You are on page 1of 100

See

discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.net/publication/215542547

‫ﻣ ﻴ ﻜ ﺎ ﻧ ﻴ ﻜ ﺎ ا ﻟ ﻜ ﻢ ﻳ ﻦ ا ﻟ ﻔ ﻠ ﺴ ﻔ ﺔ وا ﻟ ﻌ ﻠ ﻢ‬

ARTICLE · JANUARY 2011

READS

2,839

Available from: Youssef ALi Albanay


Retrieved on: 18 March 2016
‫مٌكانٌكا الكم بٌن الفلسفة والعلم‬

‫ٌوسؾ البناي‬
‫المحتوٌات‬
‫القسم األول‪ :‬موجز لتطور نظرٌة الكم‬

‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪ :‬بزوغ فكرة التكمٌم أو حل مشكلة الجسم األسود‬

‫مقدمة‬

‫‪ 1-1‬ما الجسم األسود؟‬


‫‪ 2-1‬نظرٌة راٌلً‪ -‬جٌنز الكالسٌكٌة أو كارثة فوق البنفسجً‬
‫‪ 3-1‬بالنك ٌتفادى المشكلة أو ٌطلق أول رصاصة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‬
‫‪ 4-1‬مشكلة التؤثٌر الكهروضوبً‬
‫‪ 5-1‬اٌنشتٌن ٌحل المشكلة أو ٌطلق الرصاصة الثانٌة على المٌكانٌكا‬
‫الكالسٌكٌة‬
‫‪ 6-1‬كومتون المتحري ٌكتشؾ رصاص اٌنشتٌن‬

‫الفصل الثانً‪ :‬مشكلة التركٌب الذري‬

‫مقدمة‬

‫كعكة طومسون المابلة‬ ‫‪1-2‬‬


‫رزرفورد ٌخترع مجموعة شمسٌة مصؽرة‬ ‫‪2-2‬‬
‫مشكلة خطوط األطٌاؾ الذرٌة‬ ‫‪3-2‬‬
‫بور ٌحل المشكلة باستخدام دستور بالنك – أٌنشتٌن‬ ‫‪4-2‬‬
‫مبدأ المقابلة‬ ‫‪5-2‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬كذلك المادة ترؼب بطبٌعتان‬

‫مقدمة‬

‫فرضٌة األمٌر‬ ‫‪1-3‬‬


‫المتحرٌان دافٌسون وجٌرمر ٌكتشفان موجات األمٌر‬ ‫‪2-3‬‬
‫مثنوٌة الموجة والجسٌم أو مبدأ التتام‬ ‫‪3-3‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬بزوغ مٌكانٌكا الكم أو نهاٌة ذرة بور‬

‫مقدمة‬

‫الدالة الموجٌة أو بداٌة الضباب‬ ‫‪1-4‬‬


‫شرودنؽر ٌصوغ قانون نٌوتن الثانً على طرٌقته الضبابٌة‬ ‫‪2-4‬‬
‫التفسٌر االحتمالً أو بداٌة اللعب بالنرد‬ ‫‪3-4‬‬
‫مبدأ هاٌزنبٌرغ االرتٌابً‬ ‫‪4-4‬‬
‫المعالجة الجدٌدة لذرة الهٌدروجٌن أو نهاٌة ذرة بور‬ ‫‪5-4‬‬

‫القسم الثانً‪ :‬ما بعد مٌكانٌكا الكم (األبعاد الفلسفٌة للنظرٌة)‬

‫الفصل الخامس‪ :‬بداٌة األزمة‬

‫مقدمة‬

‫تجربة ذات الشقٌن‬ ‫‪1-5‬‬


‫تفسٌر فاٌنمان أو مقاربة مٌكانٌكا الكم‬ ‫‪2-5‬‬
‫انهٌار الدالة الموجٌة أو تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن‬ ‫‪3-5‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬حرب المفارقات‬

‫قطة لٌست بحٌة وال مٌتة‬ ‫‪1-6‬‬


‫حوار بٌن بور واٌنشتاٌن‬ ‫‪2-6‬‬
‫المدرسة الواقعٌة تهاجم بمفارقة ا‪.‬ب‪.‬ر‬ ‫‪3-6‬‬
‫نظرٌة بٌل أو أفٌون ا‪.‬ب‪.‬ر‬ ‫‪4-6‬‬
‫مفارقة صدٌق فؽنر‬ ‫‪5-6‬‬
‫نظرٌة اٌفٌرت أو عدد ال نهابً من األكوان المتوازٌة‬ ‫‪6-6‬‬
‫من العالم الجدٌد‬ ‫‪7-6‬‬
‫مقدمة‬
‫توصؾ نظرٌتً الكم والنسبٌة عادة‪ ,‬كؤعظم نظرٌتٌن فً القرن العشرٌن‪ .‬حٌث تحمل كلتا‬
‫النظرٌتٌن بٌن ثناٌاها شٌبا من الؽموض واإلبهام‪ .‬لكن نظرٌة الكم تحمل أفكارا ال ٌتردد القارئ‬
‫الؽٌر معتاد علٌها بؤن ٌصفها بالجنون‪ ,‬كؤنسب وصؾ مناسب لها‪ .‬إن النجاح العظٌم الذي حققته‬
‫هذه النظرٌة على المستوى المجهري‪ ,‬جعلت اآلباء األوابل لها والمختصٌن فٌها ٌعٌروا اهتماما‬
‫إلى التبعات الخطٌرة إذا ما أخذت النظرٌة بمعناها الحرفً‪ .‬لقد كان فٌزٌابٌوا ما قبل الكم‬
‫ٌرصدون الجمل الفٌزٌابٌة على أساس أنها موجودة بشكل موضوعً هناك وأنا موجود هنا أقوم‬
‫برصدها‪ .‬كان العالم بالنسبة للفٌزٌابً أو اإلنسان العادي موجود بشكل موضوعً مستقل سواء‬
‫كان هناك من ٌرصده أو ال‪.‬‬

‫لكن نظرٌة الكم لها وجهة نظر أخرى بهذا الشؤن‪ .‬إن الراصد الذي ٌقوم بعمٌلة الرصد فً‬
‫المستوى المجهري‪ٌ ,‬خلق ثم ٌرى ما خلق‪ .‬هذا ما تقوله لنا نظرٌة الكم‪ ,‬إن الطبٌعة فً أعمق‬
‫أعماقها ؼٌر محددة سلفا‪ ,‬بل تنتظر راصدا ما لٌقوم بعمٌلة الرصد وٌحدد وضعا معٌنا للواقع!‪.‬‬
‫وهناك من الفٌزٌابٌٌن من ٌذهب أبعد من ذلك وٌرى بؤن الواقع ال وجود له بدون المشاهد‬
‫الواعً!!‪ ,‬وهذا ٌذكرنا بمذهب وحدة الوجود القدٌم قدم اإلنسان‪.‬‬

‫هناك الكثٌر بدون شك من الفالسفة والمتصوفة الشرقٌٌن منهم والؽربٌٌن من افتتن بمذهب وحدة‬
‫الوجود‪ ,‬وقد أجهد بعضهم أنفسهم بتؤلٌؾ كتب عدٌدة فً ذلك المذهب‪ .‬لكن مهما بلػ عدد‬
‫المإمنٌن بهذا المذهب ومهما بلػ عدد الكتب التً أولفت به‪ ,‬تبقى الحجج واألفكار التً قٌلت به‬
‫مبنٌة على أراء شخصٌة أو عقابد دٌنٌه أو أراء فالسفة حلموا بعالم مثالً‪ .‬لكن الوضع مع‬
‫نظرٌة الكم مختلؾ كثٌرا‪ ,‬إن كنت اآلن تجلس و بجوارك تلفاز أو كمبٌوتر أو هاتؾ نقال أو‬
‫حتى منزلً‪ ,‬فؤن كل هذه األشٌاء قامت باألساس على نظرٌة الكم‪ ,‬أو الفهم الدقٌق لسلوك‬
‫الذرات‪ .‬لذلك علٌنا أن نضع نتابج وتبعات هذه النظرٌة على محمل الجد‪ .‬فمعظم الفٌزٌابٌٌن‬
‫بحسب معرفتً لٌست لدٌهم عقٌدة معٌنه أو مزاج شخصً معٌن حتى ٌقولوا كالما ٌشبه الخرافة‬
‫أو الخٌال العلمً‪ .‬إن بعض اآلراء التً ستراها فً هذا الكتاب‪ ,‬ستبدو لك ؼٌر علمٌه أوكؤنها‬
‫من شطحات العلم أو الجنون العلمً‪ .‬لكن ضع فً ذهنك دابما‪ ,‬بؤن هذه اآلراء تؤتً من صمٌم‬
‫التجارب ذاتها‪ ,‬كما سنرى‪.‬‬

‫لم ٌكن أمام فٌزٌابٌوا القرن العشرٌن خٌارات كثٌرة لٌبنوا صورة سٌر الكون من حولهم‪ ,‬فإما‬
‫قبول صورة الكون اآللٌة كما صورها نٌوتن و البالس‪ ,‬أو قبول الثورة الكمومٌة الجدٌدة‪ .‬واآلن‬
‫وبعد مرور أكثر من قرن من الزمان على اكتشاؾ نظرٌة الكم‪ ,‬ما زال الكثٌر من الفٌزٌابٌٌن‬
‫ٌعٌدون النظر فً كل النتابج الؽرٌبة التً تتولد من بٌن ثناٌاها‪.‬‬

‫ٌعرض هذا الكتاب تارٌخ تطور نظرٌة الكم‪ ,‬منذ اكتشاؾ بالنك حتى نظرٌة العوالم المتعددة‪ .‬و‬
‫ال ٌخلوا هذا الكتاب من المعادالت الرٌاضٌة الموجزة نسبٌا‪ ,‬لفهم النظرٌة بشكل واضح وجٌد‬
‫على المستوى الرٌاضً‪ .‬لذلك ٌجب على القارئ أن ٌكون ملم بمبادئ الرٌاضٌات‪ ,‬لٌس أكثر‬
‫من حساب التفاضل والتكامل‪ .‬وكل ما هو معقد رٌاضٌا فً هذه النظرٌة ال ٌدخل ضمن هذا‬
‫الكتاب‪ ,‬وقد ٌكون هذا الكتاب مفٌد لمن هو مقبل على دراسة الفٌزٌاء الحدٌثة‪ .‬بعد االنتهاء من‬
‫الجانب العلمً سننتقل إلى الجانً الفلسفً‪ ,‬وال ٌعنً هذا بؤن النظرٌة قد نشؤت على جانبٌن‪ ,‬بل‬
‫كل ما فً األمر أنها قد وجدت نفسها بال حول وال قوة أمام الفلسفة‪.‬‬

‫أخٌرا سوؾ أكون ممتنا لمن ٌكتب رأٌه أو مالحظاته بخصوص هذا الكتاب على البرٌد‬
‫االلكترونً التالً‪:‬‬

‫‪yousifalbanay@hotmail.com‬‬

‫ٌوسؾ البناي‬
‫القسم األول‬
‫موجز لتطور نظرٌة الكم‬
‫الفصل األول‬
‫بزوغ فكرة التكمٌم أو حل مشكلة الجسم األسود‬
‫مقدمة‬
‫كانت آلٌة عمل الكون حتى نهاٌة القرن التاسع عشر تعمل على أروع ما ٌمكن‪ ,‬فبضل أعمال‬
‫نٌوتن والعمالقة الذٌن سبقوه‪ ,‬صارت آلٌة عمل الكون مفهومة جٌدا‪ ,‬وال شًء فٌها ٌدعوا للقلق‪.‬‬
‫إن كل ما نحتاجه لمعرفة حالة الكون المستقبلٌة‪ ,‬هو معرفة شروطه االبتدابٌة فقط‪ .‬لقد بات‬
‫الكون أشبه بآله عمالقة‪ ,‬تعمل بدقة الساعة‪ ,‬ال ٌصٌبها الخلل وال الملل منذ أن أطلقت للعمل‪.‬‬
‫فإذا ما علمنا عن موضع وسرعة كوكب أو نجم ما أو حتى ذرة شاردة فً الكون فً لحظة‬
‫معٌنه‪ ,‬فانه بإمكاننا تحدٌد كل حركاته المستقبلٌة تحدٌدا دقٌقا‪ ,‬بشرط أن نؤخذ فً الحسبان جمٌع‬
‫التؤثٌرات الخارجٌة‪ .‬بهذه الطرٌقة نستطٌع من حٌث المبدأ بواسطة استخدام قوانٌن الفٌزٌاء‬
‫تحدٌد حالة كل ما فً الكون‪ ,‬من اكبر مجراته إلى اصؽر ذراته‪ .‬عندها ستكون صورة الكون‬
‫المستقبلٌة ماثلة أمام أعٌننا‪ ,‬تماما كالماضً‪ .‬وفً ذلك ٌقول الرٌاضً الالمع البالس‪:‬‬

‫( ٌجب أن ننظر إذن‪ ,‬إلى الحالة الراهنة للكون كنتٌجة لحالته السابقة وكسبب لحالته الالحقة‪.‬‬
‫فلو أن عقال ٌمكنه أن ٌعرؾ‪ ,‬فً لحظة من اللحظات‪ ,‬جمٌع القوى التً تحرك الطبٌعة‪ ,‬وكل‬
‫األوضاع المتتالٌة التً تتخذها فٌها الكابنات التً تتؤلؾ منها ‪ -‬أي الطبٌعة ‪ , -‬ولو أن هذا العقل‬
‫نفسه هو من االتساع والشمول بحٌث ٌمكنه أن ٌخضع هذه المعطٌات للتحلٌل‪ ,‬فانه سٌكون قادرا‬
‫على أن ٌضم فً عبارة رٌاضٌة واحدة حركات أكبر األجسام فً الكون وحركات اصؽر و أدق‬
‫الذرات‪ ,‬فال شًء ٌكون بالنسبة إلى هذا العقل موضع شك‪ ,‬أن الماضً والمستقبل سٌكونان‪,‬‬
‫كالهما‪ ,‬حاضرٌن أمام عٌنٌه )*‬

‫لكن هذه الصورة الجمٌلة للكون لم تدم طوٌال‪ .‬لقد ظهرت مشكلتان شوهتا معالم تلك الصورة‬
‫الرابعة‪ ,‬وباتت قوانٌننا العظٌمة ؼٌر قادرة على التوافق مع نتابج تلك المشكلتان‪ .‬تعرؾ الٌوم‬
‫تلك المشكلتان باسم‪ :‬معضلة الجسم األسود‪ ,‬والتؤثٌر الكهروضوبً‪ .‬لقد كان حل هاتٌن‬
‫المعضلتٌن بداٌة لثورة وانطالقة جدٌدة فً دنٌا العلم‪ ,‬ؼٌرت نظرتنا المعتادة إلى ذاك الكون‬
‫اآللً إلى األبد‪.‬‬

‫* أخذنا هذه الترجمة من كتاب‪ ,‬مدخل إلى فلسفة العلوم‪ ,‬العقالنٌة المعاصرة وتطور الفكر العلمً‪ ,‬الدكتور محمد عابد‬
‫الجابري (بٌروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربٌة‪ ,‬الطبعة السادسة‪)6002 ,‬‬
‫‪ 1-1‬ما الجسم األسود؟‬
‫كل األجسام المحٌطة بك بما فٌهم أنت‪ ,‬تطلق إشعاع ٌسمى (اإلشعاع الحراري)‪ ,‬بشرط أن‬
‫تمتلك تلك األجسام درجة حرارة أعلى من الصفر المطلق‪ .‬هذا اإلشعاع الحراري هو إشعاع‬
‫كهرومؽناطٌسً عادي (ضوء)‪ .‬تعتمد كمٌة ونوعٌة هذا اإلشعاع بشكل ربٌسً على درجة‬
‫حرارة الجسم المشع‪ ,‬فالجسم الذي ٌمتلك درجة حرارة عالٌة‪ٌ ,‬كون لدٌة تردد عالً ]‪ [1‬أو‬
‫طاقة عالٌة‪ ,‬وطول موجً ]‪ [2‬قصٌر‪ ,‬والعكس صحٌح‪.‬‬

‫إن كل األجسام الحرارٌة ال تسخن من تلقاء ذاتها لكً تطلق إشعاع كهرومؽناطٌسً‪ ,‬بل تحتاج‬
‫إلى مصدر خارجً ٌعطً ذرات الجسم طاقة حركٌة‪ .‬فالحرارة لٌست سوى تحرك جزٌبات أو‬
‫ذرات الجسم‪ .‬إحدى طرق إثارة ذرات الجسم وإعطابها طاقة حركة تتم بواسطة تسلٌط ضوء‬
‫خارجً علٌه‪ ,‬حٌث تقوم ذرات الجسم بامتصاصه ومن ثم إطالق اإلشعاع الحراري‪ .‬إذن بهذه‬
‫الطرٌقة ٌعتمد اإلشعاع الحراري لألجسام‪ ,‬على التركٌبة الداخلٌة لألجسام نفسها‪ ,‬وقدرتها على‬
‫امتصاص األشعة الساقطة علٌه‪.‬‬

‫ال ٌوجد جسم قادر على امتصاص األشعة الساقطة علٌه ومن ثم إطالقها بشكل كامل‪ ,‬سوى‬
‫جسم واحد‪ ,‬وهو الجسم األسود‪ .‬جمٌع األجسام تمتص األشعة الساقطة علٌها ولكن فً نفس‬
‫الوقت تعكس وتمرر البعض األخر منها‪ .‬لكن الجسم األسود ال ٌعكس وال ٌمرر أي شًء من‬
‫األشعة‪ ,‬بل ٌقوم بامتصاصها بشكل كامل‪ ,‬لذلك ٌطلق علٌه اسم الجسم األسود‪.‬‬

‫ولكن كٌؾ ٌمكننا الحصول على مثل هذا الجسم فً المختبر‪ .‬فً الحقٌقة فكرته بسٌطة جدا‪,‬‬
‫نستخدم فرن أو تجوٌؾ داخلً‪ ,‬كما هو موضح بالشكل (‪ .)1-1‬تقوم الفكرة على إسقاط أشعة‬
‫كهرومؽناطٌسٌة من فتحة التجوٌؾ‪ ,‬وبعد دخولها ستقوم بسلسلة من االنعكاسات الداخلٌة‪ ,‬وكلما‬

‫شكل )‪(1-1‬‬

‫تقوم فكرة عمل الجسم األسود على إرسال شعاع ضوبً من فتحة صؽٌرة‪ ,‬وبعدها ٌقوم بانعكاسات كثٌرة‪ ,‬مما ٌإدي فً‬
‫النهاٌة إلى امتصاص وطالق كاملٌن لإلشعاع‪.‬‬
‫سقط اإلشعاع على جزء داخل التجوٌؾ‪ٌ ,‬قوم هذا الجزء بامتصاص كمٌة من اإلشعاع‬
‫الكهرومؽناطٌسً‪ .‬ولما كانت فرصة خروج اإلشعاع من الفتحة ضبٌلة جدا‪ ,‬سٌمتص اإلشعاع‬
‫فً النهاٌة بالكامل‪ ,‬ومن ثم ٌطلق بالكامل‪ ,‬ونحصل بهذه الطرٌقة على الجسم األسود‪.‬‬

‫إن موضع االهتمام فً دراسة الجسم األسود‪ ,‬هو خصابص اإلشعاع المنبعث منه‪ ,‬كالشدة و‬
‫التردد والطول الموجً‪ .‬لقد استحوذ هذا الموضوع على اهتمام كثٌر من الفٌزٌابٌٌن فً نهاٌة‬
‫القرن التاسع عشر وبداٌة القرن العشرٌن‪.‬‬

‫كانت المشكلة الربٌسة تكمن فً شرح خطوط الطٌؾ ]‪ [3‬المنبعثة من الجسم األسود‪ .‬فقد كان‬
‫معروفا آنذاك أن األشعة الكهرومؽناطٌسٌة تصدر بشكل مستمر‪ .‬هذا ٌعنً أن طاقة أو تردد‬
‫اإلشعاع تزداد بزٌادة التسخٌن‪ .‬لكن ما تم مالحظته تجرٌبٌا كان مقلقا للؽاٌة‪ ,‬فبزٌادة التسخٌن‬
‫تزداد طاقة اإلشعاع المنبعث حتى تصل إلى قٌمة عظمى معٌنه‪ ,‬ثم تبدأ بعدها بالنزول السرٌع‪.‬‬

‫والطول‬ ‫فً البداٌة سنقوم بتوضٌح العالقة بٌن طٌؾ اإلشعاع‬


‫مساوٌا للطاقة الصادرة من وحدة‬ ‫الموجً‪ٌ .‬عرؾ طٌؾ اإلشعاع‪ ,‬بحٌث ٌكون‬
‫عند ثبات درجة‬ ‫المساحة فً وحدة الزمن‪ ,‬محصورا فً مدى الطول الموجً 𝜆 و 𝜆‬
‫الحرارة‪.‬‬

‫ٌمثل الشكل (‪ )1-2‬العالقة بٌن طٌؾ اإلشعاع 𝜆 ‪ ,‬والطول الموجً عند درجات حرارة‬
‫مختلفة‪ .‬حٌث نالحظ أن طٌؾ اإلشعاع ٌزداد طردٌا مع الطول الموجً‪ ,‬حتى ٌصل إلى قٌمة‬
‫𝜆 ثم ٌبدأ بعدها بالنزول السرٌع‪ .‬وعند ارتفاع درجات الحرارة ٌزداد ارتفاع القمة‬ ‫عظمى‬
‫فقط‪ ,‬ولكن فً النهاٌة تهبط مرة اخرى وهكذا‪.‬‬

‫ودرجة‬ ‫‪ ,‬وهً وجود تناسب عكسً بٌن‬ ‫هناك عالقة تجرٌبٌة اكتشفها فٌن‬
‫الحرارة ‪:‬‬

‫𝜆‬

‫أي أن حاصل ضرب طول الموجة العظمى فً درجة الحرارة ٌعطً دابما ثابت تجرٌبً‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫وتسمى تلك العالقة األخٌرة بقانون فٌن لإلزاحة‬

‫إن تعرٌؾ طٌؾ اإلشعاع على انه الطاقة الصادرة من وحدة المساحة فً وحدة الزمن فً المدى‬
‫𝜆‪ٌ ,‬عنً أن هذه الطاقة صادرة فً مدى طول موجً أو تردد معٌن‪ ,‬ولٌس عند جمٌع‬ ‫𝜆‬
‫األطوال الموجٌة أو الترددات‪ ,‬لذلك إذا أردنا الحصول على الطاقة الكلٌة من وحدة المساحة فً‬
‫‪ٌ ,‬جب أن نقوم بتكامل طٌؾ‬ ‫وحدة الزمن‪ ,‬والتً تسمى بشدة اإلشعاع الكلٌة‬
‫اإلشعاع على جمٌع األطوال الموجٌة‪:‬‬

‫∫=‬ ‫𝜆‬ ‫𝜆‬

‫وتتناسب هذه العالقة مع المساحة المحصورة تحت المنحى فً الشكل )‪.(1-2‬‬


‫عالقة تجرٌبٌة مهمة‪ .‬لقد وجد أن شدة اإلشعاع الكلٌة‬ ‫فً عام ‪ ,9781‬وجد ستٌفان‬
‫تتناسب طردٌا مع القوة الرابعة لدرجة الحرارة المطلقة‪:‬‬

‫حٌث ‪ σ‬ثابت التناسب‪ ,‬ويسمى بثابت ستيفان – بولتزمان‪ ,‬ويساوي ‪:‬‬

‫=‬ ‫‪w/‬‬

‫–‬ ‫تسمى العالقة )‪ (1-3‬بقانون ستٌفان – بولتزمان إلشعاع الجسم األسود‬


‫‪.‬‬

‫‪ 2-1‬نظرٌة راٌلً – جٌنز الكالسٌكٌة‬


‫‪ ,‬باستخدام قوانٌن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪,‬‬ ‫حاول راٌلً و جٌنز‬
‫والنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة تفسٌر إشعاع الجسم األسود‪ .‬كان من المعروؾ فً النظرٌة‬
‫الكهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬أن جمٌع األجسام المشحونة المتسارعة تصدر إشعاعا كهرومؽناطٌسٌا‬
‫مستمرا‪ .‬افترضا راٌلً وجٌنز أن شكل التجوٌؾ‪ ,‬شكل )‪ ,(1-1‬عبارة عن مكعب طول ضلعه‬
‫‪,‬‬ ‫‪ .‬فً هذه الحالة ٌقوم اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً بثالث انعكاسات على المحاور‬
‫كما هو موضح بالشكل )‪ .(1-3‬و طالما أن الجدران متوازٌة فلن ٌحدث أي تداخل لمركبات‬
‫الموجات الكهرومؽناطٌسٌة‪ .‬تسمى الموجات الذاهبة والقادمة من أي محور بالموجات الموقوفة‬
‫‪ ,‬وٌتحدد أطوال أمواجها أو تردداتها بؤبعاد التجوٌؾ‪ .‬من المعلوم أن‬
‫انتشار الموجة الكهرومؽناطٌسٌة متعامد مع متجه المجال الكهربابً ‪ ,‬والذي بدوره ٌكون‬

‫شكل )‪(1-2‬‬

‫توزٌع طٌؾ إشعاع الجسم األسود كدالة فً الطوال الموجً‪.‬‬


‫شكل)‪(1-3‬‬

‫انعكاس اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً على ثالث محاور‪.‬‬

‫موازي للحابط‪ .‬باستخدام خواص الموجات الكهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬نجد أن األشعة المنتشرة فً‬
‫‪.‬‬ ‫و‬ ‫‪ ,‬حٌث ٌنعدم المجال الكهربابً عند‬ ‫المحور توجد لها عقدتان‬
‫وٌنطبق ذلك أٌضا على المحوران و ‪.‬‬

‫إذا سلمنا اآلن بؤن األمواج الكهرومؽناطٌسٌة الموجودة داخل الصندوق موقوفة‪ ,‬فٌجب أن تتخذ‬
‫أطوال أمواجها قٌما معٌنه تحقق العالقة التالٌة‪:‬‬

‫) (‬

‫‪ .‬أي نحتاج إلى أعداد صحٌحة من أنصاؾ األطوال الموجٌة‪ ,‬حتى‬ ‫حٌث ‪.‬‬
‫ٌتسنى للموجة أن تدخل داخل الصندوق‪ .‬والموجات التً ال تحقق المعادلة )‪ (1- 4‬تتالشى‬
‫‪ٌ .‬وضح الشكل )‪ (1-4‬بعض الموجات‬ ‫بتداخالت هدامة‬
‫الموقوفة باتجاه محور لثالث قٌم مختلفة‪.‬‬

‫باستخدام قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة والنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬اشتق راٌلً وجٌنز المعادلة‬
‫النهابٌة لطاقة الجسم األسود كدالة فً التردد ودرجة الحرارة ‪:T‬‬

‫̅‬

‫حٌث ̅ متوسط الطاقة وتعطى باستخدام توزٌع بولتزمان‬


‫كالتالً‪:‬‬
‫شكل )‪(1-4‬‬

‫بعض الموجات الموقوفة لبعض قٌم ‪ n‬فً محور ‪.x‬‬

‫∫‬
‫̅‬
‫∫‬

‫ٌسمى ثابت بولتزمان وٌساوي‪:‬‬ ‫حٌث‬

‫وبتعوٌض المعادلة )‪ (1-6‬فً المعادلة )‪ (1-5‬نحصل على ‪:‬‬

‫هً كثافة الطاقة‬ ‫وتسمى هذه العالقة بقانون راٌلً – جٌنز إلشعاع الجسم األسود‪,‬‬
‫وهً طاقة جزبٌة‪ .‬لذلك وللحصول على كثافة الطاقة الكلٌة نقوم بتكامل‬
‫كثافة الطاقة على جمٌع الترددات‪:‬‬

‫∫‬

‫وترتبط هذه العالقة بشدة اإلشعاع الكلٌة ‪ ,‬المعادلة )‪ ,(1-3‬على النحو التالً‪:‬‬

‫لكن هل تستطٌع العالقة )‪ (1-7‬تفسٌر النتابج التجرٌبٌة إلشعاع الجسم األسود‪ .‬لبٌان ذلك دعنا‬
‫نرى الشكل )‪ ,(1-5‬والذي ٌوضح مقارنة بٌن قانون راٌلً – جٌنز وكثافة الطاقة إلشعاع الجسم‬
‫شكل )‪(1-5‬‬

‫مقارنة بٌن قانون راٌلً ‪ -‬جٌنز وشدة اإلشعاع كما تعطى تجرٌبٌا‪ٌ .‬بٌن الشكل كٌؾ أن قانون راٌلً – جٌنز ٌذهب‬
‫إلى الالنهاٌة مع ارتفاع طاقة اإلشعاع مما ٌنبا بكارثة فوق البنفسجً‪.‬‬

‫األسود كما تعطٌها التجارب المخبرٌة‪ٌ .‬تضح مباشرتا بؤن هناك اختالؾ بٌن قانون راٌلً –‬
‫جٌنز وكثافة الطاقة المعطاه تجرٌبٌا‪ٌ .‬تنبؤ قانون راٌلً – جٌنز باستمرار كثافة الطاقة مع‬
‫نقصان الطول الموجً‪ ,‬بٌنما نرى أن المعطى تجرٌبٌا ٌصل إلى قٌمة عظمى معٌنة ثم ٌبدأ‬
‫بعدها بالنزول السرٌع‪ٌ .‬تفق قانون راٌلً – جٌنز بصورة ممتازة مع الطاقات المنخفضة أو‬
‫األطوال الموجٌة الطوٌلة‪ ,‬لكن بزٌادة الطاقة وانزٌاح األطوال الموجٌة نحو األشعة فوق‬
‫البنفسجٌة‪ٌ ,‬بدأ االختالؾ بٌن النظرٌة والتجربة بالظهور‪.‬‬

‫لو أخذنا تكامل العالقة )‪ (1-7‬على جمٌع الترددات‪ ,‬وذلك للحصول على الطاقة الكلٌة‪ ,‬سنجد‬
‫بؤن الناتج كمٌة ال نهابٌة ! وهذا بالتؤكٌد ال ٌطابق التجربة وال الواقع‪ .‬لقد أطلق على هذه‬
‫المشكلة اسم (كارثة فوق البنفسجً) ‪ .ultraviolet catastrophe‬وهذا ٌدل على وجود‬
‫عٌوب نظرٌة فً قانون راٌلً – جٌنز‪.‬‬

‫ظلت معضلة الجسم األسود قابمة بدون تفسٌر حتى عام ‪ ,0500‬حٌنما أتت أول حركة رادٌكالٌة‬
‫على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪ .‬كان صاحبها ٌرى وجوب تقدٌم تفسٌر نظري بؤي وسٌلة ومهما كان‬
‫بوجوب انتهاج‬ ‫الثمن ؼالٌا على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪ .‬هكذا أمن ماكس بالنك‬
‫أفكار جدٌدة لحل المعضلة وحسب قوله‪:‬‬

‫(فعل الٌؤس‪........‬البد من تقدٌم تفسٌر نظري مهما بلؽت التكلفة و بؤي ثمن)]‪.[4‬‬
‫‪ 3-1‬بالنك ٌتفادى المشكلة أو ٌطلق أول رصاصة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‬
‫شكلت نظرٌة راٌلً – جٌنز صدمة لمجتمع الفٌزٌابٌٌن آنذاك‪ ,‬فعلى الرؼم من استخدام قوانٌن‬
‫الفٌزٌاء الكالسٌكٌة والنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة لتفسٌر إشعاع الجسم األسود‪ ,‬وافتراض أن هذا‬
‫اإلشعاع ناتج عن الحركة االهتزازٌة لاللكترونات الموجودة فً جدار الجسم‪ ,‬إال أن كل ذلك لم‬
‫ٌنجح فً تفسٌر إشعاع الجسم األسود‪ .‬فؤٌن الخلل إذن؟ أفً النظرٌة أم فً قوانٌن الفٌزٌاء‬
‫الكالسٌكٌة؟‬

‫فً عام‪ ,0500‬أتى ماكس بالنك لٌجٌب على هذا السإال؟ لقد اكتشؾ بالنك أن الخطؤ ٌكمن فً‬
‫استخدام راٌلً وجٌنز متوسط الطاقة الكلٌة من المعادلة )‪ .(1-7‬كانت المالحظة المهمة أن‬
‫حساب متوسط الطاقة من هذه المعادلة األخٌرة ٌعتمد فقط على درجة الحرارة ‪ .‬رٌاضٌا نقول‪,‬‬
‫طالما أن هذه المعادلة ال تعمل إال فً الطاقات المنخفضة جدا‪ ,‬إذن نستطٌع كتابة أن‪:‬‬

