You are on page 1of 146

‫‪1‬‬ ‫شرح الورقات في أصول الفقه‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‬
‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬مممن يهممده‬
‫الم فل مضمل لمه‪ ،‬وممن يضملل فل همادي لمه‪ ،‬وأشمهد أن ل إلمه إل الم وحمده ل شمريك لمه‪ ،‬وأشمهد أن محممدا‬
‫عبده ورسوله‪. .‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذا شرح وجيز على ورقات إمام الحرمين في أصول الفقه‪ ،‬راعيت فيه سهولة السلوب‪ ،‬إوايضاح‬
‫العبارة بإيراد المثلة‪.‬‬
‫وأصل هذا الشرح دروس ألقيتها على بعض الطلبة في المسجد‪ ،‬فرغب إليي عدد من الخأوة أن أقوم‬
‫بطباعتها‪ ،‬فاعتذرت لهم بكثرة شروح الورقات وحواشيها‪ ،‬ولكنهم ألحوا عليي مبدين بعض المزايا‪ ،‬فاستعنت‬
‫بال تعالى في تلبية هذا الطلب‪.‬‬
‫وأصول الفقه علم جليل القدر غزير الفائدة‪ ،‬يتمكن متعلمه من القدرة على استنباط الحكام الشرعية‬
‫من النصوص على أسس سليمة وقواعد صحيحة‪ ،‬وعلم الفقه قائم على الصول‪ ،‬ول يمكن للفقيه أن‬
‫الحكام الشرعية العلمية إل بعد معرفة أصول الفقه‪ ،‬وكذا المحدث والمفسر‪.‬‬ ‫يعرف‬
‫والعالم بالصول يشعر بالثقة والطمئنان لما دونه فقهاء السلم‪ ،‬وأن ذلك مبني على قواعد‬
‫وأسس سليمة‪.‬‬
‫وأول من ألف في أصول الفقه وجمعه كفن مستقل المام محمد بن إدريس الشافعي رحمه ال‬
‫المولود سنة ‪150‬هم‪ ،‬والمتوفى سنة ‪204‬هم‪ ،‬ذكره السنوي في التمهيد ص ‪ 45‬وحكى الجماع فيه‪ ،‬ثم‬
‫تتابع العلماء بالتأليف ما بين مخأتصر ومطول‪ ،‬ومنثور ومنظوم‪ ،‬حتى صار فين ا مستقلا رتبت أبوابه‬
‫وحررت مسائله وصار كالتوحيد والفقه والحديث‪.‬‬
‫ومؤلف هذه الورقات هو شيخ الشافعية أبو المعالي عبد الملك بن عبد ال بن يوسف بن محمد‬
‫الجويني‪ ،‬نسبة إلى )جوين( من نواحي نيسابور‪ .‬ولد سنة ‪419‬هم وتفقه على والده في صباه‪ ،‬ورحل إلى‬
‫بغداد ثم إلى مكة وجاور بها أربع سنين‪ ،‬وذهب إلى المدينة فأفتى ودرس فلقب بإمام الحرمين‪ ،‬ثم عاد إلى‬
‫نيسابور فبنى له الوزير نظام الملك المدرسة النظامية فدرس فيها وكان يحضر دروسه أكابر العلماء‪.‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة لوقع فضيلة الشيخ ‪ /‬عبد ا بن صالح الفوزان‬


‫‪www.alfuzan.islamlight.net‬‬
‫وكان أبو المعالي في بداية أمره على مذهب أهل الكلم في باب السماء والصفات من المعتمزلة‬
‫والشاعرة‪ ،‬وكان كثير المطالعة لكتب أبي هاشم المعتمزلي‪ ،‬قليل المعرفة بالثار فأثر فيه مجموع المرين‪،‬‬
‫لكنه رجع عن ذلك إلى مذهب السلف كما نقل ذلك شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال)‪.(1‬‬
‫وقد ورد عن أبي المعالي نفسه ما يدل على رجوعه حيث صرح بعقيدته في باب السماء‬
‫والصفات وقال في رسالته النظامية )والذي نرتضيه رأياا‪ ،‬وندين ال به عقدا اتباع سلف المة‪ ،‬فالولى‬
‫التباع‪ ،‬والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع المة حجة متبعة وهو مستند معظم الشريعة ‪.(2)(. .‬‬
‫مات أبو المعالي سنة ‪478‬هم بنيسابور رحمه ال‪ ،‬وله عدة مؤلفات في أصول الدين والفقه‬
‫والخألف وأصول الفقه‪.‬‬
‫وكتبه‬
‫عبد ال بن صالح الفوزان‬

‫‪ ()1‬انظر فهارس الفتاوى )‪.(2/494‬‬


‫‪ ()2‬انظر سي أعلما النبلءا )‪.(18/468‬‬
‫‪2‬‬
‫مبادئ علم أصول الفقه‬

‫لما كان )أصول الفقه( فن ا مستقلا ناسب ذكر مبادئه العشرة التي ينبغي لقاصد كل فن أن يعرفها‪.‬‬
‫لتصور ذلك الفن قبل الشروع فيه‪.‬‬
‫وقد جمعها بعضهم بقوله‪:‬‬
‫الحدد والموضـوع ثـم الثمـرة‬ ‫إن مبادئ كل علـم عشـرة‬
‫والسم الستمداد حكم الشارع‬ ‫ونسبـة و فضلـه والـواضـع‬
‫ومن درى الجميع حـاز الشرفا‬ ‫مسائل والبعض بالبعض اكتفى‬
‫زاد بعضهم‪ :‬المبدأ الحادي عشر‪ ،‬وهو‪ :‬شرفه)‪.(1‬‬
‫وعليه فهذه مبادئ )علم أصول الفقه(‪:‬‬
‫‪ (1‬فحده‪ :‬علم يبحث في أدلة الفقه الجمالية وكيفية الستفادة منها‪ .‬وحال المستفيد‪ .‬وسيأتي شرح هذا‬
‫التعريف إن شاء ال‪.‬‬
‫‪ (2‬وموضوعه‪ :‬الدلة الموصلة إلى معرفة الحكام الشرعية وأقسامها‪ .‬واخأتلف مراتبها‪ .‬وكيفية‬
‫الستدل بها‪ ،‬مع معرفة حال المستدل‪.‬‬
‫‪ (3‬وثمرته وفائدته‪ ،‬منها‪:‬‬
‫القدرة على استنباط الحكام الشرعية على أسس سليمة يقول شيخ السلم ابن تيمية‬ ‫‪(1‬‬
‫رحمه ال‪) :‬إن المقصود من أصول الفقه أن يفقه مراد ال ورسوله بالكتاب والسنة()‪.(2‬‬
‫معرفة أن الشريعة السلمية صالحة لكل زمان ومكان‪ .‬وأنها قادرة على إيجاد‬ ‫‪(2‬‬
‫الحكام لما يستجد من حوادث على مر العصور‪.‬‬
‫‪ (5‬العالم بالصول يشعر بالثقة والطمئنان لما دونه فقهاء السلم‪ .‬وأنه مبني على‬
‫قواعد ثابتة مقررة شرعاا‪ ،‬ممحصة بحثاا‪.‬‬
‫د( ليست الفائدة من علم أصول الفقه قاصرة على الفقه فقط‪ .‬بل تتعداه إلى غيره من‬
‫العلوم من التفسير والحديث والتاريخ وغيرها)‪.(3‬‬

‫‪ ()1‬انظر )التأصيل( لبكر أبوزيد ص‪.37/‬‬


‫‪ ()2‬ممجوع الفتاوى )‪.(20/497‬‬
‫‪ ()3‬انظر مقالل ف ملجة )أضواءا الشريعة( بالرياض العدد السابع‪ .‬تدث فيه الدكتور ممجد البيانون عن أهية الصول وفوائد ص‪.411/‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ (4‬ونسبته إلى غيره‪ :‬أي مرتبته من العلوم الخأرى‪ .‬أنه من العلوم الشرعية‪ .‬وهو للفقه‪ .‬كأصول‬
‫النحو للنحو‪ .‬وعلوم الحديث للحديث‪.‬‬
‫‪ (5‬وفضله‪ :‬ما ورد في الحث على التفقه في دين ال تعالى ومعرفة أحكام شرعه‪ .‬وهذا متوقف على‬
‫أصول الفقه‪ .‬فيثبت له ما ثبت للفقه من الفضل‪ .‬إذ هو وسيلة إليه‪.‬‬
‫‪ (6‬واضعه‪ :‬هو المام محمد بن إدريس الشافعي رحمه ال‪ .‬وذلك بتأليف كتاب )الرسالة( وقد ذكرت‬
‫ذلك في المقدمة‪.‬‬
‫‪ (7‬اسمه‪ :‬علم أصول الفقه‪.‬‬
‫‪ (8‬استمداده‪ .‬من ثلثة أشياء‪:‬‬
‫علم التوحيد‪ :‬وذلك لتوقف الحكام الشرعية على معرفممة الم تعممالى‪ .‬وصممدق رسمموله ‪‬‬ ‫‪(1‬‬
‫فيما جاء به من الحكام‪ ،‬لنه المبلغ عن ال‪.‬‬
‫علممم اللغممة العربيممة‪ :‬فلبممد أن يعممرف الصممولي قممد ار صممالح ا مممن اللغممة يتمكممن بممه مممن‬ ‫‪(2‬‬
‫معرفة الكتاب والسنة‪ .‬لنهما بلسان عربي‪.‬‬
‫ج( الحكمام الشمرعية‪ :‬فلبمد أن يعمرف قمد ار صمالحا ممن الفقمه يتمكمن ممن إيضماح المسمائل‪.‬‬
‫وضرب المثلة‪.‬‬
‫‪ (9‬حكمه‪ :‬فرض كفاية‪ .‬وذكر في )المسيودة( أنه فرض عين على من أن أراد الجتهاد والحكم‬
‫والفتوى)‪.(1‬‬
‫‪ (10‬مسائلة‪ :‬مباحثه التي يلتزمها المجتهد‪ .‬ويستفيد منها ويستنبط الحكام الشرعية على ضوئها‪.‬‬
‫‪ (11‬شرفه‪ :‬هو علم شريف لشرف موضوعه‪ ،‬وهو العلم بأحكامه ال تعالى المتضمنة للفوز بسعادة‬
‫الدارين‪.‬‬

‫‪ ( )1‬السوودة ف أصول الفقه ص‪.510/‬‬


‫‪4‬‬
‫‪‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مقدمة الورق م م ممات‬
‫)هذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه وذلك مؤلف من جزءين مفردين أحدهما‪:‬‬
‫الصول‪ .‬والثاني‪ :‬الفقه(‪.‬‬
‫قوله‪) :‬هذه ورقات( الورقات جمع ورقة وهو جمع مؤنث سالم من جموع القلة)‪ (2‬عند‬
‫سيبويه)‪ ،(3‬وقد يأتي للكثرة‪ .‬وعبر بذلك لقصد التسهيل على المبتدئ‪ ،‬لينشط على قراءتها واللمام بما فيها‪.‬‬
‫ل(‬
‫وقوله‪" :‬تشتمل على معرفة فصول" أي على معرفة أنواع من المسائل كل نوع منها يسمى )فص ا‬
‫لنفصاله عن غيره‪.‬‬
‫والفصول‪ :‬جمع فصل وهو قطعة من الباب مستقلة بنفسها منفصلة عما سواها‪ ،‬تشتمل على‬
‫مسائل غالباا‪ ،‬والباب أعم من الفصل لنه اسم الملة مخأتصة من العلم‪ ،‬تشتمل على فصول ومسائل غالباا‪،‬‬
‫والكتاب أعم لنه اسم لجملة مخأتصة من العلم تشتمل على أبواب وفصول ومسائل غالباا‪.‬‬
‫إوانما يفعل المصنفون ذلك لتنشيط النفس وبعثها على التحصيل والستمرار في الطلب بما يحصل‬
‫لها من السرور بالخأتم والبتداء‪ ،‬كالمسافر إذا قطع مرحلة من سفره شرع في أخأرى‪.‬‬
‫قوله‪) :‬من أصول الفقه( أي من هذا الفن المسمى بأصول الفقه‪.‬‬
‫قوله‪) :‬وذلك مؤلف من جزءين ‪ . . .‬إلخ( الشارة إلى أصول الفقه فهو مؤلف من جزءين‪ .‬من‬
‫مضاف وهو كلمة )أصول( ومضاف إليه وهو كلمة‪) :‬الفقه( فهو من المركب الضافي‪ ،‬ولهذا لبد له من‬
‫تعريفين‪:‬‬
‫الول‪ :‬باعتبار مفردية‪ .‬أي كلمة )أصول( وكلمة )الفقه(‪ ،‬لن المركب ل تمكن معرفته إل بعد معرفة ما‬
‫تركب منه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬باعتباره علما على هذا الفن المعين‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬مفردين( المراد بالفراد هنا ما يقابل التركيب ل ما يقابل التثنية والجمع‪ ،‬لن أحد الجزءين‬
‫وهو لفظ )أصول( جمع‪ ،‬فدل على أن المفرد ما ليس بمركب‪.‬‬
‫إوانما قال‪) :‬مفردين( ليبين أن التأليف قد يكون من جزءين مفردين كما هنا‪ .‬وقد يكون من جملتين‬
‫نحو‪ :‬إن قدم الضيف أكرمته‪ .‬فإن الفعل والفاعل )قدم الضيف( جملة و)أكرمته( جملة أخأرى‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( ف بعض نسخ الورقات جاءا ف القدمة )المجد ل رب العاليم وصلجى ال علجى سيدنا ممجد وآله وصحبه أجعيم( وأكثرها ل ترد فيه هذه العبارة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( جع القلجة‪ :‬ما كان مدلوله عددال مددال ل يقل عن ثالثاة ول يزيد عن عشرة‪ .‬وجع الكثرة‪ :‬ما وضع للجعدد الكثي من أحد عشر إل مال ناية له‪ .‬ولكل منهمجا‬ ‫‪2‬‬

‫أوزان‪.‬‬
‫)( كتاب سيبويه )‪.(578 ،3/491‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪5‬‬
‫تعريف أصول الفقه باعتبار مفردية‬

‫)فالصل ما يبنى عليه غيره‪ ،‬والفرع ما يبني على غيره‪ .‬والفقه معرفة الحكام الشرعية التي طريقها‬
‫الجتهاد(‪.‬‬
‫هذا التعريف الول لصول الفقه وهو تعريفه باعتبار مفردية‪ ،‬فالصول جمع أصل والصل لغة‪:‬‬
‫ما يبني عليه غيره‪ ،‬كأصل الجدار وهو أساسه المستتر في الرض المبني عليه الجدار‪ .‬وأصل الشجرة‬
‫وهو طرفها الثابت في الرض‪ .‬قال تعالى‪ :‬ألم تر كيف ضرب ال مثلل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها‬
‫ثابت وفرعها في السماء )‪ (1) (24‬وهذا أحسن ما قيل في تعريف الصل‪.‬‬
‫وأما في الصطلح فيطلق على معان منها‪:‬‬
‫‪ (1‬الدليل‪ :‬كقولنا‪ :‬أصل وجوب الصوم قوله تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ‪ (2)‬أي‬
‫دليله‪.‬‬
‫ومنه أصول الفقه‪ :‬أي أدلته‪.‬‬
‫‪ (2‬القاعدة المستمرة‪ :‬كقولنا‪ :‬إباحة الميتة للمضطر على خألف الصل‪.‬‬
‫‪ (3‬المقيس عليه‪ :‬وهذا في باب القياس حيث إن الصل أحد أركان القياس‪.‬‬
‫وأما الفرع‪ :‬فهو ما يبنمى علمى غيمره‪ ،‬مثمل فمروع الشمجرة فهمي مبنيمة علمى أصملها‪ ،‬وفمروع الفقمه مبنيمة‬
‫على أصوله‪.‬‬
‫إوانما عرف الفرع – مع أنه ليس أحد الجزءين – لنه مقابل لحدهما وهو الصل‪ ،‬والشيء يتضح‬
‫غاية التضاح إذا ذكر مقابله‪ .‬أو يقال‪ :‬قصد المؤلف التنبيه على أن الفقه مبني على أصوله‪ ،‬وأن الجزء‬
‫الول وهو أصول مبني عليه‪ ،‬والجزء الثاني وهو الفقه مبني‪ ،‬فليس ذكر الفرع استطرادا كما قال بعضهم‪.‬‬
‫وأما الجزء الثاني من المركب فهو )الفقه( والفقه لغة‪ :‬الفهم أي فهم غرض المتكلم من كلمه‪ .‬قال‬
‫الجوهري‪ :‬الفقه‪ :‬الفهم‪ .‬تقول‪ :‬فقه الرجل بالكسر‪ ،‬وفلن ل يفقه ول ينقه)‪ ،(3‬ثم خأص به علم الشريعة‪.‬‬
‫والعالم به فقيه‪ .‬وقد فقه بالضم فقاهة وفقهه ال وتفقه إذا تعاطى ذلك‪ .‬ا هم‪.‬‬
‫والفقه اصطلحاا‪ :‬معرفة الحكام الشرعية التي طريقها الجتهاد‪.‬‬

‫)( سورة إبراهيم‪ ،‬آية‪.24 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.183 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( قال ف القاموس‪ :‬نقه الديث‪ :‬فهمجه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫شرح التعريف‪:‬‬
‫قوله‪ :‬معرفة‪ :‬المعرفة تشمل اليقين – وهو ما أدرك على حقيقته كمعرفة أن الصلوات خأمس‪ ،‬وأن‬
‫الزنا محرم‪ ،‬والظن وهو ما أدرك على وجه راجح كما في كثير من مسائل الفقه)‪ .(1‬مثل معرفة أن الوتر‬
‫سنة على مذهب الجمهور‪ .‬وأن الزكاة غير واجبة في الحلي المباح على أحد القوال‪ .‬والمراد بالمعرفة هنا‬
‫الظن؛ لقوله‪) :‬التي طريقها الجتهاد(‪ .‬فهو صفة للمعرفة‪ ،‬ل للحكام الشرعية إذ لو كان صفة للحكام‬
‫لدخأل في التعريف معرفة المقلد‪ ،‬فإذا جعلناه صفة للمعرفة خأرج المقلد إذ يصير التعريف‪:‬‬
‫الفقه‪ :‬هو المعرفة التي طريقها الجتهاد‪ .‬والمقلد ليست معرفته عن طريق الجتهاد بل عن طريق‬
‫التقليد‪ ،‬كما سيأتي إن شاء ال تعالى في آخأر الورقات‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬الحكام الشرعية( أي المأخأوذة من الشرع المبعوث به النبي ‪ .‬كالوجوب والستحباب‬
‫والحرمة وغيرها‪.‬‬
‫وقيد )الشرعية( خأرج به الحكام العقلية‪ ،‬كمعرفة أن الواحد نصف الثنين‪ ،‬والحكام الحسية‬
‫كمعرفة أن النار حارة‪ ،‬والعادية كنمزول المطر بعد الرعد والبرق‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬التي طريقها الجتهاد( تقدم أنه صفة للمعرفة‪ .‬والمعنى‪ :‬التي طريق ثبوتها وظهورها‬
‫الجتهاد الذي هو بذل الجهد لدراك حكم شرعي مثل‪ :‬النية واجبة في الوضوء والفاتحة واجبة في الصلة‬
‫السرية والجهرية على أحد القوال‪ ،‬وغير ذلك من مسائل الخألف‪ .‬وأما ما طريقه القطع مثل الصلة‬
‫واجبة والزنا محرم وغير ذلك من المسائل المصنف‪،‬فل تسمى معرفتها فقهافي الصطلح على لن‬
‫معرفة ذلك يشترك فيها الخأاص والعام‪ .‬فالفقه بهذا التعريف ل يتناول إل فقه المجتهد‪.‬‬
‫هذا هو تعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه‪ .‬وأما التعريف الثاني وهو تعريفه باعتباره علم ا على‬
‫هذا الفن المعين فسيذكره المصنف بعد الكلم على الحكام الشرعية‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( انظر البهان لماما الرميم )‪.(1/78‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫الحكممام الشمرعية‬

‫)والحكام سبعة‪ :‬الواجب‪ ،‬والمندوب‪ ،‬والمباح‪ ،‬والمحظور‪ ،‬والمكروه‪ ،‬والصحيح‪ ،‬والباطل(‪.‬‬


‫المراد بالحكام‪ :‬الحكام الشرعية التي تقدم ذكرها في تعريف الفقه‪ ،‬والحكام جمع حكم‪ .‬وهو لغة‪:‬‬
‫المنع‪ .‬ومنه قيل‪ :‬للقضاء حكم‪ ،‬لنه يمنع من غير المقضى‪ .‬والحكم‪ :‬القضاء‪ .‬قال ابن الثير‪) :‬الحكم‪:‬‬
‫العلم الفقه والقضاء بالعدل( ا هم‪ .‬وعلى المعنى الول جاء قول جرير‪:‬‬
‫إني أخاف عليكمو أن أغضبا‬ ‫أبني حنيفة احكموا سفهاءكم‬
‫ويظهر من هذا المعنى اللغوي أننا إذا قلنا‪ :‬حكم ال في هذه المسألة الوجوب فمعناه أنه قضى فيها‬
‫بالوجوب ومنع المكلف من مخأالفته‪.‬‬
‫والحكم اصطلحاا‪ :‬ما دل)‪ (1‬عليه خأطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخأيير أو‬
‫وضع‪.‬‬
‫ومثاله قوله تعالى‪[ :‬وأقيموا الصلة ] فهذا خأطاب من الشرع دل على وجوب إقامة الصلة‪ ،‬وهذا‬
‫الوجوب هو الحكم‪.‬‬
‫والمراد بخأطاب الشرع‪ :‬الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬بأفعال المكلفين‪ :‬المراد به‪ :‬جميع أعمال الجوارح إوان كانت الفعال تقابل بالقوال في‬
‫الطلق العرفي‪ ،‬وهذا يخأرج ما تعلق بذواتهم فليس مقصودا كقوله تعالى‪[ :‬ولقد خلقناكم ثم صورناكم ])‪،(2‬‬
‫وخأرج به ما تعلق بالعتقاد فليس حكم ا بها الصطلح‪ .‬والمكلفون‪ :‬يشم نوعين‪:‬‬
‫‪ (1‬المكلف الن‪ .‬ويراد به كل بالغ عاقل‪.‬‬
‫‪ (2‬ليس مكلف ا الن ولكنه منطبقة المكلفين‪ ،‬وهذا يراد به الصغير والمجنون‪ ،‬فكل منهما من‬
‫طبقة المكلفين‪ ،‬ولكن وجد مانع من التكليف وهو الصغر وفقدان العقل‪ ،‬فإذا زال جرى عليه‬
‫التكليف‪.‬‬
‫والتكليف لغة‪ :‬إلزام ما فيه كلفة أي مشقة‪ .‬واصطلح ا طلب ما فيه مشقة‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬من طلب‪ :‬الطلب نوعان‪:‬‬
‫‪ (1‬طلب فعل وهو المر‪ ،‬إن كان على سبيل اللزام فواجب إوال فمندوب‪.‬‬

‫)( انظر الكم التكلجيفي للجدكتور ممجد البيانون ص ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة العراف‪ ،‬آية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ (2‬طلب ترك وهو النهي‪ ،‬إن كان على سبيل اللزام فمحرم إوال فمكروه‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬أو تخأيير‪ :‬يراد به المباح‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬أو وضع‪ :‬يراد به الحكم الوضعي‪ .‬وذلك أن الحكام نوعان‪:‬‬
‫أحكام تكليفية‪ :‬وهي ما دل عليه خأطاب الشرع من طلب فعل أو ترك أو تخأيير‪ ،‬وهي خأمسة‪:‬‬ ‫‪(1‬‬
‫الواجب‪ ،‬والمندوب والمحظور‪ ،‬والمكروه‪ ،‬والمباح‪ ،‬وسيأتي إن شاء ال تعالى بيان وجه إدخأال‬
‫المباح مع الحكام التكليفية مع أنه ل تكليف فيه‪.‬‬
‫أحكام وضعية‪ :‬وهي ما دل عليه خأطاب الشرع من أسباب وشروط وموانع‪ .‬تعرف عند‬ ‫‪(2‬‬
‫وجودها أحكام الشرع من فعل أو ترك‪ .‬ويترتب على ذلك الصحة والفساد‪ .‬فرؤية الهلل سبب‬
‫وجوب الصيام‪ .‬والوضوء شرط للصلة‪ .‬والحيض مانع منها‪ ،‬وذكر المصنف من الحكام‬
‫الوضعية‪ :‬الصحيح والباطل‪.‬‬
‫وأعلم أن ظاهر كلم المصنف أن الفقه هو العلم بهذه السبعة‪ ،‬لنه لما عرف الفقه بأنه معرفة‬
‫الحكام الشرعية قال‪ :‬والحكام سبعة‪ .‬وأظهر في مقام الضمار توضيح ا للمبتدئ‪ ،‬لكن يعلم أن الفقه‬
‫ليس معرفة حقيقة الواجب والمندوب ‪ . .‬إلخ‪ ،‬لن هذا من أصول الفقه؛ إوانما المقصود أن الفقه معرفة‬
‫جزئياتها‪ .‬والمراد الواجبات والمندوبات والمحرمات والمكروهات والفعال الصحيحة والفاسدة وال أعلم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أقسام الحكم التكليفي‬
‫‪ (1‬الواج ممب‬

‫)فالواجب‪ :‬ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه(‬


‫هذا القسم الول من أقسام الحكم التكليفي وهو الواجب‪ .‬وهو لغة‪ :‬الساقط واللزم‪ ،‬لن الساقط يلزم‬
‫مكانه‪ ،‬فسمي اللزم الذي لخألص منه واجباا‪ .‬قال في القاموس‪ :‬وجب يجب وجبة سقط‪ .‬والشمس وجب ا‬
‫ووجوباا‪ :‬غابت‪ .‬والوجبة السقطة مع الهدة أو صوت الساقط ا هم‪ .‬قال تعالى‪[ :‬فإذا وجبت جنوبها فكلوا‬
‫منها ])‪ .(1‬أي سقطت قال الشاعر‪:‬‬
‫عنا لسلم حتى كان أول واجب‬ ‫أطاعت بنو عوف أمي ارل نهاهمو‬
‫وأما الواجب اصطلحاا‪ :‬فاكثر الصوليين يعرفه بالحد أي ببيان الحقيقة والماهية‪ .‬وبعضهم يعرفه‬
‫بالرسم وهو تعريفه ببيان الثمرة والحكم والثر)‪ .(2‬والول أدق لن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪،‬‬
‫ولهذا قال في شرح التحرير‪) :‬إن حده بحكمه يأباه المحققون( واستحسن هذا القول الفتوحي في شرحه على‬
‫الكوكب المنير)‪ (3‬وقد جرى المصنف على الثاني فذكر الوصف الذي اشتركت فيه جميع الواجبات‪ ،‬وهو‬
‫الثواب على الفعل والعقاب على الترك‪.‬‬
‫وأما على الول فالواجب‪ :‬ما طلب الشارع فعله طلب ا جازم ا كالصلة والزكاة وبر الوالدين وصلة‬
‫الرحام والوفاء بالوعد والصدق‪.‬‬
‫وخأرج بالقيد الول المحرم والمكروه والمباح‪ ،‬وبالقيد الثاني المندوب‪.‬‬
‫وحكم الواجب فعلا وترك ا ما ذكره المصنف من أن فاعله يثاب وتاركه يعاقب‪ ،‬وهذا يحتاج إلى‬
‫أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬قيد المتثال للثواب أي يثاب على فعله امتثالا)‪.(4‬‬
‫الثاني‪ :‬لو عبر بقوله‪) :‬ويستحق تاركه العقاب( بدل )ويعاقب( لكان أحسن لن من الواجبات مال‬
‫يلزم من تركه العقاب‪ ،‬بل هو تحت المشيئة مثل بر الوالدين‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬إن ال ل يغفر أن يشرك به‬

‫)( سورة الجح‪ ،‬آية ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر شرح الكوكب الني )‪.(1/89‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر شرح الكوكب الني )‪.(1/349‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( وذلك كالصلة والصوما‪ ،‬وأما قضاءا الدين ورد الودائع والنفاق علجى الزوجة فيصح بدون نية‪ .‬ولكن ل ثاواب إل بنية‪ .‬انظر )نثر الورود علجى مراقي السعود‬ ‫‪4‬‬

‫‪ (1/54‬شرح الكوكب الني ‪.1/349‬‬


‫‪10‬‬
‫ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ])‪ ،(1‬وقد أجاب بعض شراح الورقات عن استقامة العبارة بجوابين‪ .‬فقد قال‬
‫جلل الدين المحلي‪) :‬ويكفي في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره‪ ،‬ويجوز أن‬
‫يريد‪ :‬ويترتب العقاب على تركه‪ .‬كما عبر به غيره فل ينافي العفو()‪ (2‬ا هم‪ .‬والجواب الثاني أحسن لن‬
‫ترتب العقاب ل يلزم فيه حصول العقاب وال أعلم‪.‬‬
‫وللجواب تقسيمات أهمها ثلثة‪:‬‬
‫التقسيم الول‪ :‬باعتبار الفعل‪ .‬وهو نوعان‪:‬‬
‫‪ (1‬معين‪ ،‬وهو الكثر‪ .‬وهو الواجب الذي ل يقوم غيره مقامه كالصلة والصوم ونحوهما‪.‬‬
‫‪ (2‬مبهم‪ .‬في أقسام محصورة يجزي فعل واحد منها كخأصال الكفارة من عتق أو إطعام أو صوم‪.‬‬
‫التقسيم الثاني‪ :‬باعتبار الوقت‪ .‬وهو نوعان‪:‬‬
‫‪ (1‬واجب مضيق‪ .‬وهو ما تعين له وقت ل يزيد على فعله كصوم رمضان‪.‬‬
‫‪ (2‬واجب موسع‪ .‬وهو ما كن وقته المعين يزيد على فعله كالصلة‪.‬‬
‫التقسيم الثالث‪ :‬باعتبار الفاعل‪ .‬وهو نوعان‪:‬‬
‫‪ (1‬واجب عيني‪ :‬وهو مال تدخأله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة كالصلوات الخأمس‪ ،‬فما دامت‬
‫القدرة موجودة وجب على المكلف أن يفعل بنفسه أما مع عدم القدرة ففي المسألة تفصيل حسب‬
‫نوعية العبادة‪. .‬‬
‫‪ (2‬واجب كفائي‪ :‬وهو ما يسقطه فعل البعض ولو مع القدرة وعدم الحاجة كالصلة على الميت‬
‫ودفنه فالواجب الكفائي يتحتم أداؤه على جماعة المكلفين‪ ،‬فإذا قام به بعضهم سقط عن‬
‫الباقين)‪ .(3‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية ‪.48‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح اللجي ص ‪.7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر الكم التكلجيفي للجبيانون ص ‪.97‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ 2-3‬المندوب والمباح‬

‫)والمندوب ما يثاب على فعله ول يعاقب على تركه‪ .‬والمباح مال يثاب على فعله ول يعاقب على تركه(‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬المندوب‪ .‬وهو لغة‪ :‬اسم مفعول من الندب وهو الدعاء إلى الفعل‪ ،‬وقيده بعضهم‬
‫بالدعاء إلى أمر مهم‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫في النائبات على ما قال برهانا‬ ‫ل يسألون أخاهم حين يندبهم‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما طلب الشارع فعله طلب ا غير جازم كالسواك والرواتب والتطيب يوم الجمعة‪.‬‬
‫والقيد الول لخأراج المحرم والمكروه والمباح‪ .‬والقيد الثاني لخأراج الواجب‪.‬‬
‫والمندوب كما قال المصنف يثاب المكلف على فعله وذلك بقصد المتثال‪ ،‬ول يعاقب على تركه‪.‬‬
‫والمندوب خأادم للواجب فهو دافع قوي على اللتزام بالواجبات إضافة إلى أنه يجبر النقص فيها كما‬
‫دلت السنة على ذلك)‪ (1‬يقول الشاطبي رحمه ال )المندوب إذا اعتبرته اعتبا ار أعم وجدته خأادم ا للواجب‪،‬‬
‫لنه إما مقدمة له أو تذكار به كان من جنسه الواجب أو ل‪ .‬فالذي من جنسه الواجب كنوافل الصلوات مع‬
‫فرائضها‪ ،‬والذي من غير جنسه كالسواك وتعجيل الفطار وتأخأير السحور ‪ ،(2)(. .‬ومعنى كلمه – رحمه‬
‫ال – أن من حافظ على المندوبات حافظ على الواجبات ومن قصر في المندوبات فهو عرضة لن يقصر‬
‫في الواجبات ‪.‬‬
‫وجمهور الصوليين على أن المندوب مأمور به حقيقة كما تقدم في التعريف‪ ،‬لن المندوب طاعة‪،‬‬
‫والطاعة تكون بامتثال أمر ال تعالى‪ ،‬فكان المندوب مأمو ار به حقيقة‪ .‬قال تعالى‪[ :‬إن ال يأمر بالعدل‬
‫والحسان ])‪ (3‬وهذا أمر عام يشمل الواجب والمندوب‪ ،‬وسيأتي إن شاء ال تعالى في باب المر انقسام‬
‫المر إلى أمر إيجاب وأمر استحباب وال أعلم‪.‬‬

‫)( انظر‪ :‬تفة الحوذي )‪.(2/462‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الوافقات ‪.1/151‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية ‪.90‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪12‬‬
‫ل‪ .‬وهذا على رأي الجمهور خألف ا للحناف الذين‬
‫ويسمى المندوب‪ :‬سنة ومستحب ا وتطوع ا ونف ا‬
‫جعلوا المندوب مرادف ا للنفل ول كراهة عندهم في تركه‪ ،‬وفرقوا بين السنة والنفل‪ ،‬فجعلوها أعلى منه رتبة‪.‬‬
‫فإن كانت مؤكدة فتركها مكروه تحريماا‪ ،‬إوان كانت غير مؤكدة فتنمزيها)‪.(1‬‬
‫والقسم الثالث‪ :‬المباح‬
‫وهو لغة‪ :‬المعلن والمأذون فيه‪ .‬يقال‪ :‬باح فلن بسره‪ :‬أظهره‪ ،‬وأباح الرجل ماله‪ :‬أذن في الخأذ‬
‫والترك‪ .‬واستباح الناس العشب‪ :‬أقدموا على رعيه‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما ل يتعلق به أمر ول نهي لذاته كالغتسال للتبرد‪ ،‬والمباشرة ليالي الصيام‪ ،‬وخأرج‬
‫بالقيد الول وهو ) ما ل يتعلق به أمر( الواجب والمندوب لنه مأمور بهما‪.‬‬
‫وخأرج بالقيد الثاني وهو )ول نهي( المحرم والمكروه لنه منهي عنهما‪.‬‬
‫وخأرج بالقيد الثالث وهو )لذاته( ما إذا كان المباح وسيلة لمأمور به‪ ،‬فإنه يتعلق به أمر لكن ل‬
‫لذات المباح‪ ،‬بل لكونه صار وسيلة‪ ،‬أو كان المباح وسيلة لمنهي عنه فإنه يتعلق به نهي‪ ،‬لكن ل لذاته‬
‫إوانما لكونه صار وسيلة‪ .‬ومثال الول‪ :‬الكل فهو مباح في الصل لكن لو توقف عليه بقاء الحياة صار‬
‫مأمو ار به لما تقدم‪ .‬ومثال الثاني‪ :‬أكل الفاكهة – مثلا – فهو مباح لكن لو أدى تفويت صلة الجماعة في‬
‫المسجد صار منهيا عنه كما تقدم‪.‬‬
‫ومن تعريف المباح يتضح أنه ليس مأمو ار به‪ ،‬لن المر يستلزم إيجاب الفعل أو ترجيحه‪ ،‬ول‬
‫ترجيح للفعل على الترك في المباح‪ ،‬بل هما سواء‪.‬‬
‫وأما حكم المباح فهو كما ذكر المصنف ل ثواب في فعله ول عقاب في تركه‪ ،‬وهذا مذهب جمهور‬
‫الصوليين‪ ،‬والمراد بذلك المباح الباقي على وصف الباحة‪ ،‬أما المباح الذي يكون وسيلة لمأمور به أو‬
‫منهي عنه فهذا حكمه حكم ما كان وسيلة إليه كما ذكرنا‪.‬‬
‫وتثبت الباحة بصيغ كثيرة وردت في النصوص الشرعية ومنها‪:‬‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضل من‬ ‫)‪(2‬‬
‫نفي الثم والجناح والحرج‬ ‫‪(1‬‬
‫ربكم ])‪ (3‬وقوله تعالى‪[ :‬ليس على العمى حرج ول على العرج حرج ول على المريض‬

‫)( انظر الكم التكلجيفي ص ‪.171 ،163‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( هذا ليس علجى إطلقه‪ .‬قال الشاطب رحه ال‪) :‬إذا قال الشارع ف أمر واقع "ل حرج فيه" فل يؤخذ منه حكم الباحة‪ .‬إذ قد يكون كذلك وقد يكون‬ ‫‪2‬‬

‫مكروهلا‪ .‬فإن الكروه بعد الوقوع ل حرج فيه فلجيتفقد هذا ف الدلة( الوافقات )‪.(1/146‬‬
‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.198‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫حرج ])‪ ،(1‬وقوله تعالى‪[ :‬إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير ال‬
‫فمن اضطر غير باغ ول عاد فل إثم عليه ])‪.(2‬‬
‫النص على الحل كقوله تعالى‪[ :‬أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ])‪.(3‬‬ ‫‪(2‬‬
‫عدم النص على التحريم‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال‪) :‬انتفاء دليل التحريم‬ ‫‪(3‬‬
‫دليل على عدم التحريم()‪.(4‬‬
‫المتنان بما في العيان من المنافع وما يتعلق بها من الفعال كقوله تعالى‪[ :‬ومن‬ ‫‪(4‬‬
‫أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثال ومتاعال إلى حين ])‪.(5‬‬
‫القرائن التي تصرف المر من والوجوب إلى الباحة كقوله تعالى‪ [ :‬إواذا حللتم‬ ‫‪(5‬‬
‫فاصطادوا ])‪ (6‬ويأتي هذا في باب المر إن شاء ال‪.‬‬
‫ويطلق على المباح لفظ الحلل والجائز‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ما وجه إدخأال المباح في الحكام التكليفية مع أنه ل كلفة فيه؟‬
‫فالجواب‪ :‬ما قاله جمهور الصوليين من أن إدخأال المباح في الحكام التكليفية إنما هو على‬
‫سبيل التغليب‪ .‬وهذا استعمال مألوف معروف في اللغة العربية وأساليبها مثل‪) :‬السودان( للتمر‬
‫وال أعلم‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫والماء‪ .‬و)البوان( للم والب‬

‫)( سورة النور‪ ،‬آية ‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.173‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.187‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( القواعد النورانية ص ‪.200‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية‪ ،80 :‬بدائع الفوائد )‪.(4/6‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.2 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( الكم التكلجيفي للجبيانون ص ‪.54‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ 4-5‬المحظور والمكروه‬

‫)والمحظور ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله‪ .‬والمكروه‪ :‬ما يثاب على تركه ول يعاقب على فعله(‪.‬‬
‫الرابع من أقسام الحكم التكليفي‪ :‬المحظور‪.‬‬
‫وهو لغة‪ :‬اسم مفعول من الحظر بمعنى المنع يقال حظرت الشيء إذا حرمته‪ ،‬وهو راجع إلى المنع‬
‫ومنه قوله تعالى‪[ :‬وما كان عطاء ربك محظو ارل ])‪.(1‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما طلب الشرع تركه طلب ا جازم ا من الفعال كعقوق الوالدين إواسبال الثياب‪ ،‬أو‬
‫القوال كالغيبة والنميمة‪ ،‬أو أعمال القلوب كالحقد والحسد‪.‬‬
‫والقيد الول‪ :‬لخأراج الواجب والمندوب والمباح‪.‬‬
‫والقيد الثاني‪ :‬لخأراج المكروه‪.‬‬
‫والحرام ضد الحلل‪ .‬يقال‪ :‬هذا حلل وهذا حرام‪ ،‬كما قال تعالى‪[ :‬ول تقولوا لما تصف ألسنتكم‬
‫الكذب هذا حلل وهذا حرام لتفتروا على ال الكذب ])‪ .(2‬وأما قول الصوليين )الحرام ضد الواجب( فإنما‬
‫هو باعتبار تقسيم أحكام التكليف فيعيرف الحرام بضد تعريف الواجب كما ذكرنا‪.‬‬
‫وحكم المحرم ما ذكره المؤلف من أنه يثاب على تركه لكن بقصد المتثال‪ ،‬وذلك بان يكف نفسه‬
‫عن المحرم امتثالا لنهي الشرع قاصدا بذلك وجه ال تعالى‪ ،‬فلو تركه لنحو خأوف من مخألوق أو حياء أو‬
‫رياء أو عجز‪ ،‬مسللمم من الثم لنه لم يرتكب حراماا‪ ،‬ولكن ل أجر له‪ ،‬لنه لم يقصد وجه ال بالترك‬
‫للحرام)‪.(3‬‬
‫وأما فاعل المحرم بل عذر فهو مستحق للعقاب ول يلزم تحققه فهو تحت المشيئة‪ ،‬وتقدم الكلم‬
‫على ذلك في باب الواجب‪.‬‬
‫ويسمى المحرم محظو ار كما عبر به المصنف‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والمكروه ما يثاب على تركه ول يعاقب على فعله( هذا الخأامس من الحكام التكليفية وهو‬
‫)المكروه( وهو لغة اسم مفعول مشتق من الكراهة وهو البغض فالمكروه بمعنى المبغض بوزن اسم‬
‫المفعول‪.‬‬

‫)( سورة السراءا‪ ،‬آية‪.20 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية‪.116 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( بل قال بعضهم‪ :‬يأث لن تقدي خوف الخملجوق علجى خوف ال تعال مرما وكذا الرياءا‪ .‬انظر ممجوع الفتاوى )‪ ،(14/22) (10/720‬ففيهمجا مبحث نفيس‬ ‫‪3‬‬

‫حول هذا الوضوع‪ .‬وانظر )نثر الورود ‪.(1/54‬‬


‫‪15‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما طلب الشرع تركه طلب ا غير جازم كاللتفات في الصلة بالرقبة والخأذ والعطاء‬
‫بالشمال‪.‬‬
‫والقيد الول لخأراج ما تقدم في المحظور‪ .‬والقيد الثاني لخأراج المحظور‪.‬‬
‫والمكروه يثاب تاركه امتثالا ول يعاقب فاعله‪.‬‬
‫واعلم أن للمكروه ثلثة اصطلحات عند العلماء‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما نهي عنه نهي تنمزيه‪ ،‬وهو ما تقدم تعريفه لن الحكام أربعة‪ ،‬وكل واحد قد خأص باسم‬
‫غلب عليه‪ ،‬فينبغي أن المكروه إذا أطلق ينصرف إلى مسماه دون غيره مما قد يستعمل فيه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الحرام‪ .‬وهو غالب إطلقات المتقدمين كالمام أحمد والشافعي رحمهما ال حيث يعبرون‬
‫عن الحرام بلفظ الكراهة تورع ا وحذ ار من الوقوع في النهي عن القول هذا حلل وهذا حرام‪ ،‬لقوله تعالى‪[ :‬‬
‫ول تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرام لتفتروا على ال الكذب ])‪ (1‬ولكن كثي ار من‬
‫المتأخأرين غلطوا على أئمتهم ففسروا لفظ الكراهة في كلمهم بكراهة التنمزيه وهذا لم ترده الئمة‪ ،‬ومن كلم‬
‫المام أحمد رحمه ال‪) :‬أكره المتعة والصلة في المقابر( وهما محرمان‪ ،‬وفي مخأتصر الخأرقي‪) :‬ويكره‬
‫أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة(‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪) :‬أراد بالكراهة التحريم‪ ،‬ول أعلم فيه خألفاا( ا هم)‪ .(2‬وذلك لقيام الدليل على التحريم‪.‬‬
‫أما إذا ورد لفظ الكراهة في كلم المام أحمد من غير أن يدل دليل من خأارج على إرادة التحريم أو‬
‫التنمزيه فقيل يحمل على كراهة التحريم‪ .‬وقيل‪ :‬على كراهة التنمزيه‪ .‬وهو قول الطوفي‪ .‬قال في شرح‬
‫الكوكب المنير‪) :‬واخأتاره أكثر الصحاب( ا هم)‪ .(3‬ومن ذلك قول المام أحمد رحمه ال‪) :‬أكره النفخ في‬
‫وال أعلم‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫الطعام إوادمان اللحم والخأبز الكبار( وكراهة ذلك للتنمزيه‬
‫والثالث من الصطلحات في لفظ المكروه‪ :‬ترك الولى‪ .‬وهذا أهمله جمهور الصوليين‪ .‬وذكره‬
‫الفقهاء وهو واسطة بين الكراهة والباحة‪ .‬والفرق بين المكروه وخألف الولى‪ :‬أن ما ورد فيه نهي مقصود‬
‫يقال فيه مكروه كما تقدم‪ .‬وما ليس فيه نهي مقصود يقال فيه‪ :‬خألف الولى‪ ،‬ول يقال مكروه كترك سنة‬
‫الظهر – مثلا – قال في البحر المحيط بعد أن عرض أقوال العلماء )والتحقيق أن خألف الولى قسم من‬
‫المكروه ودرجات المكروه تتفاوت كما في السنة ول ينبغي أن يعد قسم ا آخأر إوال لكانت الحكام ستة وهو‬
‫خألف المعروف أو كان خألف الولى خأارج ا عن الشريعة وليس كذلك)‪.(5‬‬
‫)( سورة النحل‪ ،‬أية‪.116 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الغمن )‪.(1/101‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شرح الكوكب الني )‪.(1/420‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر إعلما الوقعيم ‪.1/39‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( البحر اليط )‪ (1/303‬وانظر الكم التكلجيفي ص ‪ ،226‬الكم الوضعي عند الصولييم ص ‪.40‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪16‬‬
‫بعض الحكام الوضعية‬

‫)والصحيح‪ :‬ما يتعلق به النفوذ ويعتد به‪ .‬والباطل‪ :‬ما ل يتعلق به النفوذ ول يعتد به(‬

‫الصحيح والباطل من أقسام الحكم الوضعي لنهما حكم من الشارع على العبادات والعقود وتبني‬
‫عليهما الحكام الشرعية‪.‬‬
‫والصحيح لغة‪ :‬السليم من المرض‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫سواء صحيحات العيون وعورها‬ ‫وليل يقول المرء من ظلماته‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما يتعلق به النفوذ ويعتد به عبادة كان أم عقداا‪.‬‬
‫فالعقود توصف بالنفوذ والعتداد‪ ،‬وأما العبادة فتوصف بالعتداد فقط‪ .‬فالعتداد لفظ يصدق على‬
‫كل منهما‪ ،‬ولو اكتفى به المؤلف لكان أخأصر إل أن يقال‪ :‬إنه جمع بينهما لقصد اليضاح للطالب‬
‫المبتدئ‪.‬‬
‫ول يعتد بالعبادة أو العقد إل إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع‪ ،‬فيحكم بالصحة‪ ،‬فمن صلى صلة‬
‫مجتمعة شروطها وأركانها منتفية موانعها فهي صحيحة أي معتد بها شرعاا‪ .‬ومن باع بيع ا كذلك فهو نافذ‬
‫ومعتد به‪.‬‬
‫والنفوذ لغة‪ :‬المجاوزة‪ ،‬وأصله من نفوذ السهم‪ ،‬وهو بلوغ المقصود من الرمي‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬التصرف الذي ل يقدر متعاطيه على رفعه‪.‬‬
‫وذلك مثل عقد البيع والجارة والنكاح ونحوها‪ .‬فإذا وقع العقد على وجه صحيح لم يقدر أحد‬
‫المتعاقدين على رفعه‪.‬‬
‫واعلم أن العبادة لها أثر وهو براءة ذمة المكلف وسقوط الطلب‪ .‬والعقد له أثر وهو الثمرة المقصودة‬
‫من العقد‪ .‬فإذا حكم بصحة العبادة والعقد ترتب الثر على الفعل فبرئت الذمة في باب العبادات وترتبت‬
‫الثار في باب العقود إوال فل‪،‬والثرفي باب العبادا ت وا حد ‪،‬وأمافي العقود فكل عقد له ثمرة خأاصة‪،‬‬
‫فالبيع – مثلا – ثمرته نقل الملكية‪ ،‬والجارة استيفاء المنفعة لحد المتعاقدين‪ ،‬واستحقاق الجر للخأر‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫والباطل لغة‪ :‬الذاهب ضياع ا وخأس ارا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬عكس الصحيح كما ذكره المصنف‪ ،‬فهو الذي ل يتعلق به نفوذ ول اعتداد‪ ،‬وذلك بأن‬
‫يخأتل شرط من الشروط أو يوجد مانع من الموانع‪.‬‬
‫وفي الباطل ل تترتب الثار على الفعل‪ ،‬ففي الصلة ل تب أر ذمة المكلف ول يسقط الطلب‪ ،‬وفي‬
‫العقد ل تترتب الثمرة المقصودة من العقد على العقد‪.‬‬
‫فإذا صلى بدون طهارة فصلته باطلة‪ ،‬إواذا باع مالا يملك فالبيع باطل‪ ،‬لخأتلل شرط الصلة‬
‫والبيع‪ .‬ولو صلى نفلا مطلقا في وقت نهي فالصلة باطلة‪ ،‬أو باع بعد النداء الثاني يوم الجمعة على وجه‬
‫ل يباح فالبيع باطل على القول الصحيح‪ ،‬كما نص عليه القرطبي في تفسيره)‪ (1‬وذلك لوجود المانع من‬
‫الصحة‪.‬‬
‫والباطل والفاسد بمعنى واحد على قول الجمهور إل في مسائل فرقوا فيها بين الفاسد والباطل‪،‬‬
‫وأشهرها مسألتان)‪:(2‬‬
‫في الحج فرقوا بينهما‪ ،‬فقالوا الفاسد ما وطئ فيه المحرم قبل التحلل الول‪ ،‬والباطل ما‬ ‫‪(1‬‬
‫ارتد فيه عن السلم‪ ،‬ففي الول يفسد حجة ويلزم التمام‪ ،‬وفي الثاني يبطل إحرامه ويلزمه‬
‫الخأروج منه‪.‬‬
‫في النكاح‪ :‬فقالوا‪ :‬الفاسد‪ :‬ما اخأتلفت العلماء في فساده كالنكاح بل ولي‪ ،‬والباطل ما‬ ‫‪(2‬‬
‫أجمع العلماء على بطلنه كنكاح المعتدة أو نكاح خأامسة‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( انظر تفسي القرطب )‪.(18/108‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر التمجهيد للسنوي ص )‪ (59‬والقواعد والفوائد الصولية لبن اللجحاما ص)‪.(110‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪18‬‬
‫تعريف العلم والجهل‬

‫)والفقه أخأص من العلم‪ :‬والعلم معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع‪ .‬والجهل تصور الشيء على‬
‫خألف ما هو به في الواقع(‪.‬‬

‫المراد بالفقه هنا المعنى الشرعي ل المعنى اللغوي‪ ،‬لن الفقه في الصطلح معرفة الحكام‬
‫الشرعية كما تقدم‪ ،‬والعلم أعم منه‪ ،‬لنه يصدق على العلم بالتفسير والحديث والنحو والبلغة وغير ذلك‪،‬‬
‫فصار الفقه أخأص من العلم‪ ،‬فكل فقه علم وليس كل علم فقهاا‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والعلم‪ :‬معرفة المعلوم على ما هو به()‪.(1‬‬
‫والمراد بالمعرفة‪ :‬الدراك والمراد بالمعلوم‪ :‬أي ما من شأنه أن يعلم وهذا التعريف فيه قيدان وبقي‬
‫قيد ثالث وهو معرفة جازمة)‪ .(2‬فالقيد الول‪) :‬معرفة المعلوم( وهذا يخأرج عدم الدراك أصلا وهو الجهل‬
‫البسيط‪ ،‬كأن يقال‪ :‬عيرف المندوب‪ .‬فيقول‪ :‬ل أدري‪.‬‬
‫والقيد الثاني‪) :‬على ما هو به( أي على الذي هو عليه في الواقع‪ .‬وهذا القيد يخأرج معرفة الشيء‬
‫على وجه يخأالف ما هو عليه وهو الجهل المركب‪ .‬وقد عرفه بقوله‪) :‬تصور الشيء على خألف ما هو‬
‫به( وفي بعض النسخ‪) :‬على خألف ما هو عليه في الواقع( وهذا أوضح‪.‬‬
‫والمراد بالتصور‪ :‬الدراك الخأالي عن الحكم‪ ،‬وتأمل كيف عبر عن العلم بقوله‪) :‬معرفة()‪ (3‬وفي‬
‫الجهل بقوله‪) :‬تصور( لن الجهل ليس بمعرفة‪ ،‬إوانما هو حصول الشيء في الذهن فهو تصور‪.‬‬
‫ومثال الجهل المركب‪ :‬هل تجوز الصلة بالتيمم عند عدم الماء؟ فيقول‪ :‬ل تجوز‪.‬‬
‫وسمي جهلا مركب ا لن صاحبه يعتقد الشيء ويتصوره على خألف ما هو عليه فهذا جهل‪ ،‬ويعتقد‬
‫أنه يعتقده على ما هو عليه فهذا جهل آخأر‪ .‬ففيه جهلن‪ :‬جهل بالمدمرك وجهل بأنه جاهل‪ ،‬وأما البسيط‬
‫ففيه عدم الدراك بالكلية)‪.(4‬‬
‫وأما القيد الثالث‪ :‬فهو لخأراج المعرفة غير الجازمة‪ ،‬فإن تساوىالمران فهو شك‪ ،‬إوان ترجح‬
‫أحدهما على الخأر فالراجح ظن‪ ،‬والمرجوح وهم‪ .‬وسنذكر ذلك قريب ا إن شاء ال‪.‬‬
‫أقس ممام العل ممم‬

‫)( يطلجق العلجم – أيضال – علجى ممجوعة معارف ظنية راجحة ومنها ما هي قطعي بشرط أن تكون منظمجة حول موضوع ما كعلجم الفقه وعلجم الصول وعلجم النحو‬ ‫‪1‬‬

‫وعلجم البلغاة وغايها‪) .‬ضوابط العرفة ص ‪ .(124‬وانظر )السائل الشتكة بيم أصول الدين وأصول الفقه( ص‪.35/‬‬
‫)( انظر الصول من علجم الصول ص ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( للجعلجمجاءا كلما طويل ف الفرق بيم العلجم والعرفة‪ .‬وهل ها متادفان أو متلجفان‪ .‬فانظر مدارج السالكيم لبن القيم )‪ (3/335‬وبدائع الفوائد )‪ .(2/61‬الدود‬ ‫‪3‬‬

‫النيقة لزكريا النصاري ص‪.66/‬‬


‫)( انظر شرح العبادي علجى الورقات الطبوع بامش إرشاد الفحول ص ‪ 39‬وشرح الكوكب الني )‪.(1/77‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫)والعلم الضروري ما ل يقع عن نظر واستدلل كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخأمس وهي السمع والبصر‬
‫والشم واللمس والذوق أو بالتواتر‪ .‬وأما العلم المكتسب فهو ما يقع عن نظر واستدلل‪ .‬والنظر هو الفكر‬
‫في حال المنظور فيه‪ .‬والستدلل طلب الدليل‪ .‬والدليل هو المرشد إلى المطلوب(‪.‬‬
‫لما عرف العلم ذكر أقسامه‪ .‬والمراد علم المخألوق فهو قسمان‪:‬‬
‫‪ (1‬العلم الضروري‪ :‬وهو ما ل يقع عن نظر واستدلل‪ .‬وذلك إذا كان إدراك المعلوم ضروريا ل يحتاج‬
‫إلى نظر واستدلل كالعلم بأن النار حارة‪ ،‬وأن الكعبة قبلة المسلمين‪،‬وأن محمدا ‪ ‬رسول ال‪.‬‬
‫ومن العلم الذي ل يحتاج إلى نظر واستدلل‪ :‬العلم الواقع بإحممدى الح مواس الخأمممس الظمماهرة‬
‫وهي‪ :‬السمع والبصر واللمس والشم والذوق فإنه يحصل العلم بها بدون نظر ول استدلل‪ ،‬فلو سمممع‬
‫صهيل فرس علم أنه صوته أو رأى لون ا أبيض أو مس جسم ا علم أنه نمماعم أو خأشمن‪ .‬أو شمم رائحممة‬
‫علم أنها طيبة أو كريهة أو ذاق طعام ا علم أنه حامض أو حلو‪.‬‬
‫وقوله )أو بالتواتر( أي‪ :‬العلم الحاصل بالتواتر من العلم الضروري‪ .‬وأشار بذلك إلى أن‬
‫من العلم الضروري أشياء ل تدرك بالحواس بل يستند فيها إلى خأبر جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب‬
‫كعلمنا بوجود بلد لم نره ووقوع الوقائع في الزمنة الماضية ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ (2‬العلم النظري‪ :‬ويسمى المكتسب‪ :‬وهو ما يقع عن نظر واستدلل فقوله‪) :‬ما يقع( أي ما يحصل‬
‫من العلم فم )ما( جنس في التعريف وقوله‪) :‬عن نظر(‪ .‬قيد يخأرج العلم الضروري‪ ،‬لنه حاصل‬
‫عن غير نظر‪ ،‬مثل العلم بأن المذي نجس‪ ،‬وأن طواف الوداع واجب‪ ،‬وأن الجارة عقد لزم‪.‬‬
‫ثم عرف النظر والستدلل لنهما واقعان في تعريف العلم الضروري نفي ا والمكتسب إثباتاا‪.‬‬
‫فالنظر لغة‪ :‬يطلق على معانن منها‪ :‬رؤية العين‪ ،‬ومنها الفكر وهو المراد هنا‪.‬‬
‫واصطلح ا عرفه بقوله‪) :‬هو الفكر في حال المنظور فيه( أي‪ :‬التفكير في الشيء المنظور فيه‬
‫طلب ا لمعرفة حقيقته‪ .‬لن النظر هو الطريق إلى معرفة الحكام الشرعية إذا تمت شروطه‪ ،‬وهي أن يكون‬
‫الناظر كامل اللة كما سيأتي إن شاء ال في الجتهاد‪ ،‬وأن يكون نظره في دليل ل في شبهة وأن يستوفي‬
‫الدليل ويعرف شروط الستدلل‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والستدلل‪ :‬طلب الدليل(‪ :‬السين والتاء للطلب كالستنصار طلب النصرة‪ ،‬والمراد بالدليل‪:‬‬
‫ما يستدل به من نص أو إجماع أو غيرهما‪ .‬والنظر والستدلل بمعنى واحد‪ ،‬وهو أن كل منهما يؤدي إلى‬

