Professional Documents
Culture Documents
تعريف علم الرجال :هو علم يبحث فيه عن أحوال الرجال وعن أوطاهنم ورحالهتم وطبقاهتم ومراتبهم
ومواليدهم ووفياهتم وما ورد فيهم من جرح أو تعديل.
هذا العلم من العلوم املتعلقة باحلديث النبوي فال بد أوال من تقسيم احلديث حىت يتضح ما يتعلق بعلم
الرجال و ما يتعلق بعلم اجلرح والتعديل.
السند هو :الطريق املوصل إىل املنت وهو سلسلة الرواة الذين نقلوا إلينا األحاديث.
المتن هو :ما ينتهي إليه السند من الكالم أو هو الكالم نفسه ،قوال كان أو فعال أو تقريرا.
هذه املادة أي علم الرجال وقواعد اجلرح والتعديل متعلقة باجلزء األول وهو اإلسناد وأما اجلزء الثاين وهو
املنت مع أننا ال نستغين عن دراسته وتقييمه وعن معرفة صحيحه عن سقيمه لكن ذاك علم آخر وهو
اجلانب الدرائي النقدي التحليلي للمنت وال بد من حتليل املنت وحماولة فهمه ليعرف هل هو يطابق أصول
الشريعة أم خيالفها؟ وهل حيمل على ظاهره أو حيتاج إىل التأويل؟ وجمال هذا كله األصول والفقه وأيضا
احلديث ألن احملدثني يبحثون عن املنت أيضا ولكن الغالب عليهم هو البحث عن اإلسناد ألن هذا أول
شيء حنن نرجع إليه يف معرفة احلديث صحة وضعفا مثال حينما نسمع احلديث" :إن أبغض الرجال على
اهلل األلد اخلصم" ،قبل أن حنكم أو نصدر حكما على احلديث حسب عقولنا ،حنن حنتاج أن نرجع إىل
من روى هذا احلديث فإذا عرفنا السند وعرفنا أن هذا السند متصل ومل يكن يف رواته من هو ضعيف ،إذا
ننتقل إىل اخلطوة الثانية وهي املنت فنحاول أن نعرف املنت فإذا هناك مشكلة أو تعارض مع القرآن الكرمي
أو مع السنة املتواترة أو أحاديث أخرى عندئذ ننتقل إىل مرحلة أخرى وهي مرحلة اجلمع أو النسخ أو
الرتجيح أو التوقف ،املراحل اليت هي معروفة عند العلماء فاإلسناد هو األساس فنحن ال نشتغل بكل كالم
أوال نتأكد هل من كالم النيب صلى اهلل عليه وسلم أم ال فإذا عرفنا أنه ليس كالما له وليس هلذا الكالم
1
أو القول سند أو أنه موضوع فال نشتغل به وال حاجة إىل التوفيق بينه وبني أصول الشريعة ،فاإلسناد مبثابة
اجلدران واألعمدة واملنت مبنزلة السقف فال يقوم السقف إال باجلدران أو األعمدة فاإلسناد عبارة عن الرواة
والرجال الذين رووا كالم النيب صلى اهلل عليه وسلم وفعله وتقريره فال نعرفهم ألننا تعتمد عليهم يف كالم
النيب صلى اهلل عليه وسلم ومن هنا تظهر لنا أمهية اإلسناد.
ويف أمهية اإلسناد يقول عبد اهلل بن مبارك" :اإلسناد من الدين ،ولوال اإلسناد لقال من شاء ما شاء" يعين
إن مل يكن اإلسناد كل واحد يرسل الكالم ويقول يف الدين أشياء غري مرضية ،إذا فاإلسناد من الدين
وهلذا كان العلماء يقولون من قدمي" :إذا كنت مدعيا فالدليل" يعين إذا كنت تتدعي شيئا ال بد وأن تأيت
بالدليل وإذا كنت تنقل شيئا ال بد أن تتأكد من صحته.
و اإلهتمام باإلسناد بدأ مبكرا وكان هذا يف زمن الصحابة رضي اهلل عنهم كما روى مسلم بسنده عن
ابن سريين قال :مل يكونوا يسألون (أي الصحابة وكبار التابعني) عن اإلسناد حىت وقعت الفتنة (أي فتنة
مقتل عثمان رضي اهلل عنه) فلما وقعت الفتنة قالوا :مسوا لنا رجالكم .فينظر إىل أهل السنة فيؤخذ
حديثهم ،وينظر إىل أهل البدع ،فال يؤخذ حديثهم .فاإلسناد بدأ مبكرا مع وقوع فتنة مقتل عثمان ويف
هذه الفرتة كثري من الصحابة وكبار التابعني هم الذين كانوا يسألون عن اإلسناد وهذا يدل أن قبل ذلك
مل يكونوا يسألون عن اإلسناد ألن الناس كانوا معروفني بالصدق واألمانة وكانوا عدول ال يتعمدون الكذب
على النيب صلى اهلل عليه وسلم وهم خري القرون ومل يكن هناك كذب و ال داعي لذكر الصحايب وال ذكر
من مسع من الصحابة وأما بعد وقوع الفتنة تدخلت األهواء ونشأت الفرق وكل حزب مبا لديهم فرحون
وكل فرقة حتتاج إىل دليل على ما عندها ورمبا ال جتد هذا الدليل بالتأويل يف القرآن فتلجأ إىل السنة فيخرتع
من عنده شيئا وينصبه دليال وينشره يف الناس تأييدا ملذهبه أو رأيه الذي يراه فإذا هناك قل الورع واالحتياط
فلذلك بدأ الصحابة وكبار التابعني حيتاطون يف رواية احلديث مع أن االحتياط كان موجودا من قبل أيضا
حنن نعرف أن أبا بكر رضي اهلل عنه يف مسئلة مرياث اجلدة ملا جاء حممد بن مسلمة وقال أعطاها النيب
2
صلى اهلل عليه وسلم ،طلب أبوبكر منه شاهدا وأيضا أبوموسى األشعري ملا ذهب عند عمر بن اخلطاب
رضي اهلل عنه ودق الباب ثالثا ومل يُفتح رجع وملا سئله عمر عن رجوعه قال :االستئذان ثالثة ،فقال:
لتأتني مبن يشهد على ذلك أو أوجعت ظهرك ضربا وجاء أبوسعيد اخلدري وهو أصغر الصحابة يف اجمللس
وشهد أنه مسع عن البين صلى اهلل عليه وسلم وكان علي رضي اهلل عنه يستحلف-هذا من باب التأكد-
حىت ال يتجرأ أحد أن يتقول على النيب صلى اهلل عليه وسلم فظهر أن هذا التأكد واالحتياط والتثبت يف
الرواية كان موجودا حىت يف زمن الصحابة ،فالثبت والتأكد واالحتياط دائما يكون موجودا ولكنها بعد
الفتنة أكثر ألن هناك قد وجد ناس يكذبون ويضعون األحاديث تأييدا ملذاهبهم فكانوا يقولون بعد ذلك
مسوا لنا رجالكم.
