Professional Documents
Culture Documents
مناهج تأصيل البدع عند الشاطبي وابن تيمية
مناهج تأصيل البدع عند الشاطبي وابن تيمية
مقدمة:
إن الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده هللا فال
محمدا عبده ورسوله،ً مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أن
كثيرا ،أما بعد: ً
تسليما ً صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه وسلم
إن الدين الخاتم قد رسم الصيغة النهائية لجريان الحياة على أقوم السبل ،الصيغة التي ارتضاها هللا عز
وجل لعباده ،وحثهم على اتباعها لتتحقق لهم سعادتهم في العاجل واآلجل ،وهي مع ما فيها من جوانب مرنة ،فيها أيضا
جوانب ثابتة ال ينبغي التزيد فيها ،وال االنتقاص منها وال االنقالب عليها.
مشكلة البحث :السؤال الرئيس للبحث هو :إذا كان الدين قد رسم الصيغة النهائية ملا ينبغي أن تسير عليه الحياة
البشرية ،فما أثر البدع في تشويه تلكم الصيغة؟ وتتفرع عن هذا السؤال جملة من األسئلة الفرعية منها:
ْ َ
.1هل متعلق البدع ااال ْع اتق َادات َوال اع َب َادات(الجانب الثابت) ،دون العادات(الجانب املرن) فيكون من خصائص
َّ
البدع أن تخرج عن قطعيات الش اار ُع الحكيم؟
.2وما موقف اإلمامين من بعض الطوائف الغالية مثل الرافضة والصوفية واملعتزلة؟
.3هل ينحصر أهل البدع في طائفة معينة؟
ُْ َ .4ما الفرق بين ا ْملَ َ
ص االح امل ْر َسلة واالستحسان وبين البدع؟
.5هل البدع في رتبة واحدة ،أو على نسبة واحدة؟ وهل ُيكفر كل مبتدع؟
.6وهل البدع مثل املعاص ي أم هي شر من املعصيــة؟
.7وهل تتناوب على البدع األحكام الخمسة أم أنها ال تكون إال ضاللة؟
َ َ ْ َ َّ
ات ،أ او الح ااج َّي ا
ات ،أو .8وهل يمكن رد البدع إلى النظر املقاصدي وذلك بحسب ما تقع فيه من رتب الض ُرو ارَّي ا
اإلخالل بالضروريات؟ ْ َ َ َ َ
التحسينات أم أن ج اميع ال ابد اع ر ااجعة إلى ا
.9هل ْاملَ َعاص ي َو ْاملُ ْنك َر َ ْ َ ْ َ
ات بدع؟ ات واملك ُروه ا ا ا ا
ً
.11هل مجرد اعتقاد املعتقد الفعل مشروعا ،وهو ليس بمشروع ،يسمى بدعة؟...
DOI: 10. 26389/AJSRP. B191218 ()1 متاح عبر اإلنترنتwww. ajsrp. com :
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
أهداف البحث:
-1يسعى الباحث لوضع مفهوم منضبط للبدعة من خالل تتبع ما قاله إمامان جليالن لهما الباع الطويل في هذا
املجال :ابن تيمية والشاطبي رحمهما هللا.
-2بيان متعلق البدع وخصائصها وضابطها وحكمها ورتبتها ،والفرق بينها وبين املعاص ي بنظر ابن تيمية والشاطبي.
-3بيان موقف اإلمامين (ابن تيمية والشاطبي) من بعض الطوائف الغالية ،وهل ينحصر أهل البدع في طائفة
معينة.
ُْْ َ َ َ ْ
-4توضيح الفرق بين امل َ
ص االح املرسلة واالستحسان وبين البدع عند اإلمامين( :ابن تيمية والشاطبي).
أهمية البحث:
ْ ََ
هذا البحث محاولة الستجالء جهود علمين من أعالم األمة في اإلجابة عن هذه األسئلة على أنه ينحى في ذلك
املنحى التقعيدي التأصيلي.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()2 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
انتشار البدع ،كما أشار إلى البدع املنتشرة واقتصر على أهمها وأشهرها مثل البدع املتعلقة باآلذان والنية
والصالة والدعاء والجمعة والعيدين والجنائز واالحتفاالت واملواسم ،وختم بالحديث عن البدع املتعلقة
باملسجد األقص ى ومسجد قبة الصخرة.
لكني لم أجد من جمع بين منهجي ابن تيمية والشاطبي في بحث واحد ،واإلضافة التي يحملها هذا البحث من
حيثيتين:
.1من حيث الجمع بين منهجي إمامين من أعالم األمة كان لهما الجهد املقدر في تقص ي مفهوم البدع ،ورسم
حدودها.
.2من حيث أنه بحث ينحى في طرحه املنحى التقعيدي التأصيلي
خطة البحث:
ألغراض البحث قسمته ثالثة مباحث ،تحت كل مبحث مطالب ،وذلك وفق الهيكلة اآلتية:
.1املبحث األول :مفهوم البدعة عند اإلمامين.
أ -املطلب األول :تعريف البدعة لغة واصطالحا.
ب -املطلب الثاني :مصطلح البدعة وموارده عند اإلمامين.
ج -املطلب الثالث :نماذج من تحقيقات ابن تيمية والشاطبي حول أهل البدع.
.2املبحث الثاني :بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند اإلمامين.
أ -املطلب األول :بين البدعة واملصلحة املرسلة عند اإلمامين.
ب -املطلب الثاني :بين البدعة واالستحسان عند اإلمامين.
.3املبحث الثالث :مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند اإلمامين.
أ -املطلب األول :مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند ابن تيمية.
ب -املطلب الثاني :مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند الشاطبي.
.1البدعة لغة:
َّ َ
البدعة -موضوع هذه الدراسة -تقابلها السنة ،والسنة في اللغة( :)1الطريقة .وهي مأخوذة من " السنن" ،وهو
ُ ُ (ُ ُ )2 َُ َ
وس َّنة النبي صلى هللا عليه وسلم :طريقته التي كان يتحراها، وسن ان اه ،وسن ان اه) ، الطريق،
ا الطريق .يقال :خذ على َسن ان
ُ ُ
وس َّنة هللا تعالى :طريقة حكمته ،وطريقة طاعته(.)3
( )1تعريف السنة أمر ممهد لتعريف البدعة ،لذلك اسهبت في التعريف ،وعرجت على مفهوم السنة عند اإلمامين.
( )2األنباري :الزاهر في معاني كلمات الناس.339/2 ،
( )3الراغب :املفردات في غريب القرآن ،ص.429 :
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()3 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()4 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
لعدم املقتض ي حينئذ لفعله ،أو وجود املانع منه ،فإنه إذا ثبت أنه أمر به أو استحبه فهو سنة ،كما أمر بإجالء
اليهود والنصارى من جزيرة العرب( ،)18وكما جمع الصحابة القرآن في املصحف( ،)19وكما داوموا على قيام
رمضان في املسجد جماعة( ،)20فيدخل في مفهوم السنة عند شيخ اإلسالم وفق هذا التعريف:
-1ما فعله الرسول صلى هللا عليه وسلم.
ُ
-2ما فعل على زمانهُ ،ويقيد هذا بإقرار الرسول صلى هللا عليه وسلم.
-3ما ثبت أنه أوص ى به أن ُيفعل بعد وفاته.
-4ويدخل أيضا في مفهوم السنة عند ابن تيمية عمل الصحابة سيما السابقين منهم ،والخلفاء الراشدين،
اط ًنا َّ َ َّ َّ ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ َ ُ قال رحمه هللا(ُ :)21ث َّم م ْن َطر َيقة َأ ْهل ُّ َّ َ ْ َ َ
السن اة والج َماع اة :ااتباع آث اار َرسو ال الل اه صلى الله عل ْي اه وسلم ب ا ا ا ا
الل ُه َع َلي اهْ َّ َ َّ َّ َ ُ َ ْ َ َ َْ ُ َّ ا َ ْ َ َّ َ ْ ْ َو َظاه ًراَ ،وات َب ُ
اع َس اب ايل الس ااب اقين األوالين امن امله ااج ارين واألنص اار و ااتباع و اصي اة رسو ال الل اه صلى
ُ َ َّ َ َ َ ا ا
َ َ َّ ُ َ َ َ ُّ َ ْ ََ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َّ َ َ ُ ْ َّ ُ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ
وسلم حيث قال{ :عليكم ابسن اتي وسن اة الخلف ااء الر ااش ادين امله اد ايين امن بع ادي تمسكوا ابها وعضوا عليها
ب َّ
الن َو ااج اذ(.)22 ا
الل ُه َع َلي اهَْ َ َ ْ َ َ َ َّ ُّ َ َّ َّ َ
ويعرف الشاطبي السنة التي هي في مقابل البدعة بأنها كل ع ام ٍل على وف اق ما ع امل الن ابي -صلى
َ َ َ َ َ ْ َ َْ َ َُ َ ُ َُ َ َ َّ َ َ َ َ َ َّ ُ َّ َ
ال" :فالن َعلى اب ْد َع ٍة" اإذا َع ام َل َعلى اخال اف ذ ال َك(.)23 اب أو ال ،ويق ا ص َعل ْي اه افي ال اكت وسلم -كان ذ الك امما ن
َ ُ
ضا ل ْفظ ُّ َ َ َ ْ
الس َّن اة َعلى َما َع ام َل والسنة عند الشاطبي تشمل أيضا عمل الصحابي ،يقول رحمه هللا َو ُيطل ُق أ ْي ً
َ ُ َ َ َ َ
اعا ال ُس َّن ٍة ث َبت ْت اع ْن َد ُه ْم ل ْم ت ْنق ْل اإل ْي َنا(.)25 وج ْد()24؛ ل َك ْونه ات َب ً الس َّنة َأ ْو َل ْم ُي َ ْ َ َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َ ََْ
ا اا ا اب أ او ُّ ا علي اه الصحابة ،و اجد ذ الك افي ال اكت ا
بل وتوسع الشاطبي في مفهوم السنة لتشمل عنده اجتهاد الصحابة رضوان هللا عليهم ،فأدخل فيها
َ َ إجماعهم ،وما استندوا فيه إلى املصالح املرسلة واالستحسان ،يقول رحمه هللاَ ..." :أو ْ
ااج ات َه ًادا(ُ .)26م ْج َت َم ًعا َعل ْي اه ام ْن ُه ْم أ ْو
اإل ْج َم ااع من جهة 4حمل الناس عليه
َ َ ْ َْ ً َ ََ ُ ََُ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ ُ ْ ْ َ
امن خلف اائ اهم؛ ف اإن اإجماعهم اإجماع ،وعمل خلف اائ اهم ر ااجع أيضا إلى ح اقيق اة ا
ْ َ َ ُ َّ َ ُ ْ َ ْ َ ُّ ْ َ ُ ْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ ْ َ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ْ َ ُ َ َ ُ
ان ،ك َما ف َعلوا افي حد اإلطال اق املص االح املرسلة و ااالس اتحس حسبما اقتضاه النظر املصل احي اعندهم؛ فيدخل تحت هذا ا
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()5 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
( )27حيث عطف -صلى هللا عليه وسلم -سنتهم على سنته ،وهذا يرجح أن ما أفتى به الخلفاء الراشدون أو عملوه أو ما استنبطوه
بمقتض ى نظرهم املصلحي مستنده سنته -صلى هللا عليه وسلم -وإن لم يرفعوه إليه ،إذ ال تشريع بعد النبي صلى هللا عليه وسلم.
( )28تقدم تخريجه قريبا.
( )29الفراهيدي :العين.)54 /2( ،
( )30الراغب :املفردات في غريب القرآن( ،ص ،)111 :مصدر سابق.
( )31األزهري :تهذيب اللغة ،)142 /2( ،مصدر سابق.
( )32ابن فارس :مقاييس اللغة ،)219 /1( ،مصدر سابق.
( )33ابن منظور :لسان العرب ،)6 /8(،مصدر سابق.
( )34الجوهري :اللغة وصحاح العربية.)1183 /3( ،
( )35املاوردي :النكت والعيون.)178 /1( ،
( )36الزجاج :معاني القرآن وإعرابه.)439 /4( ،
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()6 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
َ ُّ ْ ُ ُ ُ ْ َ َ ُ َ َ ُ ُّ ْ َ َ َ َ
ضاللة»(.)37 ور محدثاتها ،وكل ابدع ٍة قوله صلى هللا عليه وسلم« :شر األم ا
ُّ َّ (.)38 َ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ ً َّ ُ َ ْ َُ
قوله صلى هللا عليه وسلم« :ما أحدث قوم ابدعة اإال ر افع امثلها امن السن اة»
ال :إني ُأ ْبدعَ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َّ َ َّ ُ صاريَ ،ق َ َ وورد عند مسلم َع ْن َأبي َم ْس ُع ٍ ْ َ ْ َ
ال« :ج َاء َرجل إلى الن اب اي صلى هللا علي اه وسلم ،فق ا ا ا
َ
ود األن ا ا ا َ ْ ْ
اح امل اني»( ،)39قوله ابدع بي ،أي انقطع بي ،ويقال أبدعت الركاب إذا كلت وانقطعت(.)40 ابي ف
وعلى أساس هذه الجولة املعجمية ،وفي الكتاب والسنة ملعنى البدعة ،نخلص إلى أن األغلب في مادة "ب د
ُ
ع" إحداث ش يء بال احتذاء وال اقتداء ،وعنه تفرعت سائر املعاني وتنزلت على ما يناسبها من خصوصيات:
أ -فاهلل بديع إذ أوجد بغير آلة ،وأنشأ على غير حد وال مثال.