‫‪20‬‬
‫المطلوب‪ ،‬وجمع بينهما المصنف في تعريف العلم الضروري والمكتسب تأكيداا‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬النظر أعم‬
‫من الستدلل‪ ،‬لنه يكون في التصورات والتصديقات‪ ،‬والستدلل خأاص بالتصديقات)‪ (1‬وال اعلم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والدليل هو المرشد إلى المطلوب( الدليل فعيل بمعنى )فاعل( من الدللة وهي الرشاد‪،‬‬
‫فالدليل هو المرشد إلى المطلوب‪ .‬وهذا تعريف لغوي لنه عام‪ .‬فقد يكون الدليل مرشدا للمطلوب‪ ،‬ول‬
‫يسمى دليلا في الصطلح‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خأبري‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬ما‪ :‬اسم موصول‪ ،‬أي الذي يمكن التوصل ‪. . .‬‬
‫بصحيح النظر‪ :‬هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف أي النظر الصحيح‪.‬‬
‫فيه‪ :‬أي في ذلك الشيء‪.‬‬
‫إلى مطلوب خأبري‪ ،‬أي تصديقي‪ ،‬كأن يقال في الدللة على تحريم النبيذ‪ .‬النبيذ مسكر وكل مسكر‬
‫فيلزم عنه‪ :‬النبيذ حرام‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫حرام لقوله ‪) ‬كل مسكر حرام(‬
‫واعلم أن الدليل اسم لما كان موجب ا للعلم كالمتواتر والجماع وما كان موجب ا للظن كالقياس وخأبر‬
‫الواحد ونحو ذلك‪ ،‬وأما ما اشتهر عند كثير من مؤلفي الصول بأن الليل هو ما أفاد العلم‪ .‬وأما ما يفيد‬
‫الظن فهو أمارة‪ .‬والمارة أضعف من الدليل‪ .‬فهو غير صحيح – والظاهر أن هذه التفرقة جاءت من‬
‫المعتمزلة ومن وافقهم من نفاة الصفات – لن الدليل هو ما أرشدك إلى المطلوب‪ .‬فقد يرشدك مرة إلى العلم‬
‫ومرة إلى الظن‪ .‬فاستحق اسم الدليل في الحالين‪ .‬والعرب ل تفرق بين ما يوجب العلم‪ .‬وما يوجب الظن‬
‫في إطلق اسم الدليل وقد تعبدنا ال بكل منهما)‪ (3‬وال اعلم‪.‬‬

‫)( التصور‪ :‬إدراك معن الفرد من غاي أن يكم علجيه بنفي أو إثابات كإدراك معن النسان ومعن الكاتب ومعن الشجر ونو ذلك‪ ،‬والتصديق هو إثابات أمر لمر‬ ‫‪1‬‬

‫بالفعل أو نفيه عنه بالفعل‪ .‬وهو السناد البي عند البلغاييم‪ ،‬والمجلجة الساية عند النحوييم‪ .‬نو الكاتب إنسان‪ .‬فإدراك معن النسان ومعن الكاتب تصور‪.‬‬
‫وإدراك كون النسان كاتبال بالفعل أو ليس كاتبال بالفعل تصديق‪ .‬ومنه العال حادث‪ .‬العال ليس بقدي‪ .‬انظر آداب البحث والناظرة للجشنقيطي ‪.9 ،1/8‬‬
‫)( أخرجه التمذي برقم ‪ 1865‬والنسائي )‪ (8/297‬انظر جامع الصول )‪.(5/91‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر العدة لبأ يعلجى )‪ (132 ،1/131‬اللجمجع ف أصول الفقه ص ‪ .49‬السائل الشتكة بيم أصول الدين وأصول الفقه ص ‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫تعريف الظن والشك‬

‫)والظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الخأر‪ ،‬والشك تجويز أمرين ل مزية لحدهما على الخأر(‪.‬‬
‫لما فرغ المصنف من تعريف العلم وبيان أقسامه ذكر ما يقابله وهو الظن إذ ليس هو من العلم‪.‬‬
‫لن العلم هو الدراك الجازم كما تقدم‪ .‬والدراك غير الجازم ل يخألو من حالين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يتساوى المران‪ ،‬فل يترجح أحدهما على الخأر عند المجيوز )بكسر الواو(‪ ،‬إوان كان‬
‫أحدهما أرجح عند غيره أو في الواقع‪ .‬وهذا هو الشك‪ .‬كأن يقول‪ :‬ل أدري طفت ثلثة أشواط أو أربعة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يترجح عنده أحد المرين على الخأر‪ .‬فالراجح ظن‪ ،‬والمرجوح وهم‪ :‬كأن يقول‪ :‬طفت‬
‫أربعة أشواط ويحتمل أنها ثلثة‪ ،‬والظن درجات أعلها غلبة الظن كما سيأتي إن شاء ال‪.‬‬
‫والشك ضد اليقين جاء في لسان العرب)‪) (1‬اليقين العلم)‪ (2‬إوازاحة الشك وتحقيق المر‪ .‬واليقين ضد‬
‫الشك‪ . .‬وهو في الصل بمعنى الستقرار‪ .‬يقال‪ :‬يقن الماء في الحوض إذا استقر ودام(‪.‬‬
‫والشك في الصل التصال وللزوق‪ ،‬ومنه حديث الغامدية )أمر بها فشكت عليها ثيابها ثم رجمت(‬
‫أي شدت عليها وجمعت‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫ثم صار هذا اللفظ يطلق على التردد في شيئين بحيث ل يميل القلب إلى أحدهما‪ .‬وقول المصنف‬
‫رحمه ال‪) :‬والظن تجويز ‪ (. . .‬فيه مسامحة فإن الظن ليس هو تجوي ازا‪ ،‬إوانما هو الطرف الراجح المقابل‬
‫للطرف المرجوح‪ ،‬وهو الوهم كما ذكرنا‪.‬‬
‫وأما غلبة الظن فهو قوة الظن فإن الظن يتزايد ويكون بعض الظن أقوى من بعض‪ .‬قال أبو هلل‬
‫العسكري‪) :‬غلبة الظن عبارة عن طمأنينة الظن‪ ،‬وهي رجحان أحد الجانبين على الجانب الخأر رجحانا‬
‫مطلق ا يطرح معه الجانب الخأر‪ .‬ا هم()‪.(4‬‬
‫والظن وغلبة الظن كل منهما يقوم مقام اليقين عند الفقهاء‪ ،‬ويجوز بناء الحكام الشرعية عليه إذا‬
‫فقد اليقين الذي قلما يحصل عند الجتهاد)‪ (5‬ولهذا يجب العمل بخأبر الواحد إذا كان ثقة‪ ،‬ويجب العمل‬
‫بشهادة الشاهدين وخأبر المقومين إذا كانا عدلين‪ .‬ويجب استصحاب حكم الحال السابق في حال الشك‪،‬‬
‫)( انظر اللجسان )‪.(13/457‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( فرق أبو هلل العسكري بيم العلجم واليقيم فقال‪ :‬العلجم هو اعتقاد الشيءا علجى ما هو به علجى سبيل الثقة‪ .‬واليقيم هو سكون النفس وثالججح الصدر با علجم‪ ،‬ا هـ‬ ‫‪2‬‬

‫الفروق ف اللجغمة ص ‪.73‬‬


‫)( أخرجه مسلجم برقم ‪.1696‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الفروق ف اللجغمة ص ‪.79‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( لشيخ السلما ابن تيمجية – رحه ال – كلما مفيد حول هذا الوضوع فراجعه ف كتابه )الستقامة( ج ‪ 1‬ص ‪ 47‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪22‬‬
‫مثل الشك في الحدث بعد الطهارة‪ ،‬لن الظاهر بقاؤه‪ ،‬وعدم حدوث المشكوك فيه‪ ،‬قال العلمة ابن فرحون‬
‫في كتابه )تبصرة الحكام()‪) :(1‬تنبيه‪ :‬وينمزل منمزلة التحقيق الظن الغالب‪ ،‬لن النسان لو وجد وثيقة في‬
‫تركة مورثه أو وجد ذلك بخأطه‪ ،‬أو بخأط من يثق به‪ ،‬أو أخأبره عدل بحق‪ ،‬فالمنقول جواز الدعوى بمثل‬
‫هذا‪ ،‬والحلف بمجرده‪ .‬وهذه السباب ل تفيد إل الظن دون التحقيق‪ ،‬لكن غالب الحكام والشهادات إنما‬
‫تنبني على الظن‪ ،‬وتنتمزل منمزلة التحقيق(‪ .‬ا هم‪.‬‬
‫وفي الفقه مسائل عديدة حكم فيها بالصحة بناء على ما في ظن المكلف)‪.(2‬‬
‫وأما ما ورد من النهي عن العمل بالظن‪ .‬فهو الظن المرجوح الذي ل يقوم عليه دليل‪ .‬بل هو قائم‬
‫على الهوى والغرض المخأالف للشرع قال تعالى‪[ :‬إن يدتبعون إل الظن إوان الظن ل يغني من الحق‬
‫شيئا ])‪ (3‬وقال تعالى‪[ :‬إن يدتبعون إل الظن وما تهوى النفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ])‪ (4‬وال‬
‫أعلم‪.‬‬

‫)( ص ‪) 129‬بامش كتاب فتح العلجي الالك(‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر القواعد والفوائد الصولية لبن اللجحاما ص ‪ 82‬والتمجهيد للسنوي ص ‪.65‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النجم‪ ،‬آية‪.28 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النجم‪ ،‬آية‪.23 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪23‬‬
‫تعريف أصول الفقه وأبوابه‬

‫)وعلم أصول الفقه‪ :‬طرقه على سبيل الجمال وكيفية الستدلل بها‪ .‬وأبواب أصول الفقه‪ :‬أقسام الكلم‪،‬‬
‫والمر والنهي‪ ،‬والعام والخأاص‪ ،‬والمجمل والمبين‪ ،‬والظاهر والمؤول‪ ،‬والفعال والناسخ والمنسوخ‪،‬‬
‫والجماع والخأبار‪ ،‬والقياس‪ ،‬والحظر والباحة‪ ،‬وترتيب الدلة‪ ،‬وصفة المفتي والمستفتي‪ ،‬وأحكام‬
‫المجتهدين(‪.‬‬
‫هذا هو التعريف الثاني لصول الفقه‪ ،‬وهو باعتباره لقبا لهذا الفن‪ ،‬وقد تقدم تعريفه باعتبار مفرديه‪.‬‬
‫قال‪) :‬علم أصول الفقه‪ :‬طرقه على سبيل الجمال‪ ،‬وكيفية الستدلل بها(‪.‬‬
‫فقوله‪) :‬طرقه( أي طرق الفقه‪ .‬والمراد أدلة الفقه الجمالية‪ .‬وهي القواعد العامة التي يحتاج إليها‬
‫الفقيه مثل المر للوجوب‪ ،‬والنهي للتحريم‪ ،‬والجماع حجة‪ ،‬ونحو ذلك من المسائل الكلية التي تبحث في‬
‫أصول الفقه‪ .‬أما الدلة التفصيلية فل تذكر في أصول الفقه إل على سبيل التمثيل واليضاح مثل قوله‬
‫تعالى‪[ :‬وأقيموا الصلة وءاتوا الزكاة ])‪ (1‬للمر‪.‬و مثل‪ :‬صلته ‪ ‬في الكعبة)‪ (2‬يمثل به للفعل في أنه ل‬
‫يعم أقسامه‪ ،‬ومثل الجماع على أن بنت البن تأخأذ السدس مع بنت الصلب حيث ل معصب لهما‪.‬‬
‫وعبر المصنف كغيرة بقوله‪) :‬طرق الفقه( دون قوله )أدلة الفقه( بناء على المشهور عندهم‪ ،‬وهو‬
‫التفريق بين الدليل والمارة وأكثر أصول الفقه ليست أدلة بل هي إمارات‪ .‬وقد ذكرنا ضعف هذا الرأي فيما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬وكيفية الستدلل بها( هذا معطوف على قوله‪) :‬طرقه( أي أن موضوع أصول الفقه أدلة‬
‫الفقه الجمالية‪ ،‬وكيفية الستدلل بها على الحكام‪ .‬وبقي أمر ثالث وهو معرفة حال المستدل‪ ،‬وهو‬
‫المجتهد‪ ،‬إوانما تركه المصنف لن كيفية الستدلل تجير إلى صفات من يستدل بها‪ ،‬فاكتفى بذكر كيفية‬
‫الستدلل عن ذكر صفات من يستدل بها وهو المجتهد‪ .‬وسيذكر ذلك في آخأر الورقات‪ .‬حيث قال‪:‬‬
‫)ومن شروط المفتي أن يكون عالما بالفقه ‪ . .‬إلخ(‪.‬‬
‫والم مراد بقمموله‪) :‬وكيفيممة السممتدلل بهمما( أي كيفيممة السممتدلل بطممرق الفقممه الجماليممة‪ ،‬وذلممك بمعرفممة‬
‫دللت اللفاظ‪ ،‬وشمروط السمتدلل‪ .‬فممن دللت اللفماظ العمموم والخأصمموص والطلق والتقييمد‪ ،‬وشمروط‬
‫السممتدلل كحمممل المطلممق علممى المقيممد‪ ،‬وتخأصمميص العممام‪ ،‬ومعرفممة الترجيممح عنممد التعممارض ونحممو ذلممك مممما‬
‫يبحث في أصول الفقه‪ .‬ثممم ذكممر المصممنف البمواب المتي تضممنها أصمول الفقمه‪ ،‬لجمل أن ينشمط لهمما القمارئ‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم )‪ (388‬ومسلجم )برقم ‪ (1329‬وغايها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪24‬‬
‫ويستعد لها‪ ،‬ولم يذكر المطلق والمقيد لنه سيذكرهما في الكلم علممى العممام والخأمماص للمناسممبة بينهممما‪ .‬والم‬
‫أعلم‪.‬‬
‫الكمملم‬

‫)فأما أقسام الكلم فأقل ما يتركب منه الكلم‪ :‬اسمان‪ ،‬أو اسم وفعل‪ ،‬أو فعل وحرف‪ ،‬أو اسم وحرف(‪.‬‬
‫يعنى أهل الصول بمباحث الكلم وأقسامه‪ ،‬وهي مباحث نحوية وبلغية‪ ،‬وذلك لنها هي المدخأل‬
‫إلى أصول الفقه حيث إن الصول يعتمد على الكتاب السنة‪ ،‬والستدلل بهما متوقف على معرفة اللغة‬
‫العربية لنهما بلسان عربي مبين‪ ،‬ومن ل يعرف اللغة ل يمكنه استنباط الحكام من الكتاب والسنة‬
‫استنباط ا صحيحاا‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فأما أقسام الكلم ‪ . .‬إلخ(‪.‬‬
‫الكلم لغة‪ :‬اللفظ الموضوع لمعنى‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬اللفظ المفيد مثل‪ :‬ال ربنا‪ ،‬ومحمد ‪ ‬نبينا‪.‬‬
‫ولم يذكر المصنف تعريف الكلم‪ ،‬بل اكتفى بأقل ما يتركب منه‪ ،‬فذكر أن أقل ما يتركب منه‬
‫الكلم اسمان كما مثلنا‪ ،‬أو اسم وفعل مثل‪ :‬جاء الحق‪ ،‬وزهق الباطل‪ .‬فهذا فعل وفاعل‪ ،‬ومثل وقضي‬
‫المر‪ .‬فعل ونائب فاعل أو فعل وحرف مثل‪ :‬ما قام ولم يقم‪ .‬وهذا أثبته قوم منهم المصنف‪ ،‬فلم يعدوا‬
‫الضمير في قام ولم يقم الراجع إلى زيد – مثلا – لم يعدوه كلمة لعدم ظهوره ووجوده‪ .‬وعده النحويون كلمة‬
‫في حكم الملفوظ الموجود‪ ،‬وتتوقف الفائدة الكلمية عليه‪ ،‬وهو ضمير مستتر‪ ،‬والمستتر كالثابت وقوله )أو‬
‫اسم وحرف( هذا في النداء مثل‪ :‬يا ال‪ .‬وهذا فيه نظر‪ .‬لن الكلم هو المقدر من الفعل وفاعله لن‬
‫تقديره‪ :‬أدعو ال‪ .‬وحرف النداء نائب عنه‪ ،‬فيرجع ذلك إلى صورة السم مع الفعل‪ .‬وغرض المصنف‬
‫وغيره من الصوليين بيان أقسام الجمل ومعرفة المفرد من المركب‪ ،‬فلذلك لم يأخأذوا فيه بالتحقيق الذي‬
‫يسلكه النحويون‪.‬‬
‫والكلم جمع كلمة‪ .‬وهي اسم وفعل وحرف‪ .‬ووجه الحصر في الثلثة أن الكلمة إما أن تدل على‬
‫معنى في نفسها أو ل‪ .‬فإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف مثل‪ :‬الطلب في‬
‫الفصل‪ .‬إوان دلت على معنى في نفسها وأشعرت هيئتها بزمن فهي الفعل كقام ويقوم وقم‪ ،‬إوان لم تشعر‬
‫هيئتها بزمن فهي السم مثل محمد‪.‬‬
‫والسماء والفعال والحروف تمس الحاجة إلى معرفتها‪ ،‬فإن السماء من النظرة الصولية ثلثة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫‪ (1‬ما يفيد العموم كالسماء الموصولة والنكرة في سياق النفي‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ (2‬ما يفيد الطلق كالنكرة في سياق الثبات‪.‬‬
‫‪ (3‬ما يفيد الخأصوص كالعلم‪ .‬وتفصيل ذلك يأتي في محله إن شاء ال وكذا ما يتعلق بالفعل‪ .‬وأما‬
‫الحروف فالفقيه بحاجة إلى معرفتها كالواو والفاء وعلى الجارة وغيرها‪.‬‬
‫هذا ما يتعلق بأقسام الكلم من حيثية ما يتركب منه‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫أقسام الكلم باعتبار مدلوله‬

‫)والكلم ينقسم إلى أمر ونهي‪ ،‬وخأبر واستخأبار‪ .‬وينقسم أيضاا‪ :‬إلى تمن وعرض وقسم(‪.‬‬
‫لما فرغ المصنف من ذكر أقسام الكلم باعتبار ما يتركب منه شرع في ذكر أقسامه باعتبار‬
‫مدلوله‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والكلم ينقسم إلى أمر( وهو ما يدل على طلب الفعل نحو‪ :‬أطع والديك‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ونهي( وهو ما يدل على طلب الترك‪ .‬نحو‪ :‬ل تكذب في حديثك‪.‬‬
‫قوله‪) :‬وخأبر( وهو ما يحتمل الصدق والكذب نحو‪ :‬سافر خأالد‪.‬‬
‫قوله‪) :‬واستخأبار( وهو الستفهام‪ .‬وهو طلب العلم بشيء لم يكن معلوما من قبل‪ .‬نحو‪ :‬هل‬
‫فهمت المسألة؟ أحضر خأالد أم عاصم؟‬
‫قوله‪) :‬وينقسم أيضا إلى تممين( وهو طلب الشيء المحبوب الذي ل يرجى حصوله إما لكونه‬
‫مستحيلا نحو‪ :‬ليت الشباب يعود يوماا‪ .‬أو بعيد المنال كقول منقطع الرجاء‪ :‬ليس لي مالا فأحج به‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬وعرض( بسكون الراء‪ .‬هو الطلب برفق نحو‪ :‬أل تنمزل عندنا‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬وقسم( بفتح القاف والسين‪ ،‬هو الحلف نحو‪ :‬وال لفعلن الخأير‪.‬‬
‫إوانما قال المصنف )وينقسم أيض ا ‪ ( . .‬مع أن ما قبله وما بعده تقسيم واحد إشارة إلى أن من‬
‫الصوليين من اقتصر على التقسيم الول‪ .‬وأنه يرد عليه التقسيم الثاني‪ .‬وأن الجميع تقسيم واحد)‪.(1‬‬
‫وهناك تقسيم أخأصر من هذا‪ ،‬كما عند البلغيين‪ ،‬وهو أن الكلم قسمان‪:‬‬
‫‪ (1‬خأبر‪ :‬وتقدم تعريفه‪ ،‬ويأتي شرحه إن شرحه إن شاء ال في باب الخأبار‪.‬‬
‫‪ (2‬إنشاء‪ :‬وهو ما ل يحتمل الصدق والكذب‪ ،‬كقولك‪ :‬اكتب‪ .‬لن مدلوله ل يحصل إل بالتلفظ به‪ ،‬فل‬
‫يقال‪ :‬إنه صدق أو كذب‪.‬‬
‫ومن النشاء‪ :‬المر والنهي والستفهام والتمني ومنه العرض‪ .‬وهذا هو النشاء الطلبي‪ ،‬ومنه القسم‬
‫وهو النشاء غير الطلبي‪.‬‬

‫)( انظر البهان لماما الرميم )‪.(1/146‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪26‬‬
‫وأهم هذه النواع‪ :‬المر والنهي‪ .‬وسيأتي الكلم فيهما إن شاء ال‪ ،‬وأما بقية النواع فل يترتب عليها‬
‫في الصول كبير فائدة وال أعلم‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أقسام الكلم باعتبار استعماله‬

‫)ومن وجه آخأر ينقسم إلى‪ :‬حقيقة ومجاز‪ .‬فالحقيقة‪ :‬ما بقي في الستعمال على موضوعه‪ ،‬وقيل‪ :‬ما‬
‫استعمل فيما اصطلح عليه من المخأاطبة‪ .‬والمجاز‪ :‬ما تجوز عن موضوعه‪ .‬والحقيقة إما لغوية إواما‬
‫شرعية إواما عرفية(‪.‬‬
‫ينقسم الكلم باعتبار استعمال اللفظ إلى قسمين‪:‬‬
‫الثاني‪ :‬مجاز‪.‬‬ ‫الول‪ :‬حقيقة‪.‬‬
‫فالحقيقة‪ :‬ما بقي في الستعمال على موضوعه‪.‬‬
‫مثل كلمة‪ :‬أسد للحيوان المفترس‪ .‬فإذا قلت‪ :‬رأيت أسداا‪ .‬فهي حقيقة لنهمما لفممظ بقممي فممي السممتعمال‬
‫على ما وضع له وهو الحيوان‪.‬‬
‫وهذا التعريف يرد عليه أنه خأاص بالحقيقة اللغوية‪ ،‬فل يشمل الشرعية والعرفية كما سيأتي‪ ،‬وعليه‬
‫فهما من المجاز عند المصنف‪.‬‬
‫ثم ذكر المصنف تعريفا آخأر للحقيقة وهو‪ :‬ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخأاطبة‪ .‬فقوله‪:‬‬
‫ما‪ :‬أي لفظ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬استعمل‪ :‬مبني للمجهول‪ ،‬ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على ما‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فيما‪ :‬أي في معنى‪.‬‬
‫وقوله اصطلح عليه‪ :‬مبني للمجهول‪ .‬وما بعده نائب فاعل‪ .‬أي اصطلح على أن هذا المعنى لذلك‬
‫اللفظ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬من المخأاطبة‪ :‬بكسر الطاء على زنة اسم الفاعل‪ .‬أي من الجماعة المخأاطبة غيرها‪ .‬أي‬
‫خأاطبت غيرها بذلك اللفظ وعينته للدللة على ذلك المعنى بنفسه‪ ،‬سواء بقي اللفظ على موضوعه اللغوي‬
‫أو لم يبق على موضوعه اللغوي‪ ،‬بأن بقي على موضوعه الشرعي أو العرفي‪.‬‬
‫والصطلح معناه‪ :‬اتفاق قوم على استعمال شيء في شيء معلوم عندهم‪ .‬كاتفاق أهل الشرع‬
‫على استعمال الصلة في التعبد ل تعالى بأفعال وأقوال أولها التكبير وآخأرها التسليم‪ .‬واتفاق أهل اللغة‬
‫على استعمال الصلة بمعنى الدعاء‪ .‬وهكذا الدابة عند أهل العرف تطلق على ذوات الربع فقط كالفرس‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫وهذا التعريف يعم أنواع الحقيقة الثلثة‪ .‬وقد أثبت المصنف الحقيقة الشرعية والعرفية وهذا يدل‬
‫على اخأتياره لهذا التعريف إوان كان تقديمه للتعريف الول يقتضي ترجيحه وال أعلم‪.‬‬
‫وهناك تعريف أخأصر وأشمل وهو‪ :‬الحقيقة‪ :‬اللفظ المستعمل فيما وضع له)‪.(1‬‬
‫فقوله‪) :‬اللفظ(‪ :‬جنس في التعريف يشمل المعرف وغيره‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬المستعمل(‪ :‬قيد في التعريف يخأرج المهمل‪ .‬وهو الذي ليس له معنى مثل ديز مقلوب زيد‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬فيما وضع له(‪ :‬قيد ثان يخأرج المجاز‪ ،‬لن المجاز في غير ما وضع له‪.‬‬
‫ثم ذكر المصنف أن الحقيقة ثلثة أنواع‪:‬‬
‫‪ (1‬حقيقة لغوية‪ :‬وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة‪ .‬مثل الصيام فهو في اللغة المساك‪ .‬قال‬
‫النابغة‪:‬‬
‫خيل صيام وخيل غير صائمة‬
‫تحت العجاج وأخرى تعلك الللجما‬
‫أي خأيل ممسكة عن الجري والحركة‪ .‬وقيل‪ :‬عن العلف‪.‬‬
‫‪ (2‬حقيقة شرعية‪ :‬وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع‪ .‬كالصلة معناها‪ :‬التعبد ل تعالى بأفعال‬
‫وأقوال أولها التكبير وآخأرها التسليم على الصفة المخأصوصة‪.‬‬
‫‪ (3‬حقيقة عرفية‪ :‬وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف‪ .‬وهي نوعان‪:‬‬
‫عرفية عامة‪ :‬وهي ما تعارف عليه عامة أهل العرف‪ ،‬مثل لفظ الدابة فهي في اللغة اسم لكل‬ ‫‪(1‬‬
‫ما يدب على الرض غير أن العرف خأصصه بذوات الربع كما تقدم‪.‬‬
‫عرفية خأاصة‪ :‬وهي ما تعارف عليه بعض الطوائف من اللفاظ التي وضعوها لمعنى عندهم‪.‬‬ ‫‪(2‬‬
‫مثل الجزم فهو في اللغة القطع كما في القاموس‪ .‬وعند النحويين نوع من العراب‪.‬‬
‫فالحقيقة العرفية العامة هي التي لم يتعين ناقلها من المعنى اللغوي‪ .‬والخأاصة عكسها‪.‬‬
‫هذا وقد أشار ابن بدران رحمه ال إلى الفائدة من معرفة أقسام الحقيقة فقال‪) :‬ومتى ورد اللفظ‬
‫وجب حمله على الحقيقة في بابه لغة أو شرع ا أو عرفاا()‪ (2‬ا هم‪.‬‬
‫)( انظر‪ :‬الرشاد للجشوكان ص ‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الدخل لبن بدران ص ‪.174‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪29‬‬
‫هذا ما يتعلق بالحقيقة‪ .‬وأما المجاز فقد عرفه بقوله‪) :‬ما تجوز عن موضوعه(‪ :‬فقوله‪) :‬ما تجوز(‬
‫بضم التاء والجيم وتشديد الواو مكسورة مبني للمجهول‪ ،‬ويصح فتح التاء مبني ا للفاعل‪ .‬أي ما تعدى به‬
‫عن موضوعه‪ .‬فنقل في الستعمال عن معناه الصلي إلى معناه المجازي ومثاله‪ :‬رأيت أسدا يرمي‪،‬‬
‫فكلمة أسد تعدى بها عن موضوعها الول وهو الحيوان المفترس‪ ،‬ونقلت إلى الرجل الشجاع‪.‬‬
‫وهذا التعريف مبني على التعريف الول للحقيقة وهو )ما بقي في الستعمال على موضوعه( وأما‬
‫على التعريف الثاني للحقيقة فيكون المجاز‪) :‬ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخأاطبة( وعلى‬
‫التعريف الذي ذكرناه يكون المجاز‪ :‬اللفظ المستعمل في غير ما وضع له‪ .‬وهذا أوضح‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫أن مواع المج مماز‬

‫)والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة‪ .‬فالمجاز بالزيادة مثل قوله تعالى‪[ :‬ليس كمثله‬
‫شيء ])‪ (1‬والمجاز بالنقصان مثل قوله تعالى‪[ :‬وسئل القرية ])‪ (2‬والمجاز بالنقل كالغائط فيما يخأرج من‬
‫النسان‪ .‬والمجاز بالستعارة كقوله تعالى‪[ :‬جدا ارل يريد أن ينقض ])‪.((3‬‬
‫لما ذكر المصنف أنواع الحقيقة بعد تعريفها ذكر هنا أنواع المجاز بعد تعريفه‪ .‬والمجاز نوعان‪:‬‬
‫‪ (1‬مجاز بالكلمة‪ :‬وهو ما تقدم تعريفه‪ .‬حيث تنقل الكلمة من معناها الصلي إلى المعنى المجازي‪.‬‬
‫‪ (2‬مجاز بالسناد‪ :‬وهو المجاز العقلي‪ .‬حيث يكون التجوز بالسناد‪ ،‬فيسند الفعل أو ما في معناه إلى‬
‫غير ما هو له في الحقيقة‪ ،‬ولبد من علقة مع وجود قرينة تمنع من إرادة المعنى الصلي مثل‪:‬‬
‫بنى المير قص ارا‪ .‬وليس لهذا ذكر في الصول‪ ،‬إوانما يذكر في علم البيان وذكرته لتكميل القسمة‪.‬‬
‫وشرط المجاز بالكلمة وجود علقة بين المعنى الصلي والمعنى المجازي‪ ،‬ووجود قرينة مانعة من‬
‫إرادة المعنى الصلي‪ .‬كما في المثال المتقدم‪ :‬رأيت أسدا يرمي‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة(‪ :‬ذكر أن المجاز بالكلمة أربعة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫‪ (1‬مجاز بالزيادة‪ :‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬ليس كمثله شيء ])‪ (4‬فقالوا‪ :‬إن الكاف زائدة لتوكيد نفي‬
‫المثل‪ ،‬ولو لم تكن زائدة لكانت بمعنى )مثل( وهذا باطل لما يلزم عليه من إثبات المثل ل تعالى إذ‬
‫يصير المعنى‪) :‬ليس مثل مثله شيء( والمنفي مثل المثل‪ ،‬فيكون المثل ثابت ا وهذا باطل لن‬
‫القصد نفيه)‪.(5‬‬

‫)( سورة الشورى‪ ،‬آية‪.11 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة يوسف‪ ،‬آية‪.82 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الكهف‪ ،‬آية‪.77 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الشورى‪ ،‬آية ‪.11‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أما علجى القول بنفي الاز ف القرآن فل ماز ف الية‪ ،‬لن العرب تقيم الثل مقاما النفس‪ ،‬فيطلجقون الثل ويريدون به الذات‪ .‬فأنت تقول‪ :‬مثلجي ل يفعل كذا‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫أي‪ :‬أنا ل أفعل كذلك‪ .‬قال تعال [وشهد شاهد من بن إسرائيل علجى مثلجه]]سورة الحقاف‪ ،‬آية‪ [10 :‬أي علجى أن القرآن من عند ال‪ ،‬فيكون معن الية‬
‫)ليس مثل ذات ال شيءا( وإذا انتفت المجاثالجة ف الذات انتفت المجاثالجة ف الصفات‪ ،‬لن القول ف الصفات كالقول ف الذات )انظر رسالة الشنقيطي "منع جواز‬
‫الاز" ص ‪ ،36‬بطلن الاز ص ‪.(134‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ (2‬مجاز بالنقصان‪ :‬أي بالحذف‪ .‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬واسأل القرية ] أي أهل القرية ففيه حذف‪،‬‬
‫للقطع بأن المقصود سؤال أهل القرية ل سؤال القرية‪ ،‬لنها عبارة عن البنية المجتمعة وسؤالها‬
‫إواجابتها من المحال)‪.(6‬‬
‫فإن قيل‪ :‬تعريف المجاز ل يصدق على المجاز بالزيادة والنقصان لنه لم يستعمل اللفظ في‬
‫غير موضعه‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أنه منه‪ ،‬حيث استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل وسؤال القرية في سؤال أهلها‪،‬‬
‫وقال البلغيون‪ :‬إنه مجاز من حيث إن الكلمة نقلت عن إعرابها الصلي إلى نوع آخأر من‬
‫العراب)‪.(2‬‬
‫‪ (3‬مجاز بالنقل‪ :‬ومثاله كلمة )الغائط( فهو في أصل الوضع اسم للمكان المطمئن من الرض‪،‬‬
‫تقضي فيه الحاجة طلبا للستر‪ .‬ثم نقل وصار يطلق على الفضلة الخأارجة من النسان‪ ،‬والعلقة‬
‫المجاورة‪ .‬لنها تجاور المكان المطمئن غالبا)‪.(3‬‬
‫‪ (4‬مجاز بالستعارة‪ :‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬جدار يريد أن ينقض ])‪ (4‬حيث شبه ميل الجدار إلى‬
‫السقوط بإرادة السقوط التي هي من صفات الحي‪ ،‬بجامع القرب من الفعل في كلل‪ .‬ثم استعير‬
‫اللفظ الدال على المشبه به للمشبه‪ ،‬ثم اشتق منه )يريد( بمعنى )يميل( على سبيل الستعارة‬
‫التصريحية التبعية‪..‬‬
‫وظاهر عبارة المصنف في قوله )أو نقل( توهم أن النقل قسم من المجاز ومقابل للقسام الخأرى‬
‫وليس كذلك‪ ،‬فإن النقل يعم جميع أنواع المجاز بالكلمة كما تقدم في تعريفه‪.‬‬

‫)( أما علجى القول بنفي الاز فإن الراد بالقرية متمجع الناس أو أن الضاف ف الية كأنه مذكور لنه مدلول علجيه بالقتضاءا وما دول علجيه بطريق القتضاءا فهو علجى‬ ‫‪6‬‬

‫القيقة‪ .‬أو أن لفظ القرية يدخل ف مسمجاه الال والل‪ .‬فمجن الول قوله تعال‪[ :‬وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك الت أخرجتك] ومن الثان‪[ :‬أو كالذي‬
‫مور علجى قرية وهي خاوية علجى عروشها]]انظر الصدرين السابقيم[‪.‬‬
‫)( انظر التلجخميص ف علجوما البلغاة للجقزوين ص ‪.336‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( ليس ف الية ماز لن إطلق )الغماط( علجى الباز أو الدث حقيقة عرفية لن النسان ف العادة إنا ييءا من الغمائط إذا قضى حاجته فصار اللجفظ حقيقة‬ ‫‪3‬‬

‫عرفية يفهم منها التغموط‪) .‬بطلن الاز ص ‪.(138‬‬


‫)( سورة الكهف‪ ،‬آية‪.77 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪32‬‬
‫وهذا ومحل الحقيقة والمجاز كتب البلغة )علم البيان( والصوليون يذكرون ذلك‪ ،‬لن البحث في‬
‫دللت اللفاظ من أهم موضوعات علم الصول‪ ،‬ودللة اللفظ على المعنى قد تكون حقيقة وقد تكون‬
‫مجا ازا‪.‬‬
‫واعلم أن تقسيم الكلم إلى حقيقة ومجاز هو المشهور عند المتأخأرين في القرآن وغيره‪ ،‬ومنهم من‬
‫قال ل مجاز في القرآن‪ ،‬وهو قول ابن خأويز منداد من المالكية‪ ،‬وقول الظاهرية وابن القاص من‬
‫الشافعية‪ ،‬ومن أهل العلم من قال ل مجاز في القرآن ول في غيره وبه قال أبو إسحاق السفراييني وأبو‬
‫علي الفارسي من المتقدمين كما عزاه لهما ابن السبكي في جمع الجوامع)‪ ،(1‬ومن المتأخأرين الشيخ محمد‬
‫المين الشنقيطي رحمه ال في رسالة خأاصة بهذا)‪ ،(2‬وقد نصر هذا القول شيخ السلم ابن تيمية وابن‬
‫القيم رحمهما ال‪ ،‬وبين شيخ السلم أن هذا التقسيم اصطلح حادث بعد القرون المفضلة لم يتكلم به‬
‫أحد من الصحابة والتابعين ول أحد من الئمة ول علماء اللغة‪ ،‬والظاهر أن المجاز إنما جاء من جهة‬
‫المعتزلة ونحوهم من المتكلمين ليكون سلما لنفي كثير من صفات ال تعالى بإدعاء أنها مجاز‪ ،‬وهذا من‬
‫أعظم وسائل التعطيل‪.‬‬
‫كما بين الشيخ – أيضا – بطلن هذا التقسيم‪ ،‬وأن من ذهب إلى ذلك فقد تكلم بل علم وابتدع في‬
‫الشرع وخأالف العقل‪ ،‬ومما يدل على بطلن ذلك أنه ل أحد يثبت أن العرب وضعت ألفاظا لمعان ثم‬
‫استعملت هذا الوضع في معان أخأر‪ ،‬ومن ادعى أنه يعلم وضع ا تقدم ذلك فهو مبطل)‪.(3‬‬
‫وكل ما يسميه القائلون بالمجاز مجا از فهو عند من يقول بنفي المجاز أسلوب من أساليب اللغة‬
‫العربية المتنوعة‪ ،‬بعضها يتضح المراد منه بل قيد‪ ،‬وبعضه يحتاج إلى قيد وكل منهما حقيقة في محله‪.‬‬

‫)( انظر جع الوامع )‪.(1/308‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر رسالة )منع جواز الاز( ص ‪ 8‬الطبوعة ضمجن الزءا العاشر من أضواءا البيان‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر فهارس فتاوى شيخ السلما ابن تيمجية )‪ (2/13‬وراجع كتاب )بطلن الاز( بقلجم‪ :‬مصطفى عيد الصياصنة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
‫المم ممر‬

‫)والمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب‪،‬والصيغة الدالة عليه‪ :‬افعل‪ .‬وهي عند‬
‫الطلق والتجرد عن القرينة تحمل عليه إل ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الباحة فيحمل‬
‫عليه(‪.‬‬
‫باب المر والنهي من البواب المهمة في أصول الفقه‪ ،‬لن مدار التكليف على الوامر والنواهي‪.‬‬
‫فلبد من معرفة أحكامهما وما يترتب على مخأالفتهما‪ ،‬يقول السرخأسي في أصوله)‪) :(1‬فأحق ما يبدأ به في‬
‫البيان المر والنهي لن معظم البتلء بهما‪ ،‬وبمعرفتهما تتم معرفة الحكام ويتميز الحلل من الحرام(‪ .‬ا‬
‫هم‪.‬‬
‫قوله )المر‪ :‬استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب( هذا تعريف المر‪ .‬وهو‬
‫من أحسن التعاريف‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬استدعاء‪ :‬أي طلب وهذا جنس يشمل المر والنهي‪ ،‬والمراد بالفعل‪ :‬اليجاد ليشمل الفعل‬
‫المأمور به مثل‪[ :‬وءاتوا الزكاة ])‪ (2‬والقول المأمور به مثل‪[ :‬واذكروا ال كثي ارل ])‪.(3‬‬
‫والمعنى أن المر طلب إيجاد فعل أو إيجاد قول‪ .‬وهذا القيد يخأرج النهي لنه استدعاء الترك كما‬
‫سيأتي‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬بالقول‪ :‬أي باللفظ الدال عليه‪ .‬والمراد صيغ المر وهذا قيد ثان لخأراج الشارة فإنها إوان‬
‫أفادت طلب الفعل‪ ،‬لكنها ل تسمى أم ارا‪.‬‬
‫وقوله )ممن هو دونه( أي دون الطالب في الرتبة‪ ،‬وهذا قيد ثالث خأرج به استدعاء الفعل ممن‬
‫ساواه وهذا التماس‪ .‬أو ممن هو فوقه وهذا دعاء وسؤال‪ .‬وعلى هذا فطلب الفعل يسمى أم ار مع العلو)‪.(4‬‬
‫قال الخأضري‪:‬‬

‫)( أصول السرخسي ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة المجعة‪ ،‬آية ‪.10‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر غااية الراما ف شرح مقدمة الماما للجتلجمجسان ص ‪ .71‬والعلجو معناه‪ :‬هيئة راجعة إل المر – بكسر اليم – وهي كونه أعلجى من الأمور‪ .‬والستعلءا‪ :‬هيئة‬ ‫‪4‬‬

‫ف المر – بسكون اليم – وهو كون الطلجب بغملجظة وقهر‪ .‬انظر )نثر الورود ‪.(1/173‬‬
‫‪34‬‬
‫وفي التساوي فالتماس وقعا‬ ‫أمر مع استعل وعكسه دعا‬
‫وقول المصنف‪) :‬على سبيل الوجوب( هذا متعلق بقوله‪) :‬استدعاء( وهذا قيد رابع لخأراج الندب‬
‫والباحة وغيرهما‪ ،‬وفيه بيان أن صيغة المر تقتضي الوجوب‪ ،‬وهذا عند الطلق‪ ،‬أي التجرد من القرائن‬
‫الصارفة للمر عن الوجوب إلى غيره‪.‬‬
‫والظاهر أن المؤلف يرى أن المندوب ليس مأمو ار به لعدم وجوبه وتحتمه‪ ،‬والمحققون على أن‬
‫المندوب مأمور به لنه طاعة إجماعاا‪ ،‬والطاعة فعل مأمور به‪ ،‬إوان كان غير واجب‪ ،‬فيكون المر أمر‬
‫إيجاب وأمر استحباب‪ .‬وتقدم ذلك في الكلم على المندوب‪.‬‬
‫قوله‪) :‬على سبيل الوجوب( صيغة المر إما أن تكون مجرد عن القرينة‪ ،‬إواما أن تكون مقيدة‪ ،‬فإن‬
‫كانت مجردة فالمخأتار ما ذكره المصنف من أنها تقتضي الوجوب كقوله تعالى‪ [ :‬وأقيموا الصلة وءاتوا‬
‫الزكاة ])‪ (1‬فهذا يحمل على الوجوب لعدم قرينة تصرفه عنه ونسب في شرح الكوكب المنير هذا القول إلى‬
‫الجمهور من أرباب المذاهب الربعة‪ ،‬وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال )وأمر ال ورسوله إذا أطلق‬
‫كان مقتضاه الوجوب()‪.(2‬‬
‫والدلة على ذلك كثيرة جدا منها قوله تعالى‪[ :‬فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة‬
‫أو يصيبهم عذاب أليم ])‪.(3‬‬
‫ووجه الدللة‪ :‬أن ال تعالى توعد المخأالفين لمر الرسول ‪ ‬بالفتنة وهي الزيغ‪ ،‬أو بالعذاب الليم‪،‬‬
‫ول يتوعد بذلك إل على ترك واجب‪ ،‬فدل على أن أمر الرسول ‪ ‬المطلق يقتضي الوجوب‪ .‬قال القرطبي‪:‬‬
‫)بهذه الية استدل الفقهاء على أن المر للوجوب ‪.(4)( . .‬‬
‫وقوله‪) :‬والصيغة الدالة عليه‪ :‬افعل( أي أن المر لبد له من صيغة تدل عليه وهي )افعل( مثل‪:‬‬
‫[أقم الصلة لدلوك الشمس ])‪ (5‬والمراد بذلك كل ما يدل على طلب الفعل من أي صيغة‪ ،‬فيشمل افعلي‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( القواعد النورانية ص ‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النور‪ ،‬آية ‪.63‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( تفسي القرطب )‪.(12/322‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة السراءا‪ ،‬آية‪.78 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪35‬‬
‫وافعلوا ونحوهما‪ ،‬ومما يدل على طلب الفعل اسم فعل المر كقوله تعالى‪[ :‬عليكم أنفسكم ])‪ ،(1‬والمصدر‬
‫النائب عن فعل المر مثل قوله تعالى‪[ :‬وبالوالدين إحسانال ])‪ (2‬والمضارع المقرون بلم المر كقوله‬
‫تعالى‪[ :‬وليكتب بينكم كاتب بالعدل ])‪.(3‬‬
‫وهناك صيغ أخأرى تدل على طلب الفعل ومنها‪:‬‬
‫‪ (1‬التصريح بلفظ المر كقوله تعالى‪[ :‬إن ال يأمر بالعدل والحسان ])‪ (4‬وحديث ابن عباس في وفد‬
‫عبد القيس وفيه )آمركم بأربع ‪.(5)( . .‬‬
‫‪ (2‬لفظ فرض أو وجب أو كتب ونحوها‪ .‬قال تعالى‪[ :‬كتب عليكم الصيام ])‪ (6‬وحديث ابن عمر رضي‬
‫ال عنهما قال‪) :‬فرض رسول ال ‪ ‬زكاة الفطر في رمضان()‪.(7‬‬
‫‪ (3‬وصف الفعل بأنه طاعة أو يمدح فاعله أو يذم تاركه أو يرتب على فعله ثواب أو على تركه عقاب‬
‫وغيرها‪ ،‬كقوله ‪) ‬أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا‪ .‬وقال بالسبابة والوسطى()‪.(8‬‬
‫قوله‪) :‬وهي عند الطلق والتجرد عن القرينة تحمل عليه إل ما دلل الدليل على أن المراد منه‬
‫الندب أو الباحة فيحمل عليه( هذا بيان النوع الثاني من الوامر وهو ما اقترن بقرينة فيصرف المر‬
‫حسب هذه القرينة‪ ،‬لن صيغة المر ل تحمل على غير الوجوب إل إذا وجد دليل صارف عن الوجوب‬
‫إلى غيره‪ .‬كالندب‪ ،‬ومثاله‪ :‬حديث عبد ال المزني أن النبي ‪ ‬قال‪) :‬صلوا قبل صلة المغرب‪ ،‬قال في‬
‫الثالثة‪ :‬لمن شاء ‪.(9)( . .‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.105 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.83 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.282 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية‪.90 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم ‪ 53‬ومسلجم برقم ‪.17‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.183 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم ‪ 143 2‬ومسلجم برقم ‪.984‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( رواه البخماري )‪.(10/436‬‬ ‫‪8‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم ‪.1128‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪36‬‬
‫أو الباحة ومثاله قول تعالى‪ [ :‬إواذا حللتم فاصطادوا ])‪ .(1‬والقرينة الصارفة في الول قوله )لمن‬
‫شاء( وفي الثاني هي أن المر بعد الحظر للباحة لن الصطياد في الحرام حرام‪ ،‬لقوله تعالى‪[ :‬وحرم‬
‫عليكم صيد البر ما دمتم حرمال ])‪ (2‬أي محرمين‪.‬‬
‫ومن هنا قال الصوليون‪ :‬المر بعد الحظر للباحة واحتجوا بأن هذا النوع من المر للباحة في‬
‫أغلب استعمالت الشرع‪ ،‬كما مثلنا‪ .‬وكقوله تعالى‪[ :‬فإذا تطدهرن فأتوهن من حيث أمركم ال ])‪ (3‬بعد قوله‬
‫تعالى‪[ :‬ول تقربوهدن حتى يطهرن ])‪ ،(4‬وقد يكون في مقام يتوهم فيه الحظر كقوله ‪) ‬افعل ول حرج()‪ (5‬في‬
‫جواب من سألوه في حجة الوداع عن تقديم أفعال الحج التي تفعل يوم العيد بعضها على بعض وكقوله في‬
‫قصة اللديغ )اقسموا واضربوا لي بسهم()‪.(6‬‬
‫ويرى آخأرون أن المر بعد الحظر يرجع إلى ما كان عليه قبل الحظر‪ ،‬قال ابن كثير عند تفسير‬
‫آية المائدة‪ [ :‬إواذا حللتم فاصطادوا ])‪) :(7‬والصحيح الذي يثبت على السبر)‪ (8‬أنه يرد الحكم إلى ما كان‬
‫عليه قبل النهي‪ .‬فإن كان واجبا رده واجباا‪ ،‬إوان كان مستحبا فمستحب‪ ،‬أو مباحا فمباح‪ ،‬ومن قال‪ :‬إنه‬
‫على الوجوب ينتقض عليه بآيات كثيرة‪ ،‬ومن قال‪ :‬إنه للباحة يرد عليه بآيات أخأر‪ .‬والذي ينتظم الدلة‬
‫كلها هذا الذي ذكرناه‪ ،‬كما أخأتاره بعض علماء الصول وال أعلم()‪ (9‬ا هم‪.‬‬
‫فمثال‪ :‬أمر بعد نهي عاد إلى الوجوب حديث‪" :‬فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلة‪ ،‬إواذا أدبرت‬
‫فاغسلي عنك الدم‪ ،‬ثم صلي")‪.(10‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.96:‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.222 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪222 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( رواه البخماري رقم ‪ 83‬ومسلجم ‪.1306‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( رواه البخماري ‪ 2156‬ومسلجم ‪.2201‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.2 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( السب لغمة الختبار ومنه ساي ما يتب به طول الرح وعرضه مسبارلا‪ ،‬والسب يذكر غاالبال مع التقسيم فيقال‪ :‬السب والتقسيم‪ .‬وهو أحد مسالك العلجة ف باب‬ ‫‪8‬‬

‫القياس ويراد بمجا حصر الوصاف الوجودة ف الصل الصالة للجعلجية ف عدد ث إبطال بعضها بدليلجه فيتعيم الباقي فالصر تقسيم والبطال سب )متصر ابن‬
‫الاجب بشرح العضد ‪ ،2/236‬مذكرة الشنقيطي ص ‪.(257‬‬
‫)( تفسي ابن كثي )‪.(3/9‬‬ ‫‪9‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم ‪ 314 ،226‬ومسلجم برقم ‪.333‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪37‬‬
‫فالمر بالصلة للوجوب‪ ،‬لن الصلة قبل امتناعها بالحيض واجبة‪ ،‬ومثاله أيض ا قوله تعالى‪[ :‬‬
‫فإذا انسلخ الشهر الحرم فاقتلوا المشركين ])‪ (1‬فالمر بقتل المشركين كان واجب ا قبل دخأول الشهر الحرم‬
‫فمنع من أجلها‪ ،‬ثم أمر به بعد انسلخأها‪ ،‬فيرجع إلى ما كان عليه قبل المنع وهو الوجوب‪.‬‬
‫ومثال الستحباب حديث‪" :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها")‪ (2‬فالزيارة مستحبة قبل المنع ثم‬
‫نهي عنها‪ ،‬ثم أمر بها فعاد المر إلى الستحباب‪.‬‬
‫وتقديم مثال ما كان مباحا ثم نهي عنه ثم أمر به‪.‬‬
‫وهذا القول هو المخأتار‪ ،‬لن الحظر كان لعارض‪ ،‬فإذا ارتفع العارض عاد المر إلى ما كان‬
‫عليه‪.‬‬
‫ثم إن هذا القول فيه جمع بين الدلة‪ ،‬كما أشار إليه الحافظ ابن كثير رحمه ال‪ ،‬واخأتار هذا القول‬
‫الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه ال‪ ،‬ورجحه الشيخ محمد المين الشنقيطي رحمه ال‪ .‬ونسبه الطوفي في‬
‫مخأتصر الروضة إلى الكثرين‪ .‬وال أعلم)‪.(3‬‬

‫)( سورة التوبة‪ ،‬آية‪.5 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه مسلجم برقم ‪.97 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر السودة ف أصول الفقه ص ‪ ،16‬شرح الكوكب الني )‪ (3/60‬مذكرة الشنقيطي علجى الروضة ص ‪ ،193 ،192‬أضواءا البيان )‪ (2/4‬متصر الروضة ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.86‬‬
‫‪38‬‬
‫من مسائل المممر‬

‫)ول يقتضي التكرار على الصحيح إل إذا دل الدليل على قصد التكرار‪ ،‬ول يقتضي الفور‪ .‬والمر بإيجاد‬
‫الفعل أمر به‪ ،‬وبما ل يتم الفعل إل به كالمر بالصلة أمر بالطهارة المؤدية إليها‪ .‬إواذا فعل خأرج المأمور‬
‫عن العهدة(‪.‬‬
‫المسألة الولى قوله‪) :‬ول يقتضي التكرار(‪ :‬اعلم أن صيغة المر تقتضي فعل المأمور مرة واحدة‬
‫قطعا ول خألف في ذلك إوانما الخألف فيما زاد على المرة وهو التكرار‪ ،‬بمعنى فعل المأمور به كلما قدر‬
‫عليه المكلف‪ ،‬فالمر من حيث التكرار وعدمه له ثلث صور‪:‬‬
‫‪ (1‬إما أن يقيد بما يفيد الوحدة‪ ،‬فهذا يحمل على ما قيد به‪ ،‬ول يقتضي التكرار كقوله تعالى‪[ :‬ول على‬
‫الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ])‪ (1‬فظاهر الية وجوب تكرار الحج بتكرار الستطاعة‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫لكن سئل رسول ال ‪ :‬أفي كل عام يا رسول ال؟ فأجاب بما يدل على أنه في العمر مرة واحدة‬
‫فيحمل المر في الية على الواحدة لهذا الدليل من السنة‪.‬‬
‫‪ (2‬أن يقيد بما يفيد التكرار‪ ،‬وهذا فيه خألف)‪ (3‬والصحيح أنه يحمل على ما قيد به من إرادة التكرار‬
‫كما رجحه المصنف‪ .‬والقيد قد يكون صفة وقد يكون شرطاا‪ ،‬فالشرط كقوله تعالى‪ [ :‬إوان كنتم جنبا‬
‫فاطددهروا ])‪ (4‬فكلما حصلت الجنابة وجب التطهر بالغسل منها‪.‬‬
‫والصفة كقوله تعالى‪[ :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ])‪ (5‬فكلما حصلت السرقة وجب‬
‫القطع‪ ،‬ما لم يكن تكرار السرقة قبل القطع‪.‬‬
‫وهذا فيما إذا كان كل من الشرط والصفة علة ثابتة كما مثلنا‪ .‬فيكون التكرار لوجود العلة‪،‬‬
‫بمعنى أنه كلما وجدت العلة وجد الحكم)‪ .(6‬فإن لم يكن علة ثابتة فل تكرار مثل‪ :‬إن جاء زيد‬
‫فاعتق عبدا من عبيدي‪ .‬فإذا جاء زيد حصل ما علق عليه المر‪ ،‬لكن ل يتكرر بتكرر مجيئه‪.‬‬
‫‪ (3‬المر المطلق الذي لم يقيد‪ .‬فهذا فيه خألف هل يقتضي التكرار أو ل؟‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية ‪.97‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه مسلجم برقم ‪ 1337‬وأخرجه أصحاب السنن وأحد‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( نقل صاحب شرح الكوكب الني )‪ (3/46‬التفاق علجى أنه للجتكرار‪ .‬مع أن بعض النفية خالفوا فانظر كشف السرار )‪.(1/123‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.38 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( شرح الكوكب الني )‪.(47 ،3/46‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪39‬‬
‫فمنهم من قال يقتضي التكرار‪ ،‬وهذا حكاه الغزالي عن أبي حنيفة‪ ،‬وابن القصار عن مالك‪ ،‬وهو‬
‫رواية عن أحمد اخأتارها أكثر أصحابه)‪ ،(1‬لن المر كالنهي في أن النهي أفاد وجوب الترك والمر أفاد‬
‫وجوب الفعل‪ ،‬فإذا كان النهي يفيد الترك على التصال أبداا‪ ،‬وجب أن يكون المر يفيد وجوب الفعل على‬
‫التصال أبدا وهذا معنى التكرار‪ ،‬والمراد به‪ :‬حسب المكان‪.‬‬
‫والقول الثاني أن المر المطلق ل يقتضي التكرار لن ما قصد به من تحصيل المأمور به يتحقق‬
‫بالمرة الواحدة والصل براءة الذمة مما زاد عليها‪ ،‬بل يخأرج المكلف من عهدته بمرة واحدة‪ ،‬ول يلزمه تك ارره‬
‫والمداومة عليه‪ ،‬وذلك لن صيغة المر ل تدل إل على مجرد إدخأال ما هية الفعل)‪ (2‬في الوجود ل على‬
‫كمية الفعل‪ ،‬ولو قال السيد لعبده‪ :‬ادخأل السوق واشتر تم ارا‪ ،‬لم يعقل منه التكرار‪ ،‬ولو كرر العبد ذلك‬
‫لحسن لومه‪ ،‬ولو سيده على عدم التكرار لعد السيد مخأطئاا‪.‬‬
‫وهذا هو اخأتيار المصنف – هنا – فإنه قال‪) :‬ول يقتضي التكرار على الصحيح( أي عند الطلق‬
‫كما يدل عليه ما بعده‪ ،‬وهو رواية عن المام أحمد اخأتارها أبو يعلى وتلميذه أبو الخأطاب‪ ،‬وهو الصحيح‬
‫عند الحنفية‪ ،‬ورجح ذلك الطوفي‪ ،‬ومال إليه ابن قدامة‪ ،‬واخأتاره ابن الحاجب)‪.(3‬‬
‫أما ما قاله الولون من أن المر كالمنهي فغير صحيح للفرق بن المر والنهي‪ ،‬لن النتهاء عن‬
‫الفعل أبدا ممكن‪ ،‬أما الشتغال به أبدا فغير ممكن فظهر الفرق‪.‬‬
‫وأما ما فيه التكرار فذلك لنصوص أخأر وقرائن وأسباب توجب ذلك‪ ،‬كالصلة فإن تكرارها في كل‬
‫يوم وليلة خأمس مرات ليس لجل المر بها‪ ،‬إوانما لتكرار أسبابها وهي الوقات‪ .‬ومما يتعلق بهذا البحث‬
‫مسألة إجابة مؤذن بعد مؤذن فهل يكتفي بالول لن المر ل يقتضي التكرار؟ أو يجيب كل مؤذن من‬
‫باب تعدد السبب؟ فيه احتمال)‪.(4‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قوله‪) :‬ول تقتضي الفور( أي عند الطلق بخألف‪ :‬سافر الن‪ .‬فهي للفور‪،‬‬
‫وسافر رأس الشهر‪.‬فهي للتراخأي لوجود قرينة‪.‬‬
‫والفور معناه‪ :‬المبادرة بالفعل عقب المر في أول وقت المكان‪ .‬والتراخأي‪ :‬تأخأير الفعل عن أول‬
‫وقت المكان‪ .‬والقائلون بأن المر للتكرار يتفقون على أنه للفور‪ .‬لن التكرار ل يتحقق بدون المبادرة‪.‬‬

