You are on page 1of 9

‫االنفصال (‪)Detachment‬‬

‫التعلّق هو قيمة يف قدرة (‪fac‬‬ ‫حىت نفهم ما هو االنفصال علينا أن نفهم ما هو التعلّق (‪،)attachment‬‬
‫معين ة ولدرج ة معيّنة‪Attachment: is a( .‬‬
‫‪ )ulty‬ال يت هبا ه ذه الق درة متي ل بثب ات حنو ش يء معنّي بطريق ة ّ‬
‫‪certain quality in a faculty by which that faculty is fixed to incline towards an‬‬
‫‪.)object in a specific way and in a specific degree‬‬
‫نستطيع أن نعرف إذا ما كان لدينا تعلّق يف شيء أو شخص معنّي من خالل أنّه يكون من الصعب علينا‬
‫أن نبتعد عنه‪ ،‬يف حني أنّه يف االنفصال ميكن للشخص أن يكون قادراً حبريّة إما أن يأخذ الشيء أو يرتكه دون أي‬
‫ويتمس ك ب ه بأس نانه ومن‬
‫ّ‬ ‫مي ل ق وي جيذب ه ويأس ره‪( .‬التعلّ ق ه و مثلم ا حيص ل م ع الكلب ال ذي تل ّوح ل ه بش يء‬
‫املستحيل أن يفلته‪ ،‬وعندها تستطيع أن تسحبه أينما تريد هبذا الشيء الذي ال يريد أن يفلته أبداً)‪.‬‬

‫التعلّق هو في ‪ 4‬قدرات (‪:)faculties‬‬

‫ن رى التعلّق ات بش كل كب ري يف النقط ة األوىل والرابع ة (يف الش هيّة (النزع ة‪/‬املي ل) الغريزي ة (‬
‫‪ ،)concupiscible appetite‬يف اإلرادة (‪ .)The Will‬الش هوات احلس يّة (‪ )sensitive appetites‬هي‬
‫الشهيّة (النزعة‪/‬امليل) الغريزية (‪ ،)concupiscible appetite‬و الشهيّة (النزعة‪/‬امليل) الغضوبة (‪irascible‬‬
‫‪.)appetite‬‬

‫‪-1‬في الش هيّة (النزع ة‪/‬امليل) الغريزي ة (‪ :)concupiscible appetite‬ه ه الش هيّة ال يت متي ل وت رغب يف اخلري‬
‫ختص الوصيّة السادسة‪ ،‬وهي متيل حنو هذه األشياء‪.‬‬
‫اجلسدي‪ ،‬مثل الغذاء‪ ،‬واألمور األخرى اليت ّ‬

‫عدم التعلّق ( ‪ )detachment‬هنا يعين أنّه ال يهم ما تأكل‪ ،‬ألنك ستأكل ما يوضع أمامك‪.‬‬

‫‪ -2‬في الشهيّة (النزعة‪/‬امليل) الغضوبة (‪ :)irascible appetite‬هذه اليت فيها املشاعر‪ ،‬خاصة األمور اليت هلا‬
‫عالقة بالغضب‪.‬‬

‫‪ -3‬في العقل (‪ :)The Intellect‬ه ذا يع ين أنّ ه ميكن أن يك ون ل دينا تعلّ ق عقلي (‪intellectual‬‬
‫‪ ،)attachments‬أي ميكن أن حنص ل على ل ّذة معيّن ة من العق ل ( الفك ر) عن دما نف ّك ر يف بعض األم ور بطريق ة‬
‫معيّنة‪ .‬وبالتايل ميكن أن يكون لدينا تعلّ ق ليس فقط من ميولنا وحواسنا (أي يف مشاعرنا وإرادتنا)‪ ،‬بل أيض اً يف‬
‫‪1‬‬
‫عقلن ا وه و تعلّ ق يف رأين ا اخلاص‪ .‬التعلّ ق الفك ري ه و عن دما ال ميكن للش خص أن ي رتك فك رة معيّن ة‪ ،‬ال ميكن أن‬
‫يرتك الشيء الذي يريده فكرياً‪.‬‬

‫‪ -4‬في اإلرادة (‪ :)The Will‬ويكون التعلّق يف اإلرادة عندما متيل اإلرادة حنو أشياء معيّنة‪.‬‬