ب -واملبتدع من لم يستن بصاحب الشريعة ،واخترع في الدين ما لم ُيسبق إليه.
ج -واملبدع من أنشأ في مجال الدنيا ما لم يسبق إليه.
والب ْدع من كل أمر أوله...وهكذا.
ا د-
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()7 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
د -أن تكون املحدثات ال دليل عليها البتة ،فان كان عليها دليل ولو محتمال فال تدخل في البدعة ،بل تكون من
املسائل املتنازع في شرعيتها :من أصاب فيها الحق فله أجران ،ومن أخطأ فله أجر واحد.
ه -البدع قد تكون عن تأويل فاسد أو بعيد.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()8 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
َ ُ ُّ َ ْ ُ َ َ ُّ
الط ُرق في الدين م َّما ُي َ َّ َ َ الس ُلوك َع َل ْي َها ْاملُ َب َال َغ ُة في َّ
الت َع ُّب اد الل اه ت َعالى ،وعليه فكل ما اخت ارع امن ُْ َ ُ
ض ااهي ا ا ا ا ا ا -4أن يقصد اب ُّ ا
ََ َ
الت َع ُّب ُد فق ْد خ َر َج َع ْن مسمى البدعة عنده. ص ْد به َّ َْ ْ َ ََ ُ ْ َ
املش ُروع ول ْم يق ا ا
وألن البدعة طريقة مخترعة ال أصل لها في الدين عند الشاطبي فقد رد ما زعمه القرافي( )49من تقسيم البدع
إلى األحكام التكليفية الخمسة ،مخالفا بذلك اتفاق املالكية في إنكار البدع مطلقا( ،)50وتعجب الشاطبي ام َن نقل
َ
القرافي لإلجماع ثم إقدامه على خ ْر اقه(.)51
املطلب الثالث :نماذج من تحقيقات ابن تيمية والشاطبي حول أهل البدع.
أوال :تحقيقات ابن تيمية حول أهل البدع :يرى شيخ اإلسالم أن الرافضة أوغل الطوائف في البدع،
ْ َ ً َ َّ َ ُ َ َ
ضة أش ُّد اب ْد َعة ام َن الخ َو اار اج، طعنا في جمهور املسلمين ،يقول رحمه هللا" :والرا اف قدحا في السلف ،وأقواهم ً وأشدهم ً
َ
الص َح َاب اة ك اذ ًبا الل ُه َع َل ْي اه َو َس َّل َمَ -و َّ َ َّ َّ
الن اب اي -صلى ون َم ْن َل ْم َت ُكن ْال َخ َوار ُج ُت َكف ُر ُهَ ،ك َأبي َب ْكر َو ُع َم َرَ ،و َي ْكذ ُبو َن َع َلى َّ َو ُه ْم ُي َكف ُر َ
ا ٍ ا ا ا ا ا
ص َد َق َو َأ ْش َج َع ام ْن ُه ْمَ ،و َأ ْو َفى ب ْال َع ْه اد ام ْن ُه ْمَ ،ف َك ُانوا َأ ْك َثرَ َما َكذ َب َأ َحد م ْث َل ُهَ ،و ْال َخ َوار ُج َال َي ْكذ ُبو َنَ ،لك َّن ْال َخ َوار َج َك ُانوا َأ ْ
ا ا ا ا
ا ا ا
ْ َْ َ ُْْ َ َ َّ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ُّ ()52 َ ً ُْ ْ َ َ َُ
اإلسال ام موضع آخر" :ليس افي ج ام ايع الطوا ائ اف املنت اسب اة إلى ا اقتاال امنهم ،وهؤال اء أكذب وأجبن وأغدر وأذل ،وقال في
ْ ُ ْ َ ْ ُ ُ ق َ ْ ْ َ ََْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َْ َ َْ َ َ َ َ َ ْ َ َ ََ َ َ
ضالل ٍة ش ٌّر ام ْن ُه ْم :ال أ ْج َه َل َوال أكذ َبَ ،وال أظل َمَ ،وال أق َر َب إلى الكف ار والفسو ا وال اعصي اان ،وأبعد عن حقا ائ اق مع ابدع ٍة و
ُ ْ ُ ْ ُ َّ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ
وع، ُ َ ُ ُ َ َُ َ َ ُّ
يضا" :ول اكْن الرا اف َ اض ي أخذ ي َن اكر ْع ُلى ك ال طا َائف ٍ َة ابم َا يظن أن َه يج ارحها اب َ اه افي األَصو ال ْ وال َفر َ ْ َا
ُ ُ َ َّ َ َّ َّ اإل َيم اان ام ْن ُه ْم ،وقال أ
)53 (
ا
س افي طا ائ َف ٍة ام ْن ط َوا ائ اف أ ْه ال ال اق ْبل اة أكث ُر الس ال َيم ُة ام َن ال َج ْرح َوق اد َّات َف َق ُع َقال ُء امل ْس الم َين َعلى أ َّن ُه ل ْي َ َظ ًّانا َأ َّن َطا ائ َف َت ُه ه َي َّ
ا ا ا
ْ َ َ ()54 ْ ُ َ ََْ َ ُ َ ْ ُ َ ُ َ َ ًْ َ ََ ً َ َ ً َ َ ً ََ ْ
جهال وضالال وك اذبا و ابدعا ،وأقرب إلى ك ال ش ٍر ،وأبعد عن ك ال خي ٍر امن طا ائف ات اه .
وفي املقابل يرى طوائف أخرى أقرب إلى طريقة السلف ،وإن وجدت عليهم بعض املؤاخذات ،مثل األشعرية
َ ُ َّ ْ َ َ َْ ََ ْ َّ َ َ َ َْْ َ
الر اد َعلى أ ْه ال ال اب َد اع كال ًما َح َس ًنا ُه َو ام ْن الكال ام امل ْق ُبو ال ال اذي ُي ْح َم ُد قا ائل ُه الذين يقول عنهم"َ :وال َرْي َب أ َّن الْلش َع ار اي افي
َّ َ َ َ ُ َ ْ ً َ َ َ َ َ َ ْ َ ُّ َّ ُ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ ُّ َ ُ ُ َ َ َ َ َإذا َأ ْخ َل َ
ص َّر َعل ْي اه النية ،وله أيضا كالم خالف اب اه بعض السن اة هو امن الكال ام املرد اود ال اذي يذم اب اه قا ائله إذا أ ص اف ايه ا
ْ
َب ْع َد اق َي اام ال ُح َّج اة(.)55
والبن تيمية كالم عن الصوفية قريبا مما قاله عن األشعرية ،من حيث إنه لم يعدلهم بإطالق وال بدعهم
َ ُ ُّ َّ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ
ص ُّوف "َ ،وقالواُ :م ْب َت اد ُعو َن َخ اار ُجو َن اس افي ط ار ايق اه ْم؛ فطا ائ َفة ذ َّم ْت " الصو افية والت الن ُ بإطالق ،يقول رحمه هللا"َ :ت َن َاز َع َّ
ْ َ َ ُ َ َ َ ََْ َ َْ َ ُ
الس َّن اة َون اق َل َع ْن طا ائ َف ٍة ام ْن األ ائ َّم اة افي ذ ال َك ام ْن الكال ام َما ُه َو َم ْع ُروفَ ،وت اب َع ُه ْم َعلى ذ ال َك ط َوا ائف ام ْن أ ْه ال ال اف ْق اه َع ْن ُّ
والص َو ُ َّ ْ َ َّ َ ْ َ َّ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ْ ََ َ َ َ ََ ْ
اب ور ذ اميم، والكال ام ،وطا ائفة َغلت اف ايهم وادعوا أنهم أفضل الخل اق وأكملهم بعد َاألن ابي ااء و اكال طرفي ه اذ اه األم ا
َُْ الل اه َف افيه ْم َّ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ْ ْ َ َ َّ َ
الس ااب ُق املق َّر ُب -اب َح َس اب ا عند ابن تيمية " أ َّن ُه ْم ُم ْج َت اه ُدون افي طاع اة الل اه كما اجتهد غيرهم امن أه ال طاع اة
ْ َ ْ
الص ْن َف ْي ان َم ْن ق ْد َي ْج َت اه ُد ف ُيخ اط ُئَ ،و اف ايه ْم َم ْن ُيذ ان ُب
َ ْ َ ُ ُ َ ْ َْ َْ َ ْ ْ ُ ْ َ ُ َّ ْ َ
اج اته ااد اه -و اف ايهم املقت اصد ال اذي هو امن أه ال الي ام اين ،و افي ك ٍل امن ا
ْ َ َ ُ َ َ َْ َْ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ُ َ ْ ُْْ َ َ َْ ْ َ ْ ُ َ َ
اص ال َراب اهَ .وق ْد انت َس َب إل ْي اه ْم ط َوا ائف ام ْن أ ْه ال ال اب َد اع َ
فيتوب أو ال يتوب .و امن املنت اس ابين إلي اهم من هو ظ االم النف اس اه ع ٍ
( )49قال رحمه هللا( :الفرق الرابع والخمسون واملائتان بين قاعدة ما يحرم من البدع وينهى عنه وبين قاعدة ما ال ينهى عنه منها)،
القرافي :البروق في أنواء الفروق (.)217 /4
( )50قال رحمه هللا" :األصحاب -فيما رأيت -متفقون على إنكار البدع نص على ذلك ابن أبي زيد وغيره ،والحق التفصيل ،وأنها خمسة
أقسام" القرافي :أنوار البروق في أنواء الفروق (.)217 /4
( )51الشاطبي :االعتصام.)246 /1( ،
( )52ابن تيمية :منهاج السنة النبوية.)154 /5( ،
( )53املصدر نفسه.)161 -161 /5( :
( )54املصدر نفسه.)617 /2( :
( )55ابن تيمية :الفتاوى الكبرى.)663 /6( ،
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()9 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
وه َو َأ ْخ َر ُج ُ
وه الطريق َأ ْن َك ُر ُ َّ
خ
َ َّ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َّ َ ُّ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ َّ َ َ ً َ َّ َ ْ َ َ َ َ
ا ا والزندق َّ اة؛ ول اكن اعند املح اق اقين امن أه ال التصو اف ليسوا امنهم :كالحال اج مثال؛ ف اإن أكثر م ا ا
اي ش
َع ْن الط ار ايق(.)56
وشنع شيخ اإلسالم على املعتزلة في منهجهم الغالي في العقل على حساب النقل ،ونسبهم بذلك الغلو إلى
َ َ َ ََ ُ َ َ ْ
رضة ال ُق ْرآن بمعقول أو اق َياس ف َهذا لم يكن يستحله أحد من السلف َواإ َّن َما ابتدع االبتداع ،قال رحمه هللا" :فأما معا
ُْ ْ َْ َ َ ُ ْ ُ َذلك ملا َظهرت ْال َج ْهمية واملعتزلة َو َن ْحوهم م َّمن بنوا ُ
سموه معقوال وردوا القرآن اإلي اه وقالوا اإذ أصول دينهم على َما ا ا ا
َ َ ُ ()57 َْ ُ ْ َ َ َ َ َ َّ َ َ ُ َ َ ُ َ َّ ْ َّ َ ْ َ
تعارض العقل والشرع اإما أن يفوض أو يتأول فهؤال اء من أعظم املجادلين افي آيات هللا ابغير سلطان أتاهم" .
ثانيا :تحقيقات الشاطبي حول أهل البدع :ال يرى الشاطبي حصر أهل البدع في طائفة معينة ،لكنه نبه-
رحمه هللا -على مآخذ في االستدالل من تلبس ببعضها أو كلها كان مبتدعا ،وفي ما يلي خالصتها (.)58
َ
الس َّن اة ُدون غيرهم. أص ااح ُب ُّ -1تكلفهم االستدالل َبأدلة السنة على خصوصيات مذاهبهم ،ودعوى َأنهم َ
-2يتبعون املتشابه ،ويسعون في تأويله بما يوافق أهواءهم.
