You are on page 1of 63

1 www.alukah.

net
2 www.alukah.net
‫تفسير سورة الحجر‬
‫الربع الثاني‬
‫من اآلية ‪99 - 49‬‬
‫الر ِّحي ُم (‪﴾ )49‬‬ ‫﴿ نَبِّ ْئ ِّعبَادِّي أَنِّي أَنَا ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)1‬‬
‫(نبئ) فعل أمر‪ ،‬والفاعل أنت (عبادي) مفعول به منصوب‪ ،‬وعالمة النصب الفتحة‬
‫المقدرة على ما قبل الياء‪ ..‬و (الياء) مضاف إليه (أن) حرف توكيد ونصب و (الياء)‬
‫ضمير في محل نصب اسم أن (أنا) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ «‪،»2‬‬
‫(الغفور) خبر مرفوع (الرحيم) خبر ثان مرفوع‪.‬‬
‫والمصدر المؤول (أني أنا الغفور‪ )..‬في محل نصب سد مسد المفعولين لثاني والثالث‬
‫لفعل نبأ‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫الر ِّحي ُم ﴾‬
‫ور َّ‬‫ئ ِّعبَادِّي أَنِّي أَنَا ْالغَفُ ُ‬ ‫﴿ نَبِّ ْ‬
‫الر ِّحي ُم‬ ‫ئ ِّعبَادِّي أَنِّي أَنَا ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬ ‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪-‬في بيانها‪ :‬وقوله﴿ نَبِّ ْ‬
‫﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أخبر عبادي يا محمد‪ ،‬أني أنا‬
‫الذي أستر على ذنوبهم إذا تابوا منها وأنابوا‪ ،‬بترك فضيحتهم بها وعقوبتهم عليها‪،‬‬
‫الرحيم بهم أن أعذبهم بعد توبتهم منها عليها‪.‬اهـ(‪)3‬‬
‫الر ِّحي ُم ﴾ فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته‪،‬‬ ‫‪-‬وأضاف السعدي‪-‬رحمه هللا‪ ﴿ -‬أَنِّي أَنَا ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬
‫س َعوا في األسباب الموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها‪،‬‬ ‫ومغفرته َ‬
‫لينالوا مغفرته‪.‬اهـ (‪)4‬‬
‫عذَا ِّبي ُه َو ْال َعذَ ُ‬
‫اب ْاأل َ ِّلي ُم (‪﴾ )50‬‬ ‫﴿ َوأ َ َّن َ‬

‫‪-1‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)248 /14‬‬
‫‪ - 2‬أو ضمير منفصل في محل نصب توكيد السم أن‪ ،‬وأستعير لمحل النصب‪ ،‬وكونه فصال ضعيف‬
‫ألن ما بعده ال يلتبس بالصفة‪.‬‬
‫‪ -3‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫(‪) 111 / 17‬‬
‫‪ -4‬تيس ير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 431 /1‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)5‬‬
‫(الواو) عاطفة (أن عذابي هو العذاب األليم) مثل أني أنا الغفور الرحيم‪.‬‬
‫والمصدر المؤول (أن عذابي‪ ) ...‬في محل نصب معطوف على المصدر المؤول السابق‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫اب ْاأل َ ِّلي ُم ﴾‬‫عذَا ِّبي ُه َو ْال َعذَ ُ‬
‫﴿ َوأ َ َّن َ‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪:-‬‬
‫اب األ ِّلي ُم ﴾ يقول‪ :‬وأخبرهم أيضا أن عذابي لمن أصر على‬ ‫﴿ َوأ َ َّن َعذَابِّي ُه َو ْال َعذَ ُ‬
‫معاصي وأقام عليها ولم يتب منها‪ ،‬هو العذاب الموجع الذي ال يشبهه عذاب‪ .‬هذا من‬
‫هللا تحذير لخلقه التقدم على معاصيه‪ ،‬وأمر منه لهم باإلنابة والتوبة‪.‬اهـ(‪)6‬‬
‫‪-‬وأضاف السعدي في تفسيرها ما نصه‪َ ﴿ :‬وأ َ َّن َعذَابِّي ُه َو ْالعَذَ ُ‬
‫اب األ ِّلي ُم ﴾ أي‪ :‬ال‬
‫عذاب في الحقيقة إال عذاب هللا الذي ال يقادر قدره وال يبلغ كنهه نعوذ به من عذابه‪،‬‬
‫فإنهم إذا عرفوا أنه ﴿ ال يعذب عذابه أحد وال يوثق وثاقه أحد ﴾ حذروا وأبعدوا عن‬
‫كل سبب يوجب لهم العقاب‪ ،‬فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائما بين الخوف والرجاء‪،‬‬
‫والرغبة والرهبة‪ ،‬فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه‪ ،‬أحدث له ذلك‬
‫الرجاء والرغبة‪ ،‬وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه‪ ،‬أحدث له الخوف‬
‫والرهبة واإلقالع عنها‪.‬اهـ (‪)7‬‬
‫يم (‪﴾ )51‬‬ ‫ْف ِّإب َْرا ِّه َ‬‫ضي ِّ‬‫﴿ َون َِّبئْ ُه ْم َع ْن َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)8‬‬
‫(الواو) عاطفة (نبئهم) مثل األول‪ ..‬و (هم) ضمير مفعول به (عن ضيف) جار ومجرور‬
‫متعلق ب (نبئ)‪( ،‬إبراهيم) مضاف إليه مجرور‪ ،‬وعالمة الجر الفتحة‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫يم ﴾‬ ‫ْف ِّإب َْرا ِّه َ‬
‫ضي ِّ‬ ‫﴿ َون َِّبئْ ُه ْم َع ْن َ‬

‫‪-5‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 249/14‬‬
‫‪ -6‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫( ‪) 111/17‬‬
‫‪ -7‬تيس ير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 431 /1‬‬
‫‪-8‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)249 /14‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا في بيانها إجماالً‪ :‬أي‪ :‬عن تلك القصة العجيبة فإن في قصك‬
‫عليهم أنباء الرسل وما جرى لهم ما يوجب لهم العبرة واالقتداء بهم‪ ،‬خصوصا إبراهيم‬
‫الخليل‪ ،‬الذي أمرنا هللا أن نتبع ملته‪ ،‬وضيفه هم المالئكة الكرام أكرمه هللا بأن جعلهم‬
‫أضيافه‪.‬اهـ (‪)9‬‬
‫س َال ًما قَا َل ِّإنَّا ِّم ْن ُك ْم َو ِّجلُونَ (‪﴾ )52‬‬
‫﴿ ِّإ ْذ دَ َخلُوا َعلَ ْي ِّه فَقَالُوا َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)10‬‬
‫(إذ) ظرف للزمن الماضي مبني في محل نصب متعلق ب (ضيف) «‪.»11‬‬
‫(دخلوا) فعل ماض وفاعله (على) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب‬
‫(دخلوا)‪( ،‬الفاء) عاطفة (قالوا) مثل دخلوا (سالما) مفعول مطلق لفعل محذوف أي نسلم‬
‫سالما (قال) فعل ماض‪ ،‬والفاعل هو (إنا) مثل إني (من) حرف جر و (كم) ضمير في‬
‫محل جر متعلق ب (وجلون) وهو خبر إن مرفوع وعالمة الرفع الواو‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫س َال ًما قَا َل إِّنَّا ِّم ْن ُك ْم َو ِّجلُونَ ﴾‬
‫﴿ إِّ ْذ دَ َخلُوا َعلَ ْي ِّه فَقَالُوا َ‬
‫‪-‬قال السعدي –رحمه هللا‪-‬في بيانها ما نصه‪ :‬أي‪ :‬سلموا عليه فرد عليهم ﴿ قَا َل إِّنَّا‬
‫ِّم ْن ُك ْم َو ِّجلُونَ ﴾ أي‪ :‬خائفون‪ ،‬ألنه لما دخلوا عليه وحسبهم ضيوفا ذهب مسرعا إلى‬
‫بيته فأحضر لهم ضيافتهم‪ ،‬عجال حنيذا فقدمه إليهم‪ ،‬فلما رأى أيديهم ال تصل‪ ،‬إليه‬
‫خاف منهم أن يكونوا لصوصا أو نحوهم‪.‬اهـ (‪)12‬‬
‫‪-‬وقال الشنقيطي‪-‬رحمه هللا‪ :-‬لم يبين تعالى في هذه اآلية الكريمة هل رد إبراهيم‬
‫السالم على المالئكة أو ال ; ألنه لم يذكر هنا رده السالم عليهم‪ ،‬وإنما قال عنه إنه‬
‫قال لهم إنا منكم وجلون‪ ،‬وبين في هود والذاريات أنه رد عليهم السالم بقوله في هود‬
‫﴿ قال سالم فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ﴾[اآلية ‪ ]69‬وقوله في الذاريات‪ ﴿ :‬قال سالم‬
‫قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ﴾ [‪ ]26 - 25 \ 51‬وبين أن الوجل‬
‫المذكور هنا هو الخوف ; لقوله في القصة بعينها في هود‪ ﴿ :‬وأوجس منهم خيفة قالوا‬
‫ال تخف ﴾ [‪ ]70 \ 51‬وقوله في الذاريات‪ ﴿ :‬فأوجس منهم خيفة قالوا ال تخف ﴾ [‪11‬‬

‫‪ -9‬تيس ير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 432/1‬‬
‫‪-10‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)249 /14‬‬
‫‪ - 11‬بكونه مصدرا‪ ..‬أو متعلق بمحذوف مضاف أي عن خبر ضيف إبراهيم إذ دخلوا‬
‫‪ -12‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 432 /1‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫\ ‪ .]28‬وقد قدمنا أن من أنواع البيان في هذا الكتاب بيان اللفظ بمرادف له أشهر منه‬
‫كما هنا‪ ،‬ألن الخوف يرادف الوجل وهو أشهر منه‪ ،‬وبين أن سبب خوفه هو عدم‬
‫أكلهم بقوله‪ ﴿ :‬فلما رأى أيديهم ال تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة [‪\ 11‬‬
‫‪.]70‬اهـ(‪)13‬‬
‫﴿ قَالُوا َال ت َ ْو َج ْل ِّإنَّا نُبَش ُِّر َك ِّبغُ َال ٍم َع ِّل ٍيم (‪﴾ )53‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)14‬‬
‫(قالوا) ماض وفاعله (ال) ناهية جازمة (توجل) مضارع مجزوم‪ ،‬والفاعل أنت (إنا)‬
‫مثل إني «‪( ،»15‬نبشرك) مضارع مرفوع‪ ،‬و (الكاف) ضمير مفعول به‪ ،‬والفاعل نحن‬
‫(بغالم) جار ومجرور متعلق ب (نبشر)‪( ،‬عليم) نعت لغالم مجرور‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ قَالُوا َال ت َ ْو َج ْل ِّإنَّا نُبَش ُِّر َك ِّبغُ َال ٍم َع ِّل ٍيم ﴾‬
‫‪-‬قال السعدي – رحمه هللا‪-‬في بيانها إجماالً‪ :‬فـ ﴿ قَالُوا ﴾ له‪ ﴿ :‬ال ت َ ْو َج ْل ِّإنَّا نُبَش ُِّر َك‬
‫الم َع ِّل ٍيم ﴾ وهو إسحاق عليه الصالة والسالم‪ ،‬تضمنت هذه البشارة بأنه ذكر ال‬ ‫بِّغُ ٍ‬
‫أنثى عليم أي‪ :‬كثير العلم‪ ،‬وفي اآلية األخرى ﴿ َوبَ َّ‬
‫ش ْرنَاهُ بِّإ ِّ ْس َحاقَ نَبِّيًّا ِّمنَ ال َّ‬
‫صا ِّل ِّحينَ‬
‫﴾‪.‬اهـ (‪)16‬‬
‫ي ْال ِّكبَ ُر فَبِّ َم تُبَ ِّش ُرونَ (‪﴾ )54‬‬
‫سنِّ َ‬‫ش ْرت ُ ُمونِّي َعلَى أ َ ْن َم َّ‬ ‫﴿ قَا َل أَبَ َّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)17‬‬
‫(قال) فعل ماض والفاعل هو (الهمزة) لالستفهام التعجبي (بشرتم) فعل ماض وفاعله و‬
‫(الواو) زائدة إشباع حركة الميم و (النون) للوقاية و (الياء) مفعول به (على) حرف جر‬
‫(أن) حرف مصدري (مسني) فعل ماض‪ ،‬و (النون) للوقاية‪ ،‬و (الياء) مفعول به (الكبر)‬
‫فاعل مرفوع‪.‬‬

‫‪ - 13‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان(‪)280 / 2‬‬
‫‪-14‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 251/14‬‬
‫‪ - 15‬في اآلية (‪ )49‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ -16‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 432 /1‬‬
‫‪-17‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 251/14‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫والمصدر المؤول (أن مسني‪ )..‬في محل جر ب (على) متعلق بحال من ضمير المتكلم‬
‫أي أبشرتموني كبيرا‪.‬‬
‫(الفاء) عاطفة (الباء) حرف جر (ما) اسم استفهام مبني في محل جر بالباء متعلق ب‬
‫(تبشرون) وهو مضارع مرفوع وعالمة الرفع ثبوت النون‪..‬‬
‫و (الواو) فاعل‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ي ْال ِّكبَ ُر فَبِّ َم تُبَ ِّش ُرونَ ﴾‬ ‫ش ْرت ُ ُمونِّي َعلَى أ َ ْن َم َّ‬
‫سنِّ َ‬ ‫﴿ قَا َل أَبَ َّ‬
‫‪-‬قال السعدي – رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها ما نصه‪ :‬فقال لهم متعجبا من هذه البشارة‪﴿ :‬‬
‫ي ْال ِّك َب ُر ﴾ وصار نوع إياس منه ﴿ فَ ِّب َم ت ُ َبش ُِّرونَ ﴾‬ ‫ش ْرت ُ ُمو ِّني ﴾ بالولد ﴿ َعلَى أ َ ْن َم َّ‬
‫س ِّن َ‬ ‫أ َ َب َّ‬
‫أي‪ :‬على أي وجه تبشرون وقد عدمت األسباب؟‪.‬اهـ (‪)18‬‬
‫ق فَ َال ت َ ُك ْن ِّمنَ ْالقَانِّ ِّطينَ (‪﴾ )55‬‬ ‫َاك بِّ ْال َح ِّ‬‫ش ْرن َ‬ ‫﴿ قَالُوا َب َّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)19‬‬
‫(قالوا) فعل ماض وفاعلة (بشرنا) فعل ماض وفاعله و (الكاف) ضمير مفعول به‬
‫(بالحق) جار ومجرور متعلق ب (بشرنا)‪( ،‬الفاء) عاطفة لربط المسبب بالسبب (ال)‬
‫ناهية جازمة (تكن) مضارع ناقص مجزوم‪ ،‬واسمه ضمير مستتر تقديره أنت (من‬
‫القانطين) جار ومجرور خبر تكن‪ ،‬وعالمة الجر الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ق فَ َال ت َ ُك ْن ِّمنَ ْالقَانِّ ِّطينَ ﴾‬ ‫َاك بِّ ْال َح ِّ‬
‫ش ْرن َ‬ ‫﴿ قَالُوا بَ َّ‬
‫ش ُروهُ ِّب ِّه ت َ ْح ِّقيقًا َو ِّبش َ‬
‫َارة ً بَ ْعدَ‬ ‫‪-‬قال ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها‪ :‬فَأ َ َجابُوهُ ُم َؤ ِّكدِّينَ ِّل َما بَ َّ‬
‫ض ُه ْم‪ْ :‬‬
‫"القَنِّ ِّطينَ " ‪-‬‬ ‫ق فَال ت َ ُك ْن ِّمنَ ْالقَانِّ ِّطينَ ﴾ َوقَ َرأ َ بَ ْع ُ‬ ‫َاك بِّ ْال َح ِّ‬
‫ش ْرن َ‬ ‫َارةٍ‪ ﴿ ،‬قَالُوا بَ َّ‬ ‫بِّش َ‬
‫َّللاِّ ْال َولَدَ‪َ ،‬وإِّ ْن َكانَ قَدْ َكبِّ َر وأسنَّت ا ْم َرأَتُهُ‪،‬‬ ‫ط‪َ ،‬ولَ ِّك ْن يَ ْر ُجو ِّمنَ َّ‬ ‫ْس يَ ْقنَ ُ‬ ‫فَأ َ َجابَ ُه ْم بِّأَنَّهُ لَي َ‬
‫َّللاِّ َو َر ْح َمتِّ ِّه َما ُه َو أ َ ْبلَ ُغ ِّم ْن ذَ ِّل َك‪.‬اهـ(‪)20‬‬ ‫فَإِّنَّهُ يَ ْعلَ ُم ِّم ْن قُ ْد َرةِّ َّ‬
‫ق ﴾ الذي ال شك فيه ألن‬ ‫َاك بِّ ْال َح ِّ‬
‫ش ْرن َ‬ ‫‪-‬وأضاف السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها‪ ﴿ :‬قَالُوا بَ َّ‬
‫هللا على كل شيء قدير‪ ،‬وأنتم بالخصوص ‪-‬يا أهل هذا البيت‪ -‬رحمة هللا وبركاته عليكم‬
‫فال يستغرب فضل هللا وإحسانه إليكم‪.‬‬

‫‪ -18‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 432 /1‬‬
‫‪-19‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 252/14‬‬
‫‪ -20‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 541/ 4‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫﴿ َفال ت َ ُك ْن ِّمنَ ْالقَانِّ ِّطينَ ﴾ الذين يستبعدون وجود الخير‪ ،‬بل ال تزال راجيا لفضل هللا‬
‫وإحسانه‪ ،‬وبره وامتنانه‪.‬اهـ (‪)21‬‬
‫ط ِّم ْن َر ْح َم ِّة َر ِّب ِّه ِّإ َّال الضَّالُّونَ (‪﴾ )56‬‬ ‫﴿ قَا َل َو َم ْن َي ْقنَ ُ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)22‬‬
‫(قال) فعل ماض‪ ،‬والفاعل هو (الواو) عاطفة (من) اسم استفهام فيه معنى النفي مبني‬
‫في محل رفع مبتدأ (يقنط) مضارع مرفوع‪ ،‬والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من‬
‫رحمة) جار ومجرور متعلق ب (يقنط)‪( ،‬ربه) مضاف إليه مجرور‪ ،‬و (الهاء) مضاف‬
‫إليه (إال) لالستثناء (الضالون) بدل من فاعل يقنط مرفوع وعالمة الرفع الواو‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ط ِّم ْن َر ْح َم ِّة َر ِّب ِّه ِّإ َّال الضَّالُّونَ ﴾‬ ‫﴿ قَا َل َو َم ْن يَ ْقنَ ُ‬
‫‪-‬قال البغوي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها‪:‬‬
‫﴿ قال ومن يقنط ﴾ أي‪ :‬من ييئس ﴿ من رحمة ربه إال الضالون ﴾ أي‪ :‬الخاسرون‪ ،‬والقنوط‬
‫من رحمة هللا كبيرة كاألمن من مكره‪.‬اهـ(‪)23‬‬
‫‪-‬وزاد السعدي –رحمه هللا‪-‬في تفسيره لآلية فقال ما نصه‪َ ﴿ :‬و َم ْن يَ ْقنَ ُ‬
‫ط ِّم ْن َر ْح َم ِّة َربِّ ِّه‬
‫إِّال الضَّالُّونَ ﴾ الذين ال علم لهم بربهم‪ ،‬وكمال اقتداره وأما من أنعم هللا عليه بالهداية‬
‫والعلم العظيم‪ ،‬فال سبيل إلى القنوط إليه ألنه يعرف من كثرة األسباب والوسائل‬
‫والطرق لرحمة هللا شيئا كثيرا‪ ،‬ثم لما بشروه بهذه البشارة‪ ،‬عرف أنهم مرسلون ألمر‬
‫مهم‪.‬اهـ (‪)24‬‬
‫سلُونَ (‪﴾ )57‬‬ ‫﴿ قَا َل فَ َما خ ْ‬
‫َطبُ ُك ْم أَيُّ َها ْال ُم ْر َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)25‬‬

‫‪ -21‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 432/1‬‬
‫‪-22‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)253 /14‬‬
‫‪-23‬انظر معالم التنزيل للبغوي ‪ -‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع ( ‪) 583/4‬‬
‫‪ -24‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 432 /1‬‬
‫‪-25‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 254/14‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫(قال) كالسابق «‪( ،»26‬الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (ما) اسم استفهام مبني في‬
‫محل رفع مبتدأ (خطبكم) خبر مرفوع‪ ..‬و (كم) ضمير مضاف إليه (أيها) منادى نكرة‬
‫مقصودة مبني على الضم في محل نصب‪..‬‬
‫و (ها) حرف تنبيه (المرسلون) نعت ألي‪ -‬أو بدل‪ -‬تبعه في الرفع لفظا‪ ،‬وعالمة الرفع‬
‫الواو‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫سلُونَ ﴾‬ ‫﴿ قَا َل فَ َما خ ْ‬
‫َطبُ ُك ْم أَيُّ َها ْال ُم ْر َ‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها‪ :‬أي‪ :‬ما شأنكم وألي شيء أرسلتم؟‪.‬اهـ (‪)27‬‬
‫‪-‬وأضاف القرطبي‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيره‪ :‬لما علم أنهم مالئكة‪ -‬إذ أخبروه بأمر‬
‫خارق للعادة وهو بشراهم بالولد‪ -‬قال‪ :‬فما خطبكم؟ والخطب األمر الخطير‪ .‬أي فما‬
‫أمركم وشأنكم وما الذي جئتم به‪.‬اهـ(‪)28‬‬
‫﴿ قَالُوا ِّإنَّا أ ُ ْر ِّس ْلنَا ِّإلَى قَ ْو ٍم ُم ْج ِّر ِّمينَ (‪﴾ )58‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)29‬‬
‫قالوا) فعل ماض وفاعله (إنا) حرف مشبه بالفعل‪ ..‬و (نا) اسم إن (أرسلنا) فعل ماض‬
‫مبني للمجهول مبني على السكون‪ ..‬و (نا) ضمير في محل رفع نائب الفاعل (إلى قوم)‬
‫جار ومجرور متعلق ب (أرسلنا)‪( ،‬مجرمين) نعت لقوم مجرور وعالمة الجر الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ قَالُوا ِّإنَّا أ ُ ْر ِّس ْلنَا ِّإلَى قَ ْو ٍم ُم ْج ِّر ِّمينَ ﴾‬
‫‪-‬قال السعدي – رحمه هللا‪ -‬في تفسيره لآلية‪ ﴿ :‬قَالُوا ِّإنَّا أ ُ ْر ِّس ْلنَا ِّإلَى قَ ْو ٍم ُم ْج ِّر ِّمينَ ﴾‬
‫أي‪ :‬كثر فسادهم وعظم شرهم‪ ،‬لنعذبهم ونعاقبهم‪.‬اهـ (‪)30‬‬
‫‪-‬وأضاف الشنقيطي‪ -‬رحمه هللا‪ :-‬اشار في هذه اآلية الكريمة إلى أن المراد بهؤالء القوم‬
‫المجرمين قوم لوط الذين أرسل إليهم فكذبوه‪ ،‬ووجه إشارته تعالى لذلك استثناء لوط‬
‫وأهله غير امرأته في قوله‪ ﴿ :‬إال آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إال امرأته ﴾ اآلية [‪\ 15‬‬

‫‪ - 26‬في اآلية (‪.)56‬‬


‫‪ -27‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433/1‬‬
‫‪-28‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 36 /10‬‬
‫‪-29‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 254/14‬‬
‫‪ -30‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433/1‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ ]60 - 59‬وصرح بأنهم قوم لوط بقوله في هود في القصة بعينها‪ ﴿ :‬قالوا ال تخف إنا‬
‫أرسلنا إلى قوم لوط ﴾ اآلية [‪ ]70 \ 11‬وصرح في الذاريات بأنهم أرسلوا إلى هؤالء‬
‫القوم المجرمين ليرسلوا عليهم حجارة من طين في قوله‪ ﴿ :‬قالوا إنا أرسلنا إلى قوم‬
‫مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين ﴾[‪ ]33 - 32 \ 51‬وصرح في العنكبوت أنهم‬
‫قالوا إنهم مهلكوهم بسبب ظلمهم‪ ،‬ومنزلون عليهم رجزا من السماء بسبب فسقهم وذلك‬
‫في قوله تعالى‪ ﴿ :‬ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن‬
‫أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها ﴾ اآلية [‪]32 - 31\ 29‬‬
‫وقوله‪ ﴿ :‬وقالوا ال تخف وال تحزن إنا منجوك وأهلك إال امرأتك كانت من الغابرين‬
‫إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ﴾[‪- 33 \ 29‬‬
‫‪ ]34‬وقوله‪ ﴿ :‬إال آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين ﴾ [‪ ]59 \ 15‬بين في هذه اآلية الكريمة‬
‫أنه استثنى آل لوط من ذلك العذاب النازل بقومه‪ ،‬وأوضح هذا المعنى في آيات أخر‬
‫كما تقدم في هود في قوله‪ ﴿ :‬قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك‬
‫بقطع من الليل وال يلتفت منكم أحد إال امرأتك ﴾اآلية [‪ ]81 \ 11‬وقوله في العنكبوت‪:‬‬
‫﴿ وقالوا ال تخف وال تحزن إنا‪ ..‬إلى غير ذلك من اآليات‪.‬اهـ(‪)31‬‬
‫﴿ ِّإ َّال آ َ َل لُوطٍ ِّإنَّا لَ ُمنَ ُّجوهُ ْم أ َ ْج َم ِّعينَ (‪﴾ )59‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)32‬‬
‫(إال) أداة استثناء (آل) مستثنى منصوب‪ ،‬متصل أو منقطع «‪( .»33‬لوط) مضاف إليه‬
‫مجرور (إنا) مثل األول (الالم) المزحلقة للتوكيد (منجوهم) خبر إن مرفوع وعالمة‬
‫الرفع الواو‪ ..‬و (هم) ضمير مضاف إليه (أجمعين) توكيد معنوي للضمير الغائب في‬
‫(منجوهم) مجرور وعالمة الجر الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ إِّ َّال آ َ َل لُوطٍ إِّنَّا لَ ُمنَ ُّجوهُ ْم أ َ ْج َم ِّعينَ ﴾‬

‫‪ - 31‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان( ‪)283 /2‬‬
‫‪-32‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 255/14‬‬
‫‪ - 33‬الظاهر أنه منقطع ألن المستثنى منه (قوم مجرمين)‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيره‪ :‬يقول‪ :‬إال اتباع لوط على ما هو عليه‬
‫من الدِّين‪ ،‬فإنا لن نهلكهم بل ننجيهم من العذاب الذي أمرنا أن نعذب به قوم‬
‫لوط‪.‬اهـ(‪)34‬‬
‫﴿ ِّإ َّال ا ْم َرأَتَهُ قَد َّْرنَا ِّإنَّ َها لَ ِّمنَ ْالغَا ِّب ِّرينَ (‪﴾ )60‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)35‬‬
‫(إال امرأته) مثل إال آل‪ ..‬و (الهاء) مضاف إليه‪ ،‬واالستثناء من آل لوط (قدرنا) فعل‬
‫ماض وفاعله (إنها) مثل إنا (الالم) مثل األولى (من الغابرين) جار ومجرور متعلق‬
‫بخبر إن‪ ،‬وعالمة الجر الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ ِّإ َّال ا ْم َرأَتَهُ قَد َّْرنَا ِّإنَّ َها لَ ِّمنَ ْالغَا ِّب ِّرينَ ﴾‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪ :‬سوى امرأة لوط قدرنا إنها من الغابرين‪ :‬يقول‪:‬‬
‫قضى هللا فيها إنها لمن الباقين‪ ،‬ثم هي مهلكة بعد‪.‬اهـ(‪)36‬‬
‫‪-‬وقال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ :‬أي‪ :‬الباقين بالعذاب‪ ،‬وأما لوط فسنخرجنه وأهله وننجيهم‬
‫منها‪.‬اهـ (‪)37‬‬
‫سلُونَ (‪﴾ )61‬‬ ‫﴿ فَلَ َّما َجا َء آ َ َل لُوطٍ ْال ُم ْر َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)38‬‬
‫(الفاء) استئنافية (لما) ظرف بمعنى حين متضمن معنى الشرط مبني في محل نصب‬
‫متعلق ب (قال)‪( ،‬جاء) فعل ماض (آل) مفعول به مقدم منصوب (لوط) مضاف إليه‬
‫مجرور (المرسلون) فاعل مرفوع وعالمة الرفع الواو‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫سلُونَ ﴾‬ ‫﴿ فَلَ َّما َجا َء آ َ َل لُوطٍ ْال ُم ْر َ‬

