طبممع مكتبممة الحلمواني .مطبعممة الملح.
مكتبة دار البيان 1389هم.
(40جمممع الجوامممع .لتمماج الممدين عبممد الوهمماب بممن علممي السممبكي المتمموفى سممنة 771ه مم .طبممع مممع )حاشممية
البناني على شرح المحلي عليه( طباعة مصطفى البابي الحلبي بمصر.
(41حاشية النفحات على شرح الورقات لحمد الخأطيب الجاوي .طباعة مصطفى الحلبي 1357هم.
(42الحديث المرسل .لمحمد حسن هيتو )معاصر( دار البشائر السلمية.
(43الحكم التكليفي .د :محمد أبو الفتح البيانوني )معاصر( دار القلم دمشق.
(44الحكم الوضعي عند الصوليين .سعيد بن علي الحميري .المكتبة الفيصلية مكة المكرمة .ط الولى.
(45الرسممالة للمممام أبممي عبممد ال م محمممد بممن إدريممس الشممافعي المتمموفى سممنة 204ه مم .تحقيممق أحمممد محمممد
شاكر.
(46رسممالة فممي أصممول الفقممه للمممام العلمممة أبممي علممي الحسممن بممن شممهاب بممن الحسممن العكممبري الحنبلممي
المتوفى سنة 428هم تحقيق د .موفق بن عبد القادر .ط الولى.
(47روضة الناظر وجنة المناظر .لموفق الدين عبد ال بن أحمد بن قدامة المقدسي المتمموفى سممنة 620ه م
)ومعها شرحها نزهة الخأاطر العاطر( لعبد القادر بن بدران .المطبعة السلفية بمصر 1342هم.
138
(48سممنن أبممي داود .لبممي داود سممليمان بممن الشممعث الزدي السجسممتاني المتمموفى سممنة 275ه مم .تحقيممق
محمد محيي الدين عبد الحميد .المكتبة العصرية.
(49سمنن ابممن ممماجه .لبممي عبمد الم محمممد بمن يزيمد ممن مماجه القزوينممي المتمموفى سممنة 275ه م تحقممي محممد
فؤاد عبد الباقي .طباعة مصطفى البابي الحلبي .مصر.
(50سنن الترمذي )جامع الترمذي( لبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمممذي المتمموفى سممنة 289همم.
تحقيممق محمممد أحمممد شماكر وتكملممة محمممد فمؤاد عبممد البمماقي وراجعممه إبراهيممم عطمموة .الناشممر دار الحممديث
بالقاهرة.
(51سنن النسائي .لبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علمي النسمائي المتموفى سمنة 303ه م باعتنماء عبممد
الفتمماح أبممو غممدة .الطبعممة الولممى المفهرسممة دار البشممائر بيممروت 1406ه مم .وهممي مصممورة عممن الطبعممة
الول ممى المصم مرية ف ممي الق مماهرة 1348هم مم .م ممع ش ممرح الح ممافظ جلل ال ممدين عب ممد الرحم ممن ب ممن أب ممي بك ممر
السمميوطي المتمموفى سممنة 911ه مم .وحاشممية أبممي الحسممن نممور الممدين بممن عبممد الهممادي السممندي الحنفممي
المتوفى سنة 1138هم.
(52السنة للحافظ أبي بكر عمر بن أبي عاصم الضممحاك بممن مخألممد الشميباني المتموفى سمنة 287همم.تحقيممق
اللباني .المكتب السلمي.
(53سممير أعلم النبلء .لشمممس الممدين أبممي عبممد ال م بممن أحمممد بممن قايممماز الممذهبي المتمموفى سممنة 74 8هم م
تحقيق مجموعة من الساتذة بإشراف شعيب الرناؤوط .مؤسسة الرسالة بيروت 1402هم.
(54شممرح تنقيممح الفصممول فممي اخأتصممار المحصممول .لشممهاب الممدين أحمممد بممن إدريممس الق ارفممي المتمموفى سممنة
684هم .تحقيق طه عبد الرؤوف سعد . .طبعة مكتبة الكليات الزهرية .ودار الفكر 1393هم.
(55شممرح صممحيح مسمملم .لمحممي الممدين أبممي زكريمما يحيممى بممن شممرف النممووي المتمموفى سممنة 676همم .مراجعممة
خأليل الميس .دار القلم بيروت.
(56شممرح العبممادي .أحمممد بممن قاسممم العبممادي الشممافعي المتمموفى سممنة 922ه م م علممى شممرح الجلل المحلممي
المتوفى سنة 864هم .على الورقات بهامش )إرشاد الفحول للشوكاني( .دار المعرفة في بيروت.