َ ْ َ َُ َ َّ َ ُ َ َ َ ُ َ ْ َ ُ ْ ْ َ ُْ ْ َ س َن َظره ْم في َّ -3طلب األدلة لتصحيح األهواءَ ،ف َل ْي َ
الد ال ايل نظر املستب اص ار حتى يكون هواه تحت حك ام اه ،بل نظر اا ا
َ َ َّ
الد ال ايل كالش ااه اد ل ُه. َم ْن َح َك َم ب ْال َه َوىُ ،ث َّم َأتى ب َّ
ا ْ َ ُ ُ ْا ََ َ
َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َّ َ ُ َ َ ََ ُ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ
وب افيها على رسو ال الل اه صلى الله علي اه وسلم ،وال اتي ال -4اع اتماد َهم على األحاديث الو ااهي اة الض اعيف اة ،واملكذ ا
َّ ْ َ ً َ ً ُ َ َ ْ َ ْ ُ
يث ،وال ُيبنى عيها حكم ،وال تجعل أصال في التش ار ايع أبدا. َيق َبل َها أهل اصناع اة الح اد ا
ََْ ُّ
يث الصحيحة التي جاءت غير موافقة ألغراضهم ومذاهبهم ،بدعوى مخالفتها للمعقول ،وعدم َ -5ردهم الْلح ااد ا
َْ ََ َّ ََ ُ ْ َ َ
اب الق ْب ار( ،)59والصراط ( ،)60وامليزان(...)61إلخ. جريانها على مقتض ى الد ال ايل؛ كإنكار عذ ا
َّ ْ ْ
الس َّن اة ال َع َراب َّي ْي ان من غير تمكن من اعل ام ال َع َراب َّي اة الذي به يفهم َع ان الل اه
ْ ص ُهم َع َلى ْال َك َالم في ْال ُق ْرآن َو ُّ َ -6ت َخ ُّر ُ
ا ا ا
َ ْ ْ في َخ اال ُفو َن َّ
اس اخ َين افي ال اعل ام ،ثم أورد رحمه أمثلة من أخطائهم ،إلى أن قالَ :وك اث ًيرا َما ُيو اق ُع الر ا
َو َر ُس اول اهُ ،
الل ُه م َن ْال َج ْهل َو ْال َع َمل به ،ب َف ْ َ َ َ َّ َ َ ََ ْ ْ
ض ال اه. ا ا َا ا ا ا مخاز ال َي ْر َض ى اب َها َعا اقل ،أعاذنا ٍ ال َج ْه ُل ابكال ام ال َع َر اب افي
ُ ُ األصول ْال َواض َحة إلى ات َباع ْاملُ َت َشاب َهات والحال أنه َال ُي ْمك ُن أ ْ ُ ْ ُ
الفروع الجزئية تعارض ا ن ا ا ا ا ا ا ا -7ان اح َراف ُه ْم َع ان
الر ُج ُ ض ْت َع َم ًال َف ُّ التوقفَ ،وإن ْاق َت َ ُّ ً َ وع ْال ُج ْزئ َّي َة إ ْن َل ْم َت ْق َ ألن ْال ُف ُر َ الكلية؛ َّ َ ُ
وع ا ا ض َع َمال ،ف اه َي افي َم َح ال ا ت ا ا ل األصو َ
َ َ ً ََ ْ َْ َ َ األصول هو الصراط املستقيمُ ،وت َت َّأو ُل الجزئيات حتى َت ْرج َ ُ
س األمر َح َاو َل شططا، الكل َّيات ،فمن عك ا إلى ع ا إلى
ْ َ َ ً َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ َّ ْ ََ َ
ات َد اليال؟ أ ْو ُي ْب َنى َعل ْي َها ُحكم ام َن ُ َ ُّ
ودخ َل افي حك ام الذ ام؛ ألن ُمت اب َع املتشابهات َمذ ُموم ،فك ْيف ي ْعتد اباملتش ااب َه ا
َّ ُ
ً َ َ ُ ً َ َ َ َُ َ
س األمر ،ف َج ْعل َها َد اليال اب ْد َعة محدثة. ا األحكام؟ َواإذا ل ْم تك ْن َد اليال افي ن ْف
ْ َْ َُ َ ُ َ ْ َ َ ْ ً َ َ َ َّ َ ْ َ
ضا ،أو ُمخال َف ُت َها الل ُع ُقو ال. يح اة الل ُق ْر اآن الكريم ،أو منا اقضة بع اضها بع عوى مناقضة األحاديث الص اح َ -8د َ
َ َ ُ َ َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ ََْ الدل ُ َ َ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ َ
وه ًما أن اط ،فيص َرف عن ذ الك املناط إلى أمر آخ َر م ا يل على َمن ٍ اض اع َها؛ ابأن ي ارد ا -9تح اريف األ ادل اة عن مو ا
َ َ ْ ََ اط ْين َواحدَ ،و ُه َو عنده م ْن َّ َ ْ ََْ َ
اض اع اه ،ويضرب الشاطبي لذلك مثال بأن يقتض ي يف الك ال ام عن مو ا خفيات تح ار ا ا ا املن
ْ ُ ْ َ َ ً َ ْ َّ ُ َ َّ َ َ ْ َّ َ َ َ ُ ْ ً َ َّ َّ
والدعاء،
ا ات ،فيأتي اب اه املكلف افي الجمل اة أيضا؛ ك اذك ار الل اه، يل الش ْر اع ُّي أمرا افي الج ْمل اة له تعلق ابال اع َباد ا الد ال ُ
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()10 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
َّ َ ً
ف السل ا املستحبات ....فيكون الدليل عاضدا لعمله ام ْن اج َه َت ْي ان :ام ْن اج َه اة َم ْع َن ُاهَ ،و ام ْن اج َه اة َع َم ال َّ الن َوا اف ال َو َّ
َ َ َ َ َ ْ َّ َ ْ ُ َ َ َ َ ْ ُ َ َّ ُ
وص ٍة ،أو َز َم ٍان مخصوص ،أو مكان مخصوص، الص اال اح اب اه .ف اإ ْن أتى املكلف افي ذ الك األمر ابكي افي ٍة مخص َّ
ُ َ ً َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َّ ً َ ْ َ ْ َّ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ
صود ش ْر ًعا مق اارنا ال اعب ااد ٍة مخصوص ٍة ،والتزم ذ الك ابحيث صار متخيال أن الكي افية ،أو الزمان ،أو املكان مق
يل غير دال على ذ ال َك امل ْع َنى امل ْس َت َد ال َعل ْي اه ،وصارت من هذه الجهة
َ ُْ َْ َ الد ال ُ ان َّ يل َع َل ْيه؛ َك َ الد ال ُ م ْن َغ ْير َأن َي ُد َّل َّ
ا ا ا
يع اة َو ُهمُ الشر َ ْ ُ َّ َّ ً َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ َ َْ ً
بنظر الشاطبي بدعا محدثة؛ ألنه قد خالف اإطالق الد ال ايل أوال ،وخالف من كان أعرف امنه اب ا
َّ َّ َ ُ
الص اال ُح َر اض َي الل ُه عنهم ثانيا. ف َّ السل
ُ ْ ْ َ ْ َ َ ُ َ ْ َّ َّ
ود َوامل َر ُاد ،ومن األمثلة التي ذكرها ص ُ -11صرف الظ َواهر الش ْرع َّية إلى تأويالت ال ت ْعق ُل بدعوى أ َّن َها ه َي املق ُ
ا ا ا
َ ْ َ َ َ َ َ ُْ َ َ َ ْ ُ ْ َّ َّ ْ َّ َ َّ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ
فشاء اس ٍر اإليه قبل أن ينال رتبة يب ابإ ا ات :أن الجنابة مبادرة الد ااعي اللمست اج ا الشاطبي لهذا املنهج افي الشر اعي ا
ُ ْ ْ َ َ َ َْ ْ ُ ْ َ ْ ُ ْ َْ ََ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ ُ
الس ار افي إفشاء ا ا ااالس اتحق ااق .ومعنى الغس ال :تج اديد العه اد على من فعل ذ الك ،و ااالح اتالم :أن يس ابق السانه إلى
اعت َقاد ُكل َم ْذ َهب س َوى ُم َت َابعةَ الت َب ُّر ُؤ م َن ْ َغ ْير محله ،فعليه الغسل؛ َأي :تجديد املعاهدة ،والطهورُ :ه َو َّ
ا ٍ ا ا ا ا ا ا
َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ َّ َ َ َ ْ ن َ َ ْ ََ ُ َ ْ َ ا َ َّ َ ُّ ُ َ
ف اإلمساك عن كش ا الصيامُ :هو ا اإلم اام .و ا اإلم اام .والتيمم :األخذ امن املأذو إلى أن يسعد ابمش ُاهد اة الد ااعي و ُ ا ا
ْ َ ُ ْ َ َ ُ ُّ َّ ْ ََُ ْ ْ َ َ
يف ،وأمور اآل اخر اة ،وكله حوم اإللهية ،وأمور التك ال ا اإلفك كثير من األمور ا الس ار . ....إلى أن قال ولهم امن هذا ا ا
َّ ُ ْ ُ َ ُّ ُ َّ َ َّ َ َ ْ َ ْ َّ ْ َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َّ َ ُ ْ َ ً َ َ ْ ً ََ ْ َ
وإباحية ،من اكرون اللنبو اة والشرا ائ اع والحش ار ا على اإبط اال الش اريع اة جملة وتف اصيال ،اإذ هم ثن اوية وده ارية
َ ْ َ ُ َُ َ َّ ْ َ ْ َ َّ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ ُ ْ َ ُ
اط ان َّي اة. والنش ار والجن اة والن اار واملال ائك اة ،ب ْل ه ْم من اك ُرون ال ُّلرب اوب َّي اة ،وه ُم املس َّمون ابالب ا
َ ْ َ ُّ َ َ َّ َ َْ
اطل َم ْحضَ ،و اب ْد َعة َ
-11تع اظيم الشيوخ حتى ألحقوهم بمراتب فوقما يست احقونها ،ويصف الشاطبي هذا بأنه ب ا
ُْ َ َ ً َ َ ُ َ َ َ
ف ااحشة؛ ودليله على بدعية هذا القول أنه ال ُي ْم اك ُن أن َي ْبل َغ املتأخرون أبدا َم َب اال َغ امل َتق اد ام َين.
ََْ َ َ
ات ،وهو منهج وصفه الشاطبي -12ومن منهج أهل البدع عند الشاطبي احتجاج قوم افي أخذ األعمال باملن َام ا
ََ َ ََ ُُْ َ َ َ ْ ُ َ َ ً َ
اع َملوا كذاَ .و َي َّت اف ُق مثل هذا بالضعف ،فيقولون :رأينا فالنا الرجل الصالح في النوم ،فقال لنا :اتركوا كذا ،و
الن ْومَ ،ف َق َ الل ُه َع َل ْيه َو َس َّل َم في َّ َّ َّ َ َّ َّ َ ُ َّ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ الت َ للم َت َرسمين َبر ْسم َّ ً
ال الي ا ا ا ى ل ص ي
ْا ب الن يت أ ر ص ُّو اف ،وربما قال بعضهم: كثيرا ُ ا
يع اة ،يقول الشاطبي َو ُه َو الشر َ َّ
ي ف ة ض َ
وع ضا َعن ْال ُح ُدود املَ ْو ُ َك َذاَ ،وأمرني ب َك َذا؛ َف َي ْع َم ُل ب َهاَ ،و َي ْت ُر ُك ب َهاُ ،م ْعر ً
ا ا ا ا ا َا ا ا ا
ََ َ ُ َ َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ ً ََ ْ ُّ ْ َ ْ َ َ َ
نبياء ال يحكم ابها شرعا على ح ٍال ،اإال بأن تعرض على األحكام خطأ؛ ويعلل حكمه هذا بأن الرؤيا امن غي ار األ ا
َ ُ الش ْرع َّية ،فإن َس َّو َغ ْت َها ُعمل ب ُم ْق َت َ َّ
ض َاها ،اوإال َو َج َب ت ْرك َها واإلعراض عنها ،ويبين الشاطبي فائدتها حينئذ بأنها ا ا ا ا
ََ ُ َ اص ًةَ ،وأما ْ بشارة ونذارة َخ َّ
اس ات َف َادة األحكام منها فال.
يق يتسمون بالفقراءَ ،ي ْز ُع ُمو َن َأنهم َس َل ُكوا َطر َ َّ َ
-13ويختتم الشاطبي حديثه عن منهج أهل البدع َع ْن ق ْو ٍم
ا ا
َ َّ ْ ُ َ ويأخذون في الذ ْكر َ َ َّ ُّ َّ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ
ص الغناء والرق ا ا صوت َو ااح ٍد ،ث َّم افي ٍ الج ْهري َعلى ا ا ا ض الل َي االي، الصو افي اة ،فيجت امعون افي بع ا
وك ذ ال َك
َ ُُ الش ُي ْ َ ُّ َ
املتسمين ابال ُفق َه ااءَ ،يت َر َّس ُمون اب َر ْس ام
َ ْ َ ض ُر َم َع ُه ْم َب ْع ُ الل ْيلَ ،و َي ْح ُ َ َ َّ
وخ ال ُهد ااة إلى سل ا ا ا ض إلى آخر ا
َ َ َ َّ َّ َ َّ َّ َ َ َ ُْ َ َ َ ْ َ ُْ ْ َ َ َّ
صلى الل ُه َعل ْي اه َو َسل َمَ ،وط اريقة ات ،املخال َف اة لط اريقة َر ُسو ال الل اه الط ار ايق :فجزم بأن ذلك امن ال ابد اع املحدث ا
َ
أصحابه والتابعين لهم ابإحسان.