‫التعلّق هو عادة (‪ )habit‬هو رذيلة‪ ،‬نقص‪ ،‬عيب يف القدرة (‪ )faculty‬متيل هبا (متيل بالقدرة) حنو شيء‬
‫حم ّدد وجتعل لديها صعوبة يف ترك هذا الشيء‪.‬‬

‫األول للعقل (الفكر)"‪ .‬ألن ما يفعله اإلميان هو أنّه يغرّي‬


‫القديس توما األكويين يقول‪" :‬اإلميان هو التطهري ّ‬
‫يطه ر مفهومن ا عن‬‫منظورن ا عن أنفس نا كأنن ا مرك ز الك ون‪ ،‬لكن يف احلقيق ة اهلل ه و مرك ز الك ون وبالت ايل إنّ ه ّ‬
‫اخلليقة‪.‬‬

‫***لقد تكلّمنا عن ما هو التعلّق‪ .‬واآلن ما هو عدم التعلّق واالنفصال (‪)detachment‬؟‬

‫ع دم التعلّق يُ دعى أحيان اً الالمب االة املق ّدس ة‪ ،‬هو المب االة ب املعىن أنّ ه يف الق درات الغريزيّ ة (أي ال يت تليّب‬
‫احلاجات اجلس ّدية) تكون القدرة غري مبالية بالشيء‪ ،‬ال يعين أهنا ال ميكن أن تق ّدر قيمة الشيء أو تتمتّع به عندما‬
‫تراه‪ ،‬لكنها ال تكون متعلّقة به ِّ‬
‫ومركَز ًة عليه‪ .‬وبالتايل لنعرف إذا ما كان لديك تعلّق يف قدرة معيّنة فإنه إما ّأوالً‬
‫يكون من الصعب االبتعاد عن الشيء وتركه‪ ،‬أو ثانياً أنه عندما تبتعد عن الشيء يكون هناك أمل‪.‬‬

‫األمر الوحيد الذي جيب أن يكون لدينا تعلّق حنوه هو اهلل‪ ،‬وكل شيء آخر جيب االنفصال عنه‪ .‬الطريقة‬
‫احلس يّة االنفصال هو عندما ال يوجد ميل ّأويل‬
‫اليت هبا نتغلّب على التعلّقات هي الفض يلة‪ .‬يف الشهوات (امليول) ّ‬
‫عندما تصادف شيء ما‪ .‬فمثالً عندما أرى قطعة حلم لذيذة وكان لدي انفصال تام فإن شهيّيت الغريزيّة لن متيل‬
‫بطريقة أو بأخرى أبداً عندما ترى قطعة اللحم ه ذه‪ ،‬ولكن إن مل يكن لدي انفصال تام عندها سيكون صعب‬
‫علي املقاومة ويبدأ عقلي بإفراز هرمون اللّذة وبعدها نعرف ما حيصل‪.‬‬
‫ّ‬
‫املهمة هنا هي أنّه ال يوجد شهيّة (شعور أو ميل) سابقة للشيء (‪ ،)antecedent appetite‬أي‬
‫النقطة ّ‬
‫ال يوجد ميل ونزوع ُمسبَق للشيء الذي أمامي وهذا امليل املسبق واملتق ّدم يف داخلي يأيت من كون أنّه أصبح هناك‬
‫مرة‬
‫مرة ألنين رأيت فيه ل ّذة وهذه اللّذة تظهر بشكل مسبق يف كل ّ‬
‫تعلّق بيين وبني الشيء ألنين اخرتته أكثر من ّ‬
‫جترين إليه كأيّن مربو ٌط فيه‪ .‬وبالتايل نعرف أنه يوجد انفصال تام لدي‬
‫أرى هذا الشيء وعندها جتذبين للشيء بل ّ‬
‫‪2‬‬
‫فيما يتعلّ ق بشهوايت الغريزيّة والغضوبة هو أنّه ال يوجد شعور أو شهيّة سابقة ابداً‪ .‬وبالتايل إذا كان لديك شيء‬
‫يزعجك أو ضد ما تريد أو حيدث قبل أن يكون لديك فرص ة لتعاجله داخلك ( ‪ )process‬أو تشعر حبزن ما أو‬
‫غضب‪ ،‬فإن هذه إشارة أنّه لديك تعلّق يف شيء ما‪ ،‬وهنا عليك أن تدخل إىل األساس واجلذور لتعرف مباذا أنت‬
‫متعلّ ق وترتكه‪ .‬وهذا األمر سيّان بالنسبة إىل األمور الروحيّ ة‪ ،‬هناك شيء واحد جيب أن يكون لديك حنوه تعلّ ق‬
‫وهو اهلل‪ ،‬وكل شيء آخر جيب أن تنفصل عنه‪.‬‬