ملاذا هذا التدقيق والتحقيق يف أمر اإلسناد؟ ألن العلم الذي ينقله إلينا هذا اإلسناد هو دين لنا ولذلك
ابن سريين نفسه يقول :إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ،فيمكن أن يتدخل فيه اهلواء
وغريه ما ال يتدخل يف علوم أخرى كالرياضيات ،والفزياء واهلندسة وغريها فال بد من التأكد والتثبت فيه
والتألد من صفات الرواة وأحواهلم مسي بعلم الرجال أو علم الرواة وهذا العلم بدوره يتكون من جزئني :
قبل استقرار املصطالحات مل يكن مصطلح علم الرجال معروفا مثال زمن اإلمام البخاري وقبله وابن سعد
وخليفة بن خياط وغريهم من املؤلفني األوائل وهؤالء ما مسوا كتبهم بكتب علم الرجال وهذا املصطلح مل
يكن مشهورا ومعروفا ولذلك اإلمام البخاري يكتب كتابا امسه التاريخ الكبري والتاريخ الصغري وكل هذا يف
تاريخ الرواة وليس كأمم امللوك للطربي أو البداية والنهاية البن كثري وغريها وليس هو التاريخ العام بل هو
التاريخ اخلاص برواة احلديث مع هذا مساه تارخيا فيختلف هذا التاريخ عن التاريخ العام والتاريخ العام
يتحدث عن امللوك واحلروب واألحداث الكبرية املاضية واألسفار وما إىل ذلك بال نقد وال حتليل وأما
التاريخ اخلاص وهو تاريخ الرواة وهو تاريخ دقيق يتحدث عن املواليد والوفيات والرحالت والشيوخ والتالميذ
3
واملؤلفات وعلى هذا األساس حنن حنكم على احلديث ولذلك التاريخ سالح كبري ملعرفة الصدق والكذب
وحىت هذا الشيء جنده يف اإلسناد كما قال سفيان الثوري رمحه اهلل" :اإلسناد سالح املؤمن ،فإذا مل يكن
معه سالح ،فبأي شيء يقاتل؟" فالتاريخ مميز كبري بني الصدق والكذب مثال كان يف عهد اخلطيب
البغدادي يف سنة (444هـ=1511م) قد أظهر بعض اليهود كتابًا ادعوا فيه أنه كتاب رسول اهلل -صلى
اهلل عليه وسلم -بإسقاط اجلزية عن أهل خيرب ،وفيه شهادات الصحابة ،وذكروا أن خط علي فيه ،فلما
مزور؛
أُرسل الكتاب إىل وزير اخلليفة القائم بأمر اهلل ،عرضه على اخلطيب البغدادي ،فتأمله مث قال :هذا َّ
فلما قيل له :كيف عرفت ذلك؟ قال :من شهادة معاوية؛ فهو أسلم عام الفتح سنة ( 8هـ= 926م)،
وفُتحت خيرب يف سنة (4هـ= 928م) ،وفيه شهادة سعد بن معاذ ،وقد مات يوم بين قريظة قبل خيرب
بسنتني ،فاستحسن الوزير ذلك من اخلطيب ،ومل ُُيزهم الوزير على ما جاء يف الكتاب ،وأخذ منهم اجلزية.
فالتاريخ فعال كما يسمى ميزان وحمك ولكن حيتاج إىل التدقيق والتحقيق والنقد ألن التاريخ اآلن عندنا
أشياء خمتلطة فيحتاج إىل التحليل والنقد ألن بعض التواريخ قد كتب على هوى امللوك ومدحهم والتقرب
إليهم فمثال املتنيب يقول لسيف الدولة:
مام"
َنت الغَ ُ
الرىب َوأ َ
بت ُ عت أَيـُّ َهذا اهلُ ُ
مام ** َحن ُن نَ ُ َزم َ
َين أ َ
أَ
ويقول أحد املنافقني عثمان أمني املصري :
واإلسناد خصيصة هلذه األمة مل تكن يف أمة من األمم األخرى و هذا فضل من اهلل هلذه األمة وإجناز
لوعده حبفظ دينه .قال أبو حامت الرازي رمحه اهلل" :مل يكن يف أمة من األمم منذ خلق اهلل آدم أمناءُ
حيفظون آثار الرسل إال يف هذه األمة" ،ويف رواية" :أمة حيفظون آثار نبيهم غري هذه األمة" ،فقال له رجل:
يا أبا حامت ،رمبا َرَووا حديثًا ال أصل له وال يصح؟ فقال" :علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم؛ فروايتهم
ذلك للمعرفة؛ ليتبني ملن بعدهم أهنم ميزوا اآلثار وحفظوها"
و اإلسناد هو الطريق إىل معرفة أحكام الشريعة ،قال عبداهلل بن املبارك رمحه اهلل" :اإلسناد من الدين ،ولوال
اإلسناد لقال َمن شاء ما شاء"
أمر دينه بال إسناد ،كمثل الذي يرتقي السطح بال سلم"
أيضا" :مثل الذي يطلب َ
وقال ً
وقال حيىي بن سعيد القطان رمحه اهلل" :ال تنظروا إىل احلديث ،ولكن انظروا إىل اإلسناد؛ فإن صح اإلسناد،
وإال فال تغرتَّ باحلديث إذا مل يصح اإلسناد "
وقال الشافعي :مثل الذي يطلب احلديث بال إسناد كمثل حاطب ليل حيمل حزمة احلطب ،فيها أفعى
تلدغه وهو ال يدري.
ويف هذا كله دليل على أنه كيف اهتم الصحابة ومن بعدهم ِبذا األمر وسدوا باب الوضع والزيادة يف
الدين ورد على أعداء اإلسالم من املستشرقني مثل شاخت الذي يقول :احلديث إنتاج جمتمع اإلسالمي،
والعلمانيني الذين افرتوا على األمة كذبا وقالوا اإلهتمام باإلسناد بدأ متأخرا ودخل يف الدين ما ليس منه.
5
التصنيف يف علم الرجال من اخلدمات العظيمة اليت قدمها العلماء حلفظ هذه الثروة احلديثية الدينية وصنفوا
هذا املوروث العظيم بطرق متعددة وأشهر وأبرز الطرق هي:
-1التصنيف على الطبقات :الطبقة متثل مجاعة متعاصرون مشرتكون يف املشايخ وأشهر املصنفات
فيه "الطبقات" حملمد بن سعد والطبقات خلليفة بن خياط.
-2التصنيف على السنين :أي سنوات وفاة الرواة فيذكر املصنف سنة وفاة الراوي ويرتجم له ويذكر
أخباره وأشهر ما صنف يف الوفيات "تاريخ اإلسالم" للذهيب ،و "وفيات األعيان" البن خلكان،
و"شذرات الذهب" البن محاد احلنبلي.
-3التصنيف على حروف المعجم :أي الكتب املرتبة على حسب حروف اهلجاء وأشهر ما صنف
على حروف املعجم:
-التاريخ الكبري للبخاري.
-هتذيب الكمال جلمال املزي.
-هتذيب التهذيب البن حجر.
-ميزان االعتدال للذهيب.
طبقات اإلسناد
اإلسناد كالسلم ،له حلقات كثرية واحللقة األوىل من سلم اإلسناد طبقة الصحابة رضي اهلل عنهم مث طبقة
التابعني مث تأيت طبقة أتباع التابعني مث تأيت زمن األئمة.
6
ملاذا هنتم مبعرفة الصحابة؟ وليس االهتمام مبعرفة أمساءهم فقط وإمنا مبعرفة سريهم ومبعرفة حياهتم من معرفة
مكان مواليدهم ومدة وكيفية صحبتهم مع النيب صلى اهلل عليه وسلم و الصحابة هم أول من رووا احلديث
وهم أساس اإلسناد ُيب أن نعرفهم ألنه:
-1ال نستطيع أن نعرف الثروة احلديثية من املسند واملرسل واملرفوع واملنقطع إال مبعرفة الطبقة األوىل
وال نستطيع أن نعرف القدوة النبوية إال ِبا كسرية النيب صلى اهلل عليه وسلم.
-2واألمر الثاين أن الصحابة قدوة لنا وحياهتم تفسري تطبيقي للشريعة والسنة النبوية ومنوذ عملي هلما
فال نستطيع أن نقتدي ِبم إال بعد معرفتهم وال ميكن لنا التعامل الصحيح يف العقائد ،والعبادات،
واملعامالت والشمائل واألخالق اإلسالمية إال عن طريقهم ألهنم صفوة األمة و ُأمنائها وحياهتم
كانت نقية من الكذب واخليانة والتزوير وما إىل ذلك من األعمال الرذيلة اليت تعترب جرحا ألصحاِبا
وهلذا أدخل كثري من احملدثني أدخلوا فعل الصحايب وقوله إذا مل يكن فيه جمال لالجتهاد وإذا مل
يكن الصحايب مشهورا بالرواية عن اإلسرائيليات يف حكم احلديث املرفوع.