وفي ختام هذا املبحث الشيق الذي عقده الشاطبي لبيان مناهج املبتدعة في االستدالل يخلص إلى القول
َ َ ُ ْ َْ َ َْ َ ُ َ ْ ُ َ َ
ض ابط؛ ألنها َس َّيالة ال ت اقف اع ْن َد َح ٍد(.)62 بأن ط ُرق أهل ال اب َد اع افي ااالس اتدال ال ال تن
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()11 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
املبحث الثاني :بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي:
ُْ َ
ربما عد بعض الناس الكثير من املصالح امل ْر َسل اة اب َد ًعا ،لخلوها من قيد االعتبار ،وربما عد آخرون العديد
من البدع مصالح لخلوها من قيد اإللغاء ،فأشكل هذا األمر جدا ،فما هو رأي اإلمامين في هذه املسألة الشائكة؟
املسألة األولى :بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند شيخ اإلسالم ابن تيمية:
َ ُ َ ْ أوال .بين البدعة واملصلحة واملرسلة عند شيخ اإلسالم ابن تيميةْ :املَ َ
ص اال ُح املُ ْر َسلة عند ابن تيمية أن َي َرى
ْ
س افي الش ْر اع َما َي ْن افيه( ،)63واملصلحة بهذا املفهوم حكى رحمه هللا اف َيها
َّ ْاملُ ْج َته ُد أن ْال اف ْع َل َي ْج ال ُب َم ْن َف َع ًة َراج َح ًة؛ َو َل ْي َ
ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َّ ْ ا ا
ض ُه ْم ُي َقر ُب َإل ْيهاَ الرأ َي َو َب ْع ُ الخالف ،فذكر أن من الفقهاء من يسميها " املص االح املرسلة " و امنهم من يس اميها َ َُْ َ
ا
ا
ْ ْ َ َ ()64
ااالس اتحسان .
َّ ُ ْ ْ َُ َ َ ْ َُ َ َ ْ َ
وابن تيمية رحمه يتوخى االعتدال في االحتجاج باملصالح املرسلة ،فيرى أن ك اثيرا امن األمر ااء والعلم ااء والعب ااد
َّ ُ َ ُ ُ َ َ َ َ ً ََ َ َ َْ
ص ال (يعني اإلرسال في املصالح)َ ،وق ْد َيكون ام ْن َها َما ُه َو َم ْحظور افي الش ْر اعَ ،وفي املقابل األ ْ استعملوا مص االح ابناء على هذا
َ ُ َّ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َأ ْه َم َل كثير منهم َم َ
ات ،وحجة ات َو َمك ُروه ٍ ات أ ْو َوق َع في َم ْحظ َ
ور ٍ ا ات َو ُم ْستح َّب ٍ ص اال َح َي اج ُب اع ات َب ُارها ش ْر ًعا فف َّوت َو ااج َب ٍ
ُ الش ْر ُع َال ُي ْهم ُل ْاملَ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َّ األ َّول عند شيخ اإلسالم( ،وهو ْ َْ
ص اال َحَ ،و ُح َّجة ا املف ارط في االستدالل باملصالح) أن ه اذ اه مصلحة و ا
صا َوَال ق َي ً الش ْر ُع َن ًّ َّ َ َ َ َ الثاني(وهو َ َّ
اسا(.)65 ا املفرط) :أ َّن َهذا أ ْمر ل ْم َي ار ْد اب اه ا
َ َ ُ ْ ُ ْ َْ
ض املرسلة مرة من التقديرات العقلية فيقول :و اهي تش ابه امن بع ا وابن تيمية رحمه هللا يقرب املصلحة
الت ْح اس اين العق ال اي والرأ اي ونح او ذ الك ،ويحذر منها بقوله" :وهذه الطريقة فيها خطر َ َ ()66 ْ ْ َ ْ َ َّ ْ َ َ ْال ُو ُجوه َم ْس َأ َل ُة اال ْست ْح َسان َو َّ
ا ا ا ا
ْ َ َ ْ قُ ََ َ ُّ َّ َ َ ْ ُ ْ َ َْ ْ َ ()67
عظيم والغلط فيها كثير" ،ويقربها مرة أخرى من ذوق الصو افي اة ووجدهم واإلهاماتهم ،فيقول" :وق اريب امنها ذو
ْ
الصو اف َّي اة َو َو ْج ُد ُه ْم َواإل َه َام ُات ُه ْم" ،وال يخفاك أن هذا املنهج وربما أدى إلى التحلل من الشرع ،لذلك يقول رحمه هللا: ُّ
َّ َ َ َْ ُْ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ َْ َ
الد اين َما ل ْم َيأذ ْن اب اه الل ُه غ اال ًبا ،ولعل مرد تردده في القول بحجية املصالح والقول اباملص اال اح امل ْرسل اة يش َرع امن ا
املرسلة ،ما يلي:
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ ََ َّ ُّ َ ً َ ُ َ َ َ َّ َّ َ
الن ْع َمة ف َما ام ْن ش ْي ٍء ُيق ار ُب إلى الدين وأت َّم ا " -1أن الش اريعة لم ت ْه ام ُل مصلحة قط ب ْل إن الله تعالى قد أك َم َل لنا ا
َ َ ْ َ
َّ َ َ َّ ُّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ
ض ااء ل ْي ال َها ك َن َه اار َها ال َي از ُيغ َع ْن َها َب ْع َد ُه إال ال َج َّن اة إال َوق ْد َح َّدث َنا اب اه الن ابي صلى الله علي اه وسلم وتركنا على البي
َ َّ َ َ َ َْ ََ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َ ً َ ْ َ َ َّ َ
ان الش ْر ُع ل ْم َي ار ْد اب اه فأ َح ُد األ ْم َرْي ان ال ازم ل ُه َّإما أ َّن الش ْر َع َد َّل َعل ْي اه َه االك .ل اكن ما اعتقده العقل مصلحة واإن ك
ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ َ ْ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ ً
صل َحة. اظر ،أو أنه ليس ابمصلح اة واإن اعتقده م امن حيث لم يعلم هذا الن ا
َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ُّ ْ َ َ َ ُ نُ ُ َ ْ َ َّ الن ُ َ َّ َ -2كث ًيرا َما َي َت َو َّه ُم َّ
الد اين والدنيا ويكو اف ايه منفعة مرجوحة اباملضر اة كما قال تعالى افي اس أن الش ْي َء ينفع افي ا ا
اس منْ َّ ُ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ ْ
َ
اس واإث ُم ُه َما أكب ُر امن نف اع اه َما} .وك اثير ام َّما ابتدعه الن ُ ا الخم ار واملي اس ار{ :قل اف ايهما إثم ك ابير ومنا افع اللن ا
ْ َ
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()12 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
َّ ْ َ َ ْ ْ ُ ْ َ ُ ُ َ ْ َ َ ً َ ْ َ ْ َ ً َ َ األ ْع َمال م ْن ب َدع َأ ْهل ْال َك َالم َو َأ ْهل َّ
ْ ََ َ َْ
صل َحة نا اف ًعاص ُّو اف َوأ ْه ال الرأ اي وأه ال املل اك ح اسبوه منفعة أو م
الت َ
ا ا ا ا ا ا ا العقا ائ اد و
َ َ ًّ َ َ َ ً َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ()68
وحقا وصوابا ولم يكن كذ الك .
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()13 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()14 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
( )79ابن امللقن :تحفة املحتاج ،416 /8والرملي :نهاية املحتاج .274 /7
( )80انظر الشاطبي :االعتصام.)41 -35/3( ،
( )81املصدر نفسه.)43 -42/3( ،
( )82الحميري :شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم.)1449/3( ،
( )83الشاطبي :االعتصام.)44 -45 /3( ،
ْ َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ي َ َّ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ
( )84انظر الغزالي :املستصفى( ،ص )173 :قال رحمه هللا" :هذا هوس؛ األن ما ال يق ادر على التع اب اير عنه ال يد ار أنه وهم وخيال أو تح اقيق
َ َ َ َ َ ْ ْ ْ َ َّ ُ َ ُ َ ْ َ َ َّ َّ َ َ َ ُ َّ ْ ُ ُ
ص اح َح ُه األ ادلة أ ْو ت َزاي َف ُه ،أ َّما ال ُحك ُم اب َما ال َي ْد اري َما ُه َو ف ام ْن أ ٍي ُي ْعل ُم َج َو ُاز ُه....
يعة ل ُت َ
ور اه اليعت اب َر ابأ ادل اة الش ار ا ا
وال بد امن ظه ا
( )85البزدوي :كشف األسرار عن أصول عالء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري.) 7/4( ،
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()15 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
بمسألة ما عن نظائرها لدليل ال إشكال فيه ،ومتفق على ٍ يقتض ي العدول عن األول)( .)86وعلى هذا فإن الخروج
ُْ
وأما إذا كان لغير دليل بل ملجرد أن َي ْس َت ْح اس ُن ُه امل ْج َت اه ُد اب َع ْق ال اه، قبوله ،لكن قد ينازع البعض في إفراده بأصل مستقلَّ ،
ٍ
ُ َ َ َ َ
أ ْو َلد اليل َي ْنق اد ُح افي ن ْف اسه ت َع ُس ُر اع َب َارت ُه َع ْن ُه ،فهذا تحكم وهوى ،وال يبعد بهذا التكييف عن البدع.
واالستحسان له صور عديدة ،بحسب ما ألجله ُترك الدليل ،والدليل قد يكون قياسا فيترك لقياس أقوى
ً ً
منه مثل أن يوجد في املسألة وصفان يقتض ي كل وصف قياسا مباينا للقياس الذي اقتضاه الوصف اآلخر ،وأحدهما
ً
علته ظاهرة إال أن أثره ضعيف ،والثاني علته خفية إال أنه قوي األثر ،فيرجح املجتهد ما كان أثره قويا دون النظر إلى
ظهور العلة وخفائها ،مثاله عند األحناف سؤر سباع البهائم مع سؤر سباع الطير؛ فسباع الطير أشبهت سباع البهائم
في حرمة األكل عندهم ،والقياس الظاهر أن تلحق بها نجاسة سؤرها ،إال أن هذا الظهور يواجهه ضعفا في األثر؛ ألن
سؤر سباع البهائم إنما يتنجس الختالطه بلعابها ،وليس كذلك سؤر الطير التي تأخذ املاء بمنقارها ،واملنقار عظم
طاهر ،وال شك أن هذا األثر أقوى من األثر األول؛ ألنه يتعلق بالوصف الذي ينعقد به القياس ،وهو وجود النجاسة،
فترجح وإن كان أخفى منه (.)87
ومن صور االستحسان ترك القياس لْلثر ،مثل السلم واإلجارة ،فإن القياس يأبى جواز السلم؛ ألن محل
ُ
العقد معدوم حقيقة عند العقد ،والعقد ال ينعقد في غير محله ،إال أن القياس هنا ترك لْلثر املوجب للترخيص وهو
قوله ـ صلى هللا عليه وسلم ـ( :من أسلف في ش يء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)( ،)88وكذا القياس يأبى
ُ
جواز اإلجارة؛ ألن املعقود عليه ـ وهو املنفعة ـ معدوم في الحال ،إال أنه ترك لْلثر وهو قوله ـ صلى هللا عليه وسلم ـ:
ً
(ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطيه أجره)( .)89فالتوعد على عدم إعطاء األجير أجره دليل على صحة
العقد.
ومن صور االستحسان ترك القياس لإلجماع ،مثل االستصناع ،فإن القياس يقتض ي عدم جوازه؛ ألنه بيع
معدوم ،وال يجوز بيع ش يء إال بعد تعينه ،إال أن القياس ترك هذا القياس لإلجماع الثابت بتعامل األمة من غير نكير.
ويمثل له بتطهير الحياض واآلبار ،فإن القياس ينفي طهارة ومن صور االستحسان ترك القياس للضرورةُ :
هذه األشياء بعد تنجسها ،ألنه ال يمكن صب املاء على الحوض أو البئر ليتطهر ،ألن املاء الداخل في الحوض ،أو الذي
ً
ينبع من البئر يتنجس بمالقاة النجاسة ،والدلو تتنجس أيضا بمالقاة املاء ،فال تزال تعود وهي نجسة ،إال أنهم
استحسنوا ترك العمل بالقياس للضرورة املوجبة إلى ذلك لعامة الناس ،وللضرورة أثر في سقوط الخطاب(.)90
األيمان إلى العرف. ومن صور االستحسان ترك الدليل للعرف ،كرد ْ
ومن صوره ترك الدليل للمصلحة ،كتضمين األجير املشترك.