‫‪ -34‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 114/17‬‬
‫‪-35‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 255/14‬‬
‫‪ -36‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 114/17‬‬
‫‪ -37‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433 /1‬‬
‫‪-38‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)256 /14‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪ -‬رحمه هللا‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬فلما أتى رس ُل هللا آل‬
‫لوط‪.‬اهـ(‪)39‬‬
‫﴿ قَا َل ِّإنَّ ُك ْم قَ ْو ٌم ُم ْن َك ُرونَ (‪﴾ )62‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)40‬‬
‫(قال) مثل جاء (إنكم) مثل إنا «‪( .»41‬قوم) خبر إن مرفوع (منكرون) نعت لقوم مرفوع‬
‫وعالمة الرفع الواو‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ قَا َل ِّإنَّ ُك ْم قَ ْو ٌم ُم ْن َك ُرونَ ﴾‬
‫شبَابًا َو َرأَى َج َم ًاال‬
‫ي َال أَع ِّْرفُ ُك ْم‪َ .‬وقِّي َل‪َ :‬كانُوا َ‬ ‫‪-‬قال القرطبي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيره‪ :‬أ َ ْ‬
‫ار‪.‬اهـ(‪)42‬‬ ‫َاف َعلَ ْي ِّه ْم ِّم ْن فِّتْنَ ِّة قَ ْو ِّم ِّه‪ ،‬فَ َهذَا ُه َو ْ ِّ‬
‫اإل ْن َك ُ‬ ‫فَخ َ‬
‫َاك ِّب َما َكانُوا فِّي ِّه َي ْمت َ ُرونَ (‪﴾ )63‬‬ ‫﴿ قَالُوا َب ْل ِّجئْن َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)43‬‬
‫(قالوا) فعل ماض وفاعله (بل) لإلضراب االنتقالي (جئناك) فعل ماض وفاعله‪ ..‬و‬
‫(الكاف) مفعول به (الباء) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب‬
‫(جئناك)‪( ،‬كانوا) فعل ماض ناقص واسمه (في) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل‬
‫جر متعلق ب (يمترون) وهو مضارع مرفوع‪ ..‬و (الواو) فاعل‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫َاك بِّ َما َكانُوا فِّي ِّه يَ ْمت َ ُرونَ ﴾‬ ‫﴿ قَالُوا بَ ْل ِّجئْن َ‬
‫اب ألنه كان‬ ‫َاز ٌل بِّ ِّه ْم َو ُه َو ْالعَذَ ُ‬
‫ش ُّكونَ فِّي أَنَّهُ ن ِّ‬‫ي‪ :‬يَ ُ‬ ‫‪-‬قال البغوي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها‪ :‬أ َ ْ‬
‫ص ِّدقُونَهُ‪.‬اهـ(‪)44‬‬ ‫يوعدهم بالعذاب فال يُ َ‬
‫صا ِّدقُونَ (‪﴾ )64‬‬ ‫ق َوإِّنَّا لَ َ‬ ‫َاك بِّ ْال َح ِّ‬‫﴿ َوأَت َ ْين َ‬

‫‪ -39‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 115/ 17‬‬
‫‪-40‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 256/14‬‬
‫‪ - 41‬في اآلية (‪ )58‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪-42‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 38 /10‬‬
‫‪-43‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 256/14‬‬
‫‪-44‬انظر معالم التنزيل للبغوي ‪ -‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع (‪) 386/ 4‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)45‬‬
‫(الواو) عاطفة (أتيناك) مثل جئناك (بالحق) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل أتينا‬
‫أي ملتبسين بالحق أو من مفعوله أي ملتبسا به (الواو) عاطفة (إنا) مثل السابق «‪،»46‬‬
‫(الالم) المزحلقة للتوكيد (صادقون) خبر إن مرفوع‪ ،‬وعالمة الرفع الواو‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫صا ِّدقُونَ ﴾‬ ‫ق َو ِّإنَّا لَ َ‬ ‫َاك بِّ ْال َح ِّ‬‫﴿ َوأَت َ ْين َ‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬قالت الرسل للوط‪ :‬وجئناك بالحق اليقين‬
‫من عند هللا‪ ،‬وذلك الحق هو العذاب الذي عذب هللا به قوم لوط‪ .‬وقد ذكرت خبرهم‬
‫(و ِّإنَّا‬
‫وقصصهم في سورة هود وغيرها حين بعث هللا رسله ليعذبهم به‪ .‬وقولهم‪َ :‬‬
‫صا ِّدقُونَ ) يقولون‪ :‬إنا لصادقون فيما أخبرناك به يا لوط من أن هللا مهلك‬ ‫لَ َ‬
‫قومك‪.‬اهـ(‪)47‬‬
‫ضوا َحي ُ‬
‫ْث ت ُؤْ َم ُرونَ‬ ‫ار ُه ْم َو َال يَ ْلت َ ِّف ْ‬
‫ت ِّم ْن ُك ْم أ َ َحد ٌ َوا ْم ُ‬ ‫طعٍ ِّمنَ اللَّ ْي ِّل َوات َّ ِّب ْع أَدْبَ َ‬ ‫﴿ فَأَس ِّْر ِّبأ َ ْه ِّل َك ِّب ِّق ْ‬
‫(‪﴾ )65‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)48‬‬
‫(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (أسر) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة‪ ،‬والفاعل‬
‫أنت (بأهلك) جار ومجرور متعلق ب (أسر) «‪ ..»49‬و (الكاف) مضاف إليه (بقطع)‬
‫جار ومجرور متعلق ب (أسر)‪( ،‬من الليل) جار ومجرور متعلق بنعت لقطع (الواو)‬
‫عاطفة (اتبع) مثل أسر (أدبارهم) مفعول به منصوب‪ ..‬و (هم) مضاف إليه (الواو)‬
‫عاطفة (ال) ناهية جازمة (يلتفت) مضارع مجزوم (من) حرف جر و (كم) ضمير في‬
‫محل جر متعلق بحال من أحد‪ -‬نعت تقدم على المنعوت‪( -‬أحد) فاعل مرفوع (الواو)‬
‫عاطفة (امضوا) فعل أمر مبني على حذف النون‪ ..‬و (الواو) فاعل (حيث) ظرف مكان‬
‫مبني على الضم في محل نصب متعلق ب (امضوا)‪( ،‬تؤمرون) مضارع مبني للمجهول‬
‫مرفوع‪ ..‬و (الواو) نائب فاعل‪.‬‬

‫‪-45‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 257/14‬‬
‫‪ - 46‬في اآلية (‪ )58‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ -47‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة (‪) 115/ 17‬‬
‫‪-48‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)258 /14‬‬
‫‪ - 49‬أو بمحذوف حال من الفاعل‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ضوا َحي ُ‬
‫ْث ت ُؤْ َم ُرونَ‬ ‫ت ِّم ْن ُك ْم أ َ َحدٌ َوا ْم ُ‬ ‫ار ُه ْم َو َال َي ْلت َ ِّف ْ‬ ‫﴿ فَأَس ِّْر بِّأ َ ْه ِّل َك ِّب ِّق ْ‬
‫طعٍ ِّمنَ اللَّ ْي ِّل َوات َّ ِّب ْع أ َ ْدبَ َ‬
‫﴾‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ ﴿ :‬فَأَس ِّْر ِّبأ َ ْه ِّل َك ِّب ِّق ْ‬
‫طعٍ ِّمنَ اللَّ ْي ِّل ﴾ يقول‬
‫تعالى ذكره مخبرا عن رسله أنهم قالوا للوط‪ ،‬فأسر بأهلك ببقية من الليل‪ ،‬واتبع يا‬
‫لوط أدبار أهلك الذين تسري بهم وكن من ورائهم‪ ،‬وسر خلفهم وهم أمامك‪ ،‬وال يلتفت‬
‫منكم وراءه أحد‪ ،‬وامضوا حيث يأمركم هللا‪.‬اهـ(‪)50‬‬
‫طعٍ ِّمنَ اللَّ ْي ِّل ﴾ أي في أثنائه حين‬ ‫‪-‬وزاد السعدي فقال‪ -‬رحمه هللا‪ ﴿:-‬فَأَس ِّْر بِّأ َ ْه ِّل َك بِّ ِّق ْ‬
‫ت ِّم ْن ُك ْم أ َ َحدٌ ﴾ أي بادروا وأسرعوا‬ ‫تنام العيون وال يدري أحد عن مسراك ﴿ َوال يَ ْلت َ ِّف ْ‬
‫ْث تُؤْ َم ُرونَ ﴾ كأن معهم دليال يدلهم إلى أين يتوجهون‪.‬اهـ (‪)51‬‬ ‫ضوا َحي ُ‬ ‫﴿ َوا ْم ُ‬
‫صبِّ ِّحينَ (‪﴾ )66‬‬ ‫ع ُم ْ‬ ‫طو ٌ‬ ‫ض ْينَا إِّلَ ْي ِّه ذَ ِّل َك ْاأل َ ْم َر أ َ َّن دَابِّ َر َهؤ َُال ِّء َم ْق ُ‬ ‫﴿ َوقَ َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)52‬‬
‫(الواو) استئنافية (قضينا) مثل جئنا «‪( ،»53‬إلى) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل‬
‫جر متعلق ب (قضينا) بتضمينه معنى أوحينا (ذلك) اسم إشارة مبني في محل نصب‬
‫مفعول به‪ ..‬و (الالم) للبعد‪ ،‬و (الكاف) للخطاب (األمر) بدل من ذا‪ -‬أو عطف بيان‪-‬‬
‫(أن) حرف توكيد ونصب (دابر) اسم أن منصوب (ها) حرف تنبيه (أوالء) اسم إشارة‬
‫مبني في محل جر مضاف إليه (مقطوع) خبر مرفوع (مصبحين) حال منصوبة من‬
‫الضمير المستكن في مقطوع «‪ ،»54‬وعالمة النصب الياء‪ .‬والمصدر المؤول (أن دابر‪..‬‬
‫مقطوع) في محل نصب بدل من األمر‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ص ِّب ِّحينَ ﴾‬ ‫ع ُم ْ‬ ‫طو ٌ‬ ‫ض ْينَا ِّإلَ ْي ِّه ذَ ِّل َك ْاأل َ ْم َر أ َ َّن دَا ِّب َر َهؤ َُال ِّء َم ْق ُ‬‫﴿ َوقَ َ‬

‫‪ -50‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 115/ 17‬‬
‫‪ -51‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433 /1‬‬
‫‪-52‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)259 /14‬‬
‫‪ - 53‬في اآلية (‪ )63‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ - 54‬إن دابر هؤالء في معنى مدبري هؤالء‪ ،‬فمقطوع بمعنى مقطوعين لذلك جاءت الحال بصيغة‬
‫الجمع‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫ض ْينَا ِّإلَ ْي ِّه ذَ ِّل َك ﴾ أي أخبرناه خبرا‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في بيانها ما نصه‪َ ﴿ :‬وقَ َ‬
‫ص ِّب ِّحينَ ﴾ أي سيصبحهم العذاب الذي يجتاحهم‬ ‫طوعٌ ُم ْ‬ ‫ال مثنوية فيه ﴿ أ َ َّن دَا ِّب َر َهؤ ِّ‬
‫ُالء َم ْق ُ‬
‫ويستأصلهم‪.‬اهـ (‪)55‬‬
‫﴿ َو َجا َء أ َ ْه ُل ْال َمدِّينَ ِّة َي ْست َ ْبش ُِّرونَ (‪﴾ )67‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)56‬‬
‫(الواو) استئنافية (جاء) فعل ماض (أهل) فاعل مرفوع (المدينة) مضاف إليه مجرور‬
‫(يستبشرون) مضارع مرفوع‪ ...‬و (الواو) فاعل‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ َو َجا َء أ َ ْه ُل ْال َمدِّينَ ِّة يَ ْست َ ْبش ُِّرونَ ﴾‬
‫‪-‬قال القرطبي‪ ﴿ :‬وجاء أهل المدينة ﴾ أي أهل مدينة لوط ﴿ يستبشرون ﴾ مستبشرين‬
‫باألضياف طمعا منهم في ركوب الفاحشة‪ .‬اهـ(‪)57‬‬
‫ون (‪﴾ )68‬‬ ‫ض ُح ِّ‬ ‫ض ْي ِّفي فَ َال ت َ ْف َ‬ ‫﴿ قَا َل ِّإ َّن َهؤ َُال ِّء َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)58‬‬
‫(قال) فعل ماض‪ ،‬والفاعل هو أي لوط (إن) حرف مشبه بالفعل‪ -‬ناسخ‪( -‬هؤالء) تنبيه‪،‬‬
‫واسم إشارة في محل نصب اسم إن (ضيفي) خبر إن مرفوع‪ ،‬وعالمة الرفع الضمة‬
‫المقدرة على ما قبل الباء‪ ،‬و (الياء) مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (ال)‬
‫ناهية جازمة (تفضحون) مضارع مجزوم وعالمة الجزم حذف النون‪ ..‬و (النون)‬
‫للوقاية‪ ،‬وقبلها (الواو) فاعل و (الياء) المحذوفة لمناسبة رأس اآلي مفعول به‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ون ﴾‬ ‫ض ُح ِّ‬ ‫ض ْي ِّفي فَ َال ت َ ْف َ‬
‫﴿ قَا َل ِّإ َّن َهؤ َُال ِّء َ‬
‫‪ -‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها‪ :‬أي‪ :‬راقبوا هللا أول ذلك وإن كان ليس فيكم‬
‫خوف من هللا فال تفضحون في أضيافي‪ ،‬وتنتهكوا منهم األمر الشنيع‪.‬اهـ (‪)59‬‬

‫‪ -55‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433/1‬‬
‫‪-56‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 259/14‬‬
‫‪-57‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 39/10‬‬
‫‪-58‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 260/14‬‬
‫‪ -59‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433/1‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬وأضاف أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬قال لوط‬
‫لقومه‪ :‬إن هؤالء الذين جئتموهم تريدون منهم الفاحشة ضيفي‪ ،‬وحق على الرجل‬
‫إكرام ضيفه‪ ،‬فال تفضحون أيها القوم في ضيفي‪ ،‬وأكرموني في ترككم التعرض لهم‬
‫بالمكروه‪.‬اهـ(‪)60‬‬
‫‪ -‬وزاد ابن كثير‪-‬حمه هللا‪-‬في بيانها فقال‪ :‬وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم بأنهم رسل‬
‫هللا كما قال في سياق سورة هود‪ ،‬وأما هاهنا فتقدم ذكر أنهم رسل هللا‪ ،‬وعطف بذكر‬
‫مجيء قومه ومحاجته لهم‪ .‬ولكن الواو ال تقتضي الترتيب‪ ،‬وال سيما إذا دل دليل على‬
‫خالفه‪.‬اهـ(‪)61‬‬
‫ون (‪﴾ )69‬‬ ‫﴿ َواتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ َو َال ت ُ ْخ ُز ِّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)62‬‬
‫(الواو) عاطفة (اتقوا) فعل أمر مبني على حذف النون‪ ...‬و (الواو) فاعل (هللا) لفظ‬
‫الجاللة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (ال تخزون) مثل ال تفضحون‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ون ﴾‬ ‫﴿ َواتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ َو َال ت ُ ْخ ُز ِّ‬
‫‪-‬قال القرطبي‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ ﴿ -:‬واتقوا هللا وال تخزون ﴾ يجوز أن يكون من‬
‫الخزي وهو الذل والهوان‪ ،‬ويجوز أن يكون من الخزاية وهو الحياء والخجل‪.‬اهـ(‪)63‬‬
‫‪ -‬وأضاف أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا في بيانها فقال‪ ::‬وقوله ﴿ َواتَّقُوا َّ‬
‫َّللا ﴾ يقول‪:‬‬
‫ون ﴾ يقول‪ :‬وال تذلوني وال‬ ‫وخافوا هللا في وفي أنفسكم أن يحل بكم عقابه‪َ ﴿ .‬وال ت ُ ْخ ُز ِّ‬
‫تهينوني فيهم‪ ،‬بالتعرض لهم بالمكروه‪.‬اهـ(‪)64‬‬
‫ع ِّن ْال َعالَ ِّمينَ (‪﴾ )70‬‬
‫﴿ قَالُوا أ َ َولَ ْم نَ ْن َه َك َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)65‬‬

‫‪ -60‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 117/ 17‬‬
‫‪ -61‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 542/ 4‬‬
‫‪-62‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)260 /14‬‬
‫‪-63‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 39 /10‬‬
‫‪ -64‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 117/ 17‬‬
‫‪-65‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 261/14‬‬

‫‪16‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫(قالوا) فعل ماض وفاعله (الهمزة) لالستفهام (الواو) عاطفة (لم) حرف نفي وجزم‬
‫(ننهك) مضارع مجزوم وعالمة الجزم حذف حرف العلة‪ ..‬و (الكاف) ضمير مفعول‬
‫به‪ ،‬والفاعل نحن (عن العالمين) جار ومجرور متعلق ب (ننهك) على حذف مضاف أي‬
‫عن ضيافة العالمين‪ ،‬وعالمة الجر الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ع ِّن ْالعَالَ ِّمينَ ﴾‬ ‫﴿ قَالُوا أ َ َولَ ْم نَ ْن َه َك َ‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪:-‬فـ ﴿ قَالُوا ﴾ له جوابا عن قوله وال تخزون فقط‪ ﴿ :‬أ َ َولَ ْم نَ ْن َه َك‬
‫َع ِّن ْالعَالَ ِّمينَ ﴾ أن تضيفهم فنحن قد أنذرناك‪ ،‬ومن أنذر فقد أعذر‪.‬اهـ (‪)66‬‬
‫ع ِّن ْالعالَ ِّمينَ‬ ‫‪ -‬وزاد القرطبي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها فقال ما مختصره‪ ﴿ :‬قالُوا أ َ َولَ ْم نَ ْن َه َك َ‬
‫ع ِّن‬‫صدُونَ بِّ ِّف ْع ِّل ِّه ُم ْالغُ َربَا ُء‪َ ،‬‬ ‫شةَ‪َ .‬و َكانُوا يَ ْق ِّ‬ ‫اح َ‬‫يف أ َ َحدًا ِّألَنَّا نُ ِّريدُ ِّم ْن ُه ُم ْالفَ ِّ‬ ‫ض َ‬ ‫ي َع ْن أ َ ْن ت ُ ِّ‬ ‫﴾ أَ ْ‬
‫ْال َح َ‬
‫س ِّن‪.‬‬
‫ش ِّة‪.‬اهـ(‪)67‬‬ ‫ص ْدنَاهُ بِّ ْالفَ ِّ‬
‫اح َ‬ ‫اس إِّذَا قَ َ‬ ‫ثم قال‪:‬وقيل‪ :‬أو لم نَ ْن َه َك َع ْن أ َ ْن ت ُ َك ِّل َمنَا فِّي أ َ َح ٍد ِّمنَ النَّ ِّ‬
‫﴿ قَا َل َهؤ َُال ِّء َبنَاتِّي إِّ ْن ُك ْنت ُ ْم فَا ِّع ِّلينَ (‪﴾ )71‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)68‬‬
‫(قال هؤالء بناتي) مثل قال إن هؤالء ضيفي «‪ ،»69‬وهنا مبتدأ وخبر «‪( ،»70‬إن)‬
‫حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبني في محل جزم فعل الشرط و (تم) في‬
‫محل رفع اسم كنتم (فاعلين) خبر كنتم منصوب وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ قَا َل َهؤ َُال ِّء بَنَا ِّتي ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم فَا ِّع ِّلينَ ﴾‬
‫‪-‬قال ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪ :-‬فأرشدهم إلى نسائهم‪ ،‬وما خلق لهم ربهم منهن من الفروج‬
‫المباحة‪.‬‬

‫‪ -66‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433/1‬‬
‫‪-67‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 39 /10‬‬
‫‪-68‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 262/14‬‬
‫‪ - 69‬في اآلية (‪ )68‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ - 70‬وفي الكالم حذف أي فتزوجوهن‪ ..‬ويجوز أن يكون (بناتي) بدال من اسم اإلشارة والخبر محذوف‬
‫تقديره أطهر لكم‪..‬‬

‫‪17‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫هذا كله وهم غافلون عما يراد بهم‪ ،‬وما قد أحاط بهم من البالء‪ ،‬وماذا يصبحهم من‬
‫العذاب المستقر‪.‬اهـ(‪)71‬‬
‫‪-‬وأضاف أبو جعفر الطبري‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها ما مختصره وبتصرف يسير‪ :‬يقول‬
‫تعالى ذكره‪ :‬قال لوط لقومه‪ :‬تزوجوا النساء فأتوهن‪ ،‬وال تفعلوا ما قد حرم هللا عليكم من‬
‫إتيان الرجال‪ ،‬إن كنتم فاعلين ما آمركم به‪ ،‬ومنتهين إلى أمري‪.‬‬
‫ُالء بَنَاتِّي ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم فَا ِّع ِّلينَ )‪ :‬أمرهم نبي هللا لوط أن يتزوجوا النساء‪،‬‬
‫وعن قتادة (قَا َل َهؤ ِّ‬
‫ي أضيافه ببناته‪.‬اهـ(‪)72‬‬ ‫وأراد أن َي ِّق َ‬
‫س ْك َرتِّ ِّه ْم يَ ْع َم ُهونَ (‪﴾ )72‬‬
‫﴿ لَ َع ْم ُر َك ِّإنَّ ُه ْم لَ ِّفي َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)73‬‬
‫(الالم) الم االبتداء (عمرك) مبتدأ مرفوع‪ ،‬و (الكاف) مضاف إليه‪ ،‬والخبر محذوف‬
‫وجوبا تقديره قسمي (إنهم) حرف توكيد ونصب‪ ..‬و (هم) ضمير في محل نصب اسم‬
‫إن (الالم) المزحلقة‪ -‬أو الم القسم‪( -‬في سكرتهم) جار ومجرور متعلق بخبر إن‪ ،‬و (هم)‬
‫مضاف إليه (يعمهون) مضارع مرفوع‪ ..‬و (الواو) فاعل‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫س ْك َرتِّ ِّه ْم يَ ْع َم ُهونَ ﴾‬‫﴿ لَعَ ْم ُر َك إِّنَّ ُه ْم لَ ِّفي َ‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ :‬وقوله ﴿ لَ َع ْم ُر َك ﴾ يقول تعالى لنبيه‬
‫س ْك َرتِّ ِّه ْم‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وحياتك يا محمد‪ ،‬إن قومك من قريش ﴿ لَ ِّفي َ‬
‫َي ْع َم ُهونَ ﴾ يقول‪ :‬لفي ضاللتهم وجهلهم يترددون‪.‬اهـ(‪)74‬‬
‫‪-‬وأضاف ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها ما مختصره وبتصرف يسير‪ :‬أقسم تعالى بحياة‬
‫نبيه‪ ،‬صلوات هللا وسالمه عليه‪ ،‬وفي هذا تشريف عظيم‪ ،‬ومقام رفيع وجاه عريض‪.‬‬
‫وعن ابن عباس‪ ،‬أنه قال‪ :‬ما خلق هللا وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬وما سمعت هللا أقسم بحياة أحد غيره‪ ،‬قال هللا تعالى‪ ﴿ :‬لعمرك إنهم لفي‬
‫سكرتهم يعمهون ﴾ يقول‪ :‬وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا إنهم لفي سكرتهم يعمهون‬
‫رواه ابن جرير‪.‬‬

‫‪ -71‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 542/ 4‬‬
‫‪ -72‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪) 118/ 17‬‬
‫‪-73‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 263/14‬‬
‫‪ -74‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 119/ 17‬‬

‫‪18‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫وقال قتادة‪ ﴿ :‬في سكرتهم ﴾ أي‪ :‬في ضاللتهم‪ ﴿ ،‬يعمهون ﴾ أي‪ :‬يلعبون‪.‬‬
‫وقال علي بن أبي طلحة‪ ،‬عن ابن عباس‪ ﴿ :‬لعمرك ﴾ لعيشك‪ ﴿ ،‬إنهم لفي سكرتهم‬
‫يعمهون ﴾ قال‪ :‬يتحيرون‪ .‬اهـ(‪)75‬‬
‫ص ْي َحةُ ُم ْش ِّرقِّينَ (‪﴾ )73‬‬ ‫﴿ فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)76‬‬
‫(الفاء) عاطفة (أخذت) فعل ماض‪ ..‬و (التاء) للتأنيث و (هم) ضمير مفعول به (الصيحة)‬
‫فاعل مرفوع (مشرقين) حال منصوبة من ضمير المفعول في (أخذتهم)‪ ،‬وعالمة النصب‬
‫الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ص ْي َحةُ ُم ْش ِّرقِّينَ ﴾‬‫﴿ فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫‪-‬قال ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ :‬يقول‪ :‬تعالى‪ ﴿ :‬فأخذتهم الصيحة ﴾ وهي ما‬
‫جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس‪ ،‬وهو طلوعها‪.‬اهـ(‪)77‬‬
‫‪-‬وأضاف القرطبي‪ -‬رحمه هللا –في بيانها‪:‬‬
‫قوله تعالى‪ ﴿ :‬فأخذتهم الصيحة مشرقين ﴾ نصب على الحال‪ ،‬أي وقت شروق الشمس‪.‬‬
‫يقال‪ :‬أشرقت الشمس أي أضاءت‪ ،‬وشرقت إذا طلعت‪ .‬وقيل‪ :‬هما لغتان بمعنى‪.‬‬
‫وأشرق القوم أي دخلوا في وقت شروق الشمس‪ .‬مثل أصبحوا وأمسوا‪ ،‬وهو المراد‬
‫في اآلية‪ .‬وقيل‪ :‬أراد شروق الفجر‪ .‬وقيل‪ :‬أول العذاب كان عند الصبح وامتد إلى‬
‫شروق الشمس‪ ،‬فكان تمام الهالك عند ذلك‪ .‬وهللا أعلم‪.‬اهـ(‪)78‬‬
‫ط ْرنَا َعلَ ْي ِّه ْم ِّح َج َ‬
‫ارة ً ِّم ْن ِّس ِّجي ٍل (‪﴾ )74‬‬ ‫﴿ فَ َج َع ْلنَا َعا ِّليَ َها َ‬
‫سا ِّفلَ َها َوأ َ ْم َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)79‬‬
‫(الفاء) عاطفة (جعلنا) فعل ماض وفاعله (عاليها) مفعول به منصوب‪ ..‬و (ها) ضمير‬
‫مضاف إليه (سافلها) مفعول به ثان‪ ..‬و (ها) مثل األول (الواو) عاطفة (أمطرنا) مثل‬
‫جعلنا (على) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (أمطرنا)‪( ،‬حجارة)‬
‫مفعول به منصوب (من سجيل) جار ومجرور متعلق بنعت لحجارة‪.‬‬

