You are on page 1of 38

‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫دواػي تطثيق مثذأ المسؤوليح‬


‫ػن الحمايح‬
‫أ‪.‬د‪ .‬حيدر أدهم‬ ‫م‪.‬د‪ .‬نبراس ابراهيم مسلم‬
‫الطائي‬
‫كلية الحقوق ‪/‬‬ ‫كلية القانون ‪ /‬جامعة بغداد‬
‫جامعة النهرين‬

‫الملخص‪:‬‬
‫اصبح مبدأ المسؤولية عن الحماية من المبادئ الميمة عمى الصعيد الدولي نتيجة الزدياد المخاطر‬
‫التي يتعرض ليا السكان المدنيين جراء النزاعات المسمحة دولية كانت ام داخمية ‪،‬كما ان ىنالك‬
‫ضروب اخرى من االنتياكات بدأت تبرز عمى الساحة تقع عمى يد الجماعات االرىابية والتي قد‬
‫تكون احيانا مسنودة م ن الحكومات المعنية خارج اطار النزاعات المسمحة‪ ،‬ويتيح المبدأ لممجتمع‬
‫الدولي التدخل لحماية المدنيين من الجرائم الوحشية في حال كانت الدولة المعنية غير قادرة او‬
‫غير راغبة في توفير تمك الحماية ‪ ،‬ويشمل التدخل الدولي طيف واسع من االجراءات والتي تتدرج‬
‫شدتيا من اال جراءات الدبموماسية والقسرية وصوال الى التدخل العسكري بتفويض من مجمس االمن‬
‫الدولي‪ ،‬وقد تم حصر الحاالت التي يتم فييا المجوء الى ذلك المبدأ بوقوع جرائم حرب او جرائم‬
‫ضد االنسانية او جرائم ابادة جماعية او تطيير عرقي لذا يستمزم االمر تسميط الضوء عمى تمك‬
‫الجرائم لمعرفة الحاالت الحصرية التي يثار فييا تطبيق المبدأ‪ ،‬كما البد من البحث في مدى‬
‫امكانية التوسع في تطبيقو في حال وقوع ازمات او كوارث انسانية اخرى تستدعي التدخل الدولي‬
‫لحماية السكان المدنيين ‪.‬‬
‫‪Summary‬‬
‫‪Responsibility to protect become today one of the most important‬‬
‫‪principles due to the massive violation that faced the civilian‬‬
‫‪population during the wars and the national conflict, there are even‬‬
‫‪more violations are acquiring nowadays by the terrorist or by militias,‬‬
‫‪the responsibility to protect allowing to the international community‬‬
‫‪to protect the civilian when their state was unable or unwilling to‬‬
‫‪protect them, the intervention include a large variety of tools and‬‬
‫‪procedures that start from diplomacy procedures, coercive procedures‬‬
‫‪and in extreme cases military intervention authorized by the security‬‬
‫‪council, the scope of the principle is limited to committing mass‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫‪atrocity crimes namely war crimes, crimes against humanity, genocide‬‬


‫‪and ethnic cleaning .‬‬
‫المقدمة‬
‫قوق االنسان الواسعة النطاق التي‬ ‫في مواجية الفشل الدولي لمنع انتياكات ح‬
‫حصمت في تسعينيات القرن الماضي ‪،‬واتجاه الدول الى اتخاذ خطوات منفردة لمنع تمك‬
‫االنتياكات خارج اطار الشرعية الدولية ‪،‬كان البد من ايجاد بديل قوي لمواجية تمك‬
‫ثر تدخل‬ ‫االنتياكات ‪ ،‬نشأة اولى المحاوالت لصياغة مبدأ المسؤولية عن الحماية عمى ا‬
‫الناتو في كوسوفو‪ ،‬حيث طرح السيد كوفي عنان مسألة التدخل االنساني عمى طاولة‬
‫النقاش ‪،‬وطرح عدة تساؤالت ‪،‬ىل من المشروع لمنظمة اقميمية ان تتدخل في دولة ما‬
‫مستخدمةُ القوة دون موافقة وتصريح من منظمة االمم المتحدة؟ وىل من المقبول دوليا‬
‫السماح النتياكات فضيع ة ضد السكان المدنيين ان تقع دون ان اي حراك دولي ؟ متحديا‬
‫بذلك المجتمع الدولي بأن يجد وسيمة يتجنب من خالليا كوسوفو اخرى ‪ ،‬وفي العام‬
‫"المجنة الدولية‬ ‫‪، 2000‬اعمن رئيس الوزراء الكندي عن انشاء لجنة مستقمة تحت اسم‬
‫يد عنان وإليجاد قبول دولي عن‬ ‫"استجابةً لمتحدي الذي طرحو الس‬ ‫لمتدخل وسيادة الدول‬
‫كيفية األستجابة لإلنتياكات الخطيرة لحقوق االنسان والقانون الدولي االنساني ‪،‬نشرت‬
‫المجنة تقريرىا سنة ‪ 2001‬والذي حمل اسم "المسؤولية عن الحماية"‪.‬‬
‫تم طرح فكرة المسؤولية عن الحماية في مؤتمر القمة العالمي الذي ُعقد لمفترة النقاشات‬
‫لمفرة من ‪ 14‬الى ‪ 16‬ايمول لمعام ‪ ، 2005‬ومن ثم تم تبنيو رسميا في اعالن وثيقة‬ ‫ت‬
‫‪ 1/60‬في‬ ‫النتائج الختامية لممؤتمر من قبل الجمعية العامة لالمم المتحدة في القرار رقم‬
‫‪ 138‬مؤكدة عمى مسؤولية الدولو عن حماية‬ ‫الفقرتان ‪ 139-138‬منو ‪ ،‬جاءت الفقرة‬
‫"إ ن المسؤولية عن حماية السكان من اإلبادة الجماعية‬ ‫سكانيا المدنيين ونصت عمى‬
‫وجرائم الحرب والتطيير العرقي والجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية تقع عمى عاتق كل دولة‬
‫عمى حدة ‪ .‬وتستمزم ىذه المسؤولية منع وقوع تمك الجرائم‪ ،‬بما في ذلك التحريض عمى‬
‫نوافق عمى تحمل تمك المسؤولية‬ ‫ارتكا بيا‪ ،‬عن طريق الوسائل المالئمة والضرورية‪ ،‬ونحن‬
‫وسنعمل بمقتضاىا‪ ،‬وينبغي لممجتمع الدولي أن يقوم‪ ،‬حسب االقتضاء‪ ،‬بتشجيع ومساعدة‬
‫بي ذه المسؤولية‪ ،‬ودعم األمم المتحدة في إنشاء قدرة عمى اإلنذار‬ ‫الدول عمى االضطالع‬
‫طريق االشارة‬ ‫المبكر "‪ ،‬اما الفقرة ‪ 139‬فقد جاءت مكممة لفكرة المسؤولية عن الحماية عن‬
‫لمجتمع الدولي أيضا‪،‬‬ ‫"ويقع عمى عاتق ا‬ ‫الى المسؤولية عن التصرف ‪،‬فقد نصت عمى‬
‫من خالل األمم المتحدة‪ ،‬األلتزام باستخدام ما ىو مالئم من الوسائل الدبموماسية‬
‫واإلنسانية وغيرىا من الوسائل السممية‪ ،‬وفقا لمفصمين السادس والثامن من الميثاق‪،‬‬

‫‪- 36 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫لممساعدة في حماي ة السكان من اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطيير العرقي والجرائم‬
‫‪ .‬وفي ىذا السياق‪ ،‬نعرب عن استعدادنا التخاذ إجراء جماعي‪،‬‬ ‫المرتكبة ضد اإلنسانية‬
‫في الوقت المناسب وبطريقة حاسمة‪ ،‬عن طريق مجمس األمن‪ ،‬ووفقا لمميثاق‪ ،‬بما في‬
‫ة عمى حدة وبالتعاون مع المنظمات‬ ‫ذلك الفصل السابع منو‪ ،‬عمى أساس كل حال‬
‫اإلقميمية ذات الصمة حسب االقتضاء‪ ،‬في حال قصور الوسائل السممية وعجز السمطات‬
‫نيا من اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطيير العرقي‬ ‫الوطنية البين عن حماية سكا‬
‫عامة النظر في‬ ‫‪ .‬ونؤكد الحاجة إلى أن تواصل الجمعية ال‬ ‫والجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية‬
‫مفيوم المسؤولية عن حماية السكان من اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطيير العرقي‬
‫والجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية وما يترتب عمى ىذه المسؤولية ‪ ،‬مع مراعاة مبادئ‬
‫‪ .‬ونعتزم أيضا االلتزام ‪ ،‬حسب الضرورة واالقتضاء‪ ،‬بمساعدة‬ ‫الميثاق والقانون الدولي‬
‫نيا من اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطيير‬ ‫الدول في بناء القدرة عمى حماية سكا‬
‫العرقي والجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية‪ ،‬ومساعدة الدول التي تشيد توترات قبل أن تنشب‬
‫فييا أزمات وصراعات ‪".‬‬
‫في‬ ‫أكد مبدأ المسؤولية عن الحماية عمى االلتزامات الممقاة عمى عاتق الدول والمتمثمة‬
‫حماية سكانيا المدنيين‪ ،‬واجاز لممجتمع الدولي التدخل لتوفير تمك الحماية من خالل‬
‫طيف واسع من االدوات المنصوص عمييا في الفصل السادس والسابع والثامن من ميثاق‬
‫االمم المتحدة في حال فشل الدولة في توفير تمك الحماية‪ ،‬اال ان المبدأ انحصر تطبيقو‬
‫الجرائم الوحشية والتي تم النص عمييا عمى سبيل الحصر في الفقرة‬ ‫في حال ارتكاب احد‬
‫‪، 138‬مستبعداً بذلك تطبيقو عمى حاالت اخرى تستةجب توفير الحماية لممدنيين‪ ،‬إال ان‬
‫ىنالك مطالب تدعوا الى ضرورة توسيع نطاق تطبيق المبدأ‪ ،‬وعميو سنبحث في الجرائم‬
‫طبيقو عمى حاالت اخرى من خالل الخطة‬ ‫التي تثير تطبيق المبدأ وفي مدى امكانية ت‬
‫التالية‬
‫تمييد‬
‫المطمب االول‪ :‬جرائم الحرب‬
‫المطمب الثاني الجرائم ضد االنسانية‬
‫المطمب الثالث ‪ :‬جرائم االبادة الجماعية‬
‫المطمب الرابع ‪:‬التطيير العرقي‬
‫المطمب الخامس‪ :‬امكانية توسيع نطاق تنفيذ المسؤولية عن الحماية‬

‫‪- 37 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫تمهيد‬
‫اعتمدت المجنة الدولية لمتدخل وسيادة الدول عند تبنييا لمبدأ المسؤولية عن الحماية صيغة مطمقة‬
‫من حيث دواعي تطبيق المبدأ حيث ان الغرض من تبني المبدأ في المقام األول ىو حماية السكان‬
‫ص‬ ‫المدنيين من الجرائم التي قد يتعرضون ليا دون تحديد لتمك الجرائم‪ ،‬فقد ذكر التقرير الخا‬
‫بالمجنة " السكان المذين يعانون من أذى خطير نتيجة لمحروب األىمية‪ ،‬العصيان‪ ،‬القمع او انييار‬
‫الدولة " ‪ ،1‬وفي ىذا السياق فأن المجنة أشارت فقط الى أصابة السكان بأذى شديد دون البحث في‬
‫نوع ىذا االذى ‪،‬كما أكدت المجنة في التقرير بأن المبرر الستخدام التدخل العسكري لحماية السكان‬
‫يتطمب وجود "أذى شديد وغير قابل‬ ‫المدنيين ‪ -‬والذي يعد إجراء استثنائي وغير أعتيادي‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬وبيذه الصيغة فأن تقرير ال ) ‪ (ICISS‬قد‬ ‫لالصالح يحدث لمبشر‪،‬أو أن يكون وشيك الوقوع‬
‫األعمال‬ ‫حدد نطاق تفعيل المسؤولية عن الحماية بشكل واسع يشتمل عمى العديد من الجرائم مثل‬
‫التي تقوم الدولة بيا في اطار استخدام حق الدفاع الشرعي‪ ،‬أو عدم استجابة الدولة بشكل فعال‬
‫لمواجية وباء‪ ،‬او عدم استطاعة الدولة انذار سكان المناطق الساحمية عن احتمال تعرض المنطقة‬
‫الى زلزال في الوقت المناسب‪ ،‬او فشل الدولة في مواجية موظفين حكوميين يحكمون بشكل تمييزي‬
‫وفاسد مماقد يؤدي الى فوضي سياسية عارمة ‪،‬قد تنعكس بشكل سئ عمى السكان وقد تؤدي – وفقا‬
‫لتقرير المجنة – الى تفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية ‪.3‬‬
‫الجيود التي ُبذلت بعد ذلك لصياغة المبدا بشكل مقبول من المجتمع الدول سارت بأتجاه تضييق‬
‫نطاق تفعيل المبدأ ‪،‬ففي التقرير الذي قدمو الفريق العالي المعني بالتيديدات ‪،‬التحديات والتغيير‬
‫(‪ ) HLP‬في العام ‪ 2004‬اشار فيو الى "ان ىنالك اعتراف متزايد بأن المسألة ليست الحق في‬
‫التدخل من جانب الدولة وانما المسؤولية عن الحماية التي تقع عمى عاتق كل دولة بقدر ما يتعمق‬
‫االمر بمعا ناة السكان من كارثة يمكن تفادييا‪ ،‬كالقتل الجماعي واالغتصاب الجماعي‪ ،‬والتطيير‬
‫العرقي عن طريق الطرد باالكراه والترويع ‪،‬والتجويع المتعمد‪،‬والتعريض لالمراض " ‪ ،4‬اال ان تمك‬
‫الصياغة الواسعة لم تصمد حيث ضيق الفريق من ىذا النطاق في استنتاجاتو ‪،‬وانتيى الى أالشارة‬

