‫ٌ‬

‫نصوص تراثية‬
‫يف بيان بدايات اتلصنيف يف السنة انلبوية‬

‫بقلم‬

‫‪1‬‬
 ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم عىل رسول اهلل وعىل آله وصحبه ومن وااله ‪.‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬

‫فهذا مقال خصصته للنصوص الرتاثية التي تؤرخ ألوائل املصنفات يف السنة‬

‫النبوية ‪ ،‬أحببت مجعها يف موطن واحد ‪ ،‬ليستفيد منها الباحثون ‪.‬‬

‫وبعد التذكري بالفرق بني التدوين والتصنيف ‪:،‬‬

‫أعم من التصنيف ‪ ،‬فالتدوين هو أي كتابة كانت قد وقعت ‪ ،‬ولو مل تكن‬

‫‪ -‬أن التدوين ّ‬
‫بقصد تأليف كتاب خُي ّلد ويبقى للناس ‪ ،‬ولو كان بغرض شخيص ‪ :‬كالكتابة بغرض‬

‫احلفظ يف الصدر وتعهد املحفوظ ‪ ،‬بخالف التصنيف الذي هو كتاب ٌة بغرض إتاحة‬

‫املكتوب للناس ‪ ،‬لكي يستفيدوا منه ‪.‬‬

‫‪ -‬كام أن التصنيف يتضمن معنى الصنعة يف الرتتيب أو االختيار ‪ ،‬بخالف التدوين‬

‫الذي ال يلزم أن يتضمن هذا املعنى ‪.‬‬

‫‪ -‬وأن التدوين بدأ منذ عرص النبي ^ ‪ ،‬بخالف التصنيف الذي بدأ يف آخر القرن‬

‫اهلجري األول ‪ ،‬ثم فشا وانترش يف النصف األول من القرن اهلجري الثاين ‪.‬‬

‫فهذه نصوص مهمة تذكر بدايات التصنيف يف السنة النبوية ‪ ،‬وقد رتبتها حسب تاريخ‬

‫أصحاب املقاالت ؛ إال عند حاجة إىل تعقيب أو بيان أذكره بني املتن واحلاشية(‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬وقد تركت ذكر النصوص املتعلقة باملصنفات األوىل يف التفسري وبعض علومه ‪ ،‬مع صحة إدخاهلا يف‬
‫‪2‬‬
‫مع التنبيه إىل أن تواريخ الوفاة املذكورة يف داخل هذا النصوص بني معكوفتني هي من‬

‫إضافتي عىل النص املنقول ‪.‬‬

‫قال ابن جريج (ت‪150‬هـ) ‪« :‬ما دون العلم تدويني أحدٌ »(‪.)1‬‬

‫فقال الفسوي (ت‪277‬هـ) عقبه ‪« :‬وسمعت يوسف أو غريه من املكيني قال‪ :‬خرج ابن‬

‫جريج إىل باديتهم طرف مكة ‪ ،‬فصنف كتبه عىل ورق ال خعرش ‪ ،‬ثم ح ّوهلا يف البياض ‪ ،‬فكان إذا‬
‫قدم حمد ٌ‬
‫ث‪ ،‬محل إليه كتابه ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أفدين ما كان يف هذه األبواب»(‪.)2‬‬

‫وقال عبد الرزاق الصنعاين (ت‪211‬هـ) ‪ ،‬قال‪« :‬أول من صنف الكتب ابن جريج ‪،‬‬

‫وصنف األوزاعي حني قدم عىل حييى بن أيب كثري كتبه»(‪.)3‬‬

‫وقال حييى بن عبد احلميد احلامين (ت‪228‬هـ) ‪« :‬ال تسمعوا كالم أهل الكوفة(‪)4‬؛ فإهنم‬

‫حيسدونني ؛ ألين أول من مجع املسند ‪ ،‬وقد تقدمتهم يف غري يشء»(‪.)5‬‬

‫أيضا ‪ .‬ولكن هذا سياق آخر‬

‫كتب السنة ؛ ألن تلك املصنفات األوىل كانت غالبا خمتصة بالرواية ً‬
‫لتدوين السنة ‪ ،‬قد يكون من املناسب االكتفاء هبذا التنبيه عليه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬املعرفة والتاريخ للفسوي (‪ ، )25 /2‬ومن طريقه اخلطيب يف اجلامع (رقم ‪ ، )1858‬والعلل لعبد اهلل‬
‫ابن اإلمام أمحد عن أبيه (رقم ‪. )2383‬‬
‫(‪ )2‬املعرفة والتاريخ (‪ ، )26 -25 /2‬ومن طريقه اخلطيب يف اجلامع (رقم ‪. )1858‬‬
‫(‪ )3‬تقدمة اجلرح والتعديل البن أيب حاتم (‪ )184 /1‬واجلرح والتعديل له (‪ ،)357 ،266 /5‬والكامل‬
‫البن عدي (‪242-241 /1‬رقم‪ ،)488‬واجلامع للخطيب (رقم ‪. )1857‬‬
‫(‪ )4‬أي ‪ :‬يف جرحه ‪.‬‬
‫(‪ )5‬الضعفاء للعقييل (‪. )380-379 /6‬‬
‫‪3‬‬
‫ولعيل ابن املديني (ت‪234‬هـ) كال ٌم يف غاية النفاسة والتَّقدمية والسبق العلمي يف التأريخ‬

‫للسنة وللعلم الرشعي عموما ‪ ،‬كان قد افتتح به كتابه (العلل) ‪ ،‬ولذلك كـ خثـر جدا من نقل هذا‬

‫الكالم عنه منذ أوائل املصنفني ممن جاء بعده ‪.‬‬

‫وكان مما ذكره عيل ابن املديني يف هذا السياق النفيس ‪ :‬أصحاب املصنفات األوىل ‪ ،‬حيث‬

‫قال ‪« :‬ثم صار علم هؤالء الستة(‪ )1‬إىل أصحاب األصناف ممن صنف ‪:‬‬

‫فألهل املدينة ‪:‬‬

‫‪ - 1‬مالك بن أنس بن أيب عامر األصبحي ‪ :‬عداده يف بني تيم اهلل ‪ ،‬ومات سنة تسع‬

‫وسبعني ومائة ‪ ،‬وسمع من ابن شهاب ‪.‬‬

‫‪ - 2‬وحممد بن إسحاق بن يسار ‪ :‬موىل بني مـخرمة ‪ ،‬و خيكنى أبا بكر ‪ ،‬مات سنة اثنتني‬

‫ومخسني ‪ ،‬وسمع من ابن شهاب واألعمش ‪.‬‬

‫ومن أهل مكة ‪:‬‬

‫‪ - 3‬عبد امللك بن عبد العزيز بن جريج ‪ :‬موىل لقريش ‪ ،‬ويكنى أبا الوليد ‪ ،‬مات سنة‬

‫إحدى ومخسني ومائة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال عيل ابن املديني ‪« :‬نظرت فإذا اإلسناد يدور عىل ستة ‪ ،»..‬وذكرهم ‪ ،‬وهم ‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن شهاب الزهري املدين (ت‪224‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬وعمرو بن دينار املكي (ت‪126‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬وقتادة بن دعامة البرصي (ت‪117‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ -4‬وحييى بن أيب كثري البرصي نزيل الياممة (ت‪129‬هـ) ‪.‬‬
‫السبيعي الكويف (ت‪129‬هـ) ‪.‬‬
‫‪ -5‬وأبو إسحاق عمرو بن عبد اهلل َّ‬
‫‪ -6‬وسليامن بن مهران األعمش الكويف (ت‪148‬هـ) ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ - 4‬وسفيان بن عيينة بن ميمون ‪ :‬موىل حممد بن مزاحم أخو الضحاك بن مزاحم اهلاليل‪،‬‬

‫ويكنى أبا حممد ‪ ،‬مات سنة ثامن وتسعني ومائة ‪ .‬سفيان لقي ابن شهاب وعمرو بن دينار وأبا‬

‫إسحاق واألعمش ‪.‬‬

‫ومن أهل البرصة ‪:‬‬

‫‪ - 5‬سعيد بن أيب عروبة ‪ :‬موىل بني عدي بن يش خكر ‪ ،‬وهو سعيد بن مهران ‪ ،‬ويكنى أبا‬

‫النرض ‪ ،‬مات سنة ثامن أو تسع ومخسني ومائة‬

‫‪ - 6‬محاد بن سلمة ‪ :‬قال ‪ :‬أحسبه موىل لبني خسليم ‪ ،‬ويكنى أبا سلمة ‪ ،‬مات سنة ثامن‬

‫وستني ومائة ‪.‬‬

‫الوضاح ‪ ،‬موىل يزيد بن عطاء الواسطي ‪ ،‬مات سنة مخس‬

‫ّ‬ ‫‪ - 7‬أبو عوانة ‪ :‬واسمه‬

‫وسبعني ومائة ‪.‬‬

‫‪ - 8‬شعبة بن احلجاج ‪ :‬أبو بسطام ‪ ،‬موىل األشاقر ‪ ،‬مات سنة ستني ومائة ‪.‬‬

‫‪ - 9‬معمر بن راشد ‪ :‬ويكنى أبا عروة ‪ ،‬موىل لـ خحدّ ان ‪ ،‬ومات باليمن سنة أربع ومخسني‬

‫ومائة ‪ .‬سمع من ‪ :‬ابن شهاب ‪ ،‬وعمرو بن دينار ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬ومن حييى بن أيب كثري ‪ ،‬ومن أيب‬

‫إسحاق ‪.‬‬

‫ومن أهل الكوفة ‪:‬‬

‫‪ - 10‬سفيان بن سعيد الثوري ‪ :‬ويكنى أبا عبد اهلل ‪ ،‬ومات سنة إحدى وستني ومائة ‪.‬‬

‫ومن أهل الشام ‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ - 11‬عبد الرمحن بن عمرو األوزاعي ‪ :‬ويكنى أبا عمرو ‪ ،‬مات سنة إحدى ومخسني‬

‫ومائة ‪.‬‬

‫ومن أهل واسط ‪:‬‬

‫‪ - 12‬خهشيم بن بشري ‪ :‬موىل بني خسليم ‪ ،‬ويكنى أبا معاوية ‪ ،‬مات سنة ثالث وثامنني‬

‫ومائة»(‪. )1‬‬

‫قال عبد اهلل بن اإلمام أمحد (ت‪241‬هـ) ‪« :‬قلت أليب ‪ :‬أول من صنف ‪ ،‬من هو ؟ قال ‪:‬‬

‫ابن جريج وابن أيب عروبة ‪[ ،‬يعني ونحومها]» ‪.‬‬

‫وقال يعقوب بن شيبة (ت‪262‬هـ) ‪ :‬عن حييى بن زكريا بن أيب زائدة (ت‪183‬هـ) ‪:‬‬

‫«يقولون إن أول من صنف الكتب بالكوفة‪ :‬حييى بن زكريا بن أيب زائدة‪ ،‬وبالبرصة‪ :‬محاد بن‬

‫سلمة» ‪.‬‬

‫وقال أبو حاتم الرازي (‪277‬هـ) عن حييى بن زكريا بن أيب زائدة ‪« :‬مات باملدائن‪ ،‬وهو‬

‫قاض هبا يف مجادي سنة ثامنني‪ ،‬وهو أول من صنف بالكوفة»(‪.)2‬‬

‫أيضا ‪« :‬كان عبد الرحيم بن سليامن الرزاي [ت‪187‬هـ] عنده مصنفات‬

‫وقال أبو حاتم ً‬

‫قد صنف الكتب»(‪.)3‬‬

‫وقال الرتمذي (ت‪279‬هـ) يف سياق ذكره من صنف يف السنن ‪« :‬وجدنا غري واحد من‬

‫األئمة تكلفوا من التصنيف ما مل خيسبقوا إليه‪ ،‬منهم‪ :‬هشام بن حسان (ت‪147‬هـ) ‪ ،‬وعبد‬

‫(‪ )1‬العلل لعيل ابن املديني – حتقيق ‪ :‬مازن رسساوي – (‪. )88 -83‬‬
‫(‪ )2‬اجلرح والتعديل (‪. )144 /9‬‬
‫(‪ )3‬اجلرح والتعديل (‪. )339 /5‬‬
‫‪6‬‬
‫امللك بن عبد العزيز بن جريج‪ ،‬وسعيد بن أبى عروبة‪ ،‬ومالك بن أنس‪ ،‬ومحاد بن سلمة‪،‬‬

‫وعبد اهلل بن املبارك‪ ،‬وحييى بن زكريا بن أيب زائدة (ت‪183‬هـ) ‪ ،‬ووكيع بن اجلراح‬

‫(ت‪197‬هـ)(‪ ،)1‬وعبد الرمحن بن مهدي (‪198‬هـ) ‪ ،‬وغريهم من أهل العلم والفضل» ‪.‬‬

‫وقال ابن خراش – عبد الرمحن بن يوسف بن خراش – (‪282‬هـ) ‪« :‬سعيد بن أيب عروبة‬

‫هو ابن مهران كان حافظا‪ ،‬اختلط‪ ،‬كان يرى القدر‪ ،‬يكنى أبا النرض‪ ،‬يقال إنه أول من صنف‬