‫‪ -75‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪)542 / 4‬‬
‫‪-76‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 263/14‬‬
‫‪ -77‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 544/ 4‬‬
‫‪-78‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 42/10‬‬
‫‪-79‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 263/14‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ارة ً ِّم ْن ِّس ِّجي ٍل (‪﴾ )74‬‬ ‫سافِّلَ َها َوأ َ ْم َ‬
‫ط ْرنَا َعلَ ْي ِّه ْم ِّح َج َ‬ ‫﴿ فَ َج َع ْلنَا َ‬
‫عا ِّل َي َها َ‬
‫سافِّلَ َها ﴾ أي‪ :‬قلبنا عليهم مدينتهم‪،‬‬ ‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في بيانها‪ ﴿ :‬فَ َج َع ْلنَا َعا ِّليَ َها َ‬
‫ارة ً ِّم ْن ِّس ِّجي ٍل ﴾ تتبع فيها من شذ من البلد منهم‪.‬اهـ (‪)80‬‬ ‫ط ْرنَا َعلَ ْي ِّه ْم ِّح َج َ‬‫﴿ َوأ َ ْم َ‬
‫ت ِّل ْل ُمت َ َو ِّس ِّمينَ (‪﴾ )75‬‬ ‫﴿ ِّإ َّن فِّي ذَ ِّل َك َآلَيَا ٍ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)81‬‬
‫(إن) حرف توكيد ونصب (في) حرف جر (ذلك) اسم إشارة مبني في محل جر متعلق‬
‫بخبر مقدم‪ ..‬و (الالم) للبعد‪ ،‬و (الكاف) للخطاب (الالم) الثانية للتوكيد (آيات) اسم إن‬
‫مؤخر منصوب وعالمة النصب الكسرة (للمتوسمين) جار ومجرور متعلق بنعت آليات‪،‬‬
‫وعالمة الجر الياء «‪.»82‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ت ِّل ْل ُمت َ َو ِّس ِّمينَ (‪﴾ )75‬‬ ‫﴿ ِّإ َّن فِّي ذَ ِّل َك َآلَيَا ٍ‬
‫‪-‬قال البغوي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيره لآلية‪ ﴿ :‬إن في ذلك آليات للمتوسمين ﴾ قال ابن‬
‫عباس‪ :‬للناظرين‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬للمتفرسين‪ .‬وقال قتادة‪ :‬للمعتبرين‪ .‬وقال مقاتل‪ :‬للمتفكرين‪.‬‬
‫﴿ وإنها ﴾ يعني‪ :‬قرى قوم لوط ﴿ لبسبيل مقيم ﴾ أي‪ :‬بطريق واضح‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬بطريق معلم ليس يخفى وال زائل‪.‬اهـ(‪)83‬‬
‫ت ِّل ْل ُمت َ َو ِّس ِّمينَ ) يقول‪ :‬إن في الذي‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪ :‬وقوله ( ِّإ َّن فِّي ذَ ِّل َك آل َيا ٍ‬
‫فعلنا بقوم لوط من إهالكهم‪ ،‬وأحللنا بهم من العذاب لَ َعالمات ودالالت للمتفرسين‬
‫المعتبرين بعالمات هللا‪ ،‬وعبره على عواقب أمور أهل معاصيه والكفر به‪ .‬وإنما‬
‫يعني تعالى ذكره بذلك قوم نبي هللا صلى هللا عليه وسلم من قريش‪ ،‬يقول‪ :‬فلقومك يا‬
‫محمد في قوم لوط‪ ،‬وما حل بهم من عذاب هللا حين كذبوا رسولهم‪ ،‬وتمادوا في غيهم‪،‬‬
‫وضاللهم‪َ ،‬م ْعت َ َبر‪.‬اهـ(‪)84‬‬

‫‪ -80‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433/1‬‬
‫‪-81‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)264 /14‬‬
‫‪ - 82‬أو متعلق بآيات وهي بمعنى عالمات‪.‬‬
‫‪-83‬انظر معالم التنزيل للبغوي ‪ -‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع (‪)384 /4‬‬
‫‪ -84‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 120/ 17‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬وقال ابن القيم – رحمه هللا‪ -‬في تفسيره القيم مختصره وبتصرف يسير‪ :‬قد مدح هللا‬
‫سبحانه وتعالى الفراسة وأهلها في مواضع من كتابه‪ .‬هذا منها‪.‬‬
‫والمتوسمون‪ :‬هم المتفرسون الذين يأخذون بالسيماء‪ ،‬وهي العالمة‪.‬‬
‫يقال‪ :‬توسمت فيك كذا‪ ،‬أي تفرسته‪ ،‬كأنها أخذت من السيماء‪ ،‬وهي فعالء من السمة‪،‬‬
‫وهي العالمة‪.‬‬
‫وقال تعالى‪َ ﴿ 30 :47 :‬ولَ ْو نَشا ُء َأل َ َريْنا َك ُه ْم فَلَعَ َر ْفت َ ُه ْم بِّسِّيما ُه ْم ﴾ وقال تعالى‪﴿ 273 :2 :‬‬
‫ف ت َ ْع ِّرفُ ُه ْم بِّسِّيما ُه ْم ﴾‪.‬‬ ‫سبُ ُه ُم ْالجا ِّه ُل أ َ ْغنِّيا َء ِّمنَ التَّعَفُّ ِّ‬ ‫يَ ْح َ‬
‫وأضاف –رحمه هللا‪-‬فقال في مدارج السالكين‪:‬‬
‫قال مجاهد رحمه هللا‪ :‬المتوسمين المتفرسين‪ .‬وقال ابن عباس رضي هللا عنهما‪:‬‬
‫للناظرين‪ .‬وقال قتادة‪ :‬للمقرين‪ ،‬وقال مقاتل‪ :‬للمتفكرين‪.‬‬
‫وال تنافي بين هذه األقوال‪ .‬فإن الناظر متى نظر في آثار ديار المكذبين ومنازلهم‪،‬‬
‫وما آل إليه أمرهم‪ ،‬أورثه فراسة وعبرة وفكرة‪ .‬وقال تعالى في حق المنافقين َولَ ْو‬
‫نَشا ُء َأل َ َريْنا َك ُه ْم فَلَ َع َر ْفت َ ُه ْم ِّبسِّيماهُ ْم َولَت َ ْع ِّرفَنَّ ُه ْم فِّي لَ ْح ِّن ْالقَ ْو ِّل فاألول فراسة النظر‬
‫والعين‪ .‬والثاني فراسة األذن والسمع‪.‬اهـ (‪)85‬‬
‫س ِّبي ٍل ُم ِّق ٍيم (‪﴾ )76‬‬ ‫﴿ َو ِّإنَّ َها لَ ِّب َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)86‬‬
‫(الواو) عاطفة (إنها) مثل (إنهم) «‪( ،»87‬الالم) المزحلقة للتوكيد (بسبيل) جار‬
‫ومجرور متعلق بخبر إن (مقيم) نعت لسبيل مجرور‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫س ِّبي ٍل ُم ِّق ٍيم ﴾‬‫﴿ َو ِّإنَّ َها لَ ِّب َ‬
‫‪-‬قال ابن كثير –رحمه هللا‪ :-‬وقوله‪ ﴿ :‬وإنها لبسبيل مقيم ﴾ أي‪ :‬وإن قرية سدوم التي‬
‫أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي‪ ،‬والقذف بالحجارة‪ ،‬حتى صارت بحيرة‬
‫منتنة خبيثة لبطريق مهيع مسالكه مستمرة إلى اليوم‪ ،‬كما قال تعالى‪ ﴿ :‬وإنكم لتمرون‬
‫عليهم مصبحين وبالليل أفال تعقلون ﴾ [الصافات‪]138 ،137 :‬‬
‫وقال مجاهد‪ ،‬والضحاك‪ ﴿ :‬وإنها لبسبيل مقيم ﴾ قال‪ :‬معلم‪ .‬وقال قتادة‪ :‬بطريق واضح‪.‬‬
‫وقال قتادة أيضا‪ :‬بصقع من األرض واحد‪.‬‬

‫‪ -85‬تفسير القرآن الكريم ـ البن القيم )‪ -‬ص ‪) 350/‬‬


‫‪-86‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 264/14‬‬
‫‪ - 87‬في اآلية (‪ )72‬من هذه السورة‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫وقال السدي‪ :‬بكتاب مبين‪ ،‬يعني كقوله‪ ﴿ :‬وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ﴾ [يس‪:‬‬
‫‪ ]12‬ولكن ليس المعنى على ما قال هاهنا‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬اهـ(‪)88‬‬
‫﴿ ِّإ َّن فِّي ذَ ِّل َك َآلَ َيةً ِّل ْل ُمؤْ ِّم ِّنينَ (‪﴾ )77‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)89‬‬
‫(إن في ذلك آلية للمؤمنين) مثل نظيرها‪ :‬إن‪ ...‬للمتوسمين‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ ِّإ َّن فِّي ذَ ِّل َك َآلَ َيةً ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ ﴾‬
‫‪-‬قال ابن كثير –رحمه هللا‪-‬في بيانها‪ :‬وقوله‪ ﴿ :‬إن في ذلك آلية للمؤمنين ﴾ أي‪ :‬إن‬
‫الذي صنعنا بقوم لوط من الهالك والدمار وإنجائنا لوطا وأهله‪ ،‬لداللة واضحة جلية‬
‫للمؤمنين باهلل ورسله‪.‬اهـ(‪)90‬‬
‫‪-‬وزاد السعدي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في بيان قوله تعالى ﴿ ِّإ َّن فِّي ذَ ِّل َك آليَةً ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ ﴾ فقال‪:‬‬
‫وفي هذه القصة من العبر‪ :‬عنايته تعالى بخليله إبراهيم‪ ،‬فإن لوطا عليه السالم من أتباعه‪،‬‬
‫وممن آمن به فكأنه تلميذ له‪ ،‬فحين أراد هللا إهالك قوم لوط حين استحقوا ذلك‪ ،‬أمر رسله‬
‫أن يمروا على إبراهيم عليه السالم كي يبشروه بالولد ويخبروه بما بعثوا له‪ ،‬حتى إنه‬
‫جادلهم عليه السالم في إهالكهم حتى أقنعوه‪ ،‬فطابت نفسه‪.‬‬
‫وكذلك لوط عليه السالم‪ ،‬لما كانوا أهل وطنه‪ ،‬فربما أخذته الرقة عليهم والرأفة بهم‬
‫قدَّر هللا من األسباب ما به يشتد غيظه وحنقه عليهم‪ ،‬حتى استبطأ إهالكهم لما قيل له‪:‬‬
‫﴿ إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ﴾ ومنها‪ :‬أن هللا تعالى إذا أراد أن يهلك‬
‫قرية ازداد شرهم وطغيانهم‪ ،‬فإذا انتهى أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه‪.‬اهـ (‪)91‬‬
‫اب ْاأل َ ْي َك ِّة لَ َ‬
‫ظا ِّل ِّمينَ (‪﴾ )78‬‬ ‫ص َح ُ‬ ‫﴿ َو ِّإ ْن َكانَ أ َ ْ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)92‬‬

‫‪ -88‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 544/ 4‬‬
‫‪-89‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 264/14‬‬
‫‪ -90‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪)545 / 4‬‬
‫‪ -91‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433 /1‬‬
‫‪-92‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)265 /14‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫(إن) مخففة من الثقيلة‪ ،‬واسمها ضمير الشأن محذوف (كان) فعل ماض ناقص‪ -‬ناسخ‪-‬‬
‫(أصحاب) اسم كان مرفوع (األيكة) مضاف إليه مجرور (الالم) هي الفارقة (ظالمين)‬
‫خبر كان منصوب وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫اب ْاأل َ ْي َك ِّة لَ َ‬
‫ظا ِّل ِّمينَ ﴾‬ ‫ص َح ُ‬ ‫﴿ َو ِّإ ْن َكانَ أ َ ْ‬
‫‪-‬قال القرطبي‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيره‪ ﴿ :‬وإن كان أصحاب األيكة لظالمين ﴾ يريد قوم‬
‫شعيب‪ ،‬كانوا أصحاب غياض ورياض وشجر مثمر‪ .‬واأليكة‪ :‬الغيضة‪ ،‬وهي جماعة‬
‫الشجر‪ ،‬والجمع األيك‪ .‬ويروى أن شجرهم كان دوما وهو المقل‪ .‬قال النابغة‪:‬‬
‫تجلو بقادمتي حمامة أيكة‪ ...‬بردا أسف لثاته باإلثمد‬
‫وقيل‪ :‬األيكة اسم القرية‪ .‬وقيل اسم البلدة‪ .‬وقال أبو عبيدة‪ :‬األيكة وليكة مدينتهم‪،‬‬
‫بمنزلة بكة من مكة‪ .‬وتقدم خبر شعيب وقومه «‪( .»1‬وإنهما لبإمام مبين) أي بطريق‬
‫واضح في نفسه‪ ،‬يعني مدينة قوم لوط وبقعة أصحاب األيكة يعتبر بهما من يمر‬
‫عليهما‪.‬اهـ(‪)93‬‬
‫‪-‬وزاد الشنقيطي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في بيانها فقال ما مختصره‪ :‬ذكر ‪ -‬جل وعال ‪ -‬في هذه‬
‫اآلية أن أصحاب األيكة كانوا ظالمين وأنه ‪ -‬جل وعال ‪ -‬انتقم منهم بسبب ظلمهم‪،‬‬
‫وأوضح هذه القصة في مواضع أخر كقوله في الشعراء ﴿ كذب أصحاب األيكة‬
‫المرسلين إذ قال لهم شعيب أال تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا هللا وأطيعون وما‬
‫أسألكم عليه من أجر إن أجري إال على رب العالمين أوفوا الكيل وال تكونوا من‬
‫المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم وال تبخسوا الناس أشياءهم وال تعثوا في‬
‫األرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة األولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما‬
‫أنت إال بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من‬
‫الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب‬
‫يوم عظيم إن في ذلك آلية وما كان أكثرهم مؤمنين ﴾ [‪ ]190 - 176 \ 26‬فبين في‬
‫هذه اآلية أن ظلمهم هو تكذيب رسولهم وتطفيفهم في الكيل‪ ،‬وبخسهم الناس أشياءهم‪،‬‬
‫وأن انتقامه منهم بعذاب يوم الظلة‪ ،‬وبين أنه عذاب يوم عظيم‪ ،‬والظلة سحابة أظلتهم‬
‫فأضرمها هللا عليهم نارا فأحرقتهم‪ ،‬والعلم عند هللا تعالى‪.‬اهـ(‪)94‬‬
‫ين (‪﴾ )79‬‬ ‫﴿ فَا ْنتَقَ ْمنَا ِّم ْن ُه ْم َو ِّإنَّ ُه َما لَ ِّبإ ِّ َم ٍام ُم ِّب ٍ‬

‫‪-93‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 45/10‬‬
‫‪ - 94‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان( ‪) 288/2‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)95‬‬
‫(الفاء) عاطفة (انتقمنا) فعل ماض وفاعله (من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر‬
‫متعلق ب (انتقمنا)‪( ،‬الواو) استئنافية (إنهما) حرف مشبه بالفعل‪ ،‬و (هما) ضمير في‬
‫محل نصب اسم إن «‪( ،»96‬الالم) المزحلقة للتوكيد (بإمام) جار ومجرور متعلق بخبر‬
‫إن (مبين) نعت إلمام مجرور مثله‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ فَا ْنتَقَ ْمنَا ِّم ْن ُه ْم َو ِّإنَّ ُه َما لَبِّإ ِّ َم ٍام ُمبِّ ٍ‬
‫ين ﴾‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها إجماالً‪ :‬وقوله ﴿ فَا ْنتَقَ ْمنَا ِّم ْن ُه ْم َو ِّإنَّ ُه َما‬
‫ين ﴾ يقول تعالى ذكره‪ :‬فانتقمنا من ظلمة أصحاب األيكة‪ .‬وقوله ﴿ َو ِّإنَّ ُه َما‬ ‫لَ ِّبإ ِّ َم ٍام ُمبِّ ٍ‬
‫ين ﴾ يقول‪ :‬وإن مدينة أصحاب األيكة‪ ،‬ومدينة قوم لوط‪ ،‬والهاء والميم في‬ ‫لَ ِّبإ ِّ َم ٍام ُم ِّب ٍ‬
‫إمام ﴾ يقول‪ :‬لبطريق يأتمون به في سفرهم‪،‬‬ ‫قوله ﴿ وإنَّ ُهما ﴾ من ذكر المدينتين‪ ﴿ .‬لَبِّ ٍ‬
‫ين ﴾ يقول‪ :‬يبين لمن ائتم به استقامته‪ ،‬وإنما جعل الطريق إماما ألنه‬ ‫ويهتدون به ﴿ ُمبِّ ٍ‬
‫يُؤم ويُتَّبع‪.‬اهـ(‪)97‬‬
‫ين ﴾ فقال أي‪ :‬لبطريق واضح يمر‬ ‫‪-‬وأضاف السعدي في بيان قوله تعالى‪ ﴿ :‬لَبِّإ ِّ َم ٍام ُمبِّ ٍ‬
‫بهم المسافرون كل وقت‪ ،‬فيبين من آثارهم ما هو مشاهد باألبصار فيعتبر بذلك أولوا‬
‫األلباب‪.‬اهـ (‪)98‬‬
‫س ِّلينَ (‪﴾ )80‬‬ ‫اب ْال ِّح ْج ِّر ْال ُم ْر َ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫﴿ َولَقَ ْد َكذَّ َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)99‬‬
‫(الواو) استئنافية (الالم) الم القسم لقسم مقدر (قد) حرف تحقيق (كذب) فعل ماض‬
‫(أصحاب) فاعل مرفوع (الحجر) مضاف إليه مجرور (المرسلين) مفعول به منصوب‪،‬‬
‫وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬

‫‪-95‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)265 /14‬‬
‫‪ - 96‬والضمير يعود على لوط وشعيب‪ ،‬وقد فهم من السياق‪ ،‬أو يعود على قوم لوط وقوم شعيب‪.‬‬
‫‪ -97‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 125/ 17‬‬
‫‪ -98‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 433 /1‬‬
‫‪-99‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)266 /14‬‬

‫‪24‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫اب ْال ِّح ْج ِّر ْال ُم ْر َ‬
‫س ِّلينَ ﴾‬ ‫ب أَ ْ‬
‫ص َح ُ‬ ‫﴿ َو َل َق ْد َكذَّ َ‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ :‬يخبر تعالى عن أهل الحجر‪ ،‬وهم قوم صالح‬
‫الذين كانوا يسكنون الحجر المعروف في أرض الحجاز‪ ،‬أنهم كذبوا المرسلين أي‪:‬‬
‫كذبوا صالحا‪ ،‬ومن كذب رسوال فقد كذب سائر الرسل‪ ،‬التفاق دعوتهم‪ ،‬وليس تكذيب‬
‫بعضهم لشخصه بل لما جاء به من الحق الذي اشترك جميع الرسل باإلتيان به‪.‬اهـ‬
‫(‪)100‬‬
‫‪-‬وزاد الشنقيطي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها فقال‪:‬الحجر‪ :‬منازل ثمود بين الحجاز والشام عند‬
‫وادي القرى‪ .‬فمعنى اآلية الكريمة‪ :‬كذبت ثمود المرسلين‪ ،‬وقد بين تعالى تكذيب ثمود‬
‫لنبيه صالح ‪ -‬عليه وعلى نبينا الصالة والسالم ‪ -‬في مواضع أخر‪ .‬كقوله‪ ﴿ :‬كذبت ثمود‬
‫المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح أال تتقون ﴾ اآليات [‪ ]141 \ 26‬وقوله‪ ﴿ :‬فكذبوه‬
‫فعقروها ﴾ [‪ ]14 \ 91‬وقوله‪ ﴿ :‬كذبت ثمود بالنذر فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا‬
‫لفي ضالل وسعر ﴾ [‪ ]24 - 23 \ 54‬وقوله‪ ﴿ :‬فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا‬
‫ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ﴾ [‪ ]77 \ 7‬إلى غير ذلك من اآليات‪.‬‬
‫وإنما قال إنهم كذبوا المرسلين مع أن الذي كذبوه هو صالح وحده‪ ،‬ألن دعوة جميع‬
‫الرسل واحدة‪ ،‬وهي تحقيق معنى «ال إله إال هللا» كما بينه تعالى بأدلة عمومية‬
‫وخصوصية‪ .‬قال معمما لجميعهم‪ ﴿ :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال‬
‫إله إال أنا ﴾ اآلية [‪ .]25 \ 21‬وقال‪ ﴿ :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسوال أن اعبدوا هللا واجتنبوا‬
‫الطاغوت ﴾ [‪ ]36 \ 16‬وقال‪ ﴿ :‬واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون‬
‫الرحمن آلهة يعبدون ﴾ [‪ ]45 \ 43‬إلى غير ذلك من اآليات‪.‬‬
‫ثم أضاف‪ -‬رحمه هللا‪:-‬‬
‫فإذا حققت أن دعوة الرسل واحدة عرفت أن من كذب واحدا منهم فقد كذب جميعهم‪ .‬ولذا‬
‫صرح تعالى بأن من كفر ببعضهم فهو كافر حقا‪ .‬قال‪ ﴿ :‬ويقولون نؤمن ببعض ونكفر‬
‫ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيال أولئك هم الكافرون حقا ﴾[‪- 150 \ 4‬‬
‫‪،]151‬وبين أنه ال تصح التفرقة بينهم بقوله‪ ﴿ :‬ال نفرق بين أحد منهم ﴾ [‪ 136 \ 2‬و ‪3‬‬
‫\ ‪ ،]84‬وقوله‪ ﴿ :‬ال نفرق بين أحد من رسله ﴾[‪ ،]285 \ 2‬ووعد األجر على عدم التفرقة‬
‫بينهم في قوله‪ ﴿ :‬والذين آمنوا باهلل ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم‬
‫أجورهم ﴾‪ .‬اآلية [‪]152 \ 4‬‬
‫ثم نبه‪ -‬رحمه هللا‪ -‬لفائدة فقال‪:‬‬
‫اعلم أنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬مر بالحجر المذكور في هذه اآلية في طريقه في‬
‫غزوة تبوك‪ ،‬فقد أخرج البخاري في صحيحه في غزوة تبوك‪ ،‬عن ابن عمر ‪ -‬رضي‬

‫‪ -100‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434 /1‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬لما مر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بالحجر‪ ،‬قال‪« :‬ال تدخلوا‬
‫مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم‪ ،‬إال أن تكونوا باكين»‪ ،‬ثم قنع‬
‫رأسه‪ ،‬وأسرع السير حتى أجاز الوادي «‪ ،‬هذا لفظ البخاري(‪.)101‬اهـ(‪)102‬‬
‫ضينَ (‪﴾ )81‬‬ ‫﴿ َوآَت َ ْينَا ُه ْم آَيَاتِّنَا فَ َكانُوا َع ْن َها ُم ْع ِّر ِّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)103‬‬
‫(الواو) عاطفة (آتينا) فعل ماض وفاعله و (هم) ضمير مفعول به (آياتنا) مفعول به ثان‬
‫منصوب وعالمة النصب الكسرة‪ ..‬و (نا) مضاف إليه (الفاء) عاطفة (كانوا) فعل ماض‬
‫ناقص مبني على الضم‪ ..‬و (الواو) اسم كان (عن) حرف جر و (ها) ضمير في محل‬
‫جر متعلق ب (معرضين) وهو خبر كانوا منصوب وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ضينَ ﴾‬ ‫﴿ َوآَت َ ْينَا ُه ْم آَيَاتِّنَا فَ َكانُوا َع ْن َها ُم ْع ِّر ِّ‬
‫‪-‬قال القرطبي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيره‪ :‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬وآتيناهم آياتنا ﴾ أي بآياتنا كقوله‪﴿:‬‬
‫آتنا غداءنا ﴾ " أي بغذائنا‪ .‬والمراد الناقة‪ ،‬وكان فيها آيات جمة‪ :‬خروجها من الصخرة‪،‬‬
‫ودنو نتاجها عند خروجها‪ ،‬وعظمها حتى لم تشبهها ناقة‪ ،‬وكثرة لبنها حتى تكفيهم جميعا‪.‬‬
‫ويحتمل أنه كان لصالح آيات أخر سوى الناقة‪ ،‬كالبئر وغيره‪ ﴿ .‬فكانوا عنها معرضين‬
‫﴾أي لم يعتبروا‪.‬اهـ‬
‫﴿ َو َكانُوا يَ ْن ِّحتُونَ ِّمنَ ْال ِّجبَا ِّل بُيُوتًا آ َ ِّمنِّينَ (‪﴾ )82‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)104‬‬
‫(الواو) عاطفة (كانوا) مثل األول (ينحتون) مضارع مرفوع‪ ،‬و (الواو) فاعل (من‬
‫الجبال) جار ومجرور متعلق بفعل ينحتون بتضمينه معنى يتخذون (بيوتا) مفعول به‬
‫منصوب (آمنين) حال من فاعل ينحتون منصوبة‪ ،‬وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ َو َكانُوا يَ ْن ِّحتُونَ ِّمنَ ْال ِّجبَا ِّل بُيُوتًا آ َ ِّمنِّينَ ﴾‬
‫‪-‬قال القرطبي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها‪ :‬النحت في كالم العرب‪ :‬البري والنجر‪ .‬نحته‬
‫ينحته (بالكسر نحتا أي براه‪ .‬والنحاتة البراية‪ .‬والمنحت ما ينحت به‪ .‬وفي التنزيل﴿‬

‫‪ - 101‬أخرجه البخاري برقم‪ -4419 /‬باب نزول النبي صلى هللا عليه وسلم الحجر‬
‫‪ - 102‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان( ‪) 289/2‬‬
‫‪-103‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 266/14‬‬
‫‪-104‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)266 /14‬‬

‫‪26‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫أتعبدون ما تنحتون ﴾ أي تنجرون وتصنعون‪ .‬فكانوا يتخذون من الجبال بيوتا ألنفسهم‬
‫بشدة قوتهم‪ ﴿ .‬آمنين ﴾ أي من أن تسقط عليهم أو تخرب‪ .‬وقيل‪ :‬آمنين من الموت‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬من العذاب‪ .‬اهـ(‪)105‬‬
‫‪-‬وأضاف ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪ ﴿ :-‬كانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ﴾ أي‪ :‬من‬
‫غير خوف وال احتياج إليها‪ ،‬بل أشرا وبطرا وعبثا‪ ،‬كما هو المشاهد من صنيعهم في‬
‫بيوتهم بوادي الحجر‪ ،‬الذي مر به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو ذاهب إلى‬
‫تبوك فقنع رأسه وأسرع دابته‪ ،‬وقال ألصحابه‪" :‬ال تدخلوا بيوت القوم المعذبين إال‬
‫أن تكونوا باكين‪ ،‬فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم"‬
‫(‪.)106‬اهـ(‪)107‬‬
‫﴿ فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫ص ْي َحةُ ُم ْ‬
‫ص ِّب ِّحينَ (‪﴾ )83‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)108‬‬
‫(الفاء) عاطفة (أخذتهم الصيحة مصبحين) مثل أخذتهم‪ ..‬مشرقين «‪.»109‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ص ْي َحةُ ُم ْ‬
‫ص ِّب ِّحينَ ﴾‬ ‫﴿ فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها ما نصه‪ :‬يقول‪ :‬فأخذتهم صيحة‬
‫الهالك حين أصبحوا من اليوم الرابع من اليوم الذي ُوعدوا العذاب‪ ،‬وقيل لهم‪ :‬تَمتَّعوا‬
‫في داركم ثالثة أيام‪.‬اهـ(‪)110‬‬
‫‪-‬وأضاف السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في بيانها‪ ﴿ :‬فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫ص ْي َحةُ ُم ْ‬
‫صبِّ ِّحينَ ﴾ فتقطعت‬
‫قلوبهم في أجوافهم وأصبحوا في دارهم جاثمين هلكى‪ ،‬مع ما يتبع ذلك من الخزي‬
‫واللعنة المستمرة‪.‬اهـ (‪)111‬‬