‫‪1‬‬
‫‪The responsibility to protect –report of the international commission on‬‬
‫‪intervention and state sovereignty – Canada-December 2001-Ibid-p xi‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid –p xii‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Richard H. Cooper and Juliette Voïnov Kohler-Responsibility to Protect:‬‬
‫‪The Global Moral Compact for the 21st Century -Palgrave Macmillan-‬‬
‫‪United States-2009- P79‬‬
‫‪4‬‬
‫‪A more secure world: our shared responsibility :Report of the High-level‬‬
‫‪Panel on Threats, Challenges and Change-OP-cit –para 201-p76‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫" نؤيد المبدأ المستجد المتمثل في وجود مسؤولية دولية جماعية عن الحماية يمارسيا مجمس األمن‬
‫بأن يأذن بالتدخل العسكري كمالذ أخير‪ ،‬عند حدوث إبادة جماعية أو عمميات قتل أخرى واسعة‬
‫انتياكات جسيمة لمقانون اإلنساني الدولي‪ ،‬اذا ثبت أن‬ ‫النطاق‪ ،‬أو حدوث تطيير عرقي أو‬
‫الحكومات ذات السيادة عاجزة عن منعيا أو غير راغبة في منعيا "‪.1‬‬
‫"نحو جو افسح من الحرية " فقد‬ ‫اما في التقرير الذي قدمو االمين العام لالمم المتحدة كوفي عنان‬
‫‪2‬‬
‫‪،‬اال انو عاد واكد عمى ما‬ ‫اشار الى ان تفعيل المبدأ محدد بحماية السكان من الجرائم الوحشية‬
‫جاء في تقرير الفريق رفيع المستوى ) ‪ (HLP‬مبينًا " أعتقد أن عمينا أن نعتنق مبدأ المسؤولية عن‬
‫الحماية ونتصرف بناء عميو عند الضرورة ‪ .‬وتقع ىذه المسؤولية‪ ،‬أوال وقبل كل شيء‪ ،‬عمى فرادى‬
‫الدول التي تُ َعد حماية سكا نيا أحد واجبا تيا والمبرر األساسي لوجودىا ‪ .‬لكن إذا كانت السمطات‬
‫لمجتمع‬ ‫الوطني غير قادرة أو غير راغبة في حماية مواطنييا‪ ،‬فإن المسؤولية حينئذ تتحول إلى ا‬
‫ة‬
‫الدولي الذي عميو أن يستخدم األساليب الدبموماسية واإلنسانية وغير ذلك من األساليب لممساعدة‬
‫‪3‬‬
‫‪،‬حيث ان حماية حقوق السكان‬ ‫عمى حماية حقوق اإلنسان المكفولة لمسكان المدنيين ورفاىيم "‬
‫ورفاىيم ال يشترط ان تشتمل عمى وقوع جرائم وحشية ‪.‬‬
‫وعند تبني المبدأ من قبل مؤتمر القمة العالمي فأن المؤتمرون إتفقوا عمى تضييق نطاق المبدأ كي‬
‫يالقي القبول من جانب الدول والحكومات ولكي يكون وسيمة فعالة لحماية السكان المدنيين‬
‫‪،‬وبالتالي تم التأكيد في الوثيقة الختامية ان نطاق تفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية ينحصر بأربعة‬
‫جرائم وىي ‪ :‬االبادة الجماعية ‪،‬جرائم الحرب ‪،‬الجرائم ضد االنسانية والتطيير العرقي ‪،‬وعادة يشار‬
‫الى ىذه الجرائم بالفظائع الجماعية اوالجرائم الوحشية الجماعية (‪. 4)mass atrocity crimes‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid-para 203-p77‬‬
‫‪ 2‬ؼ‪١‬س اشاس االِ‪ ٓ١‬اٌؼاَ ف‪ ٟ‬اٌفمشج ‪ ِٓ 134‬ذمش‪٠‬شٖ (ٔؽ‪ ٛ‬ظ‪ ِٓ ٛ‬اٌؽش‪٠‬ح افغػ )اٌ‪ ٝ‬أٗ "‪ٕ٠‬ثغ‪ ٟ‬تزي‬
‫ظ‪ٙ‬ذ اوثش ٌّٕغ ‪ٚ‬ل‪ٛ‬ع اٌعشا ئُ اٌ‪ٛ‬ؼش‪١‬ح ‪ٚ‬وفاٌح ذظشف اٌّعرّغ اٌذ‪ ٌٟٚ‬تشىً عش‪٠‬غ ػٕذ ؼذ‪ٚ‬ز‬
‫أر‪ٙ‬اواخ ظّاػ‪١‬ح‬
‫ف‪ ٟ‬ظ‪ ِٓ ٛ‬اٌؽش‪٠‬ح افغػ ‪:‬ط‪ٛ‬ب ذؽم‪١‬ك اٌرّٕ‪١‬ح ‪،‬االِٓ ‪ٚ‬ؼم‪ٛ‬ق االٔغاْ ٌٍعّ‪١‬غ‪ -‬ذمش‪٠‬ش االِ‪ ٓ١‬اٌؼاَ ٌالُِ‬
‫اٌّرؽذج‪-‬اراس ‪ A/59/ 2005 2005‬فمشج ‪– 134‬ص ‪50‬‬
‫‪3‬اٌّظذس ٔفغح –اٌفمشج ‪– 135‬ص ‪50‬‬
‫‪ 4‬عّ‪١‬د ٘زٖ اٌعشائُ تاٌعشائُ اٌ‪ٛ‬ؼش‪١‬ح اٌعّاػ‪١‬ح ػٍ‪ ٝ‬اعاط و‪ٙٔٛ‬ا ذرّرغ تظفاخ ‪١ِّٚ‬ضاخ ذّ‪١‬ض٘ا‬
‫ػٓ ع‪ٛ‬ا٘ا ِٓ اٌعشائُ ‪،‬ؼ‪١‬س اْ ٘زٖ اٌعشائُ لذ ذُ ذشخ‪١‬ظ‪ٙ‬ا ‪ٚ‬ذؼش‪٠‬ف‪ٙ‬ا تذلح ف‪ ٟ‬إٌظُ االعاع‪١‬ح‬
‫ٌٍّؽاوُ اٌعٕائ‪١‬ح اٌخاطح ‪ٚ‬اٌّخرٍطح اضافح اٌ‪ٔ ٝ‬ظاَ س‪ِٚ‬ا االعاع‪ٌٍّ ٟ‬ؽىّح اي ظٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح‬
‫‪ّ٠ٚ،‬ىٓ ذؼش‪٠‬ف‪ٙ‬ا تأٔ‪ٙ‬ا ِعّ‪ٛ‬ػح ِٓ اٌعشائُ اٌشٕ‪١‬ؼح اٌر‪ ِٓ ٟ‬اٌّّىٓ ِماضاج ِشذىث‪ٙ١‬ا ظٕائ‪١‬ا اِاَ‬
‫اٌّؽاوُ اٌذ‪١ٌٚ‬ح ‪ٚ‬اٌذاخٍ‪١‬ح ‪ٚ ،‬ذرؽًّ ِغؤ‪١ٌٚ‬ح اسذىات‪ٙ‬ا وً ِٓ اٌذ‪ٚ‬ي ‪ٚ‬إٌّظّاخ ‪ٚ‬اٌّعاِ‪١‬غ‬
‫االخش‪ ِٓٚ،ٜ‬اٌّرفك تأْ ذٍه اٌعشائُ ذشًّ االتادج اٌعّاػ‪١‬ح‪،‬ظشائُ اٌؽشب ‪ٚ‬اٌعشائُ ضذ االٔغأ‪١‬ح‬
‫(‪ٚ‬اٌر‪ ٟ‬ذشًّ اٌرط‪١ٙ‬ش اٌؼشل‪٠ٚ، ) ٟ‬عة اْ ذر‪ٛ‬فش ف‪ ٟ‬اٌعشائُ اٌّزو‪ٛ‬سج طفاخ ِؽذدج و‪ ٟ‬ذؼذ ِٓ‬
‫ضّٓ اٌعشائُ اٌ‪ٛ‬ؼش‪١‬ح اٌعّاػ‪١‬ح ‪ٟ٘ٚ‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫المطلة األول‬
‫جرائم الحرب‬
‫تعد جرائم الحرب من اقدم الجرائم الدولية ظيو ًار‪،‬حيث تضم قوافل طويمة من الجرائم التي تمثل‬
‫‪1‬‬
‫‪،‬‬ ‫والتي تفرض قيودا عمى كيفية استخدام القوة في العالقات بين الدول‬ ‫انتياكات لقانون الحرب‬
‫إلى كثير‬ ‫تفترض جرائم الحرب نشوب الحرب في فترة زمنية معينة ولجوء كل طرف من أطرافيا‬
‫من الطرق واألساليب الوحشية إلحراز النصر وقير العدو‪ ،‬ان تجريم تمك االفعال‪ ،‬سواء في العرف‬
‫الدولي أو االتفاقيات الدولية من قبيل القيود الواردة عمى استعمال حق الحرب‪ ،‬بغية الحد من‬
‫إطالقيا‪ ،‬واسباغ مسحة إنسانية عمييا‪ ،‬حتى ال يباح ألحد أن يخوض غمارىا مدفو عا بثورة الغضب‬
‫وأسي ار لغريزة االنتقام دون تعقل‪ ،‬بل يتعين أن يسير فييا الجيشان وفقا لقانون معين لضبط مثل ىذه‬
‫االنفعاالت وتنظيميا ‪.2‬‬
‫ان جرائم الحرب عرفت عدة تطورات جعمت من الصعب استقرارىا عمى تعريف جامع ودقيق نظ ار‬
‫نظ ار لمتطور التكنولوجي وتطور النزاعات‬ ‫لالستمرار في تجريم افعال لم تكن مجرمة من قبل‬
‫المسمحة الحديثة ‪،‬ولغرض الوقوف عمى تعريف مقبول لجرائم الحرب فسنستعرض بشكل مختصر‬
‫اىم التعاريف والجيود المبذولة من اجل اعطاء مفيوم محدد لجرائم الحرب في فرع ثم نتطرق الى‬
‫جريمة الحرب ومبدأ المسؤولية عن الحماية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اْ ذى‪ ْٛ‬اٌعشائُ راخ ذأش‪١‬ش وث‪١‬ش ‪،‬ا‪ ٞ‬اْ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬اسذىات‪ٙ‬ا ‪ٚ‬اعغ إٌطاق ‪ِّٕٙٚ‬ط ‪ٚ‬اْ ‪٠‬مغ ػذد وث‪١‬ش‬
‫ِٓ اٌضؽا‪٠‬ا ٔر‪١‬عح السذىات‪ٙ‬ا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬اْ ذمغ ذٍه اٌعشائُ ف‪ٚ ٟ‬لد اٌؽشب ا‪ٚ ٚ‬لد اٌغٍُ ا‪ٚ ٚ‬لد االضطشاتاخ اٌؼٕ‪١‬فح‪ٚ،‬لذ ذى‪ ْٛ‬راخ‬
‫طفح د‪١ٌٚ‬ح ا‪ ٚ‬غ‪١‬ش د‪١ٌٚ‬ح‪.‬‬
‫‪٠ - 3‬عة اْ ذى‪ ِٓ ْٛ‬ضّٓ اٌعشائُ اٌّؼرشف ت‪ٙ‬ا ضّٓ اٌمأ‪ ْٛ‬اٌعٕائ‪ ٟ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬اٌرمٍ‪١‬ذ‪ ٞ‬ػٍ‪ ٝ‬أ‪ٙ‬ا‬
‫ظشائُ اتادج ظّاػ‪١‬ح ا‪ ٚ‬اأر‪ٙ‬ان ٌم‪ٛ‬أ‪ٚ ٓ١‬اػشاف اٌؽشب ا‪ٚ‬اٌعشائُ ع د االٔغأ‪١‬ح وّا ذُ ذؼش‪٠‬ف‪ٙ‬ا‬
‫‪ٚ‬فما ٌٍّؽاوُ اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح ‪ٚ‬اٌّخرٍطح ‪،‬ا‪ ٚ‬ظشائُ اٌرط‪١ٙ‬ش اٌؼشل‪.ٟ‬‬
‫‪٠ - 4‬عة اْ ذى‪ ْٛ‬اٌعشائُ لذ ذُ ذٕف‪١‬ز٘ا ‪ٚ‬فما ال‪ٚ‬اِش طادسج ِٓ ؼاوُ ا‪ٔ ٚ‬خثح ِرٕفزج ف‪ ٟ‬اٌّعرّغ‬
‫عؤ‪ ٓ١ٌٚ‬ػٓ‬ ‫‪ - 5‬اْ ذص‪١‬ش ذٍه اٌعشائُ اٌّغؤ‪١ٌٚ‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح اٌ‪ ٝ‬ظأة اٌّغؤ‪١ٌٚ‬ح اٌعٕائ‪١‬ح ٌالفشاد اٌُ‬
‫اسذىات‪ٙ‬ا‬
‫ٌٍّض‪٠‬ذ ِٓ اٌرفاط‪ ً١‬أظش‬
‫‪David Scheffer- ATROCITY CRIMES FRAMING THE RESPONSIBILITY‬‬
‫‪TO PROTECT- CASE W. RES. J. INT’L L.( Case Western Reserve‬‬
‫‪Journal of International Law)- Vol. 40:- 2007–2008-p118,‬‬
‫‪David Scheffer- Genocide and Atrocity Crimes- Genocide Studies and‬‬
‫‪Prevention 1:3 December 2006-pp238-239‬‬
‫‪ٌ 1‬الطالع تشىً ا‪ٚ‬عغ ػٍ‪ ٝ‬اٌرط‪ٛ‬س اٌراس‪٠‬خ‪ٌ ٟ‬رمٕ‪ ٓ١‬ظشائُ اٌؽشب أظش‬
‫د‪.‬ػّش ِؽّ‪ٛ‬د اٌّخض‪ – ِٟٚ‬اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬االٔغأ‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ض‪ٛ‬ء اٌّؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح – داس اٌصمافح‬
‫ٌٍٕشش ‪ٚ‬اٌر‪ٛ‬ص‪٠‬غ‪-‬اٌما٘شج ‪– 2009-‬ص ‪ِٚ 239‬اتؼذ٘ا‬
‫‪ .2‬ؼغاَ ػٍ‪ ٟ‬ػثذ اٌخاٌك اٌش‪١‬خح ‪ ،‬اٌّغؤ‪١ٌٚ‬ح ‪ٚ‬اٌؼماب ػٍ‪ ٝ‬ظشائُ اٌؽشب ِغ دساعح ذطث‪١‬مٗ ػٍ‪ٝ‬‬
‫ظشائُ اٌؽشب ف‪ ٟ‬اٌث‪ٛ‬عٕح ‪ٚ‬اٌ‪ٙ‬شعه ‪ ،‬داس اٌعاِؼح اٌعذ‪٠‬ذج ‪ ،‬اإلعىٕذس‪٠‬ح ‪ -2004 ،‬ص‪162‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫الفرع األول‬
‫ُظم‬
‫تؼريف جريمح الحرب في الفقه الذولي والن‬
‫الذوليح‬
‫" تمك الجرائم التي ترتكب‬ ‫اورد الفقو الغربي عدة تعاريف لجرائم الحرب فقد عرفيا دي فاير بأنيا‬
‫" أعمال العداء التي يقوم بيا الجنود أو‬ ‫ضد قوانين وعادات الحرب "‪ ،‬كما عرفيا اوبنيايم بأنيا‬
‫غيرىم من أفراد العدو‪ ،‬متى كان من الممكن عقابو والقبض عميو "‪ ، 1‬حيث يرى ابونيايم انو ينبغي‬
‫القبض عمى جنود العدو المحاربين ومعاقبتيم عما ارتكبوه من انتياكات لمقانون الجنائي لمدول ‪،‬اما‬
‫بناء عمى اوامر من دولة العدو‬
‫االفعال االجرامية التي ترتكب ضد قوانين الحرب فيي ترتكب ً‬
‫وبالتالي من ا لممكن ان ترتب المسؤولية الجنائية وفقاً لمقانون الدولي ‪.2‬‬
‫كما عرفيا البعض بأنيا " األفعال التي يشكل ارتكابيا انتياكاً لقوانين واعراف الحرب ‪،‬مثل استخدام‬
‫القوة في التعذيب واالغتيال والنفي والمعاممة السيئة لمسكان المدنيين في االراضي المحتمة ‪ ،‬سوء‬
‫معاممة اسرى الحرب‪ ،‬اعدام الرىائن‪ ،‬سمب الثروات العامة والخاصة‪ ،‬والتخريب العشوائي لممدن‬
‫والقرى دون ضرورة عسكرية "‪. 3‬‬
‫كما بذل الفقو العربي جيود ممموسة لوضع مفيوم محدد لجرائم الحرب ‪،‬فقد ُعرفت بأنيا " مخالفات‬
‫تقع ضد القوانين واألعراف التي تحكم سموك الدول والقوات المتحاربة واأل فراد في حالة الحرب‪ ،‬قد‬
‫تقع عمى األشخاص أو الممتمكات‪ ،‬وىؤالء األشخاص قد يكونوا من المدنيين أو العسكريين وىؤالء‬
‫‪4‬‬
‫" األفعال المخالفة‬ ‫‪،‬كما ذىب اتجاه اخر الى تعريفيا بأنيا‬ ‫العسكريين قد يكون أسرى أو غيره "‬
‫من وطنيين في دولة محاربة ضد‬ ‫لقوانين وعادات الحرب والتي ترتكب أثناء حرب أو حالة حرب‬
‫التابعين لدولة األعداء إذا كان فييا إخالل بالقانون الدولي "‪.5‬‬
‫كما تولت االتفاقيات والتصريحات الدولية ميمة إيجاد تعريف دقيق لجرائم الحرب بغية الوقوف‬
‫عمى معناىا القانوني‪ ،‬فقد استخدمت االتفاقيات كأتفاقية الىاي ‪ 1907-1899‬االسموب التعدادي‬
‫في تناوليا لجرائم الحرب حيث تجنبت ذكر تعريف محدد ودقيق ‪،‬وانما اقتصرت عمى ذكر افعال‬
‫وممارسات ارتكابيا يشكل خروجا عن وانتياكا لقوانين واعراف الحرب وبالتالي تعد جريمة حرب‬
‫تدمير‬ ‫مثل استخدام االسمحة السامة‪ ،‬االستخدام الغادر لشارة العدو‪ ،‬قتل وجرح من القى سالحو و‬

‫‪ 1‬د‪.‬ػّش ِؽّ‪ٛ‬د اٌّخض‪ِ_ ِٟٚ‬ظذس عاتك –ص‪262‬‬


‫‪ِ 2‬ؽّذ ػثذ إٌّؼُ ػثذ اٌغٕ‪ . ٟ‬اٌعشائُ اٌذ‪١ٌٚ‬ح ‪ :‬دساعح ف‪ ٟ‬اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬اٌعٕائ‪ ، ٟ‬داس اٌعاِؼح‬
‫اٌعذ‪٠‬ذج‪ ،‬االعىٕذس‪٠‬ح‪ ،2007 ،‬ص‪654‬‬
‫‪ 3‬ؼغاَ ػٍ‪ ٟ‬ػثذ اٌخاٌك اٌش‪١‬خح ‪ِ .‬ظذس عاتك ‪،‬ص‪163‬‬
‫‪4‬د‪.‬ػثذ اٌفراغ ت‪ ِٟٛ١‬ؼعاص‪ . ٞ‬اٌّؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح ‪ِ .‬ظش ‪ :‬داس اٌفىش اٌعاِؼ‪ . 2004 . ٟ‬ص‬
‫‪657‬‬
‫‪ - 5‬د‪.‬ػّشِؽّ‪ٛ‬د اٌّخص‪ِ. ِٟٚ‬ظذس عاتك‪ ،‬ص‪264‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫‪ 1949‬نفس‬ ‫‪ ،1‬كما استخدمت اتفاقيات جنيف‬ ‫ممتمكات العدو بدون ضرورة عسكرية وغيرىا‬
‫االسموب إال ان التعداد أتسم بالدقة والزمت االتفاقيات الدول الموقعة عمييا سن قانون يجرم تمك‬
‫‪ 53-50‬من االتفاقية االو لى‪،‬‬ ‫االفعال ‪ ،‬وقد ذكرت االفعال التي تشكل جرائم حرب في المادتين‬
‫والمادتين ‪ 54-44‬من االتفاقية الثانية والمادة ‪ 130‬من االتفاقية الثالثة والمادة ‪ 147‬من االتفاقية‬
‫الرابعة وتمك الجرائم ىي‬
‫‪-‬القتل العمد‬
‫‪-‬التعذيب‬
‫‪-‬التجارب البيولوجية‬
‫‪-‬احداث االالم كبرى بصورة مقصودة‬
‫‪ -‬إيذاءات خطيرة ضد السالمة الجسدية والصحية‬
‫‪-‬المعاممة غير اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬تخريب األموال وتممكيا بصورة ال تبررىا الضروريات العسكرية والتي تنفذ عمى مقياس واسع‬
‫غير مشروع تعسفي‬
‫‪ -‬إكراه شخص عمى الخدمة في القوات العسكرية لدولة األعداء‬
‫‪ -‬حرمان شخص محمي من حقو في محاكمة قانونية وحيادية حسبما تفرضو االتفاقيات الدولية‬
‫‪-‬إقصاء األشخاص ونقميم من أماكن تواجدىم بصورة غير مشروعة‬
‫‪-‬االعتقال غير المشروع‬
‫‪-‬أخذ الرىائن‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سوء استعمال عمم الصميب األحمر أو شارتو واألعالم المماثمة‬
‫اما عمى صعيد النظم األساسية لممحاكم الجنائية الدولية فقد عرفت المادة ‪/6‬ب من الئحة محكمة‬
‫نورمبرغ جرائم الحرب ع لى انيا "انتياكات قوانين واعراف الحرب وتتضمن تمك االنتياكات عمى‬
‫سبيل المثال ال الحصر ‪،‬القتل العمد والمعاممة السيئة او االقصاء من اجل القيام بأعمال شاقة او‬
‫الي ىدف اخر ‪،‬لمسكان المدنيين الموجوديين عمى اقاليم الدول المحتمة ‪،‬والقتل او المعاممة السيئة‬
‫السرى الح رب او لالشخاص الموجودين في البحر ‪،‬قتل الرىائن ‪،‬نيب االموال العامة او الخاصة‪،‬‬
‫"‪.3‬وقد اتفق ممثمي‬ ‫التدمير غير المبرر لمقرى والمدن او التخريب الذي التبرره ضرورات الحرب‬
‫"االفعال التي ارتكبيا المتيمون‬ ‫االتيام اثناء محاكمات نورمبرغ عمى تعريف جرائم الحرب بأنيا‬

‫‪ 1‬ػثذ اٌغٕ‪ِ ٟ‬ؽّ‪ٛ‬د‪ .‬اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬اإلٔغأ‪ .ٟ‬اٌطثؼح اال‪ِ . ٌٝٚ‬ظش ‪ :‬داس إٌ‪ٙ‬ضح اٌؼشت‪١‬ح ‪ .‬د خ‪ .‬ص‬
‫‪ِٚ 7‬اتؼذ٘ا‬
‫‪ - 2‬د‪.‬ػثذ اٌفراغ ت‪ ِٟٛ١‬ؼعاص‪ِ. ٞ‬ظذس عاتك –ص‪673-672‬‬
‫‪3‬د‪ .‬ؼغاَ ػٍ‪ ٟ‬ػثذ اٌخاٌك اٌش‪١‬خح ‪ِ.‬ظذس عاتك –ص ‪167‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫بالمخالفة لقوانين واعراف الحرب واالتفاقات الدولية والقوانين الجنائية الداخمية والمبادئ العامة‬
‫لمقانون الجنائي المعترف بيا في كل الدول المتمدنة "‪.1‬‬
‫‪ 2‬من‬ ‫اما النظام االساسي لممحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة فقد اشارت في المادة‬
‫نظاميا إلى اختصاص المحكمة ‪ ،‬بمالحقة األشخاص الذين ارتكبوا وأعطوا أوامر بارتكاب انتياكات‬
‫‪ 3‬من ىذا النظام عمى اختصاص‬ ‫‪ ، 1949‬كما نصت المادة‬ ‫جسيمة التفاقيات جنيف لعام‬
‫المحكمة بمالحقة األشخاص الذين ارتكبوا انتياكات لقوانين وأعراف الحرب‪ ،‬ثم أشارت عمى سبيل‬
‫المثال إلى األفعال الداخمة في إط ار ىذه االنتياكات ‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫في حين تناول النظام االساسي لممحكمة الجنائية الدولية لرواندا تعريف جرائم الحرب في المادة‬
‫من نظاميا االساسي معتب اًر اياىا انتياكات لممادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف ولمبروتوكول‬
‫لى االفعال التي تتناسب مع‬ ‫االضافي الثاني وذكرت تمك االنتياكات دون حصر‪،‬حيث ركزت ع‬
‫سبب اقامة المحكمة وطبيعة النزاع في رواندا ‪.‬‬
‫اخي ار فقد عرف نظام روما االساسي لممحكمة الجنائية الدولية ‪ 1998‬في المادة الثامنة فقرة ‪ 2‬منو‬
‫جرائم الحرب بأنيا تعني ‪:‬‬
‫‪ -‬االنتياكات الجسيمة التفاقيات جنيف المبرمة في ‪ 12‬اب ‪1949‬‬
‫‪ -‬االنتياكات الخطيرة األخرى لمقوانين واألعراف التي تطبق في المنازعات المسمحة الدولية في‬
‫النطاق الثابت لمقانون الدولي‬
‫‪ -‬االنتياكات الجسيمة لممادة ‪ 3‬المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربع‪ ،‬المؤرخة في ‪ 12‬اب ‪1949‬‬
‫‪ ،‬في حالة وقوع نزاع مسمح غير ذي طابع دولي‬
‫‪ -‬االنتياكات الخطيرة األ خرى لمقوانين واألعراف التي تطبق في المنازعات المسمحة غير ذات‬
‫الطابع الدولي في إطار القانون الدولي القائم ‪.2‬‬
‫في ضوء ما تقدم يمكن القول بأنو اصبح من الثابت والمستقر في المجتمع الدولي بأن االفعال التي‬
‫من الممكن اعتبارىا جرائم حرب ىي تمك االفعال التي ترتكب اثن اء النزاع المسمح من قبل االفراد‬
‫‪-1899‬‬ ‫المحاربيين او المدنيين مخالفين بذلك قوانين واعراف الحرب الواردة في اتفاقيات الىاي‬
‫‪ ،1949‬وغير ىا من‬ ‫‪ ،1907‬ومحاكمات نورمبرغ وطوكيو ‪ ،‬واتفاقيات جنيف االربعة لعام‬
‫االتفاقيات الدولية ذات الشأن والتي تستمد مصدرىا من القانون ا لعرفي‪.‬‬

