You are on page 1of 30

‫مجلة العلوم اإلسالمية‬

‫الع ـدد األول ــ املجلد الثاني‬


‫مــارس ‪ 2019‬م‬
‫‪ISSN: 2518- 5780‬‬

‫البدع ومناهج املبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬


‫– دراسة أصولية مقارنة –‬
‫البشير محمد شمام‬
‫قسم الدراسات اإلسالمية || كلية التربية || جامعة املجمعة || اململكة العربية السعودية‬
‫امللخص‪ :‬تناول البحث بالدراسة مفهوم البدعة عند اإلمامين (ابن تيمية والشاطبي)‪ ،‬وقدم نماذج من تحقيقاتهما حول أهل البدع‪ ،‬وبين‬
‫الفرق بين البدعة واملصلحة املرسلة واالستحسان‪ ،‬ومراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عندهما‪.‬‬
‫توصل الباحث إلى تحديد خصائص البدعة عند كل من اإلمامين شيخ اإلسالم ابن تيمية والشاطبي‪ ،‬وأنها عندهما ليست على رتبة‬
‫واحدة‪ ،‬وأن متعلقها العبادات دون العادات‪ ،‬وأوضح منهجهما في االحتجاج باملصلحة املرسلة واالستحسان‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬البدعة ‪ ،‬السنة‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬املصلحة‪ ،‬االستحسان‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال‬
‫محمدا عبده ورسوله‪،‬‬‫ً‬ ‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫كثيرا‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫ً‬
‫تسليما ً‬ ‫صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه وسلم‬
‫إن الدين الخاتم قد رسم الصيغة النهائية لجريان الحياة على أقوم السبل‪ ،‬الصيغة التي ارتضاها هللا عز‬
‫وجل لعباده‪ ،‬وحثهم على اتباعها لتتحقق لهم سعادتهم في العاجل واآلجل‪ ،‬وهي مع ما فيها من جوانب مرنة‪ ،‬فيها أيضا‬
‫جوانب ثابتة ال ينبغي التزيد فيها‪ ،‬وال االنتقاص منها وال االنقالب عليها‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪ :‬السؤال الرئيس للبحث هو‪ :‬إذا كان الدين قد رسم الصيغة النهائية ملا ينبغي أن تسير عليه الحياة‬
‫البشرية‪ ،‬فما أثر البدع في تشويه تلكم الصيغة؟ وتتفرع عن هذا السؤال جملة من األسئلة الفرعية منها‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ .1‬هل متعلق البدع ااال ْع اتق َادات َوال اع َب َادات(الجانب الثابت)‪ ،‬دون العادات(الجانب املرن) فيكون من خصائص‬
‫َّ‬
‫البدع أن تخرج عن قطعيات الش اار ُع الحكيم؟‬
‫‪ .2‬وما موقف اإلمامين من بعض الطوائف الغالية مثل الرافضة والصوفية واملعتزلة؟‬
‫‪ .3‬هل ينحصر أهل البدع في طائفة معينة؟‬
‫ُْ َ‬ ‫‪ .4‬ما الفرق بين ا ْملَ َ‬
‫ص االح امل ْر َسلة واالستحسان وبين البدع؟‬
‫‪ .5‬هل البدع في رتبة واحدة‪ ،‬أو على نسبة واحدة؟ وهل ُيكفر كل مبتدع؟‬
‫‪ .6‬وهل البدع مثل املعاص ي أم هي شر من املعصيــة؟‬
‫‪ .7‬وهل تتناوب على البدع األحكام الخمسة أم أنها ال تكون إال ضاللة؟‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ات‪ ،‬أ او الح ااج َّي ا‬
‫ات‪ ،‬أو‬ ‫‪ .8‬وهل يمكن رد البدع إلى النظر املقاصدي وذلك بحسب ما تقع فيه من رتب الض ُرو ارَّي ا‬
‫اإلخالل بالضروريات؟‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫التحسينات أم أن ج اميع ال ابد اع ر ااجعة إلى ا‬
‫‪ .9‬هل ْاملَ َعاص ي َو ْاملُ ْنك َر َ ْ َ ْ َ‬
‫ات بدع؟‬ ‫ات واملك ُروه ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫ً‬
‫‪ .11‬هل مجرد اعتقاد املعتقد الفعل مشروعا‪ ،‬وهو ليس بمشروع‪ ،‬يسمى بدعة؟‪...‬‬

‫‪DOI: 10. 26389/AJSRP. B191218‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫متاح عبر اإلنترنت‪www. ajsrp. com :‬‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫‪ -1‬يسعى الباحث لوضع مفهوم منضبط للبدعة من خالل تتبع ما قاله إمامان جليالن لهما الباع الطويل في هذا‬
‫املجال‪ :‬ابن تيمية والشاطبي رحمهما هللا‪.‬‬
‫‪ -2‬بيان متعلق البدع وخصائصها وضابطها وحكمها ورتبتها‪ ،‬والفرق بينها وبين املعاص ي بنظر ابن تيمية والشاطبي‪.‬‬
‫‪ -3‬بيان موقف اإلمامين (ابن تيمية والشاطبي) من بعض الطوائف الغالية‪ ،‬وهل ينحصر أهل البدع في طائفة‬
‫معينة‪.‬‬
‫ُْْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪ -4‬توضيح الفرق بين امل َ‬
‫ص االح املرسلة واالستحسان وبين البدع عند اإلمامين‪( :‬ابن تيمية والشاطبي)‪.‬‬

‫أهمية البحث‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ََ‬
‫هذا البحث محاولة الستجالء جهود علمين من أعالم األمة في اإلجابة عن هذه األسئلة على أنه ينحى في ذلك‬
‫املنحى التقعيدي التأصيلي‪.‬‬

‫سبب اختيار موضوع البحث‪:‬‬


‫دعاني الختيار البدعة موضوعا للبحث أن العديد من الشباب اليوم ال يكادون يفهمون ما البدع‪ ،‬وما‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫حس ُن من محدثات األمور وما ُيذم‪.‬‬
‫يس ت ا‬

‫الدراسات السابقة‪ ،‬واإلضافة الجديدة التي يحملها هذا البحث‪:‬‬


‫كتبت العديد من البحوث والكتب والرسائل الجامعية عن البدعة من حيث مفهومها‪ ،‬ونشأتها‪ ،‬واملوقف من‬
‫أهلها‪ ،‬واألثر الس يء النتشارها‪ ،‬وأنواعها‪ ،...‬ومن هذه الدراسات‪:‬‬
‫‪" .1‬حقيقة البدعة وأحكامها" لسعيد بن ناصر الغامدي‪ :‬نشرته مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض في جزأين بتاريخ ‪1419‬‬
‫ه‪1999 -‬م‪ ،‬تحدث املؤلف عن شروط العمل املقبول‪ ،‬وضرورة االعتصام بالسنة‪ ،‬وذم البدع‪ ،‬وملحة تاريخية‬
‫لظهور البدع في األمة اإلسالمية‪ ،‬وأسبابا ذلك وموقف السلف منها‪ ،‬ونبذة موجزة لبعض املؤلفات في البدعة‪،‬‬
‫ودراسة موجزة ألهمها‪ ،‬ليخلص إلى بيان معنى البدعة لغة واصطالحا‪ ،‬ومفهوم البدعة عند أهل السنة‬
‫وأدلتهم‪ ،‬ومفهوم البدعة عند غير أهل السنة‪ ،‬وشبههم وناقشهم في ذلك‪ ،‬ثم ذكر أقسام البدع‪ ،‬وحكم البدعة‬
‫واملبتدع‬
‫‪ .2‬البدعة وخطأ فهمها لدى طلبة الجامعة اإلسالمية العاملية – ماليزيا‪ :‬بحث تكميلي قدم لنيل درجة‬
‫املاجستير في علوم الوحي والتراث (قسم الفقه وأصوله) كلية معارف الوحي والعلوم اإلنسانية الجامعة‬
‫اإلسالمية العاملية – ماليزيا‪ ،‬إعداد‪ :‬منى بنت عبد الفتاح‪ ،‬في سبتمبر ‪2118‬م هذا البحث عبارة عن دراسة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واصطالحا وتقسيما‪ ،‬كما تعرضت للخطأ السائد‬ ‫ملفهوم البدعة‪ .‬تناولت الباحثة فيه بالبيان معنى البدعة لغة‬
‫في فهم البدعة لدى طلبة الجامعة اإلسالمية العاملية بماليزيا وأمثلته‪ ،‬ثم ناقشت األسباب التي أدت إلى الخطأ‬
‫في فهم البدعة وآثارها وعالجها‪.‬‬
‫‪ .3‬كتاب‪ :‬اتباع ال ابتداع‪ . .‬قواعد وأسس في السنة والبدعة‪ ،‬تأليف حسام الدين بن موس ى محمد بن عفانة‪،‬‬
‫كانت الطبعة الثانية بتاريخ ‪ 1425‬هـ‪ 2114 -‬م صدرت ببيت املقدس في جزء واحد تناول املؤلف في كتابه‬
‫أصول في السنة والبدعة وذكر األدلة من الكتاب والسنة التي تأمر باالتباع وتنهى عن االبتداع‪ ،‬ثم عرج على‬
‫تعريف البدعة وبين مناهج العلماء في ذلك‪ ،‬وبين أن األصل األصيل في باب العبادات هو االتباع وساق األدلة‬
‫والبراهين على ذلك‪ ،‬ثم أعقب ذلك بذكر تقسيمات للسنة وللبدعة ووضح حكم االبتداع وأسبابه وأسباب‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)2‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫انتشار البدع‪ ،‬كما أشار إلى البدع املنتشرة واقتصر على أهمها وأشهرها مثل البدع املتعلقة باآلذان والنية‬
‫والصالة والدعاء والجمعة والعيدين والجنائز واالحتفاالت واملواسم‪ ،‬وختم بالحديث عن البدع املتعلقة‬
‫باملسجد األقص ى ومسجد قبة الصخرة‪.‬‬
‫لكني لم أجد من جمع بين منهجي ابن تيمية والشاطبي في بحث واحد‪ ،‬واإلضافة التي يحملها هذا البحث من‬
‫حيثيتين‪:‬‬
‫‪ .1‬من حيث الجمع بين منهجي إمامين من أعالم األمة كان لهما الجهد املقدر في تقص ي مفهوم البدع‪ ،‬ورسم‬
‫حدودها‪.‬‬
‫‪ .2‬من حيث أنه بحث ينحى في طرحه املنحى التقعيدي التأصيلي‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫ألغراض البحث قسمته ثالثة مباحث‪ ،‬تحت كل مبحث مطالب‪ ،‬وذلك وفق الهيكلة اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬املبحث األول‪ :‬مفهوم البدعة عند اإلمامين‪.‬‬
‫أ‪ -‬املطلب األول‪ :‬تعريف البدعة لغة واصطالحا‪.‬‬
‫ب‪ -‬املطلب الثاني‪ :‬مصطلح البدعة وموارده عند اإلمامين‪.‬‬
‫ج‪ -‬املطلب الثالث‪ :‬نماذج من تحقيقات ابن تيمية والشاطبي حول أهل البدع‪.‬‬
‫‪ .2‬املبحث الثاني‪ :‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند اإلمامين‪.‬‬
‫أ‪ -‬املطلب األول‪ :‬بين البدعة واملصلحة املرسلة عند اإلمامين‪.‬‬
‫ب‪ -‬املطلب الثاني‪ :‬بين البدعة واالستحسان عند اإلمامين‪.‬‬
‫‪ .3‬املبحث الثالث‪ :‬مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند اإلمامين‪.‬‬
‫أ‪ -‬املطلب األول‪ :‬مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند ابن تيمية‪.‬‬
‫ب‪ -‬املطلب الثاني‪ :‬مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند الشاطبي‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مفهوم البدعة عند اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬البدعة‪ :‬دراسة معجمية وفي رحاب القرآن والسنة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬البدعة‪ :‬في اللغة واالصطالح‪:‬‬

‫‪ .1‬البدعة لغة‪:‬‬
‫َّ َ‬
‫البدعة‪ -‬موضوع هذه الدراسة‪ -‬تقابلها السنة‪ ،‬والسنة في اللغة(‪ :)1‬الطريقة‪ .‬وهي مأخوذة من " السنن"‪ ،‬وهو‬
‫ُ ُ (‪ُ ُ )2‬‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫وس َّنة النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬طريقته التي كان يتحراها‪،‬‬ ‫وسن ان اه‪ ،‬وسن ان اه) ‪،‬‬ ‫الطريق‪،‬‬
‫ا‬ ‫الطريق‪ .‬يقال‪ :‬خذ على َسن ان‬
‫ُ ُ‬
‫وس َّنة هللا تعالى‪ :‬طريقة حكمته‪ ،‬وطريقة طاعته(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬تعريف السنة أمر ممهد لتعريف البدعة‪ ،‬لذلك اسهبت في التعريف‪ ،‬وعرجت على مفهوم السنة عند اإلمامين‪.‬‬
‫(‪ )2‬األنباري‪ :‬الزاهر في معاني كلمات الناس‪.339/2 ،‬‬
‫(‪ )3‬الراغب‪ :‬املفردات في غريب القرآن‪ ،‬ص‪.429 :‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)3‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ُ‬ ‫االزهري‪ُّ ،‬‬ ‫َ‬


‫السنة الطريقة املستقيمة املحمودة(‪ ،)4‬ولم ير البعض‬ ‫وقيد البعض السنة بالطريق املحمودة‪ ،‬قال‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الس َيرة‪َ ،‬ح َس َنة كانت أو ق ابيحة" ‪ ،‬وسنة َرسو ال الل اه صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫)‬‫‪5‬‬ ‫(‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ َّ‬
‫هذا القيد‪ ،‬قال ابن منظور‪" :‬السنة‪ :‬ا‬
‫ُ‬
‫اس َيرت ُه(‪ ،)6‬والحق أن سيرة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أشمل من سنته‪ ،‬إذ تشمل السيرة حياته كلها‪ ،‬وال تشمل‬
‫السنة إال ما بعد البعثة‪.‬‬
‫والسنة في االصطالح لها معان اصطالحية كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َْ َْ‬
‫هللا‪ ،‬ف اإ ْن كانوا افي ال اق َر َاء اة َس َو ًاء‪ ،‬فأ ْعل ُم ُه ْم‬ ‫اب ا‬ ‫ا‬ ‫‪ .1‬ووردت على أنها قسيم للقرآن ومنه حديث‪َ « :‬يؤ ُّم الق ْو َم أق َرؤ ُه ْم ال اك َت‬
‫آن والحديث(‪.)8‬‬ ‫والس َّنة‪َ ،‬أي ْال ُق ْر ُ‬ ‫تاب ُّ‬ ‫الك ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫الس َّن اة(‪ ،)7‬قال ابن األثير رحمه هللا‪ُ :‬ي َق ُ‬ ‫ب ُّ‬
‫ا‬ ‫ال افي اأدلة الشرع ا‬ ‫ا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ .2‬والسنة في اصطالح املحدثين‪ :‬أقوال النبي‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وأفعاله وتقريراته‪ ،‬وصفاته الخلقية والخلقية‪.‬‬
‫وزاد بعضهم‪ :‬وأقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم‪ :‬وعلى هذا فهي مرادفة للحديث في اصطالحي السابقين(‪.)9‬‬
‫‪ .3‬أما السنة عند األصوليون فهي‪ :‬املفسرة للكتاب‪ ،‬وإليها الرجوع في بيان مجمالت الكتاب وتخصيص ظواهره‬
‫وتفصيل محتملة(‪ ،)10‬وقد تستقل بالتشريع‪ ،‬فهي أحد األدلة الشرعية النقلية‪.‬‬
‫‪ .4‬وأما عند الفقهاء فالسنة تطلق على املندوب وهو ما يرادف النفل‪ ،‬وهو ما اف ْعله خير من تركه‪ ،‬أو ما طلب فعله‬
‫ً‬
‫طلبا غير جازم(‪ ،)11‬أي من غير افتراض وال وجوب وبعضهم يقول هو ما أثيب فاعلها وعوقب تاركها(‪ ،)12‬وهو غير‬
‫دقيق ألنه تعريف بالثمرة‪ ،‬والثمرة ليست هي حقيقة الش يء‪ ،‬ومبنى التعاريف إنما يكون على بيان الحقيقة‬
‫واملاهية‪.‬‬
‫‪ .5‬وقد تطلق السنن على الرواتب املشروعة قبل الفرائض وبعدها‪.‬‬
‫ُ َ َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫هللا صلى هللا علي اه‬ ‫‪ .6‬كما قد تطلق السنن على الصلوات املفروضة نفسها كما في حديث ابن مسعود‪ « :‬اإن َرسول ا‬
‫َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ َّ‬
‫الصالة افي امل ْس اج اد ال اذي ُيؤذ ُن اف ايه»(‪ ، )13‬وقد ترجم له مسلم‬ ‫َو َسل َم َعل َم َنا ُسن َن ال ُه َدى‪َ ،‬واإ َّن ام ْن ُسن َن ال ُه َدى‬
‫َ ْ‬ ‫ص َالة ْال َج َم َ‬
‫اع اة ام ْن ُسن ان ال ُه َدى(‪.)14‬‬ ‫اب َ‬ ‫بقوله‪َ :‬ب ُ‬
‫ا‬
‫‪ .7‬وقد يراد بالسنة الطريقة املسلوكة في الدين على سبيل الوجوب أو على سبيل االنتفال‪ ،‬وهو املقصود هنا(‪.)15‬‬
‫َ‬
‫وقد تطلق السنة على الطريقة املسلوكة في الدين من غير افتراض َوال وجوب(‪.)16‬‬
‫‪ .8‬وتطلق السنة على ما يقابل البدعة(‪ ،)17‬ويعرفها ابن تيمية بأنها‪( :‬ما قام الدليل الشرعي عليه بأنه طاعة هلل‬
‫ُ‬
‫ورسوله‪ ،‬سواء فعله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أو فعل على زمانه‪ ،‬أم لم يفعله ولم يفعل على زمانه‪،‬‬

‫(‪ )4‬األزهري‪ :‬تهذيب اللغة‪.211 /12 ،‬‬


‫(‪ )5‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪.225/13 ،‬‬
‫(‪ )6‬بن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪.61/3 ،‬‬
‫(‪ )7‬مسلم‪ :‬الجامع الصحيح‪ )465 /1( ،‬حديث رقم‪.2669 :‬‬
‫(‪ )8‬ابن األثير‪ :‬النهاية في غريب الحديث‪.)419 /2( ،‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )9‬أبو شهبة‪ :‬الوسيط في علوم ومصطلح الحديث‪( ،‬ص‪.)16 :‬‬
‫(‪ )10‬الجويني‪ :‬البرهان في أصول الفقه‪.)196 /2( ،‬‬
‫(‪ )11‬العراقي‪ :‬الغيث الهامع شرح جمع الجوامع‪( ،‬ص‪.)38 :‬‬
‫(‪ )12‬ابن بدران‪ :‬املدخل إلى مذهب اإلمام أحمد‪( ،‬ص‪)152 :‬‬
‫(‪ )13‬مسلم‪ :‬الجامع الصحيح‪ ،)453 /1( ،‬حديث رقم‪.654 :‬‬
‫(‪ )14‬مسلم‪ :‬الجامع الصحيح‪ ،)453 /1( ،‬حديث رقم‪.654 :‬‬
‫(‪ )15‬التهانوي‪ :‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪.) 983 -977( ،‬‬
‫(‪ )16‬البركتي‪ :‬قواعد الفقه‪( ،‬ص‪.)328 :‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)4‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫لعدم املقتض ي حينئذ لفعله‪ ،‬أو وجود املانع منه‪ ،‬فإنه إذا ثبت أنه أمر به أو استحبه فهو سنة‪ ،‬كما أمر بإجالء‬
‫اليهود والنصارى من جزيرة العرب(‪ ،)18‬وكما جمع الصحابة القرآن في املصحف(‪ ،)19‬وكما داوموا على قيام‬
‫رمضان في املسجد جماعة(‪ ،)20‬فيدخل في مفهوم السنة عند شيخ اإلسالم وفق هذا التعريف‪:‬‬
‫‪ -1‬ما فعله الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -2‬ما فعل على زمانه‪ُ ،‬ويقيد هذا بإقرار الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬ما ثبت أنه أوص ى به أن ُيفعل بعد وفاته‪.‬‬
‫‪ -4‬ويدخل أيضا في مفهوم السنة عند ابن تيمية عمل الصحابة سيما السابقين منهم‪ ،‬والخلفاء الراشدين‪،‬‬
‫اط ًنا‬ ‫َّ َ َّ َّ ُ َ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫قال رحمه هللا(‪ُ :)21‬ث َّم م ْن َطر َيقة َأ ْهل ُّ َّ َ ْ َ َ‬
‫السن اة والج َماع اة‪ :‬ااتباع آث اار َرسو ال الل اه صلى الله عل ْي اه وسلم ب ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫الل ُه َع َلي اهْ‬ ‫َّ َ َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ا َ ْ َ َّ َ ْ ْ‬ ‫َو َظاه ًرا‪َ ،‬وات َب ُ‬
‫اع َس اب ايل الس ااب اقين األوالين امن امله ااج ارين واألنص اار و ااتباع و اصي اة رسو ال الل اه صلى‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ َ َّ ُ َ َ َ ُّ َ ْ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ْ ُ‬
‫وسلم حيث قال‪{ :‬عليكم ابسن اتي وسن اة الخلف ااء الر ااش ادين امله اد ايين امن بع ادي تمسكوا ابها وعضوا عليها‬
‫ب َّ‬
‫الن َو ااج اذ(‪.)22‬‬ ‫ا‬
‫الل ُه َع َلي اهْ‬‫َ َ َ ْ َ َ َ َّ ُّ َ َّ َّ‬ ‫َ‬
‫ويعرف الشاطبي السنة التي هي في مقابل البدعة بأنها كل ع ام ٍل على وف اق ما ع امل الن ابي‪ -‬صلى‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ َ َُ َ ُ َُ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َّ ُ َّ َ‬
‫ال‪" :‬فالن َعلى اب ْد َع ٍة" اإذا َع ام َل َعلى اخال اف ذ ال َك(‪.)23‬‬ ‫اب أو ال‪ ،‬ويق‬ ‫ا‬ ‫ص َعل ْي اه افي ال اكت‬ ‫وسلم‪ -‬كان ذ الك امما ن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضا ل ْفظ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الس َّن اة َعلى َما َع ام َل‬ ‫والسنة عند الشاطبي تشمل أيضا عمل الصحابي‪ ،‬يقول رحمه هللا َو ُيطل ُق أ ْي ً‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اعا ال ُس َّن ٍة ث َبت ْت اع ْن َد ُه ْم ل ْم ت ْنق ْل اإل ْي َنا(‪.)25‬‬ ‫وج ْد(‪)24‬؛ ل َك ْونه ات َب ً‬ ‫الس َّنة َأ ْو َل ْم ُي َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َ َ َ‬ ‫ََْ‬
‫ا اا ا‬ ‫اب أ او ُّ ا‬ ‫علي اه الصحابة‪ ،‬و اجد ذ الك افي ال اكت ا‬
‫بل وتوسع الشاطبي في مفهوم السنة لتشمل عنده اجتهاد الصحابة رضوان هللا عليهم‪ ،‬فأدخل فيها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫إجماعهم‪ ،‬وما استندوا فيه إلى املصالح املرسلة واالستحسان‪ ،‬يقول رحمه هللا‪َ ..." :‬أو ْ‬
‫ااج ات َه ًادا(‪ُ .)26‬م ْج َت َم ًعا َعل ْي اه ام ْن ُه ْم أ ْو‬
‫اإل ْج َم ااع من جهة‪ 4‬حمل الناس عليه‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ ً‬ ‫َ ََ ُ ََُ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ ُ ْ ْ َ‬
‫امن خلف اائ اهم؛ ف اإن اإجماعهم اإجماع‪ ،‬وعمل خلف اائ اهم ر ااجع أيضا إلى ح اقيق اة ا‬
‫ْ َ َ ُ َّ َ ُ ْ َ ْ َ ُّ ْ َ ُ ْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ ْ َ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ْ َ ُ َ َ ُ‬
‫ان‪ ،‬ك َما ف َعلوا افي حد‬ ‫اإلطال اق املص االح املرسلة و ااالس اتحس‬ ‫حسبما اقتضاه النظر املصل احي اعندهم؛ فيدخل تحت هذا ا‬

‫(‪ )17‬وهي التي لها تعلق أكبر بموضوع هذا البحث‪.‬‬


‫(‪ )18‬البخاري‪ :‬الجامع الصحيح‪ ،)71 /4(،‬حديث رقم‪ ،3153 :‬ومسلم الجامع الصحيح أيضا‪.1637 ،)1258 /3(،‬‬
‫مرتبا لآليات والسور وفق ما وقفهم عليه النبي‪-‬‬ ‫(‪ )19‬جمع أبو بكر القرآن خشية ذهاب ش يء منه بذهاب حملته‪ ،‬فجمعه في صحائف ً‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ابن أبي داود‪ :‬املصاحف ص ‪ .16 -11‬ثم إن أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن‬
‫بعده على األحرف السبعة إلى أن وقع االختالف بين القراء في زمن عثمان رض ي هللا عنه‪ ،‬فقدم حذيفة بن اليمان من غزوة أرمينية‪،‬‬
‫فشافهه بذلك فجمع عثمان الناس‪ ،‬وشاورهم في جمع القرآن على حرف واحد؛ فاستصوبوا رأيه‪ ،‬ففعل ذلك‪ .‬ابن أبي داود‪:‬‬
‫املصاحف ص ‪ :25‬ص ‪ /34‬القاسم بن سالم‪ :‬فضائل القرآن‪ ،‬ص ‪ /162 -152‬البغوي شرح السنة‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪.526 -513‬‬
‫َ‬ ‫ُ َّ َ َ َ ْ َ ً َ َّ ُ ُ َ ُّ َ َ َ َ ْ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ ْ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫ارئ اهم‪ ،‬فقال عمر « انعم ات ال ابدعة ه اذ اه»‬ ‫(‪ )20‬كما فعل ع َم ُر حيث جمع الناس على ق اار ٍئ و ااح ٍد‪ ،‬ثم خرج ليلة والناس يصلون ابصال اة ق ا ا‬
‫مالك‪ :‬املوطأ‪.)114 /1( ،‬‬
‫(‪ )21‬بن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪.)157 /3( ،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ْ ُ َّ َ ُ َّ ْ ُ َ‬
‫(‪ )22‬أحمد‪ :‬املسند (‪ )373 / 28‬حديث رقم‪ ،17144 :‬بلفظ فعليكم ابسن اتي وسن اة الخلف ااء الر ااش ادين امله اد ايين‪ .‬قال األلباني في سلسلة‬
‫األحاديث الصحيحة(‪ ،)526 /6‬هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات‪.‬‬
‫(‪ )23‬الشاطبي‪ :‬املوافقات‪.)291 /4(،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(‪ )24‬مراده بالوجود اإليجاد‪ ،‬أي عثرنا عليه أو لم نعثر‪ ،‬ليستقيم قوله‪ :‬ا"لكو ان اه ااتباعا السن ٍة ثبتت اعندهم لم تنق ْل إلينا"‪.‬‬
‫(‪ )25‬الشاطبي‪ :‬املوافقات‪ ،)291 /4(،‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪ )26‬ال يفهم من االجتهاد النظر املباشر في أدلة الكتاب والسنة إذ ال يظهر وجه مقابلته بما قبله بل يصبح هو عينه‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)5‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ْ َُ‬ ‫َّ َ ُ َ َّ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُّ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ُ‬