‫‪-105‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 53/10‬‬
‫‪ - 106‬سبق تخريجه في حديث البخاري سلفا ً وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (‪ )298‬واللفظ الذي‬
‫ذكره المصنف له‬
‫‪ -107‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪)545 / 4‬‬
‫‪-108‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 267/14‬‬
‫‪ - 109‬في اآلية (‪ )73‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ -110‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪-‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪)127/17‬‬
‫‪ -111‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434 /1‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫﴿ فَ َما أ َ ْغنَى َع ْن ُه ْم َما َكانُوا َي ْك ِّسبُونَ (‪﴾ )84‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)112‬‬
‫(الفاء) عاطفة (ما) حرف نفي (أغنى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على األلف‬
‫(عن) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (أغنى)‪( ،‬ما) اسم موصول‬
‫«‪ »113‬مبني في محل رفع فاعل‪ ،‬والعائد محذوف (كانوا يكسبون) مثل كانوا ينحتون‬
‫«‪.»114‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ فَ َما أ َ ْغنَى َع ْن ُه ْم َما َكانُوا َي ْك ِّسبُونَ ﴾‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪ :-‬ألن أمر هللا إذا جاء ال يرده كثرة جنود‪ ،‬وال قوة أنصار‬
‫وال غزارة أموال‪.‬اهـ (‪)115‬‬
‫‪-‬وزاد ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪ :‬أي‪ :‬ما كانوا يستغلونه من زروعهم وثمارهم التي ضنوا‬
‫بمائها عن الناقة‪ ،‬حتى عقروها لئال تضيق عليهم في المياه‪ ،‬فما دفعت عنهم تلك‬
‫األموال‪ ،‬وال نفعتهم لما جاء أمر ربك‪.‬اهـ(‪)116‬‬
‫ص ْف َح‬ ‫سا َعةَ َآلَتِّيَةٌ فَا ْ‬
‫صفَحِّ ال َّ‬ ‫ض َو َما بَ ْينَ ُه َما ِّإ َّال ِّب ْال َح ِّ‬
‫ق َو ِّإ َّن ال َّ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬ ‫﴿ َو َما َخلَ ْقنَا ال َّ‬
‫س َم َاوا ِّ‬
‫ْال َج ِّمي َل (‪﴾ )85‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)117‬‬
‫(الواو) استئنافية (ما خلقنا) مثل ما أغنى‪ ..‬و (نا) فاعل (السموات) مفعول به منصوب‬
‫وعالمة النصب الكسرة (األرض) معطوف على السموات بالواو منصوب (الواو)‬
‫عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محل نصب معطوف على السموات (بينهما) ظرف‬
‫منصوب متعلق بمحذوف صلة ما‪..‬‬

‫‪-112‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)268/14‬‬
‫‪ - 113‬أو حرف مصدري‪ ،‬والمصدر المؤول فاعل‪ ..‬أو هو نكرة موصوفة‪ ،‬والعائد محذوف‪ ،‬والجملة‬
‫نعت له‪.‬‬
‫‪ - 114‬في اآلية (‪ )82‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ -115‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434/1‬‬
‫‪ -116‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 546/ 4‬‬
‫‪-117‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)268 /14‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫و (هما) ضمير مضاف إليه (إال) أداة حصر (بالحق) جار ومجرور متعلق بمحذوف‬
‫مفعول مطلق أي إال خلقا ملتبسا بالحق (الواو) عاطفة (إن) حرف توكيد ونصب‬
‫(الساعة) اسم إن منصوب (الالم) المزحلقة للتوكيد (آتية) خبر مرفوع (الفاء) رابطة‬
‫لجواب شرط مقدر (اصفح) فعل أمر‪ ،‬والفاعل أنت (الصفح) مفعول مطلق منصوب‬
‫(الجميل) نعت للصفح منصوب‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ق﴾‬ ‫ض َو َما بَ ْينَ ُه َما إِّ َّال بِّ ْال َح ِّ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬
‫س َم َاوا ِّ‬ ‫﴿ َو َما َخلَ ْقنَا ال َّ‬
‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا‪-‬فقي تفسيرها إجماالً ما نصه‪ :‬أي‪ :‬ما خلقناهما عبثا وباطال‬
‫ق ﴾ الذي منه أن يكونا بما فيهما‬ ‫كما يظن ذلك أعداء هللا‪ ،‬بل ما خلقناهما ﴿ ِّإال ِّب ْال َح ِّ‬
‫دالتين على كمال خالقهما‪ ،‬واقتداره‪ ،‬وسعة رحمته وحكمته‪ ،‬وعلمه المحيط‪ ،‬وأنه‬
‫الذي ال تنبغي العبادة إال له وحده ال شريك له‪.‬اهـ (‪)118‬‬
‫‪-‬وزاد أبو جعفر الطبري بيانا في بيان هذه الجزئية من اآلية فقال‪ :‬قول تعالى ذكره‪:‬‬
‫ضها‪ ،‬ما فيهما وما بينهما‪ ،‬يعني بقوله﴿ َو َما‬ ‫وما خلقنا الخالئق كلها‪ ،‬سماءها وأر َ‬
‫ق ﴾ يقول‪ :‬إال بالعدل واإلنصاف‪ ،‬ال بالظلم‬ ‫بَ ْينَ ُه َما ﴾ مما في أطباق ذلك ﴿ ِّإال ِّب ْال َح ِّ‬
‫ص َها‬
‫ص َ‬‫والجور‪ ،‬وإنما يعني تعالى ذكره بذلك‪ :‬أنه لم يظلم أحدا من األمم التي اقتص قَ َ‬
‫في هذه السورة‪ ،‬وقصص إهالكه إياها بما فعل به من تعجيل النقمة له على كفره به‪،‬‬
‫فيعذبه ويهلكه بغير استحقاق‪ ،‬ألنه لم يخلق السموات واألرض وما بينهما بالظلم‬
‫والجور‪ ،‬ولكنه خلق ذلك بالحق والعدل‪.‬اهـ(‪)119‬‬
‫ص ْف َح ْال َج ِّمي َل ﴾‬ ‫صفَحِّ ال َّ‬ ‫سا َعةَ َآلَتِّيَةٌ فَا ْ‬ ‫﴿ َو ِّإ َّن ال َّ‬
‫سا َعةَ آلتِّيَةٌ ﴾ ال ريب فيها لخلق السماوات‬ ‫‪-‬قال السعدي‪ -‬رحمه هللا في بيانها‪َ ﴿ :‬وإِّ َّن ال َّ‬
‫ص ْف َح ْال َج ِّمي َل ﴾ وهو الصفح الذي ال أذية فيه‬ ‫صفَحِّ ال َّ‬ ‫واألرض أكبر من خلق الناس ﴿ فَا ْ‬
‫بل يقابل إساءة المسيء باإلحسان‪ ،‬وذنبه بالغفران‪ ،‬لتنال من ربك جزيل األجر والثواب‪،‬‬
‫فإن كل ما هو آت فهو قريب‪ ،‬وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا‪.‬‬
‫وهو‪ :‬أن المأمور به هو الصفح الجميل أي‪ :‬الحسن الذي قد سلم من الحقد واألذية‬
‫القولية والفعلية‪ ،‬دون الصفح الذي ليس بجميل‪ ،‬وهو الصفح في غير محله‪ ،‬فال يصفح‬

‫‪ -118‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434 /1‬‬
‫‪-119‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 56 /10‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫حيث اقتضى المقام العقوبة‪ ،‬كعقوبة المعتدين الظالمين الذين ال ينفع فيهم إال العقوبة‪،‬‬
‫وهذا هو المعنى‪.‬اهـ (‪)120‬‬
‫﴿ ِّإ َّن َرب ََّك ُه َو ْالخ ََّال ُق ْال َع ِّلي ُم (‪﴾ )86‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)121‬‬
‫(إن ربك) مثل إن الساعة‪ ..‬و (الكاف) مضاف إليه (هو) ضمير منفصل مبني في محل‬
‫رفع مبتدأ «‪( ،»122‬الخالق) خبر المبتدأ هو‪ ،‬مرفوع (العليم) خبر ثان مرفوع‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ ِّإ َّن َرب ََّك ُه َو ْالخ ََّال ُق ْال َع ِّلي ُم ﴾‬
‫‪-‬قال ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها ما نصه‪ :‬وقوله‪ ﴿ :‬إن ربك هو الخالق العليم ﴾‬
‫تقرير للمعاد‪ ،‬وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة‪ ،‬فإنه الخالق الذي ال يعجزه خلق‬
‫ما يشاء‪ ،‬وهو العليم بما تمزق من األجساد‪ ،‬وتفرق في سائر أقطار األرض‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬أوليس الذي خلق السماوات واألرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو‬
‫الخالق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت‬
‫كل شيء وإليه ترجعون ﴾ [يس‪.]83-81 :‬اهـ(‪)123‬‬
‫س ْبعًا ِّمنَ ْال َمثَانِّي َو ْالقُ ْرآَنَ ْالعَ ِّظي َم (‪﴾ )87‬‬ ‫﴿ َولَقَ ْد آَت َ ْين َ‬
‫َاك َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)124‬‬
‫(الواو) استئنافية (الالم) الم القسم (قد) حرف تحقيق (آتيناك) فعل ماض مبني على‬
‫السكون‪ ..‬و (نا) فاعل‪ ،‬و (الكاف) مفعول به (سبعا) مفعول به ثان منصوب (من المثاني)‬
‫جار ومجرور متعلق بنعت ل (سبعا)‪ ،‬وعالمة الجر الكسرة المقدرة على الياء (الواو)‬
‫عاطفة (القرآن) معطوف على (سبعا) منصوب (العظيم) نعت للقرآن منصوب‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫س ْبعًا ِّمنَ ْال َمثَانِّي َو ْالقُ ْرآَنَ ْال َع ِّظ َ‬
‫يم ﴾‬ ‫﴿ َلَقَ ْد آَت َ ْين َ‬
‫َاك َ‬

‫‪ -120‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434/1‬‬
‫‪-121‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 269/14‬‬
‫‪ - 122‬أو ضمير فصل و (الخالق) خبر إن‪.‬‬
‫‪ -123‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 546/ 4‬‬
‫‪-124‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 270/14‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬قال السعدي‪-‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها إجماالً‪ :‬يقول تعالى ممتنًّا على رسوله ﴿ َولَقَ ْد آت َ ْينَ َ‬
‫اك‬
‫س ْبعًا ِّمنَ ْال َمثَانِّي ﴾ وهن ‪-‬على الصحيح‪ -‬السور السبع الطوال‪ " :‬البقرة " و " آل عمران‬ ‫َ‬
‫" و " النساء " و " المائدة " و " األنعام " و " األعراف " و " األنفال " مع " التوبة "‬
‫أو أنها فاتحة الكتاب ألنها سبع آيات‪ ،‬فيكون عطف " القرآن العظيم " على ذلك من باب‬
‫عطف العام على الخاص‪ ،‬لكثرة ما في المثاني من التوحيد‪ ،‬وعلوم الغيب‪ ،‬واألحكام‬
‫الجليلة‪ ،‬وتثنيتها فيها‪.‬‬
‫وعلى القول بأن " الفاتحة " هي السبع المثاني معناها‪ :‬أنها سبع آيات‪ ،‬تثنى في كل‬
‫ركعة‪ ،‬وإذا كان هللا قد أعطاه القرآن العظيم مع السبع المثاني كان قد أعطاه أفضل‬
‫ما يتنافس فيه المتنافسون‪ ،‬وأعظم ما فرح به المؤمنون‪.‬اهـ (‪)125‬‬
‫‪-‬وأضاف الشنقيطي‪-‬ر حمه هللا‪ -‬في بيانها ما مختصره‪ :‬في هذه اآلية الكريمة أنه أتى‬
‫نبيه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬سبعا من المثاني والقرآن العظيم‪ ،‬ولم يبين هنا المراد بذلك‪.‬‬
‫وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك‪ :‬أن اآلية الكريمة إن كان لها بيان في كتاب هللا‬
‫غير واف بالمقصود‪ ،‬أننا نتمم ذلك البيان من السنة‪ ،‬فنبين الكتاب بالسنة من حيث إنها‬
‫بيان للقرآن المبين باسم الفاعل‪ .‬فإذا علمت ذلك ; فاعلم أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬بين في الحديث الصحيح‪ :‬أن المراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم في هذه اآلية‬
‫الكريمة‪ :‬هو فاتحة الكتاب‪ .‬ففاتحة الكتاب مبينة للمراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم‪،‬‬
‫وإنما بينت ذلك‬
‫بإيضاح النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬لذلك في الحديث الصحيح‪.‬‬
‫قال البخاري في صحيحه في تفسير هذه اآلية الكريمة‪ :‬عن أبي سعيد بن المعلى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫مر بي النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وأنا أصلي‪ ،‬فدعاني فلم آته حتى صليت‪ ،‬ثم أتيت‬
‫فقال‪« :‬ما منعك أن تأتيني؟» فقلت‪ :‬كنت أصلي‪ .‬فقال‪« :‬ألم يقل هللا‪ :‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫استجيبوا هلل وللرسول [‪ ،]24 \ 8‬ثم قال‪ :‬أال أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج‬
‫من المسجد‪ ،‬فذهب النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ليخرج‪ ،‬فذكرته‪ ،‬فقال‪ :‬الحمد هلل رب‬
‫العالمين [‪ ،]2 \ 1‬هي السبع المثاني‪ ،‬والقرآن العظيم الذي أوتيته»(‪.)126‬‬
‫فهذا نص صحيح من النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أن المراد بالسبع المثاني والقرآن‬
‫العظيم‪ :‬فاتحة الكتاب‪ ،‬وبه تعلم أن قول من قال‪ :‬إنها السبع الطوال‪ ،‬غير صحيح‪ ،‬إذ‬
‫ال كالم ألحد معه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ومما يدل على عدم صحة ذلك القول‪ :‬أن‬

‫‪ -125‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434 /1‬‬
‫‪ - 126‬سبق تخريجة عند تفسير سورة الفاتحة‬

‫‪31‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫آية الحجر هذه مكية‪ ،‬وأن السبع الطوال ما أنزلت إال بالمدينة‪ .‬والعلم عند هللا‬
‫تعالى‪.‬اهـ(‪)127‬‬
‫ض َجنَا َح َك ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ‬ ‫﴿ َال ت َ ُمد ََّّن َع ْينَي َْك ِّإلَى َما َمت َّ ْعنَا ِّب ِّه أ َ ْز َوا ًجا ِّم ْن ُه ْم َو َال ت َ ْحزَ ْن َعلَ ْي ِّه ْم َو ْ‬
‫اخ ِّف ْ‬
‫(‪﴾ )88‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)128‬‬
‫(ال) ناهية (تمدن) مضارع مبني على الفتح في محل جزم‪..‬‬
‫و (النون) للتوكيد‪ ،‬والفاعل أنت (عينيك) مفعول به منصوب وعالمة النصب الياء و‬
‫(الكاف) مضاف إليه (إلى) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب‬
‫(تمدن) (متعنا) فعل ماض وفاعله (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر‬
‫متعلق ب (متعنا)‪( ،‬أزواجا) مفعول به منصوب (من) حرف جر و (هم) ضمير في‬
‫محل جر متعلق بنعت ل (أزواجا)‪( ،‬الواو) عاطفة (ال) مثل األولى (تحزن) مضارع‬
‫مجزوم‪ ،‬والفاعل أنت (عليهم) مثل منهم متعلق ب (تحزن)‪( ،‬الواو) عاطفة (اخفض)‬
‫فعل أمر‪ ،‬والفاعل أنت (جناحك) مفعول به منصوب‪ ..‬و (الكاف) ضمير مضاف إليه‬
‫(للمؤمنين) جار ومجرور متعلق ب (اخفض)‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ض َجنَا َح َك ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ‬ ‫﴿ َال ت َ ُمد ََّّن َع ْينَي َْك ِّإلَى َما َمت َّ ْعنَا ِّب ِّه أ َ ْز َوا ًجا ِّم ْن ُه ْم َو َال ت َ ْحزَ ْن َعلَ ْي ِّه ْم َو ْ‬
‫اخ ِّف ْ‬
‫﴾‬
‫‪-‬أي‪ :‬ال تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون‪،‬‬
‫واغتر بها الجاهلون‪ ،‬واستغن بما آتاك هللا من المثاني والقرآن العظيم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪َ ﴿ ،‬وال ت َ ْحزَ ْن َعلَ ْي ِّه ْم ﴾ فإنهم ال خير فيهم يرجى‪ ،‬وال نفع يرتقب‪ ،‬فلك في المؤمنين‬
‫ض َجنَا َح َك ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ ﴾ أي‪ :‬ألن لهم جانبك‪،‬‬ ‫اخ ِّف ْ‬ ‫عنهم أحسن البدل وأفضل العوض‪َ ﴿ ،‬و ْ‬
‫وحسِّن لهم خلقك‪ ،‬محبة وإكراما وتودُّدا‪-‬قاله السعدي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪.‬اهـ‬
‫(‪)129‬‬
‫‪-‬وزاد القرطبي‪-‬رحمه هللا –في بيان فائدة جليلة من اآلية قال ما مختصره‪:‬‬
‫هذه اآلية تقتضي الزجر عن التشوف إلى متاع الدنيا على الدوام‪ ،‬وإقبال العبد على عبادة‬
‫مواله‪ .‬ومثله﴿ وال تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم‬

‫‪ - 127‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان(‪) 314/ 2‬‬
‫‪-128‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)271 /14‬‬
‫‪ -129‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 434 /1‬‬

‫‪32‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫فيه ﴾اآلية‪ .‬وليس كذلك‪ ،‬فإنه روي عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ ":‬حبب إلي‬
‫من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصالة" (‪)130‬‬
‫وكان عليه الصالة والسالم يتشاغل بالنساء‪ ،‬جبلة اآلدمية وتشوف الخلقة اإلنسانية‪،‬‬
‫ويحافظ على الطيب‪ ،‬وال تقر له عين إال في الصالة لدى مناجاة المولى‪ ،‬ويرى أن‬
‫مناجاته أحرى من ذلك وأولى‪ .‬ولم يكن في دين محمد الرهبانية واإلقبال على األعمال‬
‫الصالحة بالكلية كما كان في دين عيسى‪،‬وإنما شرع هللا سبحانه حنيفية سمحة خالصة‬
‫عن الحرج خفيفة على اآلدمي‪ ،‬يأخذ من اآلدمية بشهواتها ويرجع إلى هللا بقلب سليم‪.‬‬
‫وراي الفراء والمخلصون من الفضالء االنكفاف عن اللذات والخلوص لرب األرض‬
‫والسموات اليوم أولى‪ ،‬لما غلب على الدنيا من الحرام‪ ،‬واضطر العبد في المعاش‬
‫إلى مخالطة من ال تجوز مخالطته ومصانعة من تحرم مصانعته‪ ،‬فكانت القراءة‬
‫أفضل‪ ،‬والفرار عن الدنيا أصوب للعبد وأعدل‪.‬اهـ(‪)131‬‬
‫ِّير ْال ُمبِّي ُن (‪﴾ )89‬‬
‫﴿ َوقُ ْل إِّنِّي أَنَا النَّذ ُ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)132‬‬
‫(الواو) عاطفة (قل) مثل اخفض (إني) حرف مشبه بالفعل‪ ..‬و (الياء) ضمير في محل‬
‫نصب اسم إن (أنا) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ «‪( ،»133‬النذير) خبر‬
‫المبتدأ أنا مرفوع (المبين) خبر ثان مرفوع‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ِّير ْال ُم ِّبي ُن ﴾‬
‫﴿ َوقُ ْل ِّإنِّي أَنَا النَّذ ُ‬
‫‪ -‬يأمر تعالى نبيه‪ ،‬صلوات هللا وسالمه عليه‪ ،‬أن يقول للناس‪ :‬إنه ﴿ النذير المبين ﴾‬
‫البين النذارة‪ ،‬نذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه كما حل بمن تقدمهم‬
‫من األمم المكذبة لرسلها‪ ،‬وما أنزل هللا عليهم من العذاب واالنتقام‪-.‬قاله ابن كثير‪-‬‬
‫رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪.‬اهـ(‪)134‬‬
‫﴿ َك َما أ َ ْنزَ ْلنَا َعلَى ْال ُم ْقتَس ِِّّمينَ (‪﴾ )90‬‬

‫‪- 130‬صحح األلباني إسناده في صحيح الجامع برقم‪ ،-3124 /‬المشكاة برقم‪.5261 /‬‬
‫‪-131‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 56 /10‬‬
‫‪-132‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 271/14‬‬
‫‪ - 133‬يجوز أن يكون الضمير مستعارا لمحل النصب‪ ،‬توكيدا السم إن‪.‬‬
‫‪ -134‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 548/ 4‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)135‬‬
‫(الكاف) حرف جر وتشبيه «‪( ،»136‬ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق‬
‫بمحذوف مفعول مطلق «‪( »137‬أنزلنا) مثل متعنا «‪( ،»138‬على المقتسمين) جار‬
‫ومجرور متعلق ب (أنزلنا)‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ َك َما أ َ ْنزَ ْلنَا َعلَى ْال ُم ْقتَس ِِّّمينَ ﴾‬
‫‪-‬قال ابن كثير‪ -‬ر حمه هللا‪-‬في بيانه‪ :‬وقوله‪ ﴿ :‬المقتسمين ﴾ أي‪ :‬المتحالفين‪ ،‬أي‪ :‬تحالفوا‬
‫على مخالفة األنبياء وتكذيبهم وأذاهم‪ ،‬كما قال تعالى إخبارا عن قوم صالح أنهم‪ ﴿ :‬قالوا‬
‫تقاسموا باهلل لنبيتنه وأهله ﴾ [النمل‪ ]46 :‬أي‪ :‬نقتلهم ليال قال مجاهد‪ :‬تقاسموا‪ :‬تحالفوا‪.‬‬
‫﴿ وأقسموا باهلل جهد أيمانهم ال يبعث هللا من يموت ﴾ [النحل‪ ﴿ ]38 :‬أولم تكونوا‬
‫أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ﴾ [إبراهيم‪ ﴿ ]44 :‬أهؤالء الذين أقسمتم ال ينالهم هللا‬
‫برحمة ﴾ [األعراف‪ ]49 :‬فكأنهم كانوا ال يكذبون بشيء إال أقسموا عليه‪ ،‬فسموا‬
‫مقتسمين‪.‬اهـ(‪)139‬‬
‫‪-‬وزاد الشنقيطي‪-‬رحمه هللا‪-‬في بيانها فقال ما مختصره وبتصرف‪ :‬في المراد بالمقتسمين‬
‫أقوال للعلماء معروفة‪ ،‬وكل واحد منها يشهد له قرآن‪ ،‬إال أن في اآلية الكريمة قرينة‬
‫تضعف بعض تلك األقوال‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن المراد بالمقتسمين‪ :‬الذين يحلفون على تكذيب الرسل ومخالفتهم‪ ،‬وعلى هذا‬
‫القول ; فاالقتسام افتعال من القسم بمعنى اليمين‪ ،‬وهو بمعنى التقاسم‪.‬‬
‫ومن اآليات التي ترشد لهذا الوجه قوله تعالى عن قوم صالح‪ :‬قالوا ﴿ تقاسموا باهلل لنبيتنه‬
‫وأهله ﴾ اآلية [‪ ،]49 \ 27‬أي‪ :‬نقتلهم ليال‪ ،‬وقوله‪ ﴿ :‬وأقسموا باهلل جهد أيمانهم ال يبعث‬
‫هللا من يموت ﴾ [‪ ،]38 \ 16‬إلى غير ذلك من اآليات‪ .‬فكأنهم كانوا ال يكذبون بشيء إال‬
‫أقسموا عليه ; فسموا مقتسمين‪.‬‬

‫‪-135‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 273/14‬‬
‫‪ - 136‬أو اسم بمعنى مثل مفعول مطلق‪.‬‬
‫‪ - 137‬اختلف السادة المفسرون المعربون في تقدير هذا المحذوف‪ ،‬وكلها ترجع إلى التأويل القريب أو‬
‫البعيد‪ ،‬وأقربها هو‪ :‬آتيناك إيتاء كالذي أنزلنا على المقتسمين‪ ..‬واختار أبو حيان أن يكون نعتا لمصدر‬
‫محذوف تقديره قل قوال كالذي أنزلناه على المقتسمين‪.‬‬
‫‪ - 138‬في اآلية (‪ )88‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ -139‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 548/ 4‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن المراد بالمقتسمين‪ :‬اليهود والنصارى‪ .‬وإنما وصفوا بأنهم مقتسمون ;‬
‫ألنهم اقتسموا كتبهم فآمنوا ببعضها وكفروا ببعضها‪.‬‬
‫ويدل لهذا القول قوله تعالى‪ ﴿ :‬أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ﴾ اآلية [‪\ 2‬‬
‫‪ ،]85‬وقوله‪ ﴿ :‬ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ﴾ اآلية [‪.]150 \ 4‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن المراد بالمقتسمين‪ :‬جماعة من كفار مكة اقتسموا القرآن بأقوالهم الكاذبة‬
‫; فقال بعضهم‪ :‬هو شعر‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬هو سحر‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬كهانة‪ .‬وقال بعضهم‪:‬‬
‫أساطير األولين‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬اختلقه محمد‪ - ،‬صلى هللا عليه وسلم ‪.-‬‬
‫وهذا القول تدل له اآليات الدالة على أنهم قالوا في القرآن تلك األقوال المفتراة الكاذبة‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪ ﴿ :‬وما هو بقول شاعر قليال ما تؤمنون وال بقول كاهن قليال ما تذكرون ﴾‬
‫[‪ ،]42 - 41 \ 69‬وقوله‪ :‬فقال إن هذا إال سحر يؤثر [‪ ،]24 \ 74‬وقوله‪ ﴿ :‬إن هذا إال‬
‫اختالق ﴾ [‪ ]7 \ 38‬إلى غير ذلك من اآليات‪ .‬والقرينة في اآلية الكريمة تؤيد هذا القول‬
‫الثالث‪ ،‬وال تنافي الثاني بخالف األول ; ألن قوله‪ ﴿ :‬الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ [‪15‬‬
‫\ ‪ ]91‬أظهر في القول الثالث ; لجعلهم له أعضاء متفرقة بحسب اختالف أقوالهم الكاذبة‪،‬‬
‫كقولهم‪ :‬شعر‪ ،‬سحر‪ ،‬كهانة‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وعلى أنهم أهل الكتاب‪ :‬فالمراد بالقرآن كتبهم التي جزؤوها‪ ،‬فآمنوا ببعضها وكفروا‬
‫ببعضها‪ ،‬أو القرآن ; ألنهم آمنوا بما وافق هواههم منه وكفروا بغيره‪.‬اهـ(‪)140‬‬
‫ضينَ (‪﴾ )91‬‬ ‫﴿ الَّذِّينَ َجعَلُوا ْالقُ ْرآَنَ ِّع ِّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)141‬‬
‫(الذين) اسم موصول في محل جر نعت للمقتسمين «‪( ،»142‬جعلوا) فعل ماض مبني‬
‫على الضم‪ ..‬و (الواو) فاعل (القرآن) مفعول به منصوب (عضين) مفعول به ثان‬
‫منصوب‪ ،‬وعالمة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكر‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ضينَ ﴾‬ ‫﴿ الَّذِّينَ َجعَلُوا ْالقُ ْرآَنَ ِّع ِّ‬
‫‪-‬فسرها السعدي‪ -‬رحمه هللا‪-‬فقال ما نصه‪ :‬أي‪ :‬أصنافا وأعضاء وأجزاء‪ ،‬يصرفونه‬
‫بحسب ما يهوونه‪ ،‬فمنهم من يقول‪ :‬سحر ومنهم من يقول‪ :‬كهانة ومنهم من يقول‪:‬‬

