You are on page 1of 4

‫الخطبة األولى الحث على العلم والعمل‬

‫به‬
‫الحمد لله الذي خلق السماوات واألرض ‪،‬‬
‫وجعل الظلمات والنور ‪ ،‬والحمد لله الذي‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫فضل العلم على الجهل ‪ ،‬فقال ‪ُ { :‬‬
‫ين اَل‬
‫ذ َ‬‫وال َّ ِ‬‫ون َ‬‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ين ي َ ْ‬‫ذ َ‬ ‫وي ال َّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬‫ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ون } ‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال الله وحده‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ال شريك له العليم بمن يصلح للعلم‬
‫والدين ‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‬
‫‪ ،‬القائل ‪ « :‬من يرد الله به خيرا يفقهه‬
‫في الدين » صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم‬
‫الدين وسلم تسليما ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ :‬أيها الناس اتقوا الله تعالى‬
‫وتعلموا أحكام شريعته بطلب العلم‬
‫النافع ‪ ،‬فإن العلم نور وهدى ‪ ،‬والجهل‬
‫ظلمة وضالل ‪ ،‬تعلموا ما أنزل الله على‬
‫رسوله من الوحي ‪ ،‬فإن العلماء ورثة‬
‫األنبياء ‪ ،‬واألنبياء ما ورثوا درهما وال‬
‫دينارا ‪ ،‬وإنما ورثوا العلم ‪ ،‬فمن أخذ به‬
‫أخذ بحظ وافر من ميراثهم ‪ ،‬تعلموا‬
‫العلم فإنه رفعة في الدنيا واآلخرة ‪،‬‬
‫وأجر مستمر إلى يوم القيامة ‪ ،‬قال الله‬
‫م‬ ‫منْك ُ ْ‬‫منُوا ِ‬ ‫ين آ َ‬
‫ذ َ‬ ‫ه ال َّ ِ‬‫ع الل َّ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫تعالى ‪ { :‬ي َ ْر َ‬
‫ات } وقال النبي‬ ‫ج ٍ‬ ‫م دَ َر َ‬ ‫ين أُوتُوا ال ْ ِ‬
‫عل ْ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫وال َّ ِ‬ ‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إذا مات العبد‬
‫انقطع عمله إال من ثالث ‪ :‬صدقة جارية‬
‫أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح‬
‫يدعو له » انظروا إلى آثار العلماء‬
‫الربانيين لم تزل موجودة إلى يومنا هذا‬
‫طوال الشهور والسنين ‪ ،‬آثارهم محمودة‬
‫وطريقتهم مأثورة ‪ ،‬وذكرهم مرفوع ‪،‬‬
‫وسعيهم مشكور ‪ ،‬إن ذكروا في‬
‫المجالس ترحم الناس عليهم ودعوا لهم‬
‫‪ ،‬وإن ذكرت األعمال الصالحة واآلداب‬
‫العالية فهم قدوة الناس فيها ‪ .‬أيها‬
‫الناس تعلموا العلم واعملوا به فإن تعلم‬
‫العلم جهاد في سبيل الله والعمل به نور‬
‫ميْتًا‬ ‫ان‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫وبصيرة من الله ‪ { :‬أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َ َ‬
‫في‬ ‫ه ِ‬ ‫شي ب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ورا ي َ ْ‬
‫ه نُ ً‬ ‫علْنَا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬‫حيَيْنَاهُ َ‬ ‫فأ ْ‬
‫س‬‫ات لَي ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫في الظُّل ُ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫مثَل ُ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫اس ك َ َ‬
‫ِ‬ ‫الن َّ‬
‫ها } ‪.‬‬ ‫من ْ َ‬‫ج ِ‬ ‫َار ٍ‬
‫بِخ ِ‬
‫أيها الناس إننا على أبواب عام دراسي‬
‫جديد يستقبل فيه المتعلمون ما يلقى‬
