You are on page 1of 46

AL-AHZAB 53

    


      
     
   
    
    
     
    
     
  
     
     
     
     

53. Hai orang-orang yang beriman, janganlah kamu memasuki rumah- rumah Nabi kecuali bila kamu diizinkan
untuk Makan dengan tidak menunggu-nunggu waktu masak (makanannya), tetapi jika kamu diundang Maka
masuklah dan bila kamu selesai makan, keluarlah kamu tanpa asyik memperpanjang percakapan. Sesungguhnya
yang demikian itu akan mengganggu Nabi lalu Nabi malu kepadamu (untuk menyuruh kamu keluar), dan Allah
tidak malu (menerangkan) yang benar. apabila kamu meminta sesuatu (keperluan) kepada mereka (isteri- isteri
Nabi), Maka mintalah dari belakang tabir. cara yang demikian itu lebih suci bagi hatimu dan hati mereka. dan
tidak boleh kamu menyakiti (hati) Rasulullah dan tidak (pula) mengawini isteri- isterinya selama-lamanya
sesudah ia wafat. Sesungguhnya perbuatan itu adalah Amat besar (dosanya) di sisi Allah.

1. BAHRU AL-ULUM LI AL-SAMARQANDIY

‫ يا أيها الذين آمنوا ال تدخلوا بيوت النبي وذلك أن‬:‫قوله عز وجل‬


‫أناسا من المسلمين كانوا يتحينون غذاء النبي صلى هللا عليه‬
،‫ ويجلسون وينتظرون الغداء‬،‫ ويدخلون عليه بغير إذن‬،‫وسلم‬
‫ فأمرهم هللا عز وجل‬،‫ ويتحدثون طويال‬،‫وإذا أكلوا جلسوا طويال‬
:‫بحفظ األدب فقال‬
‫ إال أن‬:‫ال تدخلوا بيوت النبي إال أن يؤذن لكم إلى طعام يعني‬
‫ من غير أن‬:‫يدعوكم ويأذن لكم في الدخول غير ناظرين إناه يعني‬
:‫ أصله إدراك الطعام يعني‬:‫ ويقال‬.‫تنتظروا وقته‬
.‫ نضج الطعام‬:‫ إناه يعني‬:‫ ويقال‬.‫غير ناظرين إدراكه‬
‫ إذا دعاكم إلى الطعام‬:‫ ولكن إذا دعيتم فادخلوا يعني‬:‫ثم قال‬
‫ تفرقوا وال‬:‫فادخلوا بيته فإذا طعمتم الطعام فانتشروا يعني‬
‫ ال تدخلوا مستأنسين للحديث إن ذلكم كان‬:‫مستأنسين لحديث أي‬
‫يؤذي النبي فيستحيي منكم أن يقول لكم تفرقوا وهللا ال يستحيي‬
‫من الحق يعني‪ :‬من بيان الحق أن يأمركم بالخروج بعد الطعام‪.‬‬
‫قال الفقيه أبو الليث‪ :‬في اآلية حفظ األدب والتعليم أن الرجل إذا‬
‫كان ضيفا ال ينبغي أن يجعل نفسه ثقيال‪ ،‬ولكنه إذا أكل ينبغي أن‬
‫يخرج‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وإذا سألتموهن متاعا يعني‪ :‬إذا سألتم من نسائه متاعا‬
‫فسئلوهن من وراء حجاب وال تدخلوا عليهن‪ ،‬واسألوا من خلف‬
‫الستر‪ .‬ويقال‪ :‬خارج الباب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من‬
‫الريبة‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وما كان لكم أن تؤذوا رسول هللا قال‪ :‬وذلك أن طلحة بن‬
‫عبيد هللا قال‪:‬‬
‫لئن مات محمد ألتزوجن بعائشة فنزل‪ :‬وما كان لكم أن تؤذوا‬
‫رسول هللا وال أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا يعني‪ :‬وال أن‬
‫تتزوجوا أزواجه من بعد وفاته أبدا إن ذلكم كان عند هللا عظيما‬
‫في العقوبة‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬إنما نهى عن ذلك ألنهن أزواجه في الدنيا واآلخرة‪ .‬وروي‬
‫عن حذيفة أنه قال المرأته‪ :‬إن أردت أن تكوني زوجتي في الجنة‬
‫فال تتزوجي بعدي‪ ،‬فإن المرأة آلخر أزواجها‪.‬‬
‫ولذلك حرم هللا تعالى على أزواج النبي صلى هللا عليه وسلم أن‬
‫يتزوجن بعده‪ .‬وروي أن أم الدرداء قالت ألبي الدرداء عند موته‬
‫إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحاك‪ .‬وإني أخطبك إلى نفسي‬
‫في اآلخرة فقال لها فال تنكحي بعدي‪ ،‬فخطبها معاوية بن أبي‬
‫سفيان فأخبرته بالذي كان‪ ،‬وأبت أن تتزوجه‪ .‬وروي في خبر آخر‬
‫بخالف هذا أن أم حبيبة قالت‪ :‬يا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫إن المرأة منا كان لها زوجان أليهما تكون في اآلخرة؟ فقال‪:‬‬
‫«إنها تخير فتختار أحسنهما خلقا معها» ‪.‬‬
‫ثم قال‪« :‬يا أم حبيبة إن حسن الخلق ذهب بالدنيا واآلخرة» ‪.‬‬
‫‪2. MAFATIH AL-GHAIB‬‬

‫ِين آ َمنُوا َال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّبِي ِ ِإ َّال أ َ ْن‬ ‫ث ُ َّم قال تعالى‪ :‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ين ِإنا ُه‪.‬‬‫ناظ ِر َ‬ ‫غ ْي َر ِ‬ ‫عام َ‬ ‫يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم ِإلى َط ٍ‬
‫س ْلناكَ شا ِهدا ً‬ ‫َاء الثالث يا أَيُّ َها النَّ ِب ُّي إِنَّا أ َ ْر َ‬ ‫َّللاُ تَعَالَى فِي النِد ِ‬ ‫لَ َّما ذَك ََر َّ‬
‫ين فِي َهذَا‬ ‫ب‪ ]45 :‬بَيَانًا ِل َحا ِل ِه َم َع أ ُ َّمتِ ِه ا ْلعَا َّم ِة قَا َل ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫[األ َ ْح َزا ِ‬‫ْ‬
‫س َال ُم‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫َاء َال ت َ ْد ُخلُوا إِ ْرشَادًا لَ ُه ْم َوبَيَانًا ِل َحا ِل ِه ْم َم َع النَّبِي ِ َ‬ ‫ال ِند ِ‬
‫علَى َو ْج َه ْي ِن أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬فِي‬ ‫ِم َن ِاال ْحتِ َر ِام ث ُ َّم إِ َّن َحا َل ْاأل ُ َّم ِة َم َع النَّ ِبي ِ َ‬
‫َاج ِه َوبَيَّ َن ذَ ِلكَ بِقَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫ع َد ُم ِإ ْزع ِ‬ ‫ب ُهنَاكَ َ‬ ‫اج ُ‬ ‫َحا ِل ا ْل َخ ْل َو ِة َوا ْل َو ِ‬
‫ار‬ ‫ب ُهنَاكَ ِإ ْظ َه ُ‬ ‫اج ُ‬ ‫يه َما‪ِ :‬في ا ْل َم َ َِل َوا ْل َو ِ‬ ‫َال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ َوثَا ِن ِ‬
‫التعظيم كما قال تعالى‪ :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين‬
‫س ِليما ً‬‫س ِل ُموا ت َ ْ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلُّوا َ‬ ‫آ َمنُوا َ‬
‫ين ِإنا ُه أ َ ْي َال ت َ ْد ُخلُوا‬ ‫ناظ ِر َ‬‫غ ْي َر ِ‬ ‫عام َ‬ ‫ب‪َ ]56 :‬وقَ ْولُهُ‪ِ :‬إلى َط ٍ‬ ‫[األ َ ْح َزا ِ‬ ‫ْ‬
‫طعَ ٍام إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم‪.‬‬ ‫بُيُوتَ النَّ ِبي ِ إِلَى َ‬
‫ث ُ َّم قَا َل تَعَالَى‪َ :‬ول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا [إلى آخر اآلية] فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم‬
‫كان يُ ْؤذِي النَّ ِب َّي‬ ‫ث ِإ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬ ‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫ستَأ ْ ِنس َ‬ ‫فَا ْنتَش ُِروا َوال ُم ْ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمتاعا ً‬ ‫ق َوإِذا َ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم َو َّ‬
‫َّللاُ َال يَ ْ‬ ‫فَيَ ْ‬
‫ب ذ ِل ُك ْم أ َ ْط َه ُر ِلقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُوبِ ِه َّن َوما َ‬
‫كان‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫سئَلُو ُه َّن ِم ْن‪َ /‬و ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫َّللا َوال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً ِإ َّن‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫َّللا ع َِظيماً‪.‬‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬ ‫ذ ِل ُك ْم َ‬
‫َّللا قال‬ ‫َاع إِلَى هللا بقوله‪َ :‬ودا ِعيا ً إِلَى َّ ِ‬ ‫لَ َّما بَيَّ َن ِم ْن َحا ِل النَّ ِبي ِ أَنَّهُ د ٍ‬
‫ِين ِإ َّال‬ ‫هاهنا َال ت َ ْد ُخلُوا إِ َّال ِإذَا ُد ِعيت ُ ْم يَ ْع ِني َك َما أَنَّ ُك ْم َما َد َخ ْلت ُ ُم الد َ‬
‫ين‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫غ ْي َر ِ‬ ‫علَ ْي ِه إِ َّال بَ ْع َد ُدعَائِ ِه َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬ ‫بِ ُدعَائِ ِه فَ َكذَ ِلكَ َال ت َ ْد ُخلُوا َ‬
‫ي َال‬ ‫الز َم ْخش َِر ُّ‬ ‫علَى َما قَالَهُ َّ‬ ‫ام ُل فِي ِه َ‬ ‫علَى ا ْل َحا ِل‪َ .‬وا ْلعَ ِ‬ ‫وب َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫َم ْن ُ‬
‫غ ْي َر‬ ‫ين َ‬ ‫ت َ ْد ُخلُوا قَا َل وتقديره ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ ِإ َّال َمأْذُونِ َ‬
‫ين‪ ،‬وفي اآلية مسائل‪:‬‬ ‫اظ ِر َ‬ ‫نَ ِ‬
‫ُون فِي ِه ت َ ْقدِي ٌم‬ ‫عام إِ َّما أ َ ْن يَك َ‬ ‫ْاألُولَى‪ :‬قَ ْولُهُ‪ :‬إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم إِلى َط ٍ‬
‫ِير ُه َو َال ت َ ْد ُخلُوا ِإلَى َطعَ ٍام ِإ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم‪ ،‬فَ َال يَكُونُ‬ ‫ير ت َ ْقد ُ‬ ‫َوتَأ ْ ِخ ٌ‬
‫اْل ْذ ِن‪َ ،‬وإِ َّما أ َ ْن َال يَك َ‬
‫ُون‬ ‫طعَ ِام ِبغَ ْي ِر ْ ِ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫غ ْي ِر َو ْق ِ‬‫َم ْنعًا ِم َن ال ُّد ُخو ِل فِي َ‬
‫ير فَيَكُونُ َم ْعنَاهُ َو َال ت َ ْد ُخلُوا ِإ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم ِإلَى‬ ‫فِي ِه ت َ ْقدِي ٌم َوتَأ ْ ِخ ٌ‬
‫طعَ ِام فَ ِإ ْن لَ ْم يُ ْؤذَ ْن لَ ُك ْم ِإلَى‬ ‫طا ِبك َْو ِن ِه إِلَى ال َّ‬ ‫اْل ْذ ُن َمش ُْرو ً‬ ‫َطعَ ٍام فَيَكُونُ ْ ِ‬
‫اع ك ََال ٍم َال‬ ‫ستِ َم ِ‬ ‫اح ٍد فِي ال ُّد ُخو ِل ِال ْ‬ ‫ِن ِل َو ِ‬ ‫وز ال ُّد ُخو ُل فَلَ ْو أَذ َ‬ ‫َطعَ ٍام فَ َال يَ ُج ُ‬
‫وز‪ ،‬نَقُو ُل ا ْل ُم َرا ُد ُه َو الثَّانِي ِليَعُ َّم النَّ ْه َي ع َِن‬ ‫ِأل َ ْك ِل َطعَ ٍام َال يَ ُج ُ‬
‫اْل ْذ ِن الَّذِي ِإلَى َطعَ ٍام‪ ،‬نَقُو ُل‪ :‬قَا َل‬ ‫وز ِإ َّال ِب ْ ِ‬ ‫ال ُّد ُخو ِل‪َ ،‬وأ َ َّما قَ ْولُهُ فَ َال يَ ُج ُ‬
‫ون‬‫طعَ ِام َويَ ْد ُخلُ َ‬ ‫ين ال َّ‬ ‫ُون ِح َ‬ ‫اب َم َع قَ ْو ٍم كَانُوا يَ ِجيئ َ‬ ‫ي ا ْل ِخ َط ُ‬ ‫الز َم ْخش َِر ُّ‬ ‫َّ‬
‫غ ْي ِر إِ ْذ ٍن فَ ُمنِعُوا ِم َن ال ُّد ُخو ِل فِي َو ْقتِ ِه ِبغَ ْي ِر إِ ْذ ٍن‪َ ،‬و ْاأل َ ْولَى أ َ ْن‬ ‫ِم ْن َ‬
‫ص ِل َوقَ ْولُهُ‪:‬‬ ‫ف ْاأل َ ْ‬ ‫ير ِخ َال ُ‬ ‫يُقَا َل ا ْل ُم َرا ُد ُه َو الثَّانِي ِأل َ َّن الت َّ ْقدِي َم َوالتَّأ ْ ِخ َ‬
‫عدَاهُ‪َ ،‬ال‬ ‫علَى نَ ْفي ِ َما َ‬ ‫الذ ْك ِر فَ َال يَ ُد ُّل َ‬ ‫يص بِ ِ‬ ‫ب الت َّ ْخ ِص ِ‬ ‫عام ِم ْن بَا ِ‬ ‫إِلى َط ٍ‬
‫از ُد ُخو ُل بَ ْيتِ ِه ِب ِإ ْذنِ ِه إِلَى‬ ‫غ ْي َرهُ ِمثْلُهُ فَ ِإ َّن َم ْن َج َ‬ ‫ع ِل َم أ َ َّن َ‬ ‫سيَّ َما إِذَا َ‬ ‫ِ‬
‫طعَ ِام ُم ْم ِك ٌن‬ ‫غ ْي َر ال َّ‬ ‫ام ِه ِب ِإ ْذنِ ِه‪ ،‬فَ ِإ َّن َ‬ ‫غ ْي ِر َطعَ ِ‬ ‫از ُد ُخولُهُ ِإلَى َ‬ ‫ام ِه َج َ‬ ‫َطعَ ِ‬
‫طعَ ِام‪ ،‬فإن من الجائز أن يتكلم معه وقت ما يَ ْدعُوهُ‬ ‫ُو ُجو ُدهُ َم َع ال َّ‬
‫وم َم َع‬ ‫ست َ ْق ِضي ِه فِي َح َوائِ ِج ِه َويُعَ ِل ُمهُ ِم َّما ِع ْن َدهُ ِم َن ا ْلعُلُ ِ‬ ‫إِلَى َطعَ ٍام َويَ ْ‬
‫ب ِإلَى ا ْل ِف ْع ِل‬ ‫ض أ َ ْق َر ُ‬ ‫ضا ُه ِبا ْلبَ ْع ِ‬ ‫اْل ْطعَ ِام‪ ،‬فَ ِإذَا َر ِض َي ِبا ْلك ُِل فَ ِر َ‬ ‫ِزيَا َد ِة ْ ِ‬
‫غ ْي َر‬‫اء‪َ ]23 :‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬ ‫س َر ِ‬ ‫[اْل ْ‬ ‫ف ِْ‬ ‫ب فَال تَقُ ْل لَ ُهما أ ُ ٍ‬ ‫ير ِم ْن بَا ِ‬ ‫فَيَ ِص ُ‬
‫طعَ ِام فَ ِإنَّهُ ُربَّ َما َال يَت َ َهيَّأُ‪.‬‬ ‫ين يَ ْعنِي أ َ ْنت ُ ْم َال ت َ ْنت َ ِظ ُروا َو ْقتَ ال َّ‬ ‫ناظ ِر َ‬‫ِ‬
‫سأَلَةُ الثَّانِيَةُ‪ :‬قَ ْولُهُ تَعَالَى‪َ :‬ول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا فيه لطيفة‬ ‫ا ْل َم ْ‬
‫غ ْي ِر ِإ ْذ ٍن‬ ‫َان يَ ْعتَا ُد ُد ُخو َل د ٍَار ِم ْن َ‬ ‫وهي أن في ا ْلعَا َدةَ ِإذَا ِقي َل ِل َم ْن ك َ‬
‫ص ًال ال بالدعاء‪،‬‬ ‫ث َال يَ ْد ُخلُ َها أ َ ْ‬ ‫َال ت َ ْد ُخ ْل َها إِ َّال ِب ِإ ْذ ٍن يَتَأَذَّى َويَ ْنقَ ِط ُع بِ َح ْي ُ‬
‫ام ِع َ‬
‫ين‬ ‫س ِ‬ ‫ين َ‬ ‫ون بَ ْل كُونُوا َطائِ ِع َ‬ ‫ست َ ْن ِكفُ َ‬ ‫فَقَا َل َال ت َ ْفعَلُوا ِمثْ َل َما يَ ْفعَلُهُ ا ْل ُم ْ‬
‫ِإذَا ِقي َل لَ ُك ْم َال ت َ ْد ُخلُوا َال ت َ ْد ُخلُوا َوإِذَا ِقي َل لَ ُك ُم ا ْد ُخلُوا فَا ْد ُخلُوا‪َ ،‬و ِإنَاهُ‬
‫از َوقَ ْولُهُ‪:‬‬ ‫ستِ َوا ُؤهُ َوقَ ْولُهُ‪ :‬إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن يُ ِفي ُد ا ْل َج َو َ‬ ‫قِي َل َو ْقتُهُ َوقِي َل ا ْ‬
‫س‬ ‫َول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا يُ ِفي ُد ا ْل ُو ُجو َد فَقَ ْولُهُ‪َ :‬ول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم لَ ْي َ‬
‫تَأ ْ ِكيدًا بَ ْل ُه َو يُ ِفي ُد فَا ِئ َدةً َجدِي َدةً‪.‬‬
‫ص َل‬ ‫ص ِري ُح ِب ِه‪ ،‬بَ ْل إِذَا َح َ‬ ‫اْل ْذ ِن الت َّ ْ‬ ‫ط فِي ْ ِ‬ ‫سأَلَةُ الثَّا ِلثَةُ‪َ :‬ال يُ ْ‬
‫شت َ َر ُ‬ ‫ا ْل َم ْ‬
‫از ال ُّد ُخو ُل َو ِل َهذَا قَا َل‪:‬‬ ‫ضا َج َ‬ ‫الر َ‬ ‫ا ْل ِع ْل ُم ِب ِ‬
‫َّللاَ أ َ ِو النَّ ِب َّي أ َ ِو‬ ‫َان َّ‬ ‫ان فَا ِع ٍل‪ ،‬فَ ْاآل ِذنُ إِ ْن ك َ‬ ‫غ ْي ِر بَيَ ِ‬ ‫إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن ِم ْن َ‬
‫ث قَا َل تَعَالَى‪ :‬أ َ ْو‬ ‫علَ ْي ِه َح ْي ُ‬ ‫از َوالنَّ ْق ُل دَا ٌّل َ‬ ‫ا ْلعَ ْق َل ا ْل ُم َؤيَّ َد ِبال َّد ِلي ِل‪َ /‬ج َ‬
‫ع ِل َم أ َ ْن َال‬ ‫صدَاقَ ِة ِل َما ذَك َْرنَا‪ ،‬فَلَ ْو َجا َء أَبُو بَ ْك ٍر َو َ‬ ‫صدِي ِق ُك ْم َو َح ُّد ال َّ‬ ‫َ‬
‫ُّف أ َ ْو‬ ‫س َال ُم ِم ْن ت َ َكش ٍ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫ت النَّبِي ِ َ‬ ‫ت عَائِشَةَ ِم ْن بُيُو ِ‬ ‫َمانِ َع فِي بَ ْي ِ‬
‫ع ِل َم ُخلُ َّو الد َِّار ِم َن ْاأل َ ْه ِل أ َ ْو ِه َي‬ ‫غ ْي ِر َم ْح َر ٍم ِع ْن َد َها أ َ ْو َ‬ ‫ُور َ‬ ‫ُحض ِ‬
‫ُم ْحتَا َجةٌ ِإلَى‬
‫از ال ُّد ُخو ُل‪.‬‬ ‫غ ْي ِر ذَ ِلكَ ‪َ ،‬ج َ‬ ‫يق فِي َها أ َ ْو َ‬ ‫اء َح ِر ٍ‬ ‫إِ ْطفَ ِ‬
‫ص َحابَ ِة‬ ‫ض ال َّ‬ ‫َان بَ ْع ُ‬ ‫الرا ِبعَةُ‪ :‬قَ ْولُهُ‪ :‬فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا ك َ‬ ‫سأَلَةُ َّ‬ ‫ا ْل َم ْ‬
‫ب‪َ ،‬والنَّ ِب ُّي‬ ‫س َال ُم فِي ع ُْر ِس َز ْينَ َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫ث يَ ْو َم َو ِلي َم ِة النَّ ِبي ِ َ‬ ‫أ َ َطا َل ا ْل ُم ْك َ‬
‫ب‪ِ ،‬م ْن َها‬ ‫امعَةً ِآلدَا ٍ‬ ‫ت ْاآليَةُ َج ِ‬ ‫ش ْيئ ًا‪ ،‬فَ َو َر َد ِ‬ ‫س َال ُم لَ ْم يَقُ ْل لَهُ َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫َ‬
‫ت َم ْو ِض ٌع‬ ‫اس‪َ ،‬وفِي َم ْعنَى ا ْلبَ ْي ِ‬ ‫ت النَّ ِ‬ ‫ث فِي بُيُو ِ‬ ‫ا ْل َم ْن ُع ِم ْن إِ َطالَ ِة ا ْل ُم ْك ِ‬
‫ش ْغ ٍل فَيَأْتِي ِه أ َ َح ٌد َويُ ِطي ُل‬ ‫شتِغَا ِل ِه ِب ُ‬ ‫ص ِل ِعبَا َدتِ ِه أ َ ِو ا ْ‬ ‫ار ُه ش َْخ ٌ‬ ‫اخت َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُمبَا ٌ‬
‫ي ُه َو‬ ‫الز َم ْخش َِر ُّ‬ ‫ث قَا َل َّ‬ ‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫ستَأْنِس َ‬ ‫ث ِع ْن َدهُ‪َ ،‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬وال ُم ْ‬ ‫ا ْل ُم ْك َ‬
‫ع ْطفًا‬ ‫صوبًا َ‬ ‫ُون َم ْن ُ‬ ‫ور‪َ ،‬ويُ ْحت َ َم ُل أ َ ْن يَك َ‬ ‫ين َم ْج ُر ٌ‬ ‫ناظ ِر َ‬
‫غ ْي َر ِ‬ ‫علَى َ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ْط ٌ‬ ‫َ‬
‫علَى ا ْل َم ْعنَى‪ ،‬فَ ِإ َّن َم ْعنَى قَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪َ :‬ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ ِإ َّال أ َ ْن‬ ‫َ‬
‫ِين ث ُ َّم ِإ َّن‬ ‫ستَأ ْ ِنس َ‬ ‫علَ ْي ِه َوال ُم ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ين‪ ،‬فَعَ َط َ‬ ‫اج ِم َ‬ ‫يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم َال ت َ ْد ُخلُو َها َه ِ‬
‫َّللاَ تَعَالَى بَيَّ َن ك َْو َن ذَ ِلكَ أ َ َدبًا َوك َْو َن النَّ ِبي ِ َح ِلي ًما ِبقَ ْو ِل ِه‪ :‬إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫كان‬ ‫َّ‬
‫َارةٌ ِإلَى‬ ‫ق ِإش َ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫َّللاُ َال يَ ْ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم َو َّ‬ ‫يُ ْؤذِي النَّبِ َّي فَيَ ْ‬
‫علَ ْي ِه‬
‫َارةٌ ِإلَى ت َ َح ُّم ِل النَّبِي ِ َ‬ ‫َان ِإش َ‬ ‫َب‪َ ،‬وقَ ْولُهُ ك َ‬ ‫ق َوأَد ٌ‬ ‫أ َ َّن ذَ ِلكَ َح ٌّ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمتاعا ً‬ ‫َّللاُ أ َ َدبًا آ َخ َر َو ُه َو قَ ْولُهُ‪َ :‬وإِذا َ‬ ‫س َال ُم‪ ،‬ث ُ َّم ذَك ََر َّ‬ ‫ال َّ‬
‫اس ِم ْن ُد ُخو ِل بُيُو ِ‬
‫ت‬ ‫َّللاُ النَّ َ‬ ‫ب لَ َّما َمنَ َع َّ‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫سئَلُو ُه َّن ِم ْن َو ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫ُون‪ ،‬بَيَّ َن‬ ‫صو ِل ِإلَى ا ْل َماع ِ‬ ‫َان ِفي ذَ ِلكَ تَعَذُّ ُر ا ْل ُو ُ‬ ‫س َال ُم‪َ ،‬وك َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫النَّ ِبي ِ َ‬
‫ب‪َ ،‬وقَ ْولُهُ‬ ‫اء ِح َجا ٍ‬ ‫سأ َ ْل َو ْليَ ْطلُ ْب ِم ْن َو َر ِ‬ ‫وع ِم ْنهُ فَ ْليَ ْ‬ ‫غ ْي ُر َم ْمنُ ٍ‬ ‫أ َ َّن ذَ ِلكَ َ‬
‫ب‪ ،‬فَ ِإذَا لَ ْم ت َ َر‬ ‫ذ ِل ُك ْم أ َ ْط َه ُر ِلقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُو ِب ِه َّن يَ ْعنِي ا ْلعَ ْينُ َر ْو َزنَةُ ا ْلقَ ْل ِ‬
‫ب َوقَ ْد َال‬ ‫شت َ ِهي ا ْلقَ ْل ُ‬ ‫ت ا ْلعَ ْينُ فَقَ ْد يَ ْ‬ ‫ب‪ .‬أ َ َّما ِإ ْن َرأ َ ِ‬ ‫شت َ ِهي ا ْلقَ ْل ُ‬ ‫ا ْلعَ ْينُ َال يَ ْ‬
‫ع َد ُم ا ْل ِفتْنَ ِة ِحينَئِ ٍذ أ َ ْظ َه ُر‪،‬‬ ‫الر ْؤيَ ِة أ َ ْط َه ُر‪َ ،‬و َ‬ ‫عد َِم ُّ‬ ‫ب ِع ْن َد َ‬ ‫شت َ ِهي‪ ،‬فَا ْلقَ ْل ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫علَى‬ ‫َب أ َ َّك َدهُ ِب َما يَ ْح ِملُ ُه ْم َ‬ ‫ين ْاألَد َ‬ ‫علَّ َم ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫َّللاَ تَعَالَى لَ َّما َ‬ ‫ث ُ َّم ِإ َّن َّ‬
‫َّللا َو ُك ُّل َما ُمنِ ْعت ُ ْم‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫كان لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬ ‫ُم َحافَ َظتِ ِه‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬وما َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬وقَ ْولُهُ تَعَالَى‪َ :‬وال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن‬ ‫امتَنِعُوا َ‬ ‫ع ْنهُ ُم ْؤ ٍذ فَ ْ‬ ‫َ‬
‫عبَ ْي ِد‬ ‫اس ِقي َل ُه َو َط ْل َحةُ ْبنُ ُ‬ ‫ض النَّ ِ‬ ‫ب نُ ُزو ِل ِه أ َ َّن بَ ْع َ‬ ‫بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً ِقي َل َ‬
‫سبَ ُ‬
‫شتُ بَ ْع َد ُم َح َّم ٍد َأل َ ْن ِك َح َّن عَائِشَةَ‪َ ،‬وقَ ْد ذَك َْرنَا أ َ َّن اللَّ ْف َظ‬ ‫َّللا‪ ،‬قَا َل لَئِ ْن ِع ْ‬ ‫َّ‬
‫سو ِل‬ ‫ب النُّ ُزو ِل‪ ،‬فَ ِإ َّن ا ْل ُم َرا َد أ َ َّن إِيذَا َء َّ‬
‫الر ُ‬ ‫سب َ ُ‬‫ا ْلعَا َّم َال يُغَ ِي ُر َم ْعنَاهُ َ‬
‫وز‪ ،‬ث ُ َّم قَا َل َال بَ ْل‬ ‫سائِ ِه فِي َحيَاتِ ِه ِإيذَا ٌء فَ َال يَ ُج ُ‬ ‫ض ِلنِ َ‬ ‫َح َرا ٌم‪َ ،‬والتَّعَ ُّر ُ‬
‫َّللا ع َِظيما ً‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬ ‫غ ْي ُر َجائِ ٍز ُم ْطلَقًا‪ ،‬ث ُ َّم أ َ َّك َد بِقَ ْو ِل ِه‪ :‬إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬ ‫ذَ ِلكَ َ‬
‫أي إيذاء الرسول‪.‬‬
‫‪3. TAFSIR BAIDHAWIY‬‬