‫)( انظر النخمول للجغمزال ص ‪ 108‬وشرح الكوكب الني )‪.(3/43‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الاهية بعن القيقة انظر العتب للجزركشي ص ‪ 337‬معجم لغمة الفقهاءا ص ‪.398‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر روضة الناظر مع شرحها )‪ (2/78‬متصر الروضة ص ‪ .87‬متصر النتهى )‪ (2/81‬أصول السرخسي ص ‪.20‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر شرح الهذب )‪ (3/119‬فتح الباري )‪ (2/92‬فتاوى العز بن عبد السلما ص ‪ 87‬التمجهيد للسنوي ص ‪ 283‬حاشية الصنعان علجى شرح العمجدة )‬ ‫‪4‬‬

‫‪.(2/188‬‬
‫‪40‬‬
‫وأما القائلون بأن المر ليس للتكرار‪ .‬فاخأتلفوا في ذلك على قولين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنها ل تقتضي الفور‪ ،‬وبه قال أكثر الشافعية وأكثر الحناف‪ ،‬وهو رواية عن المام أحمد‪،‬‬
‫بل المر لمجرد الطلب فل يقتضي الفور ول التراخأي‪ ،‬وقد يقتضي لن الغرض إيجاد الفعل ولو مرة واحدة‬
‫من غير اخأتصاص بالزمن الول أو الثاني بل في أي زمان وجد فيه أجزأ‪.‬‬
‫والقول الثاني‪ :‬أنها تقتضي الفور‪ .‬وهو قول المالكية وبعض الشافعية‪ ،‬وبعض الحنفية‪ ،‬وهو ظاهر‬
‫المذهب عند الحنابلة)‪ .(1‬وهذا هو القول الراجح إن شاء ال لما يلي‪:‬‬
‫‪ (1‬آيات من كتاب ال تعالى فيها المر بالمبادرة إلى امتثال أوامر ال تعالى والثناء على من فعل ذلك‬
‫)‪(2‬‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقين ]‬
‫وقوله تعالى‪[ :‬فاستبقوا الخيرات ])‪ (3‬وقال تعالى‪[ :‬إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ])‪.(4‬‬
‫‪ (2‬ما جاء في قصة الحديبية‪ ،‬وفيها‪) :‬قال رسول ال ‪ ‬لصحابه‪ :‬قوموا فانحروا ثم احلقوا( قال‪ :‬فو‬
‫ال ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلث مرات‪ .‬فلما لم يقم منهم أحد دخأل على أم سلمة فذكر‬
‫لهاما لقي من الناس ‪ . . .‬الحديث()‪ ،(5‬ووجه الدللة‪ :‬أنه لو لم يكن المر للفور ما دخأل الرسول ‪‬‬
‫على أم سلمة مغضبا ول قال لها‪) :‬أل ترين إلى الناس! إني آمرهم بالمر فل يفعلون( كما في‬
‫رواية ابن إسحاق‪.‬‬
‫‪ (3‬أن المبادرة بالفعل أحوط وأب أر للذمة‪ ،‬وأدل على الطاعة‪ ،‬والتأخأير له آفات‪ ،‬ويقتضي تراكم‬
‫الواجبات حتى يعجز النسان عنها‪.‬‬
‫‪ (4‬وكما أن الشرع دل على اقتضاء المر الفور‪ ،‬كذلك اللغة فإن السيد لو أمر عبده بأمر فلم يمتثل‬
‫ل‪.‬‬
‫فعاقبه فاعتذر العبد بأن المر على التراخأي لم يكن عذره مقبو ا‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬قوله‪) :‬والمر بإيجاد الفعل أمر به وبما ل يتم الفعل إل به( أي‪ :‬أن ما توقف عليه‬
‫وجود الواجب بطريق شرعي لتب أر منه الذمة فهو واجب إذا كان ذلك في مقدور المكلف‪ ،‬وتحت هذه‬
‫القاعدة صورتان‪ ،‬وذلك بناء على دخأول المندوب في المر‪:‬‬

‫)( انظر متصر ابن الاجب مع شرح العضد )‪ (2/84‬العدة )‪ (1/281‬أضواءا البيان )‪.(5/112‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.133 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.148 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النبياءا‪ ،‬آية‪.90 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم ‪ 2581‬وانظر فتح الباري )‪.(329‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ (1‬مال يتم الواجب إل به فهو واجب‪ .‬كالمر بالصلة أمر بالطهارة‪ ،‬والمر بستر العورة أمر بشراء‬
‫ما يسترها)‪.(1‬‬
‫ووجه هذه الصورة‪ :‬أنه لو لم تجب الطهارة – مثلا – لوجوب الصلة لجاز تركها‪ ،‬ولو جاز‬
‫تركها لجاز ترك الواجب المتوقف عليها واللزم باطل‪.‬‬
‫‪ (2‬ما ل يتم المندوب إل به فهو مندوب‪ ،‬فالمر بالتطيب يوم الجمعة كما في حديث ابن عباس‬
‫)وأصيبوا من الطيب()‪ (2‬أمر بشراء الطيب ندبا ل وجوباا‪.‬‬
‫وهذه الصورة ل تدخأل – على رأي المصنف – لنه ل يرى أن المندوب مأمور به‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫)واذا فعل خأرج عن العهدة(‪) :‬فعل( بالبناء للمجهول أي‪ :‬فعل المأمور به‪،‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬قوله‪ :‬إ‬
‫والعهدة‪ :‬بضم العين تعلق المر بالمأمور‪ .‬والمعنى‪ :‬أن المأمور إذا فعل ما أمر به على وجه صحيح فإنه‬
‫يخأرج عن عهدة ذلك المر ويوصف ذلك الفعل بالجزاء‪ .‬والجزاء معناه‪ :‬براءة الذمة وسقوط الطلب‪ .‬أما‬
‫الثابة على الفعل فليست من لوازم المتثال فقد يحصل الجزاء وبراءة الذمة ول يحصل الثواب‪ ،‬وقد يكون‬
‫مثاب ا ول تب أر الذمة‪.‬‬
‫فمثال الول‪ :‬قول الزور والعمل به في الصيام‪ .‬فقد قال النبي ‪) ‬من لم يدع قول الزور والعمل به‬
‫فقول الزور والعمل به في الصيام أوجب إثما يقابل ثواب‬ ‫)‪(3‬‬
‫فليس ل حاجة في أن يدع طعامه وشرابه(‬
‫الصوم‪ .‬وقد اشتمل الصوم على المتثال المأمور به والعمل المنهي عنه‪ ،‬فبرئت الذمة للمتثال ووقع‬
‫الحرمان للمعصية‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬كأن يفعل فعلا ناقصا عن الشرائط والركان‪ ،‬فيثاب على ما فعل ول تب أر الذمة إل بفعله‬
‫ل‪ ،‬فإذا أخأرج الزكاة ناقصة فإنه يخأرج التمام إواذا ترك شيئ ا من واجبات الحج كالمبيت بمزدلفة فإنه‬
‫كام ا‬
‫يجبره بالدم‪ ،‬إواذا ضحى بمعيبة وجبت عليه سليمة‪ .‬إواذا فوت الجمعة بقي في العهدة‪ .‬فالنقص إما أن‬
‫يجبر بجنسه أو ببدله أو بإعادته كاملا أو يبقى في العهدة فيأثم صاحبه)‪ (4‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( تثيل الؤلف بالطهارة فيه نظر‪ ،‬لن فيها دليلل يصها‪ ،‬بلف المر بشراءا ما يست العورة‪ .‬وال أعلجم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري برقم ‪.844‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخماري )‪.(4/116‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر ممجوع فتاوى شيخ السلما )‪ 19/303‬وما بعدها(‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪42‬‬
‫من يدخأل في المر والنهي ومن ل يدخأل‬

‫)يدخأل في خأطاب ال تعالى المؤمنون‪ .‬والساهي والصبي والمجنون غير داخألين في الخأطاب‪ ،‬والكفار‬
‫مخأاطبون بفروع الشرائع وبما ل تصح إل به وهو السلم‪ ،‬لقوله تعالى‪[ :‬قالوا لم نك من المصلين ])‪.((1‬‬
‫ذكر المصنف في هذا المبحث من يدخأل في أوامر الشرع ونواهيه ومن ل يدخأل‪ ،‬ولو أخأر هذا‬
‫الموضوع بعد مبحث النهي لكان أحسن‪.‬‬
‫قوله‪) :‬يدخأل في خأطاب ال تعالى المؤمنون( المراد بخأطاب ال‪ :‬الخأطاب التكليفي المتضمن‬
‫لطلب الفعل أو الترك كقوله تعالى‪[ :‬وأقيموا الصلة ])‪ ،(2‬وقوله تعالى‪[ :‬ول تقربوا الزنا ])‪.(3‬‬
‫والمراد بالمؤمنين‪ :‬المكلفون من ذكر وأنثى ممن آمن بال ورسوله‪ .‬لدخأول النساء في جمع الذكور‬
‫إذا وجدت قرينة كما هنا‪ .‬والمكلف هو البالغ العاقل‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والساهي والصبي والمجنون غير داخألين في الخأطاب( الساهي اسم فاعل من )سها يسهو‬
‫سهوا فهو سانه( قال في اللسان‪) :‬السهو والسهوة‪ :‬نسيان الشيء والغفلة عنه‪ .‬وذهاب القلب إلى غيره ‪(. .‬‬
‫)‪.(4‬‬
‫فالساهي في حال سهوه غير مكلف لن مقتضى التكليف فهم المكلف لما كلف به‪ .‬وهذا ل يتم إل‬
‫بالنتباه‪ .‬ولهذا لم يجب سجود السهو على من سها في صلته إل بعد التذكر وزوال العذر‪ ،‬وحينئذ يكون‬
‫مكلفاا‪.‬‬
‫وقوله )والصبي( هو النسان من الولدة إلى أن يفطم‪ ،‬ويطلق على الصغير دون الغلم)‪.(5‬‬
‫والصبي غير مكلف سواء كان ممي از على القول الراجح‪ ،‬أو غير مميز وهذا بالجماع‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬والمجنون( هو فاقد العقل‪ .‬وهو من ل يطابق كلمه وأفعاله كلم وأفعال العقلء)‪.(6‬‬

‫)( سورة الدثار‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة السراءا آية‪.32 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( اللجسان مادة )سها( ‪.14/406‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( معجم لغمة الفقهاءا ص ‪ 270‬القاموس مادة )صب(‪,‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( معجم لغمة الفقهاءا ص ‪.407‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪43‬‬
‫وهو غير مكلف لقوله ‪) :‬رفع القلم عن ثلثة‪ :‬عن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى يكبر‪.‬‬
‫وفي رواية حتى يحتلم وفي رواية‪ :‬حتى يبلغ‪ .‬وفي رواية حتى يشب‪ .‬وعن المجنون حتى يعقل()‪.(1‬‬
‫فجعل الشارع البلوغ علمة لظهور العقل وفهم الخأطاب ومن ل يفهم ل يصح تكليفه‪ .‬لعد قصد‬
‫المتثال‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬كيف تقولون‪ :‬إن الصبي والمجنون غير مكلفين مع وجوب الزكاة وأروش الجنايات وقيم‬
‫المتلفات في ماليهما؟‬
‫فالجواب‪ :‬أن هذا ليس من خأطاب التكليف‪ ،‬إوانما هو من خأطاب الوضع‪ ،‬وهو ل يشترط فيه‬
‫التكليف بالبلوغ والعقل‪ .‬وتوضيحه‪ :‬أن هذا من باب ربط الحكام بأسبابها‪ ،‬بمعنى أن الشرع وضع أسباب ا‬
‫تقتضي أحكاما تترتب عليها تحقيقا للعدل في خألقه ورعاية لمصالح العباد‪ ،‬فمتى وجد السبب وجد الحكم‪،‬‬
‫فإذا وجد النصاب وجبت الزكاة‪ ،‬سواء كان النصاب لبالغ عاقل أو لصبي أو لمجنون‪ ،‬وكذا نقول إذا وجد‬
‫التلف وجب الضمان إذا لم يرض صاحب الحق بإسقاط حقه مهما كان المتلف‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والكفار مخأاطبون بفروع الشرائع ‪ (. .‬المراد بالفروع الحكام العملية من الوامر كالصلة‬
‫والزكاة‪ ،‬والنواهي كالزنا وشرب الخأمر‪ .‬ولو عبر به المصنف لكان أولى)‪.(2‬‬
‫فهذه المسألة فيها خألف بين أهل العلم‪ .‬وما ذكره المصنف من أنهم مخأاطبون‪.‬‬
‫هو القول الراجح لقوة دليله‪ ،‬وأما كونهم مخأاطبين بالسلم فهذا ل خألف فيه‪.‬‬
‫قال تعالى‪ [ :‬ما سلككم في سقر)‪ (42‬قالوا لم نك من المصلين)‪ (43‬ولم نك نطعم المسكين)‬
‫‪ (44‬وكدنا نخوض مع الخائضين)‪ (45‬وكدنا نكدذب بيوم الدين)‪ (46‬حتى أتانا اليقين)‪ .(3)] (47‬وقال‬
‫[فل صددق ول صدلى)‪ (31‬ولكن كدذب وتودلى)‪ ،(4)] (32‬ومن الدلة أيض ا التمسك بالعمومات‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ])‪ (5‬وقوله تعالى‪[ :‬يا بني آدم خذوا‬
‫زينتكم عند كل مسجد ])‪.(6‬‬

‫)( أخرجه التمذي برقم ‪ 1423‬وأبو داود ‪ 4403‬وابن ماجه رقم ‪ 2041‬والنسائي )‪ (6/156‬وذكره البخماري تعلجيقال ف الطلق والدود )‪ 12/120‬الفتح(‬ ‫‪1‬‬

‫وهو حديث صحيح‪.‬‬


‫)( انظر كلما شيخ السلما رحه ال حول مصطلجح الصول والفروع ف الفتاوى ‪.6/56‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الدثار‪ ،‬اليات ‪.47 – 42‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة القيامة‪ ،‬اليتان ‪.32 ،31‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.97 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة العراف‪ ،‬آية‪.31 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪44‬‬
‫ومع أن الكافر مخأاطب بالوامر فإنه ل يصح منه فعل المأمور به حال كفره قال تعالى‪[ :‬وما‬
‫منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إل أنهم كفروا بال وبرسوله ])‪ (1‬فاليمان شرط لصحة الفعل‪ ،‬ول يعارض‬
‫هذا ما تقدم من أنهم مخأاطبون حال كفرهم‪ ،‬لن المراد هنا أنهم يعذبون عليها في الخأرة زيادة على عذاب‬
‫الكفر‪ ،‬والمراد هنا أنهم ل يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم ول تنفعهم‪.‬‬
‫إواذا أسلم الكافر ل يؤمر بقضاء الماضي لقوله تعالى‪[ :‬قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد‬
‫سلف ])‪.(2‬‬
‫ولقول النبي ‪ ‬لعمرو بن العاص‪) :‬أما علمت يا عمرو أن السلم يهدم ما كان قبله()‪ (3‬ولن في‬
‫ذلك ترغيب ا له في السلم‪ ،‬فإنه إذا علم أنه ل يطالب بقضاء ما ترك فإنه يرغب في السلم إذ لو كلف‬
‫بالقضاء لنفر عن السلم)‪ (4‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( سورة التوبة‪ ،‬آية‪.54 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النفال‪ ،‬آية ‪.38‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪.192‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( ل داعي للطالة ف هذه السألة لنا ليست من أصول الفقه‪ .‬لن أثار اللف فيها إنا يظهر ف الدار الخرة‪ ،‬حيث يعذب الكافر زيادة علجى عذاب الكفر‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫ومسائل أصول الفقه إنا هي دلئل وقواعد تعرف با الحكاما والتكاليف ف هذه الدار‪ .‬واللف ف هذه السألة ل يظهر أثاره ف الدنيا‪ ،‬لن الكافر ل تصح منه‬
‫العبادة حال كفره‪ ،‬وإذا أسلجم ل يؤمر بقضاءا ما فاته‪ .‬انظر الصول )‪ ،(1413 – 2/2/399‬السائل الشتكة بيم أصول الفقه وأصول الدين ص ‪ .94‬وانظر‬
‫كلمال ماتعال للجشاطب – رحه ال – ف إدخال مسائل ليست من الصول ف أصول الفقه ف الوافقات ‪.1/42‬‬
‫‪45‬‬
‫هل المر بالشيء نهي عن ضده؟‬

‫)والمر بالشيء نهي عن ضده‪ .‬والنهي عن الشيء أمر بضده()‪.(1‬‬


‫ل خألف أن صيغة المر )افعل( مغايرة الصيغة النهي )ل تفعل( فيكون المر بالشيء نهي ا عن‬
‫ضده من جهة المعنى ل من جهة اللفظ‪ ،‬فالطلب له تعلق واحد بأمرين هما‪ :‬فعل الشيء‪ ،‬الكف عن‬
‫ضده‪ .‬فباعتبار الول هو أمر‪ ،‬وباعتبار الثاني هو نهي‪ .‬فإذا قال له‪ :‬اسكن‪ .‬فهذا أمر بالسكون‪ ،‬نهي‬
‫عن ضده وهو الحركة‪ .‬قال تعالى‪[ : :‬يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا ال ])‪ .(2‬فالمر‬
‫بالثبات نهي عن عدم الثبات أمام الكفار‪ ،‬وقد دل على ذلك قوله تعالى‪[ : :‬يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم‬
‫الذي كفروا زحفا فل تولوهم الدبار ])‪ (3‬ومثاله – أيض ا – المر بالقيام في الصلة نهي عن ضده وهو‬
‫الجلوس‪ ،‬فإذا جلس من قيامه أثناء صلة الفرض عمدا لغير عذر بطلت صلته‪ ،‬لن أمره بالقيام نهي له‬
‫عن الجلوس‪.‬‬
‫والنهي عن الشيء أمر بضده من جهة المعنى ل من جهة اللفظ‪ ،‬فإذا قال له‪ :‬ل تتحرك‪ .‬فهذا‬
‫نهى عن التحرك أمر بضده وهو السكون‪.‬‬
‫والمر بالشيء نهي عن جميع أضداده‪ ،‬فإذا قال له‪ :‬قم‪ .‬فإن له أضداده من قعود وركوع وسجود‬
‫واضطجاع وهو منهدي عن ذلك كله‪.‬‬
‫والنهي عن الشيء أمر بأحد أضداده فقط‪ ،‬فالنهي عن القيام أمر بواحد من أضداده من القعود أو‬
‫الضطجاع وغيرهما لحصول المتثال بذلك الواحد‪.‬‬
‫واعلم أن هذه المسألة من المسائل التي كثرت فيها آراء الصوليين والفقهاء‪ ،‬وتنوعت مذاهبهم‪،‬‬
‫والصواب فيها ما قرره شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ورجحه الشنقيطي رحم ال الجميع أن‬
‫المر بالشيء ليس هو عين النهي عن ضده‪ ،‬ولكنه يستلزمه‪ .‬لن طلب الشيء طلب له بالذات ولما هو‬

‫)( استظهر الشنقيطي رحه ال أن هذه السألة مبنية علجى قول التكلجمجيم ومن وافقهم من الصولييم بالمر النفسي وهو العن القائم بالذات الرد عن الصيغمة‪ .‬ول‬ ‫‪1‬‬

‫ريب أنه قول باطل مبن علجى زعم باطل‪ ،‬وهو أن كلما ال تعال مرد العن القائم بالذات فل حروف ول ألفاظ )راجع مذكرة الشنقيطي ص ‪.(27‬‬
‫)( سورة النفال‪ ،‬آية‪.45 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النفال‪ ،‬آية‪.15 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪46‬‬
‫من ضرورته باللزوم من باب )ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب( فقولك‪ :‬أسكن‪ .‬يستلزم نهيك عن‬
‫الحركة‪ ،‬لن المأمور به ل يمكن وجوده مع التلبس بضده‪.‬‬
‫والنهي عن الشيء يستلزم المر بضده‪ .‬لن النهي عن الشيء طلب لتركه بالذات ولفعل ما هو‬
‫من ضرورة الترك باللزوم‪ ،‬فقولك‪ :‬ل تتحرك يستلزم أمرك بالسكون‪ ،‬لن المنهي عنه ل يمكن وجوده مع‬
‫التلبس بضده وال أعلم)‪.(1‬‬

‫)( انظر ممجوع الفتاوى )‪ (10/531‬الفوائد لبن القيم ص ‪ 226‬مذكرة الشنقيطي ص ‪.28 ،27‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪47‬‬
‫النه ممي‬
‫)والنهي‪ :‬استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب‪ ،‬ويدل على فساد المنهي عنه‪ ،‬وترد‬
‫صيغة المر والمراد به الباحة أو التهديد أو التسوية أو التكوين(‪.‬‬
‫النهي‪ :‬استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب‪ ،‬وشرح التعريف يستفاد مما تقدم‬
‫في شرح تعريف المر‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬على سبيل الوجوب( أي وجوب الترك‪ .‬وهذا القيد لخأراج الصيغة المستعملة في الكراهة‪.‬‬
‫وللنهي صيغة واحدة هي المضارع المقرون بل الناهية‪ ،‬كقوله تعالى‪[ :‬ول تقربوا الزنى ])‪ (1‬وقد‬
‫يستفاد النهي بغير هذه الصيغة‪ ،‬وذلك مثل الجمل الخأبرية التي وردت بلفظ التحريم‪ ،‬كقوله تعالى‪[ :‬حررمت‬
‫عليكم أمهاتكم ])‪ ،(2‬أو نفي الحل كقوله تعالى‪[ :‬يا أيها الذين آمنوا ل يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ])‪،(3‬‬
‫أو لفظ )نهى( كحديث أبي سعيد رضي ال عنه قال‪) :‬نهى رسول ال ‪ ‬عن صوم يوم الفطر ويوم‬
‫)‪(4‬‬
‫النحر(‬
‫قوله‪) :‬على سبيل الوجوب ‪ ( . . .‬اعلم أن صيغة النهي عند الطلق والتجرد عن القرينة‬
‫تقتضي أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬تحريم المنهي عنه‪ ،‬وهو معنى قول المصنف )على سبيل الوجوب( أي وجوب الترك‪ ،‬ومن‬
‫لزم وجوب الترك تحريم المنهي عنه ‪ ،‬وهذا باتفاق الئمة الربعة ‪ .‬والجمهور على أن النهي يقتضي‬
‫التكرار والفور‪ ،‬فإذا نهى الشرع عن شيء وجبت المبادرة بالترك وأل يفعل المنهي عنه في أي وقت من‬
‫الوقات‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ])‪ (5‬فأمر ال تعالى بالنتهاء عن‬
‫المنهي عنه‪ .‬فيكون النتهاء واجباا‪ .‬لن المر يقتضي الوجوب كما تقدم‪.‬‬
‫يقول المام الشافعي رحمه ال‪) :‬أصل النهي من رسول ال ‪ ‬أن كل ما نهى عنه فهو محرم‪ ،‬حتى‬
‫تأتي عنه دللة تدل على أنه إنما نهى عنه لمعنى غير التحريم()‪.(6‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬الصلة إلى القبور فهي محرمة بدليل النهي الذي ورد في حديث أبي مرثد الغنوي‬
‫رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال ‪) :‬ل تصلوا إلى القبور ول تجلسوا عليها()‪.(7‬‬

‫)( سورة السراءا‪ ،‬آية‪.32 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.23 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.19 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه البخماري )‪ (1139‬ومسلجم )‪.(827‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الشر‪ ،‬آية‪.7 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( الما للجشافعي )‪.(7/305‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 972‬وأبو داود رقم ‪ 3229‬والتمذي رقم ‪ 1050‬والنسائي )‪.(2/67‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪48‬‬
‫ومثال مجيء النهي لغير التحريم قوله ‪) :‬ل يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول()‪ (1‬فقد ذكر‬
‫الحافظ ابن حجر رحمه ال في فتح الباري عن الجمهور‪ :‬أن النهي للكراهة‪ ،‬لن الذكر بضعة من النسان‬
‫لحديث )هل هو إل بضعة منك()‪.(2‬‬
‫المر الثاني مما تقتضيه صيغة النهي‪ :‬فساد المنهي عنه‪ ،‬فل تب أر الذمة‪ ،‬ول يسقط الطلب إن كان‬
‫عبادة‪ ،‬ول يترتب الثر المقصود من العقد على العقد إذا كان معاملة كما تقدم في الكلم على الباطل‪،‬‬
‫والقول بالفساد هو قول الئمة الربعة وغيرهم لحديث عائشة رضي ال عنها؛ أن النبي ‪ ‬قال‪) :‬من عمل‬
‫عملا ليس عليه أمرنا فهو رد()‪ ،(3‬ووجه الدللة منه‪ :‬أن ما نهى عنه الشرع فليس عليه أمر النبي ‪ ‬فيكون‬
‫مردوداا‪ ،‬وما كان مردودا على فاعله فكأنه لم يوجد لنه فاسد‪.‬‬
‫فالشارع نهى عن الصلة بل طهارة ولغير القبلة وبدون ستر العورة‪ ،‬ونهى عن بيع الغرر‪ ،‬وعن‬
‫بيع ما ل يملك‪ ،‬فإن وقع ذلك حكم بفساده‪ ،‬وقد ل يقتضي النهي الفساد إذا وجد دليل مثل حديث أبي هريرة‬
‫رضي ال عنه عن النبي ‪ ‬قال‪" :‬ل تصيروا البل والغنم فمن ابتاعها بعد فهو بخأير النظرين بعد أن‬
‫يحتلبها إن شاء أمسك إوان شاء ردها وصاع تمر")‪ (4‬فل يدل النهي على أن البيع فاسد بدليل أنه جعل‬
‫الخأيار للمشتري)‪.(5‬‬
‫ثم ذكر المؤلف أن صيغ المر تأتي للباحة وقد تقدم الكلم على ذلك‪ ،‬وليس هذا تك ار ارا‪ ،‬لن‬
‫المقصود هناك بيان أن الصيغة ل تخأرج عن الوجوب إل بدليل‪ ،‬والمراد هنا بين ما استعملت فيه الصيغة‬
‫من المعاني‪.‬‬
‫وتأتي للتهديد مثل قوله تعالى‪[ :‬قل تمدتعوا فإن مصيركم إلى النار ])‪ (6‬والقرينة الصارفة إلى التهديد‬
‫أن ذلك الوعيد يدل على التهديد‪.‬‬
‫أو للتسوية كقوله تعالى‪[ :‬فاصبروا أو ل تصبروا ])‪ .(7‬أو للتكوين وهو اليجاد من العدم بسرعة‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬كونوا ققردة خاسئين ])‪.(8‬‬
‫والولى ذكر هذه المعاني في الكلم على المر عند ذكر الباحة والندب كما تقدم‪.‬‬
‫)( رواه البخماري‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(254 ،1/253‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 1718‬وأخرجه البخماري تعلجيقال ف البيوع وموصولل ف الصلجح‪ ،‬انظر فتح الباري )‪ (4/355‬وأخرجه أبو داود برقم ‪ 4606‬وابن ماجه رقم‬ ‫‪3‬‬

‫‪.14‬‬
‫)( رواه البخماري برقم ‪ 2041‬ومسلجم برقم ‪ 1524‬وقوله )ل تصروا(‪ :‬بضم أوله وفتح ثاانية بوزن‪ :‬تزكوا والتصرية‪ :‬حبس اللجب ف الضرع حت يتمجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪ (4/367‬وف طرح التثريب )‪ (6/78‬نقل الجاع علجى أن بيع الصراة صحيح‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة إبراهيم‪ ،‬آية‪.30 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة الطور‪ ،‬آية‪.16 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.65 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪49‬‬
‫الع ممام‬

‫)وأما العام فهو ما عم شيئين فصاعداا‪ ،‬من قولك‪ :‬عممت زيدا وعم ار بالعطاء‪ .‬وعممت جميع الناس‬
‫بالعطاء وألفاظه أربعة‪ :‬السم الواحد المعروف باللم‪ ،‬واسم الجمع المعرف باللم‪ ،‬والسماء المبهمة كمن‬
‫فيمن يعقل‪ ،‬وما فيما ل يعقل‪ ،‬وأي في الجميع‪ ،‬وأين في المكان‪ ،‬ومتى في الزمان‪ ،‬وما في الستفهام‬
‫والجزاء وغيره‪ ،‬ول في النكرات كقولك‪ :‬ل رجل في الدار‪ ،‬والعموم من صفات النطق‪ ،‬ول تجوز دعوى‬
‫العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه(‪.‬‬
‫اعلم أن البحث في دللت اللفاظ من حيث الشمول وعدمه من المباحث الصولية المهمة‪ ،‬فإن‬
‫هناك من اللفاظ ما ل يدل إل يدل إل على فرد معين‪ ،‬ومنها ما يدل على فرد غير معين‪ ،‬ومنها ما يدل‬
‫على أفراد ل حصر لها‪ .‬كل ذلك جاء في نصوص الكتاب والسنة‪.‬‬

‫إواذا كان استنباط الحكام الشرعية من الدلة ل يتم إل بمعرفة شروط الستدلل كما تقدم كان لزام ا‬
‫على الصولي والفقيه أن يعني بدراسة دللت اللفاظ‪ ،‬ويستفيد من قواعدها وضوابطها‪.‬‬
‫والعام لغة‪ :‬الشامل‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما عم شيئين فصاعداا‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ما‪ :‬أي لفظ‪ ،‬وهي جنس في التعريف تشمل ما يراد تعريفه وغيره‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬عم شيئين‪ :‬أي تناول شيئين دفعة واحدة‪ ،‬وهذا قيد يخأرج ما ل يتناول إل واحدا كالعلم مثل‬
‫زيد‪ ،‬والنكرة المفردة في سياق الثبات)‪ (1‬مثل‪) :‬رجل( فهو لفظ يصلح لكل واحد من رجال الدنيا لكن بدون‬
‫استغراق ومنه قوله تعالى‪[ :‬فتحرير رقبة ])‪.(2‬‬
‫وقوله‪ :‬فصاعداا‪ :‬حال حذف عاملها وصاحبها‪ ،‬أي فذهب المعدود صاعدا عن الشيئين‪ .‬وهذا قيد‬
‫لخأراج المثنى النكرة في الثبات كرجلين‪.‬‬

‫)( قد تفيد النكرة ف سياق الثابات العمجوما كمجا سيأت إن شاءا ال‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الادلة‪ ،‬أية‪.3 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫وبقي على التعريف قيد آخأر وهو )بل حصر()‪ (1‬لخأراج اسم العدد كمائة وألف‪ ،‬لنها تشمل اثنين‬
‫فصاعدا ولكنها بحصر‪ ،‬والعام بل حصر‪ .‬فاسم العدد والعام كل منهما يدل على الكثرة لكن الكثرة في‬
‫العام غير محصورة‪ ،‬وفي العدد محصورة‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬من قولك عممت زيدا وعم ار بالعطاء ‪ . .‬إلخ( أي أن العام مأخأوذ من قولك‪) :‬عممت‬
‫بالعطاء( أي شملت المذكورين‪ ،‬ففي العام شمول‪ ،‬أو يكون مثالا للعام الذي يتناول شيئين‪ ،‬والعام الذي‬
‫يتناول جميع الجنس)‪.(2‬‬
‫ثم ذكر المصنف أن صيغ العموم أربع‪ .‬وهذا ليس على سبيل الحصر‪ ،‬لنها أكثر من ذلك‪ ،‬إوانما‬
‫حصرها بأربع مراعاة للطالب المبتدئ‪ .‬وصيغ العموم كما يلي‪:‬‬
‫‪ (1‬السم الواحد المعرف باللف واللم‪ .‬والمراد بالواحد المفرد‪ ،‬والمراد باللف واللم )أل( الستغراقية‬
‫فإن مدخأولها عام ‪،‬وعلمتها صحة وقوع )كل ( موقعها كقوله تعالى‪[ :‬إن النسان لفي خسر)‪(2‬‬
‫إل الذين ءامنوا ])‪ (3‬فهذا عام بدليل الستثناء‪.‬‬
‫‪ (2‬اسم الجمع المعرف باللم التي ليست للعهد‪ .‬والمراد الجمع بالمعنى اللغوي‪ ،‬وهو اللفظ الدال على‬
‫جماعة فيشمل الجمع وهو ماله مفرده‪ ،‬واسم الجمع وهو ما ليس له مفرد من لفظه‪ ،‬واسم الجنس‬
‫الجمعي‪ .‬فالول كقوله تعالى‪[ :‬قد أفلح المؤمنون)‪ (4)] (1‬وقوله تعالى‪ [ :‬إواذا بلغ الطفال منكم‬
‫الحلم فليستئذنوا ])‪ .(5‬والثاني مثل كلمة )النساء( في قوله تعالى‪[ :‬الرجال قوامون على النساء ])‪.(6‬‬
‫والثالث‪ :‬اسم الجنس الجمعي وهو ما يدل على أكثر من اثنين‪ ،‬ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء كقوله‬
‫تعالى‪[ :‬إن البقر تشابه علينا ])‪ (7‬ومفرد بقرة‪ ،‬أو بالياء كقوله تعالى‪[ :‬غلبت الروم)‪ (8)] (2‬ومفرده‬
‫رومي‪.‬‬

‫)( انظر الشرح الكبي علجى الورقات للجعبادي )‪.(2/86‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر اللجمجع للجشيازي ص ‪.87‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة العصر‪ ،‬اليتان ‪.3 ،2‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الؤمنون‪ ،‬آية‪.1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة النور‪ ،‬آية‪.59 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.34 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.70 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( سورة الروما‪ ،‬آية‪.2 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪51‬‬
‫رومي ‪.‬وأما المعرف بأل العهدية فيكون عايم ا إذا كان المعهود عايم ا كقوله تعالى‪[ :‬إذ قال‬
‫رلبك للملئكة إني خالق بش ارل من طين)‪ (71‬فإذا سدويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له‬
‫صا فالمعرف خأاص‬ ‫)‪(1‬‬
‫ساجدين)‪ (72‬فسجد الملئكة كلهم أجمعون()‪ ] (73‬فإن كان المعهود خأا ي‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬كما أرسلنا إلى فرعون رسولل)‪ (15‬فعصى فرعون الرسول ])‪.(2‬‬
‫‪ (3‬السماء المبهمة‪ :‬وذلك كأسماء الشرط كقوله تعالى‪[ :‬من يعمل سوءال يجز به ])‪ ،(3‬وأسماء‬
‫الستفهام كقوله تعالى‪[ :‬فأين تذهبون)‪ (4)] (26‬والسماء الموصولة كقوله ‪) ‬الذي يشرب في‬
‫آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم()‪.(5‬‬
‫ومن للعموم في العاقل كما مثلنا‪ ،‬سواء كانت شرطية أو استفهامية أو موصولة‪ .‬و )ما(‬
‫للعموم في غير العاقل كقوله تعالى‪[ :‬وما تفعلوا من خير يعلمه ال ])‪ (6‬وقوله تعالى‪[ :‬وما‬
‫عند ال خير للبرار)‪ (7)] (198‬وقوله تعالى‪[ :‬ماذا أجبتم المرسلين)‪.(8)] (65‬‬
‫ومعنى البهام في أسماء الشرط والستفهام أنها ل تدل على معين‪ ،‬وفي السماء‬
‫الموصولة افتقارها إلى صلة تعين المراد‪.‬‬
‫وقول المصنف‪) :‬وأي في الجميع( أي أن )أييا( تكون شرطية نحو قوله تعالى‪[ :‬أديما‬
‫ي الحزبين أحصى لما‬
‫د‬ ‫أ‬ ‫لنعلم‬ ‫[‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫كقوله‬ ‫استفهامية‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫)‪(9‬‬
‫الجلين قضيت فل عدوان علدى ]‬
‫لبثوا أمدا)‪ .(10)] (12‬وموصولة كقوله تعالى‪[ :‬ثدم لننـزعدن من كل شيعة أديهم أشلد على‬
‫وتكون لغير العاقل كالمثال الول‪ ،‬وللعاقل كالمثال الثاني والثالث‪.‬‬ ‫)‪(11‬‬
‫الرحمن عتديا)‪] (69‬‬

‫)( سورة ص‪ ،‬اليات‪.73 – 71 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الزمل‪ ،‬اليتان‪.16 ،15 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.123 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة التكوير‪ ،‬آية‪.26 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫) ( أخرجه البخماري رث ‪ 5311‬ومسلجم رقم ‪ 2065‬عن أما سلجمجة رضي ال عنها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.197 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.198 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( سورة القصص‪ ،‬آية‪.65 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫)( سورة القصص‪ ،‬آية‪.28 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫)( سورة الكهف‪ ،‬آية‪.12 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫)( سورة مري‪ ،‬آية‪.69 :‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪52‬‬
‫وقوله‪) :‬وأين في المكان‪ ،‬ومتى في الزمان(‪ :‬أي أن )أين( تكون استفهامية للسؤال عن‬
‫المكان كما تقدم‪ ،‬وتأتي شرطية كقوله تعالى‪[ :‬أينما تكونوا يدرككم الموت ])‪) (1‬ومتى( تأتي‬
‫استفهامية كقوله تعالى‪[ :‬متى نصر ال ])‪(2‬؟ وشرطية نحو‪ :‬متى تسافر أسافر‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬وما في الستفهام والجزاء وغيره(‪ :‬أي أن )ما( تأتي استفهامية وتأتي للجزاء أي‪:‬‬
‫الشرط‪ ،‬وتقدم مثالهما‪ .‬وفي بعض نسخ الورقات )والخأبر( بدل )والجزاء( والمراد بها الموصولة‬
‫وتقدم مثالها أيضاا‪ .‬وقول المصنف )وغيره( أي غير المذكور الذي هو الستفهام والجزاء على‬
‫نسخأتنا‪ ،‬والستفهام والخأبر على النسخأة الثانية وذلك كالخأبر على النسخأة الولى‪ ،‬والجزاء‬
‫على الثانية‪.‬‬
‫‪ (4‬النوع الرابع من صيغ العموم‪ :‬ل‪ .‬في النكرات‪ ،‬والمراد أن )ل( المركبة مع النكرة تفيد العموم كقوله‬
‫تعالى‪[ :‬فل رفث ول فسوق ول جدال في الحج ])‪ .(3‬فالنكرة في سياق النفي تفيد العموم‪ ،‬وكذا في‬
‫سياق النهي أو الشرط أو الستفهام النكاري كقوله تعالى‪[ :‬فل تدعوا مع ال أحدا)‪ (4)] (18‬وقوله‬
‫وقوله تعمالى‪[ :‬من‬ ‫)‪(5‬‬
‫تعالى‪ [ :‬إوان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ]‬
‫إله غير ال يأتيكم بضياءء ])‪.(6‬‬
‫وبقي صيغ أخأرى لم يتعرض لها المصنف ومنها‪:‬‬
‫لفظ‪ :‬كل ‪ .‬وهي من أقوى صيغ العموم‪ ،‬لنها تشمل العاقل وغيره‪ ،‬المذكر‬ ‫‪(1‬‬
‫والمؤنث‪ ،‬المفرد والمثنى والجمع‪ .‬قال تعالى‪[ :‬كلل نفس ذائقة الموت ])‪ (7‬وقال ‪) :‬كل الناس يغدو‬
‫فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها)‪.(8‬‬
‫ويلحق )بكل( ما دل على العموم بمادته مثل جميع ومعشر ومعاشر وعامة كافة ونحوها‪.‬‬
‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.78 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.214 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.197 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الن‪ ،‬آية‪.18 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة التوبة‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة القصص‪ ،‬آية‪.71 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.185 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 223‬من حديث طويل‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪53‬‬
‫المضاف لمعرفة‪ ،‬سواء كان مفردا أو جمع ا كقوله تعالى‪ [ :‬إوان تعددوا نعمت ال ل‬ ‫‪(2‬‬
‫تحصوها ])‪ (1‬وقوله تعالى‪[ :‬يوصيكم ال في أولدكم ])‪.(2‬‬
‫)‪(3‬‬
‫النكرة في سياق المتنان كقوله تعالى‪[ :‬وأنزلنا من السماء ماء طهورا)‪] (48‬‬ ‫‪(3‬‬
‫لن العموم يتناسب مع المتنان وكقوله تعالى‪[ : :‬فيهما فاكهة ونخل وردمان)‪.(4)] (68‬‬
‫النكرة في سياق الثبات تفيد العموم بدليل قوله تعالى‪[ :‬علمت نفس ما أحضرت)‬ ‫‪(4‬‬
‫‪ (5)] (14‬والدليل قوله تعالى‪[ :‬هنالك تبلوا كلل نفس دما أسلفت ])‪.(6‬‬
‫وقوله‪) :‬والعموم من صفات النطق(‪ :‬النطق مصدر بمعنى اسم المفعول‪ ،‬أي‪ :‬المنطوق‪.‬‬
‫والمنطوق هو اللفظ لنه ينطق به لشتماله على الحروف‪ .‬فالعموم من صفات اللفاظ‪ .‬فيقال‪ :‬لفظ عام‪.‬‬
‫لن العام له صيغ تستعمل في العموم ل يستفاد بدونها – كما تقدم في المثلة – فإذا وردت الصيغة‬
‫مجردة عن القرائن دلت على استغراق الجنس‪ ،‬فالعموم من مفهوم لسان العرب‪ .‬هذا مذهب السلف من‬
‫صدر هذه المة‪ .‬ومن تابعهم ممن بعدهم‪ .‬فكانوا يستدلون ويحتجون بنصوص العموم‪ .‬فيوافق المخأالف‬
‫منهم على صحة الستدلل‪ .‬ولنذكر مثالين لذلك‪:‬‬
‫الول‪ :‬عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬لما نزلت [ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ])‪ (7‬قال‬
‫ففهم الصحابة رضي ال‬ ‫)‪(9) (8‬‬
‫أصحاب النبي ‪ :‬وأينا لم يظلم‪ .‬فنمزلت [إن الشرك لظلم عظيم)‪، ] (13‬‬
‫عنهم العموم في الية إما من السم الموصول [والذين آمنوا ] أو من النكرة في سياق النفي [يظلم ] ولم‬

‫)( سورة إبراهيم‪ ،‬آية‪.34 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.11 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الفرقان‪ ،‬آية‪.48 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الرحن‪ ،‬آية‪.68 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة التكوير‪ ،‬آية‪.14 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة يونس‪ ،‬آية‪.30 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة النعاما‪ ،‬آية‪.82 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( سورة لقمجان‪ ،‬آية‪.13 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫)( رواه البخماري )‪ (1/87‬ومسلجم برقم ‪.124‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪54‬‬
‫ينكر عليهم النبي ‪ ‬ذلك الفهم‪ .‬بل جاء البيان أن المراد بالظلم الشرك)‪ .(1‬قال في فتح الباري‪) :‬وفيه‬
‫الحمل على العموم حتى يرد دليل الخأصوص()‪.(2‬‬
‫المثال الثاني‪ :‬ما رواه ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال ‪) :‬من جير ثوبه خأيلء لم‬
‫ينظر ال إليه يوم القيامة‪ .‬فقالت أم سلمة رضي ال عنها‪ :‬فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال‪ :‬يرخأينه‬
‫شب ارا‪ .‬فقالت‪ :‬إذن تنكشف أقدامهن‪ :‬قال‪ :‬فيرخأينه ذراعا ول يزدن عليه()‪.(3‬‬
‫ففهمت أم سلمة رضي ال عنها من لفظ )ممنن( العموم ‪،‬وأقرها النبي ‪ ‬ولم ينكر ذلك عليها ‪ ،‬بل بين‬
‫لها حكم النساء ‪ .‬فهذا دليل على أن لفظة )ممنن( تفيد العموم بدون قرينة‪ .‬لن العموم من صفات اللفاظ(‬
‫)‪.(4‬‬
‫وقوله‪) :‬ول يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه( الضمير في قوله‪) :‬غيره(‬
‫يعود إلى النطق ‪ .‬وقوله ‪) :‬من الفعل (بيان للغير ‪ ،‬والمعنى أن الفعل ليس من صيغ العموم‪ .‬وهذا يراد به‬
‫الفعل المثبت نحو‪ :‬وال لكلين طعاماا‪ .‬فإذا أكل طعاما واحدا بير بيمينه‪ .‬أما الفعل في سياق النفي فهو من‬
‫صيغ العموم‪ ،‬فإذا حلف ل يبيع حنث بأي بيع كان‪ ،‬وسير الفرق بين النوعين هو أن الفعل ينحل عن‬
‫مصدر وزمن‪ .‬فالمصدر كامن في معناه إجماعاا‪ .‬فإن كان مثبتا فالمصدر مثبت‪ .‬والنكرة في سياق‬
‫الثبات ل تعم إل في مقام المتنان كما تقدم‪ .‬إوان كان منفييا فالمصدر منفي‪ ،‬والنكرة في سياق النفي تعم‬
‫كما مضى‪ ،‬ومثال الفعل المثبت قول بلل رضي ال عنه )صلى رسول ال ‪ ‬داخأل الكعبة()‪ ،(5‬فهذا ل‬
‫يعم الفرض والنفل‪ ،‬إذ ل يتصور أن هذه الصلة فرض ونفل معاا‪ .‬ومثال الفعل المنفي قوله تعالى‪[ :‬‬
‫وأخرى لم تقدروا عليها ])‪ (6‬أي ل قدرة لكم عليها‪ .‬فهو نفي لجميع أنواع القدرة)‪.(7‬‬

‫)( انظر تلجقيح الفهوما للجعلئي ص ‪.115‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( فتح الباري )‪.(1/89‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه البخماري )‪ (10/258‬ومسلجم )‪ (14/304‬دون قوله‪) :‬فقالت ‪ (. .‬وأخرجه التمذي بتمجامه )‪ (5/406‬والنسائي )‪ (8/209‬وإسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر تلجقيح الفهوما ص ‪.114‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( تقدما تريه‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الفتح‪ ،‬آية‪.21 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( انظر أضواءا البيان )‪.(3/454) (1/452‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪55‬‬
‫والمراد بقوله‪) :‬وما يجري مجراه( كالقضايا المعينة مثل حديث أبي رافع رضي ال عنه قال‪:‬‬
‫)قضى رسول ال ‪ ‬بالشفعة للجار()‪.(1‬‬
‫فهذا ل يعم كل جار‪ ،‬لحتمال الخأصوصية في ذلك الجار‪ .‬والراوي نقل صيغة العموم لظنه عموم‬
‫الحكم‪ ،‬هكذا مثل شراح الورقات‪ ،‬وهو رأي أكثر الصوليين‪.‬‬
‫ويرى آخأرون ومنهم ابن الحاجب والعضد والمدي والشوكاني أن هذا يعم كل جار‪ ،‬لن الصحابي‬
‫الراوي عدل عارف باللغة‪ ،‬فل ينقل صيغة العموم وهي كلمة )الجار( المعرفة بلم الجنس إل إذا علم أو‬
‫ظن العموم‪ .‬ومثل هذا يفيد العموم‪ ،‬لن اللم غالبا للستغراق فحملها على اللم العهدية خألف الظاهر‬
‫وخألف الغالب)‪ (2‬وهذا هو الراجح‪.‬‬
‫صا في غاية الوضوح()‪ ،(3‬ولنه‬
‫قال الشوكاني‪) :‬فرجحان عمومه وضعف دعوى احتمال كونه خأا ي‬
‫مؤيد بعموم الشريعة لكل الناس‪ .‬والنبي ‪ ‬إذا حكم بقضاء في واقعة معينة‪ ،‬ثم حدث لنا مثلها وجب‬
‫إلحاقها بها‪ ،‬لن حكم المثلين واحد‪ ،‬وهو إلحاق باللفظ ل بالقياس‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( أخرجه النسائي )‪ (7/281‬بذا اللجفظ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر الحكاما للمدي )‪ (2/274‬شرح العضد علجى متصر ابن الاجب )‪ ،(2/119‬إرشاد الفحول للجشوكان ص)‪ ،(125‬شرح الكوكب الني )‪(3/231‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( إرشاد الفحول ص ‪.125‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪56‬‬
‫الخأ مماص‬
‫)والخأاص يقابل العام‪ .‬والتخأصيص‪ :‬تمييز بعض الجملة‪ .‬وهو ينقسم إلى‪ :‬متصممل ومنفصممل‪ ،‬فالمتصممل‪:‬‬
‫الستثناء والشرط‪ ،‬والتقييد بالصفة(‪.‬‬
‫لما فرغ من العام ذكر الخأاص لن العام يدخأله التخأصيص‪ ،‬ولن العام قد يطلق ويراد به الخأاص‪،‬‬
‫وقد ذكر أن الخأاص يقابل العام‪.‬‬
‫فالخأاص لغة‪ :‬لفظ يدل على النفراد وقطع الشتراك يقال‪ :‬خأص فلن بكذا‪ .‬انفرد به فلم يشاركه‬
‫فيه غيره‪ .‬والخأاصة ضد العامة‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬اللفظ الدال على محصور‪.‬‬
‫فهو يقابل العام‪ ،‬فإذا كان العام هو اللفظ الشامل لجميع أفراده بل حصر‪ .‬فالخأاص يدل على‬
‫الحصر‪ :‬إما بشخأص كالعلم مثل‪ :‬جاء محمد‪ .‬أو الشارة نحو‪ :‬هذا مخألص في عمله‪ .‬أو بعدد‬
‫كأسماء العداد نحو‪ :‬عندي عشرون كتاباا‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والتخأصيص‪ ،‬تمييز بعض الجملة( عرف التخأصيص لنه هو المقصود بهذا البحث‪.‬‬
‫والتخأصيص‪ :‬لغة‪ :‬الفراد‪ ،‬واصطلحا‪ :‬تمييز بعض الجملة‪ .‬فالتمييز بمعنى الخأراج‪ .‬والمراد بالجملة‪:‬‬
‫العام‪ .‬فكأنه قال‪ :‬إخأراج بعض العام‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬التخأصيص‪ :‬إخأراج بعض أفراد العام‪ .‬أي جعل الحكم الثابت للعام مقصو ار على بعض‬
‫أفراده بإخأراج البعض الخأر عنه‪ .‬وهذا التعريف أوضح فإذا قلت‪ :‬حضر الضيوف إل خأالداا‪ .‬فإن )خأالداا(‬
‫فرد من أفراد العام‪ .‬وقد أخأرج عن حكم العام فلم يثبت له الحضور‪ ،‬وهذا الخأراج بواسطة الستثناء‪.‬‬
‫والعام إذا دخأله التخأصيص يسمى العام المخأصوص أو المخأصص‪ ،‬والدليل الذي حصل به الخأراج‬
‫يسمى )المخأصص( بزنة اسم الفاعل وهو المراد عند الصوليين‪ ،‬ويطلق المخأصص أيضا على فاعل‬
‫التخأصيص وهو الشارع‪.‬‬
‫صمص المفهموم ممن التخأصميص‬
‫قوله‪) :‬وهو ينقسمم إلمى متصمل ومنفصمل( الضممير يعمود علمى المخأ ي‬
‫فهو نوعان‪:‬‬
‫صص في نص واحد‪:‬‬
‫متصل‪ :‬وهو الذي ل يستقل بنفسه‪ ،‬بل يكون العام والمخأ ي‬ ‫‪(1‬‬

‫‪57‬‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬ول على الناس حلج البيت من استطاع إليه سبيل ])‪ ،(1‬فقوله )من‬
‫صا بالمستطيع‪ ،‬وقوله ‪ ‬عن ربه )كل عمل ابن‬
‫استطاع( بدل من الناس‪ ،‬فيكون وجوب الحج خأا ي‬
‫آدم له إل الصوم()‪.(2‬‬
‫منفصل‪ :‬وهو الذي يستقل بنفسه بأن يكون العام في نص‪ ،‬والمخأصص في نص آخأر‪،‬‬ ‫‪(2‬‬
‫كقوله تعالى‪[ :‬يوصيكم ال في أولدكم للذكر مثل حظ النثيين ])‪ .(3‬خأص بقوله ‪) :‬ل يرث‬
‫المسلم الكافر‪ ،‬ول الكافر المسلم()‪.(4‬‬
‫قوله‪) :‬فالمتصل الستثناء والشرط والصفة( أي أن المخأصص المتصل هو الستثناء نحو‪ :‬هذا‬
‫وقف على أولدي إل الغني‪ ،‬والشرط نحو‪ :‬إن قدم بكر فأكرمه‪ ،‬والصفة نحو‪ :‬أكرم العلماء العاملين‪،‬‬
‫وسنفصل القول في ذلك إن شاء ال‪.‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.97 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 1805‬ومسلجم رقم ‪.1151‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.11 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 6383‬ومسلجم رقم ‪.161‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪58‬‬
‫المخأص ممص المتص ممل‬
‫‪ (1‬الستثناء‬

‫)والستثناء‪ :‬إخأراج ما لوله لدخأل في الكلم‪ .‬إوانما يصح بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء‪ ،‬ومن‬
‫شرطه‪ :‬أن يكون متصلا بالكلم‪ .‬ويجوز تقديم الستثناء على المستثنى منه‪ ،‬ويجوز الستثناء من الجنس‬
‫ومن غيره(‪.‬‬
‫هذا النوع الول من المخأصص المتصل وهو الستثناء‪ ،‬وهو لغة‪ :‬مأخأوذ من الثني أي العطف‬
‫والصرف‪ .‬تقول‪ :‬ثنيت الحبل أثنيه‪ :‬إذا عطفت بعضه على بعض‪ .‬وتقول‪ :‬ثنيته عن الشيء‪ :‬إذا صرفته‬
‫عنه‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬إخأراج ما لوله لدخأل في الكلم‪ ،‬بإل أو إحدى أخأواتها‪.‬‬
‫كقوله ‪) :‬الصلح جائز بين المسلمين إل صلحا حيرم حللا أو أحل حراماا‪ ،‬والمسلمون على‬
‫شروطهم إل شرطا حيرم حللا أو أحل حراماا()‪.(1‬‬
‫وقوله‪) :‬إخأراج(‪ :‬المراد بالخأراج‪ :‬الطرح بإسقاط ما بعد أداة الستثناء من المعنى الذي قبلها‪.‬‬
‫فيخأالف ما بعدها ما قبلها فيما تقرر من حكم مثبت أو منفي‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬ما لوله( الضمير عائد على الخأراج أي لول ذلك الخأراج موجود‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬لدخأل في الكلم( أي لدخأل ذلك المخأرج في حكم الكلم السابق‪ ،‬نحو‪ :‬جاء القوم إل زيداا‪.‬‬
‫فلول الستثناء لدخأل )زيد( في حكم الكلم السابق وصدق عليه المجيء‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬بإل أو إحدى أخأواتها‪ :‬هذا قيد لخأراج المخأصصات المتصلة الخأرى كالشرط والصفة‪،‬‬
‫لن تعريف المصنف يصدق عليها‪ ،‬ولعل المؤلف سكت عن هذا القيد لظهوره وال أعلم‪.‬‬
‫واعلم أن المعنى اللغوي للستثناء متحقق في المعنى الصطلحي‪ ،‬لن المستثنى معطوف عليه‬
‫بإخأراجه من حكم المستثنى منه‪ ،‬أو لنه مصروف عن حكم المستثنى منه‪.‬‬
‫والستثناء له شروط منها‪:‬‬