‫"عل ْيك ْم اب ُس َّن اتي َو ُس َّن اة الخل َف ااء‬ ‫اإلطال اق ق ْول ُه(‪َ ،)27‬عل ْي اه الصالة والسالم‪:‬‬ ‫الخمر‪ ،‬وتضمين الصناع‪ ،‬ويدل على هذا ا‬
‫ص َل مما تقدم أن السنة عند الشاطبي تشمل قسمين كبيرين‪:‬‬ ‫ين ْاملَ ْهديي َن"(‪َ ،)28‬‬
‫فيت َح َّ‬ ‫الراشد َ‬
‫اا‬ ‫َّ ا ا‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الصال ُة َو َّ‬‫‪َ .1‬ق ْو ُل ُه‪َ -‬ع َل ْي اه َّ‬
‫السال ُم‪َ -‬و اف ْعل ُه‪َ ،‬واإق َر ُار ُه سواء أكان ذلك بتلق أو عن اجتهاد‪.‬‬
‫َ ْ َُ‬
‫الص َح َاب اة أ او الخل َف ااء‪ ،‬سواء أكان ذلك مرفوعا إلى النبي صلى هللا عليه وسلم أو عن اجتهاد‪.‬‬ ‫‪َ .2‬ما َج َاء َعن َّ‬
‫ا‬
‫وعلى هذا فالسنة عند الشاطبي أشمل مما هي عليه عند ابن تيمية‪ ،‬حيث أدخل في مفهومها اجتهاد‬
‫الصحابة‪ ،‬سواء باالستنباط من النص‪ ،‬أو باالستنباط بالرد عليه‪ ،‬أو بمراعاة املصالح أو باالستحسان‪ ،‬وعلى هذا‬
‫يكون مذهب الصحابي حجة عند الشاطبي‪ ،‬بل ويلحق في الحجية بالسنن املأثورة‪.‬‬
‫ُ‬
‫قبل خلق وال ذكر وال معرفة‪ .‬وهللا ُ‬
‫بديع‬ ‫إحداث ش ٍيء لم يكن له من ُ‬ ‫(الب ْد ُع‪:‬‬
‫أما البدعة لغة‪ :‬فقال الخليل‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والب ْد ُع‪ :‬الش يء الذي يكون أوال‬ ‫السموات واألرض ابتدعهما‪ ،‬ولم يكونا قبل ذلك شيئا يتوهمهما متوهم‪ ،‬وبدع الخلق‪ .‬ا‬
‫الر ُس ال} [األحقاف‪.)29( ]9 :‬‬ ‫في كل أمر‪ ،‬كما قال هللا عز وجل‪{ُ :‬ق ْل َما ُك ْن ُت ب ْد ًعا ام َن ُّ‬
‫ا‬
‫(اإل ْب َداع‪ :‬إنشاء صنعة بال احتذاء واقتداء‪...‬وإذا استعمل في هللا تعالى فهو إيجاد الش يء بغير‬ ‫وقال الراغب‪ :‬ا‬
‫ُ‬
‫والب ْدعة في املذهب‪ :‬إيراد قول لم يستن قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة ‪.‬‬
‫(‪)30‬‬
‫آلة)‪ ،‬وقال‪ :‬ا‬
‫(‪)31‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫وقال االزهري‪ :‬املبتدع ال اذي يأ اتي أمرا على اشبه لم يكن ابتدأه إياه ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ْن ُع ُه ال َع ْن مثال‪َ ،‬واآل َخ ُر اال ْنقط ُ‬ ‫ْ َ ُ َ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ ُ َّ‬
‫الش ْي اء َو ُ‬
‫اع‬ ‫ا ا‬ ‫ا ٍ‬ ‫وقال ابن فارس‪ :‬الباء والدال والعين أصال ان‪ :‬أحدهما اب اتداء‬
‫ََْ‬
‫والكال ُل(‪.)32‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََْ ُ َْ ً‬
‫واب َت َد َعه‪ :‬أنشأه وبدأه(‪.)33‬‬ ‫عا ْ‬ ‫وقال ابن منظور‪ :‬بدع الش يء يبدعه بد‬
‫ديع‪ :‬املبتدع‪ُ،‬‬ ‫والب ُ‬ ‫ديع السموات واألرض‪َ .‬‬ ‫وقال الجوهري‪ :‬أبدعت الشيئ‪ :‬اخترعته ال َعلى مثال‪ .‬وهللا تعالى َب ُ‬
‫ا‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫املبتد ُع أيضا(‪.)34‬‬
‫َ‬ ‫والب ُ‬
‫ديع‪:‬‬ ‫َ‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم البدعة‪ :‬القرآن والسنة‪:‬‬


‫َ ُ َّ َ َ َ ْ َْ‬
‫ض‬‫ات واألر ا‬‫‪ .1‬موارد البدعة في ا‪3‬لقرآن الكريم‪ :‬من موارد اللفظ ومشتقاته في القرآن قوله تعالى‪{ :‬ب اديع السماو ا‬
‫َ ُ َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َواإذا ق َض ى أ ْم ًرا ف اإ َّن َما َي ُقو ُل ل ُه ك ْن ف َيكون} [البقرة‪ ]117 :‬يعني منشئها على غير حد وال مثال‪ ،‬وكل من أنشأ ما لم‬
‫يسبق إليه‪ ،‬يقال له مبدع‪ ،‬ولذلك قيل ملن خالف في الدين‪ :‬مبتدع‪ ،‬إلحداثه ما لم يسبق إليه(‪ .)35‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ُ{ق ْل َما ُك ْن ُت ب ْد ًعا ام َن ُّ‬
‫الر ُس ال} [األحقاف‪ ،]9 :‬أي ما كنت أول من ْأر اس َل(‪.)36‬‬ ‫ا‬
‫‪ .2‬موارد البدعة في السنة النبوية املطهرة‪ :‬وقد ورد الحديث عن البدعة في السنة في مواضع منها‪:‬‬

‫(‪ )27‬حيث عطف‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬سنتهم على سنته‪ ،‬وهذا يرجح أن ما أفتى به الخلفاء الراشدون أو عملوه أو ما استنبطوه‬
‫بمقتض ى نظرهم املصلحي مستنده سنته‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وإن لم يرفعوه إليه‪ ،‬إذ ال تشريع بعد النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫(‪ )28‬تقدم تخريجه قريبا‪.‬‬
‫(‪ )29‬الفراهيدي‪ :‬العين‪.)54 /2( ،‬‬
‫(‪ )30‬الراغب‪ :‬املفردات في غريب القرآن‪( ،‬ص‪ ،)111 :‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪ )31‬األزهري‪ :‬تهذيب اللغة‪ ،)142 /2( ،‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪ )32‬ابن فارس‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،)219 /1( ،‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪ )33‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،)6 /8(،‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪ )34‬الجوهري‪ :‬اللغة وصحاح العربية‪.)1183 /3( ،‬‬
‫(‪ )35‬املاوردي‪ :‬النكت والعيون‪.)178 /1( ،‬‬
‫(‪ )36‬الزجاج‪ :‬معاني القرآن وإعرابه‪.)439 /4( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)6‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َ ُّ ْ ُ ُ ُ ْ َ َ ُ َ َ ُ ُّ ْ َ َ َ َ‬
‫ضاللة»(‪.)37‬‬ ‫ور محدثاتها‪ ،‬وكل ابدع ٍة‬ ‫قوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬شر األم ا‬
‫ُّ َّ (‪.)38‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ ً َّ ُ َ ْ َُ‬
‫قوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ما أحدث قوم ابدعة اإال ر افع امثلها امن السن اة»‬
‫ال‪ :‬إني ُأ ْبدعَ‬ ‫ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫صاري‪َ ،‬ق َ َ‬ ‫وورد عند مسلم َع ْن َأبي َم ْس ُع ٍ ْ َ ْ َ‬
‫ال‪« :‬ج َاء َرجل إلى الن اب اي صلى هللا علي اه وسلم‪ ،‬فق ا ا ا‬
‫َ‬
‫ود األن ا ا‬ ‫ا‬ ‫َ ْ ْ‬
‫اح امل اني»(‪ ،)39‬قوله ابدع بي‪ ،‬أي انقطع بي‪ ،‬ويقال أبدعت الركاب إذا كلت وانقطعت(‪.)40‬‬ ‫ابي ف‬
‫وعلى أساس هذه الجولة املعجمية‪ ،‬وفي الكتاب والسنة ملعنى البدعة‪ ،‬نخلص إلى أن األغلب في مادة "ب د‬
‫ُ‬
‫ع" إحداث ش يء بال احتذاء وال اقتداء‪ ،‬وعنه تفرعت سائر املعاني وتنزلت على ما يناسبها من خصوصيات‪:‬‬
‫أ‪ -‬فاهلل بديع إذ أوجد بغير آلة‪ ،‬وأنشأ على غير حد وال مثال‪.‬‬
‫ب‪ -‬واملبتدع من لم يستن بصاحب الشريعة‪ ،‬واخترع في الدين ما لم ُيسبق إليه‪.‬‬
‫ج‪ -‬واملبدع من أنشأ في مجال الدنيا ما لم يسبق إليه‪.‬‬
‫والب ْدع من كل أمر أوله‪...‬وهكذا‪.‬‬
‫ا‬ ‫د‪-‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تعريف البدعة عند اإلمامين ابن تيمية والشاطبي‪:‬‬


‫‪ -1‬تعريف البدعة عند ابن تيمية‪ :‬اختلفت عبارة ابن تيمية رحمه هللا في تعريف البدعة‪ ،‬فمرة أوردها مقيدة‬
‫ْ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُّ َّ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ ُ‬
‫اع َسل اف األ َّم اة ام ْن‬ ‫بمجالي االعتقادات والعبادات‪ ،‬قال رحمه هللا‪" ،‬ال ابدعة‪ :‬ما خالفت ال اكتاب والسنة أو إجم‬
‫اال ْعت َق َاد َ ْ َ‬
‫ات وال اع َباد ا‬
‫ات"(‪.)41‬‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ومرة أوردها مطلقة حيث قال‪" :‬ال ابدعة ما لم يشرعه هللا من الدين فكل من دان بش يء لم يشرعه هللا‬
‫ان متأوال اف ايه"(‪ ،)42‬أي مما استحدثه الناس‪ ،‬ولم يكن له مستند في الشريعة‪.‬‬ ‫دعة َوإن َك َ‬ ‫َف َذاك ب َ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ َ ُ ُ ُ َ ُ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ْ ْ ََ‬
‫اب وال‬ ‫ر‬
‫الد اين اهي ما ل َم يشرع َه الله و سوله وهو ما لم يأمر اب اه أمر إيج ٍ‬ ‫وكذا عرفها بقوله‪ " :‬ال ابدعة افي ا‬
‫الل ُه َوإنْ‬‫َ َ َ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َّ َ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ْ َ َ ُ َ ْ‬
‫ا‬ ‫الد اين ال اذي شرعه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اب وع الم األمر اب اه اباأل ادل اة الشر اعي اة‪ :‬فهو امن ا‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫اب أو اس اتحب‬
‫ٍ‬ ‫اب‪ .‬فأما ما أمر اب اه أمر إيج‬ ‫ٍ‬ ‫اس ات ْح َب‬
‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ ْ َْ‬
‫(‪)43‬‬
‫ان َهذا َم ْف ُعوال َعلى َع ْه اد أ ْو ل ْم َيك ْن ف َما ف اع َل َب ْع َد ُه ابأ ْم ار اه "‬ ‫ض ذ الك‪ ،‬وسواء ك‬ ‫تنازع أولو األم ار افي بع ا‬

‫وعلى هذا من خصائص البدعة عند ابن تيمية‪:‬‬


‫ْ َ َ َ ُْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ ُّ َ‬
‫اع َسل اف األ َّم اة‪ :‬أي أنها تتعلق بما لم يشرعه هللا من الدين‪ ،‬بل استحدثه الناس‬ ‫الس َّنة‪ ،‬وإجم‬ ‫أ‪ -‬مخالفتها ال اكتاب و‬
‫ً‬
‫وليس له مستند شرعي‪ ،‬أما ما أمر به الشارع سواء كان مفعوال على عهده‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أو لم يكن ال‬
‫يسمى بدعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب‪ -‬أن تتعلق باال ْعتق َاد َ‬
‫ات‪ ،‬دون العادات‪ ،‬على األرجح‪.‬‬ ‫ات وال اع َباد ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫ج‪ -‬أن املحدثات ال تسمى بدعة حتى تنسب إلى الدين ويعتقد أن فيها مثوبة‪ ،‬ينتزع هذا من قوله "البدعة في الدين"‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ َ ُ َّ َ َ َ َّ َ َّ َّ ُ َ َ َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ ُ‬
‫الد اين َو ُه َو أ ْن‬
‫ويؤخذ صريحا من قوله‪( :‬وأ َّما املحدثات ال اتي ذك َرها الن اب ُّي صلى الله عل ْي اه وسل َم ف اه َي املحدثات افي ا‬
‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ َ َّ ُ ْ َ ً‬
‫الد اين ل ْم َيش َر ْع َها الل ُه) (‪.)44‬‬
‫الرج ُل ابدعة افي ا‬ ‫يح ادث‬

‫(‪ )37‬مسلم‪ :‬الجامع الصحيح (‪ ،)592 /2‬حديث رقم‪.867 :‬‬


‫(‪ )38‬أحمد‪ :‬املسند (‪ ،)173 /28‬حديث رقم‪.16971 :‬‬
‫(‪ )39‬مسلم‪ :‬الجامع الصحيح (‪ ،)1516 /3‬حديث رقم‪.1893 :‬‬
‫(‪ )40‬الخطابي‪ :‬معالم السنن‪.)151 /4( ،‬‬
‫(‪ )41‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪.)346 /18( ،‬‬
‫(‪ )42‬ابن تيمية االستقامة‪.)42 /1( ،‬‬
‫(‪ )43‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪.)118 -117 /4( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)7‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫د‪ -‬أن تكون املحدثات ال دليل عليها البتة‪ ،‬فان كان عليها دليل ولو محتمال فال تدخل في البدعة‪ ،‬بل تكون من‬
‫املسائل املتنازع في شرعيتها‪ :‬من أصاب فيها الحق فله أجران‪ ،‬ومن أخطأ فله أجر واحد‪.‬‬
‫ه‪ -‬البدع قد تكون عن تأويل فاسد أو بعيد‪.‬‬

‫‪ :4‬البدعة عند الشاطبي‬


‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ َ ُ َ ْ َ َ (‪)45‬‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ ْ‬
‫عقد الشاطبي رحمه هللا بابا في تع اريف ال ابد اع وبيان معناها ‪ ،‬فبين أن أفعال العباد ال تعدو ثالثة أحكام‪:‬‬
‫ََُ ْ َ َ ُ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫األ ْمر‪ ،‬ايجابا وندبا‪َ ،‬و ُح ْكم َي ْق َتضيه َّ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫احة‪ ،‬ثم‬ ‫اإلب‬
‫َا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫التخيير‬ ‫يقتضيه‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ح‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫تحريما‬ ‫أو‬ ‫اهة‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫ه‬ ‫الن ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُحكم َي ْق َت اض ايه‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫مخالفا للقسمين اآلخرين‪ ،‬وجعله َع َلى َ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ ْ ُ ُ َ ُ َ ْ َ َ ُ َّ َ‬
‫ض ْرَب ْي ان‪ :‬أ َح ُد ُه َما‪ :‬أ ْن ُيطل َب‬ ‫وب ت ْرك ُه ل ْم ُيطل ْب ت ْرك ُه اإال الك ْو ان اه‬ ‫أوضح أن املطل‬
‫الن َظر َع ْن َغ ْير َذلك‪َ.‬‬ ‫َت ْر ُك ُه‪ ،‬وينهى عنه لكونه مخالفة خاصة‪ ،‬مع تجرد َّ‬
‫ا ا‬ ‫ا‬
‫ََ‬ ‫ْ َ َْ ْ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َوالثا اني‪ :‬أ ْن ُيطل َب ت ْرك ُه‪َ ،‬و ُي ْن َهى َع ْن ُه لكونه مخالفة تضاهي التش ار ايع‪ ،‬امن اجه اة ضر اب الحد اود‪ ،‬وتع اي اين‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫األ ْزم َنة ْاملُ َع َّي َنة‪َ ،‬م َع َّ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ْ َ ُْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫الد َو اام َون ْح او ذ ال َك‪َ ،‬و َهذا ُه َو الذي يراه اب ْد َعة‪ ،‬ويسمى فاعله‬ ‫ا‬ ‫ات املع َّين اة‪ ،‬أ او ا ا‬ ‫ات‪ ،‬وال اتز اام الهيئ ا‬ ‫الك ْي اف َّي ا‬
‫ً‬
‫مبتدعا‪ ،‬وعلى هذا تكون البدعة عنده ما نهي عنه ال لذاته بل ملضاهاته التشريع‪ ،‬وبناء عليه سعى لوضع تعريف‬
‫َ‬
‫وك َعل ْي َها‬
‫َّ ْ َّ َ ُ ْ َ ُ ُّ ُ‬ ‫منضبط للبدعة فقال‪"َ :‬ف ْالب ْد َع ُة إ َذ ْن ع َب َارة َع ْن َطر َيقة في الدين ُم ْخ َت َر َعة‪ُ ،‬ت َ‬
‫السل ا‬ ‫ض ااهي الشر اعية يقصد اب‬ ‫ٍ‬ ‫ا ٍ ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َْ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ َ َ ُ‬
‫ات‪،‬‬ ‫َ‬
‫ات افي معنى ال ابدع اة وإنما يخصها ابال اعباد ا‬ ‫امل َبالغة افي الت َع ُّب اد الل اه ُس ْبحانه‪ ،‬ثم قال‪ :‬وهذا على رأ اي من ال يد اخل العاد ا‬
‫َ‬
‫َّ َ‬ ‫ال ْال َعاد َّي َة في َم ْع َنى ْالب ْد َعة‪َ ،‬ف َي ُقو ُل‪ :‬البدعة َطر َيقة في الدين ُم ْخ َت َر َعة‪ُ ،‬ت َ‬ ‫األ ْع َم َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫ض ااهي الش ْر اع َّية‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وأما على رأ اي من أدخل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ُ ُّ ُ‬
‫وك َعل ْي َها َما يقصد ابالط اريق اة الش ْر اع َّي اة‪ ،‬ومال الشاطبي رحمه هللا إلى ترجيح اختصاصها بالعبادات حيث‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫السل ا‬ ‫يقصد اب‬
‫ُّ ْ َ َ َ‬ ‫ُ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ َ َ َُ َ َْ ً َ َ ْ َ َ ْ َ َ ً ُ ْ َ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ‬
‫الد اين‪ ،‬األنها اف ايه تخترع‪ ،‬واإلي اه ي اضيفها ص ااحبها‪ .‬وأيضا فلو كانت ط اريقة مخترعة افي الدنيا على‬ ‫قال‪" :‬واإنما ق ايدت اب ا‬
‫َّ َ (‪)46‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ َّ ْ َ ً َ‬ ‫ْ ُ ُ‬
‫اث الصنا ائ اع ‪.‬‬ ‫وص لم تسم ابدعة‪ ،‬ك اإحد ا‬ ‫الخص ا‬
‫يخلص الباحث إلى أن خصائص البدعة عند الشاطبي اآلتي‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫‪ -1‬أن تكون طريقة مخترعة‪ ،‬أي ال أصل لها‪ ،‬بل هي ط اريقة مبتدعة َعلى غ ْي ار امث ٍال تق َّد َم َها‪.‬‬
‫ْ ُ ْ َ‬
‫ص اوله‪َ ،‬و َسا ائ ار ال ُعل اوم الخ ااد َم اة‬ ‫الشار ُع الحكيم‪ ،‬وعليه فإن العلوم اإلسالمية كالفقه ُوأ ُ‬ ‫ن َ َ َ َّ َ َ َ ُ َّ‬
‫‪ -2‬أن تكو خ اارجة عما رسمه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫َّْ‬ ‫صول َها َم ْو ُج َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الز َمان األ َّول‪ ،‬فأ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وجد في َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يعة‪ ،‬ال تعد بدعا األ َّن َها َوإن ل ْم ت َ‬ ‫َّ َ‬
‫ودة افي الشر اع‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫اللش ار ا‬
‫ْ َْ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫‪ -3‬أن ُت َ‬
‫ض َّادة ل َها‬ ‫ض ااهي الش ْر اع َّية‪ ،‬أي أ ْن تش ابهها في الظاهر‪ ،‬امن غي ار أن تكون افي الح اقيق اة كذ الك‪ .‬بل اهي م‬
‫َ‬
‫من حيث إدخال بعض القيود على العبادة‪ ،‬كإدخال قيد القيام وعدم االستظالل على عبادة الصيام(‪ ،)47‬أو‬
‫ات ُم َع َّي َنة لم يوجبها الشرع‪َ ،‬كالذ ْكر ب َه ْي َئة اال ْجت َماع َع َلى َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َّ َ َ َ‬
‫ص ْو ٍت َو ااح ٍد(‪ ،)48‬أو من حيث‬ ‫ا ا ا ا ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ات وه ْيئ ا‬ ‫من حيث ال اتزام كي افي ا‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َّ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ْ‬
‫ات معين ٍة لم يوجد لها ذ الك التع ايين افي الش اريع اة‪.‬‬ ‫ات ُم َع َّين اة افي أوق ٍ‬ ‫ال اتز ُام اع َباد ا‬