‫‪ - 140‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان( ‪) 317/2‬‬
‫‪-141‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)274 /14‬‬
‫‪ - 142‬أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم‪ ..‬والجملة استئناف بياني‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫مفترى إلى غير ذلك من أقوال الكفرة المكذبين به‪ ،‬الذين جعلوا قدحهم فيه ليصدوا‬
‫الناس عن الهدى‪.‬اهـ (‪)143‬‬
‫‪-‬وزاد البغوي‪-‬رحمه هللا في بيان قوله تعالى ﴿ عضين ﴾ في اآلية فقال‪:‬‬
‫قيل‪ :‬هو جمع عضو مأخوذ من قولهم‪ :‬عضيت الشيء تعضية‪ ،‬إذا فرقته‪ .‬ومعناه‪ :‬أنهم‬
‫جعلوا القرآن أعضاء‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬سحر‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬كهانة‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬أساطير‬
‫األولين‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو جمع عضة‪ :‬يقال‪ :‬عضة وعضين مثل برة وبرين وعزة وعزين‪ ،‬وأصلها‪:‬‬
‫عضهة ذهبت هاؤها األصلية‪ ،‬كما نقصوا من الشفة وأصلها شفهة‪ ،‬بدليل‪ :‬أنك تقول في‬
‫التصغير شفيهة‪ ،‬والمراد بالعضة الكذب والبهتان‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد بالعضين العضه‪ ،‬وهو السحر‪ ،‬يريد‪ :‬أنهم سموا القرآن سحرا‪.‬اهـ‬
‫(‪)144‬‬

‫﴿ فَ َو َر ِّب َك لَنَسْأَلَنَّ ُه ْم أ َ ْج َم ِّعينَ (‪﴾ )92‬‬


‫إعراب مفردات اآلية (‪)145‬‬
‫(الفاء) استئنافية (الواو) واو القسم (ربك) مجرور بالواو متعلق بفعل محذوف تقديره‬
‫أقسم‪ ..‬و (الكاف) مضاف إليه (الالم) الم القسم (نسألن) مضارع مبني على الفتح في‬
‫محل رفع‪ ..‬و (النون) للتوكيد‪ ،‬والفاعل نحن‪ ،‬و (هم) ضمير في محل نصب مفعول به‬
‫(أجمعين) توكيد للضمير الغائب منصوب «‪ ،»146‬وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ فَ َو َر ِّب َك لَنَسْأَلَنَّ ُه ْم أ َ ْج َم ِّعينَ ﴾‬
‫‪-‬قال القرطبي‪ -‬رحمه هللا في تفسيرها ما نصه‪ :-‬أي لنسألن هؤالء الذين جرى ذكرهم‬
‫عما عملوا في الدنيا‪.‬اهـ(‪)147‬‬
‫‪-‬وأضاف أبو جعفر الطبري‪ -‬رحمه ا هلل‪-‬في بيانها‪ :‬يقول تعالى ذكره لنبيه محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ :‬فوربك يا محمد لنسألن هؤالء الذين جعلوا القرآن في الدنيا‬

‫‪ -143‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 435/1‬‬
‫‪-144‬انظر معالم التنزيل للبغوي ‪ -‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع (‪) 386/ 4‬‬
‫‪-145‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 274/14‬‬
‫‪ - 146‬أو حال منصوبة من الضمير المفعول‪.‬‬
‫‪-147‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 59 /10‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫ِّعضين في اآلخرة عما كانوا يعملون في الدنيا‪ ،‬فيما أمرناهم به‪ ،‬وفيما بعثناك به‬
‫إليهم من آي كتابي الذي أنزلته إليهم‪ ،‬وفيما دعوناهم إليه من اإلقرار به ومن توحيدي‬
‫والبراءة من األنداد واألوثان‪..‬اهـ(‪)148‬‬
‫‪ -‬وزاد البغوي – رحمه هللا فائدة في بيانها فقال‪ :‬فإن قيل‪ :‬كيف الجمع بين هذه اآلية‬
‫وبين قوله تعالى‪ ﴿ :‬فيومئذ ال يسأل عن ذنبه إنس وال جان ﴾ (الرحمن‪.)39-‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬ال يسألهم هل عملتم‪ ،‬ألنه أعلم بهم منهم‪ ،‬ولكن يقول‪ :‬لم عملتم كذا وكذا؟‬
‫واعتمده قطرب فقال‪ :‬السؤال ضربان‪ ،‬سؤال استعالم‪ ،‬وسؤال توبيخ‪ ،‬فقوله تعالى‪﴿ :‬‬
‫فيومئذ ال يسأل عن ذنبه إنس وال جان ﴾ (الرحمن‪ )39-‬عني‪ :‬استعالما‪ .‬وقوله‪" :‬لنسألنهم‬
‫أجمعين" يعني توبيخا وتقريعا‪.‬‬
‫وقال عكرمة عن ابن عباس في اآليتين‪ :‬إن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف يسألون في‬
‫بعض المواقف‪ ،‬وال يسألون في بعضها‪ .‬نظيره قوله تعالى‪ ﴿ :‬هذا يوم ال ينطقون ﴾‬
‫(المرسالت‪ ،)35-‬وقال في آية أخرى‪ ﴿ :‬ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ﴾ (‪)1‬‬
‫(الزمر‪.)31-‬اهـ(‪)149‬‬
‫﴿ َع َّما َكانُوا َي ْع َملُونَ (‪﴾ )93‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)150‬‬
‫(عن) حرف جر (ما) حرف مصدري «‪( ،»151‬كانوا) فعل ماض ناقص‪ ..‬و (الواو)‬
‫اسم كان (يعملون) مضارع مرفوع‪ ،‬و (الواو) فاعل‪ .‬والمصدر المؤول (ما كانوا‪) ...‬‬
‫في محل جر متعلق ب (نسألنهم)‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ َع َّما َكانُوا َي ْع َملُونَ ﴾‬
‫‪-‬قال القرطبي‪-‬ى رحمه هللا‪ :‬وفي البخاري‪ :‬وقال عدة من أهل العلم في قوله‪ ":‬فو‬
‫ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون" عن ال إله إال هللا‪.‬اهـ(‪)152‬‬

‫‪ -148‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ( ‪) 149/ 17‬‬
‫‪-149‬انظر معالم التنزيل للبغوي ‪ -‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع (‪) 394/ 4‬‬
‫‪-150‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 274/14‬‬
‫‪ - 151‬أو موصول في محل جر‪ ،‬والعائد محذوف‪ ،‬والجملة بعده صلة‪..‬‬
‫‪-152‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 59/10‬‬

‫‪37‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬وأضاف السعدي في تفسيره‪-‬رحمه هللا‪:-‬وفي هذا أعظم ترهيب وزجر لهم عن‬
‫اإلقامة على ما كانوا عليه‪.‬اهـ (‪)153‬‬
‫ض َع ِّن ْال ُم ْش ِّر ِّكينَ (‪﴾ )94‬‬ ‫ع ِّب َما تُؤْ َم ُر َوأَع ِّْر ْ‬‫صد َ ْ‬‫﴿ َا ْ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)154‬‬
‫(الفاء) استئنافية (اصدع) فعل أمر‪ ،‬والفاعل أنت (الباء) حرف جر (ما) اسم موصول‬
‫مبني في محل جر متعلق ب (اصدع)‪( ،‬الواو) عاطفة (أعرض) مثل اصدع و (تؤمر)‬
‫مضارع مرفوع مبني للمجهول‪ ،‬ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عن‬
‫المشركين) جار ومجرور متعلق ب (أعرض)‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ع ِّن ْال ُم ْش ِّر ِّكينَ ﴾‬
‫ض َ‬‫ع ِّب َما تُؤْ َم ُر َوأَع ِّْر ْ‬ ‫صد َ ْ‬‫﴿ فَا ْ‬
‫قال القرطبي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في تفسيرها ما مختصره‪ :‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬فاصدع بما تؤمر ﴾ أي‬
‫بالذي تؤمر به‪ ،‬أي بلغ رسالة هللا جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم‪ ،‬فقد أمرك هللا بذلك‪.‬‬
‫والصدع‪ :‬الشق‪ .‬وتصدع القوم أي تفرقوا‪ ،‬ومنه" يومئذ يصدعون " أي يتفرقون‪.‬‬
‫وصدعته فانصدع أي انشق‪ .‬أصل الصدع الفرق والشق‪.‬‬
‫وأضاف القرطبي‪-:‬رحمه هللا‪ :-‬قوله تعالى‪( :‬وأعرض عن المشركين) أي عن‬
‫االهتمام باستهزائهم وعن المباالة بقولهم‪ ،‬فقد برأك هللا عما يقولون‪ .‬وقال ابن عباس‪:‬‬
‫هو منسوخ بقوله﴿ فاقتلوا المشركين ﴾ وقال عبد هللا بن عبيد‪ :‬ما زال النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم مستخفيا حتى نزل قوله تعالى‪ ﴿:‬فاصدع بما تؤمر ﴾ فخرج هو وأصحابه‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬أراد الجهر بالقرآن في الصالة‪ ﴿.‬وأعرض عن المشركين ﴾ ال تبال بهم‪.‬‬
‫وقال ابن إسحاق‪ :‬لما تمادوا في الشر وأكثروا برسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫االستهزاء أنزل هللا تعالى فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين‪ .‬اهـ(‪)155‬‬
‫َاك ْال ُم ْست َ ْه ِّزئِّينَ (‪﴾ )95‬‬‫﴿ إِّنَّا َكفَ ْين َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)156‬‬

‫‪ -153‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 435/1‬‬
‫‪-154‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 275/14‬‬
‫‪-155‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 62 /10‬‬
‫‪-156‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 275/14‬‬

‫‪38‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫(إنا) مثل إني «‪( ،»157‬كفيناك) مثل آتيناك «‪( ،»158‬المستهزئين) مفعول به منصوب‬
‫وعالمة النصب الياء‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫َاك ْال ُم ْست َ ْه ِّزئِّينَ ﴾‬
‫﴿ ِّإنَّا َكفَ ْين َ‬
‫َاك ْال ُم ْست َ ْه ِّزئِّينَ ﴾ بك وبما جئت به‬
‫‪-‬قال السعدي في بيانها إجماالً ما نصه‪ِّ ﴿ :‬إنَّا َكفَ ْين َ‬
‫وهذا وعد من هللا لرسوله‪ ،‬أن ال يضره المستهزئون‪ ،‬وأن يكفيه هللا إياهم بما شاء من‬
‫أنواع العقوبة‪ .‬وقد فعل تعالى فإنه ما تظاهر أحد باالستهزاء برسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم وبما جاء به إال أهلكه هللا وقتله شر قتلة‪.‬اهـ (‪)159‬‬
‫‪-‬وزاد القرطبي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في تفسيرها‪ :‬والمعنى‪ :‬اصدع بما تؤمر وال تخف غير‬
‫هللا‪ ،‬فإن هللا كافيك من أذاك كما كفاك المستهزئين‪ ،‬وكانوا خمسة من رؤساء أهل‬
‫مكة‪ ،‬وهم الوليد بن المغيرة وهو رأسهم‪ ،‬والعاص بن وائل‪ ،‬واألسود بن المطلب بن‬
‫أسد أبو زمعة‪ .‬واألسود بن عبد يغوث‪ ،‬والحارث بن الطالطلة‪ ،‬أهلكهم هللا جميعا‪،‬‬
‫قيل يوم بدر في يوم واحد‪ ،‬الستهزائهم برسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬اهـ(‪)160‬‬
‫ف يَ ْعلَ ُمونَ (‪﴾ )96‬‬ ‫س ْو َ‬ ‫﴿ الَّذِّينَ يَ ْجعَلُونَ َم َع َّ‬
‫َّللاِّ إِّلَ ًها آَخ ََر فَ َ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)161‬‬
‫(الذين) اسم موصول مبني في محل نصب نعت للمستهزئين «‪( ،»162‬يجعلون)‬
‫مضارع مرفوع‪ ..‬و (الواو) فاعل (مع) ظرف منصوب متعلق بمحذوف مفعول به ثان‬
‫(هللا) لفظ الجاللة مضاف إليه مجرور (إلها) مفعول به أول منصوب (آخر) نعت ل‬
‫(إلها) منصوب‪ ،‬ومنع من التنوين ألنه صفة على وزن أفعل (الفاء) استئنافية (سوف)‬
‫حرف استقبال (يعلمون) مضارع مرفوع‪ ..‬و (الواو) فاعل‪ ،‬ومفعوله محذوف أي‬
‫يعلمون عاقبة أمرهم‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬

‫‪ - 157‬في اآلية (‪ )89‬من هذه السورة‪.‬‬


‫‪ - 158‬في اآلية (‪ )87‬من هذه السورة‪.‬‬
‫‪ -159‬ت يسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪) 45/1‬‬
‫‪-160‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 62 /10‬‬
‫‪-161‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 275/14‬‬
‫‪ - 162‬أو في محل رفع مبتدأ خبره جملة سوف يعلمون بزيادة الفاء لمشابهة المبتدأ للشرط‪ ..‬أو خبر‬
‫لمبتدأ محذوف تقديره‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫ف يَ ْعلَ ُمونَ ﴾‬
‫س ْو َ‬ ‫﴿ الَّذِّينَ َي ْج َعلُونَ َم َع َّ‬
‫َّللاِّ ِّإلَ ًها آَخ ََر فَ َ‬
‫‪ -‬تهديد شديد‪ ،‬ووعيد أكيد‪ ،‬لمن جعل مع هللا معبودا آخر‪-.‬قاله ابن كثير في تفسيرها‪-‬‬
‫رحمه هللا‪.-‬اهـ(‪)163‬‬
‫‪-‬وأضاف أبو جعفر الطبري‪-‬رحمه هللا‪ -‬في بيانها ما نصه‪ :‬وعيد من هللا تعالى ذكره‪،‬‬
‫وتهديد للمستهزئين الذين أخبر نبيه صلى هللا عليه وسلم أنه قد كفاه أمرهم بقوله تعالى‬
‫ذكره‪ :‬إنا كفيناك يا محمد الساخرين منك‪ ،‬الجاعلين مع هللا شريكا في عبادته‪ ،‬فسوف‬
‫يعلمون ما يلقون من عذاب هللا عند مصيرهم إليه في القيامة‪ ،‬وما يَ ُحل بهم من‬
‫البالء‪.‬اهـ(‪)164‬‬
‫ص ْد ُر َك ِّب َما يَقُولُونَ (‪﴾ )97‬‬ ‫ضي ُق َ‬ ‫﴿ َولَقَ ْد نَ ْعلَ ُم أَنَّ َك يَ ِّ‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)165‬‬
‫(الواو) استئنافية (الالم) الم القسم لقسم مقدر (قد) حرف تحقيق «‪( »166‬نعلم) مضارع‬
‫مرفوع‪ ،‬والفاعل نحن للتعظيم (أن) حرف توكيد ونصب و (الكاف) ضمير في محل‬
‫نصب اسم أن (يضيق) مثل نعلم (صدرك) فاعل مرفوع و (الكاف) مضاف إليه (الباء)‬
‫حرف جر (ما) حرف مصدري (يقولون) مضارع مرفوع‪ ...‬و (الواو) فاعل‪.‬‬
‫والمصدر المؤول (أنك يضيق‪ ) ...‬في محل نصب سد مسد مفعولي نعلم‪ .‬والمصدر‬
‫المؤول (ما يقولون) في محل جر بالباء متعلق ب (يضيق)‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫ص ْد ُر َك ِّب َما َيقُولُونَ ﴾‬ ‫ضي ُق َ‬ ‫﴿ َولَقَ ْد نَ ْعلَ ُم أَنَّ َك َي ِّ‬
‫‪-‬قال ابن كثير‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها ما مختصره‪ :‬أي‪ :‬وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل‬
‫لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر‪ .‬فال يهيدنك ذلك‪ ،‬وال يثنينك عن إبالغك‬
‫رسالة هللا‪ ،‬وتوكل على هللا فإنه كافيك وناصرك عليهم‪.‬اهـ(‪)167‬‬
‫اجدِّينَ (‪﴾ )98‬‬ ‫سبِّ ْح ِّب َح ْم ِّد َر ِّب َك َو ُك ْن ِّمنَ ال َّ‬
‫س ِّ‬ ‫﴿ فَ َ‬

‫‪ -163‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪)553 / 4‬‬
‫‪ -164‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة( ‪)159/17‬‬
‫‪-165‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪) 277/14‬‬
‫‪ - 166‬ألن علم هللا محقق في كل آن‪.‬‬
‫‪ -167‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 553/ 4‬‬

‫‪40‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)168‬‬
‫(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (سبح) فعل أمر‪ ،‬والفاعل أنت (بحمد) جار ومجرور‬
‫متعلق بحال من فاعل سبح أي مشتمال‪ -‬أو مصحوبا‪ -‬بحمد ربك (ربك) مضاف إليه‬
‫مجرور‪ ...‬و (الكاف) مضاف إليه (الواو)‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫اجدِّينَ ﴾‬ ‫س ِّب ْح ِّب َح ْم ِّد َر ِّب َك َو ُك ْن ِّمنَ ال َّ‬
‫س ِّ‬ ‫﴿ فَ َ‬
‫‪-‬قال أبو جعفر الطبري‪ -‬رحمه هللا –في تفسيرها‪ :‬يقول‪ :‬فافزع فيما نابك من أمر‬
‫تكرهه منهم إلى الشكر هلل والثناء عليه والصالة‪ ،‬يكفك هللا من ذلك ما أهمك‪ ،‬وهذا‬
‫نحو الخبر الذي ُروي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أنه كان إذا َحزَ بَه أمر‬
‫فَ ِّزع إلى الصالة‪.‬اهـ(‪)169‬‬
‫‪-‬وزاد الشنقيطي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في بيانها مع فائدة جليلة فقال ما مختصره‪ :‬أمر ‪ -‬جل وعال‬
‫‪ -‬نبيه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في هذه اآلية بأمرين‪ :‬أحدهما قوله‪ ﴿ :‬فسبح بحمد ربك‬
‫﴾[‪ ،]98 \ 15‬والثاني قوله‪ ﴿ :‬وكن من الساجدين ﴾ [‪.]98 \ 15‬‬
‫وقد كرر تعالى في كتابه األمر بالشيئين المذكورين في هذه اآلية الكريمة‪ ،‬كقوله في‬
‫األول‪ ﴿ :‬فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ﴾[‪ ،]3 \ 110‬وقوله‪ ﴿ :‬فاصبر على‬
‫ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ﴾ [‪ ،]130 \ 20‬وقوله‪﴿ :‬‬
‫فاصبر إن وعد هللا حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي واإلبكار ﴾ [‪،]55 \ 40‬‬
‫واآليات بمثل ذلك كثيرة‪.‬‬
‫وأصل التسبيح في اللغة‪ :‬اإلبعاد عن السوء‪ .‬ومعناه في عرف الشرع‪ :‬تنزيه هللا ‪ -‬جل‬
‫وعال ‪ -‬عن كل ما ال يليق بجالله وكماله‪ .‬ومعنى‪« :‬سبح»‪ :‬نزه ربك ‪ -‬جل وعال ‪ -‬عن‬
‫كل ما ال يليق بكماله وجالله‪ .‬وقوله بحمد ربك‪ ،‬أي في حال كونك متلبسا بحمد ربك‪،‬‬
‫أي‪ :‬بالثناء عليه بجميع ما هو أهله من صفات الكمال والجالل ; ألن لفظة‪ :‬بحمد ربك‬
‫أضيفت إلى معرفة فتعم جميع المحامد من كل وصف كمال وجالل ثابت هلل ‪ -‬جل وعال‬
‫‪ .-‬فتستغرق اآلية الكريمة الثناء بكل كمال ; ألن الكمال يكون بأمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬التخلي عن الرذائل‪ ،‬والتنزه عما ال يليق‪ ،‬وهذا معنى التسبيح‪.‬‬
‫والثاني التحلي بالفضائل واالتصاف بصفات الكمال‪ ،‬وهذا معنى الحمد‪ ،‬فتم الثناء بكل‬
‫كمال‪.‬‬

‫‪-168‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)277 /14‬‬
‫‪ -169‬جامع البيان في تأويل القرآن ألبي جعفر الطبري‪،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ -‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة (‪) 159/ 17‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫وألجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪" :‬كلمتان‬
‫خفيفتان على اللسان‪ ،‬ثقيلتان في الميزان‪ ،‬حبيبتان إلى الرحمن‪ :‬سبحان هللا وبحمده‪،‬‬
‫سبحان هللا العظيم""‪ ،"170‬وكقوله في الثاني وهو السجود‪ :‬كال ال تطعه واسجد واقترب‬
‫[‪ ،]19 \ 96‬وقوله‪ ﴿ :‬ومن الليل فاسجد له وسبحه ليال طويال ﴾ [‪ ،]26 \ 76‬وقوله‪﴿ :‬‬
‫واسجدوا هلل الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ﴾ [‪ ،]37 \ 41‬ويكثر في القرآن العظيم‬
‫إطالق التسبيح على الصالة‪.‬‬
‫وقالت جماعة من العلماء‪ :‬المراد بقوله‪ ﴿ :‬فسبح بحمد ربك ﴾ [‪ ،]98 \ 15‬أي‪ :‬صل له‪،‬‬
‫وعليه فقوله‪ ﴿ :‬وكن من الساجدين ﴾‪ ،‬من عطف الخاص على العام‪ ،‬والصالة تتضمن‬
‫غاية التنزيه ومنتهى التقديس‪ .‬وعلى كل حال فالمراد بقوله‪ ﴿ :‬وكن من الساجدين ﴾‪ ،‬أي‪:‬‬
‫من المصلين‪ ،‬سواء قلنا إن المراد بالتسبيح الصالة‪ ،‬أو أعم منها من تنزيه هللا عما ال‬
‫يليق به ; وألجل كون المراد بالسجود الصالة لم يكن هذا الموضع محل سجدة عند‬
‫جمهور العلماء‪ ،‬خالفا لمن زعم أنه موضع سجود‪.‬‬
‫ثم نبه‪-‬رحمه هللا لفائدة جليلة من اآلية قال‪:‬‬
‫اعلم أن ترتيبه ‪-‬جل وعال ‪-‬األمر بالتسبيح والسجود على ضيق صدره ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بسبب ما يقولون له من السوء‪ ،‬دليل على أن الصالة والتسبيح سبب لزوال ذلك‬
‫المكروه ; ولذا كان ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬إذا حزبه أمر بادر إلى الصالة‪ .‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ واستعينوا بالصبر والصالة ﴾ اآلية [‪.]45 \ 2‬‬
‫ويؤيد هذا ما رواه اإلمام أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والنسائي‪ ،‬من حديث نعيم بن همار‬
‫"‪ -"171‬رضي هللا عنه ‪ :-‬أنه سمع رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول‪« :‬قال‬
‫هللا تعالى‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬ال تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره»"‪،"172‬‬

‫‪- 170‬أخرجه البخاري برقم‪ -6406 /‬باب فضل التسبيح‬


‫‪- 171‬نعيم بْن همار ويقال ابْن حمار وابن هبار‪ ،‬وابن هدار‪ ،‬وابنخمار‪ ،‬وابن همام‪ .‬كل َهذَا قد قيل‬
‫سلَّ َم حديثًا واحدًا فِّي َما يحكيه‬‫علَ ْي ِّه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫فِّي ِّه‪َ ،‬و ُه َو غطفاني معدود ِّفي أ َ ْهل الشام‪ .‬روى َ‬
‫ع ِّن النَّبِّي َ‬
‫ع ْن ربه تعالى‪ ،‬إنه قَالَ‪ :‬ابْن آدم‪ ،‬صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره‪.‬‬ ‫َ‬
‫ع ْنهُ حنبل بْن ِّإ ْس َحاق‪:‬‬
‫َ‬ ‫روى‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِّ‬ ‫‪-‬‬ ‫حنبل‬ ‫ْن‬
‫ب‬ ‫د‬‫م‬‫َ‬ ‫حْ‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫قَا‬
‫الرحْ َمن بْن مهدي‪ :‬نعيم بن هيار‪ .‬وقال الخياط‪ :‬نعيم بْن همار‪َ .‬وقَا َل ْال َو ِّليد‬ ‫عبْد َّ‬‫اختلفوا ِّفي نسبه‪ ،‬فَقَا َل َ‬
‫عبْد ْال َع ِّزيز‪ :‬نعيم بْن حمار‪-.‬نقالً عن االستيعاب في معرفة األصحاب لعبد البر‬ ‫س ِّعيد بْن َ‬ ‫ع ْن َ‬
‫بْن ُم ْس ِّلم‪َ ،‬‬
‫(‪ )2632‬مختصرا ً وبتصرف يسير‬
‫‪ - 172‬أخرجه الترمذي وانظر صحيح المشكاة لأللباني برقم‪ 1313 /‬وصحيح الجامع برقم‪4339 /‬‬

‫‪42‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫فينبغي للمسلم إذا أصابه مكروه ; أن يفزع إلى هللا تعالى بأنواع الطاعات من صالة‬
‫وغيرها‪.‬اهـ(‪)173‬‬
‫﴿ َوا ْعبُ ْد َرب ََّك َحتَّى َيأ ْ ِّتيَ َك ْال َي ِّق ُ‬
‫ين (‪﴾ )99‬‬
‫إعراب مفردات اآلية (‪)174‬‬
‫(الواو) عاطفة (اعبد) مثل سبح (ربك) مفعول به منصوب‪...‬‬
‫و (الكاف) مضاف إليه (حتى) حرف غاية وجر (يأتيك) مضارع منصوب بأن مضمرة‬
‫بعد حتى‪ ...‬و (الكاف) مفعول به‪( ،‬اليقين) فاعل مرفوع‪.‬‬
‫روائع البيان والتفسير‬
‫﴿ َوا ْعبُدْ َرب ََّك َحتَّى يَأْتِّيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫ين ﴾‬
‫‪-‬قال القرطبي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في بيانها ما مختصره وبتصرف يسير‪ :‬أن اليقين الموت‪ .‬أمره‬
‫بعبادته إذ قصر عباده في خدمته‪ ،‬وأن ذلك يجب عليه‪ .‬فإن قيل‪ :‬فما فائدة قول‪ ﴿:‬حتى‬
‫يأتيك اليقين ﴾ وكان قوله‪ ﴿:‬واعبد ربك ﴾ كافيا في األمر بالعبادة‪ .‬قيل له‪ :‬الفائدة في هذا‬
‫أنه لو قال‪ ﴿:‬واعبد ربك ﴾ مطلقا ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا‪ ،‬وإذا قال﴿ حتى يأتيك‬
‫اليقين ﴾كان معناه ال تفارق هذا حتى تموت‪ .‬فإن قيل‪ :‬كيف قال سبحانه‪ ﴿:‬واعبد ربك‬
‫حتى يأتيك اليقين ﴾ ولم يقل أبدا‪ ،‬فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله‪ :‬أبدا‪ ،‬الحتمال لفظ‬
‫األبد للحظة الواحدة ولجميع األبد‪.‬‬
‫ثم أضاف‪ -‬رحمه هللا‪ :-‬والمراد استمرار العبادة مدة حياته‪ ،‬كما قال العبد الصالح‪﴿:‬‬
‫وأوصاني بالصالة والزكاة ما دمت حيا ﴾‪.‬‬
‫ثم قال‪ -‬رحمه هللا‪:-‬والدليل على أن اليقين الموت حديث أم العالء األنصارية(‪،)175‬‬
‫وكانت من المبايعات‪ ،‬وفيه‪ :‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬أما عثمان‪ -‬أعني‬
‫عثمان بن مظعون‪ -‬فقد جاءه اليقين وإني ألرجو له الخير وهللا ما أدري وأنا رسول‬
‫هللا ما يفعل به" وذكر الحديث «‪ .»176‬انفرد بإخراجه البخاري رحمه هللا! وكان‬

