Professional Documents
Culture Documents
discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.net/publication/215542547
ﻣ ﻴ ﻜ ﺎ ﻧ ﻴ ﻜ ﺎ ا ﻟ ﻜ ﻢ ﻳ ﻦ ا ﻟ ﻔ ﻠ ﺴ ﻔ ﺔ وا ﻟ ﻌ ﻠ ﻢ
READS
2,839
ٌوسؾ البناي
المحتوٌات
القسم األول :موجز لتطور نظرٌة الكم
مقدمة
مقدمة
مقدمة
مقدمة
مقدمة
مقدمة
لكن نظرٌة الكم لها وجهة نظر أخرى بهذا الشؤن .إن الراصد الذي ٌقوم بعمٌلة الرصد فً
المستوى المجهريٌ ,خلق ثم ٌرى ما خلق .هذا ما تقوله لنا نظرٌة الكم ,إن الطبٌعة فً أعمق
أعماقها ؼٌر محددة سلفا ,بل تنتظر راصدا ما لٌقوم بعمٌلة الرصد وٌحدد وضعا معٌنا للواقع!.
وهناك من الفٌزٌابٌٌن من ٌذهب أبعد من ذلك وٌرى بؤن الواقع ال وجود له بدون المشاهد
الواعً!! ,وهذا ٌذكرنا بمذهب وحدة الوجود القدٌم قدم اإلنسان.
هناك الكثٌر بدون شك من الفالسفة والمتصوفة الشرقٌٌن منهم والؽربٌٌن من افتتن بمذهب وحدة
الوجود ,وقد أجهد بعضهم أنفسهم بتؤلٌؾ كتب عدٌدة فً ذلك المذهب .لكن مهما بلػ عدد
المإمنٌن بهذا المذهب ومهما بلػ عدد الكتب التً أولفت به ,تبقى الحجج واألفكار التً قٌلت به
مبنٌة على أراء شخصٌة أو عقابد دٌنٌه أو أراء فالسفة حلموا بعالم مثالً .لكن الوضع مع
نظرٌة الكم مختلؾ كثٌرا ,إن كنت اآلن تجلس و بجوارك تلفاز أو كمبٌوتر أو هاتؾ نقال أو
حتى منزلً ,فؤن كل هذه األشٌاء قامت باألساس على نظرٌة الكم ,أو الفهم الدقٌق لسلوك
الذرات .لذلك علٌنا أن نضع نتابج وتبعات هذه النظرٌة على محمل الجد .فمعظم الفٌزٌابٌٌن
بحسب معرفتً لٌست لدٌهم عقٌدة معٌنه أو مزاج شخصً معٌن حتى ٌقولوا كالما ٌشبه الخرافة
أو الخٌال العلمً .إن بعض اآلراء التً ستراها فً هذا الكتاب ,ستبدو لك ؼٌر علمٌه أوكؤنها
من شطحات العلم أو الجنون العلمً .لكن ضع فً ذهنك دابما ,بؤن هذه اآلراء تؤتً من صمٌم
التجارب ذاتها ,كما سنرى.
لم ٌكن أمام فٌزٌابٌوا القرن العشرٌن خٌارات كثٌرة لٌبنوا صورة سٌر الكون من حولهم ,فإما
قبول صورة الكون اآللٌة كما صورها نٌوتن و البالس ,أو قبول الثورة الكمومٌة الجدٌدة .واآلن
وبعد مرور أكثر من قرن من الزمان على اكتشاؾ نظرٌة الكم ,ما زال الكثٌر من الفٌزٌابٌٌن
ٌعٌدون النظر فً كل النتابج الؽرٌبة التً تتولد من بٌن ثناٌاها.
ٌعرض هذا الكتاب تارٌخ تطور نظرٌة الكم ,منذ اكتشاؾ بالنك حتى نظرٌة العوالم المتعددة .و
ال ٌخلوا هذا الكتاب من المعادالت الرٌاضٌة الموجزة نسبٌا ,لفهم النظرٌة بشكل واضح وجٌد
على المستوى الرٌاضً .لذلك ٌجب على القارئ أن ٌكون ملم بمبادئ الرٌاضٌات ,لٌس أكثر
من حساب التفاضل والتكامل .وكل ما هو معقد رٌاضٌا فً هذه النظرٌة ال ٌدخل ضمن هذا
الكتاب ,وقد ٌكون هذا الكتاب مفٌد لمن هو مقبل على دراسة الفٌزٌاء الحدٌثة .بعد االنتهاء من
الجانب العلمً سننتقل إلى الجانً الفلسفً ,وال ٌعنً هذا بؤن النظرٌة قد نشؤت على جانبٌن ,بل
كل ما فً األمر أنها قد وجدت نفسها بال حول وال قوة أمام الفلسفة.
أخٌرا سوؾ أكون ممتنا لمن ٌكتب رأٌه أو مالحظاته بخصوص هذا الكتاب على البرٌد
االلكترونً التالً:
yousifalbanay@hotmail.com
ٌوسؾ البناي
القسم األول
موجز لتطور نظرٌة الكم
الفصل األول
بزوغ فكرة التكمٌم أو حل مشكلة الجسم األسود
مقدمة
كانت آلٌة عمل الكون حتى نهاٌة القرن التاسع عشر تعمل على أروع ما ٌمكن ,فبضل أعمال
نٌوتن والعمالقة الذٌن سبقوه ,صارت آلٌة عمل الكون مفهومة جٌدا ,وال شًء فٌها ٌدعوا للقلق.
إن كل ما نحتاجه لمعرفة حالة الكون المستقبلٌة ,هو معرفة شروطه االبتدابٌة فقط .لقد بات
الكون أشبه بآله عمالقة ,تعمل بدقة الساعة ,ال ٌصٌبها الخلل وال الملل منذ أن أطلقت للعمل.
فإذا ما علمنا عن موضع وسرعة كوكب أو نجم ما أو حتى ذرة شاردة فً الكون فً لحظة
معٌنه ,فانه بإمكاننا تحدٌد كل حركاته المستقبلٌة تحدٌدا دقٌقا ,بشرط أن نؤخذ فً الحسبان جمٌع
التؤثٌرات الخارجٌة .بهذه الطرٌقة نستطٌع من حٌث المبدأ بواسطة استخدام قوانٌن الفٌزٌاء
تحدٌد حالة كل ما فً الكون ,من اكبر مجراته إلى اصؽر ذراته .عندها ستكون صورة الكون
المستقبلٌة ماثلة أمام أعٌننا ,تماما كالماضً .وفً ذلك ٌقول الرٌاضً الالمع البالس:
( ٌجب أن ننظر إذن ,إلى الحالة الراهنة للكون كنتٌجة لحالته السابقة وكسبب لحالته الالحقة.
فلو أن عقال ٌمكنه أن ٌعرؾ ,فً لحظة من اللحظات ,جمٌع القوى التً تحرك الطبٌعة ,وكل
األوضاع المتتالٌة التً تتخذها فٌها الكابنات التً تتؤلؾ منها -أي الطبٌعة , -ولو أن هذا العقل
نفسه هو من االتساع والشمول بحٌث ٌمكنه أن ٌخضع هذه المعطٌات للتحلٌل ,فانه سٌكون قادرا
على أن ٌضم فً عبارة رٌاضٌة واحدة حركات أكبر األجسام فً الكون وحركات اصؽر و أدق
الذرات ,فال شًء ٌكون بالنسبة إلى هذا العقل موضع شك ,أن الماضً والمستقبل سٌكونان,
كالهما ,حاضرٌن أمام عٌنٌه )*
لكن هذه الصورة الجمٌلة للكون لم تدم طوٌال .لقد ظهرت مشكلتان شوهتا معالم تلك الصورة
الرابعة ,وباتت قوانٌننا العظٌمة ؼٌر قادرة على التوافق مع نتابج تلك المشكلتان .تعرؾ الٌوم
تلك المشكلتان باسم :معضلة الجسم األسود ,والتؤثٌر الكهروضوبً .لقد كان حل هاتٌن
المعضلتٌن بداٌة لثورة وانطالقة جدٌدة فً دنٌا العلم ,ؼٌرت نظرتنا المعتادة إلى ذاك الكون
اآللً إلى األبد.
* أخذنا هذه الترجمة من كتاب ,مدخل إلى فلسفة العلوم ,العقالنٌة المعاصرة وتطور الفكر العلمً ,الدكتور محمد عابد
الجابري (بٌروت :مركز دراسات الوحدة العربٌة ,الطبعة السادسة)6002 ,
1-1ما الجسم األسود؟
كل األجسام المحٌطة بك بما فٌهم أنت ,تطلق إشعاع ٌسمى (اإلشعاع الحراري) ,بشرط أن
تمتلك تلك األجسام درجة حرارة أعلى من الصفر المطلق .هذا اإلشعاع الحراري هو إشعاع
كهرومؽناطٌسً عادي (ضوء) .تعتمد كمٌة ونوعٌة هذا اإلشعاع بشكل ربٌسً على درجة
حرارة الجسم المشع ,فالجسم الذي ٌمتلك درجة حرارة عالٌةٌ ,كون لدٌة تردد عالً ] [1أو
طاقة عالٌة ,وطول موجً ] [2قصٌر ,والعكس صحٌح.
إن كل األجسام الحرارٌة ال تسخن من تلقاء ذاتها لكً تطلق إشعاع كهرومؽناطٌسً ,بل تحتاج
إلى مصدر خارجً ٌعطً ذرات الجسم طاقة حركٌة .فالحرارة لٌست سوى تحرك جزٌبات أو
ذرات الجسم .إحدى طرق إثارة ذرات الجسم وإعطابها طاقة حركة تتم بواسطة تسلٌط ضوء
خارجً علٌه ,حٌث تقوم ذرات الجسم بامتصاصه ومن ثم إطالق اإلشعاع الحراري .إذن بهذه
الطرٌقة ٌعتمد اإلشعاع الحراري لألجسام ,على التركٌبة الداخلٌة لألجسام نفسها ,وقدرتها على
امتصاص األشعة الساقطة علٌه.
ال ٌوجد جسم قادر على امتصاص األشعة الساقطة علٌه ومن ثم إطالقها بشكل كامل ,سوى
جسم واحد ,وهو الجسم األسود .جمٌع األجسام تمتص األشعة الساقطة علٌها ولكن فً نفس
الوقت تعكس وتمرر البعض األخر منها .لكن الجسم األسود ال ٌعكس وال ٌمرر أي شًء من
األشعة ,بل ٌقوم بامتصاصها بشكل كامل ,لذلك ٌطلق علٌه اسم الجسم األسود.
ولكن كٌؾ ٌمكننا الحصول على مثل هذا الجسم فً المختبر .فً الحقٌقة فكرته بسٌطة جدا,
نستخدم فرن أو تجوٌؾ داخلً ,كما هو موضح بالشكل ( .)1-1تقوم الفكرة على إسقاط أشعة
كهرومؽناطٌسٌة من فتحة التجوٌؾ ,وبعد دخولها ستقوم بسلسلة من االنعكاسات الداخلٌة ,وكلما
شكل )(1-1
تقوم فكرة عمل الجسم األسود على إرسال شعاع ضوبً من فتحة صؽٌرة ,وبعدها ٌقوم بانعكاسات كثٌرة ,مما ٌإدي فً
النهاٌة إلى امتصاص وطالق كاملٌن لإلشعاع.
سقط اإلشعاع على جزء داخل التجوٌؾٌ ,قوم هذا الجزء بامتصاص كمٌة من اإلشعاع
الكهرومؽناطٌسً .ولما كانت فرصة خروج اإلشعاع من الفتحة ضبٌلة جدا ,سٌمتص اإلشعاع
فً النهاٌة بالكامل ,ومن ثم ٌطلق بالكامل ,ونحصل بهذه الطرٌقة على الجسم األسود.
إن موضع االهتمام فً دراسة الجسم األسود ,هو خصابص اإلشعاع المنبعث منه ,كالشدة و
التردد والطول الموجً .لقد استحوذ هذا الموضوع على اهتمام كثٌر من الفٌزٌابٌٌن فً نهاٌة
القرن التاسع عشر وبداٌة القرن العشرٌن.
كانت المشكلة الربٌسة تكمن فً شرح خطوط الطٌؾ ] [3المنبعثة من الجسم األسود .فقد كان
معروفا آنذاك أن األشعة الكهرومؽناطٌسٌة تصدر بشكل مستمر .هذا ٌعنً أن طاقة أو تردد
اإلشعاع تزداد بزٌادة التسخٌن .لكن ما تم مالحظته تجرٌبٌا كان مقلقا للؽاٌة ,فبزٌادة التسخٌن
تزداد طاقة اإلشعاع المنبعث حتى تصل إلى قٌمة عظمى معٌنه ,ثم تبدأ بعدها بالنزول السرٌع.
ٌمثل الشكل ( )1-2العالقة بٌن طٌؾ اإلشعاع 𝜆 ,والطول الموجً عند درجات حرارة
مختلفة .حٌث نالحظ أن طٌؾ اإلشعاع ٌزداد طردٌا مع الطول الموجً ,حتى ٌصل إلى قٌمة
𝜆 ثم ٌبدأ بعدها بالنزول السرٌع .وعند ارتفاع درجات الحرارة ٌزداد ارتفاع القمة عظمى
فقط ,ولكن فً النهاٌة تهبط مرة اخرى وهكذا.
ودرجة ,وهً وجود تناسب عكسً بٌن هناك عالقة تجرٌبٌة اكتشفها فٌن
الحرارة :
𝜆
أي أن حاصل ضرب طول الموجة العظمى فً درجة الحرارة ٌعطً دابما ثابت تجرٌبً.
. وتسمى تلك العالقة األخٌرة بقانون فٌن لإلزاحة
إن تعرٌؾ طٌؾ اإلشعاع على انه الطاقة الصادرة من وحدة المساحة فً وحدة الزمن فً المدى
𝜆ٌ ,عنً أن هذه الطاقة صادرة فً مدى طول موجً أو تردد معٌن ,ولٌس عند جمٌع 𝜆
األطوال الموجٌة أو الترددات ,لذلك إذا أردنا الحصول على الطاقة الكلٌة من وحدة المساحة فً
ٌ ,جب أن نقوم بتكامل طٌؾ وحدة الزمن ,والتً تسمى بشدة اإلشعاع الكلٌة
اإلشعاع على جمٌع األطوال الموجٌة:
= w/
شكل )(1-2
موازي للحابط .باستخدام خواص الموجات الكهرومؽناطٌسٌة ,نجد أن األشعة المنتشرة فً
. و ,حٌث ٌنعدم المجال الكهربابً عند المحور توجد لها عقدتان
وٌنطبق ذلك أٌضا على المحوران و .
إذا سلمنا اآلن بؤن األمواج الكهرومؽناطٌسٌة الموجودة داخل الصندوق موقوفة ,فٌجب أن تتخذ
أطوال أمواجها قٌما معٌنه تحقق العالقة التالٌة:
) (
.أي نحتاج إلى أعداد صحٌحة من أنصاؾ األطوال الموجٌة ,حتى حٌث .
ٌتسنى للموجة أن تدخل داخل الصندوق .والموجات التً ال تحقق المعادلة ) (1- 4تتالشى
ٌ .وضح الشكل ) (1-4بعض الموجات بتداخالت هدامة
الموقوفة باتجاه محور لثالث قٌم مختلفة.
باستخدام قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة والنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة ,اشتق راٌلً وجٌنز المعادلة
النهابٌة لطاقة الجسم األسود كدالة فً التردد ودرجة الحرارة :T
̅
∫
̅
∫
هً كثافة الطاقة وتسمى هذه العالقة بقانون راٌلً – جٌنز إلشعاع الجسم األسود,
وهً طاقة جزبٌة .لذلك وللحصول على كثافة الطاقة الكلٌة نقوم بتكامل
كثافة الطاقة على جمٌع الترددات:
∫
وترتبط هذه العالقة بشدة اإلشعاع الكلٌة ,المعادلة ) ,(1-3على النحو التالً:
لكن هل تستطٌع العالقة ) (1-7تفسٌر النتابج التجرٌبٌة إلشعاع الجسم األسود .لبٌان ذلك دعنا
نرى الشكل ) ,(1-5والذي ٌوضح مقارنة بٌن قانون راٌلً – جٌنز وكثافة الطاقة إلشعاع الجسم
شكل )(1-5
مقارنة بٌن قانون راٌلً -جٌنز وشدة اإلشعاع كما تعطى تجرٌبٌاٌ .بٌن الشكل كٌؾ أن قانون راٌلً – جٌنز ٌذهب
إلى الالنهاٌة مع ارتفاع طاقة اإلشعاع مما ٌنبا بكارثة فوق البنفسجً.
األسود كما تعطٌها التجارب المخبرٌةٌ .تضح مباشرتا بؤن هناك اختالؾ بٌن قانون راٌلً –
جٌنز وكثافة الطاقة المعطاه تجرٌبٌاٌ .تنبؤ قانون راٌلً – جٌنز باستمرار كثافة الطاقة مع
نقصان الطول الموجً ,بٌنما نرى أن المعطى تجرٌبٌا ٌصل إلى قٌمة عظمى معٌنة ثم ٌبدأ
بعدها بالنزول السرٌعٌ .تفق قانون راٌلً – جٌنز بصورة ممتازة مع الطاقات المنخفضة أو
األطوال الموجٌة الطوٌلة ,لكن بزٌادة الطاقة وانزٌاح األطوال الموجٌة نحو األشعة فوق
البنفسجٌةٌ ,بدأ االختالؾ بٌن النظرٌة والتجربة بالظهور.
لو أخذنا تكامل العالقة ) (1-7على جمٌع الترددات ,وذلك للحصول على الطاقة الكلٌة ,سنجد
بؤن الناتج كمٌة ال نهابٌة ! وهذا بالتؤكٌد ال ٌطابق التجربة وال الواقع .لقد أطلق على هذه
المشكلة اسم (كارثة فوق البنفسجً) .ultraviolet catastropheوهذا ٌدل على وجود
عٌوب نظرٌة فً قانون راٌلً – جٌنز.
ظلت معضلة الجسم األسود قابمة بدون تفسٌر حتى عام ,0500حٌنما أتت أول حركة رادٌكالٌة
على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة .كان صاحبها ٌرى وجوب تقدٌم تفسٌر نظري بؤي وسٌلة ومهما كان
بوجوب انتهاج الثمن ؼالٌا على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة .هكذا أمن ماكس بالنك
أفكار جدٌدة لحل المعضلة وحسب قوله:
(فعل الٌؤس........البد من تقدٌم تفسٌر نظري مهما بلؽت التكلفة و بؤي ثمن)].[4
3-1بالنك ٌتفادى المشكلة أو ٌطلق أول رصاصة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة
شكلت نظرٌة راٌلً – جٌنز صدمة لمجتمع الفٌزٌابٌٌن آنذاك ,فعلى الرؼم من استخدام قوانٌن
الفٌزٌاء الكالسٌكٌة والنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة لتفسٌر إشعاع الجسم األسود ,وافتراض أن هذا
اإلشعاع ناتج عن الحركة االهتزازٌة لاللكترونات الموجودة فً جدار الجسم ,إال أن كل ذلك لم
ٌنجح فً تفسٌر إشعاع الجسم األسود .فؤٌن الخلل إذن؟ أفً النظرٌة أم فً قوانٌن الفٌزٌاء
الكالسٌكٌة؟
فً عام ,0500أتى ماكس بالنك لٌجٌب على هذا السإال؟ لقد اكتشؾ بالنك أن الخطؤ ٌكمن فً
استخدام راٌلً وجٌنز متوسط الطاقة الكلٌة من المعادلة ) .(1-7كانت المالحظة المهمة أن
حساب متوسط الطاقة من هذه المعادلة األخٌرة ٌعتمد فقط على درجة الحرارة .رٌاضٌا نقول,
طالما أن هذه المعادلة ال تعمل إال فً الطاقات المنخفضة جدا ,إذن نستطٌع كتابة أن:
→
ولقد الحظنا من قبل أن كثافة الطاقة الكلٌة إلشعاع الجسم األسود ,تزداد بزٌادة التردد ,حتى
تصل إلى قٌمة عظمى ثم تبدأ بعدها بالنزول السرٌع كما هو موضح بالشكل ) .(1-5أي أن:
→
استنتج بالنك من ذلك أن متوسط الطاقة الكلٌة ٌجب أن ٌعتمد على التردد ,ال على درجة
الحرارة .لم ٌجد بالنك نفسه إال أمام خٌار واحد ,وهو افتراض ان الطاقة الكلٌة للموجات
الموقوفة ال تؤخذ إال قٌما منفصلة من الطاقة .وهذا مخالؾ بشكل واضح لما جابت به النظرٌة
الكهرومؽناطٌسٌة من أن الطاقة دابما متصلة.