‫(‪ )44‬ابن تيمية‪ :‬الفتاوى‪.217 /5 ،‬‬


‫(‪ )45‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)61 -45 /1( ،‬‬
‫(‪ )46‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)47 -46/1( ،‬‬
‫ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ْ ُ ُ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ ُّ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اس‪ ،‬قال‪ :‬بينا الن ابي صلى هللا علي اه وسلم يخطب‪ ،‬اإذا هو ابرج ٍل قا ائ ٍم‪،‬‬ ‫أخرجه البخاري (حديث َرقم ‪ ،)6714‬ع ان اب ان عب ٍ‬ ‫(‪ )47‬إشارة إلى ما‬
‫َ ََ َ َُْ ََ ُ َ‬
‫هللا َع َل ْيه َو َس َّل َم‪ُ « :‬م ْرهُ‬
‫ص َّلى ُ‬ ‫ال َّ‬
‫النب ُّي َ‬ ‫َ‬ ‫وم‪َ .‬فقَ‬
‫ص َ‬‫وم َو َال َي ْق ُع َد‪َ ،‬و َال َي ْس َتظ َّل‪َ ،‬و َال َي َت َك َّل َم‪َ ،‬و َي ُ‬
‫يل‪َ ،‬ن َذ َر أ ْن َي ُق َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫فسأل عنه فقالوا‪ :‬أبو اإسرا ائ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َف ْل َي َت َك َّل ْم َو ْل َي ْس َتظ َّل َو ْل َي ْق ُع ْد‪َ ،‬و ْل ُيت َّم َ‬
‫ص ْو َمه‪ُ.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ َْ‬
‫(‪ )48‬إشارة إلى أثر أبي موس ى األشع اري‪ ،‬في شأن احلق الذكر افي املس اج اد‪ ،‬أخرجه الدارمي في مسنده برقم‪ ،211 :‬قال محققه حسين سليم‬
‫أسد الداراني‪ ،‬إسناده جيد‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)8‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َ ُ ُّ َ ْ ُ َ َ ُّ‬
‫الط ُرق في الدين م َّما ُي َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫الس ُلوك َع َل ْي َها ْاملُ َب َال َغ ُة في َّ‬
‫الت َع ُّب اد الل اه ت َعالى‪ ،‬وعليه فكل ما اخت ارع امن‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫ض ااهي‬ ‫ا ا ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫‪ -4‬أن يقصد اب ُّ ا‬
‫ََ َ‬
‫الت َع ُّب ُد فق ْد خ َر َج َع ْن مسمى البدعة عنده‪.‬‬ ‫ص ْد به َّ‬ ‫َْ ْ َ ََ ُ ْ َ‬
‫املش ُروع ول ْم يق ا ا‬
‫وألن البدعة طريقة مخترعة ال أصل لها في الدين عند الشاطبي فقد رد ما زعمه القرافي(‪ )49‬من تقسيم البدع‬
‫إلى األحكام التكليفية الخمسة‪ ،‬مخالفا بذلك اتفاق املالكية في إنكار البدع مطلقا(‪ ،)50‬وتعجب الشاطبي ام َن نقل‬
‫َ‬
‫القرافي لإلجماع ثم إقدامه على خ ْر اقه(‪.)51‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬نماذج من تحقيقات ابن تيمية والشاطبي حول أهل البدع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تحقيقات ابن تيمية حول أهل البدع‪ :‬يرى شيخ اإلسالم أن الرافضة أوغل الطوائف في البدع‪،‬‬
‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫َ َّ َ ُ َ َ‬
‫ضة أش ُّد اب ْد َعة ام َن الخ َو اار اج‪،‬‬ ‫طعنا في جمهور املسلمين‪ ،‬يقول رحمه هللا‪" :‬والرا اف‬ ‫قدحا في السلف‪ ،‬وأقواهم ً‬ ‫وأشدهم ً‬
‫َ‬
‫الص َح َاب اة ك اذ ًبا‬ ‫الل ُه َع َل ْي اه َو َس َّل َم‪َ -‬و َّ‬ ‫َ َّ َّ‬
‫الن اب اي‪ -‬صلى‬ ‫ون َم ْن َل ْم َت ُكن ْال َخ َوار ُج ُت َكف ُر ُه‪َ ،‬ك َأبي َب ْكر َو ُع َم َر‪َ ،‬و َي ْكذ ُبو َن َع َلى َّ‬ ‫َو ُه ْم ُي َكف ُر َ‬
‫ا‬ ‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ص َد َق َو َأ ْش َج َع ام ْن ُه ْم‪َ ،‬و َأ ْو َفى ب ْال َع ْه اد ام ْن ُه ْم‪َ ،‬ف َك ُانوا َأ ْك َثرَ‬ ‫َما َكذ َب َأ َحد م ْث َل ُه‪َ ،‬و ْال َخ َوار ُج َال َي ْكذ ُبو َن‪َ ،‬لك َّن ْال َخ َوار َج َك ُانوا َأ ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُْْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ُّ (‪)52‬‬ ‫َ ً ُْ ْ َ َ َُ‬
‫اإلسال ام‬ ‫موضع آخر‪" :‬ليس افي ج ام ايع الطوا ائ اف املنت اسب اة إلى ا‬ ‫اقتاال امنهم‪ ،‬وهؤال اء أكذب وأجبن وأغدر وأذل ‪ ،‬وقال في‬
‫ْ ُ ْ َ ْ ُ ُ ق َ ْ ْ َ ََْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ََ َ َ‬
‫ضالل ٍة ش ٌّر ام ْن ُه ْم‪ :‬ال أ ْج َه َل َوال أكذ َب‪َ ،‬وال أظل َم‪َ ،‬وال أق َر َب إلى الكف ار والفسو ا وال اعصي اان‪ ،‬وأبعد عن حقا ائ اق‬ ‫مع ابدع ٍة و‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وع‪،‬‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫يضا‪" :‬ول اكْن الرا اف َ اض ي أخذ ي َن اكر ْع ُلى ك ال طا َائف ٍ َة ابم َا يظن أن َه يج ارحها اب َ اه افي األَصو ال ْ وال َفر َ ْ َا‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ َّ‬ ‫اإل َيم اان ام ْن ُه ْم ‪ ،‬وقال أ‬
‫)‬‫‪53‬‬ ‫(‬
‫ا‬
‫س افي طا ائ َف ٍة ام ْن ط َوا ائ اف أ ْه ال ال اق ْبل اة أكث ُر‬ ‫الس ال َيم ُة ام َن ال َج ْرح َوق اد َّات َف َق ُع َقال ُء امل ْس الم َين َعلى أ َّن ُه ل ْي َ‬ ‫َظ ًّانا َأ َّن َطا ائ َف َت ُه ه َي َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ْ َ َ (‪)54‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ََْ َ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ًْ َ ََ ً َ َ ً َ َ ً ََ ْ‬
‫جهال وضالال وك اذبا و ابدعا‪ ،‬وأقرب إلى ك ال ش ٍر‪ ،‬وأبعد عن ك ال خي ٍر امن طا ائف ات اه ‪.‬‬
‫وفي املقابل يرى طوائف أخرى أقرب إلى طريقة السلف‪ ،‬وإن وجدت عليهم بعض املؤاخذات‪ ،‬مثل األشعرية‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ َْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ َْْ‬ ‫َ‬
‫الر اد َعلى أ ْه ال ال اب َد اع كال ًما َح َس ًنا ُه َو ام ْن الكال ام امل ْق ُبو ال ال اذي ُي ْح َم ُد قا ائل ُه‬ ‫الذين يقول عنهم‪"َ :‬وال َرْي َب أ َّن الْلش َع ار اي افي‬
‫َّ َ َ َ ُ َ ْ ً َ َ َ َ َ َ ْ َ ُّ َّ ُ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َّ ُ َ ُّ َ ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫َإذا َأ ْخ َل َ‬
‫ص َّر َعل ْي اه‬ ‫النية‪ ،‬وله أيضا كالم خالف اب اه بعض السن اة هو امن الكال ام املرد اود ال اذي يذم اب اه قا ائله إذا أ‬ ‫ص اف ايه ا‬
‫ْ‬
‫َب ْع َد اق َي اام ال ُح َّج اة(‪.)55‬‬
‫والبن تيمية كالم عن الصوفية قريبا مما قاله عن األشعرية‪ ،‬من حيث إنه لم يعدلهم بإطالق وال بدعهم‬
‫َ ُ‬ ‫ُّ َّ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ص ُّوف "‪َ ،‬وقالوا‪ُ :‬م ْب َت اد ُعو َن َخ اار ُجو َن‬ ‫اس افي ط ار ايق اه ْم؛ فطا ائ َفة ذ َّم ْت " الصو افية والت‬ ‫الن ُ‬ ‫بإطالق‪ ،‬يقول رحمه هللا‪"َ :‬ت َن َاز َع َّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الس َّن اة َون اق َل َع ْن طا ائ َف ٍة ام ْن األ ائ َّم اة افي ذ ال َك ام ْن الكال ام َما ُه َو َم ْع ُروف‪َ ،‬وت اب َع ُه ْم َعلى ذ ال َك ط َوا ائف ام ْن أ ْه ال ال اف ْق اه‬ ‫َع ْن ُّ‬
‫والص َو ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َّ َ ْ َ َّ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ ْ ََ َ َ َ ََ ْ‬
‫اب‬ ‫ور ذ اميم‪،‬‬ ‫والكال ام‪ ،‬وطا ائفة َغلت اف ايهم وادعوا أنهم أفضل الخل اق وأكملهم بعد َاألن ابي ااء و اكال طرفي ه اذ اه األم ا‬
‫َُْ‬ ‫الل اه َف افيه ْم َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ْ ْ َ َ َّ‬ ‫َ‬
‫الس ااب ُق املق َّر ُب‪ -‬اب َح َس اب‬ ‫ا‬ ‫عند ابن تيمية " أ َّن ُه ْم ُم ْج َت اه ُدون افي طاع اة الل اه كما اجتهد غيرهم امن أه ال طاع اة‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫الص ْن َف ْي ان َم ْن ق ْد َي ْج َت اه ُد ف ُيخ اط ُئ‪َ ،‬و اف ايه ْم َم ْن ُيذ ان ُب‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ْ َْ َْ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ َ ُ َّ‬ ‫ْ َ‬
‫اج اته ااد اه‪ -‬و اف ايهم املقت اصد ال اذي هو امن أه ال الي ام اين‪ ،‬و افي ك ٍل امن ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ُ َ ْ ُْْ َ َ َْ ْ َ ْ ُ َ َ‬
‫اص ال َراب اه‪َ .‬وق ْد انت َس َب إل ْي اه ْم ط َوا ائف ام ْن أ ْه ال ال اب َد اع‬ ‫َ‬
‫فيتوب أو ال يتوب‪ .‬و امن املنت اس ابين إلي اهم من هو ظ االم النف اس اه ع ٍ‬

‫(‪ )49‬قال رحمه هللا‪( :‬الفرق الرابع والخمسون واملائتان بين قاعدة ما يحرم من البدع وينهى عنه وبين قاعدة ما ال ينهى عنه منها)‪،‬‬
‫القرافي‪ :‬البروق في أنواء الفروق (‪.)217 /4‬‬
‫(‪ )50‬قال رحمه هللا‪" :‬األصحاب‪ -‬فيما رأيت‪ -‬متفقون على إنكار البدع نص على ذلك ابن أبي زيد وغيره‪ ،‬والحق التفصيل‪ ،‬وأنها خمسة‬
‫أقسام" القرافي‪ :‬أنوار البروق في أنواء الفروق (‪.)217 /4‬‬
‫(‪ )51‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)246 /1( ،‬‬
‫(‪ )52‬ابن تيمية‪ :‬منهاج السنة النبوية‪.)154 /5( ،‬‬
‫(‪ )53‬املصدر نفسه‪.)161 -161 /5( :‬‬
‫(‪ )54‬املصدر نفسه‪.)617 /2( :‬‬
‫(‪ )55‬ابن تيمية‪ :‬الفتاوى الكبرى‪.)663 /6( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)9‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫وه َو َأ ْخ َر ُج ُ‬
‫وه‬ ‫الطريق َأ ْن َك ُر ُ‬ ‫َّ‬
‫خ‬
‫َ َّ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َّ َ ُّ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ َّ َ َ ً َ َّ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ا ا‬ ‫والزندق َّ اة؛ ول اكن اعند املح اق اقين امن أه ال التصو اف ليسوا امنهم‪ :‬كالحال اج مثال؛ ف اإن أكثر م ا ا‬
‫اي‬ ‫ش‬
‫َع ْن الط ار ايق(‪.)56‬‬
‫وشنع شيخ اإلسالم على املعتزلة في منهجهم الغالي في العقل على حساب النقل‪ ،‬ونسبهم بذلك الغلو إلى‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ ْ‬
‫رضة ال ُق ْرآن بمعقول أو اق َياس ف َهذا لم يكن يستحله أحد من السلف َواإ َّن َما ابتدع‬ ‫االبتداع‪ ،‬قال رحمه هللا‪" :‬فأما معا‬
‫ُْ ْ َْ َ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َذلك ملا َظهرت ْال َج ْهمية واملعتزلة َو َن ْحوهم م َّمن بنوا ُ‬
‫سموه معقوال وردوا القرآن اإلي اه وقالوا اإذ‬ ‫أصول دينهم على َما‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ َ ُ (‪)57‬‬ ‫َْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ْ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تعارض العقل والشرع اإما أن يفوض أو يتأول فهؤال اء من أعظم املجادلين افي آيات هللا ابغير سلطان أتاهم" ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحقيقات الشاطبي حول أهل البدع‪ :‬ال يرى الشاطبي حصر أهل البدع في طائفة معينة‪ ،‬لكنه نبه‪-‬‬
‫رحمه هللا‪ -‬على مآخذ في االستدالل من تلبس ببعضها أو كلها كان مبتدعا‪ ،‬وفي ما يلي خالصتها (‪.)58‬‬
‫َ‬
‫الس َّن اة ُدون غيرهم‪.‬‬ ‫أص ااح ُب ُّ‬ ‫‪ -1‬تكلفهم االستدالل َبأدلة السنة على خصوصيات مذاهبهم‪ ،‬ودعوى َأنهم َ‬
‫‪ -2‬يتبعون املتشابه‪ ،‬ويسعون في تأويله بما يوافق أهواءهم‪.‬‬
‫َ ْ َ َُ‬ ‫َ َّ َ ُ َ َ َ ُ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُْ ْ َ‬ ‫س َن َظره ْم في َّ‬ ‫‪ -3‬طلب األدلة لتصحيح األهواء‪َ ،‬ف َل ْي َ‬
‫الد ال ايل نظر املستب اص ار حتى يكون هواه تحت حك ام اه‪ ،‬بل نظر‬ ‫اا ا‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫الد ال ايل كالش ااه اد ل ُه‪.‬‬ ‫َم ْن َح َك َم ب ْال َه َوى‪ُ ،‬ث َّم َأتى ب َّ‬
‫ا‬ ‫ْ َ ُ ُ ْا ََ َ‬
‫َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وب افيها على رسو ال الل اه صلى الله علي اه وسلم‪ ،‬وال اتي ال‬ ‫‪ -4‬اع اتماد َهم على األحاديث الو ااهي اة الض اعيف اة‪ ،‬واملكذ ا‬
‫َّ ْ َ ً‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫يث‪ ،‬وال ُيبنى عيها حكم‪ ،‬وال تجعل أصال في التش ار ايع أبدا‪.‬‬ ‫َيق َبل َها أهل اصناع اة الح اد ا‬
‫ََْ‬ ‫ُّ‬
‫يث الصحيحة التي جاءت غير موافقة ألغراضهم ومذاهبهم‪ ،‬بدعوى مخالفتها للمعقول‪ ،‬وعدم‬ ‫‪َ -5‬ردهم الْلح ااد ا‬
‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ََ ُ ْ َ َ‬
‫اب الق ْب ار(‪ ،)59‬والصراط (‪ ،)60‬وامليزان(‪...)61‬إلخ‪.‬‬ ‫جريانها على مقتض ى الد ال ايل؛ كإنكار عذ ا‬
‫َّ‬ ‫ْ ْ‬
‫الس َّن اة ال َع َراب َّي ْي ان من غير تمكن من اعل ام ال َع َراب َّي اة الذي به يفهم َع ان الل اه‬
‫ْ‬ ‫ص ُهم َع َلى ْال َك َالم في ْال ُق ْرآن َو ُّ‬ ‫‪َ -6‬ت َخ ُّر ُ‬
‫ا‬ ‫ا ا‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫في َخ اال ُفو َن َّ‬
‫اس اخ َين افي ال اعل ام‪ ،‬ثم أورد رحمه أمثلة من أخطائهم‪ ،‬إلى أن قال‪َ :‬وك اث ًيرا َما ُيو اق ُع‬ ‫الر ا‬
‫َو َر ُس اول اه‪ُ ،‬‬
‫الل ُه م َن ْال َج ْهل َو ْال َع َمل به‪ ،‬ب َف ْ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ْ‬
‫ض ال اه‪.‬‬ ‫ا ا َا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫مخاز ال َي ْر َض ى اب َها َعا اقل‪ ،‬أعاذنا‬ ‫ٍ‬ ‫ال َج ْه ُل ابكال ام ال َع َر اب افي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األصول ْال َواض َحة إلى ات َباع ْاملُ َت َشاب َهات والحال أنه َال ُي ْمك ُن أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫الفروع الجزئية‬ ‫تعارض‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪ -7‬ان اح َراف ُه ْم َع ان‬
‫الر ُج ُ‬ ‫ض ْت َع َم ًال َف ُّ‬ ‫التوقف‪َ ،‬وإن ْاق َت َ‬ ‫ُّ‬ ‫ً َ‬ ‫وع ْال ُج ْزئ َّي َة إ ْن َل ْم َت ْق َ‬ ‫ألن ْال ُف ُر َ‬ ‫الكلية؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ض َع َمال‪ ،‬ف اه َي افي َم َح ال‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫األصو َ‬
‫َ َ ً‬ ‫ََ ْ َْ َ َ‬ ‫األصول هو الصراط املستقيم‪ُ ،‬وت َت َّأو ُل الجزئيات حتى َت ْرج َ‬ ‫ُ‬
‫س األمر َح َاو َل شططا‪،‬‬ ‫الكل َّيات‪ ،‬فمن عك‬ ‫ا‬ ‫إلى‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫إلى‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬
‫ات َد اليال؟ أ ْو ُي ْب َنى َعل ْي َها ُحكم ام َن‬ ‫ُ َ ُّ‬
‫ودخ َل افي حك ام الذ ام؛ ألن ُمت اب َع املتشابهات َمذ ُموم‪ ،‬فك ْيف ي ْعتد اباملتش ااب َه ا‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬
‫س األمر‪ ،‬ف َج ْعل َها َد اليال اب ْد َعة محدثة‪.‬‬ ‫ا‬ ‫األحكام؟ َواإذا ل ْم تك ْن َد اليال افي ن ْف‬
‫ْ‬ ‫َْ َُ َ ُ َ ْ َ َ ْ ً َ َ َ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ضا‪ ،‬أو ُمخال َف ُت َها الل ُع ُقو ال‪.‬‬ ‫يح اة الل ُق ْر اآن الكريم‪ ،‬أو منا اقضة بع اضها بع‬ ‫عوى مناقضة األحاديث الص اح‬ ‫‪َ -8‬د َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ ََْ‬ ‫الدل ُ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َّ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َّ َ ْ َ َ‬
‫وه ًما أن‬ ‫اط‪ ،‬فيص َرف عن ذ الك املناط إلى أمر آخ َر م ا‬ ‫يل على َمن ٍ‬ ‫اض اع َها؛ ابأن ي ارد ا‬ ‫‪ -9‬تح اريف األ ادل اة عن مو ا‬
‫َ َ ْ ََ‬ ‫اط ْين َواحد‪َ ،‬و ُه َو عنده م ْن َّ َ ْ‬ ‫ََْ َ‬
‫اض اع اه‪ ،‬ويضرب الشاطبي لذلك مثال بأن يقتض ي‬ ‫يف الك ال ام عن مو ا‬ ‫خفيات تح ار ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫املن‬
‫ْ ُ ْ َ َ ً َ ْ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫والدعاء‪،‬‬
‫ا‬ ‫ات‪ ،‬فيأتي اب اه املكلف افي الجمل اة أيضا؛ ك اذك ار الل اه‪،‬‬ ‫يل الش ْر اع ُّي أمرا افي الج ْمل اة له تعلق ابال اع َباد ا‬ ‫الد ال ُ‬

‫(‪ )56‬املصدر السابق‪.)18 -17 /11( :‬‬


‫(‪ )57‬ابن تيمية‪ :‬االستقامة‪.)23 /1( ،‬‬
‫(‪ )58‬بسط الشاطبي أوصاف أهل البدع ومناهجهم في االستدالل في االعتصام‪)141 -5 /2( :‬‬
‫(‪ )59‬قال بنفيه الخوارج واملعتزلة‪ ،‬انظر الشريعة لآلجري (ص‪ ،)358‬ومقاالت اإلسالميين ألبي الحسن ألشعري (‪.)116 /2‬‬
‫(‪ )60‬أنكره القاض ي عبد الجبار املعتزلي وكثير من أتباعه زعما منهم أنه ال يمكن عبوره‪ ،‬وإن أمكن ففيه تعذيب‪ ،‬وال عذاب على املؤمنين‬
‫والصلحاء يوم القيامة‪" . .‬انظر لوامع األنوار (‪ ،)193 /2‬وشرح أصول االعتقاد لاللكائي (‪.)1177 /6‬‬
‫(‪ )61‬أنكرته املعتزلة‪ ،‬انظر مقاالت اإلسالميين لْلشعري (‪ ،)164 /2‬الفصل في امللل واألهواء والنحل البن حزم (‪.)65 /4‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)10‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َّ َ‬ ‫ً‬
‫ف‬ ‫السل ا‬ ‫املستحبات‪ ....‬فيكون الدليل عاضدا لعمله ام ْن اج َه َت ْي ان‪ :‬ام ْن اج َه اة َم ْع َن ُاه‪َ ،‬و ام ْن اج َه اة َع َم ال‬ ‫َّ‬ ‫الن َوا اف ال‬ ‫َو َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َّ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ ُ‬
‫وص ٍة‪ ،‬أو َز َم ٍان مخصوص‪ ،‬أو مكان مخصوص‪،‬‬ ‫الص اال اح اب اه‪ .‬ف اإ ْن أتى املكلف افي ذ الك األمر ابكي افي ٍة مخص‬ ‫َّ‬
‫ُ َ ً َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َّ ً َ ْ َ ْ َّ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫صود ش ْر ًعا‬ ‫مق اارنا ال اعب ااد ٍة مخصوص ٍة‪ ،‬والتزم ذ الك ابحيث صار متخيال أن الكي افية‪ ،‬أو الزمان‪ ،‬أو املكان مق‬
‫يل غير دال على ذ ال َك امل ْع َنى امل ْس َت َد ال َعل ْي اه‪ ،‬وصارت من هذه الجهة‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫الد ال ُ‬ ‫ان َّ‬ ‫يل َع َل ْيه؛ َك َ‬ ‫الد ال ُ‬ ‫م ْن َغ ْير َأن َي ُد َّل َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫يع اة َو ُهمُ‬ ‫الشر َ‬ ‫ْ ُ َّ‬ ‫َّ ً َ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫ً‬
‫بنظر الشاطبي بدعا محدثة؛ ألنه قد خالف اإطالق الد ال ايل أوال‪ ،‬وخالف من كان أعرف امنه اب ا‬
‫َّ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫الص اال ُح َر اض َي الل ُه عنهم ثانيا‪.‬‬ ‫ف َّ‬ ‫السل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ود َوامل َر ُاد‪ ،‬ومن األمثلة التي ذكرها‬ ‫ص ُ‬ ‫‪ -11‬صرف الظ َواهر الش ْرع َّية إلى تأويالت ال ت ْعق ُل بدعوى أ َّن َها ه َي املق ُ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ ُْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ َّ َ َّ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫فشاء اس ٍر اإليه قبل أن ينال رتبة‬ ‫يب ابإ ا‬ ‫ات‪ :‬أن الجنابة مبادرة الد ااعي اللمست اج ا‬ ‫الشاطبي لهذا املنهج افي الشر اعي ا‬
‫ُ‬ ‫ْ ْ َ َ َ َْ ْ ُ ْ َ ْ ُ ْ َْ ََ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ ُ‬
‫الس ار افي‬ ‫إفشاء ا‬ ‫ا‬ ‫ااالس اتحق ااق‪ .‬ومعنى الغس ال‪ :‬تج اديد العه اد على من فعل ذ الك‪ ،‬و ااالح اتالم‪ :‬أن يس ابق السانه إلى‬
‫اعت َقاد ُكل َم ْذ َهب س َوى ُم َت َابعةَ‬ ‫الت َب ُّر ُؤ م َن ْ‬ ‫َغ ْير محله‪ ،‬فعليه الغسل؛ َأي‪ :‬تجديد املعاهدة‪ ،‬والطهور‪ُ :‬ه َو َّ‬
‫ا‬ ‫ٍ ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ن َ َ ْ ََ ُ َ‬ ‫ْ َ ا َ َّ َ ُّ ُ َ‬
‫ف‬ ‫اإلمساك عن كش ا‬ ‫الصيام‪ُ :‬هو ا‬ ‫اإلم اام‪ .‬و ا‬ ‫اإلم اام‪ .‬والتيمم‪ :‬األخذ امن املأذو إلى أن يسعد ابمش ُاهد اة الد ااعي و ُ ا‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ ُ ُّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ََُ ْ ْ َ َ‬
‫يف‪ ،‬وأمور اآل اخر اة‪ ،‬وكله حوم‬ ‫اإللهية‪ ،‬وأمور التك ال ا‬ ‫اإلفك كثير من األمور ا‬ ‫الس ار‪ . ....‬إلى أن قال ولهم امن هذا ا‬ ‫ا‬
‫َّ ُ ْ ُ َ ُّ ُ َّ َ َّ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬ ‫َّ َ ُ ْ َ ً َ َ ْ ً‬ ‫ََ ْ َ‬
‫وإباحية‪ ،‬من اكرون اللنبو اة والشرا ائ اع والحش ار‬ ‫ا‬ ‫على اإبط اال الش اريع اة جملة وتف اصيال‪ ،‬اإذ هم ثن اوية وده ارية‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َّ ْ َ ْ َ َّ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ ُ ْ َ ُ‬
‫اط ان َّي اة‪.‬‬ ‫والنش ار والجن اة والن اار واملال ائك اة‪ ،‬ب ْل ه ْم من اك ُرون ال ُّلرب اوب َّي اة‪ ،‬وه ُم املس َّمون ابالب ا‬
‫َ ْ َ ُّ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َْ‬
‫اطل َم ْحض‪َ ،‬و اب ْد َعة‬ ‫َ‬
‫‪ -11‬تع اظيم الشيوخ حتى ألحقوهم بمراتب فوقما يست احقونها‪ ،‬ويصف الشاطبي هذا بأنه ب ا‬
‫ُْ َ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ف ااحشة؛ ودليله على بدعية هذا القول أنه ال ُي ْم اك ُن أن َي ْبل َغ املتأخرون أبدا َم َب اال َغ امل َتق اد ام َين‪.‬‬
‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات‪ ،‬وهو منهج وصفه الشاطبي‬ ‫‪ -12‬ومن منهج أهل البدع عند الشاطبي احتجاج قوم افي أخذ األعمال باملن َام ا‬
‫ََ َ ََ ُُْ َ َ َ ْ ُ َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫اع َملوا كذا‪َ .‬و َي َّت اف ُق مثل هذا‬ ‫بالضعف‪ ،‬فيقولون‪ :‬رأينا فالنا الرجل الصالح في النوم‪ ،‬فقال لنا‪ :‬اتركوا كذا‪ ،‬و‬
‫الن ْوم‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫الل ُه َع َل ْيه َو َس َّل َم في َّ‬ ‫َّ َّ َ َّ َّ‬ ‫َ ُ َّ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ‬ ‫الت َ‬ ‫للم َت َرسمين َبر ْسم َّ‬ ‫ً‬
‫ال الي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ي‬
‫ْا‬ ‫ب‬ ‫الن‬ ‫يت‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ص ُّو اف‪ ،‬وربما قال بعضهم‪:‬‬ ‫كثيرا ُ ا‬
‫يع اة‪ ،‬يقول الشاطبي َو ُه َو‬ ‫الشر َ‬ ‫َّ‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ض َ‬
‫وع‬ ‫ضا َعن ْال ُح ُدود املَ ْو ُ‬ ‫َك َذا‪َ ،‬وأمرني ب َك َذا؛ َف َي ْع َم ُل ب َها‪َ ،‬و َي ْت ُر ُك ب َها‪ُ ،‬م ْعر ً‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ ً ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫نبياء ال يحكم ابها شرعا على ح ٍال‪ ،‬اإال بأن تعرض على األحكام‬ ‫خطأ؛ ويعلل حكمه هذا بأن الرؤيا امن غي ار األ ا‬
‫َ ُ‬ ‫الش ْرع َّية‪ ،‬فإن َس َّو َغ ْت َها ُعمل ب ُم ْق َت َ‬ ‫َّ‬
‫ض َاها‪ ،‬اوإال َو َج َب ت ْرك َها واإلعراض عنها‪ ،‬ويبين الشاطبي فائدتها حينئذ بأنها‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫اص ًة‪َ ،‬وأما ْ‬ ‫بشارة ونذارة َخ َّ‬
‫اس ات َف َادة األحكام منها فال‪.‬‬
‫يق‬ ‫يتسمون بالفقراء‪َ ،‬ي ْز ُع ُمو َن َأنهم َس َل ُكوا َطر َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫‪ -13‬ويختتم الشاطبي حديثه عن منهج أهل البدع َع ْن ق ْو ٍم‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫َ َّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويأخذون في الذ ْكر َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ َّ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ‬
‫ص‬ ‫الغناء والرق ا‬ ‫ا‬ ‫صوت َو ااح ٍد‪ ،‬ث َّم افي‬ ‫ٍ‬ ‫الج ْهري َعلى‬ ‫ا ا ا‬ ‫ض الل َي االي‪،‬‬ ‫الصو افي اة‪ ،‬فيجت امعون افي بع ا‬
‫وك ذ ال َك‬
‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫الش ُي ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫املتسمين ابال ُفق َه ااء‪َ ،‬يت َر َّس ُمون اب َر ْس ام‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ض ُر َم َع ُه ْم َب ْع ُ‬ ‫الل ْيل‪َ ،‬و َي ْح ُ‬ ‫َ َ َّ‬
‫وخ ال ُهد ااة إلى سل ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫إلى آخر ا‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َّ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫َ ْ َ ُْ ْ َ َ‬ ‫َّ‬
‫صلى الل ُه َعل ْي اه َو َسل َم‪َ ،‬وط اريقة‬ ‫ات‪ ،‬املخال َف اة لط اريقة َر ُسو ال الل اه‬ ‫الط ار ايق‪ :‬فجزم بأن ذلك امن ال ابد اع املحدث ا‬
‫َ‬
‫أصحابه والتابعين لهم ابإحسان‪.‬‬
‫وفي ختام هذا املبحث الشيق الذي عقده الشاطبي لبيان مناهج املبتدعة في االستدالل يخلص إلى القول‬
‫َ َ ُ‬ ‫ْ َْ َ َْ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ض ابط؛ ألنها َس َّيالة ال ت اقف اع ْن َد َح ٍد(‪.)62‬‬ ‫بأن ط ُرق أهل ال اب َد اع افي ااالس اتدال ال ال تن‬

‫(‪ )62‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)139 /2( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)11‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫املبحث الثاني‪ :‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‪:‬‬
‫ُْ َ‬
‫ربما عد بعض الناس الكثير من املصالح امل ْر َسل اة اب َد ًعا‪ ،‬لخلوها من قيد االعتبار‪ ،‬وربما عد آخرون العديد‬
‫من البدع مصالح لخلوها من قيد اإللغاء‪ ،‬فأشكل هذا األمر جدا‪ ،‬فما هو رأي اإلمامين في هذه املسألة الشائكة؟‬