‫→‬

‫ولقد الحظنا من قبل أن كثافة الطاقة الكلٌة إلشعاع الجسم األسود‪ ,‬تزداد بزٌادة التردد‪ ,‬حتى‬
‫تصل إلى قٌمة عظمى ثم تبدأ بعدها بالنزول السرٌع كما هو موضح بالشكل )‪ .(1-5‬أي أن‪:‬‬

‫→‬

‫استنتج بالنك من ذلك أن متوسط الطاقة الكلٌة ٌجب أن ٌعتمد على التردد‪ ,‬ال على درجة‬
‫الحرارة‪ .‬لم ٌجد بالنك نفسه إال أمام خٌار واحد‪ ,‬وهو افتراض ان الطاقة الكلٌة للموجات‬
‫الموقوفة ال تؤخذ إال قٌما منفصلة من الطاقة‪ .‬وهذا مخالؾ بشكل واضح لما جابت به النظرٌة‬
‫الكهرومؽناطٌسٌة من أن الطاقة دابما متصلة‪.‬‬

‫ٌتفق بالنك مع نظرٌة راٌلً – جٌنز فً أن سبب الموجات الموقوفة هً المهتزات التوافقٌة‬
‫للجسٌمات المشحونه الموجودة فً جدار الجسم األسود‪ .‬لكن االختالؾ بٌنهما كان حول ماهٌة‬
‫االشعاع‪ .‬نجد فً نظرٌة راٌلً‪ -‬جٌنز أن اإلشعاع متصل‪ ,‬بٌنما نجد فً نظرٌة بالنك أن‬
‫االشعاع منفصل‪ .‬طالما أن اإلشعاع منفصل‪ ,‬إذن ٌجب أن ٌكون مسبب هذه اإلشعاع هو األخر‬
‫منفصل أٌضا‪ .‬أي أن طاقة المهتزات الذرٌة فً جدران الجسم األسود ٌجب أن تؤخذ قٌما‬
‫منفصلة‪ .‬وجد بالنك أن قٌمة هذه الطاقة تساوي‪:‬‬

‫بهذه المعادلة الصؽٌرة‪ ,‬أدخل بالنك الفٌزٌاء إلى عهد جدٌد‪ .‬اذ مثلت هذه المعادلة مٌالد العصر‬
‫الكمومً‪ .‬لقد افترض بالنك وألول مرة أن الطاقة تؤخذ قٌما منفصلة تسمى (كوانتا) ‪.Quanta‬‬
‫‪ ,‬وٌعد اآلن‪ ,‬على الرؼم‬ ‫الموجود فً المعادلة أعاله ٌسمى ثابت بالنك‬
‫من قٌمته الصؽٌرة جدا من أشهر الثوابت الفٌزٌابٌة‪ ,‬وقٌمته تساوي‪:‬‬
‫و عدد صحٌح‪,‬أي‬

‫إلى‬ ‫نقوم اآلن بتعوٌض المعادلة )‪ (1-12‬فً المعادلة )‪ ,(1-6‬ونبدل التكامالت‬


‫‪ .‬وهذا التبدٌل الرٌاضً ضروري حتى ٌتفق مع فكرة التقطٌع التً اقترحها‬ ‫عملٌة الجمع‬
‫بالنك‪ ,‬فالتكامل رٌاضٌا ٌعنً االستمرار وعملٌة الجمع تعنً التقطٌع‪ٌ .‬تم الجمع لجمٌع‬
‫حٌث نجد‪:‬‬ ‫الى‬ ‫المتذبذبات التوافقٌة‪ ,‬أي من‬

‫∑‬
‫̅‬
‫∑‬

‫نستطٌع رٌاضٌا كتابة المعادلة السابقة كالتالً ‪:‬‬

‫̅‬

‫نحصل على‪:‬‬ ‫و بؤخذ‬

‫̅‬

‫وبتعوٌض المعادلة )‪ (1-15‬فً المعادلة)‪ (1-5‬نحصل على‪:‬‬

‫وتسمى هذه العالقة الشهٌرة بقانون بالنك إلشعاع الجسم األسود‪ .‬وتتفق هذه العالقة بصورة‬
‫مذهلة مع النتابج التجرٌبٌة‪ ,‬كما هو موضح بالشكل )‪.(1-6‬‬

‫شكل )‪(1-6‬‬

‫مقارنة بٌن قانون بالنك و راٌلً – جٌنز‪ .‬النتابج التجرٌبٌة (النقاط) تتفق بشكل مثٌر مع قانون بالنك‪.‬‬
‫لم ٌتنبؤ قانون بالنك مع النتابج التجرٌبٌة وحسب‪ ,‬بل استطاع أن ٌبٌن بؤن كل القوانٌن السابقة‬
‫علٌه‪ ,‬والتً حاولت تفسٌر إشعاع الجسم األسود كانت حالة خاصة لقانونه‪ .‬فلكً نحصل على‬
‫قانون فٌن لإلزاحة‪ ,‬المعادلة )‪ (1-1‬نقوم باشتقاق المعادلة )‪ (1-16‬ومن ثم نساوٌها بالصفر‪,‬‬
‫‪ .‬وإلٌجاد قانون ستٌفان – بولتزمان‪ ,‬المعادلة )‪,(1-3‬‬ ‫وذلك إلٌجاد القٌمة العظمى‪ ,‬أي‬
‫نقوم بتكامل المعادلة )‪ (1-16‬على جمٌع األطوال الموجٌة‪ ,‬ولكنه تكامل صعب بعض الشًء‪.‬‬
‫أخٌرا بالنسبة لقانون راٌلً – جٌنز‪ ,‬فقد بٌنا فٌما سبق أن متوسط الطاقة والذي استخدم من قبل‬
‫راٌلً و جٌنز ٌعطى بالعالقة )‪ ,(1-6‬ولكن كما رأٌنا من قبل أن هذا القانون ال ٌتفق اال مع‬
‫الترددات المنخفضة‪ ,‬أما فً الحالة العامة فٌجب استخدام المعادلة )‪ .(1-12‬نستطٌع اآلن كتابة‬
‫العالقة التالٌة فً حالة الترددات المنخفضة‪:‬‬

‫= ⇒‬

‫عندما تكون قٌمة 𝜆 كبٌرة جدا أي طاقة منخفضة ‪ ,‬سٌإدي ذلك الى تصؽٌر قٌمة ‪ e‬فً‬
‫المعادلة )‪ .(1-16‬و بعدها ٌمكننا استخدام التقرٌب الرٌاضً التالً‪:‬‬

‫‪ ,‬وبالتعوٌض فً المعادلة )‪ (1-16‬نحصل على قانون راٌلً – جٌنز‪ .‬إن قانون‬ ‫حٌث‬
‫راٌلً – جٌنز ال ٌحتوي على الثابت الكمومً ‪ ,‬لذلك فً حالة الطاقات المنخفضة ٌكون‬
‫التؤثٌر الكمومً ؼٌر مهم‪ ,‬وٌمكن استخدام قانون راٌلً – جٌنز‪ .‬أما عندما تبدأ طاقات اإلشعاع‬
‫باالرتفاع ٌبدأ التؤثٌر الكمومً بالدخول وٌلعب الثابت دورا هاما‪ ,‬وهذا هو جوهر االختالؾ‬
‫بٌن النظرٌتان‪.‬‬

‫الشك أن فكرة التكمٌم التً أدخلها بالنك إلى المجتمع الفٌزٌابً كانت دخٌلة علٌهم‪ .‬لذلك لم‬
‫تالقً قبوال واسعا فً البداٌة‪ ,‬بل إن بالنك نفسه أصبح متحفظا على نظرٌته‪ .‬فال ٌوجد شًء‬
‫تجرٌبً ٌثبت أن اإلشعاع الحراري ٌتصرؾ بشكل متقطع‪ .‬إذ أن كل ما قام به هو بناء صرؾ‬
‫لنظرٌة رٌاضٌة تتفق مع التجربة فحسب‪.‬‬

‫لكن األوان قد فات‪ ,‬وهو بنظرٌته تلك قد أطلق أول رصاصة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪ .‬لقد‬
‫بدل فكرة االستمرار المقبولة لدى جمٌع الفٌزٌابٌٌن بفكرة التقطٌع الدخٌلة على مجتمعهم المتحفظ‬
‫على عاداته وتقالٌده‪.‬‬

‫بعد خمس أعوام من نظرٌة بالنك‪ ,‬كان المجتمع الفٌزٌابً على موعد للقاء فٌزٌابً دخٌل أخر‬
‫‪ .‬لم ٌحاول ذاك الدخٌل إبطال أو برهنة نظرٌة‬ ‫ٌدعى ألبرت أٌنشتٌن‬
‫الشخص الذي أصبح صدٌقه الحمٌم فٌما بعد‪ ,‬بل كل ما فعله هو استعارة المسدس منه وإطالق‬
‫الرصاصة الثانٌة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪.‬‬
‫‪ 4-1‬مشكلة التؤثٌر الكهروضوبً‬
‫التؤثٌر الكهروضوبً هو ببساطة إطالق مجموعة من االلكترونات عند سقوط أشعة‬
‫كهرومؽناطٌسٌة على أسطح بعض المعادن‪ .‬كان أول من الحظ هذه الظاهرة هو هرتز ‪Hertz‬‬
‫بٌن عامً ‪ 0442‬و ‪ 0443‬بطرٌقة ؼٌرة مباشرة‪ ,‬وهو ٌعمل حول تجاربه المشهورة فً‬
‫اكتشاؾ الموجات الكهرومؽناطٌسٌة التً تنبؤ بها ماكسوٌل ‪ .Maxwell‬فقد تبٌن له أن سقوط‬
‫األشعة فوق البنفسجٌة على أنبوبة التفرٌػ الكهربابً ٌسهل عملٌة التفرٌػ‪ .‬بالطبع لم ٌكن هرتز‬
‫على علم بؤن هناك جسٌمات مشحونة تنطلق من السطح تسمى الكترونات‪ .‬بل تم ذلك بعد‬
‫لإللكترون عام ‪ ,0453‬حٌث تمكن لٌنارد‬ ‫اكتشاؾ جوزٌؾ طومسون‬
‫عن كشؾ هوٌة هذه الجسٌمات وهً االلكترونات‪ ,‬وأطلق على هذا الـتؤثٌر اسم‬
‫‪.‬‬ ‫التؤثٌر الكهروضوبً‬

‫ٌبٌن الشكل )‪ (1-7‬الجهاز المستخدم فً تجربة الـتؤثٌر الكهروضوبً‪ٌ .‬تكون الجهاز بشكل عام‬
‫من الخلٌة الكهروضوبٌة و التً تحتوي على سطح معدنً ٌسمى الكاثود‪ ,‬وهو سالب الجهد‬
‫الكهربابً‪ ,‬وسطح معدنً أخر ٌسمى األنود وهو موجب الجهد الكهربابً‪ٌ .‬تم وضع المعدنٌٌن‬
‫داخل وعاء زجاجً مفرغ تماما من الهواء‪ ,‬و مزود بنافذة من الكوارتز‪ ,‬وذلك الن الزجاج‬
‫ٌمتص معظم األشعة قبل وصولها إلى سطح المعدن‪ٌ .‬تصل كل من سطحً المعدن بؤمٌتر‬
‫وفولتمٌتر لقٌاس شدة التٌار وفرق الجهد على التوالً‪ٌ .‬وجد كذلك مصدر للطاقة الكهربابٌة‬
‫وذلك لخلق مجال كهربابً ٌتجه من األنود إلى الكاثود‪ .‬أٌضا هناك مفتاح عاكس للجهد‬
‫الكهربابً‪ ,‬اي قادر على قلب اتجاه المجال الكهربابً وذلك ألؼراض تجرٌبٌة كما سنرى‪.‬‬

‫تتلخص نتابج تجربة التؤثٌر الكهروضوبً فً النقاط التالٌة‪:‬‬

‫‪ٌ ‬عتمد إطالق االلكترونات من السطح المعدنً على التردد او طول موجة اإلشعاع‬

‫شكل )‪(1-7‬‬

‫الجهاز المستخدم لدراسة التؤثٌر الكهروضوبً‪.‬‬


‫الساقط‪ ,‬وكذلك ٌعتمد على نوعٌة المعدن‪ .‬إن التردد القادر على نزع االلكترونات من المعدن‬
‫‪.‬‬ ‫ٌجب أن ٌكون أكبر من تردد ٌسمى (تردد العتبة)‬

‫‪ ‬هناك عالقة طردٌة بٌن التٌار الكهربابً إن وجد و شدة الضوء]‪ [5‬الساقط‪ ,‬وذلك عند‬
‫ثبات تردد الضوء وفرق الجهد بٌن اللوحٌن الكاثود واألنود‪.‬‬
‫‪ ‬عند زٌادة الجهد السالب على لوح الكاثود‪ ,‬تردد بعض االلكترونات ذات الطاقة‬
‫المنخفضة إلى الوراء‪ ,‬وال تصل إلى األنود‪ ,‬مما ٌإدي إلى نقصان فً شدة التٌار‬
‫‪ .‬وإذا ما‬ ‫الكهربابً‪ٌ .‬سمى هذا الجهد ب (جهد اإلرجاع)‬
‫زٌد هذا الجهد تدرٌجٌا سٌصل إلى قٌمة معٌنه‪ ,‬تنعدم عندها شدة التٌار الكهربابً‪ ,‬أي‬
‫ٌتوقؾ سرٌان االلكترونات‪ٌ .‬سمى الجهد فً هذه الحالة ب (جهد اإلٌقاؾ)‬
‫‪ ,‬وٌرمز له بالرمز ‪ .‬من الممكن ان تتم هذا العملٌة‬
‫أٌضا بعكس اتجاه المجال الكهربابً بواسطة المفتاح الكهربابً‪.‬‬

‫‪,‬‬ ‫هناك عالقة رٌاضٌة كالسٌكٌة بٌن طاقة الحركة العظمى لإللكترونات ‪ ,‬وجهد اإلٌقاؾ‬
‫تعطى كالتالً‪:‬‬

‫كان من المتوقع أن تفسر هذه العالقة جمٌع نتابج التجربة‪ ,‬لكن ظلت هناك عدة نقاط فشلت فً‬
‫تفسٌرها‪ .‬أوال‪ :‬تعتمد طاقة الحركة العظمى لاللكترونات على تردد الضوء الساقط ال على‬
‫شدته‪ .‬ثانٌا‪ :‬وجود حد أدنى من التردد (تردد العتبة)‪ ,‬بحٌث ال تنطلق االلكترونات إذا كان تردد‬
‫الضوء الساقط أقل منه‪ .‬ثالثا‪ :‬الفترة الزمنٌة بٌن سقوط األشعة الضوبٌة على سطح المعدن‬
‫وصدور االلكترونات فترة أنٌة‪ ,‬وهذا ؼٌر متوقع فً ظل قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪ .‬إذ البد‬
‫من وجود فارق زمنً ٌعتمد على شدة اإلشعاع الساقط‪ .‬كٌؾ ٌمكن التؽلب على هذه‬
‫الصعوبات‪ ,‬إن األمر بحاجة إلى حركة رادٌكالٌة أخرى‪ ,‬شبٌه بحركة بالنك‪.‬‬

‫‪ 5-1‬اٌنشتٌن ٌحل المشكلة أو ٌطلق الرصاصة الثانٌة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‬


‫فً عام ‪ 0501‬طرح اٌنشتٌن ورقة بحث علمً لحل معضلة التؤثٌر الكهروضوبً‪ ,‬التً لم‬
‫تستطع النظرٌات الكالسٌكٌة تفسٌرها‪ .‬كان اٌنشتٌن بال شك على إطالع على أفكار بالنك‬
‫الجدٌدة فً تفسٌر إشعاع الجسم األسود‪ .‬لقد بٌن بالنك أن ذرات الجسم األسود تمتص األشعة‬
‫الساقطة علٌها على هٌبة كمات‪ ,‬ومن ثم تصدر أشعة كهرومؽناطٌسٌة أٌضا على شكل كمات‪.‬‬
‫لكن بالنك وكباقً الفٌزٌابٌٌن اعتقد أن هذه األشعة فً حال صدورها تؤخذ شكل موجات‬
‫كهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬وهنا ٌكمن النقص الذي الحظه اٌنشتٌن فً عدم القدرة على تفسٌر الظاهرة‬
‫الكهروضوبٌة‪.‬‬

‫افترض اٌنشتٌن أن الضوء ٌتكون من حبٌبات صؽٌرة جدا من الطاقة‪ ,‬وتكون هذه الطاقة‬
‫مكممة‪ ,‬أي تصدر فً الفراغ وتمتص على هٌبة كمات‪ ,‬تماما كما افترض بالنك ما ٌحدث فً‬
‫ذرات الجسم األسود‪ٌ .‬طلق على حبٌبات الضوء التً افترضها اٌنشتٌن اسم (الفوتونات)‬
‫‪ .‬كل واحد من هذه الفوتونات ٌحمل طاقة تتناسب مع تردد اإلشعاع ‪ ,‬تعطى‬
‫كالتالً‪:‬‬

‫نالحظ مباشرة أن هذه المعادلة هً نفسها المعادلة )‪ (1-12‬التً اقترحها بالنك لحاالت الطاقة‬
‫التً تتواجد فٌها المهتزات الذرٌة فً جدران الجسم األسود‪.‬‬

‫اقترح اٌنشتٌن أن اإللكترون الواحد الموجود فً المعدن ٌقوم بامتصاص فوتون واحد‪ ,‬ومن ثم‬
‫ٌستخدم اإللكترون طاقة الفوتون للتخلص من ارتباطه بسطح المعدن والخروج على هٌبة طاقة‬
‫حركة‪ .‬توصل اٌنشتٌن إلى المعادلة النهابٌة التً تحكم ظاهرة التؤثٌر الكهروضوبً‪ ,‬وهً‪:‬‬

‫حٌث تسمى دالة الشؽل‪ ,‬وهً تعبر عن مدى ارتباط اإللكترون بسطح المعدن‪ .‬ترتبط دالة‬
‫الشؽل بتردد العتبة بالعالقة التالٌة‪:‬‬

‫وهذه العالقة تفسر لماذا كان تردد العتبة هو أقل تردد ممكن لنزع اإللكترون من موقعه فً‬
‫الذرة‪ ,‬دون إعطابه أي طاقة حركة‪.‬‬

‫بهذه االفتراض البسٌط تؽلب اٌنشتٌن على جمٌع المشاكل التً واجهت النظرٌة الكالسٌكٌة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬طاقة الحركة العظمى لاللكترونات تعتمد على تردد الضوء الساقط ال على شدته‪ .‬إن طاقة‬
‫اإللكترون تعتمد على طاقة الفوتون‪ ,‬وهذا بدوره ٌعتمد على تردد الضوء‪ ,‬أما زٌادة شدة الضوء‬
‫فتعنً فقط زٌادة عدد االلكترونات‪ ,‬لكن إذا كانت هناك شدة بدون تردد عالً‪ ,‬لن ٌنبعث اي‬
‫إلكترون‪ .‬ثانٌا‪ٌ :‬فسر تردد العتبة على انه اقل تردد ممكن حتى تخرج االلكترونات من مواقعها‬
‫فً السطح المعدنً‪ .‬ثالثا‪ :‬تفسر الفترة اآلنٌة بٌن سقوط الضوء وانتزاع االلكترونات بفكرة‬
‫الفوتونات‪ ,‬فالموقؾ هنا ٌشبه ضرب كرة بلٌاردو بؤخرى وتحرٌكها بشكل آنً‪.‬‬

‫مما هو جدٌر بالذكر هنا‪ ,‬هو أن اٌنشتٌن لم ٌكن أول من فكر بالضوء على انه سٌل من‬
‫الجسٌمات‪ ,‬بل كان نٌوتن ‪ Newton‬هو أول من اقترح هذه الفكرة‪ .‬لكن ماكسوٌل ‪Maxwell‬‬
‫برهن فٌما بعد رٌاضٌا على ان الضوء موجة كهرومؽناطٌسٌة ولها سرعة ثابته فً الفراغ‪,‬‬
‫وهً سرعة الضوء‪ .‬وتعتبر هذه القصة مثٌرة جدا بالنسبة لكتاب الفٌزٌاء‪ .‬فإذا كنت على إطالع‬
‫واسع على كتب الفٌزٌاء األدبٌة‪ ,‬فال بد أنك قد صادفتها كثٌرا‪ .‬لكن ٌجب أال ٌفهم بؤن نٌوتن قد‬
‫وضع فكرة الفوتونات كما فً نظرٌة اٌنشتٌن‪ ,‬بل كان نوع من الحدس النظري‪ ,‬إذ ٌختلؾ‬
‫الوضع كثٌرا فً عهد اٌنشتٌن‪ ,‬الذي زادت فٌه التجارب بٌن الضوء والمادة بشكل كبٌر‪.‬‬

‫لقد كان فشل النظرٌات السابقة فً تفسٌر التؤثٌر الكهروضوبً ونجاح نظرٌة اٌنشتٌن بمثابة‬
‫الرصاصة الثانٌة على قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪ ,‬بعد رصاصة بالنك‪ .‬لقد استخدم االثنان نفس‬
‫الدستور وهو‪:‬‬
‫و من اآلن فصاعدا سنطلق على هذه العالقة اسم دستور بالنك – اٌنشتٌن‪.‬‬

‫كان اٌنشتٌن ٌعتقد بؤنه ال ٌخالؾ قوانٌن الفٌزٌاء الكالسكٌة أبدا‪ ,‬بل ٌتممها‪ .‬لكن سنرى فٌما بعد‬
‫وعند االنتقال إلى القسم الفلسفً من هذه النظرٌة‪ ,‬كٌؾ أن أٌنشتٌن والذي ٌعتبر من المإسسٌن‬
‫األوابل لنظرٌة الكم‪ ,‬بات العدو اللدود لها‪.‬‬

‫‪ 6-1‬كومتون المتحري ٌكتشؾ رصاص اٌنشتٌن‬


‫دور المتحري‬ ‫فً عام ‪ 0501‬لعب الفٌزٌابً األمرٌكً آرثر كومتون‬
‫فً عام ‪ 0415‬بدأ‬ ‫فً المسرحٌة الكمومٌة‪ .‬فبعدما اكتشؾ رونتجن األشعة السٌنٌة‬
‫كثٌر من الباحثٌن فً استخدامها على المواد‪ .‬افترضت النظرٌة الكالسٌكٌة آنذاك أن مركبات‬
‫المجال الكهربابً لألشعة الكهرومؽناطٌسٌة التً تسقط على المواد تجبر االلكترونات على‬
‫االهتزاز بنفس الطرٌقة ومن ثم إصدار أشعة كهرومؽناطٌسٌة من تلك االلكترونات المتسارعة‬
‫بحٌث ٌكون لها نفس تردد األشعة الساقطة‪.‬‬

‫كانت النظرٌة الكالسٌكٌة قادرة على تفسٌر األشعة المنبعثة فً حالت الطاقات المنخفضة‬
‫(ترددات منخفضة) ولكن فً حالة الطاقات العالٌة تفشل النظرٌة فً ذلك‪ .‬فً عام ‪,0561‬‬
‫استخدم كومتون األشعة السٌنٌة وسلطها على مادة الجرافٌت وذلك لبعثرتها‪ .‬تعرؾ تلك‬
‫‪.‬‬ ‫التجربة الٌوم باسم تجربة تؤثٌر كومتون‬

‫ٌبٌن الشكل )‪ (1-8‬الجهاز المستخدم لبعثرة األشعة السٌنٌة‪ٌ .‬تكون الجهاز بصورة عامة من‬
‫انبوبة لتولٌد األشعة السٌنٌة‪ ,‬و هو قطعة من الجرافٌت (الهدؾ)‪ ,‬كذلك ٌوجد جهاز لرصد‬
‫األشعة المبعثرة وٌتحرك على مسار دابري‪.‬‬

‫لم ٌستخدم كومتون قوانٌن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة لتفسٌر نتابج التجربة‪ ,‬بل وجد ضالته فً‬
‫دستور بالنك – اٌنشتٌن‪ .‬افترض كومتون أن فرض اٌنشتٌن حول طبٌعة الضوء صحٌح‪ .‬أي‬

‫شكل )‪(1-8‬‬

‫تجربة تؤثٌر كومتون‬


‫أن الضوء ٌتكون من مجموعة من الفوتونات‪ .‬وقد استخدم المٌكانٌكا النسبٌة عوضا عن‬
‫المٌكانٌكا النٌوتنٌة‪ ,‬وذلك ألن الفوتونات القادمة من أشعة اكس تحمل طاقة عالٌة جدا‪.‬‬

‫ٌبٌن الشكل )‪ (1-9‬رسم تخطٌطً لعملٌة التصادم بٌن فوتون مع احد الكترونات مادة الجرافٌت‪,‬‬
‫والشكل )‪ (1-10‬عبارة عن رسم اتجاهً لمركبات كمٌة الدفع لإللكترون والفوتون بعد عملٌة‬
‫التصادم‪ .‬سنعتبر أن اإللكترون ساكن فً البداٌة‪ ,‬وهذا التقرٌب ممكن نظرٌا الن طاقة األشعة‬
‫السٌنٌة عالٌة جدا بالمقارنه مع طاقة االلكترونات الموجودة فً مادة الجرافٌت‪.‬‬

‫من مبدأ حفظ الطاقة‪ٌ ,‬كون الفرق فً طاقة الفوتون مساوٌا لطاقة الحركة التً ٌكتسبها‬
‫اإللكترون ]‪:[6‬‬

‫تعطى العالقة بٌن الكتلة والطاقة وكمٌة الدفع فً المٌكانٌكا النسبٌة كالتالً‪:‬‬

‫وعلى اعتبار أن كتلة الفوتون تساوي الصفر‪ ,‬تكتب المعادلة )‪ (1-23‬كالتالً‪:‬‬

‫أو‬

‫‪ ,‬والدفع االبتدابً لإللكترون هو‬ ‫‪ ,‬وبعد التصادم‬ ‫إن كمٌة دفع الفوتون قبل التصادم هً‬
‫‪ ( 0‬على افتراض انه ساكن) و دفعه بعد التصادم ‪ .‬لذلك ومن الشكل )‪ (1-10‬نستطٌع كتابة‪:‬‬

‫شكل )‪(1-9‬‬

‫تصادم إلكترون مع فوتون فً تجربة تؤثٌر كومتون‪.‬‬


‫شكل )‪(1-10‬‬

‫رسم تخطٌطً اتجاهً لتصادم الفوتون مع اإللكترون‪ .‬حٌث الرسم األعلى للفوتون واألسفل لإللكترون‪.‬‬

‫و‬

‫نقوم اآلن بضرب المعادلتٌن ب وإعادة كتابتهما على النحو التالً‪:‬‬

‫ثم نقوم بتربٌع المعادلتٌن ومن ثم جمعهما‪:‬‬

‫نعلم أن معادلة الطاقة الكلٌة تعطى بحسب النظرٌة النسبٌة الخاصة كالتالً‪:‬‬

‫نساوي هذه المعادلة مع المعادلة )‪ (1-23‬و نحصل على‪:‬‬

‫بوضع المعادلة )‪ (1-22‬فً )‪ ,(1-30‬ومن ثم وضع الناتج فً المعادلة )‪ ,(1-28‬نحصل على‪:‬‬


‫‪,‬نحصل أخٌرا على‪:‬‬ ‫و‬ ‫واستخدام العالقتٌن‬ ‫بقسمة هذه المعادلة على‬

‫𝜆‬ ‫𝜆‬

‫وهذه هً معادلة كومتون الشهٌرة لالستطارة‪ 𝜆 .‬طول الموجة المستطارة‪ 𝜆 ,‬طول الموجة قبل‬
‫مقدار ثابت‪ٌ ,‬سمى بطول موجة كومتون‬ ‫االستطارة‪,‬‬
‫وٌساوي بالنسبة لإللكترون‪:‬‬

‫𝜆‬

‫وتتفق المعادلة )‪ (1-32‬بشكل رابع مع النتابج التجرٌبٌة‪ٌ .‬بدو أن كل نظرٌة تعتمد على دستور‬
‫بالنك ‪ -‬أٌنشتٌن تتؽلب على جمٌع الصعوبات النظرٌة فً التجربة‪.‬‬

‫كذلك تعتبر نظرٌة كومتون حالة عامة للنظرٌات السابقة لها‪ .‬لقد وجدنا حسب التفسٌر‬
‫الكالسٌكً للظاهرة أن مركبات المجال الكهربابً لألشعة الكهرومؽناطٌسٌة تسقط على المواد‬
‫وتجبر االلكترونات على االهتزاز بنفس الطرٌقة وبالتالً إصدار أشعة كهرومؽناطٌسٌة لها‬
‫نفس التردد‪ .‬إن تفسٌر ذلك حسب نظرٌة كومتون سهل للؽاٌة‪ ,‬وذلك من خالل اعتبار أن‬
‫الفوتون قد اصطدمت بالكترونات لها طاقة ربط عالٌة جدا بذراتها‪ ,‬أي أن الفوتون الواحد قد‬
‫اصطدم بالذرة ككل (ذرة الكربون) ولٌس بإلكترون مفرد‪ .‬لو أبدلنا كتلة اإللكترون فً المعادلة‬
‫)‪ (1-32‬بكتلة ذرة الكربون‪ ,‬سنجد أن اإلزاحة فً الطول الموجً للفوتون صؽٌرة جدا‪ ,‬وكؤنها‬
‫لم تتؽٌر‪ ,‬وبالتالً ٌمكن إهمالها‪ .‬هذا هو تفسٌر النظرٌة الكالسٌكٌة القدٌمة‪.‬‬

‫نالحظ هنا كٌفٌة إعادة األمور لنفسها‪ ,‬فلقد وجدنا أن نظرٌة راٌلً – جٌنز حول إشعاع الجسم‬
‫األسود ال تعمل إال فً حاالت الطاقة المنخفضة‪ .‬ثم وجدنا أن نظرٌة بالنك تعمل فً جمٌع‬
‫الطاقات‪ ,‬وبالتالً تكون نظرٌة راٌلً – جٌنز حالة خاصة من نظرٌة بالنك‪ .‬اآلن وبالمثل تعٌد‬
‫القصة ذاتها‪ ,‬إذ نجد أن النظرٌة الكالسٌكٌة القدٌمة التً حاولت تفسٌر االستطارة تعمل فقط فً‬
‫الطاقات المنخفضة (طول موجً عالً)‪ ,‬وأصبحت اآلن حالة خاصة لنظرٌة كومتون والتً‬
‫تعمل فً جمٌع الطاقات أو األطوال الموجٌة‪.‬‬

‫إن نجاح نظرٌة كومتون فً تفسٌر استطارة األشعة السٌنٌة كان معتمدا بالدرجة األولى على‬
‫نظرٌة أٌنشتٌن حول طبٌعة الضوء‪ ,‬والتً تفترض أن الضوء ٌتكون من مجموعة من‬
‫الجسٌمات تسمى فوتونات‪ .‬أصبحت نظرٌة كومتون بمثابة الدلٌل التجرٌبً القوي على صحة‬
‫نظرٌة أٌنشتٌن حول الفوتونات وبالتالً صحة نظرٌة بالنك حول إشعاع الجسم األسود‪.‬‬
‫ما زالت قصتنا فً بداٌتها‪ ,‬وإذا شهدنا فً هذا الفصل إطالق رصاص على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪,‬‬
‫فسوؾ نشهد فً الفصول القادمة إطالق ؼارات جوٌة‪ ,‬لٌست على قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‬
‫فحسب‪ ,‬بل وعلى كل ما كنا نعتقد بؤنه بدٌهً وؼٌر قابل للشك فً حٌاتنا الٌومٌة‪ .‬سنرى فً‬
‫القسم الثانً من هذا الكتاب كٌؾ أن النظرٌة التً أتت لتفسٌر إشعاع حراري انتهت لتفسٌر‬
‫العالقة بٌن وعً اإلنسان والوجود‪.‬‬
‫هامش الفصل األول‬

‫]‪ [1‬التردد‪ :‬عبارة عن عدد الموجات التً تصل إلى منطقة معٌنة خالل وحدة الزمن‪.‬‬