ٌتفق بالنك مع نظرٌة راٌلً – جٌنز فً أن سبب الموجات الموقوفة هً المهتزات التوافقٌة
للجسٌمات المشحونه الموجودة فً جدار الجسم األسود .لكن االختالؾ بٌنهما كان حول ماهٌة
االشعاع .نجد فً نظرٌة راٌلً -جٌنز أن اإلشعاع متصل ,بٌنما نجد فً نظرٌة بالنك أن
االشعاع منفصل .طالما أن اإلشعاع منفصل ,إذن ٌجب أن ٌكون مسبب هذه اإلشعاع هو األخر
منفصل أٌضا .أي أن طاقة المهتزات الذرٌة فً جدران الجسم األسود ٌجب أن تؤخذ قٌما
منفصلة .وجد بالنك أن قٌمة هذه الطاقة تساوي:
بهذه المعادلة الصؽٌرة ,أدخل بالنك الفٌزٌاء إلى عهد جدٌد .اذ مثلت هذه المعادلة مٌالد العصر
الكمومً .لقد افترض بالنك وألول مرة أن الطاقة تؤخذ قٌما منفصلة تسمى (كوانتا) .Quanta
,وٌعد اآلن ,على الرؼم الموجود فً المعادلة أعاله ٌسمى ثابت بالنك
من قٌمته الصؽٌرة جدا من أشهر الثوابت الفٌزٌابٌة ,وقٌمته تساوي:
و عدد صحٌح,أي
∑
̅
∑
̅
̅
وتسمى هذه العالقة الشهٌرة بقانون بالنك إلشعاع الجسم األسود .وتتفق هذه العالقة بصورة
مذهلة مع النتابج التجرٌبٌة ,كما هو موضح بالشكل ).(1-6
شكل )(1-6
مقارنة بٌن قانون بالنك و راٌلً – جٌنز .النتابج التجرٌبٌة (النقاط) تتفق بشكل مثٌر مع قانون بالنك.
لم ٌتنبؤ قانون بالنك مع النتابج التجرٌبٌة وحسب ,بل استطاع أن ٌبٌن بؤن كل القوانٌن السابقة
علٌه ,والتً حاولت تفسٌر إشعاع الجسم األسود كانت حالة خاصة لقانونه .فلكً نحصل على
قانون فٌن لإلزاحة ,المعادلة ) (1-1نقوم باشتقاق المعادلة ) (1-16ومن ثم نساوٌها بالصفر,
.وإلٌجاد قانون ستٌفان – بولتزمان ,المعادلة ),(1-3 وذلك إلٌجاد القٌمة العظمى ,أي
نقوم بتكامل المعادلة ) (1-16على جمٌع األطوال الموجٌة ,ولكنه تكامل صعب بعض الشًء.
أخٌرا بالنسبة لقانون راٌلً – جٌنز ,فقد بٌنا فٌما سبق أن متوسط الطاقة والذي استخدم من قبل
راٌلً و جٌنز ٌعطى بالعالقة ) ,(1-6ولكن كما رأٌنا من قبل أن هذا القانون ال ٌتفق اال مع
الترددات المنخفضة ,أما فً الحالة العامة فٌجب استخدام المعادلة ) .(1-12نستطٌع اآلن كتابة
العالقة التالٌة فً حالة الترددات المنخفضة:
= ⇒
عندما تكون قٌمة 𝜆 كبٌرة جدا أي طاقة منخفضة ,سٌإدي ذلك الى تصؽٌر قٌمة eفً
المعادلة ) .(1-16و بعدها ٌمكننا استخدام التقرٌب الرٌاضً التالً:
,وبالتعوٌض فً المعادلة ) (1-16نحصل على قانون راٌلً – جٌنز .إن قانون حٌث
راٌلً – جٌنز ال ٌحتوي على الثابت الكمومً ,لذلك فً حالة الطاقات المنخفضة ٌكون
التؤثٌر الكمومً ؼٌر مهم ,وٌمكن استخدام قانون راٌلً – جٌنز .أما عندما تبدأ طاقات اإلشعاع
باالرتفاع ٌبدأ التؤثٌر الكمومً بالدخول وٌلعب الثابت دورا هاما ,وهذا هو جوهر االختالؾ
بٌن النظرٌتان.
الشك أن فكرة التكمٌم التً أدخلها بالنك إلى المجتمع الفٌزٌابً كانت دخٌلة علٌهم .لذلك لم
تالقً قبوال واسعا فً البداٌة ,بل إن بالنك نفسه أصبح متحفظا على نظرٌته .فال ٌوجد شًء
تجرٌبً ٌثبت أن اإلشعاع الحراري ٌتصرؾ بشكل متقطع .إذ أن كل ما قام به هو بناء صرؾ
لنظرٌة رٌاضٌة تتفق مع التجربة فحسب.
لكن األوان قد فات ,وهو بنظرٌته تلك قد أطلق أول رصاصة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة .لقد
بدل فكرة االستمرار المقبولة لدى جمٌع الفٌزٌابٌٌن بفكرة التقطٌع الدخٌلة على مجتمعهم المتحفظ
على عاداته وتقالٌده.
بعد خمس أعوام من نظرٌة بالنك ,كان المجتمع الفٌزٌابً على موعد للقاء فٌزٌابً دخٌل أخر
.لم ٌحاول ذاك الدخٌل إبطال أو برهنة نظرٌة ٌدعى ألبرت أٌنشتٌن
الشخص الذي أصبح صدٌقه الحمٌم فٌما بعد ,بل كل ما فعله هو استعارة المسدس منه وإطالق
الرصاصة الثانٌة على المٌكانٌكا الكالسٌكٌة.
4-1مشكلة التؤثٌر الكهروضوبً
التؤثٌر الكهروضوبً هو ببساطة إطالق مجموعة من االلكترونات عند سقوط أشعة
كهرومؽناطٌسٌة على أسطح بعض المعادن .كان أول من الحظ هذه الظاهرة هو هرتز Hertz
بٌن عامً 0442و 0443بطرٌقة ؼٌرة مباشرة ,وهو ٌعمل حول تجاربه المشهورة فً
اكتشاؾ الموجات الكهرومؽناطٌسٌة التً تنبؤ بها ماكسوٌل .Maxwellفقد تبٌن له أن سقوط
األشعة فوق البنفسجٌة على أنبوبة التفرٌػ الكهربابً ٌسهل عملٌة التفرٌػ .بالطبع لم ٌكن هرتز
على علم بؤن هناك جسٌمات مشحونة تنطلق من السطح تسمى الكترونات .بل تم ذلك بعد
لإللكترون عام ,0453حٌث تمكن لٌنارد اكتشاؾ جوزٌؾ طومسون
عن كشؾ هوٌة هذه الجسٌمات وهً االلكترونات ,وأطلق على هذا الـتؤثٌر اسم
. التؤثٌر الكهروضوبً
ٌبٌن الشكل ) (1-7الجهاز المستخدم فً تجربة الـتؤثٌر الكهروضوبًٌ .تكون الجهاز بشكل عام
من الخلٌة الكهروضوبٌة و التً تحتوي على سطح معدنً ٌسمى الكاثود ,وهو سالب الجهد
الكهربابً ,وسطح معدنً أخر ٌسمى األنود وهو موجب الجهد الكهربابًٌ .تم وضع المعدنٌٌن
داخل وعاء زجاجً مفرغ تماما من الهواء ,و مزود بنافذة من الكوارتز ,وذلك الن الزجاج
ٌمتص معظم األشعة قبل وصولها إلى سطح المعدنٌ .تصل كل من سطحً المعدن بؤمٌتر
وفولتمٌتر لقٌاس شدة التٌار وفرق الجهد على التوالًٌ .وجد كذلك مصدر للطاقة الكهربابٌة
وذلك لخلق مجال كهربابً ٌتجه من األنود إلى الكاثود .أٌضا هناك مفتاح عاكس للجهد
الكهربابً ,اي قادر على قلب اتجاه المجال الكهربابً وذلك ألؼراض تجرٌبٌة كما سنرى.
ٌ عتمد إطالق االلكترونات من السطح المعدنً على التردد او طول موجة اإلشعاع
شكل )(1-7
هناك عالقة طردٌة بٌن التٌار الكهربابً إن وجد و شدة الضوء] [5الساقط ,وذلك عند
ثبات تردد الضوء وفرق الجهد بٌن اللوحٌن الكاثود واألنود.
عند زٌادة الجهد السالب على لوح الكاثود ,تردد بعض االلكترونات ذات الطاقة
المنخفضة إلى الوراء ,وال تصل إلى األنود ,مما ٌإدي إلى نقصان فً شدة التٌار
.وإذا ما الكهربابًٌ .سمى هذا الجهد ب (جهد اإلرجاع)
زٌد هذا الجهد تدرٌجٌا سٌصل إلى قٌمة معٌنه ,تنعدم عندها شدة التٌار الكهربابً ,أي
ٌتوقؾ سرٌان االلكتروناتٌ .سمى الجهد فً هذه الحالة ب (جهد اإلٌقاؾ)
,وٌرمز له بالرمز .من الممكن ان تتم هذا العملٌة
أٌضا بعكس اتجاه المجال الكهربابً بواسطة المفتاح الكهربابً.
, هناك عالقة رٌاضٌة كالسٌكٌة بٌن طاقة الحركة العظمى لإللكترونات ,وجهد اإلٌقاؾ
تعطى كالتالً:
كان من المتوقع أن تفسر هذه العالقة جمٌع نتابج التجربة ,لكن ظلت هناك عدة نقاط فشلت فً
تفسٌرها .أوال :تعتمد طاقة الحركة العظمى لاللكترونات على تردد الضوء الساقط ال على
شدته .ثانٌا :وجود حد أدنى من التردد (تردد العتبة) ,بحٌث ال تنطلق االلكترونات إذا كان تردد
الضوء الساقط أقل منه .ثالثا :الفترة الزمنٌة بٌن سقوط األشعة الضوبٌة على سطح المعدن
وصدور االلكترونات فترة أنٌة ,وهذا ؼٌر متوقع فً ظل قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة .إذ البد
من وجود فارق زمنً ٌعتمد على شدة اإلشعاع الساقط .كٌؾ ٌمكن التؽلب على هذه
الصعوبات ,إن األمر بحاجة إلى حركة رادٌكالٌة أخرى ,شبٌه بحركة بالنك.
افترض اٌنشتٌن أن الضوء ٌتكون من حبٌبات صؽٌرة جدا من الطاقة ,وتكون هذه الطاقة
مكممة ,أي تصدر فً الفراغ وتمتص على هٌبة كمات ,تماما كما افترض بالنك ما ٌحدث فً
ذرات الجسم األسودٌ .طلق على حبٌبات الضوء التً افترضها اٌنشتٌن اسم (الفوتونات)
.كل واحد من هذه الفوتونات ٌحمل طاقة تتناسب مع تردد اإلشعاع ,تعطى
كالتالً:
نالحظ مباشرة أن هذه المعادلة هً نفسها المعادلة ) (1-12التً اقترحها بالنك لحاالت الطاقة
التً تتواجد فٌها المهتزات الذرٌة فً جدران الجسم األسود.
اقترح اٌنشتٌن أن اإللكترون الواحد الموجود فً المعدن ٌقوم بامتصاص فوتون واحد ,ومن ثم
ٌستخدم اإللكترون طاقة الفوتون للتخلص من ارتباطه بسطح المعدن والخروج على هٌبة طاقة
حركة .توصل اٌنشتٌن إلى المعادلة النهابٌة التً تحكم ظاهرة التؤثٌر الكهروضوبً ,وهً:
حٌث تسمى دالة الشؽل ,وهً تعبر عن مدى ارتباط اإللكترون بسطح المعدن .ترتبط دالة
الشؽل بتردد العتبة بالعالقة التالٌة:
وهذه العالقة تفسر لماذا كان تردد العتبة هو أقل تردد ممكن لنزع اإللكترون من موقعه فً
الذرة ,دون إعطابه أي طاقة حركة.
بهذه االفتراض البسٌط تؽلب اٌنشتٌن على جمٌع المشاكل التً واجهت النظرٌة الكالسٌكٌة.
أوال :طاقة الحركة العظمى لاللكترونات تعتمد على تردد الضوء الساقط ال على شدته .إن طاقة
اإللكترون تعتمد على طاقة الفوتون ,وهذا بدوره ٌعتمد على تردد الضوء ,أما زٌادة شدة الضوء
فتعنً فقط زٌادة عدد االلكترونات ,لكن إذا كانت هناك شدة بدون تردد عالً ,لن ٌنبعث اي
إلكترون .ثانٌاٌ :فسر تردد العتبة على انه اقل تردد ممكن حتى تخرج االلكترونات من مواقعها
فً السطح المعدنً .ثالثا :تفسر الفترة اآلنٌة بٌن سقوط الضوء وانتزاع االلكترونات بفكرة
الفوتونات ,فالموقؾ هنا ٌشبه ضرب كرة بلٌاردو بؤخرى وتحرٌكها بشكل آنً.
مما هو جدٌر بالذكر هنا ,هو أن اٌنشتٌن لم ٌكن أول من فكر بالضوء على انه سٌل من
الجسٌمات ,بل كان نٌوتن Newtonهو أول من اقترح هذه الفكرة .لكن ماكسوٌل Maxwell
برهن فٌما بعد رٌاضٌا على ان الضوء موجة كهرومؽناطٌسٌة ولها سرعة ثابته فً الفراغ,
وهً سرعة الضوء .وتعتبر هذه القصة مثٌرة جدا بالنسبة لكتاب الفٌزٌاء .فإذا كنت على إطالع
واسع على كتب الفٌزٌاء األدبٌة ,فال بد أنك قد صادفتها كثٌرا .لكن ٌجب أال ٌفهم بؤن نٌوتن قد
وضع فكرة الفوتونات كما فً نظرٌة اٌنشتٌن ,بل كان نوع من الحدس النظري ,إذ ٌختلؾ
الوضع كثٌرا فً عهد اٌنشتٌن ,الذي زادت فٌه التجارب بٌن الضوء والمادة بشكل كبٌر.
لقد كان فشل النظرٌات السابقة فً تفسٌر التؤثٌر الكهروضوبً ونجاح نظرٌة اٌنشتٌن بمثابة
الرصاصة الثانٌة على قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة ,بعد رصاصة بالنك .لقد استخدم االثنان نفس
الدستور وهو:
و من اآلن فصاعدا سنطلق على هذه العالقة اسم دستور بالنك – اٌنشتٌن.
كان اٌنشتٌن ٌعتقد بؤنه ال ٌخالؾ قوانٌن الفٌزٌاء الكالسكٌة أبدا ,بل ٌتممها .لكن سنرى فٌما بعد
وعند االنتقال إلى القسم الفلسفً من هذه النظرٌة ,كٌؾ أن أٌنشتٌن والذي ٌعتبر من المإسسٌن
األوابل لنظرٌة الكم ,بات العدو اللدود لها.
كانت النظرٌة الكالسٌكٌة قادرة على تفسٌر األشعة المنبعثة فً حالت الطاقات المنخفضة
(ترددات منخفضة) ولكن فً حالة الطاقات العالٌة تفشل النظرٌة فً ذلك .فً عام ,0561
استخدم كومتون األشعة السٌنٌة وسلطها على مادة الجرافٌت وذلك لبعثرتها .تعرؾ تلك
. التجربة الٌوم باسم تجربة تؤثٌر كومتون
ٌبٌن الشكل ) (1-8الجهاز المستخدم لبعثرة األشعة السٌنٌةٌ .تكون الجهاز بصورة عامة من
انبوبة لتولٌد األشعة السٌنٌة ,و هو قطعة من الجرافٌت (الهدؾ) ,كذلك ٌوجد جهاز لرصد
األشعة المبعثرة وٌتحرك على مسار دابري.
لم ٌستخدم كومتون قوانٌن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة لتفسٌر نتابج التجربة ,بل وجد ضالته فً
دستور بالنك – اٌنشتٌن .افترض كومتون أن فرض اٌنشتٌن حول طبٌعة الضوء صحٌح .أي
شكل )(1-8
ٌبٌن الشكل ) (1-9رسم تخطٌطً لعملٌة التصادم بٌن فوتون مع احد الكترونات مادة الجرافٌت,
والشكل ) (1-10عبارة عن رسم اتجاهً لمركبات كمٌة الدفع لإللكترون والفوتون بعد عملٌة
التصادم .سنعتبر أن اإللكترون ساكن فً البداٌة ,وهذا التقرٌب ممكن نظرٌا الن طاقة األشعة
السٌنٌة عالٌة جدا بالمقارنه مع طاقة االلكترونات الموجودة فً مادة الجرافٌت.
من مبدأ حفظ الطاقةٌ ,كون الفرق فً طاقة الفوتون مساوٌا لطاقة الحركة التً ٌكتسبها
اإللكترون ]:[6
تعطى العالقة بٌن الكتلة والطاقة وكمٌة الدفع فً المٌكانٌكا النسبٌة كالتالً:
أو
,والدفع االبتدابً لإللكترون هو ,وبعد التصادم إن كمٌة دفع الفوتون قبل التصادم هً
( 0على افتراض انه ساكن) و دفعه بعد التصادم .لذلك ومن الشكل ) (1-10نستطٌع كتابة:
شكل )(1-9
رسم تخطٌطً اتجاهً لتصادم الفوتون مع اإللكترون .حٌث الرسم األعلى للفوتون واألسفل لإللكترون.
و
نعلم أن معادلة الطاقة الكلٌة تعطى بحسب النظرٌة النسبٌة الخاصة كالتالً:
𝜆 𝜆
وهذه هً معادلة كومتون الشهٌرة لالستطارة 𝜆 .طول الموجة المستطارة 𝜆 ,طول الموجة قبل
مقدار ثابتٌ ,سمى بطول موجة كومتون االستطارة,
وٌساوي بالنسبة لإللكترون:
𝜆
وتتفق المعادلة ) (1-32بشكل رابع مع النتابج التجرٌبٌةٌ .بدو أن كل نظرٌة تعتمد على دستور
بالنك -أٌنشتٌن تتؽلب على جمٌع الصعوبات النظرٌة فً التجربة.
كذلك تعتبر نظرٌة كومتون حالة عامة للنظرٌات السابقة لها .لقد وجدنا حسب التفسٌر
الكالسٌكً للظاهرة أن مركبات المجال الكهربابً لألشعة الكهرومؽناطٌسٌة تسقط على المواد
وتجبر االلكترونات على االهتزاز بنفس الطرٌقة وبالتالً إصدار أشعة كهرومؽناطٌسٌة لها
نفس التردد .إن تفسٌر ذلك حسب نظرٌة كومتون سهل للؽاٌة ,وذلك من خالل اعتبار أن
الفوتون قد اصطدمت بالكترونات لها طاقة ربط عالٌة جدا بذراتها ,أي أن الفوتون الواحد قد
اصطدم بالذرة ككل (ذرة الكربون) ولٌس بإلكترون مفرد .لو أبدلنا كتلة اإللكترون فً المعادلة
) (1-32بكتلة ذرة الكربون ,سنجد أن اإلزاحة فً الطول الموجً للفوتون صؽٌرة جدا ,وكؤنها
لم تتؽٌر ,وبالتالً ٌمكن إهمالها .هذا هو تفسٌر النظرٌة الكالسٌكٌة القدٌمة.
نالحظ هنا كٌفٌة إعادة األمور لنفسها ,فلقد وجدنا أن نظرٌة راٌلً – جٌنز حول إشعاع الجسم
األسود ال تعمل إال فً حاالت الطاقة المنخفضة .ثم وجدنا أن نظرٌة بالنك تعمل فً جمٌع
الطاقات ,وبالتالً تكون نظرٌة راٌلً – جٌنز حالة خاصة من نظرٌة بالنك .اآلن وبالمثل تعٌد
القصة ذاتها ,إذ نجد أن النظرٌة الكالسٌكٌة القدٌمة التً حاولت تفسٌر االستطارة تعمل فقط فً
الطاقات المنخفضة (طول موجً عالً) ,وأصبحت اآلن حالة خاصة لنظرٌة كومتون والتً
تعمل فً جمٌع الطاقات أو األطوال الموجٌة.
إن نجاح نظرٌة كومتون فً تفسٌر استطارة األشعة السٌنٌة كان معتمدا بالدرجة األولى على
نظرٌة أٌنشتٌن حول طبٌعة الضوء ,والتً تفترض أن الضوء ٌتكون من مجموعة من
الجسٌمات تسمى فوتونات .أصبحت نظرٌة كومتون بمثابة الدلٌل التجرٌبً القوي على صحة
نظرٌة أٌنشتٌن حول الفوتونات وبالتالً صحة نظرٌة بالنك حول إشعاع الجسم األسود.
ما زالت قصتنا فً بداٌتها ,وإذا شهدنا فً هذا الفصل إطالق رصاص على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة,
فسوؾ نشهد فً الفصول القادمة إطالق ؼارات جوٌة ,لٌست على قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة
فحسب ,بل وعلى كل ما كنا نعتقد بؤنه بدٌهً وؼٌر قابل للشك فً حٌاتنا الٌومٌة .سنرى فً
القسم الثانً من هذا الكتاب كٌؾ أن النظرٌة التً أتت لتفسٌر إشعاع حراري انتهت لتفسٌر
العالقة بٌن وعً اإلنسان والوجود.
هامش الفصل األول
] [1التردد :عبارة عن عدد الموجات التً تصل إلى منطقة معٌنة خالل وحدة الزمن.
] [2الطول الموجً :هً المسافة بٌن قمتٌن متتالٌتٌن أو قاعٌن متتالٌن.
] [3خطوط الطٌؾ :عبارة عن الضوء الصادر من ذرات المادة عند إثارتها.
] [4فرٌدالن وولؾ ,مع القفزة الكمومٌة ,ترجمة :أحمد السمان ,دار طالس للدراسات والترجمة
والنشر ,الطبعة األولى.0551 ,
بالطبع ٌختلؾ الوضع اآلن عن الوضع فً العصور القدٌمة .لقد قطعنا شوطا طوٌال فً فهم
الماهٌة النهابٌة التً تركب هذا العالم .لم تعد األمور فً العصر الحدٌث مثلها فً العصر القدٌم,
فاآلراء فً الماضً كانت فلسفٌة بشكل كامل تقرٌبا ,ولكن الٌوم تطرح جمٌع اآلراء والنظرٌات
فً البداٌة ,و بعدها تكون التجارب المخبرٌة هً الفٌصل بٌنهما.