-3معرفة سريهم تشجعنا على اإلمتثال بكتاب اهلل تعاىل و سنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم وتطبيقهما
على أنفسنا وعلى غرينا.
تعريف الصحابي
يصحب ،يقال صحب فالنا ساعة أو يوما أو شهرا أو سنة هذا يف اإلطالق
ُ صحب
َ الصحايب يف اللغة من
اللغوي ولكن العرف يقيد املصطالحات فيعطي هلا معىن خاصا فالصاحب ال يطلق إال على من كثرت
صحبته ملصحوبه أو طالت صحبته حىت أطلع على مناقبه ومثالبه وعلى خلقه ومزاجه.
وبعض العلماء كسيب بن املسيب أخذ ِبذا التعريف العريف وطبقه على الصحايب ويروى عنه أنه قال :أن
الصحايب من صحب النيب صلى اهلل عليه وسلم سنة أو شهرا أو غزا معه غزوة أو غزوتني .رواه الواقدي
يف املغزي وأما احملدثون انتقدوا هذه رواية وقالوا :الواقدي ال يعتمد عليه يف احلديث وضعفوه مع أنه معتمد
يف السرية والتاريخ ألن هذا التعريف خيرج كثريا من الصحابة من مسمى الصحبة من الذين كانوا أطفاال
7
أو كانوا صغارا أو الزائرين الوافدين الذين يأتون إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم ويقضون يف املدينة عدة أيام
مث يذهبون أو الذين مل خيرج معه يف الغزوات أصال مع أن كثريا من املؤلفني كابن عبد الرب وابن حجر
وابن األثري وابن سعد وخليفه بن خياط عدوا هؤالء من الصحابة.
ولذلك قال اإلمام أمحد واإلمام البخاري :كل مسلم رأى النيب وصحبه .سواء كانت الصحبة طويال أو
قصريا شهرا أو ساعة وهذا يكفي يف إطالق اسم الصحايب عليه.
قال اإلمام ابن حجر :هو كل من لقي النيب صلى اهلل عليه وسلم مؤمنا به ومات على اإلسالم ولو ختللت
ردة.
هذا هو التعريف اجلامع للصحايب ووافق عليه الشافعية واحملدثون وخالفه احلنفية واملالكية ألهنم حكموا
العقل وقالوا إن الردة بعد اإلميان يهدم ما قبله من اإلميان والصحبة كما أن اإلسالم يهدم ما قبله من
الكفر فلم يبق من اإلميان بالنيب صلى اهلل عليه وسلم والصحبة معه بالردة.
طبقات الصحابة
8
-15املهاجرون بني احلديبية وفتح مكةز
-11مسلمة الفتح.
-12الصبيان واألطفال الذين رأوا النيب صلى اهلل عليه وسلم.
-1التواتر :أي الذين ثبت معرفتهم بالتواتر كاخللفاء الراشدين وبقية العشرة املبشرة باجلنة.
-2الشهرة واالستفاضة كضمام بن ثعلبة الذي اشتهر مبجئه إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم على رأس
الوقت.
-3شهادة أحد الصحابة :كحمحمة الذي شهد بصحبته أبو موسى األشعري رضي اهلل عنه.
-4إخبار التابعي بأن فالنا صحايب.
-1إخبار الرجل عن نفسه بعد ثبوت عدالته.
اآليات:
9
ص ُرو َن اللَّهَ
ين أُخر ُجوا من ديَارهم َوأَم َواهلم يَـبتَـغُو َن فَض ًال م َن اللَّه َورض َوانًا َويَـن ُ " -3لل ُف َقراء الم َهاجر َّ
ين الذ َ
َ َ ُ
اجَر إلَيهم َّار َواإلميَا َن من قَـبلهم ُحيبُّو َن َمن َه َ َّ َوَر ُسولَهُ أُولَئ َ
ين تَـبَـ َّوءُوا الد َ
الصادقُو َن (َ )8والذ َ
ك ُه ُم َّ
وق
اصة َوَمن يُ َص َ اجةً ممَّا أُوتُوا َويـُؤث ُرو َن َعلَى أَنـ ُفسهم َولَو َكا َن ِبم َخ َ
ص ُدورهم َح َ
َوَال َُي ُدو َن يف ُ
ك ُه ُم ال ُمفل ُحو َن" [احلشر 8/و]6 ُش َّح نَـفسه فَأُولَئ َ
وهم بإح َسان َرض َي اللَّهُ َعنـ ُهم َوَر ُ
ضوا َعنهُ ين اتـَّبَـعُ ُ الساب ُقو َن األ ََّولُو َن من الم َهاجرين واألَن َ َّ
صار َوالذ َ ََ َ ُ َ " -4و َّ
يم" [التوبة]155/
ك ال َفوُز ال َعظ ُ َع َّد َهلُم َجنَّات َجتري َحتتَـ َها األَنـ َه ُار َخالد َ
ين ف َيها أَبَ ًدا َذل َ َوأ َ
األحاديث:
-1عن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه ،قال :قال النيب صلى اهلل عليه وسلم« :ال تسبوا أصحايب،
فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ،ذهبا ما بلغ مد أحدهم ،وال نصيفه» .متفق عليه
-2عن عدي بن ثابت ،قال :مسعت الرباء حيدث عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال يف األنصار:
«ال حيبهم إال مؤمن ،وال يبغضهم إال منافق ،من أحبهم أحبه اهلل ومن أبغضهم أبغضه اهلل» متفق
عليه
أقوال العلماء:
-1قال اإلمام أمحد رمحه اهلل« :إذا رأيت رجالً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاهتمه على اإلسالم».
-2قال أبو زرعة الرازي رمحه اهلل« :إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم فاعلم أنه زنديق».
عدالة الصحابة
املراد بعدالة الصحابة رضي اهلل عنهم أهنم ال يتعمدون الكذب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهذه
ال تثبت هلم العصمة وال يعين أهنم ال خيطئون بل قد يصدر عنهم اخلطأ ولكن ال يعترب هذا جرحا هلم وإذا
أمجعوا على أمر ال ُيوز اختالفهم.
11
طبقة الثانية :طبقة التابعين
تعريف التابعي :هو من لقي الصحابة ،مؤمنا بالنيب صلى اهلل عليه وسلم ومات على اإلسالم.
هذا التعريف يشمل األطفال أيضا الذين لقوا الصحابة ولكن ال يكفي جمرد اللقاء لكونه تابعيا بل ال بد
من الصحبة وهذا قول البعض واجلمهور على أن اللقاء معترب يف ثبوت كونه تابعيا كما أنه معترب يف
الصحابة وإن مل يصحب مثال حممود بن ربيع كما قال :عقلت جمة جمها النيب صلى اهلل عليه وسلم وأنا
ابن أربع سنني والرواية يف البخاري .كانت هذه رشة رشها النيب صلى اهلل عليه وسلم على وجهه وهو ابن
أربع سنني ومل يصحبه صلى اهلل عليه وسلم وهو صحايب عند ابن حجر مبجرد هذا اللقاء وله رؤية عند
الذهيب.
وبعضهم قالوا :من بلغ من األطفال مخس سنني أو سبع سنني أو عشر سنني أو فرق بني البقر واحلمار
تقبل روايته ولكن التقييد بالسن ال يكون ضابطا ألن اإلدراك خيتلف لدى األطفال ورمبا طفل مخس
سنوات أعقل ممن هو عمره مخسني سنة.