‫املطلب األول‪ :‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند اإلمامين‪:‬‬

‫املسألة األولى‪ :‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان عند شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أوال‪ .‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة عند شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ْ :‬املَ َ‬
‫ص اال ُح املُ ْر َسلة عند ابن تيمية أن َي َرى‬
‫ْ‬
‫س افي الش ْر اع َما َي ْن افيه(‪ ،)63‬واملصلحة بهذا املفهوم حكى رحمه هللا اف َيها‬
‫َّ‬ ‫ْاملُ ْج َته ُد أن ْال اف ْع َل َي ْج ال ُب َم ْن َف َع ًة َراج َح ًة؛ َو َل ْي َ‬
‫ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َّ ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ض ُه ْم ُي َقر ُب َإل ْيهاَ‬ ‫الرأ َي َو َب ْع ُ‬ ‫الخالف‪ ،‬فذكر أن من الفقهاء من يسميها " املص االح املرسلة " و امنهم من يس اميها‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬
‫ا‬
‫ا‬
‫ْ ْ َ َ (‪)64‬‬
‫ااالس اتحسان ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ َُ َ َ ْ َُ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫وابن تيمية رحمه يتوخى االعتدال في االحتجاج باملصالح املرسلة‪ ،‬فيرى أن ك اثيرا امن األمر ااء والعلم ااء والعب ااد‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ َ َ َ ً ََ َ َ َْ‬
‫ص ال (يعني اإلرسال في املصالح)‪َ ،‬وق ْد َيكون ام ْن َها َما ُه َو َم ْحظور افي الش ْر اع‪َ ،‬وفي املقابل‬ ‫األ ْ‬ ‫استعملوا مص االح ابناء على هذا‬
‫َ ُ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َأ ْه َم َل كثير منهم َم َ‬
‫ات‪ ،‬وحجة‬ ‫ات َو َمك ُروه ٍ‬ ‫ات أ ْو َوق َع في َم ْحظ َ‬
‫ور ٍ‬ ‫ا‬ ‫ات َو ُم ْستح َّب ٍ‬ ‫ص اال َح َي اج ُب اع ات َب ُارها ش ْر ًعا فف َّوت َو ااج َب ٍ‬
‫ُ‬ ‫الش ْر ُع َال ُي ْهم ُل ْاملَ َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َ َ َّ‬ ‫األ َّول عند شيخ اإلسالم‪( ،‬وهو ْ‬ ‫َْ‬
‫ص اال َح‪َ ،‬و ُح َّجة‬ ‫ا‬ ‫املف ارط في االستدالل باملصالح) أن ه اذ اه مصلحة و‬ ‫ا‬
‫صا َوَال ق َي ً‬ ‫الش ْر ُع َن ًّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫الثاني(وهو َ‬ ‫َّ‬
‫اسا(‪.)65‬‬ ‫ا‬ ‫املفرط)‪ :‬أ َّن َهذا أ ْمر ل ْم َي ار ْد اب اه‬ ‫ا‬
‫َ َ ُ ْ ُ ْ َْ‬
‫ض‬ ‫املرسلة مرة من التقديرات العقلية فيقول‪ :‬و اهي تش ابه امن بع ا‬ ‫وابن تيمية رحمه هللا يقرب املصلحة‬
‫الت ْح اس اين العق ال اي والرأ اي ونح او ذ الك ‪ ،‬ويحذر منها بقوله‪" :‬وهذه الطريقة فيها خطر‬ ‫َ َ (‪)66‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ َّ ْ َ َ‬ ‫ْال ُو ُجوه َم ْس َأ َل ُة اال ْست ْح َسان َو َّ‬
‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫ْ َ َ ْ قُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َّ َ َ ْ ُ ْ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫(‪)67‬‬
‫عظيم والغلط فيها كثير" ‪ ،‬ويقربها مرة أخرى من ذوق الصو افي اة ووجدهم واإلهاماتهم‪ ،‬فيقول‪" :‬وق اريب امنها ذو‬
‫ْ‬
‫الصو اف َّي اة َو َو ْج ُد ُه ْم َواإل َه َام ُات ُه ْم"‪ ،‬وال يخفاك أن هذا املنهج وربما أدى إلى التحلل من الشرع‪ ،‬لذلك يقول رحمه هللا‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫َّ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُْ َ َ ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َْ َ‬
‫الد اين َما ل ْم َيأذ ْن اب اه الل ُه غ اال ًبا‪ ،‬ولعل مرد تردده في القول بحجية املصالح‬ ‫والقول اباملص اال اح امل ْرسل اة يش َرع امن ا‬
‫املرسلة‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َّ َ‬
‫الن ْع َمة ف َما ام ْن ش ْي ٍء ُيق ار ُب إلى‬ ‫الدين وأت َّم ا‬ ‫‪" -1‬أن الش اريعة لم ت ْه ام ُل مصلحة قط ب ْل إن الله تعالى قد أك َم َل لنا ا‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬
‫ض ااء ل ْي ال َها ك َن َه اار َها ال َي از ُيغ َع ْن َها َب ْع َد ُه إال‬ ‫ال َج َّن اة إال َوق ْد َح َّدث َنا اب اه الن ابي صلى الله علي اه وسلم وتركنا على البي‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َ ً َ ْ َ َ َّ َ‬
‫ان الش ْر ُع ل ْم َي ار ْد اب اه فأ َح ُد األ ْم َرْي ان ال ازم ل ُه َّإما أ َّن الش ْر َع َد َّل َعل ْي اه‬ ‫َه االك‪ .‬ل اكن ما اعتقده العقل مصلحة واإن ك‬
‫ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ َ ْ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ ً‬
‫صل َحة‪.‬‬ ‫اظر‪ ،‬أو أنه ليس ابمصلح اة واإن اعتقده م‬ ‫امن حيث لم يعلم هذا الن ا‬
‫َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ُّ ْ َ َ َ ُ نُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الن ُ َ َّ‬ ‫‪َ -2‬كث ًيرا َما َي َت َو َّه ُم َّ‬
‫الد اين والدنيا ويكو اف ايه منفعة مرجوحة اباملضر اة كما قال تعالى افي‬ ‫اس أن الش ْي َء ينفع افي ا‬ ‫ا‬
‫اس منْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫َ‬
‫اس واإث ُم ُه َما أكب ُر امن نف اع اه َما}‪ .‬وك اثير ام َّما ابتدعه الن ُ ا‬ ‫الخم ار واملي اس ار‪{ :‬قل اف ايهما إثم ك ابير ومنا افع اللن ا‬
‫ْ َ‬

‫(‪ )63‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪.)343 -342 / 11 ( ،‬‬


‫(‪ )64‬املصدر نفسه (‪.)343 / 11‬‬
‫(‪ )65‬املصدر نفسه‪.)343 -344 / 11 ( ،‬‬
‫(‪ )66‬املصدر نفسه‪.)344 / 11 ( ،‬‬
‫(‪ )67‬ابن تيمية‪ :‬قاعدة في املحبة‪( ،‬ص‪.)18 :‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)12‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َّ ْ َ َ ْ ْ ُ ْ َ ُ ُ َ ْ َ َ ً َ ْ َ ْ َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫األ ْع َمال م ْن ب َدع َأ ْهل ْال َك َالم َو َأ ْهل َّ‬
‫ْ ََ َ َْ‬
‫صل َحة نا اف ًعا‬‫ص ُّو اف َوأ ْه ال الرأ اي وأه ال املل اك ح اسبوه منفعة أو م‬
‫الت َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫العقا ائ اد و‬
‫َ َ ًّ َ َ َ ً َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ (‪)68‬‬
‫وحقا وصوابا ولم يكن كذ الك ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بين البدعة واالستحسان عند شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬


‫االستحسان عند ابن تيمية يقع على معان منها‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ ْ‬
‫‪ -1‬طل ُب ال ُح ْس ان َواأل ْح َس ُن ‪ ،‬ك ااال ْس اتخ َر ااج‪.‬‬
‫يحا‪.‬‬ ‫حسنا َك َما َأ َّن اال ْست ْق َب َ‬
‫اح ُر ْؤ َي ُت ُه َقب ً‬ ‫ً‬ ‫ْ ُ َّ‬
‫‪ُ -2‬رؤ َية الش ْي اء‬
‫ا‬ ‫ا ا‬
‫ُ ََ‬ ‫ْ ُ ْ ُ َ َْ َْ َ َ ْ ْ َ ُ َ ْ َْ‬
‫متق اارَبان‪ ،‬وعلى هذا فال يبعد موقف ابن تيمية‬ ‫صال ُح عنده‬ ‫‪ -3‬أن الحسن هو املصلحة‪ ،‬ف ااالس اتحسان و ااالس ات‬
‫من االستحسان عن موقفه من املصالح ‪ ،‬ويكون تردده في القول بحجية االستحسان‪ ،‬كتردده في قبول‬
‫املصالح املرسلة‪ ،‬ذلك أن كثيرا من التحسينات راجعة عنده إلى األذواق واألمزجة‪ ،‬فيختلط التحسين‬
‫(‪.)69‬‬
‫الشرعي بالتحسين الذوقي‬

‫املسألة الثانية‪ :‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة واالستحسان‪ :‬عند الشاطبي‪:‬‬


‫أوال‪ :‬بين البدعة واملصلحة واملرسلة عند الشاطبي‪ :‬عقد الشاطبي في كتابه "االعتصام" بابا في ْال َف ْرق َب ْينَ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ص اال اح املرسلة واالستحسان بدأه ببيان البدعة وذلك ألسباب دعته إلى ذلك‪ ،‬هذا حاصلها‪:‬‬ ‫ْالب َدع َو ْاملَ َ‬
‫َّ َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ ُ َّ ً‬ ‫ُْْ َ َ َ ً ََ‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫ا ا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ .1‬إن كثيرا من الناس عدوا أكثر صور املص اال اح املرسل اة ابدعا‪ ،‬ونسبوها إلى الصحاب اة والت ااب اعين‪ ،‬وجعلوها حجة‬‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ات‪.‬‬ ‫اف َيما ذه ُبوا اإل ْي اه امن اخ ات َر ااع ال اع َباد ا‬
‫صل ُم َع َّين‪،‬‬ ‫اعت َبار ُم َناسب َال َي ْش َه ُد َل ُه َأ ْ‬‫ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َّ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ‬
‫‪ .2‬إن املص االح املرسلة قد تشتبه بالبدع من حيث أن كال منهما ير اجع إلى ا ا ا ا‬
‫ُْ َ‬ ‫اعت َب ُار ْاملَ َ‬ ‫َ َ ََ َ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َّ ْ ُ ْ َ‬
‫ص اال اح امل ْر َسل اة‬ ‫ض على العقو ال تلقته ابالق ُبو ال‪ ،‬قال رحمه هللا‪" :‬واإذا ثبت هذا‪ ،‬ف اإن كان ا‬ ‫ولكن اإذا ع ار‬
‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َح ًّقا‪َ ،‬ف ْ‬
‫اع ات َب ُار ال ابد اع امل ْست ْح َسن اة َحق‪ ،‬األن ُه َما َي ْج ارَي اان امن َو ٍاد َو ااح ٍد‪َ ،‬واإن ل ْم َيك ان اع ات َب ُار ال ابد اع َحقا‪ ،‬ل ْم َي اص َّح‬
‫ُْ َ‬ ‫اعت َب ُار ْاملَ َ‬ ‫ْ‬
‫ص اال اح امل ْر َسل اة(‪.)70‬‬ ‫ا‬
‫َْ ُ ُْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص االح ْاملُ ْر َس َل اة َل ْي َ‬ ‫‪ .3‬إ َّن ْال َق ْو َل ب ْاملَ َ‬
‫صو ال(‪ ،)71‬وال يبعد ما قاله في املصالح‬ ‫األ ُ‬ ‫س ُم َّت َف ًقا َعل ْي اه‪َ ،‬ب ْل ق اد اخ َتلف اف ايه أهل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫عما قاله في االستحسان ف اإنه ر ااجع هو أيضا إلى الحك ام ابغي ار د ال ٍيل‪ ،‬فلما كان هذا املو اضع مزلة قد ٍم األه ال ال ابد اع‬
‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ََ ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ َ َ َّ َّ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُّ َ َ ْ َ‬
‫اط الغل اط ال َوا اق اع ال َهؤال اء‪َ ،‬ح َّتى َيت َب َّي َن أ َّن‬ ‫ََ‬
‫أن يست ادلوا على ابدع ات اه ْم من جهته‪ ،‬رأى أن الحق املتعين النظ َر افي من ا‬
‫صال َح ْاملُ ْر َس َل َة َل ْي َس ْت م َن ْالب َدع في و ْر ٍد َوَال َ‬
‫ص ْد ٍر (‪.)72‬‬ ‫َْ َ‬
‫ا ا ا ا ا‬ ‫امل ا‬

‫(‪ )68‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪. (345 -343/11) ،‬‬


‫(‪ )69‬انظر ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪.)347 -344/11( ،‬‬
‫(‪ )70‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)6 -5 /3( ،‬‬
‫ص اولي َين إلى َر اد اه‪َ ،‬و َأ َّن ْاملَ ْع َنى َال ُي ْع َت َبرُ‬ ‫َ َ َ َ ُْ‬
‫األ ُ‬ ‫(‪ )71‬ذ َه َب الباقالني ووافقه أكثر الشافعية‪ ،‬واملتأخرون من الحنابلة‪ ،‬وبعض الحنفية وطا ائفة امن‬
‫َ‬
‫ا‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ص ٍل‪ .‬انظر‪ :‬تيسير التحرير (‪ ،)171 4‬واإلحكام لآلمدي (‪َ ،)161 4‬وذ َه َب َم االك إلى أنه حجة مطلقا‪ ،‬وهو منقول عن‬ ‫َما َل ْم َي ْس َتن ْد إلى َأ ْ‬
‫ا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُّ َ ُ ْ َ ُ ْ‬
‫الشافعي في القديم‪ .‬انظر‪ :‬شرح تنقيح الفصول (‪ 446‬ـ ‪ ،)447‬وشرح اإلسنوي (‪ ،)135 3‬وذهب الشا اف اعي ومعظم الحن افي اة إلى‬
‫ْ‬
‫اإل َم ُام ال ُج َو ْي ان ُّي‬
‫َّ َ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ َ َْ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ َّ‬ ‫َّ َ ُّ‬
‫التمس اك اباملعنى‪ /‬ال اذي لم يست اند إلى َ أص ٍل ص اح ٍيح‪ ،‬ل اكن ابشر اط قراب اه امن معا اني األصو ال الث اابت اة‪ ،‬هذا ما حكى ا‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫(البرهان‪َ ،)1113 2 :‬و َذ َه َب ْال َغ َزال ُّي إلى أ َّن ْاملُ َناس َب إ ْن َو َق َع في ُرْت َبة َّ‬
‫الت ْح اس اين َوالت ْزاي اين ل ْم ُي ْع َت َب ْر َح َّتى َيش َه َد ل ُه أصل معين‪َ ،‬واإ ْن َوق َع افي‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ َ ا َ َ َ ْ ُ اُ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ا‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُْ َ‬
‫ور اي ف َم ْيل ُه إلى ق ُب اول اه‪ ،‬ل اكن ا(بشر ٍط)‪ .‬قال‪ :‬وال يبعد أن يؤدي إليه اجتهاد‪ /‬مجتهد‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ‬
‫رتب اة الضر ا‬
‫(‪ )72‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)7/3( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)13‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫اسب إلى ثالثة أقسام‪:‬‬


‫َُ‬ ‫مَ َ َ‬
‫ثم قسم رحمه هللا املص ِالح بحسب املن ِ‬
‫اص‪ ،‬وإن عارضته بعض العقول‬ ‫كالق َ‬ ‫ْ‬ ‫ال في ص َّ‬ ‫الش ْر ُع ب َق ُب اول اه‪َ ،‬ف َال يرى إ ْش َك َ‬ ‫ل َ ْ َ ْ َ َ َّ‬
‫ا‬ ‫ص‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ا‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫القسم األو ‪ :‬أن يشهد‬
‫باإلنكار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ ْ ُ َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫القسم الثا ِني‪ :‬ما ش اهد الشرع ابر اد اه فال يرى س ابيل إلى قب اول اه‪ ،‬وإن قبلته بعض العقول‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اعت َب ه َوَال بإ ْل َغائه‪َ ،‬ف َه َذا ْ‬ ‫الش َواه ُد ْال َخ َّ ُ َ َ َ ْ ْ ْ‬ ‫َّ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ‬
‫وجد الذ ال َك امل ْع َنى‬ ‫إن َ‬
‫اصة‪ ،‬فل ْم تش َهد اب ا اار ا ا ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫القسم الث ِالث‪ :‬ما سكتت عنه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫(الشار ُع) في ْال ُج ْم َل اة ب َغ ْير َد اليل ُم َع َّين‪ُ ،‬‬ ‫ْ َ َ َ ُ َّ‬ ‫ْ‬
‫ص اال اح امل ْر َسل اة(‪.)73‬‬ ‫فه َو امل َس َّمى بامل َ‬
‫ا‬ ‫ٍ‬ ‫ا ا ٍ‬ ‫ا ا‬ ‫اجنس اعتبره‬
‫وقد ضرب لها الشاطبي عشر أمثلة(‪ ،)74‬نذكرها ملخصة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ال أبو بكر ك ْيف ن ْف َع ُل ش ْي ًئا ل ْم َي ْف َعل ُه َر ُسو ُل الل اه‬
‫َ َ َ‬ ‫ص َع َلى َج ْم اع اه‪َ ،‬ب ْل َق ْد َق َ‬ ‫ص َح اف‪ ،‬إذ ال يوجد َن ٌّ‬ ‫‪ -1‬جمع القرآن في ْاملُ ْ‬
‫ال ُع َم ُر‪ُ :‬ه َو َوالل اه خ ْير‪...‬الحديث(‪ ،)75‬وكذلك َج ْم ُع عثمان الناس على مصحف واحد‬
‫َّ َ‬ ‫الل ُه َع َل ْي اه َو َس َّل َم؟ َف َق َ‬ ‫َ َّ َّ‬
‫صلى‬
‫(‪)76‬‬
‫وتحريق ما عداه‪. ،‬‬
‫ْ َْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫اب رسو ا الل اه صلى الله علي اه وسلم على ح اد ش اار اب الخم ار‪ ،‬فقد اتفقوا على ح اد ش اار اب الخم ار‬
‫ْ َْ‬ ‫َ ُ ل َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ‬
‫ح‬ ‫صَ‬ ‫اق َأ ْ‬ ‫‪ -2‬ات َف ُ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫ْ ْ َ ْ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َثما انين‪ ،‬وإنما مستندهم اف ايه ُّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرجوع إلى املص اال اح والتمسك اب ااالس اتدال ال املرس ال‪.‬‬ ‫ا‬
‫ْ ْ َ ْ ََْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ْ ُ َ‬
‫َ‬
‫يس الحاج اة إلى اس اتعم اال اهم ألفض ى ذ الك إلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫أن الخل َفاء الر ااش ادين قضوا ابتض ام اين الصن ااع‪ ،‬فلو لم يضمنوا مع م اس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫‪-3‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض َّم ُنوا‪ ،‬ف َت اض ُيع األ ْم َو ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اق َعلى ال َخلق‪َ ،‬وإ َّما أ ْن َي ْع َملوا َوال ُي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َناع بالكل َّية‪َ ،‬وذل َك َش ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ْ ْ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‪،‬‬ ‫ا ا‬ ‫أح اد أم َري ان‪ :‬اإ َّما ت ْرك ااالس ات ا ا ا ا ا‬
‫ض ام َين‪.‬‬ ‫الت ْ‬ ‫ص َل َح ُة َّ‬ ‫َف َك َان ات ْاملَ ْ‬
‫َ َ َ‬
‫الض ْر اب‪ ،‬ف اإ َّن ُه ل ْو ل ْم‬ ‫ص َح ُاب ُه َع َلى َج َواز َّ‬ ‫ص َأ ْ‬ ‫الس ْج ُن َن ْو ًعا ام َن ْال َع َذاب‪َ ،‬و َن َّ‬ ‫ان َّ‬ ‫الت َهم‪َ ،‬وإ ْن َك َ‬ ‫الس ْجن في ُّ‬ ‫‪ -4‬جوز َم االك َّ‬
‫ا‬ ‫َ ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اب‪.‬‬ ‫ُّ َّ َ ْ ُ َّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َّ ْ ُ َ َّ ْ ُ ُّ َ َ َ َ َّ َ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫َُ‬
‫يك ان الضرب والسجن اب َالته ام لتعذر اس اتخ َالص األمو اال امن أي ادي السر ااق والغص ا‬
‫ْ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ َ َ َ ًْ ْ ُ َ َ ََ ْ ْ َ َ َ َ ُ َ ً َ‬ ‫ْ َ‬
‫ور َو اح َم َاي اة البالد‪ ،‬إذا عجز بيت املال عن‬ ‫‪ -5‬ال اإلم اام‪ -‬اإذا كان عدال‪ -‬أن يو اظف على األغ اني ااء ما يراه كا افيا الس اد الثغ ا‬
‫َ ُْ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َْ َْ‬
‫ضة اال ْس اتيال اء الك َّف اار‪.‬‬ ‫اإلمام ذ الك لصارت اديارنا عر‬ ‫ا‬ ‫صل َح اة َه َنا ظ ااهر‪ ،‬ف اإنه لو لم يفع ال‬ ‫اإليفاء بذلك‪ ،‬ووجه امل‬
‫ُ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ َّ ُ َ َ َ َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ات‪ ،‬نحو ما فعل عن عمر ر اض ي الله عنه‪ ،‬أنه أراق اللبن املغشوش ابامل ااء‬ ‫ض ال اجناي ا‬ ‫‪ -6‬العقوبة بالتغريم املالي على بع ا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َّ َ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ ْ ُ َ َ َّ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫اب الحك ام على الخاص اة األج ال العام اة‪ ،‬على نحو ما تقدم‬ ‫اش‪ ،‬وهذا التأ اديب ال نص يشهد له ولكنه امن ب ا‬ ‫تأديبا اللغ ا‬
‫الص َّن ااع‪.‬‬ ‫ضمين ُّ‬ ‫َ ْ‬
‫ا‬ ‫افي مثال ت ا‬
‫األ ْرض َي ْع ُس ُر ااال ْن ات َق ُ‬ ‫ْ َ َ ُ ََ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫ال ام ْن َها إلى أرض غيرها‪،‬‬ ‫ا‬ ‫‪ -7‬غلبة الحرام على حياة الناس‪ :‬فل ْو غلب الحرام على ن ااحي ٍة امن‬
‫َ َ‬ ‫اج ُة إلى الزيادة من تناول الحرام َع َلى َس اد َّ‬ ‫ومست ْال َح َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ َّ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫الر َم اق‪ ،‬ف اإ َّن ذ ال َك جائز‪،‬‬ ‫االطي َبة‪َّ ،‬‬
‫اسب ا‬ ‫وانسدت ط ُرق املك ا‬
‫الض ُرو َر اة إلى حالة الحاجة‪.‬‬ ‫وجائز أيضا االنتقال في التناول من حالة َّ‬
‫َْ ََ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ُ ْ َ َ َّ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َم م َ َ َ مَ‬
‫ص َعلى َع ْي ان امل ْسأل اة‪َ ،‬ول اك َّن ُه َم ْن ُقول َع ْن ُع َم َر‬ ‫اح ِد‪َ :‬وامل ْست َن ُد اف ايه املصلحة املرسلة؛ اإذ ال ن‬ ‫‪ -8‬جواز قت ِل الجماع ِة ِبالو ِ‬
‫ص َل َحة في هذا َأ َّن ْال َقتيل َم ْع ُ‬ ‫الشافعي(‪َ ،)79‬و َو ْج ُه ْاملَ ْ‬ ‫(‪َّ َ )78( َ َ ْ َ َ ُ َ )77‬‬
‫صوم‪،‬‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بن الخطاب رض ي هللا عنه ‪ ،‬وهو مذه ُب م اال ٍك و ا ا‬
‫اص اف ايه‪.‬‬‫ص َ‬ ‫اك ذريعة إلى ْال َق ْتل إ َذا ُعل َم َأ َّن ُه َال َق َ‬ ‫َو َق ْد ُقت َل َع ْم ًدا‪َ ،‬فإ ْه َد ُ ُه َداع ات َخاذ اال ْست َع َانة َواالشت َر َ‬
‫ا ار ٍ ا ا ا ا ا ا ا ا‬
‫ا ا ا‬ ‫ا‬