‫‪1‬د‪.‬ػّش ِؽّ‪ٛ‬د اٌّخض‪ِ0 ِٟٚ‬ظذس عاتك –ص ‪265‬‬


‫‪ 2‬اٌّادج اٌصإِح اٌفمشج اٌصأ‪١‬ح ِٓ إٌظاَ االعاع‪ٌٍّ ٟ‬ؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح‬

‫‪- 43 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫الفرع الثاني‬
‫جريمح الحرب ومثذأ المسؤوليح ػن الحمايح‬
‫يشترط لوقوع اي جريمة من جرائم الحرب توفر االركان التقميدية لمجرائم الجنائية وىي الركن المادي‬
‫المتمثل بالسموك والنتيجة والعالقة السببية والركن المعنوي المتمثل بالعمم واالرادة ‪ 1‬اضافة الى الركن‬
‫الدولي والذي يعتبر ركن اساسي في الجرائم الجنائية الدولية والذي يقصد بو في ىذا الصدد بإن‬
‫بناء عمى تخطيط من جانب احدى الدول لمتحاربة والتنفيذ من جانب‬
‫تكون جرائم الحرب قد تمت ً‬
‫احد مواطنييا او التابعين ليا باسم الدولة أو برضاىا‪ ،‬ضد مؤسسات وآثار دولة األعداء أو ال سكان‬
‫التابعين ليا أثناء الحرب‪ ،‬أي أنو يتعين لتوافر الركن الدولي أن يكون كل من المعتدي والمعتدى‬
‫عميو‪ ،‬منتميا لدولة في حالة نزاع مسمح مع األخرى ‪،‬ويشترط لتحقق الصفة الدولية في الجريمة ان‬
‫مرافقو الحيوية ‪،2‬‬ ‫يكون الفعل او االمتناع المكون لمجريمة يمس مصالح او قيم المجتمع الدولي او‬
‫اال ان التطور االذي شيدتو نظرية الحرب ‪،‬وظيور النزاعات المسمحة غير الدولية قد ادى الى‬
‫ظيور مفاىيم وقواعد جديدة واصبح من الممكن ان يحدث صراع داخل الدولة بين الحكومة القائمة‬
‫وبين متمردين يمتمكون من القوة ما تمكنيم من السيطرة الفعمية عمى جزء من االقميم ‪،‬وعند حدوث‬
‫انتياكات لقوانين واعراف الحرب في ىذا الصراع تعتبر تمك االنتياكات جرائم حرب عمى الرغم من‬
‫ان الصراع ليس بين دولتين ‪،‬كما ان جرائم الحرب تمثل انعكاساً لمضمير العالمي واالخالق الدولية‬
‫لمرتكبة وفقا لمشروط التي حددتيا‬ ‫لذا يتدخل القانون الجنائي الدولي لممعاقبة عمى االفعال ا‬
‫االتفاقات واالعراف الدولية لجرائم الحرب سواء كان الصراع دولي ام غير دولي ‪. 3‬‬
‫ووفقا لما تضمنتو الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي فأن جرائم الحرب ىي احد الجرائم الوحشية‬
‫التي تثير تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‪ ،‬ولكن ىل ان مفيوم جرائم الحرب واضح الى الدرجة‬
‫الكافية التي تجعل من تطبيق المبدأ ممكنا عند ارتكابيا؟ لعل المادة الثامنة من النظام االساسي‬
‫لممحكمة الجنائية الدولية اعطى صورة جيدة عن طبيعة ومعنى جرائم الحرب اال انيا التخمو من‬
‫الغموض في حال اعتمادىا كأساس لتحديد ارتكاب مث ل تمك الجرائم ضد سكان دولة ما ‪ ،‬ففي‬
‫المقام االول الينعقد اختصاص المحكمة ضد جرائم الحرب اال اذا كانت ترتكب في اطار خطة او‬
‫‪4‬‬
‫‪،‬كما ان المادة الثامنة قننت‬ ‫سياسة عامة او في اطار عممية ارتكاب واسعة النطاق ليذه الجرائم‬
‫العرفي مثل "تعمد شن ىجوم مع العمم بأن ىذا‬ ‫عدد من الجرائم تعد غير ثابتة في اطار القانون‬
‫اليجوم سيسفر عن خسائر تبعية في األرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار‬

‫‪ٌ 1‬رفاط‪ ً١‬اوصش أظش د‪.‬ػّش ِؽّ‪ٛ‬د اٌّخض‪ِ– ِٟٚ‬ظذس عاتك –ص‪311-302‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬ؼغاَ ػٍ‪ ٟ‬ػثذ اٌخاٌك اٌش‪١‬خح ‪ِ.‬ظذس عاتك –ص ‪208‬‬
‫‪ 3‬د‪ِ.‬ف‪١‬ذ ش‪ٙ‬اب –دساعاخ ف‪ ٟ‬اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬االٔغأ‪– ٟ‬اٌطثغج اال‪ –ٌٝٚ‬داس اٌّغرمثً اٌؼشت‪-ٟ‬اٌما٘شج‪-‬‬
‫‪-2000‬ص‪437‬‬
‫‪4‬اٌّادج ‪ ِٓ 8‬إٌظاَ االعاع‪ٌٍّ ٟ‬ؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح‬

‫‪- 44 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل األجل وشديد لمبيئة الطبيعية يكون إفراطو واضحًا‬
‫موسة المباشرة "‪،1‬كما اغفمت ادراج بعض‬ ‫بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة المل‬
‫الجرائم الثابتة والمستقرة بأعتبارىا جرائم حرب في اطار القانون العرفي مثل تعمد استيداف االعمال‬
‫‪،2‬وميما يكن من امر فأن من الثابت في اطار القانون‬ ‫او المباني التي تحتوي عمى قوة خطرة‬
‫الدولي ان ما ذكرتو المادة الثامنة يشكل اال ساس الذي يمكن االعتماد عمية لمقول بارتكاب جرائم‬
‫الحرب ‪،‬فأذا ُثبت وقوع احد تمك الجرائم وبالشكل الذي حددتو تمك المادة ‪،‬اي انيا ارتكبت ضمن‬
‫خطة وبشكل واسع النطاق ‪،‬من الممكن ان تعد اساس لتفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية ‪،‬وبمفيوم‬
‫المخالفة فأن اي عمل من االعمال وا ردة الذكر في المادة الثامنة اذا ارتكبت بشكل انفرادي منعزل‬
‫اليمكن ان تكون ىدفا لتفعيل المبدأ ‪.‬‬
‫المطلة الثاني‬
‫الجرائم ضذ االنسانيح‬
‫بعكس جرائم الحرب التي ترتكب في حاالت النزاع المسمح بين طرفين او اكثر ‪،‬فأن الجرائم ضد‬
‫سمحة او في غيرىا من االوقات ‪،‬وتكون عادة‬ ‫االنسانية يمكن ان ترتكب في وقت النزاعات الم‬
‫منيجية ومنظمة في طابعيا ‪،‬كما ان الجرئم ضد االنسانية قد ترتكب في اي من النزاعات المسمحة‬
‫سواء كانت دولية ام داخمية ‪،‬كما قد ترتكب من قبل الدولة ضد مواطنييا ‪،‬لذا فأن معنى الجرائم‬
‫بييا حتى وان تمت الجريمة داخل الدولة وضد‬ ‫الدولية قد تم تطويره بحيث يتم مالحقة مرتك‬
‫مواطنييا او من ضمن ماتعتبره من امورىا السيادية ‪ ،‬وعادة ما ترتكب تمك الجرائم ضمن تعميمات‬
‫يصدرىا القائمون عمى مجريات السمطة في الدولة او الجماعة المسيطرة ولكن ينفذىا االفراد ‪،‬وتعد‬
‫الجرائم ضد االنسانية ىي الجرائم االخط ر واالجسم بين الجرائم الدولية لذا البد من شرح معناىا‬
‫لموصول الى تعريفيا ‪3‬وذلك عمى النحو التالي‬

‫‪1‬اٌّادج اٌصإِح‪/‬ب‪ ِٓ 4/‬إٌظاَ االعاع‪ٌٍّ ٟ‬ؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح‬


‫‪2‬‬
‫‪Julia Hoffman & Andre Nollkkaemper . responsibility to protect from‬‬
‫‪principle to practice, pallase publications, Amsterdam, 2012, p88‬‬
‫‪ٔ ُ١ٌٚ3‬ع‪١‬ة ظ‪ٛ‬سض ٔظاس‪ِ-‬ف‪ َٛٙ‬اٌعشائُ ضذ االٔغأ‪١‬ح ف‪ ٟ‬اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ِ – ٌٟٚ‬شوض دساعاخ اٌ‪ٛ‬ؼذج‬
‫اٌؼشت‪١‬ح – اٌطثؼح اال‪– ٌٝٚ‬ت‪١‬ش‪ٚ‬خ ‪ – 2008‬ص‪18‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫الفرع االول‬
‫التؼريف تالجرائم ضذ االنسانيح‬
‫ظير مصطمح الجرائم ضد االنسانية الول مرة عقب الحرب العالمية االولى وذلك في تقرير المجنة‬
‫الخاصة بالنظر في جرائم الحرب وال تي انتيت اعماليا عام ‪، 1919‬وقد استندت الى االحكام‬
‫الواردة في ديباجة اتفاقية الىاي لعام ‪ 1907‬التي تقنن القانون الدولي العرفي حيث اشارت الى ان‬
‫ىنالك جرائم ضد قوانين االنسانية استنادا الى االعراف الدولية في التعامل بين الدول اثناء النزاعات‬
‫المسمحة ‪،‬اال ان الج رائم ضد االنسانية لم تصبح جزءا من القانون الدولي اال بعد الحرب العالمية‬
‫الثانية نتيجة لمفظائع التي ارتكبت ابانيا‪ ،‬حيث اصبح من الضروري تقنين تمك الجرائم لغرض‬
‫مالحقة مرتكبييا ومحاسبتيم ‪،‬واول خطوة تجاه ىذا التقنين كانت عمى يد واضعوا ميثاق المحكمة‬
‫الدولية في نورمبرغ ‪ ،‬حيث استندوا الى ماجاء في تقرير لجنة جرائم الحرب عقب الحرب العالمية‬
‫‪ 8‬اب ‪1945‬‬ ‫االولى‪ ،‬وبذلك استحدث ميثاق المحكمة المرفق باالتفاق الذي ابرمو الحمفاء في‬
‫بمحاكمة ومعاقبة كبار مجرمي الحرب في دول المحور االوربيين وىو يعرف بميثاق نورمبيرغ ‪،‬فقد‬
‫نصت المادة السادسة منو عمى مسؤولية االفراد عن الجرائم ضد السمم‪ ،‬وجرائم الحرب والجرائم ضد‬
‫االنسانية‪ ،‬وقد اصدرت المحكمة احكاماً توضح مفيوم تمك الجرائم ‪ ،1‬وقد نصت المادة ‪/6‬ج من‬
‫‪1945‬عمى أن " الجرائم ضد اإلنسانية " ىي القتل عمدا والنفي‬ ‫ميثاق لندن والذي ابرم سنة‬
‫واالستعباد وغير ذلك من األعمال الالإنسانية التي ترتكب ضد السكان المدنيين قبل وأثناء الحرب‪،‬‬
‫أو أي أحكام تبنى عمى أسس سياسية أو عنصرية أو دينية في تنفيذىا‪ ،‬أو فيما يتعمق بأي جريمة‬
‫داخل نطاق اختصاص المحكمة‪ ،‬سواء كونت أم لم تكون انتياكات لمقانون الوطني لمدولة التي‬
‫وقعت بىا مثل ىذه الجرائم واالنتياكات ‪،‬وقد ربطت المادة ‪/6‬ج الجرائم ضد اإلنسانية بالحرب‪ ،‬أي‬
‫بإعالن أو قيام الحرب ‪.‬‬
‫وقد اتخذت الجمعية العامة لألمم المتحدة عددا من الخطوات لتأكيد عدم ضياع الدروس المستفادة‬
‫ة مبادئ القانون الدولي‬ ‫من نورمبرغ فعيدت إلى لجنة القانون الدولي بعدة ميام أبرزىا صياغ‬
‫‪ .‬وفعال قامت‬ ‫المعترف بيا في نورمبرغ وميمة إعداد مسودة لمجرائم المخمة بسمم البشرية وأمنيا‬
‫المجنة بالميمة وقدمت عام ‪ 1950‬صياغة لمبادئ القانون الدولي المعترف بو في ميثاق نورمبرغ‬
‫وعرفت الجرائم ضد اإلنسانية في الفقرة ج من المبدأ السادس بأ نيا القتل العمد واإلبادة – االسترقاق‬
‫– اإلبعاد وغيره من األفعال الال إنسانية المرتكبة ضد مجموعة من السكان المدنيين أو‬
‫االضطيادات ألسباب سياسية أو دينية أو عرقية عندما ترتكب مثل ىذه األفعال أو مثل ىذه‬
‫االضطيادات لتنفيذ الجريمة ضد السالم أو الحرب أو االرتباط بياتين الجريمتين واىم ما جاءت بو‬

‫‪1‬د‪ِ.‬ف‪١‬ذ ش‪ٙ‬اب‪ِ -‬ظذس عاتك – ص‪439‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫ىذه المسودة أنيا كانت الوثيقة األولى التي تشترط صراحة تورطا حكوميا في ارتكاب الجرائم ضد‬
‫اإلنسانية‪.1‬‬
‫"النظام‬ ‫وفي عام ‪ 1993‬تم تأكيد ما جاء في ميثاق لندن ‪ ،‬وذلك عندما اصدر مجمس األمن‬
‫التشريعي لممحكمة الجنائية الدولية ليوغو سالفيا السابقة "‪ .‬وفي ىذا النظام تم اإلبقاء عمى ربط‬
‫(‪ )5‬التي تطمبت حدوث الجرائم ضد‬ ‫الجرائم ضد اإلنسانية بالصراع المسمح ‪ ،‬بموجب المادة‬
‫اإلنسانية إبان الصراع المسمح الداخمي أو الخارج ‪ ،‬واالختالف بين صفة الحرب الواردة بالمادة‬
‫ة (‪ )5‬من النظام األساسي لممحكمة الجنائية الدولية‬ ‫‪/6‬ج من ميثاق لندن‪ ،‬والواردة بالماد‬
‫ليوغوسالفيا يتعمق بالصراع ذي الصبغة الداخمية‪ ،‬اال ان النظام االساسي لمحكمة يوغسالفيا لم‬
‫يحدد الشروط التي يجب ان تتصف بيا االعتداءات لكي تعد جرائما ضد االنسانية ‪ ،‬غير ان فقو‬
‫المحكمة حدد االعتداءات التي من الم مكن ان تحمل وصف الجرائم ضد االنسانية بأن تكون‬
‫موجية ضد السكان المدنيين بصورة عامة اكثر من ان تكون موجية ضد فئة من االفراد محددة‬
‫بصورة عشوائية‪ ،‬كما رأت المحكمة بأن الجرائم ضد االنسانية يجب ان تكون واسعة االنتشار او ان‬
‫سمسمة من االعمال الالانسانية او ان تكون ذات‬ ‫ترتكب بشكل واسع وبتأثير تراكمي من خالل‬
‫تأثير منفرد لعمل الانساني يتصف بالضخامة االستثنائية ‪ ،‬واضاف فقو المحكمة بأن تمك الجرائم‬
‫يجب ان تتصف اضافة لكونيا واسعة النطاق بصفة المنيجية‪ ،‬وحسب المحكمة فأن صفة‬
‫ىدف سياسي وخطة تخضع ليا‬ ‫المنيجية تحتوي عمى اربعة عناصر ‪،‬االول ان يكون ليا‬
‫االعتداءات‪ ،‬الثاني ان تكون االعتداءات ضد السكان المدنيين وبشكل واسع النطاق مكرر او‬
‫مستمر‪ ،‬الثالث ىو االعتماد عمى مصادر عامة او خاصة ذات صبغة عسكرية او غيرىا‪ ،‬واالخير‬
‫ىو اشتراك السمطات السياسية او العسكرية في اعداد وانشاء الخطة المنو جية ‪.2‬‬
‫في الحقيقة توجد العديد من النصوص الدولية التي تعرف الجرائم ضد اإلنسانية و لكنيا تختمف‬
‫قميال في تعريفاتيا لتمك الجريمة و عناصرىا القانونية عمى رغم من ذلك فان ما تشترك فيو كميا ىو‬
‫م غير‬ ‫إشارتيا إلى أفعال محددة من العنف ضد أشخاص بغض النظر عن كونيم مواطنين أ‬
‫مواطنين و بغض النظر عن ارتكابيا في زمن الحرب أو السمم ‪ ،‬كما يجب إن تكون ىذه األفعال‬
‫نتاج اضطياد موجو ضد جماعة من األشخاص معينة اليوية بغض النظر عن بنية تمك الجماعة‬
‫أو غرض االضطياد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪M-cherif Bassiouni _ Crimes against Humanity in international criminal‬‬
‫‪law- 1999 –P185.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Richard H. Cooper and Juliette Voïnov Kohler-op-cit-p84‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫و تتداخل الجرائم ضد اإلنسانية مع جرائم اإلبادة و جرائم الحرب لكنيا تختمف عن اإلبادة في أنيا‬
‫‪ 1949‬بل تستيدف‬ ‫ال تتطمب قصدا لتدمير كمي أو جزئي كما ىو وارد في اتفاقية اإلبادة لسنة‬
‫جماعة معينة و تنفذ سياسة انتياكات واسعة منظمة ‪.‬‬
‫وعادة ما يستدل عمى ارتكاب جرائم ضد االنسانية في دولة ما عمى وقائع معينو ففي الحكم الذي‬
‫(‪ )Jelisić‬استطاعت ان تستدل‬ ‫اصدرتو المحكم ة الجنائية الخاصة بيوغسالفيا السابقة في قضية‬
‫عمى ارتكاب جرائم ضد االنسانية في حكميا من خالل مؤشرات معينة مثل عدد ضحايا لالفعال‬
‫االجرامية ‪،‬والمصادر المالية والعسكرية التي تم توظيفيا الرتكاب تمك االفعال اضافة الى تكرار‬
‫واثبات واستم اررية االنتياكات الموجية ضد السكان المدنيين ‪.1‬‬
‫وفي عام ‪ 1994‬وضعت المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب في رواندا في المادة (‬
‫‪ )3‬من نظاميا األساسي‪ ،‬مطمبا غير موجود في نظام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا‪،‬‬
‫يقضي بأن األفعال المكونة لمجرائم ضد اإلنسانية يجب أن تكون نتيجة ممارسات منيجية أو واسعة‬
‫النطاق ولم تشترط أي ارتباط بالصراع المسمح ‪ .2‬عندما تم عقد مؤتمر روما لعام ‪ 1998‬الذي اقر‬
‫النظام االساسي لممحكمة الجنائية الدولية تمسكت اقمية من الدول بفكرة ان الجرائم ضد االنسانية‬
‫يجب ان ترتبط بالصراعات المسمحة ‪ ،‬ولكن غالبية الدول رفضت ىذا الموقف عمى اساس ان‬
‫التمسك بيذا الشرط يؤدي الى الغاء مفيوم الجرائم ضد االنسانية وبذلك تصبح مطابقة لجرائم‬
‫ال لمتطور الذي حصل في ذلك المجال فأن استقالل جرائم‬
‫الحرب ‪،‬اضافة الى ان ذلك يعني تجاى ً‬
‫الحرب عن الجرائم ضد االنسانية قد تم اق ارره في النظام االساسي الخاص بمحكمة رواندا عام‬
‫‪ 1994‬كما انو اصبح محل اتفاق الفقو الجنائي الدولي ‪ ،‬فضالًعن ان النظام االساسي لمحكمة‬
‫يوغسالفيا ‪ 1993‬ابقى في المادة الخامسة سابقة الذكر عمى الجرائم ضد االنسانية مرتبطة‬
‫المتحدة فسر ىذه المادة عمى ان صياغتيا عامة‬ ‫بالصراعات الداخمية اال ان االمين العام لالمم‬
‫تفيد بأن الجرائم ضد االنسانية قد ترتكب خارج اطار النزاعات المسمحة دولية كانت ام داخمية ‪،‬وقد‬
‫(‪ )Tadić‬بقوليا ان ىناك قاعدة عرفية‬ ‫اخذت المحكمة الجنائية الدولية بيذا التفسير في قضية‬
‫دولية مستقرة التشترط ارتباط الج ار ئم ضد االنسانية بالصراع المسمح دوليا كان ام داخميا ‪ ،3‬وجاء‬
‫بعد ذلك ميثاق محكمة رواندا حاسما ليذا الموقف بآغفالو اي اشارة الى الصراعات المسمحة ايا‬
‫كان نوعيا ‪،‬وقد تأكد ىذا الموقف في اعمال لجنة القانون الدولي التابعة لالمم المتحدة واعمال‬