‫االنفصال بشكل رئيسي يف الشهيّة الغريزيّة بالنسبة إىل (يتفاعل من خالل) عاطفة ( ‪ )passion‬احلب أو‬
‫اإلعجاب‪ ،‬وبالتايل هل حتبّه (للشيء)؟ (ممممم حسنا هنا ال تفرق مع الشخص اذا ما أخذ الشيء أو رفضه فاألمر‬
‫بالنسبة له عادي‪ ،‬ال يشعر أنّه يريده بش ّدة)‪.‬‬

‫اإلماتة (‪ )mortification‬تأيت من الكلمة الالتينيّ ة ‪ mores-facere‬أي أن جتعل موت ( ‪to make‬‬


‫‪ ،)dead‬واملصطلح إماتة يعين حرفي اً أن الشخص يقتل احلياة السابقة (الشعور والشهيّة السابقة) ألهوائه‪ ،‬أي قتل‬
‫حياة األهواء بشكل مستقل عن العقل وهذا هو هدف اإلماتة‪ .‬وكما يقول القديس توما األكويين إن اإلماتة هي‬
‫معاكس ة (نقيض ة) للش هيّة الغريزيّ ة‪ ،‬فالش هيّة الغريزيّ ة تتعلّ ق من خالل احلب (‪ )attached through love‬أي‬
‫املوض وع ال ذي متي ل وت نزع إلي ه ه و احلب‪ ،‬واحلب ه و أ ّن الش خص ينظ ر للش يء ويك ون هن اك ن وع من التأيي د‬
‫والتش جيع (‪ )countenance‬وهبذا يع ين أنّ ه هن اك ن وع من الرض ى واملتع ة (‪ )pleasing‬بالش يء عن دما ت راه‪،‬‬
‫اهلوى (العاطفة ‪ ،)passion‬وبالت ايل من خالل اإلمات ة ف إن ال ذي حيدث ه و أن اإلمات ة هي الش يء املع اكس‬
‫والنقيض‪ ،‬فب دالً من احلص ول على متع ة ول ذة من الش يء (س واء ب التفكري في ه أو رؤيت ه) ف إن ال ذي حيدث ه و أن‬
‫الشخص يقتل تلك املتعة واللّذة السابقة اليت ميكن أن يكسبها الشخص من ذلك الشيء‪ ،‬هذا ال يعين أنّه ال ميكن‬
‫للش خص أن يتمتّ ع بالش يء من خالل عاطف ة البهج ة والس رور (‪ )delight‬لكن ه ذا جيب أن يك ون من خالل‬
‫العقل الذي يُد ِرك َّ‬
‫بأن هذا الشيء جيّد فقط إىل هذه الدرجة وهبذا املقدار‪ .‬وبالتايل اإلماتة هي أ ّن الشخص يُعطي‬
‫الشهيّة احلسيّة نقيضها‪ .‬واآلن الشهيّة احلسيّة تتعامل مع املتعة (أي هي موضوعها‪ ،‬موضوعها مبعىن أهّن ا تنجذب‬
‫هلا)‪ ،‬املتعة يف أشياء مثل الطعام وأشياء ختص الوصيّة السادسة‪ ،‬وبالتايل تعمل عكس ذلك أي عكس املتعة وعندما‬
‫تُعطي الق درة (‪ )faculty‬نقيض ها‪ ،‬أي النقيض ملا هي متي ل إلي ه‪ ،‬ف إن الق درة ت رتاجع وتتقلّص وتنكمش وبالت ايل‬
‫تتوقف عن كوهنا متيل إىل الشيء وهذا ما حيدث بفضل لإلماتة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وهك ذا يتم إس كات الش هيّة الغريزيّ ة من خالل نقيض ها وعكس ها وال ذي ه و األمل‪ .‬املح زن أنّ ه يف ه ذه‬
‫ُ‬
‫األيام الناس ليس لديها القدرة على أن تبتعد عن شيء مريح بل يريدون أن حيصلوا على املتعة يف كل شيء وال‬
‫يريدون أن خيوضوا األمل بل يهربون منه‪ ،‬وبالتايل إن مل يُ ِتقنوا (إن مل يكن لديهم) االستعداد والرغبة يف أن يعانوا‬
‫فإهنم لن يتقنوا عيش اإلماتة وعندها لن يسيطروا ويسودوا على تعلّقاهِتِم‪ .‬التعلّقات تؤثّر على أحكامنا وقراراتنا‪،‬‬
‫بشيء ما وقام شخص ما بعمل أمر ما ضد هذا الشيء الذي أنا ُمتَعلِّ ٌق به‪ ،‬عندها‬ ‫ٍ‬ ‫ملاذا ؟ ألنه إن كنت متعلّق اً‬
‫سأنزعج كثرياً وأغضب كنتيجة لذلك‪ .‬إذاً ما يعنيه هذا األمر هو أنّه بسبب تعلّقي فإيّن أغضب وهذا يؤثّر على‬
‫خميّل يت وأراه فيه ا وبع دها ف إن ُحكمي (‪ )my judgement‬ال ذي يتطلّب اس تخدامي ملخيّل يت س يتأثّر هبذا األم ر‪،‬‬
‫ألنه بتسلل الغضب إىل خميّليت نتيجة إصابة الشيء الذي أنا متعلّق به‪ ،‬أميل إىل التفكري يف أ ّن األشياء أسوأ مما تبدو‬
‫عليه أو أفضل مما تبدو عليه‪ ،‬وبعد أن يكون هذا التضخيم يف املخيّلة فإن قرارا العقاب سيكون أكرب وبالتايل أسوأ‬
‫اهلامة هنا هي أ ّن الطريقة الوحيدة ليكون لدي حكم عقلي كامل وجيّ د (واضعني‬
‫مما جيب أن يكون عليه‪ .‬الفكرة ّ‬
‫جانباً احلدود اإلنسانيّة لقدراتنا) يتم من خالل االنفصال‪.‬‬