فالذي لقى أو رأى الصحايب وهو مميز يعد تابعيا مثل األعمش وهو رأى أنسا يصلي خلف املقام وهو رآه
فقط وروى عنه ولكنه عد من صغار التابعني وعدد التابعني كبري وعصرهم تقريبا يف حدود سنة مخسني
ومائة من اهلجرة هذا هو آخر تاريخ وفاة أكثر التابعني وبعضهم تأخر وفاهتم كخلف بن اخلليفة املتوىف
سنة 181هـ وهو آخر التابعني موتا وهو يقول :كنت يف حجر أيب إذ مر رجل على بغل قيل هذا عمرو
بن عريس .يعين أنه رأى الصحايب وهذا يكفي يف أنه تابعي.
هناك مصطلح باسم املخضرم :يقال ملن أدرك عصرين فنقول من أدرك اجلاهلية واإلسالم فهو خمضرم وهذا
مبعىن أنه قضى شطرا من عمره يف اجلاهلية وشطرا يف اإلسالم ولكنه مل يلق النيب صلى اهلل عليه وسلم
11
وهذا اليسمى صحابيا ألنه مل يتمكن الصحبة مع النيب صلى اهلل عليه وسلم ويقال ًخضرم ملن قطع من
نظرائه.
-1سعيد بن املسيب -2القاسم حممد بن أيب بكر -3خارجة بن زيد -4سليمان بن يسار -1عبد
اهلل بن عتبة بن مسعود -9عروة بن زبري -4سامل بن عبد اهلل بن عمر وقال البعض هو أبو سلمة بن
عبد الرمحن وبعضهم قالوا هو أبوبكر بن عبد الرمحن بن احلارث بن هشام.
طبقات التابعين
الثانية :طبقة الوسطى وهم الزهري ،وقتادة ،وحسن البصري ،وعطاء بن أيب رباح وهو كان أستاذا أليب
حنيقة حىت قال أبوحنيفة فيه ما رأيت أروع من عطاء.
الثالثة :صغار التابعني :وهم الذين تأخرت وفاهتم وبعضهم ثبت منه اللقاء وبعضهم مل يثبت منه هذا
وهؤالء هم األعمش ومالك بن دينار ومكحول الدمشقي وحيىي بن كثري واإلمام أبوحنيفة كما أنه رأى
أنس بن مالك.
عدالة التابعين
التابعون ليسوا يف العدالة مبثابة الصحابة بل حيتاج إثبات عدالتهم بتصريح أحد نقاد احلديث وعلماء اجلرح
والتعديل وتوثيقهم.
ألن اجلرح والتعديل ليس يف الصحابة إمنا يكون البحث فيهم جملرد إثبات الصحبة ولكن البحث يف التابعني
يكون يف إثبات عدالتهم واألكثر يف ضبطهم.
أتباع التابعين
12
وهم أربعة مراتب:
المرتبة األولى :اجلهبذ ،احلافظ ،الورع ،املتقن للحديث الناقد له ،هذا هو املعتمد عليه يف معرفة احلديث.
المرتبة الثانية :العدل يف نفسه ،املتقن يف حديثه وهذا أيضا يؤخذ من احلديث و حيتج حبديثه.
المرتبة الثالثة :الصادق الورع الذي يهم أحيانا وهذا أيضا حيتج حبديثه.
المرتبة الرابعة :الصادق الورع الذي غلب عليه الوهم .قال ابن أيب حامت :هذا يؤخذ حديثه يف الرتغيب
والرتهيب ال يف احلالل واحلرام ورد بعض احملدثني حديثه بتمامه ومنهم اإلمام أمحد وقال أبوداود :احلديث
الضعيف أوىل من رأى الرجال.
المرتبة الخامسة :من ألصق باحملدثني وليس منهم ومع ذلك ثبت كذبه هذا ترفض وتطرح روايته.
ذكرنا أن الصحابة قدوة لنا وحياهتم تطبيق عملي للكتاب والسنة وهلذا حنتاج إىل معرفتهم وألن معرفة
حياهتم يشجعنا على اإلمتثال والعمل بالكتاب والسنة وأيضا هم سلفنا الصاحل وحياهتم تارخينا القيمة فال
بد لنا من معرفتهم ألن التاريخ ذاكرة األمم وكل أمة نسيت تارخيها ال قيمة هلا.
يقول ابن عبد الرب يف تعريف الصحايب من رأى النيب صلى اهلل عليه وسلم وصحبه أو أحضر عنده للتحنيك
فهو صحايب.
13
وابن عبد الرب مسى الرجال ِبذه الصفات صحبابيا وذكر األنساب والشاهد اليت شهدها الصحايب ويشمل
على ( )3155ثالثة آالف ومخس مائة ترمجة ورتب على حروف املعجم يف احلرف األول دون بقية حروف
االسم وقد يرتجم الصحايب بكنيته وحييل على امسه.
وانتُقد ابن عبد الرب من حيث أنه ذكر وتعرض وناقش اخلالف والنزاع الذي وقع بني الصحابة وعيبه
العلماء لذلك مع أن عمله هذا ال يعترب عيبا ونقصا ألن هذه املسائل ينبغي أن يعرف من مصادر
الصحيحة ويبني وجه خالفهم بأحسن التوجيهات .ال شك أن الناس مراتب والصحابة مع أن كلهم
عدول ولكنهم مراتب يف الفضائل وهم أفضل الناس بعد األنبياء ،سئل عبد اهلل بن مبارك ،قيل له :أيهما
أفضل؟ معاوية أم عمر بن العزيز؟ فأجاب :معاوية أفضل من ألف مثل عمر بن العزيز ألن معاوية صلى
خلف النيب صلى اهلل عليه وسلم وأنه صلى اهلل عليه وسلم قال يف الصالة :مسع اهلل ملن محده ،قال معاوية:
ربنا ولك احلمد .وهذا الفرق بني الصحابة وجعلهم مراتب ليس شيئا يعاب عليه.
-موسى بن عقبة.
-حممد بن إسحاق.
-خليفة بن خياط.
-ابن اجلرير الطربي.
-البخاري.
وكان له االهتمام باألنساب أكثر من ابن األثري وابن حجر ويروي األحاديث بسنده من الرسول صلى اهلل
عليه وسلم ويذكر املشاهد وإسالم الرواة ويذكر املناقب ويذكر تاريخ امليالد والوفاة ،مع أنه كان البن عبد
الرب اهتماما باألنساب لكنه غلب عليه اللون احلديثي ألنه يروي األحاديث بسنده وأحيانا حيكم علها
14
وهذه هي ميزته يف كتابه االستيعاب وهو من علماء القرن اخلامس اهلجري حتا أنه يصح التخريج من
كتابه ألن لديه سند وشرط األساسي للتخريخ أن يكون لصاحب الكتاب سندا فال يصح التخريخ من
كتاب األذكار واألربعني للنووي أو بلوغ املرام البن حجر ألنه ليس هلما سند بالذات.
-1ابن األثري احملدث وهو أبو سعادة مبارك بن حممد (ت959هـ) وله كتاب النهاية وجامع األصول.
-2ابن األثري املؤرخ وهو أبواحلسن على بن حممد (ت935هـ) وله كتاب الكامل يف التاريخ.
-3ابن األثري األديب وهو ابو الفتوح نصر اهلل بن حممد (939هـ) وله املثل السائر يف أدب الكاتب
والشاعر.