‫‪1‬‬
‫‪THE PROSECUTOR v. GORAN JELISI-Case No. IT-95-10-T-14‬‬
‫‪December 1999-para 53-p15‬‬
‫‪ِ -2‬ؽّ‪ٛ‬د شش‪٠‬ف تغ‪ِ ، ٟٔٛ١‬ذخً ف‪ ٟ‬اٌمأ‪ ْٛ‬اإلٔغأ‪ ٟ‬اٌذ‪ٚ ٌٟٚ‬اٌشلاتح ػٍ‪ ٝ‬اعرخذ اَ األعٍؽح (تذ‪ْٚ‬‬
‫داس ٔشش) ‪ ،1999 ،‬ص‪75‬‬
‫‪3‬‬
‫‪PROSECUTOR v. DU[KO TADI] a/k/a/ “DULE”- Case No. IT-94-1-T-7‬‬
‫‪May 1997- Para623-p224‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫المجنة التحضيرية الخ اصة بأنشاء محكمة جنائية دولية ‪،‬حيث تم اتباع نفس النيج القانوني وجعل‬
‫الجرائم ضد االنسانية جرائما غير مرتبط وقوعيا بضرورة وجود نزاعات مسمحة دولية كانت ام‬
‫داخمية وذلك لغرض تمكين المحكمة من محاسبة السمطات التي تمارس شتى انواع البطش‬
‫بمعارضييا وشعوبيا كسياسة عام ة بيدف استمرار ىيمنتيا عمى البالد ‪.1‬‬
‫بين النظام األساسي لممحكمة الجنائية الدولية نطاق الجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫السابعة ‪ " :‬لغرض ىذا النظام األساسي يشكل أي من األفعال التالية جريمة ضد اإلنسانية متى‬
‫ارتكبت في إطار ىجوم واسع النطاق أو منيجي موجو ضد أية مجوعة من السكان المدنيين ‪ ،‬وعن‬
‫عمم باليجوم ‪:‬‬
‫‪ -1‬القتل العمد‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلبادة‪.‬‬
‫‪ -3‬االسترقاق‪.‬‬
‫‪ -4‬إبعاد السكان أو النقل القسري لمسكان ‪.‬‬
‫‪ -5‬السجن أو الحرمان الشديد من الحرية البدنية بما يخالف المبادئ األساسية لمقانون الدولي ‪.‬‬
‫‪ -6‬التعذيب‪.‬‬
‫‪ -7‬االغتصاب أو االستعباد الجنسي أو الدعارة اإلجبارية أوالحمل اإلجباري أو التعقيم اإلجباري أو‬
‫أي شكل من أشكال العنف الجنسي بنفس الخطورة ‪.‬‬
‫‪ -8‬اضطياد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان ألسباب سياسية أو عرقية أوقومية أو‬
‫إثنية أو ثقافية أو دينية ‪ ،‬أو متعمقة بنوع الجنس أو ألسبا ب أخرى من المسمم عالميا بأن القانون‬
‫الدولي ال يجيزىا‪.‬‬
‫‪ -9‬االختفاء القسري لألفراد ‪.‬‬
‫‪ -10‬جريمة الفصل العنصري ‪.‬‬
‫‪ -11‬أفعال ال إنسانية أخرى من نفس الشكل والتي تسبب عمدا المعاناة الشديدة أو اإلصابة البالغة‬
‫لمبدن أو لمصحة البدنية أو العقمية ‪.‬‬
‫ان ىذه المادة وضعت مع يارين لكي تعد االعتداءات عمى البشر جرائم ضد االنسانية االول يتطمب‬
‫من تمك االعتداءات ان ترتكب ضد السكان المدنيين ‪،‬اما المعيار الثاني ىو ان تكون جزءا من‬
‫اعتداءات واسعة النطاق او ممنيجة ‪،‬اما المقصود بالسكان المدنيين فيذا المصطمح يشمل جمييع‬
‫المدنيين المواطنين منيم او غير المواطنين كما انو يشمل العسكريين النظاميين او اعضاء‬

‫‪1‬‬
‫‪Christopher Keith Hall- The First Two Sessions of the UN Preparatory‬‬
‫–‪Committee on the Establishment of an International Criminal Court -‬‬
‫‪American journal of international law –vol91-no.1-1997-p177-178‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫الجماعات المسمحة الذين توقفوا عن المشاركة في الصراعات المسمحة ‪،‬اما المقصود باالعتداءات‬
‫واسعة النطاق اي ان الجريمة ضد االنسانية ىي من الجرائم الجماعية التي تستيدف عدد كبير من‬
‫الضحايا ‪،‬فاالعتداء عمى ضحية واحدة اليشكل جريمة ضد االنسانية والترتب المسؤولية الجنائية‬
‫الدولية ضد مرتكبيا اال اذا كانت جزء من اعتداءات متكررة واسعة النطاق‪،‬اما المقصود‬
‫باالعتداءات الممنيجة ان يكون االعتداء ترجمة لسياسة عامة ‪،‬اي في سياق نمط عام لمسموك‬
‫‪،‬واليشترط ان تستند الى ا لسمطات الرسمية في الدولة ‪،‬حيث انو من الممكن ان تستند الى‬
‫الجماعات المتورطة في ارتكاب تمك االعتداءات ‪،‬كما اليشترط ان تكون تمك السياسة عامة حيث‬
‫من الممكن ان تكون ضمنية وىذا ىو الغالب في معظم الحاالت ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫الجرائم ضذ االنسانيح ومثذأ المسؤوليح ػن‬
‫الحمايح‬
‫ىذه الجرائم التي تم تقنينيا في النظام االساسي لممحكمة الجنائية الدولية والتي تم ذكر معظميا في‬
‫النظام االساسي لمحكمة يوغسالفيا ورواندا وكذلك المحكمة الجنائية الخاصة بسيراليون ‪،‬تمثل‬
‫تفعيل المبدأعند‬ ‫الغرض االساسي الذي من اجمو تم تبني مبدأ المسؤولية عن الحماية ‪،‬فال يمكن‬
‫ارتكاب جريمة قتل واحدة او جريمة تعذيب او اخفاء قسري منفردة ‪،‬لكونيا التمثل جرائم ضد‬
‫االنسانية اذا ماارتكب دون استيفاء الشروط المحدد في الفقو الجنائي الدولي ‪،‬وعميو عندما ترتكب‬
‫ية البد من توفر عدة‬ ‫جريمة ضد االنسانية والتي تقع في اطار تفعيل مبدأ المسؤولية عن الحما‬
‫عناصر والتي ىي حجم تمك الجريمة‪ ،‬استم اررية ارتكابيا‪ ،‬التخطيط ليا ووجود قيادة امرت‬
‫بأرتكابيا‪،‬عمى الرغم من ان الجرائم ضد االنسانية والتي تم اعتمادىا في النظام االساسي لممحكمة‬
‫الجنائية الدولية ال تمثل كل االعتداءات التي تقع ضمن تمك الفئة ‪،‬ف ىنالك جرائم ضد االنسانية‬
‫ثابتو في العرف الدولي لم يتضمنيا النظام االساسي لممحكمة مثل توسيع دائرة االسس التي تقوم‬
‫عمييا جريمة االضطياد التي تقع ضمن الجرائم ضد االنسانية التي ذكرىا النظام االساسي في‬
‫العرفي ‪،‬كما ان النظام‬ ‫المادة ‪/1/7‬ح حيث تم ذكرىا بشكل اوسع مما ىي عميو في القانون‬
‫االساسي اشار الى بعض الجرائم مثل الحمل القسري واالخفاء القسري لالشخاص ‪،‬تمك الجرئم لم‬
‫تتطور بعد كجرائم ضد االنسانية الثابتة في العرف الدولي ‪. 2‬‬
‫ىنالك طائفة واسعة من الجرائم ضد االنسانية البعض منيا قد يكون واضح عند ارتكابو حتى اذا ما‬
‫ارتكب بمعزل عن بقية الجرائم الدولية بدرجة كافية تسمح بتفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية مثل‬
‫وقوع جرائم قتل واسعة النطاق وممنيجة وكذلك الحال بالنسبة لجرائم االبعاد القسري والنقل القسري‬

‫‪1‬د‪ِ.‬ف‪١‬ذ ش‪ٙ‬اب –ِظذس عاتك –ص‪443‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Julia Hoffman & Andre Nollkkaemper –op-cit-88‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫االفعال‬ ‫لمسكان واالبادة واالضطياد واالخفاء القسري لالشخاص ‪،‬تمك االفعال تعتبر من اوضح‬
‫التي تشكل جرائم ضد االنسانية وبالتالي تُفعل مبدأ المسؤولية عن الحماية ‪،‬لكن ىنالك جرائم اخرى‬
‫تم تشخيصيا كجرائم ضد االنسانية مثل جرائم التمييز العنصري ‪،‬العنف الجنسي‪،‬التعذيب‬
‫‪،‬االسترقاق ‪،‬السجن واالفعال الالانسانية االخرى ‪،‬تمك المجموعة من الجرائم ضد اال نسانية قد تقع‬
‫ضمن مؤسسات داخل الدولة ‪،‬والتكون واضحة بالدرجة الكافية التي تثير اىتمام المجتمع الدولي‬
‫لتحريك مبدأ المسؤولية عن الحماية حتى وان توفر العناصر المطموبة عادة في الجرائم ضد‬
‫ة عن الحماية قد‬ ‫االنسانية ‪ ،‬وفي ىذه الفئة من الجرائم ضد االنسانية فأن تحريك مبدأ المسؤولي‬
‫يقتصر عمى بذل الجيود الدبموماسية واالقتصادية لمضغط عمى حكومات الدول التي تقع عمى‬
‫اقميميا تمك الجرائم ‪ ،1‬مثال عمى ذلك جريمة االخفاء القسري لالشخاص قد ترتكب بصورة بطيئة‬
‫حدث في‬ ‫وثابتة الى درجة ال تجذب معيا انتباه المجتمع الدولي مثل اختفاء االشخاص الذي‬
‫االرجنتين وتشيمي في حقبة السبعينيات من القرن الماضي حيث اختفى عدد من االشخاص‬
‫المدنيين قدروا مابين ‪ 8000‬الى ‪ 20000‬من االرجنتين ‪،‬ومايقارب ال ‪ 3000‬شخص مدني من‬
‫تشيمي عن طريق عمميات تم تنفيذىا من قبل سمطات الدولة ‪،‬اما لو ارتكبت تمك الجريمة بشكل‬
‫واسع النط اق وفي فترة زمنية قصيرة كما ىو الحال في اختفاء عدد كبير من االشخاص في‬
‫‪، 1999‬وبالتالي فأن جريمة االخفاء‬ ‫سربرينكا في العام ‪ 1995‬وايضا في كوسوفو في العام‬
‫بأعتبارىا جريمة ضد االنسانية يمكن ان تثير تطبيق المسؤولية عن الحماية اذا ما ارتكبت في اثناء‬
‫ازمة جذبت انتباه المجتمع الدولي بشكل افضل مما لو ارتكبت بصورة خفية وغير معمنة ‪.2‬‬
‫المطلة الثالج‬
‫جريمح االتادج الجماػيح‬
‫يمكن استخالص خطورة جريمة االبادة الجماعية من طابع فعل االبادة المميز بالوحشية والقسوة‬
‫جرائم القديمة ‪، 3‬ففي اعقاب‬ ‫واتساع اثاره الضارة ودناءة الدافع الرتكابو ‪،‬وتعد تمك الجريمة من ال‬
‫الحرب العالمية االولى دعا الحمفاء بعد انتصارىم الى انشاء لجنة تحقيق دولية ىدفيا تحقيق‬
‫واعالن مسئولية مبتدئ الحرب ومسؤولية مجرمي الحرب االلمان واالتراك عن مخالفة قوانين‬
‫الحرب واعرافيا تمييداً لمحاكمتيم عمى جرائميم ضد قوانين االنسان ية امام المحاكم العسكرية لدول‬

‫‪1‬‬
‫‪David‬‬ ‫‪Scheffer-‬‬ ‫‪ATROCITY‬‬ ‫‪CRIMES‬‬ ‫‪FRAMING‬‬ ‫‪THE‬‬
‫‪RESPONSIBILITY TO PROTECT-op-cit-p 126‬‬
‫‪2‬‬
‫‪David Scheffer-op-cit-p127‬‬
‫‪ِ 3‬صً ظشائُ ذ‪ّٛ١‬سٌٕه ف‪ ٟ‬اٌمشْ اٌ‪ٛ‬عط‪ ٝ‬ػٕذ اعر‪١‬الءٖ ػٍ‪ ٝ‬تغذاد ‪ٚ‬ظشائُ ٔاتٍ‪ ْٛ١‬ػٕذ اخفالٗ ف‪ ٟ‬ػىا‬
‫‪ٚ،‬لرً اٌظ‪ٙ‬ا‪ٕ٠‬ح ٌٍؼشب اٌفٍغط‪ ٓ١ٕ١‬ف‪ ٟ‬د‪٠‬ش ‪٠‬اع‪ٚ ٓ١‬لرً اٌفشٔغ‪ ٓ١١‬الالف اٌعضائش‪ٚ ٓ١٠‬لرً‬
‫االِش‪٠‬ى‪ ٓ١١‬ػذد وث‪١‬ش ِٓ عىاْ ِذ‪ٕ٠‬ر‪١٘ ٟ‬ش‪ٚ‬ش‪ّ١‬ا ‪ٔٚ‬اظاصاو‪ٌٍّ،ٟ‬ض‪٠‬ذ أظش‬
‫ِٕشأج اٌّؼاسف‪-‬‬ ‫د‪ٔ .‬ث‪ٟ‬ي اؼّذ ؼٍّ‪ – ٟ‬ظش‪ّ٠‬ح اتادج اٌعٕظ اٌثشش‪ ٞ‬ف‪ ٟ‬اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬اٌؼاَ –‬
‫االعىٕذس‪٠‬ح –تذ‪ ْٚ‬عٕح ٔشش –ص ‪14‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫الحمفاء ‪،‬وفي عام ‪ 1920‬انيت المجنة اعماليا وقدمت تقريرىا الذي يحتوي عمى اسماء ‪ 895‬مجرم‬
‫حرب عمى اساس انتياكيم لقوانين واعراف الحرب ‪ ،‬وجيت المجنة االتيام لبعض المسئولين االتراك‬
‫عن جرائم ابادة االرمن في عام ‪ 1915‬تحت مسمى ارتكاب جرائم ضد قوانين االنسانية ‪ ،‬واستندت‬
‫المجنة في ىذا عمى شرط مارتنز الذي ورد في ديباجة اتفاقية احترام قوانين واعراف الحرب البرية‬
‫لعام ‪ 1907‬والذي صاغو (ثيودور مارتنز ) الدبموماسي الروسي والذي ينص عمى "لحين صدور‬
‫تقنين اكثر الماما بقوانين الحرب ‪ ،‬فأن عمى االطراف ال موقعة عمى ىذه االتفاقية ان تعمن بأنو في‬
‫الحاالت الغير منصوص عمييا في الموائح المعمول بيا لدييم ‪ ،‬يبقى المحاربين والسكان تحت‬
‫حماية قواعد ونصوص قانون الدول حسبما جرت العادة التي نشأة بين الشعوب المتحضرة بما‬
‫يمميو الضمير العام وقوانين االنسانية "‪1‬حيث حاولت ا لمجنة تجريم جرائم االتراك ضد االرمن وكانت‬
‫تمك اولى محاوالت تعريف وصياغة جريمة االبادة الجماعية ‪ ،‬اال ان تدخل المصالح السياسية ان‬
‫ذاك حال دون استقرار تعريف وتقنين واضح لتمك الجريمة والمعاقبة عمييا وساىم في عدم توجيو‬
‫‪2‬‬
‫‪،‬وفي اعقاب الحرب العالمية الثانية وفي ضوء‬ ‫االتيام لممسئولين االتراك عما نسب الييم‬
‫االنتياكات التي شيدتيا تمك الحرب ‪،‬سارع المنتصرون في الحرب الى تشكيل محكمتين لمحاكمة‬
‫مجرمي الحرب حيث قرر الحمفاء انشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة قادة النظام النازي عمى‬
‫الجرائم التي ارتكبوىا اثناء االعمال العسكرية و تم تشكيل تمك المحكمة الدولية بموجب اتفاق لندن‬
‫في ‪ 8‬اب ‪ 1945‬وحددت المادة ‪ 6‬الجرائم التي تدخل في اختصاصيا ‪،‬حيث نصت عمى انعقاد‬
‫اختصاص المحكمة لمنظر في الجرائم ضد السالم وجرائم الحرب والجرائم ضد االنسانية ‪،‬واثناء تمك‬
‫المحاكمات استخدمت الول مرة مصطمح جريمة االب ادة كأتيام موجو الى القادة النازيين عمى‬
‫المذابح التي ارتكبت ضد الغجر والييود اثناء الحكم النازي ‪،3‬اال ان جريمة االبادة الجماعية انذاك‬
‫كانت تدخل ضمن الجرائم ضد االنسانية وكانت تقع تحديدا ضمن جريمة االضطياد عمى اسس‬
‫ىود الدولية لتقنين جريمة االبادة الجماعية‬ ‫عنصرية او سياسية او دينية ‪،‬بعد ذلك تركزت الج‬
‫كجريمة مستقمة عن الجرائم ضد االنسانية ‪،‬اصدرت الجمعية العامة لالمم المتحدة ق ار ار بتاريخ ‪11‬‬
‫كانون االول ‪ 1948‬يتضمن اعالن بأعتبار جريمة ابادة الجنس البشري جريمة دولية تتعارض مع‬
‫االنساني وحاول القرار وضع الخطوط العريضة‬ ‫روح واىداف االمم المتحدة ويستنكرىا الضمير‬