فً هذا الفصل سوؾ نقوم باستعراض ثالث نماذج ذرٌة شهٌرة فً العصر الحدٌث .أولها
بعدما اكتشؾ اإللكترون فً نموذج طومسون ,وهو نموذج قد وضعه طومسون
,تلمٌذ طومسون ,وقد عام .0453بعدها سنقوم باستعراض نموذج رزرفود
وضعه بعدما قام بتجربته المشهورة فً بعثرة جسٌمات ألفا .أخر نموذج سنقوم بعرضه هو
وقد وضعه بور فً عام ,0501و نموذج ذري شهٌر ٌسمى نموذج بور
اعتمد فٌه على دستور بالنك – اٌنشتٌن ,لٌتفادى العٌوب التً وقع فٌها نموذج رزرفورد.
1-2كعكة طومسون المابلة
كان تصور طومسون للذرة ٌشبه إلى حد كبٌر تصور قطعة من الكعك منثورا علٌها قطع من
الزبٌب .تكون الكعكة ككل هً الشحنة الموجبة وقطع الزبٌب هً الشحنات السالبة
(االلكترونات) .تحتوي الذرة على عدد من االلكترونات موزعة بشكل منتظم على الشحنة
كما هو موضح بالشكل الموجبة والتً بدورها تحمل شحنة موجبة مستمرة تساوي
,وهذا ) .(2-1حٌث نالحظ أن نصؾ قطر الذرة ككل هو ,وٌوجد نصؾ قطر اخر
السطح وهمًٌ ,سمى بسطح جاوس .Gauss's surfaceوقد وضعناه حتى نستطٌع حساب
المجال الكهربابً ومن ثم حساب القوة المإثرة على اإللكترون والذي ٌبعد مسافة من مركز
الكرة .تعطى تلك القوة بالعالقة التالٌة ]:[1
,وعلى كان حجم الذرة معلوما فً ذاك الوقت ,فقد كان فً حدود االنجستروم
.طالما أن حجم الذرة صؽٌر الى هذا الحد ,سٌكون أقرب تقدٌر فً حدود
تؤثٌر المجال الكهربابً للشحنة الكهربابٌة المستمرة صؽٌر نسبٌا ,مما ٌجعل تؤثٌره على
انحراؾ قذٌفة خارجٌة مشحونه بشحنه موجبة صؽٌر جدا.
تعود تلك الفكرة الرابعة الى الرابع رزرفورد .لقد وجد بهذه الفكرة الطرٌقة المناسبة للتؤكد من
صحة نموذج أستاذه طومسون ,واقترح على طالبٌه مارسدن وجاٌجر
بالبدء فً االختبار العملً للتؤكد من صحة نموذج طومسون.
استخدمت جسٌمات ألفا (أنوٌة الهٌلٌوم ,بروتونات ونٌترونات) كمقذوفات ,ولما كانت كتلة أنوٌة
الهٌلٌوم كبٌرة جدا بالنسبة لاللكترونات ,فؤنه باإلمكان إهمال قوة الجذب الكهربابً بٌنهما وبٌن
االلكترونات المنتشرة فوق سطح الذرة على هٌبة حبٌبات .إذن ال ٌبقى سوى تؤثٌر الشحنة
إلكترونات
شكل )(2-1
بمعامل التصادم impact من المركز,تسمى المسافة تدخل القذٌفة داخل الذرة على ارتفاع
.parameterلحساب الزاوٌة رٌاضٌا ,سنعتبر أن سرعة القذٌفة أقل بكثٌر من سرعة
وذلك إلهمال تؤثٌر المٌكانٌكا النسبٌة .تتلقى المقذوفة عند دخولها مجال الذرة الضوء
قوة دفع تؽٌر من قٌمة قوة الدفع األساسٌة فً اتجاه .تعطى تؽٌر كمٌة الدفع بالعالقة التالٌة
]:[2
∫
وكذلك:
,وبالتالً تكون القوة الموثرة علٌها حسب تمتلك المقذوفة (نواة الهٌلٌوم) شحنة مقدارها
العالقة ) (2-1هً:
√
شكل )(2-2
انحراؾ جسٌمة ألفا عند دخولها مجال ذرة طومسون ,وذلك بسبب الشحنة الكهربابٌة الموجبة المنتشرة.
بتعوٌض المعادالت ) (2-3و ) (2-4و) (2-5فً ) (2-2نحصل على:
حٌث هو الوقت الكلً الذي تقطعه المقذوفة خالل مرورها داخل الذرة ,وٌساوي المسافة
الكلٌة على السرعة .بحسب الشكل )ٌ (2-2عطى كالتالً:
√
بتعوٌض العالقة ) (2-7فً العالقة )(2-6 إذا كانت الزاوٌة صؽٌرة جدا ,فؤن
ومن ثم تعوٌض الناتج فً العالقة ) (2-8نحصل على:
√
وهذه العالقة هً التً تحسب انحراؾ القذٌفة عند مرورها داخل الذرة .نالحظ اعتماد زاوٌة
وهذا ٌعنً أن تكون االنحراؾ على معامل التصادم ,لذلك لو كانت
نجد القذٌفة لن تنحرؾ أبدا ألن مجموع القوى المإثرة علٌها ٌساوي صفر .عندما تكون
مرة أخرى أن الناتج صفر ,وبالتالً ال تنحرؾ القذٌفة ,وتعلٌل ذلك هو أن القوة تإثر على
. المقذوفة فقط داخل الذرة ,أي عندما
فً الواقع ٌصعب تجرٌبٌا تحدٌد الزاوٌة بدقة .لذلك ال بد بؤخذ قٌمة متوسطة للزاوٌة ,
كقٌمة متوسطة. حتى نحصل على هذه الزاوٌة سنضع وسنرمز لها بالرمز
فً هذه الحالة تصبح المعادلة ) (2-9كالتالً:
√
إن كل ما قمنا به فً هذه المعالجة الرٌاضٌة كان على اعتبار قذؾ جسٌمة ألفا واحدة فقط .لكن
من المستحٌل أن ٌتم ذلك تجرٌبٌا ,إذ ال نستطٌع التحكم فً عدد الجسٌمات المقذوفة .إضافة إلى
ذلك ٌصعب التحكم بمعامل التصادم وهذا هو سبب اختٌارنا لقٌمة متوسطة للزاوٌة .
استخدم رزرفورد ومعاونوه فً تجربة بعثرة جسٌمات ألفا رقٌقة من الذهب سمكها
,وطاقة حركة جسٌمة ألفا لو اعتبرنا أن نصؾ قطر الذرة هو
(العدد الذري لذرة الذهب) ,مع (نواة الهٌلٌوم) و مع تساوي
,سنحصل من المعادلة ) (2-10على : اعتبار
ٌوضح الشكل ) (2-3تبعثر جسٌمات ألفا خالل مرورها بصفٌحة الذهب.طالما أن الصفٌحة
ذرة .ستكون المستخدمة هً صفحٌة ذهب ,سوؾ تصطدم جسٌمات ألفا بحوالً
انحرافات جسٌمات ألفا مختلفة كما هو موضح بالشكل نفسه ,وتكون القٌمة المتوسطة لكل زاوٌة
كالتالً: .تعطى العالقة بٌن و انحراؾ هً
√
لم تكن نتابج بعثرة جسٌمات ألفا بواسطة صفٌحة من الذهب مإٌدة لنموذج طومسون بالمرة.
.ولكن لم ٌحدث ذلك, كان من المتوقع أن تنحرؾ جسٌمات ألفا بزواٌا صؽٌرة بحدود
وجاءت النتابج مخالفة تماما لما هو متوقع ,وكانت كالتالً:
-0معظم جسٌمات ألفا نفذت دون أن تنحرؾ ,وبعضها انحرفت بزواٌا صؽٌرة ,وعلى التقرٌب
. نقول بحدود
.أي -6عدد قلٌل من جسٌمات ألفا انحرفت بزواٌا كبٌرة ,ولكن أقل من
.
. -1عدد قلٌل جدا من جسٌمات ألفا ارتدت إلى الوراء .أي
بات واضحا اآلن أن نتابج تجربة بعثرة جسٌمات ألفا ؼٌر متوافقة تماما مع نموذج طومسون.
فعلى الرؼم من أن معظم جسٌمات ألفا قد انحرفت بشكل صؽٌر ,إال أن العدد القلٌل من
الجسٌمات المنحرفة بشكل كبٌر ,والعدد القلٌل جدا من الجسٌمات المرتدة إلى الخلؾ ,كافً
لنقض نموذج طومسون.
لقد رأى رزرفورد و معانوه ضرورة تعدٌل كعكة طومسون .لذلك راح ٌبحث عن نموذج أخر
ٌتفق تماما مع نتابج تجربته ,ولكً ٌجد ذلك النموذج لم ٌجد سوى حل واحد ,وهو اختراع
مجموعة شمسٌة ولكن على المستوى الذري.
لمعالجة نموذج رزرفورد ,سنفترض أن كتلة النواة أكبر بكثٌر من كتلة جسٌمات ألفا ,وذلك
حتى ال تؽٌر النواة مكانها أثناء التنافر لكهربابً بٌنها وبٌن جسٌمات ألفا .هذا االفتراض ٌجعل
طاقة الحركة لجسٌمة ألفا مساوي لطاقة الحركة النهابٌة :
ٌوضح الشكل ) (2-4انحراؾ جسٌمة ألفا ,عند مرورها بالقرب من النواةٌ .تخذ مسار الجسٌم
ومعامل التصادم .تعطى العالقة الرٌاضٌة بٌن الزاوٌة شكل قطع زابد
بالعالقة التالٌة:
) ( ⁄
( جسٌمة ألفا
النواة
شكل )(2-4
ٌبٌن الشكل ) ,(2-5أن جسٌمات ألفا التً ٌكون معامل تصادمها ٌساوي ,تنحرؾ بزاوٌة
تنحرؾ بزاوٌة أكبر (المسار .)0والجسٌمات التً ٌكون معامل تصادمها أقل من قدرها
تنحرؾ بزاوٌة أصؽر من (المسار .)6والتً ٌكون معامل تصادمها أكبر من من
تصؽر قٌمة الزاوٌة ,حتى ٌمر الجسٌمة بخط (المسار ,)1وكلما زادت قٌمة المعامل
مستقٌم دون أي انحراؾ (المسار .)1بناءا على ذلك ٌمكن تعرٌؾ معامل التصادم على انه
أصؽر مسافة ٌقتربها الجسٌم من النواة دون أن ٌتؤثر كهربابٌا بها.
بٌنا فً السابق أن معامل التصادم ال ٌمكن التحكم به تجرٌبٌا ,لذلك راح رزرفورد ٌبحث عن
عالقة أخرى ٌمكن اختبارها تجرٌبٌا.
أو بالعودة إلى الشكل ) (2-5نجد أن جمٌع الجسٌمات التً تسقط ناحٌة النواة وتنحرؾ بزاوٌة
أكبر ,تقع جمٌعها فً نطاق دابرة مساحتها:
)(2
)(4
شكل )(2-5
لو افترضنا أن سمك الصفٌحة المعدنٌة التً تسقط إلٌها الجسٌمات ,ومساحتها ,وكثافتها 𝜌,
وكتلة المول ,عندها ٌكون حجم الرقاقة المعدنٌة ٌساوي ,وكتلتها 𝜌 ,وعدد الموالت
,وٌكون فً النهاٌة عدد الذرات فً وحدة الحجم من القطعة المعدنٌة هو:
𝜌
σ
إن النسبة بٌن عدد جمٌع جسٌمات ألفا والتً تنحرؾ بزاوٌة أو اكبر منها ,وبٌن الجسٌمات
ومساحة الصفٌحة المعدنٌة .باستخدام المعادلة )(2-13 ذاتها ,هً النسبة بٌن المساحة
و) (2-14و ) (2-16نجد أن تلك النسبة هً:
)(2-17
تكون عندبذ زواٌا التبعثر فً التجربة بٌن المدى عندما ٌتؽٌر معامل التصادم
,كما هو موضح بالشكل )ٌ .(2-6حسب عدد الجسٌمات فً للجسٌمات فً المدى و
بتفاضل المعادلة ) (2-17بالنسبة ل ,حٌث نجد: و المدى
( ) ) ( ) (
و . و ٌمكن إهمال اإلشارة السالبة هنا ,فهً تبٌن فقط التناسب العكسً بٌن
من األعلى واألسفل ,مما ٌشكل و ٌبٌن الشكل ) (2-7تبعثر جسٌمات ألفا فً المدى
و .فً التجربة ٌوضع كاشؾ كروي الشكل فً المدى فً النهاٌة مخروط زاوٌته
وذلك حتى تسقط جسٌمات ألفا بشكل عمودي على الكاشؾ.
تعتمد احتمالٌة وصول جسٌمات ألفا إلى الكاشؾ الكروي على ,والتً تعطً احتمالٌة تبعثر
.تعطى مساحة الحلق ,وعرضه جسٌمات ألفا خالل الحلق الذي نصؾ قطره
بالعالقة التالٌة:
ولكً نحسب معدل الجسٌمات المبعثرة إلى الكاشؾٌ ,جب أن نقوم بحساب نسبة االحتمالٌة
باستخدام المعادالت ) (2-18و ) (2-19وباستخدام بعض العالقات الى مساحة الحلق
المثلثٌة نحصل أخٌرا على:
شكل )(2-6
النواة
شكل )(2-7
فً موقع الكاشؾ تتجمع جسٌمات ألفا على شكل حلق ,وٌمكن الكشؾ عن معدل جسٌمات ألفا فً المدى θو
الكروي.
وتعرؾ هذه المعادلة الشهٌرة بدستور رزرفورد لالستطارة .نالحظ من هذه المعادلة ما ٌلً,
أوال :عدد الجسٌمات التً تسقط على الكاشؾ ,تتناسب طردٌا مع سمك القطعة المعدنٌة .
ثالثا :هناك تناسب عكسً بٌن و مربع العدد الذري ثانٌا:هناك تناسب طردي بٌن
وطاقة الحركة .وبالفعل تم التؤكد من هذه النتٌجة عن طرٌق استخدام رقاقة نحٌفة من
, و إلبطاء سرعة جسٌمات ألفا .رابعا :هناك تناسب عكسً بٌن الماٌكا
كما نرى فً الشكل ) ,(2-8حٌث العالقة العكسٌة بٌنهما عند ثبوت جمٌع العوامل األخرى.
منذ أن بدأنا بمعالجة نموذج رزرفورد ,كان حدٌثنا منصبا على الجسٌمات التً تعبر القطعة
). المعدنٌة .لكن ماذا عن الجسٌمات القلٌلة جدا و والتً ترتد إلى الوراء ( عندما تكون
لقد رأٌنا من المعادلة ) (2-12أن طاقة الحركة االبتدابٌة تساوي طاقة الحركة النهابٌة ,ولكن فً
حال الجسٌمات التً تقترب رأسا من النواة ,تبدأ عندها طاقة الحركة باالنخفاض تدرٌجٌا حتى
شكل )(2-8
ٌقترب الجسٌم إلى أقرب نقطة من النواة ,فً هذه اللحظة تتحول كل طاقة الحركة للجسٌمات
,أما اذا كانت صؽٌرة جدا فؤن طاقة إلى طاقة وضع ,وال ٌتم ذلك إال فً حالة
الحركة للجسٌمات ال تنعدم ولكن تصبح صؽٌرة جدا .لو اعتبرنا أن الجهد االبتدابً ٌساوي
,تصبح ,وذلك ألن الجسٌم بعٌد جدا عن النواة ,واعتبرنا كذلك أن صفر
وباستخدام قانون حفظ الطاقة تصبح المعادلة ) (2-12كالتالً: طاقة الحركة النهابٌة
أو
وتعطً هذه المعادلة أصؽر مسافة ٌقتربها جسٌم من النواة ثم ٌرتد إلى الخلؾ
حتى اآلن ٌبدو نموذج رزرفورد رابع جدا ,وقد أجرى جاٌجر ومارسدن سلسلة من التجارب
الكثٌرة جدا تتفق بصورة ممتازة مع كل المعادالت الموجودة فً هذا النموذج .لكن فً هذا
النموذج لم نذكر وال حتى كلمة واحدة بخصوص االلكترونات .ال ٌمكن أن تكون االلكترونات
فً هذا النموذج منتشرة وساكنه كما هو الحال فً نموذج طومسون ,الن الشحنة الموجبة لم تعد
اآلن منتشرة بشكل مستمر ,فهً اآلن مرتكزة فً مركز الذرة ,وهذا ٌجعل االلكترونات تسقط
إلى النواة إذا ما اعتبرناها منتشرة وساكنه كما فً نموذج طومسون ,وبالتالً ٌنهار شكل الذرة
كلٌا.
لتجنب تلك الصعوبة اقترح رزرفورد أن االلكترونات تدور بشكل دابري حول النواة .تماما
كدوران الكواكب حول الشمس .و لما كانت الكواكب ال تسقط فً أثناء دورانها حول الشمس,
بسبب قوة الطرد المركزي ,افترض رزرفورد أن ذلك أٌضا صحٌح فً حال االلكترونات,
حٌث تتعادل قوة الطرد المركزي مع الجذب الكهربابً للنواة وبالتالً ال ٌنهار اإللكترون على
النواة.
لكن افتراض رزرفورد حول حركة االلكترونات الدابرٌة ٌتعارض بشكل مباشر مع واحد من
المبادئ األساسٌة فً النظرٌة الكهرومؽناطٌسٌةٌ .نص هذه المبدأ على أن كل األجسام المشحونة
المتسارعة تصدر إشعاعا كهرومؽناطٌسٌا ,وهذا بدوره ٌإدي إلى نقصان طاقة اإللكترون
تدرٌجٌا وبالتالً إلى سقوطه بشكل حلزونً متسارع نحو النواة ,كما هو موضح بالشكل ).(2-9
كذلك وحسب النظرٌة الكهرومؽناطٌسٌةٌ ,جب أن ٌكون تردد اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً
المنطلق من االلكترونات مساوٌا لتردد مدار اإللكترون .ولما كانت طرٌقة دوران اإللكترون
الحلزونٌة متصلةٌ ,جب أن ٌكون طٌؾ اإلشعاع ] [3بمختلؾ تردداته متصل أٌضا .ولكن فً
الحقٌقة هذا ؼٌر مالحظ تجرٌبٌا ,إذ ما تم مالحظته من التجارب هو ظهور الطٌؾ على شكل
خطوط متقطعة ولٌست متصلة.
لذلك وعلى الرؼم من النجاح الباهر لنموذج رزرفورد فً تفسٌره لشكل الذرة وتجنب
الصعوبات التً واجهت نموذج طومسون ,لم ٌستطٌع نموذجه التؽلب على تلك العقبتان
األخٌرتان .كان ال بد من تسفٌر لهذه المشاكل حتى ٌكتمل شكل الذرة األنٌق.
فً تلك الظروؾ كان هناك شاب مؽمور ٌشق طرٌقه عبر البحار قادما من كوبنهاؼن إلى
مانشستر ,وقد حصل لتوه على شهادة الدكتوراه ,وكان موضوع أطروحته عن نموذج
طومسون .حٌث اكتشؾ خطؤ رٌاضٌا فً حسابات طومسون .انضم فً خرٌؾ عام 0500إلى
شكل )(2-9
انهٌار اإللكترون بشكل حلزونً متسارع داخل النواة ,مما ٌإدي بالنهاٌة إلى انهٌار شكل الذرة بالكامل.
فرٌق رزرفورد الذي ٌضم نخبة من الفٌزٌابٌٌن الشبان ,وبدأ أبحاثه هناك واهتم بتفسٌر خطوط
األطٌاؾ الذرٌة ,التً عجز نموذج رزرفورد عن تفسٌرهاٌ .دعى ذلك الشاب نٌلز بور
.
نالحظ من الشكل نفسه أن خطوط الطاقة تبدأ بمسافات بعٌدة نسبٌا عن بعضها عند األطوال
الموجٌة العالٌة .لكنها ومع تناقص األطوال الموجٌة تبدأ باالقتراب من بعضها البعض ,حتى
ترتص تماما ,وٌصبح التمٌٌز بٌنها أمر صعب جدا.
أول من وضع متسلسلة رٌاضٌة تصؾ بدقة خطوط طٌؾ ذرة كان جوهانس بالمر
الهٌدروجٌن ,وذلك فً عام .0441تعطى تلك المتسلسلة كالتالً:
شكل )(2-10
كانت متسلسلة بالمر تصؾ جمٌع األطوال الموجٌة الواقعة فً المدى المربً فقط .لكن نجاح
هذه المتسلسلة شجع باحثٌن آخرٌن على إٌجاد متسلسالت فً مدى األطوال الموجٌة األخرى,
.وقد تم ذلك بالفعل ,وتعطى المتسلسالت وفوق البنفسجٌة مثل األشعة تحت الحمراء
األخرى كالتالً:
تستخدم متسلسلة لٌمان لألشعة فوق البنفسجٌة ,والمتسلسالت األخرى لألشعة تحت الحمراء.