‫)( أخرجه التمذي رقم ‪ 1352‬بتمجامه‪ ،‬وأبو داود علجى قوله )علجى شروطهم( رقم ‪ 3594‬وهو حديث صحيح بشواهده‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪59‬‬
‫أن يبقى من المستثنى منه شيء‪ .‬كأن يقول‪ :‬له علي عشرة إل خأمسة‪ .‬فيلزمه خأمسة‪،‬‬ ‫‪(1‬‬
‫فإن قال‪ :‬له علي عشرة إل عشرة‪ ،‬بطل الستثناء بالجماع‪ ،‬كما نقله الرازي في المحصول وابن‬
‫الحاجب في مخأتصر المنتهى لفضائه إلى العبث‪ ،‬وكونه نقضا كلييا للكلم إل في قول شاذ‪ ،‬إواذا‬
‫بطل الستثناء لزمته العشرة كلها‪.‬‬
‫أما إذا استثنى الكثر كأن يقول‪ :‬له علي عشرة إل ستة‪ .‬ففيه خألف فأكثر الصوليين‬
‫)‪(1‬‬
‫على الجواز ورجحه الشوكاني‪ ،‬ومنعه آخأرون منهم المام أحمد وأصحابه‪ ،‬وهو قول للشافعي‬
‫وهذا الخألف فيما إذا كان الستثناء من عدد‪.‬‬
‫أما إذا كان الستثناء من صفة فيصح استثناء الكثر أو الكل‪ .‬ومنه قوله تعالى لبليس‪[ :‬‬
‫إدن عبادي ليس لك عليهم سلطان إل من ادتبعك من الغاوين)‪ (2)] (42‬فاستثنى الغاوين وهم أكثر‬
‫من غيرهم بدليل قوله تعالى‪[ :‬وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)‪ (3)] (103‬ولو قال‪ :‬أعط‬
‫من في البيت إل الغنياء‪ .‬فتبين أن الجميع أغنياء صح الستثناء ولم يعطوا شيئاا‪.‬‬
‫أما استثناء أقل من النصف فهو جائز بالجماع‪ ،‬نقله الشوكاني في الرشاد)‪ ،(4‬وأما‬
‫استثناء النصف ففيه الخألف والصحيح‪ ،‬الجواز كالمثال المتقدم وهو قول الجمهور من الشافعية‬
‫والمالكية والحنفية‪ ،‬والراجح عند الحنابلة‪.‬‬
‫الشرط الثاني من شروط الستثناء أن يكون متصلا بالكلم‪ :‬إما حقيقة أو حكماا‪،‬‬ ‫‪(2‬‬
‫فالول أن يكون المستثنى عقب المستثنى منه مباشرة بأن يقول‪ :‬اعتق عبيدي إل سعيداا‪ .‬والثاني‬
‫أن يحصل فاصل اضطراري كالعطاس والسعال ونحوهما فيحكم له بالتصال ويصح الستثناء‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن حصل فاصل بينهما من سكوت أو كلم بطل الستثناء عند الجمهور‪ ،‬وقيل‬
‫يصح مع السكوت أو الفاصل إذا كان الكلم واحداا‪ ،‬واستدل هؤلء بحديث ابن عباس رضي ال‬
‫عنهما‪ .‬أن النبي ‪ ‬قال يوم فتح مكة‪) :‬إن هذا البلد حرمه ال يوم خألق السموات والرض ل‬

‫)( انظر إرشاد الفحول للجشوكان ص ‪.149‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الجر‪ ،‬آية‪.42 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫) ( سورة يوسف‪ ،‬آية‪.103 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر إرشاد الفحول للجشوكان ص ‪.149‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪60‬‬
‫يعضد شوكه ول يخأتلى خأله‪ .‬فقال العباس يا رسول ال‪ :‬إل الذخأر‪ ،‬فإنه لقينهم وبيوتهم‪ .‬فقال‪:‬‬
‫إل الذخأر()‪ (1‬وهذا قوله وجيه لقوة دليله كما ترى‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ويجوز تقديم الستثناء على المستثنى منه( أي لوقوعه في كلم العرب وغرض‬
‫المصنف بيان أنه ل يشترط في صحة الستثناء تأخأير المستثنى عن المستثنى منه في اللفظ‪ ،‬بل‬
‫يجوز تقديمه وهو قول الجمهور‪ .‬ومنه قوله ‪) :‬إني – وال – إن شاء ال ل أحلف على يمين‬
‫فأرى غيرها خأي ار منها إل كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خأير()‪ ،(2‬هكذا يمثل بعض الصوليين‬
‫وليس فيه استثناء بالمعنى المتقدم‪ ،‬ولعله مبني على ما جاء في المسيودة )في أصول الفقه من أن‬
‫الشتراط بالمشيئة هو استثناء في كلم النبي ‪ ‬والصحابة‪ ،‬وليس استثناء في العرف النحوى()‪ (3‬ا‬
‫هم‪.‬‬
‫وقد بوب البخأاري رحمه ال في صحيحه في كتاب اليمان والنذور فقال‪) :‬باب الستثناء في‬
‫اليمان( ثم أورد الحديث‪ :‬فالستثناء عند الفقهاء أعم‪ ،‬ومنه‪ :‬لك هذا المنمزل ولي هذه الغرفة‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ويجوز الستثناء من الجنس ومن غيره( الستثناء من الجنس هو الستثناء المتصل نحو‪:‬‬
‫قام القوم إل زيداا‪ .‬وهو من المخأصصات‪ .‬والستثناء من غير الجنس هو المنقطع نحو‪ :‬جاء القوم إل‬
‫فرساا‪ .‬وله عليي ألف دينار إل ثوباا‪ .‬فيصح الستثناء وتسقط قيمة الثوب من اللف على القول بصحة‬
‫الستثناء المنقطع‪.‬‬
‫ووجه اشتراط كون المستثنى من جنس المستثنى منه‪ ،‬لن الستثناء إخأراج بعض ما دخأل في‬
‫المستثنى منه‪ ،‬وغير جنسه لم يدخأل حتى يحتاج إلى إخأراج‪ .‬ول خألف في جواز الستثناء من الجنس‪.‬‬
‫وأما من غير جنسه فاكثر الصوليين على جوازه لوروده في القرآن الكريم وفي كلم العرب‪ .‬قال‬
‫تعالى‪[ :‬يا أيها الذين ءامنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن تكون تجارة عن تراض منكم ])‪ (4‬وقال‬
‫تعالى‪[ :‬ل يسمعون فيها لغوال إل سلما ])‪ (5‬وقال الراجز‪:‬‬
‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 1736‬ومسلجم رقم ‪.1353‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 2964‬ومسلجم رقم ‪.1649‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( السودة ص ‪.138‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.29 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة مري‪ ،‬آية‪.62 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪61‬‬
‫إل اليعـافيـر إوال العيـس‬ ‫وبلـدة ليـس بها أنيـس‬
‫واليعافير‪ :‬وهي أولد بقر الوحش‪ .‬والعيس وهي البل البيض يخأالط بياضها شيء من الشقرة‪ .‬ليس‬
‫واحد منها من جنس النيس ‪. .‬‬
‫والقول بالجواز هو الصحيح لقوة مأخأذه‪ ،‬وهو قول أكثر الشافعية والمالكية وبعض الحنابلة‪ .‬وأما‬
‫الصحيح من الروايتين عند المام أحمد رحمه ال فهو القول بالمنع‪ ،‬واخأتار الغزالي)‪ (1‬وقال المدي )ومنع‬
‫منه الكثرون()‪.(2‬‬
‫وعلى هذا فقوله‪ :‬له عليي ألف دينار ثوباا‪ .‬على القول بالجواز تسقط قيمة الثوب من اللف كما‬
‫تقدم‪ .‬وعلى القول بعدم صحة الستثناء المنقطع يكون قوله‪ :‬إل ثوباا‪ .‬لغوا وتلزمه اللف كاملة‪ .‬جاء في‬
‫مخأتصر الخأرقي‪) :‬ومن أقر بشيء واستثنى من غير جنسه كان استثناؤه باطلا)‪ (. . (3‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( النخمول ص ‪.159‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( إحكاما الحكاما )‪.(2/313‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( متصر الرقي ص ‪ 74‬وانظر الغمن )‪.(7/267‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ (2‬الش ممرط‬

‫)والشرط يجوز أن يتأخأر عن المشروط‪ ،‬ويجوز أن يتقدم على المشروط(‪.‬‬


‫هذا النوع الثاني من المخأصص المتصل وهو الشرط‪ ،‬والمراد به الشرط اللغوي فهو المخأصص‬
‫للعموم‪ .‬وأما الشرط الشرعي الذي يذكر في الحكام الوضعية كاشتراط الطهارة للصلة‪ ،‬والشرط العقلي‬
‫وهو مال يمكن المشروط في العقل بدونه كالحياة للعلم‪ .‬فل تخأصيص بهما‪.‬‬
‫والشرط‪ :‬هو تعليق شيء بشيء بإن الشرطية أو بإحدى أخأواتها‪ .‬مثل‪ :‬إن زرتني أكرمتك‪ .‬ففيه‬
‫تعليق الكرام بالزيارة بإن‪ ،‬فإن وجدت الزيارة وجد الكرام‪.‬‬
‫والشرط المخأصص يجوز أن يتأخأر عن المشروط‪ ،‬لن المخأصص شأنه أن يتأخأر كقوله تعالى‪[ :‬‬
‫ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ])‪ .(1‬فالشرط وهو عدم الولد قصر استحقاق الزواج‬
‫نصف المال على حالة عدم الولد‪ ،‬ولو ل هذا الشرط لستحق الزواج النصف في كل الحوال‪.‬‬
‫ويجوز أن يتقدم على المشروط كقوله تعمالى‪ [ :‬إوان كنن أولت حمل فأنفقوا عليهنن حتى يضعن‬
‫حملهنن ])‪ (2‬والمراد التقدم والتأخأر في اللفظ‪ ،‬وأما في الوجود الخأارجي فيجب أن يتقدم الشرط على‬
‫المشروط‪ ،‬فإذا قال‪ :‬إن دخألت الدار فأنت طالق‪ .‬فلبد من تقدم الدخأول حتى يقع الطلق‪ ،‬وكالطهارة‬
‫للصلة أو يقارنه كاستقبال القبلة فيها‪.‬‬
‫وهذا النوع من الشرط هو الذي يذكره الفقهاء في الطلق والعتق ونحوهما فيقولون‪ :‬العتق المعلق‬
‫على شرط‪ ،‬والطلق المعلق على شرط‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.12 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الطلق‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪63‬‬
‫المطلمق والمقيمد‬

‫)والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق‪ ،‬كالرقبة قيدت باليمان في بعض المواضع‪ ،‬وأطلقت في بعض‬
‫المواضع‪ ،‬فيحمل المطلق على المقيد(‪.‬‬
‫هنا بحثان‪:‬‬
‫الول‪ :‬في المخأصص الثالث وهو الصفة‪ .‬الثاني‪ :‬في المطلق والمقيد‪.‬‬
‫أما الول‪ :‬فالمراد بالصفة والمخأصصة للعام‪ :‬الصفة المعنوية وليس النعت المذكور في علم‬
‫النحو‪.‬‬
‫وهي‪ :‬ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام من نعت أو بدل أو حال)‪.(1‬‬
‫فمثال النعت‪ :‬هذا وقف على أولدي المحتاجين‪.‬ومنه قوله ‪) :‬من باع نخألا مؤب ار فثمرتها للبائع‬
‫إل أن يشترط المبتاع()‪.(2‬‬
‫فقوله )مؤب ارا( صفة للنخأل‪ .‬ومفهومها أن النخأل إن لم تؤبر فثمرتها للمشتري‪ .‬ومثال البدل‪ :‬هذا‬
‫وقف على أولدي المحتاجين منهم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪[ :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه‬
‫سبيل ])‪ (3‬فقوله [من استطاع ] بدل من [الناس ] فيكون وجوب الحج على المستطيع منهم‪.‬‬
‫ومثال الحال‪ :‬قوله تعالى في جزاء الصيد‪[ :‬ومن قتله منكم متعمدال فجزاء مثل ما قتل من‬
‫النعم ])‪.(4‬‬
‫فقوله )متعمداا( حال من المضمر المرفوع في )قتله( وهو يدل على أن الجزاء خأاص بالعامد دون‬
‫المخأطئ والناسي‪ ،‬وهذا على أحد القولين في المسألة وهو الظهر إن شاء ال‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني فهو‪ :‬في المطلق والمقيد‪ ،‬إوانما ذكره هنا لن المطلق شبيه بالعام والمقيد شبيه‬
‫بالخأاص‪ ،‬لكن عموم العام شمولي وعموم المطلق بدلي على المشهور‪ .‬فإذا قيل‪ :‬أكرم الطلب‪ .‬فالمراد‬
‫الشمول فهذا عام‪ .‬إواذا قيل‪ :‬أكرم طالباا‪ .‬فهذا فيه عموم من جهة أنه ل يخأص فردا بعينه بل هو شائع في‬
‫جميع الفراد‪ ،‬لكن ل يتناوله الحكم إل على سبيل البدل ل الجمع‪ .‬فإذا أكرم زيد – مثلا – لم يكرم غيره‪.‬‬
‫والمطلق لغة‪ :‬ما خأل من القيد‪ .‬واصطلحاا‪ :‬ما ديل على شائع في جنسه بل قيد‪.‬‬

‫)( انظر الدخل ص ‪.258‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 2090‬ومسلجم رقم ‪ ،1543‬وأخرجه أصحاب السنن عن عبد ال ابن عمجر رضي ال عنهمجا‪ .‬والتأبي‪ :‬تلجقيح النخمل‪ .‬بوضع شيءا من‬ ‫‪2‬‬

‫طلجع النخملجة الذكر ف طلجع النثى‪.‬‬


‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.97 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.95 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪64‬‬
‫فقولنا‪) :‬ما( أي لفظ‪ .‬وهذا يشمل المطلق والمقيد وقولنا )على شائع في جنسه( يخأرج العلم كزيد‪.‬‬
‫والعام لنه يستغرق جميع أفراد الجنس ل على أنه شائع فقط‪ ،‬وقولنا‪ :‬بل قيد‪ :‬يخأرج المقيد‪.‬‬
‫وأكثر مواضع المطلق النكرة في سياق الثبات نحو‪ :‬أكرم طالباا‪ .‬ومنه قوله تعالى‪[ :‬والذين‬
‫يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ])‪.(1‬‬
‫والمقيد لغة‪ :‬ما وضع فيه قيد من إنسان أو حيوان‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما دل على شائع في جنسه مقيد بصفة من الصفات‪ .‬نحو‪ :‬أكرم طالب ا مهذب ا فم‬
‫)طالباا( فرد شائع في جنس الطلب‪ .‬قيد هنا بما يقلل شيوعه‪ .‬فالمقيد هو مطلق لحقه قيد أخأرجه عن‬
‫الطلق إلى التقييد‪.‬‬
‫واعلم أن اللفاظ في هذا الباب ثلثة أقسام‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما جاء بل قيد‪ .‬فهذا يجب العمل به على إطلقه‪ .‬كقوله تعالى‪[ :‬وأمهات نسائكم ] فهذا‬
‫نص مطلق لم يقيد بالدخأول فيعمل به على إطلقه‪ ،‬فتحرم أم الزوجة بمجرد العقد على بنتها‪ ،‬سواء دخأل‬
‫بها أم لم يدخأل)‪.(2‬‬
‫الثاني‪ :‬ما جاء مقيدا فيلزم العمل بموجب القيد الوارد فيه ول يصح إلغاؤه‪ ،‬كقوله تعالى في كفارة‬
‫الظهار [فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ] فورد الصيام مقيدا بالتتابع وبكونه قبل‬
‫التماس والستمتاع‪ ،‬فيعمل به على تقييده بهذين القيدين)‪.(3‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يرد اللفظ مطلقا في نص ومقيدا في نص آخأر‪ ،‬فيحمل المطلق على المقيد‪ ،‬ومعنى‬
‫حمل المطلق عليه أن يقيد المطلق بقيد المقيد‪ .‬وذلك إذا كان الحكم واحداا‪ .‬ومثاله‪ :‬ما ذكره المصنف من‬
‫أن الرقبة قيدت باليمان في كفارة القتل في قوله تعالى‪[ :‬فتحرير رقبة مؤمنة ])‪ (4‬وأطلقت في كفارة‬
‫[فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ])‪ (5‬والحكم واحد وهو تحرير رقبة‪ ،‬فيحمل‬ ‫الظهار في قوله تعالى‪:‬‬
‫المطلق على المقيد‪ ،‬ويشترط اليمان في كفارة الظهار على أحد القولين في المسألة‪.‬‬
‫فإن اخأتلف الحكم عمل بكل منهما على ما ورد عليه من إطلق أو تقييد‪ .‬ومثاله‪ :‬آية الوضوء‬
‫قيدت فيها اليدي إلى المرافق‪ ،‬كما قال تعالى‪[ :‬فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ])‪ (6‬وفي آية التيمم‬
‫جاءت مطلقة‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ])‪ (7‬والحكم مخأتلف لنه في الوضوء غسل‪،‬‬

‫)( سورة الادلة‪ ،‬آية‪.3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر تفسي القرطب )‪.(5/106‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( لشيخ السلما ابن تيمجية رحه ال رساله ف هذا الوضوع انظرها ف ممجوع الفتاوى )‪.(19/235‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.92 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الادلة‪ ،‬آية‪.3 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪65‬‬
‫وفي التيمم مسح‪ .‬فل يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور‪ ،‬وقد دلت السنة على أن المسح في التيمم‬
‫للكفين‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫هذا وللمطلق والمقيد أحوال أخأرى وقع فيها الخألف أيض ا تجدها في المطولت‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المخأصص المنفصل‬

‫)ويجوز تخأصيص الكتاب بالكتاب‪ ،‬وتخأصيص الكتاب بالسنة‪ ،‬وتخأصيص السنة بالكتاب‪ ،‬وتخأصيص‬
‫السنة بالسنة‪ ،‬وتخأصيص النطق بالقياس‪ ،‬ونعني بالنطق قول ال تعالى وقول الرسول ‪.( ‬‬
‫لما فرغ من المخأصص المتصل وذكر المطلق والمقيد ضمممنا شممرع فممي بيممان المخأصممص المنفصممل‪،‬‬
‫وهو الذي يستقل بنفسه كما تقدم‪ ،‬والمخأصص المنفصل ثلثة‪:‬‬
‫الحس‪ :‬والمراد به المشاهدة والدراك بالحواس ومثاله‪ :‬قوله تعالى عن ريح عاد‪[ :‬تدمر كل شيء‬ ‫‪(1‬‬
‫بأمر ربها ])‪ (1‬فالية عامة دخألها التخأصيص بالحس حيث دل على أن الريح لم تدمر السموات‬
‫والرض والجبال‪.‬‬
‫العقل‪ :‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬ال خأالق كل شيء ])‪ (2‬فإن العقل دل على أن ذات ال تعالى غير‬ ‫‪(2‬‬
‫مخألوقة مع أن لفظ شيء يتناوله سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬كل شيء هالك إل وجهه ])‪ (3‬وقال تعالى‪[ :‬‬
‫قل أي شيء أكبر شهادة قل ال ])‪.(4‬‬
‫ومنع بعض العلماء أن يكون هذا وما قبله من باب التخأصيص‪ ،‬وهو إخأراج بعض أفراد‬
‫العام‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن ذلك من باب العام الذي أريد الخأاص‪ ،‬وهو أن يكون المخأصوص غير مراد عند‬
‫المتكلم ول المخأاطب‪ ،‬بمعنى أنه غير داخأل في العام أصلا بحيث يحتاج إلى إخأراج‪.‬‬
‫على أن بعضهم قال‪ :‬إن التخأصيص قد يفهم من قوله تعالى‪[ :‬بأمر ربها ])‪ (5‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫[ما تذر من شيء أتت عليه إل جعلته كالرميم ])‪ ،(6‬وال أعلم‪.‬‬
‫الشرع‪ :‬وهذا هو الذي بينه المصنف‪ ،‬وهو المراد في أصول الفقه‪ .‬وتحته قسمان‪:‬‬ ‫‪(3‬‬
‫الول‪ :‬تخصيص الكتاب‪ .‬والمخأصص له أربعة‪ :‬كتاب مثله‪ ،‬أو سنة‪ ،‬أو إجماع‪ ،‬أو قياس‪.‬‬
‫تخأصيص الكتاب بالكتاب‪ :‬أي تخأصيص بعض آياته العامة ببعض آخأر‪.‬‬ ‫‪(1‬‬
‫وقوله )يجوز( أي بدليل وقوعه‪ .‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة‬
‫قروء ])‪ (7‬فهذه الية عامة في المدخأول بها وغير المدخأول بها‪ ،‬فخأصت بقوله تعالى‪[ :‬يا أيها‬

‫)( سورة الحقاف‪ ،‬آية‪.25 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الزمر‪ ،‬آية‪.62 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة القصص‪ ،‬آية‪.88 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النعاما‪ ،‬آية‪.19 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الحقاف‪ ،‬آية‪.25 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الذاريات‪ ،‬آية‪.42 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.28 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪67‬‬
‫الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة‬
‫تعتدونها ])‪ (1‬فخأرجت غير المدخأول بها من عموم الية الولى فل عدة عليها لهذه الية‪.‬‬
‫تخأصيص الكتاب بالسنة‪ :‬ومثاله‪ :‬قوله تعالى‪[ :‬وأحل لكم ما ورآء ذلكم ])‪ .(2‬خأص بحديث‪:‬‬ ‫‪(2‬‬
‫)ل تنكح المرأة على عمتها ول على خأالتها()‪.(3‬‬
‫تخأصيص الكتاب بالجماع‪ :‬وهذا لم يذكره المصنف إوانما كان الجماع مخأصصا لنه‬ ‫‪(3‬‬
‫بمثابة نص قاطع شرعي‪ .‬أما العام فهو ظاهر ظني عند الجمهور‪ ،‬فيقدم القاطع‪ .‬قال ابن بدران‬
‫)والحق أن التخأصيص يكون بدليل الجماع ل بالجماع نفسه()‪ (4‬ومثلوه بقوله تعالى‪[ :‬والذين‬
‫يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ])‪ (5‬فالية عامة في الحر‬
‫والرقيق‪ ،‬فخأصت بالجماع على أن العبد القاذف يجلد على النصف من الحر‪.‬‬
‫ولكن هذا التمثيل فيه نظر‪ ،‬لنه ثبت الخألف في المسألة فقد ذكر القرطبي)‪ (6‬رحمه ال‪.‬‬
‫أن من أهل العلم من يرى أنه يجلد ثمانين كالحر‪ ،‬ومنهم ابن مسعود رضي ال عنه وعمر بن‬
‫عبد العزيز رحمه ال‪ ،‬إواذا ثبت الخألف فل إجماع‪ .‬ولنه قد يكون المخأصص للية هو القياس‪،‬‬
‫ومن المثلة‪ :‬قوله تعالى‪[ :‬يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى‬
‫ذكر ال ] فإنهم أجمعوا على أنه ل جمعة على عبد ول امرأة)‪.(7‬‬
‫تخأصيص الكتاب بالقياس‪ :‬ومثاله قوله تعالى [الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة‬ ‫‪(4‬‬
‫جلدة ])‪ (8‬فإن عموم الزانية خأص بالكتاب وهو قوله تعالى‪[ :‬فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما‬
‫على المحصنات من العذاب ])‪ (9‬فيقاس العبد الزاني على المة في تنصيف العذاب والقتصار‬
‫على خأمسين جلدة على المشهور‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬تخصيص السنة‪ .‬والمخأصص لها كتاب أو سنة مثلها أو قياس‪.‬‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.49 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.24 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 4820‬ومسلجم رقم ‪.1408‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الدخل ص ‪ ،249‬إرشاد الفحول ص ‪.160‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة النور‪ ،‬آية‪.4 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( تفسي القرطب )‪.(12/174‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( انظر البحر اليط )‪.(3/363‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( سورة النور‪ ،‬آية‪.2 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.25 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪68‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ (1‬تخأصيص السنة بالكتاب‪ :‬ومثاله قوله ‪) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ل إله إل ال(‬
‫خأص بقوله تعالى‪[ :‬حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ])‪.(2‬‬
‫‪ (2‬تخأصيص السنة بالسنة‪ :‬ومثاله قوله ‪) :‬فيما سقت السماء العشر()‪ (3‬فهذا عام في القليل والكثير‪.‬‬
‫خأص بقوله ‪) :‬ليس فيما دون خأمسة أوسق صدقة()‪.(4‬‬
‫‪ (3‬تخأصيص السنة بالقياس‪ :‬ومثاله قوله ‪) :‬البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام()‪ (5‬فخأص من‬
‫الحديث العبد قياس ا على المة التي ثبت تنصيف الحد عليها بالقرآن كما تقدم‪ .‬فيجلد العبد خأمسين‬
‫جلدة كما ذكرنا في تخأصيص الكتاب بالقياس‪.‬‬
‫وتخأصيص الكتاب والسنة بالقياس هو المراد بقول المصنف )وتخأصيص النطق بالقياس(‬
‫ثم بين أن المقصود بالنطق‪ :‬الكتاب والسنة‪ .‬إوانما جاز تخأصيص الكتاب والسنة بالقياس لن‬
‫القياس يستند إلى نص من كتاب أو سنة‪ ،‬فكأن المخأصص هو ذلك النص‪ ،‬فرجع المر إلى‬
‫تخأصيص الكتاب والسنة بمثلهما وال أعلم‪.‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 25‬ومسلجم رقم ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التوبة‪ ،‬آية‪.29 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( هذا طرف من حديث صحيح أخرجه البخماري رقم ‪ 1412‬انظر جامع الصول )‪.(4/611‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 1340‬ومسلجم رقم ‪ 979‬وهو طرف من حديث أبأ سعيد رضي ال عنه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 1690‬والتمذي رقم ‪ 1434‬وأبو داود رقم ‪.4415‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪69‬‬
‫المجمممل ولمبيممن‬

‫)والمجمل ما افتقر إلى البيان‪ .‬والبيان إخأراج الشيء من حيز الشكال إلى حيز التجلي‪ .‬والنص مال‬
‫يحتمل إل معنى واحداا‪ .‬وقيل‪ :‬ما تأويله تنزيله‪ ،‬وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي(‪.‬‬
‫اعلم أن اللفظ من حيث الدللة على المعنى له حالتان‪:‬‬
‫‪ (1‬أن يدل على معنى واحد‪ .‬وهذا هو النص كما سيأتي إن شاء ال‪.‬‬
‫‪ (2‬أن يحتمل معنيين فأكثر‪ .‬فإن كانا على حد سواء فهذا مجمل‪ ،‬إوان كان أحدهما أظهر من‬
‫الخأر وأرجح فحمله على الراجح هو الظاهر‪ ،‬وحمله على المرجوح هو المؤول‪.‬‬
‫والمجمل لغة‪ :‬المجموع‪ ،‬ومنه أجمل الحساب إذا جمع وجعل جملة واحدة‪ ،‬ويطلق على المبهم من‬
‫ل‪.‬‬
‫أجمل المر أي أبهم‪ .‬والمبهم أعم من المجمل عموما مطلقاا‪ ،‬فكل مجمل مبهم‪ ،‬وليس كل مبهم مجم ا‬
‫فإذا قلت لشخأص‪ :‬تصدق بهذا الدرهم على رجل‪ .‬فهذا فيه إبهام‪ .‬وليس فيه إجمال لنه معناه ل إشكال‬
‫فيه‪.‬‬
‫والمجمل اصطلحا عرفه بقوله‪) :‬ما افتقر إلى بيان( فقوله )ما( أي لفظ )افتقر( أي احتاج إلى‬
‫بيان إما بقول أو بفعل‪ ،‬لن المراد منه لم يتضح‪ ،‬وقيل‪ :‬ما احتمل معنيين أو أكثر ل مزية لحدهما أو‬
‫أحدها على الخأر‪.‬‬
‫وأسباب الجمال ثلثة‪:‬‬
‫عدم معرفة المراد‪ ،‬ومن أسبابه الشتراك في الدللة‪ :‬وهذا إما في المركب أو في المفرد‪.‬‬ ‫‪(1‬‬
‫فالمركب‪ :‬وهو ما كان الجمال فيه بالنظر إلى المطلوب من التركيب كقوله تعالى‪[ :‬إل أن‬
‫يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح ])‪ (1‬لحتمال أن يكون الزوج وأن يكون الولي‪ ،‬والمفرد‬
‫إما اسم كقوله تعالى‪[ :‬والمطلقات يتربص بأنفسهن ثلثة قروء ])‪ (2‬فالقرء متردد بين معنيين‪:‬‬
‫الطهر والحيض‪ .‬ولذا وقع الخألف بين العلماء‪ :‬هل تكون الثلثة قروء هذه حيضات أو‬
‫أطها ارا؟ وقد يكون المفرد فعلا كقوله تعالى‪[ :‬والليل إذا عسعس ])‪ (3‬لتردده بين أقبل وأدبر‪ ،‬أو‬
‫[فتيمموا صعيدال طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ])‪ (4‬لتردد )من(‬ ‫حرف ا كقوله تعمالى‪:‬‬
‫بين ابتداء الغاية أي مبدأ المسح من الصعيد الطيب فل يتعين ما له غبار‪ .‬أو تكون للتبعيض‪،‬‬
‫فيتعين التراب الذي له غبار يعلق باليد‪ .‬ولذا وقع الخألف في ذلك‪ ،‬ول يزول الجمال فيما ذكر‬
‫إل بتعيين المراد‪.‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.237 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.228 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة التكوير‪ ،‬آية‪.17 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪70‬‬
‫عدم معرفة الصفة‪ .‬ويزول الجمال ببيان الصفة‪ ،‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬وأقيموا الصلة ])‪ (1‬فإن‬ ‫‪(2‬‬
‫صفة إقامة الصلة مجهولة تحتاج إلى بيان‪ ،‬فحصل بيانها بالقول والفعل من الرسول ‪.‬‬
‫عدم معرفة المقدار‪ .‬ويزول الجمال ببيان المقدار‪ .‬ومثاله قوله تعالى‪[ :‬وءاتوا الزكاة ])‪ (2‬فإن‬ ‫‪(3‬‬
‫مقدار الزكاة يحتاج إلى بيان فحصل بيانه بقول الرسول ‪.‬‬
‫ومن أنوع المجمل ما أحدثه الشرع من دللة جديدة لبعض اللفاظ بحيث إن السامع ليهتدي إلى‬
‫معناها بالطلب والتأمل بل في الستفسار من قائلها مثل ‪ :‬أتدرون من البخأيل ؟ أتدرون من المفلس ؟‬
‫لهذا فالمجمل باب واسع ومبحث رحيب عند الصوليين ‪.‬‬
‫واعلم أن الجمال إوان كان قد ورد في الشريعة وأنه نوع من تعبد ال تعالى للعباد‪ ،‬فإنه لم يبق فيها‬
‫مجمل‪ ،‬لن النبي ‪ ‬قد بين لمته جميع شريعته‪ ،‬كما قال ‪" ‬لقد تركتم على مثل البيضاء‪ ،‬ليلها‬
‫كنهارها ل يزيغ بعدي عنها إل هالك")‪ (3‬ولم يترك البيان عند الحاجة إليه أبداا‪ .‬فإن وقع للمجتهد شيء‬
‫من ذلك فقد يكون لعدم اطلعه على المبيين لهذا الجمال‪ .‬فيكون نسبيي ا وال أعلم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والبيان إخأراج الشيء من حيز الشكال إلى حيز التجلي( لما عرف المجمل‪ .‬عرف البيان‬
‫لفتقار المجمل إليه‪ .‬وهو لغة‪ :‬الظهور والوضوح يقال‪ :‬بان المر وتبين بمعنى اتضح وانكشف‪.‬‬
‫وأما في الصطلح فهو يطلق على التبيين وهو فعل المبين‪ .‬ويطلق على الدليل الذي حصل به‬
‫البيان‪ ،‬ويطلق على العلم الذي يستفاد من الدليل‪ ،‬والمصنف جرى على الول وهو الشهر‪ ،‬فعرفه بأنه‬
‫إظهار المعنى للمخأاطب إوايضاحه فقال )إخأراج الشيء ‪ . .‬إلخ(‪.‬‬
‫وهذا التعريف مبني على ما درج عليه أكثر الصوليين حيث خأصوا البيان بإيضاح ما فيه خأفاء‪.‬‬
‫ومنهم من يطلقه على كل إيضاح‪ ،‬سواء تقدمه خأفاء أم ل‪.‬‬
‫وقد انتقد المصنف نفسه هذا التعريف في كتابه )البرهان()‪ (4‬وذلك لورود عبارات ل ينبغي إيداعها‬
‫التعاريف مثل‪ :‬الحيز‪ ،‬وذلك أن التبيين أمر معنوي‪ ،‬والمعنى ل يوصف بالستقرار في الحييز‪ ،‬لن الحييز‬
‫هو الفراغ المتوهم الذي يشغله شيء‪ ،‬وهو من ألفاظ المتكلمين‪.‬‬
‫وممن انتقده المدي)‪ (5‬لنه غير جامع‪ ،‬فإن المبيين ابتداء‪ :‬الذي لم يسبق بإجمال مثل‪ :‬سماء‪،‬‬
‫ص ا ببيان المجمل كما ذكرنا‪.‬‬
‫أرض‪ ،‬جدار‪ .‬ل يدخأل في هذا التعريف مع أنه بيان‪ .‬فيكون التعريف خأا ي‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.43 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحد )‪ (4/126‬والاكم )‪ (1/96‬وابن ماجه رقم ‪ 43‬وهو حديث صحيح له شواهد فانظر السنة لبن عاصم )‪.(1/27‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( البهان )‪.(1/124‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( إحكاما الحكاما )‪.(3/30‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪71‬‬
‫قوله‪) :‬إخأراج الشيء(‪ :‬المراد بالخأراج إظهار معنى المبيين للمخأاطب إوايضاحه‪ ،‬وهذا على أن البيان‬
‫يطلق على فعل المبيين‪ ،‬وهو التبيين كما قدمنا‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬من حيز الشكال(‪ :‬أي من صفة وحال الشكال‪ .‬والشكال‪ :‬هو خأفاء المراد بحيث ل يدرك‬
‫المقصود من اللفظ‪.‬‬
‫قوله‪) :‬إلى حيز التجلي(‪ :‬أي الظهور والوضوح‪ .‬وذلك يتم ببيان الصفة أو المقدار أو تعيين المراد‬
‫كما تقدم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والنص ما ل يحتمل إل معنى واحداا( لما عرف المجمل وعرف البيان ذكر النص‪ ،‬لنه هو‬
‫المبين للمجمل‪ .‬وهو لغة‪ :‬عبارة عن الظهور‪ ،‬ومنه سمي كرسي العروسة منصة‪ ،‬لظهورها عليه‪ ،‬وسيذكر‬
‫المصنف ذلك‪.‬‬
‫والنص اصطلح ا عرفه بقوله‪) :‬مال يحتمل إل معنى واحداا(‪ .‬فقوله‪) :‬ما( أي لفظ‪ .‬وقوله )ل يحتمل‬
‫إل معنى واحداا( أي يدل على معنى واحد قطعاا‪ ،‬ول يحتمل غيره‪ .‬وهذا هو النص الصريح‪.‬‬
‫ومثاله قوله تعالى‪[ :‬محمد رسول ال ] فالية نص صريح في أن محمدا ‪ ‬رسول ال‪ .‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫[للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ])‪ (1‬فالية نص في قدرة مدة التربص‪.‬‬
‫قال القاضي أبو يعلى‪) :‬والصحيح أن يقال‪ :‬النص ما كان صريحا في حكم الحكام إوان كان اللفظ‬
‫محتملا في غيره‪ ،‬وليس من شرطه أل يحتمل إلمعنى واحداا‪ ،‬لن هذا يعيز وجوده ‪ (. .‬والظاهر أن هذا‬
‫النص غير الصريح‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫ويطلق النص عند الفقهاء على كل ما ورد في الكتاب والسنة أنه نص‪ ،‬فيقال لنا النص والمعنى‪،‬‬
‫ونصوص الشريعة متضافرة بذلك ‪ . .‬وهو بهذا الصطلح يقابل الجماع والقياس)‪.(2‬‬
‫وقوله‪) :‬وقيل ما تأويله تنمزيله( هذا تعريف آخأر للنص‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬تأويله(‪ :‬أي حمله على معناه وفهم المراد منه‪.‬‬
‫)تنمزيله(‪ :‬أي بمجرد نزوله يفهم معناه‪ ،‬ول يتوقف فهم المراد على تأويل أي‪ :‬على تفسير‪ .‬لنه ل‬
‫يحتمل إل معنى واحدا كما تقدم)‪.(3‬‬
‫والتعريف الول الذي ذكره المصنف أدق من هذا‪ ،‬لنه قد يدخأل فيه الظاهر‪ ،‬لنه بمجرد سماعه يفهم‬
‫منه معناه الظاهر من غير احتياج إلى شيء آخأر‪ ،‬إوان احتمل غيره مرجوحاا‪.‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.226 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر العدة لبأ يعلجى )‪ (1/138‬رسالة ف أصول الفقه للجعكبي ص ‪ ،105‬وأصول الفقه للجبديسي ص ‪ 366‬شرح تنقيح الفصول ص ‪ ،36‬التأسيس ف‬ ‫‪2‬‬

‫أصول الفقه لبأ إسلما مصطفى بن سلمة )‪.(2/10‬‬


‫)( انظر غااية الراما ص ‪.140‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪72‬‬
‫قوله‪) :‬وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي( يشير بذلك إلى أن النص في وضوحه يشبه‬
‫العروس الجالسة على مرتفع ل تخأفى على أحد‪ .‬ول يحتمل أن تكون غيرها هي‪ ،‬فكذلك النص في ظهوره‬
‫الذي ل يحتمل إل معنى واحداا‪.‬‬
‫والظاهر أن المراد بقوله‪) :‬وهو مشتق من منصة العروس( الشتقاق المعنوي وهو الرتفاع والظهور‪.‬‬
‫ل الشتقاق اللغوي‪ .‬لن )منصة( بكسر الميم اسم آلة مشتقة من المصدر وهو النص‪ .‬وليس النص‬
‫مشتق ا منها‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫الظمماهر والمممؤول‬

‫)والظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الخأر‪ .‬ويؤول الظاهر بالدليل‪ ،‬ويسمى الظاهر بالدليل(‪.‬‬
‫الظاهر لغة‪ :‬الواضح‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬لفظه يغني عن تفسيره‪ .‬واصطلحا عرفه بقوله‪) :‬ما احتمل‬
‫أمرين أحدهما أظهر من الخأر(‪.‬‬
‫فقوله‪) :‬ما(‪ :‬أي لفظ‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬احتمل أمرين(‪ :‬أي معنيين أو أكثر‪ ،‬لن الظاهر قد يكون له عدة احتمالت‪ ،‬هو في‬
‫أحدها أظهر‪ .‬وهذا يخأرج النص لما تقدم‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬أحدهما(‪ :‬أي أحد المعنيين‪ ،‬وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن بمجرد السماع‪ ،‬وهذا‬
‫يخأرج المجمل لنه ل يتبادر فيه واحد من المعنيين‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬أظهر من الخأر(‪ :‬للظهور أسباب منها‪:‬‬
‫‪ (1‬الحقيقة ويقابلها المجاز‪ .‬نحو‪ :‬رأيت أسد‪ .‬فهو يحتمل أن يكون المراد الحيوان المفترس‪ ،‬وهو‬
‫الظاهر لنه موضوع له‪ ،‬ويحتمل الرجل الشجاع‪ ،‬وحمله عليه تأويل ل يقبل إل بقرينة‪.‬‬
‫‪ (2‬الكتفاء وعدم التقدير‪ ،‬لن هذا هو الصل‪ ،‬فقوله تعالى‪[ :‬وجاء ربك ])‪ (1‬ظاهره أن ال تعالى‬
‫يجيء بنفسه‪ ،‬وادعاء أن المراد )جاء أمر ربك( تأويل على خألف الظاهر‪.‬‬

‫)( سورة الفجر‪ ،‬آية‪.22 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ (3‬الطلق وعدم التقييد كقوله تعالى في كفارة الظهار‪[ :‬فتحرير رقبة ])‪ (1‬الظاهر أن الرقبة غير‬
‫مقيدة باليمان‪ ،‬وتقدم ذلك في باب المطلق والمقيد‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ (4‬العموم‪ .‬فألفاظ العموم ظاهرة فيه مع احتمال الخأصوص‪ .‬وحملها على الخأصوص تأويل‬
‫ومن أمثلة الظاهر ما ورد في حديث البراء بن عازب رضي ال عنه قال‪ :‬سئل رسول ال ‪‬‬
‫عن الوضوء من لحوم البل‪ .‬فقال‪" :‬توضأوا منها ‪ " . .‬الحديث)‪.(3‬‬
‫فإن الظاهر من الحديث أن المراد غسل العضاء الربعة‪ ،‬لن الوضوء حقيقة شرعية يحمل في‬
‫كلم الشرع على مراده‪ ،‬ول يصح حمله على المعنى الثاني وهو النظافة إل بدليل ول دليل‪ ،‬فيكون ظاه ار‬
‫في المعنى الول‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ويؤول الظاهر بالدليل(‪ :‬أي يصرف اللفظ عن ظاهره بالدليل‪ .‬وهذا يفيد أن حكم الظاهر أنممه‬
‫ل يعممدل عنممه إل بممدليل صممحيح يص مرفه عممن ظمماهره‪ ،‬ويكممون الممدليل أقمموى مممن الظمماهر‪ ،‬إوال فيجممب العمممل‬
‫بالظاهر‪.‬‬
‫وحمممل اللفممظ علممى المعنممى الظمماهر ل يحتمماج إلممى دليممل‪ ،‬لن هممذا هممو الصممل‪ ،‬ولن العمممل بالظمماهر‬
‫طريقة السلف الصمالح مممن هممذه الممة‪ ،‬ولنمه أحمموط وأبم أر للذمممة‪ ،‬وأقمموى فممي التعبمد‪ ،‬وأدل علمى النقيماد‪ .‬فمإذا‬
‫ل‪.‬‬
‫صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صار مؤو ا‬
‫ل‪ :‬إذا رجممع‪ .‬نقممول‪ :‬آل المممر إلممى فلن‪ .‬أي‪:‬‬
‫والمممؤول لغممة‪ :‬مممأخأوذ مممن الول مصممدر آل يممؤول أو ا‬
‫رجع إليه‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬حمل اللفظ على المعنى المرجوح‪.‬‬
‫أي‪ :‬صممرف اللفممظ عممن ظمماهره المتبممادر منممه إلممى معنممى مرجمموح غيممر متبممادر للممذهن‪ .‬ومثمماله قمموله‬
‫[فقولى إني نذرت للرحمـن صــوما ])‪ (4‬فلفممظ الصمموم فممي اليممة يحتمممل معنييممن‪ :‬أحممدهما وهممو‬ ‫تعممالى‪:‬‬
‫الظماهر بمعنمى الصموم الشمرعي وهمو المسمماك عمن المفطمرات‪ .‬والثماني وهمو المرجمموح بمعنممى المسمماك عمن‬
‫الكلم‪ .‬وهذا هو المراد من الية بدليل [فلن أكلم اليوم إنسديا ])‪.(5‬‬
‫وهذا هو التأويل في اصطلح الصوليين)‪ .(6‬وهو ل يكون صحيح ا مقبولا إل بثلثة شروط‪:‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.92 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر الواضح ف أصول الفقه ص ‪.135‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه أبو داود رقم ‪ 184‬وغايه وهو حديث صحيح ولسلجم بعناه‪ .‬انظر صحيح مسلجم رقم ‪.360‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة مري‪،‬آية‪.26 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة مري‪ ،‬آية‪.26 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( ويطلجق التأويل علجى التفسي وهو توضيح الكلما بذكر معناه الراد به ويطلجق علجى مال الكلما إل حقيقته‪ .‬فإن كان خبال فتأويلجه وقوع الخمب به وإن كان طلجبال‬ ‫‪6‬‬

‫فتأويلجه امتثال الطلجوب‪.‬‬


‫‪74‬‬
‫الول‪ :‬أن يكون اللفظ قابلا للتأويل‪ .‬بأن يكون المعنى المرجوح ممما يحتملمه اللفمظ‪ .‬فصمرف العمام –‬
‫مثلا – عن عمومه إوارادة بعض أفراده بدليل هو تأويل صحيح‪ ،‬لن العام يحتمل الخأصمموص فقمموله تعممالى‪:‬‬
‫[حدرمت عليكم الميتة ])‪ (1‬نممص ظمماهر فممي تحريممم جلممد الميتممة‪ .‬لكممن صممرف هممذا العممموم عممن ظمماهر قمموله ‪:‬‬
‫"هل أخأذتم إهابها فانتفعتم به")‪.(2‬‬
‫فممإن كممان اللفممظ ل يحتمممل المعنممى المرجمموح أص ملا فهممو تأويممل فاسممد مممردود‪ ،‬كقمموله تعممالى‪[ :‬الرحمن‬
‫صما يليمق بمال عمز وجمل‪ .‬وهمذا‬ ‫)‪(3‬‬
‫على العرش استوى ] فمإن ظماهره أن الم تعمالى عل علمى العمرش علميوا خأا ي‬
‫وهو المراد‪ .‬وصرفه إلى معنى الستيلء والملك باطل‪ ،‬لنه ل يعممرف فممي اللغممة السممتواء بمعنممى السممتيلء‬
‫والملك‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يقوم دليل صحيح على صحة صرف اللفظ عن ظاهره‪ ،‬إلى المعنى المرجوح‪ ،‬فل‬
‫يصح التأويل بمجرد الحتمال‪ .‬لن الصل العمل بالظاهر وعممدم صمرف الممدليل عممن ظمماهره – كمما تقممدم –‬
‫فالعممام علممى عمممومه‪ .‬ول يقصممر علممى بعممض أفمراده إل بممدليل‪ .‬والمطلممق علممى إطلقممة ول يعممدل عممن إطلقممة‬
‫إلممى تقييممده إل بممدليل‪ .‬وظمماهر المممر الوجمموب فل يحمممل علممى النممدب أو غيم مره إل بممدليل‪ .‬وظمماهر النهممي‬
‫التحريم فل يحمل على الكراهة – مثلا – إل بدليل‪.‬‬
‫فمإن لممم يوجممد دليممل أصملا فهممو تأويممل فاسممد مممردود‪ ،‬لنممه دعمموى بل برهممان‪ ،‬كقولممك‪ :‬أريممت أسممداا‪ .‬تريممد‬
‫رجلا شجاعاا‪.‬‬
‫وهذا النوع من التأويل تمتلئ به كتب الشيعة والباطنيممة‪ .‬حيممث فسممروا ألفمماظ القمرآن بممما ل تحتملممه مممن‬
‫قريب ول بعيد‪ .‬وحرفوها عن مدلولها الحقيقي إلممى مممدلولت ل وجممود لهما إل فممي عقمول أصممحابها‪ ،‬فيفسمرون‬
‫)النور( في قوله تعالى‪[ :‬فآمنوا بال ورسوله والنور الذي أنزلنا ‪ (4)] . . .‬بممأن الممراد‪ :‬نممور الئمممة مممن آل‬
‫البيت‪ .‬وفي قوله تعالى‪[ :‬ل تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحدد ])‪ (5‬قالوا‪ :‬يعنممى بممذلك ول تتخأممذوا إمممامين‬
‫إنما هو إمام واحد‪ .‬وغير ذلك كثير)‪.(6‬‬
‫ومن التأويل الفاسد المردود تأويل المعطلممة فمي بمماب السمماء والصممفات‪ ،‬لنممه تأويمل ليممس عليممه دليممل‬
‫صحيح‪.‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخماري )‪ (1421‬ومسلجم)‪.(363‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة طه‪ ،‬آية‪.5 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة التغمابن‪ ،‬آية‪.8 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية‪.51 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( انظر )مسألة التقريب بيم أهل السنة والشيعة( ‪ 1/214‬للجدكتور ناصر القفاري‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪75‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون هناك موجب للتأويل‪ .‬بأن يكون ظاهر النمص مخأالفم ا لقاعمدة مقمررة معلوممة‬
‫مممن الممدين بالضممرورة‪ ،‬أو مخأالفم ما لنممص أق مموى منممه س ممنداا‪ .‬ومثممال ذل ممك‪ .‬قمموله ‪" :‬الج ار أح ممق بصممقبه")‪.(1‬‬
‫والصممقب‪ :‬القممرب والملصممقة‪ .‬وهممو المعنممى ال ارجممح‪ .‬ويحتمممل أن الممراد الشمريك‪ .‬وهممو المرجمموح‪ .‬فلممما جمماء‬
‫حديث "إذا وضعت الحدود وصيرفت الطرق فل شفعة")‪ (2‬منممع إرادة الجممار الملصممق‪ ،‬وتعيممن حمممل الحممديث‬
‫الول على الشريك‪ ،‬لنه ل ضرب لحدود ول صرف لطرق إل في الشممركة‪ .‬أممما الجيمران فكممل علممى حممدوده‪،‬‬
‫وطرقه‪ .‬فمن حمله على الشريك قال‪ :‬ل شفعة لجار‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬ويسمممى الظمماهر بالممدليل( أي أن المممؤول يصممير ظمماه ار بسممبب الممدليل‪ ،‬لن الظمماهر نوعممان‪:‬‬
‫ظاهر من جهة اللفظ‪ ،‬وظماهر مممن جهممة المدليل‪ ،‬فهمو ظمماهر مقيمد‪ ،‬ويفهممم منمه أن المدليل لبمد أن يكمون قوييم ا‬
‫ليكون المرجوح راجحاا‪ ،‬لن مال يصيره الدليل راجح ا ل يكون ظاه ارا‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( رواه البخماري )‪.(2139‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخماري )‪ (2099‬ومسلجم )‪.(1608‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪76‬‬
‫الفع ممال‬

‫)فعمل صماحب الشمريعة ل يخألمو إمما أن يكمون علمى وجمه القربمة والطاعمة أو غيمر ذلمك‪ ،‬فإن ديل المدليل علمى‬
‫الخأتصاص به يحمل على الخأتصاص‪ ،‬إوان لم يديل ل يخأتص به‪ ،‬لن ال تعالى يقول‪[ :‬لقد كان لكم في‬
‫رسول ال أسوة حسنة])‪ (1‬فيحمل على الوجمموب عنممد بعممض أصمحابنا‪ .‬ومممن أصمحابنا مممن قمال‪ :‬يحممل علمى‬
‫الندب‪ .‬ومنهم من قال‪ :‬يتوقف فيه‪ .‬فإن كان على غير وجه القربممة والطاعممة فيحمممل علممى الباحممة فمي حقممه‬
‫وحقنا(‪.‬‬
‫أفعممال الرسممول ‪ ‬من أقسممام السممنة‪ ،‬لن السممنة هممي قمموله ‪ ‬وفعله وتقريمره‪ .‬وقممد ذكممر هنمما الفعممال ثممم‬
‫القرار وأما القوال فذكرها فيما بعد في باب )الخأبار( وكان الولى بالمصنف أن يجمعها في باب مسممتقل‬
‫كما هي طريقة كثير من الصوليين‪.‬‬
‫وقد عني الصوليون بالفعال‪ ،‬وأفردوا فيها مصمنفات مسمتقلة‪ ،‬لنهما ممن أدلمة الحكمام الشمرعية‪ ،‬ول‬
‫خألف في ذلك‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فعل صاحب الشريعة( أي النبي ‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ل يخألو إما أن يكون على وجه القربة والطاعة ‪ . . .‬إلخ( أي أن الفعال لها حالتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن يكون فعلها على وجه القربة والطاعة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أل يكون على وجه القربة والطاعة)‪.(2‬‬
‫فإن كان على وجه القربة والطاعة فل يخألو من حالين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن يدل دليل على الخأتصاص به‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أل يدل دليل على الخأتصاص به‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬فممإن دل الممدليل علممى الخأتصمماص بممه يحمممل علممى الخأتصمماص( أي‪ :‬يحكممم بالخأصوصممية‬
‫لوجود الدليل‪ ،‬وليس لحممد أن يفعلممه مثلممه‪ ،‬وذلممك كزيممادته فممي النكمماح علممى أربممع نسمموة لقمموله تعممالى‪[ :‬يا أيها‬
‫النبي إدنا أحللنا أزواجك ])‪ (3‬وكممن أكممثر مممن أربممع‪ ،‬وكالوصممال فممي الصمموم‪ ،‬والنكمماح بلفممظ الهبممة‪ ،‬وغيممر ذلممك‬
‫مما يدل عليه القرآن أو السنة)‪.(4‬‬
‫)وان لممم يممدل ل يخأتممص بممه( أي إن لممم يممدل الممدليل علممى أن هممذا الفعممل خأمماص بممه لممم يحكممم‬
‫قمموله‪ :‬إ‬
‫بالخأصوصية‪ ،‬وهذا هو الصل‪ ،‬أعني عدم الخأصوصية إل بدليل‪ .‬لن الصل التأسي بممه ‪ ‬لقوله تعممالى‪:‬‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.21 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر شرح الكوكب الني )‪ (1/385‬وانظر غااية الراما ص ‪.148‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.50 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر كتاب ) غااية السول ف خصائص الرسول ‪ ( ‬لبن اللجققن‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪77‬‬
‫[لقد كان لكم فمي رسمول الم أسموة حسمنة ])‪ (1‬فيكمون همذا النمص معممولا بمه حمتى يقموم المدليل الممانع‪ ،‬وهمو مما‬
‫يوجب الخأصوصية‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪[ :‬لقد كان لكم في رسول ال أسوة حسنة ])‪ (2‬السمموة‪ :‬بضممم الهممزة وكسممرها لغتممان‪ .‬قمرئ‬
‫بهما في السبعة بمعنى القدوة‪ .‬قال ابن كثير رحمه ال‪) :‬هذه اليمة الكريممة أصممل كممبير فممي التأسمي برسمول‬
‫ال ‪ ‬في أقواله وأفعاله وأحواله()‪.(3‬‬
‫قمموله‪) :‬فيحمممل علممى الوجمموب عنممد بعممض أصممحابنا ‪ . .‬إلممخ( أي‪ :‬فممإذا كممان الفعممل علممى وجممه القربممة‬
‫والطاعممة ول دليممل علممى الخأتصمماص ففيممه خألف‪ ،‬ومثمماله ممما ورد عممن شمريح بممن هممانئ قممال‪ :‬سممألت عائشممة‬
‫رضي ال عنها‪ :‬بأي شيء كان يبدأ الرسول ‪ ‬إذا دخأل بيته‪ .‬قالت‪ :‬بالسواك)‪.(4‬‬
‫فالسواك عند دخأول البيت فعل مجرد لم يرد به قول‪ ،‬وفعلممه علممى وجممه القربممة‪ ،‬فهممذا فيممه خألف علممى‬
‫أقوال ذكر المصنف منها ثلثة‪:‬‬
‫قمموله‪) :‬فيحمممل علممى الوجمموب عنممد بعممض أصممحابنا( هممذا القممول الول وهممو وجمموب اتبمماع المممة لممه‪.‬‬
‫وقمموله )عنممد بعممض أصممحابنا( أي الشممافعية‪ .‬يعنممي ابممن سمريج وابممن أبممي هريمرة – وهممما مممن كبممار الشممافعية‪،‬‬
‫وهممو روايممة عممن المممام أحمممد ذكرهمما أبممو يعلممى وهممو قممول المممام مالممك‪ .‬ودليلهممم قمموله تعممالى‪[ :‬وممما ءاتمماكم‬
‫الرسول فخأذوه ])‪ .(5‬واستبعد هذا القول إمام الحرمين في البرهان‪ .‬وأما الية فمعناها‪ :‬ما أمركم به الرسمول ‪‬‬
‫فخأممذوه بممدليل [وممما نهمماكم عنممه فممانتهوا ])‪ (6‬وعلممى القممول بممأن اليممة ظمماهرة فممي غممرض المسممتدل‪ ،‬لكممن تطممرق‬
‫الحتمال يضعف الستدلل‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬ومن أصحابنا من قال‪ :‬يحمل على الندب( هذا القول الثاني وهو أنه يستحب للمة اتبمماعه‬
‫فيما فعله على وجه القربة‪ .‬وهممو قممول لبعممض الشمافعية كممما ذكمر المصمنف‪ ،‬وقممول الظاهريممة وهممو قمول أكمثر‬
‫الحنفية‪ ،‬ورواية عمن الممام أحمممد‪ .‬ذكرهما القاضمي أبمو يعلمى‪ .‬ورجمح هممذا إممام الحرميممن فممي البرهمان‪ ،‬وتبعمه‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.21 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.21 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تفسي بان كثي )‪.(6/392‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 253‬وانظر جامع الصول )‪.(7/177‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الشر‪ ،‬آية‪.7 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الشر‪ ،‬آية‪.7 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪78‬‬
‫الغزالي في المنخأول‪ ،‬ورجحه الشوكاني في الرشاد‪ ،‬لنه أقل ما يتقرب به هو المندوب‪ ،‬ول دليل يدل علممى‬
‫زيادة على الندب‪ ،‬فوجب القول به)‪.(1‬‬
‫قوله‪) :‬ومنهم من قال يتوقف فيه( هذا هو القول الثالث‪ ،‬وهممو التوقممف لعممدم معرفممة الممراد ولتعممارض‬
‫الدلممة‪ .‬وهممذا أضممعف القموال‪ ،‬قممال الشمموكاني‪) :‬وعنممدي أنممه ل معنممى للوقممف فممي الفعممل الممذي قممد ظهممر فيممه‬
‫قصد القربة‪ .‬فإن قصد القربة يخأرجه عن الباحة إلى ما فوقها‪ .‬والمتيقن مما هو فوقها الندب( ا هم)‪.(2‬‬
‫وال ارج ممح – والم م أعلم ممم – هم ممو الق ممول بالنم ممدب‪ ،‬لن القربم ممة‪ ،‬طاعم ممة وه ممي غيم ممر خأارج ممة ع ممن الم مواجب‬
‫والمندوب‪ ،‬والقدر المشمترك بينهممما ترجيمح الفعممل علممى الممترك‪ ،‬وهمذه حقيقممة المنمدوب‪ ،‬قمال شميخ السمملم ابممن‬
‫تيمية رحمه ال‪) :‬وما فعله النبي ‪ ‬على وجه التعبممد فهممو عبمادة‪ ،‬يشممرع التأسمي بمه فيممه‪ ،‬فمإذا خأصممص زمانم ا‬
‫أو مكان ا بعبادة كان تخأصيصه تلك العبادة سنة ‪.(3)( . . .‬‬
‫قمموله‪) :‬فممإن كممان علممى غيممر وجممه القربممة والطاعممة فيحمممل علممى الباحممة فممي حقممه وحقنمما(‪ .‬هممذه هممي‬
‫الحال الثانية للفعال النبوية‪ .‬وهو الذي لم يظهر فيه قصد القربة‪ .‬ويدخأل تحت هذا نوعان)‪.(4‬‬
‫‪ (1‬ما فعله بمقتضى الجبلة والبشرية كالقيام والقعود والنوم والكل والشرب‪ ،‬فهذا ل حكم له في ذاته‬
‫لنه ليس من باب التكليف‪ ،‬لن التكليف فيما يمكمن فعلمه وتركمه‪ ،‬وهمذه الفعمال ليسمت مشمروعة‬
‫لذاتها أو مقصودا بها التأسي‪ ،‬لن كل ذي روح من البشر ل يخألو عنها إل إذا كممان هممذا الفعممل‬
‫لممه هيئممة معينممة‪ ،‬كصممفة أكلممه وش مربه ونممومه ونحممو ذلممك‪ ،‬فهممذا لممه حكممم شممرعي‪ ،‬كممما دلممت عليممه‬
‫النصوص‪.‬‬
‫‪ (2‬ممما فعلممه وفممق العممادات‪ ،‬وذلممك كلباسممه ‪ ‬فه ذا النمموع مبمماح لممم يقصممد بممه التشم مريع فل اسممتحباب‬
‫للمتابعممة‪ ،‬لن اللبمماس منظممور فيممه إلممى العممادة الممتي اعتادهمما أهممل البلممد‪ ،‬ولهممذا لممم يغيممر الرسممول ‪‬‬
‫لباسه الذي كان يلبسه قبل النبوة)‪ ،(5‬إوانمما وضمع السملم شمروط ا وضموابط للبماس الرجمل والممرأة‬
‫تستفاد من الكتاب والسنة‪.‬‬