‫‪ - 173‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان( ‪) 322/2‬‬
‫‪-174‬الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي‪-‬نشر‪:‬دار الرشيد مؤسسة اإليمان –‬
‫دمشق(‪)278 /14‬‬
‫‪ - 175‬أ م العالء األنصارية أسلمت وبايعت رسول هللا وروت عنه‪ .‬وهي التي قالت‪ :‬إن األنصار‬
‫تنافسوا في المهاجرين حتى اقترعوا عليهم فطار لنا في القرعة عثمان بن مظعون‪ .‬وشهدت أم العالء‬
‫مع رسول هللا خيبر‪-.‬نقالً عن الطبقات الكبرى البن سعد برقم‪4627 /‬‬
‫‪ - 176‬الحديث بطوله في البخاري برقم‪ -2687 /‬باب القرعة في المشكالت‬

‫‪43‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫عمر بن عبد العزيز يقول‪ :‬ما رأيت يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ثم ال‬
‫يستعدون له‪ ،‬يعني كأنهم فيه شاكون‪ ..‬اهـ(‪)177‬‬

‫فوائد وأحكام سورة الحجر‬


‫لسورة الحجر فوائد وأحكام كغيرها من سور القرآن الكريم نبينها تحت عناوين رئيسية‬
‫منها‪:‬‬
‫ما جاء في الكتب المنزلة والقرآن‬
‫‪-‬قوله تعالى‪َ ﴿:‬و َما أ َ ْهلَ ْكنَا ِّم ْن قَ ْريَ ٍة إِّ َّال َولَ َها ِّكت َ ٌ‬
‫اب َم ْعلُو ٌم (‪﴾ )4‬‬
‫في هذه اآلية الكريمة فوائد لغوية تساعدنا لفهم القرآن وبالغته وأعجازه اللغوي‪:‬‬
‫‪-‬قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن‪ :‬األلف كل ألف تكون في كلمة لمعنى له‬
‫تفصيل في الوجود له اعتباران اعتبار من جهة ملكوتيه أو صفات حالية أو أمور‬
‫علوية مما ال يدركه الحس فإن األلف تحذف في الخط عالمة لذلك واعتبار من جهة‬
‫ملكية حقيقية في العلم أو أمور سفلية فإن األلف تثبت‬
‫واعتبر ذلك في لفظتي القرآن والكتاب فإن القرآن هو تفصيل اآليات التي أحكمت في‬
‫الكتاب فالقرآن أدنى إلينا في الفهم من الكتاب وأظهر في التنزيل قال هللا تعالى في‬
‫هود‪ ﴿ :‬الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ﴾‬
‫وقال في فصلت‪ ﴿ :‬كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ﴾ وقال‪ ﴿ :‬إن علينا‬
‫جمعه وقرآنه ﴾ ولذلك ثبت في الخط ألف القرآن وحذفت ألف الكتاب‬
‫وقد حذفت ألف القرآن في حرفين هو فيهما مرادف للكتاب في االعتبار قال تعالى‬
‫في سورة يوسف‪ ﴿ :‬إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ﴾ وفى الزخرف‪ ﴿ :‬إنا جعلناه‬
‫قرآنا عربيا ﴾ والضمير في الموضعين ضمير الكتاب المذكور قبله وقال بعد ذلك في‬

‫‪-177‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 64 /10‬‬

‫‪44‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫كل واحدة منهما‪ ﴿ :‬لعلكم تعقلون ﴾ فقرينته هي من جهة المعقولية وقال في الزخرف‪:‬‬
‫﴿ وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ﴾‬
‫وكذلك كل ما في القرآن من الكتاب وكتاب فبغير ألف إال في أربعة مواضع هي‬
‫الرعد بأوصاف خصصته من الكتاب الكلي‬
‫في الرعد‪ ﴿ :‬لكل أجل كتاب ﴾ فإن هذا كتاب اآلجال فهو أخص من الكتاب المطلق‬
‫أو المضاف إلى هللا‬
‫وفى الحجر‪ ﴿ :‬وما أهلكنا من قرية إال ولها كتاب معلوم ﴾ فإن هذا كتاب إهالك القرى‬
‫وهو أخص من كتاب اآلجال‬
‫وفى الكهف‪ ﴿ :‬واتل ما أوحي إليك من كتاب ﴾ فإن هذا أخص من الكتاب الذي في‬
‫قوله‪ ﴿ :‬اتل ما أوحي إليك من الكتاب ﴾ ألنه أطلق هذا وقيد ذلك باإلضافة إلى االسم‬
‫المضاف إلى معنى في الوجود واألخص أظهر تنزيال‬
‫وفى النمل‪ ﴿ :‬تلك آيات القرآن وكتاب مبين ﴾ هذا الكتاب جاء تابعا للقرآن والقرآن‬
‫جاء تابعا للكتاب كما جاء في الحجر‪ ﴿ :‬تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ﴾ فما في النمل‬
‫له خصوص تنزيل مع الكتاب الكلي فهو تفصيل للكتاب الكلي بجوامع‬
‫كليته‪.‬اهـ(‪)178‬‬
‫‪-‬وقوله تعالى‪ِّ ﴿:‬إنَّا ن َْح ُن ن ََّز ْلنَا ِّ‬
‫الذ ْك َر َو ِّإنَّا لَهُ لَ َحافِّ ُ‬
‫ظونَ (‪﴾ )9‬‬
‫هذه اآلية الكريمة دليل جلي علي حفظ هللا لكتابة من التحريف والتبديل كما حدث للكتب‬
‫‪:‬المنزلة من قبله كالتوراة واألنجيل ومن فوائد وأحكام اآلية ما يلي‬
‫‪-‬من الفوائد ما ذكره الزركشي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في البرهان في بيان الخطأ المشهور أن‬
‫جامع القرآن بدا به عثمان بن عفان‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وهذا ليس صحيحا َ بل أول من‬
‫جمعه هو سيدنا أبو بكر الصديق‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬ومن المعلوم أن جمعه من وسائل‬
‫حفظه كما وعد رب العباد‪-‬عز وجل‪ -‬ومما قاله الزركشي‪ :‬اعلم أنه قد اشتهر أن‬
‫عثمان هو أول من جمع المصاحف وليس كذلك لما بيناه بل أول من جمعها في‬
‫مصحف واحد الصديق ثم أمر عثمان حين خاف االختالف في القراءة بتحويله منها‬
‫إلى المصاحف هكذا نقله البيهقي‪.‬‬
‫قال‪ :‬وقد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وروينا عنه أن الجمع في المصحف كان في زمن أبي بكر والنسخ في المصاحف في‬
‫زمن عثمان وكان ما يجمعون وينسخون معلوما لهم بما كان مثبتا في صدور الرجال‬

‫‪- 178‬انظر كتاب البرهان في علوم القرآن للزكشي(‪-)338/1‬نشر دار إحياء الكتب العربية عيسى‬
‫البابى الحلبي وشركائه‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1376 ،‬هـ ‪ 1957 -‬م‬

‫‪45‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫وذلك كله بمشورة من حضره من الصحابة وارتضاه علي بن أبي طالب وحمد أثره‬
‫فيه‪.‬‬
‫وذكر غيره أن الذي استبد به عثمان جمع الناس على قراءة محصورة والمنع من‬
‫غير ذلك‪.‬‬
‫قال القاضي أبو بكر في االنتصار لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس‬
‫القرآن بين لوحين وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم وإلغاء ما ليس كذلك وأخذهم بمصحف ال تقديم فيه وال تأخير وال تأويل‬
‫أثبت‬
‫مع تنزيل ومنسوخ تالوته كتب مع مثبت رسمه ومفروض قراءته وحفظه خشية‬
‫دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعد‪.‬‬
‫ثم أضاف‪ -‬رحمه هللا‪ :-‬وكان هذا االتفاق من الصحابة سببا لبقاء القرآن في األمة‬
‫ورحمة من هللا على عباده وتسهيال وتحقيقا لوعده بحفظه كما قال تعالى‪ ﴿ :‬إنا نحن‬
‫نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ وزال بذلك االختالف واتفقت الكلمة‪.‬اهـ(‪)179‬‬
‫قلت‪ :‬ويدل علي كالمه –رحمه هللا‪-‬ما ثبت في البخاري عن أنس أن حذيفة بن اليمان‬
‫قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق‬
‫فأفزع حذيفة اختالفهم في القراء وقال حذيفة لعثمان أدرك هذه األمة قبل أن يختلفوا‬
‫في الكتاب اختالف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا‬
‫الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها إليه فأمر زيد بن ثابت‬
‫وعبد هللا بن الزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها‬
‫في المصاحف قال عثمان للرهط القرشيين الثالثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في‬
‫شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل البعوث والسرايا‪ ،‬وردَّ األمر إلى‬
‫نصابه‪ ،‬بعد الخوف من تفرقه وذهابه‪ ،‬وجمع القرآن بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا‬
‫الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل في كل أفق بمصحف‬
‫مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق(‪)180‬‬
‫‪-‬وزاد ابن كثير – رحمه هللا‪ -‬في فضائل القرآن ما يؤيد أن أبو بكر هو أول من جمع‬
‫القرآن فقال‪:‬‬
‫وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق ‪-‬رضى هللا عنه‪ ،‬فإنه أقامه هللا تعالى بعد‬
‫سلَّ َم‪ -‬مقاما ال ينبغي ألحد من بعده‪ :‬قاتل االعداء من مانعى الزكاة‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َعلَ ْي ِّه َو َ‬ ‫النبي ‪َ -‬‬

‫‪ - 179‬انظر كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي(‪-)231/1‬نشر دار إحياء الكتب العربية عيسى‬
‫البابي الحلبي وشركائه‪ -‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1376 ،‬هـ ‪ 1957 -‬م‬
‫‪ - 180‬أحرجه االبخاري برقم‪ -4987 /‬باب جمع القرآن‬

‫‪46‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫والمرتدين والفرس والروم‪ ،‬ونفذ الجيوش‪ ،‬وبعث العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تم َّكنَ‬
‫القارئ من حفظه كله‪ ,‬وكان هذا من سر قوله تعالى‪ِّ ﴿ :‬إنَّا نَ ْح ُن ن ََّز ْلنَا ِّ‬
‫الذ ْك َر َو ِّإنَّا لَهُ‬
‫ظونَ ﴾‪.‬اهـ(‪)181‬ـ‬ ‫لَ َحا ِّف ُ‬
‫‪-‬وجمع ابن عربي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في أحكامه كل ما ذكر هنا فقال‪ :‬عن وجوه حفظها‬
‫وذكر منها خمسة‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ترك ذلك مصلحة‪ ،‬وفعله أبو بكر‬
‫للحاجة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن هللا أخبر أنه في الصحف األولى‪ ،‬وأنه عند محمد في مثلها بقوله‪ ﴿ :‬يتلو‬
‫صحفا مطهرة ‪ -‬فيها كتب قيمة ﴾ [البينة‪]3 - 2 :‬؛ فهذا اقتداء باهلل وبرسوله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنهم قصدوا بذلك تحقيق قول هللا‪ ﴿ :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾‬
‫[الحجر‪]9 :‬؛ فقد كان عنده محفوظا‪ ،‬وأخبرنا أن يحفظه بعد نزوله‪ ،‬ومن حفظه‬
‫تيسير الصحابة لجمعه‪ ،‬واتفاقهم على تقييده وضبطه‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬كان يكتبه كتبته بإمالئه إياه عليهم‪ ،‬وهل‬
‫يخفى على متصور معنى صحيحا في قلبه أن ذلك كان تنبيها على كتبه وضبطه‬
‫بالتقييد في الصحف‪ ،‬ولو كان ما ضمنه هللا من حفظه ال عمل لألمة فيه لم يكتبه‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بعد إخبار هللا له بضمان حفظه‪ ،‬ولكن علم أن‬
‫حفظه من هللا بحفظنا وتيسيره ذلك لنا وتعليمه لكتابته وضبطه في الصحف بيننا‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أنه ثبت «أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬نهى عن السفر بالقرآن إلى‬
‫أرض العدو»؛ وهذا تنبيه على أنه بين األمة مكتوب مستصحب في األسفار‪ ،‬هذا من‬
‫أبين الوجوه عند النظار‪.‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬فأما كتابة عثمان للمصاحف التي أرسلت إلى الكوفة والشام‬
‫والحجاز فإنما كان ذلك ألجل اختالف الناس في القراءات‪ ،‬فأراد ضبط األمر لئال‬
‫ينتشر إلى حد التفرق واالختالف في القرآن‪ ،‬كما اختلف أهل الكتاب في كتبهم‪ ،‬وكان‬
‫جمع أبي بكر له لئال يذهب أصله؛ فكانا أمرين مختلفين لسببين متباينين‪.‬‬
‫وقد كان «وقع مثل هذا االختالف في زمان النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بين هشام‬
‫بن حكيم بن حزام وبين عمر بن الخطاب فاختلفوا في القراءة في سورة الفرقان‪،‬‬
‫فاحتمل عمر هشاما إلى رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬حمال‪ ،‬حتى قرأ كل واحد‬
‫منهما ما قرأ بخالف قراءة صاحبه‪ ،‬فصوب النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬الكل‪،‬‬

‫‪- 181‬انظر فضائل القرآن البن كثير(ص‪-)56/‬الناشر‪ :‬مكتبة ابن تيمية ‪-‬الطبعة‪ :‬الطبعة األولى ‪-‬‬
‫‪ 1416‬هـ‬

‫‪47‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫وأنبأهم أنه ليس باختالف‪ ،‬إذ الكل من عند هللا‪ ،‬بأمره نزل‪ ،‬وبفضله توسع في حروفه‬
‫حتى جعلها سبعة»‪ ،‬فاختار عثمان والصحابة من تلك الحروف ما رأوه ظاهرا‬
‫مشهورا متفقا عليه مذكورا‪ ،‬وجمعوه في مصاحف‪ ،‬وجعلت أمهات في البلدان ترجع‬
‫إليها بنات الخالف‪.‬اهـ(‪)182‬‬
‫ومن أجمل ما قيل عن سبب عدم جمع القرآن وحفظه عصر النبي‪-‬صلي هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬ما ذكره الزرقاني في مناهل العرفان مع فوائد جليلة قال‪-‬رحمه هللا‪ :-‬وإنما لم‬
‫يجمع القرآن في صحف وال مصاحف العتبارات كثيرة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬أنه لم يوجد من دواعي كتابته في صحف أو مصاحف مثل ما وجد على عهد‬
‫أبي بكر حتى كتبه في صحف‪ .‬وال مثل ما وجد على عهد عثمان حتى نسخه في‬
‫مصاحف‪ .‬فالمسلمون وقتئذ بخير والقراء كثيرون واإلسالم لم يستبحر عمرانه بعد‬
‫والفتنة مأمونة والتعويل ال يزال على الحفظ أكثر من الكتابة وأدوات الكتابة غير‬
‫ميسورة وعناية الرسول باستظهار القرآن تفوق الوصف وتوفي على الغاية حتى في‬
‫طريقة أدائه على حروفه السبعة التي نزل عليها‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء‬
‫هللا من آية أو آيات‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أن القرآن لم ينزل مرة واحدة بل نزل منجما في مدى عشرين سنة أو أكثر‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬أن ترتيب آياته وسوره ليس على ترتيب نزوله فقد علمت أن نزوله كان على‬
‫حسب األسباب أما ترتيبه فكان لغير ذلك من االعتبارات‪.‬‬
‫وأنت خبير بأن القرآن لو جمع في صحف أو مصاحف والحال على ما شرحنا لكان‬
‫عرضة لتغيير الصحف أو المصاحف كلما وقع نسخ أو حدث سبب‪ .‬مع أن الظروف‬
‫ال تساعد وأدوات الكتابة ليست ميسورة والتعويل كان على الحفظ قبل كل شيء‪.‬‬
‫ولكن لما استقر األمر بختام التنزيل ووفاة الرسول وأمن النسخ وتقرر الترتيب ووجد‬
‫من الدواعي ما يقتضي نسخه في صحف أو مصاحف وفق هللا الخلفاء الراشدين‬
‫فقاموا بهذا الواجب حفظا للقرآن وحياطة ألصل التشريع األول مصداقا لقوله سبحانه‪:‬‬
‫ظونَ ﴾‪.‬اهـ(‪)183‬‬ ‫﴿ ِّإنَّا ن َْح ُن ن ََّز ْلنَا ِّ‬
‫الذ ْك َر َو ِّإنَّا لَهُ لَ َحافِّ ُ‬

‫‪- 182‬انظر أحكام القرآن للقاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر بن العربي‪- )611/2( -‬نشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‬

‫‪- 183‬انظر مناهل العرفان في علوم القرآن لمحمد عبد العظيم ُّ‬
‫الز ْرقاني(‪ -)248/1‬الناشر‪ :‬مطبعة‬
‫عيسى البابي الحلبي وشركاه الطبعة‪ :‬الطبعة الثالثة‬

‫‪48‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫يم ﴾‬ ‫س ْبعًا ِّم ْن ْال َمثَانِّي َو ْالقُ ْرآنَ ْال َع ِّظ َ‬‫‪َ -‬ق ْوله ت َ َعالَى ﴿ َو َل َق ْد آت َ ْينَاك َ‬
‫س ْبعًا ِّم ْن ْال َمثَانِّي ﴾ علي قولين‪:‬‬‫اختلف أهل التفسير في المقصود يقوله تعالى ﴿ َ‬
‫الفاتحة‪.‬‬ ‫بها‬ ‫المراد‬ ‫أن‬ ‫األول‪:‬‬
‫الطول‪ :‬البقرة‪ ،‬وآل عمران‪ ،‬والنساء‪ ،‬والمائدة‪ ،‬واألنعام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الثاني‪ :‬أن المراد بها السب ُع‬
‫واألعراف‪ ،‬واألنفال وبراءة‪.‬‬
‫والقول الراجح الذي تؤيده األدلة من السنة النبوية أن المراد بالقرآن العظيم في قوله‬
‫يم ﴾ هو الفاتحة‬ ‫س ْبعًا مـِّنَ ْال َمثَانِّي َو ْالقُ ْر َءانَ ا ْلعَ ِّظ َ‬
‫َاك َ‬‫تعالى﴿ َولَقَ ْد َءات َ ْين َ‬
‫والريب أن في تفسيرهم فوائد جمة من ذلك‪:‬‬
‫ما ذكره القرطبي‪-‬رحمه هللا‪ -‬قال ما مختصره وبتصرف‪ :‬أجمعت األمة على أن فاتحة‬
‫الكتاب سبع آيات‪ ،‬وأجمعت األمة أيضا على أنها من القرآن‪ .‬فإن قيل‪ :‬لو كانت قرآنا‬
‫ألثبتها عبد هللا بن مسعود في مصحفه‪ ،‬فلما لم يثبتها دل على أنها ليست من القرآن‪،‬‬
‫كالمعوذتين عنده‪.‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫اختلفوا أهي مكية أم مدنية؟ فقال ابن عباس وقتادة وأبو العالية الرياحي واسمه رفيع‬
‫وغيرهم‪ :‬هي مكية‪ .‬وقال أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري وغيرهم‪:‬‬
‫هي مدنية‪ .‬ويقال‪ :‬نزل نصفها بمكة‪ ،‬ونصفها بالمدينة‪ .‬حكاه أبو الليث نصر بن محمد‬
‫بن إبراهيم السمرقندي(‪ )184‬في تفسيره‪ .‬واألول أصح لقوله تعالى‪ ":‬ولقد آتيناك‬
‫سبعا من المثاني والقرآن العظيم" [الحجر‪ ]87 :‬والحجر مكية بإجماع‪ .‬وال خالف‬
‫أن فرض الصالة كان بمكة‪ .‬وما حفظ أنه كان في اإلسالم قط صالة بغير" الحمد هلل‬
‫رب العالمين"‪ ،‬يدل على هذا قوله عليه السالم‪( :‬ال صالة إال بفاتحة الكتاب)(‪.)185‬‬
‫وهذا خبر عن الحكم‪ ،‬ال عن االبتداء‪ ،‬وهللا أعلم‪ .‬وقد ذكر القاضي ابن الطيب اختالف‬
‫الناس في أول ما نزل من القرآن‪ ،‬فقيل‪ :‬المدثر‪ ،‬وقيل‪ :‬اقرأ‪ ،‬وقيل‪ :‬الفاتحة‪ .‬وذكر‬
‫البيهقي في دالئل النبوة عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال لخديجة‪( :‬إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء وقد وهللا خشيت أن يكون‬
‫هذا أمرا) قالت‪ :‬معاذ هللا! ما كان هللا ليفعل بك‪ ،‬فوهللا إنك لتؤدي األمانة‪ ،‬وتصل‬

‫‪ - 184‬أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي اإلمام‪ ،‬الفقيه‪ ،‬المحدث‪ ،‬الزاهد‪ ،‬أبو الليث نصر‬
‫بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي‪ ،‬صاحب كتاب (تنبيه الغافلين)‪ ،‬وله كتاب (الفتاوى)‪ .‬وتروج‬
‫عليه األحاديث الموضوعة روى عنه‪ :‬أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الترمذي‪ ،‬وغيره‪.‬‬
‫نقلت وفاته من خط القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن عبد الحق‪ - ،‬أيده هللا ‪ -‬في جمادى اآلخرة‬
‫سنة خمس وسبعين وثالث مائة‪-.‬نقالً عن سير أعالم النبالء مختصراً(الجزء‪)230/16‬‬
‫‪ - 185‬أخرجه البخاري عن عبادة بن الصامت –رضي الل‪9‬خه عنه‪-‬برقم‪ -756 /‬باب وجوب القراءة‬
‫لإلمام والمأموم في الصلوات كلها‪ ،‬في الحضر والسفر‬

‫‪49‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫الرحم‪ ،‬وتصدق الحديث‪ .‬فلما دخل أبو بكر وليس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثم‬
‫ذكرت خديجة حديثه له‪ ،‬قالت‪ :‬يا عتيق‪ ،‬اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل‪ .‬فلما‬
‫دخل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده‪ ،‬فقال‪ :‬انطلق بنا إلى ورقة‪،‬‬
‫فقال‪( :‬ومن أخبرك)‪ .‬قال‪ :‬خديجة‪ ،‬فانطلقا إليه فقصا عليه‪ ،‬فقال‪( :‬إذا خلوت وحدي‬
‫سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في األرض) فقال‪ :‬ال تفعل‪ ،‬إذا‬
‫أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني‪ .‬فلما خال ناداه‪ :‬يا محمد‪ ،‬قل" بسم‬
‫هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪.‬اهـ(‪)186‬‬
‫‪-‬وما ذكره ابن عثيمين‪-‬رحمه هللا‪ :-‬والفاتحةُ هي أ ُّم القرآن؛ وذلك ألن جمي َع مقاص ِّد‬
‫القرآن موجودة ٌ فيها‪ ،‬فهي مشتملة على التوحيد بأنواعه الثالثة‪ ،‬وعلى الرسالة‪ ،‬وعلى‬
‫شرائع موجود ٌ‬ ‫الرسل ومخالفيهم‪ ،‬وجمي ُع ما يتعلَّق بأصول ال َّ‬ ‫طرق ُّ‬ ‫اليوم اآلخر‪ ،‬وعلى ُ‬
‫س ْب ُع المثاني» كما ص َّح ذلك‬ ‫سورة‪ ،‬ولهذا تُس َّمى «أ ُّم القرآن» وتُس َّمى «ال َّ‬ ‫في هذه ال ُّ‬
‫َاك‬‫بالذ ْك ِّر في قوله‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد آت َ ْين َ‬ ‫صها هللا ِّ‬ ‫عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وقد خ َّ‬
‫ف‬
‫ط ُ‬‫يم * ﴾ [الحجر] و َع ْ‬ ‫س ْبعًا ِّمنَ ْال َمثَانِّي َو ْالقُ ْرآنَ ْال َع ِّظ َ‬
‫َ‬
‫ف العام على الخاص‪.‬‬ ‫عط ِّ‬‫ْ‬ ‫«القرآن العظيم» عليها من باب َ‬
‫وذمر رحمه هللا حكم الفاتحة فقال‪:‬‬
‫صالة ُ بدونها؛ لقول‬ ‫وشرط لص َّحتها‪ ،‬فال تص ُّح ال َّ‬ ‫ٌ‬ ‫صالةِّ‪،‬‬‫والفاتحة ُر ْك ٌن ِّمن أركان ال َّ‬
‫ب» (‪.)187‬‬ ‫النبي ِّ صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ال صالة َ ِّل َم ْن لم يقرأ بفاتح ِّة الكتا ِّ‬
‫وقوله‪« :‬يقرأ الفاتحة» يفيد هذا القول أنه ال بُدَّ أن يقرأ الفاتحةَ بجميع حروفها‬
‫وحركاتها وكلماتها وآياتها وترتيبها‪ ،‬هذه خمسة أمور‪ :‬اآليات‪ ،‬والكلمات‪،‬‬
‫ف‪« :‬الفاتحة» فإن‬ ‫المؤل ِّ‬
‫ِّ‬ ‫والحروف‪ ،‬والحركات‪ ،‬والترتيب‪ .‬وهو مأخوذ ِّمن قول‬
‫سبْع‬ ‫«أل» هنا للعهد الذِّهني؛ فيكون المراد به الفاتحة المعروفة التي فيها اآليات ال َّ‬
‫والكلمات والحروف والحركات على ترتيبها‪ ،‬وال بُدَّ أن تكون متوالية؛ يعني‪ :‬أال‬
‫ضها على بعض‪،‬‬ ‫ط أن ينبني بع ُ‬ ‫يقطعها بفصل طويل؛ ألنها عبادة واحدة‪ ،‬فاشتُر َ‬
‫ضوء‪.‬‬ ‫الو ُ‬ ‫كاألعضاء في ُ‬
‫ضوء‪ :‬الوجه‪ ،‬ثم اليدان‪ ،‬ثم الرأس‪ ،‬ثم الرجالن‪ ،‬ال بُدَّ أن يتوالى َغ ْس ُل هذه‬ ‫فالو ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫األعضاء األربعة مرتَّبة‪ ،‬كذلك سورة الفاتحة اآلية األولى‪ ،‬ثم الثانية‪ ،‬ثم الثالثة‪...‬‬
‫إلخ‪ ،‬ال بُدَّ أن تتوالى‪.‬اهـ‬
‫ما جاء في الخلق والتدبير‬

‫‪--186‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ -‬الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة ( ‪) 114/1‬‬
‫‪- 187‬سبق تخريجه أنفا ً‬