وأخذ الرتاجم من الكتب املعتربة من كتاب ابن مندة (د) ،وأيب نعيم األصبهاين (ع) وابن عبد الرب (ب)
وأيب موسى املديين (س) ولكن اللون التارخيي غلب عليه بالنسبة للحديث قلنا سابقا أن االهتمام باحلديث
يف كتب الرتاجم هو ميزة ابن عبد الرب وله سند وهو من املتقدمني وأما ابن األثري هو ليس له سند يف
احلديث و هو من املؤرخني املتأخرين وهو يتعرض ويتعمق يف التفاصيل التارخيية أكثر مما يتعرض للجانب
احلديثي كما أنه يروي عدة أقوال يف تاريخ الوفاة وهذا هو ظنه أن ذكر األحاديث والتعرض جلزئياته
كالبحث يف األسانيد واملتون وبيان العلل وغريها أليق بكتب احلديث ال بكتب الرتاجم وكان تريبه على
حروف املعجم وكان الرتتيب عنده كامال وأكثر حسنا من ابن عبد الرب وهذه ميزة من ميزات كتابه بالنسبة
لسائر الكتب الرتاجم ويذكر ما يتعلق باملظهر وكان عنده ضبط الكلمات وهذه من أهم مميزات هذا
15
الكتاب ويذكر وجه الصحيح يف نطق الكلمات اليت ميكن أن يقع يف نطقها اخلطأ وعدد الرتاجم عنه
( )4414سبعة أالف وسبع مائة وأربع عشرة ترمجة وكتب هذا الكتاب يف السفر وعنده جهد التهذيب
وجهد الرتتيب وجهد االستخالص.
هناك شيء جدير بالذكر وهو أنه إذا كانت هذه الرتاجم موجودة يف الكتب واملصادر السابقة فما الفائدة
يف تأليف كتب أخرى يف هذا اجملال وتكرار املكررات؟
فمن أهم الفوائد واخلدمات اليت أجنزها ابن األثري يف كتابه أسد الغابة هي مجع الرتاجم املنتاثرة واملتفرقة
غري املرتبة من الكتب السابقة يف كتاب بتسهيل ما صعب فهمه وإحسان ترتيب ما تناثر وهتذيب ما قد
رغبت اهلمم عن حصوله ألن ابن األثري شعر أهل عصره أنه صعبت عليهم قراءة املطوالت اليت ذكرت
فيها الروايات احلديثية أكثر من الرتاجم والناس يرغبون عن قراءة املمالت ومييلون إىل قراءة عصارة الرتاجم
وخالصتها فقام ابن األثري باختصار وترتيب وهتذيب الكتب السابقة وفعل هذا اجلهد الكبري اليت هي
أصعب من التأليف وأيضا هو كان مهتما بضبط الكلمات الذي هو من أبرز ميزات كتابه.
هذا الكتاب البن احلجر (ت812هـ) وابن حجر معروف بالتخصص يف احلديث والتعمق فيه قال ابن
خلدون" :أن األمة مل تؤدي حق البخاري" وقال العلماء لو جاء ابن خلدون بعد ابن حجر لعرف أن ابن
حجر أدى حق البخاري وهو قضى مخسة و عشرين عاما من عمره مع البخاري حىت جاء ِبذا الشرح
العظيم وكان دقة يف الصناعة احلديثية اليت تتعلق باستعراض السند واحلكم على احلديث وبيان طرقه والعلة
واملسند واملرسل وغريها وغلب هذا اجلانب على ابن حجر يف فتح الباري ويف كتابه اإلصابة أيضا وهو
قسم الرتاجم يف كتابه اإلصابة إىل أربعة أقسام:
16
-2األطفال الذين ولدوا يف عهد النيب صلى اهلل عليه وسلم ومات صلى اهلل عليه وسلم وهم دون
السن التمييز.
-3املخضرمون الذين أدركوا العهدين ولكن مل تثبت لقاءهم مع النيب صلى اهلل عليه وسلم.
-4الذين ذكروا يف كتب تراجم الصحابة على سبيل الوهم والغلط ومل يكونوا صحابة.
نرى أن ابن حجر جاء باالختصار املستوعب وحذف األسانيد واألنساب الطويلة وغلب عليه لون احلديثية
فيها وله االهتمام بتصحيح األحاديث ،وخترُيها وذكر املتابعات واحلكم على احلديث بوجه ختصصي وهذا
يوجد عند ابن حجر وال يوجد عند أحد ِبذا املستوى.
واهتم بتصحيح أخطاء السابقني وهتذيب جهدهم وهذا هو العمل اجلديد الذي يوجد عند ابن حجر ألن
ابن مندة وابن األثري وغريمها قد ذكروا تراجم بعض الرجال ومها منهم أهنم من الصحابة مع أهنم مل يكونوا
صحابة وقام ابن حجر بتصحيح هذه األخطاء يف اإلصابة.
وعنده التوسع يف املصادر يعين أن ابن حجر مل يلتزم جلمع الرتاجم مبصادر حمددة.
منهج اإلمام أبي محمد ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل
لقد ذكر يف كتابه هذا ترجم لـ ( )18545راوياً بدءاً من الصحابة تراجم متفاوتة احلجم ،وبعضهم مل
يذكر فيه جرحاً وال تعديالً.
.2االقتصار على أقوال الراسخني يف العلم؛ غري ملتفت إىل أقوال غريهم ممن ليسوا بأئمة فيه.
17
كل قول إىل صاحبه.
.3أن حيكي أقوال هؤالء األئمة ناسباً َّ
.4أنه ينظر إىل أقوال بعض األئمة اليت تتناقض يف الراوي الواحد ،فيختار منها ما يشبه أن
يكون وصفاً حقيقياً لذلك الراوي ،ويُهمل ما عداه.
كل الرواة تقريباً ما ُحكم عليه جبرح أو تعديل وما مل ُحيكم عليه ،رجاء أن يصل إليه
.1ذكر ّ
حكم أحد من األئمة على من ليس عنده حكم عليه،
ـ أو إىل من بعده من املؤلفني ـ ُ
فيُلحق به.
.9ترتيب أمساء الرواة على حروف املعجم ،وكذلك ترتيب آباء االسم الواحد.
.4إن ابن أيب حامت يريد االستقصاء ما استطاع يف حصر الرواة؛ كما سلف بيان ذلك.
.8إن ابن أيب حامت يذكر أقوال من ينقل عنهم من األئمة بالرتتيب الزمين هلم.
خاص ،واجتهاد
.6إن ابن أيب حامت يذكر آراء من عاصرهم من الرواة فكان له بذلك رأي ٌّ
مستقل ،وحكم متميّز.
ّ
.15إن ابن أيب حامت ال يذكر غالباً شيئاً من اآلثار اليت يرويها الراوي املرتجم له.
.11إن ابن أيب حامت ترك آراء أهل العراق (أهل الرأي) يف احلكم على الرواة ،وترك رأي
البخاري لما تبناه من موقف أبيه وأيب زرعة جتاه البخاري.
رتَّب املؤلف الرواة يف هذا الكتاب على حروف املعجم يف أمسائهم وأمساء آبائهمو يذكر اسم الراوي واسم
أبيه وجده وكنيته ونسبه ،مع بعض شيوخه وتالميذه على سبيل االختصار ،ويذكر ما قيل فيه من جرح أو
18
تعديل ،من غري أن يسوق أي شيء من ذلك باإلسناد ،مث يسوق من حديث هذا الراوي ما يُدلِّل به على
كثريا ما حيكم املؤلف على
ضعف حديثه ،رمبا ساق املؤلف ما وقع له من حديث الراوي بإسناده هوً ،
األسانيد اليت يسوقها صحةً وضع ًفا ،غالبًا ما يذكر املؤلف سنة وفاة الراوي.
ض ِّعفوا
ضع ُفوا بغري حق كالرواة الذين ُ
هنج املؤلف يف هذا الكتاب منهج الدفاع والذب عن الرواة الذين ُ
ض ِّعف بأنه يشرب اخلمر ،فيأيت الذهيب
بأسباب جارحة يف ظاهرها ،وغري جارحة يف حقيقة األمر ،كمن ُ
ويقول:مل يكن يشرب اخلمر ،بل كان يشرب النبيذ ،وهو من أهل الكوفة ،حيث كان يشربه بناءً على
مذهب أهل الكوفة يف جواز شرب النبيذ ،فالراوي ثقة وعدل وليس فيه شيء .وكذلك قام بالدفاع والذب
ضعِّفوا أو ذُكروا يف كتب الضعفاء بغري بيِّنة صحيحة وجعل املؤلف كتابه مشتمالً
عن الرواة الثقات الذين ُ
على تراجم الرجال ممن يُعرفون بأمسائهم ،مث من يُعرفون بكناهم ،مث من يُعرف بابن فالن ،مث من يُعرفون
بأنساِبم ،مث جماهيل االسم ،وأفرد فصالً يف آخر الكتاب لرتاجم النساء ،مث اجملهوالت ،مث من يُعرفن
سم ويبدأها بكلمة "والدة".