‫)( انظر البهان لماما الرميم )‪ (1/322‬العدة ف أصول الفقه )‪ (3/734‬شرح تنقيح الفصول ص ‪ 288‬النخمول ص ‪ ،226‬إرشاد الفحول ص ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الرشاد ص ‪.38‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( ممجوع الفتاوى )‪.(10/409‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر أصول الفقه السلمي )‪.(1/480‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( للجشيخ سلجيمجان بن سحمجان – رحه ال – كلما ماتع حول هذا الوضوع ف رسالته )إرشاد الطالب إل أهم الطالب( ص ‪ 29‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪79‬‬
‫وبقي من الفعمال نموع آخأمر وهمو مما فعلمه ‪ ‬بيان ا لمجممل‪ ،‬فهمذا حكممه حكمم المجممل‪ ،‬فمإن كمان واجبم ا‬
‫فالفعل واجب‪ .‬إوان كان مندوب ا فالفعل مندوب‪ .‬لكنه واجمب علمى الرسمول ‪ ‬مطلق ا حمتى يحصمل البلغ‪ ،‬ثمم‬
‫يكون حكمه كحكم المة في ذلك‪.‬‬
‫فمثال الواجب‪ :‬مسحه الرأس كله)‪ (1‬بيانا لقوله تعالى‪[ :‬وامسحوا برءوسكم ])‪.(2‬‬
‫ومثممال المنممدوب‪ :‬صمملته ‪ ‬ركعتين عنممد المقممام بعممد طموافه)‪ (3‬بيانم ا لقمموله تعممالى‪[ :‬واتخأممذوا مممن مقممام‬
‫إبراهيم مصلى ])‪ (4‬وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتممح البماري الجمماع علممى جمواز ركعمتي الطمواف علمى أي‬
‫جهة من جهات الكعبة)‪ (5‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 183‬ومسلجم رقم ‪ 235‬من حديث عبد ال بن زيد رضي ال عنه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.6 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( ورد هذا ف حديث جابر عن مسلجم رقم ‪.1218‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.125 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(1/499‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪80‬‬
‫الق م مرار‬

‫)واقرار صاحب الشريعة على القول هو قول صاحب الشريعة‪ .‬إواق ارره على الفعل كفعله‪ .‬وما فعل في وقته‬
‫إ‬
‫في غير مجلسه وعلم به ولم ينكره‪ ،‬فحكمه حكم ما فعل في مجلسه(‪.‬‬
‫لما بين حكم الفعل ذكر بعده القرار‪ ،‬لنه من السنة كما تقدم‪ ،‬وصورته أن يسكت النبي ‪ ‬عن‬
‫إنكار قول أو فعل بين يديه أو في عصره وعلم به‪ ،‬فكل أمر أقر الرسول ‪ ‬عليه ولم ينكر على فاعله‪ ،‬فإن‬
‫كان قولا فهو كقوله ‪ ،‬إوان كان فعلا فهو كفعله ‪ ،‬لنه ‪ ‬معصوم عن أن يقر أحدا على خأطأ أو معصية‬
‫فيما يتعلق بالشرع‪.‬‬
‫مثال القرار على الفعل‪ :‬إق ارره ‪ ‬الحبشة يلعبون في المسجد من أجل التأليف على السلم‪ ،‬كما‬
‫في حديث عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬رأيت رسول ال ‪ ‬يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون‬
‫بحرابهم في المسجد‪ .‬الحديث)‪.(1‬‬
‫ومثاله – أيضا – إق ارره ‪ ‬قيس بن عمرو رضي ال عنه على قضاء ركعتي الفجر بعد الصلة مع‬
‫أن الوقت وقت نهي)‪ .(2‬ومثال القرار على القول‪ :‬إق ارره ‪ ‬أبا بكر رضي ال عنه على قوله بإعطاء سلب‬
‫القتيل لقاتله)‪.(3‬‬
‫قوله‪) :‬وما فعل في وقته في غير مجلسه ‪ . .‬إلخ( أي‪ :‬وما فعله المكلف أو قاله )في وقته( أي‬
‫زمان حياته ‪) ‬في غير مجلسه( أي‪ :‬بحيث ل يشاهده‪ ،‬ولكنه )علم به ولم ينكره فحكمه ما فعل في‬
‫)واقرار صاحب‬
‫مجلسه( أي في دللته على جواز ذلك الفعل أو القول‪ ،‬وهذا يشمله ما تقدم في قوله إ‬
‫الشريعة ‪ (. . .‬لكنه صرح به لليضاح‪ ،‬ودفع توهم الخأتصاص بما في مجلسه‪ .‬ومثال ذلك‪ :‬قصة معاذ‬
‫رضي ال عنه حيث كان يصلي العشاء مع النبي ‪ ‬ثم ينصرف إلى قومه ويصلي بهم)‪ ،(4‬فهي له تطوع‬
‫ولهم فريضة‪ ،‬وهذا ليس في القوة كالواقع بين يديه ‪ ‬لحتمال أنه لم يبلغه ‪ ‬إوان كان الغالب على الظن أن‬
‫رسول ال ‪ ‬كان يعلم الئمة الذين يصلون في قبائل المدينة‪ ،‬ومما يؤكد ذلك قصة العرابي الذي شكا إلى‬
‫النبي ‪ ‬تطويل معاذ‪ ،‬كما في حديث جابر رضي ال عنه)‪.(5‬‬
‫وقد استدل بحديث معاذ من أجاز صلة المفترض خألف المتنفل‪ ،‬وهي مسألة خألفية‪ .‬وال أعلم‬
‫بالصواب‪.‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 443‬ومسلجم رقم ‪ .892‬والراب‪ :‬بكسر الاءا جع حربة وهي اللة دون الرمح‪ .‬انظر كتاب )الرف والصناعات ف الجاز ف عصر‬ ‫‪1‬‬

‫الرسول ‪ ،‬ص ‪ 218‬لعبد العزيز بن إبراهيم العمجري‪.‬‬


‫)( أخرجه التمذي رقم ‪ 422‬وانظر تفة الحوذي )‪ (2/487‬وهو حديث صحيح بطرقه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 2973‬ومسلجم رقم ‪.1751‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 668‬ومسلجم رقم ‪.465‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 669‬ومسلجم رقم ‪.465‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪81‬‬
‫النس ممخ‬

‫)وأما النسخ فمعناه لغة‪ :‬الزالة‪ ،‬يقال‪ :‬نسخأت الشمس الظل‪ :‬إذا أزالته‪ .‬وقيل معناه‪ :‬النقل‪ .‬من قولهم‪:‬‬
‫نسخأت ما في هذا الكتاب أي نقلته‪.‬‬
‫وحده‪ :‬هو الخأطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخأطاب المتقدم على وجه لوله لكان ثابت ا مع‬
‫تراخأيه عنه(‪.‬‬
‫النسخ في اللغة يطلق على معنيين‪:‬‬
‫‪ (1‬الرفع والزالة‪ .‬يقال‪ :‬نسخأت الشمس الظل أي أزالته‪ .‬ونسخأت الريح الثر‪ :‬أزالته‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫[فينسخ ال ما يلقى الشيطان ])‪.(1‬‬
‫‪ (2‬النقل‪ :‬يقال‪ :‬نسخأت ما في الكتاب أي نقلته مع بقائه في نفسه‪ .‬لن ما في الكتاب لم ينقل‬
‫حقيقة‪ ،‬قال تعالى‪[ : :‬إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ])‪.(2‬‬
‫قوله‪) :‬وحده‪ :‬الخأطاب الدال على رفع الحكم ‪ . .‬إلخ( حده‪ :‬أي معناه الصطلحي‪،‬‬
‫وهذا تعريف الناسخ‪ ،‬لنه هو الخأطاب‪ ،‬ل تعريف النسخ الذي هو رفع الحكم أو اللفظ‪ ،‬لكن‬
‫يؤخأذ منه تعريف النسخ‪ ،‬لنه يلزم من كون الناسخ هو الخأطاب الدال على الرفع أن يكون‬
‫مدلول الخأطاب هو النسخ الذي هو رفع الحكم‪ ،‬فالرافع هو الخأطاب‪ .‬والرفع هو النسخ‪ .‬فهما‬
‫متلزمان إذ ل رفع إل بخأطاب‪.‬‬
‫قوله‪) :‬الخأطاب( المراد به‪ :‬الكتاب والسنة‪ .‬فالناسخ هو الكتاب والسنة‪ ،‬ول نسخ بالجماع ول‬
‫القياس‪ ،‬أما الجماع فلنه ل ينعقد إل بعد وفاته ‪ ،‬وبعد وفاته ل يمكن النسخ لنه تشريع‪ ،‬إوانما يقع‬
‫النسخ بمستند الجماع‪ .‬وأما القياس فلن النص مقدم عليه‪ .‬ول يصار إليه إل عند عدم النص‪.‬‬
‫والناسخ في الحقيقة هو ال تعالى ويطلق على النص الناسخ‪ ،‬فيقال‪ :‬هذه الية ناسخأة لكذا‪.‬‬
‫قوله‪) :‬الدال على رفع الحكم( المراد برفع الحكم تغييره من إيجاب إلى إباحة كنسخ الصدقة عند‬
‫مناجاة الرسول ‪ ‬كما سيأتي إن شاء ال‪ .‬أو من إباحة إلى تحريم كنسخ إباحة الخأمر المنصوص عليه في‬

‫)( سورة الجح‪ ،‬آية‪.52 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الاثاية‪ ،‬آية‪.29 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪82‬‬
‫قوله تعالى‪[ :‬تتخذون منه سك ار ورزقال حسنال ])‪ (3‬وغير ذلك‪ .‬وقد يكون النسخ برفع اللفظ – كما سيذكره‬
‫المصنف‪ .‬إوانما اقتصر على نسخ الحكم لنه هو الغالب‪.‬‬
‫قوله‪) :‬الثابت بالخأطاب المتقدم(‪ :‬هذا صفة للحكم المنسوخ‪ .‬وبالخأطاب‪ :‬متعلق بالثابت‪.‬‬
‫والمتقدم‪ :‬أي في الورود إلى المكلفين‪ .‬فهو متقدم على الخأطاب الدال على الرفع‪.‬‬
‫وهذا القيد لخأراج رفع الحكم الثابت بالبراءة الصلية فليس بنسخ‪ ،‬ذلك أن ابتداء العبادات في‬
‫الشرع مزيل لحكم البراءة الصلية‪ ،‬وهي عدم التكليف‪ ،‬وليس هذا نسخأاا‪ ،‬لن البراءة لم تثبت بخأطاب من‬
‫الشرع‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬على وجه لوله لكان ثابتاا(‪ :‬وجه بمعنى‪ :‬حال‪ .‬والضمير في قوله )لوله( يعود على‬
‫الخأطاب الثاني‪ .‬واسم كان‪ :‬هو الحكم‪ .‬أي حال كونه على وجه لول ذلك الخأطاب لكان ذلك الحكم ثابتاا‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬مع تراخأيه عنه(‪ :‬أي مضي مدة بين الناسخ والمنسوخ‪ ،‬وهذا القيد لخأراج ما إذا كان‬
‫الخأطاب الثاني غير متراخ‪ ،‬بل كان متصلا بالول‪ ،‬فل يكون نسخأ ا بل يكون بيان ا كالشرط والصفة‬
‫والستثناء‪.‬‬
‫فقوله تعالى‪[ :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ])‪ (1‬فيه رفع حكم وجوب الحج‬
‫عن غير المستطيع‪ ،‬ولكنه ليس بنسخ‪ ،‬لنه لم يتراخ عنه‪ ،‬بل هو متصل‪ .‬هكذا قال بعض‬
‫الصوليين‪.‬وهذا فيه نظر لن التخأصيص بالمخأصص المتصل – وهو البدل هنا – ليس رفع ا للحكم‪،‬‬
‫إوانما هو بيان أن المخأرج غير مراد بالحكم‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫وهذا التعريف مطول ل يليق بالمخأتصرات‪ .‬مع ما يرد عليه من اعتراضات‪ .‬منها‪ :‬أنه عرف‬
‫الناسخ دون النسخ‪ .‬ومنها‪ :‬أنه غير جامع‪ ،‬لنه لم يذكر نسخ اللفظ – كما سيأتي – ومنها‪ :‬أن قوله )على‬
‫ثم زيفه‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫وجه ‪ . .‬إلخ( زيادة محضة‪ .‬وقد ذكر المصنف هذا التعريف في كتابه )البرهان(‬
‫ولو قيل في تعريفه‪ :‬هو رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب أو السنة)‪ ،(3‬لكان أوضح‬
‫وأخأصر‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية‪.67 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪،‬آية‪.97 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر البهان )‪.(2/1294‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر الصول من علجم الصول ص ‪.33‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪83‬‬
‫أقسام النسخ باعتبار المنسوخ‬

‫)ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم‪ .‬ونسخ الحكم وبقاء الرسم‪ .‬والنسخ إلى بدل إوالى غير بدل‪ ،‬إوالى ما هو‬
‫أغلظ إوالى ما هو أخأف(‪.‬‬
‫المنسوخ‪ :‬هو الحكم الشرعي الذي انتهى بالدليل المتأخأر‪ .‬وقد يسمى الدليل الول منسوخأاا‪ .‬وهو‬
‫المراد هنا‪ .‬وهذا الدليل إما قرآن‪ .‬أو سنة‪.‬‬
‫قوله )ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم( هذا النوع الول‪ .‬فينسخ اللفظ ويبقى الحكم معمولا به‪ .‬وقد‬
‫ذكر المدي رحمه ال أن العلماء متفقون على جواز نسخ الرسم دون الحكم خألف ا لطائفة شاذة من‬
‫المعتزلة)‪.(1‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬آية الرجم‪ .‬فعن عمر رضي ال عنه أنه قال‪" :‬كان فيما أنزل آية الرجم فقرأناها‬
‫ووعيناها وعقلناها‪ .‬ورجم رسول ال ‪ ‬رجمنا بعده ‪ . . .‬الحديث")‪.(2‬‬
‫فهذا يدل على نزول آية الرجم‪ .‬وأنها نسخأت‪ .‬وبقي حكمها لقوله‪) :‬ورجمنا بعده(‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ما الحكمة من نسخ الرسم وبقاء الحكم؟ فالجواب ما نقله الزركشي في البرهان عن ابن‬
‫الجوزي أنه قال‪) :‬إنما كان كذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه المة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق‬
‫الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به‪ .‬فيسرعون بأيسر شيء‪ ،‬كما سارع الخأليل إلى ذبح ولده‬
‫بمنام‪ ،‬أدنى طرق الوحي()‪ (3‬ا هم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ونسخ الحكم وبقاء الرسم( هذا النوع الثاني من أنواع النسخ باعتبار المنسوخ‪ .‬وهو أن ينسخ‬
‫الحكم الشرعي ويبقى اللفظ الدال عليه غير معمول به‪ .‬وهذا أكثر أنواع النسخ‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬قوله تعالى‪[ :‬إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين إوان يكن منكم مائة يغلبوا‬
‫ألفال من الذين كفروا بأنهم قوم ل يفقهون ])‪ (4‬فقد دلت الية على وجوب مصابرة العشرين من المسلمين‬
‫المائتين من الكفار‪ .‬ومصابرة المائة اللف‪ .‬فنسخ هذا الحكم بقوله تعالى‪[ :‬الن خفف ال عنكم وعلم أن‬
‫فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ])‪.(5‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ما الحكمة من بقاء التلوة مع نسخ الحكم؟ فالجواب من وجهين‪:‬‬

‫)( الحكاما للمدي )‪.(3/154‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخماري )‪ (6442‬ومسلجم ‪ .(1691‬وهو حديث طويل‪ .‬وانظر مقالل ف أسانيد آية الرجم‪ .‬ف ملجة )الكمجة( العدد السابع ص ‪.235‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر البهان ف علجوما القرآن )‪.(2/37‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النفال‪ ،‬آية ‪.65‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة النفال‪ ،‬آية‪.66 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪84‬‬
‫الول‪ :‬بقاء ثواب التلوة‪ .‬فإن القرآن كما يتلى ليعرف الحكمم منمه ويعممل بمه‪ ،‬فهمو يتلمى ليثماب عليمه‬
‫القارئ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تذكير المة بحكمة النسخ‪ ،‬ول سيما ما فيه تخأفيف ورفع المشقة‪.‬‬
‫وبقي نوع ثالث لم يذكره المصنف وهو نسخ الحكم والرسم معاا‪ ،‬ومثاله‪ :‬ما ورد عن عائشة رضي‬
‫ال عنها قالت‪" :‬كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن‪ ،‬ثم نسخأن بخأمس معلومات‬
‫فتوفي رسول ال ‪ ‬وهن فيما يق أر من القرآن"‪ .‬وفي رواية‪) :‬نزل في القرآن "عشر رضعات معلومات" ثم‬
‫أنزل أيضا خأمس معلومات"()‪.(1‬‬
‫فآية التحريم بعشر رضعات منسوخ لفظها وحكمها‪ .‬وهذا معلوم عند الصحابة رضي ال عنهم‬
‫بدليل أنهم لم يثبتوها حين جمعوا القرآن‪ .‬وأما آية الخأمس رضعات فهي مما نسخ رسمه وبقي حكمه‪.‬‬
‫بدليل أن الصحابة رضي ال عنهم حين جمعوا القرآن لم يثبتوا رسمها‪ ،‬وحكمها باق عندهم‪.‬‬
‫وقول عائشة رضي ال عنها‪" :‬وهن فيما يق أر من القرآن" أي يتلى حكمها دون لفظها‪ ،‬وقال‬
‫البيهقي‪ :‬المعنى‪ :‬أنه يتلوه من لم يبلغه نسخ تلوته)‪.(2‬‬
‫قوله‪) :‬والنسخ إلى بدل إوالى غير بدل‪ ،‬إوالى ما هو أغلظ وأخأف( هذا معطوف على ما قبله‪ .‬أي‪:‬‬
‫ويجوز النسخ إلى بدل إوالى غير بدل‪ .‬ومعنى‪) :‬إلى بدل( أن يأتي حكم آخأر بدل الحكم المنسوخ‪ .‬وهذا‬
‫النوع ل خألف فيه‪.‬‬
‫ومعنى )إلى غير بدل( أن يزول الحكم السابق ول يخألفه حكم آخأر‪ .‬وهذا مذهب الجمهور‪ .‬ومثلوه‬
‫بنسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي نجوى رسول ال ‪ ‬في قوله تعالى‪[ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم‬
‫الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ])‪ (3‬نسخأت بقوله تعالى‪[ :‬ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم‬
‫صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب ال عليكم فدأقيموا الصلة وءاتوا الزكاة ])‪.(4‬‬
‫وقد منع هذا النوع الظاهرية‪ .‬وأييد ذلك الشيخ محمد المين الشنقيطي رحمه ال‪ ،‬وقال‪ :‬إن القول‬
‫بالنسخ إلى غير بدل قول باطل‪ .‬إوان قال به جمهور العلماء‪ ،‬لن ال تعالى يقول‪[ :‬ما ننسخ من آية أو‬
‫ننسها نأت بخير منها أو مثلها ])‪.(5‬‬

‫)( رواه مسلجم ‪.1452‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر إرشاد الفحول ص ‪ 190 ،189‬وشرح النووي علجى حديث عائشة رضي ال عنها عند رقم ‪.1452‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الادلة‪ ،‬آية‪.12 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة الادلة‪ ،‬آية‪.13 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.106 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪85‬‬
‫وأجاب عن آية الصدقة بأن الذي نسخ هو الوجوب‪ ،‬وأما الستحباب فهو باق لم ينسخ‪ .‬فالنسخ‬
‫إلى بدل)‪ .(1‬وورد هذا الجواب عن الكمال بن الهمام صاحب التحرير)‪.(2‬‬
‫والقول بالجواز أظهر لقوة مأخأذه‪ .‬وأما ما استدل به المانعون من الية الكريمة‪ .‬فعنه ثلثة أجوبة‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن المراد بالية – هنا – نظم الجملة ولفظها‪ .‬لورود ذلك في كتاب ال تعالى في أكثر من‬
‫موضع‪ .‬قال تعالى‪[ :‬يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ])‪ (3‬والصل في الطلق الحقيقة‪ ،‬ول يصرف اللفظ عن‬
‫ظاهره‪ .‬إل بدليل‪ .‬ول دليل هنا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬سلمنا أن المراد نسخ الحكم‪ .‬وهذا ل يعارض النسخ إلى غير بدل‪ ،‬لن ال تعالى عليم‬
‫حكيم‪ .‬فقد يكون عدم الحكم خأي ار من ذلك الحكم المنسوخ‪ .‬في نفعه للناس‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬سلمنا أن المراد نسخ الحكم‪ .‬لكنه عام دخأله التخأصيص بما نسخ إلى غير بدل‪.‬‬
‫وتخأصيص العموم جائز‪ .‬وال أعلم)‪.(4‬‬
‫وأما إجابتهم عن آية الصدقة وأنه نسخ الوجوب وبقي الستحباب‪ .‬فهذا فيه نظر‪ .‬فإن الية‬
‫)أأشفقتم( لم تثبت حكم ا تكليفي ا آخأر‪ .‬وكون التصدق مندوب ا إليه‪ .‬إن كان بهذا الناسخ فل دليل فيه‪ .‬إوان‬
‫كان بالدلة العامة التي ندبت إلى التصديق فهذا مسلم‪ .‬لكنها خأاصة بالموسرين وهي عامة في جميع‬
‫الوقات‪ .‬وتقديم الصدقة عند المناجاة كان واجبا على الغنياء والفقراء على السواء وال أعلم)‪.(5‬‬
‫)والى ما أغلظ إوالى ما هو أخأف( أي‪ :‬أن النسخ على بدل‪ .‬قد يكون )إلى بدل أغلظ( أي‪:‬‬
‫قوله‪ :‬إ‬
‫)والى بدل أخأف( أي‪ :‬أقل مشقة من المنسوخ‪ .‬وبقي نوع ثالث وهو‪:‬‬
‫إلى حكم أثقل من الحكم المنسوخ‪ .‬إ‬
‫على بدل مسانو‪ .‬فالنواع ثلثة‪.‬‬
‫أما الول‪ :‬وهو النسخ إلى بدل أثقل‪ .‬فجوزه الجمهور لوقوعه‪ .‬ومثاله نسخ التخأيير بين صيام‬
‫رمضان والطعام في قوله تعالى‪[ :‬وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خأي ار فهو خأير له‬
‫وأن تصوموا خأير لكم إن كنتم تعلمون ])‪ .(6‬نسخ بقوله تعالى‪[ :‬فمن شهد منكم الشهر فليصمه ])‪ (7‬الدال‬

‫)( انظر أضواءا البيان )‪ (3/362‬ومذكرة الشنقيطي علجى الروضة ص ‪ .79‬وإرشاد الفحول ص ‪.187‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( التحرير )‪.(3/386‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.164 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر الحكاما للمدي )‪ ،(150 ،3/149‬الصول للجرازي )‪.(1/3/479‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر كتاب )النسخ ف دراسات الصولييم( ص ‪.268 ،267‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.184 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪185 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪86‬‬
‫على وجوب الصيام في حق المقيم الصحيح أداء‪ ،‬والمسافر والمريض قضاء‪ .‬إوايجاب الصيام أثقل من‬
‫التخأيير بينه وبين الطعام‪.‬‬
‫ومنع ذلك بعض الظاهرية وبعض الشافعية محتجين بآيات التيسير والتخأفيف ورفع الحرج عن هذه‬
‫)‪(2‬‬
‫المة‪ .‬كقوله تعالى‪[ :‬يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر ])‪ (1‬وقوله تعالى‪[ :‬يريد ال أن يخأفف عنكم ]‬
‫ول تخأفيف في نسخ الخأف إلى الثقل‪ ،‬بل هو التثقيل‪ .‬إوارادة العسر‪.‬‬
‫ول دليممل فممي ذلممك لن الحكممم الجديممد يكممون ميسم م ار علممى المكلفيممن ل مشممقة فيممه‪ .‬وثقلممه وصممف لممه‬
‫بالنسبة إلى ما قبله‪ .‬مع ما فيه من زيادة النفع‪ .‬وعظيم الجر‪.‬‬
‫وأما الثاني وهو النسخ إلى بدل أخأف‪ .‬فل خألف في جوازه‪ ،‬ومثاله‪ :‬آيتا المصابرة [إن يكن منكم‬
‫عشرون صابرون يغلبوا مائتين ])‪ (3‬ثم قال سبحانه [فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ])‪ (4‬فمصابرة‬
‫مسلم واحد لثنين من الكفار أخأف من مصابرة الواحد لعشرة منهم‪.‬‬
‫وأما الثالث وهو النسخ إلى بدل مساو فمثاله‪ :‬نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة كما في‬
‫حديث البراء رضي ال عنه أنه ‪ ‬صلى إلى بيت المقدس بعد الهجرة بضعة عشر شه ار)‪ .(5‬نسخ هذا‬
‫باستقبال الكعبة الثابت بقوله تعالى‪[ :‬فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم‬
‫شطره ])‪ (6‬فاستقبال الكعبة مسانو لستقبال بيت المقدس بالنسبة لفعل المكلف‪ .‬وهذا النوع ل خألف فيه‬
‫كالذي قبله‪.‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.185 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.28 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النفال‪ ،‬آية‪.65 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النفال‪ ،‬آية‪.66 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم )‪ (40‬ومسلجم )‪.(525‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.144 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪87‬‬
‫أنواع النسخ باعتبار الناسخ‬

‫)ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب‪ ،‬ونسخ السنة بالكتاب وبالسنة‪ ،‬ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر‪ ،‬ونسخ الحاد‬
‫بالحاد وبالمتواتر‪ ،‬ول يجوز نسخ الكتاب بالسنة‪ .‬ول المتواتر بالحاد‪ ،‬لن الشيء ينسخ بمثله وبما هو‬
‫أقوى منه(‪.‬‬
‫تقدم أن الناسخ هو ال تعالى لنه هو الرافع للحكم‪ .‬دل على ذلك خأطابه المتأخأر الدال على‬
‫انتهاء الحكم الشرعي‪ .‬ويطلق الناسخ على الدليل نفسه – وهو المراد هنا – وهو إما كتاب أو سنة‪.‬‬
‫وقد ذكر المصنف مسائل النسخ بين الكتاب والسنة وبين ما يجوز وما ل يجوز‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب( هذا النوع الول من أنواع الناسخ وهو أن يكون قرآنا‪.‬‬
‫والمنسوخ قرآن مثله‪ .‬وهذا النوع ل خألف فيه‪ .‬وتقدمت أمثلته‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ونسخ السنة بالكتاب( هذا النوع الثاني وهو أن يكون الناسخ قرآنا والمنسوخ سنة‪ .‬وهذا قول‬
‫الجمهور‪ .‬لن القرآن والسنة من عند ال تعالى‪ .‬غير أن القرآن متعبد بتلوته‪ .‬والسنة غير متعبد‬
‫بتلوتها‪ .‬ونسخ حكم أحد الوحيين غير ممتنع‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬إن المباشرة والكل والشراب في ليالي الصيام كانت محرمة بالسنة‪ .‬لما ورد في حديث ابن‬
‫عباس "كان الناس على عهد رسول ال ‪ ‬إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا‬
‫إلى القابلة")‪ .(1‬فنسخ ذلك بقوله تعالى‪[ :‬أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم‬
‫لباس لهن علم ال أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالن باشروهن ])‪.(2‬‬
‫ومنع الشافعي رحمه ال هذا النوع في إحدى روايتيه لقوله تعالى‪[ :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس‬
‫ووجه الدللة ‪:‬أنه سبحانه قد جعل السنة بياانا للقرآن ‪ .‬والناسخ بيان للمنسوخ‪ .‬فلو كان‬ ‫)‪(3‬‬
‫ما نزل إليهم ]‬
‫القرآن ناسخأ ا للسنة لكان القرآن بيان ا للسنة‪ .‬وهذا ل يجوز‪.‬‬
‫والصحيح قول الجمهور لوقوعه‪ ،‬وأما الية فل يتم الستدلل بها على المنع‪ ،‬لجواز أن يكون‬
‫المراد من قوله )لتبين(‪ :‬لتبلغ‪ .‬والتبليغ عام‪ ،‬فحمل الية عليه أولى‪.‬‬

‫)( تري الكل والشرب والباشرة ورد ف حديث ابن عباس مقيدال بصلة العشاءا‪ .‬وورد ف حديث الباءا بن عازب الذي رواه البخماري )‪ (4/129‬تقيد ذلك بالنوما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وهو كذلك ف سائر الحاديث ولعل ذكر صلة العشاءا لكون ما بعدها مظنة النوما غاالبال وحديث ابن عباس رواه أبو داود )‪ (6/425‬عون العبود(‪.‬‬
‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.187 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النحل‪ ،‬آية‪.44 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪88‬‬
‫قوله‪) :‬وبالسنة( أي ويجوز نسخ السنة بالسنة‪ ،‬وهذا هو النوع الثالث‪ ،‬وهو أن يكون الناسخ سنة‬
‫والمنسوخ سنة‪ ،‬ومثاله حديث بريدة رضي ال عنه أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور‬
‫فزوروها")‪ (4‬فقوله‪" :‬كنت نهيتكم" يدل على أن النهي ثابت بالسنة‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر( أي ويجوز نسخ المتواتر من الكتاب أو السنة‪ .‬بالمتواتر‪.‬‬
‫فهما قسمان‪:‬‬
‫الول‪ :‬نسخ الكتاب بالسنة بالمتواترة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة‪.‬‬
‫أما الول فمذهب الجمهور جوازه‪ .‬وذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه إلى عدم الجواز‪ .‬احتج‬
‫الجمهور بأن الكل وحي من ال‪ .‬واستدل الشافعي بقوله تعالى‪[ :‬ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير‬
‫منها أو مثلها ])‪ (2‬والسنة ليست خأي ار من القرآن ول مثله)‪.(3‬‬
‫والراجح – وال أعلم – الجواز‪ ،‬لن الناسخ حقيقة هو ال عز وجل على لسان رسول ال ‪ ‬فإن كل‬
‫ما صح عن رسول ال ‪ ‬فأحكامه من ال‪ .‬قال تعالى‪[ :‬وما ينطق عن الهوى)‪ (3‬إن هو إل وحي يوحى)‬
‫‪ (4)] (4‬ومحل النمزاع الحكم وليس اللفظ‪ ،‬وعليه فإن لفظ )بخأير منها أو مثلها( يكون من السنة كما يكون‬
‫من القرآن‪ .‬فالحكام كلها من ال تعالى )إن الحكم إل ل( وال أعلم‪.‬‬
‫وقد مثلوا لذلك بقوله تعالى‪[ :‬كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خي ارل الوصية للوالدين‬
‫والقربين ])‪ (5‬فنسخأت هذه الوصية للوالدين بحديث "ل وصية لوارث"‪ .‬فإن الجماع منعقد على معنى هذا‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وهذا المثال فيه نظر‪ .‬فإن الحديث آحاد)‪ .(6‬ثم أن من شروط النسخ تعذر الجمع بين الدليلين‪ ،‬وهنا‬
‫يمكن الجمع عن طريق التخأصيص‪ ،‬بأن يخأرج من الية الوارث منهما فل وصية له بمقتضى الحديث‬
‫فتكون الية في حق غير الوارث‪ ،‬والحديث في حق الوارث‪ .‬وقد ذكر بعض المحققين أن الناسخ هو آية‬
‫المواريث‪ .‬والحديث بيان للناسخ وال أعلم)‪.(7‬‬

‫)( تقدما تريه ص ‪ 86‬وانظر تفة الحوذي )‪.(4/158‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.106 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الرسالة للجشافعي )‪ (108 ،1/106‬وقد روى ذلك الازمي عن الشافعي وأحد بسند متصل إليهمجا ف كتابه )العتبار ص ‪.(57‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة النجم‪ ،‬اليتان‪.4 ،3 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.180 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( لكن قالوا‪ :‬إنه متواتر معن للجاع علجى معناه‪ ،‬انظر نظم التناثار من الديث التواتر ص ‪.167‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( انظر نثر الورود )‪.(1/346‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪89‬‬
‫وأما الثاني‪ :‬وهو نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة‪ ،‬فهو مجمع عليه بين القائلين بالنسخ‪ .‬قال‬
‫في شرح الكوكب المنير‪) :‬وأما مثال نسخ متواتر السنة بمتواترها فل يكاد يوجد ‪.(1)( . .‬‬
‫قوله‪) :‬ونسخ الحاد بالحاد( أي ويجوز نسخ الحاد بالحاد‪ ،‬وهذا مجمع عليه بين القائلين‬
‫بالنسخ‪ .‬لتحاد الناسخ والمنسوخ في المرتبة والقوة‪ .‬ومثاله تقدم في حديث بريدة رضي ال عنه‪ .‬قال في‬
‫شرح الكوكب المنير‪) :‬وله أمثله كثيرة()‪.(2‬‬
‫قوله‪) :‬وبالمتواتر(‪ :‬أي و يجوز نسخ الحاد بالمتواتر‪ ،‬لنه أقوى منه‪ .‬وهذا – أيضا – محل‬
‫اتفاق‪ .‬قال في شرح الكوكب المنير‪) :‬ولكن لم يقع()‪.(3‬‬
‫قوله‪) :‬ول يجوز نسخ الكتاب بالسنة( هذا هو النوع الرابع‪ ،‬وهو أن يكون الناسخ سنة والمنسوخ‬
‫قرآناا‪ .‬والمراد بالسنة هنا‪ :‬غير المتواترة‪ .‬لن نسخ القرآن بالسنة المتواترة تقدم ذكره عند قوله )ويجوز نسخ‬
‫المتواتر بالمتواتر(‪ .‬فيكون المراد بالسنة هنا‪ :‬الحاد‪ .‬فالحاد ل ينسخ القرآن‪ ،‬لن القوي ل ينسخ‬
‫بأضعف منه كما سيأتي‪ .‬وهذه العبارة موجودة في بعض نسخ الورقات‪ .‬ويشكل عليه قوله )ول يجوز نسخ‬
‫المتواتر بالحاد( لن المتواتر يشمل الكتاب والسنة‪ ،‬فيكون تك ار ار إل أن يكون قوله )المتواتر( خأاص ا‬
‫بالسنة‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫وقد ذهب المؤلف رحمه ال في كتابه )البرهان( إلى جواز نسخ الكتاب والسنة‪ .‬وذكر ما يؤيد‬
‫ذلك)‪.(4‬‬
‫قوله‪) :‬ول المتواتر بالحاد( أي ل يجوز شرعا نسخ المتواتر كالقرآن والسنة المتواترة بالحاد‪ .‬لنه‬
‫دونه في القوة‪ ،‬لن المتواتر قطعي والحاد ظني‪ ،‬والشيء إنما ينسخ بمثله‪ ،‬أو بما هو أقوى منه‪ .‬كما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫وهذا مذهب الجمهور‪ .‬وذهب جماعة من أهل الظاهر منهم ابن حزم إلى جوازه‪ ،‬وهي رواية عن‬
‫أحمد‪ .‬وهو الراجح إن شاء ال‪ ،‬لن القطعي هو اللفظ ومحل النسخ هو الحكم‪ .‬ول يشترط في ثبوته‬
‫التواتر‪ .‬لن الدللة باللفظ المتواتر قد تكون ظنية‪ .‬لجواز أن يكون المراد غير ذلك فحينئذ لم يرفع الظني‬
‫إل بالظني‪.‬‬

‫)( شرح الكوكب الني )‪.(5613‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( البهان )‪.(2/851‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪90‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬ما رواه عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬بينما الناس بقباء في الصلة الصبح‬
‫إذ جاءهم آت فقال‪ :‬إن رسول ال ‪ ‬قد أنزل عليه القرآن‪ .‬وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها‪ .‬وكانت‬
‫وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة()‪.(5‬‬
‫ووجه الدللة‪ :‬أن وجوب التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتا بالسنة المتواترة‪ ،‬لنه لم يوجد في‬
‫القرآن ما يدل عليه‪ .‬وهؤلء قبلوا خأبر الواحد وعملوا به في نسخ ما تقرر عندهم بطريق العلم‪ ،‬والنبي ‪ ‬لم‬
‫ينكر عليهم‪ ،‬فدل على الجواز‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( أخرجه البخماري )‪ (395‬ومسلجم )‪.(526‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪91‬‬
‫التعارض بين الدلة‬

‫)إذا تعارض نطقان فل يخألو‪ :‬إما أن يكونا عامين‪ ،‬أو خأاصين‪ ،‬أو أحدهما عاما والخأر خأاصاا‪ ،‬أو كل‬
‫واحد منهما عاما من وجه وخأاصا من وجه‪ .‬فإن كانا عامين وأمكن الجمع بينهما جمع‪ ،‬إوان لم يمكن‬
‫الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ‪ .‬فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخأر‪ ،‬وكذلك إن كانا‬
‫خأاصين‪ .‬إوان كان أحدهما عاما والخأر خأاص ا فيخأصص العام بالخأاص‪ .‬إوان كان كل واحد منهما عام ا‬
‫من وجه وخأاصا من وجه فيخأصص عموم كل واحد منهما بخأصوص الخأر(‪.‬‬
‫عني الصوليون بمباحث التعارض والترجيح بعد مباحث الدلة الشرعية – الكتاب والسنة‬
‫والجماع والقياس – وذلك لن هذه الدلة قد يقع بينها تعارض ول يمكن إثبات الحكم إل بإزالة هذا‬
‫التعارض‪.‬‬
‫واعلم أن التعارض بين نصوص الشريعة غير موجود في الحقيقة‪ ،‬لكن قد يقع ذلك بحسب نظر‬
‫المجتهد‪ :‬إما لنقص في علمه أو خألل في فهمه‪ ،‬وهو تعارض في الظاهر ل يمكن أن يقع على وجه ل‬
‫يمكن فيه الجمع أو النسخ أو الترجيح‪ .‬وذلك لن الحكام الشرعية ما شرعت إل لجلب المصالح‪.‬‬
‫وكان الولى بالمصنف أن يؤخأر بحث التعارض إلى نهاية الكلم على الدلة‪ ،‬كما جرى على ذلك‬
‫غيره من أهل الصول‪ ،‬لن التعارض يتعلق بجميع الدلة‪ ،‬لكنه خأصصه بالكتاب والسنة لقوله )إذا‬
‫تعارض نطقان( لن المراد بهما‪ :‬قول ال تعالى‪ ،‬وقول الرسول ‪ ‬كما تقدم في المخأصص المنفصل‪.‬‬
‫قوله‪) :‬إذا تعارض نطقان( التعارض لغة‪ :‬تفاعل من العرض – بضم العين – وهو الناحية‬
‫والجهة‪ .‬كأن الكلم المتعارض يقف بعضه في عرض بعض أي ناحيته وجهته‪ ،‬فيمنعه من النفوذ إلى‬
‫حيث وجهه‪ ،‬فهو إذن بمعنى التقابل والتمانع‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬تقابل الدليلين بحيث يخأالف أحدهما الخأر‪.‬‬
‫وذلك كأن يكون أحد الدليلين يفيد الجواز‪ ،‬والخأر يدل على المنع‪ ،‬فكل منهما مقابل للخأر‬
‫ومخأالف له‪.‬‬
‫قوله )فل يخألو ‪ (. .‬أي المر والشأن‪ .‬من أربع حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن يكون بين دليلين عامين‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون بين دليلين خأاصين‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يكون بين دليلين أحدهما عام والخأر خأاص‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬أن يكون بين دليلين كل واحد منهما عام من وجه وخأاص من وجه آخأر‪.‬‬
‫والمراد بقول المصنف )إذا تعارض نطقان( أي نصان من قول ال تعالى أو من قول رسول ‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫أما الحالة الولى فللخأروج من التعارض طرق‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين‪ ،‬فيجمع بينهما بحيث يحمل كل منهما على حال‬
‫ل يناقض الخأر‪ .‬والجمع أولى من الترجيح باتفاق أهل الصول‪ ،‬لن فيه العمل بكل الدليلين‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬قوله ‪" :‬إذا دبغ الهاب فقد طهر")‪ (1‬أخأرجه مسلم عن ابن عباس‪ .‬وعند أهل السنن "أيما‬
‫إهاب دبغ فقد طهر")‪ .(2‬وقوله ‪" ‬ل تنتفعوا من الميتة بإهاب ول عصب" وهو حديث عبد ال بن عكيم‪،‬‬
‫فهذا معارض في الظاهر للول‪.‬‬
‫فجمع بينهما بأن الهاب اسم لما لم يدبغ‪ .‬وبعد الدبغ يقال له‪ :‬شن وقربه‪ .‬فيكون النهي عن‬
‫النتفاع بالهاب ما لم يدبغ‪ ،‬فإذا دبغ لم يسم إهاباا‪ ،‬فل يدخأل تحت النهي‪ .‬قال في سبل السلم )وهو‬
‫جمع حسن()‪ (3‬وفي المسألة أقوال أخأرى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يجعل أحدهما ناسخأا للخأر‪ ،‬وهذا إذا علم التاريخ بأن علم السابق منهما‪ ،‬فيكون‬
‫المتأخأر ناسخأ ا له‪ .‬ويعمل به دون المتقدم‪.‬‬
‫فهذه الية تفيد‬ ‫)‪(4‬‬
‫ومثاله‪ :‬قوله تعالى‪[ :‬فمن تطوع خي ارل فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ]‬
‫التخأيير بين الصيام والطعام وترجح الصيام‪ .‬وقوله تعالى‪[ :‬فمن شهد منكم الشهر فليصمه ])‪ (5‬يفيد‬
‫تعيين الصيام أداء في حق غير المريض والمسافر وقضاء في حقهما‪ ،‬وهي متأخأرة عن الولى فتكون‬
‫ناسخأة لها بدليل قول سلمة بن الكوع رضي ال عنه‪ :‬لما نزلت [وعلى الذين يطيقونه فدية طعام‬
‫مسكين ])‪ (6‬كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الية التي بعدها فنسخأتها()‪.(7‬‬
‫الثالث‪ :‬فإن لم يعلم التاريخ يتوقف فيهما إلى أن يظهر مرجح لحدهما على الخأر فيعمل به‪ .‬وهذا‬
‫هو الطريق الثالث وهو الترجيح‪ ،‬وهو ل يكون إل بدليل‪ ،‬لن الترجيح بل مرجح باطل‪ ،‬والترجيح هو تقوية‬
‫أحد الطرفين المتعارضين بدليل‪ ،‬وللترجيح طرق كثيرة‪ ،‬بعضها يرجع إلى الممتن‪ ،‬وبعضها يرجع إلى‬
‫السند‪ ،‬وهي مذكورة في المطولت‪.‬‬
‫ومثاله قوله ‪" :‬من مس ذكره فل يصلي حتى يتوضأ")‪.(8‬‬
‫وهذا مروي عن بسرة بنت صفوان وأبي هريرة وجابر رضي ال عنهم وغيرهم‪.‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 366‬وأبو داود رقم ‪ 4123‬والتمذي رقم ‪ 1728‬والنسائي )‪.(7/173‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه أبو داود رقم ‪ 4128 ،4127‬والتمذي رقم ‪ 1729‬والنسائي )‪ (7/175‬وهو حديث صحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سبل السلما )‪.(1/52‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.184 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.185 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.184 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 4237‬ومسلجم رقم ‪.1445‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( أخرجه التمذي رقم ‪ 82‬وأبو داود )‪ (181‬والنسائي )‪ ،(1/100‬وهو حديث صحيح‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪93‬‬
‫وحديث قيس بن طلق عن أبيه رضي ال عنه أن النبي ‪ ‬سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه‬
‫الوضوء؟ قال‪" :‬ل‪ ،‬إنما هو بضعة منك")‪.(1‬‬
‫فهذان حديثان متعارضان في الظاهر‪ ،‬الول يوجب الوضوء من مس الذكر‪ ،‬والثاني ل يوجبه‪.‬‬
‫فيرجح الول على الثاني لما يأتي‪:‬‬
‫‪ (1‬أن العمل به أحوط‪.‬‬
‫‪ (2‬لنه أكثر طرق ا ومصححيه أكثر‪.‬‬
‫‪ (3‬لنه ناقل عن البراء الصلية‪ ،‬وهي عدم إيجاب الوضوء والناقل يقدم على المبقي‪ .‬لن مع‬
‫الناقل زيادة علم حيث أفاد حكم ا شرعييا ليس موجودا عند المبقي على الصل‪ .‬وهذا عند‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫والترجيح هو أحد القوال في المسألة‪ ،‬ومن العلماء من قال بالنسخ‪ ،‬ومنهم من قال بالجمع)‪.(2‬‬
‫أما الحالة الثانية من أحوال التعارض فهي أن يكون بين دليلين خأاصين كما تقدم‪ ،‬وللخأروج من التعارض‬
‫طرق‪:‬‬
‫الول‪ :‬الجمع كما تقدم‪ .‬ومثاله‪ :‬حديث جابر في صفة حجة النبي ‪ ‬أنه ‪ ‬صلى الظهر يوم النحر‬
‫بمكة)‪ (3‬وحديث ابن عمر رضي ال عنهما أنه ‪ ‬صلها بمنى)‪.(4‬‬
‫قال النووي‪) :‬ووجه الجمع بينهما أنه ‪ ‬طاف للفاضة قبل الزوال‪ ،‬ثم صلى الظهر بمكة في أول‬
‫وقتها‪ ،‬ثم رجع إلى منى‪ ،‬فصلى بها الظهر مرة أخأرى بأصحابه حين سألوه ذلك ‪.(5)( . .‬‬
‫الثاني‪ :‬فإن لم يمكن الجمع فالثاني ناسخ إن علم التاريخ‪ .‬ومثاله‪ :‬قوله تعالى [يا أيها النبي إدنا‬
‫أحللنا أزواجك التي آتيت أجورهن ])‪ (6‬وقوله تعالى‪[ :‬ل يحل لك النساء من بعد ول أن تبدل بهن من‬
‫أزواج ولو أعجبك حسنهن ])‪ (7‬الية‪ ،‬فالثانية ناسخأة للولى‪ .‬فحرم ال تعالى على نبيه ‪ ‬أن يتزوج على‬
‫نسائه‪ ،‬والباحة دلت عليها الية الولى‪ .‬وهذا على أحد القوال)‪.(8‬‬

‫)( أخرجه أبو داود رقم ‪ 183 ،182‬والتمذي رقم ‪ 85‬والنسائي )‪ (1/101‬وهو حديث صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر تفة الحوذي )‪.(1/275‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ 1218‬من حديث جابر رضي ال عنه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪ .1308‬وانظر لزاما فتح الباري )‪ (3/567‬وتغملجيق التعلجيق لبن حجر )‪.(3/101‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( شرح النووي علجى صحيح مسلجم )‪.(8/443‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.50 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة الحزاب‪ ،‬آية‪.52 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( انظر اليضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لكي ص ‪.336‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪94‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬إذا لم يمكن النسخ فالترجيح‪ .‬ومثاله حديث ميمونة رضي ال عنها أن النبي ‪‬‬
‫تزوجها وهو حلل)‪ (1‬وحديث ابن عباس رضي ال عنهما أن النبي ‪ ‬تزوجها وهو محرم)‪.(2‬‬
‫فيرى جمع من أهل العلم ترجيح الول لما يأتي‪:‬‬
‫أن ميمونة صاحبة القصة‪ ،‬ول شك أن صاحب القصة أدرى بما جرى له في نفسه من‬ ‫‪(1‬‬
‫غيره‪ .‬ومن قواعد الترجيح أن خأبر صاحب الواقعة المروية مقدم على خأبر غيره‪ ،‬لنه أعرف‬
‫بالحال من غيره‪.‬‬
‫لن حديثها مؤيد بحديث أبي رافع رضي ال عنه أن النبي ‪ ‬تزوجها وهو حلل‪ .‬قال‪:‬‬ ‫‪(2‬‬
‫وكنت الرسول بينهما)‪ (3‬فأبو رافع رضي ال عنه هو رسوله إليها يخأطبها عليه فهو مباشر‬
‫للواقعة‪ ،‬وابن عباس ليس كذلك‪.‬‬
‫أن ميمونة وأبا رافع كانا بالغين وقت تحمل الحديث المذكور‪ ،‬وابن عباس ليس ببالغ‬ ‫‪(3‬‬
‫وقت التحمل‪ ،‬وعند الصوليين ترجيح خأبر الراوي المتحمل بعد البلوغ على المتحمل قبله‪ ،‬لن‬
‫البالغ أضبط من الصبي لما تحمل)‪.(4‬‬
‫الحالة الثالثة من أحوال التعارض‪ :‬أن يكون بين دليلين أحدهما عام والخأر خأاص‪ ،‬فيخأصص‬
‫العام بالخأاص‪ .‬ومثاله‪ :‬قوله تعالى‪[ :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ])‪ (5‬فهذه الية دلت على وجوب‬
‫القطع في القليل والكثير‪ .‬وحديث‪" :‬ل تقطع يد سارق إل في ربع دينار فصاعداا")‪ (6‬يدل على تحديد‬
‫نصاب القطع‪ ،‬فيكون الحديث مخأصصا لعموم الية على مذهب الجمهور وال أعلم‪.‬‬
‫الحالة الرابعة‪ :‬أن يكون التعارض بين دليلين أحدهما أعم من الخأر من وجه‪ ،‬وأخأص من وجه‬
‫آخأر‪ ،‬فيجمع بينهما بأن يخأصص عموم كل واحد منهما بخأصوص الخأر إن دل على ذلك دليل‪ .‬ومثاله‪:‬‬
‫قوله تعالى‪[ :‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجال يتردبصن بأنفسهدن أربعة أشهر وعش ار ])‪ (7‬فهذه الية‬
‫عامة في الحامل وغيرها‪ ،‬وخأاصة بالمتوفى عنها‪ .‬وقوله تعالى‪[ :‬وأولت الحمال أجلهدن أن يضعن‬
‫حملهدن ])‪ (8‬خأاصة بالحامل عامة في المتوفى عنها وغيرها‪ .‬فيخأصص عموم الولى والثانية‪ ،‬فتخأرج‬
‫الحامل من عموم الولى‪ ،‬وتكون عدتها وبضع الحمل‪ ،‬سواء كانت متوفى عنها أم غيرها‪.‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪.1411‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري )‪ (4824‬ومسلجم رقم ‪.1410‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه التمذي رقم ‪ 841‬وقال‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر أضواءا البيان )‪.(5/367‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة الائدة‪ ،‬آية‪.38 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 6407‬ومسلجم رقم ‪ ،1684‬واللجفظ له عن عائشة رضي ال عنها‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.234 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( سورة الطلق‪ ،‬آية‪.4 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪95‬‬
‫وقد دل على هذا التخأصيص حديث سبيعة السلمية أنها وضعت بعد وفاة زوجها بليال‪ ،‬فأفتاها‬
‫فدل ذلك على أن الحامل المتوفى عنها غير داخألة في عموم آية البقرة‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬ ‫)‪(9‬‬
‫النبي ‪ ‬أن تتزوج‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 3770‬ومسلجم رقم ‪.1484‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪96‬‬
‫الجممماع‬