على الرؼم من هذه المتسلسالت تعطً وصؾ لخطوط الطٌؾ الذري ,إال أنها ال تعطً معنى
فٌزٌابً محدد لها .كٌؾ تطلق االلكترونات هذه الخطوط؟ لقد رأٌنا أن نموذج رزرفورد ممتاز
فً وصؾ شكل الذرة ,ولكنه ؼٌر قادر على وصؾ خطوط الطٌؾ تلك .فما هو سر تلك
الخطوط إذن؟
وجد بور الحل فً تجنب مشكلة السقوط الحلزونً لإللكترون داخل النواة ,باستخدام حالل
المشاكل ,دستور بالنك – أٌنشتٌن .افترض بور للتخلص من الصعوبات النظرٌة ما ٌلً:
ٌ .0دور اإللكترون بشكل دابري حول النواة تحت تؤثٌر قوة كولوم ,بدون إطالق أي
أشعة كهرومؽناطٌسٌة.
ٌ .6تواجد اإللكترون فً مدارات محددة حول النواة ,وال ٌمكن أن ٌتواجد بٌنهما .ولما
كانت خطوط الطٌؾ تصدر بشكل خطوط متقطعة من التردد الزاويٌ ,جب أن تكون
كمٌة التحرك الزاوي مكممة أٌضا .أي تؤخذ قٌما محددة فقط .تعطى كمٌة التحرك
الزاوٌة المكممة تلك كالتالً:
أو
إن الفرضٌة األولى فً نموذج بور تنتهك بشكل واضح وصرٌح تنبإات النظرٌة
الكهرومؽناطٌسٌة ,ولكنها تتفق مع قوانٌن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة ,مثل قوة كولوم وقوانٌن نٌوتن.
لذلك استخدم بور قانون كولوم لحساب قوة الجذب الكهربابً بٌن النواة واإللكترون .تعطى تلك
القوة كالتالً:
شحنة النواة .طالما أننا نعالج ذرة الهٌدروجٌن هنا وهً أخؾ حٌث شحنة االلكترون ,و
.وهذا الن ذرة الهٌدروجٌن تحتوي على بروتون واحد فقط .فً حالة الذرات ,ستكون
استقرار الذرة تكون قوة الطرد المركزي مساوٌة لقوة الجذب الكهربابً .باستخدام قانون نٌوتن
الثانً نجد أن:
وتتخذ المعادلة )(2-30 عندما ٌكون اإللكترون فً مستوى الطاقة األول ,تكون
أصؽر قٌمة لها ,وهو أصؽر نصؾ قطر للذرة ,وٌسمى نصؾ قطر بور Boher radius
وعند التعوٌض فً المعادلة ) (2-30نجد أن:
فً المعادلة بالمثل نستطٌع إٌجاد سرعة اإللكترون فً المدار األرضً ,وذلك بوضع
:
وهذه أكبر قٌمة لسرعة اإللكترون فً ذرة الهٌدروجٌن .نالحظ أن هذه السرعة صؽٌرة جدا
بالنسبة لسرعة الضوء ,وهذا ٌعلل إهمال تؤثٌر المٌكانٌكا النسبٌة هنا.
فً احدى مداراته حول النواة ,وذلك من خالل نستطٌع اآلن إٌجاد طاقة اإللكترون الكلٌة
العالقتٌن ) (2-29و ) ,(2-30مع استخدام اإلشارة السالبة للجهد الكهربابً ,ألننا سنعتبر جهد
اإللكترون ٌساوي الصفر عندما ٌكون على بعد ال نهابً من النواة:
وهً طاقة اإللكترون الكلٌة فً المدار األرضً .من الممكن كتابة المعادلة ) (2-33على النحو
التالً:
,باستخدام الى لنفرض اآلن أن اإللكترون قد انتقل من مستوى الطاقة
من المعادلة ) ,(2-23نجد أن المعادلتان ال وأخذ المعادلتٌن ) (2-33و ) (2-26مع
تتساوى إال فً حالة:
وتساوي هذه الكمٌة بالضبط ثابت راٌدبٌرغ !! لكن هذه المرة بداللة مقادٌر فٌزٌابٌة معروفة
تماما.
بهذه الطرٌقة أعطى بور المعنى الفٌزٌابً لثابت راٌدبٌرغ ,الذي كان معروفا من قبل كثابت
تجرٌبً فقط .كذلك أصبحت جمٌع المتسلسالت التً تصؾ األطوال الموجٌة لطٌؾ ذرة
الهٌدروجٌن حالة خاصة لنموذج بور ,حٌث نجد من متسلسلة بالمر ,المعادلة ) ,(2-23تحتوي
إلى على العدد ,وهذا ٌعنً اآلن بحسب نموذج بور انتقال إلكترون من مستوى الطاقة
مستوى الطاقة الثانً ,ومن ثم إطالق فوتون ضوبً .لذلك كان الرقم الصحٌح فً متسلسلة
بالمر ال ٌؤخذ إال قٌما من ثالثة فصاعدا .تفسر جمٌع المتسلسالت األخرى بنفس الطرٌقة
بالضبط.
ٌوضح الشكل ) (2-11مستوٌات الطاقة المختلفة لذرة الهٌدروجٌن حسب نموذج بور .إذا أردنا
حساب مستوى أي طاقة ,نقوم باستخدام المعادلة ) .(2-34فمثال لمعرفة حساب مستوى الطاقة
فً المعادلة ):(2-34 الثانً ,نضع
اعتبرنا فً هذه المعالجة أن كتلة النواة )البروتون) كبٌرة جدا بالنسبة لكتلة اإللكترون .ففً حالة
ذرة الهٌدروجٌن تكون كتلة النواة (البروتون) أكبر من كتلة اإللكترون ب 1836مرة .لذلك إذا
أردنا تحسٌن الحسابات بشكل أكثر دقة ,نقوم بتعوٌض ما ٌسمى بالكتلة المختزلة
,بدال من كتلة االلكترون فً جمٌع المعادالت الموجودة فً نموذج بور .تعطى الكتلة
المختزلة كالتالً:
ℳ
إن نموذج بور حول الذرة مقنع للؽاٌة فً تفسٌر خطوط الطٌؾ الذري على الذرات أحادٌة
اإللكترون .وٌمكن تطبٌقه على بعض الذرات المتؤٌنة ,والتً تسمى بالذرات الهٌدروجٌنٌة .مثل
( .فً هذه العناصر نقوم بتعوٌض ( واللٌثٌوم المضاعؾ التؤٌن الهٌلٌوم المتؤٌن
شكل )(2-11
عند انتقال االلكترون من مستوى الطاقة مستوٌات الطاقة المختلفة لذرة الهٌدروجٌن .صدور فوتون ضوبً طاقته
. الى مستوى الطاقة األول الثالث
العدد الذري الخاص بها فً كل المعادالت السابقة .بصورة عامة ٌتوافق نموذج بور مع
أما فً حاالت العناصر ذرات العناصر الخفٌفة المتؤٌنة التً ٌكون عددها الذري
فال تتفق النتابج مع نموذج بور .كذلك فً حالة زٌادة العدد الذري فؤن ذلك الثقٌلة
ٌإدي الى زٌادة سرعة االلكترون (انظر المعادلة ) ,))2-29وهنا ٌكون تؤثٌر المٌكانٌكا النسبٌة
مهما.
إذن على الرؼم من جمال نموذج بور ,إال أنه ال ٌنطبق إال على الذرات وحٌدة اإللكترون .ولكن
فً حالة الذرات المتعددة اإللكترون ٌفشل النموذج تماما فً تفسٌر خطوط األطٌاؾ الذرٌة.
(هناك تطابق عام بٌن تنبإات الفٌزٌاء الكمٌة والفٌزٌاء الكالسٌكٌة فً الحاالت التً توصؾ
بؤعداد كمٌة كبٌرة).
لتوضٌح ذلك رٌاضٌا ,سنبرهن على أن التردد الكالسٌكً للحركة الدابرٌة لإللكترونٌ ,ساوي
التردد الكمً عندما توصؾ الحاالت بؤعداد كمٌة كبٌرة.
ٌعطى تردد اإللكترون الزاوي أو تردد اإلشعاع الزاوي فً الحاالت الكالسٌكٌة كالتالً:
هذه العالقة صحٌحة فً حالة األعداد الكمٌة الكبٌرة ,لكن عندما ٌقفز اإللكترون من مستوى
ٌ ,كون التردد الكمً هو: الطاقة الى
,و بالتالً الى و الى اآلن عندما تكون كبٌرة جدا ,نستطٌع تقرٌب
تصبح المعادلة ) (2-38كالتالً:
وهذه هً بالضبط المعادلة ) ,(2-37والتً تعطً التردد الكالسٌكٌة لإللكترون .هذا هو مؽزى
مبدأ المقابلة الذي وضعه بور.
هامش الفصل الثانً
] [1من الممكن مشاهدة البرهان فً كتب أساسٌات الفٌزٌاء ,قسم الفٌزٌاء الكهربابٌة.
] [3سوؾ نتكلم بالتفصٌل عن خطوط األطٌاؾ الذرٌة فً الجزء القادم من هذا الفصل.
الفصل الثالث
كذلك المادة ترؼب بطبٌعتان
مقدمة
رؼم النجاحات الكثٌرة المتواصلة من بالنك حتى بور ,ظلت هناك تحفظات كثٌرة على نظرٌة
الكم .فمدارات بور كانت مزعجة جدا للنظرٌة الكهرومؽناطٌسٌة ,حٌث تحتفظ االلكترونات
بمدارتها دون أن تشع أي موجات كهرومؽناطٌسٌة ,وهذا انتهاك واضح لتنبإات النظرٌة
الكهرومؽناطٌسٌة .إضافة إلى ذلك كانت سلسلة النجاحات المتواصلة فً تفسٌر ما عجزت
بدون تعلٌل .فما المعنى الفٌزٌابً الفٌزٌاء الكالسٌكٌة عنه معتمدا على الدستور اللؽز
لذلك الدستور؟
بالطبع ال ٌمكن للمٌكانٌكا الكالسٌكٌة أن تفسر كل تلك الفرضٌات الجدٌدة .لكن قد نجد تفسٌر
لها ,لو استخدمنا المٌكانٌكا النسبٌة .أحد أهم النتابج فً النظرٌة النسبٌة الخاصة ,مبدأ تكافإ
الكتلة و الطاقة ,والذي ٌعطى بالعالقة الشهٌرة:
حٌث من الممكن تحوٌل المادة إلى طاقة على صورة إشعاع ,والطاقة (إشعاع) إلى مادة .لقد
علمنا من الفصل األول من نظرٌة الفوتونات أن الضوء ذو طبٌعة مزدوجة .أي انه ٌتصرؾ فً
بعض األحٌان على انه موجة وفً أحٌان أخرى على انه مجموعة من الجسٌمات (فوتونات).
اآلن ,طالما أن المادة والطاقة متكافبتان ,أي أنهما وجهان لعملة واحدة ,والطاقة ذات طبٌعتان,
إذن هل من الممكن أن تكون المادة هً األخرى ذات طبٌعتان؟ إضافة إلى ذلك ,فقد وجدنا فً
نموذج بور أن اإللكترون ال ٌتخذ إال مدارات خاصة به ,وان كمٌة التحرك الزاوي لهذا
اإللكترون تتخذ قٌما صحٌحة معٌنه من الثابت ,المعادلة ) .(2-24قد نجد هنا عالقة مع ما
,حٌث تحتوي هذه األمواج على ما ٌسمى بالعقد ٌسمى باألمواج المستقرة
,كما هو موضح بالشكل ).(3-1
عقدة عقدة
عقدة
شكل )(3-1
عندما نقوم بهز الحبل تتشكل موجة تصطدم بالحابط وتعود مشكلة عقدة فً الوسط ,إضافة إلى
عقدة فً الطرفٌن .إن ما أرٌد الوصول إلٌه هنا ,هو أن طول الحبل ٌجب أن ٌتخذ قٌما صحٌحة
من أنصاؾ األطوال الموجٌة حتى ٌشكل موجة مستقرةٌ .ماثل ذلك بالضبط تكمٌم التحرك
الزاوي لإللكترون الذي ٌتخذ قٌما صحٌحة من الثابت .فهل هناك عالقة ما بٌنهما ٌا ترى؟
على األرجح هكذا كان ٌفكر األمٌر االرستقراطً الفرنسً لوي فكتور دي بروي
.
1-3فرضٌة األمٌر
فً عام 0561اقترح دي بروي فكرة أن المادة من الممكن أن تسلك سلوك ازدواجً ,كما هو
الحال فً الضوء .انطالقا من هذه الفرضٌة بدأت تتضح معالم التركٌب الذري أكثر فؤكثر .إن
الفوتون الضوبً ٌمتلك كمٌة دفع تعطى بالعالقة التالٌة:
𝜆
واضح من هذه المعادلة بؤنه توجد عالقة بٌن كمٌة الدفع والطول الموجً .تعطى كمٌة الدفع
بالمٌكانٌكا الكالسٌكٌة كالتالً:
𝜆
تعرؾ هذه المعادلة بطول موجة دي بروي للجسٌم .de Broglie wavelength of particle
تصلح هذه العالقة لألجسام التً تمتلك سرعة صؽٌرة جدا بالنسبة لسرعة الضوء .ألننا
استخدمنا هنا كمٌة الدفع من المٌكانٌكا الكالسٌكٌة ولٌست النسبٌة.
وجد دي بروي عالقة بٌن الموجات الموقوفة وكمٌة الدفع الزاوي .لو أخذنا أحد مدارات بور,
وكان نصؾ قطره ومحٌطه ٌ ,2كون شرط الحصول على موجة موقوفة لإللكترون هو:
𝜆
أي ٌجب أن ٌكون محٌط الدابرة مساوٌا ألعداد صحٌحة من الطول الموجً وإال فلن نحصل
على موجة موقوفة (الشكل ) .)(3-2إذا وضعنا قٌمة 𝜆 من المعادلة ) (3-3فً المعادلة )(3-4
نحصل على:
شكل )(3-2
كٌفٌة تناسب محٌط الدابرة مع أعداد صحٌحة من األطوال الموجٌة ,حتى نحصل على موجة موقوفة .فً هذا الشكل
.
ولٌست هذه سوى فرضٌة بور الثانٌة فً تكمٌم كمٌة التحرك الزاوي لإللكترون ,المعادلة
).(2-24
على الرؼم من جمال كل هذه األفكار ,وتطابقها مع فرضٌة بور الثانٌة ,عاد نفس السٌنارٌو مرة
أخرى ,فلم تالقً تلك األفكار قبوال واسعا فً البداٌة ,واعتبرت أفكارا جنونٌة قابمة على أفكار
جنونٌة أخرى وهً ذرة بور .ظل الوضع قابما هكذا حتى عام 0563لٌعٌد التارٌخ نفسه ولكن
بشكل مقلوب .فكما تحرى كومتون عن جسٌمات األمواج الضوبٌة التً اقترحها أٌنشتٌن ,تحرى
عن موجات الجسٌمات هذه المرة المتحرٌان دافٌسون وجٌرمر
المادٌة والتً اقترحها دي بروي.
ٌوضح الشكل ) (3-3رسم تخطٌطً للجهاز الذي استخدم للتجربةٌ .تكون الجهاز بشكل عام من
مصدر لاللكترونات ٌمكن به تؽٌٌر طاقة حركة االلكترونات ,وقطعة من النٌكل ,وكاشؾ ٌقوم
بتسجٌل شدة اإلشعاع كدالة فً الزاوٌة المحصورة بٌن الشعاع الساقط والمنعكس.
إن ذرات بلورة النٌكل تتخذ شكل وحدات مكعبة تفصل بٌنهما مسافات معٌنة ,كما هو موضح
بالشكل نفسه .تقوم الفكرة االن على دراسة شدة االشعاع ,والذي ٌعتمد على كل من الزاوٌة
وطاقة الحركة لاللكترونات.
مصدر لاللكترونات
كاشؾ
شكل )(3-3
,سنجد أن شدة االشعاع تكون أكبر ما ٌمكن عندما تكون لو استخدمنا طاقة حركة مقدارها
,ثم تزداد حتى تصل الى ,بعدها تبدأ بالتناقص حتى تصل الى اقل قٌمة عند
,وبعدها تبدأ بالتناقص مرة أخرى وهكذا.إن هذا األسلوب فً اعلى قٌمة لها عند
التناقص والزٌادة ال ٌمكن تفسٌره إال باستخدام فكرة تداخل األمواج ,حٌث ٌكون التداخل بناء
. وهدام عند عند
والذي ٌعطى كالتالً: إن شرط حدوث تداخل بناء ٌتم بتحقٌق قانون براغ
𝜆
عدد صحٌح ,وهو لتحدٌد رتبة خطوط حٌث المسافات الفاصلة بٌن ذرات بلورة النٌكل,
التداخل .لو استخدمنا االن المعادلة ) (3-6ال ٌجاد الطول الموجً 𝜆 ,بمعلومٌة و الزاوٌة ,
سنجد انها بالضبط تعطً نفس الناتج لو اننا استخدمنا معادلة دي بروي (المعادلة ).)(3-3
ٌوضح الشكل ) (3-4العالقة بٌن شدة اإلشعاع و فرق الجهد ,حٌث فرق الجهد هو
المسإول عن طاقة حركة االلكترونات أو كمٌة دفعها .تكون شدة اإلشعاع أعلى ما ٌمكن عند
. ,أي عندما تكون الزاوٌة تساوي
لقد كانت تلك التجربة أول دلٌل تجرٌبً لصدق فرضٌة دي بروي .وبعد عام واحد من اكتشاؾ
الذي اكتشؾ ابن دافٌسون وجٌرمر ,أجرى طومسون
االلكترون ,تجربة تداخل االمواج االلكترونٌة بعد نفاذها من شرابح رقٌقة جدا .لقد اكتشؾ
شكل )(3-4
.θ أو العالقة بٌن شدة االشعاع وفرق الجهد ,حٌث تكون القٌمة العظمى للشدة عند
طومسون األب اإللكترون كجسٌم ,بٌمنا اكتشفه االبن كموجة .إن ظاهرة تداخل االلكترونات قد
تظهر على شكلٌن ,إما على شكل حلقات كما هو فً الشكل ) ,(3-5أو على شكل نقاط مضٌبة
كما هو موضح بالشكل ) .(3-6السبب فً ذلك ٌعتمد على تركٌبة المواد التً تسقط علٌها
االلكترونات ,فإذا ظهر شكل حلقات ,تكون تركٌبة البلورات الداخلٌة اسطوانٌة الشكل ,بحٌث
تحتوي على جمٌع االتجاهات الممكنة ,وإذا ظهرت نقاط مضٌبة ,فان تركٌبة المادة تكون عادٌة.
اإلشعاع الكهرومؽناطٌسً أو الفوتونات (الطاقة) وبٌن الجسٌمات الذرٌة جمٌعها (المادة) .لنعد
اآلن إلى اإلشكال الذي طرحناه منذ قلٌل :ما هً ماهٌة المادة أو الطاقة ,أهً موجة أم جسٌم؟
فً الحقٌقة لسنا أمام خٌارات كثٌرة ,فالحل األمثل هو قبول االثنان معا ,وهذا ما ٌسمى بالطبٌعة
.وهاتان الطبٌعتان متممتان – المثنوٌة للموجة والجسٌم
لبعض ولٌستا متناقضتان ,فتظهر إحداهما فً ؼٌاب األخرى على حسب الظروؾ المتاحة ,وال
ٌمكن رإٌة االثنتان معا فً وقت واحد .إن األمر ٌشبه كثٌرا قطعة النقود المعدنٌة ,فال ٌمكنك
رإٌة الوجهان دفعة واحدة ,وكلما رأٌت صورة أحد الوجهٌن بشكل أفضل ,ساءت رإٌة الوجه
اآلخر حتى ٌختفً تماما .ستكون أفضل طرٌقة تفعلها لرإٌة الوجهان معا ,هً وضع القطعة
المعدنٌة بشكل موازي لمستوى النظر ,لكن ولألسؾ عندها لن ترى إال جزء ضبٌل من
الوجهان .بكلمات أخرى ,لقد أعطٌت لكل وجه 50%من حسن واسابة النظر.
لعلك تتساءل لماذا إذن ال تظهر األجسام العٌانٌة العادٌة بشكل موجات؟ السبب فً ذلك هو كبر
كتل األجسام العادٌة بالنسبة لألجسام الذرٌة .لو عدنا إلى معادلة دي بروي ,المعادلة )(3-3
لوجدنا أن هناك تناسب عكسً بٌن الكتلة وطول الموجة .إذا عوضنا عن فً المعادلة ذاتها
بقٌمة كبٌرة جداٌ ,صبح الطول الموجً صؽٌر جدا جدا ,وال ٌمكن الشعور به أبدا .إن المعادلة
تحتوي على الثابت ,لذلك فالمعادلة مهمة حٌن ٌصبح ثابت بالنك مهما .وهذا ما رأٌناه فً
نظرٌة بالنك حول اشعاع الجسم االسود ,ونظرٌة أٌنشتٌن فً التؤثٌر الكهروضوبً ,ونظرٌة
كومتون فً االستطارة ,ونظرٌة بور حول اإللكترون .حٌث تإول تلك النظرٌات الى التقرٌب
الكالسٌكً فً الجمل التً ٌكون فٌها ثابت بالنك مهمال .وهذا ما بٌناه فً مبدأ المقابلة الذي
طرحه بور.
شكل )(3-6
تداخل موجات االلكترون ,معطٌة فً النهاٌة شكل نقاط مضٌبة بشدات مختلفة.
الفصل الرابع
بزوغ مٌكانٌكا الكم أو نهاٌة ذرة بور
مقدمة
كانت فرضٌة دي بروي حول الطبٌعة الموجٌة للجسٌمات المادٌة بداٌة القتحام قوي من الفٌزٌاء
الكمومٌة على الفٌزٌاء الكالسٌكٌة .لكن هذا االقتحام ال ٌعنً أن نرمً الفٌزٌاء الكالسٌكٌة فً
سلة المهمالت .بل كل ما فً األمر أنها قد تعدلت لتنسجم مع الصورة الجدٌدة للعالم .فالفٌزٌاء
الكالسٌكٌة هً تقرٌب للفٌزٌاء الكمومٌة ,كما بٌنا ذلك فً مبدأ المقابلة.