‫ِين آ َمنُوا الَ ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم إال وقت‬ ‫يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫أن يؤذن لكم أو إال مأذونا ً لكم‪.‬‬
‫عام متعلق ب يُ ْؤذَ َن ألنه متضمن معنى يدعى لإلشعار بأنه ال‬ ‫ِإلى َط ٍ‬
‫يحسن الدخول على الطعام من غير دعوة وإن أذن كما أشعر به‬
‫ين ِإناهُ غير منتظرين وقته‪ ،‬أو إدراكه حال من‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫غ ْي َر ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫فاعل الَ ت َ ْد ُخلُوا أو المجرور في لَ ُك ْم‪ .‬وقرئ بالجر صفة لطعام‬
‫فيكون جاريا ً على غير من هوله بال إبراز الضمير‪ ،‬وهو غير‬
‫جائز عند البصريين وقد أمال حمزة والكسائي إناه ألنه مصدر أنى‬
‫الطعام إذا أدرك‪َ .‬ول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا‬
‫تفرقوا وال تمكثوا‪ ،‬وألنه خطاب لقوم كانوا يتحينون طعام رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم فيدخلون ويقعدون منتظرين ِْلدراكه‪،‬‬
‫باْلذن‬
‫مخصوصة بهم وبأمثالهم وإال لما جاز ألحد أن يدخل بيوته ِ‬
‫ث‬ ‫ستَأْنِس َ‬
‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫لغير الطعام وال اللبث بعد الطعام لمهم‪َ .‬وال ُم ْ‬
‫لحديث بعضكم بعضاً‪ ،‬أو لحديث أهل البيت بالتسمع له عطف على‬
‫ين أو مقدر بفعل أي‪ :‬وال تدخلوا أو وال تمكثوا مستأنسين‪.‬‬ ‫ناظ ِر َ‬‫ِ‬
‫كان يُ ْؤذِي النَّبِ َّي لتضييق المنزل عليه وعلى أهله‬ ‫إِ َّن ذ ِل ُك ْم اللبث َ‬
‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم من إخراجكم بقوله‪َ :‬و َّ‬
‫َّللاُ ال‬ ‫وإشغاله بما ال يعنيه‪ .‬فَيَ ْ‬
‫ق يعني أن إخراجكم حق فينبغي أن ال يترك حياء‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ست َ ْح ِى»‬ ‫كما لم يتركه هللا ترك الحيي فأمركم بالخروج‪ ،‬وقرئ «الَ يَ ْ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن‬
‫بحذف الياء األولى وإلقاء حركتها على الحاء‪َ .‬و ِإذا َ‬
‫ب ستر‪.‬‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫سئَلُو ُه َّن المتاع‪ِ .‬م ْن َو ِ‬ ‫َمتاعا ً شيئا ينتفع به‪ .‬فَ ْ‬
‫روي «أن عمر رضي هللا عنه قال‪ :‬يا رسول هللا يدخل عليك البر‬
‫والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت» ‪.‬‬
‫وقيل أنه عليه الصالة والسالم كان يطعم ومعه بعض أصحابه‪،‬‬
‫فأصابت يد رجل يد عائشة رضي هللا عنها فكره النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ذلك فنزلت‪.‬‬
‫ذ ِل ُك ْم أ َ ْط َه ُر ِلقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُو ِب ِه َّن من الخواطر النفسانية الشيطانية‪.‬‬
‫َّللا أن تفعلوا ما‬ ‫كان لَ ُك ْم وما صح لكم‪ .‬أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫َوما َ‬
‫يكرهه‪َ .‬وال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً من بعد وفاته أو‬
‫فراقه‪ ،‬وخص التي لم يدخل بها‪ ،‬لما‬
‫روي أن أشعث بن قيس تزوج المستعيذة في أيام عمر رضي هللا‬
‫عنه فهم برجمها‪ ،‬فأخبر بأنه عليه الصالة والسالم فارقها قبل أن‬
‫يمسها فتركها من غير نكير‪.‬‬
‫َّللا ع َِظيما ً ذنبا ً‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِإ َّن ذ ِل ُك ْم يعني إيذاءه ونكاح نسائه‪.‬‬
‫عظيماً‪ ،‬وفيه تعظيم من هللا لرسوله وإيجاب لحرمته حيا ً وميتا ً‬
‫ولذلك بالغ في الوعيد عليه‬
‫‪4. TAFSIR AL-NAISABURIY‬‬

‫فقيل‪ :‬ال تدخلوا يا هؤالء المتحينون للطعام إال وقت اْلذن أي‬
‫مأذونين وإال غير ناظرين إناه‪ .‬وإنى الطعام إدراكه‪ ،‬أنى الطعام‬
‫إنى نحو قاله قلى‪ .‬وقيل‪ :‬أناه وقته فقد تلخص أن اْلذن مشروط‬
‫بكونه إلى الطعام فلزم منه أن ال يجوز الدخول إذا لم يكن اْلذن‬
‫إلى طعام كالدخول باْلذن الستماع كالم مثال‪ ،‬فأجيب بأن الخطاب‬
‫مع قوم كانوا موصوفين بالتحين للطعام فمنعوا من الدخول في‬
‫وقته من غير إذن‪ .‬وجوز بعضهم أن يكون في الكالم تقديم‬
‫وتأخير أي ال تدخلوا إلى طعام إال أن يؤذن لكم فال يكون منعا من‬
‫الدخول في غير وقت الطعام بغير اْلذن واألول أولى‪ .‬وال يشترط‬
‫في اْلذن التصريح به إذا حصل العلم بالرضا جاز الدخول ولهذا‬
‫قيل إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن على البناء للمفعول ليشمل إذن هللا وإذن الرسول‬
‫أو العقل المؤيد بالدليل‪ .‬وقوله فَا ْنتَش ُِروا للوجوب وليس كقوله‬
‫صالةُ فَا ْنتَش ُِروا [الجمعة‪ ]10 :‬وذلك للدليل العقلي‬ ‫فَ ِإذا قُ ِضيَ ِ‬
‫ت ال َّ‬
‫على أن بيوت الناس ال تصلح للمكث بعد الفراغ مما دعي ألجله‪،‬‬
‫ث وهو مجرور‬ ‫ستَأْنِس َ‬
‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫وللدليل النقلي وذلك قوله َوال ُم ْ‬
‫ين أو منصوب على الحال أي ال تدخلوها‬ ‫ناظ ِر َ‬
‫معطوف على ِ‬
‫هاجمين وال مستأنسين‪.‬‬
‫يروى أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أولم على زينب بتمر‬
‫وسويق وشاة وأمر أنسا أن يدعو بالناس فترادفوا أفواجا إلى أن‬
‫قال‪ :‬يا رسول هللا دعوت حتى ما أجد أحد أدعوه‪ .‬فقال‪:‬‬
‫ارفعوا طعامكم وتفرق الناس وبقي ثالثة نفر يتحدثون فأطالوا‬
‫فقام رسول هللا ليخرجوا فانطلق إلى حجرة عائشة فقال‪ :‬السالم‬
‫عليكم أهل البيت فقالوا‪ :‬وعليك السالم يا رسول هللا كيف وجدت‬
‫أهلك؟ وطاف بالحجرات فسلم عليهن ودعون له ورجع فإذا‬
‫الثالثة جلوس يتحدثون وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫كان يُ ْؤذِي النَّبِ َّي فَيَ ْ‬
‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم‬ ‫شديد الحياء وذلك قوله إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫أي من إخراجكم‪ ،‬فلما رأوه متوليا خرجوا فرجع فنزلت اآلية‬
‫ناهية للثقالء أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض ألجل‬
‫حديث يحدثه به أو يستأنسون حديث أهل البيت واستماعه‪ .‬ومعنى‬
‫ست َ ْح ِيي ال يمتنع وال يترك كما مر في أول البقرة‪ .‬والضمير في‬ ‫ال يَ ْ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن لنساء النبي بقرينة الحال‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال الراوي‪ :‬إن عمر كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة‬
‫شديدة وكان يقول‪ :‬يا رسول هللا يدخل عليك البر والفاجر فلو‬
‫أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت‪.‬‬
‫والمتاع الماعون وما يحتاج إليه‪ .‬وثاني مفعولي فَ ْ‬
‫سئَلُو ُه َّن‬
‫محذوف وهو المتاع المدلول عليه بما قبله‪ .‬ذ ِل ُك ْم الذي ذكر من‬
‫السؤال من وراء الحجاب أ َ ْط َه ُر ألجل قلوبكم ألن العين روزنة‬
‫القلب ومنها تنشأ الفتنة غالبا‪ .‬وروي أن بعضهم قال‪ :‬نهينا أن‬
‫نكلم بنات عمنا إال من وراء حجاب لئن مات محمد ألتزوجن فالنة‬
‫كان أي وما صح‬ ‫عنى عائشة‪ ،‬فأعلم هللا أن ذلك محرم بقوله َوما َ‬
‫َّللا بوجه من الوجوه َوال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫َّللا ذنبا ع َِظيما ً ألن‬ ‫ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً إِ َّن ذ ِل ُك ْم اْليذاء والنكاح َ‬
‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬
‫حرمة الرسول ميتا كحرمته حيا‪.‬‬
‫‪5. TAFSIR AL-ALUSIY‬‬

‫ِين آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ ِإ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم شروع‬


‫يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫في بيان بعض الحقوق على الناس المتعلقة به صلى هللا عليه‬
‫وسلم وهو عند نسائه‪ ،‬والحقوق المتعلقة بهن رضي هللا تعالى‬
‫عنهن ومناسبة ذلك لما تقدم ظاهرة‪ ،‬واآلية عند األكثرين نزلت‬
‫يوم تزوج عليه الصالة والسالم زينب بنت جحش‪.‬‬
‫أخرج اْلمام أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي‬
‫وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في‬
‫سننه من طرق عن أنس قال‪ :‬لما تزوج رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون وإذا‬
‫هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام فلما قام قام من‬
‫قام وقعد ثالثة نفر فجاء النبي صلى هللا عليه وسلم ليدخل فإذا‬
‫القوم جلوس ثم إنهم قاموا فانطلقت فجئت أخبرت النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فألقى‬
‫الحجاب بيني وبينه فأنزل هللا تعالى‪ :‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا‬
‫بُيُوتَ النَّ ِبي ِ اآلية‬
‫والنهي للتحريم‪ ،‬وقوله سبحانه‪ :‬إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن بتقدير باء‬
‫المصاحبة استثناء مفرغ من أعم األحوال أي ال تدخلوها في حال‬
‫من األحوال إال حال كونكم مصحوبين باْلذن‪.‬‬
‫وجوز أبو حيان كونه بتقدير باء السببية فيكون االستثناء من أعم‬
‫األسباب أي ال تدخلوها بسبب من األسباب إال‬
‫بسبب اْلذن‪ ،‬وذهب الزمخشري إلى أنه استثناء من أعم األوقات‬
‫أي ال تدخلوها في وقت من األوقات إال وقت أن يؤذن لكم‪ .‬وأورد‬
‫عليه أبو حيان أن الوقوع موقع الظرف مختص بالمصدر الصريح‬
‫دون المؤول فال يقال أتيتك أن يصيح الديك وإنما يقال أتيتك‬
‫صياح الديك‪ ،‬وال يخفى أن القول باالختصاص أحد قولين للنحاة‬
‫في المسألة نعم إنه األشهر والزمخشري إمام في العربية ال‬
‫يعترض عليه بمثل هذه المخالفة‪.‬‬
‫وزعم بعضهم أن الوقت مقدر في نظم الكالم فيكون محذوفا حذف‬
‫حرف الجر وأن هذا ليس من باب وقوع المصدر موقع الظرف‪.‬‬
‫وأجاز بعض األجلة كون ذلك استثناء من أعم األحوال بال تقدير‬
‫الباء بل باعتبار أن المصدر مؤول باسم المفعول أي ال تدخلوها‬
‫إال مأذونا لكم والمصدر المسبوك قد يؤول بمعنى المفعول كما قيل‬
‫كان هذَا ا ْلقُ ْرآنُ أ َ ْن يُ ْفتَرى [يونس‪ ]37 :‬إن‬ ‫في قوله تعالى‪ :‬ما َ‬
‫المعنى ما كان هذا القرآن مفتري فمن قال كون المصدر بمعنى‬
‫المفعول غير معروف في المؤول لم يصب‪ ،‬وقيل فيما ذكر مخالفة‬
‫لقول النحاة المصدر المسبوك معرفة دائما كما صرح به في‬
‫المغني‪.‬‬
‫وتعقبه الخفاجي بأن الحق أنه سطحي وأنه قد يكون نكرة وذكر‬
‫كان إلخ‪ ،‬وقوله سبحانه‪:‬‬ ‫قوله تعالى‪ :‬ما َ‬
‫عام متعلق بيؤذن وعدي بإلى مع أنه يتعدى بفي فيقال أذن‬ ‫إِلى َط ٍ‬
‫له في كذا لتضمينه معنى الدعاء لإلشعار بأنه ال ينبغي أن يدخلوا‬
‫على طعام بغير دعوة وإن تحقق اْلذن الصريح في دخول البيت‬
‫فإن كل إذن ليس بدعوة‪ ،‬وقيل يجوز أن يكون قد تنازع فيه‬
‫الفعالن ت َ ْد ُخلُوا ويُ ْؤذَ َن وهو مما ال بأس به‪ ،‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ناظ ِري َن ِإنا ُه أي غير منتظرين نضجه وبلوغه تقول أنى‬ ‫َ‬
‫غ ْي َر ِ‬
‫الطعام يأني أنى كقلى يقلي قلى إذا نضج وبلغ قاله الزجاج‪ ،‬وقال‬
‫مكي‪ :‬إناه ظرف زمان مقلوب آن التي بمعنى الحين فقلبت النون‬
‫قبل األلف وغيرت الهمزة إلى الكسرة أي غير ناظرين آنه أي‬
‫حينه والمراد حين إدراكه ونضجه أو حين أكله حال من فاعل‬
‫تدخلوا وهو حال مفرغ من أعم األحوال كما سمعت في أ َ ْن يُ ْؤذَ َن‬
‫لَ ُك ْم وإذا جعل ذلك حاال فهي حال مترادفة فكأنه قيل‪ :‬ال تدخلوا في‬
‫حال من األحوال إال مصحوبين باْلذن غير ناظرين‪ ،‬والظاهر أنها‬
‫حال مقدرة ويحتمل أن تكون مقارنة‪ ،‬والزمخشري بعد أن جعل ما‬
‫تقدم نصبا على الظرفية جعل هذا حاال أيضا لكنه قال بعد وقع‬
‫االستثناء على الوقت والحال معا كأنه قيل ال تدخلوا بيوت النبي‬
‫إال وقت اْلذن وال تدخلوها إال غير ناظرين‪.‬‬
‫وتعقبه أبو حيان بأنه ال يجوز على مذهب الجمهور من أنه ال يقع‬
‫بعد إال في االستثناء إال المستثنى أو المستثنى منه أو صفة‬
‫المستثنى منه ثم قال وأجاز األخفش والكسائي ذلك في الحال أجاز‬
‫ما ذهب القوم إال يوم الجمعة راحلين عنا فيجوز ما قاله‬
‫الزمخشري عليه وال يخفى على المتأمل في كالم الزمخشري أنه‬
‫بعيد بمراحل عن جعل اآلية الكريمة كالمثال المذكور ألنه على‬
‫التأخير والتقديم وكالمه آب عن اعتبار ذلك في اآلية نعم لو‬
‫ين حاال من ضمير ت َ ْد ُخلُوا ألمكن أن‬‫ناظ ِر َ‬ ‫اقتصر على جعل َ‬
‫غ ْي َر ِ‬
‫يقال‪ :‬إن مراده ال تدخلوا غير ناظرين إال أن يؤذن لكم ويكون‬
‫المعنى أن دخولهم غير ناظرين إناه مشروط باْلذن وأما دخولهم‬
‫ناظرين فممنوع مطلقا بطريق األولى ثم قدم المستثنى وأخر‬
‫الحال‪ .‬وتعقبه بعضهم بأن فيه استثناء شيئين وهما الظرف‬
‫والحال بأداة واحدة وقد قال ابن مالك في التسهيل‪ :‬ال يستثنى‬
‫بأداة واحدة دون عطف شيئان وظاهره عدم جواز ذلك سواء كان‬
‫االستثناء مفرغا أم ال وسواء كان الشيئان مما يعمل فيهما العامل‬
‫المتقدم أم ال فال يجوز قام القوم إال زيدا عمرا وال ما قام القوم إال‬
‫زيدا عمرا أو إال زيد عمرو وال ما قام إال خالد بكر وال ما أعطيت‬
‫أحدا شيئا إال عمرا دانقا وال ما أعطيت إال عمرا دانقا وال ما أخذ‬
‫أحد شيئا إال زيد‬
‫درهما وال ما أخذ أحد إال زيد درهما‪ ،‬والكالم في هذه المسألة وما‬
‫يصح من هذه التراكيب وما ال يصح وإذا صح فعلى أي وجه يصح‬
‫طويل عريض والذي أميل إليه تقييد إطالقهم ال يستثنى بأداة‬
‫واحدة دون عطف شيئان بما إذا كان الشيئان ال يعمل فيهما العامل‬
‫السابق قبل االستثناء فال يجوز ما قام إال زيد إال بكر مثال إذ ال‬
‫يكون للفعل فاعالن دون عطف وال ما ضربت إال زيدا عمرا مثال‬
‫إذ ال يكون لضرب مفعوالن دون عطف أيضا‪ ،‬وأرى جواز نحو ما‬
‫أعطيت أحدا شيئا إال عمرا دانقا ونحو ما ضرب إال زيد عمرا من‬
‫غير حاجة إلى التزام إبدال اسمين من اسمين نظير قوله‪:‬‬
‫ولما قرعنا النبع بالنبع بعضه ‪ ...‬ببعض أبت عيدانه أن تكسرا‬
‫في األول وإضمار فعل ناصب لعمرو دل عليه المذكور في الثاني‪،‬‬
‫وما ذكره ابن مالك في االحتجاج على الشبه بالعطف حيث قال‪:‬‬
‫كما ال يقدر بعد حرف العطف معطوفان كذلك ال يقدر بعد حرف‬
‫االستثناء مستثنيان ال يتم علينا فإنا نقول في العطف بالجواز في‬
‫مثل ما ضرب زيد عمرا وبكر خالدا قطعا فنحو ما أعطيت أحدا‬
‫شيئا إال زيدا دانقا كذلك‪ ،‬وقوله‪ :‬إن االستثناء في حكم جملة‬
‫مستأنفة ألن معنى جاء القوم إال زيدا جاء القوم ما منهم زيد وهو‬
‫على ما قيل يقتضي أن ال يعمل ما قبل إال فيما بعدها في مثل ما‬
‫ذكر ألنها بمثابة ما وليس ذلك من الصور المستثناة ليس بشيء‬
‫كما ال يخفى‪ ،‬وما في أمالي الكافية من أنه ال بد في المستثنى‬
‫المفرغ من تقدير عام فلو استعمل بعد إال شيئان فأما أن ال يقدر‬
‫عام أصال وهو يخالف حكم الباب أو يقدر عامان وهو يؤدي إلى‬
‫أمر خارج عن القياس من غير ثبت ولو جاز في االثنين جاز فيما‬
‫فوقهما وهو ظاهر البطالن أو يقدر ألحدهما دون اآلخر وهو‬
‫يؤدي إلى اللبس فيما قصد‪.‬‬
‫تعقبه الحديثي بأن لقائل أن يختار الثالث ويقول‪ :‬العام ال يقدر إال‬
‫للذي يلي إال منهما ألنه المستثنى المفرغ ظاهرا فال يحصل اللبس‬
‫ناظ ِر َ‬
‫ين حاال‬ ‫أصال‪ ،‬وأبو حيان قدر في اآلية محذوفا وجعل َ‬
‫غ ْي َر ِ‬
‫من الضمير فيه والتقدير ادخلوا غير ناظرين وهو الذي يقتضيه‬
‫كالم ابن مالك حيث أوجب في نحو ما ضرب إال زيد عمرا جعل‬
‫عمرا مفعوال لمحذوف دل عليه المذكور‪ ،‬والجملة مستأنفة‬
‫استئنافا بيانيا وقعت جوابا لسؤال نشأ من الجملة األولى كأنه لما‬
‫قيل ما ضرب إال زيد سأل سائل من ضرب؟ فقيل‪ :‬ضرب عمرا‪،‬‬
‫وذكر العالمة تقي الدين السبكي عليه الرحمة في رسالته المسماة‬
‫ين إِناهُ وفيها يقول الصالح‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫بالحلم واألناة في إعراب َ‬
‫غ ْي َر ِ‬
‫الصفدي‪:‬‬
‫يا طالب النحو في زمان ‪ ...‬أطول ظال من القناة‬