‫)وأما الجماع فهو اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة‪ .‬ونعني بالعلماء‪ :‬الفقهاء‪ .‬ونعني بالحادثة‪:‬‬
‫الحادثة الشرعية‪ .‬إواجماع هذه المة حجة دون غيرها‪ ،‬لقوله ‪) ‬ل تجتمع أمتي على ضللة( والشرع ورد‬
‫بعصمة هذه المة(‪.‬‬
‫هذا هو الدليل الثالث من الدلة المتفق عليها‪ ،‬وهو الجماع بعد الكتاب والسنة‪ .‬والجماع لغة‪:‬‬
‫العزم والتفاق‪ .‬واصطلحاا‪ :‬اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬اتفاق(‪ :‬هذا قيد يخأرج وجود خألف ولو كان المخأالف واحدا إذا كان يعتد به فل ينعقد‬
‫الجماع‪.‬‬
‫قوله‪) :‬علماء العصر( فسره بأن المراد بهم الفقهاء وهم المجتهدون‪،‬وهذا القيد يخأرج المقلدين‬
‫والعوام‪ ،‬فل عبرة بهم في الجماع وفاق ا ول خألفاا‪ .‬كما يخأرج العلماء غير الفقهاء كالنحويين واللغويين‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬على حكم الحادثة( الجار والمجرور متعلق بقوله )اتفاق( والمراد بها هنا الحادثة الشرعية‪،‬‬
‫لنها محل نظر الفقهاء‪ ،‬وهذا القيد يخأرج التفاق على حكم غير شرعي كلغوي‪ ،‬فل مدخأل له في‬
‫الجماع‪ ،‬لن الغرض البحث في الجماع‪ ،‬على أنه من الدلة الشرعية‪.‬‬
‫وبقي قيدان‪:‬‬
‫الول‪ :‬علماء العصر من هذه المة‪ :‬لخأراج اتفاق علماء الشرائع السابقة فل يعتبر كما ذكره‬
‫ل‪.‬‬‫المصنف‪ ،‬ولعله تركه لوضوحه أو اكتفاء بذكره مستق ا‬
‫الثاني‪ :‬بعد النبي ‪ :‬لخأراج اتفاق الصحابة في عهد النبي ‪ ‬فل يكون إجماع ا من حيث كونه‬
‫ل‪ ،‬لن الدليل حصل بسنة النبي ‪ ‬من قول أو فعل أو تقرير‪ ،‬إواذا قال الصحابي‪ :‬كينا نفعل أو كانوا‬
‫دلي ا‬
‫يفعلون كذا على عهد النبي ‪ ‬كان ذلك من المرفوع حكماا‪ ،‬وليس نقلا للجماع‪.‬‬
‫)واجماع هذه الية حجة دون غيرها( أي‪ :‬والجماع حجة شرعية‪ ،‬يجب العمل به على كل‬ ‫قوله‪ :‬إ‬
‫مسلم‪ .‬والمراد الجماع القولي الصريح‪ .‬وقوله‪) :‬دون غيرها( أي غير هذه المة من المم السابقة‪ ،‬فليس‬
‫إجماعهم حجة علينا يجب اتباعها‪ ،‬ومن الدلة على أن الجماع حجة قوله تعالى [وكذلك جعلناكم أمة‬
‫ل‪ ،‬ومقتضى ذلك أنهم عصموا من الخأطأ فيما أجمعوا عليه قولا وفعلا)‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫وسطا ] أي عدو ا‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.143 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(13/317‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪97‬‬
‫ومن الدلة‪ :‬قوله ‪" ‬ل تجتمع أمتي على ضللة()‪ (1‬ووجه الدللة‪ :‬أن عموم الحديث ينفي وجود‬
‫الضللة‪ ،‬والخأطأ ضللة فل يجوز الجماع عليه‪ ،‬فيكون ما أجمعوا عليه حيقا فوجب اتباعه‪.‬‬

‫ضا‪ ،‬وله شواهد تؤيد معناه‪ .‬انظر )العتب(‬


‫)( رواه أبو داود رقم ‪ 4253‬والتمذي رقم ‪ 2167‬واللجفظ له‪ .‬وف سنده ضعف‪ ،‬ولكنه ورد من طرق يقوي بعضها بع و‬
‫‪1‬‬

‫للجزركشي ص ‪ 57‬وانظر السنة لبن أبأ عاصم )‪.(1/41‬‬


‫‪98‬‬
‫من مسائل الجماع‬

‫)والجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان‪ ،‬ول يشترط انقراض العصر على الصحيح‪ ،‬فإن‬
‫قلنا‪ :‬انقراض العصر شرط يعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الجتهاد‪ ،‬ولهم أن يرجعوا‬
‫عن ذلك الحكم‪ ،‬والجماع يصح بقولهم وبفعلهم‪ ،‬وبقول البعض وبفعل البعض‪ ،‬وانتشار ذلك وسكوت‬
‫الباقين عنه(‪.‬‬
‫ذكر المصنف بعض مسائل الجماع ومنها‪:‬‬
‫قوله‪) :‬والجماع حجة على العصر الثاني ‪ ( . .‬أي أن الجماع حجة يجب الخأذ به على أهل‬
‫العصر الثاني بالنسبة لعصر أهل الجتهاد؛ فإذا أجمع الصحابة رضي ال عنهم على حكم شرعي فليس‬
‫للتابعين أن يخأالفوا هذا الجماع‪ ،‬بل هو حجة عليهم وعلى من بعدهم في أي عصر من العصور‪ ،‬لن‬
‫الجماع يمنع من حدوث خألف‪.‬‬
‫وق مموله‪) :‬وف ممي أي عص ممر ك ممان( أي‪ :‬وج ممد الجم مماع م ممن عص ممر الص ممحابة فم ممن بع ممدهم إل ممى آخأ ممر‬
‫الزمان)‪.(1‬‬
‫ق مموله‪) :‬ول يش ممترط انقم مراض العص ممر عل ممى الص ممحيح( أي‪ :‬ل يش ممترط انقم مراض عص ممر المجمعي ممن‪،‬‬
‫ومعناه‪ :‬أن يموت أهل الجماع ثم يبدأ الحتجاج بإجماعهم‪ ،‬وهذه المسألة فيها قولن‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنم ممه ل يشم ممترط انق م مراض العصم ممر وهم ممذا مم ممذهب الجمهم ممور‪ ،‬فينعقم ممد الجمم مماع بمجم ممرد اتفم مماق‬
‫المجتهدين ولو كانوا أحيمماء‪ ،‬فل تجمموز مخأمالفته‪ ،‬لن أدلممة حجيممة الجممماع ل تمموجب انقمراض العصممر‪ ،‬ولن‬
‫الجماع هو التفاق‪ ،‬وقد حصل فما الذي يمنع ممن قبموله؟ ولن التمابعين قمد احتجموا بإجمماع الصممحابة قبممل‬
‫انقراض عصرهم‪ ،‬ولو كان ذلك شرط ا لم يحتجوا به‪.‬‬
‫الثمماني‪ :‬أنممه يشممترط انق مراض العصممر‪ ،‬وهممو قممول بعممض الشممافعية وروايممة عممن المممام أحمممد‪ .‬ووجممه‬
‫اشتراط‪ :‬احتمال رجوع بعض المجتهدين عن رأيه‪ ،‬فيؤول ذلك إلى الخألف‪.‬‬
‫والقول الول هو الصحيح كما ذكر المصنف لقوة أدلته‪ ،‬ولن القول باشتراط انقراض العصر يممؤدي‬
‫إلى تعذر الجماع‪ ،‬لنه ل يكاد عصر ينقرض حتى يحدث من أولده ممن ينشمأ ويبلممغ درجمة الجتهماد‪ ،‬ولممه‬
‫أن يخأالف‪ ،‬لن الجماع لممم ينعقممد‪ ،‬وهممذا يمؤدي إلممى إبطممال انعقماد الجممماع‪ ،‬ومما أدى إلممى ذلممك فهممو باطمل‪.‬‬

‫)( اعلجم أن الجاع القطعي وهو ما يعلجم وقوعه من المة بالضرورة‪ .‬ل أحد ينكر ثابوته‪ .‬كالجاع علجى وجوب الصلة وتري الزن‪ .‬وأما الجاع الظن وهو ما يعلجم‬ ‫‪1‬‬

‫بالتتبع والستقراءا فهذا متلجف ف ثابوته‪ ،‬والظهر أنه مكن ف عصر الصحابة‪ ،‬وف غايه متعذر غاالبلا‪ ،‬وهو رأي شيخ السلما ابن تيمجية رحه ال‪ .‬فقد قال‪) :‬ول‬
‫يعلجم إجاع بالعن الصحيح إل ما كان ف عصر الصحابة‪ ،‬أما بعدهم فقد تعذر غاالبلا(‪) .‬ممجوع الفتاوى ‪ (13/341‬وقال‪) :‬والجاع الذي ينضبط ما كان علجيه‬
‫السلجف الصال إذ بعدهم كثر الختلف وانتشرت المة( )العقيدة الواسطية(‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫قال القرافي‪) :‬وانقراض العصر ليس شرط ا خألف ا لقوم من الفقهاء والمتكلمين لتجممدد الممولدة كممل يمموم فيعتممذر‬
‫الجماع()‪ (1‬ا هم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فإن قلنا انقراض العصر شرط ‪ . .‬إلخ( بين بذلك ثمرة الخألف‪ .‬والمعنى‪ .‬إن قلنا‪ :‬انقمراض‬
‫العصممر بممموت أهلممه )شممرط( أي فممي حجيممة الجممماع‪ .‬وهممذا القممول مقابممل للقممول الصممحيح‪) .‬يعتممبر( بممالجزم‬
‫على أنه جمواب الشمرط‪ .‬أي‪ :‬يعتمبر قمول ممن ولمد فمي عصمر المجمعيمن‪ ،‬وبلمغ رتبمة الجتهماد فمي حياتهم أو‬
‫في حياة بعضهم‪ .‬فله أن يخأالف‪ .‬ول يعد مخأالف ا للجماع‪ .‬لنه لم ينعقد‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم( هذه ثمرة أخأرى‪ .‬أي‪ :‬وللمجمعين أو بعضهم – على القممول‬
‫بالشتراط – أن يرجعوا عن الحكم الذي أجمعوا عليه‪ .‬ول يعد ذلك نقض ا للجماع‪ .‬لن لم يستقر‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والجماع يصمح بقمولهم وبفعلهمم( أي‪ :‬أن الجمماع ينعقممد ويتحقممق بقمول المجمعيممن وبفعلهممم‪،‬‬
‫أي‪ :‬بكل منهما‪ ،‬ولهمذا أعماد البماء‪ ،‬فمإذا قمالوا بجمواز شميء فهمذا إجمماع علمى الجمواز‪ ،‬وكمذلك إذا فعلموا شميئا‬
‫فيدل فعلهم على الجواز لعصمتهم عن الباطل تقدم‪.‬‬
‫والجممماع لبممد لممه مممن مسممتند‪ :‬إممما مممن الكتمماب أو السممنة‪ .‬س مواء علمنمماه أو جهلنمماه‪ ،‬لن القممول فممي‬
‫الدين بل مستند ل يجوز‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬وبق ممول البعممض وبفعممل البعممض وانتشممار ذلممك وسممكوت البمماقين( هممذا إشممارة علممى الجممماع‬
‫السكوتي‪ ،‬وهو أن يقول بعض المجتهدين قولا أو يفعل فعلا مع انتشار ذلك في الباقين وسكوتهم‪ ،‬وهمذا فيممه‬
‫خألف‪ ،‬فممأكثر الشممافعية والمالكيممة وروايممة عممن أحمممد أنممه إجممماع تن مزيلا للسممكوت من مزلة الرضمما والموافقممة إذا‬
‫مضممت مممدة كافيممة للنظممر فممي ذلممك القممول بعممد سممماعه‪ ،‬وكممان قمماد ار علممى إظهممار أريممه‪ ،‬وهممذا ظمماهر كلم‬
‫المصنف‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يكون حجة ل إجماعاا‪ .‬لرجحان الموافقة بالسممكوت علممى المخأالفممة‪ ،‬وليممس إجماعم ا لن حقيقممة‬
‫الجماع لم تتحقق فيه‪ .‬وقيل‪ :‬ليس بحجة ول إجماع‪ ،‬لنه ل ينسب لساكت قول‪ .‬وقيل غير ذلك)‪.(2‬‬
‫وقول المصنف )وانتشار ذلك( مفهومه أنه إذا لم ينتشر في الباقين فليس بإجماع‪ ،‬لحتمال ذهممولهم‬
‫عنه وعدم اطلعهم عليه‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫‪ ()1‬التنقيح ص ‪.330‬‬
‫‪ ( )2‬انظر إرشاد الفحول ص ‪.84‬‬
‫‪100‬‬
‫قول الصحابي‬

‫)وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره على القول الجديد‪ ،‬وفي القول القديم حجة(‪.‬‬
‫قول الصحابي من الدلة المخأتلفة في حجيتها‪.‬‬
‫والمراد به‪ :‬ما أثر عن أحد من أصحاب النبي ‪ ‬من قول أو فعل أو تقرير في أمر من أمور الدين‪.‬‬
‫والصحابي‪ :‬من صحب النبي ‪ ‬ولو ساعة‪ ،‬أو رآه مؤمن ا به وما ت على ذلك‪.‬‬
‫وقول الصحابي إن ثبت له حكم الرفع كقوله أمرنا أو نهينا أو من السنة كذا فهو مرفمموع حكمماا‪ ،‬وهممو‬
‫حجة كما هو مقرر في علم الحديث‪ ،‬إوان لم يثبت له حكم الرفممع فقممد أجمممع العلممماء علممى أن قممول الصممحابي‬
‫في مسمائل الجتهماد ليمس بحجمة علمى صمحابي آخأمر‪ ،‬لن الصمحابة رضمي الم عنهمم اخأتلفموا فمي كمثير ممن‬
‫المسائل‪ ،‬ولمو كمان قمول أحمدهم حجمة علمى غيمره لمما تمأتى منهمم همذا الخألف‪ .‬كمما أجمعموا عمل الخأمذ بقمول‬
‫الصحابي فيما ل مجال للرأي أو الجتهاد فيه‪ ،‬لنه ممن قبيمل الخأممبر التمموقيفي عممن صمماحب الرسمالة ‪ .‬كما‬
‫أنه ل خألف فيما أجمع عليه الصحابة صمراحة أو كمان ممما ل يعمرف لمه مخأالف‪ ،‬كمما فمي تموريث الجمدات‬
‫السدس‪ .‬ومن العلماء من استثنى من الصحابي المعروف بالخأذ عن السرائيليات‪ .‬إوانما الخألف في قول‬
‫الصحابي العاري عن كل ما سبق‪ .‬ففيه قولن‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬إنه حجة‪ .‬وهو ممذهب الممام مالممك وأبمي حنيفممة والشمافعي فممي أحمد قمموليه‪ ،‬وروايمة عمن‬
‫المم ممام أحمم ممد‪ ،‬رجحهم مما ابم ممن القيم ممم‪ ،‬وذكم ممر أن المم ممام أحمم ممد يأخأم ممذ بقم ممول الصم ممحابي‪ ،‬ويعتم ممبره بعم ممد السم ممنة‬
‫الصحيحة)‪.(1‬‬
‫ومممن أدلممة هممؤلء قمموله تعممالى‪[ :‬كنتــم خيــر أمــة أخرجــت للنــاس تــأمرون بــالمعروف وتنهــون عــن‬
‫المنكر ])‪ (2‬قالوا‪ :‬هو خأطاب مع الصحابة بأن ما يأمرون به معروف‪ ،‬والمعروف يجب قبوله‪.‬‬
‫وممن الدلمة أن الم تعمالى ممدح الصمحابة والتمابعين لهمم بإحسمان‪ ،‬إوانمما اسمتحق التمابعون ذلمك لنهمم‬
‫اتبعمموهم فممي كممل شمميء سم مواء مممن حيممث الرجمموع إلممى الكتمماب والسممنة‪ ،‬أو اجتهممادهم‪ ،‬أو القتممداء بهممم‪ ،‬لن‬
‫التباع يجب حمله على فرده الكامممل‪ ،‬قممال تعممالى‪[ :‬والسابقون الولون من المهـاجرين والنصـار وال ذين‬
‫اتبعوهم بإحسـان رضـي ال عنهـم ورضـوا عنـه ])‪ (3‬ولن اجتهمماد الصممحابي أقممر إلممى الص مواب مممن اجتهمماد‬
‫غي مره لمشمماهدته المموحي وقربممه مممن الرسممول ‪ ،‬كيممف والظمماهر مممن حمماله أن ل يقممول ممما قممال إل سممماعا مممن‬
‫رسول ال ‪ ‬ل سيما فيما يخأالف القياس‪.‬‬

‫‪ ()1‬انظر أعلما الوقعيم )‪.(4/120‬‬


‫‪ ()2‬سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.110 :‬‬
‫‪ ()3‬سورة التوبة‪ ،‬آية‪.100 :‬‬
‫‪101‬‬
‫القممول الثمماني‪ :‬أنممه ليممس بحجممة‪ .‬وهممو قممول الشممافعي فممي الجديممد)‪ (1‬وروايممة عممن المممام أحمممد‪ ،‬واخأتيممار‬
‫الغزالي والمدي وابن الحاجب والمصنف‪ .‬وذلك لن ال تعالى لم يجعل قول أحد مممن النمماس حجممة إل قممول‬
‫رسول ال ‪ .‬والصحابي من أهل الجتهاد‪ ،‬والمجتهد غير معصوم‪ ،‬فيجوز عليه الخأطأ والسهو‪.‬‬
‫ص فممي الكتمماب والسممنة ول‬
‫والممذي يظهممر والم م أعلممم‪ .‬أنممه يجمموز الخأممذ بقممول الصممحابي حيممث ل نم م ي‬
‫إجماع‪ .‬لحتمال أن يكون سمع ذلك القول من النمبي ‪ ‬ولكونه أعلمم بمال وكتمابه ورسموله ممن التمابعين فممن‬
‫بعدهم‪ ،‬فاحتمال الصواب في اجتهاده كثي ار جداا‪ .‬لنه شماهد التن مزيل‪ ،‬ووقمف علمى حكممة التشمريع‪ .‬وأسمباب‬
‫النمزول‪ .‬ولزم النبي ‪ .‬قال ابن القيم‪) :‬لم يزل أهل العلم في كل عصر ومصر يحتجون بما هذا سبيله مممن‬
‫فتاوى الصحابة وأقوالهم ول ينكره منكر منهم‪ .‬وتصانيف العلماء شاهدة بذلك ‪.(2)( . .‬‬
‫ويشترط للخأذ بقول الصحابي شرطان‪:‬‬
‫صا أخأذ بالنص‪ .‬ومثاله قممول عمممر رضممي الم عنممه‪ :‬إن الجنممب ل‬
‫صاا‪ .‬فإن خأالف ن ي‬
‫أل يخأالف ن ي‬ ‫‪(1‬‬
‫يتيمم‪ ،‬مع أنه ورد في تيمم الجنب حديث عمار رضي ال عنه)‪.(3‬‬
‫أل يخأممالف قممول صممحابي آخأممر‪ .‬فممإن خأممالف قممول صممحابي آخأممر أخأممذ بال ارجممح منهممما‪ ،‬ومثمماله‪:‬‬ ‫‪(2‬‬
‫صيام يوم الثلثيمن ممن شمعبان إذا حمال دون رؤيمة الهلل غيمم ونحموه‪ ،‬فقمد روي صميامه عمن جماعمة‬
‫مممن الصممحابة منهممم ابممن عمممر رضممي الم عممن الجميممع‪ ،‬وروي عممن آخأريممن عممدم صمميامه‪ ،‬وهممو ال ارجممح‬
‫لحممديث ابممن عمممر رضممي الم عنهممما "فممإن غممم عليكممم فممأكملوا عممدة شممعبان ثلثيممن" فاجتهمماد ابممن عمممر‬
‫رضي ال عنه وتفسيره )فاقدوا له( بمعنى‪ :‬ضيقوا‪ ،‬ل يعارض به ما ثبت من قول الرسول ‪.‬‬
‫وقممول المممانعين‪ :‬إنممه غيممر معصمموم كغيم مره‪ .‬نقممول‪ :‬هممذا صممحيح‪ ،‬ولكممن انتفمماء العصمممة ل ينفممي إل‬
‫الحجية القطعية‪ .‬ونحن ل نقول بقطعية حجية قول الصحابي‪ .‬إوانما هو حجة ظنية)‪.(4‬‬
‫ومن أمثلة قول الصحابي قول الراوي‪ ،‬قال علي رضي ال عنه‪) :‬حممدثوا النمماس بممما يعرفمون‪ ،‬أتحبممون‬
‫أن يكذب ال ورسوله؟()‪.(5‬‬
‫ومن أمثلة الفعل قول البخأاري رحمه ال‪) :‬وأم ابن عباس وهو متيمم()‪ (6‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( لقد نفى ابن القيم نسبة هذا القول للجشافعي ف كلما ماتع تده ف أعلما الوقعيم )‪ (4/120‬وللجزركشي – من بعده – كلما مفادة أن الشافعي ف مذهبه‬ ‫‪1‬‬

‫الديد يرى أن قول الصحابأ حجة‪ .‬فيكون له قولن ف الديد واحد موافق للجقدي‪ .‬فانظر البحر اليط )‪.(6/53‬‬
‫)( انظر أعلما الوقعيم )‪ (4/152‬مذكرة الشنقيطي ص ‪ 165‬حجية قول الصحابأ ف ملجة )أضواءا الشريعة( العدد الثامن ص ‪ 365‬ممجوع فتاوى ابن تيمجية )‬ ‫‪2‬‬

‫‪.(20/582‬‬
‫)( انظر أعلما الوقعيم )‪ (1/29‬وانظر طرح التثريب )‪.(1/103‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر أصول الفقه للجبديسي ص ‪.329‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(1/225‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(1/446‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪102‬‬
‫الخأبم ممار‬

‫)وأما الخأبار‪ :‬فالحبر مما يمدخأله الصمدق والكمذب‪ .‬والخأمبر ينقسمم إلمى قسممين‪ :‬آحماد ومتمواتر‪ .‬فمالمتواتر مما‬
‫يوجب العلم‪ ،‬وهو أن يروي جماعة ل يقع التواطمؤ علمى الكمذب ممن مثلهمم إلمى أن ينتهمي إلمى المخأمبر عنمه‪،‬‬
‫ويكون في الصل عن مشاهدة أو سماع ل عن اجتهاد(‪.‬‬
‫اعلممم أنممه جممرت عممادة الصمموليين بممإيراد مبمماحث مممن علمموم الحممديث فممي أصممول الفقممه‪ ،‬وذلممك لن‬
‫الكتاب والسنة هما مدار البحث في علم الصول‪ .‬ولما كان القرآن ل يحتاج إلى نظر في سنده‪ ،‬لنه ثممابت‬
‫ثبوت ا قطعي ا بالنقل المتواتر لفظ ا ومعنى صار البحث مقتص ار على النظر في دللة النص على الحكم‪.‬‬
‫أما السنة فإن المستدل بها يحتاج إلى نظرين‪:‬‬
‫‪ (1‬نظر في ثبوتها‪.‬‬
‫‪ (2‬ونظر في دللة النص على الحكم‪.‬‬
‫لذا أورد الصوليون هذه الشذرات من علوم الحديث‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬وأممما الخأبممار‪ :‬فممالخأبر ممما يممدخأله الصممدق والكممذب(‪ :‬الخأبممار‪ :‬جمممع خأممبر‪ .‬وهممو‪ :‬ممما يممدخأله‬
‫الصممدق والكممذب‪ .‬أي‪ :‬يحتمممل الصممدق والكممذب‪ ،‬لكممن أورد علممى هممذا التعريممف أن مممن الخأبممار ممما ل يممدخأله‬
‫الكذب‪ ،‬ومنها ما ل يدخأله الصدق‪ ،‬فإذا زيد على التعريف كلمة )لذاته( زال هذا اليراد‪ ،‬إذ يخأرج بهذا القيممد‬
‫الخأممبر الممذي ل يحتمممل الصممدق أو ل يحتمممل الكممذب باعتبممار المخأممبر بممه‪ ،‬فممالول كخأممبر مممدعي الرسممالة بعممد‬
‫الرسول ‪ ،‬والثاني كخأبر ال تعالى وخأبر رسوله ال ‪ ‬الثابت عنه‪ ،‬فإذا قال إنسمان‪ :‬قمدم أخأموك‪ .‬فهمذا خأمبر‬
‫يحتممل الصمدق والكمذب لمذات الخأمبر‪ ،‬فمإن طمابق الواقمع فهمو صمدق‪ ،‬إوان خأالفه فهمو كمذب‪ .‬وذلمك إمما علمى‬
‫ل‪ ،‬أو الكممذب إن كممان‬
‫الس مواء إن كممان القائممل مجهممول الحممال‪ ،‬أو مممع رجحممان الصممدق إن كممان المخأممبر عممد ا‬
‫فاسقاا‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والخأبر ينقسم إلى قسمين‪ :‬آحاد ومتواتر( لما عرف الخأبر ذكر أقسامه‪.‬‬
‫‪ (2‬متواتر‪.‬‬ ‫فالخأبر باعتبار وصوله إلينا قسمان‪ (1 :‬آحاد‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فالمتواتر ما يوجب العلمم‪ ،‬وهمو أن يمروي جماعممة ‪ . . .‬إلمخ( ذكممر تعريممف المتمواتر وبيممان مما‬
‫يفيده‪ ،‬وبدأ المصنف بالمتواتر لطول الكلم على الحاد ولعتباره في معنى الحاد نفي معنى المتواتر‪.‬‬
‫فالمتواتر لغة‪ :‬اسم فاعمل ممن تمواتر الشميء أي‪ :‬جاء بعضمه فمي إثمر بعمض‪ ،‬ومنمه تمواتر المطمر أي‪ :‬تتمابع‬
‫نمزوله‪ .‬قال الشياء إل إذا وقعت بينهما فترة‪ ،‬إوال فهي مداركة ومواصلة ‪.(1)(. . .‬‬

‫)( الصحاح للججوهري )‪.(2/843‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪103‬‬
‫واصممطلحاا‪ :‬أن يممروي جماعممة ل يقممع التواطممؤ علممى الكممذب مممن مثلهممم إلممى أن ينتهممي إلممى المخأممبر‬
‫عنه‪.‬‬
‫هذا تعريف المصنف‪ ،‬وهو تعريف يحتاج إلى تقدير‪ ،‬لن المتواتر ليممس هممو روايممة الجماعممة‪ ،‬بممل ممما‬
‫يرويممه جماعممة‪ ،‬والروايممة نفسممها هممي التم مواتر فيقممدر‪ :‬حممال المتم مواتر أن يرويممه جماعممة‪ .‬ولممو قممال‪) :‬ممما رواه‬
‫جماعة( لكان أحسن‪.‬‬
‫ومن هذا التعريف وما بعده يتبين أن شروط المتواتر أربعة‪:‬‬
‫‪ (1‬أن يرويممه عممدد‪ ،‬وقممد أشممار المصممنف إلممى ذلممك بقمموله‪) :‬أن يممروي جماعممة( وقممد اخأتلممف العلممماء فممي‬
‫العدد المطلوب على أقوال كثيرة‪ ،‬كلها ضعيفة لتكافئها في الدعوى‪ ،‬ولن أدلتها ل تعلق لشيء منها‬
‫بالخأبار‪ ،‬والصحيح ما قاله شيخ السلم ابن تيميممة رحمممه المم‪ ،‬ونسممبه إلممى الكممثرين مممن أن التمواتر‬
‫ليس له عدد محصور ‪ ،‬بل قد يحصل بكثرةالمخأبرين‪ ،‬وقممد يحصممل بصممفاتهم لضممبطهم ودينهمم‪ ،‬وقممد‬
‫يحصل بقرائن تحتف بالخأبر يحصل بمجموعها العلممم‪ .‬وقممد يحصممل بتلقممي المممة لممه بممالقبول‪ ،‬والمممة‬
‫ل تجتمع على ضللة‪ ،‬وقد يحصل إذا أجمع أهل الحديث على صحته ونحو ذلك)‪.(1‬‬
‫‪ (2‬أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب‪ ،‬وأشار إليه بقوله‪) :‬ل يقع التواطؤ من مثلهم على الكذب(‪.‬‬
‫‪ (3‬أن يسممتوي جميممع طبقممات السممند بالشممرطين السممابقين إلممى أن ينتهممي إلممى المخأممبر عنممه‪ .‬وأشممار إليممه‬
‫بقوله‪) :‬إلى أن ينتهي إلى المخأبر عنه(‪.‬‬
‫‪ (4‬أن يكم ممون مسم ممتند خأم ممبرهم عم ممن مشم مماهدة أو سم ممماع كقم ممولهم‪" :‬سم مممعنا أو رأينم مما" ل عم ممن اجتهم مماد‪ ،‬لن‬
‫الجتهاد يمكن فيه الغلط بخألف المشاهدة‪ ،‬فإن من أخأممبر عممن وجممود حادثممة إخأبمما ار عممن مشمماهدة لممم‬
‫يجز عليه الغلط‪ .‬وأشار إليه بقوله‪) :‬ويكون في الصل عن مشاهدة أو سماع ل عن اجتهاد(‪.‬‬
‫قمموله )فممالمتواتر ممما يمموجب العلممم( أي أن المتمواتر يفيممد العلممم‪ .‬وهممل هممو العلممم الضممروري أو النظممري؟‬
‫قممولن‪ :‬أرجحهممما أن المتم مواتر يفيممد العلممم الضممروري أي اليقينممي الممذي يضممطر النسممان إلممى التصممديق بممه‬
‫تصديقا جازماا‪ ،‬كوجمود الئممة الربعمة‪ ،‬ووجمود مكمة ودمشمق مثلا بالنسمبة لممن لمم يرهمما‪ ،‬ولمو أراد التخألمص‬
‫من العلم بذلك لم يستطع‪ ،‬وقد نسب الشوكاني هذا القول إلى الجمهور‪ ،‬وقال‪ :‬إنه الحق)‪.(2‬‬
‫وكممما يفيممد المتمواتر العمممل يفيممد العمممل بممما دل عليممه بتصممديقه إن كممان خأممب ارا‪ ،‬وتطممبيقه إن كممان طلبماا‪.‬‬
‫ومثال المتواتر‪ :‬عن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول الم ‪) ‬من كممذب علميي متعمممدا فليتبموأ مقعمده‬
‫من النار()‪.(3‬‬

‫)( انظر ممجوع الفتاوى )‪.(148 ،18/16‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( إرشاد الفحول ص ‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 110‬ومسلجم رقم ‪.3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪104‬‬
‫فممال المنممذري‪ :‬وهممذا الحممديث قممد روي عممن غيممر واحممد مممن الصممحابة فممي الصممحاح والسممنن والمسممانيد‬
‫وغيرهما‪ ،‬حتى بلغ مبلغ التواتر‪ ،‬وال أعلم)‪.(1‬‬

‫الحم مماد‬

‫)والحمماد‪ :‬هممو الممذي يمموجب العمممل ول يمموجب العلممم‪ .‬وينقسممم إلممى مرسممل ومسممند‪ ،‬فالمسممند ممما اتصممل إسممناده‪،‬‬
‫والمرسممل ممما لممم يتصممل إسممناده‪ .‬فممإن كممان مممن م ارسمميل غيممر الصممحابة فليممس بحجممة إل م ارسمميل سممعيد بممن‬
‫المسيب‪ ،‬فإنها فتشت فوجدت مسانيد عن النبي ‪.(‬‬
‫هذا هو النوع الثاني من أنواع الخأبر باعتبار وصوله إلينا وهو الحاد‪.‬‬
‫والحاد لغة‪ :‬جمع أحد كأجل وآجال بمعنى واحد‪ .‬وهمزته مبدلة من واو فأصله وحد‪ ،‬وخأممبر الحمماد‬
‫ما يرويه الواحد‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬ما لم يتواتر‬
‫أي لممم تبلممغ نقلتممه مبلممغ الخأممبر المتمواتر‪ ،‬سمواء كممان المخأممبر بممه واحممدا أو اثنيممن أو أربعممة أو خأمسممة أو‬
‫غير ذلك من العداد التي ل تشعر بأن الخأبر دخأل في حد التواتر‪.‬‬
‫قموله )يموجب العممل( أي يجمب العممل بمما تضممنه خأمبر الحاد بتصمديقه إن كمان خأمب ارا‪ ،‬وتطمبيقه إن‬
‫كممان طلب ماا‪ ،‬بشممرط صممحته عممن رسممول ال م ‪ ‬ل فممرق فممي ذلممك بيممن الحكممام والعقائممد علممى القممول الصممحيح‪،‬‬
‫لعموم الدلة في وجوب العمل بخأبر الواحد‪ ،‬ومن ذلك حديث ابن عمر رضي ال عنهممما قممال‪ :‬بينممما النمماس‬
‫بقبمماء فممي صمملة الصممبح إذ جمماءهم آت‪ ،‬فقممال‪ :‬إن النممبي ‪ ‬ق د أنممزل عليممه الليلممة قمرآن‪ ،‬وقممد أمممر أن يسممتقبل‬
‫الكعبة فاستقبلوها‪ ،‬وكانت وجوههم إلى الشام‪ ،‬فاستداروا إلى الكعبة)‪.(2‬‬
‫فهذا دليل ظمماهر فمي العمممل بخأممبر الواحمد‪ ،‬فمإن الصمحابة رضمي الم عنهمم تحولموا عمن بيمت المقمدس‬
‫على الكعبة بخأبر الواحد‪ ،‬فصدقوا خأبره‪ ،‬وعملوا به‪.‬‬
‫ومممن الدلممة أن النممبي ‪ ‬كان يبعممث الحمماد إلممى النمواحي والقبائممل لتبليممغ الحكممام الشممرعية‪ ،‬فلممول أنممه‬
‫يجب العمل بخأبرهم لم يكن لبعثهم فائدة‪.‬‬

‫)( التغايب والتهيب )‪ (1/111‬وانظر نظم التناثار من الديث التواتر للجكتان‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 395‬ومسلجم رقم ‪ .526‬وتقدما ذكره‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪105‬‬
‫ومن الدلة أن الصحابة رضي ال عنهم قد أجمعموا علممى قبممول خأمبر الواحممد والعممل بممه فمي وقممائع ل‬
‫يمكممن حصممرها‪ ،‬فقممد رجعموا إلممى الغسممل مممن المموطء مممن غيممر إنمزال إلممى قممول عائشممة رضممي الم عنهمما‪ .‬وفممي‬
‫توريث الجدة إلى قول المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة وغير ذلك كثير)‪.(1‬‬
‫يقممول النممووي‪) :‬وقممد تظمماهرت دلئممل النصمموص الشممرعية والحجممج العقليممة علممى وجمموب العمممل بخأممبر‬
‫الواحد‪ ،‬وقد قرر العلماء في كتب الفقه والصول ذلممك بممدلئله‪ ،‬وأبلغمموه أبلمغ إيضماح‪ ،‬وصمنف جماعممات ممن‬
‫أهل الحديث وغيرهم مصنفات مستكثرات في خأبر الواحد ووجوب العمل به‪ ،‬وال أعلم()‪.(2‬‬
‫وقممال أيض ماا‪) :‬فالممذي عليممه جممماهير المسمملمين مممن الصممحابة والتممابعين فمممن بعممدهم مممن المحممدثين‬
‫والفقهاء وأصحاب الصول أن خأبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع‪ ،‬يلزم العمل بها ويفيمد الظمن ول يفيمد‬
‫العلم‪ ،‬وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع ل بالعقل ‪.(3)( . .‬‬
‫واعلم أن التفريق بين العقائممد والحكممام فممي السمتدلل بأحماديث الحماد قممول غريممب محممدث‪ ،‬ل دليمل‬
‫عليممه مممن كتمماب ول سممنة‪ .‬بممل هممو مخأممالف لممما عليممه سمملف المممة‪ ،‬فممإن الدلممة الممتي يسممتدل بهمما علممى وجمموب‬
‫الخأذ بحديث الحاد في الحكام الشرعية هي أدلة على وجوب الخأذ بها في العقائد لعمومهمما‪ ،‬ومممن أدعممى‬
‫تخأصيصها بالحكام فعليه الدليل)‪.(4‬‬
‫قمموله‪) :‬ول يمموجب العلممم( هممذا قممول الجمهممور‪ :‬أن الحمماد ل تفيممد العلممم‪ ،‬بممل تفيممد الظممن‪ ،‬وهممو رجحممان‬
‫صممحة نسممبتها إلممى مممن نقلممت عنممه‪ ،‬ويخأتلممف هممذا بمماخأتلف رتبتهمما فالصممحيح لممذاته ليممس كالحسممن لغيم مره‪.‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وذلك بأنه لو أفاد خأبر كل واحد العلم لصممدقنا كممل خأمبر نسمممعه‪ ،‬ونحمن ل نصممدق كممل خأمبر نسمممعه‪،‬‬
‫فدل على أنه ل يفيد العلم‪ ،‬ولن أعدل رواة الحاد يجوز في حقه الكذب والغلط‪ ،‬فالقطع بصدقه مع تجممويز‬
‫الكذب والغلط عليه ل معنى له‪.‬‬
‫وهناك قممول آخأمر‪ ،‬وهممو أن أخأبممار الحماد تفيمد العلممم‪ ،‬وهممو ممذهب الظاهريمة‪ ،‬وقمد نصمره ابممن حممزم)‪.(5‬‬
‫وهو قول جماعة من أهل الحديث‪ ،‬ولهم أدلممة ذكرهمما ابمن القيمم فمي كتممابه )الصمواعق المرسمملة علممى الجهميممة‬
‫والمعطلة()‪.(6‬‬
‫والمخأتممار أن أخأبممار الحمماد تفيممد الظممن‪ ،‬وربممما أفممادت العلممم بممالقرائن مثممل أن تتلقمماه المممة بممالقبول‬
‫تصديق ا له وعملا به‪ ،‬أو كونه مروي ا في الصحيحين‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( انظر روضة الناظر مع شرحها )‪.(1/268‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح النووي علجى صحيح مسلجم )‪.(1/177‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الصدر السابق )‪.(1/246‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر أصل العتقاد ص ‪ 57‬رسالة الديث حجة بنفسه ف العقائد والحكاما لللبان‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( الحكاما ف أصول الحكاما لبن حزما )‪.(1/107‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( انظر أصل العتقاد للجدكتور عمجر الشقر ص ‪.42‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪106‬‬
‫قمموله‪) :‬وينقسممم إلممى مرسممل ومسممند( أي أن أخأبممار الحمماد تنقسممم إلممى مرسممل ومسممند‪ ،‬وهممذا باعتبممار‬
‫اتصال السند وانقطاعه‪ .‬فالمسند لغة‪ :‬اسممم مفعمول مممن السممناد‪ ،‬وهمو ضممم جسمم إلمى آخأممر‪ ،‬ثمم اسممتعمل فممي‬
‫المعاني يقال‪ :‬أسند الخأبر إلى فلن إذا نسبه إليه‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فالمسند ما اتصل إسناده( هذا تعريف المسند‪.‬‬
‫اصممطلحاا‪ :‬وهممو ممما اتصممل إسممناده‪ ،‬والم مراد بالتصممال أن يممروي شممخأص عممن شممخأص إلممى المخأممبر‬
‫عنه‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬قول البخأاري رحمه ال في صحيحه‪ :‬حدثنا عبد الم بمن يوسمف قال‪ :‬أخأبرنما مالمك عمن ابمن‬
‫شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي ال عنه‪ ،‬أن رسول ال ‪ ‬قال‪) :‬من أدرك ركعة‬
‫من الصلة فقد أدرك الصلة()‪.(1‬‬
‫وتعريمف المصمنف للمسممند فيممه عمموم‪ ،‬لنممه يشممل كممل مما اتصممل إسممناده ممن روايمة إلممى منتهمماه‪ ،‬بممأن‬
‫ذكر في السند رواته كلهم فيدخأل فيه الموقوف إذا جاء بسند متصل)‪.(2‬‬
‫وأكثر ما يستعمل المسند في المرفوع إلى النبي ‪ ‬دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والمرسل ما لم يتصل إسناده(‬
‫المرسل لغة‪ :‬اسم مفعول مشتق ممن الرسمال‪ :‬وهمو الطلق فكأن المرسمل أطلمق السمناد ولمم يقيمده‬
‫بجميع رواته‪.‬‬
‫وأما في الصطلح‪ :‬فذكره بقوله )ما لم يتصل إسناده( وهذا عند الصوليين‪.‬‬
‫ومعنمماه‪ :‬أن يسممقط بعممض الممرواة‪ ،‬سمواء كممان السمماقط واحممدا أو أكممثر مممن أي موضممع فممي السممند‪ ،‬ففيممه‬
‫رواية الراوي عمن لم يسمع منه‪ .‬وعليه فالمرسل في اصطلح أهل الصول يشمل أنواع النقطاع‪ ،‬فيممدخأل‬
‫فيه المنقطع والمعضل‪ ،‬كما يدخأل فيه مرسل الصحابي‪.‬‬
‫قال ابن الثير‪) :‬المرسل من الحديث هو أن يروي الرجل حديث ا عمن لم يعاصره( ا هم)‪.(3‬‬
‫والمنقطع هو الذي سقط من إسناده رجل غير الصحابي‪ .‬والمعضل هو الذي سقط منه اثنان‪.‬‬
‫وأما المرسل عند المحدثين فهو ما رفعه التابعي إلى النبي ‪ ،‬وذلك بأن يسقط منه الصحابي‪ .‬وممن‬
‫أمثلتمه مما أخأرجمه مسملم فمي صمحيحه فمي كتماب المبيوع قمال‪ :‬حدثن محممد بمن ارفمع ثنما حجيمن ثنما الليمث عمن‬
‫عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول ال ‪ ‬نهى عن المزابنة والمحاقلة)‪.(4‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 555‬ومسلجم رقم ‪.607‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر شرح النخمبة للجحافظ ابن حجر ص ‪.58‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( جامع الصول )‪.(1/115‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪.1539‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪107‬‬
‫فسممعيد بممن المسمميب تممابعي كممبير روى هممذا الحممديث عممن النممبي ‪ ‬بدون أن يممذكر الواسممطة بينممه وبيممن‬
‫الرسول ‪ ‬وهو الصحابي‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فمإن كمان ممن م ارسميل غيمر الصمحابة فليمس بحجمة( همذا بيمان حكمم الحتجماج بالمرسمل‪ .‬وقمد‬
‫ذكر المصنف حكم مرسل غير الصحابي‪ ،‬وسكت عن مرسل الصحابي وذلك لنه حجة عند جماهير أهل‬
‫العلم قال الحافظ‪) :‬وهو الذي عليه عمل أئمة الحديث( ا هم)‪.(1‬‬
‫وذلك لن مرسل الصحابي موصول مسند‪ ،‬لن روايتهم غالب ا عن الصحابة‪ ،‬والجهالة بالصحابة ل‬
‫تضر‪ ،‬لنهم كلهم عدول‪.‬‬
‫ولهذا لمم يعمد ابمن الصملح مرسمل الصمحابي ممن الحمديث المرسمل‪ ،‬لنمه فمي حكمم الموصممول المسمند‬
‫فقمال‪) :‬لممم نعممد فممي أنمواع المرسممل ونحمموه ممما يسمممى فممي أصممول الفقممه‪ :‬مرسممل الصممحابي‪ ،‬مثممل ممما يرويممه ابممن‬
‫عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول ال ‪ ‬ولم يسمعوه منمه‪ ،‬لن ذلممك فممي حكمم الموصممول المسممند‪،‬‬
‫لن روايتهم عن الصحابة‪ ،‬والجهالة بالصحابي غير قادحة‪ ،‬لن الصحابة كلهم عدول‪ ،‬وال أعلم()‪.(2‬‬
‫ومرسل الصحابي‪ :‬هو ما أخأبر به الصحابي عن قول النبي ‪ ‬أو فعله ولم يسمعه أو يشمماهده‪ ،‬لنممه‬
‫لم يدرك زمانه إما لصغر سنه أو لتأخأر إسلمه أو غيابه ‪ .‬ومثاله مما أخأرجمه البخأماري فمي صمحيحه بسمنده‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان أول ما بدئ به رسول ال ‪ ‬الرؤيا الصمادقة فمي النموم‪ ،‬فكمان ل يمرى‬
‫رؤيا إل جاءت مثممل فلمق الصممبح ‪ . . .‬الحممديث ()‪ (3‬فهمذا ممن م ارسميل الصمحابة‪ ،‬لن عائشمة لممم تممدرك هممذه‬
‫القصة‪ ،‬لنها ولدت بعد المبعث بأربع أو خأمس سنين)‪.(4‬‬
‫ومثمماله – أيضم ا – ممما أخأرجممه البخأمماري بسممنده عممن ابممن الزبيممر أنممه خأطممب فقممال‪ :‬قممال محمممد ‪) :‬من‬
‫فه ذا مرسممل صممحابي لن عبممد الم م بممن الزبيممر ولممد عممام‬ ‫)‪(5‬‬
‫لبممس الحريممر فممي الممدنيا لممن يلبسممه فممي الخأم مرة(‬
‫الهجرة)‪.(6‬‬
‫وقد ذكر الحافظ في الفتح)‪ (7‬أنه تبين من الروايتين اللتين أوردهما البخأماري بعمد همذا المرسمل أن ابمن‬
‫الزبير إنما حمله عن النبي ‪ ‬بواسطة عمر رضي ال عنه‪ ،‬وذكر الحافظ أنه لم يقف فممي شمميء مممن الطممرق‬
‫المتفقة عن عمر أنه رواه بلفظ )لن( بل الحديث عنه في جميع الطرق بلفظ )لم( وال أعلم‪.‬‬

‫)( النكت علجى ابن الصلح )‪ (2/548‬وانظر المجوع شرح الهذب )‪.(1/62‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( مقدمة ابن الصلح ص ‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(1/23‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر الصابة لبن حجر )‪.(12/38‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪.(1/23‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( الصابة )‪.(6/83‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( فتح الباري )‪ (10/289‬وقد ذكر الافظ ثالثاة من مراسيل ابن الزبي فمجن أرادها رجع إليا‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪108‬‬
‫قال السيوطي في تدريب الراوي‪) :‬وفي الصممحيحين مممن م ارسمميل الصممحابة ممما ل يحصمى‪ ،‬لن أكمثر‬
‫روايمماتهم عممن الصممحابة‪ ،‬وكلهممم عممدول‪ ،‬وروايمماتهم عممن غيرهممم نممادرة‪ ،‬إواذا رووهمما بينوهمما‪ ،‬بممل أكممثر ممما رواه‬
‫الصحابة عن التابعين ليس أحاديث مرفوعة‪ ،‬بل إسرائيليات أو حكايات أو موقوفات( ا هم)‪.(1‬‬
‫هممذا فممي م ارسمميل الصممحابة‪ .‬وأممما م ارسمميل غيممر الصممحابة كمرسممل التممابعي ففيممه خألف‪ ،‬وقممد ذكممر‬
‫المصنف أنها ليست بحجة‪ ،‬وذلك للجهل بالساقط في السناد لحتممال أنمه تمابعي‪ ،‬ثمم يحتممل أنمه ضمعيف‪.‬‬
‫وبتق ممدير ك ممونه ثق ممة يحتم ممل أن ممه روى ع ممن ت ممابعي أيضم ماا‪ ،‬ويحتم ممل أن ممه ض ممعيف وهك ممذا‪ ،‬وه ممذا ق ممول جمه ممور‬
‫المحدثين‪ ،‬وكثير من أهل الصمول والفقهماء‪ .‬يقمول الممام مسملم رحممه الم فمي مقدممة صمحيحه‪) :‬والمرسمل‬
‫من الروايات في أصل قولنا وقمول أهمل العلمم بالخأبمار ليمس بحجمة()‪ (2‬ومثمل ذلمك حكمى ابمن عبمد المبر وابمن‬
‫)وانممما ذكممر المرسممل فممي قسممم المممردود للجهممل‬
‫الصمملح والنممووي وغيرهممم‪ .‬قممال ابممن حجممر فممي شممرح النخأبممة إ‬
‫المحذوف( ا هم)‪.(3‬‬
‫وذهب الئمة الثلثة‪ :‬مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنمه إلمى قبمول المرسمل إذا كمان المرسمل‬
‫ثقممة‪ ،‬ول يرسممل إل عممن ثقممة‪ ،‬وحجتهممم أن التممابعي الثقممة ل يسممتحل أن يقممول‪ :‬قممال رسممول الم ‪ . . . ‬إل إذا‬
‫سمعه من ثقة‪.‬‬
‫وقممال بعممض أهممل العلممم ومنهممم الشممافعي‪ :‬يحتممج بم ارسمميل كبممار التممابعين الممذين أكممثر روايتهممم عممن‬
‫الصممحابة كسممعيد بممن المسمميب وعممروة بممن الزبيممر‪ ،‬وذلممك بشممرط أن يعضممده مرسممل آخأممر أو قممول صممحابي أو‬
‫قياس أو يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم)‪.(4‬‬
‫وقممد مشممى المصممنف علممى القممول بممالمنع ولممم يسممتثن إل م ارسمميل سممعيد بممن المسمميب‪ ،‬وعلممل ذلممك بممأنه‬
‫فتممش عنهمما فوجممد أن سممعيدا أسممقط الصممحابي‪ ،‬وع ازهمما للنممبي ‪ ‬والغالب أن يكممون الصممحابي هممو صممهره أبممو‬
‫زوجتممه أبممو هريمرة رضممي الم عنممه‪ .‬والمفتممش لهمما هممو الشممافعي رحمممه الم علممى ممما نقلممه المصممنف فممي كتممابه‬
‫وال أعلم‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫)البرهان(‬
‫واعلم ممم أن المصم ممنف لمم مما نم ممص علم ممى أن مرسم ممل غيم ممر الصم ممحابي ليم ممس بحجم ممة فهم ممم منم ممه أن مرسم ممل‬
‫الصحابي حجة‪ ،‬كما تقدم فيكون ذكر حكم النوعين‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( تدريب الراوي )‪.(1/207‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( صحيح مسلجم )‪.(1/245‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شرح النخمبة ص ‪.41‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر الرسالة للجشافعي ص ‪ 461‬وانظر تفصيل هذه الشروط ف كتاب )الديث الرسل( للجدكتور ممجد حسن هيتو ص ‪ 36‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( البهان )‪.(1/411‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪109‬‬
‫صيغ أداء الحديث‬

‫)والعنعنة تدخأل على السانيد‪ .‬إواذا ق أر الشيخ يجوز للراوي أن يقمول‪ :‬حمدثني أو أخأمبرني‪ .‬إواذا قم أر همو علممى‬
‫الشيخ يقول‪ :‬أخأبرني ول يقول حدثني‪ .‬إوان أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول‪ :‬أجازني وأخأبرني إجازة(‪.‬‬
‫لممما فممرغ المصممنف مممن بيممان أقسممام الخأممبر شممرع فممي ذكممر كيفيممة تحملممه وأدائممه وللحممديث تحمممل وأداء‪.‬‬
‫فالتحمل‪ :‬أخأذ الحديث عن الغير‪ .‬والداء‪ :‬إبلغ الحديث إلى الغير‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والعنعنة تدخأل على السانيد( العنعنة من صيغ أداء الحديث‪ ،‬وهي رواية الحديث بلفممظ عممن‬
‫فلن عن فلن دون تصريح بالتحديث أو السماع‪.‬‬
‫وق مموله )ت ممدخأل الس ممانيد( أي عل ممى الح مماديث المس ممندة‪ ،‬وه ممذا يفي ممد أن الح ممديث المعنع ممن ف ممي حك ممم‬
‫الحديث المسند في القبول والعمل به‪ ،‬ل في حكم المرسل في رده وعدم العمل بممه‪ ،‬وذلممك لتصممال سممنده فممي‬
‫الظمماهر‪ ،‬إوانممما نب ممه عليممه دون غيم مره لوقمموع الخألف ف ممي حكممم المعنع ممن‪ ،‬فممالجمهور عل ممى أن المعنعممن م ممن‬
‫المتصل‪ ،‬كما ذكر المصنف بشرطين‪:‬‬
‫الول متفق عليه‪ :‬وهو سلمة معنعنمه وبراءتمه ممن التمدليس‪ ،‬فل يحكمم بالتصمال ممن ممدلس إل أن‬
‫يصرح بالتحديث‪.‬‬
‫الثماني مخأتلمف فيمه‪ :‬وهمو لقماء المراوي لمممن روى عنممه واجتماعهممما ولممو ممرة واحمدة‪ ،‬وبممه قمال البخأماري‬
‫وشيخأه ابن المديني وغيرهما من أئمة الحديث‪ .‬وهذا الرأي هو المخأتار الصحيح الذي عليه أئمة هذا الفممن‪،‬‬
‫ما قال النووي في شرح مسلم)‪ :(1‬ومنهم من اكتفممى بإمكممان اللقماء والمعاصمرة كالممام مسمملم‪ ،‬والمعنعممن كممثير‬
‫في الصحيحين وغيرهما‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬ما أخأرجه البخأاري في صحيحه قال‪ :‬حدثنا عبد الم بمن يوسمف قال‪ :‬أخأبرنما مالمك عمن ابمن‬
‫شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال‪ :‬سمعت رسول ال ‪ ‬ق أر في المغرب بالطور)‪.(2‬‬
‫فهممذا الحممديث صممحيح وسممنده متصممل‪ .‬وأممما العنعنممة فهممي محمولممة علممى التصممال‪ ،‬لن رواتممه غيممر‬
‫مدلسممين‪ ،‬فمالممك إمممام حممافظ‪ ،‬وابممن شممهاب الزهممري فقيممه حممافظ متفممق علممى جللتممه إواتقممانه‪ ،‬ومحمممد بممن جممبير‬
‫ثقة‪.‬‬
‫ثم ذكر المؤلف ألفاظ الرواية من غير الصحابي‪ ،‬ولها مراتب بعضها أقوى من بعض‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫قراءة الشيخ على التلميذ ليروي عنه‪ ،‬فيق أر الشيخ على الرواة وهم يسمعون‪ .‬وهذه المرتبة‬ ‫‪(1‬‬
‫هي الغابة في التحمل‪ ،‬وللراوي في هذه المرتبة أن يقول‪ :‬حدثني فلن أو أخأبرني‪.‬‬

‫)( شرح صحيح مسلجم )‪.(1/242‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 731‬وأخرجه مسلجم رقم ‪.463‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪110‬‬
‫قمراء التلميممذ علممى الشمميخ وهممو يسمممع‪ .‬فيقممول‪ :‬نعممم أو يسممكت‪ .‬فتجمموز الروايممة عنممه بممذلك‬ ‫‪(2‬‬
‫فيقول التلميذ‪ :‬أخأبرني أو حدثني قراءة عليه‪ .‬وهل يسوغ له ترك )قراءة عليه(؟‬
‫قممولن‪ :‬المصممنف ومممن وافقممه يممرى المنممع‪ ،‬لنممه لممم يحممدثه‪،‬لن التحممديث فممي عرفهممم عبممارة عممن ق مراءة الشمميخ‬
‫وغيمره يسمممع ‪ .‬والقمول الثماني‪ :‬الجمواز لن القصمد العلم بالروايمة عممن الشمميخ‪ ،‬وكممل ممن الصميغتين صمالح‬
‫لذلك‪ .‬والول قال به مسلم‬
‫وهو مذهب الشافعي وأصحابه ورواية عن أحمد‪ ،‬وبالثاني قال البخأاري وبعض أهل العلم‪.‬‬
‫الجازة‪ :‬وهي أن يأذن الشيخ للتلميذ أن يروي عنه ما رواه‪ ،‬كأن يقول لمه‪ :‬أجمزت لمك أن‬ ‫‪(3‬‬
‫تروي عني صحيح البخأاري‪ .‬فيقول التلميذ‪ :‬أجازني‪ ،‬أو أخأبرني إجازة‪.‬‬
‫وقمموله‪) :‬مممن غيممر قمراءة( أي مممن غيممر قمراءة مممن الشمميخ علممى المراوي ول مممن المراوي علممى‬
‫الشيخ‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫القي مماس‬

‫)وأما القياس‪ :‬فهو رد الفرع إلى الصل في الحكم بعلة تجمعهما‪ .‬وهو ينقسم إلى ثلثة أقسممام‪ :‬قيمماس علممة‪،‬‬
‫وقيسا دللة‪ ،‬وقياس شبه‪ .‬فقيماس العلمة‪ :‬مما كممانت العلمة فيمه موجبممة للحكممم‪ .‬وقيماس الدللمة‪ :‬همو السمتدلل‬
‫بأحد النظيرين على الخأر‪ ،‬وهو أن تكون العلة دالة على الحكم‪ ،‬ول تكون موجبة للحكم‪ .‬وقياس الشبه هممو‬
‫الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبه ا به‪ ،‬ول يصار إليه مع إمكان ما قبله(‪.‬‬
‫هممذا هممو الصممل ال اربممع مممن الصممول الممتي يسممتدل بهمما وهممو القيمماس‪ ،‬وخأممالف فيممه الظاهريممة وآخأممرون‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬ليس من الصول لنه ل يفيد إل الظن‪.‬‬
‫والصواب مع الجمهور‪ ،‬فإن القياس يثير ظين ا غالب ا يعمل بممه فمي الحكممام الشمرعية‪ ،‬وقمولهم‪ :‬ل يفيمد‬
‫إل الظن‪ ،‬نقول‪ :‬خأبر الواحد ونحوه ل يفيد إل الظن في الصل‪ ،‬ومع هذا يستدل به‪.‬‬
‫وقد دل على اعتبار القياس دليلا كتاب ال تعالى وسنة رسوله ‪ ‬وأقوال الصحابة‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬لقد‬
‫أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ])‪ ،(1‬المي مزان ممما تمموزن بممه المممور‬
‫ويقايس بمه بينهما‪ .‬قال شميخ السملم ابمن تيميمة‪) :‬والقيماس الصمحيح ممن العمدل‪ .‬فمإنه تسموية بيمن متمماثلين‪.‬‬
‫وتفريق بين المخأتلفين ‪.(2)(. .‬‬
‫ومن السنة ما ورد عن أبي هريرة رضي ال عنه أن رجلا أتممى النممبي ‪ ‬فقال‪) :‬يا رسممول الم ولممد لممي‬
‫غلم أسود‪ .‬فقال‪ :‬هل لك من إبل؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ .‬ما ألوانها؟ قال‪ :‬حمر‪ .‬قال‪ :‬هل فيها مممن أورق؟ قممال‪:‬‬
‫نعم‪ .‬قال‪ :‬فأنى ذلك؟ قال‪ :‬لعله نزعه عرق‪ .‬قال‪ :‬فلعل ابنك هذا نزعه عرق()‪ (3‬متفق عليه‪.‬‬
‫قال ابن العربي‪) :‬فيه دليل على صحة القياس والعتبار بالنظير()‪.(4‬‬
‫ومممن أقموال الصممحابة ممما ورد فممي كتمماب عمممر بممن الخأطمماب رضممي الم عنممه إلممى قاضمميه أبممي موسممى‬
‫الشعري رضي ال عنه وفيه )ثم الفهم فيما أدلى عليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ول سمنة‪ ،‬ثمم قياس‬
‫المور عندك واعرف المثال‪ .‬ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى ال وأشبهها بالحق ‪.(5)( . .‬‬