‫]‪ [2‬الطول الموجً‪ :‬هً المسافة بٌن قمتٌن متتالٌتٌن أو قاعٌن متتالٌن‪.‬‬

‫]‪ [3‬خطوط الطٌؾ‪ :‬عبارة عن الضوء الصادر من ذرات المادة عند إثارتها‪.‬‬

‫]‪ [4‬فرٌدالن وولؾ‪ ,‬مع القفزة الكمومٌة‪ ,‬ترجمة‪ :‬أحمد السمان‪ ,‬دار طالس للدراسات والترجمة‬
‫والنشر‪ ,‬الطبعة األولى‪.0551 ,‬‬

‫]‪ [5‬شدة الضوء‪ :‬كمٌة الضوء العمودٌة على وحدة المساحات‪.‬‬

‫]‪ [6‬سوؾ نتبع فً استنتاج المعادلة النهابٌة كتاب‪:‬‬


‫الفصل الثانً‬
‫مشكلة التركٌب الذري‬
‫مقدمة‬
‫إن التساإل حول الماهٌة التً ٌتركب منها العالم‪ ,‬لٌس بالتساإل حدٌث العهد‪ ,‬بل ٌعود إلى‬
‫عصور قدٌمة جدا‪ .‬فنجد مثال دٌموقرٌطس قبل حوالً ‪ 61‬قرنا من الزمان قد اقترح فكرة أن‬
‫ومعناها الؽٌر قابل‬ ‫العالم ٌتكون من جسٌمات صؽٌرة جدا‪ ,‬أطلق علٌها اسم ذرات‬
‫للتجزبة‪ .‬منذ ذلك الوقت والتساإالت تطرح حول طبٌعة تلك الذرات الؽٌر قابلة لالنقسام‪ ,‬وال‬
‫نزال منذ ذلك الوقت حتى الٌوم ال نملك شًء اسمه اإلجابة النهابٌة!‪.‬‬

‫بالطبع ٌختلؾ الوضع اآلن عن الوضع فً العصور القدٌمة‪ .‬لقد قطعنا شوطا طوٌال فً فهم‬
‫الماهٌة النهابٌة التً تركب هذا العالم‪ .‬لم تعد األمور فً العصر الحدٌث مثلها فً العصر القدٌم‪,‬‬
‫فاآلراء فً الماضً كانت فلسفٌة بشكل كامل تقرٌبا‪ ,‬ولكن الٌوم تطرح جمٌع اآلراء والنظرٌات‬
‫فً البداٌة‪ ,‬و بعدها تكون التجارب المخبرٌة هً الفٌصل بٌنهما‪.‬‬

‫فً هذا الفصل سوؾ نقوم باستعراض ثالث نماذج ذرٌة شهٌرة فً العصر الحدٌث‪ .‬أولها‬
‫بعدما اكتشؾ اإللكترون فً‬ ‫نموذج طومسون‪ ,‬وهو نموذج قد وضعه طومسون‬
‫‪ ,‬تلمٌذ طومسون‪ ,‬وقد‬ ‫عام ‪ .0453‬بعدها سنقوم باستعراض نموذج رزرفود‬
‫وضعه بعدما قام بتجربته المشهورة فً بعثرة جسٌمات ألفا‪ .‬أخر نموذج سنقوم بعرضه هو‬
‫وقد وضعه بور فً عام ‪ ,0501‬و‬ ‫نموذج ذري شهٌر ٌسمى نموذج بور‬
‫اعتمد فٌه على دستور بالنك – اٌنشتٌن‪ ,‬لٌتفادى العٌوب التً وقع فٌها نموذج رزرفورد‪.‬‬
‫‪ 1-2‬كعكة طومسون المابلة‬
‫كان تصور طومسون للذرة ٌشبه إلى حد كبٌر تصور قطعة من الكعك منثورا علٌها قطع من‬
‫الزبٌب‪ .‬تكون الكعكة ككل هً الشحنة الموجبة وقطع الزبٌب هً الشحنات السالبة‬
‫(االلكترونات)‪ .‬تحتوي الذرة على عدد من االلكترونات موزعة بشكل منتظم على الشحنة‬
‫كما هو موضح بالشكل‬ ‫الموجبة والتً بدورها تحمل شحنة موجبة مستمرة تساوي‬
‫‪ ,‬وهذا‬ ‫)‪ .(2-1‬حٌث نالحظ أن نصؾ قطر الذرة ككل هو ‪ ,‬وٌوجد نصؾ قطر اخر‬
‫السطح وهمً‪ٌ ,‬سمى بسطح جاوس ‪ .Gauss's surface‬وقد وضعناه حتى نستطٌع حساب‬
‫المجال الكهربابً ومن ثم حساب القوة المإثرة على اإللكترون والذي ٌبعد مسافة من مركز‬
‫الكرة‪ .‬تعطى تلك القوة بالعالقة التالٌة ]‪:[1‬‬

‫‪ ,‬وعلى‬ ‫كان حجم الذرة معلوما فً ذاك الوقت‪ ,‬فقد كان فً حدود االنجستروم‬
‫‪ .‬طالما أن حجم الذرة صؽٌر الى هذا الحد‪ ,‬سٌكون‬ ‫أقرب تقدٌر فً حدود‬
‫تؤثٌر المجال الكهربابً للشحنة الكهربابٌة المستمرة صؽٌر نسبٌا‪ ,‬مما ٌجعل تؤثٌره على‬
‫انحراؾ قذٌفة خارجٌة مشحونه بشحنه موجبة صؽٌر جدا‪.‬‬

‫تعود تلك الفكرة الرابعة الى الرابع رزرفورد‪ .‬لقد وجد بهذه الفكرة الطرٌقة المناسبة للتؤكد من‬
‫صحة نموذج أستاذه طومسون‪ ,‬واقترح على طالبٌه مارسدن وجاٌجر‬
‫بالبدء فً االختبار العملً للتؤكد من صحة نموذج طومسون‪.‬‬

‫استخدمت جسٌمات ألفا (أنوٌة الهٌلٌوم‪ ,‬بروتونات ونٌترونات) كمقذوفات‪ ,‬ولما كانت كتلة أنوٌة‬
‫الهٌلٌوم كبٌرة جدا بالنسبة لاللكترونات‪ ,‬فؤنه باإلمكان إهمال قوة الجذب الكهربابً بٌنهما وبٌن‬
‫االلكترونات المنتشرة فوق سطح الذرة على هٌبة حبٌبات‪ .‬إذن ال ٌبقى سوى تؤثٌر الشحنة‬

‫إلكترونات‬

‫شكل )‪(2-1‬‬

‫نموذج طومسون الذري‬


‫الكهربابٌة الموجبة المنتشرة بشكل مستمر فً الذرة‪ٌ .‬وضح الشكل )‪ (2-2‬دخول جسٌمة ألفا‬
‫داخل مجال الذرة وتعرضها لالنحراؾ بزاوٌة قدرها عن مسارها األصلً‪ .‬سوؾ نستخدم‬
‫هنا االحداثٌات القطبٌة لتحدٌد موقع جسٌمة ألفا داخل الذرة‪.‬‬

‫بمعامل التصادم ‪impact‬‬ ‫من المركز‪,‬تسمى المسافة‬ ‫تدخل القذٌفة داخل الذرة على ارتفاع‬
‫‪ .parameter‬لحساب الزاوٌة رٌاضٌا‪ ,‬سنعتبر أن سرعة القذٌفة أقل بكثٌر من سرعة‬
‫وذلك إلهمال تؤثٌر المٌكانٌكا النسبٌة‪ .‬تتلقى المقذوفة عند دخولها مجال الذرة‬ ‫الضوء‬
‫قوة دفع تؽٌر من قٌمة قوة الدفع األساسٌة فً اتجاه ‪ .‬تعطى تؽٌر كمٌة الدفع بالعالقة التالٌة‬
‫]‪:[2‬‬

‫∫‬

‫من الشكل )‪ (2-2‬نجد أن‪:‬‬

‫وكذلك‪:‬‬

‫‪ ,‬وبالتالً تكون القوة الموثرة علٌها حسب‬ ‫تمتلك المقذوفة (نواة الهٌلٌوم) شحنة مقدارها‬
‫العالقة )‪ (2-1‬هً‪:‬‬

‫√‬

‫شكل )‪(2-2‬‬

‫انحراؾ جسٌمة ألفا عند دخولها مجال ذرة طومسون‪ ,‬وذلك بسبب الشحنة الكهربابٌة الموجبة المنتشرة‪.‬‬
‫بتعوٌض المعادالت )‪ (2-3‬و )‪ (2-4‬و)‪ (2-5‬فً )‪ (2-2‬نحصل على‪:‬‬

‫حٌث هو الوقت الكلً الذي تقطعه المقذوفة خالل مرورها داخل الذرة‪ ,‬وٌساوي المسافة‬
‫الكلٌة على السرعة‪ .‬بحسب الشكل )‪ٌ (2-2‬عطى كالتالً‪:‬‬

‫√‬

‫ٌكون لدٌنا‪:‬‬ ‫وبإهمال التؽٌٌر فً مركبة‬

‫بتعوٌض العالقة )‪ (2-7‬فً العالقة )‪(2-6‬‬ ‫إذا كانت الزاوٌة صؽٌرة جدا‪ ,‬فؤن‬
‫ومن ثم تعوٌض الناتج فً العالقة )‪ (2-8‬نحصل على‪:‬‬

‫√‬

‫وهذه العالقة هً التً تحسب انحراؾ القذٌفة عند مرورها داخل الذرة‪ .‬نالحظ اعتماد زاوٌة‬
‫وهذا ٌعنً أن‬ ‫تكون‬ ‫االنحراؾ على معامل التصادم ‪ ,‬لذلك لو كانت‬
‫نجد‬ ‫القذٌفة لن تنحرؾ أبدا ألن مجموع القوى المإثرة علٌها ٌساوي صفر‪ .‬عندما تكون‬
‫مرة أخرى أن الناتج صفر‪ ,‬وبالتالً ال تنحرؾ القذٌفة‪ ,‬وتعلٌل ذلك هو أن القوة تإثر على‬
‫‪.‬‬ ‫المقذوفة فقط داخل الذرة‪ ,‬أي عندما‬

‫فً الواقع ٌصعب تجرٌبٌا تحدٌد الزاوٌة بدقة‪ .‬لذلك ال بد بؤخذ قٌمة متوسطة للزاوٌة ‪,‬‬
‫كقٌمة متوسطة‪.‬‬ ‫حتى نحصل على هذه الزاوٌة سنضع‬ ‫وسنرمز لها بالرمز‬
‫فً هذه الحالة تصبح المعادلة )‪ (2-9‬كالتالً‪:‬‬

‫√‬

‫إن كل ما قمنا به فً هذه المعالجة الرٌاضٌة كان على اعتبار قذؾ جسٌمة ألفا واحدة فقط‪ .‬لكن‬
‫من المستحٌل أن ٌتم ذلك تجرٌبٌا‪ ,‬إذ ال نستطٌع التحكم فً عدد الجسٌمات المقذوفة‪ .‬إضافة إلى‬
‫ذلك ٌصعب التحكم بمعامل التصادم وهذا هو سبب اختٌارنا لقٌمة متوسطة للزاوٌة ‪.‬‬

‫استخدم رزرفورد ومعاونوه فً تجربة بعثرة جسٌمات ألفا رقٌقة من الذهب سمكها‬
‫‪ ,‬وطاقة حركة جسٌمة ألفا‬ ‫لو اعتبرنا أن نصؾ قطر الذرة هو‬
‫(العدد الذري لذرة الذهب)‪ ,‬مع‬ ‫(نواة الهٌلٌوم) و‬ ‫مع‬ ‫تساوي‬
‫‪ ,‬سنحصل من المعادلة )‪ (2-10‬على ‪:‬‬ ‫اعتبار‬

‫ٌوضح الشكل )‪ (2-3‬تبعثر جسٌمات ألفا خالل مرورها بصفٌحة الذهب‪.‬طالما أن الصفٌحة‬
‫ذرة‪ .‬ستكون‬ ‫المستخدمة هً صفحٌة ذهب‪ ,‬سوؾ تصطدم جسٌمات ألفا بحوالً‬
‫انحرافات جسٌمات ألفا مختلفة كما هو موضح بالشكل نفسه‪ ,‬وتكون القٌمة المتوسطة لكل زاوٌة‬
‫كالتالً‪:‬‬ ‫‪ .‬تعطى العالقة بٌن و‬ ‫انحراؾ هً‬

‫√‬

‫لم تكن نتابج بعثرة جسٌمات ألفا بواسطة صفٌحة من الذهب مإٌدة لنموذج طومسون بالمرة‪.‬‬
‫‪ .‬ولكن لم ٌحدث ذلك‪,‬‬ ‫كان من المتوقع أن تنحرؾ جسٌمات ألفا بزواٌا صؽٌرة بحدود‬
‫وجاءت النتابج مخالفة تماما لما هو متوقع‪ ,‬وكانت كالتالً‪:‬‬

‫‪ -0‬معظم جسٌمات ألفا نفذت دون أن تنحرؾ‪ ,‬وبعضها انحرفت بزواٌا صؽٌرة‪ ,‬وعلى التقرٌب‬
‫‪.‬‬ ‫نقول بحدود‬

‫‪ .‬أي‬ ‫‪ -6‬عدد قلٌل من جسٌمات ألفا انحرفت بزواٌا كبٌرة‪ ,‬ولكن أقل من‬

‫‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ -1‬عدد قلٌل جدا من جسٌمات ألفا ارتدت إلى الوراء‪ .‬أي‬

‫بات واضحا اآلن أن نتابج تجربة بعثرة جسٌمات ألفا ؼٌر متوافقة تماما مع نموذج طومسون‪.‬‬
‫فعلى الرؼم من أن معظم جسٌمات ألفا قد انحرفت بشكل صؽٌر‪ ,‬إال أن العدد القلٌل من‬
‫الجسٌمات المنحرفة بشكل كبٌر‪ ,‬والعدد القلٌل جدا من الجسٌمات المرتدة إلى الخلؾ‪ ,‬كافً‬
‫لنقض نموذج طومسون‪.‬‬

‫لقد رأى رزرفورد و معانوه ضرورة تعدٌل كعكة طومسون‪ .‬لذلك راح ٌبحث عن نموذج أخر‬
‫ٌتفق تماما مع نتابج تجربته‪ ,‬ولكً ٌجد ذلك النموذج لم ٌجد سوى حل واحد‪ ,‬وهو اختراع‬
‫مجموعة شمسٌة ولكن على المستوى الذري‪.‬‬

‫‪ 2-2‬رزرفورد ٌخترع مجموعة شمسٌة مصؽرة‬


‫عندما الحظ رزرفورد من خالل تجربة بعثرة جسٌمات ألفا‪ ,‬بؤن هناك مجموعة من الجسٌمات‬
‫نفذت وأخرى انحرفت بزواٌا صؽٌرة‪ ,‬وعدد قلٌل منها انحرؾ بزواٌا كبٌرة جدا‪ ,‬وعدد أخر‬
‫قلٌل جدا ارتد إلى الوراء‪ ,‬استنتج من ذلك وجود جزء مركزي تتجمع فٌه الشحنة الموجبة وٌمثل‬
‫‪.‬‬ ‫معظم كتلة الذرة‪ٌ .‬طلق على ذلك الجزء اسم (النواة)‬
‫شكل )‪(2-3‬‬

‫انحراؾ جسٌمات ألفا بزواٌا مختلفة عند مرورها بصفٌحة من الذهب‪.‬‬

‫لمعالجة نموذج رزرفورد‪ ,‬سنفترض أن كتلة النواة أكبر بكثٌر من كتلة جسٌمات ألفا‪ ,‬وذلك‬
‫حتى ال تؽٌر النواة مكانها أثناء التنافر لكهربابً بٌنها وبٌن جسٌمات ألفا‪ .‬هذا االفتراض ٌجعل‬
‫طاقة الحركة لجسٌمة ألفا مساوي لطاقة الحركة النهابٌة ‪:‬‬

‫ٌوضح الشكل )‪ (2-4‬انحراؾ جسٌمة ألفا‪ ,‬عند مرورها بالقرب من النواة‪ٌ .‬تخذ مسار الجسٌم‬
‫ومعامل التصادم‬ ‫‪ .‬تعطى العالقة الرٌاضٌة بٌن الزاوٌة‬ ‫شكل قطع زابد‬
‫بالعالقة التالٌة‪:‬‬

‫) ‪( ⁄‬‬
‫(‬ ‫جسٌمة ألفا‬

‫النواة‬
‫شكل )‪(2-4‬‬

‫ٌتخذ جسٌم ألفا مسار قطع زابد بعد تفاعله مع النواة‪.‬‬

‫ٌبٌن الشكل )‪ ,(2-5‬أن جسٌمات ألفا التً ٌكون معامل تصادمها ٌساوي ‪ ,‬تنحرؾ بزاوٌة‬
‫تنحرؾ بزاوٌة أكبر‬ ‫(المسار ‪ .)0‬والجسٌمات التً ٌكون معامل تصادمها أقل من‬ ‫قدرها‬
‫تنحرؾ بزاوٌة أصؽر من‬ ‫(المسار ‪ .)6‬والتً ٌكون معامل تصادمها أكبر من‬ ‫من‬
‫تصؽر قٌمة الزاوٌة ‪ ,‬حتى ٌمر الجسٌمة بخط‬ ‫(المسار ‪ ,)1‬وكلما زادت قٌمة المعامل‬
‫مستقٌم دون أي انحراؾ (المسار ‪ .)1‬بناءا على ذلك ٌمكن تعرٌؾ معامل التصادم على انه‬
‫أصؽر مسافة ٌقتربها الجسٌم من النواة دون أن ٌتؤثر كهربابٌا بها‪.‬‬

‫بٌنا فً السابق أن معامل التصادم ال ٌمكن التحكم به تجرٌبٌا‪ ,‬لذلك راح رزرفورد ٌبحث عن‬
‫عالقة أخرى ٌمكن اختبارها تجرٌبٌا‪.‬‬

‫أو‬ ‫بالعودة إلى الشكل )‪ (2-5‬نجد أن جمٌع الجسٌمات التً تسقط ناحٌة النواة وتنحرؾ بزاوٌة‬
‫أكبر‪ ,‬تقع جمٌعها فً نطاق دابرة مساحتها‪:‬‬
‫)‪(2‬‬

‫)‪(4‬‬

‫شكل )‪(2-5‬‬

‫و ‪.‬‬ ‫العالقة بٌن‬

‫‪.‬‬ ‫بالمقطع العرضً‬ ‫و تسمى‬

‫لو افترضنا أن سمك الصفٌحة المعدنٌة التً تسقط إلٌها الجسٌمات ‪ ,‬ومساحتها ‪ ,‬وكثافتها 𝜌‪,‬‬
‫وكتلة المول ‪ ,‬عندها ٌكون حجم الرقاقة المعدنٌة ٌساوي ‪ ,‬وكتلتها 𝜌‪ ,‬وعدد الموالت‬
‫‪ ,‬وٌكون فً النهاٌة عدد الذرات فً وحدة الحجم من القطعة المعدنٌة هو‪:‬‬

‫𝜌‬

‫عدد أفوجادرو ‪( Avogadro's number‬عدد الذرات فً المول الواحد) وٌساوي‬ ‫حٌث‬


‫‪ٌ .‬وجد لدٌنا فً الصفٌحة المعدنٌة ذرات كثٌرة جدا‪ ,‬ولكل‬
‫واحدة من هذه الذرات مقطع عرضً ‪ٌ .‬عطى المجموع الكلً للمقاطع المستعرضة كالتالً‪:‬‬

‫‪σ‬‬

‫إن النسبة بٌن عدد جمٌع جسٌمات ألفا والتً تنحرؾ بزاوٌة أو اكبر منها‪ ,‬وبٌن الجسٌمات‬
‫ومساحة الصفٌحة المعدنٌة ‪ .‬باستخدام المعادلة )‪(2-13‬‬ ‫ذاتها‪ ,‬هً النسبة بٌن المساحة‬
‫و)‪ (2-14‬و )‪ (2-16‬نجد أن تلك النسبة هً‪:‬‬
‫)‪(2-17‬‬

‫تكون عندبذ زواٌا التبعثر‬ ‫فً التجربة بٌن المدى‬ ‫عندما ٌتؽٌر معامل التصادم‬
‫‪ ,‬كما هو موضح بالشكل )‪ٌ .(2-6‬حسب عدد الجسٌمات فً‬ ‫للجسٌمات فً المدى و‬
‫بتفاضل المعادلة )‪ (2-17‬بالنسبة ل ‪ ,‬حٌث نجد‪:‬‬ ‫و‬ ‫المدى‬

‫(‬ ‫)‬ ‫) (‬ ‫) (‬

‫و ‪.‬‬ ‫و ٌمكن إهمال اإلشارة السالبة هنا‪ ,‬فهً تبٌن فقط التناسب العكسً بٌن‬

‫من األعلى واألسفل‪ ,‬مما ٌشكل‬ ‫و‬ ‫ٌبٌن الشكل )‪ (2-7‬تبعثر جسٌمات ألفا فً المدى‬
‫و‬ ‫‪ .‬فً التجربة ٌوضع كاشؾ كروي الشكل فً المدى‬ ‫فً النهاٌة مخروط زاوٌته‬
‫وذلك حتى تسقط جسٌمات ألفا بشكل عمودي على الكاشؾ‪.‬‬

‫تعتمد احتمالٌة وصول جسٌمات ألفا إلى الكاشؾ الكروي على ‪ ,‬والتً تعطً احتمالٌة تبعثر‬
‫‪ .‬تعطى مساحة الحلق‬ ‫‪ ,‬وعرضه‬ ‫جسٌمات ألفا خالل الحلق الذي نصؾ قطره‬
‫بالعالقة التالٌة‪:‬‬

‫ولكً نحسب معدل الجسٌمات المبعثرة إلى الكاشؾ‪ٌ ,‬جب أن نقوم بحساب نسبة االحتمالٌة‬
‫باستخدام المعادالت )‪ (2-18‬و )‪ (2-19‬وباستخدام بعض العالقات‬ ‫الى مساحة الحلق‬
‫المثلثٌة نحصل أخٌرا على‪:‬‬

‫شكل )‪(2-6‬‬

‫‪.‬‬ ‫كٌفٌة ذهاب جسٌمات ألفا إلى المدى ‪ θ‬و‬


‫القطعة المعدنٌة‬

‫النواة‬

‫شكل )‪(2-7‬‬

‫فً موقع الكاشؾ‬ ‫تتجمع جسٌمات ألفا على شكل حلق‪ ,‬وٌمكن الكشؾ عن معدل جسٌمات ألفا فً المدى ‪ θ‬و‬
‫الكروي‪.‬‬

‫وتعرؾ هذه المعادلة الشهٌرة بدستور رزرفورد لالستطارة‪ .‬نالحظ من هذه المعادلة ما ٌلً‪,‬‬
‫أوال‪ :‬عدد الجسٌمات التً تسقط على الكاشؾ‪ ,‬تتناسب طردٌا مع سمك القطعة المعدنٌة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬هناك تناسب عكسً بٌن‬ ‫و مربع العدد الذري‬ ‫ثانٌا‪:‬هناك تناسب طردي بٌن‬
‫وطاقة الحركة ‪ .‬وبالفعل تم التؤكد من هذه النتٌجة عن طرٌق استخدام رقاقة نحٌفة من‬
‫‪,‬‬ ‫و‬ ‫إلبطاء سرعة جسٌمات ألفا‪ .‬رابعا‪ :‬هناك تناسب عكسً بٌن‬ ‫الماٌكا‬
‫كما نرى فً الشكل )‪ ,(2-8‬حٌث العالقة العكسٌة بٌنهما عند ثبوت جمٌع العوامل األخرى‪.‬‬

‫منذ أن بدأنا بمعالجة نموذج رزرفورد‪ ,‬كان حدٌثنا منصبا على الجسٌمات التً تعبر القطعة‬
‫)‪.‬‬ ‫المعدنٌة‪ .‬لكن ماذا عن الجسٌمات القلٌلة جدا و والتً ترتد إلى الوراء ( عندما تكون‬
‫لقد رأٌنا من المعادلة )‪ (2-12‬أن طاقة الحركة االبتدابٌة تساوي طاقة الحركة النهابٌة‪ ,‬ولكن فً‬
‫حال الجسٌمات التً تقترب رأسا من النواة‪ ,‬تبدأ عندها طاقة الحركة باالنخفاض تدرٌجٌا حتى‬
‫شكل )‪(2-8‬‬

‫‪ ,‬حٌث تتناسب بدقة مع معادلة رزرفورد‬ ‫و‬ ‫العالقة العكسٌة بٌن‬

‫ٌقترب الجسٌم إلى أقرب نقطة من النواة‪ ,‬فً هذه اللحظة تتحول كل طاقة الحركة للجسٌمات‬
‫‪ ,‬أما اذا كانت صؽٌرة جدا فؤن طاقة‬ ‫إلى طاقة وضع ‪ ,‬وال ٌتم ذلك إال فً حالة‬
‫الحركة للجسٌمات ال تنعدم ولكن تصبح صؽٌرة جدا‪ .‬لو اعتبرنا أن الجهد االبتدابً ٌساوي‬
‫‪ ,‬تصبح‬ ‫‪ ,‬وذلك ألن الجسٌم بعٌد جدا عن النواة‪ ,‬واعتبرنا كذلك أن‬ ‫صفر‬
‫وباستخدام قانون حفظ الطاقة تصبح المعادلة )‪ (2-12‬كالتالً‪:‬‬ ‫طاقة الحركة النهابٌة‬

‫أو‬

‫وتعطً هذه المعادلة أصؽر مسافة ٌقتربها جسٌم من النواة ثم ٌرتد إلى الخلؾ‬

‫حتى اآلن ٌبدو نموذج رزرفورد رابع جدا‪ ,‬وقد أجرى جاٌجر ومارسدن سلسلة من التجارب‬
‫الكثٌرة جدا تتفق بصورة ممتازة مع كل المعادالت الموجودة فً هذا النموذج‪ .‬لكن فً هذا‬
‫النموذج لم نذكر وال حتى كلمة واحدة بخصوص االلكترونات‪ .‬ال ٌمكن أن تكون االلكترونات‬
‫فً هذا النموذج منتشرة وساكنه كما هو الحال فً نموذج طومسون‪ ,‬الن الشحنة الموجبة لم تعد‬
‫اآلن منتشرة بشكل مستمر‪ ,‬فهً اآلن مرتكزة فً مركز الذرة‪ ,‬وهذا ٌجعل االلكترونات تسقط‬
‫إلى النواة إذا ما اعتبرناها منتشرة وساكنه كما فً نموذج طومسون‪ ,‬وبالتالً ٌنهار شكل الذرة‬
‫كلٌا‪.‬‬

‫لتجنب تلك الصعوبة اقترح رزرفورد أن االلكترونات تدور بشكل دابري حول النواة‪ .‬تماما‬
‫كدوران الكواكب حول الشمس‪ .‬و لما كانت الكواكب ال تسقط فً أثناء دورانها حول الشمس‪,‬‬
‫بسبب قوة الطرد المركزي‪ ,‬افترض رزرفورد أن ذلك أٌضا صحٌح فً حال االلكترونات‪,‬‬
‫حٌث تتعادل قوة الطرد المركزي مع الجذب الكهربابً للنواة وبالتالً ال ٌنهار اإللكترون على‬
‫النواة‪.‬‬

‫لكن افتراض رزرفورد حول حركة االلكترونات الدابرٌة ٌتعارض بشكل مباشر مع واحد من‬
‫المبادئ األساسٌة فً النظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة‪ٌ .‬نص هذه المبدأ على أن كل األجسام المشحونة‬
‫المتسارعة تصدر إشعاعا كهرومؽناطٌسٌا‪ ,‬وهذا بدوره ٌإدي إلى نقصان طاقة اإللكترون‬
‫تدرٌجٌا وبالتالً إلى سقوطه بشكل حلزونً متسارع نحو النواة‪ ,‬كما هو موضح بالشكل )‪.(2-9‬‬
‫كذلك وحسب النظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة‪ٌ ,‬جب أن ٌكون تردد اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً‬
‫المنطلق من االلكترونات مساوٌا لتردد مدار اإللكترون‪ .‬ولما كانت طرٌقة دوران اإللكترون‬
‫الحلزونٌة متصلة‪ٌ ,‬جب أن ٌكون طٌؾ اإلشعاع ]‪ [3‬بمختلؾ تردداته متصل أٌضا‪ .‬ولكن فً‬
‫الحقٌقة هذا ؼٌر مالحظ تجرٌبٌا‪ ,‬إذ ما تم مالحظته من التجارب هو ظهور الطٌؾ على شكل‬
‫خطوط متقطعة ولٌست متصلة‪.‬‬

‫لذلك وعلى الرؼم من النجاح الباهر لنموذج رزرفورد فً تفسٌره لشكل الذرة وتجنب‬
‫الصعوبات التً واجهت نموذج طومسون‪ ,‬لم ٌستطٌع نموذجه التؽلب على تلك العقبتان‬
‫األخٌرتان‪ .‬كان ال بد من تسفٌر لهذه المشاكل حتى ٌكتمل شكل الذرة األنٌق‪.‬‬

‫فً تلك الظروؾ كان هناك شاب مؽمور ٌشق طرٌقه عبر البحار قادما من كوبنهاؼن إلى‬
‫مانشستر‪ ,‬وقد حصل لتوه على شهادة الدكتوراه‪ ,‬وكان موضوع أطروحته عن نموذج‬
‫طومسون‪ .‬حٌث اكتشؾ خطؤ رٌاضٌا فً حسابات طومسون‪ .‬انضم فً خرٌؾ عام ‪ 0500‬إلى‬

‫شكل )‪(2-9‬‬

‫انهٌار اإللكترون بشكل حلزونً متسارع داخل النواة‪ ,‬مما ٌإدي بالنهاٌة إلى انهٌار شكل الذرة بالكامل‪.‬‬
‫فرٌق رزرفورد الذي ٌضم نخبة من الفٌزٌابٌٌن الشبان‪ ,‬وبدأ أبحاثه هناك واهتم بتفسٌر خطوط‬
‫األطٌاؾ الذرٌة‪ ,‬التً عجز نموذج رزرفورد عن تفسٌرها‪ٌ .‬دعى ذلك الشاب نٌلز بور‬
‫‪.‬‬

‫‪ 3-2‬مشكلة خطوط األطٌاؾ الذرٌة‬


‫تعتبر خطوط األطٌاؾ الذرٌة بمثابة البصمة الممٌزة للحاالت الذرٌة‪ .‬فلقد رأٌنا فً الفصل‬
‫األول‪ ,‬أن جمٌع األجسام الساخنة تصدر إشعاعا كهرومؽناطٌسٌا بشكل طٌفً متصل و بؤطوال‬
‫موجٌة مختلفة‪ .‬إن سبب هذا االتصال فً الخطوط الطٌفٌة‪ ,‬هو العدد الكبٌر جدا للذرات‬
‫المتفاعلة‪ .‬لكن الوضع ٌختلؾ فً الؽازات‪ ,‬فعندما ٌتم تفرٌػ كهربابً على ؼاز الهٌدروجٌن‬
‫تثار ذراته‪ ,‬وعندما تعود تلك الذرات إلى حالة االستقرار تفقد ما اكتسبته من طاقة عن طرٌق‬
‫إطالق إشعاع كهرومؽناطٌسً (فوتونات)‪ .‬تكون خطوطه الطٌفٌة على شكل متسلسلة كما هو‬
‫موضح بالشكل )‪ٌ .(2-10‬حتوي هذا الشكل على أطوال موجٌة مقاسه باالنجستروم ‪ .‬تستخدم‬
‫هذه االطوال الموجٌة فً معرفة نوع الذرات المثارة‪ ,‬فهً كما قلنا بمثابة البصمة الممٌزة‬
‫للحاالت الذرٌة‪.‬‬

‫نالحظ من الشكل نفسه أن خطوط الطاقة تبدأ بمسافات بعٌدة نسبٌا عن بعضها عند األطوال‬
‫الموجٌة العالٌة‪ .‬لكنها ومع تناقص األطوال الموجٌة تبدأ باالقتراب من بعضها البعض‪ ,‬حتى‬
‫ترتص تماما‪ ,‬وٌصبح التمٌٌز بٌنها أمر صعب جدا‪.‬‬