‫‪50‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫ان َخلَ ْقنَاهُ ِّم ْن‬ ‫ون (‪َ )26‬و ْال َج َّ‬ ‫صا ٍل ِّم ْن َح َمإ ٍ َم ْسنُ ٍ‬‫ص ْل َ‬ ‫سانَ ِّم ْن َ‬ ‫‪-‬وقوله تعالى ﴿ َولَقَ ْد َخلَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫اإل ْن َ‬
‫وم (‪﴾ )27‬‬ ‫س ُم ِّ‬ ‫قَ ْب ُل ِّم ْن ن ِّ‬
‫َار ال َّ‬
‫ومن فوائد اآليتين الكريمتين ما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد‪ :‬وأما الجان فمادتهم‬
‫النار بنص القرآن وال يصح التفريق بين الجن والجان لغة وال شرعا وال عقال وأما‬
‫المقدمة الثانية وهي كون المالئكة خيرا وأشرف من اإلنس فهي المسألة المشهورة‪:‬‬
‫وهي تفضيل المالئكة أو البشر والجمهور على تفضيل البشر والذين فضلوا المالئكة‬
‫هم المعتزلة والفالسفة وطائفة ممن عداهم بل الذي ينبغي أن يقال في التقديم هنا أنه‬
‫ون َو ْال َجا َّن‬ ‫صا ٍل ِّم ْن َح َم ٍأ َم ْسنُ ٍ‬ ‫ص ْل َ‬‫سانَ ِّم ْن َ‬ ‫تقديم بالزمان لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد َخلَ ْقنَا ا ِّأل ْن َ‬
‫وم ﴾ تقديم اإلنس على الجن وأما تقديم اإلنس على الجن‬ ‫س ُم ِّ‬ ‫َار ال َّ‬ ‫َخلَ ْقنَاهُ ِّم ْن قَ ْب ُل ِّم ْن ن ِّ‬
‫س قَ ْبلَ ُه ْم َوال َجان ﴾ فلحكمة أخرى سوى ما ذكره وهو أن‬ ‫ط ِّمثْ ُه َّن ِّإ ْن ٌ‬‫في قوله‪ ﴿ :‬لَ ْم يَ ْ‬
‫النفي تابع لما تعقله القلوب من اإلثبات فيرد النفي عليه وعلم النفوس بطمث اإلنس‬
‫ونفرتها ممن طمثها الرجال هو المعروف فجاء النفي على مقتضى ذلك وكان تقديم‬
‫س َو ْال ِّج ُّن َعلَى َّ‬
‫َّللاِّ‬ ‫ظنَنَّا أ َ ْن لَ ْن تَقُو َل ا ِّأل ْن ُ‬‫اإلنس في هذا النفي أهم وأما قوله‪َ ﴿ :‬وأَنَّا َ‬
‫َكذِّبا ً ﴾ فهذا يعرف سره من السياق فإن هذا حكاية كالم مؤمني الجن حين سماع القرآن‬
‫س ِّم ْعنَا قُ ْرآنا ً َع َجبا ً ﴾‬ ‫ي أَنَّهُ ا ْست َ َم َع نَفَ ٌر ِّمنَ ْال ِّج ِّن فَقَالُوا ِّإنَّا َ‬ ‫ي ِّإلَ َّ‬ ‫وح َ‬ ‫كما قال تعالى‪ ﴿ :‬قُ ْل أ ُ ِّ‬
‫اآليات وكان القرآن أول ما خوطب به اإلنس ونزل على نبيهم وهم أول من بدأ‬
‫س‬ ‫ظنَنَّا أ َ ْن لَ ْن تَقُو َل ا ِّأل ْن ُ‬ ‫بالتصديق والتكذيب قبل الجن فجاء قول مؤمني الجن‪َ ﴿ :‬وأَنَّا َ‬
‫َّللاِّ َكذِّبا ً ﴾ بتقديم اإلنس لتقدمهم في الخطاب بالقرآن وتقديمهم في التصديق‬ ‫َوا ْل ِّج ُّن َعلَى َّ‬
‫والتكذيب وفائدة أخرى وهي أن هذا حكاية كالم مؤمني الجن لقومهم بعد أن رجعوا‬
‫إليهم فأخبروهم بما سمعوا من القرآن وعظمته وهدايته إلى الرشد ثم اعتذروا عما‬
‫كانوا يعتقدونه أوال بخالف ما سمعوه من الرشد بأنهم لم يكونوا يظنون أن اإلنس‬
‫والجن يقولون على هللا كذبا فذكرهم اإلنس هنا في التقديم أحسن في الدعوة وأبلغ في‬
‫عدم التهمة فإنهم خالفوا ما كانوا يسمعونه من اإلنس والجن لما تبين لهم كذبهم‬
‫فبداءتهم بذكر اإلنس أبلغ في نفي الغرض والتهمة وأن ال يظن بهم قومهم أنهم‬
‫ظاهروا اإلنس عليهم فإنهم أول ما أقروا بتقولهم الكذب على هللا تعالى وهذا من‬
‫ألطف المعاني وأدقها ومن تأمل مواقعه في الخطاب عرف صحته‪.‬اهـ(‪)188‬‬
‫اجدِّينَ (‪﴾ )29‬‬ ‫س ِّ‬‫وحي فَقَعُوا لَهُ َ‬ ‫س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ فِّي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬ ‫‪-‬وقوله تعالى‪ ﴿:‬فَإِّذَا َ‬
‫ومن هذه اآلية يري البعض أن اإلنسان أفضل من الجن والمالئكة ألن هللا أمرهما‬
‫بالسجود آلدم –عليه السالم‪-‬وكما هو معلوما ً السجود ال يجوز لغير هلل تعالى ومن ثم‬
‫كانت هذه اآلية لها فوائد وأحكام وضحها علمائنا لفهم المقصود من السجود وهل هو‬
‫لفضل آدم أم استجابة ألمر هللا‪.‬‬

‫‪-- 188‬انظر بدائع الفوائد البن القيم‪) 67/ 1(-‬‬

‫‪51‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬قال ابن تيمية‪ -‬رحمه هللا‪ :‬أنه وإن كانت النار خيرا من الطين فال يجب أن يكون لمخلوق‬
‫من األفضل أفضل فإن الفرع قد يختص بما ال يكون في أصله وهذا التراب يخلق منه‬
‫من الحيوان والمعادن والنبات ما هو خير منه واالحتجاج على فضل اإلنسان على غيره‬
‫بفضل أصله على أصله حجة فاسدة احتج بها إبليس وهي حجة الذين يفخرون بأنسابهم‬
‫وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم " ﴿ من قصر به عمله لم يبلغ به نسبه‬
‫﴾(‪..)189‬وأضاف‪ -‬رحمه هللا‪:‬‬
‫أنه وإن كان مخلوقا من طين فقد حصل له بنفخ الروح المقدسة فيه ما شرف به فلهذا‬
‫قال‪ ﴿ :‬فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ﴾ فعلق السجود بأن ينفخ فيه‬
‫من روحه فالموجب للتفضيل هذا المعنى الشريف الذي ليس إلبليس مثله‪.‬اهـ(‪)190‬‬
‫‪-‬وقال في المنهاج‪ :‬فأمرهم بالسجود له إكراما لما شرفه هللا بنفخ الروح فيه‪ ،‬وإن كان‬
‫مخلوقا من طين‪ ،‬والمالئكة مخلوقون من نور‪ ،‬وإبليس مخلوق من نار‪ ،‬كما ثبت في‬
‫صحيح مسلم عن عائشة رضي هللا عنها عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪" :‬‬
‫«خلق هللا المالئكة من نور‪ ،‬وخلق إبليس من مارج من نار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف‬
‫لكم»(‪)191‬؟‪.‬اهـ‪192‬‬
‫‪-‬وزاد ابن عثيمين‪-‬رحمه هللا‪ -‬في بيان حكم السجود آلدم فقال‪ :‬السجود لغير هللا إذا‬
‫كان بأمر هللا فهو عبادة؛ ألن هلل تعالى أن يحكم بما شاء؛ ولذلك لما امتنع إبليس عن‬
‫هذا كان من الكافرين؛ وقد استدل بعض العلماء بهذه اآلية على كفر تارك الصالة؛‬
‫قال‪ :‬ألنه إذا كان إبليس كفر بترك سجدة واحدة أُمر بها‪ ،‬فكيف عن ترك الصالة‬
‫كاملة؟! وهذا االستدالل إن استقام فهو هو؛ وإن لم يستقم فقد دلت نصوص أخرى‬
‫من الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وأقوال الصحابة على كفر تارك الصالة كفرا ً أكبر مخرجا ً عن‬
‫الملة‪..‬اهـ(‪)193‬‬

‫ع به نسبُه‬ ‫‪- 189‬جزء من حديث أخرجه مسلم ولفظه " ومن بطأ به عملُه‪ ،‬لم يسر ْ‬
‫"من حديث ـأبي هريرة –رضي هللا عنه‪-‬برقم‪" : 2699/‬‬
‫‪-- 190‬انظر مجموع الفتاوي البن تيمية‪- ) 5/ 15(-‬الناشر‪ :‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف‬
‫الشريف‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ -‬عام النشر‪1416 :‬هـ‪1995/‬م‬
‫‪ - 191‬الحديث عن عائشة رضي هللا عنها في مسلم برقم‪ - 2996/‬باب في أحاديث متفرقة) ولفظه‪" :‬‬
‫قالت‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬خلقت المالئكة من نور‪ ،‬وخلق الجان من مارج من نار‪،‬‬
‫وخلق آدم مما وصف لكم "‬
‫‪- 192‬انظر نهاج السنة النبوية البن تيمية(‪ -)430/2‬الناشر‪ :‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1406 ،‬هـ ‪ 1986 -‬م‬
‫‪ - 193‬تفسير الفاتحة والبقرة البن عثيمين (‪ -)126/1‬الناشر‪ :‬دار ابن الجوزي‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية ‪-‬الطبعة‪ :‬األولى‪ 1423 ،‬هـ‬

‫‪52‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪-‬وقال الجصاص – رحمه هللا‪-‬في أحكامه‪ :‬ويدل على أن األمر بالسجود قد كان أراد‬
‫به تكرمة آدم عليه السالم وتفضيله على قول إبليس فيما حكى هللا عنه‪ ﴿ :‬أأسجد لمن‬
‫خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي ﴾ [اإلسراء‪ ]62 - 61 :‬فأخبر إبليس أن‬
‫امتناعه كان من السجود ألجل ما كان من تفضيل هللا وتكرمته بأمره إياه بالسجود له‪،‬‬
‫ولو كان األمر بالسجود له على أنه نصب قبلة للساجدين من غير تكرمة له وال فضيلة‬
‫لما كان آلدم في ذلك حظ وال فضيلة تحسد‪ ،‬كالكعبة المنصوبة للقبلة وقد كان السجود‬
‫جائزا في شريعة آدم عليه السالم للمخلوقين‪ ،‬ويشبه أن يكون قد كان باقيا إلى زمان‬
‫يوسف عليه السالم فكان فيما بينهم لمن يستحق ضربا من التعظيم ويراد إكرامه‬
‫وتبجيله بمنزلة المصافحة والمعانقة فيما بيننا وبمنزلة تقبيل اليد‪ .‬وقد روي عن النبي‬
‫عليه السالم في إباحة تقبيل اليد أخبار‪ ،‬وقد روي الكراهة; إال أن السجود لغير هللا‬
‫تعالى على وجه التكرمة والتحية منسوخ بما روت عائشة وجابر بن عبد هللا وأنس‪،‬‬
‫أن النبي عليه السالم قال‪" :‬ما ينبغي لبشر أن يسجد لبشر‪ ،‬ولو صلح لبشر أن يسجد‬
‫لبشر ألمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها"(‪ )194‬لفظ حديث أنس‬
‫بن مالك‪.‬اهـ (‪)195‬‬
‫‪-‬وابدع العالمة ابن القيم‪ -‬رحمه هللا‪-‬فقال عن فضيلة السجود هلل وحكمه من اآلية‪:‬‬
‫وأشرف العبودية عبودية الصالة‪ ،‬وقد تقاسمها الشيوخ والمتشبهون بالعلماء‬
‫والجبابرة‪ ،‬فأخذ الشيوخ منها أشرف ما فيها وهو السجود‪ ،‬وأخذ المتشبهون بالعلماء‬
‫منها الركوع‪ ،‬فإذا لقي بعضهم بعضا ركع له‪ ،‬كما يركع المصلي لربه سواء‪ ،‬وأخذ‬
‫الجبابرة منهم القيام فيقوم األحرار والعبيد على رءوسهم‪ ،‬عبودية لهم وهم جلوس‪،‬‬
‫وقد نهى رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬عن هذه األمور الثالثة‪ ،‬على التفصيل‬
‫فتعاطيها مخالفة صريحة له فنهى عن السجود لغير هللا وقال‪« ( :‬ال ينبغي ألحد أن‬
‫يسجد ألحد» وأنكر على معاذ لما سجد له وقال " مه"‪.‬اهـ (‪)196‬‬
‫‪-‬ما جاء عن الشيطان وتلبيسه‬
‫ُ‬
‫ض َو َأل ْغ ِّويَنَّ ُه ْم أ َ ْج َم ِّعينَ (‪)39‬‬ ‫ُ‬
‫ب بِّ َما أ َ ْغ َو ْيتَنِّي َألزَ يِّن ََّن لَ ُه ْم فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫‪-‬وقوله تعالى ﴿ قَا َل َر ِّ‬
‫صينَ (‪﴾ )40‬‬ ‫ِّإ َّال ِّعبَادَ َك ِّم ْن ُه ُم ْال ُم ْخلَ ِّ‬

‫‪ - 194‬انظر صحيح الجامع لأللباني برقم‪ 7725 /‬والترغيب ‪.75/3‬‬


‫‪- 195‬انظر أحكام القرآن للجصاص ‪ (-‬ص ‪ - )38 /‬نشر دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت‬
‫تاريخ الطبع‪ 1405 :‬هـ‬
‫‪ - 196‬زاد المعاد في هدي خير العباد البن القيم (‪ -)147/4‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ‪ -‬مكتبة‬
‫المنار اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ -‬الطبعة‪ :‬السابعة والعشرون ‪1415 ,‬هـ ‪1994/‬م‬

‫‪53‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫هذه اآليتين الكريمتين توضح بجالء أن عداوة الشيطان ال تفتر إلي يوم القيامة وهو لهذا‬
‫من ألد أعداء آدم وذريته ولن ينجو من تلبيسه وكيده إال أهل اإلخالص ممن عرف حقيقة‬
‫عبوديته هلل تعالى قوالً وفعالً ولم يتكبر ويعصيه كما تكبر إبليس وعصي فطرد من‬
‫رحمته ولعنه إلي يوم الدين وللعلماء فوائد جليلة من هذه اآلية منها‪:‬‬
‫‪-‬ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية‪-‬رحمه هللا‪-‬قال‪ :‬فإذا عرف العبد أن هللا ربه وخالقه‬
‫وأنه مفتقر إليه محتاج إليه عرف العبودية المتعلقة بربوبية هللا وهذا العبد يسأل ربه‬
‫ويتضرع إليه ويتوكل عليه لكن قد يطيع أمره وقد يعصيه وقد يعبده مع ذلك وقد يعبد‬
‫الشيطان واألصنام ومثل هذه العبودية ال تفرق بين أهل الجنة وأهل النار وال يصير‬
‫بها الرجل مؤمنا كما قال هللا تعالى [‪ 160‬يوسف]‪ ﴿ :‬وما يؤمن أكثرهم باهلل إال وهم‬
‫مشركون ﴾ فإن المشركين كانوا يقرون أن هللا خالقهم ورازقهم وهم يعبدون غيره‬
‫قال تعالى [‪ 25‬لقمان]‪ ﴿ :‬ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض ليقولن هللا ﴾ وقال‬
‫ض َو َم ْن فِّي َها ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ (‪)84‬‬ ‫تعالى [‪ 84-89‬المؤمنون] ﴿ قُ ْل ِّل َم ِّن ْاأل َ ْر ُ‬
‫سبْعِّ َو َربُّ ْال َع ْر ِّش ْال َع ِّظ ِّيم‬
‫ت ال َّ‬ ‫سيَقُولُونَ ِّ َّّلِلِّ قُ ْل أَفَ َال تَذَ َّك ُرونَ (‪ )85‬قُ ْل َم ْن َربُّ ال َّ‬
‫س َم َاوا ِّ‬ ‫َ‬
‫ير َو َال‬ ‫ش ْيءٍ َو ُه َو ي ُِّج ُ‬‫سيَقُولُونَ ِّ َّّلِلِّ قُ ْل أَفَ َال تَتَّقُونَ (‪ )87‬قُ ْل َم ْن ِّبيَ ِّد ِّه َملَ ُكوتُ ُك ِّل َ‬ ‫(‪َ )86‬‬
‫سيَقُولُونَ ِّ َّّلِلِّ قُ ْل فَأَنَّى ت ُ ْس َح ُرونَ (‪-.﴾ )89‬المؤمنون‬ ‫ار َعلَ ْي ِّه ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ (‪َ )88‬‬
‫يُ َج ُ‬
‫وكثير ممن يتكلم في الحقيقة فيشهدها ال يشهد إال هذه الحقيقة وهي الحقيقة الكونية‬
‫التي يشترك فيها وفي شهودها وفي معرفتها المؤمن والكافر والبر والفاجر بل وإبليس‬
‫معترف بهذه الحقيقة وأهل النار قال إبليس [‪ 36‬الحجر‪ 97 ،‬ص]‪:‬‬
‫﴿ رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ﴾ و [‪ 39‬الحجر]‪ ﴿ :‬قال رب بما أغويتني ألزينن لهم‬
‫في األرض وألغوينهم أجمعين ﴾ وقال [‪ 82‬ص]‪ ﴿ :‬فبعزتك ألغوينهم أجمعين ﴾‬
‫وقال [‪ 62‬اإلسراء]‪ ﴿ :‬أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة‬
‫ألحتنكن ذريته إال قليال ﴾ وأمثال هذا‬
‫من الخطاب الذي يقر فيه بأن هللا ربه وخالقه وخالق غيره وكذلك أهل النار قالوا‬
‫[‪ 106‬المؤمنون]‪ ﴿ :‬ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ﴾ وقال تعالى عنهم‬
‫[‪ 30‬األنعام]‪ ﴿ :‬ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا ﴾‪.‬‬
‫فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها ولم يقم بما أمر هللا به من الحقيقة الدينية‬
‫التي هي عبادته المتعلقة بألوهيته وطاعة أمره وأمر رسوله كان من جنس إبليس‬
‫وأهل النار‪.‬اهـ (‪)197‬‬
‫‪-‬وأضاف ايضا ً ابن تيمية‪ -‬رحمه هللا‪ :-‬قد بين أن عباده المخلصين هم الذين ينجون‬
‫من السيئات التي زينها الشيطان قال الشيطان [‪ 39-40‬الحجر]‪ ﴿ :‬قال رب بما‬

‫‪- 197‬انظر العبودية البن تيمية (ص‪- )52/‬الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪ -‬بيروت ‪-‬الطبعة‪ :‬الطبعة‬
‫السابعة المجددة ‪1426‬هـ ‪2005 -‬م‬

‫‪54‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫أغويتني ألزينن لهم في األرض وألغوينهم أجمعين * إال عبادك منهم المخلصين ﴾‬
‫قال تعالى [‪ 41-42‬الحجر]‪ ﴿ :‬هذا صراط علي مستقيم * إن عبادي ليس لك عليهم‬
‫سلطان إال من اتبعك من الغاوين ﴾ وقال [‪ 82-83‬ص]‪ ﴿ :‬فبعزتك ألغوينهم أجمعين‬
‫* إال عبادك منهم المخلصين ﴾ ثم أضاف‪ -‬رحمه هللا‪:-‬‬
‫وبالعبودية نعت كل من اصطفى من خلقه في قوله [‪ 45-47‬ص]‪ ﴿ :‬واذكر عبادنا‬
‫إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي األيدي واألبصار * إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار‬
‫* وإنهم عندنا لمن المصطفين األخيار ﴾ وقوله [‪ 17‬ص]‪ ﴿ :‬واذكر عبدنا داود ذا األيد‬
‫إنه أواب ﴾‪ .‬وقال عن سليمان [‪ 30‬ص]‪ ﴿ :‬نعم العبد إنه أواب ﴾‪ .‬وعن أيوب [‪ 44‬ص]‪:‬‬
‫﴿ نعم العبد ﴾‪ .‬وقال عنه [‪ 41‬ص]‪ ﴿ :‬واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه ﴾‪ .‬وقال عن نوح‬
‫عليه السالم [‪ 3‬اإلسراء]‪ ﴿ :‬ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ﴾‪ .‬وقال عن‬
‫خاتم رسله [‪ 1‬اإلسراء]‪ ﴿ :‬سبحان الذي أسرى بعبده ليال من المسجد الحرام إلى المسجد‬
‫األقصى ﴾ ‪ -‬وهو أولى القبلتين‪ ،‬وقد خصه هللا بأن جعل العبادة فيه بخمسمئة ضعف‪،‬‬
‫والمقصود بمضاعفة الحسنات هو المسجد الذي حرقه اليهود‪ ،‬عليهم لعنة هللا‪ ،‬ويظن‬
‫البعض أن المسجد األقصى هو الصخرة والقبة المحيطة بها‪ ،‬وليس كذلك‪.‬اهـ(‪)198‬‬
‫‪-‬ما جاء في البشارة‬
‫ي‬ ‫ش ْرت ُ ُمونِّي َعلَى أ َ ْن َم َّ‬
‫سنِّ َ‬ ‫‪-‬قوله تعالى ﴿ قَالُوا َال ت َ ْو َج ْل ِّإنَّا نُبَش ُِّر َك ِّبغُ َال ٍم َع ِّل ٍيم (‪ )53‬قَا َل أَبَ َّ‬
‫ْال ِّكبَ ُر فَبِّ َم تُبَش ُِّرونَ (‪﴾ )54‬‬
‫هذه اآليتين الكريمتين تبين قدرة هللا تعالى وعدم تعلق مشيئته باألسباب الدنيوية كخلقه‬
‫بل له األمر من قبل ومن بعد‪ ،‬ويستخرج منها فوائد جمة وأحكام مهمة‪.‬‬
‫‪-‬من ذلك ما ذكره ابن القيم –رحمه هللا‪ -‬في استحباب البشارة بالمولود كما فعلت‬
‫المالئكة فقال‪ :‬قال هللا تعالى في قصة إبراهيم عليه السالم ﴿ ولقد جاءت رسلنا إبراهيم‬
‫بالبشرى قالوا سالما قال سالم فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم ال تصل‬
‫إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا ال تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة‬
‫فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾ إلى قوله ﴿ فلما ذهب عن‬
‫إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ﴾ هود ‪74 69‬‬
‫وقال تعالى في سورة الصافات ﴿ فبشرناه بغالم حليم ﴾ الصافات ‪ 101‬وقال في‬
‫الذاريات ﴿ وبشروه بغالم عليم ﴾ الذاريات ‪ 28‬وقال في سورة الحجر ﴿ ونبئهم عن‬
‫ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سالما قال إنا منكم وجلون قالوا ال توجل إنا‬
‫نبشرك بغالم عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك‬
‫بالحق فال تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إال الضالون ﴾ الحجر ‪57‬‬

‫‪- 198‬نظر العبودية البن تيمية (ص‪- )79/‬الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪ -‬بيروت ‪-‬الطبعة‪ :‬الطبعة السابعة‬
‫المجددة ‪1426‬هـ ‪2005 -‬م‬

‫‪55‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ 52 -‬وقال تعالى ﴿ يا زكريا إنا نبشرك بغالم اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ﴾‬
‫مريم ‪7‬‬
‫وقال ﴿ فنادته المالئكة وهو قائم يصلي في المحراب أن هللا يبشرك بيحيى مصدقا ﴾‬
‫آل عمران ‪ 39‬ولما كانت البشارة تسر العبد وتفرحه استحب للمسلم أن يبادر إلى‬
‫مسرة أخيه وإعالمه بما يفرحه‪0.‬‬
‫ولما ولد النبي صلى هللا عليه وسلم بشرت به ثويبة عمه أبا لهب وكان موالها وقالت‬
‫قد ولد الليلة لعبد هللا ابن فأعتقها أبو لهب سرورا به فلم يضيع هللا ذلك له وسقاه بعد‬
‫موته في النقرة التي في أصل إبهامه فان فاتته البشارة استحب له تهنئته والفرق بينهما‬
‫إن البشارة إعالم له بما يسره والتهنئة دعاء له بالخير فيه بعد أن علم به‪.‬اهـ (‪)199‬‬
‫‪-‬وكذلك ما استنبطه شيخ اإلسالم‪-‬ابن تيمية‪ -‬رحمه هللا‪ -‬من هذه اآلية وغيرها فقال‪:‬‬
‫ولم يذكر مع البشارة بإسحاق أنه ذبيح مع تعدد المواضع فإذا كان قد ذكر البشارة‬
‫بإسحاق وحده غير مرة ولم يذكر الذبيح ثم ذكر البشارتين جميعا البشارة بالذبيح‬
‫والبشارة بإسحاق بعده كان هذا من أبين األدلة على أن إسحاق ليس هو الذبيح‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك أنه ذكر هبته وهبة يعقوب إلبراهيم بقوله ﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب‬
‫نافلة وكال جعلنا صالحين ﴾ وقوله ﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته‬
‫النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في اآلخرة لمن الصالحين ﴾ ولم يذكر ذلك‬
‫في الذبيح‬
‫الوجه الثالث أنه تعالى ذكر في الذبيح أنه غالم حليم ولما ذكر البشارة بإسحاق قال ﴿‬
‫بغالم عليم ﴾ في غير موضع وال بد لهذا التخصيص من حكمة وهل يلغى اقتران‬
‫الوصفين والحليم الذي هو ثابت للصبر الذي هو خلق الذبيح وإسماعيل وصف‬
‫بالصبر في قوله ﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾ وهذا وجه فإنه‬
‫قال ﴿ ستجدني إن شاء هللا من الصابرين ﴾‬
‫الوجه الرابع أن البشارة بإسحاق كانت معجزة ألن أمه عجوز عقيم وأبوه قد مسه‬
‫الكبر والبشارة مشتركة إلبراهيم وامرأته وأما البشارة بالذبيح فكانت إلبراهيم‬
‫وامتحن بذبحه دون األم المبشرة ولم تكن والدته خرق عادة وهذا يوافق ما نقل عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم وأصحابه في الصحيح من أن إسماعيل لما ولد لهاجر‬
‫غارت سارة فذهب إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة وهناك كان أمر الذبح فانه يؤيد‬
‫أن إسماعيل هو الذبيح ليس هو إسحاق ألنه قال ﴿ فبشرناها بإسحاق ومن وراء‬

‫‪ - 199‬تحفة المودود بأحكام المولود البن القيم (ص‪ -)28/‬الناشر‪ :‬مكتبة دار البيان ‪ -‬دمشق‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1971 – 1391 ،‬ا لمؤلف‪ :‬محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم‬
‫الجوزية (المتوفى‪751 :‬هـ) المحقق‪ :‬عبد القادر األرناؤوط‬