‫وما تحلى منه بعقد ‪ ...‬عليك بالحلم واألناة‬


‫إن الظاهر أن الزمخشري ما قال ذلك إال تفسير معنى والمستثنى‬
‫في الحقيقة هو المصدر المتعلق به الظرف والحال فكأنه قيل‪ :‬ال‬
‫تدخلوا إال دخوال مصحوبا بكذا ثم قال‪ :‬ولست أقول بتقدير مصدر‬
‫هو عامل فيهما فإن العمل للفعل المفرغ وإنما أردت شرح المعنى‪،‬‬
‫ف‬‫اختَلَ َ‬
‫ومثل هذا اْلعراب هو الذي نختاره في قوله تعالى‪َ :‬و َما ْ‬
‫ِين أُوتُوا ا ْل ِك َ‬
‫تاب ِإ َّال ِم ْن بَ ْع ِد ما جا َء ُه ُم ا ْل ِع ْل ُم بَ ْغيا ً بَ ْينَ ُه ْم [آل‬ ‫الَّذ َ‬
‫عمران‪ ]19 :‬أي إال اختالفا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم‬
‫فمن بعد ما جاءهم وبغيا ليسا مستثنيين بل وقع عليهما المستثنى‬
‫وهو االختالف كما تقول ما قمت إال يوم الجمعة ضاحكا أمام‬
‫األمير في دارة فكلها يعلم فيها الفعل المفرغ من جهة الصناعة‬
‫وهي من جهة المعنى كالشيء الواحد ألنها بمجموعها بعض من‬
‫المصدر الذي تضمنه الفعل المنفي وهذا أحسن من أن يقدر‬
‫اختلفوا بغيا بينهم ألنه حينئذ ال يفيد الحصر وعلى ما قلناه يفيد‬
‫الحصر فيه كما أفاده في قوله تعالى‪ِ :‬م ْن بَ ْع ِد ما جا َء ُه ُم ا ْل ِع ْل ُم فهو‬
‫حصر في شيئين لكن بالطريق الذي قلناه ال أنه استثناء شيئين بل‬
‫استثناء شيء صادق على شيئين‪ ،‬ويمكن حمل كالم الزمخشري‬
‫على ذلك فقوله‪ :‬وقع االستثناء على الوقت والحال معا صحيح‪،‬‬
‫إن المستثنى أعم ألن األعم يقع على األخص والواقع على‬
‫الواقع واقع فتخلص عما ورد عليه من قول النحاة ال يستثنى بأداة‬
‫واحدة دون عطف شيئان انتهى فتدبره‪ ،‬وجوز أن يكون َ‬
‫غ ْي َر‬
‫ين حاال من المجرور في لَ ُك ْم ولم يذكره الزمخشري‪ ،‬وفي‬ ‫ناظ ِر َ‬
‫ِ‬
‫الكشف لو جعل حاال من ذلك ألفاد ما ذكره من حيث إنه نهى عن‬
‫الدخول في جميع األوقات إال وقت وجود اْلذن المقيد‪ ،‬وقال‬
‫العالمة تقي الدين لم يجعل حاال من ذلك وإن كان جائزا من جهة‬
‫الصناعة ألنه يصير حاال مقدرة وألنهم ال يصيرون منهيين عن‬
‫االنتظار بل يكون ذلك قيدا في اْلذن وليس المعنى على ذلك بل‬
‫على أنهم نهوا أن يدخلوا إال بإذن ونهوا إذا دخلوا أن يكونوا غير‬
‫ناظرين إناه فلذلك امتنع من جهة المعنى أن يكون العامل فيه‬
‫يُ ْؤذَ َن وأن يكون حاال من مفعوله اهـ‪.‬‬
‫ولعله أبعد نظرا مما في الكشف‪ ،‬وقرأ ابن أبي عبلة «غير»‬
‫بالكسر على أنه صفة لطعام فيكون جاريا على غير من هو له‪،‬‬
‫ومذهب البصريين في ذلك وجوب إبراز الضمير بأن يقال هنا غير‬
‫ناظر أنتم أو غير ناظرين أنتم وال بأس بحذفه عند الكوفيين إذا لم‬
‫يقع لبس كما هنا والتخريج المذكور عليه‪ ،‬وقد أمال حمزة‬
‫والكسائي «إناه» بناء على أنه مصدر أني الطعام إذا أدرك‪ ،‬وقرأ‬
‫األعمش «إناءة» بمدة بعد النون َول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا استدراك‬
‫من النهي عن الدخول بغير إذن فيه داللة على أن المراد باْلذن‬
‫إلى الطعام الدعوة إليه فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا أي فإذا أكلتم الطعام‬
‫فتفرقوا وال تلبثوا‪ ،‬والفاء للتعقيب بال مهلة للداللة على أنه ينبغي‬
‫أن يكون دخولهم بعد اْلذن والدعوة على وجه يعقبه الشروع في‬
‫األكل بال فصل‪ ،‬واآلية على ما ذهب إليه الجل من المفسرين‬
‫خطاب لقوم كانوا يتحينون طعام النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫فيدخلون ويقعدون منتظرين ْلدراكه مخصوصة بهم وبأمثالهم‬
‫ممن يفعل مثل فعلهم في المستقبل فالنهي مخصوص بمن دخل‬
‫بغير دعوة وجلس منتظرا للطعام من غير حاجة فال تفيد النهي‬
‫عن الدخول بأذن لغير طعام وال عن الجلوس واللبث بعد الطعام‬
‫لمهم آخر‪ ،‬ولو اعتبر الخطاب عاما لكان الدخول واللبث‬
‫المذكوران منهيا عنهما وال قائل به‪ ،‬ويؤيد ما ذكر ما أخرجه عبد‬
‫بن حميد عن الربيع عن أنس رضي هللا تعالى عنه قال‪ :‬كانوا‬
‫يتحينون فيدخلون بيت النبي صلى هللا عليه وسلم فيجلسون‬
‫فيتحدثون ليدرك الطعام فأنزل هللا تعالى‪ :‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا اآلية‬
‫وكذا ما أخرجه ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم قال نزلت في‬
‫الثقالء ومن هنا قيل إنها آية الثقالء‪ ،‬وتقدم لك القول بجواز كون‬
‫عام قد تنازع فيه الفعالن ت َ ْد ُخلُوا ويُ ْؤذَ َن واألمر عليه ظاهر‪.‬‬ ‫ِإلى َط ٍ‬
‫وقال العالمة ابن كمال‪ :‬الظاهر أن الخطاب عام لغير المحارم‬
‫وخصوص السبب ال يصلح مخصصا على ما تقرر في األصول‪،‬‬
‫عام فيندفع وهم‬ ‫نعم يكون وجها لتقييد اْلذن بقوله تعالى ِإلى َط ٍ‬
‫اعتبار مفهومه انتهى وفيه بحث فتأمل والمشهور في سبب‬
‫النزول ما ذكرناه أول الكالم في اآلية عن اْلمام أحمد والشيخين‬
‫وغيرهم فال تغفل‪.‬‬
‫ث أي لحديث بعضكم بعضا أو لحديث أهل‬ ‫ستَأْنِس َ‬
‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫َوال ُم ْ‬
‫ستَأْنِس َ‬
‫ِين‬ ‫البيت بالتسمع له فالالم تعليلية أو الالم المقوية و ُم ْ‬
‫ين وال زائدة‪ ،‬يجوز أن يكون منصوبا‬ ‫ناظ ِر َ‬
‫مجرور معطوف على ِ‬
‫ين [الفاتحة‪ ]7 :‬وجوز‬ ‫غ ْي َر كقوله تعالى‪َ :‬و َال ال َّ‬
‫ض ِال َ‬ ‫معطوفا على َ‬
‫أن يكون حاال مقدرة أو مقارنة من فاعل فعل حذف مع فاعله‬
‫وذلك معطوف على المذكور والتقدير وال تدخلوها أو ال تمكثوا‬
‫مستأنسين لحديث إِ َّن ذ ِل ُك ْم أي اللبث الدال عليه الكالم أو‬
‫االستئناس أو المذكور من االستئناس والنظر أو الدخول على غير‬
‫كان يُ ْؤذِي‬
‫الوجه المذكور‪ ،‬واألول أقوى مالءمة للسياق والسباق َ‬
‫النَّبِ َّي ألنه يكون مانعا له عليه الصالة والسالم عن قضاء بعض‬
‫أوطاره مع ما فيه من تضييق المنزل عليه صلى هللا عليه وسلم‬
‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم أي من إخراجكم بأن يقول لكم اخرجوا‬ ‫وعلى أهله فَيَ ْ‬
‫أو من منعكم عما يؤذيه على ما قيل فالكالم على تقدير المضاف‬
‫لقوله تعالى‪:‬‬
‫ق فإنه يدل على أن المستحيا منه معنى‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬
‫َّللاُ ال يَ ْ‬
‫َو َّ‬
‫من المعاني الذواتهم ليتوارد النفي‬
‫واْلثبات على شيء واحد كما يقتضيه نظام الكالم فلو كان المراد‬
‫االستحياء من ذواتهم لقال سبحانه وهللا ال يستحيي منكم فالمراد‬
‫بالحق إخراجهم أو المنع عن ذلك‪ ،‬ووضع الحق موضعه لتعظيم‬
‫جانبه وحاصل الكالم أنه تعالى لم يترك الحق وأمركم بالخروج‪،‬‬
‫والتعبير بعدم االستحياء للمشاكلة‪ ،‬وجوز أن يكون الكالم على‬
‫االستعارة أو المجاز المرسل‪ ،‬واعتبار تقدير المضاف مما ذهب‬
‫إليه الزمخشري وكثير وهو الذي ينبغي أن يعول عليه‪ ،‬وفي‬
‫الكشف فإن قلت‪:‬‬
‫االستحياء من زيد لإلخراج مثال هو الحقيقة واالستحياء من‬
‫استخراجه توسع بجعل ما نشأ منه الفعل كالصلة وكلتا العبارتين‬
‫صحيحة يصح إيقاع إحداهما موقع األخرى‪ ،‬قلت‪ :‬أريد أنه ال بد‬
‫من مالحظة معنى اْلخراج فإما أن يقدر اْلخراج ويوقع عليه‬
‫فيكثر اْلضمار وال يطابق اللفظ نفيا وإثباتا‪ ،‬وإما أن يقدر‬
‫المضاف فيقل ويطابق‪ ،‬ومع وجود المرجح وفقد المانع ال وجه‬
‫للعدول فال بد مما ذكر‪.‬‬
‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم تعليل‬‫وقال العالمة ابن كمال‪ :‬إن قوله تعالى‪ :‬فَيَ ْ‬
‫المحذوف دل عليه السياق أي وال يخرجكم فيستحيي منكم ولذلك‬
‫صدر بأداة التعليل ولو كان المعنى يستحيي من إخراجكم لكان‬
‫حقه أن يصدر بالواو‪ ،‬وفيه أن الكالم بعد تسليم ما ذكر على تقدير‬
‫المضاف‪ .‬وزعم بعضهم أن األصل فيستحيي منكم من الحق وهللا‬
‫ال يستحيي منكم من الحق والمراد بالحق إخراجهم على أن ذلك‬
‫من االحتباك وكال حرفي الجر ليس بمعنى واحد بل األول لالبتداء‬
‫والثاني للتعليل‪ ،‬وقال‪ :‬إن الحمل على ذلك هو األنسب لإلعجاز‬
‫التنزيلي واالختصار القرآني وال يخفى ما فيه‪.‬‬
‫وقرأت فرقة كما في البحر «فيستحي» بكسر الحاء مضارع‬
‫استحى وهي لغة بني تميم والمحذوف إما عين الكلمة فوزنه‬
‫يستفل أو المها فوزنه يستفع‪ ،‬وفي الكشاف قرىء «ال يستحي»‬
‫بياء واحدة وأظن أن القراءة بياء واحدة في الفعل في الموضعين‪،‬‬
‫هذا والظاهر حرمة اللبث على المدعو إلى طعام بعد أن يطعم إذا‬
‫كان في ذلك أذى لرب البيت وليس ما ذكر مختصا بما إذا كان‬
‫اللبث في بيت النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬ومن هنا كان الثقيل‬
‫مذموما عند الناس قبيح الفعل عند األكياس‪.‬‬
‫وعن ابن عباس وعائشة رضي هللا تعالى عنهما حسبك في‬
‫الثقالء أن هللا عز وجل لم يحتملهم وعندي كالثقيل المذكور من‬
‫يدعى في وقت معين مع جماعة فيتأخر عن ذلك الوقت من غير‬
‫عذر كثير شرعي بل لمحض أن ينتظر ويظهر بين الحاضرين‬
‫مزيد جاللته وأن صاحب البيت ال يسعه تقديم الطعام للحاضرين‬
‫قبل حضوره مخافة منه أو احتراما له أو لنحو ذلك فيتأذى لذلك‬
‫الحاضرون أو صاحب البيت‪ ،‬وقد رأينا من هذا الصنف كثيرا‬
‫نسأل هللا تعالى العافية إن فضله سبحانه كان كبيرا َو ِإذا‬
‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن الضمير لنساء النبي صلى هللا عليه وسلم المدلول‬
‫َ‬
‫عليهن بذكر بيوته عليه الصالة والسالم أي وإذا طلبتم منهن‬
‫َمتاعا ً أي شيئا يتمتح به من الماعون وغيره فَ ْ‬
‫سئَلُو ُه َن‬
‫ب أي ستر‪.‬‬ ‫فاطلبوا منهن ذلك ِم ْن َو ِ‬
‫راء ِحجا ٍ‬
‫أخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي هللا‬
‫تعالى عنه قال‪ :‬قال عمر بن الخطاب رضي هللا تعالى عنه يا‬
‫رسول هللا يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين‬
‫بالحجاب فأنزل هللا تعالى آية الحجاب وكان رضي هللا تعالى عنه‬
‫حريصا على حجابهن وما ذاك إال حبا لرسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫أخرج ابن جرير عن عائشة أن أزواج النبي عليه الصالة والسالم‬
‫كن يخرجن بالليل إذ برزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح وكان‬
‫عمر بن الخطاب رضي هللا تعالى عنه يقول للنبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ :‬احجب نساءك فلم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫يفعل فخرجت سودة بنت زمعة رضي هللا تعالى عنها ليلة من‬
‫الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر رضي هللا‬
‫تعالى عنه بصوته األعلى قد عرفناك يا سودة حرصا على أن‬
‫ينزل الحجاب فأنزل هللا تعالى الحجاب وذلك أحد موافقات عمر‬
‫رضي هللا تعالى عنه وهي مشهورة‪ ،‬وعد الشيعة ما وقع منه‬
‫رضي هللا تعالى عنه في خبر ابن جرير من المثالب قالوا‪ :‬لما فيه‬
‫من سوء األدب وتخجيل سودة حرم رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم وإيذائها بذلك‪.‬‬
‫وأجاب أهل السنة بعد تسليم صحة الخبر أنه رضي هللا تعالى عنه‬
‫رأى أن ال بأس بذلك لما غلب على ظنه من ترتب الخير العظيم‬
‫عليه‪ ،‬ورسوله هللا صلى هللا عليه وسلم وإن كان أعلم منه وأغير‬
‫لم يفعل ذلك انتظارا للوحي وهو الالئق بكمال شأنه مع ربه عز‬
‫وجل‪.‬‬
‫وأخرج البخاري في األدب والنسائي من حديث عائشة أنها كانت‬
‫تأكل معه عليه الصالة والسالم (‪ )1‬وكان يأكل معهما بعض‬
‫أصحابه فأصابت يد رجل يدها فكره النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫ذلك فنزلت‬
‫‪ ،‬وال يبعد أن يكون مجموع ما ذكر سببا للنزول‪ ،‬ونزل الحجاب‬
‫على ما أخرج ابن سعد عن أنس سنة خمس من الهجرة‪.‬‬
‫وأخرج عن صالح بن كيسان أن ذلك في ذي القعدة منها ذ ِل ُك ْم‬
‫الظاهر أنه إشارة إلى السؤال من وراء حجاب‪ ،‬وقيل‪ :‬هو إشارة‬
‫إلى ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن وعدم االستئناس للحديث‬
‫عند الدخول وسؤال المتاع من وراء حجاب أ َ ْط َه ُر ِلقُلُو ِب ُك ْم‬
‫َوقُلُوبِ ِه َّن أي أكثر تطهيرا من الخواطر الشيطانية التي تخطر‬
‫للرجال في أمر النساء وللنساء في أمر الرجال فإن الرؤية سبب‬
‫التعلق والفتنة‪ ،‬وفي بعض اآلثار النظر سهم مسموم من سهام‬
‫إبليس‪ ،‬وقال الشاعر‪:‬‬
‫والمرء ما دام ذا عين يقلبها ‪ ...‬في أعين العين موقوف على‬
‫الخطر‬

‫يسر مقلته ما ساء مهجته ‪ ...‬ال مرحبا بانتفاع جاء بالضرر‬


‫َّللاِ أي‬‫سو َل َّ‬ ‫كان لَ ُك ْم أي وما صح وما استقام لكم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫َوما َ‬
‫تفعلوا في حياته فعال يكرهه ويتأذى به كاللبث واالستئناس‬
‫بالحديث الذي كنتم تفعلونه وغير ذلك‪ ،‬والتعبير عنه عليه الصالة‬
‫والسالم بعنوان الرسالة لتقبيح ذلك الفعل واْلشارة إلى أنه‬
‫بمراحل عما يقتضيه شأنه صلى هللا عليه وسلم إذ في الرسالة من‬
‫نفعهم المقتضي للمقابلة بالمثل دون اْليذاء ما فيها َوال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا‬
‫أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً من بعد وفاته أو فراقه وهو كالتخصيص بعد‬
‫التعميم فإن نكاح زوجة الرجل بعد فراقه إياها من أعظم األذى‪.‬‬
‫ومن الناس من تفرط غيرته على زوجته حتى يتمنى لها الموت‬
‫لئال تنكح من بعده وخصوصا العرب فإنهم أشد الناس غيرة‪.‬‬
‫وحكى الزمخشري أن بعض الفتيان قتل جارية له يحبها مخافة أن‬
‫تقع في يد غيره بعد موته‪ .‬وظاهر النهي أن العقد غير صحيح‪،‬‬
‫وعموم األزواج ظاهر في أنه ال فرق في ذلك بين المدخول بها‬
‫وغيرها كالمستعيذة والتي رأى بكشحها بياضا فقال لها عليه‬
‫الصالة والسالم قبل الدخول «الحقي بأهلك» وهو الذي نص عليه‬
‫اْلمام الشافعي وصححه في الروضة‪ .‬وصحح إمام الحرمين‬
‫والرافعي في الصغير أن التحريم للمدخول بها فقط لما روي أن‬
‫األشعث بن قيس الكندي نكح المستعيذة في زمن عمر رضي هللا‬
‫تعالى عنه فهم عمر برجمه فأخبر أنها لم يكن مدخوال بها فكف‬
‫من غير نكير‪ .‬وروي أيضا أن قتيلة بنت قيس أخت األشعث‬
‫المذكور تزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت وكانت قد‬
‫زوجها أخوها قبل من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقبل أن‬
‫يدخل بها حملها معه إلى حضرموت وتوفي عنها عليه الصالة‬
‫والسالم فبلغ ذلك أبا بكر رضي هللا تعالى عنه فقال‪ :‬هممت أن‬
‫أحرق عليها بيتها فقال له عمر‪ :‬ما هي من أمهات المؤمنين ما‬
‫دخل بها صلى هللا عليه وسلم وال ضرب عليها الحجاب‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬لم يحتج عليه بذلك بل احتج بأنها ارتدت حين ارتد أخوها‬
‫فلم تكن من أمهات المؤمنين بارتدادها وكذا هو ظاهر في أنه ال‬
‫فرق في ذلك بين المختارة منهن الدنيا كفاطمة بنت الضحاك بن‬
‫سفيان الكالبي في رواية ابن إسحاق والمختارة هللا تعالى‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وسلم كنسائه عليه الصالة والسالم التسع‬
‫الالتي توفي عنهن‪.‬‬
‫وللعلماء في حل مختارة الدنيا لَلزواج طريقان‪ ،‬أحدهما طرد‬
‫الخالف‪ ،‬والثاني القطع بالحل واختاره اْلمام والغزالي عليهما‬
‫الرحمة‪ ،‬وكأن من قال بحل غير المدخول بها وبحل المختارة‬
‫المذكورة حمل األزواج على من كن في عصمته يوم نزول اآلية‬
‫وعلى من يشبههن ولسن إال المدخوالت بهن الالتي اخترنه عليه‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬وإذا حمل ذلك وأريد بقوله تعالى‪ِ :‬م ْن بَ ْع ِد ِه من‬
‫بعد فراقه يلزم حرمة نكاح من طلقها صلى هللا عليه وسلم من تلك‬
‫األزواج على المؤمنين وهو كذلك‪ ،‬ومن هنا اختلف القائلون‬
‫بانحصار طالقه صلى هللا عليه وسلم بالثالث فقال بعضهم‪ :‬تحل له‬
‫عليه الصالة والسالم من طلقها ثالثا من غير محلل‪ ،‬وقال‬
‫آخرون‪ ،‬ال تحل له أبدا‪ ،‬وظاهر التعبير باألزواج عدم شمول الحكم‬
‫ألمة فارقها صلى هللا عليه وسلم بعد وطئها‪.‬‬
‫وفي المسألة أوجه ثالثها أنها تحرم إن فارقها بالموت كمارية‬
‫رضي هللا تعالى عنها وال تحرم إن باعها أو وهبا في الحياة‪.‬‬
‫وحرمة نكاح أزواجه عليه الصالة والسالم من بعده من‬
‫خصوصياته صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وسمعت عن بعض جهلة‬
‫المتصوفة أنهم يحرمون نكاح زوجة الشيخ من بعده على المريد‬
‫وهو جهل ما عليه مزيد ِإ َّن ذ ِل ُك ْم إشارة إلى ما ذكر من إيذائه عليه‬
‫الصالة والسالم ونكاح أزواجه من بعده‪ ،‬وما فيه من معنى البعد‬
‫َّللا في حكمه عز‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬
‫لإليذان ببعد منزلته في الشر والفساد َ‬
‫وجل ع َِظيما ً أي أمرا عظيما وخطبا هائال ال يقادر قدره‪ ،‬وفيه من‬
‫تعظيمه تعالى لشأن رسوله صلى هللا عليه وسلم وإيجاب حرمته‬
‫حيا وميتا ما ال يخفى‪.‬‬

‫‪6. MAHASIN AL-TAKWIL‬‬

‫ِين آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم إِلى َط ٍ‬


‫عام‬ ‫يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ين ِإناهُ هذا خطاب لبعض الصحب‪ ،‬وحظر عليهم أن‬ ‫ناظ ِر َ‬
‫غ ْي َر ِ‬ ‫َ‬
‫يدخلوا منازله صلى هللا عليه وسلم بغير إذن‪.‬‬
‫كما كانوا قبل ذلك يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء‬
‫اْلسالم‪ .‬و (إلى) متعلق ب (يؤذن) بتضمين معنى الدعاء‪،‬‬
‫لإلشعار بأنه ال ينبغي أن يدخلوا على الطعام بغير دعوة‪ ،‬وإن‬
‫ين إِناهُ أي غير‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫تحقق اْلذن‪ .‬كما يشعر به قوله تعالى‪َ :‬‬
‫غ ْي َر ِ‬
‫منتظرين وقته‪ ،‬وإدراكه‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬أي ال ترقبوا الطعام إذا طبخ‪ ،‬حتى إذا قارب‬
‫االستواء تعرضتم للدخول فإن هذا مما يكرهه هللا ويذمه‪ .‬وهذا‬
‫دليل على تحريم التطفل‪ .‬وهو الذي تسميه العرب الضيفن‪ .‬وقد‬
‫صنف الخطيب البغدادي في ذلك كتابا في ذم الطفيليين‪ .‬وذكر من‬
‫أخبارهم أشياء يطول إيرادها‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ين إِناهُ نهيا لهم أن يدخلوا‪-‬‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫وأقول‪ :‬قد يكون معنى قوله َ‬
‫غ ْي َر ِ‬
‫مع كونهم مأذونا لهم ومدعوين‪ -‬قبل الميعاد المضروب لهم‬
‫حضورهم فيه‪ ،‬عجلة وانتظارا لنضج الطعام‪ .‬فإن ذلك مما يؤذي‬
‫قلب صاحب الدعوة‪ ،‬لشغل هذه الحصة معهم بال فائدة‪ ،‬إال ضيق‬
‫صدر الداعي وأهله‪ ،‬وشغل وقته وتوليد حديث‪ ،‬وتكلفا لكالم ال‬
‫ضرورة له‪ ،‬وإطالة زمن الحجاب على نسائه‪ .‬وما ذلك إال من‬
‫شؤم التعجيل قبل الوقت‪ .‬ولذلك قال تعالى َول ِك ْن إِذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا‬
‫أي إذا دعيتم إلى الدخول في وقته‪ .‬فادخلوا فيه ال قبله وال بعده‪.‬‬
‫ف (لكن) استدراك من النهي عن الدخول‪ ،‬مع اْلذن المطلق الذي‬
‫هو الدعوة بتعليم أدب آخر‪ .‬وإفادة شرط مهم‪ ،‬وهو اْلشارة إلى‬
‫أن للدعوة حينا ووقتا يجب أن يراعى زمنه‪ ،‬وهذا المنهي عنه لم‬
‫يزل يرتكبه ثقالء القرويين ومن شاكلهم من غلظاء المدنيين‬
‫الذين لم يتأدبوا بآداب الكتاب الكريم‬
‫والسنة المطهرة‪ .‬وهو أنهم إذا دعوا لتناول طعام يتعجلون‬
‫المجيء قبل وقته بساعات‪ ،‬مما يغم نفس الداعي وأهله‪ .‬ويذهب‬
‫لهم جانبا من عزيز وقتهم عبثا إال في سماع حديثهم البارد‪.‬‬
‫وخدمتهم المستكرهة كما قدمنا‪ .‬فعلى ما ذكرناه يكون في اآلية‬
‫فائدة جميلة‪ ،‬وحكم مهم‪ .‬وهو حظر المجيء قبل الوقت المقدر‪.‬‬
‫وحينئذ فكلمة (غير) حال ثانية من الفاعل مقيدة للدخول المأذون‬
‫فيه‪ .‬وهو أن يكون وقت الدعوة‪ ،‬ال قبله‪ .‬والتقدير (إال مأذونين‬
‫في حال كونكم غير ناظرين إناه) ولذا قيل‪ :‬إنها آية الثقالء‪ .‬إذا‬
‫علمت هذا‪ ،‬فاألجدر استنباط حظر التطفل من صدر اآلية‪ ،‬وهو ال‬
‫ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّبِي ِ إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم ومن قوله َول ِك ْن إِذا ُد ِعيت ُ ْم‬
‫ين ِإنا ُه ألنه في معنى خاص‪ .‬وهو ما‬ ‫ناظ ِر َ‬‫غ ْي َر ِ‬ ‫فَا ْد ُخلُوا ال من قوله َ‬
‫ذكرناه وهللا أعلم‪.‬‬

‫فائدة‪:‬‬
‫(اْلني) مصدر‪ .‬يقال أنى الشيء يأنى أنيا بالفتح‪ .‬و (أنى) مفتوحا‬
‫مقصورا‪.‬‬
‫(وإنى) بالكسر مقصورا‪ .‬أي حان وأدرك‪ .‬قال عمرو بن حسان‪:‬‬
‫تمخضت المنون له بيوم ‪ ...‬أنى ولكل حاملة تمام‬
‫ثم أشار سبحانه إلى أدب آخر بقوله تعالى فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا‬
‫ث أي لحديث بعضكم‬ ‫ستَأْنِس َ‬
‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫أي تفرقوا وال تمكثوا َوال ُم ْ‬
‫بعضا‪ ،‬أو لحديث أهل البيت بالتسمع له عطف على (ناظرين) أو‬
‫مقدر بفعل‪ .‬أي ال تمكثوا مستأنسين إِ َّن ذ ِل ُك ْم أي المنهي عنه في‬
‫كان يُ ْؤذِي النَّ ِب َّي أي لتضييق المنزل عليه وعلى أهله‬ ‫اآلية َ‬
‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم أي من اْلشارة إليكم‬ ‫وإشغاله بما ال يعنيه فَيَ ْ‬
‫ق يعني أن انتشاركم حق‪.‬‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬
‫َّللاُ ال يَ ْ‬
‫باالنتشار َو َّ‬
‫فينبغي أن ال يترك حياء‪ ،‬كما ال يتركه هللا ترك الحيي‪ ،‬فأمركم به‪.‬‬
‫ست َ ْح ِيي‬
‫ووضع الحق موضع االنتشار‪ ،‬لتعظيم جانبه‪ .‬وقرئ ال يَ ْ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن‬
‫بحذف الياء األولى وإلقاء حركتها على الحاء َوإِذا َ‬
‫الضمير لنساء النبي‪ ،‬المدلول عليهن بذكر بيوته عليه السالم‬
‫ب أي ستر ذ ِل ُك ْم‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫سئَلُو ُه َّن ِم ْن َو ِ‬ ‫َمتاعا ً أي شيئا يتمتع به فَ ْ‬
‫أي ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن‪ ،‬وعدم االستئناس للحديث‬
‫عند الدخول‪ ،‬وسؤال المتاع من وراء حجاب أ َ ْط َه ُر ِلقُلُو ِب ُك ْم‬
‫َوقُلُوبِ ِه َّن أي من الخواطر الشيطانية‪ ،‬في الميل إليهن وإليكم‪.‬‬
‫يعني ويجب التطهر عنه‪ ،‬لما فيه من إيذاء رسول هللا صلى هللا‬
‫َّللا أي أن‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫كان لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫عليه وسلم‪ .‬ولذا قال َوما َ‬
‫تفعلوا فعال يتأذى به في حياته َوال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه أي‬
‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬
‫َّللا‬ ‫من بعد وفاته ال إلى انقضاء العدة بل أَبَدا ً إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫ع َِظيما ً أي أمرا عظيما‬
‫وخطبا هائال‪ ،‬ال يقادر قدره‪ .‬لما فيه من هتك حرمة حبيبه صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫قال أبو السعود‪ :‬وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإيجاب حرمته حيا وميتا‪ ،‬ما ال يخفى‬
‫‪7. TAFSIR MARAGHI‬‬

‫تفسير المفردات‬
‫إناه‪ :‬أي نضجه‪ :‬يقال أنى الطعام يأنى أنى أي أدرك وحان نضجه‪،‬‬
‫وفيه لغات‪:‬‬
‫إنى بكسر الهمزة وأنى بفتحها مقصورا وممدودا قال الحطيئة‪:‬‬
‫وأخرت العشاء إلى سهيل ‪ ...‬أو الشعرى فطال بي األناء‬
‫فانتشروا‪ :‬أي فتفرقوا وال تلبثوا‪ ،‬مستأنسين لحديث‪ ،‬أي‬
‫مستمعين له‪ ،‬متاعا‪:‬‬
‫أي شيئا تتمتعون به من ماعون وغيره‪ ،‬أطهر لقلوبكم‪ :‬أي أكثر‬
‫تطهرا من الخواطر الشيطانية التي تخطر للرجال فى أمر النساء‬
‫وللنساء فى شأن الرجال‪.‬‬