‫‪ 1‬ذعٍ‪ ٝ‬ششط ِاسذ‪١‬ض ف‪ ٟ‬اٌثش‪ٚ‬ذ‪ٛ‬و‪ٛ‬ي االضاف‪ ٟ‬اال‪ٚ‬ي ٌغٕح ‪ 1977‬ف‪ ٟ‬اٌّادج اال‪ ِٕٗ ٌٝٚ‬ؼ‪١‬س ٔظد‬
‫‪٠‬ظً اٌّذٔ‪ٚ ْٛ١‬اٌّؽاست‪ ْٛ‬ف‪ ٟ‬اٌؽاالخ اٌر‪ ٟ‬ال‪ٕ٠‬ض ػٍ‪ٙ١‬ا ف‪٘ ٟ‬زا ايٍِؽك ا‪ ٚ‬ا‪ ٞ‬اذفاق د‪ ٌٟٚ‬اخش‬
‫ذؽد ؼّا‪٠‬ح ‪ٚ‬عٍطاْ ِثادئ اٌمأ‪ ْٛ‬اٌذ‪ ٌٟٚ‬وّا اعرمش ت‪ٙ‬ا اٌؼشف ‪ِٚ‬ثادئ االٔغأ‪١‬ح ‪ِٚ‬ا اعرمش ػٍ‪ٗ١‬‬
‫اٌضّ‪١‬ش اٌؼاٌّ‪ٟ‬‬
‫‪ 2‬د‪.‬ؼاِذ ع‪١‬ذ ِؽّذ ؼاِذ – ذط‪ٛ‬س ِف‪ َٛٙ‬ظشائُ االتادج اٌعّاػ‪١‬ح ف‪ٔ ٟ‬طاق اٌّؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح –‬
‫داس اٌىرة اٌمأ‪١ٔٛ‬ح – ِظش ‪-2011-‬ص‪14‬د‬
‫‪3‬شش‪٠‬ف ػرٍُ – اٌّؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح ‪:‬اٌّ‪ٛ‬اءِاخ اٌذعر‪ٛ‬س‪٠‬ح ‪ٚ‬اٌرشش‪٠‬ؼ‪١‬ح – اٌما٘شج – اٌطثؼح‬
‫اٌخاِغح ‪-2008-‬ص‪76‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫لتعريف الجريمة التي تعد انكار لحق الوجود الي جماعة انسانية تتحدد عمى اساس معايير دينية‬
‫‪ ،1‬كما سعى الفقيو اليولندي‬ ‫او عرقية او سياسية او اي اساس اخر صمح لتحديد ىذه الجماعة‬
‫(ليمكين)‪ 2‬الى تقديم دراسة الى منظمة االمم ا لمتحدة حول تمك الجريمة واطمق عمييا جريمة ابادة‬
‫الجنس البشري ‪،‬وجرت في ضوء الدراسة مناقشات حول ارساء تقنين لتمك الجريمة والذي نشأ عنو‬
‫‪ 8‬كانون االول ‪، 1948‬واصبحت‬ ‫باالجماع تبني نص اتفاقية منع ومعاقبة االبادة الجماعية في‬
‫االتفاقية سارية المفعول بعد تصديق اكثر من ‪ 20‬دولة ودخمت حيز النفاذ في ‪ 12‬كانون الثاني‬
‫‪ ، 1951‬وبدخول تمك االتفاقية حيز النفاذ زال الغياب التشريعي لمعاقبة مرتكبي جريمة االبادة‬
‫الجماعية ‪،‬اكدت المادة االولى من االتفاقية الصفة الدولية لجريمة ابادة الجنس البشري بقوليا ان‬
‫االطراف تقر بأن ىذه الجريمة ت قع في نطاق القانون القانون الدولي وىي ترتكب في زمن السمم‬
‫والحرب ‪،‬وعرفت المادة المادة الثانية من االتفاقية جريمة االبادة الجماعية عمى انيا تعني ارتكاب‬
‫اعمال معينة بنية االبادة الكمية او الجزئية لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية ‪ ،‬فجوىر‬
‫جريمة ابادة الجنس يتمثل في انكار حق البقاء لمجموعات بشرية مستيدفة بصفة كمية او جزئية ‪،3‬‬
‫وقد عاقبت االتفاقية عمى ارتكاب جريمة إبادة الجنس كما ورد تعريفيا في المادة الثانية اضافة الى‬
‫التأمر عمى ارتكابيا والشروع في ارتكابيا واالشتراك في ارتكابيا ‪،4‬كما نصت االتفاقية عمى معاقبة‬
‫مرتكبي االعمال الواردة في المادة الثالثة منيا سواء كانوا حكاما او مواطنين عموميين او افراد‬
‫عاديين‪ ،5‬واوجبت االتفاقية عمى الدول االعضاء في االمم المتحدة والذين صادقو عمى االتفاقية‬
‫اجراء التعديالت التشريعية الالزمة لتطبيق االتفاقية والنص في قوانينيم العقاب ية عمى تجريم افعال‬
‫ابادة الجنس البشري ‪.‬‬
‫وقد اعتمد النظام االساسي لممحكمة الجنائية الدولية في المادة الخامسة عمى المادة الثانية من‬
‫اتفاقية االبادة الجماعية في تعريفو لتمك الجريمة حيث نص النظام االساسي عمى الجرائم التي‬
‫تدخل في اختصاصيا والتي وصفت بانيا االش د خطورة والتي من ضمنيا جريمة االبادة الجماعية‬
‫‪ ،‬عرفت المادة السادسة منو جريمة االبادة الجماعية بانيا اي فعل من االفعال التالية والتي ترتكب‬
‫بقصد اىالك مجموعة قومية او اثنية او عرقية او دينية ‪،‬بصفتيا ىذه اىالكا كميا او جزئيا ‪:‬‬
‫‪ - 1‬قتل افراد جماعة‬
‫‪- 2‬الحاق ضرر جسدي او عقمي جسيم‬

‫‪1‬‬
‫‪A/RES/96(I)- 11 Dec. 1946‬‬
‫‪ 2‬شغً اٌفم‪ ٗ١‬سافائ‪ّ١ٌ ً١١‬ى‪ِٕ ٓ١‬ظة ِغرشاس ٌ‪ٛ‬صاسج اٌؽشب االِش‪٠‬ى‪١‬ح اتاْ اٌؽشب اٌؼاٌّ‪١‬ح اٌصأ‪١‬ح‬
‫‪ ٖٛ٘ٚ‬ت‪ٌٕٛ‬ذ‪ ٞ‬االطً اِش‪٠‬ه‪ ٞ‬اٌعٕغ‪١‬ح‬
‫‪ 3‬د‪ِ.‬ف‪١‬ذ ش‪ٙ‬اب – ِظذس عاتك –ص ‪429‬‬
‫‪ 4‬اٌّادج ‪ ِٓ 3‬اذفال‪١‬ح ِٕغ ‪ِٚ‬ؼالثح ظش‪ّ٠‬ح االتادج اٌعّاػ‪١‬ح‬
‫‪ 5‬اٌّادج اٌشاتؼح ِٓ اذفال‪١‬ح ِٕغ ‪ِٚ‬ؼالثح ظش‪ّ٠‬ح االتادج اٌعّاػ‪١‬ح‬

‫‪- 53 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫‪ -3‬اخضاع جماعة عمدا الحوال معيشية يقصد منيا اىالكيا الفعمي كميا او جزئيا‬
‫‪-4‬فرض تدابير تستيدف منع االنجاب داخل الجماعة‬
‫‪1‬‬
‫‪-5‬نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى‬
‫ان القصد الخاص في جريمة االبادة الجماعية يمثل حجر الزاوية في تمييز تمك الجريمة ع ن غيرىا‬
‫من الجرائم ‪ ،‬وىو نية تدمير الجماعة المستيدفة كميا او جزئيا حيث ان القاضي يعول في تقدير‬
‫ارتكاب جريمة االبادة الجماعية عمى القصد الخاص قبل ان يعول عمى تحقيق النتيجة من الجريمة‬
‫ه ستترتب‬ ‫‪ ،‬فال يمكن ان ترتكب تمك الجريمة دون ان يكون مرتكبيا عمى عمم بأن عواقب معين‬
‫عمييا‪ ،‬ويتوفر القصد الخاص عادة عندما ينصرف الغرض من ارتكاب الجريمة الى تدمير جماعة‬
‫بعينيا ال مجرد فرد واحد او اكثر يصادف ان يكونوا من افراد جماعة معينة ‪،‬كما يجب ان يكون‬
‫ىي المقصودة‬ ‫الفعل المحظور ارتكابو مرتكبا ببواعث انتمائية الى الفاعمين وتكون الجماعة نفسيا‬
‫ليذا النوع من السموك االجرامي الواسع النطاق ‪،‬وان ينصرف القصد الى تدمير تمك الجماعة التي‬
‫تمثل كيانا مستقال وممي از سواء كانت تمك الجماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية ‪.2‬‬
‫ان شرط توافر القصد الخاص في جريمة االبادة الجماعية ىو الذي يميز تمك الجريم ة عن الجرائم‬
‫ضد االنسانية وتحديدا جرائم القتل واالبادة واالبعاد القسري ‪،‬فتمك الجرائم عندما ترتكب كجزء من‬
‫خطة واسعة النطاق وممنيجة موجية ضد السكان المدنيين تعد جرائم ضد االنسانية ‪ ،‬لكنيا تعد‬
‫جريمة ابادة جماعية اذا كان لدى مرتكبييا نية التدمير الكمي او الجزئ ي لجماعة معينة من الوارد‬
‫ذكرىم في االتفاقية‪ ،‬وبذلك تكون الحالة الذىنية لمرتكبي جريمة االبادة الجماعية ونية التدمير ىي‬
‫االساس الذي يعتمد عميو لمقول بوقوع تمك الجريمة بغض النظر عن التنظيم والتخطيط وعدد‬
‫اعية والجرائم ضد االنسانية ‪ ،3‬ففي‬ ‫الضحايا وىذا ىو االختالف القانوني بين جريمة االبادة الجم‬
‫قضية البوسنة ضد صربيا امام المحكمة الجنائية الدولية ادعت البوسنة بأن الجرائم المرتكبة ىي‬
‫جرائم ابادة جماعية في حين ذىبت صربيا الى ان جميع الجرائم التي ارتكبت في البوسنة ىي من‬
‫قبيل الجرائم ضد االنسانية وجرائم الحرب ولم تكن ج رائم ابادة جماعية ‪،‬في حين خمصت المحكمة‬
‫استنادا عمى توفر القصد الجنائي الخاص الى ان الجرائم المرتكبة ىي جرائم ابادة جماعية ‪.4‬‬

‫‪1‬اٌّادج ‪ٔ ِٓ 6‬ظاَ س‪ِٚ‬ا االعاع‪ٌٍّ ٟ‬ؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح‬


‫‪2‬د‪ٔ.‬ث‪ ً١‬اؼّذ ؼٍّ‪ِ– ٟ‬ظش عاتك –ص‪45‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Marko Milanovic-op-cit –p559‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Marko Milanovic. op, cit, p306‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫ان ارتكاب جريمة االبادة الجماعية في اي دولة ضد السكان المدنيين تعتبر سبب ميم جدا لتطبيق‬
‫مبدأ المسؤولية عن الحماية في اشد صورة وىي ال تدخل العسكري متى ما توصمت المجتمع الدولي‬
‫الى وجود نية ابادة الحد الجماعات الموصوفة في اتفاقية االبادة الجماعية ‪.1‬‬
‫المطلة الراتغ‬
‫التطهير الؼرقي‬
‫أن جريمة التطيير العرقي ممكن ان تمتزج مع كل من الجرائم الثالث االخرى التي تؤطر‬
‫تطبيق المسؤولية عن الحماية ‪،‬فم ن الممكن ان تمتزج مع جريمة االبادة الجماعية وجرائم الحرب‬
‫والجرائم ضد االنسانية اذا ما توافرت عناصر تمك الجرائم في جريمة التطيير العرقي ‪،‬فمثال من‬
‫الممكن ان تعد جريمة التطيير العرقي جريمة ابادة جماعية اذا توفرت فييا النية الخاصة التي‬
‫يجب توافرىا لمقول بأرتكا ب جريمة ابادة جماعية وكان ارتكابيا جزء ال يتجزء من عممية تدمير‬
‫مادي لجماعة معينة‪ ،‬حيث اشار القاضي لوثر باخت في رأيو المستقل حول تصنيف االفعال التي‬
‫قامت بيا قوات وميميشيات صرب البوسنة ضد البوسنيين المسممين اثناء الحرب اليوغسالفية في‬
‫قضية البوسنة واليرسك ضد يوغسالفيا السابقة عام ‪ " 1993‬ان اليجرة القسرية لممدنيين والمعروفة‬
‫بالتطيير العرقي والمرتكبة كجزء من حممة متعمدة شنيا الصرب وذلك النياء سيطرة المسممين‬
‫وتواجدىم في اجزاء كبيرة من البوسنة واليرسك ‪،‬ىي افعال ابادة جماعية تندرج تحت التحديد الوارد‬
‫"‪، 2‬كما اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية‬ ‫في نص المادة ال ثانية من اتفاقية االبادة الجماعية‬
‫ليوغسالفيا السابقة في عدة مناسبات جرائم التطيير العرقي المتمثمة بالتيجير واالبعاد القسري‬
‫لمسكان واالضطياد الذي يرتكب ضمن خطة ممنيجة واسعة النطاق موجية ضد السكان المدنيين‬
‫جريمة ضد اال نسانية ‪،‬اما اذا ارتكبت جريمة التطيير العرقي اثناء قيام نزاع مسمح مثل التيجير او‬
‫االبعاد الغير قانوني لمفئات المحمية اثناء نزاع مسمح دولي او احتالل فأنيا تعد جريمة من جرائم‬
‫حرب‪. 3‬‬
‫ان ادراج جريمة التطيير العرقي بأعتبارىا احد الجرائم الوحشية التي اذا ما ارتكبت في دولة ما‬
‫ضد السكان المدنيين يمكن ان تُحرك مبدأ المسؤولية عن الحماية اليعدوا ان يكون مسمك غير‬
‫عممي ‪،‬ذلك لكون جريمة التطيير العرقي ىي في االصل صورة من صور الجرائم ضد االنسانية‬
‫يمة مستقمة‬ ‫وتقع تحديدا ضمن فئة جريمة االضطياد ‪،‬وال يوجد في القانون الجنائي الدولي جر‬
‫تعرف بجريمة التطيير العرقي ‪،‬ولكن ارتأى واضعوا الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي ادراجيا‬

‫‪1‬‬
‫‪David‬‬ ‫‪Scheffer-‬‬ ‫‪ATROCITY‬‬ ‫‪CRIMES‬‬ ‫‪FRAMING‬‬ ‫‪THE‬‬
‫‪RESPONSIBILITY TO PROTECT-op-cit-p121‬‬
‫‪ 2‬د‪.‬ؼاِذ ع‪١‬ذ ِؽّذ ؼاِذ‪ِ-‬ظذس عاتك –ص‪32‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Julia Hoffman & Andre Nollkkaemper –op-cit-87‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫كجريمة مستقمة كونيا تعتبر من الجرائم االشد وحشية والتي يمكن ان تستخدم ضد السكان المدنيين‬
‫لذا فيي تستحق ان تكون جريمة مستقمة كي تحضى باالنتباه الذي تستحقو ‪.‬‬
‫جريمة التطيير العرقي ممكن تعريفيا بأنيا اعتداءات تمييزية ضد مجموعة معينة من السكان‬
‫المدنيين في دولة ما لغرض ازالة تمك المجموعة بشكل نيائي من اقميم تمك الدولة نتيجة لتمك‬
‫لتي‬ ‫االعتداءات ‪،‬اما الوسائل المستخدمة لتنفيذ تمك االعتداءات فيمكن ان تشمل كافة الوسائل ا‬
‫تستخدم في تنفيذ الجرائم ضد االنسانية والتي تصب في تحقيق االضطياد والذي ىو جوىر جريمة‬
‫التطيير العرقي ‪.1‬‬
‫كما يمكن تعريفو بأنو ىو ذلك الفعل العنيف الذي تقوم بو جماعة تجاه جماعة أخرى ينحدر‬
‫سكانيا أو اغمبيم من أصل واحد‪ ،‬أو يؤمنون بديانة واحدة‪ ،‬أو يتكمم ون بمغة واحدة‪ ،‬او كل ماتقدم‪،‬‬
‫وذلك من خالل التصفية الجسدية وحبس المدنيين في معسكرات االعتقال‪ ،‬وابعادىم عن‬
‫اراضييم‪،‬والغرض من التطيير العرقي ىو استئصال الجماعات العرقية المرتبطة بالمقاومة أو‬
‫الجماعات اإلرىابية أو اليادفة إلى تغيير األوضاع السياسية أو التي تتبع أسموب حرب العصابات‬
‫وفي أحيان كثيرة يكون التطيير العرقي مدفوعا بعقيدة تعتبر الجماعة العرقية المستيدفة كيانا قذ ار‬
‫ينبغي التخمص منو ‪ ،‬يصاحب التطيير العرقي في األغمب إزالة أية آثار مادية ترتبط بالجماعة‬
‫العرقية‪ ،‬مثل تدمير الرموز الثقافية واألعمال الفنية وكذلك األماكن الدينية‪ ،‬ويتم ذلك بتكتيك وحشي‬
‫يصاحبو إراقة الدماء عمى نطاق واسع ويمثل التطيير العرقي موقعا وسطا بين التيجير واإلبادة‬
‫الجماعية وىو ما يجعمو يصنف في القانون الدولي ضمن الجرائم ضد االنسانية ‪،‬يؤدي التطيير‬
‫العرقي في أحيان كثيرة إلى خمق مشاكل سياسية عمى المدى البعيد‪ ،‬ألنو يمنع الجماعات التي تم‬
‫طردىا من العودة إلى أوطانيا ‪،2‬ولم يتم تعريف جريمة التطيير العرقي في اطار النظام االساسي‬
‫لممحكمة الجنائية الدولية اال انو يمكن الرجوع الى تعريف االضطياد والتي يعد التطيير العرقي‬
‫شكل من اشكالو والذي يعرف بأنو الحرما ن العمدي والشديد من حقوق االساسية لجماعة معينة‬
‫بشكل مخالف لمقانون الدولي بسبب ىوية تمك الفئة او الجماعة ‪.3‬‬
‫إن التطيير العرقي تعبير مبطن ‪ ،‬إذ ال توجد جريمة يمكن وصفيا كذلك ‪ ،‬إالّ أن الممارسات‬
‫تغطي جميرة من الجرائم الجنائية ‪ ،‬وعرفت مفوضية خبراء األُمم المتحدة في تقرير ليا قدمتو الى‬
‫مجمس االمن سنو ‪ 1993‬التطيير العرقي بانو " جعل منطقة ما متجانسة عرقياً باستعمال القوة أو‬
‫"‪ ،‬وقال التقرير إن التطيير‬ ‫الوعيد القتالع اشخاص ينتمون إلى جماعات معينو من المنطقة‬
‫العرقي قد نفذ في يوغسالفيا السابقة بوسائل القتل والتعذيب‪ ،‬والتوقيف واالعتقال التعسفيين‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Richard H. Cooper and Juliette Voïnov Kohler-op-cit-p89‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid-p91‬‬
‫‪3‬‬
‫إٌظاَ االعاع‪ٌٍّ ٟ‬ؽىّح اٌعٕائ‪١‬ح اٌذ‪١ٌٚ‬ح اٌّادج اٌغاتؼح فمشج ‪ / 2‬ص‬