‫الكتب»(‪.)2‬‬

‫وقال ابن أيب عاصم (ت‪287‬هـ) ‪« :‬إسحاق بن إدريس األسوراي(‪ )3‬هو أول من مجع‬

‫املسند بالبرصة ‪ ،‬أو مسدّ د [ت‪228‬هـ]»(‪.)4‬‬

‫وقال الرامهرمزي (ت‪360‬هـ) ‪ « :‬أول من صنف وبوب فيام أعلم ‪:‬‬

‫‪ -‬الربيع بن صبيح بالبرصة [‪156‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬ثم سعيد بن عروبة هبا[‪156‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وخالد بن مجيل الذي يقال له العبد(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬قال العجيل ‪ « :‬وكيع إنام صنف كتبه عىل كتب ابن أيب زائدة» ‪ .‬معرفة الثقات (رقم ‪.)1975‬‬
‫(‪ )2‬اجلامع للخطيب (رقم ‪. )1856‬‬
‫(‪ )3‬هو متك ّل ٌم فيه ‪ ،‬وذكره الذهبي فيمن تويف بني ‪201‬هـ و‪210‬هـ ‪ .‬تاريخ اإلسالم للذهبي (‪. )27 /5‬‬
‫(‪ )4‬الفيصل يف علم احلديث (يف مشتبه النسبة) أليب بكر احلازمي (‪193 /1‬رقم ‪ ،)234‬وقد قال أبو بكر‬
‫احلازمي (ت‪584‬هـ) أيضا ‪« :‬يقال هو أول من مجع املسند بالبرصة»‪ ،‬عجالة املبتدي وفضالة املنتهي‬
‫(‪.)16‬‬
‫(‪ )5‬خالد الذي خيقال له العبد هو ‪ :‬خالد بن عبد الرمحن ‪ ،‬وهو راو برصي متهم بالكذب ‪ ،‬تويف نحو سنة‬
‫‪7‬‬
 ‫‪ -‬ومعمر بن راشد باليمن [ت‪154‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وابن جريج بمكة [‪150‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬ثم سفيان الثوري بالكوفة[‪161‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬ومحاد بن سلمة بالبرصة [ت‪167‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف سفيان بن عيينة بمكة [ت‪198‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬والوليد بن مسلم بالشام [ت‪195‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وجرير بن عبد احلميد بالري [ت‪188‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وعبد اهلل بن املبارك بمرو وخراسان [ت‪181‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وهشيم بن بشري بواسط [ت‪183‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف يف هذا العرص بالكوفة ابن أيب زائدة [ت‪183‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وابن فضيل(‪[)1‬ت‪195‬هـ]‪.‬‬

‫‪150‬هـ ‪ .‬انظر التاريخ األوسط للبخاري (‪557 -556 ،408 /3‬رقم ‪ ،)844 -843 ،619‬ولسان‬
‫امليزان (‪351 -350 /3‬رقم ‪. )2919‬‬
‫وجدت يف الرواة من خيقال له ‪ :‬خالد بن خمجيع املهري ‪ ،‬وتصحف يف بعض املصادر إىل ‪ :‬خالد بن‬
‫خ‬ ‫وقد‬
‫مجيل ‪ ،‬لكن ال خيعرف بـ(العبد) ‪ .‬فانظر التاريخ الكبري للبخاري (‪ ،)142 /2‬واجلرح والتعديل البن‬
‫أيب حاتم (‪ ،)324 /3‬وجامع املسانيد والسنن البن كثري (‪ 394 /6‬رقم ‪ ، )7962‬موازن ًة بمسند‬
‫البزار (‪52 /9‬رقم ‪. )3577‬‬
‫(‪ )1‬هو حممد بن خفضيل بن غزوان ‪.‬‬
‫‪8‬‬
 ‫‪ -‬ووكيع [‪197‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬ثم صنف عبد الرزاق باليمن [ت‪211‬هـ]‪.‬‬

‫‪ -‬وأبو قرة موسى بن طارق [‪203‬هـ] (‪.)1‬‬

‫لقب له ‪ ،‬وأما‬
‫السكسكي ‪ ،‬ويقال فيه الـجندي ‪ ،‬و(أبو قرة) ٌ‬
‫(‪ )1‬أبو قرة موسى بن طارق اليامين الزَّ بيدي َّ‬
‫كنيته فـ(أبو حممد) ‪ ،‬له كتاب (السنن) مرتب عىل األبواب ‪ ،‬رآه احلافظ ابن حجر ‪ ،‬كام يف ترمجته يف‬
‫التهذيب (‪ ،)350 /10‬ورواه باإلسناد إىل مصنفه ‪ ،‬كام يف املعجم املفهرس (رقم ‪.)31‬‬
‫وأفضل ترمجاته مع (التهذيب) ‪ :‬ترمج خته يف كتاب السلوك يف طبقات العلامء وامللوك لبهاء الدين‬
‫الـجندي (ت‪730‬هـ)‪ ،‬وقد انفرد بذكر تاريخ وفاته سنة ‪203‬هـ ‪.‬‬
‫قال هباء الدين الـجندي ‪« :‬أبو قرة موسى بن طارق الزَّ بيدي‪ :‬نسبة إىل املدينة املشهورة يف اليمن ‪.‬‬
‫كان إماما كامال ملعرفة السنن واآلثار ‪ ،‬وكتابه فيها يدل عىل ذلك ‪.‬‬
‫وهو يروي عن مالك وأيب حنيفة والسفيانني ومعمر وابن جريج ‪.‬‬
‫ومل يكن أهل اليمن خيعولون يف معرفة اآلثار ؛ إال عليه ‪ ،‬وذلك قبل دخول الكتب املشهورة ‪ ،‬وعىل‬
‫خسنن معمر ‪.‬‬
‫ب لضبطه وحتقيقه ‪ ،‬قد قرىء عىل ابن أيب ميرسة بجامع بلدي‬
‫كتاب خيعج خ‬
‫ٌ‬ ‫وحصل يل من سنن أيب قرة‬
‫اجلند ‪.‬‬
‫وله عدة مصنفات غري السنن املذكورة ‪ ،‬منها ‪ :‬كتاب يف الفقه ‪ ،‬انتزعه من فقه مالك وأيب حنيفة‬
‫ومعمر وابن جريج ‪.‬‬
‫أصحاب نقلوا عنه السنن ‪ ،‬خ‬
‫وشهروا‬ ‫ٌ‬ ‫وكان يكثر الرتدد بني بلده وعدن واجلند ولـحج ‪ ،‬وله بكل منها‬
‫بصحبته ‪ ،‬يأيت ذكر من حتقق خته ‪.‬‬
‫(ثم قال ‪ ) :‬أدرك نافعا القارىء ‪ ،‬فأخذ عنه القراءة ‪.‬‬
‫وكان صاحبه عيل بن زياد ‪ -‬اآليت ذكره ‪ -‬يقول ‪ :‬رأيت أبا قرة طول ما صحبته يصيل الضحى أربع‬
‫ركعات ‪.‬‬
‫وقد خينسب إىل اجلند واألول أصح ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬وتفرد بالكوفة أبو بكر بن أيب شيبة [ت‪235‬هـ] بتكثري األبواب وجودة الرتتيب‬

‫وحسن التأليف»(‪.)1‬‬

‫وقال ابن عدي (ت‪365‬هـ) ‪« :‬وليحيى احلامين مسند صالح‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه أول من صنف‬

‫املسند بالكوفة‪ ،‬وأول من صنف املسند بالبرصة مسدد‪ ،‬وأول من صنف املسند بمرص أسد‬

‫السنة‪ ،‬وأسد قبلهام ‪ ،‬وأقدم موتا(‪.)3(»)2‬‬

‫وذكر ابن النديم (ت‪380‬هـ) يف كتابه (الفهرست) املصنفني األوائل يف السنن ‪ ،‬فذكر‬

‫التالية أسامؤهم ‪:‬‬

‫‪ -1‬مكحول الشامي (ت‪113‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن يف الفقه ‪ ،‬كتاب‬

‫املسائل يف الفقه(‪.)4‬‬

‫‪ -2‬ابن جريج (ت‪150‬هـ)‪ :‬قال ‪ « :‬وله من الكتب كتاب السنن ‪ ،‬وحيتوي عىل مثل‬

‫ما حيتوي عليه كتب السنن ‪ ،‬مثل ‪ :‬الطهارة والصيام والصالة والزكاة وغري‬

‫ذلك»(‪.)5‬‬

‫وكانت وفاته بزبيد ‪ ،‬سنة ثالث ومئتني» ‪ .‬السلوك (‪. )169 -168 /1‬‬
‫وانظر ترتيب املدارك للقايض عياض (‪ ،)197 -196 /3‬والتقييد البن نقطة (‪ 822 -821‬رقم‬
‫‪ ،)613‬وإكامل هتذيب الكامل ملغلطاي (‪. )21 – 20 /12‬‬
‫(‪ )1‬املحدّ ث الفاصل للرامهرمزي – حتقيق ‪ :‬أبو زيد – (‪. )650‬‬
‫(‪ )2‬احلامين ومسدد توفيا سنة ‪228‬هـ ‪ ،‬وأما أسد فتويف سنة ‪212‬هـ ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكامل البن عدي (‪.)622 -621 /10‬‬
‫(‪ )4‬الفهرست (‪. )93 /2‬‬
‫(‪ )5‬الفهرست (‪. )86 /2‬‬
‫‪10‬‬
 ‫‪ -3‬ابن أيب عروبة (ت‪156‬هـ) ‪ :‬له من الكتب كتاب السنن مثل األول(‪.)1‬‬

‫‪ -4‬األوزاعي‪ -‬عبد الرمحن بن عمرو – (ت‪157‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن‬

‫يف الفقه كتاب املسائل يف الفقه(‪.)2‬‬

‫‪ -5‬احلسني بن واقد املروزي (ت‪157‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب التفسري كتاب‬

‫الوجوه يف القرآن(‪.)3‬‬

‫‪ -6‬ابن أيب ذئب (ت‪159‬هـ)‪ :‬السنن ‪ ،‬وذكر أنه حيتوي عىل كتب الفقه ‪ ،‬مثل ‪:‬‬

‫الصالة والطهارة والزكاة واملناسك وغري ذلك(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬الثوري (ت‪161‬هـ)‪ :‬اجلامع(‪ ، )5‬والفرائض(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬الفهرست (‪. )91 /2‬‬

‫(‪ )2‬الفهرست (‪. )93 /2‬‬
‫(‪ )3‬الفهرست (‪. )97 /2‬‬
‫(‪ )4‬الفهرست (‪. )85 -84/2‬‬
‫(‪ )5‬للثوري ثالثة جوامع ‪ :‬الكبري واألوسط والصغري ‪ ،‬مع أن املشهور أهنام جامعان ‪ :‬كبري وصغري ‪.‬‬
‫وجامعه الكبري ‪ :‬يظهر من وصفه أنه تضمن بيان الفقه واألحكام (املسمى قديام بالرأي) مع الروايات‬
‫املسندة ‪ .‬وجامعاه اآلخران يف احلديث واألثر فقط ‪.‬‬
‫قال أبو العرب التميمي (ت‪333‬هـ) ‪« :‬حدثني حممد بن خالد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬قال لنا البهلول بن‬
‫راشد‪ :‬قوموا بنا نذهب إىل عنبسة بن خارجة‪ ،‬نسمع منه جامع سفيان الثوري‪ ،‬يعني‪ :‬جامعه يف‬
‫الرأي»‪ ،‬طبقات العلامء بإفريقية أليب العرب (‪. )127‬‬
‫أيضا يف موطن آخر يف ترمجة عيل بن زياد العبيس التونيس (ت‪183‬هـ)‪« :‬فأما سامع‬
‫وقال أبو العرب ً‬
‫البهلول منه ‪ :‬فإن حممد بن أيب اهليثم اللؤلؤي حدثني عن أبيه‪ ،‬عن البهلول بن راشد‪ ،‬عن عيل بن‬
‫زياد‪ ،‬عن سفيان الثوري‪ ،‬بجامع سفيان الكثري اآلثار‪ ،‬وقد روى عن سفيان جامعا له وسطا‪ ،‬آثار‬
‫‪11‬‬
‫كله‪( .‬قال أبو العرب) ‪ :‬ومل أعلمه محل عنه جامعه يف الرأي»‪ .‬طبقات العلامء بإفريقية أليب العرب‬
‫(‪. )220‬‬
‫وقد قال مؤرخ مرص أبو سعيد ابن يونس (ت‪347‬هـ) عن عيل بن زياد العبيس ‪« :‬وهو أول من أدخل‬
‫املغرب جامع سفيان الثوري» ‪ .‬كام يف رياض النفوس يف طبقات علامء القريوان وإفريقية أليب بكر‬
‫املالكي(تويف نحو سنة ‪474‬هـ) (‪234 /1‬رقم ‪. )91‬‬
‫قال ابن حبان ‪ « :‬مهران بن أيب عمر الرازي ‪ :‬كنيته أبو عبد اهلل ‪ ،‬يروي عن إسامعيل بن أيب خالد‬
‫والثوري ‪ ،‬روى عنه يوسف بن موسى القطان وأهل العراق والري ‪ .‬وكان يف أوله جموسيا ‪ ،‬أسلم‬
‫عىل يدي الثوري ‪ ،‬وله صنف الثوري اجلامع الصغري» ‪ .‬الثقات (‪ )523 /7‬ونحوه فيه (‪.)205 /9‬‬
‫وقال أبو الشيخ األصبهاين ‪ « :‬إبراهيم بن قرة القاشاين األصم من أصحاب الثوري ‪ ،‬صنف له اجلامع‬
‫‪( ...‬ثم قال) وكان من الثقات ‪ ،‬وكان الثوري حيدثه يف أذنه سمعت حممد بن حييى بن منده يقول‪:‬‬
‫إبراهيم بن قرة صاحب سفيان ‪ ،‬وكان من أهل قاشان ‪ ،‬فحدثني حممد بن الصباح القاشاين قال‪ :‬كان‬
‫إبراهيم يف أذنه ثقل ‪ ،‬فبلغني أن الثوري وصفه له ‪ ،‬وكان حيدثه يف أذنه» ‪ .‬طبقات املحدثني بأصبهان‬
‫(‪ 37 /2‬رقم ‪. )87‬‬
‫وقال ابن عدي عن عبد اهلل بن الوليد بن ميمون العدين املكي ‪ « :‬قد روى عن الثوري جامعه كتبناه‬
‫عن حممد بن يوسف الفربري عن زهري بن سامل املروزي عنه» ‪ .‬الكامل (‪. )64 /7‬‬
‫وقال الدراقطني ‪« :‬إسحاق بن زخ ريق الرسعني ‪ ،‬يروي عن إبراهيم بن خالد الصنعاين ‪ ،‬عن الثوري‬
‫اجلامع الكبري»‪ ،‬املؤتلف واملختلف (‪. )1021 -1020 /2‬‬
‫وقال أبو نعيم األصبهاين يف ترمجة إلبراهيم بن قرة ‪« :‬صحب الثوري وصنف له اجلامع ‪ ،‬وقرأه عليه‬
‫يف خأ خذنه» ‪ .‬ذكر أخبار أصبهان (‪. )172 /1‬‬
‫وقد ذكر ابن النديم (ت‪380‬هـ) اجلامعني ‪ :‬الكبري والصغري ‪ ،‬وذكر من روى كل واحد منهام عن‬
‫سفيان الثوري‪ ،‬وقال يف وصف اجلامع الكبري ‪« :‬جيري جمرى احلديث»‪ .‬الفهرست (‪. )84 /2‬‬
‫وقد ذكر ابن خري اإلشبييل (ت‪575‬هـ) ‪( :‬جامع سفيان الثوري الكبري يف الفقه واالختالف)‪ ،‬وذكر‬
‫وبني إسناده بالكتابني كليهام ‪ :‬الفهرست (‪177 -176‬رقم ‪. )179‬‬
‫جام ًعا آخر للثوري ‪ّ :‬‬
‫واجلامع الكبري من مرويات رساج الدين القزويني ‪ ،‬كام يف مشيخته (‪396‬رقم‪. )212‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ -8‬زائدة بن قدامة (ت‪161‬هـ) ‪ :‬قال ‪ « :‬كتاب السنن حيتوي عىل مثل ما حيتوي‬