‫المعنى الجملي‬
‫بعد أن ذكر حال النبي صلى هللا عليه وسلم مع أمته بقوله‪« :‬يا‬
‫س ْلناكَ شا ِهدا ً َو ُمبَشِرا ً َونَذِيرا ً» أردف ذلك بيان‬ ‫أَيُّ َها النَّ ِب ُّي ِإنَّا أ َ ْر َ‬
‫حال المؤمنين مع النبي صلى هللا عليه وسلم إرشادا لما يجب‬
‫عليهم نحوه من االحترام والتعظيم فى خلوته وفى المإل‪ ،‬فأبان أنه‬
‫يجب عدم إزعاجه إذا كان فى الخلوة بقوله‪« :‬ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ‬
‫النَّ ِبي ِ» إلخ‪.‬‬
‫وأنه يجب إجالله إذا كان فى المإل بقوله‪« :‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا‬
‫س ِليما ً» ‪.‬‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫س ِل ُموا ت َ ْ‬ ‫صلُّوا َ‬ ‫َ‬
‫روى أن هذه اآلية نزلت يوم تزوج النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫زينب بنت جحش‬
‫فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه‬
‫والبيهقي عن أنس قال‪« :‬لما تزوج رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا‪ ،‬ثم جلسوا يتحدثون‬
‫وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا‪ ،‬فلما رأى ذلك قام‪ ،‬فلما قام‬
‫قام من قام وقعد ثالثة نفر‪ ،‬فجاء النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫ليدخل فإذا القوم جلوس‪ ،‬ثم إنهم قاموا فانطلقت فأخبرت النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبت أدخل‬
‫فألقى الحجاب بينى وبينه فأنزل هللا‪( :‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا‬
‫بُيُوتَ النَّ ِبيِ) اآلية‪.‬‬

‫اْليضاح‬
‫أدب هللا عباده بآداب ينبغى أن يتخلقوا بها‪ ،‬لما فيها من الحكم‬
‫االجتماعية والمزايا العمرانية فقال‪:‬‬
‫ِين آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ ِإ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم‬
‫(‪( )1‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ناظ ِر َ‬
‫ين ِإنا ُه)‬ ‫غ ْي َر ِ‬ ‫ِإلى َط ٍ‬
‫عام َ‬
‫أي أيها الذين آمنوا باهلل ورسوله ال تدخلوا بيوت نبيه إال أن‬
‫تدعوا إلى طعام تطعمونه غير منتظرين إدراكه ونضجه‪.‬‬
‫وخالصة ذلك‪ -‬إنكم إذا دعيتم إلى وليمة فى بيت النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم فال تدخلوا البيت إال إذا علمتم أن الطعام قد تم نضجه‪،‬‬
‫وانتهى إعداده‪ ،‬إذ قبل ذلك يكون أهل البيت فى شغل عنكم‪ ،‬وقد‬
‫يلبسن ثياب البذلة والعمل فال يحسن أن تروهن وهن على هذه‬
‫الحال‪ ،‬إلى أنه ربما بدا من إحداهن ما ال يحل النظر إليه‪.‬‬
‫(ول ِك ْن إِذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا َوال‬‫(‪َ ) 2‬‬
‫ِين ِل َحدِيثٍ) أي ولكن إذا دعاكم الرسول صلى هللا‬ ‫ستَأْنِس َ‬
‫ُم ْ‬
‫عليه وسلم فادخلوا البيت الذي أذن لكم بدخوله‪ ،‬فإذا أكلتم‬
‫الطعام الذي دعيتم إلى أكله فتفرقوا واخرجوا وال تمكثوا‬
‫فيه لتتبادلوا ألوان الحديث وفنونه المختلفة‪.‬‬
‫أخرج عبد بن حميد عن الربيع عن أنس قال‪ :‬كانوا يتحينون‬
‫فيدخلون بيت النبي صلى هللا عليه وسلم فيجلسون فيتحدثون‬
‫ِين آ َمنُوا) اآلية‪.‬‬ ‫ليدرك الطعام فأنزل هللا (يا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫وأخرج ابن أبى حاتم عن سليمان بن أرقم قال‪ :‬نزلت هذه فى‬
‫الثقالء ومن ثم قيل هى آية الثقالء ثم علل ذلك بقوله‪:‬‬
‫ست َ ْح ِيي ِم َن‬ ‫ست َ ْحيِي ِم ْن ُك ْم َو َّ‬
‫َّللاُ ال يَ ْ‬ ‫كان يُ ْؤذِي النَّ ِب َّي فَيَ ْ‬
‫( ِإ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫ق) أي إن ذلك اللبث واالستئناس والدخول على هذا الوجه كان‬ ‫ا ْل َح ِ‬
‫يؤذى النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ألنه كان يمنعه من قضاء بعض‬
‫حاجه‪ ،‬إلى ما فيه من تضييق المنزل على أهله‪ ،‬لكنه كان يستحيى‬
‫من إخراجكم ومنعكم مما يؤذيه‪ ،‬وهللا لم يترك الحق وأمركم‬
‫بالخروج‪.‬‬
‫وفى هذا إيماء إلى أن اللبث يحرم على المدعو إلى طعام بعد أن‬
‫يطعم إذا كان فى ذلك أذى لرب البيت‪ ،‬ولو كان البيت غير بيت‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم فالتثقيل مذموم فى كل مكان‪ ،‬محتقر‬
‫لدى كل إنسان‪.‬‬
‫وعن عائشة وابن عباس رضى هللا عنهما «حسبك فى الثقالء أن‬
‫هللا عز وجل لم يحتملهم» ‪.‬‬
‫وعلى الجملة فللدعوة إلى المآدب نظم وآداب خاصة أفردت‬
‫بالتأليف وال سيما فى العصر الحديث‪.‬‬
‫وجعلوا التحلل منها وترك اتباعها مما ال تسامح فيه‪.‬‬
‫ب) أي وإذا‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫سئَلُو ُه َّن ِم ْن َو ِ‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمتاعا ً فَ ْ‬
‫(و ِإذا َ‬
‫(‪َ ) 3‬‬
‫سألتم أزواج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ونساء المؤمنين‬
‫اللواتى لسن لكم بأزواج‪ ،‬شيئا تتمتعون به من ماعون وغيره‬
‫فاطلبوا منهن ذلك من وراء ستر بينكم وبينهن‪.‬‬
‫أخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضى هللا عنه‬
‫قال‪ :‬قال عمر ابن الخطاب رضى هللا عنه‪ :‬يا رسول هللا يدخل‬
‫عليك البر والفاجر‪ ،‬فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب‪ ،‬فأنزل‬
‫هللا آية الحجاب فى صبيحة عرس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫بزينب بنت جحش فى ذى القعدة سنة خمس من الهجرة‪ ،‬وهى‬
‫مما وافق تنزيلها قول عمر كما فى الصحيحين عنه قال‪ :‬وافقت‬
‫ربى عز وجل فى ثالث‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫يا رسول هللا لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى‪ ،‬فأنزل هللا‪:‬‬
‫صلًّى» وقلت‪ :‬يا رسول هللا إن‬ ‫قام ِإ ْبرا ِهي َم ُم َ‬‫« َوات َّ ِخذُوا ِم ْن َم ِ‬
‫نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن فأنزل هللا آية‬
‫الحجاب‪ ،‬وقلت ألزواج النبي صلى هللا عليه وسلم لما تماألن عليه‬
‫عسى َربُّهُ ِإ ْن َطلَّقَك َُّن أ َ ْن يُ ْب ِدلَهُ أ َ ْزواجا ً َخ ْيرا ً ِم ْنك َُّن»‬ ‫فى الغيرة « َ‬
‫فنزلت كذلك‪.‬‬
‫ثم بين سبب ما تقدم بقوله‪:‬‬
‫(ذ ِل ُك ْم أ َ ْط َه ُر ِلقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُوبِ ِه َّن) أي ذلك الدخول باْلذن وعدم‬
‫االستئناس لَلحاديث أطهر لقلوبكم وقلوبهن من وساوس‬
‫الشيطان والريب‪ ،‬ألن العين رسول القلب‪ ،‬فإذا لم تر العين لم‬
‫يشته القلب‪ ،‬فالقلب عند عدم الرؤية أطهر‪ ،‬وعدم الفتنة حينئذ‬
‫أظهر‪ ،‬وجاء في األثر «النظر سهم مسموم من سهام إبليس»‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫والمرء مادام ذاعين يقلبها ‪ ...‬فى أعين العين موقوف على الخطر‬
‫يسر مقلته ما ساء مهجته ‪ ...‬ال مرحبا بانتفاع جاء بالضرر‬
‫ولما ذكر ما ينبغى من اآلداب حين دخول بيت الرسول أكده بما‬
‫يحملهم على مالطفته وحسن معاملته بقوله‪:‬‬
‫َّللا) أي وما كان ينبغى لكم أن‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫كان لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫(وما َ‬ ‫َ‬
‫تفعلوا فى حياته صلى هللا عليه وسلم فعال يتأذى به ويكرهه‬
‫كاللبث واالستئناس للحديث الذي كنتم تفعلونه‪ ،‬فإن الرسول‬
‫يسعى لخيركم ومنفعتكم في دنياكم وآخرتكم‪ ،‬فعليكم أن تقابلوا‬
‫بالحسنى كفاء جليل أعماله‪.‬‬
‫ولما كان صلى هللا عليه وسلم قد قصر عليهن قصرهن هللا عليه‬
‫بقوله‪:‬‬
‫(وال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً) أي وال تنكحوا أزواجه أبدا‬‫َ‬
‫من بعد مفارقتهن بموت أو طالق‪ ،‬زيادة في شرفه‪ ،‬وإظهارا‬
‫لعظمته وجالله‪ ،‬وألنهن أمهات المؤمنين‪ ،‬والمرء ال يتزوج أمه‪.‬‬
‫ثم بين السبب فيما تقدم بقوله‪:‬‬
‫َّللا ع َِظيماً) أي إن ذلك اْليذاء وزواج نسائه من‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬
‫(إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫بعده أمر عظيم‪ ،‬وخطب جلل‪ ،‬ال يقدر قدره غير هللا تعالى‪.‬‬
‫وال يخفى ما في هذا من شديد الوعيد وعظيم التهديد على هذا‬
‫العمل‪ -‬إلى ما فيه من تعظيم شأن الرسول وإيجاب حرمته حيا‬
‫وميتا‪.‬‬
‫‪8. AL-TAHRIR WA AL-TANWIR‬‬