بكناهن ،مث من مل تُ َّ
ومن أشهر الكتب اليت صنف على ترتيب الطبقات ،كتاب الطبقات الكربى البن سعد املعروف بطقبات
ابن سعد.
تعريف الطبقة :هي قوم تقاربوا يف السن واألخذ من املشايخ ولتحديد الطبقة ال بد من معرفة الوالدة
والوفاة والنشأة العلمية للرواة وهناك تقسيمات عديدة للطبقات ولكن أشهر التقسيمات هو تقسيم ابن
حجر وهو قسم الطبقات يف كتابه "تقريب التهذيب" إىل إثنا عشر طبقة:
األولى :الصحابة على اختالف مراتبهم ،ومتييز من ليس له منهم إال جمرد الرؤية من غريه.
19
الثانية :طبقة كبار التابعني كابن املسيب ،فإن كان خمضرما صرحت بذلك ،الثالثة :الطبقة الوسطى من
التابعني ،كاحلسن وابن سريين.
الخامسة :الطبقة الصغرى منهم ،الذين رأوا الواحد واالثنني ،ومل يثبت لبعضهم السماع من الصحابة،
كاألعمش.
السادسة :طبقة عاصروا اخلامسة ،لكن مل يثبت هلم لقاء أحد من الصحابة ،كابن جريج.
التاسعة :الطبقة الصغرى من أتباع التابعني ،كيزيد بن هارون ،والشافعي وأيب داود الطيالسي ،وعبد الرزاق.
العاشرة :كبار اآلخذين عن تبع االتباع ،ممن مل يلق التابعني ،كأمحد بن حنبل.
ويقول :وذكرت وفاة من عرفت سنة وفاته منهم ،فإن كان من األوىل والثانية :فهم قبل املائة ،وإن كان
من الثالثة إىل آخر الثامنة :فهم بعد املائة ،وإن كان من التاسعة إىل آخر الطبقات :فهم بعد املائتني،
ومن ندر عن ذلك بينته.
وهذا التقسيم الذي جاء به ابن حجر من أنسب التقاسيم للرواة حيث ينتهي عصر الرواية بآخر املائة
الثالثة وهو عصر األئمة الستة.
21
وهلذا يرى الذهيب عام ثالمثئة حدا فاصال بني املتقدم واملتأخر إال أن عصر الرواية استمر إىل هناية القرن
اخلامس كما أن ابن عبد الرب وهو من علماء القرن اخلامس (398هـ493-هـ) يروي األحاديث بسنده
ولكن هذا قليل جدا.
هذا هو اجلانب النقدي للحديث أو اجلانب الذي فيه حكم ويسمى علم اجلرح والتعديل.
الجرح ينقسم إىل احلسي مثل جرح فالن فالنا إذا أحدث فيه جرحا وسال الدم وظهر فيه األثر واملعنوي
مثال جرح القاضي الشاهد مبعىن وجد منه ما تسقط به شهادته أو طرح شهادته.
والجرح هو الطعن واجلانب احلسي فيه هو الطعن بالرمح واجلانب املعنوي فيه هو الطعن يف النسب
كما يقال "طعن يف نسبه" أي شتمه وسبه وكمال يقال " جراحات السنان هلا التيام * وال يلتام ما جرح
اللسان.
وبيان العيب ومنه "االستجراح" هو العيب والفساد يُروى عن عبد امللك بن مروان أنه قال للناس "وعظتكم
فلم تزدادوا على املوعظة إال استجراحا" أي فسادا .هذا ما يتعلق جبانب اللغوي لكلمة اجلرح.
وفي اإلصطالح هو الطعن يف الراوي مبا يسلب عدالته أو ضبطه أو خيل ِبما.
فالسلب هو اإلزالة التامة :ومن األوصاف اليت تزيل العدالة متاما الكفر فالكافر ليس عدال وكذلك
الكذب يف باب الرواية وهذا أشد أنواع الفسق يف الرواية والكذب على رسول اهلل صلى هلل عليه وسلم
ليس ككذب على أحد ،يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم" :من كذب علي متعمدا فاليتبوأ مقعده من
21
النار" ألن كالم الرسول صلى اهلل عليه وسلم دين وكالمه غريه ليس بدين فمن ثبت كذبه يف احلديث مرة
ال يقبل حديثه ولو تاب مائة مرة ،هذا مذهب احملققني وبعض الناس قالوا ال بأس إذا حسنت توبته
واآلخرون قالوا إذا حسنت توبته بينه وبني اهلل وأما يف باب الرواية ال تقبل روايته وعلى هذا املذهب،
الكذب يزيل العدالة متاما .هذا يف العدالة.
وقد ال يكون السبب الشيخوخة والكهولة وإمنا يكون سببا آخر كاملصاب بالصدمة الدماغية أو القلبية
وهذه تؤثر يف ذاكرته فيصبح ال يركز على شيء فيصبح خرفا.
ويف اإلصطالح :هو وصف الراوي بصفات جتعله مقبول اخلرب والشهادة.
"هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ خمصوصة .ويسمى علم ميزان الرجال أو فحص
الرواة أو علم معرفة الرواة.
أهميته :علم اجلرح والتعديل من الفروض الكفائي ألجل حفظ الشريعة وصيانتها ألنه لو مل يكن هذا
العلم ستزول الشريعة وبيان عيوب ومثالب الرجال يف هذا العلم ال يعترب غيبة ألهنا ال بد من بياهنا.
22
مشروعيته :مشروعية هذا العلم ثابت باآليات القرآينة واألحاديث النبوية ألن التثبت والتأكد من األخبار
والروايات واالحتياط فيها مأمور ِبا ،يقول اهلل تعاىل" :يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"
ويقول" :فاستشهدوا شهيدين من رجامل فإن مل يكونا رجلني فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء"
يقول ابن سريين" :إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم".
واجلرح ال يكون غيبة بل نصيحة واجبة .قال اإلمام أمحد أليب تراب النخشيب -حني عذله عن ذلك بقوله:
ال تغتب الناس" :وحيك! هذه نصيحة وليست غيبة" وقال النووي والعز بن عبد السالم" :القدح يف الرواة
واجب ملا فيه من إثبات الشرع وملا على الناس من ترك ذلك من الضرر يف التحرمي والتحليل غريمها من
األحكام".
ذكر اإلمام الغزايل يف إحياء العلوم و اإلمام النووي يف رياض الصاحلني أنواع الغيبة املباحة وهي:
-1التظلم -2 ،االستعانة على تغيري املنكر -3 ،اإلستثناء -4 ،حتذير املسلمني من الشر ونصحهم
واجلرح يدخل حتت هذا النوع -1 ،اجملاهر بالفسق ال غيبة له.
وال يصح حسن الظن يف الرواة ومروياهتم يقول ابن مهدي" :خصلتان ال يستقيم فيهما حسن الظن:
احلكم واحلديث"
س أَ ُخو ال َعش َرية َّ َّيب َ َّ َّ َ -1عن َعائ َشةَ " :أ َّ
صلى اللهُ َعلَيه َو َسل َم فَـلَ َّما َرآهُ قَ َال :بئ َ َن َر ُجالً استَأ َذ َن َعلَى الن ِّ
س اب ُن ال َعش َرية " رواه البخاري َوبئ َ
-2عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت " :يا رسول اهلل إن أبا سفيان رجل شحيح -3 ."...وعن فَاطمةَ
ول اللَّه
رس ُ
ومعاويةَ َخطباين؟ فَـ َق َال ُ تَّ :
إن أَبَا اجلَهم ُ النيب ﷺ ،ف ُقل ُ
ت َّ بنت قَـيس َرض َي اللَّه َعنها قَالَت :أَتي ُ
العصا" عن عاتقه متفق َعلَيه.