‫عليه كتب السنن كتاب القراءات كتاب التفسري كتاب الزهد كتاب املناقب»(‪.)2‬‬

‫‪ -9‬إبراهيم بن طهامن (ت‪163‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن يف الفقه كتاب‬

‫املناقب كتاب العيدين كتاب التفسري(‪.)3‬‬

‫‪ -10‬محاد بن سلمة (ت‪167‬هـ)‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن مثل األول(‪.)4‬‬

‫‪ -11‬عبد اهلل بن املبارك (ت‪181‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن يف الفقه كتاب‬

‫التفسري كتاب التاريخ كتاب الزهد كتاب الرب والصلة(‪.)5‬‬

‫‪ -12‬حييى بن زكريا بن زائدة (ت‪183‬هـ)‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن مثل‬

‫األول(‪.)6‬‬

‫وقد قال احلافظ أمحد بن سلمة النيسابوري – رفيق مسلم – (ت‪280‬هـ) عن إسحاق ابن راهويه ‪:‬‬
‫«وضع جامعه الكبري عىل كتاب الشافعي‪ ،‬ووضع جامعه الصغري عىل جامع الثوري الصغري» ‪ .‬آداب‬
‫الشافعي ومناقبه البن أيب حاتم (‪ ، )49‬وحلية األولياء أليب نعيم (‪ ،)103 -102 /9‬ومناقب‬
‫الشافعي للبيهقي (‪. )266 /1‬‬
‫(‪ )1‬الفهرست (‪. )84 -83 /2‬‬
‫(‪ )2‬الفهرست (‪. )88 /2‬‬
‫(‪ )3‬الفهرست (‪. )96 /5‬‬
‫(‪ )4‬الفهرست (‪. )91 /2‬‬
‫(‪ )5‬الفهرست (‪. )97 /2‬‬
‫(‪ )6‬الفهرست (‪. )89 /2‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ -13‬خهشيم بن بشري السلمي (ت‪183‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن يف الفقه‬

‫كتاب التفسري كتاب القراءات(‪.)1‬‬

‫‪ -14‬إسامعيل ابن خعلية ‪ -‬إسامعيل بن إبراهيم بن مقسم – (ت‪193‬هـ) ‪ :‬وله من‬

‫الكتب كتاب التفسري كتاب الطهارة كتاب الصالة كتاب املناسك(‪.)2‬‬

‫‪ -15‬حممد بن الفضيل بن غزوان الضبي (ت‪195‬هـ)‪« :‬له من الكتب كتاب‬

‫الطهارة كتاب الصالة كتاب املناسك كتاب الزكاة عىل ترتيب كتب الفقه إىل‬

‫آخره ويعرف بكتاب السنن أيضا كتاب التفسري كتاب الزهد كتاب الصيام كتاب‬

‫الدعاء»(‪.)3‬‬

‫‪ -16‬الوليد بن مسلم الدمشقي (ت‪195‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن يف الفقه‬

‫كتاب املغازي(‪.)4‬‬

‫‪ -17‬إسحاق األزرق – هو ابن يوسف القريش الواسطي ‪( -‬ت‪195‬هـ) ‪ :‬وله من‬

‫الكتب كتاب املناسك كتاب الصالة كتاب القراءات(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬الفهرست (‪. )95 /2‬‬

‫وكتاب التفسري هلشيم هو أحد موارد الثعلبي يف الكشف والبيان ‪ ،‬كام يف مقدمة الثعلبي لتفسريه (‪/2‬‬
‫‪ ، )112‬ومن مرويات أيب سعد السمعاين (ت‪562‬هـ) ‪ ،‬كام يف التحبري يف املعجم الكبري له ( (‪/2‬‬
‫‪.)179‬‬
‫(‪ )2‬الفهرست (‪. )92 /2‬‬
‫(‪ )3‬الفهرست (‪. )89 -88 /2‬‬
‫(‪ )4‬الفهرست (‪. )94 /2‬‬
‫وذكر أبو حاتم الرازي أن له كتاب (الصالة) ‪ ،‬كام يف العلل البن أيب حاتم (رقم ‪. )487‬‬
‫‪14‬‬
 ‫‪ -18‬وكيع بن اجلراح (ت ‪197‬هـ) ‪ :‬له من الكتب كتاب السنن مثل األول(‪.)2‬‬

‫‪ -19‬حييى بن آدم (ت‪203‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب الفرائض كبري كتاب اخلراج‬

‫كتاب الزوال(‪.)3‬‬

‫‪ -20‬عبد الوهاب بن عطاء العجيل اخلفاف (ت‪204‬هـ)‪ :‬وله من الكتب كتاب‬

‫السنن يف الفقه كتاب التفسري كتاب الناسخ واملنسوخ(‪.)4‬‬

‫‪ -21‬روح بن عبادة القييس (ت‪205‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب السنن(‪.)5‬‬

‫‪ -22‬يزيد بن هارون (ت‪206‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب الفرائض(‪.)6‬‬

‫‪ -23‬عبد الرزاق بن مهام بن نافع الصنعاين (ت‪211‬هـ)‪ :‬وله من الكتب كتاب‬

‫السنن يف الفقه كتاب املغازي(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬الفهرست (‪. )96 -95 /2 /2‬‬

‫(‪ )2‬الفهرست (‪. )90 -89 /2‬‬
‫ذكر ابن خري اإلشبييل (مصنَّف وكيع) ‪ .‬الفهرست (‪166‬رقم‪.)172‬‬
‫ولوكيع كتاب (الزهد) ‪ ،‬وهو مطبوع ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الفهرست (‪. )91 -90 /2‬‬
‫(‪ )4‬الفهرست (‪. )96 /2 /2‬‬
‫أيضا ‪ ،‬ذكره له الثعلبي يف مقدمة تفسريه الكشف‬
‫(‪ )5‬الفهرست (‪ . )93 -92 /2‬وله كتاب التفسري ً‬
‫والبيان (‪ ، )119 -117 /2‬وهو أحد موارده فيه ‪.‬‬
‫(‪ )6‬الفهرست (‪. )95 /2‬‬
‫وذكر ابن خري اإلشبييل كتاب الفرائض ليزيد بن هارون يف الفهرست (‪326‬رقم‪.)547‬‬
‫(‪ )7‬الفهرست (‪. )94 /2‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ -24‬حممد بن يوسف بن واقد الفرييايب (ت‪212‬هـ) ‪ :‬وله من الكتب كتاب‬

‫التفسري(‪.)1‬‬

‫‪ -25‬أبو نعيم الفضل بن دكني (ت‪218‬هـ)‪ :‬له من الكتب كتاب املناسك كتاب‬

‫املسائل يف الفقه(‪.)2‬‬

‫وقال الدارقطني (ت‪385‬هـ) ‪ « :‬أول من صنف سعيد بن أيب عروبة من البرصيني‪،‬‬

‫ومحاد بن سلمة ‪ .‬وصنف ابن جريج ‪ ،‬ومالك بن أنس ‪ .‬وكان ابن أيب ذئب (ت‪159‬هـ)‬

‫صنف موطأ فلم ُيرج ‪ .‬واألوزاعي‪ ،‬والثوري‪ ،‬وابن عيينة‪ ،‬وأول من صنف مسندا وتتبعه‪:‬‬

‫نعيم بن محاد [ت‪228‬هـ]»(‪.)3‬‬

‫وقال أبو طالب املكي (ت‪386‬هـ) ‪« :‬وهذه املصنفات من الكتب حادثة بعد سنة عرشين‬

‫ومائة من التاريخ ‪ ،‬وبعد وفاة كل الصحابة وعلية التابعني ‪.‬‬

‫يقال إن ّأول كتاب خصنّف يف اإلسالم ‪:‬‬

‫وحروف من التفاسري عن جماهد وعطاء وأصحاب ابن‬

‫ٌ‬ ‫كتاب ابن جريج يف اآلثار ‪.‬‬
‫خ‬ ‫‪-‬‬

‫عباس بمكة ‪.‬‬

‫مبوبة ‪.‬‬
‫‪ -‬ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاين باليمن ‪ ،‬مجع فيه خسننًا منثورة ّ‬

‫(‪ )1‬الفهرست (‪. )98 /2‬‬

‫وكتاب التفسري ملحمد بن يوسف الفريايب هو أحد موارد الثعلبي يف الكشف والبيان ‪ ،‬كام يف مقدمة‬
‫الثعلبي لتفسريه (‪. )120 /2‬‬
‫(‪ )2‬الفهرست (‪. )90 /2‬‬
‫(‪ )3‬العلل (‪ 246 /6‬رقم ‪ ، )2673‬وعنه اخلطيب يف اجلامع (رقم ‪.)1859‬‬
‫‪16‬‬
 ‫‪ -‬ثم كتاب املوطأ باملدينة ملالك بن أنس ريض اهلل عنه يف الفقه‪.‬‬

‫‪ -‬ثم مجع ابن عيينة كتاب اجلوامع يف السنن واألبواب ‪ ،‬وكتاب التفسري يف أحرف من‬

‫علم القرآن ‪ .‬وجامع سفيان الثوري الكبري (ريض اهلل عنه) يف الفقه واألحاديث‪.‬‬

‫ووضع من الكتب بعد وفاة سعيد بن املسيب وخيار التابعني ‪،‬‬

‫فهذه من ّأول ما خصنف خ‬
‫وبعد سنة عرشين أو أكثر ومائة من التاريخ ‪.‬‬

‫فكان العلامء الذين هم أئمة هؤالء العلامء ‪ ،‬من طبقات الصحابة األربعة ‪ ،‬ومن بعد‬

‫موت الطبقة األوىل من خيار التابعني ‪ ،‬هم الذين انقرضوا قبل تصنيف ال خكتب ‪ .‬وكانوا‬

‫يكرهون كتب احلديث ووضع الناس ال خك ختب ؛ لئال خيشتغل هبا عن القرآن وعن الذكر والفكر‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬احفظوا كام حفظنا ‪ّ ،‬‬
‫ولئال يشتغل الناس عن اهلل تعاىل برسم وال وسم ‪ .‬كام كره أبو‬

‫بكر الصديق (ريض اهلل عنه) وعلي خة الصحابة تصحيف القرآن يف مصحف ‪ ،‬وقالوا‪ :‬كيف‬

‫نفعل شيئ ًا مل يفعله رسول اهلل ^؟! وخشوا اشتغال الناس بالصحف واتكاهلم عىل‬

‫املصاحف‪ ،‬فقالوا‪ :‬نرتك القرآن يتلقاه الناس بع خضهم من بعض تلقـنًا بالتلقني واإلقراء ‪،‬‬

‫ليكون هو خشغلهم وهـ ّمتهم وذكرهم ‪ ،‬حتى أشار عليه عمر (ريض اهلل عنه) وبقية الصحابة‬
‫خ‬
‫أحفظ له ‪ ،‬ولريجع الناس إىل املصحف ‪ ،‬ملا ال يؤمن من‬ ‫أن جيمع القرآن يف املصاحف ؛ ألنه‬

‫االشتغال بأسباب الدنيا عنه ‪ .‬فرشح اهلل تعاىل صدر أيب بكر (ريض اهلل عنه) لذلك ‪ ،‬فجمع‬

‫القرآن يف الصحف املتفرقة يف املصحف الواحد ‪,‬‬

‫وكذلك كانوا يتلقون العلم بعضهم عن بعض ‪ ،‬وحيفظونه حف ًظا ؛ هذا لطهارة القلوب‬

‫وقوة العزيمة ‪،‬‬

‫وعلو اهلمة ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫من الريب ‪ ،‬وفراغها من أسباب الدنيا ‪ ،‬وصفائها من اهلوى ‪،‬‬

‫وحسن النية ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ثم ظهرت بعد سنة مائتني ‪ ،‬وبعد تقّض ثالثة قرون ‪ ،‬يف القرن الرابع املرفوض ‪:‬‬

‫مصنفات الكالم وكتب املتكلمني بالرأي واملعقول والقياس ‪ ،‬وذهب علم املتقني ‪ ،‬وغابت‬
‫خ‬