‫أول من وضع متسلسلة رٌاضٌة تصؾ بدقة خطوط طٌؾ ذرة‬ ‫كان جوهانس بالمر‬
‫الهٌدروجٌن‪ ,‬وذلك فً عام ‪ .0441‬تعطى تلك المتسلسلة كالتالً‪:‬‬

‫شكل )‪(2-10‬‬

‫خطوط الطٌؾ لذرة الهٌدروجٌن‬


‫(‬ ‫)‬
‫𝜆‬

‫مقدار ثابت ٌسمى بثابت راٌدبٌرغ‬ ‫حٌث 𝜆 الطول الموجً‪ ,‬و‬


‫وٌساوي‪:‬‬

‫كانت متسلسلة بالمر تصؾ جمٌع األطوال الموجٌة الواقعة فً المدى المربً فقط‪ .‬لكن نجاح‬
‫هذه المتسلسلة شجع باحثٌن آخرٌن على إٌجاد متسلسالت فً مدى األطوال الموجٌة األخرى‪,‬‬
‫‪ .‬وقد تم ذلك بالفعل‪ ,‬وتعطى المتسلسالت‬ ‫وفوق البنفسجٌة‬ ‫مثل األشعة تحت الحمراء‬
‫األخرى كالتالً‪:‬‬

‫(‬ ‫)‬ ‫متسلسة لٌمان‬

‫(‬ ‫)‬ ‫متسلسلة باشن‬

‫(‬ ‫)‬ ‫متسلسلة براكت‬

‫(‬ ‫)‬ ‫متسلسلة فوند‬

‫تستخدم متسلسلة لٌمان لألشعة فوق البنفسجٌة‪ ,‬والمتسلسالت األخرى لألشعة تحت الحمراء‪.‬‬

‫على الرؼم من هذه المتسلسالت تعطً وصؾ لخطوط الطٌؾ الذري‪ ,‬إال أنها ال تعطً معنى‬
‫فٌزٌابً محدد لها‪ .‬كٌؾ تطلق االلكترونات هذه الخطوط؟ لقد رأٌنا أن نموذج رزرفورد ممتاز‬
‫فً وصؾ شكل الذرة‪ ,‬ولكنه ؼٌر قادر على وصؾ خطوط الطٌؾ تلك‪ .‬فما هو سر تلك‬
‫الخطوط إذن؟‬

‫‪ 4-2‬بور ٌحل المشكلة باستخدام دستور بالنك – أٌنشتٌن‬


‫فً عام ‪ 0501‬وضع الفٌزٌابً الدانماركً نٌلز بور نموذج متكامل للذرة‪ .‬لم ٌكن نموذجه‬
‫وصؾ للنواة الذرٌة‪ ,‬إذ لم ٌدع رزرفورد أحدا بعده لٌتكلم عن النواة الذرٌة كثٌرا فً عصره‪.‬‬
‫كان بور قد وضع نموذجه لٌفسر خطوط الطٌؾ الذري‪ ,‬وٌتجنب الصعوبات التً واجهت‬
‫نموذج رزرفورد عن االلكترونات‪ .‬لذلك من الممكن القول بؤن نموذج بور للذرة هو نموذج‬
‫لإللكترون‪.‬‬

‫وجد بور الحل فً تجنب مشكلة السقوط الحلزونً لإللكترون داخل النواة‪ ,‬باستخدام حالل‬
‫المشاكل‪ ,‬دستور بالنك – أٌنشتٌن‪ .‬افترض بور للتخلص من الصعوبات النظرٌة ما ٌلً‪:‬‬
‫‪ٌ .0‬دور اإللكترون بشكل دابري حول النواة تحت تؤثٌر قوة كولوم‪ ,‬بدون إطالق أي‬
‫أشعة كهرومؽناطٌسٌة‪.‬‬
‫‪ٌ .6‬تواجد اإللكترون فً مدارات محددة حول النواة‪ ,‬وال ٌمكن أن ٌتواجد بٌنهما‪ .‬ولما‬
‫كانت خطوط الطٌؾ تصدر بشكل خطوط متقطعة من التردد الزاوي‪ٌ ,‬جب أن تكون‬
‫كمٌة التحرك الزاوي مكممة أٌضا‪ .‬أي تؤخذ قٌما محددة فقط‪ .‬تعطى كمٌة التحرك‬
‫الزاوٌة المكممة تلك كالتالً‪:‬‬

‫وٌسمى بعدد‬ ‫عدد صحٌح وٌؤخذ قٌما عادٌة‬ ‫‪,‬و‬ ‫حٌث‬


‫‪.‬‬ ‫الكم الربٌسً‬
‫‪ٌ .1‬صدر اإللكترون عند انتقالة من مدار إلى أخر إشعاعا كهرومؽناطٌسٌا‪ ,‬أو فوتون‬
‫لكل إلكترون‪ٌ .‬عطى تردد كل فوتون بالعالقة التالٌة‪:‬‬

‫أو‬

‫وهنا نرى دستورنا القدٌم‪ ,‬دستور بالنك – أٌنشتٌن‪.‬‬

‫إن الفرضٌة األولى فً نموذج بور تنتهك بشكل واضح وصرٌح تنبإات النظرٌة‬
‫الكهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬ولكنها تتفق مع قوانٌن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪ ,‬مثل قوة كولوم وقوانٌن نٌوتن‪.‬‬
‫لذلك استخدم بور قانون كولوم لحساب قوة الجذب الكهربابً بٌن النواة واإللكترون‪ .‬تعطى تلك‬
‫القوة كالتالً‪:‬‬

‫شحنة النواة‪ .‬طالما أننا نعالج ذرة الهٌدروجٌن هنا وهً أخؾ‬ ‫حٌث شحنة االلكترون‪ ,‬و‬
‫‪ .‬وهذا الن ذرة الهٌدروجٌن تحتوي على بروتون واحد فقط‪ .‬فً حالة‬ ‫الذرات‪ ,‬ستكون‬
‫استقرار الذرة تكون قوة الطرد المركزي مساوٌة لقوة الجذب الكهربابً‪ .‬باستخدام قانون نٌوتن‬
‫الثانً نجد أن‪:‬‬

‫من المعادلتٌن )‪ (2-24‬و )‪ (2-28‬نجد أن‪:‬‬


‫كذلك باإلمكان‬ ‫وهً سرعة اإللكترون المكممة‪ ,‬ومكممة ألنها تحتوي على العدد الصحٌح‬
‫أن نجد‪:‬‬

‫وهو نصؾ قطر الذرة ( بعد اإللكترون عن النواة) فً إحدى المدارات‪.‬‬

‫وتتخذ المعادلة )‪(2-30‬‬ ‫عندما ٌكون اإللكترون فً مستوى الطاقة األول‪ ,‬تكون‬
‫أصؽر قٌمة لها‪ ,‬وهو أصؽر نصؾ قطر للذرة‪ ,‬وٌسمى نصؾ قطر بور ‪Boher radius‬‬
‫وعند التعوٌض فً المعادلة )‪ (2-30‬نجد أن‪:‬‬

‫وبالتالً ٌمكن كتابة المعادلة )‪ (2-30‬بداللة نصؾ قطر بور كالتالً‪:‬‬

‫فً المعادلة‬ ‫بالمثل نستطٌع إٌجاد سرعة اإللكترون فً المدار األرضً‪ ,‬وذلك بوضع‬
‫‪:‬‬

‫وهذه أكبر قٌمة لسرعة اإللكترون فً ذرة الهٌدروجٌن‪ .‬نالحظ أن هذه السرعة صؽٌرة جدا‬
‫بالنسبة لسرعة الضوء‪ ,‬وهذا ٌعلل إهمال تؤثٌر المٌكانٌكا النسبٌة هنا‪.‬‬

‫فً احدى مداراته حول النواة‪ ,‬وذلك من خالل‬ ‫نستطٌع اآلن إٌجاد طاقة اإللكترون الكلٌة‬
‫العالقتٌن )‪ (2-29‬و )‪ ,(2-30‬مع استخدام اإلشارة السالبة للجهد الكهربابً‪ ,‬ألننا سنعتبر جهد‬
‫اإللكترون ٌساوي الصفر عندما ٌكون على بعد ال نهابً من النواة‪:‬‬

‫تصبح المعادلة )‪:(2-33‬‬ ‫عندما ٌكون اإللكترون فً الحالة األرضٌة‬

‫وهً طاقة اإللكترون الكلٌة فً المدار األرضً‪ .‬من الممكن كتابة المعادلة )‪ (2-33‬على النحو‬
‫التالً‪:‬‬
‫‪ ,‬باستخدام‬ ‫الى‬ ‫لنفرض اآلن أن اإللكترون قد انتقل من مستوى الطاقة‬
‫من المعادلة )‪ ,(2-23‬نجد أن المعادلتان ال‬ ‫وأخذ‬ ‫المعادلتٌن )‪ (2-33‬و )‪ (2-26‬مع‬
‫تتساوى إال فً حالة‪:‬‬

‫وتساوي هذه الكمٌة بالضبط ثابت راٌدبٌرغ !! لكن هذه المرة بداللة مقادٌر فٌزٌابٌة معروفة‬
‫تماما‪.‬‬

‫بهذه الطرٌقة أعطى بور المعنى الفٌزٌابً لثابت راٌدبٌرغ‪ ,‬الذي كان معروفا من قبل كثابت‬
‫تجرٌبً فقط‪ .‬كذلك أصبحت جمٌع المتسلسالت التً تصؾ األطوال الموجٌة لطٌؾ ذرة‬
‫الهٌدروجٌن حالة خاصة لنموذج بور‪ ,‬حٌث نجد من متسلسلة بالمر‪ ,‬المعادلة )‪ ,(2-23‬تحتوي‬
‫إلى‬ ‫على العدد ‪ ,‬وهذا ٌعنً اآلن بحسب نموذج بور انتقال إلكترون من مستوى الطاقة‬
‫مستوى الطاقة الثانً‪ ,‬ومن ثم إطالق فوتون ضوبً‪ .‬لذلك كان الرقم الصحٌح فً متسلسلة‬
‫بالمر ال ٌؤخذ إال قٌما من ثالثة فصاعدا‪ .‬تفسر جمٌع المتسلسالت األخرى بنفس الطرٌقة‬
‫بالضبط‪.‬‬

‫ٌوضح الشكل )‪ (2-11‬مستوٌات الطاقة المختلفة لذرة الهٌدروجٌن حسب نموذج بور‪ .‬إذا أردنا‬
‫حساب مستوى أي طاقة‪ ,‬نقوم باستخدام المعادلة )‪ .(2-34‬فمثال لمعرفة حساب مستوى الطاقة‬
‫فً المعادلة )‪:(2-34‬‬ ‫الثانً‪ ,‬نضع‬

‫‪ ,‬وهكذا لبقٌة المستوٌات‪.‬‬ ‫حٌث‬

‫اعتبرنا فً هذه المعالجة أن كتلة النواة )البروتون) كبٌرة جدا بالنسبة لكتلة اإللكترون‪ .‬ففً حالة‬
‫ذرة الهٌدروجٌن تكون كتلة النواة (البروتون) أكبر من كتلة اإللكترون ب ‪ 1836‬مرة‪ .‬لذلك إذا‬
‫أردنا تحسٌن الحسابات بشكل أكثر دقة‪ ,‬نقوم بتعوٌض ما ٌسمى بالكتلة المختزلة‬
‫‪ ,‬بدال من كتلة االلكترون فً جمٌع المعادالت الموجودة فً نموذج بور‪ .‬تعطى الكتلة‬
‫المختزلة كالتالً‪:‬‬

‫‪ℳ‬‬

‫كتلة اإللكترون‪.‬‬ ‫حٌث ‪ ℳ‬كتلة البروتون و‬

‫إن نموذج بور حول الذرة مقنع للؽاٌة فً تفسٌر خطوط الطٌؾ الذري على الذرات أحادٌة‬
‫اإللكترون ‪ .‬وٌمكن تطبٌقه على بعض الذرات المتؤٌنة‪ ,‬والتً تسمى بالذرات الهٌدروجٌنٌة‪ .‬مثل‬
‫(‪ .‬فً هذه العناصر نقوم بتعوٌض‬ ‫( واللٌثٌوم المضاعؾ التؤٌن‬ ‫الهٌلٌوم المتؤٌن‬
‫شكل )‪(2-11‬‬

‫عند انتقال االلكترون من مستوى الطاقة‬ ‫مستوٌات الطاقة المختلفة لذرة الهٌدروجٌن‪ .‬صدور فوتون ضوبً طاقته‬
‫‪.‬‬ ‫الى مستوى الطاقة األول‬ ‫الثالث‬

‫العدد الذري الخاص بها فً كل المعادالت السابقة‪ .‬بصورة عامة ٌتوافق نموذج بور مع‬
‫أما فً حاالت العناصر‬ ‫ذرات العناصر الخفٌفة المتؤٌنة التً ٌكون عددها الذري‬
‫فال تتفق النتابج مع نموذج بور‪ .‬كذلك فً حالة زٌادة العدد الذري فؤن ذلك‬ ‫الثقٌلة‬
‫ٌإدي الى زٌادة سرعة االلكترون (انظر المعادلة )‪ ,))2-29‬وهنا ٌكون تؤثٌر المٌكانٌكا النسبٌة‬
‫مهما‪.‬‬

‫إذن على الرؼم من جمال نموذج بور‪ ,‬إال أنه ال ٌنطبق إال على الذرات وحٌدة اإللكترون‪ .‬ولكن‬
‫فً حالة الذرات المتعددة اإللكترون ٌفشل النموذج تماما فً تفسٌر خطوط األطٌاؾ الذرٌة‪.‬‬

‫من‬ ‫مما هو جدٌر بالذكر ما قام به كل من سومرفٌلد و وٌلسون‬


‫تطوٌر لنموذج بور‪ .‬حٌث افترضا أن مدارات االلكترونات بٌضاوٌة الشكل ولٌست دابرٌة‪ ,‬وتقع‬
‫حول حركة الكواكب فً‬ ‫النواة فً إحدى البإرتٌن‪ٌ .‬ذكرنا ذلك بنموذج كبلر‬
‫المجموعة الشمسٌة‪ .‬جعلت تلك الفرضٌة مدارات بور حالة خاصة لها‪ ,‬إضافة إلى ذلك تم‬
‫تطبٌق المٌكانٌكا النسبٌة بدال من المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪ ,‬وتم تفسٌر التشققات التً تحدث لخط‬
‫الطٌؾ الواحد‪ .‬لكن مع كل ذلك تفشل تلك المعالجات الجدٌدة بالنهاٌة فً معالجة الذرات‬
‫المتعددة االلكترونات‪ ,‬كما فشل نموذج بور‪.‬‬
‫‪ 5-2‬مبدأ المقابلة‬
‫لقد رأٌنا فً الفصل األول فشل المٌكانٌكا الكالسٌكٌة فً تفسٌر إشعاع الجسم األسود‪ ,‬ثم أتى‬
‫بالنك وحل المشكلة باستخدام فكرة تكمٌم الطاقة‪ .‬بعد ذلك بٌنا كٌؾ أصبحت نظرٌة راٌلً –‬
‫جٌنز حالة خاصة لنظرٌة بالنك‪ .‬ثم برهنا أن نظرٌة كومتون لالستطارة ‪ ,‬حالة عامة‪ ,‬وان‬
‫جمٌع النظرٌات الكالسٌكٌة السابقة حالة خاصة لها‪ .‬هناك أمثلة كثٌرة فً الفٌزٌاء الحدٌثة على‬
‫ذلك‪ ,‬مثال نجد أن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة هً حالة خاصة للمٌكانٌكا النسبٌة‪ ,‬ونظرٌة نٌوتن فً‬
‫الجاذبٌة حالة خاصة لنظرٌة أٌنشتٌن فً النسبٌة العامة‪ .‬إن هذا هو جوهر مبدأ المقابلة الذي‬
‫عبر عنه بور كالتالً‪:‬‬

‫(هناك تطابق عام بٌن تنبإات الفٌزٌاء الكمٌة والفٌزٌاء الكالسٌكٌة فً الحاالت التً توصؾ‬
‫بؤعداد كمٌة كبٌرة)‪.‬‬

‫لتوضٌح ذلك رٌاضٌا‪ ,‬سنبرهن على أن التردد الكالسٌكً للحركة الدابرٌة لإللكترون‪ٌ ,‬ساوي‬
‫التردد الكمً عندما توصؾ الحاالت بؤعداد كمٌة كبٌرة‪.‬‬

‫ٌعطى تردد اإللكترون الزاوي أو تردد اإلشعاع الزاوي فً الحاالت الكالسٌكٌة كالتالً‪:‬‬

‫هذه العالقة صحٌحة فً حالة األعداد الكمٌة الكبٌرة‪ ,‬لكن عندما ٌقفز اإللكترون من مستوى‬
‫‪ٌ ,‬كون التردد الكمً هو‪:‬‬ ‫الطاقة الى‬

‫‪ ,‬و بالتالً‬ ‫الى‬ ‫و‬ ‫الى‬ ‫اآلن عندما تكون كبٌرة جدا‪ ,‬نستطٌع تقرٌب‬
‫تصبح المعادلة )‪ (2-38‬كالتالً‪:‬‬

‫وهذه هً بالضبط المعادلة )‪ ,(2-37‬والتً تعطً التردد الكالسٌكٌة لإللكترون‪ .‬هذا هو مؽزى‬
‫مبدأ المقابلة الذي وضعه بور‪.‬‬
‫هامش الفصل الثانً‬
‫]‪ [1‬من الممكن مشاهدة البرهان فً كتب أساسٌات الفٌزٌاء‪ ,‬قسم الفٌزٌاء الكهربابٌة‪.‬‬

‫]‪ [2‬سوؾ نتبع فً استنتاج المعادلة النهابٌة كتاب‪:‬‬

‫]‪ [3‬سوؾ نتكلم بالتفصٌل عن خطوط األطٌاؾ الذرٌة فً الجزء القادم من هذا الفصل‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫كذلك المادة ترؼب بطبٌعتان‬
‫مقدمة‬
‫رؼم النجاحات الكثٌرة المتواصلة من بالنك حتى بور‪ ,‬ظلت هناك تحفظات كثٌرة على نظرٌة‬
‫الكم‪ .‬فمدارات بور كانت مزعجة جدا للنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬حٌث تحتفظ االلكترونات‬
‫بمدارتها دون أن تشع أي موجات كهرومؽناطٌسٌة‪ ,‬وهذا انتهاك واضح لتنبإات النظرٌة‬
‫الكهرومؽناطٌسٌة‪ .‬إضافة إلى ذلك كانت سلسلة النجاحات المتواصلة فً تفسٌر ما عجزت‬
‫بدون تعلٌل‪ .‬فما المعنى الفٌزٌابً‬ ‫الفٌزٌاء الكالسٌكٌة عنه معتمدا على الدستور اللؽز‬
‫لذلك الدستور؟‬

‫بالطبع ال ٌمكن للمٌكانٌكا الكالسٌكٌة أن تفسر كل تلك الفرضٌات الجدٌدة‪ .‬لكن قد نجد تفسٌر‬
‫لها‪ ,‬لو استخدمنا المٌكانٌكا النسبٌة‪ .‬أحد أهم النتابج فً النظرٌة النسبٌة الخاصة‪ ,‬مبدأ تكافإ‬
‫الكتلة و الطاقة‪ ,‬والذي ٌعطى بالعالقة الشهٌرة‪:‬‬

‫حٌث من الممكن تحوٌل المادة إلى طاقة على صورة إشعاع‪ ,‬والطاقة (إشعاع) إلى مادة‪ .‬لقد‬
‫علمنا من الفصل األول من نظرٌة الفوتونات أن الضوء ذو طبٌعة مزدوجة‪ .‬أي انه ٌتصرؾ فً‬
‫بعض األحٌان على انه موجة وفً أحٌان أخرى على انه مجموعة من الجسٌمات (فوتونات)‪.‬‬

‫اآلن‪ ,‬طالما أن المادة والطاقة متكافبتان‪ ,‬أي أنهما وجهان لعملة واحدة‪ ,‬والطاقة ذات طبٌعتان‪,‬‬
‫إذن هل من الممكن أن تكون المادة هً األخرى ذات طبٌعتان؟ إضافة إلى ذلك‪ ,‬فقد وجدنا فً‬
‫نموذج بور أن اإللكترون ال ٌتخذ إال مدارات خاصة به‪ ,‬وان كمٌة التحرك الزاوي لهذا‬
‫اإللكترون تتخذ قٌما صحٌحة معٌنه من الثابت ‪ ,‬المعادلة )‪ .(2-24‬قد نجد هنا عالقة مع ما‬
‫‪ ,‬حٌث تحتوي هذه األمواج على ما ٌسمى بالعقد‬ ‫ٌسمى باألمواج المستقرة‬
‫‪ ,‬كما هو موضح بالشكل )‪.(3-1‬‬

‫عقدة‬ ‫عقدة‬

‫عقدة‬

‫شكل )‪(3-1‬‬
‫عندما نقوم بهز الحبل تتشكل موجة تصطدم بالحابط وتعود مشكلة عقدة فً الوسط‪ ,‬إضافة إلى‬
‫عقدة فً الطرفٌن‪ .‬إن ما أرٌد الوصول إلٌه هنا‪ ,‬هو أن طول الحبل ٌجب أن ٌتخذ قٌما صحٌحة‬
‫من أنصاؾ األطوال الموجٌة حتى ٌشكل موجة مستقرة‪ٌ .‬ماثل ذلك بالضبط تكمٌم التحرك‬
‫الزاوي لإللكترون الذي ٌتخذ قٌما صحٌحة من الثابت ‪ .‬فهل هناك عالقة ما بٌنهما ٌا ترى؟‬
‫على األرجح هكذا كان ٌفكر األمٌر االرستقراطً الفرنسً لوي فكتور دي بروي‬
‫‪.‬‬

‫‪ 1-3‬فرضٌة األمٌر‬
‫فً عام ‪ 0561‬اقترح دي بروي فكرة أن المادة من الممكن أن تسلك سلوك ازدواجً‪ ,‬كما هو‬
‫الحال فً الضوء‪ .‬انطالقا من هذه الفرضٌة بدأت تتضح معالم التركٌب الذري أكثر فؤكثر‪ .‬إن‬
‫الفوتون الضوبً ٌمتلك كمٌة دفع تعطى بالعالقة التالٌة‪:‬‬

‫𝜆‬
‫واضح من هذه المعادلة بؤنه توجد عالقة بٌن كمٌة الدفع والطول الموجً‪ .‬تعطى كمٌة الدفع‬
‫بالمٌكانٌكا الكالسٌكٌة كالتالً‪:‬‬

‫اذن تصبح المعادلة )‪ (3-1‬كالتالً‪:‬‬

‫𝜆‬

‫تعرؾ هذه المعادلة بطول موجة دي بروي للجسٌم ‪.de Broglie wavelength of particle‬‬
‫تصلح هذه العالقة لألجسام التً تمتلك سرعة صؽٌرة جدا بالنسبة لسرعة الضوء‪ .‬ألننا‬
‫استخدمنا هنا كمٌة الدفع من المٌكانٌكا الكالسٌكٌة ولٌست النسبٌة‪.‬‬

‫وجد دي بروي عالقة بٌن الموجات الموقوفة وكمٌة الدفع الزاوي‪ .‬لو أخذنا أحد مدارات بور‪,‬‬
‫وكان نصؾ قطره ومحٌطه ‪ٌ ,2‬كون شرط الحصول على موجة موقوفة لإللكترون هو‪:‬‬

‫𝜆‬

‫أي ٌجب أن ٌكون محٌط الدابرة مساوٌا ألعداد صحٌحة من الطول الموجً وإال فلن نحصل‬
‫على موجة موقوفة (الشكل )‪ .)(3-2‬إذا وضعنا قٌمة 𝜆 من المعادلة )‪ (3-3‬فً المعادلة )‪(3-4‬‬
‫نحصل على‪:‬‬
‫شكل )‪(3-2‬‬

‫كٌفٌة تناسب محٌط الدابرة مع أعداد صحٌحة من األطوال الموجٌة‪ ,‬حتى نحصل على موجة موقوفة‪ .‬فً هذا الشكل‬
‫‪.‬‬

‫ولٌست هذه سوى فرضٌة بور الثانٌة فً تكمٌم كمٌة التحرك الزاوي لإللكترون‪ ,‬المعادلة‬
‫)‪.(2-24‬‬

‫على الرؼم من جمال كل هذه األفكار‪ ,‬وتطابقها مع فرضٌة بور الثانٌة‪ ,‬عاد نفس السٌنارٌو مرة‬
‫أخرى‪ ,‬فلم تالقً تلك األفكار قبوال واسعا فً البداٌة‪ ,‬واعتبرت أفكارا جنونٌة قابمة على أفكار‬
‫جنونٌة أخرى وهً ذرة بور‪ .‬ظل الوضع قابما هكذا حتى عام ‪ 0563‬لٌعٌد التارٌخ نفسه ولكن‬
‫بشكل مقلوب‪ .‬فكما تحرى كومتون عن جسٌمات األمواج الضوبٌة التً اقترحها أٌنشتٌن‪ ,‬تحرى‬
‫عن موجات الجسٌمات‬ ‫هذه المرة المتحرٌان دافٌسون وجٌرمر‬
‫المادٌة والتً اقترحها دي بروي‪.‬‬

‫‪ 2-3‬المتحرٌان دافٌسون وجٌرمر ٌكتشفان موجات األمٌر‬


‫فً عام ‪ 0563‬جرت أولى التجارب للتؤكد من صحة فرضٌة األمواج المصاحبة لاللكترونات‪.‬‬
‫كان صاحبً هذه التجربة هم دافٌسون وجٌرمر‪ ,‬وكانا ٌعمالن فً مختبرات بل الهاتفٌة‪ .‬الفكرة‬
‫الربٌسٌة للتجربة تقوم على دراسة تداخل أمواج االلكترونات المنعكسة من سطح بلورة من‬
‫النٌكل‪.‬‬

‫ٌوضح الشكل )‪ (3-3‬رسم تخطٌطً للجهاز الذي استخدم للتجربة‪ٌ .‬تكون الجهاز بشكل عام من‬
‫مصدر لاللكترونات ٌمكن به تؽٌٌر طاقة حركة االلكترونات‪ ,‬وقطعة من النٌكل‪ ,‬وكاشؾ ٌقوم‬
‫بتسجٌل شدة اإلشعاع كدالة فً الزاوٌة المحصورة بٌن الشعاع الساقط والمنعكس‪.‬‬

‫إن ذرات بلورة النٌكل تتخذ شكل وحدات مكعبة تفصل بٌنهما مسافات معٌنة ‪ ,‬كما هو موضح‬
‫بالشكل نفسه‪ .‬تقوم الفكرة االن على دراسة شدة االشعاع‪ ,‬والذي ٌعتمد على كل من الزاوٌة‬
‫وطاقة الحركة لاللكترونات‪.‬‬
‫مصدر لاللكترونات‬

‫كاشؾ‬

‫ذرات بلورة النٌكل‬

‫شكل )‪(3-3‬‬

‫رسم تخطٌطً لجهاز دافٌسون وجٌرمر المستخدم فً دراسة األمواج االلكترونٌة‪.‬‬

‫‪ ,‬سنجد أن شدة االشعاع تكون أكبر ما ٌمكن عندما تكون‬ ‫لو استخدمنا طاقة حركة مقدارها‬
‫‪ ,‬ثم تزداد حتى تصل الى‬ ‫‪ ,‬بعدها تبدأ بالتناقص حتى تصل الى اقل قٌمة عند‬
‫‪ ,‬وبعدها تبدأ بالتناقص مرة أخرى وهكذا‪.‬إن هذا األسلوب فً‬ ‫اعلى قٌمة لها عند‬
‫التناقص والزٌادة ال ٌمكن تفسٌره إال باستخدام فكرة تداخل األمواج‪ ,‬حٌث ٌكون التداخل بناء‬
‫‪.‬‬ ‫وهدام عند‬ ‫عند‬

‫والذي ٌعطى كالتالً‪:‬‬ ‫إن شرط حدوث تداخل بناء ٌتم بتحقٌق قانون براغ‬

‫𝜆‬

‫عدد صحٌح‪ ,‬وهو لتحدٌد رتبة خطوط‬ ‫حٌث المسافات الفاصلة بٌن ذرات بلورة النٌكل‪,‬‬
‫التداخل‪ .‬لو استخدمنا االن المعادلة )‪ (3-6‬ال ٌجاد الطول الموجً 𝜆‪ ,‬بمعلومٌة و الزاوٌة ‪,‬‬
‫سنجد انها بالضبط تعطً نفس الناتج لو اننا استخدمنا معادلة دي بروي (المعادلة )‪.)(3-3‬‬
‫ٌوضح الشكل )‪ (3-4‬العالقة بٌن شدة اإلشعاع و فرق الجهد ‪ ,‬حٌث فرق الجهد هو‬
‫المسإول عن طاقة حركة االلكترونات أو كمٌة دفعها‪ .‬تكون شدة اإلشعاع أعلى ما ٌمكن عند‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ,‬أي عندما تكون الزاوٌة تساوي‬

‫لقد كانت تلك التجربة أول دلٌل تجرٌبً لصدق فرضٌة دي بروي‪ .‬وبعد عام واحد من اكتشاؾ‬
‫الذي اكتشؾ‬ ‫ابن‬ ‫دافٌسون وجٌرمر‪ ,‬أجرى طومسون‬
‫االلكترون‪ ,‬تجربة تداخل االمواج االلكترونٌة بعد نفاذها من شرابح رقٌقة جدا‪ .‬لقد اكتشؾ‬
‫شكل )‪(3-4‬‬

‫‪.θ‬‬ ‫أو‬ ‫العالقة بٌن شدة االشعاع وفرق الجهد ‪ ,‬حٌث تكون القٌمة العظمى للشدة عند‬

‫طومسون األب اإللكترون كجسٌم‪ ,‬بٌمنا اكتشفه االبن كموجة‪ .‬إن ظاهرة تداخل االلكترونات قد‬
‫تظهر على شكلٌن‪ ,‬إما على شكل حلقات كما هو فً الشكل )‪ ,(3-5‬أو على شكل نقاط مضٌبة‬
‫كما هو موضح بالشكل )‪ .(3-6‬السبب فً ذلك ٌعتمد على تركٌبة المواد التً تسقط علٌها‬
‫االلكترونات‪ ,‬فإذا ظهر شكل حلقات‪ ,‬تكون تركٌبة البلورات الداخلٌة اسطوانٌة الشكل‪ ,‬بحٌث‬
‫تحتوي على جمٌع االتجاهات الممكنة‪ ,‬وإذا ظهرت نقاط مضٌبة‪ ,‬فان تركٌبة المادة تكون عادٌة‪.‬‬

‫‪ 3-3‬مثنوٌة الموجة والجسٌم أو مبدأ التتام‬


‫بعد التجارب الكثٌرة التً أجرٌت حول التؤكد من صحة فرضٌة األمواج المادٌة‪ ,‬بات إنكارها‬
‫شًء صعب جدا‪ .‬لكن السإال الذي ٌطرح نفسه اآلن هو‪ :‬ما هً الطبٌعة النهابٌة للمادة؟‬
‫موجات أم جسٌمات؟ إن المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة‪ٌ ,‬تصرفان تحت ظروؾ معٌنة‬
‫وكؤنهما موجات‪ ,‬مثل تجربة الشق المزدوج وتصادم االلكترونات مع الشرابح البلورٌة الرقٌقة‬
‫جدا‪ ,‬وفً أحٌان أخرى ٌتصرفان على أنهما سٌل من الجسٌمات‪ ,‬مثل التؤثٌر الكهروضوبً‬
‫بالنسبة لإلشعاع ‪ ,‬وجمٌع التصادمات الذرٌة بالنسبة للجسٌمات المادٌة‪ .‬ال نود هنا أن نتكلم عن‬
‫الموجات الكهرومؽناطٌسٌة والجسٌمات المادٌة وكؤنهما شٌبان مختلفان فً الماهٌة‪ ,‬فكما بٌنا فً‬
‫السابق من النظرٌة النسبٌة الخاصة‪ ,‬أن المادة والطاقة متكافبتان تماما‪ .‬هناك ظاهرة شهٌرة تبٌن‬
‫التً تنبؤ بها‬ ‫بوضوح صدق هذا المبدأ‪ ,‬تسمى ظاهرة اإلنتاج الزوجً‬
‫‪ ,‬عندما دمج النظرٌة النسبٌة الخاصة بمٌكانٌكا الكم‪ .‬تتنبؤ النظرٌة بانحالل‬ ‫دٌراك‬
‫‪,‬‬ ‫اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً (الفوتون) تحت ظروؾ معٌنة إلى إلكترون وبوزٌترون‬
‫وهذا االخٌر ٌشارك االلكترون فً جمٌع خصابصه‪ ,‬اال أن شحنته موجبة‪ ,‬و من الممكن أٌضا‬
‫أن ٌحدث العكس‪ ,‬أي ٌندمج اإللكترون مع البوزٌترون لٌعطٌان فوتون ضوبً‪ .‬إذن ال فرق بٌن‬
‫شكل )‪(3-5‬‬