‫االنفص ال يف اإلرادة (‪ )Detachment in the will‬يك ون يف أن ختت ار اإلرادة االبتع اد عن موض وع‬
‫التعلّ ق من خالل ترك ه أو ع دم الس عي إلي ه‪ .‬إذا ك ان يف اإلرادة ه ذا التعلّ ق فإهّن ا باالبتع اد عن الش يء املَت َعلَ ق ب ه‪،‬‬
‫ُ‬
‫وترتوض رويداً وببطء وتكسر هذا التعلّ ق‪ ،‬ال حيدث هذا االنكسار بنفس اللحظة بل يلزمه وقت‪ .‬عندما‬ ‫تتعود ّ‬
‫حيدث االنفصال يف العقل واإلرادة (أي أن الشخص أخذ قراراً وبدأ باالنفصال) هذا ال يعين أن الشهيّة الغريزيّة مل‬
‫يع د فيه ا أي تعلّ ق للش يء (كلّن ا نعلم ه ذا من خرباتن ا احلياتيّ ة‪ ،‬فمثالً إذا كن ا حنب األك ل كث رياً‪ ،‬فإنن ا حاملا نب دأ‬
‫بعمل محية غذائيّ ة ويتم وضع األكل أمامي فإين عندها سأقول‪ ،‬مممم رمبا سأكل القليل من هذا وهذا ‪....‬إخل)‪.‬‬
‫وبالتايل بالرغم من أن اإلرادة قد اختارت ما تريد إال أن الشهيّة الغريزيّة الزالت متعلّقة يف أشياء معيّنة‪ ،‬لذلك يلزم‬
‫الق درات ال ُدنيا (‪ )the lower faculties‬وقت ح ىت تنض بط وتتكيّ ف وتعت دل م ع العق ل ال ذي يريه ا أن ه ذا‬
‫الش يء ال جيب الس عي إلي ه‪ .‬أي تعلٌّق يف الق درات ال ُدنيا (يف الش هوات الغريزيّ ة وغريه ا) إذا ك ان يوجد أي وأي‬
‫ش هيّة وش عور س ابق (‪ )antecedent appetite‬مهم ا ك ان‪ ،‬ف إن ه ذا يع ين ّأوالً بأنّ ه يوج د نقص يف الفض يلة‪،‬‬
‫ض عف ُمص احب ل ذلك يف اإلرادة للش يء ال ذي ميي ل وي نزع إلي ه الش خص (أي أن الش خص‬
‫وثاني اً‪ ،‬أنّ ه يوج د ُ‬
‫ضعيف يف إرادته)‪.‬‬