‫ف ‪ ،‬فلم نزل يف‬

‫معرفة املوقنني من علم التقوى وإهلام الرشد واليقني ‪ .‬فخلف من بعدهم خل ٌ‬

‫الـ خخلوف إىل هذا الوقت ‪ ،‬ثم اختلط األمر بعد هذا التفصيل يف زماننا هذا‪ ،‬فصار املتكلمون‬

‫والقصاص خيس َّمون عارفني ‪ ،‬والروا خة والنقل خة خيقال علام خء من غري فقه يف دين وال‬
‫خ‬ ‫خيدعون علامء ‪،‬‬

‫بصرية يف يقني»(‪.)1‬‬

‫وقال اإلمام النحوي املفرس أبو بكر حممد بن عيل بن أمحد األخد خفوي املرصي (ت‪388‬هـ)‪:‬‬

‫«أول كتاب خوضع يف الفقه واحلديث ‪ :‬مصنف محاد بن سلمة ‪ ،‬وأول كتاب خمجع يف غريب‬

‫القرآن ومعانيه ‪ :‬كتاب أيب عبيدة معمر بن املثنى ‪ ،‬وهو كتاب "املجاز"»(‪.)2‬‬

‫وقال احلاكم (ت‪405‬هـ) ‪ « :‬وهذه املسانيد التي صنفت يف اإلسالم عىل روايات‬

‫الصحابة مشتملة عىل رواية املعدلني من الرواة وغريهم من املجروحني كمسند عبيد اهلل بن‬

‫موسى العبيس وأيب داود سليامن بن داود الطياليس ومها أول من صنف املسند عىل تراجم‬

‫الرجال يف اإلسالم وبعدمها أمحد بن حنبل واسحق بن ابراهيم احلنظىل وأبى خيثمة زهري بن‬

‫حرب وعبيد اهلل بن عمر القواديس ثم كثرت املسانيد ملخرجة عىل تراجم الرجال كلها غري‬

‫مميزة بني الصحيح والسقيم‬

‫وأول من صنف الصحيح أبو عبد اهلل حممد بن اسامعيل اجلعفى البخارى ثم أبو احلسن‬

‫مسلم احلجاج القشريي النيسابوري وإنام صنفاه عىل األبواب ال عىل الرتاجم والفرق بني‬

‫(‪ )1‬قوت القلوب أليب طالب املكي (‪. )326-325 /1‬‬

‫(‪ )2‬فهرسة ابن خري اإلشبييل (‪. )174‬‬
‫‪18‬‬
‫األبواب والرتاجم أن الرتاجم رشطها أن يقول املصنف ذكر ما روي عن أيب بكر الصديق‬

‫ريض اهلل عنه عن النبي صىل اهلل عليه وسلم ثم يرتجم عىل هذا املسند فيقول ذكر ما روى‬

‫قيس بن أيب حازم عن أيب بكر الصديق ريض اهلل عنه فيلزمه أن ُيرج كل ما روي عن قيس‬

‫عن أيب بكر صحيحا كان أو سقيام فأما مصنف األبواب فإنه يقول ذكر ما صح وثبت عن‬

‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يف أبواب الطهارة أو الصالة أو غري ذلك من العبادات»(‪.)1‬‬

‫وذكر احلاكم يف (تاريخ نيسابور) عن أيب جعفر عبد اهلل بن حممد بن عبد اهلل بن جعفر بن‬

‫يامن اجلعفي الـ خمسندي ‪-‬بفتح النون‪[ -‬ت‪229‬هـ عن تسعني سنة] شيخ البخاري ‪« :‬إنام قيل‬

‫الـمسندي ؛ ألنه أول من مجع مسند الصحابة عىل الرتاجم بام وراء النهر ‪ ،‬وهو إمام أهل‬
‫له خ‬
‫الـمسندي) هو كثرة‬
‫احلديث يف عرصه بام وراء النهر بال مدافعة » ‪ ،‬واتفقوا أن سبب نسبته ( خ‬
‫(‪)2‬‬

‫عنايته باحلديث املسند(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬املدخل إىل اإلكليل – حتقيق ‪ :‬السلوم ‪. )64 -62( -‬‬

‫(‪ )2‬إكامل هتذيب الكامل ملغلطاي (‪ ،)173 /8‬ورشح علل الرتمذي البن رجب (‪. )40 /1‬‬
‫(‪ )3‬قال ابن عدي ‪ « :‬قيل له‪ :‬خمسندي ؛ ألنه كان يطلب املسند من حداثته» ‪ ،‬الكامل البن عدي – ترمجة‬
‫اإلمام البخاري يف مقدمة الكتاب – (‪ ،)318 /1‬و أسامي من روى عنهم حممد بن إسامعيل البخاري‬
‫من مشاُيه البن عدي أيضا (‪143 -142 ،49‬رقم ‪.)123‬‬
‫وقال اخللييل ‪« :‬وسمي املسندي ؛ ألنه كان يتحرى املسانيد من أخبار رسول اهلل ^»‪ ،‬اإلرشاد (‪/3‬‬
‫‪957‬رقم‪.)891‬‬
‫وقال اخلطيب البغدادي ‪ « :‬قيل له املسندي ألنه كان يطلب األحاديث املسندة‪ ،‬ويرغب عن املقاطيع‬
‫واملراسيل»‪ ،‬تاريخ بغداد (‪.)258 /11‬‬
‫وهذا هو ما ذكره املزي والذهبي والصفدي وابن حجر وغريهم ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫وقال أبو عبد اهلل حممد بن إبراهيم بن سعيد القييس القرطبي املعروف بابن أيب القراميد‬

‫السجستاين‪ ،‬وهو أول من صنّف يف‬ ‫(ت‪391‬هـ) ‪« :‬خري كتاب خألـف يف ّ‬

‫السنن كتاب أيب داود ّ‬
‫األندليس‬
‫ّ‬ ‫املسند» ‪ ،‬فتعقب احلافظ ابن يربوع ‪ -‬عبد اهلل بن أمحد بن سعيد بن سليامن بن يربوع‬

‫اإلشبييل ‪ :‬نزيل قرطبة ‪( -‬ت‪522‬هـ) كالمه وكالم غريه يف هذا السياق بقوله ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثم‬
‫يني ّ‬ ‫َّ‬
‫الشنرت ّ‬
‫«وهؤالء القرطبيون مل يدخل عندهم ‪ -‬من ّأول ما دخل ‪ -‬إال كتاب أيب داود ‪ ،‬فالتموا به ‪.‬‬

‫الصحيح ؛‬
‫الصحاح ‪ :‬فلم تدخل عندهم ؛ إال بأخرة‪ ،‬وكانوا بمعزل عن معرفة ّ‬
‫وأما الكتب ّ‬
‫السداد»(‪.)1‬‬
‫الصناعة بأسداد ‪ ،‬فهم عىل خبعد شديد من َّ‬
‫ألنّه قد خضب بينهم وبني ّ‬

‫وقال أبو هالل العسكري (تويف حدود ‪400‬هـ) ‪« :‬أول من صنف يف الفقه ‪ :‬مالك بن‬

‫أنس ‪ ،‬صنف املوطأ»(‪.)2‬‬

‫وقال اخللييل (ت‪446‬هـ) ‪ « :‬أول من صنف املسند عىل ترتيب الصحابة بالبرصة ‪ :‬أبو‬

‫داود الطياليس ‪ ،‬وبالكوفة ‪ :‬عبيد اهلل بن موسى ‪ ،‬ثم من صنف كان تبعا هلام»(‪.)3‬‬

‫وقال اخلطيب البغدادي (ت‪463‬هـ) ‪ « :‬ومل يكن العلم مدونا أصنافا وال مؤلفا كتبا‬

‫وأبوابا يف زمن املتقدمني من الصحابة والتابعني وإنام فعل ذلك من بعدهم ثم حذا املتأخرون‬

‫فيه حذوهم واختلف يف املبتدئ بتصانيف الكتب والسابق إىل ذلك فقيل‪ :‬هو سعيد بن أيب‬

‫عروبة وقيل‪ :‬هو عبد امللك بن عبد العزيز بن جريج» ‪.‬‬

‫(‪ )1‬فهرست ابن خري اإلشبييل (‪. )145‬‬

‫(‪ )2‬األوائل أليب هالل العسكري (‪. )119-118 /2‬‬
‫(‪ )3‬اإلرشاد (‪ ، )513 -512 /2‬ووافقه الذهبي يف السري (‪. )554 /9‬‬
‫‪20‬‬
‫وقال اخلطيب بعد ما نقله عن الفسوي عن ابن جريج ‪« :‬وكان ممن سلك طريق ابن‬

‫جريج يف التصنيف واقتفى أثره يف التأليف من أهل عرصه واملدركني لوقته سوى األوزاعي‬

‫وابن أيب عروبة الربيع بن صبيح بالبرصة وشعبة بن احلجاج ومحاد بن سلمة هبا أيضا مجيعا‬

‫ومعمر بن راشد باليمن وسفيان الثوري بالكوفة وصنف مالك بن أنس موطأه يف ذلك‬

‫الوقت باملدينة ثم من بعد هؤالء سفيان بن عيينة بمكة وهشيم بن بشري بواسط وجرير بن عبد‬

‫احلميد بالري وعبد اهلل بن املبارك بخراسان ووكيع بن اجلراح وحييى بن زكريا بن أيب زائدة‬

‫وحممد بن فضيل بن غزوان مجيعا بال كوفة وعبد اهلل بن وهب بمرص والوليد بن مسلم بدمشق‬

‫ثم من بعدهم عبد الرزاق بن مهام وأبو قرة موسى بن طارق مجيعا باليمن وروح بن عبادة‬

‫بالبرصة ثم اتسعت التصانيف وكثر أصحاهبا يف سائر األمصار عىل تتابع الدهور وكر‬

‫األعصار»(‪.)1‬‬

‫وقال اخلطيب ‪ « :‬قد ذكرنا طريقة التخريج عىل األحكام وأما الطريقة األخرى فهي‬

‫التخريج عىل املسند وأول من سلكها عىل ما يقال نعيم بن محاد ‪( ...‬ثم أسند ما سبق عن‬

‫الدراقطني يف ذلك ‪ ،‬ثم قال ) وقد صنف أسد بن موسى املرصي مسندً ا ‪ ،‬وكان أسد أكرب من‬

‫نعيم سنا ‪ ،‬وأقدم سام ًعا(‪ ،)2‬فيحتمل أن يكون خنعيم سبقه إىل ختريج املسند وتتبع ذلك يف‬

‫حداثته‪ ،‬وخ َّرج أسدٌ بعده ‪ ،‬عىل كرب سنّه»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اجلامع للخطيب (‪. )282 /2‬‬

‫(‪ )2‬أسد بن موسى خولد سنة ‪132‬هـ وتويف سنة ‪212‬هـ عن ثامنني سنة ‪ ،‬وذكره ابن حجر يف صغار أتباع‬
‫التابعني (الطبقة التاسعة) ‪ .‬ونعيم بن محاد تويف سنة ‪228‬هـ وذكره ابن حجر يف كبار اآلخذين عن‬
‫أتباع التابعني (الطبقة العارشة)‪.‬‬
‫ومسند أسد بن موسى هو أحد مرويات ابن خري اإلشبييل (ت‪575‬هـ) ‪ ،‬كام فهرسته‬
‫‪21‬‬
‫وقال أبو عبد اهلل احلميدي – حممد بن خفتوح – األندليس (ت‪488‬هـ) ‪« :‬ومل يزل‬

‫الصحابة والتابعون وأئمة األعصار املقدَّ مون دائبني يف نرش ما علموا من رشائع اإلسالم‪،‬‬

‫حرصا عىل إيصال ذلك إىل الغائب‬

‫ً‬ ‫وتعليم ما علموا من واجبات العبادات واألحكام‪،‬‬

‫والشاهد‪ ،‬وتسوي ًة فيام بني القريب واملتباعد‪ ،‬وهكذا جيال بعد جيل‪.‬‬

‫وملا امتدَّ الزمان‪ ،‬وخيف اختالط الصحيح بالسقيم‪ ،‬واشتباه املرتاب بالسليم ‪ :‬انتدب‬

‫مجاع ٌة من األئمة السالفني (ريض اهلل عنهم أمجعني) إىل تقييد ذلك بالتأليف‪ ،‬وحفظه باجلمع‬

‫والتصنيف ‪ :‬كاملك بن أنس‪ ،‬وابن جريج‪ ،‬وسفيان‪ ،‬ومن بعدهم‪ ،‬فبلغ كل من ذلك إىل حيث‬

‫انتهى خوس خعه‪ ،‬وأمكنه استيفاؤه ومج خعه ‪ .‬وا ّتصل ذلك إىل زمان اإلمامني ‪ :‬أيب عبد اهلل حممد بن‬

‫إسامعيل البخاري‪ ،‬وأيب احلسني مسلم بن احلجاج النيسابوري (ريض اهلل عنهام وعنهم)‪،‬‬

‫الوسع فيه‪ ،‬واعتباره يف األمصار والرحلة عنه إىل‬ ‫خ‬

‫فخ َّصا من االجتهاد يف ذلك‪ ،‬وإنفاد خ‬
‫متباعدات األقطار‪ ،‬من وراء النهر إىل فسطاط مرص‪ ،‬وانتقاده حر ًفا حر ًفا‪ ،‬واختياره سندً ا‬

‫فاق الن ّقاد من جهابذة اإلسناد عليه‪ ،‬والتسليم منهم له‪.)2(»...‬‬

‫سندً ا‪ ،‬بام وقع ا ّت خ‬

‫وقال ابن خري اإلشبييل (ت‪575‬هـ) ‪« :‬مسند أيب داود سليامن بن داود الطياليس ‪ :‬وهو‬