أود أن أقول شٌبا هنا قبل الخوض فً ؼمار هذا الفصل .قد ٌكون مزعج للذي ٌقرأ النظرٌة
الكمٌة أول مرة .إن كل ما تكلمنا عنه حتى هذه اللحظة ٌسمى بنظرٌة الكم القدٌمة .فلك أن
تتصور كٌؾ سٌكون شكلها الجدٌد؟
لقد أدى اكتشاؾ الموجات المصاحبة لاللكترونات إلى أمران فً ؼاٌة األهمٌة .بعد اكتشاؾ
موجات اإللكترون ,كان البد من توصٌؾ رٌاضً ٌتٌح لإللكترون االنتقال من مدار إلى آخر
وٌشع فابض طاقته على شكل فوتون ضوبً .عندما أدخل اٌنشتٌن فكرة أن الضوء ٌمتلك
جسٌمات ,وضح كٌؾ أن الموجات الضوبٌة هً من ٌحدد كٌفٌة انتقال الفوتون من مكان إلى
آخر .اآلن وبنفس الطرٌقة ٌجب أن تحدد موجات المادة كٌفٌة انتقال اإللكترون من مدار إلى
آخر داخل الذرة .بالتؤكٌد ال ٌمكن توصٌؾ ذلك بواسطة المٌكانٌكا الكالسٌكٌة للموجات .بل كان
ال بد من معادالت أخرى تنسجم مع أفكار الكم الجدٌدة تلك.
لقد تم ذلك بالفعل فً عام ,0562عندما نشر العالم النمساوي ارفن شرودنؽر
نظرٌة خاصة تحدد كٌفٌة انتشار أمواج المادة داخل الذرة .لقد صاغ نظرٌته
على شكل معادلة شهٌرة جدا عند الفٌزٌابٌٌن ,تسمى (معادلة شرودنؽر)
.وهذا هو أول األمران الهامٌن.
كانت الفٌزٌاء الكالسٌكٌة تفترض أن الجسٌم المادي ٌمكن تمثٌله على شكل نقطة ,وبالتالً ٌمكن
توصٌؾ موقع هذا الجسٌم وكمٌة حركته فً أي لحظة بواسطة ثالث إحداثٌات مع ثالث
مركبات للسرعة ,وٌتم كل ذلك بدقة .لكن الوضع قد انقلب رأسا على عقب بعد اكتشاؾ
الموجات المصاحبة لإللكترون .فإمكانٌة تمثٌل الجسٌم المادي على شكل موجات فً المستوى
الذري ٌفرض بعض القٌود لتحدٌد بعض خواص الجسٌم فً وقت واحد ,كالموقع وكمٌة
هو أول من فطن الحركة .كان الفٌزٌابً األلمانً ورنر هاٌزنبٌرغ
الى هذه الظاهرة ,وصاؼها فً مبدأ مشهور ,وهو (مبدأ الالٌقٌن) .Uncertainty Principle
ثانً األمران الهامٌن.
كان الكتشاؾ هذان األمران ,بداٌة لحقبة جدٌدة فً الفٌزٌاء الكمومٌة .وقد دعٌت تلك الفترة وما
. بعدها باالسم المرعب (مٌكانٌكا الكم)
توصؾ مٌكانٌكا الكم عادة ,بؤنها قد اكتشفت مرتان .المرة األولى كانت بواسطة هاٌزنبٌرغ فً
.والمرة الثانٌة كانت بواسطة عام ,0561وقد صاغ نظرٌته على شكل مصفوفات
شرودنؽر فً عام ,0562وقد صاغ نظرٌته على شكل موجات مٌكانٌكٌة .وفٌما بعد برهن
شرودنؽر على الصورتان متكافبتان رٌاضٌا ,وتعطٌان نفس النتابج بالنهاٌة .لكن طرٌقة
الموجات المٌكانٌكٌة أسهل رٌاضٌا من المصفوفات.
سنقوم فً هذا الفصل بشرح أساسٌات مٌكانٌكا الكم ,ولكن بدون الدخول الى تفاصٌلها الرٌاضٌة
الطوٌلة .حٌث أن رٌاضٌات مٌكانٌكا الكم لٌست بمثل رٌاضٌات الفصول السابقة .فهً تتطلب
حسابات رٌاضٌة طوٌلة جدا ومعقدة أحٌانا ,لذلك ال أرؼب فً إدخالها ضمن هذا الكتاب,
وسؤكتفً بشرح األساسٌات فقط.
1-4الدالة الموجٌة أو بداٌة الضباب
لقد بٌنا من نظرٌة دي بروي إمكانٌة تمثٌل الجسٌم المادي بموجة موقوفة ,لكن تلك النظرٌة
مهتمة بدراسة الموجة فً بعد واحد ,وهو االنتقال حول محٌط المدار داخل الذرة.
استخدم شرودنؽر تلك األفكار ,وطور دراسة هذه األمواج من بعد واحد إلى ثالثة أبعاد .فً
ظل المٌكانٌكا الموجٌة ٌتم وصؾ ودراسة جمٌع خصابص الجسٌم المادي ,كالموقع وكمٌة الدفع
ٌ .رمز لهذه وطاقة الحركة وؼٌرهما عن طرٌق ما ٌسمى بالدالة الموجٌة
⃗ 𝜓 ,وهً كما نرى دالة فً الموقع والزمن .ان المعادلة التً تصؾ تطور الدالة بالرمز
هذه الدالة مع الزمن فً األنظمة الفٌزٌابٌة هً معادلة شرودنؽر.
لماذا اخترنا عنوان (بداٌة الضباب) لهذا الجزء؟ السبب بسٌط ,وهو أن تخٌل دالة موجٌة فً
الواقع أمر صعب جدا .فالموجات التً تصؾ اإللكترون هنا ال ٌمكن تشبٌهها بؤي طرٌقة كانت,
بالموجات الصوتٌة أو موجات الماء أو حتى الموجات الكهرومؽناطٌسٌة .فهً وصؾ رٌاضً
⃗ 𝜓 .اضافة الى ذلك فؤنه ال ٌوجد فضاء فٌزٌابً واضح تجرٌدي بحت قابع داخل الدالة
تنتشر فٌه تلك الموجات .فموجات الماء تحتاج الى ماء حتى تنتشر فٌه ,والصوت ٌحتاج إلى
هواء حتى ٌنتشر فٌه ] ,[1لكن اإللكترون ٌنتشر فً ماذا؟ إذا كنت تتصور انه ٌنتشر بالفراغ
الذي حول الذرة ,فما هو ذلك الفراغ؟ إننا نتكلم عن اصؽر وحدات الكون ,فإذا تخٌلت وجود
فراغ فؤن هذا الفراغ ٌتكون من ذرات ونحن نتكلم عن اصؽر مكونات الذرة وهو اإللكترون!.
ٌجب على القارئ اآلن أن ٌبدأ بنزع صورة اإللكترون كجسٌم ٌدور حول النواة ,كما فً نموذج
بور .وكذلك فكرة الموجات األحادٌة البعد المستقرة كما تصورها دي بروي .وإذا أصررت على
تخٌل شكل معٌن لإللكترون ,فبإمكانك أن تتخٌل ضباب كثٌؾ ٌحٌط بالشمس ,حٌث الضباب هو
اإللكترون والشمس هً النواة.
ذكرنا منذ قلٌل أن المعادلة التً تصؾ تطور الدالة الموجٌة ⃗ 𝜓 مع الزمن ,تسمى بمعادلة
شرودنؽر .ان هذه المعادلة هً عصب مٌكانٌكا الكم ,وتناظر بالضبط قانون نٌوتن الثانً فً
المٌكانٌكا الكالسٌكٌة ,والذي ٌصؾ تطور حالة الجسم العادي مع الزمن.
أحد فروض مٌكانٌكا الكم األساسٌة ٌنص على ( لكل كمٌة فٌزٌابٌة ٌمكن قٌاسها ,هناك مإثر أو
لها مإثر مناظر هو مناظر لها) .مثال ,مركبة كمٌة الدفع الخطٌة معامل
.نالحظ أن المإثر ٌحتوي على عملٌة رٌاضٌة وهً √ ,حٌث
̂ .مإثر الطاقة الكلٌة هو االشتقاق .المإثر المناظر لطاقة الوضع (الجهد) هو نفسه ,أي
.
اآلن ,نعلم من قوانٌن الفٌزٌاء الكالسٌكٌة أن الطاقة الكلٌة ألي جسم تساوي طاقة الحركة مضافا
إلٌها طاقة الوضع:
,ثم نضع اآلن المإثرات المناظرة لكمٌة الدفع والجهد والطاقة الكلٌة ,مع استخدام
نقوم بضرب الطرفٌن ب 𝜓:
𝜓 𝜓
𝜓
وهذه هً معادلة شرودنؽر الشهٌرة ,فً بعد واحد وهو .وكما نرى هً معادلة تفاضلٌة من
الدرجة الثانٌة.
,فً المٌكانٌكا تلعب هذه المعادلة نفس الدور الذي ٌلعبه قانون نٌوتن الثانً
الكالسٌكٌة .فلو تحرك جسم فً اتجاه مثال ,فاننا نستطٌع التنبإ بموقعه عند أي لحظة من
الزمن ,اذا ما علمنا شروطه االبتدابٌة .بنفس الطرٌقة تحدد معادلة شرودنؽر تطور الدالة 𝜓 عند
أي لحظة من الزمن ,بمعلومٌة الشروط االبتدابٌة ,ولكن بالحدود التً ٌسمح بها مبدأ عدم الٌقٌن
الذي سنتطرق له فً هذا الفصل.
إذا كانت الدالة ⃗ 𝜓 دالة عقدٌة وال تعطً أي معنى فٌزٌابً ,فؤن مربع هذه الدالة ٌعطً
عند أي لحظة من معنى فٌزٌابً ,وهو احتمال تواجد االلكترون بٌن الموقعٌن و
الزمن:
𝜓| |
كثافة االحتمال .اذا أردنا الحصول على احتمالٌة تواجد الجسٌم فً المنطقة حٌث
الخطٌة الواقعة بٌن النقطتٌن و ,نقوم بتكامل المعادلة ) (4-3بالحدود و :
𝜓|∫ |
طالما أن هذا التكامل ٌعطً احتمالٌة تواجد الجسٌم فً مدى معٌن ,إذن ٌجب أن ٌمتلك هذا
التكامل قٌمة محددة .لذلك إذا انعدمت قٌمة التكامل عند كل نقاط الفضاء:
𝜓| ∫ |
فهذا ٌعنً أن الجسٌم المادي ال وجود له عند أي لحظة زمنٌة فً جمٌع مدى الفضاء على
المحور ,وهذا ؼٌر ممكن طبعا .أما إذا كانت قٌمة التكامل ال نهابٌة:
𝜓| ∫ |
فهذا ٌعنً أن الجسٌم موجود فً كل مكان وعند كل لحظة ,وهذا أٌضا ؼٌر ممكن وال معنى له.
لذلك ٌجب أن ٌكون هناك شرط رٌاضً حتى ٌتواجد الجسٌم فً مكان ما فً الفضاء وفً
لحظة ماٌ .عطى ذلك الشرط كالتالً:
𝜓| ∫ |
كان اقتراح ماكس بورن ؼٌر اعتٌادي على اإلطالق ,فلقد أصبحنا ؼٌر قادرٌن على تحدٌد موقع
إلكترون داخل الذرة ,مثلما نحن ؼٌر قادرون على تحدٌد الوجه الذي تتخذه قطعة النرد عند
سقوطها .إن كل ما نستطٌع قوله اآلن ,أن احتمالٌة تواجد اإللكترون فً المدى كذا هو كذا
بالمابة ,والمدى األخر هو كذا بالمابة وهكذا .أي أن األمور جمٌعها قد تحولت إلى إحصاء.
من هنا بدأت الكوابٌس المزعجة عن جوهر الطبٌعة الذرٌة تراود الفٌزٌابٌٌن ,فهل الكون فً
أصؽر لبناته عبارة عن طاولة نرد كبٌرة ,وكل شًء فٌها ٌدبر بضربة حظ.
لقد استمر البحث والتفسٌر ,حتى جاء مبدأ أخطر من كل ما ذكرناه حتى اآلن ,مبدأ من شؤنه أن
ٌؽٌر أفكارنا تماما عن الكون ,مبدأ ٌنص وبكل بساطة على أن :عندما توجد الحركة ٌختفً
الموضع ,وعندما ٌوجد الموضع تختفً الحركة !!
لكن هاٌزنبٌرغ تحدى ذلك ,و وضع مبدأ ؼٌر به صورة تلك اآللة الكونٌة إلى األبدٌ .نص ذلك
المبدأ على التالً :ال ٌمكن تحدٌد موقع واندفاع جسٌم ما فً وقت واحد ,وكلما رصدت أحدهما
بدقة أكبر كان على حساب األخر بنفس الدقة .أي ,كلما اقتربت من القٌمة الحقٌقٌة للموقع ,كلما
ابتعدت عن قٌمة كمٌة الدفع بقدر اقترابك من معرفة الموقع .لكن كٌؾ ٌكون ذلك؟
إذا أردنا أن نشاهد أي شًء ,فعلٌنا أن نسلط علٌه ضوء ,حٌث ٌصطدم الضوء بالجسم وٌنعكس
على عٌنٌنا فتتم عملٌة الرإٌة .لكن إذا أردنا أن نشاهد إلكترون داخل الذرة فماذا نفعل؟ أٌضا
نسلط علٌه ضوء ,لكن المشكلة تظهر هنا ,فاإللكترون لٌس بالجسم الكبٌر ,لذلك سنحتاج إلى
مجهر حتى نرى اإللكترون ,ولكن المجهر لٌس سوى تكبٌر للصورة بالتقاط األشعة التً كانت
ذاهبة فً األصل باتجاهات شتى .لكً نرى الصورة بشكل واضح ٌجب استخدام مجهر ذي
عدسة عرٌضة ,وطول موجً قصٌر جدا ,لكن ٌجب علٌك بالمقابل أن تدفع ثمن فقد المعلومات
عن ارتداد اإللكترون .فعندما نستخدم طول موجة قصٌرٌ ,إدي ذلك إلى زٌادة فً كمٌة دفع
الفوتون ,حسب العالقة ) ,(1-19وبالتالً سٌضرب الفوتون اإللكترون بعنؾ شدٌد ,وهذا ٌإدي
إلى فقد المعلومات عن كمٌة دفعه .فالفوتون بعد أن ٌصطدم باإللكترون بإمكانه أن ٌدخل العدسة
من أي نقطة .اآلن ,إذا أردنا أن نحسب كمٌة دفع اإللكترون بدقة ,سنستخدم عدسة ضٌقة ,مع
طول موجً طوٌل ,لكن هذا سٌإدي إلى صورة مجهرٌه ضبابٌة ,وبالتالً سنفقد المعلومات عن
موضع اإللكترون.
الخالصة هً أنك ال تستطٌع تحدٌد موقع واندفاع اإللكترون فً وقت واحد مهما فعلت .لقد عبر
هاٌزنبٌرغ عن ذلك رٌاضٌا بعالقته الشهٌرة:
نسبة الالٌقٌن فً الدفع .وٌطلق على هذا نسبة الالٌقٌن أو الخطؤ فً الموقع ,و حٌث
. المبدأ اسم ( مبدأ عدم الٌقٌن)
إلى هناٌ ,جب على القارئ أن ٌنتبه بؤنه ال توجد أي طرٌقة لرصد اإللكترون مباشرتا ,كؤن
تقول انه هنا أو هناك ,إن أفضل ما تستطٌع قوله ,هو أٌن كان ولٌس بالضبط.
نكرر قولنا هنا مرة أخرى عند اكتشاؾ كل نظرٌة تتعلق بثابت بالنك ,فمبدأ عدم التحدٌد ال ٌتم
تطبٌقه على األنظمة العٌانٌة ,فهو ذو تؤثٌر فقط فً حالة الجسٌمات الذرٌة .أما فً األجسام
,أي توجد نسبة خطؤ صؽٌرة جدا جدا وبالتالً ٌمكن و العادٌة فٌصبح تقرٌبا
اهمالها ,بذلك ٌصبح المبدأ فً الحالة الكالسٌكٌة كالتالً:
ولكن فً الحالة الكمٌة كما رأٌنا ٌكون الناتج أكبر أو ٌساوي ثابت وهو .
لكن هذه الصورة البسٌطة للذرة تخترق المبدأ الذي تكلمنا عنه منذ قلٌل ,مبدأ عدم الٌقٌن .إذ لو
كان اإللكترون ٌدور بشكل دابري حول النواة ,لكان فً مقدورنا أن نحدد كل من موقعه
واندفاعه فً وقت واحد ,وهذا تعارض مباشر مع مبدأ عدم الٌقٌن.
تم إعادة النظر فً معالجة ذرة الهٌدروجٌن ,انطالقا من نظرٌة الكم الحدٌثة ( مٌكانٌكا الكم),
تحدٌدا من معادلة شرودنؽر ,وتفسر بورن االحتمالً ,ومبدأ هاٌزنبٌرغ االرتٌابً .باستخدام هذه
المفاهٌم الجدٌدة نحصل على شكل جدٌد للذرةٌ ,ختلؾ تماما عن نموذج بور ,ولكن ٌتفق بصورة
جٌدة مع التجارب .لكن نموذج بور لم ٌمت بالكامل ,بل كل ما فً األمر انه ٌظهر كحالة من
إحدى الحاالت الكثٌرة التً تظهر من نتابج نظرٌة مٌكانٌكا الكم ,كما سنرى اآلن ].[1
سوؾ أقدم هنا النتابج النهاٌة لتصورات مٌكانٌكا الكم لذرة الهٌدروجٌن ,فكما نوهنا فً السابق
بؤن المعالجة الرٌاضٌة الكاملة لمٌكانٌكا الكم لٌست ٌسٌرة و واضحة .لذا سوؾ أحاول هنا تقدٌم
صورة رٌاضٌة بسٌطة وموجزة للنظرٌة.
عند التعامل مع اإللكترون كشًء متحرك حول النواة ,فانه ال ٌتم استخدام اإلحداثٌات
. الكارتٌزٌة ,بل ٌتم استخدام اإلحداثٌات الكروٌة القطبٌة
ٌوضح الشكل ) (4-1اإلحداثٌات الكروٌة وعالقتها باإلحداثٌات الكارتٌزٌة.
بٌنا فً ما مضى أن معادلة شرودنؽر هً معادلة تفاضلٌة من الدرجة الثانٌة ,وتحل هذه المعادلة
لتعطً فً النهاٌة الدالة 𝜓 .فً حالة ذرة الهٌدروجٌن سٌكون الحل النهابً للدالة 𝜓 مساوٌا
لحاصل ضرب دالتٌن:
𝜓
حٌث هو عدد الكم الربٌسً ,و قد تكلمنا عنه فً نموذج بورٌ .سمى عدد الكم المداري
ٌسمى عدد الكم المؽناطٌسً ,و
,وهما عددان جدٌدان ٌنتجان من حل معادلة شرودنؽر .تسمى الدالة
,وهً كما نالحظ دالة فً نصؾ القطر بالدالة النصؾ قطرٌة
(بعد النواة عن االلكترون)ٌ .عطى الناتج النهابً لهذه الدالة فً حالة ذرة الهٌدروجٌن كالتالً:
.
شكل )(4-1
𝜌 𝜌
فهً حدودٌة من الدرجة: هو نصؾ قطر بور .أما 𝜌 𝜌,و حٌث
وتساوي
,تسمى هذه الدالة بالدالة الكروٌة التوافقٌة ٌتبقى لنا اآلن الدالة
,وٌعطى الناتج النهابً لها كالتالً:
√
( )
انها فقط تعتمد على عدد الكم الربٌسً و المداري ,وهً دالة نالحظ من الدالة
خاصة بالحركة النصؾ قطرٌة ,أي تحدد كٌفٌة تؽٌر نصؾ القطر حول النواة .اما الدالة
فهً ترتبط بعدد الكم المداري و المؽناطٌسً ,وهً دالة خاصة بالحركة
الزاوٌة ,أي تحدد كٌفٌة تؽٌر الزاوٌة فقط ,الن الزاوٌة تعتبر ثابته وسوؾ نبٌن ذلك عند
دراسة كثافة االحتمال.
للحصول على الشكل النهابً للدالة الموجٌة لذرة الهٌدروجٌن ,نقوم بتعوٌض العالقتٌن )(4-10
و ) (4-15فً ):(4-9
الحظ أن هذه الدالة الموجٌة التً تصؾ إلكترون حقٌقً ٌدور حول النواة ,تحتوي على العدد
,وهذه نقطة اثارت تساإالت وحٌرة حول كٌفٌة وصؾ المعادالت √ المركب
الرٌاضٌة لألنظمة الفٌزٌابٌة ,اذ كٌؾ تصؾ دالة مركبة نظام فٌزٌابً حقٌقً؟ ان الحل الوحٌد
لهذه المشكلة هو اقتراح ماكس بورن الذي ذكرناه فً السابق ,فالدالة الناتجة من حل معادلة
شرودنؽر ال تحمل فً حد ذاتها معنى فٌزٌابً محدد ,ولكن مربع هذه الدالة ٌعطً معنى
فٌزٌابً ,وهو احتمال تواجد اإللكترون فً مكان ما.