‫وبالتايل على الشخص أن يبدأ يف تقوية إرادته وبعدها فإن االنفصال سيتبع ويلحق ذلك األمر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫هامة‪ :‬على اإلنسان أن يدرك بأن أي تعلٌّق بأي شيء خملوق‪ ،‬أي شيء مهما كان فإن هذا يعين‬
‫مالحظة ّ‬
‫تلقائيّ اً بأنّ ه هنال ك ض عف (‪ )weakness‬يف مك ان م ا يف اإلرادة‪ .‬ونس تنتج ب أن الش خص الق وي ه و الش خص‬
‫املتعلّق باهلل فقط‪.‬‬
‫ُ‬
‫للتغلّب على التعلّقات (‪ )attachents‬يف الشهوات (‪:)sensible appetites‬‬

‫ّأوالً‪ ،‬على الش خص أن ي رتك الش يء من ناحي ة اإلرادة (أن يق رر ويق ول جيب وأريد أن أت رك ه ذا الش يء وال‬
‫أمتسك به)‪.‬‬
‫ّ‬

‫ثانياً‪ ،‬اإلماتة (لقد شرحنا كيف قبل قليل كيف تعمل)‪ .‬اإلماتة جيّ دة ألهّن ا ّ‬
‫تقوي اإلرادة لكي حنافظ على تركيزنا‬
‫(‪ )focus‬ألن ه جيب على اإلنس ان أن حياف ظ على الرتك يز ب الرغم من التش تيت (مثالً إذا كنت ص ائماً ف إن خميّل يت‬
‫ستكون متأثّرة بسبب شهيّيت الغريزيّة ألن هذه الشهيّة تصرخ بطلب الشيء الذي تنجذب إليه فأفكر يف األكل‬
‫كالش وكوالتة وغريه ا‪ ،‬وعلى اإلرادة أن تبقى مر ّك زة ب الرغم من التش تيت مث ل الرغب ة يف ال ذهاب لألك ل أو أي‬
‫تتدرب)‪ ،‬وهلذا السبب اإلماتة تؤثّر على الصالة إجياب اً‪ ،‬فاإلماتة‬
‫شيء آخر‪ .‬إذاً من خالل إماتة تصبح اإلرادة أقوى ّ‬
‫والعمل على االنفصال عن تعلّقاتنا (حاملا ال تُعطى القدرات الدنيا مثل الشهيّة الغريزية والغضوبة غايتها وهدفها‬
‫وموض وعها (‪ )object‬وأيض اً أن تعت اد ه ذ الق درات أن ال حتص ل على غايته ا‪ ،‬فإهنا لن تص رخ طلب اً لغايته ا‬
‫وموضوعها وبالتايل لن تقوم بتشتيتنا خالل صالتنا)‪.‬‬

‫ثالثاً‪ ،‬الصالة قد تعمل على تقليل التعلّق أيض اً لسببني‪ -1 :‬أن الشخص يبقى مر ّك زاً على موضوع وغاية الصالة‬
‫(موضوع فائق الطبيعة‪ ،‬وهذا املوضوع والغاية ليس املوضوع والغاية املناسبة واملالئمة واخلاصة بالشهوات احلسيّة‬
‫فعندما أتأمل عن االفخارستيّا لن أف ّك ر كم هي شهيّة بل أر ّك ز عليها بطريقة أخرى ال تعين شيئاً للقدرات الدنيا‬
‫تتدرب وتعرف أن‬
‫مرة ّ‬‫وعندها ستهيج قليالً القدرات الدنيا أي الشهوات احلسيّة لكنها ترجع وهتدأ‪ ،‬فمرة بعد ّ‬
‫ه ذا ليس مكاهنا فتس كت)‪ -2 .‬من خالل الص الة نب دأ برؤي ة األش ياء بش كل خمتل ف ومن منظ ور آخ ر‪ ،‬تب دأ‬
‫مشاعرنا و حواسنا بأن هتدأ‪ ،‬وكنتيجة لذلك نُد ِرك أن هذه األشياء‪ ،‬اليت حنن متعلّقني هبا أو قد نتعلّ ق هبا‪ ،‬أهنا ال‬
‫تساوي ما ظننا أهّن ا تساويه‪ ،‬وعندها نستطيع أن نرتكها بسهولة‪.‬‬