يض ُع َ
مال لَهُ ،و َّأما أَبُو اجلَهم فَالَ َ
صعلُوك الَ َ
"أما ُم َعاويةُ ،فَ ُ
ﷺ َّ :
23
-4وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم يف تعديل خالد بن الوليد" :سيف من سيوف اهلل" .هذه هي جمموعة
من دالئل مشروعية وجوازعلم اجلرح والتعديل وأنه ال يكون غيبة.
األول -العدالة :ملكة حتمل املرء على مالزمة التقوى واملروءة .والتقوى :هو االجتناب عما يذم شرعا،
والمروءة :هي التجنب عما يذم عرفا وخوارم المروءة :هي نقائصها.
الرجل العدل :من مل يظهر يف دينه ومروءته ما خيل ِبما ،فيقبل خربه وتقبل شهادته وال يشرتط الذكورة
واحلرية يف باب الرواية وال يشرتط اإلميان والبلوغ عند التحمل.
-1تنصيص املعدلني والنقاد ،إذا مل يكن يف عدالة الراوي اختالف ويكفي تعديل عامل واحد عند اجلمهور.
-2الشهرة واالستفاضة -3 .إخراج من التزم الصحة كالبخاري ومسلم -4 .رواية الثقة عن الراوي توثيق
له ،هذا رأي غريب -1 .كل حامل علم حممول على العدالة ،وهذا الرأي أغرب من الرابع.
وفي اإلصطالح هو :تيقظ الراوي حني حتمله للحديث وفهمه ملا يسمع ،والضابط :هو احلافظ حلديثه
من حني حتمله إىل وقت أدائه.
والضبط نوعان:
ضبط الصدر :أن يرتسخ ما حفظ يف صدره حبيث يستحضره حني شاء.
24
كيف نعرف أن الراوي ضابط لحديثه؟
نعرف ضبط الراوي حلديثه باملقارنة وعرض أحاديثه على أحاديث الثقاة املتقنني املعروفني فإذا جاءت
املوافقة يف الغالب معىن ،يكون ضابطا وال تضر املخالفة النادرة وإذا كثرت خمالفته للثقات خيتل ضبطه.
مىت حنتاج أن نعرض مروياته على اآلخرين؟ إذا جرح جرحا شديدا كالوصف بفحش الغلط وسوء احلفظ،
فهذا ال حيتاج إىل املقارنة وأما إذا كان فيه جرح خفيف كما إذا كان عنده أوهام فهذا تقارن روايه مع
روايات الثقات.
طبعا نأخذ هذه األسباب من القرآن والسنة ومعاملة النيب صلى اهلل عليه وسلم مع خطأ الناس يف زمنه.
فسر مبعىن هو البيان والظهور واإلِبام أن يظل الشيء غامضا أو يبقى على حاله من الغموض.
املفسر من َ
ّ
هل من الضروري إذا قلنا فالن ثقة أو جمروح أن يكون مفسرا أم ال؟
25
الرأي األول :التفريق بني األمرين وهو قبول التعديل مبهما واجلرح ال يقبل إال مفسرا؛ ألن أسباب التعديل
كثرية وذكرها يؤدي إىل احلرج والتعب واجلرح حيصل بذكر سبب واحد وال يشق ذكره فإذا قلت :فالن
جمروح فال بد بأن تفسر اجلرح بأنه يشرب اخلمر مثال .هذا هو رأي مجهور احملدثني.
الرأي الثاني :عكس الرأي األول (قبول التعديل مفسرا واجلرح مبهما)؛ ألن أسباب التعديل يكثر التصنع
اغرت بعبد الكرمي
فيها فال بد من ذكر ذلك بالتفسري كما أن اإلمام مالك -مع شدة حتريه وتثبته يف الرواةّ -
بن أيب املخارق وقال" :غرين بكثرة جلوسه يف املسجد" وال ميكن ذلك يف أسباب اجلرح.
الرأي الثالث :ال يقبالن إال مفسرين؛ ألن كل واحد منهما حيتمل فيه اخلطأ والتصنع ،قيل ألمحد بن
يونس :عبد اهلل بن عمر ضعيف ،قال :إمنا يضعفه مبغض آلباءه( ،مث يبني العلة ويقول ):لو رأيت حليته
وهيئته لعرفت أنه ثقة .هذا التعليل ال يصح وال قيمة له ألن حسن الظاهر يشرتك فيه كثري من الناس فهذا
ال يصلح للتعليل؛ فلهذا قال العلماء ال يقبل اجلرح والتعديل إال مفسرين.
الرأي الرابع :يقبالن مبهمني من أهلهما املعروفني .يعين إذا عدل أو جرح أئمة اجلرح والتعديل دون ذكر
األسباب يقبل وال يسأل عن األسباب؛ ألننا نعتمد على أقوال النقاد ونرضى ِبا .هذا املذهب أقرب من
ستحسن ،ألن اجلمهور يستحسنون البيان وال
مذهب اجلمهور؛ ألنه ال َُيب البيان يف هذا القول ولكن يُ َ
يوجبوهنا؛ يعين من مل يبني السبب فال ُيب عليه وال يلزمه وإذا بني فهذا أمر حسن وهكذا ميكن اجلمع
بني القول األول والرابع وهنا أمر ينبغي أن يكون واضحا فمثال بعض الكتب كتهذيب التهذيب وهتذيب
الكمال وغريهم ال يبينون األسباب ألمرين:
26
تعارض الجرح والتعديل
وهذا يرجع إىل الراوي نفسه وللتعارض بني اجلرح والتعديل صورتان:
الصورة األولى :إذا صدر التعارض من إمام واحد ،نتعامل معه حسب اخلطوات التالية:
مفاد ذلك أن التوثيق والتضعيف يتعارضان فإذا تعارض التوثيق والتضعيف من إمام واحد:
أوال :طريق الجمع ،فنقول إن التوثيق أوالتضعيف يكون أمرا نسبيا ،كيف يكون ذلك؟ ألنه قد يكون
الراوي ثقة فإذا ذكر لوحده غري مقارن بغريه يكون ثقة وإذا قارناه مع غريه يكون ضعيفا فيكون الضعف
نسبيا على سبيل املثال قال ابن معني يف عالء بن عبد الرمحن ال بأس به ،مبعىن هو ثقة ولكن ملا قيل له
أهو أحب إليك أم سعيد املقبوري؟ قال :سعيد أوثق والعالء ضعيف (أي بالنسبة إليه) ،فيكون اجلمع بني
القولني بأن نقول أن التوثيق والتضعيف أمران نسبيان .وإذا مل ميكن اجلمع ننتقل إىل اخلطوة الثانية التالية.
األمر الثاني :معرفة التاريخ أي معرفة الناسخ واملنسوخ ألنه ميكن أن يتغري رأي اإلمام فبعد ما ضعف
شخصا يوثقه وينسخ ما قال فيه أوال فال بد من معرفة التاريخ حىت يقال بنسخ القول األول.
27
األمر الثالث :الرتجيح باملالزمة واحلفظ وهو أن ننظر إىل تالميذ اإلمام فتيرجح أكثرهم مالزمة فمثال
البن معني تالمذ كعباس الدوري وعثمان الدارمي وإسحاق الكوسج والدوري أكثرهم مالزمة البن معني
فإذا وقع التعارض بني رواية الدوري وغريه فيكون الرتجيح بقول الدوري ألنه أكثر مالزمة أو يترجح
باألحفظية فقوي احلفظ يرتجح على ضعيف احلفظ.