‫ِين آ َمنُوا َال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ ِإ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم ِإلى َط ٍ‬
‫عام‬ ‫يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ين ِإنا ُه َول ِك ْن ِإذا ُد ِعيت ُ ْم فَا ْد ُخلُوا فَ ِإذا َط ِع ْمت ُ ْم فَا ْنتَش ُِروا َوال‬
‫ناظ ِر َ‬
‫غ ْي َر ِ‬ ‫َ‬
‫َّللاُ َال‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم َو َّ‬ ‫كان يُ ْؤذِي النَّ ِب َّي فَيَ ْ‬ ‫ث إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬ ‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫ستَأْنِس َ‬ ‫ُم ْ‬
‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫يَ ْ‬
‫سلَّ َم‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫يء َ‬ ‫َاب النَّ ِب ِ‬‫سا ِبقَ ِة آد َ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫َّللاُ ِفي ْاآليَا ِ‬ ‫لَ َّما بَيَّ َن َّ‬
‫ب ْاألمة َمعَ ُه َّن‪ ،‬وصدره‬ ‫زواجه قفاه فِي َه ِذ ِه ْاآليَ ِة بِآدَا ِ‬ ‫َم َع أ َ َ‬
‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‪َ .‬و ِه َي َما فِي‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ص ٍة ِه َي َ‬ ‫َار ِة إِلَى قِ َّ‬ ‫اْلش َ‬ ‫ِب ْ ِ‬
‫غ ْي ِر ِه ع َْن أَنَ ِس ْب ِن َما ِلكٍ قَا َل‪ :‬لَ َّما ت َ َز َّو َج‬ ‫ص ِحيحِ ا ْلبُ َخ ِاري ِ» َو َ‬ ‫« َ‬
‫صنَ َع َطعَا ًما‬ ‫ب ا ْبنَةَ َج ْح ٍش َ‬ ‫سلَّ َم َز ْينَ َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫ون َوإِذَا ُه َو َكأَنَّهُ‬ ‫سوا يَت َ َح َّدث ُ َ‬ ‫ِب ُخ ْب ٍز َولَ ْح ٍم َو َدعَا ا ْلقَ ْو َم فَ َط ِع ُموا ث ُ َّم َجلَ ُ‬
‫يَت َ َهيَّأ ُ ِل ْل ِقيَ ِام فَلَ ْم يَقُو ُموا‪ ،‬فَلَ َّما َرأَى ذَ ِلكَ قَا َم فَلَ َّما قَا َم قَا َم َم ْن قَا َم‬
‫وس‪ ،‬فَ َجعَ َل‬ ‫َوقَعَ َد ث َ َالثَةُ نَفَ ٍر‪ ،‬فَ َجا َء النَّبِي ُء ِليَ ْد ُخ َل فَ ِإذَا ا ْلقَ ْو ُم ُجلُ ٌ‬
‫ق إِلَى ُح ْج َر ِة‬ ‫ج ث ُ َّم يَ ْر ِج ُع فَا ْن َطلَ َ‬‫سلَّ َم يَ ْخ ُر ُ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫النَّ ِبي ُء َ‬
‫عَائِشَةَ ‪ ...‬فَتَقَ َّرى ُح َج َر‬
‫ُون لَهُ‪ ،‬ث ُ َّم إِنَّ ُه ْم قَا ُموا‬ ‫علَ ْي ِه َويَ ْدع َ‬ ‫س ِل ْم َن َ‬ ‫علَ ْي ِه َّن َويُ َ‬ ‫س ِل ُم َ‬ ‫سائِ ِه ك ُِل ِه َّن يُ َ‬ ‫نِ َ‬
‫سلَّ َم أَنَّ ُه ْم قَ ِد‬‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫فَا ْن َطلَقَتُ فَ ِجئْتُ فَأ َ ْخبَ َرتُ النَّ ِبي َء َ‬
‫اب بَ ْينِي َوبَ ْينَهُ‬ ‫ا ْن َطلَقُوا فَ َجا َء َحتَّى َد َخ َل فَذَ َهبْتُ أ َ ْد ُخ ُل فَأ َ ْلقَى ا ْل ِح َج َ‬
‫ِين آ َمنُوا َال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النَّ ِبي ِ ِإلَى قَ ْو ِل ِه‪ِ :‬م ْن‬ ‫َّللاُ‪ :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬ ‫فَأ َ ْن َز َل َّ‬
‫ب‪.‬‬‫راء ِحجا ٍ‬ ‫َو ِ‬
‫ب‬
‫طا ِ‬ ‫ع َم َر ْب َن ا ْل َخ َّ‬ ‫ص ِحيحِ ع َْن أَنَ ٍس أ َ ْيضًا أ َ َّن ُ‬ ‫ث آ َخ َر فِي ال َّ‬ ‫َوفِي َحدِي ٍ‬
‫اج ُر فَلَ ْو‬ ‫علَ ْيكَ ا ْلبَ ُّر َوا ْلفَ ِ‬ ‫َّللا يَ ْد ُخ ُل َ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫ع ْنهُ قَا َل لَهُ‪« :‬يَا َر ُ‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫َر ِض َي َّ‬
‫س‬ ‫ب‪َ .‬ولَ ْي َ‬ ‫َّللاُ آيَةَ ا ْل ِح َجا ِ‬ ‫ب» فَأ َ ْن َز َل َّ‬ ‫ين ِبا ْل ِح َجا ِ‬ ‫ت ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫أ َ َم َرتَ أ ُ َّم َها ِ‬
‫َان قَ ْب َل ا ْل ِبنَ ِ‬
‫اء‬ ‫ع َم َر ك َ‬ ‫ُون قَ ْو ُل ُ‬ ‫ض ِل َج َو ِاز أ َ ْن يَك َ‬ ‫ار ٌ‬ ‫بَ ْي َن ا ْل َخبَ َر ْي ِن تَعَ ُ‬
‫ت ْاآليَةُ ِب ِإثْ ِر َها‪.‬‬ ‫ب فَنَ َزلَ ِ‬ ‫صةُ َو ِلي َم ِة َز ْينَ َ‬ ‫ع ِقبَتْهُ ِق َّ‬ ‫ب ِبقَ ِلي ٍل ث ُ َّم َ‬ ‫ِب َز ْينَ َ‬
‫صلَّى هللاُ‬ ‫ب ِبالنَّ ْهي ِ ع َْن ُد ُخول بيُوت النبيء َ‬ ‫ع ا ْل ِح َجا ِ‬ ‫ِئ ش َْر ُ‬ ‫َوا ْبتُد َ‬
‫س َال ُم‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫سلَّ َم ِإ َّال ِل َطعَ ٍام َدعَا ُه ْم ِإلَ ْي ِه‪ِ ،‬ألَن النبيء َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫َ‬
‫َان لَهُ ُم ِه ٌّم ِع ْن َد ُه يَأ ْ ِتي ِه ُهنَا ِلكَ ‪.‬‬ ‫س ِج ِد فَ َم ْن ك َ‬ ‫س ِفي ا ْل َم ْ‬ ‫س يَ ْج ِل ُ‬ ‫لَهُ َم ْج ِل ٌ‬
‫س ِذ ْك ُر ال َّدع َْو ِة إِلَى َطعَ ٍام ت َ ْق ِييدًا ِ ِْلبَا َح ِة ُد ُخول بيُوت النبيء‬ ‫َولَ ْي َ‬
‫سلَّ َم َال يَ ْد ُخلُ َها ِإ َّال ا ْل َم ْدع ُُّو ِإلَى َطعَ ٍام َولَ ِكنَّهُ ِمثَا ٌل‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫سب َ ُ‬ ‫الذ ْك ِر َك َما َج َرى فِي ا ْلقَ ِضيَّ ِة الَّتِي ِه َي َ‬ ‫يص ِب ِ‬ ‫ِلل َّدع َْو ِة َوت َ ْخ ِص ٌ‬
‫سلَّ َم‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ق ِب ِه ُك ُّل َدع َْو ٍة تكون من النبيء َ‬ ‫النُّ ُزو ِل فَيَ ْل َح ُ‬
‫ص ِد أ َ ْن يُ ْطعَ َم َمعَهُ َك َما ك َ‬
‫َان‬ ‫َو ُك ُّل ِإ ْذ ٍن ِم ْنهُ ِبال ُّد ُخو ِل ِإلَى بَ ْيتِ ِه ِلغَ ْي ِر قَ ْ‬
‫ع َم َر‬ ‫ست َ ْق َرأ َ ِم ْن ُ‬ ‫ين ا ْ‬ ‫صةُ أَبِي ُه َر ْي َرةَ ِح َ‬ ‫يرا‪َ .‬و ِم ْن ذَ ِلكَ ِق َّ‬ ‫يَقَ ُع ذَ ِلكَ َك ِث ً‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫َاء فَفَت َ َح َ‬ ‫ع َم ُر إِلَى ا ْلغَد ِ‬ ‫آن َو ُه َو يَ ْط َم ُع أ َ ْن يَ ْدع َُوهُ ُ‬ ‫آيَةً ِم َن ا ْلقُ ْر ِ‬
‫ف‬ ‫علَى َرأْ ِس أ َ ِبي ُه َر ْي َرةَ َوقَ ْد ع َِر َ‬ ‫َّللا قَائِ ٌم َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ْاآليَة َودخل فَ ِإذَا َر ُ‬
‫ان ث ُ َّم ثَا ِلثٍ‪،‬‬ ‫ق ِب ِه ِإلَى بَ ْي ِت ِه َوأ َ َم َر لَهُ ِبعُ ٍس ِم ْن لَبَ ٍن ث ُ َّم ث َ ٍ‬ ‫َما ِب ِه فَا ْن َطلَ َ‬
‫غ ْي َر‬ ‫ِئ بِقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫ين آدَابِ ِه‪َ ،‬و ِلذَ ِلكَ ا ْبتُد َ‬ ‫طعَا َم إِ ْد َما ًجا ِلت َ ْبيِ ِ‬ ‫َوإِنَّ َما ذَك ََر ال َّ‬
‫ب النُّ ُزو ِل‪.‬‬ ‫سب َ ِ‬
‫ص ِة َ‬ ‫ين إِناهُ َم َع أَنَّهُ لَ ْم يَقَ ْع َمثْلُهُ فِي قِ َّ‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫ِ‬
‫ش ع َْن‬ ‫اء‪َ .‬وقَ َرأَهُ أَبُو ع َْم ٍرو َو َو ْر ٌ‬ ‫س ِر ا ْلبَ ِ‬ ‫ور بِيُوتَ بِ َك ْ‬ ‫َوقَ َرأ َ ا ْل ُج ْم ُه ُ‬
‫اء‪َ ،‬وقَ ْد تَقَ َّد َم فِي‬ ‫ض ِم ا ْلبَ ِ‬ ‫َاص ٍم َوأَبُو َج ْعفَ ٍر ِب َ‬ ‫ص ع َْن ع ِ‬ ‫نَافِ ٍع َو َح ْف ٌ‬
‫اء َو َ‬
‫غ ْي ِر َها‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ور ِة النِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ُ‬
‫ان‪،‬‬ ‫صد َُر أَنَى الش َّْي ُء إِذَا َح َ‬ ‫ص ِر‪ :‬إِ َّما َم ْ‬ ‫س ِر ا ْل َه ْم َز ِة َوبِا ْلقَ ْ‬ ‫وإِناهُ بِ َك ْ‬
‫ش َع قُلُوبُ ُه ْم‬ ‫ِين آ َمنُوا أ َ ْن ت َ ْخ َ‬ ‫يُقَا ُل‪ :‬أَنَى يَأْنِي‪ ،‬قَا َل تَعَالَى‪ :‬أَلَ ْم يَأ ْ ِن ِللَّذ َ‬
‫آن‪.‬‬‫َّللا [ا ْل َحدِيد‪َ . ]16 :‬و َم ْقلُوبُهُ‪ْ :‬‬ ‫ِل ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫طعَ ِام‪ ،‬أ َ ْي َ‬
‫غ ْي ُر‬ ‫ُور ال َّ‬
‫ين ُحض َ‬ ‫غ ْي ُر ُم ْنت َ ِظ ِر َ‬ ‫َو ُه َو بِ َم ْعنَاهُ‪َ .‬وا ْل َم ْعنَى‪َ :‬‬
‫ت َوقَ ْب َل ت َ ْه ِيئَتِ ِه‪.‬‬ ‫ين إِلَى ا ْلبُيُو ِ‬ ‫سا ِب ِق َ‬ ‫َ‬
‫وم ْاأل َ ْح َوا ِل الَّتِي‬ ‫ع ُم ِ‬ ‫ستِثْنَا ٌء ِم ْن ُ‬ ‫ستِثْنَا ُء فِي ِإ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم ا ْ‬ ‫َو ِاال ْ‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬أ َ ْي إِ َّال َحا َل أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم‪.‬‬ ‫يَ ْقت َ ِضي َها ال ُّد ُخو ُل ا ْل َم ْن ِه ُّي َ‬
‫ب إِلى فَ َكأَنَّهُ قِي َل‪ :‬إِ َّال أ َ ْن ت ُ ْدع َْوا‬ ‫ِي ِ‬ ‫ُون فَعُد َ‬ ‫َوض ُِم َن يُ ْؤذَ َن َم ْعنَى ت َ ْدع َ‬
‫غ ْي ُر‬ ‫ستَأْذَ َن َو ُه َو َ‬ ‫طفَ ْي ِل َّي قَ ْد يُ ْؤذَنُ لَهُ ِإذَا ا ْ‬ ‫ِإلَى َطعَ ٍام فَيُ ْؤذَنُ لَ ُك ْم ِأل َ َّن ال ُّ‬
‫صو َد ٍة ِم َن ا ْلك ََال ِم‪.‬‬ ‫غ ْي ُر َم ْق ُ‬‫َم ْدع ٍُو فَ ِه َي َحالَةٌ َ‬
‫اْل ْذنُ ‪ ،‬فَ ِإ َّن ال َّدع َْوةَ قَ ْد‬ ‫ض ِمنُ ش َْر َط ْي ِن ُه َما‪ :‬ال َّدع َْوةُ‪َ ،‬و ْ ِ‬ ‫فَا ْلك ََال ُم ُمت َ َ‬
‫ث أَنَ ِس ْب ِن َما ِلكٍ ‪.‬‬ ‫ان َك َما فِي َحدِي ِ‬ ‫اْل ْذ ِن َوقَ ْد يَ ْقت َ ِرنَ ِ‬ ‫علَى ْ ِ‬ ‫تَتَقَ َّد ُم َ‬
‫ستَثْنَى‬ ‫ق ا ْل ُم ْ‬ ‫ض ِم ِير لَ ُك ْم فَ ُه َو قَ ْي ٌد فِي ُمتَعَ ِل ِ‬ ‫ين َحا ٌل ِم ْن َ‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫غ ْي َر ِ‬ ‫و َ‬
‫ت ا ْلقُيُو ُد ا ْل َمش ُْرو َطةُ ث َ َالثَةٌ‪.‬‬ ‫ار ِ‬ ‫ص َ‬‫فَيَكُونُ قَ ْيدًا فِي قَ ْي ٍد فَ َ‬
‫س ُم فَا ِع ٍل ِم ْن نَ َظ َر ِب َم ْعنَى ا ْنت َ َظ َر‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪ :‬فَ َه ْل‬ ‫ين ا ْ‬ ‫وناظ ِر َ‬
‫ِ‬
‫ِين َخلَ ْوا ِم ْن قَ ْب ِل ِه ْم [يُونُس‪ْ ]102 :‬اآليَةَ‪.‬‬ ‫ون إِ َّال ِمثْ َل أَيَّ ِام الَّذ َ‬ ‫يَ ْنت َ ِظ ُر َ‬
‫او ِل‬ ‫طعَ ِام ِللتَّنَ ُ‬ ‫طعَ ِام قَ ْب َل ت َ ْه ِيئ َ ِة ال َّ‬ ‫َو َم ْعنَى ذَ ِلكَ ‪َ :‬ال ت َ ْحض ُُروا ا ْلبُيُوتَ ِلل َّ‬
‫اس ِم َن‬ ‫اس نَ َزلَتْ فِي نَ ٍ‬ ‫عبَّ ٍ‬‫ض َجهُ‪َ .‬وع َِن ا ْب ِن َ‬ ‫ون نُ ْ‬ ‫فَت َ ْقعُدُوا ت َ ْنت َ ِظ ُر َ‬
‫ون قَ ْب َل أ َ ْن يُد َْركَ‬ ‫ون َطعَا َم النبيء فَيَ ْد ُخلُ َ‬ ‫ين كَانُوا يَت َ َحيَّنُ َ‬ ‫ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫ون اهـ‪َ .‬وقَ ْد‬ ‫ون َو َال يَ ْخ ُر ُج َ‬ ‫ُون إِلَى أ َ ْن يُد َْركَ ث ُ َّم يَأ ْ ُكلُ َ‬ ‫طعَا ُم فَيَ ْقعُد َ‬ ‫ال َّ‬
‫اء‬‫ض ُروا َو ِلي َمةَ ا ْل ِبنَ ِ‬ ‫ِين َح َ‬ ‫يَ ْقت َ ِضي أ َ َّن ذَ ِلكَ تَك ََّر َر قَ ْب َل قَ ِضيَّ ِة النَّفَ ِر الَّذ َ‬
‫ضايَا‪ ،‬فَك ُِن َي ِب ِاال ْن ِت َظ ِار ع َْن‬ ‫ب فَتَكُونُ ِت ْلكَ ا ْلقَ ِضيَّةُ َخا ِت َم َة ا ْلقَ َ‬ ‫ِب َز ْينَ َ‬
‫ق‬‫س ْب ِ‬ ‫ش ِويهُ ال َّ‬ ‫ان ْاأل َ ْك ِل‪َ .‬ونُ ْكتَةُ َه ِذ ِه ا ْل ِكنَايَ ِة ت َ ْ‬ ‫ُور قَ ْب َل إِبَ ِ‬ ‫ُمبَاد ََر ِة ا ْل ُحض ِ‬
‫ون ِلغَ ْي ِر ذَ ِلكَ ‪،‬‬ ‫شعًا َوإِ ْن كَانُوا قَ ْد يَ ْحض ُُر َ‬ ‫ُور ِب َج ْع ِل ِه نَ َه ًما َو َج َ‬ ‫ِبا ْل ُحض ِ‬
‫ص ِريحِ ِاال ْنتِ َظ ِار‪.‬‬ ‫س النَّ ْه ُي ُمت َ َو ِج ًها ِإلَى َ‬ ‫َو ِب َهذَا ت َ ْعلَ ُم أ َ ْن لَ ْي َ‬
‫ض ُل‬ ‫طعَ ِام أ َ ْف َ‬ ‫ان ال َّ‬ ‫اك ِل َر ْف ِع ت َ َو ُّه ِم أ َ َّن التَّأ َ ُّخ َر ع َْن إِبَ ِ‬ ‫ستِد َْر ِ‬ ‫َو َم ْوقِ ُع ِاال ْ‬
‫طعَ ِام َال يَ ْنبَ ِغي بَ ِل‬ ‫ان ال َّ‬ ‫ُور ع َْن ِإبَ ِ‬ ‫اس ِإلَى أ َ َّن تَأ َ ُّخ َر ا ْل ُحض ِ‬ ‫ش َد النَّ َ‬ ‫فَأ َ ْر َ‬
‫طعَ ِام فِي ا ْنتِ َظ ٍار‪َ ،‬و َكذَ ِلكَ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫اح َ‬
‫ص ِ‬ ‫ب ِألَنَّهُ يَ ْجعَ ُل َ‬ ‫س ِم َن ْاأل َ َد ِ‬ ‫التَّأ َ ُّخ ُر لَ ْي َ‬
‫او ٌز ِل َح ِد ال َّدع َْو ِة ِأل َ َّن ال َّدع َْوةَ‬ ‫طعَ ِام فَ ِإنَّهُ ت َ َج ْ‬ ‫اء ال َّ‬ ‫ض ِ‬ ‫ا ْلبَقَا ُء بَ ْع َد ا ْن ِق َ‬
‫َان ِع ْن َد انتهائه ِألَن تقيد ال َّدع َْو ِة‬ ‫ارقَةَ ا ْل َمك ِ‬ ‫ُور ش َْيءٍ ت َ ْقت َ ِضي ُمفَ َ‬ ‫ِل ُحض ِ‬
‫اء َما ُد ِع َي ِأل َ ْج ِل ِه‪،‬‬ ‫ض َّمنُ ت َ ْحدِي َد َها بِا ْنتِ َه ِ‬ ‫وص يَت َ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ض ا ْل َم ْخ ُ‬ ‫بِا ْلغَ َر ِ‬
‫س َم ٍر‬ ‫َاو َر ٍة أ َ ْو ُم َحا َدث َ ٍة أ َ ْو َ‬ ‫ض ِم ْن ُمش َ‬ ‫َو َكذَ ِلكَ الشَّأْنُ فِي ك ُِل ُد ُخو ٍل ِلغَ َر ٍ‬
‫ب‬‫اح ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫علَى َ‬ ‫ف َو َما َال يَثْقُ ُل َ‬ ‫أ َ ْو نَ ْح ِو ذَ ِلكَ ‪َ ،‬و ُك ُّل ذَ ِلكَ يَت َ َح َّد ُد بِا ْلعُ ْر ِ‬
‫ُّورى َوالنَّادِي فَ َال‬ ‫ص ِب ِه أ َ َح ٌد َكد َِار الش َ‬ ‫َان َم َح ٌّل َال يَ ْخت َ ُّ‬ ‫ا ْل َم َح ِل‪ ،‬فَ ِإ ْن ك َ‬
‫ت َ ْحدِي َد فِي ِه‪.‬‬
‫و َط ِع ْمت ُ ْم َم ْعنَا ُه أ َ َك ْلت ُ ْم‪ ،‬يُقَا ُل‪َ :‬ط ِع َم فُ َال ٌن فَ ُه َو َطا ِع ٌم‪ِ ،‬إذَا أ َ َك َل‪.‬‬
‫علَى‬ ‫ق َ‬ ‫َان َم ْط ِويًّا‪ ،‬أ ُ ْط ِل َ‬ ‫افتِعَا ٌل ِم َن النَّش ِْر‪َ ،‬و ُه َو إِ ْبدَا ُء َما ك َ‬ ‫َار‪ْ :‬‬ ‫َو ِاال ْنتِش ُ‬
‫ور ِة‬‫س َ‬ ‫هار نُشُورا ً فِي ُ‬ ‫ازا َوتَقَ َّد َم فِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬و َجعَ َل النَّ َ‬ ‫وج َم َج ً‬ ‫ا ْل ُخ ُر ِ‬
‫ان [‪. ]47‬‬ ‫ا ْلفُ ْرقَ ِ‬
‫ين َو َما بَ ْينَ ُه َما ِم َن‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫علَى ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ع َط ٌ‬
‫ِين َ‬ ‫ستَأْنِس َ‬ ‫او فِي َوال ُم ْ‬ ‫َوا ْل َو ُ‬
‫ف‬‫اطفَ ْي ِن‪َ .‬و ِزيَا َدةُ َح ْر ِ‬ ‫اض بَ ْي َن ا ْل ُمتَعَ ِ‬ ‫علَ ْي ِه ا ْعتِ َر ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫اك َو َما تَفَ َّر َ‬ ‫ستِد َْر ِ‬ ‫ِاال ْ‬
‫علَى‬ ‫ف َ‬ ‫ب فِي ا ْلعَ ْط ِ‬ ‫ِين ِلتَأ ْ ِكي ِد النَّ ْفي ِ َك َما ُه َو ا ْلغَا ِل ُ‬ ‫ستَأْنِس َ‬ ‫النَّ ْفي ِ قَ ْب َل ُم ْ‬
‫ون ْاآليَة‬ ‫ِير ا ْل َم ْن ِفي ِ نَ ْح َو قَ ْو ِل ِه‪ :‬فَال َو َربِكَ َال يُ ْؤ ِمنُ َ‬ ‫صد ِ‬ ‫ا ْل َم ْن ِفي ِ َوفِي ت َ ْ‬
‫س َخ ْر قَ ْو ٌم ِم ْن قَ ْو ٍم [الحجرات‪ ]11 :‬ث ُ َّم‬ ‫ساء‪َ ]65 :‬وقَ ْو ِل ِه‪َ :‬ال يَ ْ‬ ‫[النِ َ‬
‫قَ ْو ِل ِه‪َ :‬وال نِسا ٌء ِم ْن نِساءٍ [الحجرات‪. ]11 :‬‬
‫ث ِل ْل ِعلَّ ِة‪ ،‬أ َ ْي‬ ‫الال ُم فِي ِل َحدِي ٍ‬ ‫ب ْاأل ُ ْن ِس َم َع ا ْلغَ ْي ِر‪َ .‬و َّ‬ ‫اس‪َ :‬طلَ ُ‬ ‫ستِئْنَ ُ‬ ‫َو ِاال ْ‬
‫ث يَ ْج ِري بَ ْينَ ُك ْم‪.‬‬ ‫ِين ِأل َ ْج ِل َحدِي ٍ‬ ‫ستَأْنِس َ‬ ‫َو َال ُم ْ‬
‫ِف‬‫ص ِل ِصفَةٌ ُحذ َ‬ ‫َث‪ ،‬فَ ُه َو فِي ْاأل َ ْ‬ ‫ِيث‪ :‬ا ْل َخبَ ُر ع َْن أ َ ْم ٍر َحد َ‬ ‫َوا ْل َحد ُ‬
‫صوفُ ُها ث ُ َّم‬ ‫َم ْو ُ‬
‫َث‪،‬‬ ‫اْل ْخبَ ِار ع َْن أ َ ْم ٍر َحد َ‬ ‫صا َر ِب َم ْعنَى ْ ِ‬ ‫وف فَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫علَى َم ْعنَى ا ْل َم ْو ُ‬ ‫غلَبَتْ َ‬ ‫َ‬
‫ضى‪َ .‬و ِم ْنهُ‬ ‫َان أ َ ْم ًرا قَ ْد َم َ‬ ‫ار ع َْن ش َْيءٍ َولَ ْو ك َ‬ ‫اْل ْخبَ ُ‬ ‫ار ْ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫وس َع فِي ِه فَ َ‬ ‫َوت ُ ِ‬
‫س َّمى‬ ‫سلَّ َم َحدِيثًا َك َما يُ َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫يروى عَن النبيء َ‬ ‫س ِمي َما ْ‬ ‫ُ‬
‫اء‬
‫س ِ‬ ‫ار يُطلق على كل ك ََال ٍم يَ ْج ِري بَ ْي َن ا ْل ُجلَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫وس َع فِي ِه فَ َ‬ ‫َخبَ ًرا‪ ،‬ث ُ َّم ت ُ ِ‬
‫ِيث ُخ َرافَةٍ‪َ ،‬وقَ ْو ُل َكثِ ٍير‪:‬‬ ‫فِي ِج ٍد أ َ ْو فُكَا َهةٍ‪َ ،‬و ِم ْنهُ قَ ْولُ ُه ْم‪َ :‬حد ُ‬
‫ث ت َ ْب ِيينًا ‪ ... ...‬ا ْلبَ ْيتَ‬ ‫ث ْاأل َ َحادِي ِ‬ ‫أ َ َخذَنَا ِبا ْكتِ َرا ِ‬
‫اء ِإلَ ْي ِه‪ ،‬قَا َل النَّا ِبغَةُ‪:‬‬ ‫صغ َ ِ‬ ‫اْل ْ‬ ‫س ُّمعُهُ َوا ْل ِعنَايَةُ ِب ْ ِ‬ ‫اس ا ْل َحدِيثِ‪ :‬ت َ َ‬ ‫ستِئْنَ ُ‬ ‫َوا ْ‬
‫ستَأْنِ ٍس َو َح ِد‬ ‫علَى ُم ْ‬ ‫ار بِنَا ‪ ...‬يَ ْو َم ا ْل َج ِلي ِل َ‬ ‫َكأ َ َّن َر ْح ِلي َوقَ ْد َزا َل النَّ َه ُ‬
‫ع‬‫س َر َ‬ ‫صائِ ِد فَأ َ ْ‬ ‫ص ْوتَ ال َّ‬ ‫س َّم َع َ‬ ‫شيًّا ُم ْنفَ ِردًا ت َ َ‬ ‫ب ث َ ْو ًرا َو ْح ِ‬ ‫أ َ ْي َكأَنِي َرا ِك ٌ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ا ْل ُه ُر َ‬
‫علَى َم ْعنَى َال ِم ا ْل ِم ْل ِك ِأل َ َّن ِت ْلكَ ا ْلبُيُوتَ ِم ْلكٌ لَهُ‬ ‫ضافَةُ بُيُوتَ النَّبِي ِ َ‬ ‫َو ِإ َ‬
‫س ِج ِد ِم ْلكًا لَ ُه ْم ِم َن‬ ‫سا َحةُ ا ْل َم ْ‬ ‫ِين كَانَتْ َ‬ ‫َملَ َك َها ِبا ْلعَ ِطيَّ ِة ِم َن الَّذ َ‬
‫ين الَّتِي كَانَتْ ث َ َّمةَ‪ ،‬فَ ِإ َّن ا ْل َمدِينَةَ‬ ‫ور ا ْل ُمش ِْر ِك َ‬ ‫ص ِار‪َ ،‬و ِبا ْلفَ ْي ِء ِلقُبُ ِ‬ ‫ْاأل َ ْن َ‬
‫ير تِ ْلكَ ا ْلبُيُو ِ‬
‫ت‬ ‫ين‪َ .‬و َم ِص ُ‬ ‫س ِل ِم َ‬ ‫َارا ِل ْل ُم ْ‬ ‫صبَ َحتْ د ً‬ ‫س َال ِم فَأ َ ْ‬ ‫اْل ْ‬ ‫فُتِ َحتْ ِب َك ِل َم ِة ْ ِ‬
‫ير ت َ ِر َكتِ ِه ك ُِل َها فَ ِإنَّهُ َال‬ ‫سلَّ َم َم ِص ُ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫بعد َوفَاة النبيء َ‬
‫ث َو َما ت َ َر َكهُ يَ ْنت َ ِف ُع ِم ْنهُ أ َ ْز َوا ُجهُ َوآلُهُ ِب ِكفَايَ ِت ِه ْم َحيَات َ ُه ْم ث ُ َّم يَ ْر ِج ُع‬ ‫ور ُ‬ ‫يُ َ‬
‫اس فِي َما ك َ‬
‫َان‬ ‫ع ِلي ٍ َوا ْلعَبَّ ِ‬ ‫ع َم ُر بَ ْي َن َ‬ ‫ضى بِ ِه ُ‬ ‫ين َك َما قَ َ‬ ‫س ِل ِم َ‬‫ذَ ِلكَ ِل ْل ُم ْ‬
‫سلَّ َم ِم ْن فَد َِك َونَ ْخ ِل بَنِي النَّ ِض ِير‪ ،‬فَك َ‬
‫َان‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫للنبيء َ‬
‫س ْكنَى فِي بُيُوتِ ِه َّن بَ ْع َدهُ‬ ‫ق ال ُّ‬ ‫سلَّ َم َح ُّ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ِأل َ ْز َواج النبيء َ‬
‫آخ َرتِ ِه َّن‪ ،‬فَ ِلذَ ِلكَ أ َ ْد َخلَ َها ا ْل ُخلَفَا ُء فِي‬ ‫َّللاُ ِم ْن ِع ْن ِد ِ‬ ‫َحتَّى ت َ َوفَّا ُه َّن َّ‬
‫ير ا ْل َمدِينَ ِة‬ ‫ع ْب ِد ا ْل َم ِل ِك َوأ َ ِم ُ‬ ‫سعَتِ ِه فِي َز َم ِن ا ْل َو ِلي ِد ْب ِن َ‬ ‫ين ت َ ْو ِ‬ ‫س ِج ِد ِح َ‬ ‫ا ْل َم ْ‬
‫ص َحابَ ِة َولَ ْم‬ ‫ع ْب ِد ا ْلعَ ِز ِيز‪َ .‬ولَ ْم يُ ْن ِك ْر ذَ ِلكَ أ َ َح ٌد ِم َن ال َّ‬ ‫ع َم ُر ْبنُ َ‬ ‫يَ ْو َمئِ ٍذ ُ‬
‫ض ِم ِير ِه َّن فِي قَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫ضافَت ُ َها إِلَى َ‬ ‫سأَلُوهُ‪َ .‬وإِ َ‬ ‫ش ْيئ ًا َو َال َ‬ ‫يُ ْع َط َو َرثَت ُ ُه َّن َ‬
‫اص َال‬ ‫ص ِ‬ ‫علَى َم ْعنَى َال ِم ِاال ْختِ َ‬ ‫[األ َ ْح َزاب‪َ ]34 :‬‬ ‫َما يُتْلى فِي بُيُوتِك َُّن ْ‬
‫َال ِم ا ْل ِم ْل ِك‪.‬‬
‫َّللاُ‬
‫َّب َّ‬ ‫َب أَد َ‬ ‫س َما ِعي ُل ْبنُ أَبِي َح ِك ٍيم‪َ :‬ه ِذ ِه ْاآليَةُ أَد ٌ‬ ‫قَا َل َح َّما ُد ْبنُ َز ْي ٍد َوإِ ْ‬
‫ع لَ ْم‬ ‫سبُكَ ِم َن الثُّقَ َال ِء أ َ َّن الش َّْر َ‬ ‫ِب ِه الثُّقَ َال َء‪َ ،‬وقَا َل ا ْبنُ أ َ ِبي عَائِشَةَ‪َ :‬ح ْ‬
‫يَ ْحت َ ِم ْل ُه ْم‪.‬‬
‫اء‬‫غ ْي ِر ِه ِم ْن َج َّر ِ‬ ‫علَى َ‬ ‫ق َوا ْلغَ َّم َ‬ ‫الثقَ ِل ِفي ِه ُه َو ِإ ْد َخا ُل أ َ َح ٍد ا ْلقَلَ َ‬ ‫َو َم ْعنَى ِ‬
‫ج ِم ْن‬ ‫غ ْي َرهُ ِم َن ا ْل َح َر ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ور ِب َما يَ ْل َح ُ‬ ‫شع ُ ِ‬ ‫ام ِل أ َ ْو ِلعَد َِم ال ُّ‬ ‫ع َم ٍل ِلفَائِ َد ِة ا ْلعَ ِ‬ ‫َ‬
‫َان ع َْن ع َْم ٍد‬ ‫ق ِألَنَّهُ ِإ ْن ك َ‬ ‫اء ذَ ِلكَ ا ْلعَ َم ِل‪َ .‬و ُه َو من مساوئ ا ْل ُخلُ ِ‬ ‫َج َّر ِ‬
‫ع ْنهُ ِألَنَّهُ ِم َن ْاألَذَى َو ُه َو ذَ ِريعَةٌ‬ ‫اس َو ُه َو َم ْن ِه ٌّي َ‬ ‫َان ض ًُّرا ِبالنَّ ِ‬ ‫ك َ‬
‫وس ُمتَفَا ِوتَةٌ فِي‬ ‫ور‪ ،‬فَ ِإ َّن النُّفُ َ‬ ‫ض ُر ِ‬ ‫ص ْب ِر ا ْل َم ْ‬ ‫للتباغض ِع ْند نفاد َ‬
‫ِم ْقد َِار‬
‫س ِه فَعَلَ ْي ِه إِذَا‬ ‫ب ِلنَ ْف ِ‬ ‫ب ِأل َ ِخي ِه َما يُ ِح ُّ‬ ‫ت َ َح ُّم ِل ْاألَذَى‪َ ،‬و ِأل َ َّن ا ْل ُم ْؤ ِم َن يُ ِح ُّ‬
‫ُف ع َْن ذَ ِلكَ َولَ ْو‬ ‫غ ْي ِر ِه أ َ ْن يَك َّ‬ ‫علَى َ‬ ‫س ِبأ َ َّن قَ ْولَهُ أَو فعله يخدل ا ْلغَ َّم َ‬ ‫أ َ َح َّ‬
‫غ ْي ُر ُه ِإ َّال أ َ ْن‬‫س ِه ِإ ْذ َال يُ ِض ُّر ِبأ َ َح ٍد ِليَ ْنت َ ِف َع َ‬ ‫َان يَ ْجت َ ِني ِم ْنهُ َم ْنفَعَةً ِلنَ ْف ِ‬ ‫ك َ‬
‫علَى ْاآل َخ ِر فَ ِإ َّن لَهُ َطلَبَهُ َم َع أَنَّهُ َمأ ْ ُم ٌ‬
‫ور‬ ‫ق َ‬ ‫ُون ِل َم ْن يَأْتِي ِبا ْلعَ َم ِل َح ٌّ‬ ‫يَك َ‬
‫او ٍة َوقِلَّ ِة‬ ‫غب َ َ‬‫غ ْي ِر ِه ع َْن َ‬ ‫علَى َ‬ ‫َان إِ ْد َخالُهُ ا ْلغَ َّم َ‬ ‫اضي‪َ ،‬وإِ ْن ك َ‬ ‫س ِن التَّقَ ِ‬ ‫ِب ُح ْ‬
‫ور ِب ِه‬ ‫شع ُ ُ‬ ‫ط ٍن لَهُ فَ ِإنَّهُ َم ْذ ُمو ٌم فِي ذَاتِ ِه َو ُه َو يَ ِص ُل إِلَى َح ٍد يَكُونُ ال ُّ‬ ‫تَفَ ُّ‬
‫ِيهيًّا‪.‬‬
‫بَد ِ‬
‫ب‬‫ب أ َ َد ِ‬ ‫يرةٌ فِي الثُّقَ َال ِء َطفَ َحتْ ِب َها ُكت ُ ُ‬ ‫اء أ َ ْق َوا ٌل َك ِث َ‬ ‫شعَ َر ِ‬ ‫اء َوال ُّ‬ ‫َو ِل ْل ُح َك َم ِ‬
‫ْاأل َ ْخ َال ِ‬
‫ق‪.‬‬
‫ش ُّد بُ ْعدًا‬ ‫ق أَ َ‬ ‫سلَّ َم ِب َهذَا ا ْل ُخلُ ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ومعاملة النَّاس النبيء َ‬
‫ساعَةٌ‬ ‫سلَّ َم أ َ ْوقَاتًا َال ت َ ْخلُو َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫يء َ‬ ‫ب ِأل َ َّن ِللنَّ ِب ِ‬ ‫ع َِن ْاأل َ َد ِ‬
‫ش ِغ َل أ َ َح ٌد أ َ ْوقَاتَهُ إِ َّال‬ ‫ب أ َ ْن َال يَ ْ‬ ‫ح ْاأل ُ َّم ِة َويَ ِج ُ‬ ‫ص َال ِ‬ ‫شتِغَا ِل بِ َ‬ ‫ِم ْن َها ع َِن ِاال ْ‬
‫ِب ِإ ْذنِ ِه‪َ ،‬و ِلذَ ِلكَ قَا َل تَعَالَى‪ :‬إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم‪.‬‬
‫ب ِأل َ َّن ِإ َجابَةَ ال َّدع َْو ِة ِإلَى ا ْل َو ِلي َم ِة‬ ‫َوا ْأل َ ْم ُر فِي قَ ْو ِل ِه‪ :‬فَا ْد ُخلُوا ِللنَّ ْد ِ‬
‫ُور‬‫ين إِناهُ ِللت َّ ْن ِزي ِه ِأل َ َّن ا ْل ُحض َ‬ ‫ناظ ِر َ‬ ‫غ ْي َر ِ‬ ‫سنَّةٌ‪َ ،‬وت َ ْقيِي ُد النَّ ْهي ِ بِقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫اْل ْذنُ فَ ُه َو‬ ‫ض َّمنُهُ ْ ِ‬ ‫غ ْي ُر ُم ْقت َ ِضي ِلل َّدع َْو ِة َو َال يَت َ َ‬ ‫طعَ ِام َ‬ ‫قَ ْب َل ت َ َهيُّ ِؤ ال َّ‬
‫ت َ َطفُّ ٌل‪.‬‬
‫ب ِأل َ َّن ُد ُخو َل ا ْل َم ْن ِز ِل بِغَ ْي ِر إِذَ ٍن‬ ‫َو ْاأل َ ْم ُر فِي قَ ْو ِل ِه‪ :‬فَا ْنتَش ُِروا ِل ْل ُو ُجو ِ‬
‫ضى ال َّدع َْو ِة ِل َْلَ ْك ِل فَ ُه َو إِذَ ٌن ُمقَيِ ُد ا ْل َم ْعنَى‬ ‫از ِب ُم ْقت َ َ‬ ‫َح َرا ٌم‪َ ،‬وإِنَّ َما َج َ‬
‫ب ا ْل ُم ِبي ُح ِلل ُّد ُخو ِل عَا َد‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ضى ال َّ‬ ‫ون ِأل َ ْج ِل ِه فَ ِإذَا ا ْنقَ َ‬ ‫ض ا ْل َمأ ْذُ ِ‬ ‫ِبا ْلغَ َر ِ‬
‫صلَهُ‬ ‫ع ْنهُ ِأل َ َّن أ َ ْ‬ ‫ي قَ ْد يُ ْغفَ ُل َ‬ ‫ص ِل ِه ِإ َّال أَنَّهُ نَ َظ ِر ٌّ‬ ‫ت َ ْح ِري ُم ال ُّد ُخو ِل ِإلَى أ َ ْ‬
‫او َز‬ ‫س َال َم ِة إِ َّال إِذَا ت َ َج َ‬ ‫ون فِي ِه َوا ْل َمأْذُونُ فِي ِه ش َْرعًا َال يَتَقَيَّ ُد ِبال َّ‬ ‫َمأْذُ ٌ‬
‫او ًزا بَ ِينًا‪.‬‬ ‫وف ت َ َج ُ‬ ‫ا ْل َح َّد ا ْل َم ْع ُر َ‬
‫اج ٌع ِإلَى َهذَا ْاأل َ ْم ِر بِقَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫ث َر ِ‬ ‫ِين ِل َحدِي ٍ‬ ‫ستَأ ْ ِنس َ‬ ‫ف َوال ُم ْ‬ ‫ع ْط ُ‬ ‫َو َ‬
‫ث فِي َم ْعنَى ال ُّد ُخو ِل‪،‬‬ ‫س ِتدَا َمةَ ا ْل ُم ْك ِ‬ ‫ع ِقبَهُ فَ ِإ َّن ا ْ‬‫فَا ْنتَش ُِروا فَ ِلذَ ِلكَ ذُ ِك َر َ‬
‫ص َل تَفَنُّ ٌن فِي ا ْلك ََال ِم‪.‬‬ ‫فَذُ ِك َر ِب ِإثْ ِر ِه َو َح َ‬
‫الضيَافَ ِة ِم ْلكٌ‬ ‫علَى أ َ َّن َطعَا َم ا ْل َو ِلي َم ِة َو َطعَا َم ِ‬ ‫َو ِفي َه ِذ ِه ْاآليَ ِة َد ِلي ٌل َ‬
‫ِن لَ ُه ْم‬ ‫اف ِألَنَّ ُه ْم إِنَّ َما أُذ َ‬ ‫ضي َ ِ‬ ‫ين َو َال ِل َْلَ ْ‬ ‫س ِم ْلكًا ِل ْل َم ْدع ُِو َ‬ ‫ف َولَ ْي َ‬ ‫ض ِي ِ‬ ‫ِل ْل ُمت َ َ‬
‫صةً َولَ ْم يَ ْم ِلكُوهُ فَ ِلذَ ِلكَ َال‬ ‫فِي ْاأل َ ْك ِل ِم ْنهُ َخا َّ‬
‫طعَ ِام َمعَهُ‪.‬‬ ‫وز ِأل َ َح ٍد َر ْف ُع ش َْيءٍ ِم ْن ذَ ِلكَ ال َّ‬ ‫يَ ُج ُ‬
‫اف ا ْبتِدَائِ ٌّي‬ ‫ستِئْنَ ٌ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم ا ْ‬ ‫كان يُ ْؤذِي النَّ ِبي َء فَيَ ْ‬ ‫َو ُج ْملَةُ إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫سلَّ َم أ َ ْن‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ِير َود َْف ِع االغترار بسكوت النبيء َ‬ ‫ِللت َّ ْحذ ِ‬
‫كان يُ ْؤذِي‬ ‫ِير قَ ْولُهُ‪ :‬ذ ِل ُك ْم َ‬ ‫ط الت َّ ْحذ ِ‬ ‫سبُوهُ َر ِض َي ِب َما فَعَلُوا‪ .‬فَ َمنَا ُ‬ ‫يَ ْح َ‬
‫س ِه ْم‬ ‫سلَّ َم ُمقَ َّر ٌر فِي نُفُو ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫النبيء فَ ِإن أَذَى النبيء َ‬
‫ق فِي‬ ‫س َال ُم أَع َُّز َخ ْل ٍ‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫ع َم ٌل َم ْذ ُموم ِألَن النبيء َ‬ ‫أَنَّهُ َ‬
‫ين َوذَ ِلكَ يَ ْقت َ ِضي الت َّ َح ُّر َز ِم َّما يُ ْؤذِي ِه أ َ ْدنَى أَذًى‪.‬‬ ‫وس ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫نُفُ ِ‬
‫ظنُّهُ‬ ‫سكُوتَ قَ ْد يَ ُ‬ ‫ست َ ْحيِي ِم ْن ُك ْم فَ ِإ َّن ال ُّ‬ ‫ط د َْف ِع ِاال ْغ ِت َر ِار قَ ْولُهُ‪ :‬فَيَ ْ‬ ‫َو َمنَا ُ‬
‫س ُه ْم لَ ْو‬ ‫ان بَ ْع ِض ِه ْم أ َ َّن ُجلُو َ‬ ‫ق إِلَى أ َ ْذ َه ِ‬ ‫اس ِرضًى َوإِ ْذنًا َو ُربَّ َما ت َ َط َّر َ‬ ‫النَّ ُ‬
‫ش َد ُه ْم‬ ‫سلَّ َم فَأ َ ْر َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫علَ ْي ِه النبيء َ‬ ‫ورا لَ َما سكت َ‬ ‫ظ ً‬ ‫َان َم ْح ُ‬ ‫ك َ‬
‫علَى‬ ‫سكُوتٌ َال د ََاللَةَ لَهُ َ‬ ‫ب ُه َو ُ‬ ‫سب َ ٍ‬ ‫ئ ع َْن َ‬ ‫ش َ‬ ‫سكُوتَ النَّا ِ‬ ‫َّللاُ ِإلَى أ َ َّن ال ُّ‬ ‫َّ‬
‫اج فَ ُه َو‬
‫اْل ْخ َر ِ‬ ‫س َكتَ َحيَا ًء ِم ْن ُمبَاش ََرتِ ِه ْم ِب ْ ِ‬ ‫ضى َوأَنَّهُ إِنَّ َما َ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى‬ ‫َان ذَ ِلك ُم ْؤ ِذيًا النبيء َ‬ ‫اص‪َ .‬و ِإنَّ َما ك َ‬ ‫ع َم ٍل َخ ٍ‬ ‫اص ِم ْن َ‬ ‫ستِ ْحيَا ٌء َخ ٌّ‬ ‫ا ْ‬
‫سلَّ َم ِأل َ َّن ِفي ِه َما يَ ُحو ُل بَ ْينَهُ َوبَين التفرغ لشؤون النُّبُو َء ِة‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫هللاُ َ‬
‫ِم ْن تَلَ ِقي ا ْل َو ْحي ِ أ َ ِو ا ْل ِعبَا َد ِة أ َ ْو ت َ ْدبِ ِير أ َ ْم ِر ْاأل ُ َّم ِة أ َ ِو التَّأ َ ُّخ ِر ع َِن‬
‫س ِه لنفع ا ْل ُمسلمين ولشؤون ذَاتِ ِه َوبَ ْيتِ ِه َوأ َ ْه ِل ِه‪.‬‬ ‫وس فِي َم ْج ِل ِ‬ ‫ا ْل ُجلُ ِ‬
‫ف أ َ ْن ِل ِال ْهتِ َم ِام ِب ِه‪َ .‬ولَكَ أ َ ْن ت َ ْجعَلَهُ ِم ْن ت َ ْن ِزي ِل‬ ‫َوا ْقتِ َرانُ ا ْل َخبَ ِر ِب َح ْر ِ‬
‫ِين أ َ َطالُوا ا ْل ُجلُ َ‬
‫وس‬ ‫غ ْي ِر ا ْل ُمت َ َر ِد ِد َم ْن َزلَةَ ا ْل ُمت َ َر ِد ِد ِأل َ َّن َحا َل النَّفَ ِر الَّذ َ‬ ‫َ‬
‫ور ِه ْم‬‫شع ُ ِ‬ ‫س َال ُم َو َ‬
‫ع َد َم ُ‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫يء َ‬ ‫ت النَّ ِب ِ‬ ‫ِيث فِي بَ ْي ِ‬ ‫َوا ْل َحد َ‬
‫ع َّما‬‫ين َد َخ َل ا ْلبَ ْيتَ فَلَ َّما َو َج َد ُه ْم َخ َرجَ‪ ،‬فَغَفَلُوا َ‬ ‫ِبك ََرا ِهيَّتِ ِه ذَ ِلكَ ِم ْن ُه ْم ِح َ‬
‫َار ٍة إِلَى‬ ‫ت ِم ْن إِش َ‬ ‫سلَّ َم ِم َن ا ْلبَ ْي ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫فِي ُخ ُروج النبيء َ‬
‫وطبُوا بِ َهذَا‬ ‫ظ ُّن ذَ ِلكَ َمأْذُونًا فِي ِه فَ ُخ ِ‬ ‫ك ََرا ِهيَّتِ ِه بَقَا َء ُه ْم‪ ،‬تِ ْلكَ َحالَةُ َم ْن يَ ُ‬
‫ستِفَاقَةً ِم َن الت َّ ْغ ِر ِير‪.‬‬ ‫ِير َوا ْ‬ ‫شدِيدًا فِي الت َّ ْحذ ِ‬ ‫ب تَ ْ‬ ‫ا ْل ِخ َطا ِ‬
‫يق ا ْل َخبَ ِر‪.‬‬ ‫كان ِ ِْلفَا َد ِة ت َ ْح ِق ِ‬‫َوإِ ْق َحا ُم فِ ْع ِل َ‬
‫ص ِد إِفَا َد ِة أَذًى‬ ‫س ِم ا ْلفَا ِع ِل ِلقَ ْ‬ ‫ُون ا ْ‬ ‫عد َ‬ ‫ض ِار ِ‬ ‫َو ِصي َغ يُ ْؤذِي ِب ِصيغَ ِة ا ْل ُم َ‬
‫ير ِكنَايَةٌ ع َِن ِ‬
‫الش َّد ِة‪.‬‬ ‫ُمتَك َِر ٍر‪َ ،‬والت َّ ْك ِر ُ‬
‫َو ْاألَذَى‪َ :‬ما يُكَد ُِر َم ْفعُولُهُ َويُسِي ُء ِم ْن قَ ْو ٍل أ َ ْو ِف ْع ٍل‪َ .‬وتَقَ َّد َم ِفي قَ ْو ِل ِه‬
‫ب‬‫ان [‪َ ، ]111‬و ُه َو َم َراتِ ُ‬ ‫ذى فِي آ ِل ِع ْم َر َ‬ ‫تَعَالَى‪ :‬لَ ْن يَض ُُّرو ُك ْم إِ َّال أ َ ً‬
‫ُمتَفَا ِوتَةٌ فِي أ َ ْن َوا ِع ِه‪.‬‬
‫علَ ْي ِه‬
‫علَى ُمقَد ٍَّر َدلَّتْ َ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم ت َ ْف ِري ٌع َ‬ ‫َوالت َّ ْف ِري ُع فِي قَ ْو ِل ِه‪ :‬فَيَ ْ‬
‫صةُ‪َ .‬والت َّ ْقد ُ‬
‫ِير‪:‬‬ ‫ا ْل ِق َّ‬
‫علَى‬ ‫س ِت ْحيَا ُء ُمفَ َّرعًا َ‬‫س ِاال ْ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم ِإ ْذ لَ ْي َ‬ ‫اج ُك ْم فَيَ ْ‬‫فَيَ ِه ُّم ِب ِإ ْخ َر ِ‬
‫اء َو َال ُه َو ِم ْن لَ َو ِاز ِم ِه‪.‬‬ ‫اْليذَ ِ‬‫ِْ‬
‫علَى ت َ ْقد ِ‬
‫ِير‬ ‫ض ِم ِير ا ْل ُم َخا َط ِب َ‬
‫ين َ‬ ‫علَى َ‬ ‫ست َ ْح ِيي َ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫َو ُد ُخو ُل ِم َن ا ْل ُمتَعَ ِلقَ ِة ِ‬
‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ِإع َْال ِم ُك ْم ِبأَنَّهُ يُ ْؤذِي ِه‪.‬‬ ‫اف‪ ،‬أ َ ْي يَ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ُم َ‬
‫سا ِوي‬ ‫ت شَائِ ٌع يُ َ‬ ‫اء إِلَى الذَّ َوا ِ‬ ‫ت ِم ْن َما َّد ِة ا ْل َحيَ ِ‬ ‫شتَقَّا ِ‬ ‫َوت َ ْع َديَةُ ا ْل ُم ْ‬
‫ا ْل َح ِقيقَةَ ِأل َ َّن‬
‫ستِ ْحيَا ُء‬ ‫ِاال ْ‬
‫ست َ َحيْتُ ِم ْن‬ ‫ف الذَّ َواتِ‪ ،‬فَقَ ْولُكَ ‪ :‬أ َ َر ْدتُ أ َ ْن أ َ ْفعَ َل َكذَا فَا ْ‬ ‫اختِ َال ِ‬ ‫ف ِب ْ‬ ‫يَ ْخت َ ِل ُ‬
‫ت فُ َال ٍن َوأ َ ْن تَك َ‬
‫ُون‬ ‫يق ِبذَا ِ‬ ‫ُون ا ْل َح ِقيقَةُ ِه َي الت َّ ْع ِل َ‬ ‫وز أ َ ْن تَك َ‬ ‫فُ َال ٍن‪ ،‬يَ ُج ُ‬
‫اء ِأل َ ْج ِل‬ ‫ستِ ْحيَ ِ‬ ‫ب ِاال ْ‬ ‫سب َ ُ‬‫س ِة لَهُ الَّتِي ِه َي َ‬ ‫يق بِ ْاأل َ ْح َوا ِل ا ْل ُم َالبَ َ‬ ‫ِه َي الت َّ ْع ِل َ‬
‫ست َ ْحيَيْتُ من أ َ ْن أ َ ْفعَ َل َكذَا ِب َم ْرأَى من‬ ‫ستِ َها لَهُ‪َ .‬ولَكَ أ َ ْن تَقُو َل‪ :‬ا ْ‬ ‫ُم َالبَ َ‬
‫ِير الثَّانِي‬ ‫علَى الت َّ ْقد ِ‬ ‫ِير ْاأل َ َّو ِل تَكُونُ ِم َن ِللت َّ ْع ِلي ِل‪َ ،‬و َ‬ ‫علَى الت َّ ْقد ِ‬ ‫فُ َال ٍن‪َ .‬و َ‬
‫ست َ ْحيَيْتُ‬ ‫َّاف» يَ ْقت َ ِضي أ َ َّن‪ :‬ا ْ‬ ‫َاء‪َ .‬و َظا ِه ُر ك ََال ِم «ا ْل َكش ِ‬ ‫تَكُونُ ِم َن ِل ِال ْبتِد ِ‬
‫س ٌع‪َ ،‬وأ َ َّن‪:‬‬ ‫از أ َ ْو ت َ َو ُّ‬ ‫ِم ْن فُ َال ٍن َم َج ٌ‬
‫صاحب‬ ‫ست َ ْحيَيْتُ ِم ْن فِ ْع ِل َكذَا ِأل َ ْج ِل فُ َال ٍن ُه َو ا ْل َح ِقيقَةُ‪َ .‬و َظا ِه ُر ك ََالم َ‬ ‫ا ْ‬
‫س ذَ ِلكَ َو ْاأل َ ْم ُر َهيِ ٌن‪.‬‬ ‫ع ْك ُ‬ ‫«ا ْل َكشَّاف» َ‬
‫علَى يُ ْؤذِي‬ ‫ع َ‬ ‫ع ِألَنَّهُ ُمفَ َّر ٌ‬‫ض ِار ِ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِب ِصيغَ ِة ا ْل ُم َ‬ ‫وصيغ فعل فَيَ ْ‬
‫علَ ْي ِه‪.‬‬
‫ع ُه َو َ‬ ‫علَ ْي ِه ا ْل ُمفَ َّر ُ‬‫علَى َما َد َّل َ‬ ‫النَّ ِبي َء ِليَ ُد َّل َ‬
‫سلَّ َم‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫علَى أَن سكُوت النبيء َ‬ ‫َوفِي َه ِذ ِه ْاآليَ ِة َد ِلي ٌل َ‬
‫ق ِلذَاتِ ِه َال يَ ُد ُّل‬ ‫علَى َح ٍ‬ ‫َان تَعَ ِديًا َ‬ ‫ض َرتِ ِه إِذَا ك َ‬ ‫علَى ا ْل ِف ْع ِل ا ْل َواقِ ِع ِب َح ْ‬ ‫َ‬
‫ام َح فِي َح ِق ِه‪َ ،‬ولَ ِك ْن‬ ‫س ِ‬ ‫علَى َج َو ِاز ا ْل ِف ْع ِل ِأل َ َّن لَهُ أ َ ْن يُ َ‬ ‫سكُوتُهُ فِي ِه َ‬ ‫ُ‬
‫اْلبَا َحةُ ِفي َمث َ ِل ِه ِم ْن أ َ ِدلَّ ٍة أ ُ ْخ َرى ِمثْ َل قَ ْو ِل ِه تَعَالَى‬ ‫يُ ْؤ َخذُ ا ْل َح ْظ ُر أ َ ِو ْ ِ‬
‫علَ َما ُؤنَا ِبأ َ َّن من آذَى‬ ‫كان يُ ْؤذِي النَّبِي َء َو ِلذَ ِلكَ َج َز َم ُ‬ ‫ُهنَا‪ :‬إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫علَى ذَ ِلكَ‬ ‫ص َرا َح ِة أ َ ِو ِاال ْلتِ َز ِام يُعَ َّز ُر َ‬ ‫سلَّ َم ِبال َّ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫النبيء َ‬
‫علَى ا ْل َخ ِفي ِ ِم ْنهُ‬ ‫ص ِد إِلَ ْي ِه بَ ْع َد ت َ ْوقِي ِف ِه َ‬ ‫ب َم ْرتَبَ ِة ْاألَذَى َوا ْلقَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ِب َح َ‬
‫عد َِم الت َّ ْوبَ ِة ِم َّما ت ُ ْقبَ ُل فِي ِمثْ ِل ِه الت َّ ْوبَةُ ِم ْنهُ‪َ .‬ولَ ْم يَ ْجعَلُوا فِي‬ ‫َو َ‬
‫س َال ُم ع َْن ُم َؤا َخذَ ِة َم ْن آذَا ُه فِي‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫ِإع َْراض النبيء َ‬
‫َان لَهُ أ َ ْن‬ ‫ح ْاأل ُ َّم ِة فِي ذَ ِلكَ ِألَنَّهُ ك َ‬ ‫سا ُم ِ‬ ‫علَى َمش ُْرو ِعيَّ ِة ت َ َ‬ ‫يال َ‬ ‫َحيَاتِ ِه َد ِل ً‬
‫يَ ْعفُ َو ع َْن َح ِق ِه ِلقَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪:‬‬
‫غ ِلي َظ ا ْلقَ ْل ِ‬
‫ب‬ ‫ظا َ‬ ‫ع ْن ُه ْم [ا ْل َمائِدَة‪َ ]13 :‬وقَ ْو ِل ِه‪َ :‬ولَ ْو ُك ْنتَ فَ ًّ‬ ‫ْف َ‬ ‫فَاع ُ‬
‫عمران‪ . ]159 :‬فَ َهذَا ِم َالكُ ا ْل َج ْم ِع بَ ْي َن‬ ‫َ‬ ‫ضوا ِم ْن َح ْو ِلكَ [آل‬ ‫َال ْنفَ ُّ‬
‫ب‬‫َّللاُ تَعَالَى الذَّ َّ‬ ‫ق فِي َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‪ ،‬فَقَ َد ت َ َولَّى َّ‬ ‫اء َوا ْل َح ِ‬ ‫ستِ ْحيَ ِ‬ ‫اء َو ِاال ْ‬ ‫اْليذَ ِ‬ ‫ِْ‬
‫ض الدَّا ِعي ِإلَ ْي ِه َحيَا ُؤ ُه‪َ .‬وقَ ْد‬ ‫ض ِ‬ ‫سوله َوكَفا ُه مؤونة ا ْل َم َ‬ ‫ق َر ُ‬ ‫ع َْن َح ِ‬
‫اض فِي‬ ‫ض ِل ِعيَ ٌ‬ ‫اضي أَبُو ا ْلفَ ْ‬ ‫ف بِ ِه ا ْلقَ ِ‬ ‫ق َهذَا ا ْل َم ْعنَى َو َما يَ ْح ُ‬ ‫َحقَّ َ‬
‫اء» ‪.‬‬ ‫الشفَ ِ‬
‫الرا ِب ِع ِم ْن ِكتَا ِب ِه « ِ‬ ‫س ِم َّ‬ ‫يف ا ْل ِق ْ‬‫ضا ِع ِ‬ ‫تَ َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ث ع َْن أنس أَن النبيء َ‬ ‫فَ ِإ ْن قُ ْلتَ ‪َ :‬و َر َد فِي ا ْل َحدِي ِ‬
‫ِين قعدوا يتحدثون‪ ،‬فَلَ َّما ذَا‬ ‫ت ِليَقُو َم الث َّ َالثَةُ الَّذ َ‬ ‫سلَّ َم َخ َر َج ِم َن ا ْلبَ ْي ِ‬ ‫َو َ‬
‫غ ْي ُر‬‫وج ِه ُه َو‪ .‬قُ ْلتُ ‪ِ :‬أل َ َّن ُخ ُرو َجهُ َ‬ ‫وج بَد ًَال ِم ْن ُخ ُر ِ‬ ‫لَ ْم يَأ ْ ُم ْر ُه ْم ِبا ْل ُخ ُر ِ‬
‫ض آ َخ َر‪،‬‬ ‫ون ِلغَ َر ٍ‬ ‫س ُه ْم ِألَنَّهُ يُ ْحت َ َم ُل أ َ ْن يَ ُك َ‬ ‫ص ِريح فِي ك ََرا ِهيَة ُجلُو َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫اج ِ‬ ‫َان ِم ْن َو ِ‬ ‫اض ا ْل َم ْج ِل ِس فَك َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ص ِد ا ْن ِف َ‬ ‫ُون ِلقَ ْ‬ ‫َويُ ْحت َ َم ُل أ َ ْن يَك َ‬
‫ْاأل َ ْل َم ِعيَّ ِة أ َ ْن يَ ْخ ُ‬
‫ط َر‬
‫ع ْن ُه ْم‬‫س ُخ ُرو ُجهُ َ‬ ‫وج فَلَ ْي َ‬ ‫ِببَا ِل ِه ْم أ َ َح ُد ِاال ْح ِت َمالَ ْي ِن فَيَت َ َحفَّ ُزوا ِل ْل ُخ ُر ِ‬
‫سلَّ َم‪.‬‬‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ف َحيَائِ ِه َ‬ ‫ص ِ‬ ‫اف ِل َو ْ‬ ‫ِب ُمنَ ٍ‬