‫رابعاً‪ ،‬النعمة (‪ )Grace‬تستطيع أن تُزيل التعلّقات (النعمة تُنري العقل ّ‬


‫وتقوي اإلرادة)‪ ،‬النعمة تستطيع أن تكسر‬
‫التعلّ ق يف العق ل واإلرادة بش ٍ‬
‫كل ف وري إذا أراد اهلل أن مينحه ا‪ ،‬لكن ال يع ين أن اهلل يري دك أن تبقى عالق اً يف م ا‬
‫‪5‬‬
‫يوج د من ناحي ة الش هيّة الغريزيّ ة والغض وبة (أي التعلّ ق)‪ ،‬ب ل ه ذا فق ط يع ين أ ّن يري دك أن تعم ل عليه ا لتج ين‬
‫االستحقاقات)‪ .‬نصلي لنعمة االنفصال‪.‬‬

‫خامساً‪ ،‬أن يقوم الشخص بتثقيف نفسه‪ ،‬كما قلنا إن اإلميان هو ّأول تطهري للعقل وبالتايل قراءة ودراسة أشياء يف‬
‫جمال التعلّ ق الذي لدي سيس اعدين على رؤي ة األم ر أي التعلّ ق بطريق ة خمتلف ة ألس تطيع أن أكس ر التعلّ ق‪( .‬أحيان اً‬
‫يكون عند الناس ارتباك وتشويش يف حياهتم الروحي ة‪ ،‬بالعادة يكون السبب هو وجود بعض التعلّقات يف ٍ‬
‫مكان‬ ‫ّ‬
‫ما لديهم)‪.‬‬

‫يف احلياة الروحية على اإلنسان أن مير يف عملية االنفصال (تَ رك أي شيء قد يكون االنسان متعلّ ق به)‪ .‬وهنالك‬
‫بالضرورة ثالثة خريات جيب أن يكسر تعلّقه هبا‪:‬‬