ومن صوره ترك الدليل لرفع املشقة وإيثار التوسعة عل الخلق ،كإجازة التفاضل اليسير في املراطلة الكثيرة،
وإجازة بيع وصرف في اليسير(.)91
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()16 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
وعلى هذا فإن االستحسان إما أن يكون من باب الترجيح والعمل بأقوى الدليلين ،مثل ترجيح السنة أو
اإلجماع ،أو املصلحة املرسلة على القياس ،أو من باب إعمال القاعدة الكلية ،أو من باب تخصيص العموم
ً
باملصلحة...فإذا كان هذا معناه فليس بخارج عن األدلة ،ألن األدلة يقيد بعضها بعضا ،ويخصص بعضها بعضا ،وأين
من هذا البدع التي ال دليل عليها.
املبحث الثالث :مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند اإلمامين.
املطلب األول :مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند ابن تيمية
َْ َّ َ َ .1تفاوت البدع عند ابن تيميةَ :و َر َد َّ
الن ْه ُي َع ْن البدع على وجه واحد ،و ان ْس َب ٍة واحدة ،وهي الضالل اة افي قوال اه –
َ
ْ َ ََ َ ُ َ ْ ََ
ضاللة ،ولكن يقول :النووي- ات األمور؛ افإن كل محدثة بدعة ،وكل ابدع ٍة صلى هللا عليه وسلم :-ا"إياكم و ُمحدث ا
َ َ َّ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ
ومة(.)92 اطلة وال ابدع املذم يث تخ اصيص ،وأن املراد اب اه املحدثات الب ا رحمه هللا -و افي هذا الح اد ا
َ َ ْ َ
وعلى هذا فالبدع ليست في رتبة واحدة ،وال على نسبة واحدة ،يقول شيخ اإلسالم(َ :و ام َّما َين َب اغي أ ْن ُي ْع َرف أ َّن
صو ٍل الس َّن َة في ُأ ُ ف ُّ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُن َ ْ َ َ َ ََ َ ََْ
الد اين َوالكال ام :على د َر َج ٍ ُ ُ ف ْاملُ ْن َتس َب َة إلى َم ْت ُب َ َّ َ َ
ا ات امنهم من يكو قد خال وعين افي أصو ال ا ا ا الطوا ائ
َ ُ َ ُّ َّ َ َ َ َّ َ ُ ُ
ور َد اقيق ٍة(.)93 ُ
ع اظيم ٍة و امنهم من يكون إنما خالف السنة افي أم ٍ
َ َ َ ُْ ْ َ ْ َ
ً
.2نسبية حكم البدع عند ابن تيمية :يقول رحمه هللا" :فإن البدعة لو كانت باطال محضا لظهرت وبانت ،وما
ً ً ُ
قبلت ،ولو كانت حقا محضا ،ال شوب فيه ،لكانت موافقة للسنة ،فإن السنة ال تناقض حقا محضا ال باطل
()94
فيه ،ولكن البدعة تشتمل علي حق وباطل"
.3انقسام البدع إلى حسنة وغير حسنة عند ابن تيمية :يقول رحمه( :ومن قال في بعض البدع إنها بدعة حسنة
فإنما ذلك إذا قام دليل شرعي على أنها مستحبة ،فأما ما ليس بمستحب وال واجب فال يقول أحد من املسلمين
إنها من الحسنات التي يتقرب بها إلى هللا ،ومن تقرب إلى هللا بما ليس من الحسنات املأمور بها أمر إيجاب وال
استحباب فهو ضال متبع للشيطان ،وسبيله من سبيل الشيطان.)95( ) .
فقد رد األمر إلى الدليل ،وإذا قام الدليل امتنع أن تسمى بدعة أصال ،ألن البدعة عنده ما ال أصل له من
الشرع كما تقدم. .
.4انقسام البدعة إلى قولية واعتقادية عند ابن تيمية :البدعة عند ابن تيمية نوعان( :نوع في األقوال
َْْ َ َ ْ
واالعتقادات ،ونوع في األفعال والعبادات) ،وهذا ما نص عليه صراحة بقوله"َ :وال اب َد ُع ن ْو َع اان :ن ْوع افي األق َو اال
َّ َ َ َْ َْ الثاني َي َت َ َ َ َ َّ َ ْ َ َْْ ََ َ ْ َ َ
ض َّم ُن األ َّو َل ،ك َما أ َّن األ َّو َل َي ْد ُعو إلى الثا اني(.)96 ات ،وهذا ا ات ،ون ْوع افي األف َع اال وال اع َباد ا و ااالع اتقاد ا
ثم يجعل النوع األول شأن طوائف من أهل العلم ،والثاني شأن طوائف من أهل العبادة ،قال رحمه هللا:
َْ ْ اف َع َل ْيه ْم َإذا َل ْم َي ْع َتص ُموا ب ْال اك َتاب َو ُّ ْ ْ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ ُْ َ
الس َّن اة ام ْن ال اق ْس ام األ َّو ال. ا ا ا ا "فامل ْنت اس ُبون إلى ال اعل ام والنظ ار وما يتبع ذ الك يخ
َّ ْ اف َع َل ْيه ْم َإذا َل ْم َي ْع َتص ُموا ب ْال اك َتاب َو ُّ َ ْ ُ ْ َ ُ َن ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ُ
الس َّن اة ام ْن ال اق ْس ام الثا اني". ا ا ا ا اإلراد اة وما يتبع ذ الك يخ واملنت اسبو إلى ال اعباد اة والنظ ار و ا
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()17 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ
{اه ادنا صال ٍة: ثم يرد نوعي البدعتين إلى التشبه باليهود والنصارى حيث يقول" :أمرنا الله أن نقول افي ك ال
الضال َين} [الفاتحةَ .... ،]7 -6 :م ْن َف َس َد منْ ضوب َع َل ْيه ْم َوال َّ ين َأ ْن َع ْم َت َع َل ْيه ْم َغ ْير ْاملَ ْغ ُ
اط َّالذ ََ َ ُْ ْ َ َ َ َ
الصراط املست اقيم اصر
ا ا ا ا ا ا ا ا
َّ َ َ ()97 ْ َ َ َ َ ْ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ َّ َ ْ َُ َ َ
ود ،ومن فسد امن العب ااد ف اف ايه شبه امن النصارى . العلم ااء ف اف ايه شبه امن اليه ا
.5حكم املبتدعة عند ابن تيمية :وابن تيمية إذ يحكم ببدعية بعض الفرق ال يكفرهم ،يقول رحمه هللا:
والخوارج املارقون الذين أمر النبي صلى هللا عليه وسلم بقتالهم قاتلهم أمير املؤمنين علي ابن أبي طالب ،واتفق
على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي
وقاص وغيرهما من الصحابة ،بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم ،ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام
وأغاروا على أموال املسلمين ،فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم ال ألنهم كفار .ولهذا لم يسب حريمهم ولم يغنم
أموالهم) (.)98
َ َّ َ ْ َ َ ْ ً َ
ضا أ ْن ويرى رحمه هللا أن أهل البدع ليسوا على درجة واحدة من االبتداع ،حيث يقول" :و امما ينب اغي أي
ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ َ َ ُّ َّ َ ََ َ ََْ ف ْاملُ ْن َتس َب َة إلى َم ْت ُب َ ُ ُ ُ ْ َ َ َ َّ َّ َ َ
ات امنهم من يكون قد خالف السنة افي الد اين َوالكال ام :على د َر َج ٍ وعين افي أصو ال ا ا ا يعرف أن الطوا ائ
َ َ ()99 ُ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ َّ َ َ َ َ ُّ َّ َ ُ
ور د اقيق ٍة . أصو ٍل ع اظيم ٍة و امنهم من يكون إنما خالف السنة افي أم ٍ
.6تحذير ابن تيمية من البدع :وقد حذر شيخ اإلسالم من البدع ،وبين أنها شر من املعصيــة ،قال رحمه هللا:
اب ا ا الث ْور ُّيْ :الب ْد َع ُة َأ َح ُّب إلى ْإب ال َ
يس ام ْن ْاملَ ْعص َي اة؛ َفإ َّن ْاملَ ْعص َي َة ُي َت ُ َ ْ ْ َ ُ َ ٌّ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ُ َّ
وال ابدعة شر امن املع اصي اة كما قال سفيان
ا ا ا
اب ام ْن َها( ،)100ثم بين رحمه هللا وجه فسادها من وجهين: ام ْن َها َو ْالب ْد َع َة َال ُي َت ُ
ا
األول :أن البدع مفسدة للقلوب ،فهي أشبه ما تكون بالطعام الخبيث ،وفي هذا املعنى يقول( :الشرائع أغذية
القلوب ،فمتى اغتذت القلوب بالبدع لم يبق فيها فضل للسنن ،فتكون بمنزلة من اغتذى بالطعام الخبيث(.)101
الثاني :أن البدع تقود أصحابها إلى االعتقادات الباطلة واألعمال الفاسدة املخرجة من الشريعة ،وفي هذا
ُ ْ ُ ْ َ َ َ ُّ ْ ُ ْ ()102 َ ْ
املعنى يقول :رحمه هللا :ف اإ َّن ال اب َد َع اه َي(َ :م َب اادئ الكف ار ومظان الكف ار)
املطلب الثاني :مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند الشاطبي:
عرض للشاطبي -رحمه هللا إشكال في تفاوت البدع ،وقد ضعف انقسام البدع بحسب األحكام الخمسة ،فال
َ َ ُ َ
ُيتصور عنده بدعة واجبة وال مندوبة وال مباحة يقول رحمه هللا( :ث َب َت في األصول أن األحكام الشرعية خمسة ،يخرج
الث َال َث ُة (َ ،)103ف َي ْب َقى ُح ْك ُم ْال َك َراه َية َو ُح ْك ُم َّ
الت ْح ار ايم(.)104
َ ْ َ َّ
عنها
ا ا
إال أنه أورد على نفسه اعتراضا خالصته أن حكمه صلى هللا عليه على ضاللة كل البدع يقتض ي أنها على
()105
حكم واحد ،ثم شرع -رحمه هللا -في الجواب على ذلك من ثالثة أوجه:
َْ ْ ْ َّ َ
النظر يقتض ي ان اق َس َام ال اب َد اع إلى ُم َح َّر َمة ،ومكروهة ،لدخولها تحت جنس املنهيات.
َّ َ ُ الوجه األول :أن
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()18 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()19 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
( )112البخاري الجامع الصحيح البخاري ( ،)41 /5حديث رقم ،3834 :وانظر الشاطبي :االعتصام.)181 -383 /2( ،
( )113املباركفوري :مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح.)364 /8( ،
( )114الشاطبي :االعتصام.)386 -381 /2( ،
( )115املصدر السابق.)388 -387 /2( :
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()20 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
ََ َ
ص اغ َيرة ،اوإلى َما ُه َو ك اب َيرة ـ ،فكذ ال َك
َ الش ْرع إلى َما ُه َو َ َّ
ي ف م املح َّرم َي ْن َقس ُ تفاوت البدع بنظر الشاطبي :كما َأن َ
ا ا ا
َ ْ َُْ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ً َ الصغ َيرة َو ْال َكب َيرة ْ يرى الشاطبي أن ْالب َدع ْاملُ َح َّر َم اة َت ْن َقس ُم إلى َّ
اع اتبارا ابتفاو ات درج ااتها ،ويرى أن أقرب وج ٍه يلتمس الهذا ا ا ا ا ا َْ َْ َ ْ َ ا ا
الن ْس ُلَ ،و ْال َع ْقلُ، ُ َ َّ ْ ُ َ َّ ُ َّ َ ُْ
الدين ،والنفس ،و َ َ
ات املعتبر اة افي ك ال املة ،و اهي :ا َ َ ْ َّ ُ
اإلخالل ابالضرو اري ا
َّ
ا املطل اب أن الك َبا ائ َر ُم ْنح اصرة افي
َ َ
ات َف ُه َو كبيرة ،وما ال ،فهي َ َّ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َو ْاملَ ُ َ َ َ
ص اغ َيرة(.)116 ال ،كذ الك يقول افي ك َبا ائ َر ال ابدعَ :ما أخ َّل امن َها بأصل امن ه اذ اه الض ُرو ارَّي ا
بالع اظيم ،ويرى أنه َي ْع ُسر التخلص منه، الص َغائر في البدع يصفه َ
ا ا ثم يورد على نفسه إشكاال افي اإثبات َّ ا
َ ً َ َ َ َ ً ْ َ
صال ،اوإما ف ْر ًعا ،اوإذا ك َان ْت كذلك ف اه َي اإذا اإخالل َبأول الد اين ،اإما أ اإلخالل اب ا ا ملخصه أن َج ام َيع ال اب َد اع َر ااج َعة إلى
َ َُ َ ْ َ ََْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َُ
س ذ ال َك ُبمخ ار ٍج ل َها َع ْن أن تكون كبيرة ،هذا الد اين فلي اإلخالل اب ا الدين ،وهي اوإن تفاوتت مرا اتبها افي ا
ُ الض ُرورَّي ا َ ُ َ
ات ،وهو ا ا
َّ
هو اإلشكال الذي أورده ثم شرع في اإلجابة عنه( ،)117وملخص ما قاله أن النظر النافي لوجود صغائر في البدع معارض
نظر آخر يثبت العكس ،وبيانه من أوجه:
ْ َ ْ َ ً َ َ ُ
س ك اب َيرة ابال اإشكال ،ول اكن َها على َم َرا ات َب ،أدناها ال يس َّمى ك اب َيرة ،فالقت ُل
َ َ َ َ َّ َ َ َ َ
فْ الن َّ ة رض ُرو َ َأحدها :أن اإلخالل ب َ
ا ا ا ا
َ َ َْ َ َ َ ُ ََ َُ ْ ُ ْ ْ َ ََ ْ َ َ
َ َّ
عضاء امن غي ار اإجهاز كبيرة دونها ،وقطع عض ٍو واحد فقط ك ابيرة دونها ،وهلم جرا إلى أن تنت اهي إلى ك اب َيرة ،وقط ُع األ ا
َ َ
ال افي َمث ال اه ك اب َيرة. ص َّو ُرَ ،ف َال َيص ُّح َأن ُي َق َ الل ْط َمةُ ،ث َّم إلى َأقل َخ ْدش ُي َت َ
ا
َّ
ا ٍ
َ َ َ ْ َّ
َوالثا ِني :أن ال اب َد َع ت ْنق اس ُم إلى قسمين:
َ ْ الت ْقبيح ْال َع ْقلي َينَ ،وب ْد َعة إنكار السنة ْاقت َ -1ما يخل بكلي شرعيَ ،كب ْد َعة َّ
ص ًارا َعلى ال ُق ْر اآنَ ،و اب ْد َع اة ا ا ا ا اا ا
الت ْحسين َو َّ
ا ا ا ا
َّ َ ُ نَ ُ َّ َ َ َ ْ َ َ ا َ َ َ ْ َ َّ َ َ ُ ُّ َ ْ ً ْ ُ ْال َخ َوارج في َق ْوله ْمَ :ال ُح ْك َ
وع الش اريع اة دو ا ر ف ن م ا ا ع ر ف ص خ ت ال ي تا ال ع ا د با ال ن م ا ك ل ا ذ ه ب ش أ ا م و ، ه
ا ل ل ا ال إا م اا اا ا
َ
ف ْر ٍع.