‫أول مسند خصنف يف اإلسالم»(‪.)3‬‬

‫(‪182‬رقم‪.)187‬‬
‫أيضا ‪ :‬كتاب (الزهد) ‪ ،‬وهو مطبوع ‪.‬‬
‫وألسد بن موسى ً‬
‫(‪ )1‬اجلامع للخطيب (‪. )290 /2‬‬
‫(‪ )2‬اجلمع بني الصحيحني للحميدي (‪.)73 -72 /1‬‬
‫(‪ )3‬فهرست ابن خري (‪181‬رقم‪.)185‬‬
‫‪22‬‬
‫وقال أبو بكر احلازمي (ت‪584‬هـ) ‪« :‬إسحاق ابن إدريس األسواري ‪ :‬يقال إنه أول من‬

‫الزبيدي(‪.)2(»)1‬‬
‫مجع املسند بالبرصة ‪ ،‬ويقال ‪ :‬أول من صنف املسند موسى بن قرة َّ‬

‫وقال ابن اجلوزي (ت‪597‬هـ) ‪« :‬واختلفوا يف املبتدئ بتصانيف الكتب عىل ثالثة أقوال‪:‬‬

‫وأول‬
‫أحدها‪ :‬عبد امللك بن خجريج‪ .‬والثاين الرب ّيع بن صبيح ‪ .‬والثالث سعيد بن أيب عروبة ‪ّ ،‬‬
‫محاد ‪ ،‬ثم خصنفت املسانيد‪.‬‬
‫من صنف مسندً ا‪ ،‬وتبعه خنعيم بن ّ‬

‫قال أبو عبد اهللَّ احلاكم‪ّ :‬أول من صنّف املسند عىل تراجم الرجال خعبيد اهللَّ بن موسى‬

‫الطياليس ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بيس ‪ ،‬وأبو داود سليامن بن داود‬
‫الع ّ‬

‫قلت‪ :‬وقد صنّف احلخميدي مسندً ا لطي ًفا»(‪.)3‬‬

‫أيضا ‪« :‬وقد اختلف العلامء يف املبتدئ بتصانيف الكتب عىل ثالثة‬

‫وقال ابن اجلوزي ً‬

‫أقوال أحدها‪ :‬أنه عبد امللك بن جريج‪ .‬والثاين‪ :‬سعيد ابن أيب عروبة‪ ،‬ذكر القولني أبو بكر‬

‫اخلطيب‪ .‬والثالث‪ :‬الربيع بن صبيح = قاله أبو حممد الرامهرمزي‪.‬‬

‫(‪ )1‬الصواب أنه ‪ :‬أبو قرة موسى بن طارق اليامين ‪ :‬سبقت الرتمجة له ‪ ،‬وكتابه هو (السنن) ‪ ،‬وليس‬
‫(املسند) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬نقله عنه ابن رجب يف رشح العلل (‪ .)39 /1‬والذي وجدته له هو نفسه يف كتبه ‪:‬‬
‫مر ًة عن ابن أيب عاصم أنه قال ‪« :‬إسحاق بن إدريس األسوراي هو أول من مجع املسند‬
‫‪ -‬أنه نقل ّ‬
‫بالبرصة ‪ ،‬أو مسدّ د»‪ ،‬الفيصل يف علم احلديث (يف مشتبه النسبة) أليب بكر احلازمي (‪/1‬‬
‫‪193‬رقم ‪.)234‬‬
‫‪ -‬وقال مرة عن األسوراي ‪« :‬يقال هو أول من مجع املسند بالبرصة»‪ ،‬عجالة املبتدي وفضالة املنتهي‬
‫(‪.)16‬‬
‫(‪ )3‬جامع املسانيد البن اجلوزي (‪. )5 /1‬‬
‫‪23‬‬
‫ومن قدماء املصنفني‪ :‬سفيان ابن عيينة بمكة‪ ،‬ومالك بن أنس باملدينة‪ ،‬وعبد اهلل بن وهب‬

‫بمرص‪ ،‬ومعمر وعبد الرزاق باليمن‪ ،‬وسفيان الثوري وحممد بن فضيل ابن غزوان بالكوفة‪،‬‬

‫ومحاد بن سلمة وروح بن عبادة بالبرصة‪ ،‬وهشيم بواسط‪ ،‬وعبد اهلل بن املبارك بخراسان‪.‬‬

‫وأول من صنف املسند عىل تراجم الرجال عبيد اهلل بن موسى العبيس‪ ،‬وأبو داود سليامن‬

‫بن داود الطياليس‪ ،‬ثم بعدمها أمحد ابن حنبل‪ ،‬وإسحاق بن راهويه وأبو خيثمة‪ ،‬وعبيد اهلل بن‬

‫عمر القواريري‪.‬‬

‫ثم كثر من مجع املسانيد‪ ،‬واتسعت التصانيف‪ ،‬إال أنه مل يفصح أحد بتسمية كتابه‬

‫بالصحيح‪ ،‬وال شدد يف انتقاء احلديث املجموع فيه قبل البخاري‪ .‬ثم تبعه مسلم يف ذلك»(‪.)1‬‬

‫وقال جمد الدين ابن األثري (ت‪606‬هـ) ‪ « :‬وكان اعتامدهم أوالً عىل احلفظ والضبط يف‬

‫القلوب واخلواطر‪ ،‬غري ملتفتني إىل ما يكتبونه‪ ،‬وال معولني عىل ما يسطرونه‪ ،‬حمافظ ًة عىل هذا‬

‫العلم‪ ،‬كحفظهم كتاب اهلل عز وجل ‪ .‬فلام انترش اإلسال خم‪ ،‬وا ّتسعت البالد‪ ،‬وتفرقت الصحابة‬
‫يف األقطار‪ ،‬وكثرت الفتوح‪ ،‬ومات معظم الصحابة‪ ،‬وتفرق أصحاهبم وأتباعهم‪ّ ،‬‬
‫وقل الضبط‬

‫= احتاج العلامء إىل تدوين احلديث وتقييده بالكتابة ‪ .‬ولعمري ! إهنا األصل‪ ،‬فإن اخلاطر‬

‫والقلم حيفظ وال ينسى ‪.‬‬

‫خ‬ ‫يغ خف خل‪ ،‬والذهن يغيب‪ ،‬والذكر خيمل‪،‬‬

‫فانتهى األمر إىل زمن مجاعة من األئمة‪ ،‬مثل ‪ :‬عبد امللك ابن جريج‪ ،‬ومالك بن أنس‪،‬‬

‫فدونوا احلديث‪ .‬حتى قيل‪ :‬إن أول كتاب خصنف يف اإلسالم ‪:‬‬
‫وغريمها ممن كان يف عرصمها‪َّ ،‬‬
‫كتاب ابن جريج ‪ ،‬وقيل‪ :‬موطأ مالك (رمحة اهلل عليهام)‪.‬‬
‫خ‬

‫وبوب الربيع بن صبيح بالبرصة»(‪.)1‬‬

‫وقيل‪ :‬إن أول من صنف َّ‬

‫(‪ )1‬كشف مشكل الصحيحني البن اجلوزي (‪. )9 -7 /1‬‬

‫‪24‬‬
‫وقال اإلمام الذهبي (ت‪748‬هـ) عن موسى بن عقبة (ت‪141‬هـ) ‪« :‬وكان بصريا‬

‫باملغازي النبوية ‪ ،‬ألفها يف جملد ‪ ،‬فكان أول من صنف يف ذلك»(‪.)2‬‬

‫يف حني قال يف ترمجة عروة بن الزبري (ت‪94‬هـ) ‪« :‬وهو أول من صنف املغازي»(‪.)3‬‬

‫وقال اإلمام الذهبي عن األوزاعي ‪« :‬وهو أول من دون العلم بالشام»(‪.)4‬‬

‫وقال عن سعيد بن أيب عروبة ‪« :‬وأول من صنف السنن النبوية»(‪.)5‬‬

‫وقال احلافظ ابن حجر العسقالين (ت‪852‬هـ) ‪ « :‬فأول من مجع ذلك ‪ :‬الربيع بن صبيح‪،‬‬

‫وسعيد بن أيب عروبة ‪ ،‬وغريمها ‪ ،‬وكانوا يصنفون كل باب عىل حدة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬جامع األصول البن األثري (‪. )8 -7/1‬‬

‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء (‪. )266 /6‬‬
‫وقد خمجعت من املصادر ‪ :‬قام بجمعها حممد باقشيش أبو مالك ‪ .‬الطبعة األوىل ‪1994 :‬م ‪ .‬جامعة ابن‬
‫زهر ‪ :‬باملغرب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬تاريخ اإلسالم للذهبي (‪. )1139 /2‬‬
‫نقل أبو القاسم ابن منده (ت‪470‬هـ) من مغازي عروة مرصحا بالنقل منه ‪ ،‬حيث قال يف موطن ‪:‬‬
‫«وقال عروة يف مغازي رسول اهلل ^ التي قاتل فيها ‪. »..‬املستخرج من كتب الناس (‪.)405/1‬‬
‫وهذا أقدم نص وجدته يذكر لعروة كتابا يف املغازي ‪ ،‬فيام يظهر ‪ .‬خالفا لنقول الدكتور حممد مصطفى‬
‫األعظمي يف مقدمة مجعه ملغازي عروة بن الزبري (‪ ، )57‬فهي إما خطأ يف العزو ‪ ،‬كالعبارة التي عزاها‬
‫للواقدي ‪ ،‬فهي ليست للواقدي ‪ ،‬وإنام هي عبارة ابن كثري ‪ ،‬تعقب هبا عبارة الواقدي ‪.‬‬
‫ثم تتابع العلامء بعد ذلك عىل ذكر كتاب عروة يف املغازي ‪.‬‬
‫وعناية عروة بالسرية واملغازي ليست ّ‬
‫حمل شك ‪ ،‬بدليل اعتامد أهل السرية واملغازي عىل ما يرويه فيها‪،‬‬
‫لكننا نبحث عن نص يدل عىل تأليفه كتا ًبا يف ذلك ‪.‬‬
‫(‪ )4‬سري أعالم النبالء للذهبي (‪. )128 /7‬‬
‫(‪ )5‬سري أعالم النبالء (‪. )413 /6‬‬
‫‪25‬‬
 ‫فدونوا األحكام ‪:‬‬
‫إىل أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة ‪ّ :‬‬

‫‪ -‬فصنف اإلمام مالك املوطأ ‪ ،‬وتوخى فيه القوي من حديث أهل احلجاز ‪ ،‬ومزجه‬

‫بأقوال الصحابة وفتاوى التابعني ومن بعدهم ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف أبو حممد عبد امللك بن عبد العزيز بن جريج بمكة ‪.‬‬

‫‪ -‬وأبو عمر وعبد الرمحن بن عمر واألوزاعي بالشام ‪.‬‬

‫‪ -‬وأبو عبد اهلل سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة ‪.‬‬

‫‪ -‬وأبو سلمة محاد بن سلمة بن دينار بالبرصة ‪.‬‬

‫ثم تالهم كثري من أهل عرصهم ‪ ،‬يف النسج عىل منواهلم ‪.‬‬

‫خ‬
‫حديث النبي ^ خاصة ‪ ،‬وذلك عىل رأس‬ ‫إىل أن رأى بعض األئمة منهم ‪ :‬أن خيـفرد‬

‫املائتني ‪:‬‬

‫‪ -‬فصنف عبيد اهلل بن موسى العبيس الكويف مسندً ا ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف خمسدَّ خد بن خمرسهد البرصي مسندا ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف أسد بن موسى األموي مسندا ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف نعيم بن محاد اخلزاعي نزيل مرص مسندا ‪.‬‬

‫ثم اقتفى األئم خة بعد ذلك أثرهم ‪َّ ،‬‬

‫فقل إما ٌم من احلفاظ اال وصنَّف حديثه عىل املسانيد‪:‬‬

‫كاإلمام أمحد بن حنبل ‪ ،‬وإسحاق ابن راهويه ‪ ،‬وعثامن بن أيب شيبة ‪ ،‬وغريهم من النبالء ‪.‬‬

‫ومنهم من صنف عىل األبواب وعىل املسانيد معا ‪ :‬كأيب بكر بن أيب شيبة ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫فلام رأي البخاري (ريض اهلل عنه) هذه التصانيف ورواها ‪ ،‬وانتشق ر ّياها ‪ ،‬واستجىل‬

‫حم ّياها ‪ :‬وجدها بحسب الوضع جامع ًة بني ما يدخل حتت التصحيح والتحسني ‪ ،‬والكثري منها‬

‫يشمله التضعيف فال يقال لغثه سمني ‪ ،‬فحرك مهته جلمع احلديث الصحيح الذي ال يرتاب‬

‫فيه أمني»(‪.)1‬‬

‫***‬

‫وفيام خيص بداية التأليف عىل طريقة املسانيد ‪:‬‬

‫فهناك عد ٌد من النصوص يمكن االستناد إليها يف معرفة الزمن الذي بدأ فيه التصنيف‬

‫عىل طريقة املسانيد ‪ ،‬ومن ذلك النصوص التاليه (غري ما ورد يف النصوص السابقة) ‪:‬‬

‫فقد قال بكر بن خلف البرصي – خت خن عبد الرمحن بن مهدي(‪( - )2‬ت‪240‬هـ) ‪« :‬قال‬

‫عبدالرمحن بن مهدي حني طلبوا املسند ‪ :‬ما أحسن هذا ! إال أين أخاف أن حيملهم هذا أن‬

‫يكتبوا عن غري الثقات»(‪.)3‬‬

‫وقال عبد اهلل ابن اإلمام أمحد ‪« :‬قلت أليب ‪ :‬ابن احلامين حدَّ ث عنك عن إسحاق األزرق‬

‫عن رشيك عن بيان عن قيس عن املغرية بن شعبة عن النبي ^ ‪" :‬أبردوا بالصالة" ؟ فقال ‪:‬‬