‫أي ش يء ل ه عالق ة بالع امل (‪ :)the world‬مث ل ال بيت‪ ،‬ال زوج أو الزوج ة‪ ،‬أطفال ك‪ ،‬أهل ك‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أصحابك‪ ،‬اخوتك‪ ،‬املمتلكات‪...‬إخل‪ ،‬وبالتايل أي شيء كان خارج عنك جيب أن تكون قادراً على‬
‫أن ترتكه بطريقة ما‪( .‬عندما ننفصل عن كل شيء ونكون غري مبالني بأي شيء فإنه نتيج ةً لذلك‬
‫ميكن لقلوبنا وحمبّتنا أن تكون مر ّك زة على اهلل وحده‪ ،‬فالقديس يوحنا الصليب يقول‪ :‬إن كان لدينا‬
‫تعلّق بأي شيء خملوق أو حب ألي شيء خملوق ويأخذ ولو جزء وحيّ ز بسيط من قلبنا فإنه كنتيجة‬
‫لن يكون لدينا حمبّة كاملة‪ .‬وبالتايل لكي يكون لدينا حمبّة كاملة جيب أن يكون لدينا انفصال تام‪ ،‬إذاً‬
‫ّأوالً ننفص ل ومن مث ثاني اً نب دأ بالعم ل على احملبّ ة "‪ "Charity‬ح ىت نس تطيع أن حُنِ ب اهلل من ك ل‬
‫قلبنا‪ ،‬ومن مثّ من خالل هذه احملبّة فإن املشاعر والعواطف اليت تأيت بعدها وتليها ستكون أصيلة أكثر‬
‫ومطه رة أكثر وأعمق وأكثف ومستدمية وثابتة أكثر‪ ،‬وكنتيجة لذلك فإن الناس الذين لديهم‬
‫ونقيّ ة ّ‬
‫حمبة كاملة ومنفصلني بشكل كامل يكونون يف احلقيقة أكثر حناناً وألطف‪...‬إخل)‪.‬‬
‫عن الذات (‪ :)from myself‬عندما أكلت حواء الثمرة الذي حدث هو أن خيارها كان أن ختتار‬ ‫‪-2‬‬
‫وفض لت‬
‫إرض اء ذاهتا ( أن تك ون مث ل اهلل) فس عت وراء خريه ا اخلاص (خ ري خمل وق)‪ ،‬أي اخت ارت ّ‬
‫وفض لوا ذواهتم على اهلل)‪ .‬املشكلة‬
‫ذاهتا على اهلل‪ .‬إبليس والشياطني اختاروا نفس الشيء (أي اختاروا ّ‬
‫هي أننا كلّنا َعلِقنا هِبَ ِذه املشكلة أل ّن هذه النتيجة انتقلت إلينا من خالل اخلطيئة األصلية وهلذا كلّنا‬
‫يُِه ُّمنا وتُشغِلُنا ذواتنا (‪ )self-absorbed‬لكن بدرجات خمتلفة‪ .‬وكلّما ُكنّا مشغولني بذواتنا (‪self-‬‬
‫‪ )absorbed‬كلّم ا ك انت ش هواتنا الس ابقة (‪ )antecedent appetite‬غ ري منظّم ة وفوض ويّة‬
‫‪6‬‬
‫ومشوش ة‪ ،‬فعن دما ن رى أناس اً غاض بني كث رياً أو ُمس تائني أو يس عون خل ف أش ياء دنيويّ ة معيّن ة‬
‫ّ‬
‫باستمرار‪ ،‬فهذا ألهنم يريدون إشباع شيء يف داخلهم‪ .‬ولكن‪ ،‬كيف ميكن التغلّب عليها؟ جيب أن‬
‫نبدأ باالجّت اه حنو اهلل وحده فقط واالبتعاد عن أنفسنا‪)focus on God not on yourself( .‬‬
‫عن األش ياء الفائق ة الطبيع ة ع دا اهلل ( ‪Detachment from supernatural things other‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ :)than God‬مث ل أش خاص (متاثي ل) املس يح والع ذراء والقديس ني وال ذخائر والتعزي ات والنعم‬
‫الروحيّة‪.‬‬

‫يف احلي اة الروحي ة حاملا خض عنا لعملية ن زع ك ل تعلّقاتن ا‪ ،‬هن اك مرحل تني جيب أن منر من خالهلا يف تل ك‬
‫العملية‪:‬‬

‫طري ق التطه ير الفاعلة (‪ :)The active purgative way‬ال يت فيه ا يق وم الش خص بك ل م ا‬ ‫‪-1‬‬
‫ينمي يف‬
‫ليطه ر ذات ه من ك ل التعلّق ات ال يت لدي ه (من خالل القي ام بك ل م ا من ش أنه أن ّ‬
‫يس تطيع ّ‬
‫الشخص الفضائل)‪.‬‬
‫بالتدخل لينزع كل هذه التعلّقات من‬
‫ّ‬ ‫إن تعلّقاتنا متج ّذرة فينا خاصة من ناحية ذاتنا وبالتايل يقوم اهلل‬ ‫‪-2‬‬
‫خالل التطهير المنفعل (أي الذي فيه ال أكو أنا الذي يعمل بل اهلل يكون هو الفاعل األساسي وأنا‬
‫املفعول به ‪.)passive purgation‬‬

‫إذا التطهري هي عمليّ ة ذات جانبني‪( .‬كما قلنا تعلّقاتنا تؤثّر على قراراتنا وأحكامنا‪ ،‬وبالتايل تعلّقاتنا هي املبادئ‬