(57شرح العضد على مخأتصر ابن الحاجب .للقاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد اليجممي المتمموفى
سممنة 756همم .وبهامشممه حاشممية التفتممازاني المتمموفى سممنة 791همم .وحاشممية الشمريف الجرجمماني المتمموفى
سنة 816هم .دار الكتب العلمية بيروت.
(58شرح الكوكب المنير .لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجممار
المتوفى سنة 972هم تحقيممق محممد الزحيلممي ونزيممه حمماد .طبمع مركممز البحممث العلمممي بمكمة .جامعمة أم
القرى .الطبعة الولى 1408هم.
139
(59شرح مخأتصر الروضة .لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بممن سممعيد الطمموفي
الحنبلي المتوفى سنة 716هم .تحقيق د .عبد ال التركي .مؤسسة الرسالة.
(60شرح الورقات .لجلل الدين محمد بن أحمد المحلي المتوفى سنة 864هم .المطبعممة السمملفية ومكتبتهمما.
مصر .وينظر طبعة مكتبة الرياض الحديثة بالرياض.
(61الصحاح لسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة 393هم تحقيمق أحمممد عبمد الغفمور عطممار .مطمابع
دار الكتاب العربي بالقاهرة 1377هم.
(62صحيح البخأاري .اعتني به د .مصطفى ديب البغا .دار ابن كثير ودار اليمامة في بيروت ودمشق.
(63صحيح مسلم لبي الحسين مسلم بن الحجاج القشمميري النيسممابوري المتمموفى سممنة 261ه م تحقيممق محمممد
فؤاد عبد الباقي .دار إحياء التراث العربي.
(64صفة الفتوى والمفتي والمستفتي لحمد بن حمدان الحراني الحنبلي المتوفى سممنة 695ه م خأممرج أحمماديثه
محمد ناصر الدين اللباني .المكتب السلمي بدمشق الطبعة الثالثة 1397هم.
(65ضوابط المعرفة لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني .دار القلم بدمشق الطبعة الثالثة 1408هم.
(66طرح التثريب في شرح التقريب لبي الفضل عبد الرحيم العراقي المتمموفى سممنة 806ه م وأكملممه ولممده أبممو
زرعة أحمد بن عبد الرحيم المتوفى سنة 826هم .دار إحياء التراث العربي.
(67العممدة فممي أصممول الفقممه .للقاضممي أبممي يعلممى محمممد بممن الحسممين الف مراء الحنبلممي المتمموفى سممنة 458هم م
تحقيق أحمد سير المباركي ط الثانية 1410هم.
(68غاية المرام في شرح مقدمة المام .لبي العباس أحمد بن محمد بن زكري التلمساني المممالكي المتمموفى
سنة 899هم .دراسة وتحقيق الخ /خأالد بن شجاع العتيبي )رسالة ما جستير(.
(69غايم ممة الوصم ممول شم ممرح لم ممب الصم ممول .لشم مميخ السم مملم زكريم مما النصم مماري المتم مموفى سم ممنة 926ه م م طبعم ممة
مصطفى البابي الحلبي بمصر 1360هم.
(70فتاوى العمز بمن عبمد السملم .عمز المدين عبمد العزيمز بمن عبمد السملم عبمد الرحممن بمن عبمد الفتماح .دار
المعرفة.
(71فتمح البمماري شممرح صمحيح البخأماري .لحممد بممن علممي بممن حجمر العسممقلني المتمموفى سممنة 852همم .علمق
علممى الج مزاء الثلثممة الولممى فضمميلة الشمميخ عبممد العزيممز بممن بمماز .توزيممع رئاسممة إدارة البحمموث العلميممة
والفتاء بالرياض.
(72الفممروق فممي اللغممة .لبممي هلل الحسممن بممن عبممد الم م بممن سممهل العسممكري المتمموفى بعممد سممنة 395ه مم.
منشورات دار الفاق الجديدة ببيروت.
140
(73الفوائممد لشمممس الممدين أبممي عبممد الم محمممد بممن قيممم الجوزيممة المتمموفى 751ه م تحقيممق بشممير محمممد عيممون.
الناشر :مكتبة دار البيان .الطبعة الولى 1407هم.
(74القمماموس المحيممط لمجممد الممدين محمممد بممن يعقمموب الفيممروز آبممادي المتمموفى سممنة 817هم م والرجمموع إلممى
)ترتيب القاموس( للستاذ .الطاهر أحمد الزاوي .دار الكتب العلمية .ودار المعرفة .بيروت.