‫كذب ‪ ،‬ما حدثته به ‪ .‬فقلت ‪ :‬إهنم حكوا عنه أنه قال ‪" :‬سمعته منه يف املذاكرة ‪ ،‬عىل باب‬

‫إسامعيل بن علية"‪ ،‬فقال ‪ :‬كذب ‪ ،‬إنام سمع خته بعد ذلك من إسحاق األزرق ‪ ،‬وأنا مل أعلم تلك‬

‫(‪ )1‬هدي الساري مقدمة فتح الباري رشح صحيح البخاري البن حجر ‪ -‬الفصل االول ‪ :‬يف بيان السبب‬
‫الباعث أليب عبد اهلل البخاري عىل تصنيف جامعه الصحيح ‪. )8( -‬‬
‫(‪ )2‬أي زوج ابنته ‪.‬‬
‫(‪ )3‬املعرفة والتاريخ للفسوي (‪. )60 /3‬‬
‫‪27‬‬
‫األيام أن هذا احلديث غريب ‪ ،‬حتى سألوين عنه بعد ذلك هؤالء الشباب ‪ ،‬أو قال ‪ :‬هؤالء‬

‫األحداث ‪.‬‬

‫(قال عبد اهلل) قال أيب ‪ :‬وقت التقينا عىل باب ابن علية إنام كنا نتذاكر الفقه واألبواب مل ‪،‬‬

‫نكن تلك األيام نتذاكر املسند ‪ ،‬كنا نتذاكر الصغار وأحاديث الفقه واألبواب»(‪.)1‬‬

‫وقال اإلمام أمحد ‪« :‬أول من قدم علينا يف آخر خع خمر خهشيم يطلب املسند ‪ :‬خنعيم بن محاد ‪،‬‬

‫قدم علينا يف آخر عمر هشيم»(‪.)2‬‬

‫وإذا تذكرنا أن عبد الرمحن بن مهدي تويف سنة (‪198‬هـ)‪ ،‬وهو يذكر حد ًثا جديدً ا يف‬

‫طريقة طلب الروايات ‪ ،‬وختصيص الروايات املرفوعة باجلمع ‪ ،‬وأن هذا وقع فيام يبدو يف‬

‫أواخر حياة ابن مهدي ‪.‬‬

‫وإذا تذكرنا أن إسامعيل ابن خعل ّية تويف سنة (‪193‬هـ)‪ ،‬ويذكر اإلمام أمحد أن املذاكرة‬

‫بالروايات املسندة وختصيصها بالعناية الشديدة – التي ظهرت بعد ذلك عند مصنفي‬

‫املسانيد‪ -‬مل تكن قد ظهرت يف حياة ابن خعلية ‪.‬‬

‫وإذا تذكرنا أن خهشيم بن بشري تويف سنة (‪183‬هـ)‪ ،‬وأن خنعيم بن محاد (ت‪228‬هـ) أحدخ‬

‫من قيل إنه أول من صنّف (املسند) كانت عنايته بجمعه من آخر حياة خهشيم ‪ ،‬واهلل أعلم كم‬

‫مكث يف مجعه ‪ ،‬والعادة أهنم كانوا يمكثون سنوات يف تصنيف الكتاب ‪.‬‬

‫فهذا كله يعني أن بداية تصنيف املسانيد ظهرت يف هناية القرن الثاين ‪ ،‬ويف حدود سنة‬

‫‪190‬هـ ‪ ،‬قبلها بقليل أو بعدها بأقل ‪.‬‬

‫(‪ )1‬العلل ومعرفة الرجال لعبد اهلل ابن اإلمام أمحد عن أبيه (رقم ‪. )4078 -4077‬‬
‫(‪ )2‬العلل ومعرفة الرجال لعبد اهلل ابن اإلمام أمحد عن أبيه (رقم ‪. )5860‬‬
‫‪28‬‬
 ‫خ‬
‫حديث النبي‬ ‫وقد سبق قول احلافظ ابن حجر ‪ « :‬إىل أن رأى بعض األئمة منهم ‪ :‬أن خيـفرد‬

‫^ خاصة ‪ ،‬وذلك عىل رأس املائتني ‪:‬‬

‫‪ -‬فصنف عبيد اهلل بن موسى العبيس الكويف مسندً ا ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف خمسدَّ خد بن خمرسهد البرصي مسندا ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف أسد بن موسى األموي مسندا ‪.‬‬

‫‪ -‬وصنف نعيم بن محاد اخلزاعي نزيل مرص مسندا»(‪.)1‬‬

‫ويؤيد هذا التاريخ ‪ :‬بيان من قيل إنه أول من صنف املسند ‪ ،‬وأهنم مجي ًعا من رجال هذه‬

‫الطبقة‬

‫أما ‪ :‬من هو أول من صنف املسند ؟‬

‫وقال حييى بن عبد احلميد احلامين (ت‪228‬هـ) ‪« :‬ال تسمعوا كالم أهل الكوفة(‪)2‬؛ فإهنم‬

‫حيسدونني ؛ ألين أول من مجع املسند ‪ ،‬وقد تقدمتهم يف غري يشء»(‪.)3‬‬

‫وقال ابن أيب عاصم (ت‪287‬هـ) ‪« :‬إسحاق بن إدريس األسوراي(‪ )4‬هو أول من مجع‬

‫املسند بالبرصة ‪ ،‬أو مسدّ د»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬هدي الساري مقدمة فتح الباري رشح صحيح البخاري البن حجر ‪ -‬الفصل االول ‪ :‬يف بيان السبب‬
‫الباعث أليب عبد اهلل البخاري عىل تصنيف جامعه الصحيح ‪. )8( -‬‬
‫(‪ )2‬أي ‪ :‬يف جرحه ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الضعفاء للعقييل (‪. )380-379 /6‬‬
‫(‪ )4‬هو متك ّل ٌم فيه ‪ ،‬وذكره الذهبي فيمن تويف بني ‪201‬هـ و‪210‬هـ ‪ .‬تاريخ اإلسالم للذهبي (‪. )27 /5‬‬
‫‪29‬‬
‫وقال ابن عدي (ت‪365‬هـ) ‪« :‬وليحيى احلامين مسند صالح‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه أول من صنف‬

‫املسند بالكوفة‪ ،‬وأول من صنف املسند بالبرصة مسدد‪ ،‬وأول من صنف املسند بمرص أسد‬

‫السنة‪ ،‬وأسد قبلهام ‪ ،‬وأقدم موتا(‪.)3(»)2‬‬

‫وقال الدارقطني (ت‪385‬هـ) ‪« :‬أول من صنف مسندا وتتبعه‪ :‬نعيم بن محاد‬

‫[ت‪228‬هـ]»(‪.)4‬‬

‫وقال احلاكم (ت‪405‬هـ) ‪ « :‬وهذه املسانيد التي صنفت يف اإلسالم عىل روايات‬

‫الصحابة مشتملة عىل رواية املعدلني من الرواة وغريهم من املجروحني كمسند عبيد اهلل بن‬

‫موسى العبيس وأيب داود سليامن بن داود الطياليس ومها أول من صنف املسند عىل تراجم‬

‫الرجال يف اإلسالم»(‪.)5‬‬

‫وذكر احلاكم يف (تاريخ نيسابور) عن أيب جعفر عبد اهلل بن حممد بن عبد اهلل بن جعفر بن‬

‫يامن اجلعفي الـ خمسندي ‪-‬بفتح النون‪[ -‬ت‪229‬هـ عن تسعني سنة] شيخ البخاري ‪« :‬إنام قيل‬

‫(‪ )1‬الفيصل يف علم احلديث (يف مشتبه النسبة) أليب بكر احلازمي (‪193 /1‬رقم ‪ ،)234‬وقد قال أبو بكر‬
‫احلازمي (ت‪584‬هـ) أيضا ‪« :‬يقال هو أول من مجع املسند بالبرصة»‪ ،‬عجالة املبتدي وفضالة املنتهي‬
‫(‪.)16‬‬
‫(‪ )2‬احلامين ومسدد توفيا سنة ‪228‬هـ ‪ ،‬وأما أسد فتويف سنة ‪212‬هـ ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكامل البن عدي (‪.)622 -621 /10‬‬
‫(‪ )4‬العلل (‪ 246 /6‬رقم ‪ ، )2673‬وعنه اخلطيب يف اجلامع (رقم ‪.)1859‬‬
‫(‪ )5‬املدخل إىل اإلكليل – حتقيق ‪ :‬السلوم ‪. )63 -62( -‬‬
‫‪30‬‬
‫الـمسندي ؛ ألنه أول من مجع مسند الصحابة عىل الرتاجم بام وراء النهر ‪ ،)1(» ،‬واتفقوا أن‬
‫له خ‬
‫الـمسندي) هو كثرة عنايته باحلديث املسند(‪.)2‬‬
‫سبب نسبته ( خ‬

‫وقال اخللييل (ت‪446‬هـ) ‪ « :‬أول من صنف املسند عىل ترتيب الصحابة بالبرصة ‪ :‬أبو‬

‫داود الطياليس ‪ ،‬وبالكوفة ‪ :‬عبيد اهلل بن موسى ‪ ،‬ثم من صنف كان تبعا هلام»(‪.)3‬‬

‫وقال اخلطيب ‪ « :‬قد ذكرنا طريقة التخريج عىل األحكام وأما الطريقة األخرى فهي‬

‫التخريج عىل املسند وأول من سلكها عىل ما يقال نعيم بن محاد ‪( ...‬ثم أسند ما سبق عن‬

‫الدراقطني يف ذلك ‪ ،‬ثم قال ) وقد صنف أسد بن موسى املرصي مسندً ا ‪ ،‬وكان أسد أكرب من‬

‫نعيم سنا ‪ ،‬وأقدم سام ًعا(‪ ،)4‬فيحتمل أن يكون خنعيم سبقه إىل ختريج املسند وتتبع ذلك يف‬

‫حداثته‪ ،‬وخ َّرج أسدٌ بعده ‪ ،‬عىل كرب سنّه»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬إكامل هتذيب الكامل ملغلطاي (‪ ،)173 /8‬ورشح علل الرتمذي البن رجب (‪. )40 /1‬‬
‫(‪ )2‬قال ابن عدي ‪ « :‬قيل له‪ :‬خمسندي ؛ ألنه كان يطلب املسند من حداثته» ‪ ،‬الكامل البن عدي – ترمجة‬
‫اإلمام البخاري يف مقدمة الكتاب – (‪ ،)318 /1‬و أسامي من روى عنهم حممد بن إسامعيل البخاري‬
‫من مشاُيه البن عدي أيضا (‪143 -142 ،49‬رقم ‪.)123‬‬
‫وقال اخللييل ‪« :‬وسمي املسندي ؛ ألنه كان يتحرى املسانيد من أخبار رسول اهلل ^»‪ ،‬اإلرشاد (‪/3‬‬
‫‪957‬رقم‪.)891‬‬
‫وقال اخلطيب البغدادي ‪ « :‬قيل له املسندي ألنه كان يطلب األحاديث املسندة‪ ،‬ويرغب عن املقاطيع‬
‫واملراسيل»‪ ،‬تاريخ بغداد (‪.)258 /11‬‬
‫وهذا هو ما ذكره املزي والذهبي والصفدي وابن حجر وغريهم ‪.‬‬
‫(‪ )3‬اإلرشاد (‪ ، )513 -512 /2‬ووافقه الذهبي يف السري (‪. )554 /9‬‬
‫(‪ )4‬أسد بن موسى خولد سنة ‪132‬هـ وتويف سنة ‪212‬هـ عن ثامنني سنة ‪ ،‬وذكره ابن حجر يف صغار أتباع‬
‫التابعني (الطبقة التاسعة) ‪ .‬ونعيم بن محاد تويف سنة ‪228‬هـ وذكره ابن حجر يف كبار اآلخذين عن‬
‫‪31‬‬
‫وقال ابن خري اإلشبييل (ت‪575‬هـ) ‪« :‬مسند أيب داود سليامن بن داود الطياليس ‪ :‬وهو‬

‫أول مسند خصنف يف اإلسالم»(‪.)2‬‬

‫وقال أبو بكر احلازمي (ت‪584‬هـ) ‪« :‬إسحاق ابن إدريس األسواري ‪ :‬يقال إنه أول من‬

‫الزبيدي(‪.)4(»)3‬‬
‫مجع املسند بالبرصة ‪ ،‬ويقال ‪ :‬أول من صنف املسند موسى بن قرة َّ‬

‫محاد ‪ ،‬ثم‬
‫«وأول من صنف مسندً ا‪ ،‬وتتبعه خنعيم بن ّ‬
‫ّ‬ ‫وقال ابن اجلوزي (ت‪597‬هـ) ‪:‬‬

‫خصنفت املسانيد‪.‬‬

‫قال أبو عبد اهللَّ احلاكم‪ّ :‬أول من صنّف املسند عىل تراجم الرجال خعبيد اهللَّ بن موسى‬

‫الطياليس ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بيس ‪ ،‬وأبو داود سليامن بن داود‬
‫الع ّ‬