األذان واإلقامة في ْالع َ ْ ْ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ
يد ْي ان، ا ا -2ما يخل بجزئي ال ت َت َع َّدى اف ايه ال ابدعة محلها ،وال تنت اظم تحتها غيرها ،ك ابدع اة
َ َ َ َّ َ َ
الر ْجل ْي انَ ،و َما أشبه ذ ال َك. ا الصال اة َعلى َو اب ْد َع اة ااال ْع ات َم ااد افي
ْ َّ ْ َ َ َْ َ َ ْ
فال اق ْس ُم األول عده رحمه هللا ام َن الك َبا ائ ار ،والقسم الثاني ،رآه ام ْن ق اب ايل الل َمم امل ْر ُج او اف ايه ال َع ْف ُو.
َ
اص ي َون ْوع َ َ َ َّ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ ََ َ ْ َ ُ َّ ُ َ ْ َ َ
اص َي قد ثبت ان اقسام َها إلى صغا ائ ار وكبا ائ ار ،وال شك أن ال ابدع امن جمل اة املع ا الوجه الث ِالث :أن املع ا
َ َ َ َّ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ ً َ َ ُ َ ُّ َ َ َ ْ م ْن َأنواعهاَ ،ف ْاق َت َض ى إطالق َّ
ص؛ ألن ذ ال َك تخ اصيص ام ْن غ ْي ار ُمخ اصص(.)118 الت ْق اس ايم أن ال ابدع تنق اسم أيضا ،وال تخ ا ا
يناقض هذا ما ذكره آنفا من فرقين بين البدع واملعاص ي خالصته:
وها ك َما َي ْع َت اق ُد
َ وه َمك ُر ً ْ الله َأقرب ،وأنه َي ْع َتق ُد املك ُر َ
ْ َ ْ َ َّ ْ َّ َ -1أن ُم ْرَتك َب ْاملَ ْك ُر َّ ً َ َ ْ َ ْ َ َ
ا وه متكال على العف او ،ف ُهو إلى الط َم اع افي َرح َم اة ا ا ا
َُُْ َ ََ ُُ ََُ َُْ ُ َ َ َ َ َّ ُ َْ َ ْ
ال َح َر َام حراما اوإن ارتكبه ،اوإذا تذكر انكسر قلبه...إلى أن قال...:فأين مع هذا خوفه أو رجاؤه ،وهو يزعم أن َ َ َ ً َ َ
َ َ ً َ َ َ
ط اريق ُه أهدى َس ابيالَ ،و ان ْحل َت ُه أولى اب ااال ات َب ااع؟ ،وهذا ما انتبه إليه الشاطبي فذكره في شكل اعتراض محتمل من
َ ُ َ َّ َّ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ
ص َب امل ْب َت اد ُع ن ْف َس ُه مستدركا املخالف ،مفاده أن يقول املعترض بأن البدع مضادة اللش اار اع ومراغمة له حيث ن
ُ َ َّ َ َ َ
يع اة ،ال مكتفيا اب َما ُح َّد ل ُه ،فال فرق حينئذ َب ْي َن اب ْد َع ٍة ُج ْزائ َّي ٍةَ ،و اب َد َع ٍة ك ال َّي ٍة ،ويجيب الشاطبي عن هذا َعلى الش ار
َ ُ َ َّ ْ َّ َ
باإلضافة إلى ُم َج َاوز اة ُح ُد اود الل اه ابالتش ار ايع ،اإال أنها اوإن َعظ َم ْت املا بدعة كبيرة ا ٍ االعتراض بالتسليم بأن كل
ض َها َأشد ع َقاباً اعت َبار َأن َب ْع َ ض َها إلى َب ْعض َت َف َاو َت ْت ُرَت ُبهاَ ،ف َي ُكو ُن م ْن َها ص َغار َوك َبار ،إما ب ْ َذ َك ْرَن ُاه ،فإذا ُنس َب َب ْع ُ
ا ا ا ا ا ا ا ا ٍ ا ا
َ ْ َ َ ْ َّ َ ُ َ َ َْْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َْ ُْ ْ َْ
اض ال واألفضل ،االن اقس اام وب افي املفسد اة ،فكما انقسم ات الطاعة إلى الف ا ض ،اوإما اباع اتب اار فو ات املطل ا امن بع ٍ
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()21 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
َ
واأل ْر َذل ،والص َغر والك َبر ،م ْن َ َ
واألكملْ ،ان َق َس َمت ْالب َد ُع ال ْنق َسام َم َفاسد َ َْ َم َ
اب
ا ب ا ا ا ا ا ا لا ذا َّ
الر إلى ا ه ا ا ا ا ا ا ا ص اال اح َها إلى الك اام ال
واإلضافات(.)119 َ
النس اب ا ا
فخالصة القول عند الشاطبي أن البدع كلها كبائر بالنظر إلى سائر املعاص ي ،فإذا أضيف بعضها إلى بعض
صار بعضها أشنع من بعض ،وصار الشنيع بالنظر إلى األشنع كأنه صغيرة.
زئية: وج َّ انقسام مالب َد َع عند الشاطبي إلى ُكل َّي ٌة ُ
ِ ِ
ُ ُ ْ َ َّ ُ ُ ُ َ ْ َ َ
وع، وع الش اريع اة ،ومنها ما هو جزئي واقع افي الفر ا البدع عند َالشاطبي منها ما هو كلي ال ينح اصر في فرع من فر ا
الضاللَ :ك َما َال َي َت َح َّققُ صف َّ الض ْرب الثاني م َن ْالب َدع تحت الوعيد بالنار وإن دخل تحت َو ْ َوَال َي َت َح َّق ُق ُد ُخو ُل َهذا َّ
ا ا ا ا ا ا
ْ السر َقةَ ،ف َع َلى َه َذا :إذا ْ َ َ َ ً َ ْ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ َُ َ َ
اج َت َم َع افي ال اب ْد َع اة ا يف ابح َّب ٍة ،اوإن كان د ااخال تحت وص اف َّ ا ا
َ
ذ الك افي س ارق اة لق ْي َم ٍة ،أو التط اف ا
ً ََ َ َ َ َُ َ َ ً َ ُ ْ ً َ َ
ص اغ َيرة ،امثال ُه :مسألة َم ْن نذ َر أن يصوم قائما ال ص َّح عند الشاطبي أن تكون بالتأويل؛ َ ص َف اان :ك ْو ُن َها ُج ْزائ َّيةَ ،وك ْو ُن َها َو ْ
َ َ َّ َ َ َّ ُ َ َّ ْ َ َ َ َ ًْ وضاحيا ال َي ْس َتظ ُّلَ ،و َم ْن َّ َ َ َ ْ ً
الن َس ااء ،أو األكل حرم على نف اس اه شيئا ام َّما أحل الله؛ امن النو ام ،أو ل اذ ايذ الطع اام ،أو ا ا يجلس،
َْ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ ً َ َ ْ َ ُ ُ َ َّ ً َ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ َّ َ َ ْ ُ ْ َّ َ َّ َ َ َ َ
ابالنه اار ،وما أشبه ذلك ،غير أن الك الية والجزائية عند الشاطبي قد تكون ظ ااهرة ،وقد تكون خ افية ،كما أن التأويل قد
ُ َ ُ َّ َ َ َ َ َ َ ْ َُ ُ َََ ُ َُ ُ ْ
النظ ُر فيه إلى االجتهاد(.)120 اإلشكال افي ك اث ٍير ام ْن األ ْم اثل اة ،ويرى الشاطبي أن يوكل يق ارب مأخذه وقد يب اعد ،فيقع ا
شروط انقسام البدعة إلى صغيرة وكبيرة عند الشاطبي :انتهى الشاطبي إلى أن البدع منها صغائر ومنها
كبائر ،ولكن ال تنقسم عنده هذا االنقسام إال بشروط(:)121
ْ َ َ ْ َ َ َ َ ََْ َ َ َ ُ َ َ َ
ص اغ َيرة َم َع َُْ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ََ َ
النسب اة املن داوم عليها؛ الذ الك قالوا" :ال اص ي تكب ُر اب ا أحدها :أن ال يد ااوم عل ْيها ،افإن الص اغ َيرة امن املع ا
َ َ ْ ْ َ َْ َ َ َ َ َ َ َ ْ ْ َ (َ ْ َ ْ ُ َ ْ ْ َ َ َ َ )122
اص َي ام ْن شأنها افي ال َوا اق اع أنها ق ْد ُي اص ُّر اإصرار ،وال ك اب َيرة مع اس اتغف ٍار" ،فكذ الك ال ابدعة امن غي ار ف ْر ٍق ،اإال أن املع ا
ْ ْ َ َ َ َ َ
َعل ْي َهاَ ،وق ْد ال ُي اص ُّر َعل ْي َها ،اب اخال اف ال اب ْد َع اة افإن شأنها في الواقع املداومة عليها ،وساق لذلك أدلة من االعتبار والنقل.
باإلضافة ،ث َّم َي ْد ُعو مبتدعها إلى
ُ ْ ْ َ َ َ ْ َُ ُ َ ًَ َ َ َْ َُ َ َّ م ُ َّ
والشرط الثا ِني :أن ال يدعو املبتدع إلى بدعته ،افإن ال ابدعة قد تكون ص اغيرة ا
َ ُ َ َ ُ ُ
القول بها ،والعمل بمقتضاها ،ف َيكون اإثم ذ ال َك ك ال اه َعل ْيه.
َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ ُ َ ُّ َ ُ ْ الثال ُثَ :أن َال ُت ْف َع ُل في ْاملَ َواضع َّالتي ه َي ُم ْج َت َم َع ُ َ َّ ُ َّ
السن ُنَ ،وتظ َه ُر اضع ال اتي تقام افيها اس ،أو املو ا ا
ات َّ
الن ا ا ا ا ا والش مرط ِ
َ َّ َّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َْ ُْ ْ َ َّ َ َ َ
شياء على ات ام َّمن ُيقتدى اب اه ،أو ممن ُيح َّسن اب اه الظن؛ فذ الك امن أضر األ ا يع اة؛ فأما اإظهارها افي املجت َم َع ا اف َيها أعالم الش ار
اإلسالم. سنة ا
َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َُ ََ َْ َ َ ًَ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َّ َ
ص اغ َرها وال ي ْستح اق ُرها ،اوإن فرضناها ص اغيرة ،افإن ذ الك اس اتهانة ابها ،و ااالس اتهانة الرابع :أن ال ي ْست ْ َّ
َ والشرط ِ
م
ص اغير.ان َذل َك َس َب ًبا لع َظم َما ُه َو َ َ َّ ْ َ َ َ َّ ْ
ا ا ا ابالذن اب أعظم امن الذن اب ،فك ا
ص َار ْت ف َش ْرط م ْن َها َأو َأكثر؛ َ َ َ َّ َ ُ َ ً
ص اغ َيرة ،افإن تخل
َ َُ َ
اك ُي ْر َجى أن تكون صغيرتها وط؛ فإ ْذ َذ َ ُّ ُ ُ
صل ْت َه اذ اه الشر
َ َ َّ َ
افإذا تح
ا ا
َ َ َ َ َ ًَ َ ً َ
ك اب َيرة ،أو اخيف أن ت اصير ك ابيرة.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()22 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
يستصغر أو يستعظم؟
َّ َ م ُ َ ُ
هل االبتداع بنظر الشاطبي يدخل ِفي األمور العادية أم يختص باألمور ال ِعب ِادي ِة؟ :ال يرى الشاطبي إشكاال
ُ ْ َ ُ ْ
في دخول االبتداع في األمور العباديةَ ،وأما ال َع ااد َّية فيرى أن النظر يقتض ي ُوقوع ال اخال اف اف َيها وعليه مال قوم إلى
شمول البدع للعادات كما العبادات ،ومال آخرون إلى اختصاص البدع بالعبادات ،ثم شرع في عرض أدلة
()123
الفريقين
استدل من يرى شمول البدع للعادات باآلتي:
َ َّ َ َّ َ ْ َ َّ َ ْ َ ُ ْ َ ُ
اض ال ،والسل اف الصالح. .1أنها امن األمور ال اتي لم تكن افي الزم ان الف ا
َّ ْ َ َ ْ َ
ات؛ ف اكال ُه َما َمش ُروع ام ْن اق َب ال الش اار اع. .2ال فرق في وقوع االبتداع بين العبادات وال َعاد ا
َّ َ ً الش ْر َع أخبر عن أشياء ليست من العبادات َت ُكو ُن في آخر َّ َّ َ
الز َم اان خ اار َجة َع ْن ُسن ات اه ،مثل قوله صلى هللا عليه ا ا ا .3أن
َ َ ُ َ َّ َ َ َ َ ُ َ ْ ََ ً ُ ً ُ َ
ال" :أدوا اإليهم َح َّق ُه ْم، وسلم :ا"إنكم َست َر ْو َن َب ْع ادي أث َرة وأمورا ت ْن اك ُر َون َها" ،قالوا :ف َما تأمرنا يا رسول الل اه؟ ق
الل َه َّ َ َ ُ َّ
حقكم"(.)124 وسلوا
َ َ ُ َ ْ ُ َ
قال :وال اذين ذهبوا إلى أنه مخت ٌّ ُ َ َ َ َّ َ
معاص افيٍ ص بالعبادات ال يس المون جميع ما ذكره األولون ويرون أنها
َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ُ ْ َ َ َ َْ َ ْ َ َ َْ ُُ ْال ُج ْم َل اةَ ،و ُم َخ َال َفات ال ْل َم ْش ُ
العلماء ،وغي ار ذ الك ،واملباح امنها كاملن ااخ ال افإنما ا وع ،كاملكوسَ ،واملظ اال امَ ،وت ْق اد ايم ال ُج َّه اال َعلى ا ر
َ َ َ ُْ ْ َ َ مكروها َف َو ْج ُه ْال َك َراه َية َك ْو ُن َها ُع َّ ً َ ُ إباحته ب َدليل َش ْرعيَ ،ف َال ْابت َد َ
ات؛ اإذ في األثر" :أول ا ث د ح امل ن م ا ت د ا ا ض ر ف
ا ا ا ا ن وإ ، يه ف اع ا ا ٍ ا ا ٍ
الل ْفظ َم ْن َأخذ به ،وظاهر َأن َذل َك منْ َّ َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ ُ (َ َ َ َ َ )125 ُ َ َ ْ َ اَ ُ
ا ا اا ا ما أحدث بعد رسو ال الل اه صلى الله علي اه وسلم املن ااخل" ،فأخذ ابظ ااه ار
َ َ َ َ ْ َ ُْ
ات اب َد َعة ،فل َي ُعدوا ج اميع ما لم يكن
ْ َ ً ْ َ ْ َ ُّ ُ َ ْ َ َ ْ َّ َ َن ااح َي اة َّ
الس َرف والتن ُّعم ،ال امن اج َه اة أنه ابدعة ،ولو عدوا ك َّل ُمحد اث من ال َعاد ا
ً َ َ َ َّ َ َّ َ َْ ََْ َ َْ َ َْ َ ْ َ َْ
الن اازل اة ال اتي ال َع ْه َد اب َها افي ا َّلز َم اان األول اب َدعا ،ن َع ْم ال ُب َّد ام َن س َوالكال ام َوامل َسا ائ ال اف ايهم امن امل اآك ال واملش اار اب واملال اب ا
الش ْر اع َّي اةَ ،و ْال َق َوا انين ْال َجارَي اة َع َلى ُم ْق َت َض ى ْال اك َتاب َو ُّ َّ َ ْ ُْ ْ ْ ُْ َ َ
الس َّن اة. ا ا ا امل َحافظ اة افي ال َع َوا ائ اد املخ َت ال َف اة َعلى ال ُح ُد اود
ُ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َّ َ
النظ َرْي انَ ،و ُه َو ما ث َب َت افي األصول الش ْر اع َّي اة أنه ال ُب َّد افي ك ال والذي يراه الشاطبي صوابا ط اريقة تجمع شتات
ُ ُ ْ َ ُ ْ َ ْ َ التعبد؛ َألن َما َل ْم ُي ْع َق ْل َم ْع َن ُاه َع َلى َّ
الت ْ
بالتعبديَ ،وماَُّ َ
املنهي عنه ف ُهو امل َراد َ
ا و أ ، ه
ا ب
ا مور املأ ن م
ا يل
ا صا ف شائبة ُّ ا َع ااد ٍي ام ْن
ْ َ ُْ َ ُ َ
وع ارفت مصلحته أو مفسدته على التفصيل ف ُه َو امل َر ُاد ابال َع ااد اي وإن كانت ال يخلو من نظر تعبدي ،افإن ُع اق َل معناه
ُ األمور ْال َعاد َّية م ْن الوجه التعبدي فيها َ ُ جاء اال ْبت َد ُ
ص َّح عنده ُدخو ُل االبتداع افيه جهة ما فيها من ملحظ تعبدي، ا ا ا اع افي َ ا ا
( )123انظر بسط الشاطبي ألدلة الفريقين االعتصام.)431 -416 /2( :
( )124البخاري :الجامع الصحيح ،حديث رقم.)47 /9( ،7152 :
الُ :ق ْل ُت ل َس ْهل ْبن َس ْع ٍدَ :ه ْل َك َانت ْاملَ َناخ ُل َع َلى َع ْهد َر ُسول هللا َ
ص َّلى هللاُ َ َ َ
( )125لم أجده بهذا اللفظ ،لكن أخرج الطبراني عن أبي ح اازٍم ق
ا ا ا ا ا ا ا ا
َ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ً َ ْ ُ ً َ َّ َ َ َق ُّ ْ َ َّ ُ ُ ََ ََ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ ً
هللا صلى هللا علي اه وسلم ش اعيرا منخوال حتى فار الدنيا» .املعجم ال« :ما َرأيت منخال افي ذ الك الزم اان ،وما أك َل رسول ا
َ علي اه وسلم؟ ق
الكبير للطبراني ( ،)159 /6حديث846 :
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()23 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
الخاتمـ ـ ـ ــة:
الحمد هلل الذي تتم بحمده الصالحات ،وتتنزل البركات ،وعلى نبيه أزكى الصلوات والتحيات ،وبعد
هذه خاتمة البحث أضمنها خالصة ما توصلت إليه من نتائج ،ثم أتقدم للباحثين بجملة من التوصيات.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()24 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
قدحا في السلف ،وفي املقابل أثبت الباحث أن شيخ اإلسالم يرى أن الرافضة أوغل الطوائف في البدع ،وأشدهم ً .2
يرى طوائف أخرى أقرب إلى طريقة السلف ،وإن وجدت عليهم مؤاخذات مثل األشعرية ،والصوفية ،وشنع على
املعتزلة منهجهم الغالي في العقل على حساب النقل ،ونسبهم بذلك إلى االبتداع.
ال يرى الشاطبي حصر أهل البدع في طائفة معينة ،بل حدد مناهج االستدالل للمبتدعة ورأى أن كل من تلبس .3
بها نسب إلى االبتداع.
صال ُح امل ْر َسلة عند ابن تيمية ،وأوضح منهجه في االحتجاج بها ،وبين أن اال ْست ْح َس ُ ُ َ ُ ْ َ َ ْ
ان ا ا حدد الباحث مفهوم امل ا .4
َ ْ َْ
صال ُح عند ابن تيمية متقربان. و ااالس ات
بين الباحث ضوابط املصلحة املرسلة عند الشاطبي ،كما وضح منهجه في االستدالل باالستحسان. .5
َ ُْ
ابن تيمية إذ يحكم ببدعية بعض الفرق ال يكفرهم ،لكنه يرى البدع من َم َب اادئ الك ْف ار َو َمظانه ،لذلك حذر من .6
البدع ،وبين أنها شر من املعصيــة.
ََُ ًَ
ضعف الشاطبي انقسام البدع بحسب األحكام الخمسة رغم أن رتبها متف ااوتة عنده ،حيث ردها إلى النظر .7
َ َّ ْ َ ْ َ َّ
ات ،ولكنه .8ال يراها إال ات ،أو التك ام ايل َّي ا املقاصدي وذلك بحسب ما تقع فيه من رتب الض ُرو ارَّي ا
ات ،أ او الح ااج َّي ا
َ َ َ ْ ُ َّ َ َ
الضالل اة شامل ألنواعها. ضاللة ،فهي وإن تفاوتت في الذم فوصف
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()25 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
ابن بدران :عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن عبد الرحيم بن محمد بدران( ،املتوفى1346 :هـ) ،املدخل إلى -
مذهب اإلمام أحمد البن بدران ،تحقيق :د .عبد هللا بن عبد املحسن التركي ،مؤسسة الرسالة – بيروت ،ط،2 :
1411ه.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني (املتوفى728 :هـ) ،مجموع الفتاوى ،تحقيق :عبد -
الرحمن بن محمد بن قاسم ،مجمع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف ،املدينة النبوية ،اململكة العربية
السعودية1416 ،هـ1995/م.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني (املتوفى728 :هـ) ،مجموعة الرسائل واملسائل، -
علق عليه :السيد محمد رشيد رضا ،لجنة التراث العربي ،بدون رقم للطبعة وبدون تاريخ للنشر.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد -
الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى728 :هـ) ،اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب الجحيم ،تحقيق :ناصر
عبد الكريم العقل :دار عالم الكتب ،بيروت ،لبنان ،ط1419 ،7 :هـ1999 -م.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد -
الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى728 :هـ) ،درء تعارض العقل والنقل :تحقيق :الدكتور محمد رشاد سالم،
جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ،اململكة العربية السعودية ،ط 1411 ،2 :هـ 1991 -م.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن ،أبي القاسم بن محمد -
الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى728 :هـ) ،االستقامة ،تحقيق د .محمد رشاد سالم :جامعة اإلمام محمد بن
سعود -املدينة املنورة ،ط1413 ،1 :ه.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد -
الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى728 :هـ) ،قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ، ،تحقيق :ربيع بن هادي عمير
املدخلي ،مكتبة الفرقان – عجمان ،ط( 1 :ملكتبة الفرقان) 1422هـ2111 -هـ.
ابن تيمية :تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد -
الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى728 :هـ) ،منهاج السنة النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية ،تحقيق :محمد
رشاد سالم ،جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ،ط 1416 ،1 :هـ 1986 -م.
ابن حزم :أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد األندلس ي القرطبي الظاهري :الفصل في امللل واألهواء والنحل، -
(املتوفى456 :هـ) ،مكتبة الخانجي – القاهرة ،بدون رقم للطبعة وال تاريخ للنشر.
السالمي ،البغدادي ،ثم الدمشقي ،الحنبلي (املتوفى: ابن رجب :زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن الحسنَ ، -
795هـ) ،جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم :تحقيق :شعيب األرناؤوط -إبراهيم
باجس ،مؤسسة الرسالة – بيروت ،ط1422 ،7 :هـ2111 -م.
ابن فارس :أحمد بن زكرياء القزويني الرازي ،أبو الحسين (املتوفى395 :هـ) ،معجم مقاييس اللغة ،تحقيق :عبد -
السالم محمد هارون ،دار الفكر ،عام النشر1399 :هـ1979 -م.
ابن منظور :محمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال الدين األنصاري الرويفعي اإلفريقي (املتوفى711 :هـ)، -
لسان العرب ، ،دار صادر – بيروت ،ط 1414 -3 :هـ.
ُ
أبو شهبة ،محمد بن محمد بن سويلم (املتوفى1413 :هـ) الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ،دار الفكر العربي، -
بدون رقم للطبعة ،وال تاريخ للنشر.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()26 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
اآلج ار ُّي :أبو بكر محمد بن الحسين البغدادي (املتوفى361 :هـ) ،الشريعة ،تحقيق :الدكتور عبد هللا بن عمر بنُ -
سليمان الدميجي ،دار الوطن -الرياض /السعودية ط 1421 ،2 :هـ1999 -م.