‫‪- 56 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫جمات‬ ‫واإلعدامات غير القانونية‪ ،‬واالغتصاب واالعتداء الجنسي‪ ،‬واحتجاز سكان مدنيين‪ ،‬والو‬
‫العسكرية المتعمدة عمى مدنيين ومناطق مدنية أو التيديد بيا‪ ،‬والتدمير التعسفي لألمالك "‪ .‬وأضاف‬
‫تقرير المفوضية النيائي الصادر في شير أيار ‪ 1994‬ىذه الجرائم ‪ :‬القتل الجماعي‪ ،‬سوء معاممة‬
‫لثقافية‪ ،‬سمب‬ ‫السجناء المدنيين وأسرى الحرب‪ ،‬استعمال مدنيين دروعاً بشرية‪ ،‬تدمير الممكية ا‬
‫الممكية الشخصية‪ ،‬اليجمات عمى المستشفيات والكوادر الطبية ومواقع الصميب األحمر واليالل‬
‫‪1‬‬
‫األحمر التي تحمل شارتييما ‪.‬‬
‫ان جريمة التطيير العرقي تعد المبرر االنسب لتطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية كونيا‬
‫تستغرق وقت طويل لتحقيق اىدافيا ‪،‬وعادة ما تُو اجة تمك الجريمة بمقاومة مسمحة قد تؤدي الى‬
‫عدم تحقيق اىدافيا بصورة كاممة ‪،‬مما يمنح وقتا كافيا لمحكومات والتحالفات والمنظمات الدولية‬
‫التخاذ التدابير المالئمة لعكس نتائج جريمة التطيير العرقي ‪،‬وعمية فأن جريمة التطيير العرقي‬
‫بتطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية واختيار الوسائل‬ ‫تمثل اطار قانوني متكامل يمكن ان يسمح‬
‫المالئمة لمتدخل حسب طبيعة حممة التطيير العرقي المتبعة في الدولة المعنية ‪،‬وعميو ينبغي ان يتم‬
‫التوصل الى تقنين تمك الجريمة في اطار القانون الدولي الجنائي واالعتراف بيا كجريمة مستقمة‬
‫عن الجرائم ضد االنسانية ‪ ،‬ومن الممكن ان يتم ذلك عن طريق تعديل المادة السابعة من النظام‬
‫االساسي لممحكمة الجنائية الدولية كي تصبح لدى منظمة االمم المتحدة والجيات ذات العالقة‬
‫رؤية واضحة عن طبيعة وواركان جريمة التطيير العرقي ‪،‬حتى وان لم يتم ىذا التقنين في المستقبل‬
‫القريب ‪،‬تبقى جريمة ال تطيير العرقي احد اىم الجرائم واخطرىا والتي تستدعي تطبيق مبدأ‬
‫المسؤولية عن الحماية لمتدخل لمنع ارتكابيا ضد السكان المدنيين او وقف استمرارىا ‪.‬‬
‫المطلة الخامس‬
‫امكانيح التىسغ في تطثيق مثذأ المسؤوليح ػن‬
‫الحمايح‬
‫قد يثور تساؤل حول مدى امكانية تفعيل مبدأ المسؤو لية عن الحماية في حالة وقوع الكوارث‬
‫الطبيعية‪ ،‬خاصةً اذا اثرت تمك الكوارث عمى حياة السكان وعرضتيا لخطر الموت نتيجة لعدم‬
‫وجود اي عمميات اغاثة بسبب ق اررات سياسية صادرة من حكوماتيم ‪ ،‬فيل يمكن اعتبار مثل ىذه‬
‫الق اررات جرائم ضد االنسانية ؟ مع التذكير بأن النسخة ا الصمية لممبدأ الصادرة من المجنة الدولية‬
‫لمتدخل وسيادة الدول شممت الكوارث البيئية والطبيعية بأعتبارىا احداث ممكن ان تعطي الحق‬
‫بالتدخل لممجتمع الدولي اذا فشمت الدولة ذات العالقة في حماية سكانيا‪ ،‬كما اكد احد الباحثين‬
‫بأنو اليوجد فرق بين مقتل عدد كبير من السكا ن عن طريق اطالق النار عمييم او عن طريق منع‬

‫‪1‬س‪ٚ‬ظش و‪ ، ٓ١٘ٛ‬اٌرط‪١ٙ‬ش اٌؼشل‪ ،ٟ‬ذأٌ‪١‬ف ‪ٌٛ :‬سٔظ فشٍش ‪ٚ‬آخش‪ ، ْٚ‬ذشظّح ‪ :‬غاص‪ِ ٞ‬غؼ‪ٛ‬د‪ ،‬داس‬
‫أصِٕح ٌٍٕشش‪،‬ػّاْ ‪ ، 2003 ،‬ص‪.154‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫وصول المساعدة لضحايا الكوارث الطبيعية من قبل حكومتيم‪ ،‬حيث ان االساس الذي ُبني عميو‬
‫مبدأ المسؤولية عن الحماية ىو التضامن مع ضحايا جرائم الفظائع الجماعية ‪،‬وعميو فأن من‬
‫المغالطة التفريق بين االالف من السكان يقتمون عل ى ايدي قوات معينة وبين االالف الذين يقتمون‬
‫بسبب االىمال المتعمد من قبل حكوماتيم ‪ ،1‬اال ان الواقع اثبت بأن تطبيق مبدأ المسؤولية عن‬
‫الحماية الذي تم صياغتو وتبنيو في مؤتمر القمة العالمي عمى ضحايا الكوارث الطبيعية والبيئية‬
‫واالنسانية اليزال موضوع بالغ الحساسي ة اال انو ذو اولوية لدى العديد من اعضاء االمم‬
‫المتحدة‪2‬وسنتناول ىذا الموضوع عمى النحو التالي‬
‫الفرع االول‬
‫تطثيق المثذأ في حاالخ الكىارث الطثيؼيح‬
‫في حالة وقوع الكوارث الطبيعية تمعب سيادة الدول دور ميم في عمميات االغاثة الدولية‬
‫‪،‬حيث ان الدولة المتأثرة با لكارثة تمتمك سمطة ادارة كافة الجوانب المتعمقة بيا في اعقاب الكارثة‪،‬‬
‫فميا ان تطالب او ان ترفض المساعدة من المجتمع الدولي‪ ،‬حيث انو اليوجد الزام قانوني يفرض‬
‫عمى الدول المتضررة جراء الكوارث قبول المساعدة الدولية‪ ،‬فميا ان ترفض المساعدة السباب‬
‫سياسية متمثمة باال حراج الذي ينطوي عميو طمب المساعدة من الخارج‪ ،‬وكشف حقيقة عدم كفاءة‬
‫الدولة المتضررة جراء الكارثة باالستجابة الفعالة لمكوارث الطبيعية ‪ ،‬وعادة ما تمعب الدوافع‬
‫السياسية دو ار بار از االستجابة لعمميات االغاثة من الكوارث‪ ،‬وبالتالي فأنو ال يوجد ضمان كافي‬
‫لتوفير الحم اية المالئمة لضحايا الكوارث الطبيعية ‪.3‬عمى الرغم من عدم وجود قوانين دولية تحكم‬
‫‪،4‬اال ان التجارب الدولية تمخضت عن مجموعة من‬ ‫تصرفات الدول خالل الكوارث الطبيعية‬
‫المسؤوليات تقع عمى عاتق الدول المتأثرة من جراء الكارثة الطبيعية والمجتمع الدولي قبل واثناء‬
‫وبعد وقوع الكارثة ‪،‬فعمى الدول المعنية والمجتمع الدولي انذار سكان المناطق التي سوف تتاثر‬

‫‪1‬‬
‫‪Ramesh Thakur - To invoke or not to invoke R2P in Burma- Online edition‬‬
‫‪of India's National Newspaper-the Hindu -Tuesday, May 20, 2008-‬‬
‫‪http://www.hindu.com/2008/05/20/stories/2008052054140800.htm‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Implementing the Responsibility to Protect- The Stanley Foundation -‬‬
‫‪January 15-17, 2010 -Tarrytown House Estate & Conference Center,‬‬
‫‪Tarrytown, New York-p29‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Matthew power –op –cit –p680‬‬
‫‪٠ 4‬عة ِالؼظح اْ إٌظاَ اٌمأ‪ٌ ٟٔٛ‬ضّاْ ػٍّ‪١‬اخ االغاشح اٌّمذِح ِٓ اٌذ‪ٚ‬ي اشٕاء اٌى‪ٛ‬اسز ‪٠‬ؼذ ٔظاَ‬
‫ضغ‪١‬ف ‪،‬اال اْ اٌع‪ٛٙ‬د اٌّثز‪ٌٚ‬ح ِٓ لثً ِٕظّح االغاشح اٌذ‪١ٌٚ‬ح اٌراتؼح ٌالُِ اٌّرؽذج (‪)UNDRO‬‬
‫‪ِٕٚ‬ظّح اٌظٍ‪١‬ة االؼّش اٌذ‪١ٌٚ‬ح ف‪ّ١‬ا ‪٠‬رؼٍك ترذ‪ِّ ٓ٠ٚ‬اسعاخ ػٍّ‪١‬اخ االغاشح ذّصً خط‪ٛ‬ج ا‪ٌٝٚ‬‬
‫ِٓ اظً ذط‪٠ٛ‬ش ل‪ٛ‬أ‪ ٓ١‬ذرؼٍك تؼٍّ‪١‬اخ االغاشح اٌذ‪١ٌٚ‬ح ‪......‬‬
‫‪Matthew power –op –cit –p680‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫بالكارثة‪ ،‬وعمى الدول المتأثرة ان تقبل المساعدة الدولية الضرورية المقدمة من المجتمع الدولي‬
‫‪،‬وخصوصا عندما تكون الدولة المعنية غير قادرة عمى توفير مستمزمات االغاثة الضرورية ‪،‬وعمى‬
‫الدول المتضررة بالتعاون مع المجتمع الدولي ان تعمل عمى اعادة بناء المناطق المنكوبة من جراء‬
‫الكارثة ‪.‬‬
‫وبالنظر الى تمك المسؤليات فيي ال تبتعد عن فحوى مبدأ المسؤولية عن الحماية فأن المسؤولية‬
‫‪(responsibility to‬‬ ‫عن الحماية في الحقيقة تنطوي عمى ثالث عناصر ‪،‬المسؤولية عن المنع‬
‫)‪ prevent‬والذي يقتضي قيام الدولة بتبني سياسات تضمن عدم وقوع اي نوع من انواع النزاعات‬
‫الداخمية مثل ضمان المساواة في المعاممة وتوفير الفرص لجميع المواطنين ‪،‬بذل الجيود الالزمة‬
‫عي واالقتصادي‬ ‫لتولي حكومة مسؤولة زمام االمور‪،‬حماية حقوق االنسان ‪،‬تعزيز التطور االجتما‬
‫وضمان التوزيع العادل لمثروات ‪،1‬اضافة الى الدور الذي يمعبة المجتمع الدولي لتعزيز المسؤولية‬
‫عن المنع والمتمثل في انشاء نظام فعال لالنذار المبكر ‪،‬المجوء الى الوسائل االجرائية والسياسية‬
‫المتاحة والمتضمنة االجراءات الدبموماسية واالقتصادية والقضائية سواء كانت قسرية او غير قسرية‬
‫‪ ،2‬اما العنصر الثاني من عناصر المسؤولية عن الحماية والمتمثل في المسؤولية عن الرد‬
‫( ‪،) responsibility to react‬فيقصد بو عندما تكون الدولة غير قادرة او غير راغبة عمى‬
‫المجتمع الدولي ‪،‬وقد‬ ‫معالجة الموقف فال بد من اتخاذ اجراءات تدخمية من قبل بقية اعضاء‬
‫تتضمن تمك االجراءات تدخل الدول االخرى عسكريًا اذا اقتضى االمر لحماية السكان من‬
‫‪،3‬وفي حالة وقوع الكوارث فأنو من‬ ‫االنتياكات الجسيمة ضد حقوق االنسان التي يتعرضون ليا‬
‫تاج الى مثل ىذا‬ ‫المنطق تطبيق المسوؤلية عن الرد وذلك لوجود معاناة انسانية شديدة الوطأة تح‬
‫التدخل ‪،‬حيث ستوفر ىذه المسؤولية المساعدة االنسانية الضرورية عندما تكون الدول المتأثرة‬
‫بالكارثة غير قادرة او غير راغبة في توفيرىا ‪.‬‬
‫(‪) ICISS‬‬ ‫اما العنصر الثالث من عناصر المسؤولية عن الحماية حسب تقرير المجنة الدولية‬
‫فيو المسؤولية عن اعادة ا لبناء(‪ ) responsibility to rebuild‬والذي يقصد بو "ان المسؤولية‬
‫عن الحماية اليقصد بيا فقط المسؤولية عن المنع والتصرف بل ىي تشتمل المسؤولية عن المتابعة‬
‫واعادة البناء ‪،‬فعند انييار الدولة او تنازليا عن مسؤوليتيا عن الحماية ‪،‬يجب ان يكون ىناك التزام‬
‫حقيقي لممساعد ة في اعادة بناء السالم الداخمي وتعزيز االدارة القوية والتنمية المستدامة ‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ICISS Report-op-cit-p19‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Iadan Hehir-the responsibility to protect :rhetoric ,reality and future of‬‬
‫‪humanitarian intervention –palgrave macmillan –usa-2012 –p89‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ICISS Report-op-cit-p29‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ICISS report –op-cit .note 5.1-p39‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫بناء عمى ماتقدم ىل من الممكن تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية عمى حالة الكوارث‬
‫ً‬
‫الطبيعية ؟ لعل االجابة الواضحة عن ىذا السؤال ممكن التماسيا في قضية (ماينمار) ‪،‬فقد ضرب‬
‫اعصار (نرجس) وىو اعصار من الصنف الثالث اتحاد ماينمار في ‪ 3‬ايار ‪ُ 2008‬معرضا ‪30‬‬
‫بمدة الى الدمار‪،‬حيث يعد ىذا االعصار ىو االسوء الذي ضرب منطقة جنوب شرق اسيا منذ‬
‫‪ ، 1991‬خمف ىذا االعصار وفقا لتقارير االمم المتحدة وجمعية الدول الشرق اسيوية والحكومة‬
‫البرومية مايقارب ‪ 84000‬قتيل و ‪ 53000‬مفقود و ‪ 19000‬جريح ‪ ،1‬ونظ ار لشدة الكارثة عرض‬
‫ال بالييئات االنسانية التابعة لالمم المتحدة وحكومات الدول ومنظمات المجتمع‬
‫المجتمع الدول متمث ً‬
‫المدني تقديم المساعدة والدعم لمسمطة الحاكمة في ماينمار‪ ،‬االن انيا لم تكن عمى استعداد لقبول‬
‫(ماعدا من وجدوا اصال بناء عمى‬ ‫تمك المساعدة رافضة قبول اي تواجد اجنبي عمى اراضييا‬
‫اتفاقات مسبقة )‪ ،‬واعمنت قبوليا فقط لمستمزمات االغاثة عمى ان يتم نقميا بواسطة سفن مدنية‬
‫‪،‬حيث كان النظام الحاكم يشكك في نوايا المجتمع الدولي وراء تقديم مساعدات االغاثة ‪،‬مدعيا بانو‬
‫قادر عمى توفير اال غاثة الالزمة لضحايا االعصار ‪،‬اال ان مرور الوقت اثبت بأنو غير قادر او‬
‫غير راغب في اغاثة سكانو حتى بعد ان التقى السيد بان كي مون االمين العام لالمم المتحدة مع‬
‫رئيس دولة ماينمار وتوصل معو الى اتفاق يقضي بفتح حدود دولتو لعمميات االغاثة االنسانية‬
‫الدولية ‪ ،‬حيث قامت السمطات بتقييد حركة عمال االغاثة ولم تسمح ليم بالمرور الى اشد المناطق‬
‫تضر ار جراء االعصار ‪.2‬‬
‫دفعت تصرفات حكومة ماينمار الى انتقاد شديد من قبل المجتمع الدولي ‪،‬ففي اجتماع الجمعية‬
‫ات التي تتخذىا‬ ‫العامة لالمم المتحدة ‪،‬حذر السفير الفرنسي لدى االمم المتحدة من ان االجراء‬
‫حكومة ماينمار بمنعيا وصول المساعدات الى المتضررين انما قد تؤدي الى وقوع جرائم ضد‬
‫االنسانية ‪،‬واضاف ان مئات االالف من االشخاص تتعرض حياتيم لمخطر وىناك مسؤولية اساسية‬
‫تقع عمى عاتق الحكومة البرومية تقتضي بضرورة مساعدة ىؤالء او فتح حدودىا لمسماح‬
‫لممساعدات االنسانية بالدخول الى المناطق المنكوبة ‪ ،‬كما دعا بعض السياسيين الفرنسيين الى‬
‫تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية كون سكان مانيمار ىم ضحايا لكارثة مزدوجة ‪،‬فمن جية عانوا‬
‫‪3‬‬
‫‪،‬حيث دعا‬ ‫من التعرض الى كارثة طبيعية شديدة ‪،‬ومن جية اخرى كانوا عرضة لكارثة سياسية‬

‫‪1‬‬
‫‪Alpaslan Ozerdem- the responsibility to protect in natural disasters: another‬‬
‫‪excuse for interventionism ?Nargis Cyclone, Myanmar-conflict ,security‬‬
‫‪& development ,10:5,2010,p698‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid-p699‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Gareth Evans. THE RESPONSIBILITY TO PROTECT IN‬‬
‫‪ENVIRONMENTAL EMERGENCIES, Am. Soc'y Int'l L. Proc, vol.19,‬‬
‫‪2009, p30‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫وزير الخارجية الفرنسي والناشط في مجال العمل االنساني برنارد كوشنير الى تطبيق مبدأ‬
‫المسؤولية عن الحماية كرد لرفض الحكومة البرومية لدخول االغاثة الدولية لماليين من المتأثرين‬
‫بأعصار (نرجس) مبينا بأن التيديد الذي قد يتعرض لو السكان المدنيين ال يأتي عن طريق توج يو‬
‫السالح ضدىم فحسب ‪،‬بل من الممكن ان يكون نتيجة لالىمال الشديد من قبل حكوماتيم في‬
‫اعقاب كارثة طبيعية او تفشي مرض وبائي ‪،‬ففي كل قضية يتعرض فييا السكان المدنيين الى‬
‫خطر فقدان حياتيم بشكل واسع النطاق تثار مسألة ما اذا كانت حكومتيم المحمية تستحق بالفعل‬
‫ان تما رس سمطاتيا السيادية عمى اقميميا‪ ،‬واذا لم نطبق مبدأ المسؤولية عن الحماية في حاالت‬
‫تعمل فييا الحكومات المعنية عمى حرمان عدد كبير من المدنيين من الحصول عمى االغاثة‬
‫‪،‬فكيف يمكن لممجتمع الدولي ان يتعيد بأنو لن يقف مكتوف االيدي في مواجية الكوارث‬
‫االنسانية‪.1‬‬
‫تم عرض ىذا المقترح الفرنسي لمنقاش تمييدًا لعرضو امام مجمس االمن الدولي ُمقترحًا ان‬
‫‪2‬‬
‫‪،‬اال‬ ‫يصدر االخير قرار يخول التدخل من اجل ايصال المساعدات وفرضو عمى الحكومة البورمية‬
‫انو واجو معارضة شديدة من قبل كل من روسيا والصين ‪،‬وقد بنوا معارضتيم عمى اساس كون‬
‫الدولة قد تعرضت الى كارثة طبيعية ‪،‬وال يوجد داعي الى تسيس تمك الحالة‪ ،‬اضافة الى انو يعد‬
‫شأن داخمي لمدولة ذات السيادة ان تقرر كيف ليا ان تساعد سكانيا ‪ ،‬كما ان استثناء الكوارث‬
‫البيئية والطبيعية من قبل الجمعية العامة ‪،‬مع العمم ان المجنة الدولية لمتدخل وسيادة الدول قد‬
‫تضمنتيا ضمن مسببات التدخل وفقا لممسؤولية عن الحماية‪،‬ىو في الحقيقة قرار سياسي بحت‬
‫اتخذتو الجمعية ‪ ،‬نتيجة لعدم الثبات والمعايير المزدوجة التي امتاز بيا التدخل االنساني في حقبة‬
‫‪ 2002‬والعراق في العام‬ ‫تسعينات القرن الماضي ‪،‬وما تالىا من التدخل في افغانستان في العام‬
‫‪ 2003‬والذي اثار الشكوك حول الدوافع الغربية الستخدام المبررات االنسانية لمتدخل في الدول‬
‫ذات السيادة ‪،3‬فحصر المسؤولية عن الحماية كمبرر لمتدخل عند ارتكاب احد الفظائع الجماعية‬
‫عد رفض‬ ‫المتمثمة باالبادة الجماعية والجرائم الحرب والجرائم ضد االنسانية والتطيير العرقي ي‬
‫صريح من االمم المتحدة لتطبيق المبدأ عند حدوث كوارث طبيعية ‪،‬ألن تطبيقو في كل مرة تقع‬
‫فييا كارثة طبيعية قد يؤدي الى فقدان المبدأ لشرعيتو واستخدامو كغطاء لتبرير كل انواع التدخالت‬
‫االنسانية ‪ ،‬ولم تجدي التبريرات التي تمسك بيا انصار تطبيق مبدأ المسؤولية ع ن الحماية في حالة‬
‫الكوارث الطبيعية نفعًا ولم تتم الموافقة عمى تطبيقة عمى الرغم من ان امتناع الحكومة البرومية من‬