‫أتباع التابعني (الطبقة العارشة)‪.‬‬

‫ومسند أسد بن موسى هو أحد مرويات ابن خري اإلشبييل (ت‪575‬هـ) ‪ ،‬كام فهرسته‬
‫(‪182‬رقم‪.)187‬‬
‫أيضا ‪ :‬كتاب (الزهد) ‪ ،‬وهو مطبوع ‪.‬‬
‫وألسد بن موسى ً‬
‫(‪ )1‬اجلامع للخطيب (‪. )290 /2‬‬
‫(‪ )2‬فهرست ابن خري (‪181‬رقم‪.)185‬‬
‫(‪ )3‬الصواب أنه ‪ :‬أبو قرة موسى بن طارق اليامين ‪ :‬سبقت الرتمجة له ‪ ،‬وكتابه هو (السنن) ‪ ،‬وليس‬
‫(املسند) ‪.‬‬
‫(‪ )4‬نقله عنه ابن رجب يف رشح العلل (‪ .)39 /1‬والذي وجدته له هو نفسه يف كتبه ‪:‬‬
‫مر ًة عن ابن أيب عاصم أنه قال ‪« :‬إسحاق بن إدريس األسوراي هو أول من مجع املسند‬
‫‪ -‬أنه نقل ّ‬
‫بالبرصة ‪ ،‬أو مسدّ د»‪ ،‬الفيصل يف علم احلديث (يف مشتبه النسبة) أليب بكر احلازمي (‪/1‬‬
‫‪193‬رقم ‪.)234‬‬
‫‪ -‬وقال مرة عن األسوراي ‪« :‬يقال هو أول من مجع املسند بالبرصة»‪ ،‬عجالة املبتدي وفضالة املنتهي‬
‫(‪.)16‬‬
‫‪32‬‬
 ‫قلت‪ :‬وقد صنّف احلخميدي مسندً ا لطي ًفا»(‪.)1‬‬

‫أيضا ‪« :‬وأول من صنف املسند عىل تراجم الرجال عبيد اهلل بن موسى‬
‫وقال ابن اجلوزي ً‬

‫العبيس‪ ،‬وأبو داود سليامن بن داود الطياليس‪ ،‬ثم بعدمها أمحد ابن حنبل‪ ،‬وإسحاق بن راهويه‬

‫وأبو خيثمة‪ ،‬وعبيد اهلل بن عمر القواريري»(‪.)2‬‬

‫خ‬
‫اآلتية‬ ‫ونخلص من ذلك إىل أن أوائل من قيل إنه قد صنَّف عىل طريقة املسانيد هم‬

‫أسامؤهم ‪:‬‬

‫أبو داود الطياليس بالبرصة (ت‪204‬هـ)‪.‬‬

‫خمسدَّ د بن خمرسهد بالبرصة (ت‪228‬هـ)‪.‬‬

‫إسحاق بن إدريس األسواري بالبرصة (تويف بني ‪201‬هـ و‪210‬هـ)‪.‬‬

‫حييى بن عبد احلميد احلـ َّامين بالكوفة (ت‪228‬هـ)‪.‬‬

‫خعبيد اهلل بن موسى العبيس بالكوفة (ت‪213‬هـ عن مخس وثامنني سنة) ‪.‬‬

‫أسد بن موسى بمرص (ت‪212‬هـ عن ثامنني سنة )‪.‬‬

‫خنعيم بن محاد املروزي نزيل مرص (ت‪228‬هـ) ‪.‬‬

‫عبد اهلل بن حممد بن عبد اهلل الـ خمسندي ببخارى (ت‪229‬هـ عن تسعني سنة)‪.‬‬

‫أبو بكر عبد اهلل بن الزبري احلميدي املكي – شيخ البخاري ‪( -‬ت‪219‬هـ) ‪.‬‬

‫(‪ )1‬جامع املسانيد البن اجلوزي (‪. )5 /1‬‬

‫(‪ )2‬كشف مشكل الصحيحني البن اجلوزي (‪. )9 -7 /1‬‬
‫‪33‬‬
‫وينبغي استثناء احلامين ‪ :‬الهتامه ‪ ،‬ولكون أوليته مقيدة بالكوفة ‪ ،‬وغالبا أن عبيد اهلل بن‬

‫موسى العبيس أسبق منه ‪.‬‬

‫وكذلك ينبغي استثناء إسحاق بن إدريس األسواري الهتامه أيضا ‪ ،‬ولكون أوليته مقيدة‬

‫بالبرصة ‪.‬‬

‫كذلك ينبغي استثناء أيب داود الطياليس ‪ ،‬لالختالف يف كونه هو من صنف املسند أم‬

‫غريه‪ ،‬كام سنختم به هذا املقال ‪.‬‬

‫خ‬

‫فإن استثنينا هؤالء ‪ :‬تدور األول ّي خة بني البقية املذكورين ‪ ،‬وهم ‪:‬‬

‫‪ -1‬أسد بن موسى بمرص (ت‪212‬هـ عن ثامنني سنة )‪.‬‬

‫‪ -2‬خعبيد اهلل بن موسى العبيس بالكوفة (ت‪213‬هـ عن مخس وثامنني سنة) ‪.‬‬

‫‪ -3‬أبو بكر عبد اهلل بن الزبري احلميدي املكي – شيخ البخاري ‪( -‬ت‪219‬هـ) ‪.‬‬

‫‪ -4‬خمسدَّ د بن خمرسهد بالبرصة (ت‪228‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -5‬خنعيم بن محاد املروزي نزيل مرص (ت‪228‬هـ) ‪.‬‬

‫الـمسندي ببخارى (ت‪229‬هـ عن تسعني سنة)‪.‬‬

‫‪ -6‬عبد اهلل بن حممد بن عبد اهلل خ‬

‫***‬

‫وقد أرشنا آن ًفا إىل االختالف يف مصنِّف مسند الطياليس ‪ :‬هل هو أبو داود أم غريه ؟‬

‫إال أن األثبت علميا أن املسند املنسوب إىل أيب داود الطياليس إنام هو من تصنيف تلميذه‬

‫احلافظ يونس بن حبيب بن عبد القاهر العجيل األصبهاين (ت‪267‬هـ) عىل األرجح ‪ ،‬أو من‬

‫‪34‬‬
‫تصنيف تلميذه اآلخر الناقد أيب مسعود أمحد بن الفرات بن خالد الرازي (ت‪258‬هـ) ‪،‬‬

‫جمموعا ومنتخ ًبا من روايات يونس بن حبيب عن أيب داود الطياليس ‪.‬‬

‫وأول من وجدته نسب مسند أيب داود الطياليس إليه (أنه من تصنيفه) ‪ :‬هو احلاكم‬

‫النيسابوري (ت‪405‬هـ) ‪ ،‬حيث قال كام سبق ‪ « :‬وهذه املسانيد التي صنفت يف اإلسالم عىل‬

‫روايات الصحابة مشتملة عىل رواية املعدلني من الرواة وغريهم من املجروحني كمسند عبيد‬

‫اهلل بن موسى العبيس وأيب داود سليامن بن داود الطياليس ومها أول من صنف املسند عىل‬

‫تراجم الرجال يف اإلسالم »(‪.)1‬‬

‫البار اخللييل (ت‪446‬هـ) ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬أول من صنف املسند عىل‬ ‫خ‬
‫تلميذه ّ‬ ‫ثم تبع احلاكم‬

‫ترتيب الصحابة بالبرصة ‪ :‬أبو داود الطياليس ‪ ،‬وبالكوفة ‪ :‬عبيد اهلل بن موسى ‪ ،‬ثم من صنف‬

‫كان تبعا هلام»(‪.)2‬‬

‫أيضا قول ابن خري اإلشبييل (ت‪575‬هـ) ‪« :‬مسند أيب داود سليامن بن‬
‫ويشري إىل ذلك ً‬

‫داود الطياليس ‪ :‬وهو أول مسند خصنف يف اإلسالم»(‪)3‬؛ إذ ال تصح هذه األولية إال مع اعتقاد‬

‫أن أبا داود نفسه هو الذي صنف الكتاب ‪ ،‬وليس يونس بن حبيب وأبا مسعود الرازي ؛‬

‫لتأخر طبقتهام عن طبقة أوائل املصنفني يف املسانيد ‪.‬‬

‫(‪ )1‬املدخل إىل اإلكليل – حتقيق ‪ :‬السلوم ‪. )62( -‬‬

‫(‪ )2‬اإلرشاد (‪ ، )513 -512 /2‬ووافقه الذهبي يف السري (‪. )554 /9‬‬
‫(‪ )3‬فهرست ابن خري (‪181‬رقم‪.)185‬‬
‫‪35‬‬
‫لكن املسند الذي يتداول روايته العلامء – ومنهم ابن خري اإلشبييل – هو من رواية يونس‬

‫بن حبيب عن أيب داود الطياليس ‪ ،‬فال يقوى احتامل وجود مسند آخر أليب داود غري هذا‬

‫املسند الذي بني أيدينا ‪.‬‬

‫محاد ‪ ،‬ثم‬
‫«وأول من صنف مسندً ا‪ ،‬وتتبعه خنعيم بن ّ‬
‫ّ‬ ‫وقال ابن اجلوزي (ت‪597‬هـ) ‪:‬‬

‫خصنفت املسانيد‪.‬‬

‫قال أبو عبد اهللَّ احلاكم‪ّ :‬أول من صنّف املسند عىل تراجم الرجال خعبيد اهللَّ بن موسى‬

‫الطياليس ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بيس ‪ ،‬وأبو داود سليامن بن داود‬
‫الع ّ‬

‫قلت‪ :‬وقد صنّف احلخميدي مسندً ا لطي ًفا»(‪.)1‬‬

‫أيضا ‪« :‬وأول من صنف املسند عىل تراجم الرجال عبيد اهلل بن موسى‬
‫وقال ابن اجلوزي ً‬

‫العبيس‪ ،‬وأبو داود سليامن بن داود الطياليس‪ ،‬ثم بعدمها أمحد ابن حنبل‪ ،‬وإسحاق بن راهويه‬

‫وأبو خيثمة‪ ،‬وعبيد اهلل بن عمر القواريري»(‪.)2‬‬

‫وظاهر من كالم ابن اجلوزي أنه ق ّلد احلاكم يف حكاية هذه األولية ‪ ،‬فكالمه األول‬
‫ٌ‬
‫رصيح بذكر مصدر كالمه الثاين ‪.‬‬

‫وقال احلافظ العراقي (ت‪806‬هـ) عن أيب داود الطياليس‪« :‬و خيقال إنه أول من صنف‬

‫املسند»(‪ ،)3‬هكذا بصيغة ال جزم فيها ‪.‬‬

‫(‪ )1‬جامع املسانيد البن اجلوزي (‪. )5 /1‬‬

‫(‪ )2‬كشف مشكل الصحيحني البن اجلوزي (‪. )9 -7 /1‬‬
‫(‪ )3‬رشح التبرصة والتذكرة للعراقي (‪. )106 /1‬‬
‫‪36‬‬
‫لكن هناك علامء شككوا يف كون أيب داود هو من صنف املسند املنسوب إليه ‪ ،‬ومن‬

‫هؤالء ‪:‬‬

‫‪ -1‬أبو بكر ابن نقطة (ت‪629‬هـ) ‪:‬‬

‫فقد قال ابن نقطة يف ترمجة يونس بن حبيب ‪« :‬حدث باملسند عن أيب داود ‪ ،‬ويقال إن هذا‬

‫بعض حفاظ األصبهانيني»(‪.)1‬‬

‫املسند خمجع له مما خوجد سام خعه من أيب داود ‪ ،‬مجعه له خ‬

‫وهي عبارة تذكر يونس بن حبيب عىل أنه هو صاحب املسند ‪ ،‬وحتكي احتامال آخر ‪ :‬أن‬

‫(املسند) من مجع حافظ من احلفاظ من مسموعات يونس بن حبيب عن أيب داود ‪.‬‬

‫‪ -2‬واإلمام الذهبي (ت‪747‬هـ) ‪:‬‬

‫فقد قال الذهبي ‪« :‬سمع يونس بن حبيب عدة جمالس مفرقة‪ ،‬فهي (املسند) الذي وقع‬

‫لنا‪.‬‬

‫وقال أبو بكر اخلطيب‪ :‬قال لنا أبو نعيم ‪ :‬صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب‬

‫(مسند أيب داود) »(‪.)2‬‬

‫وإنام نحتج بعبارة اإلمام الذهبي هنا التي تدل أن املسند الذي يرويه يونس بن حبيب‬
‫ليس من تصنيف أيب داود ‪ ،‬أما هل يونس من صنفه أو أبو مسعود فهذا ٌ‬
‫شأن آخر سيأيت‬

‫الكالم عنه ‪.‬‬

‫‪ -3‬احلافظ ابن حجر (ت‪852‬هـ) ‪:‬‬

‫(‪ )1‬التقييد البن نقطة (‪868‬رقم‪. )667‬‬

‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء (‪. )382/9‬‬
‫‪37‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر معلقا عىل من جعل خنعيم بن محاد أول من مجع (املسند) ‪« :‬وال ير خد‬

‫عليه (مسندخ أيب داود الطياليس)؛ لتقدمه؛ فإنه مل جيمع املسند املنسوب إليه ‪ ،‬حتى يقال‪ :‬إنه أول‬

‫من صنف عىل املسانيد‪ ،‬بل اجلامع له غريه ‪ ،‬مجعه بحسب ما وقع له من حديثه ‪ ،‬وإال فهو‬

‫مكثر جدا ‪ ،‬فلو مجع كل حديثه ‪ ،‬أو مجع هو مسندا وانتقاه = لكان أضعاف هذا»(‪.)1‬‬

‫وقال يف موطن آخر عن (مسند الطياليس) ‪« :‬وهو القدر الذي مجعه بعض األصبهانيني‬

‫من رواية يونس بن حبيب»(‪.)2‬‬

‫أيضا ‪ .‬بخالف عبارته‬

‫وهي عبارة جتعل املصنف ليس أبا داود ‪ ،‬وليس يونس بن حبيب ً‬

‫األوىل التي تكتفي بنفي نسبة الكتاب إىل أيب داود فقط ‪.‬‬

‫‪ -4‬اإلمام البقاعي (ت‪885‬هـ) ‪:‬‬

‫ذكر البقاعي قول احلافظ العراقي عن أيب داود الطياليس ‪« :‬ويقال‪ :‬إنه أول مسند‬

‫صنف»‪ ،‬فتعقبه قائال ‪« :‬الذي محل قائل هذا القول عليه ‪ :‬تقد خم عرص أيب داود عىل أعصار من‬