أحمد :أبو عبد هللا بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني( ،املتوفى241 :هـ) ،املسند ،تحقيق :أحمد -
محمد شاكر ،دار الحديث – القاهرة ،ط 1416 ،1 :هـ 1995 -م.
األزهري :محمد بن أحمد الهروي ،أبو منصور (املتوفى371 :هـ) ،تهذيب اللغة :تحقيق محمد عوض مرعب ،دار -
إحياء التراث العربي – بيروت ،ط2111 ،1 :م.
اإلسنوي :عبد الرحيم بن الحسن بن علي الشافعي ،أبو محمد ،جمال الدين (املتوفى772 :هـ) ،نهاية السول شرح -
منهاج الوصول :دار الكتب العلمية -بيروت -لبنان ،ط1421 ،1 :هـ1999 -م.
األشعري :أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد هللا بن موس ى بن أبي بردة بن -
أبي موس ى األشعري (املتوفى324 :هـ) ،مقاالت اإلسالميين واختالف املصلين ،عنى بتصحيحه :هلموت ريتر ،دار
فرانز شتايز ،بمدينة فيسبادن (أملانيا) ،ط 1411 ،3 :هـ.1981 -
األلباني :أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين ،بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم ،األشقودري (املتوفى1421 :هـ)، -
ضعيف الجامع الصغير وزيادته ،أشرف على طبعه :زهير الشاويش ،املكتب اإلسالمي ،الطبعة :املجددة واملزيدة
واملنقحة ،بدون رقم للطبعة وال تاريخ للنشر.
اآلمدي :أبو الحسن سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي (املتوفى631 :هـ) ،اإلحكام في أصول -
األحكام ،تحقيق عبد الرزاق عفيفي ،املكتب اإلسالمي ،بيروت -دمشق -لبنان ،بدون رقم للطبعة وال تاريخ
للنشر.
أمير بادشاه الحنفي :محمد أمين بن محمود البخاري املعروف (املتوفى 972 :هـ) ،تيسير التحرير ،الناشر :مصطفى -
ْ َ
البابي الحل ابي -مصر ( 1351هـ 1932 -م) ،وصورته :دار الكتب العلمية -بيروت ( 1413هـ 1983 -م) ،ودار الفكر-
بيروت ( 1417هـ 1996 -م).
األنباري :محمد بن القاسم بن محمد بن بشار ،أبو بكر (املتوفى328 :هـ) ،الزاهر في معاني كلمات الناس :تحقيق: -
د .حاتم صالح الضامن ،مؤسسة الرسالة – بيروت ،ط 1412 ،1 :هـ.1992 -
البخاري :عبد العزيز بن أحمد بن محمد ،عالء الدين الحنفي (املتوفى731 :هـ) ،كشف األسرار عن أصول -
البزدوي ،دار الكتاب اإلسالمي ،بدون طبعة وبدون تاريخ.
البخاري :محمد بن إسماعيل الجعفي ،الجامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول هللا صلى هللا عليه -
وسلم وسننه وأيامه ،الشهير بصحيح البخاري ، :تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر ،دار طوق النجاة (مصورة
عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) ،ط1422 ،1 :هـ صحيح البخاري.
الترمذي :أبو عيس ى محمد بن عيس ى بن َس ْورة بن موس ى بن الضحاك( ،املتوفى279 :هـ) ،سنن الترمذي ،تحقيق -
وتعليق :أحمد محمد شاكر (جـ ،)2 ،1ومحمد فؤاد عبد الباقي (جـ ،)3وإبراهيم عطوة عوض املدرس في األزهر
الشريف (جـ ،)5 ،4شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر ،ط 1395 ،2 :هـ1975 -م.
التهانوي :محمد بن علي ابن القاض ي محمد حامد بن محمد صابر الفاروقي الحنفي (املتوفى :بعد 1158هـ)، -
موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم ،تقديم وإشراف ومراجعة :د .رفيق العجم ،تحقيق :د .علي دحروج
،مكتبة لبنان بيروت ،ط1996 -1 :م).
الجوهري ،أبو نصر إسماعيل بن حماد الفارابي (املتوفى393 :هـ) ،الصحاح ،تاج اللغة وصحاح العربية :تحقيق: -
أحمد عبد الغفور ،عطار :دار العلم للماليين – بيروت ،ط 1417 ،4 :هـ1987 -م.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()27 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
الجويني :عبد امللك بن عبد هللا بن يوسف بن محمد الجويني ،أبو املعالي ،ركن الدين ،امللقب بإمام الحرمين -
(املتوفى478 :هـ) ،البرهان في أصول الفقه :تحقيق :صالح بن محمد بن عويضة ،دار الكتب العلمية بيروت –
لبنان ،ط 1418 ،1 :هـ.1997 -
الحميري :نشوان ،بن سعيد اليمني (املتوفى573 :هـ) ،شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم ،تحقيق د -
حسين بن عبد هللا العمري -مطهر بن علي اإلرياني -د يوسف محمد عبد هللا ،دار الفكر املعاصر (بيروت -لبنان)،
دار الفكر (دمشق -سورية) ،ط 1421 ،1 :هـ1999 -م.
الدارمي :أبو محمد عبد هللا بن عبد الرحمن بن الفضل بن َبهرام بن عبد الصمد ،التميمي السمرقندي (املتوفى: -
255هـ) ،مسند الدارمي املعروف بـ (سنن الدارمي) ،تحقيق :حسين سليم أسد الداراني ،دار املغني للنشر
والتوزيع ،اململكة العربية السعودية ،ط 1412 ،1 :هـ 2111 -م.
الراغب :أبو القاسم الحسين بن محمد املعروف بالراغب األصفهاني (املتوفى512 :هـ) ،املفردات في غريب القرآن، -
تحقيق :صفوان عدنان الداودي ،دار القلم ،الدار الشامية -دمشق بيروت ،ط 1412 ،1 :هـ.
الرملي :شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة ،شهاب الدين (املتوفى1114 :هـ) ،نهاية املحتاج إلى -
شرح املنهاج :دار الفكر ،بيروت ،ط أخيرة1414 -هـ1984/م.
الزجاج :إبراهيم بن السري بن سهل ،أبو إسحاق (املتوفى311 :هـ) ،معاني القرآن وإعرابه ،تحقيق :عبد الجليل -
عبده شلبي ،عالم الكتب – بيروت ،ط 1418 ،1 :هـ 1988 -م.)439 .
السخاوي :أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد (املتوفى912 :هـ) ،املقاصد الحسنة في بيان كثير من -
األحاديث املشتهرة على األلسنة ،تحقيق :محمد عثمان الخشت ،دار الكتاب العربي – بيروت ،ط 1415 ،1 :هـ-
1985م.
السيوطي :عبد الرحمن بن أبي بكر ،جالل الدين (املتوفى911 :هـ) ،صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته ،مع -
الكتاب :أحكام محمد ناصر الدين األلباني ،كتاب اإللكتروني يمثل جميع أحاديث الجامع الصغير وزيادته
للسيوطي ،مع حكم الشيخ ناصر من صحيح أو ضعيف الجامع الصغير ،وهو متن مرتبط بشرحه ،من فيض
القدير للمناوي[ ،الكتاب مرقم آليا ،فهو -بهذا الترتيب -إلكتروني فقط ،ال يوجد مطبوعا].
الشاطبي إبراهيم بن موس ى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير (املتوفى791 :هـ) -االعتصام :تحقيق ودراسة: -
الجزء األول :د .محمد بن عبد الرحمن الشقير ،الجزء الثاني :د سعد بن عبد هللا آل حميد ،الجزء الثالث :د
هشام بن إسماعيل الصيني ،دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع ،اململكة العربية السعودية ،ط 1429 ،1 :هـ2118 -
م.
الشاطبي :إبراهيم بن موس ى بن محمد اللخمي الغرناطي( ،املتوفى791 :هـ) ،املوافقات :تحقيق أبو عبيدة مشهور -
بن حسن آل سلمان ،دار ابن عفان ،ط1417 ،1 :هـ1997 /م.
الصاوي :أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي ،الشهير بالصاوي املالكي (املتوفى1241 :هـ) ،بلغة السالك ألقرب -
املسالك املعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير ،دار املعارف ،بدون رقم للطبعة وبدون تاريخ للنشر.
الطبراني :سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي ،أبو القاسم الطبراني (املتوفى361 :هـ) ،املعجم -
الكبير ،تحقيق :حمدي بن عبد املجيد السلفي ،مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
الطبري :محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي ،أبو جعفر (املتوفى311 :هـ) ،جامع البيان في تأويل -
القرآن ،تحقيق :أحمد محمد شاكر ،مؤسسة الرسالة ،ط 1421 ،1 :هـ 2111 -م.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()28 شمام
مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس 2019م
العجلوني :إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي الجراحي الدمشقي ،أبو الفداء (املتوفى1162 :هـ) ،كشف الخفاء -
ومزيل اإللباس ،املكتبة العصرية ،تحقيق :عبد الحميد بن أحمد بن يوسف بن هنداوي ،ط1421 ،1 :هـ-
2111م.
العراقي :ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم( ،ت826 :هـ) ،الغيث الهامع شرح جمع الجوامع ،تحقيق: -
محمد تامر حجازي ،دار الكتب العلمية ،ط1425 ،1 :هـ2114 -م.
الغزالي :أبو حامد محمد بن محمد الطوس ي( ،املتوفى515 :هـ) ،املستصفى ،تحقيق :محمد عبد السالم عبد -
الشافي :دار الكتب العلمية ،ط1413 ،1 :هـ1993 -م.
الفراهيدي :أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم البصري (املتوفى171 :هـ) ،العين :تحقيق :د -
مهدي املخزومي ،د إبراهيم السامرائي ،دار ومكتبة الهالل.
القرافي :أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن املالكي (املتوفى684 :هـ) ،أنوار البروق في أنواء -
الفروق :عالم الكتب ،بدون طبعة وبدون تاريخ.
القرافي :أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن املالكي (املتوفى684 :هـ) ،شرح تنقيح -
الفصول ،تحقيق :طه عبد الرؤوف سعد ،شركة الطباعة الفنية املتحدة ،ط 1393 ،1 :هـ 1973 -م.
الاللكائي :أبو القاسم هبة هللا بن الحسن بن منصور ،الطبري الرازي( ،املتوفى418 :هـ) شرح أصول اعتقاد أهل -
السنة والجماعة ،تحقيق :أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي ،دار طيبة – السعودية ،ط1423 ،8 :هـ /
2113م.
مالك :بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدني (املتوفى179 :هـ) ،املوطأ ،تحقيق :محمد مصطفى األعظمي، -
مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان لْلعمال الخيرية واإلنسانية -أبو ظبي – ،ط 1425 ،1 :هـ 2114 -م.
املاوردي :أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي( ،املتوفى451 :هـ) ،النكت والعيون، -
تحقيق السيد ابن عبد املقصود بن عبد الرحيم ،دار الكتب العلمية -بيروت /لبنان.
املباركفوري :أبو الحسن عبيد هللا بن محمد عبد السالم بن خان محمد بن أمان هللا بن حسام الدين الرحماني -
(املتوفى1414 :هـ) ،مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح ،إدارة البحوث العلمية والدعوة واإلفتاء -الجامعة
السلفية -بنارس الهند ،ط 1414 -3 :هـ 1984 ،م (.)364 /8
مسلم :بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (املتوفى261 :هـ) ،املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن -
العدل إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،الشهير بصحيح مسلم ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء
التراث العربي – بيروت ،بدون تاريخ للنشر.
النووي :أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (املتوفى676 :هـ) ،املنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، ،دار -
إحياء التراث العربي – بيروت ،ط.114/7 ،1392 ،2 :
الهروي :أبو ُعبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا البغدادي( ،املتوفى224 :هـ) ،فضائل القرآن :تحقيق :مروان -
العطية ،ومحسن خرابة ،ووفاء تقي الدين ،دار ابن كثير (دمشق -بيروت) ،ط 1415 ،1 :هـ1995 -م.
البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين :ابن تيمية والشاطبي ()29 شمام
م2019 مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس
Heresy (bid'ah) an methodologies of heresy from the perspective of the two imams:
ibn Taymiya and shatibi. – A comparative fundamentalist study –
Abstract: This paper studies the concept of heresy from the perspective of the two Imams Ibn Taymiya and Al Shatibi. It
presents examples of their works on the heretics and shows the difference between heresy and unprecripted interest and
approved interest, and the levels of heresy and some of the laws pertaining to them. The author has determined the
characterization of heresy (bid’a) by the two Imams, that it is not of the same category in both of them , that it concerns
rituals not customary behavior and he explains their method of argumentation using notions of unprescripted interest and
approved one.
Keywords: Heresy (bid’ah), Sunnah, Ibn Taymiya, Shatibi, unprescripted interest, approved interest.