‫اليت نعتمد عليها لنحكم ونقرر ما جيب و ما ال جيب أن نقوم به‪ ،‬أغلب الناس يعملون أش ياء خالل النهار بناءً‬
‫على تعلّق اهتم يف أش ياء معيّن ة) حاملا تُ َنت ّزع ك ل التعلّق ات من اإلنس ان‪ ،‬عن دها ميكن أن يك ون ض ائع قليالً‪ ،‬ألن‬
‫التعلقات كانت هي املبادئ اليت كان يبين عليها أحكامه وليس لديه شيء ليحدد له ماذا يفعل‪ .‬وهنا يقول لنا‬
‫الق ديس يوحن ا الص ليب‪ّ :‬أوال اإلميان (عن دما تُن تزع مب ادئ احلكم أي التعلّق ات تص بح األم ور مظلم ة للش خص‬
‫وبالتايل النتيجة هي جيب استخدام اإلميان ليستمر الشخص يف فهم ومعرفة ما عليه أن يفعل‪ ،‬ألن اإلميان يعلّمنا ما‬
‫هي األش ياء ال يت جيب أن نق وم هبا ليص بح ل دينا احتاد يف اهلل‪ ،‬وبالت ايل يعتم د اإلنس ان على اإلميان ليس تمر‪ .‬لكن‬
‫يكون اإلنسان حباجة إىل حتفيز ليستمر يف هذا‪ ،‬وهلذا لدينا الرجاء (‪ )Hope‬واحملبة (‪ )Charity‬أي اهلل الذي هو‬

‫‪7‬‬
‫املصدر ألنين قد أفقد احلافز يف أن استمر يف االنفصال‪ ،‬لكن أساس اً احملبّة حت ّف ز وتدفع الشخص ليستمر يف عمليّة‬
‫االنفصال عن كل التعلّقات‪.‬‬

‫م ا هي غاي ة االنفص ال (م ا هي أس باب االنفص ال ‪ )detachment‬عن الخليق ة من أج ل االتح اد‬


‫الكامل باهلل؟‬

‫‪God is everything, God is all ultimately, He is the necessary and absolute‬‬


‫‪being, most pure act without shadow of potency who exists of himself and‬‬
‫‪possesses the absolute plenitude of being, He is goodness itself. For us to‬‬
‫‪pursue anything other than him in the end is not really rational, because it‬‬
‫‪is analogous to a guy not being interested in his wife but absolutely in love‬‬
‫‪.with her picture, so it does not make sense‬‬

‫يقول القديس يوحنا الصليب‪ :‬ال ميكن لنقيضني أن يوجدا يف يف نفس الشيء (الفاعل ‪ )subject‬يف نفس‬
‫ٍ‬
‫بشكل متبادل‪ ،‬وبالتايل إما يرى الشخص أ ّن اخلليقة هي ال شي وأن اهلل هو‬ ‫الوقت‪ ،‬ألهنما يلغيان أحدمها اآلخر‬
‫كل شيء‪ ،‬أو يف النهاية سيكون تركيزه على اخلليقة وليس على اهلل‪.‬‬

‫القديس توما األكويين يقول‪ :‬التشويش واالضطراب (‪ )confusion‬هو نتيجة لوجود نقيضني يف العقل يف نفس‬
‫مشوشني علينا القيام بإقصاء أحد النقيضني‪.‬‬
‫الوقت‪ ،‬وبالتايل عنندما نكون ّ‬
‫مشوشون يف حياهتم الروحيّة باملعىن أهنم ال يسعون وراء اهلل من كل قلوهبم‪ .‬كل الرذائل واخلطايا‬
‫أغلب الناس هم ّ‬
‫والعيوب والنقائص تنتج وتأيت من نوع من أنواع التعلّق يف شيء ما‪.......‬أو (إذا كانت رذيلة أو عيب ونقص‬
‫فهي أصالً تعلّق وجيب أن نتخلّص منها)‪.‬‬

‫التضحية (‪ :)sacrifice‬أن تأخذ شيء جيّد وتضعه عند اهلل وترتكه‪.‬‬

‫التعلّقات تعيق متييزنا إلرادة اهلل‪ .‬النعمة رقيقة يف العقل واإلرادة لكن إن كان العقل واإلرادة مشتتان بسبب‬
‫التعلقات فإن الشخص لن يكون قادراً على متييز إرادة اهلل بشكل واضح‪ ،‬لذلك عليه أن يعمل على االنفصال‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫إن كنت ستنفصل علن كل شيء جيب أن يكون لدى الشخص نوع من التضحية بالذات (‪)self-sacrifice‬‬
‫يف هذه العمليّة‪ ،‬وعليه أن يُدرك أنّه ليس هو مركز الكون‪ ،‬وأن يكون قادراً على طرح خريه لدى اهلل والتخلّي‬
‫عنه له ويقول هلل هاك إياه افعل به ما تريد‪ .‬ويكون لديه تسليم ذات‪.‬‬

‫‪9‬‬

You might also like