فإذا مل ميكن ذلك فيكون الرتجيح إىل أقرب القولني إىل أقوال األئمة أو النقاد اآلخرين فمثال إذا تعارض
قوالن من ابن معني يف التوثيق والتضعيف ،ننظر أيهما أقرب إىل قول اإلمام أمحد وابن مهدي أو البخاري
أو أيب حامت الرازي مثال ،فإن كانوا يوثّقونه فالرتجيح للتوثيق وإن كانوا يضعفونه فالرتجيح للتضعيف.
األمر الرابع :مرحلة التوقف عند ما ال تستطيع الرتجيح تتوقف إذ جمال فيه لإلجتهاد ألنه تاريخ ال بد
من نقل.
وإذا وثق الراوي إمام وضعفه إمام آخر ومل نستطع الرتجيح ففيه ثالثة آراء:
الرأي األول :أن اجلرح مقدم على التعديل ولو كان املعدلون أكثر؛ ألن األصل هو الرباءة يف اإلنسان فإذا
جرح اجلارح ،علم أن عنده زيادة علم واطلع على شيء خفي ال يعرفه املعدلون ألهنم يعدلونه على ظاهره
فيكون الرتجيح لقول اجلارح إال أن يقول املعدلون :نعم كان كذلك ولكن الرجل قد تاب عما كان هو
فيه.
الرأي الثاني :أن التعديل مقدم؛ ألن الكثرة دليل القوة والقلة دليل الضعف يف الغالب ،فإذا كثر املعدلون
يكون التعديل مقدما ولكن اخلطيب البغدادي يقول" :هذا خطأ ممن تومهه ،ألن املعدلني -وإن كثر
عددهم -ال يذكرون األوصاف اجلارحة وال خيربون عما أخرب به اجلارحون ولو ذكروها لكانت شهادهتم
باطلة إال أن يقول املعدلون :أن الرجل قد ختلى عما كان فيه ،وأما مبجرد التعديل ال يقبل".
28
الرأي الثالث :ال يرتجح أحدمها إال مبرجح خارجي كاملالزمة والتلمذ أو البلدية ال بالكثرت والقلة فيرتجح
قول أكثرهم مالزمة أو من كان تلميذا له أو كان من بلده على غريهم.
وهذا البحث منصب على أوصاف املعدل واجلارح فإذا تعارض األقوال يف راو من الرواة جرحا وتعديال
فما هي صور اخلروج من هذا التعارض؟ قالوا:
-1أن يكون صاحب أحد القولني متساهال يف التصحيح والتوثيق واآلخر جتده متعمقا يف األحكام
على الرواة واألحاديث فريجح الثاين على األول ومن األمثلة على ذلك اإلمام حاكم ألنه مشهور
بالتساهل وصور تساهله عديدة ذكرها الزيلعي يف نصب الراية منها:
-يكون السند فيه كذاب ولكن احلاكم يقول :على شرط البخاري أو على شرط مسلم.
-يف السند رواة على شرط البخاري ورواة على شرط مسلم ،ولكن هو يقول :على شرط
الشيخني ،مع أن هناك رواة احتج ِبم البخاري مل حيتج ِبم مسلم وكذلك على العكس.
-اإلمام البخاري يروي عن الرواي فيأخذ عنه مرويات بلده فقط كإمساعيل بن عياش فاإلمام
البخاري يأخذ أحاديثه عن أهل الشام فقط ولكن إذا روى عن أهل املدينة أو غريهم ال يأخذ
عنه ،ألنه عرف باإلضطراب يف أحاديث هؤالء ولكن احلاكم ُيد اإلمام مالك يروي عن
عياش أحاديثه كلها سواء روى من أهل بلده أو غريهم ،هو يقول :على شرط البخاري ،وهذا
تساهل.
ولذلك اإلمام الذهيب ملا خلص أحكامه ،قال العلماء :ال يقرأ املستدرك إال مع تلخيص الذهيب
ألن الذهيب كان متعمقا فإذا وافق احلاكم فيكون احلديث صحيحا .قال الذهيب :ربع املستدرك
عبارة عن األحاديث الضعيفة واملوضوعة واملناكري ويقول غاضبا يف احلديث املوضوع الذي قال
احلاكم فيه على شرط البخاري :واهلل باهلل تاهلل إنه ملوضوع ،وأحيانا يقول :يا ليته مل يصنف!
29
وطبعا لوقوع املوضوعات وغريها يف املستدرك أسباب منها :أن احلاكم مل يتيسر له أن يراجع
كتابه ألنه أعجلته املنية.
-2صاحب أحد القولني يكون متشددا يف اجلرح والتضعيف واآلخر يتوسط يف األحكام (حمقق
متوسط) فريجح قوله على املتشدد كما ذُكر عن شعبة أنه قال :يركض على برزون ،مع أن هذا ال
يكون سببا للجرح.
الطبقة األولى :شعبة وسفيان الثوري وشعبة أشد من سفيان الثوري يف اجلرح.
الطبقة الثانية :حييي بن سعيد القطان وعبد الرمحن بن مهدي والقطان أشد من ابن مهدي.
الطبقة الثالة :ابن معني واإلمام أمحد بن حنبل وابن معني أشد من اإلمام أمحد.
فإذا تعارض أقوال هؤالء املتشددين كشبعة وحييي بن سعيد القطان وابن معني وأبوحامت مع املتوسطني
كسفيان وابن مهدي وابن حنبل والبخاري يكون الرتجيح ألقوال املتوسطني ولكن إذا وثق املتشدد
شيئا فعضوا عليه بالنواجذ.
وأيضا من املشتددين بعد ذلك اإلمام ابن الجوزي مع غزارة علمه متشدد حىت أدرج كثريا من أحاديث
البخاري ومسلم ومسند أمحد يف كتابه املوضوعات وهي أحاديث صحيح وكذلك من املتشددين
الجزقاني أدخل كثريا من أحاديث املشهورة يف كتابه املناكري وكذلك الحسن الصغاني الالهوري
عرف بالتشدد وله كتاب املوضوعات وكذلك ابن تيمية رمحه اهلل عرف منه هذا التشدد يف بعض
األحاديث فينكر حديث صالة التسبيح متاما وأيضا مجد الدين الفيروزآبادي صاحب القاموس
وكذلك أبو الفتح األزدي ،قال ابن حجر فيه :إنه ُيرح راويا ثقة أو ُيرح راويا هو أوثق منه.
31
-3النظر يف مأخذ القولني والتدبر يف أدلة الطرفني ،هل كان التوثيق أو اجلرح على التعصب أو
املذهب الكفري أو الفقهي أو على عدم املعرفة؟ ألن بعض الناس يومثال قال ابن حزم يف احلنفية:
"ما عرفوا القياس وال عملوا بالسنة" وبعض الناس يقولون :إمام مالك رمحه اهلل والشافعي رمحه اهلل
وأمحد رمحه اهلل وأبوحنيفة بدون رمحه اهلل .وابن معني يقول" :الشافعي ال أراه ثقة" .ولذلك ملا
عرف اإلمام أمحد أن ابن معني يقول هذا ،قال" :ابن معني ال يعرف الشافعي وقدره" والنسائي
طعن يف أمحد بن صاحل املصري ألنه طرد النسائي من جملسه ،فال بد من النظر يف مأخذ القول.
مث ينظر يف أدلة الطرفني ،هل جرحهما أو تعديلهما مبين على الدليل أم ال مثال يقول واحد :هو
يأكل بيده اليمىن فرياه عيبا ،فال بد أن ينظر هل يأكل باليمىن عمدا مع صحة يده اليسرى أم ال
يستطيع األكل بشماله.
ف ُري َّجح القول الذي عار عن التعصب أو مبين على الدليل على غريه وال يعترب السبق الزماين وال
الرتيب.
31