‫ست َ ْح ِيي‬ ‫علَى ُج ْملَ ِة فَيَ ْ‬ ‫طوفَةٌ َ‬ ‫ق َم ْع ُ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫َو ُج ْملَةُ َو َّ‬
‫َّللاُ َال يَ ْ‬
‫ِم ْن ُك ْم‬
‫سلَّ َم فَ ِإذَا‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫يء َ‬ ‫ب َم َع النَّبِ ِ‬ ‫سو ُء أ َ َد ٍ‬ ‫َوا ْل َم ْعنَى‪ :‬أ َ َّن ذَ ِلكَ ُ‬
‫اْل ْنك َِار ت َ ْر ِجي ًحا ِم ْنهُ ِل ْلعَ ْف ِو ع َْن‬ ‫ش ُر ُك ْم ِب ْ ِ‬‫ست َ ْح ِيي ِم ْن ُك ْم فَ َال يُبَا ِ‬ ‫َان يَ ْ‬ ‫ك َ‬
‫اب‬ ‫سب َ َ‬ ‫ق ِأل َ َّن أ َ ْ‬‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫َّللاَ َال يَ ْ‬‫علَى ا ْل ُم َؤا َخذَ ِة ِب ِه فَ ِإ َّن َّ‬ ‫َح ِق ِه َ‬
‫ق‬‫َّللاُ يَقُو ُل ا ْل َح َّ‬ ‫س ْب َحانَهُ‪َ :‬و َّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ق ُم ْنت َ ِفيَةٌ ع َِن ا ْل َخا ِل ِ‬ ‫اء بَ ْي َن ا ْل َخ ْل ِ‬
‫ا ْل َحيَ ِ‬
‫[األ َ ْح َزاب‪. ]4 :‬‬ ‫س ِبي َل ْ‬ ‫َو ُه َو يَ ْهدِي ال َّ‬
‫س ِميَّ ِة ُم َخا ِلفَةً‬ ‫اء ا ْل ُج ْملَ ِة ِاال ْ‬ ‫علَى ِبنَ ِ‬ ‫طوفَةُ َ‬ ‫ت ا ْل ُج ْملَةُ ا ْل َم ْع ُ‬ ‫َو ِصيغَ ِ‬
‫ق‪ِ ،‬للد ََّاللَ ِة‬ ‫َّللاُ ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫ست َ ْح ِيي َّ‬ ‫علَ ْي َها فَلَ ْم يَقُلْ‪َ :‬و َال يَ ْ‬ ‫طوفَ ِة ِه َي َ‬ ‫ِل ْل َم ْع ُ‬
‫ق ِم ْن ِصفَا ِت ِه‪،‬‬ ‫ّلِل تَعَالَى ِأل َ َّن ا ْل َح َّ‬ ‫ف ثَا ِبتٌ دَا ِئ ٌم ِ َّ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫علَى أ َ َّن َهذَا ا ْل َو ْ‬ ‫َ‬
‫فَا ْنتِفَا ُء َما يَ ْمنَ ُع ت َ ْب ِليغَهُ ُه َو أ َ ْيضًا ِم ْن ِصفَاتِ ِه ِأل َ َّن ُك َّل ِصفَ ٍة يَ ِج ُ‬
‫ب‬
‫علَ ْي ِه تَعَالَى‪.‬‬ ‫ست َ ِحي ُل َ‬ ‫َّللا ِب َها فَ ِإ َّن ِض َّد َها يَ ْ‬ ‫اف َّ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫اتِ َ‬
‫ق ِمثْ َل‬ ‫ستِ ْغ َرا ُ‬ ‫يف ا ْل ِج ْن ِس ا ْل ُم َرا ِد ِم ْنهُ ِاال ْ‬ ‫ق ت َ ْع ِر ُ‬ ‫ف فِي ا ْل َح ِ‬ ‫َوالت َّ ْع ِري ُ‬
‫ست َ ْحيِي‬ ‫َّللاُ َال يَ ْ‬ ‫ّلِل [ا ْلفَاتِ َحة‪َ . ]2 :‬وا ْل َم ْعنَى‪َ :‬و َّ‬ ‫يف فِي ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬ ‫الت َّ ْع ِر ِ‬
‫يع أ َ ْف َرا ِد ِج ْن ِس ا ْل َح ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ِم ْن َج ِم ِ‬
‫ق ْاأل ُ َّم ِة‬ ‫س َال ِم‪َ ،‬و َح ُّ‬ ‫ق ِْ‬
‫اْل ْ‬ ‫َّللا َو َح ُّ‬‫ق َّ ِ‬ ‫اط ِل‪ .‬فَ ِم ْنهُ َح ُّ‬ ‫ق‪ِ :‬ض ُّد ا ْلبَ ِ‬ ‫وا ْل َح ِ‬
‫ق ُك ُّل فَ ْر ٍد ِم ْن أ َ ْف َرا ِد ْاأل ُ َّم ِة‬ ‫صا ِل ِح َها َوإِقَا َم ِة آدَابِ َها‪َ ،‬و َح ُّ‬ ‫َج ْمعَا َء فِي َم َ‬
‫ع ْنهُ‪.‬‬‫ض ِر َ‬ ‫فِي َما ُه َو ِم ْن َمنَافِ ِع ِه َود َْف ِع ال ُّ‬
‫سلَّ َم فِي بَ ْيتِ ِه َوأ َ ْوقَاتِ ِه‪َ ،‬وبِ َهذَا‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫يء َ‬ ‫ق النَّبِ ِ‬ ‫شت َ ِم ُل َح ُّ‬ ‫َويَ ْ‬
‫ت ا ْل ُج ْملَةُ بِ َم ْن ِزلَ ِة الت َّ ْذيِي ِل‪.‬‬ ‫ار ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ق َ‬ ‫وم فِي ا ْل َح ِ‬ ‫ا ْلعُ ُم ِ‬
‫ست َ ْح ِيي‬ ‫ستْ ِمثْ َل ِم ْن الَّتِي فِي قَ ْو ِل ِه‪ :‬فَيَ ْ‬ ‫ق لَ ْي َ‬‫وم َن فِي قَ ْو ِل ِه‪ِ :‬م َن ا ْل َح ِ‬ ‫ِ‬
‫ست َ ْحيَى ِم ْن‬ ‫ق َال يُ ْ‬ ‫ِم ْن ُك ْم ِأل َ َّن ِم َن َه ِذ ِه ُمتَعَ ِينَةٌ ِلك َْونِ َها ِللت َّ ْع ِلي ِل ِإ ِذ ا ْل َح ُّ‬
‫ست َ ْح ِيي ِلبَيَا ِن ِه‬ ‫ق» أَنَّهُ َال يَ ْ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫َّللاَ َال يَ ْ‬ ‫ذَا ِت ِه فَ َم ْعنَى « ِإ َّن َّ‬
‫َوإِع َْالنِ ِه‪.‬‬
‫َّللاِ‬
‫ِين َّ‬ ‫تد ِ‬ ‫اجبَا ِ‬ ‫ق أ َ َّن ِم ْن َو ِ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫َّللاُ َال يَ ْ‬ ‫َوقَ ْد أَفَا َد قَ ْولُهُ‪َ :‬و َّ‬
‫س َال ِمي ِ ِفي ِإقَا َم ِت ِه‪َ ،‬و ِفي‬ ‫ق ِْ‬
‫اْل ْ‬ ‫ست َ ْح ِيي أ َ َح ٌد ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫علَى ْاأل ُ َّم ِة أ َ ْن َال يَ ْ‬ ‫َ‬
‫َم ْع ِرفَتِ ِه إِذَا َح َّل بِ ِه َما يَ ْقت َ ِضي َم ْع ِرفَتَهُ‪َ ،‬وفِي إِ ْب َال ِغ ِه َو ُه َو ت َ ْع ِلي ُمهُ‪،‬‬
‫ب‬‫غ ُ‬ ‫ص ِة الَّتِي يَ ْر َ‬ ‫وق ا ْل َخا َّ‬ ‫َوفِي ْاأل َ ْخ ِذ ِب ِه‪ِ ،‬إ َّال فِي َما يَ ْر ِج ُع ِإلَى ا ْل ُحقُ ِ‬
‫ص‬‫سا ُمحِ ِفي َها ِم َّما َال يَ ْغ ِم ُ‬ ‫اط َها أ َ ِو الت َّ َ‬ ‫سقَ ِ‬ ‫ص َحابُ َها ِفي ِإ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫َّللا‬
‫ت َّ ِ‬ ‫ق بِ ِصفَا ِ‬ ‫ون ِبالت َّ َخلُّ ِ‬ ‫ور َ‬ ‫اس َمأ ْ ُم ُ‬ ‫غ ْي ِر ِه ِأل َ َّن النَّ َ‬ ‫اجعًا ِإلَى َ‬ ‫َحقًّا َر ِ‬
‫َان‪.‬‬
‫اْل ْمك ِ‬ ‫الال ِئقَ ِة ِبأ َ ْمثَا ِل ِه ْم ِبقَ ْد ِر ْ ِ‬ ‫تَعَالَى َّ‬
‫سلَّ َم‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َو َهذَا ا ْل َم ْعنَى فَ ِه َمتْهُ أ ُ ُّم سليم وأقرها النبيء َ‬
‫علَى فَ ْه ِم َها‪ ،‬فَقَ ْد َجا َء‬ ‫َ‬
‫سلَ َمةَ قَالَتْ ‪َ :‬جا َءتْ أ ُ ُّم سليم إِلَى‬ ‫ص ِحيحِ‪« :‬ع َْن أ ُ ِم َ‬ ‫ث ال َّ‬ ‫فِي ا ْل َحدِي ِ‬
‫علَى‬ ‫ق فَ َه ْل َ‬ ‫ست َ ْح ِيي ِم َن ا ْل َح ِ‬ ‫َّللاَ َال يَ ْ‬
‫َّللا ِإ َّن َّ‬‫سو َل َّ ِ‬ ‫النبيء فَقَالَتْ ‪ :‬يَا َر ُ‬
‫ت ا ْل َما َء»‬ ‫َّللا‪ :‬نَعَ ْم ِإذَا َرأ َ ِ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫احتَلَ َمتْ ؟ فَقَا َل َر ُ‬ ‫س ٍل ِإذَا ْ‬ ‫غ ْ‬ ‫ا ْل َم ْرأ َ ِة ِم ْن ُ‬
‫صلَّى‬ ‫ق ا ْل ُمتَعَلق ب َها‪ ،‬والنبيء َ‬ ‫س َؤا ِل ع َِن ا ْل َح ِ‬ ‫ستَحِ فِي ال ُّ‬ ‫‪ .‬فَ ِه َي لَ ْم ت َ ْ‬
‫ستَحِ فِي‬ ‫سلَّ َم لَ ْم يَ ْ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫هللاُ َ‬
‫سأ َ ُل لَ َها أ َ ْو لَ ْم ت َ َر ِل َزا ًما أ َ ْن‬ ‫ِإ ْخبَ ِار َها ِبذَ ِلكَ ‪َ .‬ولَعَلَّ َها لَ ْم ت َ ِج ْد َم ْن يَ ْ‬
‫ع ِل ُّي‬ ‫ص ذَات َ َها‪َ .‬وقَ ْد َرأَى َ‬ ‫سأ َ ُل لَ َها ع َْن ُح ْك ٍم يَ ُخ ُّ‬ ‫ع ْن َها َم ْن يَ ْ‬ ‫يب َ‬ ‫ستَنِ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫اء‪،‬‬
‫ستِ ْحيَ ِ‬ ‫ق َوبَ ْي َن ِاال ْ‬ ‫ب ا ْل َح ِ‬ ‫ب ا ْل َج ْم َع بَ ْي َن َطلَ ِ‬ ‫ْبنُ أ َ ِبي َطا ِل ٍ‬
‫ب أ َ َم َر ُه‬ ‫ع ِل َّي ْب َن أَبِي َطا ِل ٍ‬ ‫س َو ِد أ َ َّن َ‬ ‫ط ِأ» ع َِن ا ْل ِم ْقدَا ِد ْب ِن ْاأل َ ْ‬ ‫فَ ِفي «ا ْل ُم َو َّ‬
‫الر ُج ِل إِذَا َدنَا َم ْن‬ ‫سلَّ َم ع َِن َّ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫سأ َ َل لَهُ َر ُ‬ ‫أ َ ْن يَ ْ‬
‫ع ِل ٌّي‪ :‬فَ ِإ َّن ِع ْندِي ا ْبنَةَ‬ ‫علَ ْي ِه؟ قَا َل َ‬ ‫ي َماذَا َ‬ ‫أ َ ْه ِل ِه فَ َخ َر َج ِم ْنهُ ا ْل َم ْذ ُ‬
‫سأَلَهُ»‬ ‫ست َ ْح ِيي أ َ ْن أ َ ْ‬ ‫َّللا َوأَنَا أ َ ْ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫ا ْل َحد َ‬
‫ِيث‪.‬‬
‫ت فِي‬ ‫اوتًا ِم ْن ِج َها ٍ‬ ‫ع ِلي ٍ تَفَ ُ‬ ‫سلَ ْي ٍم َوقَ ِضيَّ ِة َ‬ ‫علَى أ َ َّن بَ ْي َن قَ ِضيَّ ِة أ ُ ِم ُ‬ ‫َ‬
‫علَى ا ْل ُمتَبَ ِص ِر‪.‬‬ ‫اء َال ت َ ْخفَى َ‬ ‫ستِ ْحيَ ِ‬ ‫ضى ِاال ْ‬ ‫ُم ْقت َ َ‬
‫ور َد ُه ا ْبنُ‬ ‫َوا ْعلَ ْم أ َ َّن ِفي ُو ُرو ِد يُ ْؤذِي ُهنَا َما يُ ْب ِط ُل ا ْل ِمثَا َل الَّذِي أ ُ َ‬
‫علَى أ َ َّن ا ْل َك ِل َمةَ قَ ْد ت َ ُرو ُ‬
‫ق‬ ‫سائِ ِر» شَا ِهدًا َ‬ ‫ب «ا ْل َمث َ ِل ال َّ‬ ‫ْاألَثِ ِير فِي ِكتَا ِ‬
‫ام ِع‪َ .‬و َجا َء ِب َك ِل َم ِة‬ ‫س ِ‬‫ام َع فِي ك ََال ٍم ث ُ َّم تَكُونُ ِه َي ِبعَ ْينِ َها َم ْك ُرو َهةً ِلل َّ‬ ‫س ِ‬
‫ال َّ‬
‫ير َها (ت ُ ْؤذِي) ِفي قَ ْو ِل ا ْل ُمتَنَبِي‪:‬‬ ‫يُ ْؤذِي ِفي َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‪َ ،‬ونَ ِظ ُ‬
‫ط ِم ْن‬ ‫ت يَ ُح ُّ‬ ‫ع َم أ َ َّن َو ُجو َد َها فِي ا ْلبَ ْي ِ‬ ‫تلذ لَهُ ا ْل ُم ُرو َءة َو ِه َي تُوذِي َو َز َ‬
‫ض َّمنَهُ ا ْلبَيْتُ َوأ َ َحا َل فِي ا ْل َج ْز ِم ِبذَ ِلكَ‬ ‫يف الَّ ِذي ت َ َ‬ ‫قَد ِْر ا ْل َم ْعنَى الش َِّر ِ‬
‫ضبًا ِم ِن ا ْب ِن ْاأل َ ِث ِير‬ ‫غ َ‬ ‫ب َهذَا ا ْل ُح ْك َم ِإ َّال َ‬ ‫س ُ‬ ‫س ِل ِيم‪َ ،‬و َال أ َ ْح َ‬ ‫ط ْب ِع ال َّ‬ ‫علَى ال َّ‬ ‫َ‬
‫ف أ َ ِي َّمةُ ْاأل َ َد ِ‬
‫ب‬ ‫ص َر َ‬ ‫ق‪َ ،‬ولَقَ ْد َ‬ ‫ش َه ُد ِب ِه ذَ ْو ٌ‬ ‫غهُ ِصنَاعَةٌ َو َال يَ ْ‬ ‫س ِو ُ‬ ‫َال ت ُ َ‬
‫علَ ْي ِه أ َ َح ٌد ِم ْن ُه ْم َهذَا‬ ‫ش ْع ِر ا ْل ُمتَنَ ِبي َونَ ْق ِد ِه فَلَ ْم يَعُ َّد َ‬ ‫ث ِ‬ ‫َه َّم ُه ْم إِلَى بَ ْح ِ‬
‫ق ل َه ُ‬ ‫يف فَلَ ْم يَ ْب َ‬ ‫ت ش َِر ٌ‬ ‫اف ا ْب ِن ْاألَثِ ِير ِبأ َ َّن َم ْعنَى ا ْلبَ ْي ِ‬ ‫ُم ْنتَقَدًا‪َ ،‬م َع ا ْعتِ َر ِ‬
‫اجعَةٌ إِلَى أ َ ْم ٍر لَ ْف ِظي ٍ ِم َن‬ ‫ع َم أ َ َّن ك ََرا َهةَ َهذَا اللَّ ْف ِظ فِي ِه َر ِ‬‫إِ َّال أ َ ْن يَ ْز ُ‬
‫صا َح ِة‬ ‫اْل ْخ َال ِل ِبا ْلفَ َ‬
‫ت ش َْي ٌء ِم َن ْ ِ‬ ‫س فِي ا ْلبَ ْي ِ‬
‫صا َح ِة‪َ ،‬ولَ ْي َ‬ ‫ا ْلفَ َ‬
‫ع ْب ِد ا ْلقَا ِه ِر فِي َما ذَك ََر فِي‬ ‫ش ْيخِ َ‬ ‫علَى قَد َِم ال َّ‬ ‫َو َكأَنَّهُ أ َ َرا َد أ َ ْن يُقَ ِف َي َ‬
‫اْل ْع َج ِاز» فَ ِإ َّن َما ا ْنتَقَ َدهُ‬ ‫ب «د ََالئِ ِل ْ ِ‬ ‫ص ِل الَّذِي َجعَلَهُ ثَانِيًا ِم ْن ِكتَا ِ‬ ‫ا ْلفَ ْ‬
‫ت َال يَ ْخلُو ِم ْن ُر ُجوع‬ ‫ض ا ْل َك ِل َما ِ‬ ‫ص ِل ِم ْن َم َوا ِق ِع بَ ْع ِ‬ ‫ش ْي ُخ ِفي ذَ ِلكَ ا ْلفَ ْ‬ ‫ال َّ‬
‫ب َمعَانِ َي ا ْل َك ِل َما ِ‬
‫ت‬ ‫س ِ‬ ‫صو ِل تَنَا ُ‬ ‫صا َح ِة أ َ ْو أ ُ ُ‬ ‫صو ِل ا ْلفَ َ‬ ‫نَقده إِيَّا َها إِلَى أ ُ ُ‬
‫صنِيعَ ْي ِن‪.‬‬ ‫ان َما بَ ْي َن ال َّ‬ ‫شت َّ َ‬ ‫ض فِي نَ ْظ ِم ا ْلك ََال ِم‪َ ،‬و َ‬ ‫بَ ْع ِض َها َم َع بَ ْع ٍ‬
‫ب ذ ِل ُك ْم أ َ ْط َه ُر‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫سئَلُو ُه َّن ِم ْن َو ِ‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمتاعا ً فَ ْ‬ ‫َو ِإذا َ‬
‫ِلقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُو ِب ِه َّن‪.‬‬
‫ان ِللنَّ ْهي ِ‬ ‫علَى ُج ْملَ ِة َال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ النبيء فَ ِه َي ِزيَا َدةُ بَيَ ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ْط ٌ‬ ‫َ‬
‫ور ِة الَّ ِتي ت َ ْدعُو ِإلَى‬ ‫ض ُر َ‬ ‫ت النَّبَ ِويَّ ِة َوت َ ْحدِي ٌد ِل ِم ْقد َِار ال َّ‬ ‫ع َْن ُد ُخو ِل ا ْلبُيُو ِ‬
‫وف بِأ َ ْب َوابِ َها‪.‬‬‫ُد ُخو ِل َها أ َ ِو ا ْل ُوقُ ِ‬
‫ين‪َ ،‬وقَ ْد قِي َل‪:‬‬ ‫ت ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫ب أ ُ َّم َها ِ‬ ‫َو َه ِذ ِه ْاآليَةُ ِه َي ش َِارعَةُ ُح ْك ِم ِح َجا ِ‬
‫سنَةَ َخ ْم ٍس‪.‬‬ ‫ِإنَّ َها نَ َزلَتْ فِي ذِي ا ْلقَ ْع َد ِة َ‬
‫ت فِي‬ ‫وم َم ْن ِذ ْك ِر ا ْلبُيُو ِ‬ ‫اج ا ْل َم ْف ُه ِ‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن عَائِ ٌد إِلَى ْاأل َ ْز َو ِ‬ ‫ير َ‬ ‫ض ِم ُ‬‫َو َ‬
‫قَ ْو ِل ِه‪ِ :‬بيُوتَ‬
‫الر ُج ِل ِه َي َربَّةُ ا ْلبَ ْيتِ‪ ،‬قَا َل ُم َّرةُ‬ ‫ج َّ‬ ‫ت َربَّات َ ُه َّن َو َز ْو ُ‬ ‫يء فَ ِإ َّن ِل ْلبُيُو ِ‬ ‫النَّ ِب ِ‬
‫يم ُّي‪:‬‬‫َان الت َّ ِم ِ‬
‫ْبنُ َم ْحك ِ‬
‫صا ِغ َر ٍة ‪ ...‬ض ُِمي إِلَ ْي ِك ِر َجا َل ا ْل َحي ِ َوا ْلغُ ْربَا‬ ‫غ ْي َر َ‬ ‫ومي َ‬ ‫ت قُ ِ‬ ‫يَا َربَّةَ ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ث ا ْب ِن‬ ‫الر ُج ُل بَ ْيتًا ِإ َّال ِإذَا أ َ َرا َد الت َّ َز ُّوجَ‪َ .‬وفِي َحدِي ِ‬ ‫َوقَ ْد كَانُوا َال يَ ْبنِي َّ‬
‫الزفَ َ‬
‫اف‬ ‫س ِجدِ‪َ .‬و ِم ْن أجل ذَ ِلك سموا ِ‬ ‫ع َم َر‪ُ :‬ك ْنتُ ع ََزبًا أَبَيْتُ فِي ا ْل َم ْ‬ ‫ُ‬
‫علَى‬ ‫ت ا ْلبُيُوتُ َ‬ ‫ت ا ْل َم ْرأَةُ َوا ْلبَيْتُ ُمت َ َال ِز َم ْي ِن فَ َدلَّ ِ‬ ‫ِبنَا ًء‪ .‬فَ َال َج َر َم كَانَ ِ‬
‫ع ٍة ِإنَّا‬ ‫ير َهذَا قَ ْولُهُ تَعَالَى‪َ :‬وفُ ُر ٍش َم ْرفُو َ‬ ‫اج ِب ِاال ْلتِ َز ِام‪َ .‬ونَ ِظ ُ‬ ‫ْاأل َ ْز َو ِ‬
‫ب ا ْليَ ِم ِ‬
‫ين‬ ‫صحا ِ‬ ‫أ َ ْنشَأْنا ُه َّن ِإ ْنشا ًء فَ َجعَ ْلنا ُه َّن أ َ ْبكارا ً ع ُُربا ً أَتْرابا ً ِأل َ ْ‬
‫ام َرأَةً‪،‬‬ ‫اش ْ‬ ‫ست َ ْل ِز ُم أ َ َّن ِل ْل ِف َر ِ‬‫[ا ْل َواقِعَة‪ ]38 -34 :‬فَ ِإ َّن ِذ ْك َر ا ْلفُ ُر ِش يَ ْ‬
‫ت َربَّاتٍ‪.‬‬ ‫فَلَ َّما ذَك ََر ا ْلبُيُوتَ ُهنَا تَبَاد ََر أ َ َّن ِل ْلبُيُو ِ‬
‫اع ِب ِه ِمثْ َل ع َِاريَ ِة ْاأل َ َوانِي َونَ ْح ِو َها‪،‬‬‫ج إِلَى ِاال ْنتِفَ ِ‬ ‫َوا ْل َمتَاعُ‪َ :‬ما يُ ْحتَا ُ‬
‫س َؤا ٍل ع َِن‬ ‫ق ِبذَ ِلكَ َما ُه َو أ َ ْولَى ِبا ْل ُح ْك ِم ِم ْن ُ‬ ‫َو ِمثْ َل ُ‬
‫س َؤا ِل ا ْلعُفَا ِة َويَ ْل َح ُ‬
‫ِين‪.‬‬
‫سائِ ِل الد ِ‬‫ون عَائِشَةَ ع َْن َم َ‬ ‫سأَلُ َ‬‫آن‪َ ،‬وقَ ْد كَانُوا يَ ْ‬ ‫ِين أ َ ْو ع َِن ا ْلقُ ْر ِ‬
‫الد ِ‬
‫ب ا ْلبَ ْيتِ‪.‬‬‫علَى بَا ِ‬ ‫الستْ ُر ا ْل ُم َر َخى َ‬ ‫اب‪ِ :‬‬ ‫َوا ْل ِح َج ُ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫علَى أ َ ْب َواب بيُوت النبيء َ‬ ‫ور ُم َر َخاةً َ‬ ‫ست ُ ُ‬ ‫ت ال ُّ‬ ‫َوكَانَ ِ‬
‫ث‬‫س ِجدِ‪َ .‬وقَ ْد َو َر َد َما يُبَيِنُ ذَ ِلكَ فِي َحدِي ِ‬ ‫ع ِة إِلَى ا ْل َم ْ‬ ‫سلَّ َم الش َِّار َ‬ ‫َو َ‬
‫اس َو ُه ْم فِي‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫سلَّ َم َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ا ْل َوفَا ِة ِحين خرج النبيء َ‬
‫الستْ َر ث ُ َّم أ َ ْر َخى ِ‬
‫الستْ َر‪.‬‬ ‫َف ِ‬ ‫ص َال ِة فَ َكش َ‬ ‫ال َّ‬
‫سائِ ِل‬ ‫سئَلُو ُه َّن فَ ُه َو قَ ْي ٌد فِي ال َّ‬ ‫ب ُمتَعَلق ب فَ ْ‬ ‫راء ِحجا ٍ‬ ‫وم ْن َو ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َن‬ ‫ور‪ِ .‬‬ ‫ق ِب ِه ا ْل َم ْج ُر ُ‬ ‫يرا ُه َما ِبا ْل ِف ْع ِل الَّذِي تَعَلَّ َ‬ ‫ض ِم َ‬ ‫ق َ‬ ‫سئ ُو ِل ا ْل ُمتَعَ ِل ِ‬ ‫َوا ْل َم ْ‬
‫س ِب ٌّي ِبا ْعتِبَ ِار ا ْل ُمت َّ ِج ِه‬ ‫ف َو ُه َو َمك ٌ‬
‫َان نِ ْ‬ ‫ا ْبتِدَائِيَّةٌ‪َ .‬وا ْل َو َرا ُء‪َ :‬مكَانُ ا ْل َخ ْل ِ‬
‫سبَ ِة للمتجهين إِلَ ْي ِه فالمسؤولة‬ ‫ب بِالنِ ْ‬ ‫إِلَى ِج َهةٍ‪ ،‬فَ َو َرا َء ا ْل ِح َجا ِ‬
‫سائِ ُل ِم ْن َو َراء حجابها َو ِبا ْلعَ ْك ِس‪.‬‬ ‫ست َ ْق ِبلَةٌ ِح َجابَ َها َوال َّ‬ ‫ُم ْ‬
‫اء‬‫س َؤا ُل ا ْل ُمقَيَّ ُد ِبك َْونِ ِه ِم ْن َو َر ِ‬ ‫ُور‪ ،‬أَي ِ ال ُّ‬ ‫ب ذ ِل ُك ْم ِإلَى ا ْل َم ْذك ِ‬ ‫َارةُ ِ‬ ‫اْلش َ‬ ‫َو ْ ِ‬
‫ب‪.‬‬
‫ِح َجا ٍ‬
‫ُون الت َّ ْف ِضي ِل‪.‬‬ ‫ست َ ْع َم ٌل ِل ِلزيَا َد ِة د َ‬ ‫س ُم الت َّ ْف ِضي ِل فِي قَ ْو ِل ِه‪ :‬أ َ ْط َه ُر ُم ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫وب ا ْلفَ ِريقَ ْي ِن‬ ‫ارةً ِلقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُو ِب ِه َّن فَ ِإ َّن قُلُ َ‬ ‫َوا ْل َم ْعنَى‪ :‬ذَ ِلكَ أ َ ْق َوى َط َه َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ت هللا َو ُح ْر َمة النبيء َ‬ ‫َطا ِه َرةٌ ِبالت َّ ْق َوى َوت َ ْع ِظ ِيم ُح ُر َما ِ‬
‫ص َم ِة أ َ َرا َد‬ ‫ت الت َّ ْق َوى َال ت َ ِص ُل ِب ِه ْم إِلَى د ََر َج ِة ا ْل ِع ْ‬ ‫سلَّ َم‪َ ،‬ولَ ِك ْن لَ َّما كَانَ ِ‬ ‫َو َ‬
‫اْللَ ِهي ِ‬ ‫ب ِم َن ا ْل ِح ْف ِظ ْ ِ‬ ‫ين َم َراتِ َ‬ ‫ِب ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫َّللاُ أ َ ْن يَ ِزي َد ُه ْم ِم ْن َها ِب َما يُ ْكس ُ‬ ‫َّ‬
‫ت‬‫ب أ ُ َّم َها ِ‬ ‫سبَا ِب َها َو َما يُقَ ِر ُ‬ ‫ف أَ ْ‬ ‫ضع َ ِ‬‫ش ْي َطا ِنيَّ ِة ِبقَ ْط ِع أ َ ْ‬ ‫اط ِر ال َّ‬ ‫ِم َن ا ْل َخ َو ِ‬
‫سلَّ َم‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ص َم ِة الثَّا ِبت َ ِة ِل َز ْو ِج ِه َّن َ‬ ‫ين ِم ْن َم ْرتَبَ ِة ا ْل ِع ْ‬ ‫ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ع ْن ُهن ِبقَ ْط ِع دَا ِب ِر َها‬ ‫ين ِبقَ ْط ِع الخواطر الشيطانية َ‬ ‫طيِبِ َ‬ ‫ت ِلل َّ‬ ‫ط ِيبَا ِ‬ ‫فَ ِإ َّن ال َّ‬
‫ض‪.‬‬ ‫َولَ ْو ِبا ْلفَ ْر ِ‬
‫وس‬ ‫ب نُفُ ِ‬ ‫اوتُ َم َراتِ ُ‬ ‫سوأَى تَتَفَ َ‬ ‫ظنُونًا ُ‬ ‫اس أ َ ْو َها ًما َو ُ‬ ‫َوأ َ ْيضًا فَ ِإ َّن ِللنَّ ِ‬
‫ض ْعفًا‪َ ،‬ك َما َوقَ َع فِي قَ ِضيَّ ِة‬ ‫اس فِي َها صرامة ووهنا‪ ،‬ونفاقا َو َ‬ ‫النَّ ِ‬
‫ين‬ ‫ت ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬‫ب أ ُ َّم َها ِ‬‫ع ِح َجا ِ‬ ‫َان ش َْر ُ‬‫ور فَك َ‬ ‫ور ِة النُّ ِ‬
‫س َ‬ ‫اْل ْف ِك ا ْل ُمتَقَ ِد َم ِة فِي ُ‬ ‫ِْ‬
‫اطعًا ِلك ُِل تَقول وإرجاف بعمد أ َ ْو بِغَ ْي ِر ع َْمدٍ‪.‬‬ ‫قَ ِ‬
‫اميَةٌ َو ِه َي ِزيَادَة ت َ ْق ِرير‬ ‫س ِ‬ ‫َو َو َرا َء َه ِذ ِه ا ْل ِحك َِم ك ُِل َها ِح ْك َمةٌ أ ُ ْخ َرى َ‬
‫ين الَّتِي ِه َي أ ُ ُمو َمةٌ‬ ‫ين فِي قُلُو ِ‬