عند دراسة نظام معٌن فً مٌكانٌكا الكم ,تجرى جمٌع العملٌات الرٌاضٌة إلٌجاد شٌبٌن مهمٌن,
.فً حالة ذرة والقٌمة الممٌزة وهما الدالة الممٌزة
الهٌدروجٌن تكون الدالة الممٌزة هً الدالة الموجٌة المعطاه بالعالقة ) ,(4-17أما القٌمة الممٌزة
فهً تعبر عن قٌمة طاقة المدارات .تعطى تلك القٌمة الممٌزة بشكلها النهابً كالتالً:
ولٌست هذه سوى معادلة صدٌقنا القدٌم بور ,المعادلة ) .(2-33اآلنٌ ,تبٌن لنا سبب فشل نموذج
بور على الحاالت األكثر تعقٌدا من ذرة الهٌدروجٌن ,فلقد كان نموذج بور خلٌط ما بٌن الفٌزٌاء
الكالسٌكٌة والكمومٌة .أما اآلن فً مٌكانٌكا الكم ,لم نستخدم أي شًء من المٌكانٌكا الكالسٌكٌة,
وقد أتت نظرٌة بور كحالة خاصة لمٌكانٌكا الكم.
بعد معرفة الدالة الممٌزة والقٌمة الممٌزة ,سنقوم بدراسة أبسط حاالت الطاقة ,وذلك عندما ٌكون
,نجد من المعادلة )(4-14 .عندما تكون اإللكترون فً مستوى الطاقة األول
فً و .بالتعوٌض عن قٌمة ,وفً هذه الحالة تكون اٌضا
.نقوم االن بالتعوٌض فً المعادلة ) (4-13مع استخدام المعادلة ) (4-11نجد أن
,وهذا ٌعنً من المعادلة ) (4-12أن الحدودٌة 𝜌 ال تملك سوى ,نجد أن
فً هذه الحالة كالتالً: معامل واحد وهو .تصبح الدالة
√
بعد معرفة شكل الدالتٌن النصؾ قطرٌة والكروٌة التوافقٌةٌ ,صبح الشكل النهابً للدالة الممٌزة
لذرة الهٌدروجٌن فً مستوى الطاقة األول كالتالً:
𝜓
√
: نستخدم اآلن شرط المعاٌرة ,المعادلة ) (4-7إلٌجاد الثابت
وطالما أن التكامل حول الدالة التوافقٌة الكروٌة ٌساوي واحد ,تصبح المعادلة كالتالً:
∫ | |
,وبهذا ٌكون الشكل النهابً للدالة الموجٌة اللكترون ذرة √ من هذه المعادلة نجد أن
كالتالً: الهٌدروجٌن فً مستوى الطاقة االول
𝜓
√
وتكون قٌمة مستوى الطاقة األول من المعادلة ):(4-18
بٌنا قٌما سبق أن نموذج بور ٌنتهك مبدأ عدم الٌقٌن ,وهو أحد الدعابم الربٌسٌة فً نظرٌة
مٌكانٌكا الكم .إذ لو كان اإللكترون ٌدور بشكل دابري أو بٌضاوي الستطعنا تحدٌد كل من
موقعه وسرعته فً آن واحد ,ولكن هذا ٌخالؾ مبدأ عدم الٌقٌن .كذلك ٌخالؾ نموذج بور
التفسٌر االحتمالً لمٌكانٌكا الكم ,لقد وجدنا أن مربع الدالة الموجٌة اآلتٌة من حل معادلة
شرودنؽر ٌتناسب مع احتمال تواجد اإللكترون فً أماكن معٌنة ولٌس فً مكان محدد بالضبط.
إذن فً ذرة الهٌدروجٌن قد ٌكون اإللكترون على بعد ٌساوي البعد الذي تنبؤ به بور (نصؾ
قطر بور) ,لكن هذا ال ٌعنً بؤنه ٌوجد على هذا البعد دابما ,فالتفسٌر االحتمالً ٌعطً إمكانٌة
لإللكترون بالتواجد على بعد أكبر أو أصؽر من نصؾ قطر بور وباحتماالت متعددة .وهذا ما
سنراه اآلن.
,وهذه تعطٌنا االحتمالٌة النصؾ القطرٌة (بعد اإللكترون عن لنؤخذ أوال تربٌع الدالة
على انها احتمالٌة تواجد االلكترون بٌن المسافة و النواة ) .اذا عرفنا
عن النواة ,فانه بحسب التفسٌر االحتمالً ٌكون لدٌنا:
∫
| |
, وتعطً هذه المعادلة كثافة االحتمال الطولٌة أو النصؾ قطرٌة .طالما أن
,هو: ٌكون أكبر احتمال لتواجد االلكترون فً الحالة االرضٌة
لم تنته األمور عند هذا الحد ,فٌجب النظر فً كثافة االحتمال الزاوٌة للدالة الكروٌة التوافقٌة
,فان كثافة و .لحسن الحظ فً هذه الحالة ,أي عندما تكون
ٌساوي االحتمال ال تعتمد ال على الزواٌا وال على ,لذلك ٌكون مربع الدالة
مقدار ثابت:
| |
أو ,كما هو موضح وبالتالً ٌصبح شكل دالة كثافة االحتمال متناظر كروٌا وال ٌعتمد على
بالشكل ).(4-3
اآلن وللحصول على الشكل النهابً لكثافة االحتمال ,نقوم بضرب المعادلتٌن ) (4-26و )(4-28
شكل )(4-2
. للحالة األرضٌة ,وبعض حاالت االثارة كدالة فً توزٌع دالة كثافة االحتمال
| |
شكل )(4-3
| .حٌث ال تعتمد كثافة االحتمال على الزاوٌتان θو . التماثل الكروي لمربع دالة االحتمال |
ٌوضح الشكل ) (4-4توزٌع كثافة االحتمال النهابٌة ,حٌث شكل التوزٌع كروي متناظر فً ثالث
أبعاد .والشكل )ٌ (4-5وضح توزٌع دالة كثافة االحتمال لمجموعة من األعداد الكمٌة المختلفة
فً ثالث أبعاد.
إذا كنت قد فهمت هذا الجزء ,فؤنك البد أن عرفت لماذا كان عنوانه ( بزوغ مٌكانٌكا الكم أو
نهاٌة ذرة بور) .هذا ألنه ٌتبٌن لنا اآلن كم كانت نظرٌة بور مفرطة التبسٌط لوصؾ سلوك
اإللكترون رؼم نجاحها على الذرات وحٌدة اإللكترون .إن شكل إلكترون ٌدور فً مدارات
دابرٌة أو بٌضاوٌة لم ٌعد صحٌحا بالنسبة لنا اآلن ,بل كل ما ٌمكن أن تفعله تلك المدارات هً
أن تظهر كواحدة من تلك االحتماالت العدٌدة الموجودة فً الشكل ) ,(4-5عندما تتخذ أعداد الكم
األربعة قٌما معٌنه.
𝜓| |
شكل )(4-4
,حٌث و و التماثل الكروي لمربع دالة االحتمال إللكترون ذرة الهٌدروجٌن فً الحالة األرضٌة
ٌظهر التوزٌع ككرة متماثلة فً كل االتجاهات.
شكل )(4-5
هو و 𝜓| لمجموعة مختلفة من أعداد الكم فً ثالث أبعاد .هنا توزٌع دالة كثافة االحتمال |
المحور الرأسًٌ .جب أن تتخٌل دوران الصور هنا حول المحور ,وذلك لتمثٌل الشكل فً ثالث أبعاد.
هامش الفصل الرابع
] [1كان ٌعتقد فً السابق أن الضوء ٌنتشر فً وسط أطلق علٌه اسم األثٌر .لكن تم التؤكد
تجرٌبٌا فٌما بعد على عدم وجوده .فالضوء ٌنتشر بسرعة ثابتة فً الفراغ ,دون الحاجة إلى أي
وسط.
] [2قد ٌكون هذا الجزء صعب بعض الشًء لمن ٌقرأ مٌكانٌكا الكم أول مرة ,لذلك ال بؤس
بقراءته أكثر من مرة ,والرجوع إلى مصادر أخرى حتى ٌفهم بشكل جٌد.
القسم الثانً
ما بعد مٌكانٌكا الكم ( األبعاد الفلسفٌة للنظرٌة)
الفصل الخامس
بداٌة األزمة
مقدمة
لم تكن اكتشافات مٌكانٌكا الكم الحدٌثة إال بداٌة لصراع طوٌل لم ٌنته حتى اآلن ,فمبدأ عدم
الٌقٌن قد قضى تماما على صورة الكون اآللٌة الحتمٌة ,ومن جهة أخرى قضت معادلة
شرودنؽر على النموذج النقطً للجسٌمات الذرٌة ,وأدخلت تلك الجسٌمات فً وصؾ رٌاضً
تجرٌدي بحت فً الدالة العقدٌة 𝜓 .بعد ذلك أتى ماكس بورن وأربك الوضع أكثر عندما أعلن
بؤن مربع الدالة العقدٌة 𝜓 لٌس سوى احتمال تواجد الجسٌم فً نقطة معٌنة فً الفضاء عند زمن
محدد.
فً الحقٌقة كان التفسٌر العمٌق لتلك االكتشافات الحدٌثة بداٌة إلعادة إحٌاء الجدل العنٌؾ القابم
حول نظرٌة المعرفة واالنطولوجٌا بٌن الفالسفة ,ولكن بصورة بشكل أكثر جاذبٌة .فً السابق
كانت أفكار الفالسفة تطبخ فً رإوسهم ثم تقدم إلى العالم ,لكن اآلن تطبخ األفكار فً
المختبرات ثم تقدم إلى العالم ,وشتان بٌن هذا وذاك.
فً هذا الفصل سوؾ أتناول فً البداٌة تجربة ذات الشقٌن ,والتً كان لها األثر األعظم فً إثارة
البلبلة الفكرٌة فً الفٌزٌاء الحدٌثة .بعدها سنقوم بعرض أراء تٌاران أو مدرستان تسٌران فً
اتجاهان متعاكسان فً تفسٌر المكتشفات العلمٌة على الصعٌد الفلسفً .المدرسة األولى هً
(مدرسة كوبنهاؼن) ورابدها هو نٌلز بور ,المدرسة الثانٌة هً (المدرسة الواقعٌة أو العقلٌة)
ورابدها هو اٌنشتٌن.
1-5تجربة ذات الشقٌن
تصور بؤن لدٌنا مدفع ٌقوم بقذؾ جسٌمات كروٌة صؽٌرة باتجاه حاجز ٌحتوي على شق وحٌد,
ومن خلفه شاشة رصد ,حٌث تقوم بتشكٌل الشكل الناتج من القذؾ كما هو موضح بالشكل
) .(5-1من الطبٌعً جدا أن ٌتكون خط على شاشة الرصد ,وهذا هو ما ٌحدث فعال ,وإذا قمنا
بفتح شق آخر بجنب الشق السابق سنرى تكون خطٌن على شاشة الرصد كما فً الشكل ).(5-2
لنعد مرة أخرى إلى الشق الوحٌد ,ولكن بدال من أن نرسل جسٌمات مقذوفة ,سنقوم بإرسال
موجات ضوبٌة .فً هذه الحالة سوؾ تتكون خطوط ضعٌفة الشدة جدا على األطراؾ و خط
وحٌد عالً الشدة فً المنتصؾ ,ذلك الن الشدة تكون أعلى ما ٌمكن فً المنتصؾ ,الشكل
) .(5-3نقوم اآلن بنفس التجربة ,لكن على الشقان معا ,شًء ما مختلؾ سٌحدث ,عندما تصل
,حٌث تقوم الموجتان الموجة إلى الشقان وتخرج منهما سٌحدث تداخل بٌنهما
من كل شق ببناء بعضهما البعض فً بعض المناطق ,وهذا ما ٌسمى بالتداخل البناء
,و فً مناطق أخرى على الشاشة تقوم الموجتان بهدم
ٌ .ظهر الناتج بعضهما البعض ,وهو ما ٌسمى بالتداخل الهدام
الكلً على شكل خطوط سوداء وبٌضاء ,الشكل ).(5-4
حتى اآلن ال ٌوجد شًء ال معقول أو ؼٌر طبٌعً .لكن عند االنتقال بنفس التجربة إلى حدود
مٌكانٌكا الكم ,حٌث سنستبدل المقذوفات الكروٌة بالكترونات ,سنرى الالمعقولٌة بعٌنها.
فً التجربة األولى سنرسل االلكترونات إلى الشق الوحٌد ,والناتج خط على شاشة الرصد .ال
مشكلة فً ذلك ,لنقم اآلن بفتح الشقان ونرى الناتج على شاشة الرصد .ربما نتوقع ظهور خطٌن
على الشاشة ,لكن ما ٌحدث هو ظهور نموذج التداخل ,الشكل ) .(5-4فً الحقٌقة ال ؼرابة فً
ذلك إذا ما تذكرنا نظرٌة دي بروي التً تنص على أن االلكترونات ذات صفة مزدوجة,
جسٌمٌة وموجٌة .بذلك تكون االلكترونات شبٌه بالفوتونات ,و قد تصرفت و كؤنها موجات
ضوبٌة.
دعنا اآلن نتحاٌل قلٌال ونضعؾ شدة المدفع كثٌرا حتى ٌصل إلى درجة إطالق االلكترونات
واحدا تلو األخر .أي أن هناك فاصل زمنً معٌن بٌن الطلقة واألخرى .ماذا نتوقع أن ٌحدث بعد
مرور زمن كافً ٌمر فٌه عدد كبٌر جدا من االلكترونات المنفصلة عبر الشقٌن؟ الجواب هو
ظهور نموذج التداخل!! .هذا شًء عجٌب حقا ,عندما أرسلنا االلكترونات دفعة واحدة ,وجدنا
شكل معٌن على الشاشة وهو نموذج التداخل ,وعندما أرسلنا االلكترونات الواحد تلو األخر
بفارق زمنً معٌن وجدنا نفس الشكل .إن هذا الكالم مربك للؽاٌة ,فلو أرسلنا مجموعة من
األشخاص بدل االلكترونات لقلنا بؤنهم قد اتفقوا فٌما بٌنهم على أن ٌرتبوا أنفسهم بحٌث ٌظهر
نفس الشكل الذي كان عندما أرسلناهم دفعة واحدة .لكن هل االلكترونات تتفق فٌما بٌنها لتعطً
الشكل نفسه؟ هل تمتلك تلك الجسٌمات وعً معٌن؟ باإلمكان إجراء التجربة بشكل آخر ,نرسل
االلكترونات المفردة إلى شق معٌن واألخر مؽلق ,سٌتكون الشكل ) ,(5-1ثم نفتح الشق األخر,
من المفترض أن ٌتكون الشكل ) (5-2ولكن كما قلنا سٌتكون نموذج التداخل ,الشكل (5-4).هنا
تكمن قلب المشكلة ,إذ كٌؾ ٌمكن لحبات صؽٌرة تذهب إلى شق معٌن أن تتؤثر بفتح أو بإؼالق
قاذؾ جسٌمات
شكل )(5-1
حاجز ذو شقٌن
شكل )(5-2
شكل )(5-3
شكل )(5-4
الشق األخر؟
رؼم ؼرابة التجربة ,فان الحس العام ٌقول لنا بؤن اإللكترون المفرد ٌجب أن ٌمر من إحدى
الشقٌن ,إما األٌمن أو األٌسر .إذا كان األمر كذلك فٌمكننا معرفة الشق الذي سٌمر منه
اإللكترون ,وذلك بوضع كاشؾ ٌراقب كال الشقٌن .لكن ماذا عساه أن ٌكون ذلك الكاشؾ؟ البد
من استخدام ضوء فً نهاٌة األمر ,لكن هنا نتذكر مبدأ االرتٌاب ,فالضوء المكون من سٌل من
الفوتونات سٌصطدم بإلكترون ولٌس بكرة سلة .أي انه سٌإثر على كمٌة دفع اإللكترون
وموقعه ,كما بٌنا ذلك سابقا .بمعنى أخر سوؾ نقوم بتؽٌٌر شروط التجربة ,و بناءا على هذا
التؽٌٌر ,ستتؽٌر النتابج من الشكل ) (5-4إلى ) ,(5-2أي أن ظاهرة التداخل تزول تماما إذا تمت
مراقبة اإللكترون!!.
إذن كٌؾ نفسر اآلن ظاهرة التداخل عندما نقوم بإرسال االلكترونات فرادى الواحد تلو األخر.
إن الشعور العام ٌقول لنا بؤن اإللكترون المفرد ٌجب أن ٌدخل من إحدى الشقٌن ,وإذا دخل من
إحدى الشقٌن ٌجب أال ٌتؤثر بوجود أو عدم وجود شق أخر والعكس صحٌح .لكن ما رأٌنا أنه
ٌتؤثر بذلك ,إن ظاهرة التداخل التً تحدثها االلكترونات الفردٌة ٌجب أال تحدث إال بوجود
اقتران شًء ما بشًء أخر حتى لو أطلقنا االلكترونات فرادى .إذن ال ٌوجد أمامنا إال تفسٌر
واحد ,وهو وجود موجة اقتران مع كل إلكترون مفرد .حٌث ٌقوم اإللكترون لدى وصوله إلى
الشقان بضربهما فً وقت واحد بسبب طبٌعته الموجٌة ,لكن عندما ٌصل إلى الشاشة فؤنه ٌصل
كجسٌم ال كموجة !
لكن هذا التفسٌر ٌبدوا و كؤنه مزعج بعض الشًء ,وربما أنه قد أزعج فٌزٌابً نظري ممٌز
أراد تفسٌرا أكثرا واقعٌة أو أكثر جماال من التفسٌر السابق .لقد رأى أن تحدي الحس العام
لتفسٌر هذه المعضلة ٌعطً نتابج أكثر واقعٌة من التفسٌر السابق .فؤٌن المشكلة إذا قلنا أن
اإللكترون ال ٌمر عبر واحد من الشقٌن األٌمن أو األٌسر فقط ,بل ٌمر عبر كال الشقٌن فً أن
واحد! .فً الحقٌقة كان اقتراح ممٌز من فٌزٌابً ممٌز مرح ٌدعى رٌتشارد فاٌنمان
.
إن ما ٌشدد علٌه فاٌنمان هو ضرورة التخلً عن التفكٌر التقلٌدي فً مثل التجارب .فمن الخطؤ
أن نفكر بؤن اإللكترون من لحظة صدوره من المنبع سوؾ ٌسلك مسار واحد محدد ,وبالتالً
سوؾ ٌدخل من إحدى الشقٌن ,كما لو كانت طلقة رصاص مثال .لذلك ٌقول فاٌنمان فً هذا
الشؤن:
(إن ما ٌحق لنا أن نتوقعه هو أن ٌإدي فتح الثقب ,فً كل األحوال ,إلى مزٌد من الضوء القادم
إلى الكاشؾ ,لكن هذا ال ٌحدث فً الواقع .فمن الخطؤ إذن أن نقول بؤن الضوء ٌمر من هذا
الطرٌق أو ذاك .ومازال ٌفلت منً أن أقول جمال من قبٌل انه ٌمر من هنا أو من هناك ,لكن من
المهم أن تتذكروا أننً ,بهذا القول ,أقصد وجوب جمع السعات ]األسهم[[1]).
ٌشرح فٌها كٌؾ هناك طرٌقة رابعة قرأتها فً أحد كتب ستٌفن هوكٌنػ
ٌمكن لإللكترون أن ٌسلك عدة مسارات فً أن واحد .تخٌل أنك وضعت قطرة حبر على ورقة,
ثم بدأت هذه القطرة بالنزول إلى أسفل الورقة ,ثم وضعت شق دابري صؽٌر فً الورقة بحٌث
تصطدم بها قطرة الحبر .ماذا سٌحدث للقطرة؟ سوؾ تدور حول الشق من الجهتٌن .أي كما لو
قد سلكت مسارٌن فً وقت واحد .لكن هذا الكالم ال ٌحدث لو أنك قمت بدحرجة كرة بٌسبول
فً فتحة.
ٌجب علٌك اآلن أن ال تتساءل لماذا إذن ال نرى عدة مسارات فً األجسام العٌانٌة العادٌة .فلماذا
مثال ال نرى عدة مسارات للكرة عندما ٌقوم بركلها العب الكرة؟ كالعادة ,السبب فً ذلك هو
إهمال تؤثٌرات نظرٌة الكم وثابت بالنك .كذلك عندما ٌتم اقتران عدد بكل مسار للكرة ,فؤن هذه
المسارات تلؽً بعضها البعض عدا واحدا منها ,وهو المسار الذي تراه.