‫‪56‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫إسحاق يعقوب ﴾ والبشارة بيعقوب تقتضى أن إسحاق يعيش ويولد له يعقوب فكيف‬
‫يأمر بعد ذلك بذبحه وكانت البشارة وقضة الذبيح في حياة إبراهيم بال ريب(‪)200‬‬
‫ين (‪﴾ )99‬‬‫‪-‬وقوله تعالى ﴿ َوا ْعبُدْ َرب ََّك َحتَّى َيأْتِّ َي َك ْال َي ِّق ُ‬
‫حقيقة اليقين هي الموت علي الصحيح من أقوال العلماء وتبع بيان ذلك من أهل العلم‬
‫فوائد وأحكام عن المقصود بالعبودية واليقين في اآلية من ذلك‪:‬‬
‫‪-‬ما ذكره ابن عربي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في احكامه قال‪ :‬أمره بعبادته إذا قصر عباده في‬
‫خدمته؛ فإن ذلك طب علته‪ ،‬وهي كما قدمنا أشرف الخصال‪ ،‬والتسمي بها أشرف‬
‫الخطط‪.‬‬
‫قال شيوخ المعاني‪ :‬أال تري كيف سمى هللا بها رسوله عند أفضل منازله‪ ،‬وهي‬
‫اإلسراء‪ ،‬فقال‪ ﴿ :‬سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ [اإلسراء‪ ]1 :‬ولم يقل نبيه وال رسوله‪.‬‬
‫ثم أضاف‪ -‬رحمه هللا‪ :‬اليقين‪ :‬الموت‪ ،‬فأمره باستمرار العبادة أبدا‪ ،‬وذلك مدة حياته‪،‬‬
‫وكان هذا أبلغ من قوله أبدا‪ ،‬الحتمال لفظة األبد للحظة الواحدة‪ ،‬ولجميع األبد‪ ،‬كما‬
‫قال العبد الصالح‪ ﴿ :‬وأوصاني بالصالة والزكاة ما دمت حيا ﴾‬
‫والدليل على أن اليقين الموت «أن أم العالء األنصارية وكانت بايعت رسول هللا ‪ -‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ -‬أخبرت أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة‪ ،‬فصار لنا عثمان بن مظعون‬
‫قالت‪ :‬فأنزلناه مع أبنائنا‪ ،‬فوجع وجعه الذي مات فيه‪ ،‬فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه‬
‫دخل رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقلت‪ :‬رحمة هللا عليك أبا السائب‪ ،‬فشهادتي‬
‫عليك‪ ،‬لقد أكرمك هللا‪ .‬فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ :-‬وما يدريك أن هللا أكرمه؟‬
‫قلت‪ :‬بأبي أنت وأمي يا رسول هللا فمه؟ فقال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ :-‬أما هو‬
‫فقد جاءه اليقين‪ ،‬وهللا إني ألرجو له الخير»(‪ .)201‬الحديث‪.‬اهـ (‪)202‬‬
‫‪-‬وما ذكره ابن القيم‪-‬رحمه هللا‪ :-‬المؤمن عمله دائم ليس بمنقطع كما قال النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم "أحب العمل إلى هللا ما داوم عليه صاحبه"(‪ )203‬فيكون اجتماع قلبه‬
‫لمعاني القرآن دائما غير منقطع ال يزال عطشانا طالبا شاربا‬

‫‪- - 200‬انظر مجموع الفتاوي البن تيمية‪- ) 333/4 (-‬الناشر‪ :‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف‬
‫الشريف‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ -‬عام النشر‪1416 :‬هـ‪1995/‬م‬
‫‪- 201‬أخرجه البخاري برقم‪ -2687 /‬باب القرعة في المشكالت‬
‫‪- 202‬انظر أحكام القرآن للقاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر بن العربي‪- )/( -‬نشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‬
‫‪- 203‬أخرجه مسلم في الأول الباب وتمامه «أحب العمل إلى هللا ما داوم عليه صاحبه‪ ،‬وإن قل»برقم‪/‬‬
‫‪ -782‬باب صيام النبي صلى هللا عليه وسلم في غير رمضان‬

‫‪57‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫كما قال تعالى لنبيه ﴿ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ [سورة الحجر ‪ ]99‬وقال الحسن‬
‫البصري لم يجعل هللا لعبده المؤمن أجال دون الموت وقد اعتقد بعض الغالطين من‬
‫هؤالء ان المعنى اعبد ربك حتى تحصل لك المعرفة ثم اترك العبادة وهذا جهل‬
‫وضالل بأجماع األمة بل اليقين هنا كاليقين في قوله ﴿ حتى أتانا اليقين ﴾ [سورة‬
‫المدثر ‪]47‬‬
‫في الصحيح لما مات عثمان بن مظعون قال النبي صلى هللا عليه وسلم أما عثمان فقد‬
‫أتاه اليقين من ربه وهللا ما أدري وأنا رسول هللا ما يفعل بي‬
‫فأما اليقين الذي هو صفة العبد فذاك قد فعله من حين عبد ربه وال تصح العبادة إال‬
‫به وإن كان له درجات متفاوتة‪.‬اهـ‬
‫كثيرا من‬ ‫فإن ً‬ ‫‪-‬وأضاف شيخ اإلسالم ابن تيمية‪-‬رحمه هللا‪-‬فائد وأحكام من اآلية فقال‪َّ :‬‬
‫أهل الضالل يعتقدون سقوط الواجبات عن األولياء الواصلين إلى الحقيقة ويتأولون‬
‫ين ﴾[الحجر ‪ ]99‬قالوا فإذا حصل اليقين سقطت‬ ‫قوله ﴿ َوا ْعبُ ْد َرب ََّك َحتَّى يَأْتِّيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫العبادة وهذا من جنس قول القرامطة الباطنية من المتفلسفة وغيرهم الذين يرون‬
‫العبادات رياضة النفس حتى تصل إلى المعرفة التي يدَّعونها فإذا وصل إلى المعرفة‬
‫سقطت عنه‪.‬‬
‫ع ِّل َم باالضطرار من دين اإلسالم أن‬ ‫أن هذا خالف دين اإلسالم وأنه قد ُ‬ ‫ومن المعلوم َّ‬
‫الصلوات الخمس ال تسقط عن أحد من األولياء وال عن شيءٍ من واجباتها إال لعذر‬
‫ضرر وسقوطها‬ ‫ٍ‬ ‫خوف‬
‫ِّ‬ ‫لعدم أو‬
‫شرعي ٍ مثل سقوط الطهارة للعجز عن استعمالها ٍ‬
‫بالجنون وسقوط فعلها باإلغماء وفي وجوب القضاء نزاع مشهور ونحو ذلك مما هو‬
‫معروف في مواضعه‪.‬‬
‫ين (‪﴾ )99‬المرادُ به ما يوقن به من الموت وما بعده باتفاق‬ ‫وقوله ﴿ َحتَّى يَأْتِّيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫سقَ َر (‪ )42‬قَالُوا لَ ْم نَكُ ِّمنَ‬ ‫سلَ َك ُك ْم فِّي َ‬
‫السلف كما في قوله الذي حكاه عن الكفار ﴿ َما َ‬
‫ضينَ (‪َ )45‬و ُكنَّا‬ ‫وض َم َع ْالخَائِّ ِّ‬‫ط ِّع ُم ْال ِّم ْس ِّكينَ (‪َ )44‬و ُكنَّا نَ ُخ ُ‬ ‫ص ِّلينَ (‪َ )43‬ولَ ْم نَكُ نُ ْ‬ ‫ْال ُم َ‬
‫ِّين (‪َ )46‬حتَّى أَتَانَا ْاليَ ِّقي ُن (‪[﴾ )47‬المدثر ‪ ]47-42‬ومنه قول النبي‬ ‫نُ َكذ ُ‬
‫ِّب بِّيَ ْو ِّم الد ِّ‬
‫ظعون أ َّما هذا فقد جاءه اليقين من ربه‪.‬اهـ(‪)204‬‬ ‫صلى هللا عليه وسلم عن عثمان بن َم ْ‬
‫‪-‬ما جاء في الوعيد والتحذير‬
‫‪ -‬قوله تعالى ﴿ قَا َل َهؤ َُال ِّء بَنَاتِّي إِّ ْن ُك ْنت ُ ْم فَا ِّع ِّلينَ (‪﴾ )71‬‬

‫‪ - 204‬انظر كتاب الرد على الشاذلي في حزبيه‪ ،‬وما صنفه في آداب الطريق‪-‬البن تيمية(ص‪)51/‬‬
‫الناشر‪ :‬دار عالم الفوائد ‪ -‬مكة الطبعة‪ :‬األولى ‪1429‬هـ‬

‫‪58‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫أشكل هنا عمن في قلبه مرض قول نبي هللا لوط بذكر بناته وقالوا كيف يعرض نبي‬
‫بناته للفاحشة وهذه مغالطة فجة وقد بين أهل العلم المراد ببناته وحكم ذلك ردا ً علي‬
‫هذه الشبه‪،‬فمنهم من ذهب إلي أنه عرض بناته للزواج بهن ليجنبهم الفاحشة ومنهم‬
‫من قال أراد ببناته نسائهم ومن يحل لهم من نساء أمته فهن بمنزلة بناته والرأي القوي‬
‫هو األخير وما يتوافق مع اآلية وماقبلها فبناته الالتي من صلبه ال تكفى هذا الجمع‬
‫العظيم‪ ،‬أما نساء أمته ففيهم الكفاية‪.‬‬
‫‪-‬قال ابن كثير ما ملخصه‪ :‬يرشد لوطا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬قومه إلى نسائهم فإن النبى‬
‫لألمة بمنزلة الوالد‪ ،‬فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم‪ ،‬كما قال ‪ -‬تعالى ‪ -‬فى آية أخرى﴿‪:‬‬
‫أَتَأْتُونَ الذكران ِّمنَ العالمين َوتَذَ ُرونَ َما َخلَقَ لَ ُك ْم َربُّ ُك ْم ِّم ْن أ َ ْز َو ِّ‬
‫اج ُك ْم بَ ْل أَنت ُ ْم قَ ْو ٌم‬
‫َعادُونَ ﴾ وقيل المراد ببناته هنا‪ :‬بناته من صلبه‪ ،‬وأنه عرض عليهم الزواج بهن‪.‬‬
‫ويضعف هذا الرأى أن لوطا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬كان له بنتان أو ثالثة كما جاء فى بعض‬
‫كثيرا‪ ،‬كما يرشد إليه قوله ‪ -‬تعالى‬ ‫الروايات‪ ،‬وعدد المتدافعين من قومه إلى بيته كان ً‬
‫﴿ َو َجآ َء أ َ ْه ُل المدينة َي ْست َ ْبش ُِّرونَ ﴾ فكيف تكفيهم بنتان أو ثالثة للزواج بهن؟‪.‬اهـ(‪)205‬‬
‫‪-‬وقال ابن عربي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في أحكامه‪ :‬لما تداعى أهل المدينة إلى لوط حين رأوا‬
‫وسمعوا بجمال أضيافه‪ ،‬وحسن شارتهم؛ قصدا للفاحشة فيهم‪ ،‬تحرم لهم لوط‬
‫بالضيافة‪ ،‬وسألهم ترك الفضيحة‪ ،‬وإتيان المراعاة‪ ،‬فلما قالوا له‪ ﴿ :‬أولم ننهك عن‬
‫العالمين ﴾ [الحجر‪ ]70 :‬قال لهم لوط‪ :‬إن كنتم تريدون قضاء الشهوة فهؤالء بناتي‬
‫إن كنتم فاعلين‪ .‬وال يجوز على األنبياء ‪ -‬رضوان هللا تعالى عليهم أجمعين ‪ -‬أن‬
‫يعرضوا بناتهم على الفاحشة فداء لفاحشة أخرى؛ وإنما معناه هؤالء بنات أمتي؛ ألن‬
‫كل نبي أزواجه أمهات أمته‪ ،‬وبناتهم بناته‪ ،‬فأشار عليهم بالتزويج الشرعي‪ ،‬وحملهم‬
‫على النكاح الجائز كسرا لسورة الغلمة‪ ،‬وإطفاء لنار الشهوة‪ ،‬كما قال تعالى‪ ﴿ :‬أتأتون‬
‫الذكران من العالمين ﴾ [الشعراء‪ ﴿ ]165 :‬وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم‬
‫بل أنتم قوم عادون ﴾ [الشعراء‪ ]166 :‬وهللا أعلم‪.‬اهـ (‪)206‬‬
‫س ْك َرتِّ ِّه ْم َي ْع َم ُهونَ ﴾‬
‫‪-‬وقَ ْوله ت َ َعالَى ﴿ لَ َع ْم ُر َك إنَّ ُه ْم لَ ِّفي َ‬
‫من المعلوم أن من يحلف بغير هللا تعالى يأثم ألدلة كثيرة منها قوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ( :‬من كان حالفا فليحلف باهلل أو ليصمت )(‪)207‬‬

‫‪ -205‬تفسير القرآن العظيم البن كثير‪-‬الناشر‪:‬دار طيبة للنشر والتوزيع(‪) 337/4‬‬


‫‪- 206‬انظر أحكام القرآن للقاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر بن العربي‪- )/( -‬نشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‬
‫‪ - 207‬أخرجاه في الصحيحين و سبق تخريجه‬

‫‪59‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫ولكن هللا تعالى حلف بحياة نبينا عليه الصالة والسالم وهو جل وعال له أن يحلف‬
‫بمن شاء من خلقه وقد أختلف أهل العلم بالحلف بعمرك وهل يباح أم ال؟‬
‫منهم من قال إنه ال يجوز التعبير به ألنه من نوع الحلف بغير هللا‪ ،‬والحلف بغير هللا‬
‫شرك‪.‬‬
‫و بعضهكم كرهه وأكثر العلماء على أنه جائز‪ ،‬ألنه ليس صريحا ً في القسم بل هو‬
‫لفظ جرت به ألسنة العرب يؤتى به للتأكيد‪ ،‬وهذا رأي قوي وأرجح األقوال يؤيده‬
‫أدلة من السنة وأقوال الصحابة من ذلك‪:‬‬
‫ت َع ْن َع ِّم ِّه‪:‬‬ ‫ص ْل ِّ‬
‫َار َجةَ ب ِّْن ال َّ‬ ‫ما ثبت صحته عن النبي –صلي هللا عليه وسلم‪ -‬عفَ ْن خ ِّ‬
‫الر ُج َل‪.‬‬ ‫ق لَنَا َهذَا َّ‬ ‫ار ِّ‬ ‫ت ِّم ْن ِّع ْن ِّد َهذَا َّ‬
‫الر ُج ِّل ِّب َخي ٍْر‪ ،‬فَ ْ‬ ‫أَنَّهُ َم َّر ِّبقَ ْو ٍم‪ ،‬فَأَت َ ْوهُ فَقَالُوا‪ِّ :‬إنَّ َك ِّجئْ َ‬
‫غ ْد َوة ً َو َع ِّشيَّةً‪َ ،‬و ُكلَّ َما َخت َ َم َها‬ ‫فَأَت َ ْوهُ ِّب َر ُج ٍل َم ْعتُو ٍه ِّفي ْالقُيُو ِّد‪ ،‬فَ َرقَاهُ ِّبأ ُ ِّم ْالقُ ْر ِّ‬
‫آن ث َ َالثَةَ أَي ٍَّام ُ‬
‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َعلَ ْي ِّه‬ ‫ي َ‬ ‫ش ْيئًا‪ ،‬فَأَتَى النَّ ِّب َّ‬‫ط ْوهُ َ‬‫ط ِّم ْن ِّعقَا ٍل‪ ،‬فَأ َ ْع َ‬ ‫َج َم َع بُزَ اقَهُ ث ُ َّم تَفَ َل‪ ،‬فَ َكأَنَّ َما أ ُ ْن ِّش َ‬
‫اط ٍل‬ ‫سلَّ َم‪ُ ( :‬ك ْل فَلَ َع ْم ِّري لَ َم ْن أ َ َك َل ِّب ُر ْقيَ ٍة بَ ِّ‬ ‫َّللاُ َعلَ ْي ِّه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫ي َ‬ ‫سلَّ َم‪ ،‬فَذَ َك َرهُ لَهُ‪ ،‬فَقَا َل النَّ ِّب ُّ‬
‫َو َ‬
‫"(‪)208‬‬ ‫ق‬
‫َح ٍ‬ ‫ِّب ُر ْق َي ٍة‬ ‫ت‬‫أ َ َك ْل َ‬ ‫لَقَ ْد‬
‫ذلك‪:‬‬ ‫من‬ ‫الصحابة‬ ‫عن‬ ‫أيضا‬ ‫‪-‬وروي‬
‫‪-‬ما ثبت عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪" :‬وكتبت تسألني متى ينقضي يُتم اليتيم ؟‬
‫فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف األخذ لنفسه‪ ،‬ضعيف العطاء منها‪ ،‬فإذا‬
‫أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليُتم " (‪ .)209‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪-‬وعن عائشة رضي هللا عنها قالت‪" :‬فلعمري ما أتم هللا حج من لم يطف بين الصفا‬
‫مسلم‪.‬‬ ‫‪.‬رواه‬ ‫والمروة "(‪)210‬‬
‫ولكن الريب أن التورع عند االختالف أسلم فأن قالها المسلم ألنه يري أنها ليست قسم‬
‫فالبأس والعلم عند هللا تعالى‪.‬‬
‫واآلية دلت علي فوائد وأحكام منها‪:‬‬
‫‪-‬ماقاله ابن عربي‪-‬رحمه هللا‪ -‬في أحكامه وقد ذهب أن القسم هنا بحياة لوط –عليه‬
‫السالم وليس نبينا‪-‬صلي هللا عليه وسلم‪-‬وخالف جمهور المفسرين فقال‪:‬‬
‫قال المفسرون بأجمعهم‪ :‬أقسم هللا هنا بحياة محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬تشريفا له‪،‬‬
‫أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون‪ .‬قالوا‪ :‬روي عن ابن‬

‫‪ - 208‬رواه أبو داود (رقم‪ )3420/‬وصححه الشيخ األلباني في " صحيح أبي داود‪".‬‬
‫‪- 209‬أ جزء من حديث أخرجه مسلم عن ابن عباس‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬برقم‪ -1812 /‬باب النساء‬
‫الغازيات يرضخ لهن وال يسهم‪ ،‬والنهي عن قتل صبيان أهل الحرب‬
‫‪- 210‬أخرجه مسلم ( برقم ‪ -)1277/‬باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن ال يصح الحج إال‬
‫به‬

‫‪60‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫عباس أنه قال‪ " :‬ما خلق هللا وما ذرأ وال برأ نفسا أكرم عليه من محمد‪ ،‬وما سمعت‬
‫هللا أقسم بحياة أحد غيره "‬
‫وهذا كالم صحيح‪ ،‬وال أدري ما الذي أخرجهم عن ذكر لوط إلى ذكر محمد‪ ،‬وما‬
‫الذي يمنع أن يقسم هللا بحياة لوط‪ ،‬ويبلغ به من التشريف ما شاء؛ فكل ما يعطي هللا‬
‫للوط من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه؛ ألنه أكرم على هللا منه‪.‬‬
‫أوال تراه قد أعطى إلبراهيم الخلة‪ ،‬ولموسى التكليم‪ ،‬وأعطى ذلك لمحمد‪ ،‬فإذا أقسم‬
‫هللا بحياة لوط فحياة محمد أرفع‪ ،‬وال يخرج من كالم إلى كالم آخر غيره لم يجر له‬
‫ذكر لغير ضرورة‪.‬اهـ(‪)211‬‬
‫‪-‬ويقول العالمة محمد األمين الشنقيطي رحمه هللا – في تفسير قوله تعالى‪ ( :‬لَعَ ْم ُر َك‬
‫)‬ ‫يَ ْع َم ُهونَ‬ ‫س ْك َرتِّ ِّه ْم‬
‫َ‬ ‫لَ ِّفي‬ ‫إِّنَّ ُه ْم‬
‫"قوله تعالى‪ ( :‬لعمرك ) معناه‪ :‬أقسم بحياتك‪ ،‬وهللا جل وعال له أن يقسم بما شاء من‬
‫خلقه‪ ،‬ولم يقسم في القرآن بحياة أحد إال نبينا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وفي ذلك من‬
‫التشريف له صلى هللا عليه وسلم ما ال يخفى‪ .‬وال يجوز لمخلوق أن يحلف بغير هللا‪،‬‬
‫لقوله صلى هللا عليه وسلم‪ ( :‬من كان حالفا فليحلف باهلل أو ليصمت )‪ ،‬وقوله‪ :‬لعمرك‪،‬‬
‫اهـ(‪)212‬‬ ‫"‬ ‫قسمي‬ ‫لعمرك‬ ‫أي‬ ‫محذوف‪،‬‬ ‫خبره‬ ‫مبتدأ‬
‫‪-‬و للشيخ العثيمين فتوى في هذه المسألة ‪-‬قال‪-‬رحمه هللا‪-‬في جزء منها‪ :‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫﴿ إن هللا ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾‪ .‬وظاهر اآلية الكريمة‬
‫أن الشرك ال يغفر ولو كان أصغر‪ ،‬وإن كان في ذلك خالف بين العلماء؛ قالوا‪ :‬الشرك‬
‫األصغر يغفر أو ال يغفر‪ ،‬لكن صاحبه ال يخلد في النار‪ .‬أما قول‪ :‬في ذمتك فليس‬
‫بيمين؛ ألن المراد بالذمة العهد‪ ،‬يعني كأنه قال‪ :‬أنا في عهدك أو ما أشبه ذلك‪ ،‬أما‬
‫لعمري فليس بها بأس أيضاً؛ فقد جاءت في السنة‪ ،‬وجاءت في كالم الصحابة‪ ،‬وجاءت‬
‫في كالم العلماء‪ ،‬وليست فيها القسم؛ القسم أن يصوغ الكالم بصيغة القسم‪ ،‬وصيغه‬
‫ثالثة؛ الواو والباء والتاء‪ ،‬وهللا باهلل تاهلل‪ .‬اهـ (‪.)213‬‬
‫هللا‪:‬‬ ‫رحمه‬ ‫الشوكاني‬ ‫قال‬
‫"وقد كره كثير من العلماء القسم بغير هللا سبحانه‪ ،‬وجاءت بذلك األحاديث الصحيحة‬
‫في النهي عن القسم بغير هللا‪ ،‬فليس لعباده أن يقسموا بغيره‪ .‬وهو سبحانه يقسم بما‬

‫‪- 211‬انظر أحكام القرآن للقاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر بن العربي‪- )105/3( -‬نشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‬
‫‪ - 212‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫بيروت – لبنان(‪) 189 / 2‬‬
‫‪- 213‬فتاوي نور علي الدرب (‪)629‬‬

‫‪61‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫شاء من مخلوقاته الَ يُسْأ َ ُل َع َّما يَ ْفعَ ُل َوهُ ْم يُ ْسئَلُونَ األنبياء‪ " 23/‬اهـ(‪.)214‬‬
‫‪-‬قوله تعالى‪ ﴿:‬إن في ذلك آليات للمتوسمين ﴾‬
‫حقيقة التوسم عند أهل اللغة هي التفرس‪ ،‬وثَبَّت النَّظر وشدَّده وقد بين أهل العلم معناها‬
‫وما في اآلية من فوائد من ذلك‪.:‬‬
‫‪-‬قال ابن عربي‪ -‬رحمه هللا‪-‬في أحكامه ما مختصره وبتصرف‪:‬‬
‫التوسم‪ :‬وهو تفعل من الوسم‪ ،‬وهو العالمة التي يستدل بها على مطلوب غيرها‪.‬‬
‫وحقيقتها االستدالل بالخلق على الخلق‪ ،‬وذلك يكون بجودة القريحة‪ ،‬وحدة الخاطر‪،‬‬
‫وصفاء الفكر‪.‬اهـ(‪)215‬‬
‫‪-‬وأضاف شيخ اإلسالم ابن تيمية‪-‬رحمه هللا‪ :‬والتوسم من السمة وهي العالمة فأخبر‬
‫سبحانه أنه جعل عقوبات المعتدين آيات للمتوسمين‪.‬‬
‫وأضاف‪-‬رحمه هللا‪-‬أن من اعتبر بما عاقب هللا به غيره من أهل الفواحش كان من‬
‫المتوسمين‪ .‬وأخبر تعالى عن اللوطية أنه طمس أبصارهم فكانت عقوبة أهل الفواحش‬
‫طمس األبصار كما قد عرف ذلك فيهم وشوهد منهم‪ .‬وكان ثواب المعتبرين بهم‬
‫التاركين ألفعالهم إعطاء األنوار وهذا مناسب لذكر آية النور عقيب غض‬
‫األبصار‪.‬اهـ‬
‫اب ْال ِّح ْج ِّر ْال ُم ْر َ‬
‫س ِّلينَ ﴾‪.80-‬‬ ‫ب أَ ْ‬
‫ص َح ُ‬ ‫وقَ ْوله ت َ َعالَى ﴿ َولَقَ ْد َكذَّ َ‬
‫الحجر هم قوم ثمود الذين أرسل إليهم صالح – عليه السالم ‪ ،-‬والحجر هي‬ ‫أصحاب ِّ‬
‫إحدى المناطق التي تقع ما بين كل من بالد الشام والحجاز في جنوب شرق مدين‬
‫بالقرب من خليج العقبة‪ ،‬وتسمى بمدائن صالح‪ ،‬وهي موجودة إلى يومنا وهؤالء القوم‬
‫أعطاهم هللا قوة حتى صاروا يخرقون الجبال والصخور العظيمة ويصنعون منها‬
‫‪.‬بيوتا ً ولهذا قال‪ ﴿ :‬جابوا الصخر بالواد ﴾ أي‪ :‬وادي ثمود‬
‫وقصة أصحاب الحجر المذكور في السورة فيها فيها تحذير من النبي بدخول‬
‫مساكنهم‪.‬‬
‫قال ابن عثيمين‪-‬رحمه هللا‪ ﴿ :-‬ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ﴾ [الحجر‪.]80 :‬‬
‫ذكر هللا أن ثمود كانوا في بالد الحجر وهي معروفة مر عليها النبي صلى هللا عليه‬
‫وعلى آله وسلم في طريقه إلى تبوك وأسرع وقنع رأسه صلى هللا عليه وسلم وقال‪:‬‬

‫‪ - 214‬انظر تفسيره "فتح القدير" (‪)189/4‬‬


‫‪- 215‬انظر أحكام القرآن للقاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر بن العربي‪- )106/3( -‬نشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ -‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‬

‫‪62‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬
‫«ال تدخلوا على هؤالء القوم المعذبين إال أن تكونوا باكين‪ ،‬فإن لم تكونوا باكين فال‬
‫تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم» (‪.)216‬‬
‫وأضاف‪ -‬رحمه هللا‪ :‬هؤالء أيضا ً فعل هللا بهم ما فعل من العذاب والنكال حيث قيل‬
‫لهم تمتعوا في داركم ثالثة أيام‪ ،‬ثم بعد الثالثة األيام أخذتهم الصيحة والرجفة‬
‫فأصبحوا في ديارهم جاثمين‪ ،‬فعلينا أن نعتبر بحال هؤالء المكذبين الذين صار مآلهم‬
‫إلى الهالك والدمار‪ ،‬وليُعلم أن هذه األمة لن تُهلك بما أهلكت به األمم السابقة بهذا‬
‫العذاب العام‪ ،‬فإن النبي صلى هللا عليه وعلى آله وسلم سأل هللا تعالى أن ال يهلكهم‬
‫بسنة بعامة (‪ )217‬ولكن قد تهلك هذه األمة بأن يجعل هللا بأسهم بينهم‪ ،‬فتجري بينهم‬
‫الحروب والمقاتلة‪ ،‬ويكون هالك بعضهم على يد بعض‪ ،‬ال بشيء ينزل من السماء‬
‫كما صنع هللا تعالى باألمم السابقة‪.‬اهـ‪218‬‬
‫انتهى الربع الثاني من الجزء الرابع عشر ويليه الجزء الثالث أن شاء هللا‬

‫‪- 216‬أخرجه البخاري برقم‪ -4702 /‬باب قوله‪ ﴿ :‬ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ﴾ [الحجر‪:‬‬
‫‪ ،]80‬ومسلم برقم‪-2980 /‬‬
‫اب ْال ِّحجْ ِّر ْال ُم ْر َ‬
‫س ِّلينَ )‬ ‫ب أَ ْ‬
‫ص َح ُ‬ ‫‪ - 217‬أخرجه البخاري كتاب التفسير باب تفسير قوله تعالى‪َ ):‬ولَقَ ْد َكذَّ َ‬
‫(‪ )4702‬ومسلم كتاب الزهد باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إال من يدخل باكيا ً (‪.)38( )2980‬‬
‫‪- 218‬انظر تفسير جزء عم البن عثيمين (ص‪ -)192/‬الناشر‪ :‬دار الثريا للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ 1423 ،‬هـ ‪ 2002 -‬م‬

‫‪63‬‬ ‫‪www.alukah.net‬‬

You might also like