‫ب ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫معنى أ ُ ُمو َمتِ ِه َّن ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫وح َّي َو ُه َو ك َْونُ ُه َّن‬ ‫الر ِ‬ ‫ث إِ َّن ذَ ِلكَ ا ْل َم ْعنَى ا ْل َج ْع ِل َّي ُّ‬ ‫َج ْع ِليَّةٌ ش َْر ِعيَّةٌ ِب َح ْي ُ‬
‫ص َو ُر الذَّاتِيَّةُ‬ ‫ع ْنهُ ال ُّ‬ ‫اط ِن النَّ ْف ِس َوت َ ْنقَ ِط ُع َ‬ ‫س ِإلَى بَ ِ‬ ‫أ ُ َّم ُها ِ‬
‫ت يَ ْرت َ ُّد َويَ ْنعَ ِك ُ‬
‫ان‬ ‫ت ِإ َّال ِبعُ ْن َو ِ‬ ‫ص ِو َرا ٍ‬ ‫غ ْي َر ُمت َ َ‬ ‫صبِ ْح َن َ‬ ‫َو َه َي كُونُ ُه َّن فُ َالنَةً أ َ ْو فُ َالنَةً فَيُ ْ‬
‫تزال‬ ‫وس‪َ ،‬و َال َ‬ ‫وح ُّي يُ ْن ِمي فِي النُّفُ ِ‬ ‫الر ِ‬‫ْاأل ُ ُمو َم ِة فَ َال يَ َزا ُل ذَ ِلكَ ا ْل َم ْعنَى ُّ‬
‫سيَّةُ‬
‫صور ا ْل ِح ِ‬ ‫ال ُّ‬
‫ت ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ين‬ ‫ص ِب َح َم ْعنَى أ ُ َّم َها ِ‬ ‫ضا َء ُل ِم َن ا ْلقُ َّو ِة ا ْل ُمد َْر َك ِة َحتَّى يُ ْ‬ ‫تَت َ َ‬
‫ت كَا ْل َم َالئِ َك ِة‪َ ،‬و َه ِذ ِه‬ ‫ق ا ْل ُم َج َّردَا ِ‬ ‫وس ِم ْن َحقَائِ ِ‬ ‫َم ْعنًى قَ ِريبًا فِي النُّفُ ِ‬
‫اس ِل ُملُو ِك ِه ْم فِي ا ْل ِقد َِم ِليَك َ‬
‫ُون‬ ‫سنَّهُ النَّ ُ‬ ‫ب الَّذِي َ‬ ‫ِح ْك َمةٌ ِم ْن ِحك َِم ا ْل ِح َجا ِ‬
‫الر ِعيَّ ِة‪.‬‬
‫وس َّ‬ ‫عتِ ِه ْم فِي نُفُ ِ‬ ‫ذَ ِلكَ أ َ ْد َخ َل ِل َطا َ‬
‫ست ُ َّن‬‫ساء النبيء لَ ْ‬ ‫َو ِب َه ِذ ِه ْاآليَ ِة َم َع ْاآليَة الَّتِي تقدمتها ِم ْن قَ ْو ِل ِه‪ :‬يَا ن َ‬
‫ت‬ ‫ب ِأل ُ َّم َها ِ‬ ‫ق َم ْعنَى ا ْل ِح َجا ِ‬ ‫[األ َ ْح َزاب‪ ]32 :‬ت َ َحقَّ َ‬ ‫ساء ْ‬ ‫الن ِ‬ ‫َكأ َ َح ٍد ِم َن ِ‬
‫ور ش َْيءٍ ِم ْن‬ ‫ظ ُه ِ‬ ‫عد َِم ُ‬ ‫ب ِم ْن ُم َال َز َمتِ ِه َّن بُيُوت َ ُه َّن َو َ‬ ‫ين ا ْل ُم َر َّك ِ‬‫ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫علَى‬ ‫ب َ‬ ‫اص ِب ِه َّن َال يَ ِج ُ‬ ‫اب َخ ٌّ‬ ‫ذَ َواتِ ِه َّن َحتَّى ا ْل َو ْج ِه َوا ْل َكفَّ ْي ِن‪َ ،‬و ُه َو ِح َج ٌ‬
‫ين َو َرعًا َو ُه ْم‬ ‫ت ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ُون ِبأ ُ َّم َها ِ‬ ‫ون يَ ْقتَد َ‬‫س ِل ُم َ‬ ‫َان ا ْل ُم ْ‬‫غ ْي ِر ِه َّن‪َ ،‬وك َ‬ ‫َ‬
‫ي ِع ْن َد‬ ‫ب ا ْلعَادَاتِ‪َ ،‬ولَ َّما أ َ ْن َ‬
‫ش َد النُّ َم ْي ِر ُّ‬ ‫س ِ‬ ‫علَى َح َ‬ ‫ون فِي ذَ ِلكَ َ‬ ‫ُمتَفَا ِوت ُ َ‬
‫اج قَ ْولَهُ‪:‬‬‫ا ْل َح َّج ِ‬
‫ت‬ ‫ان ِم َن التُّقَى ‪َ ...‬ويَ ْخ ُر ْج َن ُج ْن َح اللَّ ْي ِل ُم ْعت َ ِج َرا ٍ‬ ‫اف ا ْلبَنَ ِ‬ ‫يُ َخ ِم ْر َن أ َ ْط َر َ‬
‫س ِل َمةُ‪.‬‬‫ج‪َ :‬و َه َكذَا ا ْل َم ْرأَةُ ا ْل ُح َّرةُ ا ْل ُم ْ‬ ‫قَا َل ا ْل َح َّجا ُ‬
‫َو َد َّل قَ ْولُهُ‪ِ :‬لقُلُو ِب ُك ْم َوقُلُو ِب ِه َّن أ َ َّن ْاأل َ ْم َر ُمت َ َو ِجهٌ ِل ِر َجا ِل ْاألمة ولنساء‬
‫اء‪َ .‬وقَ ْد ألحق ِبأ َ ْز َواج‬ ‫س َو ِ‬ ‫علَى ال َّ‬ ‫سلَّ َم َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫النبيء َ‬
‫ازتِ َها َجعَلُوا‬ ‫اط َمةُ فَ ِلذَ ِلكَ لَ َّما َخ َر ُجوا بِ ِجنَ َ‬ ‫س َال ُم بِ ْنتُهُ فَ ِ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫النبيء َ‬
‫ت َج ْح ٍش فِي‬ ‫ب ِب ْن ِ‬ ‫علَى َز ْينَ َ‬ ‫علَ ْي َها قُبَّةً َحتَّى دفنت‪َ ،‬و َكذَ ِلكَ جعلت قُبَّةٌ َ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ع َم َر ْب ِن ا ْل َخ َّ‬
‫طا ِ‬ ‫ِخ َالفَ ِة ُ‬
‫َّللا َوال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫كان لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬ ‫َوما َ‬
‫َّللا ع َِظيماً‪.‬‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬ ‫أَبَدا ً إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫صلَّى هللاُ‬ ‫ث فِي بيُوت النبيء َ‬ ‫ان النَّ ْهي ِ ع َِن ا ْل ُم ْك ِ‬ ‫لَ َّما ِجي َء فِي بَيَ ِ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫يء َ‬ ‫سلَّ َم ِبأَنَّهُ يُ ْؤ ِذ ِي ِه أُتْ ِب َع ِبالنَّ ْهي ِ ع َْن أَذَى النَّ ِب ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫َ‬
‫ين ا ْل ُم ْفتَتَحِ بِ ِخ َطابِ ِه ْم آيَةُ‪:‬‬ ‫اب فِي لَ ُك ْم ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫سلَّ َم نَ ْهيًا عَا ًما‪ ،‬فَا ْل ِخ َط ُ‬ ‫َو َ‬
‫يَا أَيُّ َها‬
‫ِين آ َمنُوا َال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ‬ ‫الَّذ َ‬
‫النبيء إِ َّال أ َ ْن يُ ْؤذَ َن لَ ُك ْم ْاآليَةَ‪.‬‬
‫اض بَ ْي َن ُج ْملَ ِة‬ ‫او ِاال ْعتِ َر ِ‬ ‫علَى ُج ْملَ ٍة أ َ ْو ِه َي َو ُ‬ ‫َاطفَةٌ ُج ْملَةً َ‬ ‫او ع ِ‬ ‫َوا ْل َو ُ‬
‫علَ ْي ِه َّن فِي آبائِ ِه َّن‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمتاعا ً َو ُج ْملَ ِة َال ُجنا َح َ‬ ‫َو ِإذا َ‬
‫[األ َ ْح َزاب‪. ]55 :‬‬ ‫ْ‬
‫كان لَ ُك ْم نَ ْف ٌي‬ ‫علَى ا ْل َح ْظ ِر ا ْل ُم َؤ َّك ِد ِأل َ َّن َما َ‬ ‫كان لَ ُك ْم َ‬ ‫َو َدلَّتْ ُج ْملَةُ َما َ‬
‫اء‬‫كان ِلتَأ ْ ِكي ِد ا ْنتِفَ ِ‬ ‫الال ُم‪َ ،‬و ِإ ْق َحا ُم فِ ْع ِل َ‬ ‫علَ ْي ِه َّ‬ ‫اق الَّذِي َدلَّتْ َ‬ ‫ستِ ْحقَ ِ‬ ‫ِل ِال ْ‬
‫ش َّد ِة الت َّ ْح ِر ِيم‪.‬‬ ‫الصيغَةُ ِم ْن ِصيَ ِغ ِ‬ ‫اْل ْذ ِن‪َ .‬و َه ِذ ِه ِ‬ ‫ِْ‬
‫ض َّمنَتْ َه ِذ ِه ْاآليَةُ ُح ْك َم ْي ِن‪:‬‬ ‫َوت َ َ‬
‫سلَّ َم‪َ ،‬و ْاألَذَى‪:‬‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬ت َ ْح ِري ُم أ َ ْن يُ ْؤذُوا َر ُ‬
‫سو ُءهُ‬ ‫قَ ْو ٌل يُقَا ُل لَهُ‪ ،‬أ َ ْو فِ ْع ٌل يُعَا َم ُل ِب ِه‪ِ ،‬م ْن شَأْنِ ِه أ َ ْن يُ ْغ ِضبَهُ أ َ ْو يَ ُ‬
‫ِلذَاتِ ِه‪.‬‬
‫ت آ ِنفًا‪َ .‬وا ْل َم ْعنَى‪ :‬أَن أَذَى النبيء‬ ‫َو ْاألَذَى تَقَ َّد َم ِفي أ َ َّو ِل َه ِذ ِه ْاآليَا ِ‬
‫ث‬‫اب الثَّا ِل َ‬ ‫ظ ِر ا ْلبَ َ‬ ‫ين‪َ .‬وا ْن ُ‬ ‫علَى ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫ور َ‬ ‫ظ ٌ‬ ‫س َالم َم ْح ُ‬ ‫ص َالة َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫َ‬
‫اض‪.‬‬ ‫اء» ِل ِعيَ ٍ‬ ‫الشفَ ِ‬ ‫ب« ِ‬ ‫س ِم الثَّانِي ِم ْن ِكتَا ِ‬ ‫ِم َن ا ْلقَ ْ‬
‫علَى‬ ‫سلَّ َم َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬‫سو ِل َّ ِ‬ ‫اج َر ُ‬ ‫َوا ْل ُح ْك ُم الثَّانِي‪ :‬ت َ ْح ِري ُم أ َ ْز َو ِ‬
‫النَّاس بقوله تَعَالَى‪َ :‬وال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْزوا َجهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَدا ً َو ُه َو‬
‫ف فِي قَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫سا ِل ِ‬ ‫ين ال َّ‬ ‫اج ِه ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫ير ِل ُح ْك ِم أ ُ ُمو َم ِة أ َ ْز َو ِ‬ ‫ت َ ْق ِر ٌ‬
‫[األ َ ْح َزاب‪. ]6 :‬‬ ‫َوأ َ ْزوا ُجهُ أ ُ َّمهات ُ ُه ْم ْ‬
‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‪ِ :‬م ْن َها أ َ َّن َر ُج ًال قَا َل‪ :‬لَ ْو‬ ‫سب َ ِ‬‫َوقَ ْد ُح ِكيَتْ أ َ ْق َوا ٌل فِي َ‬
‫ع ْنهُ فَ ِقي َل‪:‬‬ ‫س َم ٍع ِم َّم ْن نَقَلَهُ َ‬ ‫َماتَ ُم َح َّم ٌد ت َ َز َّو ْجتُ عَا ِئشَة‪ ،‬أَي قَالَه ِب َم ْ‬
‫ين َو َهذَا ُه َو ا ْل َم ْظنُونُ بِقَائِ ِل ذَ ِلكَ ‪َ .‬وقِي َل‪ُ :‬ه َو‬ ‫الر ُج ُل ِم َن ا ْل ُمنَافِ ِق َ‬ ‫َهذَا َّ‬
‫س ِه‪ ،‬قَالَهُ ا ْلقُ ْر ُ‬
‫ط ِب ُّي‪.‬‬ ‫ين‪ ،‬أَي خطر لَهُ ذَ ِلكَ فِي نَ ْف ِ‬ ‫ِم َن ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫َّللا‪.‬‬
‫عبَ ْي ِد َّ ِ‬ ‫اس َوع َْن ُمقَاتِ ٍل أَنَّهُ َط ْل َحةُ ْبنُ ُ‬ ‫عبَّ ٍ‬ ‫َوذَك َُروا ِر َوايَةً ع َِن ا ْب ِن َ‬
‫شيًا‬ ‫اب َو َكفَّ َر بِا ْل َحجِ َما ِ‬ ‫اس‪ :‬كَانَتْ َه ْف َوةٌ ِم ْنهُ َوت َ َ‬ ‫عبَّ ٍ‬‫َوقَا َل ا ْبنُ َ‬
‫اس أ َ ْو‬ ‫عش ََر ِة أ َ ْف َر ٍ‬ ‫علَى َ‬ ‫َّللا َ‬‫سبِي ِل َّ ِ‬ ‫ير ٍة َو َح َم َل فِي َ‬ ‫ب َكثِ َ‬ ‫اق ِرقَا ٍ‬ ‫َو ِب ِإ ْعت َ ِ‬
‫علَى َط ْل َحةَ َو َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫أ َ ْب ِع َر ٍة‪َ .‬وقَا َل ا ْبنُ ع َِطيَّةَ‪َ :‬هذَا ِع ْندِي َال يَ ِص ُّح َ‬
‫ُور ا ْلقَ ْو ِل ِم ْنهُ فَأ َ َّما إِ ْن‬ ‫صد ِ‬ ‫علَى َظا ِه ِر ُ‬ ‫َاص ُمهُ ِم ْن ذَ ِلكَ ‪ ،‬أ َ ْي إِ ْن ُح ِم َل َ‬ ‫ع ِ‬
‫ير قَ ْلبَهُ‬ ‫ش ْي َطانِ ٌّي أ َ َرا َد ت َ ْط ِه َ‬ ‫اط ٌر َ‬ ‫س ِه فَذَ ِلكَ َخ ِ‬ ‫َان َخ َط َر لَهُ ذَ ِلكَ فِي نَ ْف ِ‬ ‫ك َ‬
‫شكَّ أَنَّهُ ِم ْن‬ ‫ص َّح ذَ ِلكَ ‪َ .‬وأَقُو ُل‪َ :‬ال َ‬ ‫ت الَّتِي أ َ ْع َطا َها ِإ ْن َ‬ ‫ارا ِ‬ ‫فِي ِه ِبا ْل َكفَّ َ‬
‫َّللا‪َ .‬و َه ِذ ِه ْاأل َ ْخبَ ُ‬
‫ار‬ ‫عبَ ْي ِد َّ ِ‬ ‫ون فِي َط ْل َحةَ ْب ِن ُ‬ ‫ِين يَ ْطعَنُ َ‬ ‫ت الَّذ َ‬ ‫َم ْوضُوعَا ِ‬
‫َان قَا َل ذَ ِلكَ‬ ‫اض َحةٌ فَ ِإ َّن َط ْل َحةَ إِ ْن ك َ‬ ‫ض ِع َو ِ‬ ‫سانِي ِد َود ََالئِ ُل ا ْل َو ْ‬ ‫َوا ِهيَةُ ْاأل َ َ‬
‫ف يَتَفَ َّر ُد ِب ِر َوايَتِ ِه َم ِن ا ْنفَ َردَ‪.‬‬ ‫اس فَ َك ْي َ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫سانِ ِه لَ ْم يَك ُْن ِليَ ْخفَى َ‬ ‫ِب ِل َ‬
‫علَى‬ ‫طلَ َع َ‬ ‫س ِه َولَ ْم يَت َ َكلَّ ْم ِب ِه فَ َم ْن ذَا الَّذِي ا َّ‬ ‫َان َخ َط َر ذَ ِلكَ ِفي نَ ْف ِ‬ ‫َو ِإ ْن ك َ‬
‫َما‬
‫ب‪ .‬فَ ِإ ْن ك َ‬
‫َان‬ ‫سب َ ٌ‬ ‫ُون ِلنُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآليَ ِة َ‬ ‫س بِ ُمتَعَ ِي ٍن أ َ ْن يَك َ‬ ‫فِي قَ ْل ِب ِه‪َ ،‬ولَ ْي َ‬
‫ين ِل َما يُ ْؤ ِذنُ ِب ِه قَ ْولُهُ تَعَالَى‬ ‫ض ا ْل ُمنَا ِف ِق َ‬ ‫شكَّ أَنَّهُ قَ ْو ُل بَ ْع ِ‬ ‫ب فَ َال َ‬ ‫سب َ ٌ‬ ‫لَ َها َ‬
‫ض‬ ‫ِين فِي قُلُو ِب ِه ْم َم َر ٌ‬ ‫ون َوالَّذ َ‬ ‫ت لَئِ ْن لَ ْم يَ ْنت َ ِه ا ْل ُمنافِقُ َ‬ ‫ب َه ِذ ِه ْاآليَا ِ‬ ‫ع ِق َ‬ ‫َ‬
‫زواج‬ ‫ت ْاآليَةُ أ َ َّن ُح ْك َم أمومة أ َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫[األ َ ْح َزاب‪ْ ]60 :‬اآليَةَ‪َ .‬و ِإنَّ َما ش ََر َ‬ ‫ْ‬
‫ين ُح ْك ٌم دَا ِئ ٌم ِفي َحيَاة النبيء‬ ‫سلَّ َم ِل ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫النبيء َ‬
‫يح‬
‫ص ِر ِ‬ ‫علَى الت َّ ْ‬ ‫ص َر ُهنَا َ‬ ‫س َال ُم أ َ ْو ِم ْن بَ ْع ِد ِه َو ِلذَ ِلكَ ا ْقت َ َ‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫َ‬
‫ِبأَنَّهُ ُح ْك ٌم ثَا ِبتٌ ِم ْن بَ ْعدُ‪،‬‬
‫ع ِل َم ِم ْن قَ ْو ِل ِه‪َ :‬وأ َ ْزوا ُجهُ أ ُ َّمهات ُ ُه ْم‬ ‫ِأل َ َّن ثُبُوتَ ذَ ِلكَ فِي َحيَاتِ ِه قَ ْد ُ‬
‫[األ َ ْح َزاب‪. ]6 :‬‬ ‫ْ‬
‫س َال ُم ت ُ ِع ِينُ‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫ضافَةُ ا ْلبَ ْع ِديَّ ِة إِلَى ضمير ذَات النبيء َ‬ ‫َوإِ َ‬
‫ضافَ ِة‬ ‫اْل َ‬ ‫ستِ ْع َما ِل ِمثْ ِل َه ِذ ِه ْ ِ‬ ‫أ َ َّن ا ْل ُم َرا َد بَ ْع َد َحيَاتِ ِه َك َما ُه َو الشَّائِ ُع فِي ا ْ‬
‫صلَّى‬ ‫ق ِأل َن َط َالق النبيء َ‬ ‫ط َال ِ‬ ‫ص َم ِت ِه ِم ْن نَ ْح ِو ال َّ‬ ‫س ا ْل ُم َرا ُد بَ ْع َد ِع ْ‬ ‫فَلَ ْي َ‬
‫غ ْي ُر ُم ْحت َ َم ٍل ش َْرعًا ِلقَ ْو ِل ِه‪َ :‬وال أ َ ْن تَبَ َّد َل بِ ِه َّن‬ ‫سلَّ َم أ َ ْز َوا َجهُ َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫هللاُ َ‬
‫[األ َ ْح َزاب‪. ]52 :‬‬ ‫واج ْ‬ ‫ِم ْن أ َ ْز ٍ‬
‫ف‬ ‫ع ُمو ُمهُ ِب َظ ْر ِ‬ ‫علَ ْي ِه‪ ،‬ث ُ َّم أ ُ ِك َد ُ‬ ‫الزائِ َد ِة َ‬ ‫ف (بَ ْعدُ) ِب ِإ ْد َخا ِل ِم َن َّ‬ ‫َوأ ُ ِك َد َظ ْر ُ‬
‫س ُخ ث ُ َّم ِزي َد ذَ ِلكَ تَأ ْ ِكيدًا َوت َ ْحذ ً‬
‫ِيرا‬ ‫أَبَدا ً ِليُ ْعلَ َم أ َ َّن ذَ ِلكَ َال يَت َ َط َّرقُهُ النُّ َ‬
‫ون‬‫ض ُم ِ‬ ‫اف ُم َؤ ِك ٌد ِل َم ْ‬ ‫ستِئْنَ ٌ‬ ‫َّللا ع َِظيماً‪ ،‬فَ ُه َو ا ْ‬ ‫كان ِع ْن َد َّ ِ‬ ‫ِبقَ ْو ِل ِه‪ :‬إِ َّن ذ ِل ُك ْم َ‬
‫َّللا‪.‬‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫كان لَ ُك ْم أ َ ْن ت ُ ْؤذُوا َر ُ‬ ‫ُج ْملَ ِة َوما َ‬
‫سلَّ َم‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َارةُ إِلَى َما ذُ ِك َر من إِيذَاء النبيء َ‬ ‫اْلش َ‬ ‫َو ْ ِ‬
‫اج ِه‪ ،‬أ َ ْي ذَ ِل ُك ُم ا ْل َم ْذك ُ‬
‫ُور‪.‬‬ ‫ج أ َ ْز َو ِ‬ ‫َوت َ َز ُّو ِ‬
‫اْلثْ ِم َوا ْل َج ِري َم ِة ِبقَ ِرينَ ِة ا ْل َمقَ ِام‪.‬‬ ‫َوا ْلعَ ِظي ُم ُهنَا فِي ْ ِ‬
‫يف ِألَنَّهُ ع َِظي ٌم فِي‬ ‫َّللا ِللت َّ ْه ِوي ِل َوالت َّ ْخ ِو ِ‬ ‫َوت َ ْقيِي ُد ا ْلعَ ِظ ِيم بِك َْونِ ِه ِع ْن َد َّ ِ‬
‫ج أ َ َح ِد ا ْل ُم ْ‬ ‫ُ‬
‫ساء النبيء‬ ‫ين إِ ْحدَى ن َ‬ ‫س ِل ِم َ‬ ‫ع ِة‪َ .‬و ِعلَّة ك َْو ِن ت َ َز َّو ِ‬ ‫شنَا َ‬ ‫ال َّ‬
‫ساء‬ ‫َّللاَ جعل ن َ‬ ‫َّللا‪ ،‬أ َ َّن َّ‬ ‫سلَّ َم ِإثْ ًما ع َِظي ًما ِع ْن َد َّ ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َ‬
‫ضى ذَ ِلكَ أ َ َّن‬ ‫ين فَا ْقت َ َ‬ ‫ت ِل ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫س َال ُم أ ُ َّم َها ٍ‬ ‫ص َالةُ َوال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫النبيء َ‬
‫ج ا ْل َم ْر ِء أ ُ َّمهُ‪َ ،‬وذَ ِلكَ إِثْ ٌم‬ ‫ين إِ ْحدَا ُه َّن لَهُ ُح ْك ُم ت َ َز ُّو ِ‬ ‫س ِل ِم َ‬ ‫ت َ َز ُّو َج أ َ َح ِد ا ْل ُم ْ‬
‫ع َِظي ٌم‪.‬‬
‫اء‬
‫س ِ‬ ‫الن َ‬ ‫ص ِب ِ‬ ‫َوا ْعلَ ْم أَنَّهُ لَ ْم يَتَبَيَّ ْن َه ِل الت َّ ْح ِري ُم الَّذِي ِفي ْاآليَ ِة يَ ْخت َ ُّ‬
‫سلَّ َم أ َ ْو ُه َو يَعُ ُّم ُك َّل‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫الالتِي بَنَى ِب ِه َّن َر ُ‬ ‫َّ‬
‫ستَعَاذَتْ ِم ْنهُ فَقَا َل لَ َها‪:‬‬ ‫علَ ْي َها ِمثْ َل ا ْل ِك ْن ِديَّ ِة الَّتِي ا ْ‬ ‫عقَ َد َ‬ ‫ام َرأ َ ٍة َ‬ ‫ْ‬
‫ع َم َر ْب ِن‬ ‫ث ْبنُ قَ ْي ٍس ِفي َز َم ِن ُ‬ ‫شع َ ُ‬ ‫ا ْل َح ِقي ِبأ َ ْه ِل ِك‪ ،‬فَت َ َز َّو َج َها ْاأل َ ْ‬
‫ث‬ ‫شع َ ُ‬ ‫ت قَ ْي ٍس ا ْل َك ْلبِيَّ ِة الَّتِي َز َّو َج َها أ َ ُخو َها ْاأل َ ْ‬ ‫ب‪َ .‬و ِمثْ َل قُت َ ْيلَةَ ِب ْن ِ‬ ‫طا ِ‬ ‫ا ْل َخ َّ‬
‫سلَّ َم ث ُ َّم َح َملَ َها َمعَهُ ِإلَى‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫ْبنُ قَ ْي ٍس ِم ْن َر ُ‬
‫َّللا قَ ْب َل قُفُو ِل ِه َما فَت َ َز َّو َج َها ِع ْك ِر َمةُ ْبنُ أ َ ِبي‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ض َر َم ْوتَ فَت ُ ُو ِف َي َر ُ‬ ‫َح ْ‬
‫َّللا لَ ْم يَ ْد ُخ ْل‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫ع َم ُر‪ :‬إِ َّن َر ُ‬ ‫َج ِه ٍل َوأ َ َّن أَبَا بَ ْك ٍر َه َّم ِب ِعقَا ِب ِه فَقَا َل لَهُ ُ‬
‫ِب َها‪.‬‬
‫ض ِعيفَةٌ‪َ .‬والَّذِي ِع ْندِي أ َ َّن ا ْل ِبنَا َء َوا ْلعَ ْق َد‬ ‫ب َ‬ ‫َوا ْل َم ْر ِويَّاتُ فِي َهذَا ا ْلبَا ِ‬
‫ان ُم ْقت َ َرنَ ْي ِن‬ ‫كَانَا يَكُونَ ِ‬
‫س ُّمونَهُ ت َ ْز ِوي ًجا فَ ِإنَّ َما ُه َو ُم َرا َكنَةٌ َو َو ْعدٌ‪،‬‬ ‫ق ا ْل ِبنَا َء ِم َّما يُ َ‬ ‫س ِب ُ‬ ‫َوأ َ َّن َما يَ ْ‬
‫َويَ ُد ُّل ِلذَ ِلكَ َما‬
‫علَ ْي َها‬ ‫َّللا لَ َّما أ ُ ْح ِض َرتْ إِلَ ْي ِه ا ْل ِك ْن ِديَّةُ َو َد َخ َل َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫ص ِحيحِ أ َ َّن َر ُ‬ ‫فِي ال َّ‬
‫عقَ َد‬ ‫س ِك (أ َ ْي ِليَ ْعلَ َم أَنَّ َها َر ِضيَتْ ِب َما َ‬ ‫َّللا فَقَا َل لَ َها‪َ :‬ه ِبي ِلي نَ ْف َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫سوقَ ٍة أَعُوذُ ِب َّ ِ‬
‫اّلِل‬ ‫س َها ِل ُ‬ ‫ب نَ ْف َ‬ ‫َان ِل َم ِل َك ٍة أ َ ْن ت َ َه َ‬ ‫لَ َها َو ِليُّ َها) فَقَالَتْ ‪َ :‬ما ك َ‬
‫ت ِب ُمعَا ٍذ‬ ‫ستَعَ ْذ ِ‬ ‫ِم ْنكَ ‪ .‬فَقَا َل لَ َها‪ :‬لَقَ ِد ا ْ‬
‫علَى أ َ َّن ا ْلعَ ْق َد‬ ‫ج ِب َها دَا ٌّل َ‬ ‫ع ع َِن الت َّ َز ُّو ِ‬ ‫ق َولَ ِكنَّهُ ُر ُجو ٌ‬ ‫س ِب َط َال ٍ‬ ‫‪ .‬فَذَ ِلكَ لَ ْي َ‬
‫َّللاِ‬‫سو َل َّ‬ ‫ع َم َر ِأل َ ِبي بَ ْك ٍر أ َ ْو قَ ْو ُل َم ْن قَا َل ِلعُ َم َر‪ :‬إِ َّن َر ُ‬ ‫لَ ْم يَقَ ْع َوأ َ َّن قَ ْو َل ُ‬
‫ع ِن ا ْلعَ ْقدِ‪.‬‬ ‫لَ ْم يَ ْد ُخ ْل ِب َها ُه َو ِكنَايَةٌ َ‬
‫علَ ْي ِه‬‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫علَ ْي َها النَّ ِبي ُء َ‬ ‫عقَ َد َ‬ ‫ج َم ْن َ‬ ‫َوع َِن الشَّا ِف ِعي ِ ت َ ْح ِري ُم ت َ َز ُّو ِ‬
‫علَى الَّتِي‬ ‫اص ٌر َ‬ ‫الرافِ ِع ُّي أ َ َّن الت َّ ْح ِري َم قَ ِ‬‫سلَّ َم‪َ .‬و َر َج َع إِ َما ُم ا ْل َح َر َم ْي ِن َو َّ‬ ‫َو َ‬
‫ضافَةَ فِي قَ ْو ِل ِه‪ :‬أ َ ْزوا َجهُ ِب َم ْعنَى َال ِم‬ ‫اْل َ‬ ‫علَى أَنَّهُ يَ ْظ َه ُر أ َ َّن ْ ِ‬ ‫َد َخ َل ِب َها‪َ .‬‬
‫ا ْلعَ ْهدِ‪ ،‬أَي ِ ْاأل ْز َواج الالئي َجا َءت فِي شَأ ْ ِن ِه َّن َه ِذ ِه ْاآليَاتُ ِم ْن قَ ْو ِل ِه‪:‬‬
‫الال ِء ثَبَتَ لَ ُه َّن ُح ْك ُم‬ ‫[األ َ ْح َزاب‪ ]52 :‬فَ ُه َّن َّ‬ ‫َال يَ ِح ُّل لَكَ النِسا ُء ِم ْن بَ ْع ُد ْ‬
‫ْاأل ُ َّم َهاتِ‪.‬‬
‫علَ ْي ِه عمل‪.‬‬ ‫سأَلَ ِة ُم َج َّر ُد تَفَقُّ ٍه َال يُ ْبنَى َ‬ ‫ث فِي َه ِذ ِه ا ْل َم ْ‬ ‫َوبَ ْع ُد فَ ِإ َّن ا ْلبَ ْح َ‬

You might also like