على الرؼم من أن مٌكانٌكا الكم ,ومقاربة فاٌنمان لمٌكانٌكا الكم تعطٌان تنبإات إحصابٌة تتوافق
مع التجربة ,إال أن تفسٌر هذه التجربة على الصعٌد الفكري والفلسفً ظل ؼامضا جدا .إذ كٌؾ
ٌتسنى إللكترون أن ٌسلك مسارٌن مختلفٌن فً وقت واحد؟ بهذه الحالة أصبح ٌتواجد فً مكانٌن
مختلفٌن فً وقت واحد!!.ثم لماذا ٌزول أثر التداخل عندما نضع كاشؾ لرصد اإللكترون من أي
شق سٌدخل؟ فهل الطبٌعة تطوي أسرارها ,كما ٌقول ٌقول فاٌنمان ,بؤنها:
( قد تدبرت أمرها جٌدا بحٌث تمنعنا من معرفة طرٌق عملها :عندما نضع أجهزة وظٌفتها أن
تتنبؤ عن الطرٌق الذي اختاره الفوتون نحصل على الجواب المنشود ,لكن مفعوالت التداخل
الرابعة تزول! وإذا لم نضع تلك األجهزة ,أي إذا تخلٌنا عن معرفة طرٌق الفوتون ,فؤن
مفعوالت التداخل تعود إلى الوجود! ألٌس هذا ؼرٌبا جدا!؟)][2
فهل اإللكترون عندما ٌراقب ٌتصرؾ بشكل ,وعندما ال ٌراقب ٌتصرؾ بشكل آخر؟ بهذه
الطرٌقة ٌكون اإللكترون معتمدا على الراصد حتى ٌظهر على شكل معٌن .إن هذا ما تقوله لنا
مدرسة كوبنهاؼن بقٌادة زعٌمها بور .لقد أطلقوا على هذا التفسٌر اسم (انهٌار الدالة الموجٌة )
لتفسٌر سلوك اإللكترون الؽرٌب اعتمدت مدرسة كوبنهاؼن على خمس مبادئ أساسٌة ,وهً:
ٌ -1نص مبدأ االرتٌاب على عدم القدرة على معرفة جمٌع خصابص النظام فً آن واحد .وحتى
لو عرفنا معلومات عن متؽٌر معٌن فؤنه ٌكون بشكل احتمالً.
ٌ -1نص مبدأ التتام على الطبٌعة المزدوجة للجسٌمات ,فالجسٌم الذري إما أن ٌظهر بشكل جسٌم
أو موجة ,لكن ال ٌمكن أن ٌظهر على الهٌبتٌن فً وقت واحد.
ٌ -1نص مبدأ المقابلة على وجود تطابق عام بٌن تنبإات مٌكانٌكا الكم والمٌكانٌكا الكالسٌكٌة فً
الحاالت التً توصؾ بؤعداد كمٌة كبٌرة .أي أن المٌكانٌكا الكالسٌكٌة حالة خاصة لمٌكانٌكا
الكم.
بناءا على ذلك نستطٌع تفسٌر تجربة ذات الشقٌن كالتالً :عندما ٌصدر اإللكترون المفرد من
منبعه ,نستطٌع تصوره وقد خرج على شكل موجة ,وعندما ٌدخل من كال الشقٌن ٌتداخل مع
نفسه ,و إذا تداخالت كل االلكترونات المفردة مع نفسهاٌ ,نتج الشكل ) .(5-4لكن إذا قمنا بوضع
كاشؾ عند الفتحتٌن ,فؤن الفوتون سوؾ ٌصدم اإللكترون مما ٌإدي إلى تؽٌٌر حالته األولى
(الموجٌة) الى الحالة الثانٌة (الجسٌمٌة) ,فٌقوم اإللكترون بضرب الشاشة كجسٌم ,وبالتالً ٌظهر
الشكل ).(5-2
إن ملخص ما تقوله لنا مدرسة كوبنهاؼن ,هو عدم وجود حالة معٌنة قبل عملٌة القٌاس .فالقٌاس
هو كل شًء فً التجربة .لو تخٌلنا بؤن لدٌنا صندوق فٌه إلكترون (نظام) ,وٌوصؾ هذا النظام
بالدالة 𝜓 ,فؤن هذا االلكترون ال ٌكون لدٌه 𝜓 محددة قبل عملٌة القٌاس ,وبالتالً لٌس لدٌه موقع
أو كمٌة دفع أو طاقة أو أي متؽٌر آخر قبل عملٌة القٌاس .بل كل ما ٌمكن تصوره هو وجود
حالة تمازج من الدالة 𝜓 ,وفقط ٌزول هذا التمازج عند عملٌة القٌاس أو المشاهدة.
فً الحقٌقة ٌدخلنا تفسٌر كوبنهاؼن فً مشاكل عدٌدة على المستوى الفلسفً .فإذا كانت هناك
عالقة مباشرة بٌن الراصد والمرصود ,سوؾ ٌدخلنا ذلك فً مشكلة عالقة الوعً بالوجود .إن
الواقع ال ٌنشا إال عندما نحس به ونستحضره فً أذهاننا .على الرؼم من عدم صالحٌة هذا
القول على األجسام الكبٌرة ,حٌث تهمل التؤثٌرات الكمومٌة ,إال أن األجسام الكبٌرة لٌست فً
النهاٌة سوى إلكترونات وبروتونات وكواركات.
هامش الفصل الخامس
] [1عجابب الضوء والمادة تجرٌبا وتؤوٌال ,رٌتشارد فاٌنمان ,ترجمة :أدهم السمان (مإسسة
الكوٌت للتقدم العلمً ,الطبعة األولى.)0553 ,
لكن أٌنشتٌن لم ٌكن الوحٌد المنزعج من تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن .فٌبدوا أن شرودنؽر الذي
وضع معادلة الحركة األساسٌة فً مٌكانٌكا الكم ,كان هو اآلخر منزعجا أٌضا .لذلك وضع
تجربة ذهنٌة عبر فٌها عن رفضه لتفسٌر كوبنهاؼن ,وتعرؾ باسم (مفارقة قطة شرودنؽر).
هب بؤن لدٌنا صندوق مزود بؽطاءٌ ,حتوي على قطة ومادة مشعة وعداد جاٌجر (لرصد المادة
المشعة) وؼاز سام .فً حالة تفكك المادة المشعة ٌقوم عداد جاٌجر برصد ذلك ,وبعدها ٌعطً
إشارة إلطالق الؽاز السام وتموت القطة .لنفترض بؤن احتمال تفكك ذرة واحدة من المادة
المشعة خالل ساعة واحدة هو خمسٌن بالمابة تماما .اآلن ,لو تركنا الصندوق لمدة ساعة ,ثم
قمنا بفتحه ,فماذا سنتوقع؟ إن الحس العام ٌقول لنا ,إما أن تكون القطة حٌة وعداد جاٌجر لم
ٌلتقط أي شًء من المادة المشعة ,وعلٌه فؤن الؽاز السام لم ٌطلق ,أو ٌكون لدٌنا االحتمال
األخر ,وهو أن القطة أصبحت فً عداد الموتى وأن عداد جاٌجر قد رصد تفكك المادة المشعة,
وبالتالً أطلق الؽاز السام.
ربما أراد شرودنؽر من خالل هذه التجربة بٌان التناقض الفكري الذي وقعت به مدرسة
كوبنهاؼن .فتفسٌر تلك المدرسة كما بٌناه فً السابقٌ ,فترض بؤن الذرات تكون فً حالة تراكب
من الدالة 𝜓 ,وتنهار جمٌع تلك التراكبات عند لحظة القٌاس وال تبقى إال حالة واحدة ,وهً التً
ٌشاهدها الراصد .لكن من المفترض أن هذا التفسٌر ٌنطبق على الذرات فقط ,فهل ٌنطبق على
القطط أٌضا؟ أي هل ستكون القطة حٌة ومٌتة فً نفس الوقت ,وفً اللحظة التً ٌفتح فٌها
المراقب الصندوق تنهار حاالت التراكب ,لٌمنح القطة الحٌاة أو الموت؟!!
ان جواب مدرسة كوبنهاؼن هو نعم!! .إن النظام بكامله ٌوصؾ بتراكب الموجات طالما أنه
مكون من ذرات .فً هذه الحالة سٌكون لدٌنا تراكب موجتٌن :األولى (الذر لم تتفكك /القطة
حٌة) والثانٌة (الذرة تفككت /القطة مٌته) .بناءا على ذلك تكون القطة مٌته وحٌة بنفس النسبة
والوقت .أي أنها قً حالة تراكب موجتً الحٌاة والموت:
على الرؼم من أن هذه التجربة الذهنٌة تبٌن مؽالطة تفسٌر كوبنهاؼن للحس العام ,إال انه ٌبدو
بؤن مدرسة كوبنهاؼن لم تعد تؤبه للحس العام كثٌرا ,وتصر على تراكب الحاالت فً كل شًء.
فقبل عملٌة الرصد ٌكون الشًء مزٌج من حالة وعكس الحالة .بكلمات أخرىٌ ,كون الشًء قبل
عملٌة الرصد مزٌج بٌن حالة ما وعدمها بنسبة , 50:50%وفقط عند الرصد (فعل المشاهدة)
ٌزول تراكب الحالة وٌستحٌل إلى ما تشاهده.
بور :إذا أردنا أن نحدد موقع إلكترون فً ذرة ما فً مداره ,فماذا نفعل؟
اٌنشتٌن :إن مبدأ صدٌقك هاٌزنبٌرغ االرتٌابً ,ال ٌروق لً كثٌرا .أعتقد بؤن فٌه نقص ما .أال
تعتقد بؤن هناك طرٌقة ما نستطٌع من خاللها تحدٌد كل من الموقع وكمٌة االندفاع فً آن واحد؟
بور :ال أعتقد ذلك .عندما نسلط طول موجً طوٌل على اإللكترون ,تنتظم موجة اإللكترون من
جدٌد فً بعد الطول الموجً للضوء المسلط .وعندما نستخدم طول موجً قصٌر (كمٌة دفع
كبٌرة) فؤنك تعلم بؤن هذا ٌإدي إلى اندفاع عنٌؾ لإللكترون ,وبالتالً نفقد المعلومات عن كمٌة
اندفاعه.
ربما تكون الطبٌعة بهذا الشكل سخٌفة وال معقولة أبدا ,ولكن ماذا نفعل؟ .إنها ذات وجهٌن,
موجً وجسٌمًٌ ,ظهر إحدى الوجهٌن إذا توافرت له الشروط الالزمة .إنهما فً النهاٌة وجهان
لعملة واحدة ,تظهر إحداهما فً ؼٌاب األخرى.
بور :الراصد.
اٌنشتٌن :انك كمن ٌقول بؤن اإللكترون لٌس له موقع محدد قبل عملٌة القٌاس؟
بور :تماما.
بور :كما قلت لك ,إننً ال اهتم إال بما نقول نحن عن الطبٌعة .فكما نطلق علٌها نحن اسم
خصابص ثابته ,نستطٌع تصورها ثابته قبل عملٌة الرصد .انه تصورنا نحن ,وهذا هو المهم
عندي.
اٌنشتٌن :إذن كٌؾ تستطٌع أن تعٌش فً عالم ال تإمن به بوجود قوانٌن السببٌة والحتمٌة؟ وأننا
كمراقبٌن فٌه ,نإثر فٌه.
بور :إن ما أٌقوله ٌنطبق على عالم الكم فقط ,لكن بالنسبة لعالمنا المربً ,فؤن الطبٌعة تعلم كٌؾ
تتدبر أمرها جٌدا ,حتى نإمن بالسببٌة والحتمٌة وعدم تؤثٌرنا فٌهما.
بور :عندها لن ٌكون هناك إال قانون واحد ,وهو عدم وجود أي قانون.
أٌنشتٌن :ال تدعنا نسبق األحداث كثٌرا ,إن أهم ركٌزة بالنسبة لكم ,والتً تبنون فلسفتكم علٌها
,قد و روزن n هو مبدأ عدم الٌقٌن .أود أن أقول لك بؤننً أنا و بودولسكً
كتبنا نشرة تبرهن بؤن الخصابص المتؽٌرة للجسٌمات الذرٌة لها كمٌات متؽٌرة محددة قبل
عملٌة الرصد .وهذا ٌبرهن بؤن مبدأ االرتٌاب فٌه نقص ما .إننا نصر على أن أي تجربة من
شؤنها أن تتناقض مع مبدأي الحتمٌة والسببٌة ,إنما ٌكون ذلك نابعا بجهلنا فً حقٌقة األمور .إننً
,لٌست متضمنة فً معادالت مٌكانٌكا أإمن بوجود (عوامل خفٌة)
الكم ,وإذا ما أحطنا بشكل كامل بسٌر هذه العوامل ,سنحصل بالتؤكٌد على الصورة الكاملة للعالم
القابم على السببٌة والحتمٌة.
هناك نقطة مهمة ٌجب معرفتها قبل تكملة المفارقة .فً مٌكانٌكا الكم ال ٌمكن قٌاس كل مركبات
أي قٌمة دٌنامٌكٌة متؽٌرة فً نفس الوقت .مثال ,لو قسنا مركبة كمٌة الحركة لجسٌم ما على
المحور ,فال ٌمكن عندها قٌاس أو معرفة مركبات كمٌة التحرك على المحاور االخرى و
.بالتؤكٌد السبب فً ذلك ,مبدأ االرتٌاب.
لنعد اآلن إلى تجربتنا .إذا قمنا بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون األول ,سٌإدي ذلك مباشرة
إلى معرفة كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون الثانً بدون قٌاسه .السبب فً ذلك هو مبدأ حفظ كمٌة
التحرك المؽزلً الكلٌة .هناك نقطة مهمة فً التجربة ,وهً افتراض أن قٌاس كمٌة الدوران
المؽزلً ألحد الجسٌمات ال تإثر فً أي حال من األحوال على الجسٌم األخر ,سواء كانت
المسافة بٌ نهما تقاس بالمٌكرومتر أو بالسنٌن الضوبٌة .من ٌوافق على ذلك ٌجب أن ٌوافق على
التالً:
نقوم بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون األول على المحور ,عندها سنكون ؼٌر قادرٌن
على معرفة كمٌة الدوران المؽزلً على المحاور االخرى و .وهذا ٌوافق مبدأ االرتٌاب.
بعدها نقوم بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون الثانً على المحور ,وبالتالً سنكون ؼٌر
قادرٌن على معرفة كمٌة الدوران المؽزلً على المحاور االخرى و .االن ,ان قٌاسنا لكمٌة
ٌجعلنا قادرٌن على معرفة كمٌة الدوران الدوران المؽزلً للفوتون األول على المحور
المؽزلً للفوتون الثانً على المحور ,بحسب مبدأ حفظ كمٌة الدوران المؽزلً .بالمثل ,إذا
قمنا بقٌاس كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون الثانً على المحور ,سنكون قادرٌن على معرفة
كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون االول على المحور .
𝛾 𝛾
شكل )(6-1
النتٌجة من ذلك ,هً إمكانٌة تحدٌد كمٌة الدوران المؽزلً للفوتون األول وكذلك الثانً على كال
المحورٌن و فً نفس الوقت .هذا بالتؤكٌد ٌخالؾ مبدأ االرتٌاب ,القابل بعدم امكانٌة قٌاس
كمٌة الدوران المؽزلً على كال المحورٌن فً نفس الوقت.
من تلك التجربة نخرج بالنتابج التالٌة :أوال :طالما أن قٌاسنا لكمٌة الدوران المؽزلً ألي جسٌم
ٌجعلنا على علم بمقدار كمٌة الدوران المؽزلً للجسٌم األخر ,فهذا ٌعنً أن الجسٌم األخر له
كمٌة دوران مؽزلً قبل إجراء أي قٌاس علٌه .هذا ٌتناقض مع ما ذهب إلٌه بور ,من عدم
وجود أي قٌمة محددة ألي كمٌة متؽٌرة قبل عملٌة القٌاس .ثانٌا :تبٌن هذه التجربة إمكانٌة قٌاس
مركبتان من كمٌة الدوران المؽزلً فً آن واحد .وهذا كما قلنا ٌخالؾ بشكل واضح مبدأ
االرتٌاب .نستطٌع بنفس األسلوب أن نقٌس موقع وكمٌة تحرك الفوتون فً آن واحد .حٌث نقٌس
موقع الفوتون األول ,وهذا ٌعطً بشكل مباشر موقع الفوتون الثانً ,ونقٌس كمٌة الحركة
للفوتون الثانً ,وهذا ٌعطً بشكل مباشر قٌمة كمٌة الحركة للفوتون األول .بذلك ,حددنا كل من
موقع وكمٌة الحركة لكل من الفوتونٌن فً آن واحد .أخٌرا :إذا كان هناك تؤثٌر لحظً ؼٌر
بٌن الجسٌمات ,أي أن أحدهما ٌإثر فً األخر بشكل مباشر أو آنً, متموضع
فهذا ٌخالؾ مبدأ النظرٌة النسبٌة الخاصة ,الذي ٌنص على أن الضوء هو الحد األعلى للسرعة
فً الكون .إن التؤثٌر بٌن الجسٌمات(إن وجد) ٌجب أن ٌنتقل بسرعة أبطا من سرعة الضوء.
. أي ٌكون متموضع
ٌا ترى هل ٌكون أٌنشتٌن ورفاقه على حق من هذه المفارقة؟ ألٌست التجربة منطقٌا جدا؟ ألم
ٌعتمدوا على قانون حفظ الطاقة ,الذي ٌوافق علٌه جمٌع الفٌزٌابٌٌن بمن فٌهم بور ورفاقه .لقد
وضعت هذه التجربة الذهنٌة مدرسة كوبنهاؼن فً مؤزق حرج جدا ,استمر لمدة تسعة وعشرٌن
,لٌعلن بؤن المتؽٌرات الخفٌة الموضعٌة, عاما ,حٌنها أتى الفٌزٌابً االٌرلندي جون بٌل
إن وجدت ,فستكون ؼٌر قادرة على إعطاء جمٌع نبإات مٌكانٌكا الكم اإلحصابٌة.
كانت األفكار الواردة فً نشرة أ .ب .ر ,فً البداٌة مجرد أفكار ذهنٌة .ما حاول بٌل القٌام به
هو اختبار هذه التجربة فعلٌا .لذلك لم تنفذ هذه التجربة إلى فً السنوات األخٌرة ,بعدما تطورت
التكنولوجٌا بشكل كافً.
نعود اآلن إلى الباٌون المتعادل الذي ٌنحل إلى فوتونٌٌن لهما كمٌة دوران مؽزلً متعاكسة ,إن
التجارب التً أجرٌت الختبار مفارقة أ .ب .ر ,لم تعتمد على كمٌة الدوران المؽزلً للفوتونات,
ٌ .مكن وصؾ االستقطاب بل اعتمدت على كمٌة أخرى تسمى االستقطاب
بالنسبة للضوء باتجاه المجال الكهربابً فً الفضاء .فعندما ٌنتشر الضوء (موجات
شكل )(6-2
تكون خطوط المجال الكهربابً عمودٌة على جهة انتشار الموجة الكهرومؽناطٌسٌة.
كهرومؽناطٌسٌة) ,تكون خطوط المجال الكهربابً عمودٌة على اتجاه انتشاره فً كل
االتجاهات ,كما هو موضح بالشكل) .(6-2لكن إذا أردنا الحصول على خطوط مجال كهربابً
.حٌث ٌجعل هذا األخٌر تهتز وفق منحنى معٌن ,نقوم بوضع ما ٌسمى (المقطب)
خطوط المجال الكهربابً تمر فً منحنى خاص نقوم نحن بتحدٌده ,كما هو موضح بالشكل
) .(6-3هذا هو مبدأ عمل النظارات الشمسٌة.
لنفترض اآلن بؤنه لدٌنا مصدر من الباٌونات المشعة للفوتونات ,ولنفترض كذلك بؤن كل واحد
من الفوتونات المنطلقة له اتجاه استقطاب ,إما إلى أعلى أوالى أسفل .نضع اآلن مقطبٌن فً
طرٌق كل من الفوتونٌن المنطلقٌن .بحسب مبدأ حفظ الكمٌات ,فؤنه إذا ما علمنا عن حالة
استقطاب أحد الفوتونٌن لدى وصوله إلى المقطب ,سوؾ نعلم عن حالة األخر بدون قٌاسه.
مثال ,لو عبر الفوتون المتجه إلى المقطب ( )Aمنه ,فؤننا نستنتج بؤن الفوتون الذاهب إلى
المقطب ( ,)Bسوؾ ٌعبر هو األخر ,بدون إجراء أي قٌاس علٌه .وإذا لم ٌعبر الفوتون األول
من المقطب ( ,)Aفؤن الفوتون الذاهب إلى المقطب (ٌ )Bجب أال ٌعبر كذلك.
فً البداٌة سنضع المقطبٌن بشكل متوازي مع كل من الفوتونٌن المنطلقٌن ,كما هو موضح
بالشكل (ٌ.)6-4وجد راصدان عند كل من المقطب ( )Aو( ,)Bحتى ٌخبرانا بحالة استقطاب كل
من الفوتونٌن المنطلقٌن بشكل متعاكس .فً هذه الحالة ستكون نتابج كال الراصدٌن متطابقة
تماما .هذا متوقع ,ألنه إذا كانت حالة استقطاب الفوتون المتجه إلى المقطب ( )Aعمودٌة ,أي
موازٌة التجاه المقطب ,فؤن الفوتون سوؾ ٌعبر ,بهذا نكون قد علمنا عن حالة استقطاب
الفوتون الذاهب إلى ( )Bقبل أن ٌقٌسه الراصد الموجود هناك .حتى اآلن ٌسٌر كل شًء بشكل
مع محور المقطب ( ,)Aكما هو موضح جٌد .نقوم اآلن باستدارة المقطب ( )Bبزاوٌة
بالشكل ).(6-5
شكل )(6-3
اآلن ,إذا عبر الفوتون المتجه إلى المقطب ) ,(Aفؤننا نكون قد علمنا بؤن حالته قبل الوصول
كانت عمودٌة ,وبالتالً ٌجب أن تكون حالة الفوتون الذاهب إلى المقطب ) (Bأٌضا عمودٌة,
مع منحنى المقطب ) .(Aلكن وبالتالً لن ٌعبر من المقطب ,الن المقطب ) (Bمابل بزاوٌة
هذا ما افترضناه نظرٌا ,إن التجربة تعطً نتابج أخرى! .حٌث سٌجد الراصد الموجود عند
المقطب ) (Bبؤن نصؾ الفوتونات قد عبر ,ونصفها األخر لم ٌعبر؟!! أي أن هناك حالة تطابق
بنسبة خمسون بالمابة بٌن نتابج الراصد ) (Aو ) .!(Bلماذا ٌمر بعض هذه الفوتونات وٌمتنع
بعضها األخر؟ ألٌس من المفروض بؤن ال ٌمر أي منها ,ألننا قد علمنا عن حالتهما قبل عملٌة
القٌاس.