‫(‪ )73‬املصدر نفسه (‪.)12 -8 /3‬‬


‫(‪ )74‬املصدر نفسه‪ ،‬بداية من الصفحة ‪ 612‬من الجزء الثاني‪.‬‬
‫(‪ )75‬البخاري‪ :‬الجامع الصحيح‪ ،)71 /6( ،‬حديث رقم‪.4679 :‬‬
‫(‪ )76‬البخاري‪ :‬الجامع الصحيح‪ )183 /6( ،،‬حديث رقم‪.4987 :‬‬
‫اش َت َر َك ف َيها َأ ْه ُل َ‬
‫ص ْن َع َاء َل َق َت ْل ُت ُهم»ْ‬ ‫َ ْ ْ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ َ َّ ُ َ ً ُ َ َ ً َ َ َ ُ َ ُ َ ْ‬
‫(‪)77‬أخرج البخاري في صحيحه عن اب ان عمر ر اض ي الله عنهما‪ ،‬أن غالما ق اتل اغيلة‪ ،‬فقال عمر‪« :‬ل او‬
‫ا‬
‫صحيح البخاري (‪ ،)8 /9‬حديث رقم‪.6896 :‬‬
‫(‪ )78‬الشيخ الدردير‪ :‬الشرح الصغير‪ ،385 /2 ،‬وحاشية الدسوقي ‪.249 /4‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)14‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َّ َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫اس ف ْو ًض ى‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫‪ -9‬االكتفاء باألمثل في اإلمامة إذا انعدم من استجمع الشروط كلها‪ :‬األ َّنا َب ْي َن أ ْم َرْي ان‪ ،‬اإما أن يترك الن‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ َ َّ َ ْ ُ َ ُ ُ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ‬
‫صل اح ٌّي يشهد له وضع أصل اإلمامة‪.‬‬ ‫عين الفس ااد‪ ،‬واإما أن يق ادموه فيزول الفساد‪ ،‬فهذا نظر م‬
‫َّ‬ ‫َّ ْ َ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ َ ٌّ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َْْ ُ َ َ ُ ُ ْ َ‬
‫األ ْف َ‬
‫ْ‬
‫ات الشر اع‪ ،‬واإن لم يع اضده نص على التع اي اين‪.‬‬ ‫ص ُّرف ا‬‫ض ال‪َ ،‬و ُه َو ُمال ائم الت‬ ‫‪ -11‬جواز بيع اة املفضو ال مع وج ا‬
‫ود‬
‫(‪)80‬‬
‫والخالصة أن ضابط املصلحة املرسلة عند الشاطبي هو‪:‬‬
‫ص اول اه‪ ،‬وال د اليال امن أدلته‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ ً‬ ‫ص ًال م ْن ُأ ُ‬ ‫الش ْرع ب َح ْي ُث َال ُت َنافي َأ ْ‬ ‫َّ‬
‫اص اد‬
‫ْ َُ َ َ ُ َ َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫‪ .1‬املالءمة املق ا‬
‫َّ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ات‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن ُيقصر النظ ار افي املصالح على ما عقل معناه‪ ،‬فال َمدخ َل ل َها افي الت َع ُّبد ا‬
‫ََ ْ َ َ‬ ‫صالح ْاملُ ْر َس َلة على ما َي ْرج ُع إلى ح ْفظ َأ ْمر َ‬ ‫‪َ .3‬أن تقصر ْاملَ َ‬
‫الد اين‪.‬‬‫ور ٍي‪ ،‬ورف اع ح َر ٍج ال از ٍم افي ا‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ضُ‬
‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ُْْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ْ َ َ ُ َ َّ ْ‬
‫يخلص الشاطبي من وضع هذه الضوابط إلى أن ال ابدع مضاد اة اللمص اال اح املرسل اة وذلك لْلسباب اآلتية‪:‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫صالح ْاملُ ْر َس َلة َما ُعق َل َم ْع َن ُاه َع َلى َّ‬ ‫ُ َ َْ َ‬
‫ات ام ْن َح اقيق ات َها أ ْن ال ُي ْعق َل َم ْع َناها إال‬
‫َ‬ ‫الت َع ُّب َد ُ‬ ‫الت ْفصيل‪َ ،‬و َّ‬
‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪ .1‬ألن َم ْوضوع امل اا‬
‫إجماال‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ .2‬ألن ْالب َد َع في َع َّامة أحوالها ال تالئ ُم َمق َ‬ ‫َ‬
‫ود اه صراحة‪ ،‬أو ضمنا‪.‬‬ ‫اصد الش ْر اع‪ ،‬ب ْل هي ُمنا اقضة املقص ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫(‪)81‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َْ َ َ ُْْ َ َ َ‬
‫يف ‪،‬‬ ‫يف‪ ،‬فهي مضادة املقصد التخ اف ا‬ ‫يف‪ ،‬ومعظم ال ابدع ازيادة افي التك ال ا‬ ‫‪ .3‬ألن املص االح املرسلة مرجعها إلى التخ اف ا‬
‫ُْْ َ َ‬
‫ص اال اح املرسل اة‪.‬‬ ‫لهذه األسباب يرى الشاطبي َأ ْن َال حجة لل ُم ْبتدع ب َباب امل َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ا اا ا ا‬
‫َ ُ ُ َّ‬ ‫َ َ ً (‪)82‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ثانيا‪ :‬بين البدعة واالستحسان عند الشاطبي‪ :‬استحسن لغة الش َيء‪ :‬اإذا عده حسنا ‪ ،‬وهذا ال يكون اإال‬
‫ْ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫است ْق َب ُ‬ ‫َّ ُ َ ْ ْ َ ُ ُ َ ْ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َْْ‬
‫اح ُه ال جدال فيه‪ ،‬األ َّنه يرجع إلى األ ادلة‪، ،‬‬ ‫مستحسن‪ ،‬وهو اإ َّما العق ُل وإما الش ْرع‪ :‬أ َّما الش ْرع فاس اتحسانه و ا‬
‫ََُ‬
‫ا‬ ‫من‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َّ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َّ ْ َ ْ ُ َ ْ َ‬
‫فلم يبق اإال العقل‪ ،‬ف اإن كان استحسانه ابد ال ٍيل فمرجعه إلى األ ادل اة‪ ،‬واإن كان ابغي ار د ال ٍيل فذ الك هو البدعة‪ ،‬إال أن يكون‬
‫َّ‬
‫وج ُد افي الش ْر اع ما ينافيه‬ ‫ض ُاه إ َذا َل ْم ُي َ‬ ‫وز ْال ُح ْك ُم ب ُم ْق َت َ‬ ‫اع؛ َف َي ُج ُ‬ ‫يل إ َل ْيه الط َب ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََْ‬ ‫م ْن ج ْن َ ُ ْ َ ْ َ ُ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫س ما يستحسن افي العوا ائ اد‪ ،‬وت ام ُ ا ا ا‬ ‫ا ا ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وعلى هذا ينق اسم االستحسان بنظر الشاطبي إلى مقبول ومذموم‪ ،‬فما كان من جنس التعبدات وال دليل عليه فهو‬
‫املذموم‪ ،‬وما كان من جنس العوائد وال دليل من الشرع على بطالنه فهو املقبول‪.)83( .‬‬
‫أما االستحسان في مصطلح األصوليين فقد عرفه البعض بأنه العدول عن مقتض ى قياس جلي إلى قياس‬
‫اع ُد ُه ال اع َب َارة َع ْن ُه)(‪ ،)84‬وهذا التعريف لالستحسان قد ينزلق ببعض الناس‬
‫ْ ُ‬ ‫خفي َلدليل َي ْن َقد ُح في َن ْف ْ ُ ْ َ َ ُ َ‬
‫س املجت اه اد ال تس ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫صاحب َها م ْن ُم َت َعلق َش ْرعي‪َ ،‬ف َأ ْنتَ‬ ‫إلى البدعة؛ َأل َّن ُه قل من َي ْب َتد َع من غير شبهة دليل تنقدح َل ُه‪َ ،‬ب ْل َع َّام ُة ْالب َدع َال ُب َّد ل َ‬
‫ا ٍ‬ ‫ا‬ ‫ا اا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ َّ ا َ َ ْ ََّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ت َرى أ َّن َهذا امل ْو اض َع َمزلة قد ٍم‪ ،‬افإذا كان كذ الك فال ُبد امن بيان وتوضيح حتى ال يغتر اب اه ج ااهل أو وال يلعب به عابث‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ان ليس دليال على الحقيقة‪ ،‬بل هو منهج استداللي يقوم على الترجيح بين األدلة‪،‬‬ ‫َف َن ُقو ُل وباهلل التوفيق‪ :‬إ َّن اال ْست ْح َس َ‬
‫ا ا ا‬
‫فقد عرفه بعضهم بأنه‪( :‬العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه)‪ ،‬وقيل هو‪( :‬تخصيص قياس بدليل أقوى‬
‫منه)(‪ ،)85‬وقيل هو‪( :‬أن يعدل املجتهد عن أن يحكم في املسألة بمثل ما حكم به في نظائرها إلى خالفه لوجه أقوى‬

‫(‪ )79‬ابن امللقن‪ :‬تحفة املحتاج ‪ ،416 /8‬والرملي‪ :‬نهاية املحتاج ‪.274 /7‬‬
‫(‪ )80‬انظر الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)41 -35/3( ،‬‬
‫(‪ )81‬املصدر نفسه‪.)43 -42/3( ،‬‬
‫(‪ )82‬الحميري‪ :‬شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم‪.)1449/3( ،‬‬
‫(‪ )83‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)44 -45 /3( ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َّ ْ َ ْ ُ َ َ ْ ي َ َّ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫(‪ )84‬انظر الغزالي‪ :‬املستصفى‪( ،‬ص‪ )173 :‬قال رحمه هللا‪" :‬هذا هوس؛ األن ما ال يق ادر على التع اب اير عنه ال يد ار أنه وهم وخيال أو تح اقيق‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ َ َّ ُ َ ُ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َّ َ‬ ‫َ َ ُ َّ ْ ُ ُ‬
‫ص اح َح ُه األ ادلة أ ْو ت َزاي َف ُه‪ ،‬أ َّما ال ُحك ُم اب َما ال َي ْد اري َما ُه َو ف ام ْن أ ٍي ُي ْعل ُم َج َو ُاز ُه‪....‬‬
‫يعة ل ُت َ‬
‫ور اه اليعت اب َر ابأ ادل اة الش ار ا ا‬
‫وال بد امن ظه ا‬
‫(‪ )85‬البزدوي‪ :‬كشف األسرار عن أصول عالء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري‪.) 7/4( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)15‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫بمسألة ما عن نظائرها لدليل ال إشكال فيه‪ ،‬ومتفق على‬ ‫ٍ‬ ‫يقتض ي العدول عن األول)(‪ .)86‬وعلى هذا فإن الخروج‬
‫ُْ‬
‫وأما إذا كان لغير دليل بل ملجرد أن َي ْس َت ْح اس ُن ُه امل ْج َت اه ُد اب َع ْق ال اه‪،‬‬ ‫قبوله‪ ،‬لكن قد ينازع البعض في إفراده بأصل مستقل‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ ْو َلد اليل َي ْنق اد ُح افي ن ْف اسه ت َع ُس ُر اع َب َارت ُه َع ْن ُه‪ ،‬فهذا تحكم وهوى‪ ،‬وال يبعد بهذا التكييف عن البدع‪.‬‬
‫واالستحسان له صور عديدة‪ ،‬بحسب ما ألجله ُترك الدليل‪ ،‬والدليل قد يكون قياسا فيترك لقياس أقوى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منه مثل أن يوجد في املسألة وصفان يقتض ي كل وصف قياسا مباينا للقياس الذي اقتضاه الوصف اآلخر‪ ،‬وأحدهما‬
‫ً‬
‫علته ظاهرة إال أن أثره ضعيف‪ ،‬والثاني علته خفية إال أنه قوي األثر‪ ،‬فيرجح املجتهد ما كان أثره قويا دون النظر إلى‬
‫ظهور العلة وخفائها‪ ،‬مثاله عند األحناف سؤر سباع البهائم مع سؤر سباع الطير؛ فسباع الطير أشبهت سباع البهائم‬
‫في حرمة األكل عندهم‪ ،‬والقياس الظاهر أن تلحق بها نجاسة سؤرها‪ ،‬إال أن هذا الظهور يواجهه ضعفا في األثر؛ ألن‬
‫سؤر سباع البهائم إنما يتنجس الختالطه بلعابها‪ ،‬وليس كذلك سؤر الطير التي تأخذ املاء بمنقارها‪ ،‬واملنقار عظم‬
‫طاهر‪ ،‬وال شك أن هذا األثر أقوى من األثر األول؛ ألنه يتعلق بالوصف الذي ينعقد به القياس‪ ،‬وهو وجود النجاسة‪،‬‬
‫فترجح وإن كان أخفى منه (‪.)87‬‬
‫ومن صور االستحسان ترك القياس لْلثر‪ ،‬مثل السلم واإلجارة‪ ،‬فإن القياس يأبى جواز السلم؛ ألن محل‬
‫ُ‬
‫العقد معدوم حقيقة عند العقد‪ ،‬والعقد ال ينعقد في غير محله‪ ،‬إال أن القياس هنا ترك لْلثر املوجب للترخيص وهو‬
‫قوله ـ صلى هللا عليه وسلم ـ‪( :‬من أسلف في ش يء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)(‪ ،)88‬وكذا القياس يأبى‬
‫ُ‬
‫جواز اإلجارة؛ ألن املعقود عليه ـ وهو املنفعة ـ معدوم في الحال‪ ،‬إال أنه ترك لْلثر وهو قوله ـ صلى هللا عليه وسلم ـ‪:‬‬
‫ً‬
‫(ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطيه أجره)(‪ .)89‬فالتوعد على عدم إعطاء األجير أجره دليل على صحة‬
‫العقد‪.‬‬
‫ومن صور االستحسان ترك القياس لإلجماع‪ ،‬مثل االستصناع‪ ،‬فإن القياس يقتض ي عدم جوازه؛ ألنه بيع‬
‫معدوم‪ ،‬وال يجوز بيع ش يء إال بعد تعينه‪ ،‬إال أن القياس ترك هذا القياس لإلجماع الثابت بتعامل األمة من غير نكير‪.‬‬
‫ويمثل له بتطهير الحياض واآلبار‪ ،‬فإن القياس ينفي طهارة‬ ‫ومن صور االستحسان ترك القياس للضرورة‪ُ :‬‬
‫هذه األشياء بعد تنجسها‪ ،‬ألنه ال يمكن صب املاء على الحوض أو البئر ليتطهر‪ ،‬ألن املاء الداخل في الحوض‪ ،‬أو الذي‬
‫ً‬
‫ينبع من البئر يتنجس بمالقاة النجاسة‪ ،‬والدلو تتنجس أيضا بمالقاة املاء‪ ،‬فال تزال تعود وهي نجسة‪ ،‬إال أنهم‬
‫استحسنوا ترك العمل بالقياس للضرورة املوجبة إلى ذلك لعامة الناس‪ ،‬وللضرورة أثر في سقوط الخطاب(‪.)90‬‬
‫األيمان إلى العرف‪.‬‬ ‫ومن صور االستحسان ترك الدليل للعرف‪ ،‬كرد ْ‬
‫ومن صوره ترك الدليل للمصلحة‪ ،‬كتضمين األجير املشترك‪.‬‬
‫ومن صوره ترك الدليل لرفع املشقة وإيثار التوسعة عل الخلق‪ ،‬كإجازة التفاضل اليسير في املراطلة الكثيرة‪،‬‬
‫وإجازة بيع وصرف في اليسير(‪.)91‬‬

‫(‪ )86‬املصدر نفسه‪.)5/4( :‬‬


‫(‪ )87‬املصدر نفسه‪15 -13/4 :‬‬
‫ً‬
‫(‪ )88‬البخاري الجامع الصحيح‪ ،)85 /3( :‬حديث رقم‪ ،2241 :‬والسلم بفتحتين‪ :‬السلف وزنا ومعنى إال أن السلف لغة أهل العراق‬
‫والسلم لغة أهل الحجاز‪ ،‬ابن حجر‪ :‬فتح الباري‪.539 – 538/4 :‬‬
‫(‪ )89‬البخاري‪ :‬الجامع الصحيح‪ ،)91 /3(،‬حديث رقم‪.2271 :‬‬
‫(‪ )90‬انظر صور االستحسان وأمثلتها‪ :‬كشف األسرار‪.11 -11/4 :‬‬
‫(‪ )91‬الشاطبي‪ :‬املوافقات‪.218/4 ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)16‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫وعلى هذا فإن االستحسان إما أن يكون من باب الترجيح والعمل بأقوى الدليلين‪ ،‬مثل ترجيح السنة أو‬
‫اإلجماع‪ ،‬أو املصلحة املرسلة على القياس‪ ،‬أو من باب إعمال القاعدة الكلية‪ ،‬أو من باب تخصيص العموم‬
‫ً‬
‫باملصلحة‪...‬فإذا كان هذا معناه فليس بخارج عن األدلة‪ ،‬ألن األدلة يقيد بعضها بعضا‪ ،‬ويخصص بعضها بعضا‪ ،‬وأين‬
‫من هذا البدع التي ال دليل عليها‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند اإلمامين‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند ابن تيمية‬
‫َْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫‪ .1‬تفاوت البدع عند ابن تيمية‪َ :‬و َر َد َّ‬
‫الن ْه ُي َع ْن البدع على وجه واحد‪ ،‬و ان ْس َب ٍة واحدة‪ ،‬وهي الضالل اة افي قوال اه –‬
‫َ‬
‫ْ َ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ََ‬
‫ضاللة‪ ،‬ولكن يقول‪ :‬النووي‪-‬‬ ‫ات األمور؛ افإن كل محدثة بدعة‪ ،‬وكل ابدع ٍة‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪ :-‬ا"إياكم و ُمحدث ا‬
‫َ َ َّ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ‬
‫ومة(‪.)92‬‬ ‫اطلة وال ابدع املذم‬ ‫يث تخ اصيص‪ ،‬وأن املراد اب اه املحدثات الب ا‬ ‫رحمه هللا‪ -‬و افي هذا الح اد ا‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫وعلى هذا فالبدع ليست في رتبة واحدة‪ ،‬وال على نسبة واحدة‪ ،‬يقول شيخ اإلسالم‪(َ :‬و ام َّما َين َب اغي أ ْن ُي ْع َرف أ َّن‬
‫صو ٍل‬ ‫الس َّن َة في ُأ ُ‬ ‫ف ُّ‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُن َ ْ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََْ‬
‫الد اين َوالكال ام‪ :‬على د َر َج ٍ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ف ْاملُ ْن َتس َب َة إلى َم ْت ُب َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ا‬ ‫ات امنهم من يكو قد خال‬ ‫وعين افي أصو ال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫الطوا ائ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ور َد اقيق ٍة(‪.)93‬‬ ‫ُ‬
‫ع اظيم ٍة و امنهم من يكون إنما خالف السنة افي أم ٍ‬
‫َ َ َ ُْ ْ َ ْ َ‬
‫ً‬
‫‪ .2‬نسبية حكم البدع عند ابن تيمية‪ :‬يقول رحمه هللا‪" :‬فإن البدعة لو كانت باطال محضا لظهرت وبانت‪ ،‬وما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫قبلت‪ ،‬ولو كانت حقا محضا‪ ،‬ال شوب فيه‪ ،‬لكانت موافقة للسنة‪ ،‬فإن السنة ال تناقض حقا محضا ال باطل‬
‫(‪)94‬‬
‫فيه‪ ،‬ولكن البدعة تشتمل علي حق وباطل"‬
‫‪ .3‬انقسام البدع إلى حسنة وغير حسنة عند ابن تيمية‪ :‬يقول رحمه‪( :‬ومن قال في بعض البدع إنها بدعة حسنة‬
‫فإنما ذلك إذا قام دليل شرعي على أنها مستحبة‪ ،‬فأما ما ليس بمستحب وال واجب فال يقول أحد من املسلمين‬
‫إنها من الحسنات التي يتقرب بها إلى هللا‪ ،‬ومن تقرب إلى هللا بما ليس من الحسنات املأمور بها أمر إيجاب وال‬
‫استحباب فهو ضال متبع للشيطان‪ ،‬وسبيله من سبيل الشيطان‪.)95( ) .‬‬
‫فقد رد األمر إلى الدليل‪ ،‬وإذا قام الدليل امتنع أن تسمى بدعة أصال‪ ،‬ألن البدعة عنده ما ال أصل له من‬
‫الشرع كما تقدم‪. .‬‬
‫‪ .4‬انقسام البدعة إلى قولية واعتقادية عند ابن تيمية‪ :‬البدعة عند ابن تيمية نوعان‪( :‬نوع في األقوال‬
‫َْْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫واالعتقادات‪ ،‬ونوع في األفعال والعبادات)‪ ،‬وهذا ما نص عليه صراحة بقوله‪"َ :‬وال اب َد ُع ن ْو َع اان‪ :‬ن ْوع افي األق َو اال‬
‫َّ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫الثاني َي َت َ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َْْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ض َّم ُن األ َّو َل‪ ،‬ك َما أ َّن األ َّو َل َي ْد ُعو إلى الثا اني(‪.)96‬‬ ‫ات‪ ،‬وهذا ا‬ ‫ات‪ ،‬ون ْوع افي األف َع اال وال اع َباد ا‬ ‫و ااالع اتقاد ا‬
‫ثم يجعل النوع األول شأن طوائف من أهل العلم‪ ،‬والثاني شأن طوائف من أهل العبادة‪ ،‬قال رحمه هللا‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫اف َع َل ْيه ْم َإذا َل ْم َي ْع َتص ُموا ب ْال اك َتاب َو ُّ‬ ‫ْ ْ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ َ‬
‫الس َّن اة ام ْن ال اق ْس ام األ َّو ال‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫"فامل ْنت اس ُبون إلى ال اعل ام والنظ ار وما يتبع ذ الك يخ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫اف َع َل ْيه ْم َإذا َل ْم َي ْع َتص ُموا ب ْال اك َتاب َو ُّ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ ُ َن ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫الس َّن اة ام ْن ال اق ْس ام الثا اني"‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫اإلراد اة وما يتبع ذ الك يخ‬ ‫واملنت اسبو إلى ال اعباد اة والنظ ار و ا‬

‫(‪ )92‬النووي‪ :‬املنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪.)114/7( ،‬‬


‫(‪ )93‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪.348/3 ،‬‬
‫(‪ )94‬ابن تيمية درء تعارض العقل والنقل‪)219 /1( ،‬‬
‫(‪ )95‬ابن تيمية‪ :‬قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة‪)28 /1( ،‬‬
‫(‪ )96‬ابن تيمية‪ :‬الفتاوى الكبرى‪.)142 /2( ،‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)17‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫{اه ادنا‬ ‫صال ٍة‪:‬‬ ‫ثم يرد نوعي البدعتين إلى التشبه باليهود والنصارى حيث يقول‪" :‬أمرنا الله أن نقول افي ك ال‬
‫الضال َين} [الفاتحة‪َ .... ،]7 -6 :‬م ْن َف َس َد منْ‬ ‫ضوب َع َل ْيه ْم َوال َّ‬ ‫ين َأ ْن َع ْم َت َع َل ْيه ْم َغ ْير ْاملَ ْغ ُ‬
‫اط َّالذ َ‬‫َ َ ُْ ْ َ َ َ َ‬
‫الصراط املست اقيم اصر‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َّ َ َ (‪)97‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ َّ َ‬ ‫ْ َُ َ َ‬
‫ود‪ ،‬ومن فسد امن العب ااد ف اف ايه شبه امن النصارى ‪.‬‬ ‫العلم ااء ف اف ايه شبه امن اليه ا‬
‫‪ .5‬حكم املبتدعة عند ابن تيمية‪ :‬وابن تيمية إذ يحكم ببدعية بعض الفرق ال يكفرهم‪ ،‬يقول رحمه هللا‪:‬‬
‫والخوارج املارقون الذين أمر النبي صلى هللا عليه وسلم بقتالهم قاتلهم أمير املؤمنين علي ابن أبي طالب‪ ،‬واتفق‬
‫على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم‪ .‬ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي‬
‫وقاص وغيرهما من الصحابة‪ ،‬بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم‪ ،‬ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام‬
‫وأغاروا على أموال املسلمين‪ ،‬فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم ال ألنهم كفار‪ .‬ولهذا لم يسب حريمهم ولم يغنم‬
‫أموالهم) (‪.)98‬‬
‫َ َّ َ ْ َ َ ْ ً َ‬
‫ضا أ ْن‬ ‫ويرى رحمه هللا أن أهل البدع ليسوا على درجة واحدة من االبتداع‪ ،‬حيث يقول‪" :‬و امما ينب اغي أي‬
‫ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ َ َ ُّ َّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََْ‬ ‫ف ْاملُ ْن َتس َب َة إلى َم ْت ُب َ ُ ُ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َّ َّ َ َ‬
‫ات امنهم من يكون قد خالف السنة افي‬ ‫الد اين َوالكال ام‪ :‬على د َر َج ٍ‬ ‫وعين افي أصو ال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫يعرف أن الطوا ائ‬
‫َ َ (‪)99‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ َّ َ َ َ َ ُّ َّ َ ُ‬
‫ور د اقيق ٍة ‪.‬‬ ‫أصو ٍل ع اظيم ٍة و امنهم من يكون إنما خالف السنة افي أم ٍ‬
‫‪ .6‬تحذير ابن تيمية من البدع‪ :‬وقد حذر شيخ اإلسالم من البدع‪ ،‬وبين أنها شر من املعصيــة‪ ،‬قال رحمه هللا‪:‬‬
‫اب‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫الث ْور ُّي‪ْ :‬الب ْد َع ُة َأ َح ُّب إلى ْإب ال َ‬
‫يس ام ْن ْاملَ ْعص َي اة؛ َفإ َّن ْاملَ ْعص َي َة ُي َت ُ‬ ‫َ ْ ْ َ ُ َ ٌّ ْ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ُ َّ‬
‫وال ابدعة شر امن املع اصي اة كما قال سفيان‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اب ام ْن َها(‪ ،)100‬ثم بين رحمه هللا وجه فسادها من وجهين‪:‬‬ ‫ام ْن َها َو ْالب ْد َع َة َال ُي َت ُ‬
‫ا‬
‫األول‪ :‬أن البدع مفسدة للقلوب‪ ،‬فهي أشبه ما تكون بالطعام الخبيث‪ ،‬وفي هذا املعنى يقول‪( :‬الشرائع أغذية‬
‫القلوب‪ ،‬فمتى اغتذت القلوب بالبدع لم يبق فيها فضل للسنن‪ ،‬فتكون بمنزلة من اغتذى بالطعام الخبيث(‪.)101‬‬
‫الثاني‪ :‬أن البدع تقود أصحابها إلى االعتقادات الباطلة واألعمال الفاسدة املخرجة من الشريعة‪ ،‬وفي هذا‬
‫ُ ْ ُ ْ َ َ َ ُّ ْ ُ ْ (‪)102‬‬ ‫َ ْ‬
‫املعنى يقول‪ :‬رحمه هللا‪ :‬ف اإ َّن ال اب َد َع اه َي‪(َ :‬م َب اادئ الكف ار ومظان الكف ار)‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مراتب البدع وبعض األحكام املتعلقة بها عند الشاطبي‪:‬‬
‫عرض للشاطبي‪ -‬رحمه هللا إشكال في تفاوت البدع‪ ،‬وقد ضعف انقسام البدع بحسب األحكام الخمسة‪ ،‬فال‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُيتصور عنده بدعة واجبة وال مندوبة وال مباحة يقول رحمه هللا‪( :‬ث َب َت في األصول أن األحكام الشرعية خمسة‪ ،‬يخرج‬
‫الث َال َث ُة (‪َ ،)103‬ف َي ْب َقى ُح ْك ُم ْال َك َراه َية َو ُح ْك ُم َّ‬
‫الت ْح ار ايم(‪.)104‬‬
‫َ ْ َ َّ‬
‫عنها‬
‫ا ا‬
‫إال أنه أورد على نفسه اعتراضا خالصته أن حكمه صلى هللا عليه على ضاللة كل البدع يقتض ي أنها على‬
‫(‪)105‬‬
‫حكم واحد‪ ،‬ثم شرع‪ -‬رحمه هللا‪ -‬في الجواب على ذلك من ثالثة أوجه‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬
‫النظر يقتض ي ان اق َس َام ال اب َد اع إلى ُم َح َّر َمة‪ ،‬ومكروهة‪ ،‬لدخولها تحت جنس املنهيات‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الوجه األول‪ :‬أن‬

‫(‪ )97‬املصدر نفسه‪.)142 /2( ،‬‬


‫(‪ )98‬ابن تيمية‪ :‬مجموعة الرسائل واملسائل‪)211 /5( ،‬‬
‫(‪ )99‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪)348 /3( ،‬‬
‫(‪ )100‬املصدر نفسه‪)472 /11( ،‬‬
‫(‪ )101‬ابن تيمية اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب الجحيم‪)114 /2( ،‬‬
‫(‪ )102‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪)565 /11( ،‬‬
‫(‪ )103‬أي املباح واملندوب والواجب لوقوعها في قسم املشروع‪ ،‬والبدعة غير مشروعة وال أصل لها‪.‬‬
‫(‪ )104‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)354 /2( ،‬‬
‫(‪ )105‬انظر األوجه الثالثة‪ :‬الشاطبي‪ :‬االعتصام ت الشقير والحميد والصيني (‪.)356 /2‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)18‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ْ َ َّ (‪َ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ )106‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ ً َ َْ َ ُ َ ُ ْ ُ‬ ‫َ‬