‫تداخل موجات اإللكترون‪ ,‬معطٌة فً النهاٌة شكل حلقات‪.‬‬

‫اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً أو الفوتونات (الطاقة) وبٌن الجسٌمات الذرٌة جمٌعها (المادة)‪ .‬لنعد‬
‫اآلن إلى اإلشكال الذي طرحناه منذ قلٌل‪ :‬ما هً ماهٌة المادة أو الطاقة‪ ,‬أهً موجة أم جسٌم؟‬
‫فً الحقٌقة لسنا أمام خٌارات كثٌرة‪ ,‬فالحل األمثل هو قبول االثنان معا‪ ,‬وهذا ما ٌسمى بالطبٌعة‬
‫‪ .‬وهاتان الطبٌعتان متممتان‬ ‫–‬ ‫المثنوٌة للموجة والجسٌم‬
‫لبعض ولٌستا متناقضتان‪ ,‬فتظهر إحداهما فً ؼٌاب األخرى على حسب الظروؾ المتاحة‪ ,‬وال‬
‫ٌمكن رإٌة االثنتان معا فً وقت واحد‪ .‬إن األمر ٌشبه كثٌرا قطعة النقود المعدنٌة‪ ,‬فال ٌمكنك‬
‫رإٌة الوجهان دفعة واحدة‪ ,‬وكلما رأٌت صورة أحد الوجهٌن بشكل أفضل‪ ,‬ساءت رإٌة الوجه‬
‫اآلخر حتى ٌختفً تماما‪ .‬ستكون أفضل طرٌقة تفعلها لرإٌة الوجهان معا‪ ,‬هً وضع القطعة‬
‫المعدنٌة بشكل موازي لمستوى النظر‪ ,‬لكن ولألسؾ عندها لن ترى إال جزء ضبٌل من‬
‫الوجهان‪ .‬بكلمات أخرى‪ ,‬لقد أعطٌت لكل وجه ‪ 50%‬من حسن واسابة النظر‪.‬‬

‫لعلك تتساءل لماذا إذن ال تظهر األجسام العٌانٌة العادٌة بشكل موجات؟ السبب فً ذلك هو كبر‬
‫كتل األجسام العادٌة بالنسبة لألجسام الذرٌة‪ .‬لو عدنا إلى معادلة دي بروي‪ ,‬المعادلة )‪(3-3‬‬
‫لوجدنا أن هناك تناسب عكسً بٌن الكتلة وطول الموجة‪ .‬إذا عوضنا عن فً المعادلة ذاتها‬
‫بقٌمة كبٌرة جدا‪ٌ ,‬صبح الطول الموجً صؽٌر جدا جدا‪ ,‬وال ٌمكن الشعور به أبدا‪ .‬إن المعادلة‬
‫تحتوي على الثابت ‪ ,‬لذلك فالمعادلة مهمة حٌن ٌصبح ثابت بالنك مهما‪ .‬وهذا ما رأٌناه فً‬
‫نظرٌة بالنك حول اشعاع الجسم االسود‪ ,‬ونظرٌة أٌنشتٌن فً التؤثٌر الكهروضوبً‪ ,‬ونظرٌة‬
‫كومتون فً االستطارة‪ ,‬ونظرٌة بور حول اإللكترون‪ .‬حٌث تإول تلك النظرٌات الى التقرٌب‬
‫الكالسٌكً فً الجمل التً ٌكون فٌها ثابت بالنك مهمال‪ .‬وهذا ما بٌناه فً مبدأ المقابلة الذي‬
‫طرحه بور‪.‬‬
‫شكل )‪(3-6‬‬

‫تداخل موجات االلكترون‪ ,‬معطٌة فً النهاٌة شكل نقاط مضٌبة بشدات مختلفة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫بزوغ مٌكانٌكا الكم أو نهاٌة ذرة بور‬
‫مقدمة‬
‫كانت فرضٌة دي بروي حول الطبٌعة الموجٌة للجسٌمات المادٌة بداٌة القتحام قوي من الفٌزٌاء‬
‫الكمومٌة على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪ .‬لكن هذا االقتحام ال ٌعنً أن نرمً الفٌزٌاء الكالسٌكٌة فً‬
‫سلة المهمالت‪ .‬بل كل ما فً األمر أنها قد تعدلت لتنسجم مع الصورة الجدٌدة للعالم‪ .‬فالفٌزٌاء‬
‫الكالسٌكٌة هً تقرٌب للفٌزٌاء الكمومٌة‪ ,‬كما بٌنا ذلك فً مبدأ المقابلة‪.‬‬

‫أود أن أقول شٌبا هنا قبل الخوض فً ؼمار هذا الفصل‪ .‬قد ٌكون مزعج للذي ٌقرأ النظرٌة‬
‫الكمٌة أول مرة‪ .‬إن كل ما تكلمنا عنه حتى هذه اللحظة ٌسمى بنظرٌة الكم القدٌمة‪ .‬فلك أن‬
‫تتصور كٌؾ سٌكون شكلها الجدٌد؟‬

‫لقد أدى اكتشاؾ الموجات المصاحبة لاللكترونات إلى أمران فً ؼاٌة األهمٌة‪ .‬بعد اكتشاؾ‬
‫موجات اإللكترون‪ ,‬كان البد من توصٌؾ رٌاضً ٌتٌح لإللكترون االنتقال من مدار إلى آخر‬
‫وٌشع فابض طاقته على شكل فوتون ضوبً‪ .‬عندما أدخل اٌنشتٌن فكرة أن الضوء ٌمتلك‬
‫جسٌمات‪ ,‬وضح كٌؾ أن الموجات الضوبٌة هً من ٌحدد كٌفٌة انتقال الفوتون من مكان إلى‬
‫آخر‪ .‬اآلن وبنفس الطرٌقة ٌجب أن تحدد موجات المادة كٌفٌة انتقال اإللكترون من مدار إلى‬
‫آخر داخل الذرة‪ .‬بالتؤكٌد ال ٌمكن توصٌؾ ذلك بواسطة المٌكانٌكا الكالسٌكٌة للموجات‪ .‬بل كان‬
‫ال بد من معادالت أخرى تنسجم مع أفكار الكم الجدٌدة تلك‪.‬‬

‫لقد تم ذلك بالفعل فً عام ‪ ,0562‬عندما نشر العالم النمساوي ارفن شرودنؽر‬
‫نظرٌة خاصة تحدد كٌفٌة انتشار أمواج المادة داخل الذرة‪ .‬لقد صاغ نظرٌته‬
‫على شكل معادلة شهٌرة جدا عند الفٌزٌابٌٌن‪ ,‬تسمى (معادلة شرودنؽر)‬
‫‪ .‬وهذا هو أول األمران الهامٌن‪.‬‬

‫كانت الفٌزٌاء الكالسٌكٌة تفترض أن الجسٌم المادي ٌمكن تمثٌله على شكل نقطة‪ ,‬وبالتالً ٌمكن‬
‫توصٌؾ موقع هذا الجسٌم وكمٌة حركته فً أي لحظة بواسطة ثالث إحداثٌات مع ثالث‬
‫مركبات للسرعة‪ ,‬وٌتم كل ذلك بدقة‪ .‬لكن الوضع قد انقلب رأسا على عقب بعد اكتشاؾ‬
‫الموجات المصاحبة لإللكترون‪ .‬فإمكانٌة تمثٌل الجسٌم المادي على شكل موجات فً المستوى‬
‫الذري ٌفرض بعض القٌود لتحدٌد بعض خواص الجسٌم فً وقت واحد‪ ,‬كالموقع وكمٌة‬
‫هو أول من فطن‬ ‫الحركة‪ .‬كان الفٌزٌابً األلمانً ورنر هاٌزنبٌرغ‬
‫الى هذه الظاهرة‪ ,‬وصاؼها فً مبدأ مشهور‪ ,‬وهو (مبدأ الالٌقٌن) ‪.Uncertainty Principle‬‬
‫ثانً األمران الهامٌن‪.‬‬

‫كان الكتشاؾ هذان األمران‪ ,‬بداٌة لحقبة جدٌدة فً الفٌزٌاء الكمومٌة‪ .‬وقد دعٌت تلك الفترة وما‬
‫‪.‬‬ ‫بعدها باالسم المرعب (مٌكانٌكا الكم)‬

‫توصؾ مٌكانٌكا الكم عادة‪ ,‬بؤنها قد اكتشفت مرتان‪ .‬المرة األولى كانت بواسطة هاٌزنبٌرغ فً‬
‫‪ .‬والمرة الثانٌة كانت بواسطة‬ ‫عام ‪ ,0561‬وقد صاغ نظرٌته على شكل مصفوفات‬
‫شرودنؽر فً عام ‪ ,0562‬وقد صاغ نظرٌته على شكل موجات مٌكانٌكٌة‪ .‬وفٌما بعد برهن‬
‫شرودنؽر على الصورتان متكافبتان رٌاضٌا‪ ,‬وتعطٌان نفس النتابج بالنهاٌة‪ .‬لكن طرٌقة‬
‫الموجات المٌكانٌكٌة أسهل رٌاضٌا من المصفوفات‪.‬‬

‫سنقوم فً هذا الفصل بشرح أساسٌات مٌكانٌكا الكم‪ ,‬ولكن بدون الدخول الى تفاصٌلها الرٌاضٌة‬
‫الطوٌلة‪ .‬حٌث أن رٌاضٌات مٌكانٌكا الكم لٌست بمثل رٌاضٌات الفصول السابقة‪ .‬فهً تتطلب‬
‫حسابات رٌاضٌة طوٌلة جدا ومعقدة أحٌانا‪ ,‬لذلك ال أرؼب فً إدخالها ضمن هذا الكتاب‪,‬‬
‫وسؤكتفً بشرح األساسٌات فقط‪.‬‬
‫‪ 1-4‬الدالة الموجٌة أو بداٌة الضباب‬
‫لقد بٌنا من نظرٌة دي بروي إمكانٌة تمثٌل الجسٌم المادي بموجة موقوفة‪ ,‬لكن تلك النظرٌة‬
‫مهتمة بدراسة الموجة فً بعد واحد‪ ,‬وهو االنتقال حول محٌط المدار داخل الذرة‪.‬‬

‫استخدم شرودنؽر تلك األفكار‪ ,‬وطور دراسة هذه األمواج من بعد واحد إلى ثالثة أبعاد ‪ .‬فً‬
‫ظل المٌكانٌكا الموجٌة ٌتم وصؾ ودراسة جمٌع خصابص الجسٌم المادي‪ ,‬كالموقع وكمٌة الدفع‬
‫‪ٌ .‬رمز لهذه‬ ‫وطاقة الحركة وؼٌرهما عن طرٌق ما ٌسمى بالدالة الموجٌة‬
‫⃗ 𝜓‪ ,‬وهً كما نرى دالة فً الموقع والزمن‪ .‬ان المعادلة التً تصؾ تطور‬ ‫الدالة بالرمز‬
‫هذه الدالة مع الزمن فً األنظمة الفٌزٌابٌة هً معادلة شرودنؽر‪.‬‬

‫لماذا اخترنا عنوان (بداٌة الضباب) لهذا الجزء؟ السبب بسٌط‪ ,‬وهو أن تخٌل دالة موجٌة فً‬
‫الواقع أمر صعب جدا‪ .‬فالموجات التً تصؾ اإللكترون هنا ال ٌمكن تشبٌهها بؤي طرٌقة كانت‪,‬‬
‫بالموجات الصوتٌة أو موجات الماء أو حتى الموجات الكهرومؽناطٌسٌة‪ .‬فهً وصؾ رٌاضً‬
‫⃗ 𝜓‪ .‬اضافة الى ذلك فؤنه ال ٌوجد فضاء فٌزٌابً واضح‬ ‫تجرٌدي بحت قابع داخل الدالة‬
‫تنتشر فٌه تلك الموجات‪ .‬فموجات الماء تحتاج الى ماء حتى تنتشر فٌه‪ ,‬والصوت ٌحتاج إلى‬
‫هواء حتى ٌنتشر فٌه ]‪ ,[1‬لكن اإللكترون ٌنتشر فً ماذا؟ إذا كنت تتصور انه ٌنتشر بالفراغ‬
‫الذي حول الذرة‪ ,‬فما هو ذلك الفراغ؟ إننا نتكلم عن اصؽر وحدات الكون‪ ,‬فإذا تخٌلت وجود‬
‫فراغ فؤن هذا الفراغ ٌتكون من ذرات ونحن نتكلم عن اصؽر مكونات الذرة وهو اإللكترون!‪.‬‬

‫ٌجب على القارئ اآلن أن ٌبدأ بنزع صورة اإللكترون كجسٌم ٌدور حول النواة‪ ,‬كما فً نموذج‬
‫بور‪ .‬وكذلك فكرة الموجات األحادٌة البعد المستقرة كما تصورها دي بروي‪ .‬وإذا أصررت على‬
‫تخٌل شكل معٌن لإللكترون‪ ,‬فبإمكانك أن تتخٌل ضباب كثٌؾ ٌحٌط بالشمس‪ ,‬حٌث الضباب هو‬
‫اإللكترون والشمس هً النواة‪.‬‬

‫‪ 2-4‬شرودنؽر ٌصوغ قانون نٌوتن الثانً على طرٌقته الضبابٌة‬

‫ذكرنا منذ قلٌل أن المعادلة التً تصؾ تطور الدالة الموجٌة ⃗ 𝜓 مع الزمن‪ ,‬تسمى بمعادلة‬
‫شرودنؽر‪ .‬ان هذه المعادلة هً عصب مٌكانٌكا الكم‪ ,‬وتناظر بالضبط قانون نٌوتن الثانً فً‬
‫المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪ ,‬والذي ٌصؾ تطور حالة الجسم العادي مع الزمن‪.‬‬

‫أحد فروض مٌكانٌكا الكم األساسٌة ٌنص على ( لكل كمٌة فٌزٌابٌة ٌمكن قٌاسها‪ ,‬هناك مإثر أو‬
‫لها مإثر مناظر هو‬ ‫مناظر لها)‪ .‬مثال‪ ,‬مركبة كمٌة الدفع الخطٌة‬ ‫معامل‬
‫‪ .‬نالحظ أن المإثر ٌحتوي على عملٌة رٌاضٌة وهً‬ ‫√‬ ‫‪ ,‬حٌث‬
‫̂ ‪ .‬مإثر الطاقة الكلٌة هو‬ ‫االشتقاق‪ .‬المإثر المناظر لطاقة الوضع (الجهد) هو نفسه‪ ,‬أي‬
‫‪.‬‬

‫اآلن‪ ,‬نعلم من قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة أن الطاقة الكلٌة ألي جسم تساوي طاقة الحركة مضافا‬
‫إلٌها طاقة الوضع‪:‬‬
‫‪ ,‬ثم‬ ‫نضع اآلن المإثرات المناظرة لكمٌة الدفع والجهد والطاقة الكلٌة‪ ,‬مع استخدام‬
‫نقوم بضرب الطرفٌن ب 𝜓‪:‬‬

‫𝜓‬ ‫𝜓‬
‫𝜓‬

‫وهذه هً معادلة شرودنؽر الشهٌرة‪ ,‬فً بعد واحد وهو ‪ .‬وكما نرى هً معادلة تفاضلٌة من‬
‫الدرجة الثانٌة‪.‬‬

‫‪ ,‬فً المٌكانٌكا‬ ‫تلعب هذه المعادلة نفس الدور الذي ٌلعبه قانون نٌوتن الثانً‬
‫الكالسٌكٌة‪ .‬فلو تحرك جسم فً اتجاه مثال‪ ,‬فاننا نستطٌع التنبإ بموقعه عند أي لحظة من‬
‫الزمن‪ ,‬اذا ما علمنا شروطه االبتدابٌة‪ .‬بنفس الطرٌقة تحدد معادلة شرودنؽر تطور الدالة 𝜓 عند‬
‫أي لحظة من الزمن‪ ,‬بمعلومٌة الشروط االبتدابٌة‪ ,‬ولكن بالحدود التً ٌسمح بها مبدأ عدم الٌقٌن‬
‫الذي سنتطرق له فً هذا الفصل‪.‬‬

‫‪ 3-4‬التفسٌر االحتمالً أو بداٌة اللعب بالنرد‬


‫إذا كانت معادلة شرودنؽر معادلة تفاضلٌة من الدرجة الثانٌة‪ ,‬فمعنى ذلك بؤن المعادلة تحل‬
‫رٌاضٌا لتعطً فً النهاٌة الدالة الموجٌة ⃗ 𝜓‪ .‬لكن هذه الدالة الموجٌة بصورة عامة هً‬
‫‪ ,‬وبالتالً ال تعطً معنى فٌزٌابً واضح‪ .‬فالعدد المركب‬ ‫دالة عقدٌة‬
‫√‪ ,‬ونحن نعلم بؤنه ال توجد كمٌة سالبة فً العالم الفٌزٌابً‪ .‬لذلك لم ٌشعر‬ ‫ٌساوي‬
‫الفٌزٌابٌٌن باالرتٌاح آنذاك تجاه هذه المعادلة الرٌاضٌة البحتة‪ .‬لكن ماكس بورن‬
‫⃗ 𝜓 تمثل موجة إلكترون‪ ,‬افترض‬ ‫رأى الموضوع بشكل اخر‪ ,‬فبدال من أن ٌرى أن الدالة‬
‫أن هذه الدالة االخٌرة مجرد دالة احتمال!‪.‬‬

‫إذا كانت الدالة ⃗ 𝜓 دالة عقدٌة وال تعطً أي معنى فٌزٌابً‪ ,‬فؤن مربع هذه الدالة ٌعطً‬
‫عند أي لحظة من‬ ‫معنى فٌزٌابً‪ ,‬وهو احتمال تواجد االلكترون بٌن الموقعٌن و‬
‫الزمن‪:‬‬

‫𝜓|‬ ‫|‬

‫كثافة االحتمال‪ .‬اذا أردنا الحصول على احتمالٌة تواجد الجسٌم فً المنطقة‬ ‫حٌث‬
‫الخطٌة الواقعة بٌن النقطتٌن و ‪ ,‬نقوم بتكامل المعادلة )‪ (4-3‬بالحدود و ‪:‬‬

‫𝜓|∫‬ ‫|‬
‫طالما أن هذا التكامل ٌعطً احتمالٌة تواجد الجسٌم فً مدى معٌن‪ ,‬إذن ٌجب أن ٌمتلك هذا‬
‫التكامل قٌمة محددة‪ .‬لذلك إذا انعدمت قٌمة التكامل عند كل نقاط الفضاء‪:‬‬

‫𝜓| ∫‬ ‫|‬

‫فهذا ٌعنً أن الجسٌم المادي ال وجود له عند أي لحظة زمنٌة فً جمٌع مدى الفضاء على‬
‫المحور ‪ ,‬وهذا ؼٌر ممكن طبعا‪ .‬أما إذا كانت قٌمة التكامل ال نهابٌة‪:‬‬

‫𝜓| ∫‬ ‫|‬

‫فهذا ٌعنً أن الجسٌم موجود فً كل مكان وعند كل لحظة‪ ,‬وهذا أٌضا ؼٌر ممكن وال معنى له‪.‬‬
‫لذلك ٌجب أن ٌكون هناك شرط رٌاضً حتى ٌتواجد الجسٌم فً مكان ما فً الفضاء وفً‬
‫لحظة ما‪ٌ .‬عطى ذلك الشرط كالتالً‪:‬‬

‫𝜓| ∫‬ ‫|‬

‫‪ ,‬وتعنً ببساطة أن الجسٌم‬ ‫وتسمى هذه المعادلة بشرط المعاٌرة‬


‫ٌكون موجود بالفعل فً مكان ما ولحظة ما فً الفضاء‪ .‬تمثل هذه العالقة األخٌرة أحد أهم‬
‫الشروط الهامة فً مٌكانٌكا الكم‪ ,‬وتستخدم كثٌرا لحل المسابل الرٌاضٌة‪ٌ .‬طلق على الدالة‬
‫الموجٌة التً تحقق تلك العالقة بالدالة الموجٌة المعاٌرة‪.‬‬

‫كان اقتراح ماكس بورن ؼٌر اعتٌادي على اإلطالق‪ ,‬فلقد أصبحنا ؼٌر قادرٌن على تحدٌد موقع‬
‫إلكترون داخل الذرة‪ ,‬مثلما نحن ؼٌر قادرون على تحدٌد الوجه الذي تتخذه قطعة النرد عند‬
‫سقوطها‪ .‬إن كل ما نستطٌع قوله اآلن‪ ,‬أن احتمالٌة تواجد اإللكترون فً المدى كذا هو كذا‬
‫بالمابة‪ ,‬والمدى األخر هو كذا بالمابة وهكذا‪ .‬أي أن األمور جمٌعها قد تحولت إلى إحصاء‪.‬‬

‫من هنا بدأت الكوابٌس المزعجة عن جوهر الطبٌعة الذرٌة تراود الفٌزٌابٌٌن‪ ,‬فهل الكون فً‬
‫أصؽر لبناته عبارة عن طاولة نرد كبٌرة‪ ,‬وكل شًء فٌها ٌدبر بضربة حظ‪.‬‬

‫لقد استمر البحث والتفسٌر‪ ,‬حتى جاء مبدأ أخطر من كل ما ذكرناه حتى اآلن‪ ,‬مبدأ من شؤنه أن‬
‫ٌؽٌر أفكارنا تماما عن الكون‪ ,‬مبدأ ٌنص وبكل بساطة على أن‪ :‬عندما توجد الحركة ٌختفً‬
‫الموضع‪ ,‬وعندما ٌوجد الموضع تختفً الحركة !!‬

‫‪ 4-4‬مبدأ هاٌزنبٌرغ االرتٌابً‬


‫ذكرنا فً مقدمة الفصل األول‪ ,‬كٌؾ كانت صورة الكون حتى نهاٌة القرن التاسع عشر‪ .‬فبضل‬
‫أعمال نٌوتن ومن سبقوه وتبعوه‪ ,‬بات الكون آلة عظٌمة‪ ,‬كل شًء فٌها قابم على السبب‬
‫والمفعول‪ ,‬حٌث ال مكان للمصادفة فٌه‪ .‬إن القوانٌن التً نمتلكها تتٌح لنا معرفة حركة أكبر‬
‫المجرات إلى اصؽر الذرات فً المستقبل‪ ,‬فقط إذا ما علمنا شروط حركتها االبتدابٌة‪ ,‬من حٌث‬
‫المبدأ على األقل‪.‬‬

‫لكن هاٌزنبٌرغ تحدى ذلك‪ ,‬و وضع مبدأ ؼٌر به صورة تلك اآللة الكونٌة إلى األبد‪ٌ .‬نص ذلك‬
‫المبدأ على التالً‪ :‬ال ٌمكن تحدٌد موقع واندفاع جسٌم ما فً وقت واحد‪ ,‬وكلما رصدت أحدهما‬
‫بدقة أكبر كان على حساب األخر بنفس الدقة‪ .‬أي‪ ,‬كلما اقتربت من القٌمة الحقٌقٌة للموقع‪ ,‬كلما‬
‫ابتعدت عن قٌمة كمٌة الدفع بقدر اقترابك من معرفة الموقع‪ .‬لكن كٌؾ ٌكون ذلك؟‬

‫إذا أردنا أن نشاهد أي شًء‪ ,‬فعلٌنا أن نسلط علٌه ضوء‪ ,‬حٌث ٌصطدم الضوء بالجسم وٌنعكس‬
‫على عٌنٌنا فتتم عملٌة الرإٌة‪ .‬لكن إذا أردنا أن نشاهد إلكترون داخل الذرة فماذا نفعل؟ أٌضا‬
‫نسلط علٌه ضوء‪ ,‬لكن المشكلة تظهر هنا‪ ,‬فاإللكترون لٌس بالجسم الكبٌر‪ ,‬لذلك سنحتاج إلى‬
‫مجهر حتى نرى اإللكترون‪ ,‬ولكن المجهر لٌس سوى تكبٌر للصورة بالتقاط األشعة التً كانت‬
‫ذاهبة فً األصل باتجاهات شتى‪ .‬لكً نرى الصورة بشكل واضح ٌجب استخدام مجهر ذي‬
‫عدسة عرٌضة‪ ,‬وطول موجً قصٌر جدا‪ ,‬لكن ٌجب علٌك بالمقابل أن تدفع ثمن فقد المعلومات‬
‫عن ارتداد اإللكترون‪ .‬فعندما نستخدم طول موجة قصٌر‪ٌ ,‬إدي ذلك إلى زٌادة فً كمٌة دفع‬
‫الفوتون‪ ,‬حسب العالقة )‪ ,(1-19‬وبالتالً سٌضرب الفوتون اإللكترون بعنؾ شدٌد‪ ,‬وهذا ٌإدي‬
‫إلى فقد المعلومات عن كمٌة دفعه‪ .‬فالفوتون بعد أن ٌصطدم باإللكترون بإمكانه أن ٌدخل العدسة‬
‫من أي نقطة‪ .‬اآلن‪ ,‬إذا أردنا أن نحسب كمٌة دفع اإللكترون بدقة‪ ,‬سنستخدم عدسة ضٌقة‪ ,‬مع‬
‫طول موجً طوٌل‪ ,‬لكن هذا سٌإدي إلى صورة مجهرٌه ضبابٌة‪ ,‬وبالتالً سنفقد المعلومات عن‬
‫موضع اإللكترون‪.‬‬

‫الخالصة هً أنك ال تستطٌع تحدٌد موقع واندفاع اإللكترون فً وقت واحد مهما فعلت‪ .‬لقد عبر‬
‫هاٌزنبٌرغ عن ذلك رٌاضٌا بعالقته الشهٌرة‪:‬‬

‫نسبة الالٌقٌن فً الدفع‪ .‬وٌطلق على هذا‬ ‫نسبة الالٌقٌن أو الخطؤ فً الموقع‪ ,‬و‬ ‫حٌث‬
‫‪.‬‬ ‫المبدأ اسم ( مبدأ عدم الٌقٌن)‬

‫إلى هنا‪ٌ ,‬جب على القارئ أن ٌنتبه بؤنه ال توجد أي طرٌقة لرصد اإللكترون مباشرتا‪ ,‬كؤن‬
‫تقول انه هنا أو هناك‪ ,‬إن أفضل ما تستطٌع قوله‪ ,‬هو أٌن كان ولٌس بالضبط‪.‬‬

‫نكرر قولنا هنا مرة أخرى عند اكتشاؾ كل نظرٌة تتعلق بثابت بالنك‪ ,‬فمبدأ عدم التحدٌد ال ٌتم‬
‫تطبٌقه على األنظمة العٌانٌة‪ ,‬فهو ذو تؤثٌر فقط فً حالة الجسٌمات الذرٌة‪ .‬أما فً األجسام‬
‫‪ ,‬أي توجد نسبة خطؤ صؽٌرة جدا جدا وبالتالً ٌمكن‬ ‫و‬ ‫العادٌة فٌصبح تقرٌبا‬
‫اهمالها‪ ,‬بذلك ٌصبح المبدأ فً الحالة الكالسٌكٌة كالتالً‪:‬‬
‫ولكن فً الحالة الكمٌة كما رأٌنا ٌكون الناتج أكبر أو ٌساوي ثابت وهو ‪.‬‬

‫‪ 5-4‬المعالجة الجدٌدة لذرة الهٌدروجٌن أو نهاٌة ذرة بور‬


‫لقد قمنا بمعالجة ذرة الهٌدروجٌن وهً أبسط الذرات وأكثرها انتشارا فً الطبٌعة عن طرٌق‬
‫نظرٌة الكم القدٌمة‪ ,‬وتحدٌدا من نموذج بور‪ .‬كان هذا النموذج األخٌر ٌقتضً وجود نواة مكونة‬
‫من بروتون واحد وإلكترون واحد ٌدوران حول بعضهما البعض‪ ,‬وبسبب ضخامة حجم النواة‬
‫(البروتون فً حالة ذرة الهٌدروجٌن) بالنسبة لإللكترون‪ ,‬اعتبرنا أن النواة ساكنة و اإللكترون‬
‫ٌدور حولها‪.‬‬

‫لكن هذه الصورة البسٌطة للذرة تخترق المبدأ الذي تكلمنا عنه منذ قلٌل‪ ,‬مبدأ عدم الٌقٌن‪ .‬إذ لو‬
‫كان اإللكترون ٌدور بشكل دابري حول النواة‪ ,‬لكان فً مقدورنا أن نحدد كل من موقعه‬
‫واندفاعه فً وقت واحد‪ ,‬وهذا تعارض مباشر مع مبدأ عدم الٌقٌن‪.‬‬

‫تم إعادة النظر فً معالجة ذرة الهٌدروجٌن‪ ,‬انطالقا من نظرٌة الكم الحدٌثة ( مٌكانٌكا الكم)‪,‬‬
‫تحدٌدا من معادلة شرودنؽر‪ ,‬وتفسر بورن االحتمالً‪ ,‬ومبدأ هاٌزنبٌرغ االرتٌابً‪ .‬باستخدام هذه‬
‫المفاهٌم الجدٌدة نحصل على شكل جدٌد للذرة‪ٌ ,‬ختلؾ تماما عن نموذج بور‪ ,‬ولكن ٌتفق بصورة‬
‫جٌدة مع التجارب‪ .‬لكن نموذج بور لم ٌمت بالكامل‪ ,‬بل كل ما فً األمر انه ٌظهر كحالة من‬
‫إحدى الحاالت الكثٌرة التً تظهر من نتابج نظرٌة مٌكانٌكا الكم‪ ,‬كما سنرى اآلن ]‪.[1‬‬

‫سوؾ أقدم هنا النتابج النهاٌة لتصورات مٌكانٌكا الكم لذرة الهٌدروجٌن‪ ,‬فكما نوهنا فً السابق‬
‫بؤن المعالجة الرٌاضٌة الكاملة لمٌكانٌكا الكم لٌست ٌسٌرة و واضحة‪ .‬لذا سوؾ أحاول هنا تقدٌم‬
‫صورة رٌاضٌة بسٌطة وموجزة للنظرٌة‪.‬‬

‫عند التعامل مع اإللكترون كشًء متحرك حول النواة‪ ,‬فانه ال ٌتم استخدام اإلحداثٌات‬
‫‪.‬‬ ‫الكارتٌزٌة‪ ,‬بل ٌتم استخدام اإلحداثٌات الكروٌة القطبٌة‬
‫ٌوضح الشكل )‪ (4-1‬اإلحداثٌات الكروٌة وعالقتها باإلحداثٌات الكارتٌزٌة‪.‬‬

‫بٌنا فً ما مضى أن معادلة شرودنؽر هً معادلة تفاضلٌة من الدرجة الثانٌة‪ ,‬وتحل هذه المعادلة‬
‫لتعطً فً النهاٌة الدالة 𝜓‪ .‬فً حالة ذرة الهٌدروجٌن سٌكون الحل النهابً للدالة 𝜓 مساوٌا‬
‫لحاصل ضرب دالتٌن‪:‬‬

‫𝜓‬

‫حٌث هو عدد الكم الربٌسً‪ ,‬و قد تكلمنا عنه فً نموذج بور‪ٌ .‬سمى عدد الكم المداري‬
‫ٌسمى عدد الكم المؽناطٌسً‬ ‫‪ ,‬و‬
‫‪ ,‬وهما عددان جدٌدان ٌنتجان من حل معادلة شرودنؽر‪ .‬تسمى الدالة‬
‫‪ ,‬وهً كما نالحظ دالة فً نصؾ القطر‬ ‫بالدالة النصؾ قطرٌة‬
‫(بعد النواة عن االلكترون)‪ٌ .‬عطى الناتج النهابً لهذه الدالة فً حالة ذرة الهٌدروجٌن كالتالً‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫شكل )‪(4-1‬‬