كانت إحدى المحاوالت األولى لحل هذه المعضلة ,هً افتراض وجود ترابط أو تشابك بٌن كل
من الفوتونٌن أو المقطبٌن .لكن نتٌجة هذا الحل هو اختراق مبدأ أساسً ,وهو عدم وجود إشارة
تنتقل بؤسرع من سرعة الضوء .نحن نعلم بؤن الفوتونٌن لهما سرعة الضوء نفسها ,وبالتالً
صدور إشارة من المقطب ) (Aفً حالة وصول الفوتون إلٌه إلى المقطب ) (Bلٌعلمه بؤن
الفوتون الخاص به قد عبر أو ال ,ستكون أسرع بكثٌر من سرعة الضوء .وهذا كما قلنا ٌتناقض
مع مبدأ فٌزٌابً أساسً ,وهو أن سرعة الضوء هً الحد األعلى للسرعة فً الكون .ما هو
الحل إذن؟
الحل هو أن بور ورفاقه كانوا على حق فً ادعابهم بؤن الكمٌات المتؽٌرة لٌست لها قٌمة محددة
قبل عملٌة القٌاس .إن حالة استقطاب الفوتون الذاهب إلى المقطب ) (Aأو الذاهب إلى المقطب
) (Bلٌس لها قٌمة أو معنى محدد قبل االصطدام بالمقطب .فحالة استقطاب الفوتون قبل أن
ٌصطدم بالمقطب عبارة عن تراكب من عدة حاالت .لذلك نستطٌع افتراضا بؤن حالة استقطاب
المقطب )(B المقطب )(A
شكل )(6-4
ٌصدر المصدر المشع فوتونٌن متعاكسٌنٌ ,ذهبان إلى مقطبٌن فً وضعٌة توازي مع اتجاه استقطاب كال الفوتونٌن.
الفوتون قبل عملٌة القٌاس مكونة من موجتً احتمال ,إحداهما موازٌة لمحور المقطب واألخرى
عمودٌة علٌه .الشكل ) .(6-6كل واحدة من هذه الموجتٌن لها شدة احتمال معٌنة ,تكون هً
المسإولة عن احتمالٌة عبور الفوتون أو عدم عبوره .ففً الحالة األولى ,عندما كان اتجاه
المقطبٌن متوازٌان ,شكل ) ,(6-4كان سبب تطابق النتابج هو وضعٌة المقطبٌن نفسها .فوضعٌة
المقطبٌن بشكل عموديٌ ,زٌد من فرصة عبور موجة االحتمال العمودٌة بشكل كبٌر .لكن هذا
ال ٌعنً بؤنه فً كل مرة سوؾ ٌعبر كال الفوتونٌن ,فهناك احتمال أٌضا ,ولكن ضبٌل جدا بؤن ال
ٌعبر الفوتونٌن .لكن ٌبقى الترابط بٌن الفوتونٌن موجودا فً كل عملٌة قٌاس .إذن ٌحق لنا
القول ,بؤن الراصد هو المسبول عن تحدٌد ما إذا كان الفوتون سٌعبر أو ال ,وذلك عن طرٌق
مع تحكمه بوضعٌة المقطب نفسها .لذلك عندما وضعنا المقطب ) (Bمابال بزاوٌة
المقطب) ,)Aأصبحت فرصة عبور كال موجتً االحتمال العمودٌة واألفقٌة متساوٌة ,أي
خمسون بالمابة لكلٌهما .وهذا ٌفسر لنا لماذا خرجت نصؾ الفوتونات وامتنع النصؾ األخر عن
,ستتؽٌر شدة الخروج .وهكذا إذا قمنا بزٌادة درجة مٌالن المقطب ) (Bبزاوٌة أكثر من
االحتمال بحٌث تزداد فرصة عبور موجة االحتمال األفقٌة أكثر ,حتى إذا ما وصلت زاوٌة
,تصبح فرصة عبور الموجة األفقٌة كبٌرة جدا. المٌالن إلى
هل تثبت ٌا ترى هذه التجربة صحة رأي مدرسة كوبنهاؼن ,القابل بعدم وجود قٌمة محددة
للكمٌات الفٌزٌابٌة قبل عملٌة القٌاس؟ .فً الحقٌقة لقد تقبل الفٌزٌابٌٌن هذا الرأي الخٌالً
تدرٌجٌا ,وكثٌرا منهم الٌوم ٌعتنقون هذا الرأي ,وٌبدوا لً بالفعل أنه صحٌح .لقد حاول أٌنشتٌن
ورفاقه وضع تجربة لتثبت صحة رأٌهم ,ولكن ٌبدو أن السحر قد انقلب على الساحر ,وباتت تلك
التجربة أعظم دلٌل ضدهم.
شكل )(6-5
تصور أن فؽنر جالس فً مختبره مع صدٌقه ,ثم أحس بالجوع وذهب لٌؤكل شٌبا ما .بعد ذلك
أراد الصدٌق ,وهو بالتؤكٌد فٌزٌابً المع ,أي ٌسلً نفسه قلٌال رٌثما ٌعود فؽنر .فقرر القٌام
بتجربة قطة شرودنؽر .بدأ العمل ,فوضع القطة والؽاز السام والمادة المشعة وعداد جاٌجر فً
صندوق ثم أقفله ,وانتظر لمدة ساعة حتى تتفكك المادة المشعة .بموجب تفسٌر مدرسة كوبنهاؼن
تكون القطة لٌست بحٌة وال مٌته ,بل فقط هً امتزاج بٌن هذا وذاك فً عقل الراصد (صدٌق
فؽنر) ,وفً اللحظة التً ٌفتح بها الصندوقٌ ,زول تراكب الحاالت نتٌجة الرصد,
شكل )(6-6
ال ٌكون استقطاب الفوتون على حالة محددة قبل إجراء قٌاس علٌه .فهو مركب من موجتً احتمال ,إحداهما موازٌة
لمحور المقطب واألخرى عمودٌة علٌه.
وتظهر القطة إما حٌة أو مٌته .لكن مهال ,لقد خدع فؽنر صدٌقه ,فهو لم ٌذهب لٌتناول الطعام,
بل ظل ٌراقب صدٌقه والصندوق الذي ٌحوي القطة من نافدة المختبر .أي كؤنه قد وضع صدٌقه
فً صندوق كبٌر وهو المختبر ,وصدٌقه قد وضع القطة فً صندوق صؽٌر .هنا تبرز المفارقة,
فبموجب مٌكانٌكا الكمٌ ,كون رصد الصدٌق للقطة هو نفسه منشق الى قسمان فً عقل فؽنر,
وهما (القطة مٌته/الصدٌق حزٌن) و (القطة حٌة /الصدٌق سعٌد)ٌ .نتج من ذلك السإال المحٌر
التالً :هل فؽنر له تؤثٌر على حٌاة أو موت القطة؟ إذا كان الصدٌق هو من قرر سلفا نتٌجة
لرصده موت أو حٌاة القطة ,فال ٌكون لرصد فؽنر أي تؤثٌر.لكن بموجب تفسٌر مدرسة
كوبنهاؼنٌ ,جب أن تكون نتٌجة رصد الصدٌق نفسها منقسمة إلى قسمان فً عقل فؽنر .بمعنى
أخر ,هل حالة القطة قد حددها صدٌق فؽنر وانتهى األمر ,وأن فؽنر ٌشاهد فقط ما حدده
الصدٌق ,أم أن األمر ٌعتمد على رصد فؽنر لالثنٌن؟
إحدى المشاكل فً مفارقتً قطة شرودنؽر وصدٌق فؽنر تكمن فً حدوث أحد االحتمالٌن فقط,
فالقطة بعد فتح الصندوق تكون إما حٌة أو مٌته .لكن إذا ظهر أحد االحتمالٌن ,أٌن ٌذهب
االحتمال األخر؟ تبدو اإلجابة من وجهة نظر مدرسة كوبنهاؼن ,ومن وجه نظر عامة ,بؤن
ال ٌعتقد ذلك ,انه ٌؤخذ االحتمال الثانً قد تالشى .لكن هٌو اٌفٌرت الثالث
مٌكانٌكا الكم بكامل حرفٌتها ,وٌقول لنا بؤن االحتمالٌن حتى بعد فتح الصندوق (الرصد) ٌبقٌان
موجودٌن ,لكن كل واحد منهما ٌظهر فً كون مختلؾ! .إننا نعٌش فً عدد النهابً من األكوان
المتوازٌة!!.
حتى نشرح نظرٌة اٌفٌرت ,نعود الى صدٌق فؽنر الذي ٌرصد حالة القطة داخل الصندوق .فكما
قد بٌنا سابقا من تفسٌر كوبنهاؼن ,تكون القطة مزٌج من حاالت متراكبة ما بٌن الموت والحٌاة,
وفقط فً اللحظة التً ٌفتح بها الصدٌق الصندوق ٌزول تراكب الحاالت ,وتظهر إحدى
الحالتٌن ,الموت أو الحٌاةٌ .تفق اٌفٌرت مع كل ما تقوله مدرسة كوبنهاؼن حول النقاط السابقة,
ولكنه ٌختلؾ معهم فً النقطة األخٌرة .فهو ٌقول بؤن عملٌة الرصد ال تخلق حالة معٌنة وتزٌل
األخرى ,بل إن الحالتٌن معا تقعان!!.
هنا ٌحدثنا اٌفٌرت عن فكرته الجدٌدة ,فعندما ٌقوم الصدٌق بفتح الصندوقٌ ,نشق الصدٌق
والصندوق إلى نسختٌن .بمعنى أخر قد ٌتم نسخ الكون إلى كونٌن ,كل واحد من هذٌن الكونٌن
ٌمثل نتٌجة محتملة .لذلك سنجد فً النسخة األولى أن القطة حٌة والصدٌق سعٌد ,وفً النسخة
األخرى تكون القطة فً عداد الموتى والصدٌق حزٌن.
ولكن وهلل الحمد ,كل نسخة فً الكون ال تعً هذا االنشقاق .إذن نحن البشر فً كل لحظة نفتح
أو نتذوق أو نرى أو نشم أو نسمع شٌبا ما ,فؤننا ننشق إلى عدد ال نهابً من األكوان المتوازٌة.
كل واحد من هذه األكوان ٌمثل إحدى النتابج المحتملة للرصد.
لتوضٌح الفكرة بشكل أكبر ,تصور أنك جالس فً مطعم و أمامك بٌتزا من نوع معٌن .قبل أن
تؤكل البٌتزا ٌكون فً رأسك عدة احتماالت متوقعة لطعم البٌتزا .لكن بمجرد أن تؤكل البٌتزا
ٌزول هذا االمتزاج الحاصل فً رأسك ,وتبقى حالة واحدة ,وهً التً تتذوقها .لكن اٌفٌرت
ٌقول لك ,بؤنك سوؾ تنقسم إلى عدد من النسخ ٌساوي عدد االحتماالت التً كانت فً رأسك
لطعم البٌتزا قبل األكل .أي أنك تتذوق جمٌع االحتماالت التً كانت فً رأسك فً آن واحد!
لكنك ال تعً إال حالة واحدة ,وهً التً تحس بها!!
كانت صورة الفٌزٌاء حتى بداٌة القرن العشرٌن قابمة على الحس العام حول الحقٌقة
الموضوعٌة ,بوجود العالم الخارجً ,بؽض النظر إن كان هناك من مراقب ما ٌقوم بعملٌة
المشاهدة أو ال .فكل شًء فً الكون قابم على السببٌة و الحتمٌة ,وبفضل قوانٌن الفٌزٌاء
الكالسٌكٌة نستطٌع التنبإ بحركة أكبر المجرات إلى أصؽر الذرات .إن الكون عبارة عن آلة
عمالقة قد أطلقت للعمل ,ولٌس لإلنسان أي دور فً هذه العملٌة .انه فقط جزء من تلك اآللة
العمالقة.
لكن هذه الصورة لم تدم طوٌال ,فلقد تم اكتشاؾ مٌكانٌكا الكم فً بداٌة القرن العشرٌن .ورأٌنا
كٌؾ زعزعت هذه النظرٌة مفاهٌم الحس العام حول الحقٌقة الموضوعٌة .لقد تحول اإلنسان من
مجرد جزء من آلة عمالقة إلى فاعل نشٌط فً هذا الكون ,والفضل فً ذلك ٌعود إلى مبدأ عدم
الٌقٌن ,العمود الفقري لمٌكانٌكا الكم.
ٌنص مبدأ عدم الٌقٌن على عدم إمكانٌة القدرة على قٌاس كل من موقع وكمٌة تحرك لجسٌم ما.
وقد شرحنا األسباب فً الفصل الرابع .لكن علٌنا أن نفهم هذا المبدأ بشكل أوسع .إن قٌاسنا
لكمٌة الحركة بشكل أكثر دقة ,ال ٌعنً أن الموقع موجود فً مكان ما ,ولكننا عاجزٌن عن
تحدٌده .بل إن فكرة الموقع نفسها تصبح بال معنى أصال .فً الحقٌقة ال ٌطابق مبدأ عدم الٌقٌن
الحس العام أبدا .تصور بؤن شخص ما ٌقول لك :سوؾ أتحرك اآلن ,لكن بدون أن ٌكون لً
موقع! .أٌن سٌتحرك إذن؟ ال شك بؤن ذلك ٌشعرنا بتناقض عقلً صرٌح .هل تستطٌع تصور
شٌبا ما ٌتحرك ,لكن بدون أن ٌكون له موقع؟! ٌبدوا انه من العسٌر جدا أن نفكر فً شًء كهذا.
إذن كٌؾ نبرر ذلك؟ نحن نعلم بؤن مبدأ عدم الٌقٌن صحٌح تماما لنا الٌوم ,وقد أٌدته التجارب
كثٌرا ,وبدونه ال ٌكتمل صرح مٌكانٌكا الكم الرابع .لكن لماذا ال نستطٌع التفكٌر فٌه واقعٌا؟
السبب فً ذلك ,هو أننا قد اعتدنا التفكٌر فً عالم ذي ثالثة أبعاد ,تسٌر فٌه األجسام فً زمن
تجري فٌه اللحظات الزمنٌة بشكل متصل .فهل تذكر عندما شرحنا الدالة الموجٌة 𝜓 فً بداٌة
الفصل الرابع .لقد رأٌنا بؤن الموجة التً تصؾ اإللكترون ال ٌمكن تشبٌهها بؤي طرٌقة كانت
بالموجات الضوبٌة أو الصوتٌة أو ؼٌرها .فهً مجرد وصؾ رٌاضً تجرٌدي داخل الدالة
الموجٌة 𝜓 ,والفضاء الذي تنتشر فٌه ؼٌر واضح لنا .لذلك ان فكرة المكان المتصل ذي االبعاد
الثالثة ,وفكرة الزمان الناتج من تتابع اللحظات ,هما فكرتان مستخلصتان من التجربة الحسٌة.
إن تطبٌق هذان المفهومان على الواقع الذريٌ ,جعلنا نشعر بتناقض عقلً صرٌح.
المبدأ األخر الذي ٌشكل صورة العالم الجدٌد ,هو مبدأ التتام ,الذي تكلمنا عنه فً الفصل الثالث.
ٌنص هذا المبدأ على وجود وجهان للطبٌعة ,إحداهما جسٌمً واألخر موجً ,وال ٌوجد فً ذلك
تناقض .فالطبٌعتان متممتان لبعض ,وقد ذكرنا مثال قطعة النقود ,حٌث ال ٌمكن مشاهدة
الوجهان دفعة واحدة .إذا رأٌنا أحد الوجهٌن بكامل صورته فقدنا األخر بكامل صورته ,وإذا
أردنا أن نشاهد الوجهان معا ,علٌنا أن نضحً برإٌة ردٌبة للوجهان.
من مبدأي عدم الٌقٌن والتتام ,تتضح لنا صورة العالم الجدٌد .إن الوجه الذي تظهر علٌه قطعة
النقود هو من اختٌاري أنا .هذا الكالم ٌنطبق على اختٌار ظهور الطبٌعة الموجٌة أو الجسٌمٌة,
وكذلك اختٌار ظهور الحركة أو الموقع .إننا نختار الشًء الذي نرٌد أن نشاهده .إن ما ٌنطبق
على الحركة والموقع ,برأًٌٌ ,جب أن ٌنطبق كذلك على كل ما هو متؽٌر فً الطبٌعة .فال
وجود لشًء على حالة محددة قبل عملٌة المشاهدة (الوعً) .إن كل شًء خارج عن وعٌك فً
هذه اللحظة ال ٌكون على حالة محددة .انه معلق فً كل االحتماالت .فكل ما فً خزانة المالبس
قبل فتحتها ال ٌوجد على حالة معٌنة ,بل توجد عدة حاالت ممكنة بشكل كامن .وفقط ٌزول هذا
التمازج عند فتح الخزانة ,وتظهر إحدى اإلمكانات العدٌدة .و هذا ما أطلق علٌه اسم (انهٌار
الدالة الموجٌة).
إن اإلنسان لم ٌعد ذلك الكابن المؽلوب على أمره كما صورته الفٌزٌاء الكالسٌكٌة .ولم ٌعد
الكون بالكامل قابم على السببٌة والحتمٌة ,كما تصور فٌزٌابٌوا ما قبل الكم .إن عقولنا تلعب دور
ربٌسً فً تشكٌل وترتٌب الطبٌعة الجمٌلة التً نراها ,وذلك عندما ٌقوم الوعً بتحوٌل الواقع
المتراكب إلى الحقٌقة التً نراها ونحس بها .إن مٌكانٌكا الكم ال تنكر مبدأي السببٌة والحتمٌة
بشكل مطلق ,ولكن ترى بؤن لهما حدود فً العالم الكوانتً .كذلك ال تقدم مٌكانٌكا الكم حل
رسمً حول مشكلة (العقل – الجسد) ,على الرؼم من انه توجد الٌوم محاوالت ال بؤس بها لحل
تلك المشكلة عن طرٌق نتابج مٌكانٌكا الكم ,لكنها تعطٌنا عالقة الوعً بالواقع إلى حد ما .ان
العالم كما تصوره لنا تلك النظرٌة بالنسبة للوعً ,مثل الصخرة الكبٌرة بالنسبة للنحات,
فالصخرة تحمل عدد ال متناهً من األشكال فً نظر النحات ,وله الحرٌة فً اختٌار أحد تلك
األشكال .بالمثل ٌحمل العالم الخارجً عدد ال متناهً من األشكال فً نظر الوعً ,وله الحق
(الوعً) فً تشكٌل ما ٌرٌد.
هامش الفصل السادس
] [1مع القفزة الكمومٌة ,فرٌداالن وولؾ ,ترجمة :أحمد السمان( ,دمشق :دار طالس للدراسات
والترجمة والنشر ,الطبعة األولى.)0551 ,
المراجع
-1الدكتور فخري إسماعٌل حسن ,مقدمة في الفيزياء الحديثة ,دار المرٌخ للنشر.0551 ,
-2الدكتور محمد عابد الجابري ,مدخل الى فلسفة العلوم :العقالنية المعاصرة وتطور الفكر
العلمي ,مركز دراسات الوحدة العربٌة ,الطبعة السادسة.6002 ,
-1رتشارد فاٌنمان ,عجائب الضوء والمادة تجريبيا وتأويال ,ترجمة :األستاذ الدكتور أدهم
السمان ,مإسسة الكوٌت للتقدم العلمً ,الطبعة االولى .0553
-2برٌان ؼرٌن ,الكون األنيق ,ترجمة :الدكتور عبدالحلٌم منصور /الدكتور نضال شمعون,
مإسسة الكوٌت للتقدم العلمً ,الطبعة االولى.6001 ,
-3ناثان سبٌلبرج /برٌون د .أندرسون ,سبع أفكار هزت العالم ,ترجمة :د .محمد عبدالحمن
جوهر ,مإسسة الكوٌت للتقدم العلمً ,الطبعة االولى.6006 ,
-4ستٌفن واٌنبرغ ,أحالم الفيزيائيين بالعثور على نظرية نهائية جامعة شاملة ,ترجمة :أدهم
السمان ,دار طالس للدراسات والترجمة والنشر ,الطبعة االولى.0553 ,
-5ستٌفن هوكنػ ,موجز تاريخ الزمن من االنفجار األعظم الى الثقوب السوداء ,ترجمة :أدهم
السمان ,دار طالس للدراسات والترجمة والنشر ,الطبعة الثانٌة.0551 ,
-6بول دٌفٌس ,العوالم األخرى صورة الكون والوجود والعقل والمادة والزمن في الفيزياء
الحديثة ,ترجمة :ترجمة :د .حاتم النجدي ,مراجعة د .أدهم السمان ,قدم له :العماد مصطفى
طالس ,دار طالس للدراسات والترجمة والنشر ,الطبعة الثالثة.6002 ,
-7فرٌدالن وولؾ ,مع القفزة الكمومية ,ترجمة :أدهم السمان ,دار طالس للدراسات والترجمة
والنشر ,الطبعة األولى.0551 ,
8- Stephen Hawking, Black Holes and baby Universes and Other essays,
Bantam Books, 1993.