‫اص ي‬ ‫الوجه الثاني‪ :‬أن البدع رتبها متف ااوتة‪ .‬ف امنها ما هو كفر ص َراح؛ ك ابدع الج ااه الي اة ‪ ،‬و امنها ما هو امن املع ا‬
‫َ َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫الت َب ُّتل‪َ ،‬و ا َ َ ً‬ ‫املتفق على أنها َل ْي َس ْت ب ُك ْفر‪َ ،‬كب ْد َعة َّ‬
‫ص ااء‪ ،‬أو مختلف في نسبتها إلى الكفر‪،‬‬ ‫والخ‬
‫س‪ ،‬ا‬ ‫الصي اام قا ائما افي الشم ا‬ ‫ا ٍ ا ا‬
‫ُ‬ ‫َّ َّ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك اب ْد َع اة الخ َو اار اج َوالق َد ارَّي اة َوامل ْر اجئ اة ومن أشبههم امن ال اف َر اق الضال اة‪ ،‬و امنها ما هو مكروه كما يقول م االك افي اإتباع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بس ٍت ام ْن َش َّو َ‬ ‫َ َ َ‬
‫للدعاء في أوقات مخصوصة‪َ ،‬و َما أشبه ذ ال َك‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ال‪َ ،‬و ااال ْج ات َم ااع‬ ‫َرمضان ا‬
‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫صغا ائ ُر‪َ ،‬و ام ْن َها ك َبا ائ ُر‪ ،‬وذلك‬ ‫الوجه الثالث‪ :‬وفيه يرد البدع إلى النظر املقاصدي ويناظرها باملعاص ي التي امنها‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ات فهي أعظم‬ ‫ات ‪ ،‬بحيث إذا وقعت افي الض ُرو ارَّي ا‬ ‫ات‪ ،‬أو التك ام ايل َّي ا‬ ‫ات‪ ،‬أ او الح ااج َّي ا‬ ‫بحسب ما تقع فيه من رتب الض ُرو ارَّي ا‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الكبائر‪ ،‬اوإن وقعت في التحسينيات ف اه َي أدنى من ذلك‪ ،‬اوإن َوق َع ْت في الحاجيات فمتوسطة بين الرتبتين‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َّ َ َ‬
‫الضالل اة شامل ألنواعها‪ ،‬متمسكا في‬ ‫وال يرى الشاطبي البدع إال ضاللة ‪ ،‬وهي وإن تفاوتت في الذم فوصف‬
‫َ َّ ْ ُ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫ذلك بظاهر عموم الحديث‪( :‬وكل بدعة ضاللة) (‪ ،)107‬ل اك ْن أورد على نفسه إشكاال خالصته أن الهدى والضال ال‬
‫َْ ُ َ َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫اض َّدان‪َ ،‬و َل ْي َ‬
‫وهة يقتض ي أن يعد فاعل املكروه عاصيا‪،‬‬ ‫الضاللة للبدع املكر‬ ‫الش ْر اع وشمول‬ ‫س َب ْي َن ُه َما َو ااسطة ت ْع َت َب ُر افي‬
‫َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ًّ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫ضاال(‪ ،)108‬ويجيب‬ ‫اعل ال ابدع اة املكروه اة‬ ‫وذ الك غي ُر ص اح ٍيح؛ اإذ ال يعد فاعل املكروه عاصيا‪ ،‬فكذ الك ال يكون ف ا‬
‫َْ‬ ‫َّ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫الضالل اة الك ال اب ْد َع ٍة كما بسط‪ ،‬ولكن يرفض ما أل َزمه به املخالف من كون املكروه معصية‬ ‫بتمسكه بثبوت ل ْف اظ‬
‫وفاعل املكروه ضال خارج عن الهدى‪ ،‬وذلك من وجوه‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ا‬
‫الض ادية اإال َب ْع َد استقر ااء الش ْر اع‪ ،‬وهو قد استقرأ موارد األحكام الشرعية؛‬ ‫أوال‪ :‬يرى أن األفعال ال تجرى على ا‬
‫َ‬ ‫ًَ‬ ‫َْ‬
‫؛وإذا ث َب َت وجود‬ ‫ا‬
‫(‪)109‬‬
‫ووجد بين الطاعة َوامل ْع اص َي اة َو ااسطة؛ وهي املباح‪ ،‬فهو ليس بطاعة وال معصية من حيث هو مباح‬
‫َ‬
‫واسطة بين الطاعة واملعصية صح أن يدخل تحتها املكروه؛ فال يطلق عليه لفظ املعصية‪ ،‬بخالف الهدى والضالل؛‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فإنه ال واسطة بينهما في الشرع يصح أن ينسب إليها لفظ ْاملَ ْك ُر ُ‬
‫وه ام َن ال اب َد اع‪ ،‬فليس اإال حق‪ ،‬وهو الهدى‪ ،‬أو الضالل‪،‬‬ ‫ا‬
‫وهو الباطل(‪ ،)110‬ويخلص بهذا إلى أن البدع املكروهة ضالل‪ ،‬بخالف فعل املكروه ليس بضالل‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الفقهاء ل ْفظ‬ ‫ا‬ ‫ثا ِن ايا‪ :‬يرى التروي في اإثبات ق ْس ام الك َر َاه اة افي ال اب َد اع ويحذر من االغترار ابإطالق امل َتق اد ام َين ام َن‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ََ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْْ‬
‫ض ال اب َد اع‪ ،‬ويرى أن َح اقيقة امل ْسأل اة أن ال اب َد َع ل ْي َس ْت َعلى ُرت َب ٍة َو ااح َد ٍة افي الذ ام‪ ،‬وأما ت ْع اي ُين الك َر َاه اة فال‬ ‫ا‬ ‫وه َعلى َب ْع‬ ‫املك ُر ا‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يرى عليه َد اليل ام َن الش ْر اع‪َ ،‬وال ام ْن كال ام األئمة‪ ،‬بل ثبت أن في الش ْر ُع َما َي ُد ُّل َعلى اخال اف ذ ال َك؛ ويستدل بحديث‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ ََ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫النساء‪ ،...‬إلى اآخ ار َما قالوا‪ ،‬ف َر َّد‬ ‫َ‬ ‫ال اآلخ ُر‪ :‬أما أنا فال أنكح‬ ‫الثالثة الذين قال أحدهم أما أنا فأقوم الل ْي َل َوال أنام‪ ،‬وق‬
‫َ‬ ‫الل ُه َع َل ْي اه َو َس َّل َم َو َق َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ َ َّ َّ‬
‫ال‪"َ :‬م ْن َر اغ َب َع ْن سنتي فليس مني"(‪ ،)111‬قال رحمه هللا‪ :‬وهذه العبارة من أشد‬ ‫علي اهم ذ الك صلى‬
‫ََ‬ ‫ْ َُْ‬ ‫ْ َ َُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ ْ َ ْ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وب آخر‪...‬‬ ‫وب إلى افع ال مند ٍ‬ ‫وب أو ترك مند ٍ‬ ‫اإلنكار‪ ،‬ولم يكن ما التزموا اإال افعل مند ٍ‬ ‫ش ٍيء افي ا‬

‫َ ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫(‪ )106‬مثل التي ن َّبه َعل ْي َها هللا تعالى بقوله‪{َ :‬و َج َعلوا الل اه ام َّما ذ َرأ ام َن ال َح ْر اث َواألن َع اام ن اص ًيبا ف َقالوا َهذا الل اه اب َز ْع ام اه ْم َو َهذا الش َرك اائ َنا }‬
‫ُ َ‬ ‫ً َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ن َ ْ َْ َ َ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ورنا َو ُم َح َّرم َعلى أ ْز َو ااج َنا َواإ ْن َيك ْن َم ْي َتة ف ُه ْم اف ايه ش َرك ُاء}‬‫ا‬ ‫[األنعام‪َ ،]136 :‬وق ْو ال اه ت َعالى‪{َ :‬وقالوا َما افي بطو ا ه اذ اه األنع اام خ االصة الذك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ‬
‫[األنعام‪َ ]139 :‬وق ْو ال اه ت َعالى‪{َ :‬ما َج َع َل الل ُه ام ْن َب اح َير ٍة َوال َسا ائ َب ٍة َوال َو اصيل ٍة َوال َح ٍام } [املائدة‪َ ،]113 :‬و َما أشبه ذ ال َك ام َّما ال ُيشك في‬
‫ص َراح‪.‬‬ ‫َأنه ُك ْفر ُ‬
‫(‪ )107‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪ ،)377 /2( ،‬والحديث تقدم تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )108‬املصدر نفسه‪.)377 -378 /2( ،‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )109‬أي أن املباح املجرد ال مؤاخذة عليه وال ثواب ما لم يتخذ وسيلة للطاعة أو وسيلة للحرام‪ ،‬فيعطى حينئذ وصف ما توسل به إليه‪.‬‬
‫(‪ )110‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)378 -379 /2( ،‬‬
‫(‪ )111‬البخاري‪ :‬الجامع الصحيح (‪ ،)2 /7‬حديث‪ :‬رقم‪ ،5163‬ومسلم الجامع الصحيح (‪ )1121 /2‬حديث‪ :‬رقم ‪.1411‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)19‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ‬


‫ال‪َ :‬دخ َل أبو َبك ٍر َعلى امرأ ٍة‬ ‫قال َو ُي َع اض ُد َهذا ال اذي قال ُه َم االك كما َما افي ال ُبخ اار اي‪ ،‬عن قيس بن أبي َح ااز ٍم ق‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ْ ُ ْ َ ً َ َ َ‬ ‫ال َل َها‪َ :‬زْي َن ُب‪َ ،‬ف َر َآها َال َت َت َك َّل ُم‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫من قيس ُي َق ُ‬
‫ال ل َها‪ :‬تكلمي؛ افإن َهذا ال‬ ‫ال‪ :‬مالها ال تتكلم ؟ قالوا‪ :‬حجت مص امتة ‪ ،‬ق‬ ‫ٍ‬
‫(‪)112‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َ ْ َ َ ْ‬
‫ي احل‪ ،‬هذا امن عم ال الج ااه الي اة‪ ،‬فتكلمت‪ ،...‬الحديث إلى آخره ‪.‬‬
‫واستدل َبما َر َوى الزبير بن بكار عن مالك أتاه رجل فقال‪ :‬يا أبا عبد هللا من أين أحرم؟ قال‪ :‬من ذي الحليفة‬
‫من حيث أحرم رسول هللا‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬إني أريد أن أحرم من املسجد من عند القبر‪ ،‬قال‪ :‬ال تفعل‬
‫فإني أخش ى عليك الفتنة‪ ،‬فقال‪ :‬فأي فتنة في هذه؟ إنما هي أميال أزيدها‪ .‬قال‪ :‬وأي فتنة أعظم من أن تري أنك‬
‫َ‬ ‫ل َ ْ َ ْ َ َّ َ َ‬
‫ين ُيخ اال ُفون َع ْن‬ ‫سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول هللا‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬إني سمعت هللا يقو ‪{ :‬فليحذ ار ال اذ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫أ ْم ار اه أ ْن ت اص َيب ُه ْم اف ْت َنة أ ْو ُي اص َيب ُه ْم َعذاب أ اليم} [النور‪.)113( ]63 :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ََْ ْ َْ َ‬
‫اض ٍل ال ُب ْق َعة أشرف منه َو ُه َو َم ْس اج ُد‬ ‫ْ َْ‬
‫اإلحرام امن مو اض ٍع ف ا‬ ‫قال الشاطبي‪ :‬فأنت ترى أنه خ اش ي علي اه ال اف َتنة افي ا‬
‫ضا الل اه َو َر ُس اول اه‪،‬‬
‫َ َّ‬
‫ص ًدا ال ار‬ ‫الت َعب َق ْ‬ ‫بعد م َن ْامل َيقات‪َ ،‬ف ُه َو زيادة في َّ‬ ‫َ ْ َ َّ ُ ُ‬ ‫َر ُسول ا َّلله َ َّ َّ ُ َ َ َ َّ َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫صلى الله عل ْي اه و َسل َم و َم ْو اض ُع قب ار اه‪ ،‬ل اكنه أ ا ا ا‬ ‫ا ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ف َب َّي َن أن ما استس َهله امن ذ الك األمر اليسير في بادي الرأي يخاف على ص ااح اب اه ال افتنة افي الدنيا‪ ،‬والعذاب افي اآل اخ َر اة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َّ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ْ َ َ ُ ُّ َ َ َ ْ َ‬
‫التن از ايه افي َه اذ اه األمور ال اتي َيظ َه ُر‬ ‫ان امث َل ذ ال َك َد ااخل ـ اع ْن َد َم اال ٍك ـ افي معنى اآلي اة؛ فأين كر ااهية‬ ‫واستدل اباآلي اة‪ .‬فكل ما ك‬
‫الش َواه ُد في َه َذا ْاملَ ْع َنى َكث َيرة‪َ ،‬وه َي َت ُد ُّل َع َلى َأن الهين ع ْندَ‬ ‫َ َّ‬
‫النظ ار أنها َس ْهلة َو َي اسيرة؟ إلى أن قال رحمه هللا‪ :‬و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫بأول‬
‫َ‬
‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ ََ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫الناس ام َن ْالب َدع شديد َو َل ْي َ‬
‫‪{/‬وت ْح َس ُبون ُه َه اينا َو ُه َو اع ْن َد الل اه َع اظيم}‪ ،‬قال‪ :‬وأما كال ُم‬ ‫بهين‪ ،‬واستدل بقوله تعالى‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َّ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫اص اطالح‬ ‫التن از ايه فقط‪ ،‬اوإنما هذا‬ ‫ال ُعل َم ااء‪ :‬افإنهم اوإن أطلقوا الك َر ااه َية افي األمور املن اه اي عنها؛ ال يعنون ابها كر ااهية‬
‫َ َ ْ َ ُ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫التن از ايه فقط‪ ،‬ويخصون كراهية‬ ‫يفرقوا بين الق ابيلين‪ ،‬فيط القون لفظ الكر ااهي اة على كر ااهي اة‬ ‫ا‬ ‫للمتأخرين حين أرادوا أن‬
‫شأنهم اف َيما َال َن َّ‬ ‫َْ َُ ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص اف ايه‬ ‫التحريم بلفظ التحريم‪ ،‬أو املنع‪ ،‬وأشباه ذلك‪ ،‬وأما املتقدمون من السلف‪ :‬افإنه لم يكن امن‬
‫َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً َ‬
‫يحا أن َي ُقولوا‪َ :‬هذا َحالل َو َهذا َح َرام‪َ ،‬و َي َت َح َام ْون َه اذ اه ال اع َب َارة خ ْوفا ام َّما افي اآل َي اة ام ْن ق ْوال اه‪{َ :‬وال ت ُقولوا املا ت اصف‬ ‫ص ار‬
‫تقدمه َه َذا ْاملَ ْع َنى‪ ،‬فإذا ُوج َدتْ‬ ‫عمن َّ‬ ‫َأ ْل اسنتك ُم الك اذ َب هذا حالل وهذا ح َرام التفت ُروا على الل اه الك اذ َب}‪ ،‬وحكى َم االك َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ا َ َ ا َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫افي كال ام اه ْم افي ال اب ْد َع اة أو غ ْي ار َها "أكره َهذا"‪ ،‬و "ال أ اح ُّب َهذا"‪ ،‬و َ"هذا َمك ُروه"‪َ ...‬و َما أشبه ذ الك‪ ،‬فال تقطعن على أنهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ َ َّ ْ َ َ َ ْ‬
‫ضاللة ف ام ْن أين ُي َع ُّد اف َيها َما ُه َو َمك ُروه ك َر ااه َية‬ ‫يل افي َج ام ايع ال اب َد اع َعلى أنها‬ ‫الد ال ُ‬‫ط فإنه إذا َد َّل َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ي اريدون التن ازيه فق‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ‬
‫ض ُه أمر آخ ُر ُم ْع َت َبر افي الش ْر اع‬ ‫الش ْرع‪َ ،‬ولك ْن ُي َعار ُ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫التن از ايه؟ الل ُه َّم اإال أن ُيط ال ُقوا ل ْفظ الك َر ااه َي اة َعلى َما َيكون ل ُه أصل افي‬
‫وهة(‪.)114‬‬ ‫َف ُي ْك َر ُه َألجله‪َ ،‬ال َألنه ب ْد َعة َم ْك ُر َ‬
‫ا‬
‫ُْ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َْ َ ُ َ َ ً َْ ْ‬ ‫َ َ َ ْ ْ َ َ َّ ْ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ا‬
‫ات املخالفة‬ ‫وه امن املن اهي ا‬ ‫ث ِالثا‪ :‬قال‪ :‬اإنا اإذا تأملنا ح اقيقة ال ابدع اة‪ -‬دقت أوجلت‪ -‬وجدناها مخ االفة اللمكر ا‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫الت َّامة‪ ،‬ثم شرع بين ذ ال َك ام ْن وجهين‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ً َ ْ‬ ‫َْْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫متكال َعلى ال َع ْف او‪َ ،‬و َرف اع ال َح َر اج‪ ،‬ف ُه َو‬ ‫وه اإنما قصده نيل غر اض اه وشهو ات اه الع ااجل اة‬ ‫الوجه األول‪ .‬أن م ْرت اك َب املك ُر ا‬
‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫إلى الط َم اع افي َر ْح َم اة الل اه أقرب‪.‬‬
‫األمارة َزَّينت َل ُه ُّ‬ ‫َ َْ َ ُ َ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫الد ُخو َل‬ ‫الوجه الثاني‪ :‬مرتكب املكروه َي ْع َت اق ُد أن الت ْر َك أولى في حقه من الفعل‪ ،‬وأن نفسه‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْْ‬ ‫اف ايه‪َ ،‬ف َال َي َز ُ‬
‫منكسر القل اب؛ َو ُم ْرت اك ُب أدنى ال اب َد اع َيك ُاد َيكون َعلى اض اد َه اذ اه األحوال‪ ،‬افإنه َي ُع ُّد َما َدخ َل اف ايه حسنا‪ ،‬بل‬ ‫ال‬
‫حد له الشارع(‪. .)115‬‬ ‫يراه َأولى مما َّ‬

‫(‪ )112‬البخاري الجامع الصحيح البخاري (‪ ،)41 /5‬حديث رقم‪ ،3834 :‬وانظر الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)181 -383 /2( ،‬‬
‫(‪ )113‬املباركفوري‪ :‬مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‪.)364 /8( ،‬‬
‫(‪ )114‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)386 -381 /2( ،‬‬
‫(‪ )115‬املصدر السابق‪.)388 -387 /2( :‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)20‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ََ َ‬
‫ص اغ َيرة‪ ،‬اوإلى َما ُه َو ك اب َيرة ـ‪ ،‬فكذ ال َك‬
‫َ‬ ‫الش ْرع إلى َما ُه َو َ‬ ‫َّ‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫املح َّرم َي ْن َقس ُ‬ ‫تفاوت البدع بنظر الشاطبي‪ :‬كما َأن َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ ْ َُْ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الصغ َيرة َو ْال َكب َيرة ْ‬ ‫يرى الشاطبي أن ْالب َدع ْاملُ َح َّر َم اة َت ْن َقس ُم إلى َّ‬
‫اع اتبارا ابتفاو ات درج ااتها‪ ،‬ويرى أن أقرب وج ٍه يلتمس الهذا‬ ‫ا ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫َْ َْ َ ْ َ ا ا‬
‫الن ْس ُل‪َ ،‬و ْال َع ْقل‪ُ،‬‬ ‫ُ َ َّ ْ ُ َ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات املعتبر اة افي ك ال املة‪ ،‬و اهي‪ :‬ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اإلخالل ابالضرو اري ا‬
‫َّ‬
‫ا‬ ‫املطل اب أن الك َبا ائ َر ُم ْنح اصرة افي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ات َف ُه َو كبيرة‪ ،‬وما ال‪ ،‬فهي َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َو ْاملَ ُ َ َ َ‬
‫ص اغ َيرة(‪.)116‬‬ ‫ال‪ ،‬كذ الك يقول افي ك َبا ائ َر ال ابدع‪َ :‬ما أخ َّل امن َها بأصل امن ه اذ اه الض ُرو ارَّي ا‬
‫بالع اظيم‪ ،‬ويرى أنه َي ْع ُسر التخلص منه‪،‬‬ ‫الص َغائر في البدع يصفه َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ثم يورد على نفسه إشكاال افي اإثبات َّ ا‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صال‪ ،‬اوإما ف ْر ًعا‪ ،‬اوإذا ك َان ْت كذلك ف اه َي اإذا اإخالل َبأول‬ ‫الد اين‪ ،‬اإما أ‬ ‫اإلخالل اب ا‬ ‫ا‬ ‫ملخصه أن َج ام َيع ال اب َد اع َر ااج َعة إلى‬
‫َ َُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََْ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َ َُ‬
‫س ذ ال َك ُبمخ ار ٍج ل َها َع ْن أن تكون كبيرة‪ ،‬هذا‬ ‫الد اين فلي‬ ‫اإلخالل اب ا‬ ‫الدين‪ ،‬وهي اوإن تفاوتت مرا اتبها افي ا‬
‫ُ‬ ‫الض ُرورَّي ا َ ُ َ‬
‫ات‪ ،‬وهو ا‬ ‫ا‬
‫َّ‬
‫هو اإلشكال الذي أورده ثم شرع في اإلجابة عنه(‪ ،)117‬وملخص ما قاله أن النظر النافي لوجود صغائر في البدع معارض‬
‫نظر آخر يثبت العكس‪ ،‬وبيانه من أوجه‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫س ك اب َيرة ابال اإشكال‪ ،‬ول اكن َها على َم َرا ات َب‪ ،‬أدناها ال يس َّمى ك اب َيرة‪ ،‬فالقت ُل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫ْ‬ ‫الن‬ ‫َّ‬ ‫ة‬ ‫ر‬‫ض ُرو َ‬ ‫َأحدها‪ :‬أن اإلخالل ب َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ََ َُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫عضاء امن غي ار اإجهاز كبيرة دونها‪ ،‬وقطع عض ٍو واحد فقط ك ابيرة دونها‪ ،‬وهلم جرا إلى أن تنت اهي إلى‬ ‫ك اب َيرة‪ ،‬وقط ُع األ ا‬
‫َ َ‬
‫ال افي َمث ال اه ك اب َيرة‪.‬‬ ‫ص َّو ُر‪َ ،‬ف َال َيص ُّح َأن ُي َق َ‬ ‫الل ْط َمة‪ُ ،‬ث َّم إلى َأقل َخ ْدش ُي َت َ‬
‫ا‬
‫َّ‬
‫ا‬ ‫ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬
‫َوالثا ِني‪ :‬أن ال اب َد َع ت ْنق اس ُم إلى قسمين‪:‬‬
‫َ ْ‬ ‫الت ْقبيح ْال َع ْقلي َين‪َ ،‬وب ْد َعة إنكار السنة ْاقت َ‬ ‫‪ -1‬ما يخل بكلي شرعي‪َ ،‬كب ْد َعة َّ‬
‫ص ًارا َعلى ال ُق ْر اآن‪َ ،‬و اب ْد َع اة‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا‬ ‫اا‬ ‫ا‬
‫الت ْحسين َو َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫َّ َ ُ نَ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ َ ا َ َ َ ْ َ َّ َ َ ُ ُّ َ ْ ً ْ ُ‬ ‫ْال َخ َوارج في َق ْوله ْم‪َ :‬ال ُح ْك َ‬
‫وع الش اريع اة دو‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ص‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ت‬‫ا‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ا‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ا‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫إ‬‫ا‬ ‫م‬ ‫اا‬ ‫اا ا‬
‫َ‬
‫ف ْر ٍع‪.‬‬
‫األذان واإلقامة في ْالع َ‬ ‫ْ ْ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يد ْي ان‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪ -2‬ما يخل بجزئي ال ت َت َع َّدى اف ايه ال ابدعة محلها‪ ،‬وال تنت اظم تحتها غيرها‪ ،‬ك ابدع اة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫الر ْجل ْي ان‪َ ،‬و َما أشبه ذ ال َك‪.‬‬ ‫ا‬ ‫الصال اة َعلى‬ ‫َو اب ْد َع اة ااال ْع ات َم ااد افي‬
‫ْ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫فال اق ْس ُم األول عده رحمه هللا ام َن الك َبا ائ ار‪ ،‬والقسم الثاني‪ ،‬رآه ام ْن ق اب ايل الل َمم امل ْر ُج او اف ايه ال َع ْف ُو‪.‬‬
‫َ‬
‫اص ي َون ْوع‬ ‫َ َ َ َّ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ََ َ ْ َ ُ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ َ‬
‫اص َي قد ثبت ان اقسام َها إلى صغا ائ ار وكبا ائ ار‪ ،‬وال شك أن ال ابدع امن جمل اة املع ا‬ ‫الوجه الث ِالث‪ :‬أن املع ا‬
‫َ َ‬ ‫َ َّ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ ً َ َ ُ َ ُّ َ َ َ ْ‬ ‫م ْن َأنواعها‪َ ،‬ف ْاق َت َض ى إطالق َّ‬
‫ص؛ ألن ذ ال َك تخ اصيص ام ْن غ ْي ار ُمخ اصص(‪.)118‬‬ ‫الت ْق اس ايم أن ال ابدع تنق اسم أيضا‪ ،‬وال تخ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫يناقض هذا ما ذكره آنفا من فرقين بين البدع واملعاص ي خالصته‪:‬‬
‫وها ك َما َي ْع َت اق ُد‬
‫َ‬ ‫وه َمك ُر ً‬ ‫ْ‬ ‫الله َأقرب‪ ،‬وأنه َي ْع َتق ُد املك ُر َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫‪َ -1‬أن ُم ْرَتك َب ْاملَ ْك ُر َّ ً َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫ا‬ ‫وه متكال على العف او‪ ،‬ف ُهو إلى الط َم اع افي َرح َم اة ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َُُْ َ ََ ُُ ََُ َُْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫ال َح َر َام حراما اوإن ارتكبه‪ ،‬اوإذا تذكر انكسر قلبه‪...‬إلى أن قال‪...:‬فأين مع هذا خوفه أو رجاؤه‪ ،‬وهو يزعم أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ‬
‫ط اريق ُه أهدى َس ابيال‪َ ،‬و ان ْحل َت ُه أولى اب ااال ات َب ااع؟‪ ،‬وهذا ما انتبه إليه الشاطبي فذكره في شكل اعتراض محتمل من‬
‫َ‬ ‫ُ َ َّ َّ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ْ ُ َ َّ ْ ُ‬
‫ص َب امل ْب َت اد ُع ن ْف َس ُه مستدركا‬ ‫املخالف‪ ،‬مفاده أن يقول املعترض بأن البدع مضادة اللش اار اع ومراغمة له حيث ن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫يع اة‪ ،‬ال مكتفيا اب َما ُح َّد ل ُه‪ ،‬فال فرق حينئذ َب ْي َن اب ْد َع ٍة ُج ْزائ َّي ٍة‪َ ،‬و اب َد َع ٍة ك ال َّي ٍة‪ ،‬ويجيب الشاطبي عن هذا‬ ‫َعلى الش ار‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫باإلضافة إلى ُم َج َاوز اة ُح ُد اود الل اه ابالتش ار ايع‪ ،‬اإال أنها اوإن َعظ َم ْت املا‬ ‫بدعة كبيرة ا‬ ‫ٍ‬ ‫االعتراض بالتسليم بأن كل‬
‫ض َها َأشد ع َقاباً‬ ‫اعت َبار َأن َب ْع َ‬ ‫ض َها إلى َب ْعض َت َف َاو َت ْت ُرَت ُبها‪َ ،‬ف َي ُكو ُن م ْن َها ص َغار َوك َبار‪ ،‬إما ب ْ‬ ‫َذ َك ْرَن ُاه‪ ،‬فإذا ُنس َب َب ْع ُ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ٍ‬ ‫ا ا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْْ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َْ ُْ‬ ‫ْ َْ‬
‫اض ال واألفضل‪ ،‬االن اقس اام‬ ‫وب افي املفسد اة‪ ،‬فكما انقسم ات الطاعة إلى الف ا‬ ‫ض‪ ،‬اوإما اباع اتب اار فو ات املطل ا‬ ‫امن بع ٍ‬