‫‪1‬‬
‫‪Lloyd Axworthy and Allan Rock, R2P: A New and Unfinished Agenda,‬‬
‫‪Global Responsibility to Protect 1 (2009),p56.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Gareth Evans-the responsibility to protect: ending mass atrocity crime once‬‬
‫‪and for all, brookings institution, 2008-p66‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Alpaslan Ozerdem—op-cit-p702‬‬

‫‪- 61 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫السماح لممساعدات لمدخول الى االراضي المنكوبة ادى الى زيادة عدد القتمى من ضحايا‬
‫االعصار‪.1‬‬
‫ان حالة اعصار نرجس انما تعطي مثاال واضحا بأن المجتم ع الدولي غير مستعد في الوقت‬
‫الحالي لتطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية عمى الكوارث الطبيعية ‪،‬وقد اكد ذلك االمين العام لالمم‬
‫المتحدة في تقريره االول عن تنفيذ المسؤولية عن الحماية اذ اشار الى ان "ال تنطبق المسؤولية عن‬
‫الحماية اال عمى الضروب االربع المحددة والمتفق عمييا من الجرائم واالنتياكات ‪،‬اال وىي ‪:‬االبادة‬
‫الجماعية ‪،‬وجرائم الحرب ‪،‬والجرائم ضد االنسانية ‪،‬والتطيير العرقي ‪،‬والى ان تقرر الدول االعضاء‬
‫خالف ذلك‪،‬فأن اي محاولة لتوسيع نطاق ىذه المسؤولية لتشمل كوارث اخرى من قبيل فيروس‬
‫نقص المناعة (االيدز) اوتغيير المناخ او االستجابة لمكوارث الطبيعية من شأنيا ان تقوض توافق‬
‫االراء عام ‪ 2005‬وسوف يؤدي الى توسيع المبدأ الى حد االنتقاص من شرعيتو او مدى االستفادة‬
‫منو عمميا ‪، "2‬كما ان اقحام المسؤولية عن الحماية النقاذ ضحايا الكوارث الطبيعية قد يكون غير‬
‫فعال وغير عممي ‪،‬وذلك لكون ا الغاثة االنسانية بعد الكارثة يجب ان تصل الى الضحايا في‬
‫غضون ثالثة الى سبعة ايام ‪،‬بعد تمك الفترة فأن االمال بالبحث واالنقاذ والمساعدة الطارئة سوف‬
‫تتناقص ‪،‬حتى اذا كان الغرض من المساعدة ىو اتخاذ االجراءات الضرورية لمنع تفشي االمراض‬
‫او التموث البيئي فأن المساع دة في ىذه الحالة يجب ان تصل الى ُمحتاجييا خالل اسبوعين الى‬
‫ثالث اسابيع بعد وقوع الكارثة ‪،‬وعمية فأن عامل الوقت في حالة الكوارث الطبيعية يمثل عنصر‬
‫جوىري لالستفادة من المساعدة االنسانية ‪،‬ونظ ار الى ان تطبيق المسؤولية عن الحماية يحتاج الى‬
‫وقت اطول لممرور بكل ال خطوات التي من الممكن اتباعيا لموصول الى النتيجة المرجوة ‪،‬وحتى‬
‫التدخل العسكري فأنو يحتاج الى وقت وتخطيط لتحقيق اىدافة‪ ،‬والى ان يتم تنفيذ التدخل فمن‬
‫الممكن ان يكون قد فات االوان النقاذ السكان المتأثرين من جراء الكارثة ‪.3‬‬
‫ان مبدأ المسؤولية عن الحماية ينح صر تطبيقة عند ارتكاب احد الجرائم التي اشرنا الييا سابقا‬
‫‪،‬وىذا ما اجمع عميو المجتمع الدولي والذي جعل المبدأ يكتسب التأييد الدولي ‪،‬لكن اذا نظرنا الى‬
‫قضية الكوارث الطبيعية من منظور اخر لوجدنا انو من الممكن ان ُيعد امتناع حكومة ما من‬
‫مساعدة سكانيا من ضحايا تمك الكوارث ومنع المساعدات الدولية من الدخول اليصال مواد االغاثة‬
‫يمكن اعتباره جريمة من ضمن الجرائم ضد االنسانية ‪،‬اال انيا جريمة التقع عن طريق ارتكاب‬
‫الدولة لعمل معين وانما عن طريق امتناع قيام الدولة عن امر معين مصحوب باالىمال والالمباالة‬

‫‪1‬‬
‫‪Jarrod Wong- Reconstructing the Responsibility to Protect in the Wake of‬‬
‫‪Cyclones‬‬
‫‪and Separatism-Tulane Law Review, Vol. 84, no.2 ,2009-p28‬‬
‫‪2‬‬
‫‪General assembly document – A/63/677-12 January 2009-para.10, p9‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Matthew power –op –cit –p708‬‬

‫‪- 62 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫تجاه معاناة سكانيا ‪،‬و بالتالي فأن التغيير في تفسير االحداث من الممكن ان يكون لو دور في مدى‬
‫امكانية تطبيق المبدأ ‪،‬ففي قضية اعصار نرجس ‪،‬ركز المعارضين لتطبيق المبدأ عمى ان نطاق‬
‫تطبيقو ال يشمل حالة الكوارث الطبيعية غير مباليين الى وجود حقيقة اخرى مفادىا ان الحكومة‬
‫البرومية انما ترتكب جرائم ضد شعبيا باالمتناع عن توفير االغاثة ليم ‪،‬حيث ان كل مايمزم‬
‫لتطبيق المبدأ وجود شرطين االول بأن الدولة قد فشمت في توفير الحماية لسكانيا ‪،‬والثاني بأن‬
‫ىنالك واحدة عمى االقل من الجرائم االربع ترتكب ضد سكانيا‪ ،‬ومن المفروض ان تمك الجرائم انما‬
‫ترتكب من قبل الدولة نفسيا او من قبل طرف ثالث ‪،‬فأذا كانت قد ارتُكبت من الدولة ذاتيا فبذلك‬
‫يتحقق شرطي تطبيق المبدأ الن ارتكابيا لتمك الجرائم يعني بالضرورة فشميا في حماية سكانيا من‬
‫ن‬ ‫تمك الجرائم‪ ،‬وكما اشرنا سابقا الى الجرائم ضد االنسانية بأعتبارىا احد الجرائم التي من الممك‬
‫تطبيق المبدأ عند ارتكابيا ‪،‬تمك الجرائم التستدعي وجود حرب او اعتداء مسمح لمقول بوقوعيا ‪،‬بل‬
‫يكفي ان يكون ىناك اعتداء يتضمن اي معاممة سيئة لمسكان ومن الممكن ان يشمل افعال‬
‫التنطوي عمى عنف مثل تطبيق الفصل العنصري او ممارسة الضغوط ضد السكان لتوجيييم‬
‫بالقيام با عمال معينة ‪،1‬كما اكدت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة في عدة‬
‫قضايا رفضيا لفكرة ضرورة وجود سياسات محددة الرتكاب الجرائم ضد االنسانية ‪،‬وفي حاالت‬
‫استثنائية من الممكن ان ترتكب تمك الجرائم من خالل الفشل المتعمد بعدم اتخاذ اي فعل من شأنو‬
‫ان يمنع وقوع تمك الجرائم ‪.2‬‬
‫ان توسيع نطاق تطبيق المبدأ واجية اراء مختمفة ‪،‬فذىب ادورد لوك المستشار الخاص لالمين العام‬
‫لالمم المتحدة الى ان توسيع نطاق المبدأ في ىذا الوقت يعد قرار غير حكيم وسوف يجعل لممبدأ‬
‫ابعاد لم تكن في الحسبان ‪،‬في حين ان اخرون طالبوا بضرورة شمو ل المبدأ لحالة اعصار نرجس‬
‫من باب تكييف اعمال الحكومة بأنيا جرائم ضد االنسانية ‪،3‬وان ىذه االراء انما تدل عمى توحيد‬
‫الصف بين داعمي مبدأ المسؤولية عن الحماية واالبقاء عمى نطاق المبدا ضمن جرائم االبادة‬
‫‪ ،‬لو تركنا جانبا تمك االراء‪،‬ولو‬ ‫الجماعية والجرائم ضد االنسانية والتطيير العرقي وجرائم الحرب‬
‫فرضنا ان ىنالك حالة شبيو بحالة اعصار نرجس لكن لم يكن السبب في عدم وصول االغاثة الى‬
‫المناطق المنكوبة عدم رغبة الحكومة في حماية سكانيا‪ ،‬بل كان ىنالك عدم قدرة عمى تقديم‬
‫االغاثة‪ ،‬ذلك يعني انو الوجود لجرائم ضد االنسانية مرتكبة م ن قبل تمك الحكومة تجاه سكانيا‪ ،‬اي‬
‫ان ليست متعمدة وال من صنع االنسان ‪ ،‬ولم تكن ىنالك حرب دائرة مما يجعل االنتياكات التي‬

‫‪1‬‬
‫‪Jarrod Wong,op,cit,p251‬‬
‫‪2‬‬
‫&‪ROBERT CRYER, HAKAN FRIMAN, DARRYL ROBINSON‬‬
‫‪ELIZABETH WILMSHURST- An Introduction to international criminal‬‬
‫‪law and procedure - Cambridge University Press 2007 –pp197,198-‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Julia Hoffman & Andre Nollkkaemper –op-cit-p86‬‬

‫‪- 63 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫يتعرض ليا السكان من قبيل جرائم الحرب ‪،‬لكن يبقى التساؤل لماذا ال تستحق مثل تمك الحالة‬
‫ن مبدأ المسؤولية عن الحماية لم‬ ‫تدخال دوليا لوضع حد النتياكات حقوق االنسان ‪،‬خصوصا وا‬
‫يكن الغرض من تبنيو ايجاد وسيمة لمنع او معاقبة او تنفيذ العدالة فيما يتعمق بارتكاب الجرائم‬
‫الدولية بقدر ما ىو سيمة لرفع االذى الخطير الذي يعاني منو السكان ‪،‬وىو اوال واخي ار واجب‬
‫اخالقي مفاده انقاذ حياة البشر‪،‬وىذا الواجب يوجد بغ ض النظر عن ما اذا كان تيديد الحياة ناجم‬
‫عن جرائم معروفة دوليا او احداث اخرى ‪،‬من ذلك نرى ضرورة التوسع في تطبيق المبدا ليس عمى‬
‫اساس شمولو لحاالت لم تتضمنيا الوثيقة النيائية لمؤتمر القمة العالمي بل عمى اساس النظر الى‬
‫التبعات التي تنشأ بعد وقوع الكارثة وباالخص تمك التي تنشأ من رفض الحكومة المعنية مساعدة‬
‫سكانيا غير مبالية بما يتعرضون لو من انتياكات لحقوقيم ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫تطثيق المثذأ في حاالخ الكىارث االنسانيح‬
‫تسثة تفشي مرض نقص المناػح المكتسثح‪HIV/AIDS‬‬
‫يعد فيروس نقص المناعة المكتسبة ‪/‬االيدز من اخطر االفات المسببة لمكوارث االنساينة ‪،‬‬
‫حيث تسبب عذا المرض القاتل بوفاة الماليين خالل الثالث عقود االخيرة ‪،‬ويعد ىذا المرض من‬
‫االمراض الفريدة بسبب الفئة العمرية السكانية التي تصاب بو ‪،‬كما ان تفشيو في المدن االفريقية‬
‫استنزاف القوى العاممة ‪ ،‬تدمير الجيوش‪،‬‬ ‫كان لو اثر مباشر عمى زيادة الفقر‪،‬التسرب من التعميم‪،‬‬
‫وتفاقم عدم المساواة والتمييز ‪،‬حيث يعد ىذا المرض مدمر لممادة االساسية التي تكون المجتمع‪،‬‬
‫المؤسسات االقتصادية والسياسية‪ ،‬والقوات العسكرية واالمنية ‪.1‬‬
‫تيديد لالمن‬ ‫وقد تم االعالن من قبل اكثر من منظمة حول العالم بأن ىذا المرض يشكل‬
‫" اليمكن لنا ان نفكر‬ ‫‪،‬حيث صرح رئيس البنك الدولي في خطاب لو امام مجمس االمن الدولي‬
‫بمرض نقص المناعة عمى انو حالة تتعمق بالصحة ‪،‬حيث ان ىذا المرض اليمكن ان يحدد‬
‫بالقطاع الصحي فقط‪ ،‬بل انو اصبح يشكل ازمة عالمية كبرى ‪،‬او من الممكن القول بأنو اصبح‬
‫ازم ة امنية كبرى "‪ ،2‬كما ذىب االمين العام لالمم المتحدة كوفي عنان في نفس االتجاه مؤكدا ان‬
‫تأثير مرض االيدز عمى شرق وجنوب افريقيا اليقل عن تأثير الحروب‪ ،‬بل قد يكون اسوء حيث ان‬

‫‪1‬‬
‫‪Megan Cribbs. EXPANDING THE RESPONSIBILITY TO PROTECT:‬‬
‫‪SAVING POPULATIONS FROM HIV/AIDS, TEMPLE LAWREVIEW,‬‬
‫‪Vol. 85, 2013, p409‬‬
‫‪2‬‬
‫‪WORLD BANK, VOICE FOR THE WORLD'S POOR: SELECTED‬‬
‫‪SPEECHES AND WRITINGS OF WORLD BANK PRESIDENT‬‬
‫‪JAMES D. WOLFENSOHN 1995-2005, 2005, p195‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫ة‬ ‫اعداد الوفياة بيذا المرض فاقت اعداد الوفيات اثناء الحروب في افريقيا ‪ ،‬كما انو يسبب ازم‬
‫اجتماعية واقتصادية تؤثر سمبا عمى االستقرار السياسي ‪.1‬‬
‫كما ان مجمس االمن الدولي اجتمع مرتين لمناقشة اثار ىذا المرض عمى االمن وكانت تمك‬
‫ىي المرة االولى التي يناقش فييا مجمس االمن حالة صحية ‪،‬حيث اجتمع لممرة االولى في تموز‬
‫‪ 2000‬وتبنى باالجماع القرار رقم ‪ 1308‬الذي اقر فيو بأن مرض االيدز يشكل خطر عمى االمن‬
‫واالستقرار‪، 2‬وفي حزيران ‪ 2011‬اجتمع مجمس االمن مرة اخرى ليوكد التزامو بمعالجة التأثيرات‬
‫السمبية ليذا المرض عمى االمن والسمم‪ ،‬حيث تبنى باالجماع القرار رقم ‪، 1983‬والذي اكد فية بأن‬
‫مرض االيدز يشكل اخطر التح ديات عمى التنمية التطور واالستقرار في المجتمعات ويحتاج الى‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫استجابة دولية واسعة النطاق لمحاربتو‬
‫ان مبدأ المسؤولية عن الحمية تم تبينو لمواجو التيديدات التي يتعرض ليا السكان المدنيون‬
‫اليشمل التطور ايضا‬ ‫في القرن الحادي والعشرين ‪ ،‬وبما ان ىذا المبدأ في سياق التطور ‪،‬فماذا‬
‫دواعي تطبيقو؟‬
‫ان النسخة الحالية لمبدأ المسؤولية عن الحماية تعكس االراء السياسية اليشة التي فرضت‬
‫ارادتيا وادت الى اختالف المبدا عن نسختو االصمية التي تقدمت بيا المجنة الدولية لمتدخل وسيادة‬
‫سابقا ‪ ،‬الى اقتصار تطبيقو عمى الجرائم االربعة‬ ‫الدول‪ ،‬حيث اكدت الوثيقة الختامية ‪،‬كما اشرنا‬
‫‪،‬ونفس االتجاه ذىب اليو االمين العام في تقريره عن تنفيذ المسؤولية عن الحماية ‪ ،‬اال ان حديثنا‬
‫عن الكوارث الطبيعية من الممكن ان يعاد في صدد تيديد مرض االيدز لحياة البشر‪ ،‬فالغرض من‬
‫‪:‬االبادة الجماعية ‪،‬جرائم الحرب‬ ‫المبدأ ىو حماية السكان المدنيين م ن الجرائم الوحشية االربع‬
‫‪،‬الجرائم ضد االنسانية والتطيير العرقي ‪،‬ويجب ان يتم تطبيقو من اجب تحقيق غرضو دون البحث‬
‫عن سبب حدوث تمك الجرائم ‪،‬فال فرق بين ابادة جماعية ارتكبت عن طريق النزاعات المسمحة او‬
‫عن طريق نشر مرض االيدز المميت ‪.‬‬
‫ىذا فضال عن ان المبدأ قد تطور منذ تبنيو ‪،‬وال يوجد مايمنع ان يمس ىذا التطور دواعي‬
‫تطويره خصوصا وان االستجابة الدولية لكافحة مرض االيدز تندرج ضمن المسؤولية عن المنع في‬
‫اطار المسؤولية عن الحماية ‪،‬حيث ان اليات المنع تتمخص عمى النحو الذي اورده االمين العام في‬
‫ايجاد ىيكمية لممنع تعمل عمى تغيير المجتمعات عمى نحو يجعميا اقل عرضة لمتعرض لخطر‬
‫ارتكاب الجرائم الوحشية ‪،‬اضافة الى تنفيذ المنع في المجتمعات التي تكون عمى حافة االنييار من‬

‫‪1‬‬
‫‪Press Release, United Nations, In Address to Security Council, Secretary-‬‬
‫‪General Says Fight Against AIDS in Africa Immediate Priority in Global‬‬
‫‪Effort Against Disease (January 6, 2000).‬‬
‫‪2‬‬
‫‪S.C. Res. 1308, UN Doc. S/RES/1308 (July 17, 2000).‬‬
‫‪3‬‬
‫‪S.C. Res. 1983, UN Doc. S/RES/1983 (June 7, 2011).‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫خالل تقديم الدعم الدولي الكافي لتقويتيا ‪ ،1‬تمك االليات تشابو الى حد كبير االست ار تيجية التي تبنتيا‬
‫االمم المتحدة الحتواء المرض‪ ،‬والتي تتمثل بأجراءات ىيكمية تيدف الى التقميل من قابمية المجتمع‬
‫لمتعرض لفيروس نقص المناعة‪ ،‬والية تنفيذية تيدف الى توفير العالج الالزم لممصابين ‪،‬حيث يعد‬
‫المنع حجز الزاوية لتوفير االستجابة الوطنية ‪،‬االقميمية‪ ،‬والدولية لممرض ‪ ،2‬ان االليات التي توفرىا‬
‫المسؤولية عن الحماية في اطار المسؤولية عن النع والمتمثمة في زيادة قابمية الدولة عمة حماية‬
‫سكانيا تعتبر قابمة لمتطبيق عمى المرض ‪.‬‬
‫ولعل انكار رئيس جنوب افريقا ‪ Thabo Mbeki‬من تفشي ىذا المرض ورفضو لممساعدة‬
‫العالجية ال نقاذ حياة السكان المدنيين والتي تسببت بوفاة كان من الممكن تجنبيا لمئات االالف من‬
‫السكان لمفترة بين ‪، 2005-2000‬حيث لم ييتم ‪ Mbeki‬وحكومتو لمعواقب الصحية لتفشي ىذا‬
‫المرض ‪،‬وانكر ان يكون االيدز ىو السبب في زيادة الوفيات كما انو رفض اي مساعدة صحية‬
‫عمى اساس ان ا لعالجات اليمكن ان تحسن من حالة المرضى‪ ،‬االمر الذي دفع الى االعتقاد بأن‬
‫‪ Mbeki‬وحومتو انما ترتكب جرائم ضد االنسانية بحق السكان المدنيين ‪،3‬فأذا ما ُثبت بأن الحكومة‬
‫انما تنع عن السكان العالج في اطار خطة ممنيجة واسعة النطاق ‪،‬والتي تجعل من تصرف‬
‫الحكومة جريمة ضد االنسانية ‪،‬او ان الحكومة غير راغبة او غير قادرة عمى حماية سكانيا‪ ،‬فمما‬
‫ال يكون من االولى تطبيق المبدأ دام تطبيقو يقود حماية السكان المدنيين ‪.‬‬