‫صنف املسانيد ‪ ،‬وظن أنه هو الذي صنفه ‪ ،‬وليس كذلك ؛ فإنه ليس من تصنيف أيب داود ‪،‬‬

‫وإنام هو مجع بعض احلفاظ اخلراسانيني ‪ ،‬مجع فيه ما رواه يونس بن حبيب خاصة عن أيب‬

‫داود‪ ،‬وأليب داود من األحاديث التي مل تدخل هذا املسند قدره أو أكثر‪ ،‬بل قد شذ عنه كثري‬

‫من رواية يونس»(‪.)3‬‬

‫‪ -5‬السيوطي (ت‪911‬هـ) ‪:‬‬

‫(‪ )1‬النكت الوفية للبقاعي (‪.)395 /2‬‬

‫(‪ )2‬املعجم املفهرس البن حجر (‪133‬رقم ‪. )481‬‬
‫(‪ )3‬النكت الوفية للبقاعي (‪. )381 /1‬‬
‫‪38‬‬
‫ذكر السيوطي قول احلافظ العراقي عن أيب داود الطياليس ‪« :‬ويقال‪ :‬إنه أول مسند‬

‫صنف»‪ ،‬فتعقبه قائال‪ « :‬لذي محل قائل هذا القول عليه تقدم عرص أيب داود عىل أعصار من‬

‫صنف املسانيد‪ ،‬وظن أنه هو الذي صنفه ‪ .‬وليس كذلك ؛ فإنام هو من مجع بعض احلفاظ‬

‫اخلرسانيني ‪ ،‬مجع فيه ما رواه يونس بن حبيب خاصة عنه ‪ ،‬وشذ عنه كثري منه»(‪.)1‬‬

‫وهناك علامء نسبوا تصنيفه إىل يونس بن حبيب تلميذ أيب داود وراوي املسند عنه ‪،‬‬

‫ومن هؤالء ‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلمام ابن أيب حاتم (ت‪327‬هـ) ‪ ،‬وهو تلميذ يونس بن حبيب املبارش ‪ ،‬أي هو من‬

‫تلقى مسند أيب داود عن راويه الوحيد عن أيب داود ‪.‬‬

‫فقد سأل ابن أيب حاتم أباه يف كتاب العلل عن حديث من رواية أيب داود الطياليس (وهو‬

‫يف مسنده)(‪ ، )2‬فبني له أبوه علة احلديث ‪ ،‬وهو حديث مرسل من رواية تابعي عن النبي ^ ‪،‬‬

‫وهو أبو أيوب حييى بن مالك العتـكي األزدي‪ ،‬فقال ابن أيب حاتم عقب كالم أبيه ‪« :‬ومل يفهم‬

‫يونس بن حبيب أن أبا أيوب األزدي هو العتكي‪ ،‬فأدخله يف مسند أيب أيوب األنصاري»(‪.)3‬‬

‫وهذا يعني أن من رتب األحاديث عىل املسانيد هو يونس بن حبيب ‪ ،‬وليس أبا داود‬

‫الطياليس ؛ ألن ابن أيب حاتم نحا هبذا اخلطأ إىل يونس بن حبيب ‪ ،‬ال إىل أيب داود ‪.‬‬

‫(‪ )1‬البحر الذي زخر للسيوطي (‪ ،)518 /2‬وتدريب الراوي ‪ -‬حتقيق حممد عوامة ‪. )65 -64/3( -‬‬
‫(‪ )2‬مسند أيب داود الطياليس (رقم ‪. )597‬‬
‫(‪ )3‬العلل البن أيب حاتم (رقم ‪. )2369‬‬
‫‪39‬‬
‫أيضا يف ترمجة عبد الرمحن بن علقمة الثقفي ‪ ،‬وهو من‬
‫ويف موطن آخر يقول ابن أيب حاتم ً‬

‫التابعني ‪ « :‬أدخله يونس بن حبيب يف كتاب الوحدان(‪ ،)1‬فأخربت أيب بذلك‪ ،‬فقال‪ :‬هو‬

‫تابعي‪ ،‬ليست له صحبة»(‪.)2‬‬

‫وهو حديث يف مسند أيب داود الطياليس(‪ ، )3‬كام قال ابن أيب حاتم ‪ .‬فهو يعني ‪ :‬أن يونس‬

‫بن حبيب عقد مسندا للصحابة الذين مل يرو عنهم إال واحد ‪ ،‬فذكر منهم هذا التابعي خط ًأ ‪،‬‬

‫وعقد له مسندً ا منفر ًدا‪.‬‬

‫‪ -1‬وأبو حاتم ابن حبان ال خبستي (ت‪354‬هـ) ‪:‬‬

‫قال ابن حبان يف ترمجة يونس بن حبيب ‪« :‬حدثنا عنه عبد الرمحن ابن أيب حاتم الرازي ‪،‬‬

‫ونسبه لنا ‪ ،‬وهو صاحب مسند أيب داود الطياليس»(‪.)4‬‬

‫‪ -2‬وأبو الشيخ األصبهاين (ت‪369‬هـ) ‪:‬‬

‫فقد قال يف ترمجة إبراهيم بن عبد العزيز بن الضحاك املديني ‪« :‬روى عنه يونس بن‬

‫حبيب يف املسند» ‪.‬‬

‫ٌ‬
‫حديث يف مسند أيب داود الطياليس من رواية يونس بن حبيب عن إبراهيم بن عبد‬ ‫وهو‬

‫العزيز بن الضحاك عن أيب داود الطياليس(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬باسم عبد امللك بن علقمة ‪.‬‬

‫(‪ )2‬اجلرح والتعديل البن أيب حاتم (‪. )273 /5‬‬
‫(‪ )3‬مسند أيب داود الطياليس (رقم ‪. )1433‬‬
‫(‪ )4‬الثقات البن حبان (‪. )291 -290 /9‬‬
‫(‪ )5‬مسند أيب داود الطياليس (رقم‪. )1899‬‬
‫‪40‬‬
‫وظاهر هذا الكالم أنه املسند من تصنيف يونس بن حبيب ؛ ألنه لو كان من زوائد يونس‬

‫بن حبيب عىل مسند من تصنيف الطياليس لكان األدق أن خيقال ‪« :‬روى عنه يونس بن حبيب‬

‫يف مسند الطياليس»‪ ،‬أو نحو ذلك ‪ ،‬أما أن خيقال ‪« :‬روى عنه يونس بن حبيب يف املسند» فهي‬

‫بظاهرها عبار ٌة عن مسند يكون من تصنيف من خذكر ‪ ،‬وهو يونس بن حبيب ‪.‬‬

‫‪ -3‬وأبو موسى املديني األصبهاين (ت‪581‬هـ) ‪:‬‬

‫فقد قال عن حديث عبد الرمحن بن علقمة الثقفي (السابق ذكره) ‪« :‬أورده يونس بن‬

‫حبيب األصبهاين من " خمسند أيب داود الطياليس"»(‪.)1‬‬

‫وهناك من نسب هذا التصنيف إىل أيب مسعود أمحد بن الفرات الرازي ‪:‬‬

‫ومل أجد هذا إال عن أيب نعيم األصبهاين (ت‪430‬هـ) ‪ :‬حيث قال ‪ -‬كام سبق‪« : -‬صنف‬

‫أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب (مسند أيب داود) »(‪.)2‬‬

‫وإن أردنا املناقشة والرتجيح ‪:‬‬

‫فظاهر أن نسبة املسند إىل يونس بن حبيب هو أرجح األقوال ‪:‬‬

‫ٌ‬

‫‪ -1‬فابن أيب حاتم تلميذ يونس بن حبيب ‪ ،‬وروى عنه مسند أيب داود الطياليس ‪ ،‬فهو‬

‫أعرف الناس به ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ابن حبان تلميذ ابن أيب حاتم ورصح بنسبة املسند إىل يونس بن حبيب ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أسد الغابة لعز الدين ابن األثري (‪ ،)511 -510 /3‬واإلنابة إىل معرفة املختلف فيهم من‬
‫الصحابة ملغلطاي (‪.)35 /2‬‬
‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء (‪. )382/9‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -3‬أن بعض احلفاظ األصبهانيني نسبوا املسند إىل يونس بن حبيب ‪ ،‬كأيب الشيخ وأيب‬

‫موسى املديني ‪ ،‬واألصبهانيون أعرف الناس بمسند أيب داود ؛ ألن راويه يونس بن‬

‫حبيب من حفاظ أصبهان ‪ ،‬وأخذ أهلها املسند عنه ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن احلاكم – وهو أول من وجدناه نسب املسند إىل أيب داود – مع تأخره عن ابن أيب‬

‫حاتم ‪ ،‬ومع كونه ليس أصبهانيا ‪ ،‬فقد ترجح عندي أن (مسند أيب داود الطياليس) مل‬

‫يكن من مرويات احلاكم ‪ ،‬وأنه – غال ًبا ‪ -‬مل يقف عليه ‪ .‬فقد وجدت احلاكم مل يرو‬

‫عن مسند أيب داود الطياليس أي حديث (يف مستدركه)‪ ،‬ورغم أن له عن أيب داود يف‬

‫بضع وستون رواية(‪ ،)1‬فيظهر من اختالف خمارجها عن أيب داود ‪ :‬أنه ال‬
‫ٌ‬ ‫(املستدرك)‬

‫يروي كتابا أليب داود ‪ .‬كام أنه لو وقع له ‪ :‬لكان س خيكثر من الرواية عنه يف‬

‫(املستدرك)‪ ،‬لكونه كتابا خمهام يف استخراج زوائد الصحاح عىل الصحيحني ‪.‬‬

‫‪ -5‬أما من نسب (مسند الطياليس) إىل أيب مسعود الرازي ‪ :‬وهو أبو نعيم األصبهاين ‪،‬‬

‫فمع جاللة أيب نعيم ‪ ،‬ومع مكانته يف حفاظ األصبهانيني ؛ إال أنه خالف من هو أكثر‬

‫عد ًدا ‪ ،‬وأقدم طبقة ‪ ،‬وأوىل بمعرفة واقع حال الكتاب ‪ :‬كابن أيب حاتم راويه عن‬

‫يونس بن حبيب ‪.‬‬

‫وعندي أنه خيمكن اجلمع بني كالم أيب نعيم ومن نسب املسند إىل يونس بن حبيب ‪،‬‬

‫بأن نقول ‪ :‬لعل أبا مسعود الرازي استخرج من مسموعات يونس بن حبيب ما رواه‬

‫أيضا ‪ ،‬ثم سلمها ليونس (ومها قرينان ‪،‬‬

‫عن أيب داود ‪ ،‬وانتقى منها وانتخب بعضها ً‬

‫وكالمها سمع من أيب داود) ‪ ،‬فقام يونس برتتيبه عىل املسانيد وروايته ‪ .‬ويصح أن‬

‫(‪ )1‬انظر فهارس الرواة يف طبعة مستدرك احلاكم – دار امليامن – (‪. )663‬‬
‫‪42‬‬
‫تصنيف ‪ ،‬وهي طريقة مشهورة عند املحدّ ثني ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫خيقال عن عملية االنتخاب هذه إهنا‬

‫وهي أن يتقدّ م أحد املكثرين من الرواية إىل أحد من يفوقونه يف النقد ومتييز فوائد‬

‫الروايات من حفاظ زمانه ‪ ،‬فيعطيه أصوله و خكتبه املسموعة ‪ ،‬ليختار منها جمموعة‬

‫تيسريا لطالب األحاديث‬

‫ً‬ ‫منتقاة من الروايات ‪ ،‬لريويا صاحب النسخ بعد ذلك ‪،‬‬

‫عىل الوقوف عىل أهم مرويات ذلك الشيخ وما خيستفاد من مسموعاته ‪.‬‬

‫فإن أمكن اجلمع بني كالم أيب نعيم ومن خالفه بذلك ‪ ،‬فبها ونعمت ‪ ،‬وإال فاألرجح‬

‫خالفه ‪.‬‬

‫‪ -6‬أما من نسب املسند إىل غري أيب داود ممن تأخر عنه ‪ ،‬دون تعيني ‪ :‬فقد دلنا بعدم تعيينه‬

‫عىل أن الظاهر من حاله ‪ :‬خنقصان املعلومة لديه وخفائها عنده ‪ .‬وحينئذ نقول ‪ :‬من‬

‫علم حج ٌة عىل من مل يعلم ‪ :‬فمن حدّ د مصنف املسند أوىل باالعتامد ممن لسان حاله‬

‫يقول ‪ :‬ال أعرف من هو ‪.‬‬

‫فإن قيل ‪ :‬فبامذا نوجه نسبة األحاديث عند التخريج إىل أيب داود الطياليس عند عامة‬

‫املخرجني ؟ وهل يصح عزو األحاديث إليه مع كون الكتاب من تصنيف تلميذه يونس بن‬

‫حبيب ؟‬

‫واجلواب ‪ :‬إن األمر يف ذلك سهل ؛ إذ كون األحاديث من أحاديث أيب داود مما ال خيض ّيق‬

‫يف نسبة احلديث إليه وال يمنع منها ‪ ،‬خاصة مع وقوع االختالف يف املصنف ؛ وإن كان األدق‬

‫وغريه من نسبة التصنيف إىل يونس بن حبيب‬

‫خ‬ ‫واألصح علميا أن نفعل كام فعل ابن أيب حاتم‬

‫وأن نعزو ما ننقله من املسند إليه ال إىل أيب داود ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫لكن يف بعض األحيان يصح االعتبار باملقولة املشهورة ‪ :‬خطأ مشهور ‪ ،‬خري من صواب‬

‫مهجور !! إال إن ترتَّب عىل ذلك اخلطأ خط ٌأ يف تعليل حديث أو فهم علة حديث ‪ ،‬بسبب هذا‬

‫اخلطأ يف نسبة الكتاب !‬

‫يف ‪ /5‬صفر ‪1441‬هـ‬

‫‪44‬‬