‫العالقة بٌن اإلحداثٌات الكروٌة والكارتٌزٌة‪.‬‬

‫𝜌‬ ‫𝜌‬

‫فهً حدودٌة من الدرجة‪:‬‬ ‫هو نصؾ قطر بور‪ .‬أما 𝜌‬ ‫𝜌‪,‬و‬ ‫حٌث‬

‫وتساوي‬

‫𝜌‬ ‫∑‬ ‫𝜌‬

‫وتحدد معامالتها بالعالقة التالٌة‪:‬‬

‫‪ ,‬إذن ٌجب أن ٌكون بحسب العالقة )‪ (4-11‬أن‪:‬‬ ‫وطالما أن‬

‫‪ ,‬فٌجب أن ٌكون‪:‬‬ ‫وكذلك طالما أن‬


‫و‬ ‫وهذا ٌفسر لنا اآلن ما رأٌناه فً نموذج بور‪ ,‬من أن أقل مستوى طاقة لإللكترون هو‬
‫‪.‬‬ ‫لٌس‬

‫‪ ,‬تسمى هذه الدالة بالدالة الكروٌة التوافقٌة‬ ‫ٌتبقى لنا اآلن الدالة‬
‫‪ ,‬وٌعطى الناتج النهابً لها كالتالً‪:‬‬

‫√‬

‫‪ ,‬وتعطى بصورة عامة‬ ‫بحدودٌة الجندر‬ ‫تسمى‬


‫كالتالً‪:‬‬

‫(‬ ‫)‬

‫‪.‬‬ ‫اي دالة عامة‪ .‬فً حالتنا هنا نجد‬ ‫حٌث‬

‫انها فقط تعتمد على عدد الكم الربٌسً و المداري ‪ ,‬وهً دالة‬ ‫نالحظ من الدالة‬
‫خاصة بالحركة النصؾ قطرٌة‪ ,‬أي تحدد كٌفٌة تؽٌر نصؾ القطر حول النواة‪ .‬اما الدالة‬
‫فهً ترتبط بعدد الكم المداري و المؽناطٌسً ‪ ,‬وهً دالة خاصة بالحركة‬
‫الزاوٌة‪ ,‬أي تحدد كٌفٌة تؽٌر الزاوٌة فقط‪ ,‬الن الزاوٌة تعتبر ثابته وسوؾ نبٌن ذلك عند‬
‫دراسة كثافة االحتمال‪.‬‬

‫للحصول على الشكل النهابً للدالة الموجٌة لذرة الهٌدروجٌن‪ ,‬نقوم بتعوٌض العالقتٌن )‪(4-10‬‬
‫و )‪ (4-15‬فً )‪:(4-9‬‬

‫𝜓‬ ‫𝜌‬ ‫√‬

‫الحظ أن هذه الدالة الموجٌة التً تصؾ إلكترون حقٌقً ٌدور حول النواة‪ ,‬تحتوي على العدد‬
‫‪ ,‬وهذه نقطة اثارت تساإالت وحٌرة حول كٌفٌة وصؾ المعادالت‬ ‫√‬ ‫المركب‬
‫الرٌاضٌة لألنظمة الفٌزٌابٌة‪ ,‬اذ كٌؾ تصؾ دالة مركبة نظام فٌزٌابً حقٌقً؟ ان الحل الوحٌد‬
‫لهذه المشكلة هو اقتراح ماكس بورن الذي ذكرناه فً السابق‪ ,‬فالدالة الناتجة من حل معادلة‬
‫شرودنؽر ال تحمل فً حد ذاتها معنى فٌزٌابً محدد‪ ,‬ولكن مربع هذه الدالة ٌعطً معنى‬
‫فٌزٌابً‪ ,‬وهو احتمال تواجد اإللكترون فً مكان ما‪.‬‬

‫عند دراسة نظام معٌن فً مٌكانٌكا الكم‪ ,‬تجرى جمٌع العملٌات الرٌاضٌة إلٌجاد شٌبٌن مهمٌن‪,‬‬
‫‪ .‬فً حالة ذرة‬ ‫والقٌمة الممٌزة‬ ‫وهما الدالة الممٌزة‬
‫الهٌدروجٌن تكون الدالة الممٌزة هً الدالة الموجٌة المعطاه بالعالقة )‪ ,(4-17‬أما القٌمة الممٌزة‬
‫فهً تعبر عن قٌمة طاقة المدارات ‪ .‬تعطى تلك القٌمة الممٌزة بشكلها النهابً كالتالً‪:‬‬

‫ولٌست هذه سوى معادلة صدٌقنا القدٌم بور‪ ,‬المعادلة )‪ .(2-33‬اآلن‪ٌ ,‬تبٌن لنا سبب فشل نموذج‬
‫بور على الحاالت األكثر تعقٌدا من ذرة الهٌدروجٌن‪ ,‬فلقد كان نموذج بور خلٌط ما بٌن الفٌزٌاء‬
‫الكالسٌكٌة والكمومٌة‪ .‬أما اآلن فً مٌكانٌكا الكم‪ ,‬لم نستخدم أي شًء من المٌكانٌكا الكالسٌكٌة‪,‬‬
‫وقد أتت نظرٌة بور كحالة خاصة لمٌكانٌكا الكم‪.‬‬

‫بعد معرفة الدالة الممٌزة والقٌمة الممٌزة‪ ,‬سنقوم بدراسة أبسط حاالت الطاقة‪ ,‬وذلك عندما ٌكون‬
‫‪ ,‬نجد من المعادلة )‪(4-14‬‬ ‫‪ .‬عندما تكون‬ ‫اإللكترون فً مستوى الطاقة األول‬
‫فً‬ ‫و‬ ‫‪ .‬بالتعوٌض عن قٌمة‬ ‫‪ ,‬وفً هذه الحالة تكون اٌضا‬
‫‪ .‬نقوم االن بالتعوٌض فً المعادلة )‪ (4-13‬مع استخدام‬ ‫المعادلة )‪ (4-11‬نجد أن‬
‫‪ ,‬وهذا ٌعنً من المعادلة )‪ (4-12‬أن الحدودٌة 𝜌 ال تملك سوى‬ ‫‪ ,‬نجد أن‬
‫فً هذه الحالة كالتالً‪:‬‬ ‫معامل واحد وهو ‪ .‬تصبح الدالة‬

‫فً المعادلة )‪ (4-16‬أوال‪:‬‬ ‫و‬ ‫بالمثل نجد الدالة الممٌزة باستخدام‬

‫وبتعوٌض الناتج فً المعادلة )‪ (4-15‬نجد أن‪:‬‬

‫√‬
‫بعد معرفة شكل الدالتٌن النصؾ قطرٌة والكروٌة التوافقٌة‪ٌ ,‬صبح الشكل النهابً للدالة الممٌزة‬
‫لذرة الهٌدروجٌن فً مستوى الطاقة األول كالتالً‪:‬‬

‫𝜓‬
‫√‬
‫‪:‬‬ ‫نستخدم اآلن شرط المعاٌرة‪ ,‬المعادلة )‪ (4-7‬إلٌجاد الثابت‬

‫∫‬ ‫|‬ ‫|‬ ‫∫∫‬ ‫|‬ ‫|‬

‫وطالما أن التكامل حول الدالة التوافقٌة الكروٌة ٌساوي واحد‪ ,‬تصبح المعادلة كالتالً‪:‬‬
‫∫‬ ‫|‬ ‫|‬

‫‪ ,‬وبهذا ٌكون الشكل النهابً للدالة الموجٌة اللكترون ذرة‬ ‫√‬ ‫من هذه المعادلة نجد أن‬
‫كالتالً‪:‬‬ ‫الهٌدروجٌن فً مستوى الطاقة االول‬

‫𝜓‬
‫√‬
‫وتكون قٌمة مستوى الطاقة األول من المعادلة )‪:(4-18‬‬

‫وهً بالضبط نفس القٌمة التً وجدناها فً نموذج بور‪.‬‬

‫بٌنا قٌما سبق أن نموذج بور ٌنتهك مبدأ عدم الٌقٌن‪ ,‬وهو أحد الدعابم الربٌسٌة فً نظرٌة‬
‫مٌكانٌكا الكم‪ .‬إذ لو كان اإللكترون ٌدور بشكل دابري أو بٌضاوي الستطعنا تحدٌد كل من‬
‫موقعه وسرعته فً آن واحد‪ ,‬ولكن هذا ٌخالؾ مبدأ عدم الٌقٌن‪ .‬كذلك ٌخالؾ نموذج بور‬
‫التفسٌر االحتمالً لمٌكانٌكا الكم‪ ,‬لقد وجدنا أن مربع الدالة الموجٌة اآلتٌة من حل معادلة‬
‫شرودنؽر ٌتناسب مع احتمال تواجد اإللكترون فً أماكن معٌنة ولٌس فً مكان محدد بالضبط‪.‬‬
‫إذن فً ذرة الهٌدروجٌن قد ٌكون اإللكترون على بعد ٌساوي البعد الذي تنبؤ به بور (نصؾ‬
‫قطر بور)‪ ,‬لكن هذا ال ٌعنً بؤنه ٌوجد على هذا البعد دابما‪ ,‬فالتفسٌر االحتمالً ٌعطً إمكانٌة‬
‫لإللكترون بالتواجد على بعد أكبر أو أصؽر من نصؾ قطر بور وباحتماالت متعددة‪ .‬وهذا ما‬
‫سنراه اآلن‪.‬‬

‫‪ ,‬وهذه تعطٌنا االحتمالٌة النصؾ القطرٌة (بعد اإللكترون عن‬ ‫لنؤخذ أوال تربٌع الدالة‬
‫على انها احتمالٌة تواجد االلكترون بٌن المسافة و‬ ‫النواة )‪ .‬اذا عرفنا‬
‫عن النواة‪ ,‬فانه بحسب التفسٌر االحتمالً ٌكون لدٌنا‪:‬‬

‫∫‬

‫وبمقارنة هذه المعادلة مع المعادلة )‪ (4-22‬نجد أن‪:‬‬

‫|‬ ‫|‬

‫‪,‬‬ ‫وتعطً هذه المعادلة كثافة االحتمال الطولٌة أو النصؾ قطرٌة‪ .‬طالما أن‬
‫‪ ,‬هو‪:‬‬ ‫ٌكون أكبر احتمال لتواجد االلكترون فً الحالة االرضٌة‬

‫[‬ ‫(‬ ‫])‬


‫‪ ,‬أي أن اكبر احتمال لتواجد إلكترون ذرة الهٌدروجٌن‬ ‫وال تتحقق هذه المعادلة إال عندما‬
‫هو نصؾ قطر بور‪ ,‬مما ٌبٌن لماذا كان نموذج بور ناجح فً‬ ‫فً المستوى األرضً‬
‫حاالت الذرة وحٌدة االلكترون‪ٌ .‬وضح الشكل )‪ (4-2‬كثافة االحتمال النصؾ قطرٌة‬
‫للحالة االرضٌة وبعض حاالت االثارة كدالة فً ‪.‬‬

‫لم تنته األمور عند هذا الحد‪ ,‬فٌجب النظر فً كثافة االحتمال الزاوٌة للدالة الكروٌة التوافقٌة‬
‫‪ ,‬فان كثافة‬ ‫و‬ ‫‪ .‬لحسن الحظ فً هذه الحالة‪ ,‬أي عندما تكون‬
‫ٌساوي‬ ‫االحتمال ال تعتمد ال على الزواٌا وال على ‪ ,‬لذلك ٌكون مربع الدالة‬
‫مقدار ثابت‪:‬‬

‫|‬ ‫|‬

‫أو ‪ ,‬كما هو موضح‬ ‫وبالتالً ٌصبح شكل دالة كثافة االحتمال متناظر كروٌا وال ٌعتمد على‬
‫بالشكل )‪.(4-3‬‬

‫اآلن وللحصول على الشكل النهابً لكثافة االحتمال‪ ,‬نقوم بضرب المعادلتٌن )‪ (4-26‬و )‪(4-28‬‬

‫|‬ ‫|‬ ‫𝜓|‬ ‫|‬

‫شكل )‪(4-2‬‬

‫‪.‬‬ ‫للحالة األرضٌة‪ ,‬وبعض حاالت االثارة كدالة فً‬ ‫توزٌع دالة كثافة االحتمال‬
‫|‬ ‫|‬

‫شكل )‪(4-3‬‬

‫|‪ .‬حٌث ال تعتمد كثافة االحتمال على الزاوٌتان ‪ θ‬و ‪.‬‬ ‫التماثل الكروي لمربع دالة االحتمال |‬

‫ٌوضح الشكل )‪ (4-4‬توزٌع كثافة االحتمال النهابٌة‪ ,‬حٌث شكل التوزٌع كروي متناظر فً ثالث‬
‫أبعاد‪ .‬والشكل )‪ٌ (4-5‬وضح توزٌع دالة كثافة االحتمال لمجموعة من األعداد الكمٌة المختلفة‬
‫فً ثالث أبعاد‪.‬‬

‫إذا كنت قد فهمت هذا الجزء‪ ,‬فؤنك البد أن عرفت لماذا كان عنوانه ( بزوغ مٌكانٌكا الكم أو‬
‫نهاٌة ذرة بور)‪ .‬هذا ألنه ٌتبٌن لنا اآلن كم كانت نظرٌة بور مفرطة التبسٌط لوصؾ سلوك‬
‫اإللكترون رؼم نجاحها على الذرات وحٌدة اإللكترون‪ .‬إن شكل إلكترون ٌدور فً مدارات‬
‫دابرٌة أو بٌضاوٌة لم ٌعد صحٌحا بالنسبة لنا اآلن‪ ,‬بل كل ما ٌمكن أن تفعله تلك المدارات هً‬
‫أن تظهر كواحدة من تلك االحتماالت العدٌدة الموجودة فً الشكل )‪ ,(4-5‬عندما تتخذ أعداد الكم‬
‫األربعة قٌما معٌنه‪.‬‬
‫𝜓|‬ ‫|‬

‫شكل )‪(4-4‬‬

‫‪ ,‬حٌث‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫التماثل الكروي لمربع دالة االحتمال إللكترون ذرة الهٌدروجٌن فً الحالة األرضٌة‬
‫ٌظهر التوزٌع ككرة متماثلة فً كل االتجاهات‪.‬‬
‫شكل )‪(4-5‬‬

‫هو‬ ‫و‬ ‫𝜓| لمجموعة مختلفة من أعداد الكم فً ثالث أبعاد‪ .‬هنا‬ ‫توزٌع دالة كثافة االحتمال |‬
‫المحور الرأسً‪ٌ .‬جب أن تتخٌل دوران الصور هنا حول المحور ‪ ,‬وذلك لتمثٌل الشكل فً ثالث أبعاد‪.‬‬
‫هامش الفصل الرابع‬
‫]‪ [1‬كان ٌعتقد فً السابق أن الضوء ٌنتشر فً وسط أطلق علٌه اسم األثٌر‪ .‬لكن تم التؤكد‬
‫تجرٌبٌا فٌما بعد على عدم وجوده‪ .‬فالضوء ٌنتشر بسرعة ثابتة فً الفراغ‪ ,‬دون الحاجة إلى أي‬
‫وسط‪.‬‬

‫]‪ [2‬قد ٌكون هذا الجزء صعب بعض الشًء لمن ٌقرأ مٌكانٌكا الكم أول مرة‪ ,‬لذلك ال بؤس‬
‫بقراءته أكثر من مرة‪ ,‬والرجوع إلى مصادر أخرى حتى ٌفهم بشكل جٌد‪.‬‬
‫القسم الثانً‬
‫ما بعد مٌكانٌكا الكم ( األبعاد الفلسفٌة للنظرٌة)‬
‫الفصل الخامس‬
‫بداٌة األزمة‬
‫مقدمة‬
‫لم تكن اكتشافات مٌكانٌكا الكم الحدٌثة إال بداٌة لصراع طوٌل لم ٌنته حتى اآلن‪ ,‬فمبدأ عدم‬
‫الٌقٌن قد قضى تماما على صورة الكون اآللٌة الحتمٌة‪ ,‬ومن جهة أخرى قضت معادلة‬
‫شرودنؽر على النموذج النقطً للجسٌمات الذرٌة‪ ,‬وأدخلت تلك الجسٌمات فً وصؾ رٌاضً‬
‫تجرٌدي بحت فً الدالة العقدٌة 𝜓‪ .‬بعد ذلك أتى ماكس بورن وأربك الوضع أكثر عندما أعلن‬
‫بؤن مربع الدالة العقدٌة 𝜓 لٌس سوى احتمال تواجد الجسٌم فً نقطة معٌنة فً الفضاء عند زمن‬
‫محدد‪.‬‬

‫فً الحقٌقة كان التفسٌر العمٌق لتلك االكتشافات الحدٌثة بداٌة إلعادة إحٌاء الجدل العنٌؾ القابم‬
‫حول نظرٌة المعرفة واالنطولوجٌا بٌن الفالسفة‪ ,‬ولكن بصورة بشكل أكثر جاذبٌة‪ .‬فً السابق‬
‫كانت أفكار الفالسفة تطبخ فً رإوسهم ثم تقدم إلى العالم‪ ,‬لكن اآلن تطبخ األفكار فً‬
‫المختبرات ثم تقدم إلى العالم‪ ,‬وشتان بٌن هذا وذاك‪.‬‬

‫فً هذا الفصل سوؾ أتناول فً البداٌة تجربة ذات الشقٌن‪ ,‬والتً كان لها األثر األعظم فً إثارة‬
‫البلبلة الفكرٌة فً الفٌزٌاء الحدٌثة‪ .‬بعدها سنقوم بعرض أراء تٌاران أو مدرستان تسٌران فً‬
‫اتجاهان متعاكسان فً تفسٌر المكتشفات العلمٌة على الصعٌد الفلسفً‪ .‬المدرسة األولى هً‬
‫(مدرسة كوبنهاؼن) ورابدها هو نٌلز بور‪ ,‬المدرسة الثانٌة هً (المدرسة الواقعٌة أو العقلٌة)‬
‫ورابدها هو اٌنشتٌن‪.‬‬
‫‪ 1-5‬تجربة ذات الشقٌن‬
‫تصور بؤن لدٌنا مدفع ٌقوم بقذؾ جسٌمات كروٌة صؽٌرة باتجاه حاجز ٌحتوي على شق وحٌد‪,‬‬
‫ومن خلفه شاشة رصد‪ ,‬حٌث تقوم بتشكٌل الشكل الناتج من القذؾ كما هو موضح بالشكل‬
‫)‪ .(5-1‬من الطبٌعً جدا أن ٌتكون خط على شاشة الرصد‪ ,‬وهذا هو ما ٌحدث فعال‪ ,‬وإذا قمنا‬
‫بفتح شق آخر بجنب الشق السابق سنرى تكون خطٌن على شاشة الرصد كما فً الشكل )‪.(5-2‬‬

‫لنعد مرة أخرى إلى الشق الوحٌد‪ ,‬ولكن بدال من أن نرسل جسٌمات مقذوفة‪ ,‬سنقوم بإرسال‬
‫موجات ضوبٌة‪ .‬فً هذه الحالة سوؾ تتكون خطوط ضعٌفة الشدة جدا على األطراؾ و خط‬
‫وحٌد عالً الشدة فً المنتصؾ‪ ,‬ذلك الن الشدة تكون أعلى ما ٌمكن فً المنتصؾ‪ ,‬الشكل‬
‫)‪ .(5-3‬نقوم اآلن بنفس التجربة‪ ,‬لكن على الشقان معا‪ ,‬شًء ما مختلؾ سٌحدث‪ ,‬عندما تصل‬
‫‪ ,‬حٌث تقوم الموجتان‬ ‫الموجة إلى الشقان وتخرج منهما سٌحدث تداخل بٌنهما‬
‫من كل شق ببناء بعضهما البعض فً بعض المناطق‪ ,‬وهذا ما ٌسمى بالتداخل البناء‬
‫‪ ,‬و فً مناطق أخرى على الشاشة تقوم الموجتان بهدم‬
‫‪ٌ .‬ظهر الناتج‬ ‫بعضهما البعض‪ ,‬وهو ما ٌسمى بالتداخل الهدام‬
‫الكلً على شكل خطوط سوداء وبٌضاء‪ ,‬الشكل )‪.(5-4‬‬

‫حتى اآلن ال ٌوجد شًء ال معقول أو ؼٌر طبٌعً‪ .‬لكن عند االنتقال بنفس التجربة إلى حدود‬
‫مٌكانٌكا الكم‪ ,‬حٌث سنستبدل المقذوفات الكروٌة بالكترونات‪ ,‬سنرى الالمعقولٌة بعٌنها‪.‬‬

‫فً التجربة األولى سنرسل االلكترونات إلى الشق الوحٌد‪ ,‬والناتج خط على شاشة الرصد‪ .‬ال‬
‫مشكلة فً ذلك‪ ,‬لنقم اآلن بفتح الشقان ونرى الناتج على شاشة الرصد‪ .‬ربما نتوقع ظهور خطٌن‬
‫على الشاشة‪ ,‬لكن ما ٌحدث هو ظهور نموذج التداخل‪ ,‬الشكل )‪ .(5-4‬فً الحقٌقة ال ؼرابة فً‬
‫ذلك إذا ما تذكرنا نظرٌة دي بروي التً تنص على أن االلكترونات ذات صفة مزدوجة‪,‬‬
‫جسٌمٌة وموجٌة‪ .‬بذلك تكون االلكترونات شبٌه بالفوتونات‪ ,‬و قد تصرفت و كؤنها موجات‬
‫ضوبٌة‪.‬‬

‫دعنا اآلن نتحاٌل قلٌال ونضعؾ شدة المدفع كثٌرا حتى ٌصل إلى درجة إطالق االلكترونات‬
‫واحدا تلو األخر‪ .‬أي أن هناك فاصل زمنً معٌن بٌن الطلقة واألخرى‪ .‬ماذا نتوقع أن ٌحدث بعد‬
‫مرور زمن كافً ٌمر فٌه عدد كبٌر جدا من االلكترونات المنفصلة عبر الشقٌن؟ الجواب هو‬
‫ظهور نموذج التداخل!!‪ .‬هذا شًء عجٌب حقا‪ ,‬عندما أرسلنا االلكترونات دفعة واحدة‪ ,‬وجدنا‬
‫شكل معٌن على الشاشة وهو نموذج التداخل‪ ,‬وعندما أرسلنا االلكترونات الواحد تلو األخر‬
‫بفارق زمنً معٌن وجدنا نفس الشكل‪ .‬إن هذا الكالم مربك للؽاٌة‪ ,‬فلو أرسلنا مجموعة من‬
‫األشخاص بدل االلكترونات لقلنا بؤنهم قد اتفقوا فٌما بٌنهم على أن ٌرتبوا أنفسهم بحٌث ٌظهر‬
‫نفس الشكل الذي كان عندما أرسلناهم دفعة واحدة‪ .‬لكن هل االلكترونات تتفق فٌما بٌنها لتعطً‬
‫الشكل نفسه؟ هل تمتلك تلك الجسٌمات وعً معٌن؟ باإلمكان إجراء التجربة بشكل آخر‪ ,‬نرسل‬
‫االلكترونات المفردة إلى شق معٌن واألخر مؽلق‪ ,‬سٌتكون الشكل )‪ ,(5-1‬ثم نفتح الشق األخر‪,‬‬
‫من المفترض أن ٌتكون الشكل )‪ (5-2‬ولكن كما قلنا سٌتكون نموذج التداخل‪ ,‬الشكل ‪ (5-4).‬هنا‬
‫تكمن قلب المشكلة‪ ,‬إذ كٌؾ ٌمكن لحبات صؽٌرة تذهب إلى شق معٌن أن تتؤثر بفتح أو بإؼالق‬
‫قاذؾ جسٌمات‬

‫حاجز ذو شق وحٌد‬ ‫شاشة لرصد الشكل المتكون‬

‫شكل )‪(5-1‬‬

‫حاجز ذو شقٌن‬

‫شكل )‪(5-2‬‬
‫شكل )‪(5-3‬‬

‫شكل )‪(5-4‬‬
‫الشق األخر؟‬

‫رؼم ؼرابة التجربة‪ ,‬فان الحس العام ٌقول لنا بؤن اإللكترون المفرد ٌجب أن ٌمر من إحدى‬
‫الشقٌن‪ ,‬إما األٌمن أو األٌسر‪ .‬إذا كان األمر كذلك فٌمكننا معرفة الشق الذي سٌمر منه‬
‫اإللكترون ‪ ,‬وذلك بوضع كاشؾ ٌراقب كال الشقٌن‪ .‬لكن ماذا عساه أن ٌكون ذلك الكاشؾ؟ البد‬
‫من استخدام ضوء فً نهاٌة األمر‪ ,‬لكن هنا نتذكر مبدأ االرتٌاب‪ ,‬فالضوء المكون من سٌل من‬
‫الفوتونات سٌصطدم بإلكترون ولٌس بكرة سلة‪ .‬أي انه سٌإثر على كمٌة دفع اإللكترون‬
‫وموقعه‪ ,‬كما بٌنا ذلك سابقا‪ .‬بمعنى أخر سوؾ نقوم بتؽٌٌر شروط التجربة‪ ,‬و بناءا على هذا‬
‫التؽٌٌر‪ ,‬ستتؽٌر النتابج من الشكل )‪ (5-4‬إلى )‪ ,(5-2‬أي أن ظاهرة التداخل تزول تماما إذا تمت‬
‫مراقبة اإللكترون!!‪.‬‬

‫إذن كٌؾ نفسر اآلن ظاهرة التداخل عندما نقوم بإرسال االلكترونات فرادى الواحد تلو األخر‪.‬‬
‫إن الشعور العام ٌقول لنا بؤن اإللكترون المفرد ٌجب أن ٌدخل من إحدى الشقٌن‪ ,‬وإذا دخل من‬
‫إحدى الشقٌن ٌجب أال ٌتؤثر بوجود أو عدم وجود شق أخر والعكس صحٌح‪ .‬لكن ما رأٌنا أنه‬
‫ٌتؤثر بذلك‪ ,‬إن ظاهرة التداخل التً تحدثها االلكترونات الفردٌة ٌجب أال تحدث إال بوجود‬
‫اقتران شًء ما بشًء أخر حتى لو أطلقنا االلكترونات فرادى‪ .‬إذن ال ٌوجد أمامنا إال تفسٌر‬
‫واحد‪ ,‬وهو وجود موجة اقتران مع كل إلكترون مفرد‪ .‬حٌث ٌقوم اإللكترون لدى وصوله إلى‬
‫الشقان بضربهما فً وقت واحد بسبب طبٌعته الموجٌة‪ ,‬لكن عندما ٌصل إلى الشاشة فؤنه ٌصل‬
‫كجسٌم ال كموجة !‬

‫لكن هذا التفسٌر ٌبدوا و كؤنه مزعج بعض الشًء‪ ,‬وربما أنه قد أزعج فٌزٌابً نظري ممٌز‬
‫أراد تفسٌرا أكثرا واقعٌة أو أكثر جماال من التفسٌر السابق‪ .‬لقد رأى أن تحدي الحس العام‬
‫لتفسٌر هذه المعضلة ٌعطً نتابج أكثر واقعٌة من التفسٌر السابق‪ .‬فؤٌن المشكلة إذا قلنا أن‬
‫اإللكترون ال ٌمر عبر واحد من الشقٌن األٌمن أو األٌسر فقط‪ ,‬بل ٌمر عبر كال الشقٌن فً أن‬
‫واحد!‪ .‬فً الحقٌقة كان اقتراح ممٌز من فٌزٌابً ممٌز مرح ٌدعى رٌتشارد فاٌنمان‬
‫‪.‬‬

‫‪ 2-5‬تفسٌر فاٌنمان أو مقاربة مٌكانٌكا الكم‬


‫تحدى فاٌنمان الحدس العام المباشر الذي ٌرى وجوب دخول اإللكترون من إحدى الشقٌن‪,‬‬
‫وادعى بدال من ذلك أن اإللكترون ٌسلك كل المسارات الممكنة له فً آن واحد‪ ,‬من لحظه‬
‫خروجه من منبعه حتى وصوله إلى شاشة الرصد‪ .‬بذلك ٌستطٌع اإللكترون المرور من كال‬
‫الشقٌن فً وقت واحد‪ .‬كل مسار من هذه المسارات الممكنة لإللكترون ٌتم قرنها بعدد معٌن‪,‬‬
‫وٌكون متوسط هذه األعداد مساوٌا لمربع تكامل دالة الموجة‪ ,‬أي المعادلة )‪ .(4-4‬لذلك كانت‬
‫مقاربة فاٌنمان لمٌكانٌكا الكم تعطً نفس النتابج التً تعطٌها طرٌقة مٌكانٌكا الكم‪ .‬أي طرٌقة‬
‫إٌجاد الدالة الموجٌة 𝜓 من معادلة شرودنؽر ومن ثم تكامل تربٌعها فً مدى معٌن‪ .‬من الجدٌر‬
‫بالذكر هو إمكانٌة استنتاج احد الطرٌقتٌن من األخرى‪.‬‬

‫إن ما ٌشدد علٌه فاٌنمان هو ضرورة التخلً عن التفكٌر التقلٌدي فً مثل التجارب‪ .‬فمن الخطؤ‬
‫أن نفكر بؤن اإللكترون من لحظة صدوره من المنبع سوؾ ٌسلك مسار واحد محدد‪ ,‬وبالتالً‬
‫سوؾ ٌدخل من إحدى الشقٌن‪ ,‬كما لو كانت طلقة رصاص مثال‪ .‬لذلك ٌقول فاٌنمان فً هذا‬
‫الشؤن‪:‬‬

‫(إن ما ٌحق لنا أن نتوقعه هو أن ٌإدي فتح الثقب‪ ,‬فً كل األحوال‪ ,‬إلى مزٌد من الضوء القادم‬
‫إلى الكاشؾ‪ ,‬لكن هذا ال ٌحدث فً الواقع‪ .‬فمن الخطؤ إذن أن نقول بؤن الضوء ٌمر من هذا‬
‫الطرٌق أو ذاك‪ .‬ومازال ٌفلت منً أن أقول جمال من قبٌل انه ٌمر من هنا أو من هناك‪ ,‬لكن من‬
‫المهم أن تتذكروا أننً‪ ,‬بهذا القول‪ ,‬أقصد وجوب جمع السعات ]األسهم[‪[1]).‬‬

‫ٌشرح فٌها كٌؾ‬ ‫هناك طرٌقة رابعة قرأتها فً أحد كتب ستٌفن هوكٌنػ‬
‫ٌمكن لإللكترون أن ٌسلك عدة مسارات فً أن واحد‪ .‬تخٌل أنك وضعت قطرة حبر على ورقة‪,‬‬
‫ثم بدأت هذه القطرة بالنزول إلى أسفل الورقة‪ ,‬ثم وضعت شق دابري صؽٌر فً الورقة بحٌث‬
‫تصطدم بها قطرة الحبر‪ .‬ماذا سٌحدث للقطرة؟ سوؾ تدور حول الشق من الجهتٌن‪ .‬أي كما لو‬
‫قد سلكت مسارٌن فً وقت واحد‪ .‬لكن هذا الكالم ال ٌحدث لو أنك قمت بدحرجة كرة بٌسبول‬
‫فً فتحة‪.‬‬

‫ٌجب علٌك اآلن أن ال تتساءل لماذا إذن ال نرى عدة مسارات فً األجسام العٌانٌة العادٌة‪ .‬فلماذا‬
‫مثال ال نرى عدة مسارات للكرة عندما ٌقوم بركلها العب الكرة؟ كالعادة‪ ,‬السبب فً ذلك هو‬
‫إهمال تؤثٌرات نظرٌة الكم وثابت بالنك‪ .‬كذلك عندما ٌتم اقتران عدد بكل مسار للكرة‪ ,‬فؤن هذه‬
‫المسارات تلؽً بعضها البعض عدا واحدا منها‪ ,‬وهو المسار الذي تراه‪.‬‬

‫على الرؼم من أن مٌكانٌكا الكم‪ ,‬ومقاربة فاٌنمان لمٌكانٌكا الكم تعطٌان تنبإات إحصابٌة تتوافق‬
‫مع التجربة‪ ,‬إال أن تفسٌر هذه التجربة على الصعٌد الفكري والفلسفً ظل ؼامضا جدا‪ .‬إذ كٌؾ‬
‫ٌتسنى إللكترون أن ٌسلك مسارٌن مختلفٌن فً وقت واحد؟ بهذه الحالة أصبح ٌتواجد فً مكانٌن‬
‫مختلفٌن فً وقت واحد!!‪.‬ثم لماذا ٌزول أثر التداخل عندما نضع كاشؾ لرصد اإللكترون من أي‬
‫شق سٌدخل؟ فهل الطبٌعة تطوي أسرارها‪ ,‬كما ٌقول ٌقول فاٌنمان‪ ,‬بؤنها‪:‬‬