(75قرة العين في شرح ورقات إمممام الحرميمن للشميخ محممد بممن محمممد الرعينممي المعممروف بالحطماب المتمموفى
سنة 954هم دار ابن خأزيمة .ومطبوع بهامش )لطائف الشارات على تسهيل الطرقات لنظم الورقممات(
طباعة الحلبي.
(76القواعد النورانية الفقهيمة لتقمي المدين أبمي العبماس أحممد بمن عبمد الحليمم ابمن تيميمة المتموفى سمنة 728ه م
مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة 1370هم.
(77القواعد والفوائد الصولية لبي الحسن علي بن محمد بن عبمماس الحنبلممي الشممهير بممابن اللحممام المتمموفى
سنة 803هم تحقيق محمد حامد الفقي مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة 1375هم.
(78كشف السرار عن أصول فخأر السمملم الممبزدوي ،لعلء الممدين عبممد العزيممز بممن أحمممد البخأمماري المتمموفى
سنة 730هم الناشر دار الكتاب السلمي بالقاهرة.
(79لسمان العمرب لجممال المدين محممد بمن مكمرم بمن منظمور الفريقمي المصمري المتموفى سمنة 711ه م طبعمة
دار صادر بيروت 1374هم
(80لطمائف الشمارات .شممرح منظومممة العمريطمي للورقممات .لعبممد الحميممد بممن محمممد بمن علمي قمدس .طباعممة
مصطفى البابي الحلبي 1369هم.
(81اللمممع فممي أصممول الفقممه لبممي إسممحاق إبراهيممم بممن علممي الشمميرازي المتمموفى سممنة 476همم .تحقيممق يوسممف
المرعشلي ومعه كتاب )تخأريج أحاديث اللمع( .عالم الكتب ببيروت .الطبعة الولى 1405هم.
(82مجممموع الفتمماوى لتقممي الممدين أبممي العبمماس أحمممد بممن عبممد الحليممم بممن عبممد السمملم الح ارنممي المتمموفى سممنة
748هم .جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم الطبعة الولى بالرياض 1381هم.
(83المحصممول فممي علممم الصممول لفخأممر الممدين أبممي عبممد الم بممن محمممد بممن عمممر بممن حسممن المرازي الشممافعي
المتمموفى سممنة 606ه مم ،تحقيممق طممه جممابر العلم مواني ،نشممر جامعممة المممام محمممد بممن سممعود السمملمية
بالرياض 1399هم.
(84مخأتصر الروضة وقد طبع باسم )البلبل في أصول الفقه( لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي
الطوفي المتوفى سنة 716هم ،مكتبة المام الشافعي بالرياض.
(85مدارج السالكين .لشمس الدين أبممي عبممد الم محممد بممن أبممي بكممر المعممروف بمابن القيممم الجوزيممة المتمموفى
سنة 751هم تحقيق محمد حامد الفقي .دار الكتاب العربي .بيروت.
141
(86المممدخأل إلممى مممذهب المممام أحمممد بممن حنبممل .لعبممد القممادر بممن أحمممد المعممروف بممابن بممدران المتمموفى سممنة
1346هم تحقيق د .عبد ال التركي مؤسسة الرسالة ببيروت الطبعة الثالثة 1405هم.
(87مممذكرة أصممول الفقممه للشمميخ محمممد الميممن بممن محمممد المخأتممار الشممنقيطي المتمموفى سممنة 1393ه مم .ط
الجامعة السلمية بالمدينة النبوية.
(88المسممائل المشممتركة بيممن أصممول الفقممه .وأصممول الممدين ،لمحمممد العروسممي عبممد القممادر )معاصممر( .دار
حافظ للنشر والتوزيع ،الطبعة الولى 1410هم.
(89المستصفى من علم أصول الفقه لبي حامد بن محمد الغزالي المتوفى سنة 505هم دار صادر.
(90مسند المام أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى سنة 241هم ،دار صادر.
(91المسممودة فممي أصممول الفقممه لل تيميممة .تحقيممق محمممد محممي الممدين عبممد الحميممد .مطبعممة المممدني القمماهرة
1384هم.
(92المعتبر في تخأريج أحاديث المنهاج والمخأتصر .لبدر الدين محمد بن عبمد الم الزركشمي المتموفى سمنة
794هم تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي .دار الرقم الكويت .الطبعة الولى 1404هم.
(93معجممم لغممة الفقهمماء .وضممع محمممد رواس قلعممة جممي ،حامممد صممادق قنيممبي جممار النفممائس .الطبعممة الثانيممة
1408هم
(94المغنممي شممرح مخأتصممر الخأرقممي .لموفممق الممدين عبممد الم م بممن أحمممد بممن قدامممة المقدسممي المتمموفى سممنة
620هم .تحقيق عبد ال التركي وعبد الفتاح الحلو .هجر للطباعة والنشر الطبعة الولى 1409هم.