‫(‪ )116‬املصدر السابق‪.)389 -388/2( ،‬‬


‫(‪ )117‬املصدر السابق‪.)391 -391 /2( :‬‬
‫(‪ )118‬املصدر السابق‪.)296 -294/2( :‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)21‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫َ‬
‫واأل ْر َذل‪ ،‬والص َغر والك َبر‪ ،‬م ْن َ‬ ‫َ‬
‫واألكمل‪ْ ،‬ان َق َس َمت ْالب َد ُع ال ْنق َسام َم َفاسد َ‬ ‫َْ‬ ‫َم َ‬
‫اب‬
‫ا‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ذ‬‫ا‬ ‫َّ‬
‫الر‬ ‫إلى‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ص اال اح َها إلى الك اام ال‬
‫واإلضافات(‪.)119‬‬ ‫َ‬
‫النس اب ا‬ ‫ا‬
‫فخالصة القول عند الشاطبي أن البدع كلها كبائر بالنظر إلى سائر املعاص ي‪ ،‬فإذا أضيف بعضها إلى بعض‬
‫صار بعضها أشنع من بعض‪ ،‬وصار الشنيع بالنظر إلى األشنع كأنه صغيرة‪.‬‬

‫زئية‪:‬‬ ‫وج َّ‬ ‫انقسام مالب َد َع عند الشاطبي إلى ُكل َّي ٌة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وع‪،‬‬ ‫وع الش اريع اة‪ ،‬ومنها ما هو جزئي واقع افي الفر ا‬ ‫البدع عند َالشاطبي منها ما هو كلي ال ينح اصر في فرع من فر ا‬
‫الضالل‪َ :‬ك َما َال َي َت َح َّققُ‬ ‫صف َّ‬ ‫الض ْرب الثاني م َن ْالب َدع تحت الوعيد بالنار وإن دخل تحت َو ْ‬ ‫َوَال َي َت َح َّق ُق ُد ُخو ُل َهذا َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫السر َقة‪َ ،‬ف َع َلى َه َذا‪ :‬إذا ْ‬ ‫َ َ َ ً َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫اج َت َم َع افي ال اب ْد َع اة‬ ‫ا‬ ‫يف ابح َّب ٍة‪ ،‬اوإن كان د ااخال تحت وص اف َّ ا ا‬
‫َ‬
‫ذ الك افي س ارق اة لق ْي َم ٍة‪ ،‬أو التط اف ا‬
‫ً‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ َ ً َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬
‫ص اغ َيرة‪ ،‬امثال ُه‪ :‬مسألة َم ْن نذ َر أن يصوم قائما ال‬ ‫ص َّح عند الشاطبي أن تكون‬ ‫بالتأويل؛ َ‬ ‫ص َف اان‪ :‬ك ْو ُن َها ُج ْزائ َّية‪َ ،‬وك ْو ُن َها‬ ‫َو ْ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َّ ُ َ َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ًْ‬ ‫وضاحيا ال َي ْس َتظ ُّل‪َ ،‬و َم ْن َّ َ َ َ ْ‬ ‫ً‬
‫الن َس ااء‪ ،‬أو األكل‬ ‫حرم على نف اس اه شيئا ام َّما أحل الله؛ امن النو ام‪ ،‬أو ل اذ ايذ الطع اام‪ ،‬أو ا‬ ‫ا‬ ‫يجلس‪،‬‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ َ َ ً َ َ ْ َ ُ ُ َ َّ ً َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ُ َّ َ َ ْ ُ ْ َّ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬
‫ابالنه اار‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬غير أن الك الية والجزائية عند الشاطبي قد تكون ظ ااهرة‪ ،‬وقد تكون خ افية‪ ،‬كما أن التأويل قد‬
‫ُ َ ُ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َُ ُ َََ ُ‬ ‫َُ ُ ْ‬
‫النظ ُر فيه إلى االجتهاد(‪.)120‬‬ ‫اإلشكال افي ك اث ٍير ام ْن األ ْم اثل اة‪ ،‬ويرى الشاطبي أن يوكل‬ ‫يق ارب مأخذه وقد يب اعد‪ ،‬فيقع ا‬
‫شروط انقسام البدعة إلى صغيرة وكبيرة عند الشاطبي‪ :‬انتهى الشاطبي إلى أن البدع منها صغائر ومنها‬
‫كبائر‪ ،‬ولكن ال تنقسم عنده هذا االنقسام إال بشروط(‪:)121‬‬
‫ْ َ َ ْ َ َ َ َ ََْ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫ص اغ َيرة َم َع‬ ‫َُْ‬ ‫َّ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ََ َ‬
‫النسب اة املن داوم عليها؛ الذ الك قالوا‪" :‬ال‬ ‫اص ي تكب ُر اب ا‬ ‫أحدها‪ :‬أن ال يد ااوم عل ْيها‪ ،‬افإن الص اغ َيرة امن املع ا‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ْ ْ َ (‪َ ْ َ ْ ُ َ ْ ْ َ َ َ َ )122‬‬
‫اص َي ام ْن شأنها افي ال َوا اق اع أنها ق ْد ُي اص ُّر‬ ‫اإصرار‪ ،‬وال ك اب َيرة مع اس اتغف ٍار" ‪ ،‬فكذ الك ال ابدعة امن غي ار ف ْر ٍق‪ ،‬اإال أن املع ا‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َعل ْي َها‪َ ،‬وق ْد ال ُي اص ُّر َعل ْي َها‪ ،‬اب اخال اف ال اب ْد َع اة افإن شأنها في الواقع املداومة عليها‪ ،‬وساق لذلك أدلة من االعتبار والنقل‪.‬‬
‫باإلضافة‪ ،‬ث َّم َي ْد ُعو مبتدعها إلى‬
‫ُ‬ ‫ْ ْ َ َ َ ْ َُ ُ َ ًَ‬ ‫َ َ َْ َُ‬ ‫َ َّ م ُ َّ‬
‫والشرط الثا ِني‪ :‬أن ال يدعو املبتدع إلى بدعته‪ ،‬افإن ال ابدعة قد تكون ص اغيرة ا‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫القول بها‪ ،‬والعمل بمقتضاها‪ ،‬ف َيكون اإثم ذ ال َك ك ال اه َعل ْيه‪.‬‬
‫َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ ُ َ ُّ َ ُ ْ‬ ‫الثال ُث‪َ :‬أن َال ُت ْف َع ُل في ْاملَ َواضع َّالتي ه َي ُم ْج َت َم َع ُ‬ ‫َ َّ ُ َّ‬
‫السن ُن‪َ ،‬وتظ َه ُر‬ ‫اضع ال اتي تقام افيها‬ ‫اس‪ ،‬أو املو ا‬ ‫ا‬
‫ات َّ‬
‫الن‬ ‫ا ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫والش مرط ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫شياء على‬ ‫ات ام َّمن ُيقتدى اب اه‪ ،‬أو ممن ُيح َّسن اب اه الظن؛ فذ الك امن أضر األ ا‬ ‫يع اة؛ فأما اإظهارها افي املجت َم َع ا‬ ‫اف َيها أعالم الش ار‬
‫اإلسالم‪.‬‬ ‫سنة ا‬
‫َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َُ‬ ‫ََ َْ َ َ ًَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ص اغ َرها وال ي ْستح اق ُرها‪ ،‬اوإن فرضناها ص اغيرة‪ ،‬افإن ذ الك اس اتهانة ابها‪ ،‬و ااالس اتهانة‬ ‫الرابع‪ :‬أن ال ي ْست ْ‬ ‫َّ‬
‫َ والشرط ِ‬
‫م‬
‫ص اغير‪.‬‬‫ان َذل َك َس َب ًبا لع َظم َما ُه َو َ‬ ‫َ َّ ْ َ َ َ‬ ‫َّ ْ‬
‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ابالذن اب أعظم امن الذن اب‪ ،‬فك ا‬
‫ص َار ْت‬ ‫ف َش ْرط م ْن َها َأو َأكثر؛ َ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ُ َ ً‬
‫ص اغ َيرة‪ ،‬افإن تخل‬
‫َ َُ َ‬
‫اك ُي ْر َجى أن تكون صغيرتها‬ ‫وط؛ فإ ْذ َذ َ‬ ‫ُّ ُ ُ‬
‫صل ْت َه اذ اه الشر‬
‫َ َ َّ َ‬
‫افإذا تح‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫َ َ َ َ َ ًَ‬ ‫َ ً َ‬
‫ك اب َيرة‪ ،‬أو اخيف أن ت اصير ك ابيرة‪.‬‬

‫(‪ )119‬املصدر السابق (‪)398 -397/2‬‬


‫(‪ )120‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪.)413 -412/2( ،‬‬
‫(‪ )121‬انظر هذه الشروط في االعتصام‪.)416 – 414 /2( :‬‬
‫(‪ )122‬روي حديثا مرفوعا‪ ،‬واملرفوع ضعفه ابن رجب‪( ،‬جامع العلوم والحكم ت األرنؤوط)‪ ،(1/ 449‬وضعف إسناده أيضاً‬
‫اإلمام السخاوي‪) ،‬املقاصد الحسنة (ص‪ ،)726 :‬وكذا ضعفه العجلوني‪( ،‬كشف الخفاء ت هنداوي)‪ ، (2/ 448‬فالحاصل أن‬
‫رواية ابن عباس املرفوعة ضعيفة‪ ،‬لكن توجد رواية عن عائشة بلفظ‪ :‬ما كبيرة بكبيرة مع االستغفار‪ ،‬وال صغيرة بصغيرة مع‬
‫اإلصرار‪ ،‬وهذه الرواية أخرجها السيوطي في الجامع الصغير‪ ،‬ص‪ .11911 :‬وجزم األلباني بتضعيفها في‪( :‬ضعيف الجامع الصغير‪،‬‬
‫حديث رقم‪ ،)5127 :‬أما أثر ابن عباس املوقوف فقد رواه ابن جرير‪ ،‬في جامع البيان ت شاكر)‪ (8/ 245‬حديث رقم‪ 9217 :‬وتابعه‬
‫عليه عامة أهل التفسير‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)22‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫أقول‪ :‬وهي كلها شروط تعجيزية وإليك بيان ذلك‪:‬‬


‫َ َ‬
‫‪ -‬أما الشرط األول‪ :‬فهو شرط تعجيزي بتصريح الشاطبي نفسه حيث اشترط في البدعة لتكون صغيرة أن ال‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُي َد ااو َم َعل ْي َها‪ ،‬ثم قرر أن ال اب ْد َع اة من شأنها في الواقع املداومة عليها‪.‬‬
‫َ َ‬
‫‪ -‬أما الشرط الثاني‪ :‬فهو أن ال َي ْد ُع َو املبتدع إلى بدعته‪ ،‬أقول كيف ال يدعو إليها مع اعتقاده صحتها‪ ،‬كما صرح‬
‫هو بذلك‪،‬‬
‫َ ُ ْ َ َ َ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس‪ ،‬فهل يعتقد املبتدع أنه على ظاللة‬ ‫اض اع ال اتي اهي مجتمعات الن ا‬ ‫‪ -‬ومثله الشرط الثالث وهو‪ :‬أن ال تفع ُل افي املو ا‬
‫ليتحاش ى مجتمعات الناس؟‬
‫ص اغ َرها َوال َي ْست ْح اق ُرها فال معنى لهذا الشرط‪ ،‬إذ ال يرى أنه مذنب أصال حتى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬وأما الشرط الرابع وهو َأن ال َي ْست ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫يستصغر أو يستعظم؟‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هل االبتداع بنظر الشاطبي يدخل ِفي األمور العادية أم يختص باألمور ال ِعب ِادي ِة؟‪ :‬ال يرى الشاطبي إشكاال‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫في دخول االبتداع في األمور العبادية‪َ ،‬وأما ال َع ااد َّية فيرى أن النظر يقتض ي ُوقوع ال اخال اف اف َيها وعليه مال قوم إلى‬
‫شمول البدع للعادات كما العبادات‪ ،‬ومال آخرون إلى اختصاص البدع بالعبادات‪ ،‬ثم شرع في عرض أدلة‬
‫(‪)123‬‬
‫الفريقين‬
‫استدل من يرى شمول البدع للعادات باآلتي‪:‬‬
‫َ َّ َ‬ ‫َّ َ ْ َ‬ ‫َّ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫اض ال‪ ،‬والسل اف الصالح‪.‬‬ ‫‪ .1‬أنها امن األمور ال اتي لم تكن افي الزم ان الف ا‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ات؛ ف اكال ُه َما َمش ُروع ام ْن اق َب ال الش اار اع‪.‬‬ ‫‪ .2‬ال فرق في وقوع االبتداع بين العبادات وال َعاد ا‬
‫َّ‬ ‫َ ً‬ ‫الش ْر َع أخبر عن أشياء ليست من العبادات َت ُكو ُن في آخر َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الز َم اان خ اار َجة َع ْن ُسن ات اه‪ ،‬مثل قوله صلى هللا عليه‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫‪ .3‬أن‬
‫َ َ ُ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ ْ‬ ‫ََ ً ُ ً ُ‬ ‫َ‬
‫ال‪" :‬أدوا اإليهم َح َّق ُه ْم‪،‬‬ ‫وسلم‪ :‬ا"إنكم َست َر ْو َن َب ْع ادي أث َرة وأمورا ت ْن اك ُر َون َها"‪ ،‬قالوا‪ :‬ف َما تأمرنا يا رسول الل اه؟ ق‬
‫الل َه َّ‬ ‫َ َ ُ َّ‬
‫حقكم"(‪.)124‬‬ ‫وسلوا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬وال اذين ذهبوا إلى أنه مخت ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫معاص افي‬‫ٍ‬ ‫ص بالعبادات ال يس المون جميع ما ذكره األولون ويرون أنها‬
‫َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ُ ْ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُُ‬ ‫ْال ُج ْم َل اة‪َ ،‬و ُم َخ َال َفات ال ْل َم ْش ُ‬
‫العلماء‪ ،‬وغي ار ذ الك‪ ،‬واملباح امنها كاملن ااخ ال افإنما‬ ‫ا‬ ‫وع‪ ،‬كاملكوس‪َ ،‬واملظ اال ام‪َ ،‬وت ْق اد ايم ال ُج َّه اال َعلى‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫َ َ‬ ‫َ ُْ ْ َ َ‬ ‫مكروها َف َو ْج ُه ْال َك َراه َية َك ْو ُن َها ُع َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إباحته ب َدليل َش ْرعي‪َ ،‬ف َال ْابت َد َ‬
‫ات؛ اإذ في األثر‪" :‬أول‬ ‫ا‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫امل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫ا ا‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ف‬
‫ا ا ا ا‬ ‫ن‬ ‫وإ‬ ‫‪،‬‬ ‫يه‬ ‫ف‬ ‫اع‬ ‫ا‬ ‫ا ٍ‬ ‫ا ا ٍ‬
‫الل ْفظ َم ْن َأخذ به‪ ،‬وظاهر َأن َذل َك منْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ ُ (‪َ َ َ َ َ )125‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَ ُ‬
‫ا ا‬ ‫اا‬ ‫ا‬ ‫ما أحدث بعد رسو ال الل اه صلى الله علي اه وسلم املن ااخل" ‪ ،‬فأخذ ابظ ااه ار‬
‫َ َ َ َ ْ َ ُْ‬
‫ات اب َد َعة‪ ،‬فل َي ُعدوا ج اميع ما لم يكن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َن ااح َي اة َّ‬
‫الس َرف والتن ُّعم‪ ،‬ال امن اج َه اة أنه ابدعة‪ ،‬ولو عدوا ك َّل ُمحد اث من ال َعاد ا‬
‫ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َّ َ‬ ‫َْ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫الن اازل اة ال اتي ال َع ْه َد اب َها افي ا َّلز َم اان األول اب َدعا‪ ،‬ن َع ْم ال ُب َّد ام َن‬ ‫س َوالكال ام َوامل َسا ائ ال‬ ‫اف ايهم امن امل اآك ال واملش اار اب واملال اب ا‬
‫الش ْر اع َّي اة‪َ ،‬و ْال َق َوا انين ْال َجارَي اة َع َلى ُم ْق َت َض ى ْال اك َتاب َو ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫الس َّن اة‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫امل َحافظ اة افي ال َع َوا ائ اد املخ َت ال َف اة َعلى ال ُح ُد اود‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َّ َ‬
‫النظ َرْي ان‪َ ،‬و ُه َو ما ث َب َت افي األصول الش ْر اع َّي اة أنه ال ُب َّد افي ك ال‬ ‫والذي يراه الشاطبي صوابا ط اريقة تجمع شتات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫التعبد؛ َألن َما َل ْم ُي ْع َق ْل َم ْع َن ُاه َع َلى َّ‬
‫الت ْ‬
‫بالتعبدي‪َ ،‬وماَ‬‫ُّ‬ ‫َ‬
‫املنهي عنه ف ُهو امل َراد‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ا‬ ‫ب‬
‫ا‬ ‫مور‬ ‫املأ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ا‬ ‫يل‬
‫ا‬ ‫ص‬‫ا‬ ‫ف‬ ‫شائبة ُّ‬ ‫ا‬ ‫َع ااد ٍي ام ْن‬
‫ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫وع ارفت مصلحته أو مفسدته على التفصيل ف ُه َو امل َر ُاد ابال َع ااد اي وإن كانت ال يخلو من نظر تعبدي‪ ،‬افإن‬ ‫ُع اق َل معناه‬
‫ُ‬ ‫األمور ْال َعاد َّية م ْن الوجه التعبدي فيها َ‬ ‫ُ‬ ‫جاء اال ْبت َد ُ‬
‫ص َّح عنده ُدخو ُل االبتداع افيه جهة ما فيها من ملحظ تعبدي‪،‬‬ ‫ا ا ا‬ ‫اع افي‬ ‫َ ا ا‬

‫(‪ )123‬انظر بسط الشاطبي ألدلة الفريقين االعتصام‪.)431 -416 /2( :‬‬
‫(‪ )124‬البخاري‪ :‬الجامع الصحيح‪ ،‬حديث رقم‪.)47 /9( ،7152 :‬‬
‫ال‪ُ :‬ق ْل ُت ل َس ْهل ْبن َس ْع ٍد‪َ :‬ه ْل َك َانت ْاملَ َناخ ُل َع َلى َع ْهد َر ُسول هللا َ‬
‫ص َّلى هللاُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫(‪ )125‬لم أجده بهذا اللفظ‪ ،‬لكن أخرج الطبراني عن أبي ح اازٍم ق‬
‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ً َ ْ ُ ً َ َّ َ َ َق ُّ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ ً‬
‫هللا صلى هللا علي اه وسلم ش اعيرا منخوال حتى فار الدنيا»‪ .‬املعجم‬ ‫ال‪« :‬ما َرأيت منخال افي ذ الك الزم اان‪ ،‬وما أك َل رسول ا‬
‫َ‬ ‫علي اه وسلم؟ ق‬
‫الكبير للطبراني (‪ ،)159 /6‬حديث‪846 :‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)23‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ََ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ ََ‬ ‫َ ْ ُُ‬ ‫ُ‬ ‫الن ْك َت ُة َّالتي َي ُد ُ‬


‫اس‪ ،‬فال َي ْخلو أن َيكو َن‬ ‫َّ‬
‫ور عليها حكم الباب‪ ،‬فما ذكر من وضع املكوس افي معامال ات َ الن ا‬ ‫ا‬
‫ويرى َهذه ه َي ُّ‬
‫اا ا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعلى قصد ني ال حطام الدنيا‪ ،‬أو يكون على قص اد حمل الناس عليه كالدين املوض اوع‪ ،‬واألمر املحتوم‪ ،‬بحيث يضاهي‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫حد البدعة‪ ،‬أما الثا اني‪ :‬فيرجح أنه اب ْد َعة‪ ،‬اإذ ُه َو‬ ‫التشريع‪ ،‬فإن كان األول فال يرى الشاطبي فيه إشكاال في خروجه عن ا‬
‫َّ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫ات املضروبة‪.‬‬ ‫الدي ا‬ ‫تش اريع زا ائد‪ ،‬اوإلزام للمكلفين يض ااهي اإلزامهم الزكاة املفروضة‪ ،‬و ا‬
‫َ‬ ‫يل‪َ :‬أما اال ْبت َد ُ‬
‫اع؛ اب َم ْع َنى أنه‬ ‫ا ا‬ ‫والشاطبي على عادته بعد تقرير القواعد يورد على االعتراضات‪ ،‬فيقول هنا فإن اق َ‬
‫ا‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫العاديات ك َما في بدع الخوارج وما شاكلهم من الفرق الخارجة ع ان الجاد اة ـ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫التعبد افي‬ ‫ُّ‬ ‫ن ْوع ام َن التش ار ايع َعلى َو ْج اه‬
‫َ ُْْ َ َ َْ ْ ُ َ َ‬
‫ات ق ْد‬ ‫ات واملكروه ا‬ ‫اص ي واملن اكر ا‬ ‫َ ُ َ َ َْ َ‬ ‫آخ ُر ُي ْشب ُه ُه َو َل ْي َ‬ ‫ََْ َ ْ َ‬
‫ض َح َمغزاه‪ ،‬اوإنما يبقى وجه‬
‫َ َ َ َ َ ْ َّ َ ْ ُ ُ َ َّ َ ْ‬
‫س اب اه‪ ،‬وهو أن املع ا‬ ‫ا‬ ‫فظاهر قد تبين وجهه وات‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َت ْظ َه ُر َو َت ْف ُشو‪َ ،‬و َي ْجري ْال َع َم ُل اب َها َب ْين الناس َعلى ٍ َ ُ َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫اص َوال َع ٍام‪ ،‬ف َما كان ام ْن َها هذا شأنه‪ :‬ه ْل‬ ‫ْ‬
‫وجه ال يقع لها اإنكار امن خ ٍ‬ ‫ا‬ ‫َ ا‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً َ‬ ‫ُْ‬
‫ُي َع ُّد امثل ُه اب َد َعة أم ال؟‪ .‬ويجيب بأن امثل ه اذ اه املسألة لها نظران‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫مخال َفة َال ب ْد َعة‪ ،‬إذ َل ْي َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫س ام ْن ش ْر اط البدعة االشتهار‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫نها‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫عمال‬ ‫وقوعها‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫نظر‬ ‫‪:‬‬ ‫حدهما‬ ‫أ‬
‫اإلنكار‪،‬‬ ‫ى‬‫ل‬
‫ََ‬
‫ع‬ ‫قدرتهم‬ ‫مع‬ ‫‪،‬‬ ‫الخواص‬ ‫ينكرها‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫فيهم‬ ‫وتشيع‬ ‫‪،‬‬ ‫أعماال‬ ‫العوام‬ ‫ل‬ ‫الثا اني‪ :‬نظر ام ْن ج َه اة َأن َي ْع َم َ‬ ‫َ َّ‬
‫و‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ ْ‬
‫فيعتقد العامي جوازه‪ ،‬فمثل هذا يراه الشاطبي بدعة‪ ،‬إذ ال معنى الل ابدع اة عنده اإال أن يكون ال افعل في اعتقاد املعتقد‬
‫ً‬
‫مشروعا‪ ،‬وليس بمشروع‪.)126( .‬‬
‫قلت ولم يذكر الشاطبي هذا القيد في تعريف البدعة‪ ،‬فينبغي ملن ينقل عنه أن ُيلحقه بتعريفه للبدع‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تفاوت البدع عند الشاطبي بالنظر إلى منشئها‪ :‬وهي عنده من هذه الحيثية على من أربعة أوجه‪ :‬بدعة‬
‫مخترعة من مبتدع‪ ،‬وبدعة متوهمة من جهال لعمل العلماء على وجه املخالفة‪ ،‬والثالثة متوهمة من الجهال لسكوت‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ْ‬
‫اب الذرائع‪ ،‬وهو أن َيكون ال َع َم ُل افي أصله َم ْع ُروفا‪ ،‬اإال أنه َيت َب َّد ُل ااال ْع اتق ُاد اف ايه َم َع‬ ‫َ‬
‫العلماء عن اإلنكار‪ ،‬واألخيرة من ب ا‬
‫ُ ْ‬
‫طو ال ال َع ْه اد‪.‬‬
‫ْ‬ ‫األقسام َل ْي َس ْت َع َلى وزان واحد‪َ ،‬ب ْل ه َي في ُ‬ ‫َ‬ ‫ويرى الشاطبي َأن َ‬
‫القرب َوال ُب ْع اد متفاوتة‪ ،‬وأحقها باسم‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ه‬
‫ا‬ ‫ذ‬
‫ا‬ ‫ه‬
‫ُ َْ ْ ََْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫البدعة القسم األول إذ تؤخذ عن املبتدع بالنص‪َ ،‬و َي ال ايه ال اقسم الثا اني‪ :‬إذ العمل يشبه التن اصيص ابالقو ال‪ ،‬غير أنه ال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َّ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ْ‬
‫الص َو اارف الل ُق ْد َر اة كثيرة‬ ‫يتنزل َمن ازلة َما ق ْبل ُه؛ ألن‬ ‫اإلنكار ال‬ ‫ا‬ ‫يتنزل منزلته من كل وجه‪َ ،‬و َي ال ايه ال اق ْس ُم الث االث‪ :‬إذ ت ْر َك‬ ‫َّ‬
‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ب اخ َال اف ْال اف ْع ال‪ ،‬فإنه َال ُع ْذ َر افي اف ْع ال ْاملُ َخ َال َف اة‪َ ،‬م َع اع ْل ام اه بكونها ُم َخ َال َف ًة‪َ ،‬و َي ال ايه ْال اق ْس ُم َّ‬
‫الر ااب ُع‪ :‬ألن املفسدة امل َت َوقعة ال‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َّ َ (‪)127‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ ً َ َ‬
‫اب الذرا ائ اع ‪.‬‬ ‫تعد في رتبة الوا اقع اة أصال‪ ،‬ف الذ الك عدها الشاطبي امن ب ا‬