‫( قد تدبرت أمرها جٌدا بحٌث تمنعنا من معرفة طرٌق عملها‪ :‬عندما نضع أجهزة وظٌفتها أن‬
‫تتنبؤ عن الطرٌق الذي اختاره الفوتون نحصل على الجواب المنشود‪ ,‬لكن مفعوالت التداخل‬
‫الرابعة تزول! وإذا لم نضع تلك األجهزة‪ ,‬أي إذا تخلٌنا عن معرفة طرٌق الفوتون‪ ,‬فؤن‬
‫مفعوالت التداخل تعود إلى الوجود! ألٌس هذا ؼرٌبا جدا!؟)]‪[2‬‬

‫فهل اإللكترون عندما ٌراقب ٌتصرؾ بشكل‪ ,‬وعندما ال ٌراقب ٌتصرؾ بشكل آخر؟ بهذه‬
‫الطرٌقة ٌكون اإللكترون معتمدا على الراصد حتى ٌظهر على شكل معٌن‪ .‬إن هذا ما تقوله لنا‬
‫مدرسة كوبنهاؼن بقٌادة زعٌمها بور‪ .‬لقد أطلقوا على هذا التفسٌر اسم (انهٌار الدالة الموجٌة )‬

‫انهٌار الدالة الموجٌة او تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن‬


‫اعتمدت مدرسة كوبنهاؼن على تفسٌر انهٌار الدالة الموجٌة لتفسٌر سلوك اإللكترون الؽرٌب‪.‬‬
‫تقول لنا تلك المدرسة بؤن الدالة الموجٌة 𝜓 تكون قبل عملٌة الرصد عبارة عن تركٌب‬
‫من من مختلؾ الحاالت‪ ,‬وعندما ٌتم تفاعل الراصد مع التجربة تنهار جمٌع‬
‫الحاالت ما عدا واحدة وهً التً ٌرصدها الراصد‪ .‬بمعنى آخر ال توجد الدالة الموجٌة 𝜓 على‬
‫حالة معٌنة قبل عملٌة القٌاس‪.‬‬

‫لتفسٌر سلوك اإللكترون الؽرٌب اعتمدت مدرسة كوبنهاؼن على خمس مبادئ أساسٌة‪ ,‬وهً‪:‬‬

‫‪ -0‬أي نظام فً المستوى الذري ٌوصؾ بالدالة الموجٌة 𝜓‪.‬‬

‫‪ -6‬طبٌعة النظام فً المستوى الذري قابمة بالكامل على اإلحصاء واالحتماالت‪.‬‬

‫‪ٌ -1‬نص مبدأ االرتٌاب على عدم القدرة على معرفة جمٌع خصابص النظام فً آن واحد‪ .‬وحتى‬
‫لو عرفنا معلومات عن متؽٌر معٌن فؤنه ٌكون بشكل احتمالً‪.‬‬

‫‪ٌ -1‬نص مبدأ التتام على الطبٌعة المزدوجة للجسٌمات‪ ,‬فالجسٌم الذري إما أن ٌظهر بشكل جسٌم‬
‫أو موجة‪ ,‬لكن ال ٌمكن أن ٌظهر على الهٌبتٌن فً وقت واحد‪.‬‬

‫‪ٌ -1‬نص مبدأ المقابلة على وجود تطابق عام بٌن تنبإات مٌكانٌكا الكم والمٌكانٌكا الكالسٌكٌة فً‬
‫الحاالت التً توصؾ بؤعداد كمٌة كبٌرة‪ .‬أي أن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة حالة خاصة لمٌكانٌكا‬
‫الكم‪.‬‬

‫بناءا على ذلك نستطٌع تفسٌر تجربة ذات الشقٌن كالتالً‪ :‬عندما ٌصدر اإللكترون المفرد من‬
‫منبعه‪ ,‬نستطٌع تصوره وقد خرج على شكل موجة‪ ,‬وعندما ٌدخل من كال الشقٌن ٌتداخل مع‬
‫نفسه‪ ,‬و إذا تداخالت كل االلكترونات المفردة مع نفسها‪ٌ ,‬نتج الشكل )‪ .(5-4‬لكن إذا قمنا بوضع‬
‫كاشؾ عند الفتحتٌن‪ ,‬فؤن الفوتون سوؾ ٌصدم اإللكترون مما ٌإدي إلى تؽٌٌر حالته األولى‬
‫(الموجٌة) الى الحالة الثانٌة (الجسٌمٌة)‪ ,‬فٌقوم اإللكترون بضرب الشاشة كجسٌم‪ ,‬وبالتالً ٌظهر‬
‫الشكل )‪.(5-2‬‬
‫إن ملخص ما تقوله لنا مدرسة كوبنهاؼن‪ ,‬هو عدم وجود حالة معٌنة قبل عملٌة القٌاس‪ .‬فالقٌاس‬
‫هو كل شًء فً التجربة‪ .‬لو تخٌلنا بؤن لدٌنا صندوق فٌه إلكترون (نظام)‪ ,‬وٌوصؾ هذا النظام‬
‫بالدالة 𝜓‪ ,‬فؤن هذا االلكترون ال ٌكون لدٌه 𝜓 محددة قبل عملٌة القٌاس‪ ,‬وبالتالً لٌس لدٌه موقع‬
‫أو كمٌة دفع أو طاقة أو أي متؽٌر آخر قبل عملٌة القٌاس‪ .‬بل كل ما ٌمكن تصوره هو وجود‬
‫حالة تمازج من الدالة 𝜓‪ ,‬وفقط ٌزول هذا التمازج عند عملٌة القٌاس أو المشاهدة‪.‬‬

‫فً الحقٌقة ٌدخلنا تفسٌر كوبنهاؼن فً مشاكل عدٌدة على المستوى الفلسفً‪ .‬فإذا كانت هناك‬
‫عالقة مباشرة بٌن الراصد والمرصود‪ ,‬سوؾ ٌدخلنا ذلك فً مشكلة عالقة الوعً بالوجود‪ .‬إن‬
‫الواقع ال ٌنشا إال عندما نحس به ونستحضره فً أذهاننا‪ .‬على الرؼم من عدم صالحٌة هذا‬
‫القول على األجسام الكبٌرة‪ ,‬حٌث تهمل التؤثٌرات الكمومٌة‪ ,‬إال أن األجسام الكبٌرة لٌست فً‬
‫النهاٌة سوى إلكترونات وبروتونات وكواركات‪.‬‬
‫هامش الفصل الخامس‬
‫]‪ [1‬عجابب الضوء والمادة تجرٌبا وتؤوٌال‪ ,‬رٌتشارد فاٌنمان‪ ,‬ترجمة‪ :‬أدهم السمان (مإسسة‬
‫الكوٌت للتقدم العلمً‪ ,‬الطبعة األولى‪.)0553 ,‬‬

‫]‪ [2‬نفس المصدر السابق‪.‬‬


‫الفصل السادس‬
‫حرب المفارقات‬
‫‪ 1-6‬قطة لٌست بحٌة وال مٌته‬
‫فتح تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن لسلوك اإللكترون الحرب الفلسفٌة على مصراعٌها‪ ,‬فكان أٌنشتٌن‬
‫أبرز المعارضٌن لهذه المدرسة‪ .‬فً البداٌة أبدى انزعاجه من فكرة االحتماالت‪ ,‬وقد عبر عن‬
‫ذلك بجملته المشهورة (إن هللا ال ٌلعب بالنرد)‪ .‬بعدها انزعج أكثر و أكثر من تفسٌر كوبنهاؼن‬
‫الخاص بانهٌار الدالة الموجٌة‪ ,‬حٌث ٌكون الراصد هو المتحكم فٌما ٌحدث للتجربة من نتابج‪.‬‬

‫لكن أٌنشتٌن لم ٌكن الوحٌد المنزعج من تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن‪ .‬فٌبدوا أن شرودنؽر الذي‬
‫وضع معادلة الحركة األساسٌة فً مٌكانٌكا الكم‪ ,‬كان هو اآلخر منزعجا أٌضا‪ .‬لذلك وضع‬
‫تجربة ذهنٌة عبر فٌها عن رفضه لتفسٌر كوبنهاؼن‪ ,‬وتعرؾ باسم (مفارقة قطة شرودنؽر)‪.‬‬

‫هب بؤن لدٌنا صندوق مزود بؽطاء‪ٌ ,‬حتوي على قطة ومادة مشعة وعداد جاٌجر (لرصد المادة‬
‫المشعة) وؼاز سام‪ .‬فً حالة تفكك المادة المشعة ٌقوم عداد جاٌجر برصد ذلك‪ ,‬وبعدها ٌعطً‬
‫إشارة إلطالق الؽاز السام وتموت القطة‪ .‬لنفترض بؤن احتمال تفكك ذرة واحدة من المادة‬
‫المشعة خالل ساعة واحدة هو خمسٌن بالمابة تماما‪ .‬اآلن‪ ,‬لو تركنا الصندوق لمدة ساعة‪ ,‬ثم‬
‫قمنا بفتحه‪ ,‬فماذا سنتوقع؟ إن الحس العام ٌقول لنا‪ ,‬إما أن تكون القطة حٌة وعداد جاٌجر لم‬
‫ٌلتقط أي شًء من المادة المشعة‪ ,‬وعلٌه فؤن الؽاز السام لم ٌطلق‪ ,‬أو ٌكون لدٌنا االحتمال‬
‫األخر‪ ,‬وهو أن القطة أصبحت فً عداد الموتى وأن عداد جاٌجر قد رصد تفكك المادة المشعة‪,‬‬
‫وبالتالً أطلق الؽاز السام‪.‬‬

‫ربما أراد شرودنؽر من خالل هذه التجربة بٌان التناقض الفكري الذي وقعت به مدرسة‬
‫كوبنهاؼن‪ .‬فتفسٌر تلك المدرسة كما بٌناه فً السابق‪ٌ ,‬فترض بؤن الذرات تكون فً حالة تراكب‬
‫من الدالة 𝜓‪ ,‬وتنهار جمٌع تلك التراكبات عند لحظة القٌاس وال تبقى إال حالة واحدة‪ ,‬وهً التً‬
‫ٌشاهدها الراصد‪ .‬لكن من المفترض أن هذا التفسٌر ٌنطبق على الذرات فقط‪ ,‬فهل ٌنطبق على‬
‫القطط أٌضا؟ أي هل ستكون القطة حٌة ومٌتة فً نفس الوقت‪ ,‬وفً اللحظة التً ٌفتح فٌها‬
‫المراقب الصندوق تنهار حاالت التراكب‪ ,‬لٌمنح القطة الحٌاة أو الموت؟!!‬

‫ان جواب مدرسة كوبنهاؼن هو نعم!!‪ .‬إن النظام بكامله ٌوصؾ بتراكب الموجات طالما أنه‬
‫مكون من ذرات‪ .‬فً هذه الحالة سٌكون لدٌنا تراكب موجتٌن‪ :‬األولى (الذر لم تتفكك‪ /‬القطة‬
‫حٌة) والثانٌة (الذرة تفككت‪ /‬القطة مٌته)‪ .‬بناءا على ذلك تكون القطة مٌته وحٌة بنفس النسبة‬
‫والوقت‪ .‬أي أنها قً حالة تراكب موجتً الحٌاة والموت‪:‬‬

‫𝜓‬ ‫𝜓‬ ‫𝜓‬


‫√‬
‫وكما قد انهارت الدالة الموجٌة الى جسٌم عادي فً تجربة ذات الشقٌن نتٌجة فعل الرصد‪ ,‬فؤن‬
‫دالة القطة 𝜓 تنهار بعد فعل المشاهدة‪ ,‬وٌزول تراكب الحالتٌن لترى ما ترى‪.‬‬

‫على الرؼم من أن هذه التجربة الذهنٌة تبٌن مؽالطة تفسٌر كوبنهاؼن للحس العام‪ ,‬إال انه ٌبدو‬
‫بؤن مدرسة كوبنهاؼن لم تعد تؤبه للحس العام كثٌرا‪ ,‬وتصر على تراكب الحاالت فً كل شًء‪.‬‬
‫فقبل عملٌة الرصد ٌكون الشًء مزٌج من حالة وعكس الحالة‪ .‬بكلمات أخرى‪ٌ ,‬كون الشًء قبل‬
‫عملٌة الرصد مزٌج بٌن حالة ما وعدمها بنسبة ‪ , 50:50%‬وفقط عند الرصد (فعل المشاهدة)‬
‫ٌزول تراكب الحالة وٌستحٌل إلى ما تشاهده‪.‬‬

‫‪ 2-6‬حوار بٌن بور و أٌنشتٌن‬


‫أستطٌع تلخٌص أراء كل من بور و أٌنشتٌن حول ماهٌة مٌكانٌكا الكم‪ ,‬عن طرٌق تخٌل الحوار‬
‫التالً بٌنهما‪ٌ .‬فتتح بور الحوار عن طرٌق السإال التالً‪:‬‬

‫بور‪ :‬إذا أردنا أن نحدد موقع إلكترون فً ذرة ما فً مداره‪ ,‬فماذا نفعل؟‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬نسلط علٌه ضوء بطول موجً معٌن‪.‬‬

‫بور‪ :‬هل سٌكون الطول الموجً المستخدم طوٌل أم قصٌر؟‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬أعلم بما تفكر‪ ,‬ولٌكن طوٌل‪.‬‬

‫بور‪ :‬إذن ترٌد التضحٌة بمعرفة موقع اإللكترون‪.‬‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬هذا متوقع منك‪ ,‬لنستخدم إذن طول موجً قصٌر‪.‬‬

‫بور‪ :‬ستعرؾ الموقع ولكن ستضحً بمعرفة كمٌة االندفاع‪.‬‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬إن مبدأ صدٌقك هاٌزنبٌرغ االرتٌابً‪ ,‬ال ٌروق لً كثٌرا‪ .‬أعتقد بؤن فٌه نقص ما‪ .‬أال‬
‫تعتقد بؤن هناك طرٌقة ما نستطٌع من خاللها تحدٌد كل من الموقع وكمٌة االندفاع فً آن واحد؟‬

‫بور‪ :‬ال أعتقد ذلك‪ .‬عندما نسلط طول موجً طوٌل على اإللكترون‪ ,‬تنتظم موجة اإللكترون من‬
‫جدٌد فً بعد الطول الموجً للضوء المسلط‪ .‬وعندما نستخدم طول موجً قصٌر (كمٌة دفع‬
‫كبٌرة) فؤنك تعلم بؤن هذا ٌإدي إلى اندفاع عنٌؾ لإللكترون‪ ,‬وبالتالً نفقد المعلومات عن كمٌة‬
‫اندفاعه‪.‬‬

‫ٌصمت بور قلٌال ثم ٌتابع كالمه‬

‫ربما تكون الطبٌعة بهذا الشكل سخٌفة وال معقولة أبدا‪ ,‬ولكن ماذا نفعل؟‪ .‬إنها ذات وجهٌن‪,‬‬
‫موجً وجسٌمً‪ٌ ,‬ظهر إحدى الوجهٌن إذا توافرت له الشروط الالزمة‪ .‬إنهما فً النهاٌة وجهان‬
‫لعملة واحدة‪ ,‬تظهر إحداهما فً ؼٌاب األخرى‪.‬‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬ومن برأٌك ٌحدد تلك الشروط؟‬

‫بور‪ :‬الراصد‪.‬‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬انك كمن ٌقول بؤن اإللكترون لٌس له موقع محدد قبل عملٌة القٌاس؟‬

‫بور‪ :‬تماما‪.‬‬

‫أٌنشتٌن‪ :‬وهل تعتقد بؤن هذا ٌوافق الحس العام؟‬


‫بور‪ :‬ومن قال لك بؤننً أهتم بالحس العام‪ .‬إن كل ما ٌهمنً هو إٌجاد معادالت رٌاضٌة تعطً‬
‫نتابج تتفق بالنهاٌة مع التجارب‪ .‬وال أعتقد بؤن معادالتنا هً شًء ما مقدس موجود فً ناموس‬
‫كونً أو عالم أفالطونً‪ .‬إنها قابلة للتؽٌٌر على مر األزمنة‪ .‬إن جمٌع الخصابص المتؽٌرة‬
‫للنظام فً العالم الذري‪ ,‬لٌست على حالة محددة قبل عملٌة الرصد‪ .‬وحتى لو افترضنا جدال بؤنها‬
‫توجد على حالة محددة قبل عملٌة الرصد‪ ,‬فؤنك لن تستطٌع وبؤي طرٌقة كانت أن تعرؾ تلك‬
‫الحالة دون أن تؽٌرها‪.‬‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬وماذا عن الخصابص الثابته كالكتلة والشحنة وكمٌة الدوران المؽزلً؟‬

‫بور‪ :‬كما قلت لك‪ ,‬إننً ال اهتم إال بما نقول نحن عن الطبٌعة‪ .‬فكما نطلق علٌها نحن اسم‬
‫خصابص ثابته‪ ,‬نستطٌع تصورها ثابته قبل عملٌة الرصد‪ .‬انه تصورنا نحن‪ ,‬وهذا هو المهم‬
‫عندي‪.‬‬

‫اٌنشتٌن‪ :‬إذن كٌؾ تستطٌع أن تعٌش فً عالم ال تإمن به بوجود قوانٌن السببٌة والحتمٌة؟ وأننا‬
‫كمراقبٌن فٌه‪ ,‬نإثر فٌه‪.‬‬

‫بور‪ :‬إن ما أٌقوله ٌنطبق على عالم الكم فقط‪ ,‬لكن بالنسبة لعالمنا المربً‪ ,‬فؤن الطبٌعة تعلم كٌؾ‬
‫تتدبر أمرها جٌدا‪ ,‬حتى نإمن بالسببٌة والحتمٌة وعدم تؤثٌرنا فٌهما‪.‬‬

‫أٌنشتٌن‪ :‬وفً عالم الكم؟‬

‫بور‪ :‬عندها لن ٌكون هناك إال قانون واحد ‪ ,‬وهو عدم وجود أي قانون‪.‬‬

‫أٌنشتٌن‪ :‬ال تدعنا نسبق األحداث كثٌرا‪ ,‬إن أهم ركٌزة بالنسبة لكم‪ ,‬والتً تبنون فلسفتكم علٌها‬
‫‪ ,‬قد‬ ‫و روزن ‪n‬‬ ‫هو مبدأ عدم الٌقٌن‪ .‬أود أن أقول لك بؤننً أنا و بودولسكً‬
‫كتبنا نشرة تبرهن بؤن الخصابص المتؽٌرة للجسٌمات الذرٌة لها كمٌات متؽٌرة محددة قبل‬
‫عملٌة الرصد‪ .‬وهذا ٌبرهن بؤن مبدأ االرتٌاب فٌه نقص ما‪ .‬إننا نصر على أن أي تجربة من‬
‫شؤنها أن تتناقض مع مبدأي الحتمٌة والسببٌة‪ ,‬إنما ٌكون ذلك نابعا بجهلنا فً حقٌقة األمور‪ .‬إننً‬
‫‪ ,‬لٌست متضمنة فً معادالت مٌكانٌكا‬ ‫أإمن بوجود (عوامل خفٌة)‬
‫الكم‪ ,‬وإذا ما أحطنا بشكل كامل بسٌر هذه العوامل‪ ,‬سنحصل بالتؤكٌد على الصورة الكاملة للعالم‬
‫القابم على السببٌة والحتمٌة‪.‬‬

‫بور‪ :‬ستكون أول أعمالً القادمة رإٌة عملكم‪.‬‬

‫‪ 3-6‬المدرسة الواقعٌة تهاجم بمفارقة أ‪ .‬ب‪ .‬ر‬


‫العام ‪ ,0511‬المكان‪ ,‬مإسسة الدراسات المتقدمة بجامعة برنستون‪ ,‬نشر ثالث رجال وهم‬
‫أٌنشتٌن و بودولسكً و روزن نشرة بعنوان (هل ٌمكن أن تعتبر توصٌؾ الحقٌقة الفٌزٌابٌة‬
‫المستمدة من مٌكانٌكا الكم توصٌفا كامال)]‪ .[1‬كانت تلك النشرة تضم حجة منطقٌة بسٌطة جدا‪,‬‬
‫لكنها ماكرة للؽاٌة‪ .‬الهدؾ من وراء تلك التجربة إثبات إمكانٌة قٌاس متؽٌرٌن دٌنامٌكٌٌن فً آن‬
‫واحد‪ .‬سٌكون المتؽٌران هنا الموقع وكمٌة الدفع‪ ,‬وهذا بالطبع ٌخالؾ مبدأ عدم الٌقٌن‪ ,‬كما بٌنا‬
‫ذلك سابقا‪.‬‬
‫هب بؤن لدٌنا فً حالة سكون الجسٌم المتعادل الشحنة ‪ .‬من المعلوم أن هذا الجسٌم ٌنحل إلى‬
‫فوتونٌٌن ٌتحركان فً اتجاهان متضادان كما هو موضح بالشكل )‪ .(6-1‬إن كمٌة الدوران‬
‫المؽزلً للباٌون المتعادل تساوي الصفر‪ .‬لذلك ٌجب أن ٌمتلك كل من الفوتون األول و الثانً‬
‫كمٌة دوران مؽزلً متعاكسة‪ ,‬حتى نحافظ على مبدأ حفظ كمٌة الدوران المؽزلً‪ .‬مثال‪ ,‬لو‬
‫وجدنا أن الفوتون األول لدٌه كمٌة تحرك مؽزلً فً االتجاه العلوي على المحور ‪ ,‬فٌجب أن‬
‫تكون كمٌة التحرك المؽزلً للفوتون الثانً إلى أسفل على نفس المحور‪.‬‬

‫هناك نقطة مهمة ٌجب معرفتها قبل تكملة المفارقة‪ .‬فً مٌكانٌكا الكم ال ٌمكن قٌاس كل مركبات‬
‫أي قٌمة دٌنامٌكٌة متؽٌرة فً نفس الوقت‪ .‬مثال‪ ,‬لو قسنا مركبة كمٌة الحركة لجسٌم ما على‬
‫المحور ‪ ,‬فال ٌمكن عندها قٌاس أو معرفة مركبات كمٌة التحرك على المحاور االخرى و‬
‫‪ .‬بالتؤكٌد السبب فً ذلك‪ ,‬مبدأ االرتٌاب‪.‬‬

‫لنعد اآلن إلى تجربتنا‪ .‬إذا قمنا بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون األول‪ ,‬سٌإدي ذلك مباشرة‬
‫إلى معرفة كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون الثانً بدون قٌاسه‪ .‬السبب فً ذلك هو مبدأ حفظ كمٌة‬
‫التحرك المؽزلً الكلٌة‪ .‬هناك نقطة مهمة فً التجربة‪ ,‬وهً افتراض أن قٌاس كمٌة الدوران‬
‫المؽزلً ألحد الجسٌمات ال تإثر فً أي حال من األحوال على الجسٌم األخر‪ ,‬سواء كانت‬
‫المسافة بٌ نهما تقاس بالمٌكرومتر أو بالسنٌن الضوبٌة‪ .‬من ٌوافق على ذلك ٌجب أن ٌوافق على‬
‫التالً‪:‬‬

‫نقوم بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون األول على المحور ‪ ,‬عندها سنكون ؼٌر قادرٌن‬
‫على معرفة كمٌة الدوران المؽزلً على المحاور االخرى و ‪ .‬وهذا ٌوافق مبدأ االرتٌاب‪.‬‬
‫بعدها نقوم بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون الثانً على المحور ‪ ,‬وبالتالً سنكون ؼٌر‬
‫قادرٌن على معرفة كمٌة الدوران المؽزلً على المحاور االخرى و ‪ .‬االن‪ ,‬ان قٌاسنا لكمٌة‬
‫ٌجعلنا قادرٌن على معرفة كمٌة الدوران‬ ‫الدوران المؽزلً للفوتون األول على المحور‬
‫المؽزلً للفوتون الثانً على المحور ‪ ,‬بحسب مبدأ حفظ كمٌة الدوران المؽزلً‪ .‬بالمثل‪ ,‬إذا‬
‫قمنا بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون الثانً على المحور ‪ ,‬سنكون قادرٌن على معرفة‬
‫كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون االول على المحور ‪.‬‬

‫𝛾‬ ‫𝛾‬

‫شكل )‪(6-1‬‬

‫انحالل الباٌون المتعادل الى فوتونٌن ٌسٌران فً اتجاهٌن متضادٌن‪.‬‬

‫النتٌجة من ذلك‪ ,‬هً إمكانٌة تحدٌد كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون األول وكذلك الثانً على كال‬
‫المحورٌن و فً نفس الوقت‪ .‬هذا بالتؤكٌد ٌخالؾ مبدأ االرتٌاب‪ ,‬القابل بعدم امكانٌة قٌاس‬
‫كمٌة الدوران المؽزلً على كال المحورٌن فً نفس الوقت‪.‬‬
‫من تلك التجربة نخرج بالنتابج التالٌة‪ :‬أوال‪ :‬طالما أن قٌاسنا لكمٌة الدوران المؽزلً ألي جسٌم‬
‫ٌجعلنا على علم بمقدار كمٌة الدوران المؽزلً للجسٌم األخر‪ ,‬فهذا ٌعنً أن الجسٌم األخر له‬
‫كمٌة دوران مؽزلً قبل إجراء أي قٌاس علٌه‪ .‬هذا ٌتناقض مع ما ذهب إلٌه بور‪ ,‬من عدم‬
‫وجود أي قٌمة محددة ألي كمٌة متؽٌرة قبل عملٌة القٌاس‪ .‬ثانٌا‪ :‬تبٌن هذه التجربة إمكانٌة قٌاس‬
‫مركبتان من كمٌة الدوران المؽزلً فً آن واحد‪ .‬وهذا كما قلنا ٌخالؾ بشكل واضح مبدأ‬
‫االرتٌاب‪ .‬نستطٌع بنفس األسلوب أن نقٌس موقع وكمٌة تحرك الفوتون فً آن واحد‪ .‬حٌث نقٌس‬
‫موقع الفوتون األول‪ ,‬وهذا ٌعطً بشكل مباشر موقع الفوتون الثانً‪ ,‬ونقٌس كمٌة الحركة‬
‫للفوتون الثانً‪ ,‬وهذا ٌعطً بشكل مباشر قٌمة كمٌة الحركة للفوتون األول‪ .‬بذلك‪ ,‬حددنا كل من‬
‫موقع وكمٌة الحركة لكل من الفوتونٌن فً آن واحد‪ .‬أخٌرا‪ :‬إذا كان هناك تؤثٌر لحظً ؼٌر‬
‫بٌن الجسٌمات‪ ,‬أي أن أحدهما ٌإثر فً األخر بشكل مباشر أو آنً‪,‬‬ ‫متموضع‬
‫فهذا ٌخالؾ مبدأ النظرٌة النسبٌة الخاصة ‪ ,‬الذي ٌنص على أن الضوء هو الحد األعلى للسرعة‬
‫فً الكون‪ .‬إن التؤثٌر بٌن الجسٌمات(إن وجد) ٌجب أن ٌنتقل بسرعة أبطا من سرعة الضوء‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫أي ٌكون متموضع‬

‫ٌا ترى هل ٌكون أٌنشتٌن ورفاقه على حق من هذه المفارقة؟ ألٌست التجربة منطقٌا جدا؟ ألم‬
‫ٌعتمدوا على قانون حفظ الطاقة‪ ,‬الذي ٌوافق علٌه جمٌع الفٌزٌابٌٌن بمن فٌهم بور ورفاقه‪ .‬لقد‬
‫وضعت هذه التجربة الذهنٌة مدرسة كوبنهاؼن فً مؤزق حرج جدا‪ ,‬استمر لمدة تسعة وعشرٌن‬
‫‪ ,‬لٌعلن بؤن المتؽٌرات الخفٌة الموضعٌة‪,‬‬ ‫عاما‪ ,‬حٌنها أتى الفٌزٌابً االٌرلندي جون بٌل‬
‫إن وجدت‪ ,‬فستكون ؼٌر قادرة على إعطاء جمٌع نبإات مٌكانٌكا الكم اإلحصابٌة‪.‬‬

‫‪ 4-6‬نظرٌة جون بٌل أو أفٌون أ‪ .‬ب‪ .‬ر‬


‫فً عام ‪ ,0521‬نشر جون بٌل مقالة بعنوان (حول مفارقة أ‪ .‬ب‪ .‬ر) وفٌها ٌعبر عن أرابه عما‬
‫ورد فً تلك النشرة‪ ,‬بخصوص المتؽٌرات الخفٌة‪ٌ .‬بدأ بل فً مقالته بفرضٌتان أساسٌتان‪.‬‬
‫األولى‪ ,‬وجود قٌم للكمٌات الفٌزٌابٌة ال عالقة للقٌاس بشؤنها‪ .‬الثانٌة‪ ,‬افتراض صحة عالقة‬
‫التموضع‪ .‬بمعنى أنه ال ٌمكن أن ٌنتقل التؤثٌر بٌن أي جسٌمان بشكل آنً أو لحظً‪.‬‬

‫كانت األفكار الواردة فً نشرة أ‪ .‬ب‪ .‬ر‪ ,‬فً البداٌة مجرد أفكار ذهنٌة‪ .‬ما حاول بٌل القٌام به‬
‫هو اختبار هذه التجربة فعلٌا‪ .‬لذلك لم تنفذ هذه التجربة إلى فً السنوات األخٌرة‪ ,‬بعدما تطورت‬
‫التكنولوجٌا بشكل كافً‪.‬‬

‫نعود اآلن إلى الباٌون المتعادل الذي ٌنحل إلى فوتونٌٌن لهما كمٌة دوران مؽزلً متعاكسة‪ ,‬إن‬
‫التجارب التً أجرٌت الختبار مفارقة أ‪ .‬ب‪ .‬ر‪ ,‬لم تعتمد على كمٌة الدوران المؽزلً للفوتونات‪,‬‬
‫‪ٌ .‬مكن وصؾ االستقطاب‬ ‫بل اعتمدت على كمٌة أخرى تسمى االستقطاب‬
‫بالنسبة للضوء باتجاه المجال الكهربابً فً الفضاء‪ .‬فعندما ٌنتشر الضوء (موجات‬
‫شكل )‪(6-2‬‬

‫تكون خطوط المجال الكهربابً عمودٌة على جهة انتشار الموجة الكهرومؽناطٌسٌة‪.‬‬

‫كهرومؽناطٌسٌة)‪ ,‬تكون خطوط المجال الكهربابً عمودٌة على اتجاه انتشاره فً كل‬
‫االتجاهات‪ ,‬كما هو موضح بالشكل)‪ .(6-2‬لكن إذا أردنا الحصول على خطوط مجال كهربابً‬
‫‪ .‬حٌث ٌجعل هذا األخٌر‬ ‫تهتز وفق منحنى معٌن‪ ,‬نقوم بوضع ما ٌسمى (المقطب)‬
‫خطوط المجال الكهربابً تمر فً منحنى خاص نقوم نحن بتحدٌده‪ ,‬كما هو موضح بالشكل‬
‫)‪ .(6-3‬هذا هو مبدأ عمل النظارات الشمسٌة‪.‬‬

‫لنفترض اآلن بؤنه لدٌنا مصدر من الباٌونات المشعة للفوتونات‪ ,‬ولنفترض كذلك بؤن كل واحد‬
‫من الفوتونات المنطلقة له اتجاه استقطاب‪ ,‬إما إلى أعلى أوالى أسفل‪ .‬نضع اآلن مقطبٌن فً‬
‫طرٌق كل من الفوتونٌن المنطلقٌن‪ .‬بحسب مبدأ حفظ الكمٌات‪ ,‬فؤنه إذا ما علمنا عن حالة‬
‫استقطاب أحد الفوتونٌن لدى وصوله إلى المقطب‪ ,‬سوؾ نعلم عن حالة األخر بدون قٌاسه‪.‬‬
‫مثال‪ ,‬لو عبر الفوتون المتجه إلى المقطب (‪ )A‬منه‪ ,‬فؤننا نستنتج بؤن الفوتون الذاهب إلى‬
‫المقطب (‪ ,)B‬سوؾ ٌعبر هو األخر‪ ,‬بدون إجراء أي قٌاس علٌه‪ .‬وإذا لم ٌعبر الفوتون األول‬
‫من المقطب (‪ ,)A‬فؤن الفوتون الذاهب إلى المقطب (‪ٌ )B‬جب أال ٌعبر كذلك‪.‬‬