(95مفتمماح الوصممول إلممى بنمماء الفممروع علممى الصممول .لبممي عبممد ال م محمممد بممن أحمممد المعممروف بالش مريف
التلمسم مماني المتم مموفى سم ممنة 771هم مم ،تحقيم ممق عبم ممد الوهم مماب عبم ممد اللطيم ممف ،دار الكتم ممب العلميم ممة بيم ممروت
1403هم.
(96المنخأممول مممن تعليقممات الصممول .لبممي حامممد بممن محمممد الغ ازلممي المتمموفى سممنة 505ه مم .تحقيممق محمممد
حسن هيتو .دار الفكر بدمشق الطبعة الثانية 1400هم.
(97منع جواز المجماز فمي المنممزل للتعبمد والعجماز .للشمنقيطي .رسمالة مطبوعمة ضممن الجمزء العاشمر ممن
أضواء البيان.
(98المنهاج في ترتيب الحجماج .لبمي الوليممد سممليمان بمن خألمف البمماجي المتموفى سمنة 474ه م تحقيممق عبمد
المجيد تركي.
(99الموافقات في أصول الشريعة .لبي إسحاق إبراهيم بن موسى اللخأمي الشمماطبي المتمموفى سممنة 790ه م
تعليق عبد ال دراز .دار المعرفة بيروت.
142
(100نممثر الممورود علممى م ارقممي السممعود .للشمميخ محمممد الميممن بممن محمممد المخأتممار الشممنقيطي المتمموفى سممنة
1393همم .تحقيممق إواكمممال تلميممذه محمممد ولممد سمميدي ولممد حممبيب الشممنقيطي .توزيممع دار المنممارة .الطبعممة
الولى 1415هم.
(101نزهة النظر شرح نخأبة الفكر في مصطلح أهل الثر .لشهاب المدين أبمي الفضمل أحممد بمن علمي بمن
حجر العسقلني المتوفى سنة 852هم طبع المكتبة العلمية.
(102النسخ في دراسات الصوليين .نادية شريف العمري .مؤسسة الرسالة .الطبعة الولى 1405هم.
(103نظم المتناثر ممن الحمديث المتمواتر .لبمي عبمد الم محممد بمن جعفمر الكتماني المتموفى سمنة 1345ه م
دار الكتب السلفية بمصر .الطبعة الثانية.
(104النكممت علممى كتمماب ابممن الصمملح .لبممي الفضممل أحمممد بممن علممي بممن حجممر العسممقلني المتمموفى سممنة
852هم .تحقيق ربيع بن هادي عمير .دار الراية .الطبعة الثانية 1408هم.
(105النهايممة فممي غريممب الحممديث والثممر .لمجممد الممدين أبممي السممعادات المبممارك ابممن محمممد المعممروف بممابن
الثير الجزري المتوفى سنة 606هم تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي .المكتبة السمملمية.
الطبعة الولى 1383هم.
(106نواسممخ الق مرآن لبممي الفممرج عبممد الرحمممن بممن الجمموزي الحنبلممي المتمموفى 597هم م تحقيممق محمممد أشممرف
علي الملباري .طبع المجلس العلمي لحياء التراث السلمي بالمدينة النبوية.
(107الواضح في أصول الفقه .محمد بن سليمان الشقر )معاصر( الدار السلفية .الكويت.
(108عدد من المخأطوطات للورقات.
143
فه ممرس الموضموعمات
الصفحة الموضــوع
تقديم
مقدمة الطبعة الثانية
مقدمة الطبعة الثالثة
مقدمة الطبعة الولى
مبادئ علم أصول الفقه
مقدمة الورقات
تعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه
الحكام الشرعية
الواجب
المندوب
المباح
المحظور
المكروه
الصحيح والباطل
الفقه ،العلم ،الجهل
أقسام العلم
النظر ،الستدلل ،الدليل
الظن ،الشك
145
أقسام النسخ باعتبار الناسخ
التعارض بين الدلة
الجماع
من مسائل الجماع
قول الصحابي
الخأبار
(1المتواتر
(2الحاد
صيغ أداء الحديث
القياس
من شروط القياس
الحظر والباحة
الستصحاب
ترتيب الدلة
شروط المفتي
شروط المستفتي
التقليد
الجتهاد
أهم المراجع
تمت المراجعة 1426 /8/2هم والحمد ل
146