‫)( سورة الديد‪ ،‬آية‪.25 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ممجوع الفتاوى )‪.(19/288‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 4999‬ومسلجم رقم ‪.1500‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( فتح الباري )‪.(9/444‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( هذا الكتاب من عمجر رضي ال عنه كتاب جلجيل القدر تلجقاه العلجمجاءا بالقبول‪ .‬وقد شرحه ابن القيم رحه ال ف أعلما الوقعيم‪ .‬وف ملجة البحوث السلمية‬ ‫‪5‬‬

‫العدد السابع عشر تقيق هذا الكتاب وبيان ما تضمجنه من توجيهات للجقضاة للجدكتور ناصر الطريفي ص ‪.254 – 196‬‬
‫‪112‬‬
‫ونقممل ابممن القيممم فممي أعلم الممموقعين عممن المزنممي مممن كبممار الشممافعية أنممه قممال‪) :‬الفقهمماء مممن عصممر‬
‫الرسممول ‪ ‬إل ى يومنمما وهلممم جم م ار اسممتعملوا المقمماييس فممي الفقممه فممي جميممع الحكممام فممي أمممر دينهممم( وقممال‪:‬‬
‫)وأجمعوا على أن نظير الحق حق‪ ،‬ونظير الباطل باطل()‪.(1‬‬
‫قوله‪) :‬وأما القياس فهو رد الفرع على الصل ‪.(. .‬‬
‫القياس لغة‪ :‬التقدير والمسماواة‪ .‬تقمول‪ :‬قسمت الثموب بالمذراع إذا قمدرته بمه‪ ،‬وفلن ل يقماس بفلن أي‬
‫ل يساوي به‪.‬‬
‫واصممطلحاا‪) :‬رد الفممرع إلممى الصممل فممي الحكممم بعلممة تجمعهممما(‪ ،‬والبمماء فممي قمموله‪) :‬بعلممة( سممببية أي‬
‫بسبب علة‪ ،‬ومعنى رد الفرع إلى الصل جعله مساوي ا له وراجع ا إليه فممي الحكممم‪ ،‬حيممث إن الفممرع لممم يممرد فممي‬
‫بيممان حكمممه نممص ول إجممماع‪ ،‬لن موضمموع القيمماس طلممب أحكممام الفممروع المسممكوت عنهمما‪ ،‬الممتي لممم يممرد فيهمما‬
‫نص ول إجماع‪ ،‬فإذا وجدت علة الصل في الفرع أعطي حكم الصل‪.‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫ومثمماله‪ :‬قيمماس الرز علممى الممبر فممي جريممان الربمما ‪ ،‬والعلممة الممتي تجمعهممما هممي الطعممم والكيممل مث ا‬
‫وقياس العبد على المة في تنصيف حد الزنا بجامع الممرق فممي كمل منهممما‪ .‬ودليمل الصممل آيممة سمورة النسماء‪.‬‬
‫كما تقدم في التخأصيص‪.‬‬
‫وأركان القياس أربعة‪:‬‬
‫‪ (1‬الفممرع‪ ،‬وهممو المحممل الممذي يمراد إثبممات الحكممم فيممه‪ ،‬ويسمممى المقيممس‪ .‬وهممو الرز فممي المثممال الول‬
‫والعبد في المثال الثاني‪.‬‬
‫‪ (2‬الصل‪ ،‬وهو المحل المعلوم بثبوت الحكم فيه‪ ،‬ويسمى المقيس عليه‪ ،‬وهو البر‪ ،‬والمة‪.‬‬
‫‪ (3‬والحكممم‪ ،‬وهممو المممر المقصممود إلحمماق الفممرع بالصممل فيممه‪ .‬وهممو جريممان الربمما فممي المثممال الول‪.‬‬
‫وتنصيف الحد في الثاني‪.‬‬
‫‪ (4‬العلة‪ ،‬وهي المعنى المشترك بيمن الصمل والفممرع المقتضممي إثبمات الحكمم فمي الفممرع‪ .‬وهمي الطعممم‬
‫والكيل مثلا في الول‪ ،‬والرق في الثاني‪.‬‬
‫قوله‪) :‬وهو ينقسم إلى ثلثة أقسام( لما ذكر تعريف القياس شرع في تقسيمه بحسب علته‪ .‬فذكر أنممه‬
‫ثلثة‪ :‬قياس العلة وقياس الدللة‪ ،‬وقياس الشبه‪ .‬وعرف كل قسم منها‪.‬‬
‫قوله )فقياس العلة‪ :‬هو ما كانت العلة فيه موجبة الحكم(‪.‬‬
‫أي‪ :‬هو ما كانت العلة الممتي تجمممع الفممرع والصممل فممي الحكممم )موجبممة الحكممم( أي‪ :‬مقتضممية للحكممم‪،‬‬
‫بمعنى أنه ل يحسمن تخألممف الحكمم عنهما فممي الفمرع بممأن توجمد همي فممي الفمرع ول يوجممد الحكممم‪ .‬ومثماله‪ :‬قيماس‬

‫)( أعلما الوقعيم )‪.(1/205‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر نثر الورود علجى مراقي السعود )‪.(2/451‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪113‬‬
‫ف ])‪ (1‬والحكممم‬
‫ضممرب الوالممدين أو أحممدهما علممى التممأفيف المنصمموص عليممه فممي قمموله تعممالى‪[ :‬فل تقل لهما أ د‬
‫هو التحريم‪ ،‬والعلة هي اليذاء‪ .‬فل يحسن عقلا تخألف الحكمم فمي الفمرع بمأن يبماح الضمرب‪ ،‬ويمنمع التمأفيف‬
‫مع وجود العلة في الفرع على أتم وجه)‪ .(2‬وهذا على قول من يممرى أن ثبمموت الحكممم فممي الفممرع فممي هممذا القسممم‬
‫بطري ممق القي مماس فيك ممون بطري ممق المنط مموق ونق ممل ف ممي البره ممان)‪ (3‬ع ممن أك ممثر الص مموليين أن ممه بطري ممق مفه مموم‬
‫الموافقممة‪ ،‬وهممو أن يوافممق المسممكوت عنممه المنطمموق فممي الحكممم‪ ،‬وقممد يكممون أولممى وقممد يكممون مسمماويا والضممرب‬
‫أولى بالتحريم من التأفيف‪.‬‬
‫والمشمهور أن قيماس العلمة همو الجمممع بيمن الفمرع والصممل بنفممس العلممة‪ ،‬كممما إذا قلنمما‪ :‬يجممري الربما فمي‬
‫ل‪ .‬وهو إما جلي أو خأفي‪ ،‬وما ذكمره المصممنف هممو مممن قيمماس‬
‫الرز قياس ا على البر بجامع الطعم والكيل مث ا‬
‫العلة الجلي‪ ،‬وهو ما علم من غير معاناة وفكر)‪.(4‬‬
‫قموله‪) :‬وقيماس الدللممة‪ :‬هممو السمتدلل بأحمد النظيريممن علمى الخأمر‪ ،‬وهممو أن تكممون العلمة دالمة علمى‬
‫الحكممم ول تكممون موجب ممة للحك ممم( قمموله‪) :‬هممو السممتدلل( أي ه ممو أن يس ممتدل بأح ممد النظيريممن عل ممى النظي ممر‬
‫الخأممر‪ .‬والممراد بممالنظيرين‪ :‬الشمميئان المتشمماركان فممي الوصمماف كاشممتراك الشممنان والممبر فممي وصممف الكيممل‪،‬‬
‫وقوله‪) :‬أن تكون العلة دالة على الحكم( أي على ثبوت الحكم في الفرع‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬ول تكون موجبة للحكم( أي ل تكون مقتضية لثبوت الحكم كما في قياس العلة‪.‬‬
‫ومثمماله‪ :‬قيمماس الشممنان)‪ (5‬علممى الممبر فممي جريممان الربمما بجممامع الكيممل‪ .‬فالعلممة وهممي الكيممل دالممة علممى‬
‫الحكم‪ ،‬وهو جريان الربمما فممي الشمنان‪ ،‬ولكنهمما ليسمت موجبمة لثبموت الحكمم فمي الفممرع‪ ،‬لجمواز خألممو الفمرع عممن‬
‫هذا الحكم‪ ،‬لحتمال إيجاد فرق بين الصل والفرع‪ ،‬بأن البر مطعوم والشنان غير مطعوم‪.‬‬
‫والمشمهور أن قياس الدالمة همو الجممع بيمن الصمل والفممرع بمدليل العلمة‪ ،‬ل بالعلمة نفسمها‪ :‬كالشمدة فمي‬
‫الخأمر أو الرائحة‪ ،‬فإن الشدة أو الرائحمة ليسمت همي العلمة‪ .‬سممي بمذلك لن الممذكور دليمل العلمة‪ .‬وقمد يكمون‬
‫أثر العلة كأن يقمال‪ :‬القتمل بمثقمل يموجب القصماص‪ :‬كالقتمل بمحمدد بجامع الثمم‪ ،‬وهمو أثمر العلمة المتي همي‪:‬‬
‫القتل العمد العدوان‪ .‬وقد يكون حكم العلة كأن يقال‪ :‬تقطع الجماعة بالواحممد‪ ،‬كممما يقتلمون بمه بجمامع وجمموب‬
‫الديممة‪ .‬وهممو حكممم العلممة‪ ،‬ول منافمماة بيممن هممذا وممما ذكممر المصممنف لج مواز تعممدد الصممطلح أو اخأتلفممه وال م‬
‫أعلم)‪.(6‬‬
‫)( سورة السراءا‪ ،‬آية‪.23 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ويسمجى هذا قياس الول وهو أن يكون ثابوت الكم ف الفرع أول منه ف الصل كهذا الثال أو مساويال له كقياس تري إتلف اليتيم باللجبس علجى تري إتلفه‬ ‫‪2‬‬

‫بالكل انظر حاشية البنان )‪.(2/224‬‬


‫)( البهان )‪.(2/573‬‬ ‫‪3‬‬

‫) ( انظر تفصيل ذلك ف البحر اليط )‪.(5/36‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( الشنان‪ :‬بفتح المجزة وكسرها شجر معروف كان يستعمجل قديال ف غاسل الثياب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( انظر الشرح الكبي للجورقات للجعبادي )‪.(2/474‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪114‬‬
‫قوله‪) :‬وقياس الشبه‪ :‬هو الفرع المتردد بين أصلين(‪.‬‬
‫مثاله)‪ :(1‬العبد‪ .‬هل يملك بالتمليك أو ل؟ وهمل إذا قتممل فيمه الديممة أو القيممة؟ فهمو مممتردد بيممن أصمملين‬
‫مخأتلفي الحكم‪.‬‬
‫الول الحممر فالعبممد يشممبه الحممر مممن حيممث إنممه إنسممان مكلممف يثمماب ويعمماقب وينكممح ويطلممق‪ ،‬وتلزمممه‬
‫أوامر الشرع ونواهيه‪.‬‬
‫الصممل الثمماني‪ :‬المممال أو البهيمممة كممما عممبر بعضممهم‪ ،‬فهممو يشممبه هممذا الصممل مممن حيممث إنممه يبمماع‬
‫ويوهب ويوصى به ويرهن ويورث وغير ذلك من أحوال المال‪.‬‬
‫فالعبممد فممرع أشممبه الحممر فيملممك بالتمليممك وفيممه الديممة‪ ،‬وهممذا الصممل الول‪ ،‬وأشممبه البهيمممة فل يملممك‬
‫بالتمليك وفيه القيمة‪ .‬وهذا الصل الثاني‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬فيلحممق بأكثرهممما شممبها بممه( أي يلحممق هممذا الفممرع بممأكثر الصمملين شممبها بممه فممي صممفات منمماط‬
‫الحكم‪ .‬وهو المال‪ .‬فيأخأذ حكمه ‪ . .‬لنه يشبهه في الحكم والصفة مع ا أكثر مما يشبه الحر فيهما‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ول يصار إليه مع إمكان ما قبله( هذه العبارة ثابتة في بعض النسخ‪ ،‬ومعناها‪ :‬أن هممذا النمموع‬
‫من القياس أضعف من الذي قبله‪ ،‬فل يصار إليممه مممع إمكمان القسممين الوليمن‪ ،‬إذ ليمس بيمن الفمرع والصممل‬
‫علة مناسبة‪ ،‬سوى أنه يشبهه في أكثر الحكام‪ ،‬مع أنه ينازعه أصل آخأر‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( انظر أمثلجة أخرى ف شرح الروضة لبن بدران )‪ (2/296‬ومذكرة الشنقيطي ص ‪.266‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪115‬‬
‫من شروط القيمماس‬

‫)وم ممن ش ممرط الف ممرع أن يك ممون مناس ممب ا للص ممل‪ .‬وم ممن ش ممرط الص ممل أن يك ممون ثابتم م ا ب ممدليل متف ممق علي ممه بي ممن‬
‫الخأصمين‪ .‬ومن شرط العلة أن تطرد في معلولتها فل تنتقمض لفظما ول معنمى‪ .‬وممن شمرط الحكمم أن يكمون‬
‫مثل العلة في النفي والثبات‪ .‬والعلة هي الجالبة للحكم‪ ،‬والحكم هو المجلوب للعلة(‪.‬‬
‫لما ذكر تعريف القياس وأقسامه ذكر بعض شروط أركان القياس‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬ومممن شممرط الفممرع أن يكممون مناسممبا للصممل( أي‪ :‬ومممن شممروط الفممرع لنممه مفممرد مضمماف فهممو‬
‫للعممموم‪).‬ولم منن( للتبعيممض‪ ،‬لن لممه شممروط ا أخأممرى‪ .‬والظهممر أن الم مراد بالمناسممبة‪ :‬المناسممبة فممي العلممة بممأن‬
‫تكون علة الحكم وصف ا مناسب ا لكل من الصممل والفممرع‪ ،‬مثممل تشممويش الفكممر وانشممغال القلممب وصممف مناسممب‬
‫لمنع الحاقن من القضاء قياسا على منع الغضبان منه‪ ،‬وكالستعجال في قياس قتممل الموصممى لممه للموصممي‬
‫علمى قتمل الموارث مممورثه‪ ،‬وكالسممكار وصممف مناسممب لتحريمم النبيمذ قياسم ا علممى الخأمممر)‪ ،(1‬وعلمى هممذا فيغنمي‬
‫ع ممن ذكم مره م مما تق ممدم ف ممي التعري ممف م ممن ق مموله )بعل ممة تجمعهم مما( إل أن يق ممال‪ :‬إن الش ممرطية ق ممد ل تس ممتفاد م ممن‬
‫التعريف؛ لن هذه الورقات وضعت للطالب المبتدئ الذي هو قريب الغفلة عن استفادة ذلك من التعريف‪.‬‬
‫ويحتمممل أن يمراد بالمناسممبة كممون حكممم الفممرع مممماثلا لحكممم الصممل‪ ،‬كقيمماس القتممل بالمثقممل علممى القتممل‬
‫بالمحدد في وجوب القصاص‪ .‬فالحكم في الصل هو عين الحكم في الفرع‪ ،‬ذكره في غاية المرام)‪.(2‬‬
‫وقممد ذكممر الشمموكاني أن مممن شممروط الفممرع مسمماواة علتممه لعلممة الصممل‪ ،‬ومسمماواة حكمممه لحكممم الصممل‪،‬‬
‫فهذا يفسر به كلم المصنف)‪ .(3‬فل يقاس التفاح على البر في جريان الربا‪ ،‬لن الفرع ليس مساوي ا للصل‬
‫في العلة‪ ،‬وهي الكيل مثلا حيث إن التفاح ليس مكيلا وال أعلم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ومن شرط الصل أن يكون ثابت ا بدليل متفممق عليممه بيممن الخأصمممين( هممذا شممرط لحكمم الصممل‬
‫كممما عممبر بممه غيمره‪ ،‬ومعنممى ذلممك أن يكممون حكممم الصممل الممذي يمراد إثبمماته للفممرع ثابتم ا بممدليل نممص أو إجممماع‪،‬‬
‫متفق عليه بين الخأصمممين المتنمازعين‪ ،‬لن البحممث بينهممما فمإذا ذكممر المسممتدل الحكممم مقترنما بمدليله ممن نمص‬
‫أو إجمال لم يشترط موافقة الخأصم‪ ،‬لن دللة النص الصريح أو الجماع على الحكم يؤمن معه النتشار‪.‬‬
‫إوانممما شممرط ذلممك لئل يمنممع الخأصممم الحكممم فيحتمماج الخأممر علممى إثبمماته فيكممون انتقممالا مممن مسممألة علممى‬
‫مسألة أخأرى‪ ،‬وينتشر الكلم فيفوت المقصود‪.‬‬

‫)( يكثر ف كتب الصول ذكر هذا الثال‪ .‬وفيه نظر لن النب ‪ ‬صرح بأن كل مسكر حراما‪ .‬ومن شرط الفرع أل يكون منصوصال علجى حكمجه‪ .‬ومن ل يشتط‬ ‫‪1‬‬

‫ذلك ييز هذا القياس فانظر الشرح الكبي )‪) (2/287‬أضواءا البيان )‪.((3/312‬‬
‫)( غااية الراما ص ‪.198‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر إرشاد الفحول ص ‪ ،209‬غااية الراما شرح مقدمة الماما للجتلجمجسان ص ‪.197‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪116‬‬
‫ومثاله قول الحنبلي‪ :‬جلد الميتة نجس فل يطهر بالدباغ كجلد الكلب‪ .‬فيقول الحنفممي‪ :‬ل أسمملم حكممم‬
‫الصل‪ ،‬وهو أن جلد الكلب ل يطهر بالدباغ‪ ،‬بل هو يطهر به عندي‪.‬‬
‫فحكممم الصممل المقيممس عليممه ليممس متفقم ا عليممه بينهممما‪ ،‬فل يصممح القيمماس‪ ،‬وهممذا مممن القموادح فممي بمماب‬
‫القياس‪ ،‬ويسمى )المنع(‪.‬‬
‫فممإن لممم يكممن خأصممم‪ ،‬بممل أريممد مجممرد إثبممات ذلممك الحكممم فممي الفممرع‪ ،‬فالشممرط ثبمموت حكممم الصممل بممدليل‬
‫يقول به القائس وهو المثبت للقياس‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ومن شرط العلة أن تطرد في معلولتها(‪.‬‬
‫أي ومن شرط العلة ممن حيمث إلحمماق الفمرع بالصممل بواسممطتها أن تطممرد‪ ،‬ومعنممى الطمراد‪ :‬أنممه كلمما‬
‫وجدت العلة في صورة من الصور وجد معها الحكم كالكسار‪ ،‬فكلممما وجمد الكسمار فممي شميء وجممد التحريممم‬
‫فيه‪ ،‬كالكيل والطعم – مثلا – فكلما وجد الكيل والطعم في شيء حرم الربا فيه‪.‬‬
‫والمراد بمعلولتها الحكام المعللة بها كتحريم الربا في البر معلل بالكيل والطعم على أحد القوال‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬فل تنتقض لفظ ا ول معنى( هذا تفريع علممى شممرطية الطمراد‪ ،‬والنتفمماض أن يوجممد الوصممف‬
‫في صورة من الصور‪ ،‬ول يوجد معه الحكم‪ ،‬وهذا من القوادح التي تبطل القياس ويسمى )النقض(‪.‬‬
‫ول حاجة لقول المصنف )لفظاا( لنه إذا انتقض معنى انتقض لفظاا‪ ،‬بممل لممو اقتصممر المصممنف علممى‬
‫قموله )فل تنتقمض( لكفمى‪ ،‬لن العلمة ل تكمون إل معنمى‪ ،‬واللفماظ دالمة عليهما‪ ،‬ولعلمه جممع بينهمما لليضماح‬
‫والتأكيد‪ ،‬أي فل ينتقض لفظ العلة ول معناها)‪ (1‬أو يقال‪ :‬إن كانت العلة مركبة ممن عمدة أوصماف نظمر إلمى‬
‫اللفظ‪ ،‬إوان كانت أم ار واحدا نظر على معنى‪ .‬وسيأتي إن شاء ال مثال ذلك)‪.(2‬‬
‫واعلم أن المصنف عمم النقض‪ ،‬وهو تخألف الحكم‪ ،‬سواء كان المانع أو لغير مانع‪ ،‬فيفسد القيمماس‪،‬‬
‫وهو ما مشى عليه في جمع الجوامع)‪ .(3‬ونقله عن الشافعي واخأتاره جماعة‪ .‬ويرى آخأرون أن تخألف الحكممم‬
‫عممن الوصممف فيممه تفصمميل‪ :‬فممإن كممان لجممل مممانع منممع مممن تممأثير العلممة أو لفقممد شممرط تأثيرهمما‪ ،‬فل يكممون ذلممك‬
‫مبطلا للعلة‪ ،‬بل هو تخأصيص لها‪ ،‬إوال فهو نقض إوابطال‪ .‬وبه قال التلمساني في مفتاح الوصول‪ ،‬ونسممبة‬
‫الشنقيطي لكثر العلماء)‪.(4‬‬
‫ومثال النقض أن يقال‪ :‬القتل العمد العدوان علة لوجوب القصاص إجماعماا‪ ،‬لكممن ينتقممض ذلمك بقتمل‬
‫الوالد ولده‪ ،‬فمإنه ل يجممب القصماص‪ ،‬فل يقتممل بمه مممع وجمود العلممة‪ ،‬وهممي الوصماف الثلثمة‪ :‬القتمل‪ ،‬والعممد‪،‬‬
‫والعدوان‪ .‬فيقال‪ :‬إن العلممة تخألفممت لممانع وهممو البموة‪ ،‬لنهمما مانعمة مممن تممأثير العلمة فمي الحكممم‪ ،‬فل يقممال همذه‬
‫)( انظر الشرح الكبي )‪.(2/493‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر قرة العيم للجحطاب ص ‪.75‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( جع الوامع باشية البنان )‪.(2/294‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( مفتاح الوصول ص ‪ ،142‬أضواءا البيان )‪.(3/479 ،2/258‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪117‬‬
‫العلة منقوضة لتخألف الحكم عنها في هذه الصورة‪ ،‬بمل همي علمة منمع ممن تأثيرهما ممانع‪ ،‬فل تبطمل فمي غيمر‬
‫الب‪ ،‬فكلممما وجممد القتممل العمممد العممدوان مممن غيممر الب ونحمموه وجممب القصمماص‪ ،‬حيممث ل مممانع مممن تأثيرهمما‪.‬‬
‫وهذا نقض على رأي الولين‪ ،‬وتخأصيص على القول الثاني‪.‬‬
‫ومثال فقد الشرط‪ :‬الزنا علة الرجم إجماعاا‪ .‬وشرطه‪ :‬الحصان‪ .‬فإذا تخألف الحكمم – وهمو الرجمم –‬
‫مع وجود العلة – وهي الزنا – فل يقال‪ :‬إنها علة منقوضة‪ ،‬بل علة تخأتلف شرط تأثيرها‪.‬‬
‫إوان كان تخألفها لغير ذلك لم يصمح التعليمل بهما‪ ،‬كمما لمو قيمل‪ :‬تجمب الزكماة فمي المواشمي قياسم ا علمى‬
‫الموال بجامع دفع حاجة الفقير ‪ .‬فيقال ‪ :‬إن التعليل بدفع حاجة الفقير قد تخألف الحكمم عنهما فمي الجمواهر‬
‫كممالللي لصمملحيتها لممدفع حاجممة الفقيممر‪ ،‬ومممع هممذا فل زكمماة فيهمما‪ ،‬فهممي علممة منقوضممة حيممث وجممد المعنممى‬
‫المعلل به‪ ،‬وهو دفع حاجة الفقير‪ ،‬ولم يوجد الحكم وهو وجوب الزكاة‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬ومممن شممرط الحكممم أن يكممون مثممل العلممة فممي النفممي والثبممات( الممراد بممالحكم حكممم الصممل مممن‬
‫حيث صحة إلحاق الفرع فيه بسبب علته‪ ،‬أي‪ :‬وممن شممروط الحكمم أن يكممون تابعم ا للعلمة فمي النفممي والثبممات‬
‫أي في الوجود والعدم‪ ،‬فإن وجدت العلة وجد الحكم‪ ،‬إوان انتفت انتفى‪ .‬وهذا الشرط أعم من الشرط الممذكور‬
‫فممي العلممة‪ ،‬لن ذاك خأمماص بوجممود الحكممم عنممد وجممود العلممة‪ ،‬وهممذا عممام للوجممود والنتفمماء‪ ،‬فممالول هممو الطممرد‪،‬‬
‫والثمماني هممو العكممس‪ .‬وهممذا إن كممان الحكممم معللا بعلممة واحممدة‪ :‬كتحريممم الخأمممر لعلممة السممكار‪ ،‬فمممتى وجممد‬
‫السكار وجد التحريم‪ ،‬ومتى انتفى السكار انتفمى التحريمم‪ ،‬فمإن كمان للحكمم علمل متعمددة لمم يلمزم ممن انتفماء‬
‫علة معينة منها انتفاء الحكم‪ ،‬فيثبت بالعلمة الخأمرى كممالبول والغمائط والنمموم لنقمض الوضمموء‪ ،‬فلممو عمدم البمول‬
‫والغائط ثبت النقض بالنوم‪.‬‬
‫واعلم أن ظاهر كلم المصنف اشتراط النعكاس في العلممة‪ ،‬ومعنمماه كلممما انتفممت العلممة انتفممى الحكممم‪،‬‬
‫ومن يشترط ذلك يمنع تعليل الحكم بعلتين‪ ،‬لنه إذا انتفت علة لم ينتف الحكم لوجود العلممة الخأممرى وقيامهمما‬
‫مقامها‪.‬‬
‫والصم ممحيح أن ذل م ممك ل يش م ممترط إوان ك م ممان هم ممو الغ م ممالب‪ .‬ونس م ممبه فم ممي الش م ممرح الكم ممبير للورق م ممات إل م ممى‬
‫الجمهور)‪ ،(1‬فيجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين وذلك لوقوعه‪ ،‬ولن العلة علمة على وجود الحكم‪ ،‬ول مممانع‬
‫من تعدد العلمات‪.‬‬
‫ومثماله ممما تقمدم مممن تعليممل إيجمماب الوضمموء بمالبول والغممائط والريمح والنمموم‪ ،‬ومثمماله أيضما تعليمل حرممة‬
‫النكاح بالقرابة والصهر والرضاع‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والعلة هي الجالبة للحكم( هذا أحد تعمماريف العلممة‪ ،‬وهممي الركممن ال اربممع مممن أركممان القيمماس كممما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫)( الشرح الكبي )‪.(2/497‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪118‬‬
‫ثم إن أريد بالجالبة للحكم أي بمذاتها فغيمر صمحيح‪ ،‬لن الم تعمالى ل يحملمه علمى شمرع الحكمم سموى‬
‫إرادته جل وعل‪ ،‬يخألق ما يشاء ويخأتار‪.‬‬
‫إوان أريد أن الشارع جعلها جالبمة للحكمم فهمذا ل بمأس بمه‪ .‬ولكمن التعمبير )بالمعرفمة للحكمم( أولمى ممن‬
‫الجالبممة للحكممم للحتمممال المممذكور‪ ،‬وذلممك لن العلممة معرفممة لوجممود الحكممم‪ ،‬فمممتى عرفممت العلممة عممرف ثبمموت‬
‫الحكممم معهمما‪ ،‬بسممبب أن بينهممما مناسممبة تقتضممي ترتيممب الحكممم عليهمما‪ ،‬فالسممكار علممة أي أن هممذا الوصممف‬
‫علمة معيرفة على حرمة المسكر كالخأمر والنبيذ‪ .‬فالخأل قبل أن يصير مسك ار مباح‪ ،‬فإذا ظهممرت فيممه القمموة‬
‫المسكرة وصار خأم ار حرم‪ .‬فعلة التحريم وهي السكار تدل على ترتب الحكم عليها وتعلقه بها‪ ،‬فإن وجممدت‬
‫وجد‪ ،‬إوان لم توجد لم يوجد الحكم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والحكم هو المجلوب للعلة( هذا تعريف الحكم وهو أحد أركان القياس كما تقدم‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن الحكم هو ما جلبته العلة واقتضته من تحريم وتحليل وصممحة وفسمماد ووجمموب وانتفمماء‬
‫ونح ممو ذل ممك‪ ،‬فتحري ممم الخأم ممر حك ممم ش ممرعي اقتض ممته العل ممة وه ممي الس ممكار‪ .‬إوانم مما ك ممان الحك ممم مجلوبم م ا للعل ممة‬
‫لمناسبتها له‪ ،‬فإنه ما ثبت حكم الصل في الفرع إل بسبب هذه العلة وال أعلم‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الحظممر والباحممة‬

‫)وأما الحظر والباحة فمن الناس من يقول‪ :‬إن أصل الشمياء علمى الحظمر إل مما أبماحته الشمريعة‪ .‬فمإن لمم‬
‫يوجد في الشريعة ما يمدل علممى الباحممة يتمسمك بالصمل وهمو الحظممر‪ .‬وممن النمماس مممن يقممول‪ :‬بضممده‪ ،‬وهمو‬
‫أن الصل في الشياء على الباحة إل ما حظره الشرع ]ومنهم من قال بالتوقف[(‪.‬‬
‫قول )وأما الحظر والباحة( معطوف على قوله في أول الورقات )وأما أقسام الكلم( فهو مممن جملممة‬
‫ما أراد تفصيله بعد إجماله‪.‬‬
‫والمم مراد بممالحظر‪ :‬المنممع‪ .‬والباحممة ضممده‪ .‬وهممذه المسممألة)‪ (1‬وهممي مسممألة العيممان المنتفممع بهمما ذكممر‬
‫المصنف فيها ثلثة أقوال‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن الشممياء المنتفممع بهمما علممى الحظممر إل ممما دلممت الش مريعة علممى إبمماحته فهممو مبمماح‪ ،‬فممإن لممم‬
‫يوجد في الشريعة ما يدل على الباحة فمإنه يتمسممك بالصممل وهممو الحظمر‪ ،‬واحتمج القممائلون بممذلك بممأن جميمع‬
‫الشياء مملوكة ل جل وعل‪ ،‬والصل في ملك الغير منع التصرف فيه إل بإذنه‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن الصل في المنافع الباحة إل ما حظره الشرع‪ .‬ومن أدلة قمموله تعممالى‪[ :‬هو الذي‬
‫خلق لكم ما في الرض جميعا ])‪ (2‬ووجه الدللة‪ :‬أن ال تعالى امتن على خألقممه بممما فممي الرض جميعماا‪ ،‬ول‬
‫يمتن إل بمباح إذ ل منة في محرم‪ ،‬وخأص من ذلك بعض الشياء وهي الخأبممائث لممما فيهمما مممن الضممرر لهممم‬
‫في معاشهم أو معادهم‪ ،‬فيبقى ما عداها مباحا بموجب الية‪.‬‬
‫ب ذو‬
‫وقممال تعممالى‪[ :‬والرض وضــعها لل نــام )‪ (10‬فيهــا فاكهــة والنخــل ذات الكمــام )‪ (11‬والحــ د‬
‫العصف والريحان )‪ (3)] (12‬فامتن ال تعالى على النام بممأن وضمع لهمم الرض‪ ،‬وجعمل لهمم فيهما أرزاقهممم‬
‫من القوت والتفكه‪.‬‬
‫وعن سعد بن أبي وقاص رضي ال عنه أن النبي ‪ ‬قال‪) :‬إن أعظممم المسمملمين جرمم ا مممن سممأل عممن‬
‫شيء لم يخأيرم فحرم من أجل مسألته()‪.(4‬‬
‫ووجه الدللة من وجهين‪:‬‬
‫‪ (1‬أن الشياء ل تحيرم إل بتحريم خأاص لقوله‪) :‬لم يحرم(‪.‬‬
‫‪ (2‬أن التحريم قد يكون لجل المسألة‪ .‬فبين بهذا أنها بدون ذلك ليست محرمة‪.‬‬

‫)( انظر كتاب )السائل الشتكة بيم أصول الدين وأصول الفقه( للجدكتور ممجد العروسي ص ‪.84‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.29 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الرحن‪ ،‬اليات‪.12 – 10 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخرجه البخماري رقم ‪ 6859‬ومسلجم رقم ‪ 2358‬وأبو داود رقم ‪.4610‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪120‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬التوقف )وهذا ثابت في بعض النسخ( ودليلمه أن المبماح مما أذن فيمه صمماحب الشمرع‪،‬‬
‫والمحظور ما حرمه صاحب الشرع‪ ،‬فإذا لم يمرد الشمرع وجمب أل يكمون مباحما ول محظمو ارا‪ ،‬فموجب أن يكمون‬
‫على التوقف‪.‬‬
‫والقول الثاني أرجح القوال في المسألة لقوة أدلته‪ .‬ومما علممل بممه الولممون ضممعيف ل يقمف فمي مقابلممة‬
‫النصوص‪ .‬وأما الثالث ففيه نظر‪ ،‬فإن ال تعالى خألق لنا وسخأر [ما في السموات وما في الرض جميعــال‬
‫منه ])‪ (1‬نسمتفيد منهمما‪ ،‬فالتصممرف فيهما ينبغممي أن يكمون مباحم ا بهممذا الصممل العممام‪ ،‬وقممد نصممر القممول بالباحممة‬
‫شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال)‪.(2‬‬
‫واعلممم أن المسممألة خأاصممة بالعيممان المنتفممع بهمما‪ ،‬وكلم المصممنف عممام حيممث عممبر بالشممياء‪ ،‬وهممي‬
‫تشمل المنافع والمضار‪ ،‬كممما تشممل القموال والفعمال‪ ،‬وقمد فصمل شمارح الورقمات جلل المدين المحلمى وبيمن‬
‫حكم المنافع وأنه الحل‪ ،‬والمضار وأنه التحريم‪ ،‬وقال‪ :‬إن هذا هو الصحيح)‪ .(3‬وال أعلم‪.‬‬

‫)( سورة الاثاية‪ ،‬آية‪.13 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر ممجوع الفتاوى )‪.(21/535‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شرح الورقات ص ‪.29‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪121‬‬
‫استصحمماب الحممال‬

‫)ومعنى استصحاب الحال‪ :‬أن يستصحب الصل عند عدم الدليل الشرعي(‪.‬‬
‫الستصحاب من الدلمة المخأتلمف فيهما‪ .‬وقمول المصنممف ) ومعنممى استصمحاب الحمال ( يشعممر بممأن‬
‫الستصممحاب تقممدم لممه ذكممر كغي مره مممن المبمماحث السممابقة‪ .‬وليممس كممذلك لن المصممنف لممم يممذكره فممي مجمممل‬
‫البواب أول الورقات‪ ،‬وكان النسب أن يعنون له بمسألة ونحوها‪.‬‬
‫والستصحاب لغة‪ :‬طلب الصحبة كالستسقاء طلب السقيا‪ ،‬والصحبة مقارنة الشيء ومقاربته‪.‬‬
‫واصطلحاا‪ :‬هو الحكم بأن ما ثبت في الزمن الماضي‪ ،‬فالصل بقاؤه في الزمن المستقبل‪.‬‬
‫فإذا ثبت شيء فالمستدل يطلب صحبته في الحال والستقبال حتى يدل دليل على رفعه‪.‬‬
‫فلو ادعى شخأص على آخأر دينا لم تقبل دعواه‪ .‬ويكون القول قول المدعى عليه استصحابا للحال‪.‬‬
‫إذ الصل براءة الذمة من الحقوق المالية حتى يدل دليل على خألف ذلك‪.‬‬
‫والستصحاب أنواع‪:‬‬
‫الول‪ :‬استصحاب العدم الصلي‪ ،‬حتى يرد الدليل الناقل عنه‪ ،‬وهذا النوع هو الممذي ذكمره المصممنف‬
‫بقوله‪) :‬أن يستصحب الصل عند عدم الدليل الشرعي(‪ .‬والمراد بالصمل‪ :‬العمدم الصملي‪ .‬وهمو مما يسممى‬
‫بممالبراءة الصمملية‪ .‬فالصممل ب مراءة الذمممة مممن التكمماليف الشممرعية حممتى يممرد دليممل شممرعي علممى تغيي مره‪ :‬كنفممي‬
‫صلة سادسة‪ .‬وعدم وجوب صوم رجب‪.‬‬
‫وقمموله‪) :‬عنممد عممدم الممدليل الشممرعي( الممراد بعممدم الممدليل باعتبممار ممما يظهممر للمجتهممد ل بممالنظر للواقممع‬
‫ونفس المر‪ .‬فإذا بحث المجتهد ولم يجد الدليل استصحب البراءة الصلية‪.‬‬
‫وهممذا النمموع حجممة‪ .‬قممال السممبكي فممي البهمماج شممرح المنهمماج‪) :‬والجمهممور علممى العمممل بهممذا‪ ،‬وادعممى‬
‫بعضهم التفاق( ا هم)‪ (1‬وقد ذكر المصنف أنه حجة في كلمه على ترتيب الدلة كما سيأتي إن شاء ال‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الستصحاب الذي ديل الشرع على ثبمموته ودوامممه كاستصممحاب الطهمارة بنمااء علممى ممما مضمى‬
‫مممن الوضمموء حممتى يثبممت نمماقض‪ ،‬واستصممحاب بقمماء النكمماح بنمماء علممى عقممد الممزواج الصممحيح شممرعاا‪ ،‬وبقمماء‬
‫الملك في المبيع بناء على عقمد الممبيع الصممحيح شمرعاا‪ ،‬وبقمماء شممغل ذممة مممن أتلممف شمميئ ا بنمماء علمى مما صممدر‬
‫منه من إتلف‪ .‬فالحكم بذلك استصحاب للحكم الذي دل المدليل الشمرعي علمى ثبموته ودواممه‪ .‬ولمم يقمم دليمل‬
‫على تغييره‪.‬‬

‫)( الباج )‪.(3/168‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪122‬‬
‫وهم ممذا النم مموع ل خألف فم ممي وجم مموب العمم ممل بم ممه عنم ممد الصم مموليين علم ممى أن يثبم ممت معم ممارض لم ممه‪ .‬قم مماله‬
‫الزركشي)‪.(1‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬استصحاب الدليل مع احتمال المعارض‪ .‬فالعموم يستصحب إلممى أن يممرد تخأصمميص‪.‬‬
‫صممص تعطيممل للش مريعة‪ .‬والنممص يستصممحب إلممى أن يممرد نسممخ‪ .‬ومممن‬
‫لن تعطيلممه بممدعوى البحممث عممن مخأ ي‬
‫أمثلة ذلك أن فريقا من أهل العلمم قالوا بجمواز نكماح الزانيمة قبمل وضمع حملهما‪ .‬والصمحيح عمدم الجمواز لقموله‬
‫تعم ممالى‪[ :‬وأولت الحمـــال أجلهـــدن أن يضـــعن حملهـــدن ])‪ (2‬فيجم ممب استصم ممحاب هم ممذا العمم مموم حم ممتى يثبم ممت‬
‫تخأصيصه بما يدل على جواز الصورة المذكورة)‪.(3‬‬
‫النمموع ال اربممع‪ :‬استصممحاب الحكممم الثممابت بالجممماع فممي محممل الخألف‪ ،‬وهممذا النمموع ارجممع إلممى حكممم‬
‫الشرع‪ .‬بأن يتفق على حكم في حالة‪ ،‬ثم تتغيممر صممفة المجمممع عليممه‪ .‬ويخأتلمف المجمعممون فيممه‪ .‬فيسممتدل مممن‬
‫لم يغير الحكم باستصحاب الحال‪.‬‬
‫ومثممال ذلممك‪ :‬اسممتدلل مممن يقممول‪ :‬إن المممتيمم إذا رأى الممماء فممي أثنمماء صمملته ل تبطممل صمملته‪ .‬لن‬
‫الجممماع منعقممد علممى صممحتها قبممل ذلممك‪ .‬فاستصممحب هممذا الجممماع إلممى أن يممدل دليممل علممى أن رؤيممة الممماء‬
‫مبطلة‪.‬‬
‫وهذا النوع هو محل الخألف‪ .‬فأكثر الحنابلة وأصحاب أبممي حنيفممة والشممافعي علممى أنممه ليممس بحجممة‪.‬‬
‫لن الجماع إنما ديل علمى دوام الصملة حمال العمدم‪ .‬فأما ممع وجمود المماء فهمو مخأتلمف فيمه‪ ،‬ول إجمماع ممع‬
‫الخأتلف‪.‬‬
‫وقال بعض الصمموليين والفقهماء‪ :‬إنمه حجممة‪ .‬وبمه قمال داود الظماهري واخأتماره الممدي وابمن الحمماجب‬
‫وابن القيم وغيرهم‪ .‬قال الشوكاني‪) :‬والقول الثاني هو الراجح‪ ،‬لن المتمسك بالستصحاب با ن‬
‫ق علممى أصممل‬
‫قائم في مقام المنع‪ ،‬فل يجب عليه النتقال عنه إل بدليل يصلح لذلك‪ ،‬فمن ادعاه جاء به()‪.(4‬‬
‫لكن نوقش ذلك بأن البقاء على الصل القمائم إنمما يكممون ممع النممص أو العقممل‪ .‬أمما حيممن يكمون دليلممه‬
‫الجمماع فل‪ .‬لن الجممماع فمي مسممألة المتيمم – مثلا – مشمروط بالعممدم‪ .‬فل يكمون دليلا عنممد الوجممود‪ .‬والم‬
‫أعلم‪.‬‬

‫)( البحر اليط )‪ (6/20‬وانظر أصول الفقه السلمي للجزحيلجي )‪.(2/863‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الطلق‪ ،‬آية‪.4 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر أضواءا البيان )‪.(6/83‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر أعلما الوقعيم )‪ (1/341‬رسالة ف أصول الفقه للجعكبي ص ‪ 136‬إرشاد الفحول ص ‪ 238‬أدلة التشريع الخمتلجف ف الحتجاج با للجدكتور عبد العزيز‬ ‫‪4‬‬

‫الربيعة ص ‪ 303‬وانظر الشرح المجتع علجى الزاد للجشيخ ممجد بن عثيمجيم )‪.(1/341‬‬
‫‪123‬‬
‫ومممن الدلممة علممى صممحة السممتدلل بالستصممحاب ممما عممدا النمموع ال اربممع قمموله تعممالى‪[ :‬فمــن جــاءه‬
‫موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى ال ])‪ .(5‬ووجممه الدللممة‪ :‬أنممه لممما نممزل تحريممم الربمما خأممافوا مممن‬
‫الموال المكتسبة من الربا قبل التحريم‪ ،‬فبينت الية أن مما اكتسمبوا قبمل التحريمم علمى المبراءة الصملية‪ ،‬فهمو‬
‫حلل ول حرج عليهم فيه)‪.(6‬‬
‫وم ممن الدل ممة أن م مما ثب ممت ف ممي الزم ممان الول م ممن وج ممود أم ممر أو ع ممدمه ول ممم يظه ممر زوال ممه‪ ،‬ف ممإنه يل ممزم‬
‫بالضرورة والبداهة أن يحصل الظن ببقائه كما كان‪ .‬والعمل بالظن واجب)‪.(3‬‬
‫ومن الدلمة – أيضما – قيام الجمماع علمى اعتبمار الستصمحاب فمي كمثير ممن الفمروع الفقهيمة كبقماء‬
‫الوضوء والحدث والزوجية والملك – ما تقدم – مع وجود الشك في رافعها)‪.(4‬‬
‫هذا وقد استنبط الفقهاء بعض القواعد من الستصحاب وأدلته ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ (1‬الصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت تغييره‪.‬‬
‫‪ (2‬الصل في الشياء النافعة الباحة‪.‬‬
‫‪ (3‬الصل في الشياء الضارة التحريم‪.‬‬
‫‪ (4‬اليقين ل يزول بالشك‪.‬‬
‫‪ (5‬الصل براءة الذمة من التكاليف والحقوق‪.‬‬
‫‪ (6‬الصل في الذبائح التحريم‪.‬‬
‫‪ (7‬الصل في العقود والشروط الصحة إل ما أبطله الشارع‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك ل يتسع له المقام وال أعلم‪.‬‬

‫)( سورة البقرة‪ ،‬آية‪.275 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( مذكرة الشنقيطي ص ‪.159‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أصول الفقه السلمي )‪.(2/869‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الصدر السابق )‪.(2/870‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪124‬‬
‫ترتيممب الدل ممة‬

‫)وأممما الدلممة فيقممدم الجلممي منهمما علممى الخأفممي‪ ،‬والممموجب للعلممم علممى الممموجب للظممن‪ ،‬والنطممق علممى القيمماس‪،‬‬
‫والقياس الجلي على الخأفي‪ .‬فإن وجد في النطق ما يغير الصل إوال فيستصحب الحال(‪.‬‬
‫قوله‪) :‬وأما الدلة( أي وأما ترتيب الدلة كما ذكر ذلك في أول الورقات‪.‬‬
‫والدلممة جم ممع دليممل‪ ،‬والمم مراد بممه هن مما ممما تثب ممت ب ممه الحكممام الش ممرعية م ممن الكت مماب والس ممنة والجممماع‬
‫والقيمماس‪ ،‬وكممذا قممول الصممحابي علممى أحممد القممولين‪ ،‬والستصممحاب علممى القممول المخأتممار‪ .‬ومممن المعلمموم أن‬
‫الدلممة الشممرعية متفاوتممة فممي القمموة فيحتمماج إلممى معرفممة القمموى ليقممدم علممى غي مره عنممد التعممارض‪ ،‬ولهممذا كممان‬
‫الولى بالمصنف أن يذكر هذه الكلممات اليسميرة ممع التعمارض المتقمدم بحثمه‪ ،‬لن ترتيمب الدلمة يحتاج إليمه‬
‫عنممد التعممارض‪ ،‬وهممذا ممما فعلممه المؤلفممون فممي أصممول الفقممه‪ ،‬ولعممل المصممنف أخأممر موضمموع الممترتيب إلممى هنمما‪،‬‬
‫لنه يجري في الدلة الربعة التي آخأرها القياس‪ .‬فلما فرغ من الدلة شرع في بيان الترجيح بينها‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فيقدم الجلي منها على الخأفي( أي يقدم من أدلة الكتاب والسنة )الجلممي( وهممو ممما اتضممح منممه‬
‫الم مراد )الخأفممي(‪ .‬وهممو ممما خأفممي الم مراد منممه‪ ،‬وذلممك كالظمماهر والمممؤول‪ ،‬س مواء كممان الظمماهر ظمماه ار بنفسممه أو‬
‫بالدليل كما تقدم في بابه‪ ،‬كما يقدم اللفممظ المسممتعمل فممي الحقيقمي علمى المسمتعمل فمي معنمماه المجمازي‪ ،‬لن‬
‫الحقيقي هو الظاهر من اللفظ‪.‬‬
‫وهذا على القول بوقوع المجاز في القرآن‪ ،‬وتقدم بيان ذلك‪.‬‬
‫قوله‪) :‬والموجب للعلم على الموجب للظن( أي ويقدم ما يفيمد العلمم وهمو اليقيمن علمى مما يفيمد الظمن‪،‬‬
‫وذلك كالمتواتر والحاد‪ ،‬فإن المتواتر يفيد العلم‪ ،‬والحاد يفيد الظن‪،‬كما مضى في الخأبار ‪ ،‬وما أفاد العلممم‬
‫صماا‪ .‬فإن الحماد يخأصمص المتمواتر‪ ،‬كمما فمي‬ ‫أظهر مما أفاد الظنس إل أن يكون المتواتر عايمم ا والحماد خأا ي‬
‫قوله تعالى‪[ :‬يوصيكم ال في أولدكم ])‪ (1‬مع حديث "ل يمرث المسملم الكمافر‪ ،‬ول الكمافر المسملم" وتقمدم ذلمك‬
‫في الخأاص‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬والنطممق علممى القيمماس( أي ويقممدم النطممق علممى القيمماس‪ ،‬والممراد بممالنطق قممول الم تعممالى وقممول‬
‫ص‬
‫الرسمول ‪ ،‬كمما تقممدم تعريفمه فمي التخأصمميص‪ ،‬فيقممدم ذلمك علمى القيماس إل إن كممان النمص عايممما فمإنه يخأم ي‬
‫بالقياس‪ ،‬ومثاله تقدم في التخأصيص‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬والقيمماس الجلممي علممى القيمماس الخأفممي( القيمماس الجلممي ممما نممص علممى علتممه أو أجمممع عليهمما أو‬
‫كان مقطوعا فيه بنفي الفارق بين الفرع والصل‪.‬‬

‫)( سورة النساءا‪ ،‬آية‪.11 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪125‬‬
‫ومممن أمثلتممه قيمماس إحمراق مممال اليممتيم علممى أكلممه المنصمموص عليممه فممي آيممة سممورة النسمماء فممي التحريممم‬
‫بجامع التلف إذ ل فرق بينهما‪.‬‬
‫والقياس الخأفي ما ثبتت علته بالسمتنباط‪ ،‬ولممم يقطمع بنفممي الفممارق بيممن الفممرع والصمل‪ ،‬كمما تقممدم فمي‬
‫ل‪ ،‬فإنه لم يقطع بنفي الفارق لحتمال أن يقممال‪ :‬إن‬
‫قياس الشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل مث ا‬
‫البر مطعوم‪ ،‬والشنان غير مطعوم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فإن وجد في النطق ما يغير الصل إوال فيستصحب الحال(‪ :‬أي أن وجد في الكتاب والسممنة‬
‫ص م ما فإننم مما نعمم ممل‬
‫مم مما يغيم ممر الصم ممل وهم ممو الم ممبراءة الصم مملية عمم ممل بم ممالنص وتم ممرك الصم ممل‪ ،‬إوان لم ممم نجم ممد ن ي‬
‫بالستصحاب‪ ،‬وهو العدم الصلي كما تقدم‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫شممروط المفتممي‬

‫)ومن شرط المفتي أن يكون عالم ا بالفقه أصلا وفرعاا‪ ،‬خألفم ا وممذهباا‪ ،‬وأن يكمون كاممل اللمة فمي الجتهماد‪،‬‬
‫عارف ما بممما يحتمماج إليممه فممي اسممتنباط الحكممام مممن النحممو واللغممة ومعرفممة الرجممال وتفسممير اليممات ال مواردة فممي‬
‫الحكام والخأبار الواردة فيها(‪.‬‬
‫لما فرغ المصنف من الكلم على الدلة شمرع يتكلمم علمى صمفات ممن يشمتغل بالدلمة وهمو المجتهمد‪،‬‬
‫فذكر شروطه‪ ،‬وهذا مسلك لبعض الصوليين‪ ،‬وهممو تمأخأير مبحممث الجتهماد عممن مبحممث الدلمة‪ ،‬والكمثرون‬
‫قدموا باب الجتهاد على مباحث الدلة‪ ،‬لنها من عمل المجتهد‪.‬‬
‫قوله‪) :‬وممن شمرط المفمتي( أي المجتهمد‪ ،‬والمفمتي‪ :‬اسمم فاعمل ممن أفمتى الربماعي‪ ،‬ومصمدره الفتماء‪.‬‬
‫قال في القاموس‪) :‬أفتاه في المر‪ :‬أبانه له‪ .‬والفتيا والفتوى )وتفتح( ما أفتى به الفقيه( أهم‪.‬‬
‫والمراد هنا‪ :‬المخأبر عن حكم شرعي‪.‬‬
‫وللمفتي شروط ل يكون صالحا للفتاء إل بها ذكر بعضا منها‪.‬‬
‫قوله‪) :‬أن يكمون عالمم ا بمالفقه أصملا وفرعماا‪ ،‬خألفم ا ومممذهباا( هممذا الشمرط الول ممن شمروط المجتهممد‪،‬‬
‫إوانممما اشممترط علمممه بممالفقه لنممه المقصممود‪ ،‬والم مراد بممالفقه هنمما مسممائل الفقممه‪ ،‬وليممس الم مراد ممما تقممدم فممي أول‬
‫الورقات‪ ،‬وهو معرفة الحكام الشرعية لئل يصير المعنى‪ :‬أن يكون عالم ا بمعرفة الحكام وهذا غير مراد‪.‬‬
‫والم مراد بقمموله‪ :‬أص ملا وفرعماا‪ :‬أي أصممول الفقممه وفروعممه‪ .‬فأصممول الفقممه أدلممة الفقممه الجماليممة وكيفيممة‬
‫الستفادة منها وفروعه‪ :‬مسائله الجزئية‪.‬‬
‫ل( مسمامحة‪ ،‬لن‬ ‫وفي إدخأال أصول الفقه في الفقه كما يدل عليمه قموله )أن يكمون عالمم ا بمالفقه أصم ا‬
‫أصول الفقه ليس داخألا في الفقه‪ ،‬إل إن كان يريد بالصل أمهمات المسمائل المتي همي كالقواعمد‪ ،‬لكمن يفموته‬
‫التنبيه على معرفة أصول الفقه للمجتهد‪ ،‬إل أن يدخأل في قوله )كامل اللة( كما سيأتي إن شاء ال)‪.(1‬‬
‫قال ابن الجوزي‪) :‬قال العلماء‪ :‬من الواجب على الفقيه اللزم لمه طلممب الوقمموف علمى حقمائق الدلمة‬
‫وأوضاعها التي هي مباني قواعد الشرع( ا هم)‪.(2‬‬
‫وقوله‪) :‬وفرعاا( أي يعمرف المسمائل الفقهيمة التابعمة لهمذه القواعمد وغيرهما‪ ،‬وليمس الممراد حفظهما‪ ،‬إنمما‬
‫المقصود أن يحفظ جملة منها‪ ،‬ليتمكن من معرفة ما يرد عليه أثناء الفتوى‪ ،‬إذ ل يتصور العلم بجميعها‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬خألف ا ومذهباا( أي يشترط في المفتي مع علمه بالفقه وأصوله أن يكون مطلعم ا علمى خألف‬
‫العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم‪ ،‬ليذهب إلى قول من أقوالهم‪ .‬كما أنه لبد ممن معرفمة الجممماع‪،‬‬
‫لئل يفتي بخألف ما أجمع عليه‪ .‬فيكون قد خأرق الجماع‪.‬‬

‫)( انظر شرح الطاب ص ‪.80‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( اليضاح ص ‪.7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪127‬‬
‫والممراد بقمموله )ومممذهباا( ممما يسممتقر عليممه أريممه‪ ،‬وممما يسمموغ الممذهاب إليممه سسمملن العلممم بممالخألف سممبب‬
‫للعلممم بممما يسمموغ الممذهاب إليممه وهممذا إن حمممل كلمممه علممى المجتهممد المطلممق‪ .‬فممإن حمممل علممى المجتهممد المقيممد‬
‫فممالمراد بالمممذهب ممما يسممتقر عليممه رأي إمممامه‪ .‬فيجممب أن يكممون عالمم م ا بقواعممد مممذهب إمممامه‪ ،‬ليجتهممد فممي‬
‫التخأريج على أصوله‪ ،‬أو يجتهد في ترجيح بعض أقموال إمممامه علمى بعمض‪ ،‬وذكممر فمي جمممع الجواممع)‪ (1‬أنمه‬
‫ل يشترط علم المجتهد بتفمماريع الفقمه‪ ،‬لنهما إنممما تحصمل بعمد الجتهمماد فكيمف تشممترط فيممه؟! وهممذا خألف مما‬
‫عليه المصنف‪ .‬والظاهر بعض القواعد الفقهية كما تقدم‪.‬‬
‫وقمموله‪) :‬وأن يكممون كامممل اللممة فممي الجتهمماد( هممذا الشممرط الثمماني مممن شممروط المفممتي‪ ،‬والممراد بكمممال‬
‫اللممة‪ :‬صممحة الممذهن‪ ،‬وجممودة الفهممم بعممده‪ ،‬فيكممون ممما بعممده شممرط ا آخأممر‪ .‬أو يريممد بكمممال اللممة ممما ذك مره بعممده‬
‫فيكون تفسي ارا‪ .‬وهذا على أنه ل يفتي إل مجتهد‪ ،‬وبه قال جممع ممن أهمل العلمم‪ ،‬ويمرى آخأمرون أن المفمتي إذا‬
‫كممان متبح م ار فممي مممذهب إمممامه‪ ،‬فاهممما لكلمممه‪ ،‬عالممما لراجحممه مممن مرجمموحه كفممى‪ ،‬ولممو لممم يكممن مسممتطيعا‬
‫اس ممتنباط الحك ممام م ممن أدلته مما‪ ،‬وذل ممك لن اش ممتراط الجته مماد المطل ممق ف ممي المف ممتي يفض ممي إل ممى ح ممرج عظي ممم‬
‫واسترسممال الخألممق فممي أه موائهم‪ ،‬ويضمماف إلممى ذلممك ممما نشمماهده فممي واقممع المممة السمملمية مممن كممثرة الجهممل‬
‫بأحكممام الممدين فممي كممثير مممن أفرادهمما‪ ،‬وكممثرة مشمماغل المتخأصصممين فممي أحكممام الشمريعة مممما قممد يحممول بينهممم‬
‫وبين بلوغ درجمة الجتهماد‪ .‬والقضماء ممع أنمه مركمز عظيمم ل يشمترط فيمه الجتهماد‪ ،‬فليكمن المفمتي كالقاضمي‬
‫الذي ينفذ الحكام)‪ (2‬وال أعلم‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬عارف ما بممما يحتمماج إليممه فممي اسممتنباط الحكممام مممن النحممو اللغممة( أي‪ :‬لبممد أن يكممون المجتهممد‬
‫عالم ا بالقدر اللزم لفهم الكلم من اللغة والنحو‪ .‬أما اللغة فلن القرآن والسممنة بلسمان العممرب وردا‪ ،‬فل يفهممم‬
‫نصوصهما من يجهل اللغة‪ .‬وأمما النحمو فلن المعماني تخأتلمف بماخأتلف العمراب‪ .‬فلبمد ممن معرفمة النحمو‬
‫والعراب‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ومعرفة الرجال( أي‪ :‬رواة الحديث ليأخأذ برواية المقبول منهم دون المجروح‪.‬‬
‫قوله‪) :‬وتفسير اليممات المواردة فمي الحكممام والخأبمار المواردة فيهما( أي ومممن شمرط المجتهممد أن يكمون‬
‫عالم ا بنصوص الكتاب والسنة التي لها تعلمق بمما يجتهمد فيمه ممن الحكمام‪ .‬فيعمرف آيات الحكمام وتفسميرها‬
‫والحماديث المتي تتعلمق بهما الحكمام‪ .‬ول يشمترط حفظهما بمل يكفمي معرفمة مظانهما فمي أبوابهما ليراجعهما وقمت‬
‫الحاجة إليها‪.‬‬