‫الفرع الثالج‬
‫تطثيق المثذأ في حاالخ تذمير الممتلكاخ‬
‫الثقافيح‬
‫في اذار ‪ 2012‬قامت مجموعة من الجنود في مالي باالط احة بالحكومة ىناك ‪،‬وفي نيسان‬
‫اعمنت حركة التحرير الوطنية الزواد )‪، (MNLA‬وىي منظمة قتالية تيدف الى جعل مدينة ازواد‬
‫‪ Azawad‬دولة مستقمة لالنفصاليين الذين يسكونيا‪ ،‬استقالل تمك المنطقة عن مالي ‪،‬وقد تمقت‬
‫اسالمية‪ ،‬والتي قامت حال‬ ‫تمك الحركة المساندة من حركة انصار الدين ‪،‬وىي جماعة ميميشية‬
‫اعالن االنفصال بتطبيق قانون الشريعة المتشدد عمى سكان المنطقة خالفا لرغبتيم ‪ ،‬واستطاعت‬
‫‪ Timbuktu‬وىي مدينة‬ ‫الميميشا االسالمية السيطرة عمى اكبرمدن المنطقة بما فييا مدينة تمبكتو‬
‫الثاني ‪ 2013‬قادت القوات‬ ‫قديمة اعنمتيا منظمة اليونسكو موقع لمتراث العالمي‪ ،‬في كانون‬
‫الفرنسية عممية ضد المتشددين المسممين بمساندة الحكومة المالية وقوات االتحاد االفريقي‬

‫‪1‬‬
‫‪Megan Cribbs. Op, cit, p911‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid , p 912‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, p 880‬‬

‫‪- 66 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫استطاعت من خالليا استعادة السيطرة عمى المناطق التي سيطرة عمييا تمك المميشيا‪ ،‬اال انو خالل‬
‫القديمة في مدينة تمبكتو ‪ ،‬ىذا‬ ‫فترة السيطر دمرت الميميشيات ألضرحة المقدسة وقرون المساجد‬
‫‪ 2012‬ان مدينة تمبكنو ضمن قائمة التراث‬ ‫مع العمم ان منظمة اليونسكو اعمنت في حزيران‬
‫االنساني المعرض لمخطر ‪ ،‬اال انو لم تكن ىنالك استجابة دولية سريعة ضد التيديد لكنوز‬
‫المنطقة‪. 1‬‬
‫كما تطرقنا سابقا فأن مبدأ المسؤولية عن الحماية يخفف من حدة مفيوم السيادة لصالح حماية‬
‫المدنيين ‪،‬ونظ ار لكون الكنوز الثقافية تمتمك قيمة دولية وثقافية مشتركة ‪،‬فمما ال يشمل تطبيق‬
‫المسؤولية عن الحماية حماية تمك الممتمكات كونيا لصيقة بكرامة االنسان وىويتو ‪ 2‬؟‬
‫صات الداخمية لمدولة المعنية ‪،‬حيث ان‬ ‫ان الممتمكات الثقافية اليوم ال تعد صمن االختصا‬
‫الدولة مسؤولة عن حمايتيا في مواجية سكانيا والمجتمع الدولي بأسره ‪ ،‬وعمى غرار المسرؤلية عن‬
‫حماية المدنيين ‪،‬فأذا كانت الدولة غير قادرة او غير راغبة في حماية ممتمكاتيا الثقافية فمن‬
‫االجدر عمى المجتمع الدولي التدخل لحمايتيا ك ونيا ممتمكات اليمكن استبداليا ‪ ،‬وان حمايتو‬
‫الممتمكات الثقافية التفرق عن ىميتو حمية المدنيين كونيا تمثل اىمية ‪،‬وفقا لمقانون الدولي العرفي‬
‫واالتفاقي فأن التدمير العمدي لمممتمكات الثقافية يمكن ان يشكل جريمة تقع ضمن اطار جرائم‬
‫الحرب ‪،‬حيث نص نظام روما االساسي ف ي المادة الثامنة منو عمى انو تعتبر من قبيل جرائم‬
‫الحرب" تعمد توجيو ىجمات ضد المباني المخصصة لألغراض الدينية أو التعميمية أو الفنية أو‬
‫العممية أو الخيرية‪ ،‬واآلثار التاريخية‪ ،‬والمستشفيات‪ ،‬و أماكن تجمع المرضى والجرحى‪ ،‬شريطة أال‬
‫تكون أىدافاً عسكرية‪.3‬‬
‫كما ذىبت اتفاقية الىاي لحماية الممتمكات الثقافية اثناء النزاعات المسمحة الى ترتيب‬
‫‪،4‬كما عد النظام‬ ‫المسؤولية الجنائية الفردية واالختصاص العالمي عن تدمير الممتمكات الثقافية‬
‫االساسي لمحكمة يوغسالفيا االستيالء عمى أو تدمير أو اإلضرار العمدي ضد المؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫‪Jadranka Petrovic, WHAT NEXT FOR ENDANGERED CULTURAL‬‬
‫?‪TREASURES‬‬ ‫‪THE‬‬ ‫‪TIMBUKTU‬‬ ‫‪CRISIS‬‬ ‫‪AND‬‬ ‫‪THE‬‬
‫‪RESPONSIBILITY TO PROTECT, New Zealand journal for public‬‬
‫‪international law, vol.11, 2013, p383‬‬
‫‪ 2‬اْ اٌرذِ‪١‬ش اٌز‪ ٞ‬اطاب اٌّّرٍىاخ اٌصماف‪١‬ح ف‪ ٟ‬اٌؽشت‪ ٓ١‬اٌؼاٌّ‪١١‬ر‪ ٓ١‬اال‪ٚ ٌٝٚ‬اٌصأ‪١‬ح ‪ٚ،‬اٌرذِ‪١‬ش اٌصماف‪ٟ‬‬
‫ٌ‪ٛ١‬غغالف‪١‬ا ‪ٚ،‬اٌى‪ٛ‬اسز اٌصماف‪١‬ح اٌر‪ ٟ‬اطاتد اٌؼشاق خالي ؼشت‪ٌ 2003ٚ 1991 ٟ‬فرد ٔظش اٌؼاٌُ‬
‫اٌ‪ ٝ‬ضش‪ٚ‬سج ؼّا‪٠‬ح اٌّّرٍىاخ اٌصماف‪١‬ح ِٓ اٌرذِ‪١‬ش‪.‬‬
‫‪ٔ 3‬ظاَ س‪ِٚ‬ا االعاع‪ ٟ‬اٌّادج اٌصإِح ‪4/ٖ/2/‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art. 28 , the Hague Convention of 1954 for the Protection of Cultural‬‬
‫‪Property in the Eventof Armed Conflict‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫المخصصة لمعبادة واألعمال الخيرية والتعميم والفنون والعموم واآلثار واألعمال التاريخية الفن والعمم‬
‫"يشكل جرائم حرب ‪ -‬عمى وجو التحديد‪ "،‬انتياكات قوانين أو أعراف الحرب "‪.1‬‬
‫مما تقدم فأن الحق في حماية الممتمكات الثقافية ىو حق ثابتة في اطار القانون الدولي لحقوق‬
‫االنسان ويجب عمى الدولة حمايتو في كل االوقات ‪،‬فأذا كانت الدولة غير قادرة او غير راغبة في‬
‫توفير الحماية فمن الممكن تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية حسبما ورد في الوثيقة الختامية‬
‫لمؤتمر القمة العالمي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Statute of the International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia SC‬‬
‫‪Res 827, S/Res/827 (1993) annex at art 3(d) [ICTY Statute].‬‬

‫‪- 68 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫الخاتمح‬
‫ة ىو حماية السكان المدنيين من الجرائم‬ ‫ان اليدف االساسي من تبني مبدأ المسؤولية عن الحماي‬
‫الوحشية وكان النص عمى تمك الجرائم صريحا في الوثيقة الختامية والتي تعد اول وثيقة رسمية تبنت‬
‫المبدأ ‪ ،‬كما اكد االمين العام لالمم المتحدة في تقاريره التي يصدرىا سنويا بشأن تطبيق المبدأ عمى‬
‫اقتصار تطبيقو عمى احد تمك الجرائم دون وجود امكانية لتوسيعو يشمل ضروب اخرى من االنتياكات‬
‫التي تواجو السكان المدنيين ‪ ،‬توصمنا من خالل البحث الى جممة من االستنتاجات والتوصيات وىي‬
‫عمى النحو التالي‬
‫األستنتاجات‪-:‬‬
‫‪ - 1‬ان تحديد دواعي تطبيق المبدأ ىو في الحقيقة يعكس توجيات بعض الدول داخل االمم المتحد ة والتي‬
‫التزال تتوجس ريبةً من حدود االستعانة بالمبدأ خوفاً من ان توسيع نطاق تطبيقو سيؤدي الى التدخل في‬
‫الشؤون الداخمية لمدول خالفًا لما نص عميو ميثاق االمم المتحدة ‪.‬‬
‫‪- 2‬عمى الرغم من ان الجرائم التي تثير تطبيق المبدأ ىي واسعة وتغطي اشكال متعددة من االنتياكات‬
‫الموجو ضد السكان المدنيين اال ان التمسك الحرفي بنص الفقرة ‪ 138‬وقصر تطبيق المبدأ عند ارتكاب‬
‫تمك الجرائم قد يكون ام اًر يجانبو الصواب‪ ،‬حيث من الممكن تطبيقو في حال وقوع كارثة طبيعية او‬
‫انسانية او بيئية مع تعمد الدولة المعنية بعدم توفير الحماية الالزمة وعدم السما ح بتوفيرىا‪ ،‬عندئذ يمكن‬
‫القول بأرتكاب جرائم ضد االنسانية بصورتيا السمبية ‪.‬‬
‫‪- 3‬كما من الممكن تطبيق المبدأ لغرض حماية الممتمكات الثقافية والتراث الثقافي كون التعدي عمى االخيرة‬
‫يعد من قبيل جرائم الحرب وبالتالي تندرج ضمن دواعي تطبيق المبدأ‪.‬‬
‫التوصيات ‪-:‬‬
‫‪- 1‬ان جريمة التطيير العرقي لم تذكر بصورة مستقمة في نظام روما االساسي لممحكمة الدولية الجنائية‪،‬‬
‫وانحصر ذكرىا في اطار الجرائم ضد االنسانية وجريمة األبادة الجماعية‪ ،‬ونتيجة ألنتشار ىذا النوع من‬
‫الجرائم في اآلونة األخيرة ‪ ،‬فمن األجدر عقد اتفاقية خاصة بيذا الشأن ‪.‬‬
‫ىنالك جرائم ترتكب بصور‬ ‫‪- 2‬ان تطبيق المبدأ وان كان قد تحدد بالجرام االربعة التي تم بيانيا األ ان‬
‫مختمفة مثل األىمال المتعمد لمسكان‪ ،‬وعميو فأن البحث عن ارتكاب الجرائم يجب ان اليقتصر عمى‬
‫ارتكابيا بصورتيا األيجابية ‪ ،‬بل البحث عن ارتكابيا بصورتيا السمبية ‪.‬‬
‫‪- 3‬ان نجاح المسؤولية عن الحماية يعتمد بالدرجة االساس عمى قدرة الدولة عمى حماية سكانيا من الجرائم‬
‫الوحشية‪ ،‬حيث ان الركيزة االساسية تنبع من البناء الداخمي لمدولة وتقويتيا لموفاء بالتزاماتيا‪ ،‬ولعل‬
‫وضع معايير خاصة لحقوق اإلنسان ينبغي اتباعيا في كل دولة قد تكون الوسيمة االنسب خاص ًة اذ ا تم‬
‫تفعيل دور المنظمات اإلقميمية الرقابي عمى استيفاء تمك المعايير‪ ،‬وفي حال فشل الدولة عن الوفاء بيا‬
‫يحق لممنظمات اإلقميمية أو منظمة األُمم المتحدة التدخل وفقاً لممسؤولية عن الحماية ‪.‬‬

‫‪- 69 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫المصادر‬
‫اووًال‪:‬المصادر باللغة العربية‬
‫ائ االبادة الجماعية في نطاق المحكمة الجنائية الدولية‬
‫‪ .1‬حامد سيد محمد حامد – تطور مفيوم جر م‬
‫–دار الكتب القانونية – مصر ‪2011-‬‬
‫‪ .2‬حسام عمي عبد الخالق الشيخة ‪ ،‬المسؤولية والعقاب عمى جرائم الحرب مع دراسة تطبيقو عمى‬
‫جرائم الحرب في البوسنة واليرسك ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪2004،‬‬
‫روجر كوىين ‪ ،‬التطيير العرقي‪ ،‬تأليف ‪ :‬لورنس فشمر وآخرون ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬غازي مسعود‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫دار أزمنة لمنشر‪،‬عمان ‪2003 ،‬‬
‫شريف عتمم – المحكمة الجنائية الدولية ‪:‬المواءمات الدستورية والتشريعية – القاىرة – الطبعة‬ ‫‪.4‬‬
‫الخامسة ‪.2008-‬‬
‫عبد الغني محمود‪ .‬القانون الدولي اإلنساني‪ .‬الطبعة االولى‪ .‬مصر‪ :‬دار النيضة العربية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ .6‬عبد الفتاح بيومي حجازي‪ .‬المحكمة الجنائية الدولية‪ .‬مصر‪ :‬دار الفكر الجامعي‪2004 .‬‬
‫دار‬ ‫‪ .7‬عمر محمود المخزومي – القانون الدولي االنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية –‬
‫الثقافة لمنشر والتوزيع‪-‬القاىرة ‪2009-‬‬
‫‪ .8‬في جو من الحرية افسح ‪:‬صوب تحقيق التنمية ‪،‬االمن وحقوق االنسان لمجميع‪ -‬تقرير االمين‬
‫العام لالمم المتحدة‪-‬اذار ‪A/59/ 2005 2005‬‬
‫‪ .‬الجرائم الدولية ‪ :‬دراسة في القانون الدولي الجنائي ‪ ،‬دار‬ ‫محمد عبد المنعم عبد الغني‬ ‫‪.9‬‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫ي والرقابة عمى استخدام األسمحة‬ ‫‪ .10‬محمود شريف بسيوني ‪ ،‬مدخل في القانون اإلنساني الدول‬
‫(بدون دار نشر) ‪.1999 ،‬‬
‫‪ .11‬مفيد شياب – دراسات في القانون الدولي االنساني – الطبعة االولى– دار المستقبل العربي‪-‬‬
‫القاىرة‪2000-‬‬
‫منشأة المعارف‪-‬‬ ‫‪ .12‬نبيل احمد حممي – جريمة ابادة الجنس البشري في القانون الدولي العام –‬
‫االسكندرية –بدون سنة نشر‬
‫‪ .13‬وليم نجيب جورج نصار‪ -‬مفيوم الجرائم ضد االنسانية في القانون الدولي – مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية – الطبعة االولى –بيروت ‪2008‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

‫ المصادر باللغة االاكلنزية‬:‫ااناًا‬


1. Alpaslan Ozerdem- the responsibility to protect in natural disasters: another
excuse for interventionism ?Nargis Cyclone, Myanmar-conflict ,security
& development ,10:5,2010
2. Christopher Keith Hall- The First Two Sessions of the UN Preparatory
Committee on the Establishment of an International Criminal Court -–
American journal of international law –vol91-no.1-1997
3. David Scheffer- ATROCITY CRIMES FRAMING THE
RESPONSIBILITY TO PROTECT- CASE W. RES. J. INT’L L.( Case
Western Reserve Journal of International Law)- Vol. 40:- 2007–2008
4. David Scheffer- Genocide and Atrocity Crimes- Genocide Studies and
Prevention 1:3 December 2006
5. Gareth Evans. THE RESPONSIBILITY TO PROTECT IN
ENVIRONMENTAL EMERGENCIES, Am. Soc'y Int'l L. Proc, vol.19,
2009
6. Gareth Evans-the responsibility to protect: ending mass atrocity crime once
and for all, brookings institution, 2008
7. Iadan Hehir-the responsibility to protect :rhetoric ,reality and future of
humanitarian intervention –palgrave macmillan –usa-2012
8. Implementing the Responsibility to Protect- The Stanley Foundation -
January 15-17, 2010 -Tarrytown House Estate & Conference Center,
Tarrytown, New York
9. Jadranka Petrovic, WHAT NEXT FOR ENDANGERED CULTURAL
TREASURES? THE TIMBUKTU CRISIS AND THE
RESPONSIBILITY TO PROTECT, New Zealand journal for public
international law, vol.11, 20
10. Jarrod Wong- Reconstructing the Responsibility to Protect in the Wake
of Cyclones and Separatism-Tulane Law Review, Vol. 84, no.2 ,2009
11. Julia Hoffman & Andre Nollkkaemper . responsibility to protect from
principle to practice, pallase publications, Amsterdam, 2012
12. Lloyd Axworthy and Allan Rock, R2P: A New and Unfinished Agenda,
Global Responsibility to Protect 1 (2009),
13. M-cherif Bassiouni _ Crimes against Humanity in international criminal
law- 1999
14. Megan Cribbs. EXPANDING THE RESPONSIBILITY TO PROTECT:
SAVING POPULATIONS FROM HIV/AIDS, TEMPLE
LAWREVIEW, Vol. 85, 2013
15. Ramesh Thakur - To invoke or not to invoke R2P in Burma- Online
edition of India's National Newspaper-the Hindu -Tuesday, May 20,
2008-http://www.hindu.com/2008/05/20/stories/2008052054140800.htm
16. Richard H. Cooper and Juliette Voïnov Kohler-Responsibility to Protect:
The Global Moral Compact for the 21st Century -Palgrave Macmillan-
United States-2009

- 71 -
‫دواعي تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية‬

17. ROBERT CRYER, HAKAN FRIMAN, DARRYL ROBINSON&


ELIZABETH WILMSHURST- An Introduction to international criminal
law and procedure - Cambridge University Press 2007
18. WORLD BANK, VOICE FOR THE WORLD'S POOR: SELECTED
SPEECHES AND WRITINGS OF WORLD BANK PRESIDENT
JAMES D. WOLFENSOHN 1995-2005

‫الو ائق والتقارير‬:‫اللاًا‬


1. A more secure world: our shared responsibility :Report of the High-level
Panel on Threats, Challenges and Change
2. A/RES/96(I)- 11 Dec. 1946
3. General assembly document – A/63/677-12 January 2009
4. Press Release, United Nations, In Address to Security Council, Secretary-
General Says Fight against AIDS in Africa Immediate Priority in Global
Effort Against Disease (January 6, 2000).
5. PROSECUTOR v. DU[KO TADI] a/k/a/ “DULE”- Case No. IT-94-1-T-7
May 1997
6. S.C. Res. 1308, UN Doc. S/RES/1308 (July 17, 2000)
7. S.C. Res. 1983, UN Doc. S/RES/1983 (June 7, 2011(
8. Statute of the International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia
SC Res 827, S/Res/827 (1993)
9. the Hague Convention of 1954 for the Protection of Cultural Property in
the Event of Armed Conflict
10. THE PROSECUTOR v. GORAN JELISI-Case No. IT-95-10-T-14
December 1999
11. The responsibility to protect –report of the international commission
on intervention and state sovereignty – Canada-December 2001

- 72 -

You might also like