‫الخاتمـ ـ ـ ــة‪:‬‬
‫الحمد هلل الذي تتم بحمده الصالحات‪ ،‬وتتنزل البركات‪ ،‬وعلى نبيه أزكى الصلوات والتحيات‪ ،‬وبعد‬
‫هذه خاتمة البحث أضمنها خالصة ما توصلت إليه من نتائج‪ ،‬ثم أتقدم للباحثين بجملة من التوصيات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نتائج البحث‪:‬‬


‫‪ .1‬توصل الباحث إلى تحديد خصائص البدعة عند كل من اإلمامين شيخ اإلسالم ابن تيمية والشاطبي‪ ،‬وأنها‬
‫عندهما ليست على رتبة واحدة‪ ،‬وأن متعلقها العبادات دون العادات‪.‬‬

‫(‪ )126‬الشاطبي‪ :‬االعتصام‪)431 -493 /2( ،‬‬


‫(‪ )127‬املصدر السابق (‪.) 495 -493 /2‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)24‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫قدحا في السلف‪ ،‬وفي املقابل‬ ‫أثبت الباحث أن شيخ اإلسالم يرى أن الرافضة أوغل الطوائف في البدع‪ ،‬وأشدهم ً‬ ‫‪.2‬‬
‫يرى طوائف أخرى أقرب إلى طريقة السلف‪ ،‬وإن وجدت عليهم مؤاخذات مثل األشعرية‪ ،‬والصوفية‪ ،‬وشنع على‬
‫املعتزلة منهجهم الغالي في العقل على حساب النقل‪ ،‬ونسبهم بذلك إلى االبتداع‪.‬‬
‫ال يرى الشاطبي حصر أهل البدع في طائفة معينة‪ ،‬بل حدد مناهج االستدالل للمبتدعة ورأى أن كل من تلبس‬ ‫‪.3‬‬
‫بها نسب إلى االبتداع‪.‬‬
‫صال ُح امل ْر َسلة عند ابن تيمية‪ ،‬وأوضح منهجه في االحتجاج بها‪ ،‬وبين أن اال ْست ْح َس ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ان‬ ‫ا ا‬ ‫حدد الباحث مفهوم امل ا‬ ‫‪.4‬‬
‫َ ْ َْ‬
‫صال ُح عند ابن تيمية متقربان‪.‬‬ ‫و ااالس ات‬
‫بين الباحث ضوابط املصلحة املرسلة عند الشاطبي‪ ،‬كما وضح منهجه في االستدالل باالستحسان‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ابن تيمية إذ يحكم ببدعية بعض الفرق ال يكفرهم‪ ،‬لكنه يرى البدع من َم َب اادئ الك ْف ار َو َمظانه‪ ،‬لذلك حذر من‬ ‫‪.6‬‬
‫البدع‪ ،‬وبين أنها شر من املعصيــة‪.‬‬
‫ََُ ًَ‬
‫ضعف الشاطبي انقسام البدع بحسب األحكام الخمسة رغم أن رتبها متف ااوتة عنده‪ ،‬حيث ردها إلى النظر‬ ‫‪.7‬‬
‫َ َّ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ات‪ ،‬ولكنه ‪ .8‬ال يراها إال‬ ‫ات‪ ،‬أو التك ام ايل َّي ا‬ ‫املقاصدي وذلك بحسب ما تقع فيه من رتب الض ُرو ارَّي ا‬
‫ات‪ ،‬أ او الح ااج َّي ا‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َّ َ َ‬
‫الضالل اة شامل ألنواعها‪.‬‬ ‫ضاللة ‪ ،‬فهي وإن تفاوتت في الذم فوصف‬

‫ثانيا توصيات البحث‪:‬‬


‫‪ .1‬ال خالف في كون البدع مذمومة‪ ،‬وإنما الخالف في تحديد ما هو بدعة مما ليس كذلك‪ ،‬لذلك يوص ي الباحث‬
‫بمزيد التمحيص ملفهوم البدع على ضوء القواعد األصولية وأدلة الشريعة األصلية حتى يفهم الغالون في التبديع‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫حس ُن من محدثات األمور وما ُيذم‪.‬‬ ‫ما يست ا‬
‫‪ .2‬في املقابل يوص ي الباحث بمزيد تجلية الصيغة النهائية التي ارتضاها املولى عز وجل لجريان الحياة على وفقها‬
‫وحث الناس على اتباعها لتتحقق لهم سعادتهم في العاجل واآلجل‪ ،‬وهي صيغة على ما فيها من جوانب مرنة‪ ،‬فيها‬
‫أيضا جوانب ثابتة ال ينبغي التزيد فيها‪ ،‬وال االنتقاص منها‪.‬‬

‫مسرد بأهم مصادر البحث ومراجعه‬


‫ابن أبي داود‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬عبد هللا بن سليمان بن األشعث األزدي السجستاني (املتوفى‪316 :‬هـ)‪ ،‬املصاحف‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمد بن عبده‪ ،‬الفاروق الحديثة‪ -‬مصر ‪ /‬القاهرة‪ ،‬ط‪1423 ،1 :‬هـ‪2112 -‬م‪.‬‬
‫ابن األثير‪ :‬مجد الدين أبو السعادات املبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري‬ ‫‪-‬‬
‫(املتوفى‪616 :‬هـ)‪ ،‬الغريب واملعاجم ولغة الفقه‪ :‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد الزاوى‪ -‬محمود محمد الطناحي‪ ،‬املكتبة‬
‫العلمية‪ -‬بيروت‪1399 ،‬هـ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫ابن األثير‪ :‬مجد الدين أبو السعادات‪ ،‬املبارك بن محمد بن محمد بن محمد الشيباني الجزري (املتوفى‪616 :‬هـ)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫النهاية في غريب الحديث‪ ،‬املكتبة العلمية‪ -‬بيروت‪1399 ،‬هـ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫ابن امللقن‪ :‬سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي املصري (املتوفى‪814 :‬هـ) تحفة املحتاج إلى‬ ‫‪-‬‬
‫أدلة املنهاج (على ترتيب املنهاج للنووي)‪ ،‬تحقيق عبد هللا بن سعاف اللحياني‪ ،‬دار حراء‪ -‬مكة املكرمة‪ ،‬ط‪، :‬‬
‫‪.1416‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)25‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫ابن بدران‪ :‬عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن عبد الرحيم بن محمد بدران‪( ،‬املتوفى‪1346 :‬هـ)‪ ،‬املدخل إلى‬ ‫‪-‬‬
‫مذهب اإلمام أحمد البن بدران‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا بن عبد املحسن التركي‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ،‬ط‪،2 :‬‬
‫‪ 1411‬ه‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬ ‫‪-‬‬
‫الرحمن بن محمد بن قاسم‪ ،‬مجمع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف‪ ،‬املدينة النبوية‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪1416 ،‬هـ‪1995/‬م‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬مجموعة الرسائل واملسائل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫علق عليه‪ :‬السيد محمد رشيد رضا‪ ،‬لجنة التراث العربي‪ ،‬بدون رقم للطبعة وبدون تاريخ للنشر‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬تحقيق‪ :‬ناصر‬
‫عبد الكريم العقل‪ :‬دار عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1419 ،7 :‬هـ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬درء تعارض العقل والنقل‪ :‬تحقيق‪ :‬الدكتور محمد رشاد سالم‪،‬‬
‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪ 1411 ،2 :‬هـ‪ 1991 -‬م‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن‪ ،‬أبي القاسم بن محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬االستقامة‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد رشاد سالم‪ :‬جامعة اإلمام محمد بن‬
‫سعود‪ -‬املدينة املنورة‪ ،‬ط‪1413 ،1 :‬ه‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة‪ ، ،‬تحقيق‪ :‬ربيع بن هادي عمير‬
‫املدخلي‪ ،‬مكتبة الفرقان – عجمان‪ ،‬ط‪( 1 :‬ملكتبة الفرقان) ‪1422‬هـ‪2111 -‬هـ‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الحراني الحنبلي الدمشقي (املتوفى‪728 :‬هـ)‪ ،‬منهاج السنة النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫رشاد سالم‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬ط‪ 1416 ،1 :‬هـ‪ 1986 -‬م‪.‬‬
‫ابن حزم‪ :‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد األندلس ي القرطبي الظاهري‪ :‬الفصل في امللل واألهواء والنحل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫(املتوفى‪456 :‬هـ)‪ ،‬مكتبة الخانجي – القاهرة‪ ،‬بدون رقم للطبعة وال تاريخ للنشر‪.‬‬
‫السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬ثم الدمشقي‪ ،‬الحنبلي (املتوفى‪:‬‬ ‫ابن رجب‪ :‬زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن‪َ ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪795‬هـ)‪ ،‬جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم‪ :‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ -‬إبراهيم‬
‫باجس‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ،‬ط‪1422 ،7 :‬هـ‪2111 -‬م‪.‬‬
‫ابن فارس‪ :‬أحمد بن زكرياء القزويني الرازي‪ ،‬أبو الحسين (املتوفى‪395 :‬هـ)‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬ ‫‪-‬‬
‫السالم محمد هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عام النشر‪1399 :‬هـ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫ابن منظور‪ :‬محمد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬جمال الدين األنصاري الرويفعي اإلفريقي (املتوفى‪711 :‬هـ)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫لسان العرب‪ ، ،‬دار صادر – بيروت‪ ،‬ط‪ 1414 -3 :‬هـ‪.‬‬
‫ُ‬
‫أبو شهبة‪ ،‬محمد بن محمد بن سويلم (املتوفى‪1413 :‬هـ) الوسيط في علوم ومصطلح الحديث‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بدون رقم للطبعة‪ ،‬وال تاريخ للنشر‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)26‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫اآلج ار ُّي‪ :‬أبو بكر محمد بن الحسين البغدادي (املتوفى‪361 :‬هـ)‪ ،‬الشريعة‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور عبد هللا بن عمر بن‬‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫سليمان الدميجي‪ ،‬دار الوطن‪ -‬الرياض ‪ /‬السعودية ط‪ 1421 ،2 :‬هـ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫أحمد‪ :‬أبو عبد هللا بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني‪( ،‬املتوفى‪241 :‬هـ)‪ ،‬املسند‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد‬ ‫‪-‬‬
‫محمد شاكر‪ ،‬دار الحديث – القاهرة‪ ،‬ط‪ 1416 ،1 :‬هـ‪ 1995 -‬م‪.‬‬
‫األزهري‪ :‬محمد بن أحمد الهروي‪ ،‬أبو منصور (املتوفى‪371 :‬هـ)‪ ،‬تهذيب اللغة‪ :‬تحقيق محمد عوض مرعب‪ ،‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫إحياء التراث العربي – بيروت‪ ،‬ط‪2111 ،1 :‬م‪.‬‬
‫اإلسنوي‪ :‬عبد الرحيم بن الحسن بن علي الشافعي‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬جمال الدين (املتوفى‪772 :‬هـ)‪ ،‬نهاية السول شرح‬ ‫‪-‬‬
‫منهاج الوصول‪ :‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪1421 ،1 :‬هـ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫األشعري‪ :‬أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد هللا بن موس ى بن أبي بردة بن‬ ‫‪-‬‬
‫أبي موس ى األشعري (املتوفى‪324 :‬هـ)‪ ،‬مقاالت اإلسالميين واختالف املصلين‪ ،‬عنى بتصحيحه‪ :‬هلموت ريتر‪ ،‬دار‬
‫فرانز شتايز‪ ،‬بمدينة فيسبادن (أملانيا)‪ ،‬ط‪ 1411 ،3 :‬هـ‪.1981 -‬‬
‫األلباني‪ :‬أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين‪ ،‬بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم‪ ،‬األشقودري (املتوفى‪1421 :‬هـ)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ضعيف الجامع الصغير وزيادته‪ ،‬أشرف على طبعه‪ :‬زهير الشاويش‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ :‬املجددة واملزيدة‬
‫واملنقحة‪ ،‬بدون رقم للطبعة وال تاريخ للنشر‪.‬‬
‫اآلمدي‪ :‬أبو الحسن سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي (املتوفى‪631 :‬هـ)‪ ،‬اإلحكام في أصول‬ ‫‪-‬‬
‫األحكام‪ ،‬تحقيق عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ -‬دمشق‪ -‬لبنان‪ ،‬بدون رقم للطبعة وال تاريخ‬
‫للنشر‪.‬‬
‫أمير بادشاه الحنفي‪ :‬محمد أمين بن محمود البخاري املعروف (املتوفى‪ 972 :‬هـ)‪ ،‬تيسير التحرير‪ ،‬الناشر‪ :‬مصطفى‬ ‫‪-‬‬
‫ْ َ‬
‫البابي الحل ابي‪ -‬مصر (‪ 1351‬هـ‪ 1932 -‬م)‪ ،‬وصورته‪ :‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت (‪ 1413‬هـ‪ 1983 -‬م)‪ ،‬ودار الفكر‪-‬‬
‫بيروت (‪ 1417‬هـ‪ 1996 -‬م)‪.‬‬
‫األنباري‪ :‬محمد بن القاسم بن محمد بن بشار‪ ،‬أبو بكر (املتوفى‪328 :‬هـ)‪ ،‬الزاهر في معاني كلمات الناس‪ :‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬حاتم صالح الضامن‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ،‬ط‪ 1412 ،1 :‬هـ‪.1992 -‬‬
‫البخاري‪ :‬عبد العزيز بن أحمد بن محمد‪ ،‬عالء الدين الحنفي (املتوفى‪731 :‬هـ)‪ ،‬كشف األسرار عن أصول‬ ‫‪-‬‬
‫البزدوي‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬
‫البخاري‪ :‬محمد بن إسماعيل الجعفي‪ ،‬الجامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫‪-‬‬
‫وسلم وسننه وأيامه‪ ،‬الشهير بصحيح البخاري‪ ، :‬تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر‪ ،‬دار طوق النجاة (مصورة‬
‫عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)‪ ،‬ط‪1422 ،1 :‬هـ صحيح البخاري‪.‬‬
‫الترمذي‪ :‬أبو عيس ى محمد بن عيس ى بن َس ْورة بن موس ى بن الضحاك‪( ،‬املتوفى‪279 :‬هـ)‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬تحقيق‬ ‫‪-‬‬
‫وتعليق‪ :‬أحمد محمد شاكر (جـ ‪ ،)2 ،1‬ومحمد فؤاد عبد الباقي (جـ ‪ ،)3‬وإبراهيم عطوة عوض املدرس في األزهر‬
‫الشريف (جـ ‪ ،)5 ،4‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر‪ ،‬ط‪ 1395 ،2 :‬هـ‪1975 -‬م‪.‬‬
‫التهانوي‪ :‬محمد بن علي ابن القاض ي محمد حامد بن محمد صابر الفاروقي الحنفي (املتوفى‪ :‬بعد ‪1158‬هـ)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ ،‬تقديم وإشراف ومراجعة‪ :‬د‪ .‬رفيق العجم‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬علي دحروج‬
‫‪ ،‬مكتبة لبنان بيروت‪ ،‬ط‪1996 -1 :‬م)‪.‬‬
‫الجوهري‪ ،‬أبو نصر إسماعيل بن حماد الفارابي (املتوفى‪393 :‬هـ)‪ ،‬الصحاح‪ ،‬تاج اللغة وصحاح العربية‪ :‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد عبد الغفور‪ ،‬عطار‪ :‬دار العلم للماليين – بيروت‪ ،‬ط‪ 1417 ،4 :‬هـ‪1987 -‬م‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)27‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫الجويني‪ :‬عبد امللك بن عبد هللا بن يوسف بن محمد الجويني‪ ،‬أبو املعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬امللقب بإمام الحرمين‬ ‫‪-‬‬
‫(املتوفى‪478 :‬هـ)‪ ،‬البرهان في أصول الفقه‪ :‬تحقيق‪ :‬صالح بن محمد بن عويضة‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت –‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ 1418 ،1 :‬هـ‪.1997 -‬‬
‫الحميري‪ :‬نشوان‪ ،‬بن سعيد اليمني (املتوفى‪573 :‬هـ)‪ ،‬شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم‪ ،‬تحقيق د‬ ‫‪-‬‬
‫حسين بن عبد هللا العمري‪ -‬مطهر بن علي اإلرياني‪ -‬د يوسف محمد عبد هللا‪ ،‬دار الفكر املعاصر (بيروت‪ -‬لبنان)‪،‬‬
‫دار الفكر (دمشق‪ -‬سورية)‪ ،‬ط‪ 1421 ،1 :‬هـ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫الدارمي‪ :‬أبو محمد عبد هللا بن عبد الرحمن بن الفضل بن َبهرام بن عبد الصمد‪ ،‬التميمي السمرقندي (املتوفى‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪255‬هـ)‪ ،‬مسند الدارمي املعروف بـ (سنن الدارمي)‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد الداراني‪ ،‬دار املغني للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪ 1412 ،1 :‬هـ‪ 2111 -‬م‪.‬‬
‫الراغب‪ :‬أبو القاسم الحسين بن محمد املعروف بالراغب األصفهاني (املتوفى‪512 :‬هـ)‪ ،‬املفردات في غريب القرآن‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق‪ :‬صفوان عدنان الداودي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الدار الشامية‪ -‬دمشق بيروت‪ ،‬ط‪ 1412 ،1 :‬هـ‪.‬‬
‫الرملي‪ :‬شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة‪ ،‬شهاب الدين (املتوفى‪1114 :‬هـ)‪ ،‬نهاية املحتاج إلى‬ ‫‪-‬‬
‫شرح املنهاج‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط أخيرة‪1414 -‬هـ‪1984/‬م‪.‬‬
‫الزجاج‪ :‬إبراهيم بن السري بن سهل‪ ،‬أبو إسحاق (املتوفى‪311 :‬هـ)‪ ،‬معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الجليل‬ ‫‪-‬‬
‫عبده شلبي‪ ،‬عالم الكتب – بيروت‪ ،‬ط‪ 1418 ،1 :‬هـ‪ 1988 -‬م‪.)439 .‬‬
‫السخاوي‪ :‬أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد (املتوفى‪912 :‬هـ)‪ ،‬املقاصد الحسنة في بيان كثير من‬ ‫‪-‬‬
‫األحاديث املشتهرة على األلسنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عثمان الخشت‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيروت‪ ،‬ط‪ 1415 ،1 :‬هـ‪-‬‬
‫‪1985‬م‪.‬‬
‫السيوطي‪ :‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين (املتوفى‪911 :‬هـ)‪ ،‬صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته‪ ،‬مع‬ ‫‪-‬‬
‫الكتاب‪ :‬أحكام محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬كتاب اإللكتروني يمثل جميع أحاديث الجامع الصغير وزيادته‬
‫للسيوطي‪ ،‬مع حكم الشيخ ناصر من صحيح أو ضعيف الجامع الصغير‪ ،‬وهو متن مرتبط بشرحه‪ ،‬من فيض‬
‫القدير للمناوي‪[ ،‬الكتاب مرقم آليا‪ ،‬فهو‪ -‬بهذا الترتيب‪ -‬إلكتروني فقط‪ ،‬ال يوجد مطبوعا]‪.‬‬
‫الشاطبي إبراهيم بن موس ى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير (املتوفى‪791 :‬هـ)‪ -‬االعتصام‪ :‬تحقيق ودراسة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجزء األول‪ :‬د‪ .‬محمد بن عبد الرحمن الشقير‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬د سعد بن عبد هللا آل حميد‪ ،‬الجزء الثالث‪ :‬د‬
‫هشام بن إسماعيل الصيني‪ ،‬دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪ 1429 ،1 :‬هـ‪2118 -‬‬
‫م‪.‬‬
‫الشاطبي‪ :‬إبراهيم بن موس ى بن محمد اللخمي الغرناطي‪( ،‬املتوفى‪791 :‬هـ)‪ ،‬املوافقات‪ :‬تحقيق أبو عبيدة مشهور‬ ‫‪-‬‬
‫بن حسن آل سلمان‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬ط‪1417 ،1 :‬هـ‪1997 /‬م‪.‬‬
‫الصاوي‪ :‬أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي‪ ،‬الشهير بالصاوي املالكي (املتوفى‪1241 :‬هـ)‪ ،‬بلغة السالك ألقرب‬ ‫‪-‬‬
‫املسالك املعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬بدون رقم للطبعة وبدون تاريخ للنشر‪.‬‬
‫الطبراني‪ :‬سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‪ ،‬أبو القاسم الطبراني (املتوفى‪361 :‬هـ)‪ ،‬املعجم‬ ‫‪-‬‬
‫الكبير‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي بن عبد املجيد السلفي‪ ،‬مكتبة ابن تيمية – القاهرة‪.‬‬
‫الطبري‪ :‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر (املتوفى‪311 :‬هـ)‪ ،‬جامع البيان في تأويل‬ ‫‪-‬‬
‫القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ 1421 ،1 :‬هـ‪ 2111 -‬م‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)28‬‬ ‫شمام‬
‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس ‪ 2019‬م‬

‫العجلوني‪ :‬إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي الجراحي الدمشقي‪ ،‬أبو الفداء (املتوفى‪1162 :‬هـ)‪ ،‬كشف الخفاء‬ ‫‪-‬‬
‫ومزيل اإللباس‪ ،‬املكتبة العصرية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحميد بن أحمد بن يوسف بن هنداوي‪ ،‬ط‪1421 ،1 :‬هـ‪-‬‬
‫‪2111‬م‪.‬‬
‫العراقي‪ :‬ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم‪( ،‬ت‪826 :‬هـ)‪ ،‬الغيث الهامع شرح جمع الجوامع‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمد تامر حجازي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1425 ،1 :‬هـ‪2114 -‬م‪.‬‬
‫الغزالي‪ :‬أبو حامد محمد بن محمد الطوس ي‪( ،‬املتوفى‪515 :‬هـ)‪ ،‬املستصفى‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم عبد‬ ‫‪-‬‬
‫الشافي‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1413 ،1 :‬هـ‪1993 -‬م‪.‬‬
‫الفراهيدي‪ :‬أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم البصري (املتوفى‪171 :‬هـ)‪ ،‬العين‪ :‬تحقيق‪ :‬د‬ ‫‪-‬‬
‫مهدي املخزومي‪ ،‬د إبراهيم السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪.‬‬
‫القرافي‪ :‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن املالكي (املتوفى‪684 :‬هـ)‪ ،‬أنوار البروق في أنواء‬ ‫‪-‬‬
‫الفروق‪ :‬عالم الكتب‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬
‫القرافي‪ :‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن املالكي (املتوفى‪684 :‬هـ)‪ ،‬شرح تنقيح‬ ‫‪-‬‬
‫الفصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬شركة الطباعة الفنية املتحدة‪ ،‬ط‪ 1393 ،1 :‬هـ‪ 1973 -‬م‪.‬‬
‫الاللكائي‪ :‬أبو القاسم هبة هللا بن الحسن بن منصور‪ ،‬الطبري الرازي‪( ،‬املتوفى‪418 :‬هـ) شرح أصول اعتقاد أهل‬ ‫‪-‬‬
‫السنة والجماعة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي‪ ،‬دار طيبة – السعودية‪ ،‬ط‪1423 ،8 :‬هـ ‪/‬‬
‫‪2113‬م‪.‬‬
‫مالك‪ :‬بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدني (املتوفى‪179 :‬هـ)‪ ،‬املوطأ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مصطفى األعظمي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان لْلعمال الخيرية واإلنسانية‪ -‬أبو ظبي – ‪ ،‬ط‪ 1425 ،1 :‬هـ‪ 2114 -‬م‪.‬‬
‫املاوردي‪ :‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي‪( ،‬املتوفى‪451 :‬هـ)‪ ،‬النكت والعيون‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق السيد ابن عبد املقصود بن عبد الرحيم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت ‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫املباركفوري‪ :‬أبو الحسن عبيد هللا بن محمد عبد السالم بن خان محمد بن أمان هللا بن حسام الدين الرحماني‬ ‫‪-‬‬
‫(املتوفى‪1414 :‬هـ)‪ ،‬مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‪ ،‬إدارة البحوث العلمية والدعوة واإلفتاء‪ -‬الجامعة‬
‫السلفية‪ -‬بنارس الهند‪ ،‬ط‪ 1414 -3 :‬هـ‪ 1984 ،‬م (‪.)364 /8‬‬
‫مسلم‪ :‬بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (املتوفى‪261 :‬هـ)‪ ،‬املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن‬ ‫‪-‬‬
‫العدل إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬الشهير بصحيح مسلم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي – بيروت‪ ،‬بدون تاريخ للنشر‪.‬‬
‫النووي‪ :‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (املتوفى‪676 :‬هـ)‪ ،‬املنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ، ،‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫إحياء التراث العربي – بيروت‪ ،‬ط‪.114/7 ،1392 ،2 :‬‬
‫الهروي‪ :‬أبو ُعبيد القاسم بن سالم بن عبد هللا البغدادي‪( ،‬املتوفى‪224 :‬هـ)‪ ،‬فضائل القرآن‪ :‬تحقيق‪ :‬مروان‬ ‫‪-‬‬
‫العطية‪ ،‬ومحسن خرابة‪ ،‬ووفاء تقي الدين‪ ،‬دار ابن كثير (دمشق‪ -‬بيروت)‪ ،‬ط‪ 1415 ،1 :‬هـ‪1995 -‬م‪.‬‬

‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‪ :‬ابن تيمية والشاطبي‬ ‫(‪)29‬‬ ‫شمام‬
‫ م‬2019 ‫مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ العدد األول ــ المجلد الثاني ــ مــارس‬

Heresy (bid'ah) an methodologies of heresy from the perspective of the two imams:
ibn Taymiya and shatibi. – A comparative fundamentalist study –

Abstract: This paper studies the concept of heresy from the perspective of the two Imams Ibn Taymiya and Al Shatibi. It
presents examples of their works on the heretics and shows the difference between heresy and unprecripted interest and
approved interest, and the levels of heresy and some of the laws pertaining to them. The author has determined the
characterization of heresy (bid’a) by the two Imams, that it is not of the same category in both of them , that it concerns
rituals not customary behavior and he explains their method of argumentation using notions of unprescripted interest and
approved one.
Keywords: Heresy (bid’ah), Sunnah, Ibn Taymiya, Shatibi, unprescripted interest, approved interest.

‫ ابن تيمية والشاطبي‬:‫البدع ومناهج المبتدعة بين اإلمامين‬ )30( ‫شمام‬

You might also like