‫)( جع الوامع )‪.(2/385‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر أعلما الوقعيم )‪ (4/212‬وقد رأي هذا الرأي جع منهم ابن السبكي فيمجا نقلجه عنه ممجد علجي بن حسيم الالكي ف كتابه )تذيب الفروق( ج ‪2‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 117‬وانظر الفت ف الشريعة للجدكتور عبد العزيز الربيعة ص ‪.12‬‬


‫‪128‬‬
‫ومن كما اللة عند المجتهد أن يكون على علم بأصول الفقه‪ ،‬لن هذا الفن هو الدعامة الممتي يعتمممد‬
‫عليها الجتهاد‪ ،‬وتقدمت الشارة إلى ذلك‪ .‬ومن شروط الجتهاد أن يكون المجتهد عالما بالناسخ والمنسوخ‬
‫لئل يعمل ويفتي بالمنسوخ وال أعلم‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫ما يشترط في المستفتي‬

‫)ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد‪ ،‬فيقلد المفتي في الفتيا‪ .‬وليس للعالم أن يقلد ]وقيل يقلد[(‪.‬‬
‫لم مما ف ممرغ المص ممنف رحم ممه الم م م ممن بي ممان ش ممروط المف ممتي ش ممرع ف ممي بي ممان م مما يش ممترط ف ممي المس ممتفتي‪،‬‬
‫والمستفتي‪ :‬اسم فاعمل ممن السمتفتاء بمعنممى طلممب الفتمموى‪ ،‬فالسمين والتماء للطلممب‪ ،‬والممراد هنما‪ :‬السمائل عممن‬
‫حكم شرعي‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد( أي‪ :‬أهممل جمواز التقليممد ل مممن أهممل الجتهمماد‪،‬‬
‫فيدخأل فيه العامي والمتعلم الذي لم يبلغ درجة الجتهاد‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬فيقلممد المفممتي فممي الفتيمما( أي‪ :‬أن المقلممد يجممب عليممه تقليممد المفممتي لقصمموره عممن إدراك الحكممام‬
‫من أدلتها‪ .‬وقوله )في الفتيا( أي‪ :‬في جواب المفتي عن السؤال الموجه إليممه مممن المسممتفتي‪ .‬ومعنممى تقليممده‪:‬‬
‫قبول قوله والعمل به كما سيأتي‪ ،‬وظاهر قوله في )الفتيا( أنه يقلده في الفتوى‪ ،‬ول يقلده في الفعل‪ ،‬فلممو رأى‬
‫الجاهل العالم يفعل فعل لم يجز له تقليده فيه حتى يسأله‪ ،‬إذ لعله فعله لمر لم يظهر للمقلد‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬وليممس للعممالم أن يقلممد( أي‪ :‬وليممس للمجتهممد أن يقلممد غيمره لتمكنممه مممن الجتهمماد إل إذا اجتهممد‬
‫بالفعممل ولممم يظهممر لممه الحكممم‪ ،‬أو نزلممت بممه حادثممة تقتضممي الفوريممة‪ ،‬فيجمموز أن يقلممد حينئممذ للضممرورة‪ .‬أممما إذا‬
‫اجتهد وأداه اجتهاده إلى حكم لم يجز له أن ينتقل عنه‪ ،‬ويقلد غيره من المجتهدين باتفاق‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬وقيل‪ :‬يقلد( هذا ثابت في بعممض النسممخ‪ .‬والظمماهر أن الخألف فيمممن لممم يجتهممد‪ ،‬فهممل لممه أن‬
‫يقلد غيره؟ الرجح أنه ممنوع من التقليد إل في الحالتين المذكورتين وال أعلم)‪.(1‬‬
‫واعلم أنه يجب على المستفتي أن يريد باستفتائه الحق والعمل به‪ .‬فل يسأل عما ل يعني‪ .‬أو يتتبممع‬
‫الرخأص أو يقصد إفحام المفتي‪ ،‬أو يقول‪ :‬أفتاني غيرك بكذا‪ .‬أو نحو ذلك من المقاصد السيئة‪.‬‬
‫ول يسممتفتي إل مممن يعلممم أو يغلممب علممى ظنممه أنممه أهممل للفتمموى‪ ،‬بممما ي مراه مممن انتصممابه للفتيمما واحممترام‬
‫الناس له وأخأذهم عنه‪ ،‬أو بخأبر عدل عنه‪ .‬وينبغي أن يخأتار أوثق المفمتين علمما وورعماا‪ .‬وقيمل‪ :‬يجممب ذلمك‬
‫لن الغرض حصول ظن الصابة‪ ،‬وهي إلى الفضل أقرب‪ ،‬وال أعلم)‪.(2‬‬

‫)( انظر غااية الراما ص ‪.216‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر الصول من علجم الصول ص ‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪130‬‬
‫التقل مميد‬

‫)والتقليمد‪ :‬قبممول قممول القائممل بل حجممة‪ .‬فعلممى همذا قبممول قمول النمبي ‪ ‬يسمى تقليمداا‪ ،‬ومنهمم مممن قمال‪ :‬التقليممد‪:‬‬
‫قبممول قممول القائممل وأنممت ل تممدري مممن أيممن قمماله‪ .‬فممإن قلنمما‪ :‬إن النممبي ‪ ‬كان يقممول بالقيمماس فيجمموز أن يسمممى‬
‫قبول قوله تقليداا(‪.‬‬
‫لما بيين المصنف أن المجتهد ل يقلد بين حقيقة التقليد‪.‬‬
‫والتقليد لغة‪ :‬وضع الشيء في العنق محيطا به‪ .‬وذلك الشيء )قلدة( والجمع )قلئد( ويطلق علممى‬
‫تفويض المر إلى الشخأص كأن المر جعل في عنقه كالقلدة‪.‬‬
‫واصطلح ا عرفه بقوله‪) :‬قبول قول القائل بل حجة( أي بل حجة يذكرها القائل للسائل‪.‬‬
‫قوله )فعلى هممذا قبمول قممول النممبي ‪ ‬يسمى تقليممداا( أي‪ :‬فعلمى همذا التعريممف يكمون قبممول قمول النمبي ‪‬‬
‫تقليممدا لنطبمماق التعريممف عليممه‪ ،‬لنممه ‪ ‬ي ذكر الحكممم‪ ،‬ول يممذكر دليممل الحكممم‪ ،‬لكممن جمماء عممن المصممنف فممي‬
‫)البرهان( خألف ذلك‪ ،‬فإنه قال‪) :‬وذهب بعضهم إلى أن التقليد قبول قول القائل بل حجممة‪ ،‬ومممن سمملك هممذا‬
‫المسمملك منممع أن يكممون قبممول قممول النممبي ‪ ‬تقلي دا فممإنه حجممة فممي نفسممه( ا هم م)‪ .(1‬ويظهممر أن مممن أطلممق عليممه‬
‫تقليدا قصد المجاز والتوسع‪ ،‬قال المدي‪ ) :‬إوان سمي ذلك تقليمدا بعمرف السمتعمال فل مشماحة فمي اللفمظ(‬
‫ا هم)‪.(2‬‬
‫قوله‪) :‬ومنهم من قال‪ :‬التقليد‪ :‬قبمول قمول القائمل وأنمت ل تمدري ممن أيمن قماله( أي ل تعمرف مأخأمذه‪.‬‬
‫وهذا يخأرج أخأذ القول مع معرفة دليله فهذا اجتهاد‪.‬‬
‫ولممو قيممل فممي تعريفممه هممو‪) :‬اتبمماع مممن ليممس قمموله حجممة( لكممان أخأصممر وأشمممل وأوضممح‪ .‬لن معظممم‬
‫الصوليين خأصصوا حدودهم بالقول‪ ،‬ول معنى للخأتصاص به‪ ،‬فمإن التبماع فممي الفعمال المبينممة كالتبمماع‬
‫في القوال)‪.(3‬‬
‫ويخأممرج بممه اتبمماع الرسممول ‪ ‬فليس تقليممدا لنممه اتبمماع للحجممة‪ ،‬وكممذا اتبمماع أهممل الجممماع لن الجممماع‬
‫حجة‪ ،‬وكذا اتباع قول الصحابي على القول بأنه حجة‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فإن قلنا‪ :‬إن النبي ‪ ‬كان يقول بالقياس‪ ،‬فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليممداا( هممذا تفريممع علممى‬
‫الحممد الثمماني الممذي ذك مره للتقليممد‪ .‬وهممو أننمما إذا قلنمما إن الرسممول ‪ ‬يج وز لممه أن يحكممم بالقيمماس أي‪ :‬يجتهممد ول‬

‫)( البهان )‪.(2/888‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الحكاما )‪.(4/227‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر الشرح الكبي )‪.(2/562‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪131‬‬
‫يقتص ممر عل ممى ال مموحي‪ ،‬ولي ممس المم مراد خأص مموص القي مماس‪ ،‬ب ممل المم مراد جم مواز مطل ممق الجته مماد كم مما عيب ممر ف ممي‬
‫البرهان)‪.(1‬‬
‫قوله‪) :‬فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليداا( أي‪ :‬لننا ل نعلم مأخأذ قوله من الجتهاد أو مممن المموحي‪،‬‬
‫إوان قلنا إنه ل يجوز له أن يجتهد فل يسمى قبوله تقليداا‪ ،‬لنا نعلم أن ما يقوله يقوله عممن وحممي‪ .‬فل ينطبممق‬
‫عليه هذا التعريف‪.‬‬
‫والصحيح أن الرسول ‪ ‬يجوز له الجتهاد‪ ،‬ول يسمى قبول قوله تقليدا كما تقدم‪.‬‬
‫أممما الجتهمماد فممي أمممر الممدنيا فهممو جممائز وواقممع بالجممماع‪ ،‬كممما حكمماه ابممن حممزم وغي مره)‪ (2‬مثممل قصممة‬
‫)‪(4‬‬
‫اجتهمماده ‪ ‬ف ي تممأبير النخأممل)‪ (3‬وأممما أمممر الشممرع فعلممى أصممح الق موال لقمموله تعممالى‪[ :‬وشاورهم في المـر ]‬
‫وطريق المشاورة‪ :‬الجتهاد‪ .‬ولنه قد وقع كما في قصة أسارى بدر)‪ (5‬وكمما فمي رجموعه ‪ ‬لقول العبماس فمي‬
‫قمموله‪) :‬إل الذخأممر( كممما تقممدم فممي مبمماحث السممتثناء فممي بمماب التخأصمميص‪ ،‬ولممو كممان ذلممك بمموحي لممم يتغيممر‪،‬‬
‫فدل على أنه باجتهاد وال أعلم‪.‬‬

‫)( انظر البهان )‪.(2/888‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر الحكاما لبن حزما )‪ (2/703‬وإرشاد الفحول )ص ‪.(255‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪.2363‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة آل عمجران‪ ،‬آية‪.159 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه مسلجم رقم ‪.1763‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪132‬‬
‫الجته مماد‬
‫)وأما الجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض‪ .‬فالمجتهد إن كان كامل اللة في الجتهاد فإن اجتهد فممي‬
‫الفممروع فأصمماب فلممه أجم مران‪ ،‬إوان اجتهممد وأخأطممأ فلممه أجممر واحممد‪ .‬ومنهممم مممن قممال‪ :‬كممل مجتهممد فممي الفممروع‬
‫مصيب‪ .‬ول يجوز أن يقال‪ :‬كل مجتهد في الصول ]الكلمية[ مصيب‪ ،‬لن ذلك يؤدي إلمى تصمويب أهمل‬
‫الضمللة مممن النصممارى والمجمموس والكفمار والملحممدين‪ .‬ودليمل ممن قمال‪ :‬ليمس كممل مجتهمد فممي الفمروع مصميبا‬
‫طا‬
‫قموله ‪" ‬من اجتهمد فأصماب فلمه أجمران‪ ،‬ومممن اجتهمد وأخأطممأ فلممه أجمر واحممد"‪ .‬وجمه المدليل‪ :‬أن النمبي ‪ ‬خأ ي‬
‫المجتهد تارة وصوبه أخأرى ]وال سبحانه أعلم[(‪.‬‬
‫لممما تكلممم عممن التقليممد وشممروط المجتهممد‪ ،‬وأن الجتهمماد يجممب علممى مممن اجتمعممت فيممه شممروطه ذكممر‬
‫تعريف الجتهاد‪ ،‬لن الجتهاد يقابل التقليد‪ .‬وهو لغة‪ :‬بذل الجهد)‪ (1‬واستفراغ الوسع لدراك أمر شاق‪ .‬ول‬
‫يستعمل إل فيما فيه مشقة‪ .‬تقول‪ :‬اجتهد في حمل الصخأرة‪ .‬ول تقول‪ :‬اجتهد في حمل العصا‪.‬‬
‫واصطلح ا عرفه بقوله‪) :‬بذل الوسع في بلوغ الغرض( والوسع‪ :‬بضم الواو‪ :‬الطاقة والقوة)‪.(2‬‬
‫وهذا تعريمف عمام‪ ،‬همو التعريمف اللغموي أقمرب‪ ،‬فلبمد ممن تقييمده بمالحكم الشمرعي‪ ،‬لن الممراد البحمث‬
‫في الجتهاد الذي همو طريمق لثبمات حكمم شمرعي‪ .‬فيكمون الممراد بمالغرض‪ :‬الحكمم الشمرعي المطلموب‪ .‬ولمو‬
‫قيده بالفقيه وقال‪ :‬بذل الفقيه وسعه لبلوغ الغرض لكان كافياا‪ ،‬كما في جمع الجوامع‪ ،‬لن الفقيه ل يتكلممم إل‬
‫في الحكام الشرعية‪ .‬وللمجتهد شروط تقدم أكثرها في الكلم على المفتي‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬فالمجتهممد إن كممان كامممل اللممة فممي الجتهمماد ‪ ( . .‬أي‪ :‬محصملا لجميممع آلت الجتهمماد كممما‬
‫تقدم بيانه‪ ،‬فيكون مستقل بمعرفة الحكام‪ .‬والظاهر أن مراده المجتهد المطلممق‪ .‬لنممه هممو الممذي يكممون كامممل‬
‫اللممة‪ ،‬ويكممون بممذلك احممترز مممن مجتهممد المممذهب ومجتهممد الفتمموى)‪ (3‬إوان لممم يتقممدم لهممما ذكممر‪ ،‬إوان كممان الممذي‬
‫يظهر جريان الحكم المذكور فيهما‪ ،‬أو يكون لدفع توهم بعض المسامحة في بعض شروط الجتهاد‪ ،‬وعلمى‬
‫كل فلو أسقط قوله )إن كان كامل اللة( لكان أولى وال أعلم‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فإن اجتهد في الفروع( المراد بها المسائل الفقهية الظنية التي ليس فيها دليل قاطع‪ .‬لن هذا‬
‫هو موضع الجتهاد‪.‬‬
‫قوله‪) :‬فأصاب فله أجران‪ ،‬إوان اجتهد فأخأطأ فله أجر واحممد( الممراد بالصممابة أن يوافممق ممما أداه إليممه‬
‫اجتهاده ما هو الحكم في الواقع‪ .‬وقوله‪) :‬أجران( أي‪ :‬نصيبان مممن الثمواب يعلمهممما الم كميمة وكيفيمة‪ :‬أجممر‬

‫)( الهد بالضم اليم‪ :‬الطاقة‪ .‬وبفتحها‪ :‬الشقة‪ .‬انظر اللجسان )‪ (3/133‬مادة )جهد(‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الصباح الني )‪.(2/659‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( التهد الطلجق من توفرت فيه شروط الجتهاد‪ .‬ومتهد الذهب هو العال بذهب إمامه التمجكن من تريجح ما ل ينص علجيه إمامه علجى منصوصه ومتهد الفتوى‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫من قصر اجتهاده علجى ما صح عن إمامه ول يتمجكن من تريجح غاي النصوص ]انظر أعلما الوقعيم ‪.[4/212‬‬
‫‪133‬‬
‫علمى اجتهماده‪ ،‬وأجممر علمى إصمابته الحمق‪ ،‬لكممونه سمين سممنة يقتمدي بهما فيتبعممه المقلمدون‪ ،‬ويظهمر الحمق‪ .‬إوان‬
‫اجتهد وأخأطأ فله أجر واحد على اجتهاده‪ ،‬وخأطؤه مغفور له‪ ،‬لنه غير مقصود إل إن قصر في الجتهاد‪.‬‬
‫وهممذا هممو القممول الصممحيح فممي المسممألة‪ ،‬أنممه ليممس كممل مجتهممد نصمميباا‪ ،‬بممل المصمميب واحممد‪ ،‬ومممن عممداه‬
‫مخأطئ‪ .‬وهو قول مالك وأبي حنيفة في قول‪ ،‬والشافعية والحنابلة‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ومنهم من قال‪ :‬كل مجتهد في الفروع مصيب( هذا القول الثاني في المسألة‪ ،‬وهو قول آخأممر‬
‫لبي حنيفة وبعض الشافعية وبعض المالكية وبعض المتكلمين‪ .‬فيكون له على هذا القول أجران‪.‬‬
‫ومنشأ الخألف هل ل تعالى في كل واقعة حكم معين في نفس المر قبل اجتهاد المجتهممد؟ أو ليممس‬
‫لممه حكممم معيممن‪ ،‬إوانممما الحكممم فيهمما ممما وصممل إليممه المجتهممد باجتهمماده؟ فأصممحاب حكمممه ممما أدى إليممه اجتهمماد‬
‫المجتهد‪ ،‬فما غلب على ظنه فهو حكم ال‪.‬‬
‫وقال الجمهور‪ :‬إن ل تعالى في كل مسألة حكما معينا قبل الجتهاد فمممن وافقممه فهممو مصمميب‪ ،‬ومممن‬
‫لم يوافقه فهو مخأطئ‪.‬‬
‫قمموله‪) :‬ول يجمموز أن يقممال‪ :‬كممل مجتهممد فممي الصممول الكلميممة مصمميب( الممراد بالصممول الكلميممة‪:‬‬
‫مسممائل العقيممدة المنسمموبة إلممى علممم الكلم‪ .‬وهممو ممما أحممدثه المتكلمممون فممي أصممول الممدين مممن إثبممات العقائممد‬
‫بالطرق التي ابتكروها وأعرضوا بها عما جاء في الكتاب والسنة)‪ .(1‬والمعنى‪ :‬أنه ل يصح أن يقممال كممل مممن‬
‫اجتهممد فممي أمممور العقائممد فهممو مصمميب‪ .‬بممل المصمميب واحممد‪ ،‬ومممن عممداه مخأطممئ‪ ،‬وقممد نقممل بعضممهم الجممماع‬
‫على ذلك‪ .‬ومخأالفة بعضهم ل يعتد بها)‪.(2‬‬
‫قوله‪) :‬لن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضممللة ممن النصمارى والمجموس والكفممار والملحمدين( هممذا‬
‫تعليل لما تقدم‪ .‬أي‪ :‬لن هذا القول يمؤدي إلمى تصمويب ممن أخأطمأ ممن أهمل الضمللة‪ .‬وأن كمل مما أدى إليمه‬
‫اجتهادهم فهو موافق لما هو الحق‪ .‬وتصويبهم باطل‪ .‬وما أدى إلى الباطل فهو باطل‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬أهل الضللة( أي‪ :‬أهل الباطل‪.‬‬
‫وقوله‪) :‬من النصارى( وهم من ينتسبون في ديممانتهم إلمى شمريعة عيسمى عليمه السملم‪ .‬وأصمملها ديمن‬
‫منمزل من ال‪ .‬لكنها حرفت وبدلت‪ .‬وهم يقولون بالتثليث‪ .‬ومعناه‪ :‬أن ال عندهم ثلثة‪ :‬الله الب‪ .‬واللممه‬
‫البن‪ ،‬والله الروح القدس‪ .‬تعالى ال عما يقولون‪.‬‬
‫وقمموله‪) :‬والمجمموس( هممم قمموم يعبممدون النممور والنممار‪ ،‬والظلمممة والشمممس والقمممر ويزعمممون أن للكممون‬
‫إلهين‪ .‬أحدهما‪ :‬النور‪ .‬والثاني‪:‬الظلمة‪.‬‬

‫)( فتح رب البية بتلجخميص المجوية لبن عثيمجيم ص ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر غاابة الراما ص ‪.323‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪134‬‬
‫وق مموله‪) :‬والكف ممار( جم ممع ك ممافر‪ .‬والكف ممر‪ :‬كف ممر أك ممبر مخأ ممرج م ممن المل ممة‪ .‬وه ممو كف ممر التك ممذيب‪ ،‬وكف ممر‬
‫السممتكبار‪ ،‬وكفممر العمراض‪ ،‬وكفممر الشممك‪ ،‬وكفممر النفمماق‪ .‬وكفممر أصممغر ل يخأممرج مممن الملممة‪ .‬ويتنمماول جميممع‬
‫المعاصي)‪.(1‬‬
‫وقوله‪) :‬والملحدين( مفرده‪ :‬ملحد وهو من كفر بالديان كلها‪.‬‬
‫قوله‪) :‬ودليل من قال‪ :‬ليس كل مجتهد في الفروع مصيباا‪ .‬قوله ‪" :‬من اجتهد فأصاب فله أجران ‪.‬‬
‫‪ .‬إلخ")‪ (2‬أي من جملة ما استدل به القمائلون بمأنه ليمس كمل مجتهمد فمي الفمروع مصميباا‪ .‬همذا الحمديث‪ .‬ووجمه‬
‫الدللة‪ :‬أن الرسول ‪ ‬جعل المجتهدين قسمين‪ :‬قسما مصيباا‪ .‬وقسما مخأطئاا‪ ،‬ولو كان كمل منهمم مصميبا لمم‬
‫يكن لهذا التقسيم معنى‪ ،‬وال أعلم‪ .‬وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)( انظر تفصيل ذلك ف كتاب )الغملجو ف الدين( ص ‪.252‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخماري برقم ‪ 6919‬ومسلجم برقم ‪ 1716‬عن عمجرو بن العاص رضي ال عنه واللجفظ الذكور ل أقف ف الكتب الستة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪135‬‬
‫أسممماء الم ارج ممع‬

‫‪ (1‬البهاج في شرح المنهاج‪ ،‬لتقمي المدين علمي بمن عبمد الكمافي السمبكي المتموفى سمنة ‪ 756‬ه م وولمده عبمد‬
‫الوهاب المتوفى سنة ‪771‬هم‪ .‬دار الكتب العلمية في بيروت‪ .‬توزيع مكتبة دار الباز‪.‬‬
‫‪ (2‬الحكممام فممي أصممول الحكممام‪ .‬لبممي محمممد علممي بممن محمممد بممن حممزم الندلسممي الظمماهري المتمموفى سممنة‬
‫‪456‬هم أشرف على طبعه أحمد شاكر‪ .‬توزيع دار العتصام‪.‬‬
‫‪ (3‬الحكام في أصول الحكام‪ .‬لسيف الدين علي بن أبي علممي بممن محمممد المممدي المتمموفى سممنة ‪631‬همم‪.‬‬
‫تحقيق د‪ .‬سيد الجميلي‪ .‬الناشر دار الكتاب العربي الطبعة الولى سنة ‪1404‬هم‪.‬‬
‫‪ (4‬آداب البحممث والمنمماظرة‪ .‬للشمميخ محمممد الميممن الشممنقيطي المتمموفى سممنة ‪1393‬ه مم‪ .‬الناشممر مكتبممة ابممن‬
‫تيمية القاهرة‪ ،‬ومكتبة العلم بجدة‪.‬‬
‫‪ (5‬أدلة التشريع المخأتلف فيها‪ .‬د‪ .‬عبد العزيز الربيعة )معاصر(‪ .‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ (6‬الحممدود النيقممة والتعريفممات الدقيقممة للقاضممي الشمميخ زكريمما بممن محمممد النصمماري المتمموفى سممنة ‪926‬ه مم‪.‬‬
‫تحقيق د‪ .‬مازن المبارك‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ (7‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الصمول‪ .‬لمحممد بمن علمي الشموكاني المتموفى سمنة ‪1250‬همم‪.‬‬
‫دار المعرفة في بيروت‪.‬‬
‫‪ (8‬الستدلل عند الصوليين‪ .‬د‪.‬علي بن عبد العزيز العميريني )معاصر(‪ .‬مكتبة التوبة‪.‬‬
‫‪ (9‬السممتقامة لبممي العبمماس أحمممد بممن عبممد الحليممم بممن تيميممة المتمموفى سممنة ‪748‬همم‪ ،‬تحقيممق د‪ .‬محمممد رشمماد‬
‫سالم‪ .‬طبعة جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪.‬‬
‫‪ (10‬الصابة في تمييز الصحابة‪ .‬لبمي الفضمل أحممد بمن علمي بمن حجمر العسمقلني المتموفى سمنة ‪852‬ه م‬
‫تحقيق‪ .‬د‪ .‬طه محمد الزيني‪ .‬الناشر مكتبة الكليات الزهرية‪.‬‬
‫‪ (11‬أصل العتقاد‪ .‬د‪ .‬عمر بن سليمان الشقر‪) .‬معاصر(‪.‬‬
‫‪ (12‬أصول السرخأسمي‪ .‬لبمي بكمر محممد بمن أبمي سمهل السرخأسمي المتموفى سمنة ‪490‬ه م تحقيمق أبمي الوفماء‬
‫الفغاني‪ .‬مطابع دار الكتاب العربي بالقاهرة )‪1372‬هم(‪.‬‬
‫‪ (13‬أصول الفقه لمحمد زكريا البرديسي )معاصر( المكتبة الفيصلية بمكة‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ (14‬أصول الفقه السلمي‪ .‬د‪ .‬وهبة الزحيلي )معاصر( دار الفكر‪.‬‬
‫‪ (15‬الصول من علم الصول‪ .‬للشيخ محمد بن صالح العثيمين‪ .‬ط‪ :‬جامعة المام‪.‬‬
‫‪ (16‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ .‬للشيخ محمد المين الشنقيطي المتوفى سنة ‪1393‬هم‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫‪ (17‬أعلم الممموقعين عممن رب العممالمين‪ .‬شمممس الممدين أبممي عبممد الم محمممد بممن أبممي بكممر المعممروف بممابن قيممم‬
‫الجوزية المتوفى سنة ‪751‬هم‪.‬‬
‫‪ (18‬الم‪ ،‬لبي عبد ال محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة ‪204‬هم‪ .‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ (19‬النجم الزاهرات علمى حمل ألفمماظ الورقمات‪ .‬لمحممد بممن عثمممان المممارديني المتمموفى سممنة ‪871‬همم‪ .‬تحقيمق‬
‫د‪ .‬عبد الكريم بن علي النملة‪ .‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ (20‬اليضاح في علوم البلغة‪ .‬للخأطيب القزويني المتوفى سنة ‪739‬هم المكتبة التجارية الكبرى بمصر‪.‬‬
‫‪ (21‬اليضمماح لقموانين الصممطلح لبممي محمممد يوسممف بممن عبممد الرحمممن بممن الجمموزي الحنبلممي المتمموفى سممنة‬
‫‪656‬هم تحقيق‪ .‬د‪ .‬فهد السدحان‪ .‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪ (22‬اليضاح لناسخ القرآن ومنسوخأه‪ .‬لمكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة ‪437‬ه م تحقيممق‪ .‬د‪ .‬أحمممد‬
‫حسن فرحات‪ .‬الطبعة الولى مطابع الرياض‪.‬‬
‫‪ (23‬البحممر المحيممط فممي أصممول الفقممه‪ .‬لبممدر الممدين محمممد بممن بهممادر بممن عبممد الم م الزركشممي المتمموفى سممنة‬
‫‪794‬هم الطبعة الثانية و ازرة الوقاف والشئون السلمية بالكويت‪.‬‬
‫‪ (24‬بدائع الفوائد لبي عبد ال محمد بمن أبمي بكمر المعمروف بمابن القيمم الجوزيمة المتموفى ‪751‬همم‪ .‬الناشمر‪:‬‬
‫مكتبة القاهرة‪ .‬الطبعة الثانية ‪1392‬هم‪.‬‬
‫‪ (25‬البرهممان فممي أصممول الفقممه لمممام الحرميممن أبممي المعممالي عبممد الملممك بممن عبممد ال م الجممويني المتمموفى سممنة‬
‫‪478‬هم تحقيق عبد العظيم الديب‪ .‬مطابع دار الوفاء بمصر‪.‬‬
‫‪ (26‬بطلن المجاز‪ .‬لمصطفى عبد الصياصنة‪) .‬معاصر( دار المعراج للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ (27‬تبصرة الحكام لبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون المتوفى سممنة ‪799‬ه م مطبمموع بهممامش )فتممح العلممي‬
‫المالك( ومطبوع وحده في مجلد‪ .‬مكتبة دار الباز‪.‬‬
‫‪ (28‬التأسمميس فممي أصممول الفقممه‪ .‬تممأليف أبممي إسمملم مصممطفى بممن سمملمة )معاصممر( الناشممر مكتبممة خأالممد بممن‬
‫الوليد بميت عقبة‪.‬‬
‫‪ (29‬تحفة الحوذي شرح جامع الترمذي‪ .‬لعبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري المتموفى سمنة ‪1353‬همم‪.‬‬
‫دار الفكر بيروت‪.‬‬
‫‪ (30‬تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي‪ .‬لجلل الدين عبمد الرحممن بمن أبمي بكمر السميوطي المتموفى سمنة‬
‫‪911‬هم تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ (31‬تسهيل المنطق‪ .‬لعبد الكريم بن مراد الثري )معاصر( دار مصر للطباعة‪.‬‬
‫‪ (32‬التعريف ممات‪ .‬لعل ممي ب ممن محم ممد الشم مريف الجرج مماني المت مموفى س ممنة ‪816‬ه م م دار الكت ممب العلمي ممة بي ممروت‪.‬‬
‫الطبعة الولى ‪1403‬هم‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫‪ (33‬تفسير القرطبي‪ :‬الجامع الحكام القرآن لبي عبد ال محمد بن أحمد النصاري القرطبي المتوفى سنة‬
‫‪671‬هم‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ (34‬تفسير ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم لسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي المتمموفى سممنة‬
‫‪774‬هم دار الشعب‪.‬‬
‫‪ (35‬التقييد واليضاح‪ .‬شرح مقدمة ابن الصمملح لزيمن المدين عبمد الرحيمم بممن الحسممين الع ارقممي المتمموفى سممنة‬
‫‪806‬هم‪ .‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ (36‬تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم للحافظ خأليل بن كيكلممدي العلئممي المتمموفى سممنة ‪761‬ه م تحقيممق د‪.‬‬
‫عبد ال آل الشيخ‪ .‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ (37‬التمهيمد فمي أصمول الفقمه لبمي الخأطماب محفموظ بمن أحممد بمن الحسمن الكلموذاني الحنبلمي المتموفى سمنة‬
‫‪510‬هم م د ارسممة وتحقيممق‪ :‬مفيممد محمممد أبممو عمشممة )ج ‪ (2 ،1‬ومحمممد بممن علممي بممن إبراهيممم )ج ‪(4 ،3‬‬
‫منشورات مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى الطبعة الولى ‪1406‬هم‪.‬‬
‫‪ (38‬التمهيد في تخأريمج الفمروع علمي الصمول‪ .‬لجممال المدين عبمد الرحيمم بمن الحسمن السمنوي المتموفى سمنة‬
‫‪772‬هم‪ .‬تحقيق محمد حسن هيتو‪ .‬طبع مؤسسة الرسالة‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ (39‬جامع الصول في أحاديث الرسول صلى ال عليه وسلم لبي السعادات المبممارك بممن محمممد بممن الثيممر‬
‫الجممزري المتمموفى سممنة ‪606‬همم‪ .‬تحقيممق عبممد القممادر الرنمماؤوط‪ .‬طبممع مكتبممة الحلمواني‪ .‬مطبعممة الملح‪.‬‬
‫مكتبة دار البيان ‪1389‬هم‪.‬‬
‫‪ (40‬جمممع الجوامممع‪ .‬لتمماج الممدين عبممد الوهمماب بممن علممي السممبكي المتمموفى سممنة ‪771‬ه مم‪ .‬طبممع مممع )حاشممية‬
‫البناني على شرح المحلي عليه( طباعة مصطفى البابي الحلبي بمصر‪.‬‬
‫‪ (41‬حاشية النفحات على شرح الورقات لحمد الخأطيب الجاوي‪ .‬طباعة مصطفى الحلبي ‪1357‬هم‪.‬‬
‫‪ (42‬الحديث المرسل‪ .‬لمحمد حسن هيتو )معاصر( دار البشائر السلمية‪.‬‬
‫‪ (43‬الحكم التكليفي‪ .‬د‪ :‬محمد أبو الفتح البيانوني )معاصر( دار القلم دمشق‪.‬‬
‫‪ (44‬الحكم الوضعي عند الصوليين‪ .‬سعيد بن علي الحميري‪ .‬المكتبة الفيصلية مكة المكرمة‪ .‬ط الولى‪.‬‬
‫‪ (45‬الرسممالة للمممام أبممي عبممد ال م محمممد بممن إدريممس الشممافعي المتمموفى سممنة ‪204‬ه مم‪ .‬تحقيممق أحمممد محمممد‬
‫شاكر‪.‬‬
‫‪ (46‬رسممالة فممي أصممول الفقممه للمممام العلمممة أبممي علممي الحسممن بممن شممهاب بممن الحسممن العكممبري الحنبلممي‬
‫المتوفى سنة ‪428‬هم تحقيق د‪ .‬موفق بن عبد القادر‪ .‬ط الولى‪.‬‬
‫‪ (47‬روضة الناظر وجنة المناظر‪ .‬لموفق الدين عبد ال بن أحمد بن قدامة المقدسي المتمموفى سممنة ‪620‬ه م‬
‫)ومعها شرحها نزهة الخأاطر العاطر( لعبد القادر بن بدران‪ .‬المطبعة السلفية بمصر ‪1342‬هم‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫‪ (48‬سممنن أبممي داود‪ .‬لبممي داود سممليمان بممن الشممعث الزدي السجسممتاني المتمموفى سممنة ‪275‬ه مم‪ .‬تحقيممق‬
‫محمد محيي الدين عبد الحميد‪ .‬المكتبة العصرية‪.‬‬
‫‪ (49‬سمنن ابممن ممماجه‪ .‬لبممي عبمد الم محمممد بمن يزيمد ممن مماجه القزوينممي المتمموفى سممنة ‪275‬ه م تحقممي محممد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ .‬طباعة مصطفى البابي الحلبي‪ .‬مصر‪.‬‬
‫‪ (50‬سنن الترمذي )جامع الترمذي( لبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمممذي المتمموفى سممنة ‪289‬همم‪.‬‬
‫تحقيممق محمممد أحمممد شماكر وتكملممة محمممد فمؤاد عبممد البمماقي وراجعممه إبراهيممم عطمموة‪ .‬الناشممر دار الحممديث‬
‫بالقاهرة‪.‬‬
‫‪ (51‬سنن النسائي‪ .‬لبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علمي النسمائي المتموفى سمنة ‪303‬ه م باعتنماء عبممد‬
‫الفتمماح أبممو غممدة‪ .‬الطبعممة الولممى المفهرسممة دار البشممائر بيممروت ‪1406‬ه مم‪ .‬وهممي مصممورة عممن الطبعممة‬
‫الول ممى المصم مرية ف ممي الق مماهرة ‪1348‬هم مم‪ .‬م ممع ش ممرح الح ممافظ جلل ال ممدين عب ممد الرحم ممن ب ممن أب ممي بك ممر‬
‫السمميوطي المتمموفى سممنة ‪911‬ه مم‪ .‬وحاشممية أبممي الحسممن نممور الممدين بممن عبممد الهممادي السممندي الحنفممي‬
‫المتوفى سنة ‪1138‬هم‪.‬‬
‫‪ (52‬السنة للحافظ أبي بكر عمر بن أبي عاصم الضممحاك بممن مخألممد الشميباني المتموفى سمنة ‪287‬همم‪.‬تحقيممق‬
‫اللباني‪ .‬المكتب السلمي‪.‬‬
‫‪ (53‬سممير أعلم النبلء‪ .‬لشمممس الممدين أبممي عبممد ال م بممن أحمممد بممن قايممماز الممذهبي المتمموفى سممنة ‪74 8‬هم م‬
‫تحقيق مجموعة من الساتذة بإشراف شعيب الرناؤوط‪ .‬مؤسسة الرسالة بيروت ‪1402‬هم‪.‬‬
‫‪ (54‬شممرح تنقيممح الفصممول فممي اخأتصممار المحصممول‪ .‬لشممهاب الممدين أحمممد بممن إدريممس الق ارفممي المتمموفى سممنة‬
‫‪684‬هم‪ .‬تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ‪ . .‬طبعة مكتبة الكليات الزهرية‪ .‬ودار الفكر ‪1393‬هم‪.‬‬
‫‪ (55‬شممرح صممحيح مسمملم‪ .‬لمحممي الممدين أبممي زكريمما يحيممى بممن شممرف النممووي المتمموفى سممنة ‪676‬همم‪ .‬مراجعممة‬
‫خأليل الميس‪ .‬دار القلم بيروت‪.‬‬
‫‪ (56‬شممرح العبممادي‪ .‬أحمممد بممن قاسممم العبممادي الشممافعي المتمموفى سممنة ‪922‬ه م م علممى شممرح الجلل المحلممي‬
‫المتوفى سنة ‪864‬هم‪ .‬على الورقات بهامش )إرشاد الفحول للشوكاني(‪ .‬دار المعرفة في بيروت‪.‬‬
‫‪ (57‬شرح العضد على مخأتصر ابن الحاجب‪ .‬للقاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد اليجممي المتمموفى‬
‫سممنة ‪756‬همم‪ .‬وبهامشممه حاشممية التفتممازاني المتمموفى سممنة ‪791‬همم‪ .‬وحاشممية الشمريف الجرجمماني المتمموفى‬
‫سنة ‪816‬هم‪ .‬دار الكتب العلمية بيروت‪.‬‬
‫‪ (58‬شرح الكوكب المنير‪ .‬لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجممار‬
‫المتوفى سنة ‪972‬هم تحقيممق محممد الزحيلممي ونزيممه حمماد‪ .‬طبمع مركممز البحممث العلمممي بمكمة‪ .‬جامعمة أم‬
‫القرى‪ .‬الطبعة الولى ‪1408‬هم‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫‪ (59‬شرح مخأتصر الروضة‪ .‬لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بممن سممعيد الطمموفي‬
‫الحنبلي المتوفى سنة ‪716‬هم‪ .‬تحقيق د‪ .‬عبد ال التركي‪ .‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ (60‬شرح الورقات‪ .‬لجلل الدين محمد بن أحمد المحلي المتوفى سنة ‪864‬هم‪ .‬المطبعممة السمملفية ومكتبتهمما‪.‬‬
‫مصر‪ .‬وينظر طبعة مكتبة الرياض الحديثة بالرياض‪.‬‬
‫‪ (61‬الصحاح لسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة ‪393‬هم تحقيمق أحمممد عبمد الغفمور عطممار‪ .‬مطمابع‬
‫دار الكتاب العربي بالقاهرة ‪1377‬هم‪.‬‬
‫‪ (62‬صحيح البخأاري‪ .‬اعتني به د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ .‬دار ابن كثير ودار اليمامة في بيروت ودمشق‪.‬‬
‫‪ (63‬صحيح مسلم لبي الحسين مسلم بن الحجاج القشمميري النيسممابوري المتمموفى سممنة ‪261‬ه م تحقيممق محمممد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ (64‬صفة الفتوى والمفتي والمستفتي لحمد بن حمدان الحراني الحنبلي المتوفى سممنة ‪695‬ه م خأممرج أحمماديثه‬
‫محمد ناصر الدين اللباني‪ .‬المكتب السلمي بدمشق الطبعة الثالثة ‪1397‬هم‪.‬‬
‫‪ (65‬ضوابط المعرفة لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني‪ .‬دار القلم بدمشق الطبعة الثالثة ‪1408‬هم‪.‬‬
‫‪ (66‬طرح التثريب في شرح التقريب لبي الفضل عبد الرحيم العراقي المتمموفى سممنة ‪806‬ه م وأكملممه ولممده أبممو‬
‫زرعة أحمد بن عبد الرحيم المتوفى سنة ‪826‬هم‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ (67‬العممدة فممي أصممول الفقممه‪ .‬للقاضممي أبممي يعلممى محمممد بممن الحسممين الف مراء الحنبلممي المتمموفى سممنة ‪458‬هم م‬
‫تحقيق أحمد سير المباركي ط الثانية ‪1410‬هم‪.‬‬
‫‪ (68‬غاية المرام في شرح مقدمة المام‪ .‬لبي العباس أحمد بن محمد بن زكري التلمساني المممالكي المتمموفى‬
‫سنة ‪899‬هم‪ .‬دراسة وتحقيق الخ‪ /‬خأالد بن شجاع العتيبي )رسالة ما جستير(‪.‬‬
‫‪ (69‬غايم ممة الوصم ممول شم ممرح لم ممب الصم ممول‪ .‬لشم مميخ السم مملم زكريم مما النصم مماري المتم مموفى سم ممنة ‪926‬ه م م طبعم ممة‬
‫مصطفى البابي الحلبي بمصر ‪1360‬هم‪.‬‬
‫‪ (70‬فتاوى العمز بمن عبمد السملم‪ .‬عمز المدين عبمد العزيمز بمن عبمد السملم عبمد الرحممن بمن عبمد الفتماح‪ .‬دار‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫‪ (71‬فتمح البمماري شممرح صمحيح البخأماري‪ .‬لحممد بممن علممي بممن حجمر العسممقلني المتمموفى سممنة ‪852‬همم‪ .‬علمق‬
‫علممى الج مزاء الثلثممة الولممى فضمميلة الشمميخ عبممد العزيممز بممن بمماز‪ .‬توزيممع رئاسممة إدارة البحمموث العلميممة‬
‫والفتاء بالرياض‪.‬‬
‫‪ (72‬الفممروق فممي اللغممة‪ .‬لبممي هلل الحسممن بممن عبممد الم م بممن سممهل العسممكري المتمموفى بعممد سممنة ‪395‬ه مم‪.‬‬
‫منشورات دار الفاق الجديدة ببيروت‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫‪ (73‬الفوائممد لشمممس الممدين أبممي عبممد الم محمممد بممن قيممم الجوزيممة المتمموفى ‪751‬ه م تحقيممق بشممير محمممد عيممون‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة دار البيان‪ .‬الطبعة الولى ‪1407‬هم‪.‬‬
‫‪ (74‬القمماموس المحيممط لمجممد الممدين محمممد بممن يعقمموب الفيممروز آبممادي المتمموفى سممنة ‪817‬هم م والرجمموع إلممى‬
‫)ترتيب القاموس( للستاذ‪ .‬الطاهر أحمد الزاوي‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬ودار المعرفة‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ (75‬قرة العين في شرح ورقات إمممام الحرميمن للشميخ محممد بممن محمممد الرعينممي المعممروف بالحطماب المتمموفى‬
‫سنة ‪954‬هم دار ابن خأزيمة‪ .‬ومطبوع بهامش )لطائف الشارات على تسهيل الطرقات لنظم الورقممات(‬
‫طباعة الحلبي‪.‬‬
‫‪ (76‬القواعد النورانية الفقهيمة لتقمي المدين أبمي العبماس أحممد بمن عبمد الحليمم ابمن تيميمة المتموفى سمنة ‪728‬ه م‬
‫مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة ‪1370‬هم‪.‬‬
‫‪ (77‬القواعد والفوائد الصولية لبي الحسن علي بن محمد بن عبمماس الحنبلممي الشممهير بممابن اللحممام المتمموفى‬
‫سنة ‪803‬هم تحقيق محمد حامد الفقي مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة ‪1375‬هم‪.‬‬
‫‪ (78‬كشف السرار عن أصول فخأر السمملم الممبزدوي‪ ،‬لعلء الممدين عبممد العزيممز بممن أحمممد البخأمماري المتمموفى‬
‫سنة ‪730‬هم الناشر دار الكتاب السلمي بالقاهرة‪.‬‬
‫‪ (79‬لسمان العمرب لجممال المدين محممد بمن مكمرم بمن منظمور الفريقمي المصمري المتموفى سمنة ‪711‬ه م طبعمة‬
‫دار صادر بيروت ‪1374‬هم‬
‫‪ (80‬لطمائف الشمارات‪ .‬شممرح منظومممة العمريطمي للورقممات‪ .‬لعبممد الحميممد بممن محمممد بمن علمي قمدس‪ .‬طباعممة‬
‫مصطفى البابي الحلبي ‪1369‬هم‪.‬‬
‫‪ (81‬اللمممع فممي أصممول الفقممه لبممي إسممحاق إبراهيممم بممن علممي الشمميرازي المتمموفى سممنة ‪476‬همم‪ .‬تحقيممق يوسممف‬
‫المرعشلي ومعه كتاب )تخأريج أحاديث اللمع(‪ .‬عالم الكتب ببيروت‪ .‬الطبعة الولى ‪1405‬هم‪.‬‬
‫‪ (82‬مجممموع الفتمماوى لتقممي الممدين أبممي العبمماس أحمممد بممن عبممد الحليممم بممن عبممد السمملم الح ارنممي المتمموفى سممنة‬
‫‪748‬هم‪ .‬جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم الطبعة الولى بالرياض ‪1381‬هم‪.‬‬
‫‪ (83‬المحصممول فممي علممم الصممول لفخأممر الممدين أبممي عبممد الم بممن محمممد بممن عمممر بممن حسممن المرازي الشممافعي‬
‫المتمموفى سممنة ‪606‬ه مم‪ ،‬تحقيممق طممه جممابر العلم مواني‪ ،‬نشممر جامعممة المممام محمممد بممن سممعود السمملمية‬
‫بالرياض ‪1399‬هم‪.‬‬
‫‪ (84‬مخأتصر الروضة وقد طبع باسم )البلبل في أصول الفقه( لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي‬
‫الطوفي المتوفى سنة ‪716‬هم‪ ،‬مكتبة المام الشافعي بالرياض‪.‬‬
‫‪ (85‬مدارج السالكين‪ .‬لشمس الدين أبممي عبممد الم محممد بممن أبممي بكممر المعممروف بمابن القيممم الجوزيممة المتمموفى‬
‫سنة ‪751‬هم تحقيق محمد حامد الفقي‪ .‬دار الكتاب العربي‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫‪ (86‬المممدخأل إلممى مممذهب المممام أحمممد بممن حنبممل‪ .‬لعبممد القممادر بممن أحمممد المعممروف بممابن بممدران المتمموفى سممنة‬
‫‪1346‬هم تحقيق د‪ .‬عبد ال التركي مؤسسة الرسالة ببيروت الطبعة الثالثة ‪1405‬هم‪.‬‬
‫‪ (87‬مممذكرة أصممول الفقممه للشمميخ محمممد الميممن بممن محمممد المخأتممار الشممنقيطي المتمموفى سممنة ‪1393‬ه مم‪ .‬ط‬
‫الجامعة السلمية بالمدينة النبوية‪.‬‬
‫‪ (88‬المسممائل المشممتركة بيممن أصممول الفقممه‪ .‬وأصممول الممدين‪ ،‬لمحمممد العروسممي عبممد القممادر )معاصممر(‪ .‬دار‬
‫حافظ للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الولى ‪1410‬هم‪.‬‬
‫‪ (89‬المستصفى من علم أصول الفقه لبي حامد بن محمد الغزالي المتوفى سنة ‪505‬هم دار صادر‪.‬‬
‫‪ (90‬مسند المام أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى سنة ‪241‬هم‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ (91‬المسممودة فممي أصممول الفقممه لل تيميممة‪ .‬تحقيممق محمممد محممي الممدين عبممد الحميممد‪ .‬مطبعممة المممدني القمماهرة‬
‫‪1384‬هم‪.‬‬
‫‪ (92‬المعتبر في تخأريج أحاديث المنهاج والمخأتصر‪ .‬لبدر الدين محمد بن عبمد الم الزركشمي المتموفى سمنة‬
‫‪794‬هم تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي‪ .‬دار الرقم الكويت‪ .‬الطبعة الولى ‪1404‬هم‪.‬‬
‫‪ (93‬معجممم لغممة الفقهمماء‪ .‬وضممع محمممد رواس قلعممة جممي‪ ،‬حامممد صممادق قنيممبي جممار النفممائس‪ .‬الطبعممة الثانيممة‬
‫‪1408‬هم‬
‫‪ (94‬المغنممي شممرح مخأتصممر الخأرقممي‪ .‬لموفممق الممدين عبممد الم م بممن أحمممد بممن قدامممة المقدسممي المتمموفى سممنة‬
‫‪620‬هم‪ .‬تحقيق عبد ال التركي وعبد الفتاح الحلو‪ .‬هجر للطباعة والنشر الطبعة الولى ‪1409‬هم‪.‬‬
‫‪ (95‬مفتمماح الوصممول إلممى بنمماء الفممروع علممى الصممول‪ .‬لبممي عبممد ال م محمممد بممن أحمممد المعممروف بالش مريف‬
‫التلمسم مماني المتم مموفى سم ممنة ‪771‬هم مم‪ ،‬تحقيم ممق عبم ممد الوهم مماب عبم ممد اللطيم ممف‪ ،‬دار الكتم ممب العلميم ممة بيم ممروت‬
‫‪1403‬هم‪.‬‬
‫‪ (96‬المنخأممول مممن تعليقممات الصممول‪ .‬لبممي حامممد بممن محمممد الغ ازلممي المتمموفى سممنة ‪505‬ه مم‪ .‬تحقيممق محمممد‬
‫حسن هيتو‪ .‬دار الفكر بدمشق الطبعة الثانية ‪1400‬هم‪.‬‬
‫‪ (97‬منع جواز المجماز فمي المنممزل للتعبمد والعجماز‪ .‬للشمنقيطي‪ .‬رسمالة مطبوعمة ضممن الجمزء العاشمر ممن‬
‫أضواء البيان‪.‬‬
‫‪ (98‬المنهاج في ترتيب الحجماج‪ .‬لبمي الوليممد سممليمان بمن خألمف البمماجي المتموفى سمنة ‪ 474‬ه م تحقيممق عبمد‬
‫المجيد تركي‪.‬‬
‫‪ (99‬الموافقات في أصول الشريعة‪ .‬لبي إسحاق إبراهيم بن موسى اللخأمي الشمماطبي المتمموفى سممنة ‪790‬ه م‬
‫تعليق عبد ال دراز‪ .‬دار المعرفة بيروت‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫‪ (100‬نممثر الممورود علممى م ارقممي السممعود‪ .‬للشمميخ محمممد الميممن بممن محمممد المخأتممار الشممنقيطي المتمموفى سممنة‬
‫‪1393‬همم‪ .‬تحقيممق إواكمممال تلميممذه محمممد ولممد سمميدي ولممد حممبيب الشممنقيطي‪ .‬توزيممع دار المنممارة‪ .‬الطبعممة‬
‫الولى ‪1415‬هم‪.‬‬
‫‪ (101‬نزهة النظر شرح نخأبة الفكر في مصطلح أهل الثر‪ .‬لشهاب المدين أبمي الفضمل أحممد بمن علمي بمن‬
‫حجر العسقلني المتوفى سنة ‪852‬هم طبع المكتبة العلمية‪.‬‬
‫‪ (102‬النسخ في دراسات الصوليين‪ .‬نادية شريف العمري‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ .‬الطبعة الولى ‪1405‬هم‪.‬‬
‫‪ (103‬نظم المتناثر ممن الحمديث المتمواتر‪ .‬لبمي عبمد الم محممد بمن جعفمر الكتماني المتموفى سمنة ‪1345‬ه م‬
‫دار الكتب السلفية بمصر‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ (104‬النكممت علممى كتمماب ابممن الصمملح‪ .‬لبممي الفضممل أحمممد بممن علممي بممن حجممر العسممقلني المتمموفى سممنة‬
‫‪852‬هم‪ .‬تحقيق ربيع بن هادي عمير‪ .‬دار الراية‪ .‬الطبعة الثانية ‪1408‬هم‪.‬‬
‫‪ (105‬النهايممة فممي غريممب الحممديث والثممر‪ .‬لمجممد الممدين أبممي السممعادات المبممارك ابممن محمممد المعممروف بممابن‬
‫الثير الجزري المتوفى سنة ‪606‬هم تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي‪ .‬المكتبة السمملمية‪.‬‬
‫الطبعة الولى ‪1383‬هم‪.‬‬
‫‪ (106‬نواسممخ الق مرآن لبممي الفممرج عبممد الرحمممن بممن الجمموزي الحنبلممي المتمموفى ‪597‬هم م تحقيممق محمممد أشممرف‬
‫علي الملباري‪ .‬طبع المجلس العلمي لحياء التراث السلمي بالمدينة النبوية‪.‬‬
‫‪ (107‬الواضح في أصول الفقه‪ .‬محمد بن سليمان الشقر )معاصر( الدار السلفية‪ .‬الكويت‪.‬‬
‫‪ (108‬عدد من المخأطوطات للورقات‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫فه ممرس الموضموعمات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضــوع‬
‫تقديم‬
‫مقدمة الطبعة الثانية‬
‫مقدمة الطبعة الثالثة‬
‫مقدمة الطبعة الولى‬
‫مبادئ علم أصول الفقه‬
‫مقدمة الورقات‬
‫تعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه‬
‫الحكام الشرعية‬
‫الواجب‬
‫المندوب‬
‫المباح‬
‫المحظور‬
‫المكروه‬
‫الصحيح والباطل‬
‫الفقه‪ ،‬العلم‪ ،‬الجهل‬
‫أقسام العلم‬
‫النظر‪ ،‬الستدلل‪ ،‬الدليل‬
‫الظن‪ ،‬الشك‬

‫تعريف أصول الفقه باعتباره علم ا‬


‫أبواب أصول الفقه‬
‫الكلم‬
‫‪144‬‬
‫أقسام الكلم من حيث مدلوله‬
‫أقسام الكلم من حيث استعماله‬
‫الحقيقة وأنواعها‬
‫المجاز وأنواعه‬
‫المر‬
‫من مسائل المر‬
‫من يدخأل في المر والنهي ومن ل يدخأل؟‬
‫هل المر بالشيء نهي عن ضده؟‬
‫النهي‬
‫العام‬
‫الخأاص‬
‫المخأصص المتصل‬
‫‪ (1‬الستثناء‬
‫‪ (2‬الشرط‬
‫‪ (3‬الصفة‬
‫المطلق والمفيد‬
‫المخأصص المنفصل‬
‫المجمل والمبين‬
‫الظاهر والمؤول‬
‫الفعال‬
‫القرار‬
‫النسخ‬
‫أقسام النسخ باعتبار المنسوخ‬

‫‪145‬‬
‫أقسام النسخ باعتبار الناسخ‬
‫التعارض بين الدلة‬
‫الجماع‬
‫من مسائل الجماع‬
‫قول الصحابي‬
‫الخأبار‬
‫‪ (1‬المتواتر‬
‫‪ (2‬الحاد‬
‫صيغ أداء الحديث‬
‫القياس‬
‫من شروط القياس‬
‫الحظر والباحة‬
‫الستصحاب‬
‫ترتيب الدلة‬
‫شروط المفتي‬
‫شروط المستفتي‬
‫التقليد‬
‫الجتهاد‬
‫أهم المراجع‬
‫تمت المراجعة ‪1426 /8/2‬هم والحمد ل‬

‫‪146‬‬

You might also like