‫إليهم من العلوم ويستقبل فيه المعلمون‬
‫من يتلقى عنهم العلوم واآلداب واألخالق‬
‫‪ ،‬فيا ليت شعري ماذا أعد كل واحد منهم‬
‫لما يستقبله ؟ إن على المتعلمين أن‬
‫يعدوا لهذا العام الجد ‪ ،‬والنشاط ‪ ،‬وأن‬
‫يحرصوا ما استطاعوا على تحصيل العلم‬
‫من كل طريق وباب ‪ ،‬وأن يبذلوا غاية‬
‫الجهد لرسوخ العلوم في قلوبهم‬
‫فيجتهدوا عليها من أول العام ففي ذلك‬
‫سبب لرسوخ العلم وتيسير حصوله ألنه‬
‫إذا اجتهد من أول العام أخذ العلم شيئا‬
‫فشيئا فسهل عليه وأما إذا توانى في‬
‫أول السنة فإنه يصعب عليه بعد ذلك‬
‫وتتراكم عليه العلوم ويكون تصوره لها‬
‫تصورا سطحيا ال يرسخ في قلبه وال‬
‫يبقى في ذهنه وإن من واجب المتعلم‬
‫إذا أحاط علما بالمسألة أن يطبقها على‬
‫نفسه ويعمل بها ليكون علمه نافعا له‬
‫فإن العلم النافع هو ما طبقه اإلنسان‬
‫عمليا والعمل بالعلم هو ثمرة العلم‬
‫ولجاهل خير من عالم لم ينتفع بعلمه‬
‫ولم يعمل به فإن العلم سالح فإما أن‬
‫يكون سالحا لك على عدوك وإما أن يكون‬
‫سالحا عليك أيها المتعلم إذا علمت‬
‫مسألة دينية فاعمل‪ y‬بها وإال فما فائدة‬
‫العلم أرأيت لو أن شخصا تعلم الطب‬
‫ولكن لم يتطبب ولم يعالج نفسه وال‬
‫غيره فما فائدة علمه إذن فهكذا العلوم‬
‫الشرعية إذا لم تطبقها بل هي أبلغ فإنك‬
‫إذا عملت بها كانت أنفع العلوم وإن‬
‫خالفتها كانت حجة عليك ‪ .‬أيها المعلمون‬
‫إن عليكم ألمتكم ومن يتعلمون منكم‬
‫حقوقا عظيمة فقوموا بها لله مخلصين‬
‫وبه مستعينين ولنفع أبنائكم ومن‬
‫يتلقون العلم منكم قاصدين أخلصوا في‬
‫التعليم واسلكوا أسهل‪ y‬السبل وأقربها‬
‫للتفهيم ونزلوا الفصول منازلها فليس‬
‫تعليم المنتهين مثل المبتدئين وعليكم أن‬
‫تمثلوا أمام الطلبة بكل خلق فاضل كريم‬
‫وأن تتجنبوا كل خلق سافل لئيم فإن‬
‫المتعلم يتلقى من معلمه األخالق كما‬
‫يتلقى منه العلوم ووجهوا أبناءكم الطلبة‬
‫في كل مناسبة ترون فيها الفرصة لذلك‬
‫فإن المعلم الناصح من يجمع بين التعليم‬
‫والتربية الحسنة والله يحب المحسنين ‪،‬‬
‫أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله‬
‫ج‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تعالى ‪ { :‬الر كتَاب أ َ‬
‫ْر َ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ُ ِ‬ ‫ه‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ن َرب ِّ ِ‬ ‫ور بِإِذْ ِ‬ ‫ات إِلَى الن ُّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن الظُّل ُ َ‬ ‫م َ‬‫س ِ‬ ‫النَّا َ‬
‫ذي ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ال َّ ِ‬ ‫د }{ الل َّ ِ‬ ‫مي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫يز ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ز‬
‫ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬
‫ع‬ ‫ص َرا ِ‬‫إِلَى ِ‬
‫وي ْ ٌ‬
‫ل‬ ‫أْل َ‬
‫و َ‬‫ض َ‬ ‫في ا ْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬‫ات َ‬ ‫او ِ‬ ‫م َ‬ ‫الس َ‬
‫َّ‬ ‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬
‫د } ‪ .‬بارك الله‬ ‫دي ٍ‬ ‫ش ِ‬ ‫اب َ‬ ‫عذ َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ين ِ‬ ‫ر َ‬‫ف ِ‬‫لِلْكَا ِ‬
‫ولي ولكم في القرآن العظيم ‪.‬‬

You might also like