‫فً البداٌة سنضع المقطبٌن بشكل متوازي مع كل من الفوتونٌن المنطلقٌن‪ ,‬كما هو موضح‬
‫بالشكل (‪ٌ.)6-4‬وجد راصدان عند كل من المقطب (‪ )A‬و(‪ ,)B‬حتى ٌخبرانا بحالة استقطاب كل‬
‫من الفوتونٌن المنطلقٌن بشكل متعاكس‪ .‬فً هذه الحالة ستكون نتابج كال الراصدٌن متطابقة‬
‫تماما‪ .‬هذا متوقع‪ ,‬ألنه إذا كانت حالة استقطاب الفوتون المتجه إلى المقطب (‪ )A‬عمودٌة‪ ,‬أي‬
‫موازٌة التجاه المقطب‪ ,‬فؤن الفوتون سوؾ ٌعبر‪ ,‬بهذا نكون قد علمنا عن حالة استقطاب‬
‫الفوتون الذاهب إلى (‪ )B‬قبل أن ٌقٌسه الراصد الموجود هناك‪ .‬حتى اآلن ٌسٌر كل شًء بشكل‬
‫مع محور المقطب (‪ ,)A‬كما هو موضح‬ ‫جٌد‪ .‬نقوم اآلن باستدارة المقطب (‪ )B‬بزاوٌة‬
‫بالشكل )‪.(6-5‬‬
‫شكل )‪(6-3‬‬

‫استقطاب الضوء عند مروره داخل المقطب‬

‫اآلن‪ ,‬إذا عبر الفوتون المتجه إلى المقطب )‪ ,(A‬فؤننا نكون قد علمنا بؤن حالته قبل الوصول‬
‫كانت عمودٌة‪ ,‬وبالتالً ٌجب أن تكون حالة الفوتون الذاهب إلى المقطب )‪ (B‬أٌضا عمودٌة‪,‬‬
‫مع منحنى المقطب )‪ .(A‬لكن‬ ‫وبالتالً لن ٌعبر من المقطب‪ ,‬الن المقطب )‪ (B‬مابل بزاوٌة‬
‫هذا ما افترضناه نظرٌا‪ ,‬إن التجربة تعطً نتابج أخرى!‪ .‬حٌث سٌجد الراصد الموجود عند‬
‫المقطب )‪ (B‬بؤن نصؾ الفوتونات قد عبر‪ ,‬ونصفها األخر لم ٌعبر؟!! أي أن هناك حالة تطابق‬
‫بنسبة خمسون بالمابة بٌن نتابج الراصد )‪ (A‬و )‪ .!(B‬لماذا ٌمر بعض هذه الفوتونات وٌمتنع‬
‫بعضها األخر؟ ألٌس من المفروض بؤن ال ٌمر أي منها‪ ,‬ألننا قد علمنا عن حالتهما قبل عملٌة‬
‫القٌاس‪.‬‬

‫كانت إحدى المحاوالت األولى لحل هذه المعضلة‪ ,‬هً افتراض وجود ترابط أو تشابك بٌن كل‬
‫من الفوتونٌن أو المقطبٌن‪ .‬لكن نتٌجة هذا الحل هو اختراق مبدأ أساسً‪ ,‬وهو عدم وجود إشارة‬
‫تنتقل بؤسرع من سرعة الضوء‪ .‬نحن نعلم بؤن الفوتونٌن لهما سرعة الضوء نفسها‪ ,‬وبالتالً‬
‫صدور إشارة من المقطب )‪ (A‬فً حالة وصول الفوتون إلٌه إلى المقطب )‪ (B‬لٌعلمه بؤن‬
‫الفوتون الخاص به قد عبر أو ال‪ ,‬ستكون أسرع بكثٌر من سرعة الضوء‪ .‬وهذا كما قلنا ٌتناقض‬
‫مع مبدأ فٌزٌابً أساسً‪ ,‬وهو أن سرعة الضوء هً الحد األعلى للسرعة فً الكون‪ .‬ما هو‬
‫الحل إذن؟‬

‫الحل هو أن بور ورفاقه كانوا على حق فً ادعابهم بؤن الكمٌات المتؽٌرة لٌست لها قٌمة محددة‬
‫قبل عملٌة القٌاس‪ .‬إن حالة استقطاب الفوتون الذاهب إلى المقطب )‪ (A‬أو الذاهب إلى المقطب‬
‫)‪ (B‬لٌس لها قٌمة أو معنى محدد قبل االصطدام بالمقطب‪ .‬فحالة استقطاب الفوتون قبل أن‬
‫ٌصطدم بالمقطب عبارة عن تراكب من عدة حاالت‪ .‬لذلك نستطٌع افتراضا بؤن حالة استقطاب‬
‫المقطب )‪(B‬‬ ‫المقطب )‪(A‬‬

‫شكل )‪(6-4‬‬

‫ٌصدر المصدر المشع فوتونٌن متعاكسٌن‪ٌ ,‬ذهبان إلى مقطبٌن فً وضعٌة توازي مع اتجاه استقطاب كال الفوتونٌن‪.‬‬

‫الفوتون قبل عملٌة القٌاس مكونة من موجتً احتمال‪ ,‬إحداهما موازٌة لمحور المقطب واألخرى‬
‫عمودٌة علٌه‪ .‬الشكل )‪ .(6-6‬كل واحدة من هذه الموجتٌن لها شدة احتمال معٌنة‪ ,‬تكون هً‬
‫المسإولة عن احتمالٌة عبور الفوتون أو عدم عبوره‪ .‬ففً الحالة األولى‪ ,‬عندما كان اتجاه‬
‫المقطبٌن متوازٌان‪ ,‬شكل )‪ ,(6-4‬كان سبب تطابق النتابج هو وضعٌة المقطبٌن نفسها‪ .‬فوضعٌة‬
‫المقطبٌن بشكل عمودي‪ٌ ,‬زٌد من فرصة عبور موجة االحتمال العمودٌة بشكل كبٌر‪ .‬لكن هذا‬
‫ال ٌعنً بؤنه فً كل مرة سوؾ ٌعبر كال الفوتونٌن‪ ,‬فهناك احتمال أٌضا‪ ,‬ولكن ضبٌل جدا بؤن ال‬
‫ٌعبر الفوتونٌن ‪ .‬لكن ٌبقى الترابط بٌن الفوتونٌن موجودا فً كل عملٌة قٌاس‪ .‬إذن ٌحق لنا‬
‫القول‪ ,‬بؤن الراصد هو المسبول عن تحدٌد ما إذا كان الفوتون سٌعبر أو ال‪ ,‬وذلك عن طرٌق‬
‫مع‬ ‫تحكمه بوضعٌة المقطب نفسها‪ .‬لذلك عندما وضعنا المقطب )‪ (B‬مابال بزاوٌة‬
‫المقطب)‪ ,)A‬أصبحت فرصة عبور كال موجتً االحتمال العمودٌة واألفقٌة متساوٌة‪ ,‬أي‬
‫خمسون بالمابة لكلٌهما‪ .‬وهذا ٌفسر لنا لماذا خرجت نصؾ الفوتونات وامتنع النصؾ األخر عن‬
‫‪ ,‬ستتؽٌر شدة‬ ‫الخروج‪ .‬وهكذا إذا قمنا بزٌادة درجة مٌالن المقطب )‪ (B‬بزاوٌة أكثر من‬
‫االحتمال بحٌث تزداد فرصة عبور موجة االحتمال األفقٌة أكثر‪ ,‬حتى إذا ما وصلت زاوٌة‬
‫‪ ,‬تصبح فرصة عبور الموجة األفقٌة كبٌرة جدا‪.‬‬ ‫المٌالن إلى‬

‫هل تثبت ٌا ترى هذه التجربة صحة رأي مدرسة كوبنهاؼن‪ ,‬القابل بعدم وجود قٌمة محددة‬
‫للكمٌات الفٌزٌابٌة قبل عملٌة القٌاس؟‪ .‬فً الحقٌقة لقد تقبل الفٌزٌابٌٌن هذا الرأي الخٌالً‬
‫تدرٌجٌا‪ ,‬وكثٌرا منهم الٌوم ٌعتنقون هذا الرأي‪ ,‬وٌبدوا لً بالفعل أنه صحٌح‪ .‬لقد حاول أٌنشتٌن‬
‫ورفاقه وضع تجربة لتثبت صحة رأٌهم‪ ,‬ولكن ٌبدو أن السحر قد انقلب على الساحر‪ ,‬وباتت تلك‬
‫التجربة أعظم دلٌل ضدهم‪.‬‬
‫شكل )‪(6-5‬‬

‫بالنسبة لمحور المقطب )‪.(A‬‬ ‫مٌالن المقطب )‪ (B‬بزاوٌة‬

‫‪ 5-6‬مفارقة صدٌق فؽنر‬


‫تعتبر مفارقة صدٌق فؽنر‪ ,‬امتدادا لمفارقة قطة شرودنؽر‪ .‬فقد وضعها الفٌزٌابً الهنؽاري‬
‫‪ ,‬لٌبحث بها فً مسؤلة االمتزاج الحاصل فً العقل‬ ‫األمرٌكً ٌوجٌن فؽنر‬
‫قبل فتح الصندوق‪.‬‬

‫تصور أن فؽنر جالس فً مختبره مع صدٌقه‪ ,‬ثم أحس بالجوع وذهب لٌؤكل شٌبا ما‪ .‬بعد ذلك‬
‫أراد الصدٌق‪ ,‬وهو بالتؤكٌد فٌزٌابً المع‪ ,‬أي ٌسلً نفسه قلٌال رٌثما ٌعود فؽنر‪ .‬فقرر القٌام‬
‫بتجربة قطة شرودنؽر‪ .‬بدأ العمل‪ ,‬فوضع القطة والؽاز السام والمادة المشعة وعداد جاٌجر فً‬
‫صندوق ثم أقفله‪ ,‬وانتظر لمدة ساعة حتى تتفكك المادة المشعة‪ .‬بموجب تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن‬
‫تكون القطة لٌست بحٌة وال مٌته‪ ,‬بل فقط هً امتزاج بٌن هذا وذاك فً عقل الراصد (صدٌق‬
‫فؽنر)‪ ,‬وفً اللحظة التً ٌفتح بها الصندوق‪ٌ ,‬زول تراكب الحاالت نتٌجة الرصد‪,‬‬

‫شكل )‪(6-6‬‬

‫ال ٌكون استقطاب الفوتون على حالة محددة قبل إجراء قٌاس علٌه‪ .‬فهو مركب من موجتً احتمال‪ ,‬إحداهما موازٌة‬
‫لمحور المقطب واألخرى عمودٌة علٌه‪.‬‬
‫وتظهر القطة إما حٌة أو مٌته‪ .‬لكن مهال‪ ,‬لقد خدع فؽنر صدٌقه‪ ,‬فهو لم ٌذهب لٌتناول الطعام‪,‬‬
‫بل ظل ٌراقب صدٌقه والصندوق الذي ٌحوي القطة من نافدة المختبر‪ .‬أي كؤنه قد وضع صدٌقه‬
‫فً صندوق كبٌر وهو المختبر‪ ,‬وصدٌقه قد وضع القطة فً صندوق صؽٌر‪ .‬هنا تبرز المفارقة‪,‬‬
‫فبموجب مٌكانٌكا الكم‪ٌ ,‬كون رصد الصدٌق للقطة هو نفسه منشق الى قسمان فً عقل فؽنر‪,‬‬
‫وهما (القطة مٌته‪/‬الصدٌق حزٌن) و (القطة حٌة ‪/‬الصدٌق سعٌد)‪ٌ .‬نتج من ذلك السإال المحٌر‬
‫التالً‪ :‬هل فؽنر له تؤثٌر على حٌاة أو موت القطة؟ إذا كان الصدٌق هو من قرر سلفا نتٌجة‬
‫لرصده موت أو حٌاة القطة‪ ,‬فال ٌكون لرصد فؽنر أي تؤثٌر‪.‬لكن بموجب تفسٌر مدرسة‬
‫كوبنهاؼن‪ٌ ,‬جب أن تكون نتٌجة رصد الصدٌق نفسها منقسمة إلى قسمان فً عقل فؽنر‪ .‬بمعنى‬
‫أخر‪ ,‬هل حالة القطة قد حددها صدٌق فؽنر وانتهى األمر‪ ,‬وأن فؽنر ٌشاهد فقط ما حدده‬
‫الصدٌق‪ ,‬أم أن األمر ٌعتمد على رصد فؽنر لالثنٌن؟‬

‫إحدى المشاكل فً مفارقتً قطة شرودنؽر وصدٌق فؽنر تكمن فً حدوث أحد االحتمالٌن فقط‪,‬‬
‫فالقطة بعد فتح الصندوق تكون إما حٌة أو مٌته‪ .‬لكن إذا ظهر أحد االحتمالٌن‪ ,‬أٌن ٌذهب‬
‫االحتمال األخر؟ تبدو اإلجابة من وجهة نظر مدرسة كوبنهاؼن‪ ,‬ومن وجه نظر عامة‪ ,‬بؤن‬
‫ال ٌعتقد ذلك‪ ,‬انه ٌؤخذ‬ ‫االحتمال الثانً قد تالشى‪ .‬لكن هٌو اٌفٌرت الثالث‬
‫مٌكانٌكا الكم بكامل حرفٌتها‪ ,‬وٌقول لنا بؤن االحتمالٌن حتى بعد فتح الصندوق (الرصد) ٌبقٌان‬
‫موجودٌن‪ ,‬لكن كل واحد منهما ٌظهر فً كون مختلؾ!‪ .‬إننا نعٌش فً عدد النهابً من األكوان‬
‫المتوازٌة!!‪.‬‬

‫‪ 6-6‬نظرٌة اٌفٌرت أو عدد ال نهابً من األكوان المتوازٌة‬


‫ال أتصور أن هناك فٌزٌابً حقٌقً ٌفكر فً وضع نظرٌة مثل نظرٌة األكوان المتوازٌة‪ ,‬دون‬
‫أن ٌكون ورابها دافع قوي‪ .‬هكذا وجد نفسه الفٌزٌابً الشاب اٌفٌرت الثالث مجبرا على وضع‬
‫نظرٌة تفسر مفارقات نظرٌة الكم الساحرة‪ ,‬حٌث ٌدخل الراصد والمرصود فً وحدة واحدة‬
‫ؼٌر متجزبة‪.‬‬

‫حتى نشرح نظرٌة اٌفٌرت‪ ,‬نعود الى صدٌق فؽنر الذي ٌرصد حالة القطة داخل الصندوق‪ .‬فكما‬
‫قد بٌنا سابقا من تفسٌر كوبنهاؼن‪ ,‬تكون القطة مزٌج من حاالت متراكبة ما بٌن الموت والحٌاة‪,‬‬
‫وفقط فً اللحظة التً ٌفتح بها الصدٌق الصندوق ٌزول تراكب الحاالت‪ ,‬وتظهر إحدى‬
‫الحالتٌن‪ ,‬الموت أو الحٌاة‪ٌ .‬تفق اٌفٌرت مع كل ما تقوله مدرسة كوبنهاؼن حول النقاط السابقة‪,‬‬
‫ولكنه ٌختلؾ معهم فً النقطة األخٌرة‪ .‬فهو ٌقول بؤن عملٌة الرصد ال تخلق حالة معٌنة وتزٌل‬
‫األخرى‪ ,‬بل إن الحالتٌن معا تقعان!!‪.‬‬

‫هنا ٌحدثنا اٌفٌرت عن فكرته الجدٌدة‪ ,‬فعندما ٌقوم الصدٌق بفتح الصندوق‪ٌ ,‬نشق الصدٌق‬
‫والصندوق إلى نسختٌن‪ .‬بمعنى أخر قد ٌتم نسخ الكون إلى كونٌن‪ ,‬كل واحد من هذٌن الكونٌن‬
‫ٌمثل نتٌجة محتملة‪ .‬لذلك سنجد فً النسخة األولى أن القطة حٌة والصدٌق سعٌد‪ ,‬وفً النسخة‬
‫األخرى تكون القطة فً عداد الموتى والصدٌق حزٌن‪.‬‬
‫ولكن وهلل الحمد‪ ,‬كل نسخة فً الكون ال تعً هذا االنشقاق‪ .‬إذن نحن البشر فً كل لحظة نفتح‬
‫أو نتذوق أو نرى أو نشم أو نسمع شٌبا ما‪ ,‬فؤننا ننشق إلى عدد ال نهابً من األكوان المتوازٌة‪.‬‬
‫كل واحد من هذه األكوان ٌمثل إحدى النتابج المحتملة للرصد‪.‬‬

‫لتوضٌح الفكرة بشكل أكبر‪ ,‬تصور أنك جالس فً مطعم و أمامك بٌتزا من نوع معٌن‪ .‬قبل أن‬
‫تؤكل البٌتزا ٌكون فً رأسك عدة احتماالت متوقعة لطعم البٌتزا‪ .‬لكن بمجرد أن تؤكل البٌتزا‬
‫ٌزول هذا االمتزاج الحاصل فً رأسك‪ ,‬وتبقى حالة واحدة‪ ,‬وهً التً تتذوقها‪ .‬لكن اٌفٌرت‬
‫ٌقول لك‪ ,‬بؤنك سوؾ تنقسم إلى عدد من النسخ ٌساوي عدد االحتماالت التً كانت فً رأسك‬
‫لطعم البٌتزا قبل األكل‪ .‬أي أنك تتذوق جمٌع االحتماالت التً كانت فً رأسك فً آن واحد!‬
‫لكنك ال تعً إال حالة واحدة‪ ,‬وهً التً تحس بها!!‬

‫‪ 7-6‬من العالم الجدٌد‬


‫إذا كنت قد قرأت هذا الكتاب حتى هذا الحد‪ ,‬وفهمته بشكل جٌد‪ ,‬فالبد أنك تشعر بشًء من‬
‫الؽرابة‪ .‬وإن لم تشعر بذلك‪ ,‬فربما ألنك قد قرأت من مثل هذه األشٌاء كثٌرا ومللت منها‪ ,‬أو أننا‬
‫قد فشلنا فً تقدٌم صورة واضحة للنظرٌة‪ .‬لذلك سؤقوم بهذا الجزء األخٌر من الكتاب بتلخٌص‬
‫أهم النتابج الفلسفٌة لنظرٌة الكم‪ ,‬حتى تتضح خالصة القول‪.‬‬

‫كانت صورة الفٌزٌاء حتى بداٌة القرن العشرٌن قابمة على الحس العام حول الحقٌقة‬
‫الموضوعٌة‪ ,‬بوجود العالم الخارجً‪ ,‬بؽض النظر إن كان هناك من مراقب ما ٌقوم بعملٌة‬
‫المشاهدة أو ال‪ .‬فكل شًء فً الكون قابم على السببٌة و الحتمٌة‪ ,‬وبفضل قوانٌن الفٌزٌاء‬
‫الكالسٌكٌة نستطٌع التنبإ بحركة أكبر المجرات إلى أصؽر الذرات‪ .‬إن الكون عبارة عن آلة‬
‫عمالقة قد أطلقت للعمل‪ ,‬ولٌس لإلنسان أي دور فً هذه العملٌة‪ .‬انه فقط جزء من تلك اآللة‬
‫العمالقة‪.‬‬

‫لكن هذه الصورة لم تدم طوٌال‪ ,‬فلقد تم اكتشاؾ مٌكانٌكا الكم فً بداٌة القرن العشرٌن‪ .‬ورأٌنا‬
‫كٌؾ زعزعت هذه النظرٌة مفاهٌم الحس العام حول الحقٌقة الموضوعٌة‪ .‬لقد تحول اإلنسان من‬
‫مجرد جزء من آلة عمالقة إلى فاعل نشٌط فً هذا الكون‪ ,‬والفضل فً ذلك ٌعود إلى مبدأ عدم‬
‫الٌقٌن‪ ,‬العمود الفقري لمٌكانٌكا الكم‪.‬‬

‫ٌنص مبدأ عدم الٌقٌن على عدم إمكانٌة القدرة على قٌاس كل من موقع وكمٌة تحرك لجسٌم ما‪.‬‬
‫وقد شرحنا األسباب فً الفصل الرابع‪ .‬لكن علٌنا أن نفهم هذا المبدأ بشكل أوسع‪ .‬إن قٌاسنا‬
‫لكمٌة الحركة بشكل أكثر دقة‪ ,‬ال ٌعنً أن الموقع موجود فً مكان ما‪ ,‬ولكننا عاجزٌن عن‬
‫تحدٌده‪ .‬بل إن فكرة الموقع نفسها تصبح بال معنى أصال‪ .‬فً الحقٌقة ال ٌطابق مبدأ عدم الٌقٌن‬
‫الحس العام أبدا‪ .‬تصور بؤن شخص ما ٌقول لك‪ :‬سوؾ أتحرك اآلن‪ ,‬لكن بدون أن ٌكون لً‬
‫موقع!‪ .‬أٌن سٌتحرك إذن؟ ال شك بؤن ذلك ٌشعرنا بتناقض عقلً صرٌح‪ .‬هل تستطٌع تصور‬
‫شٌبا ما ٌتحرك‪ ,‬لكن بدون أن ٌكون له موقع؟! ٌبدوا انه من العسٌر جدا أن نفكر فً شًء كهذا‪.‬‬
‫إذن كٌؾ نبرر ذلك؟ نحن نعلم بؤن مبدأ عدم الٌقٌن صحٌح تماما لنا الٌوم‪ ,‬وقد أٌدته التجارب‬
‫كثٌرا‪ ,‬وبدونه ال ٌكتمل صرح مٌكانٌكا الكم الرابع‪ .‬لكن لماذا ال نستطٌع التفكٌر فٌه واقعٌا؟‬
‫السبب فً ذلك‪ ,‬هو أننا قد اعتدنا التفكٌر فً عالم ذي ثالثة أبعاد‪ ,‬تسٌر فٌه األجسام فً زمن‬
‫تجري فٌه اللحظات الزمنٌة بشكل متصل‪ .‬فهل تذكر عندما شرحنا الدالة الموجٌة 𝜓 فً بداٌة‬
‫الفصل الرابع‪ .‬لقد رأٌنا بؤن الموجة التً تصؾ اإللكترون ال ٌمكن تشبٌهها بؤي طرٌقة كانت‬
‫بالموجات الضوبٌة أو الصوتٌة أو ؼٌرها‪ .‬فهً مجرد وصؾ رٌاضً تجرٌدي داخل الدالة‬
‫الموجٌة 𝜓‪ ,‬والفضاء الذي تنتشر فٌه ؼٌر واضح لنا‪ .‬لذلك ان فكرة المكان المتصل ذي االبعاد‬
‫الثالثة‪ ,‬وفكرة الزمان الناتج من تتابع اللحظات‪ ,‬هما فكرتان مستخلصتان من التجربة الحسٌة‪.‬‬
‫إن تطبٌق هذان المفهومان على الواقع الذري‪ٌ ,‬جعلنا نشعر بتناقض عقلً صرٌح‪.‬‬

‫المبدأ األخر الذي ٌشكل صورة العالم الجدٌد‪ ,‬هو مبدأ التتام‪ ,‬الذي تكلمنا عنه فً الفصل الثالث‪.‬‬
‫ٌنص هذا المبدأ على وجود وجهان للطبٌعة‪ ,‬إحداهما جسٌمً واألخر موجً‪ ,‬وال ٌوجد فً ذلك‬
‫تناقض‪ .‬فالطبٌعتان متممتان لبعض‪ ,‬وقد ذكرنا مثال قطعة النقود‪ ,‬حٌث ال ٌمكن مشاهدة‬
‫الوجهان دفعة واحدة‪ .‬إذا رأٌنا أحد الوجهٌن بكامل صورته فقدنا األخر بكامل صورته‪ ,‬وإذا‬
‫أردنا أن نشاهد الوجهان معا‪ ,‬علٌنا أن نضحً برإٌة ردٌبة للوجهان‪.‬‬

‫من مبدأي عدم الٌقٌن والتتام‪ ,‬تتضح لنا صورة العالم الجدٌد‪ .‬إن الوجه الذي تظهر علٌه قطعة‬
‫النقود هو من اختٌاري أنا‪ .‬هذا الكالم ٌنطبق على اختٌار ظهور الطبٌعة الموجٌة أو الجسٌمٌة‪,‬‬
‫وكذلك اختٌار ظهور الحركة أو الموقع‪ .‬إننا نختار الشًء الذي نرٌد أن نشاهده‪ .‬إن ما ٌنطبق‬
‫على الحركة والموقع‪ ,‬برأًٌ‪ٌ ,‬جب أن ٌنطبق كذلك على كل ما هو متؽٌر فً الطبٌعة‪ .‬فال‬
‫وجود لشًء على حالة محددة قبل عملٌة المشاهدة (الوعً)‪ .‬إن كل شًء خارج عن وعٌك فً‬
‫هذه اللحظة ال ٌكون على حالة محددة‪ .‬انه معلق فً كل االحتماالت‪ .‬فكل ما فً خزانة المالبس‬
‫قبل فتحتها ال ٌوجد على حالة معٌنة‪ ,‬بل توجد عدة حاالت ممكنة بشكل كامن‪ .‬وفقط ٌزول هذا‬
‫التمازج عند فتح الخزانة‪ ,‬وتظهر إحدى اإلمكانات العدٌدة‪ .‬و هذا ما أطلق علٌه اسم (انهٌار‬
‫الدالة الموجٌة)‪.‬‬

‫إن اإلنسان لم ٌعد ذلك الكابن المؽلوب على أمره كما صورته الفٌزٌاء الكالسٌكٌة‪ .‬ولم ٌعد‬
‫الكون بالكامل قابم على السببٌة والحتمٌة‪ ,‬كما تصور فٌزٌابٌوا ما قبل الكم‪ .‬إن عقولنا تلعب دور‬
‫ربٌسً فً تشكٌل وترتٌب الطبٌعة الجمٌلة التً نراها‪ ,‬وذلك عندما ٌقوم الوعً بتحوٌل الواقع‬
‫المتراكب إلى الحقٌقة التً نراها ونحس بها‪ .‬إن مٌكانٌكا الكم ال تنكر مبدأي السببٌة والحتمٌة‬
‫بشكل مطلق‪ ,‬ولكن ترى بؤن لهما حدود فً العالم الكوانتً‪ .‬كذلك ال تقدم مٌكانٌكا الكم حل‬
‫رسمً حول مشكلة (العقل – الجسد)‪ ,‬على الرؼم من انه توجد الٌوم محاوالت ال بؤس بها لحل‬
‫تلك المشكلة عن طرٌق نتابج مٌكانٌكا الكم‪ ,‬لكنها تعطٌنا عالقة الوعً بالواقع إلى حد ما‪ .‬ان‬
‫العالم كما تصوره لنا تلك النظرٌة بالنسبة للوعً‪ ,‬مثل الصخرة الكبٌرة بالنسبة للنحات‪,‬‬
‫فالصخرة تحمل عدد ال متناهً من األشكال فً نظر النحات‪ ,‬وله الحرٌة فً اختٌار أحد تلك‬
‫األشكال‪ .‬بالمثل ٌحمل العالم الخارجً عدد ال متناهً من األشكال فً نظر الوعً‪ ,‬وله الحق‬
‫(الوعً) فً تشكٌل ما ٌرٌد‪.‬‬
‫هامش الفصل السادس‬
‫]‪ [1‬مع القفزة الكمومٌة‪ ,‬فرٌداالن وولؾ‪ ,‬ترجمة‪ :‬أحمد السمان‪( ,‬دمشق‪ :‬دار طالس للدراسات‬
‫والترجمة والنشر‪ ,‬الطبعة األولى‪.)0551 ,‬‬
‫المراجع‬

‫أوال‪ :‬المراجع العربٌة‬

‫‪ -1‬الدكتور فخري إسماعٌل حسن‪ ,‬مقدمة في الفيزياء الحديثة‪ ,‬دار المرٌخ للنشر‪.0551 ,‬‬

‫‪ -2‬الدكتور محمد عابد الجابري‪ ,‬مدخل الى فلسفة العلوم‪ :‬العقالنية المعاصرة وتطور الفكر‬
‫العلمي‪ ,‬مركز دراسات الوحدة العربٌة‪ ,‬الطبعة السادسة‪.6002 ,‬‬

‫ثانٌا‪ :‬مراجع مترجمة إلى العربٌة‬

‫‪ -1‬رتشارد فاٌنمان‪ ,‬عجائب الضوء والمادة تجريبيا وتأويال‪ ,‬ترجمة‪ :‬األستاذ الدكتور أدهم‬
‫السمان‪ ,‬مإسسة الكوٌت للتقدم العلمً‪ ,‬الطبعة االولى ‪.0553‬‬

‫‪ -2‬برٌان ؼرٌن‪ ,‬الكون األنيق‪ ,‬ترجمة‪ :‬الدكتور عبدالحلٌم منصور ‪/‬الدكتور نضال شمعون‪,‬‬
‫مإسسة الكوٌت للتقدم العلمً‪ ,‬الطبعة االولى‪.6001 ,‬‬

‫‪ -3‬ناثان سبٌلبرج ‪ /‬برٌون د‪ .‬أندرسون‪ ,‬سبع أفكار هزت العالم‪ ,‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد عبدالحمن‬
‫جوهر‪ ,‬مإسسة الكوٌت للتقدم العلمً‪ ,‬الطبعة االولى‪.6006 ,‬‬

‫‪ -4‬ستٌفن واٌنبرغ‪ ,‬أحالم الفيزيائيين بالعثور على نظرية نهائية جامعة شاملة‪ ,‬ترجمة‪ :‬أدهم‬
‫السمان‪ ,‬دار طالس للدراسات والترجمة والنشر‪ ,‬الطبعة االولى‪.0553 ,‬‬

‫‪ -5‬ستٌفن هوكنػ‪ ,‬موجز تاريخ الزمن من االنفجار األعظم الى الثقوب السوداء‪ ,‬ترجمة‪ :‬أدهم‬
‫السمان‪ ,‬دار طالس للدراسات والترجمة والنشر‪ ,‬الطبعة الثانٌة‪.0551 ,‬‬

‫‪ -6‬بول دٌفٌس‪ ,‬العوالم األخرى صورة الكون والوجود والعقل والمادة والزمن في الفيزياء‬
‫الحديثة‪ ,‬ترجمة‪ :‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬حاتم النجدي‪ ,‬مراجعة د‪ .‬أدهم السمان‪ ,‬قدم له‪ :‬العماد مصطفى‬
‫طالس‪ ,‬دار طالس للدراسات والترجمة والنشر‪ ,‬الطبعة الثالثة‪.6002 ,‬‬

‫‪ -7‬فرٌدالن وولؾ‪ ,‬مع القفزة الكمومية‪ ,‬ترجمة‪ :‬أدهم السمان‪ ,‬دار طالس للدراسات والترجمة‬
‫والنشر‪ ,‬الطبعة األولى‪.0551 ,‬‬

‫ثالثا‪ :‬المراجع األجنبٌة‬

‫‪1- David J. Griffiths, Introduction to Quantum Mechanics, Prentice hall,‬‬


‫‪2nd edition, 2005.‬‬

‫‪2- Eisberg and R. Resnick, Quantum Physics of Atoms, Molecules, Nuclei‬‬


‫‪and Particles, John Wiley, 2nd edition, 1985.‬‬
3- Stephen Gasiorowicz, Quantum Physics, John Wiley, 3rd edition, 2003.

4- Quantum mechanics Demystified, David Mcmahon, Mcgraw-Hill,


2006.

5- Kennth Kran, Modern Physics, John Wiley, 2nd edition, 1996.

6- Arthur Beiser, concepts of modern physics, Tata Mcgraw-Hill, Sixth


edition, 2003.

7- Young & Freedman, University Physics volume 3, Addison Wesley,


11th edition, 2004.

8- Stephen Hawking, Black Holes and baby Universes and Other essays,
Bantam Books, 1993.

Wikipedia ‫ مراجع من الموسوعة االلكترونٌة الحرة وٌكٌبٌدٌا‬:‫رابعا‬

You might also like