You are on page 1of 31

‫أصل هذه المقالة خطبة لفضيلة الشيخ األستاذ محمد عبد المالك‬

‫حفظه اهلل تعالى ورعاه‬


‫وكان ألقى هذه الخطبة باللغة البنغالية في مونشي غنج من‬
‫بنجالديش‪،‬بتاريخ ‪ /4‬ربيع األول ‪1440‬هـ (‪/13‬نوفمبر‪2018/‬ع)‪ ،‬ثم‬
‫طبعت هذه الخطبة البنغالية في عددين ‪ -‬ديسمبر ‪ 2018‬ويناير ‪2019‬م‪-‬‬
‫وإلحاق لبعض‬
‫ٍ‬ ‫بمجلة الكوثر الشهرية‪،‬فترجمتها إلى العربية باختصار يسير‬
‫العناوين‪ ،‬ونقلتها من أسلوب الخطاب إلى أسلوب الكتاب‪ ،‬غير مخل‬
‫ألصل كالمها ومفهومها‪ ،‬ثم قدمت ترجمتي إلى الشيخ فنظر فيها‬
‫وصححها‪ ،‬ونقحها بحذف وزيادة‪ ،‬تقبلها اهلل ونفع بها المسلمين‬
‫‪ -‬المترجم‬

‫أمين التعليم ورئيس قسم التخصص في علوم الحديث‬


‫مركز الدعوة اإلسالمية داكا‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪1‬‬


‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪2‬‬
‫الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه‬
‫ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل‬
‫فال مضله ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‬
‫وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد!‬
‫فإن ديننا هو اإلسالم‪ ،‬وهو دين إلهي وإن تعاليمه شاملة لجميع شعب‬
‫الحياة ومتكفلة لجميع حاجات الناس‪ ،‬وباقتضاء عموم هذا الدين وشموله‬
‫انقسمت أعماله المتعلقة بحفظه ونشره ونصرته إلى شعب عديدة‪ ،‬ولم يزل‬
‫هذا االنقسام العملي من القرون المشهود لها بالخير حتى العصر الراهن‪.‬‬
‫ومن أهم تلك الشعب الدعوة إلى اهلل‪ .‬وإن للدعوة إلى اهلل طرقا عديدة ومناهج‬
‫كثيرة‪ .‬ومن أهم هذه المناهج "عمل الدعوة والتبليغ على األصول الستة"‬
‫حسب الطريقة التي أرشد إليها الشيخ إلياس الكاندهلوي رحمه اهلل‪ .‬وكان‬
‫الشيخ إلياس قد استخرجها من أصول القرآن والسنة‪ ،‬والعمل المتوارث‬
‫المتلقى من أهل القرون الفاضلة‪ ،‬ومن تجارب المشايخ المتأخرين‪ ،‬عمال‬
‫ْ‬
‫بالمصالح المرسلة‪ ،‬ثم إنه لم ي َر ِّوج هذا الجهد بين الناس إال بعد موافقة كبار‬
‫َ‬
‫المشايخ من طبقة أساتذته ومعاصريه‪ ،‬ولم يخ ِّط ْئ الشيخ رحمه اهلل غيره من‬
‫ص ُّح تخطئة غيره من الطرق‪ ،‬إذ لم يكن لطريقته هذه‬ ‫َ‬
‫طرق الدعوة‪ .‬وكيف ي ِ‬
‫ضت على األمة‬ ‫وجود بالمعنى الحرفي قبل سنة ‪ 1340‬من الهجرية! فهل َم َ‬
‫اإلسالمية قرون متطاولة ليس فيهم من يدعو الناس إلى اهلل على المنهج‬
‫الصحيح؟! العياذ باهلل من هذا االفتراء والبهتان!‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪3‬‬


‫وقد تقبل اهلل تعالى هذا المنهج الدعوي ببركة إخالص مؤسسه‪ ،‬وأرشد به‬
‫جماعة كبيرة جدا إلى طريق الهداية‪ .‬إلى أن طرأت عليه مصيبة عظيمة‪،‬‬
‫وهي مصيبة إشاع ة الضاللة من مركز الهداية‪ ،‬نسمع صوت الغواية‬
‫والضاللة من مركز كنا نسمع منه كلمة الحق والهداية‪ ،‬فينتشر بين الناس‬
‫ٍ‬
‫الضاللة بعنوان الهداية‪.‬‬

‫مساعي العلماء في إصالح الشيخ سعد‬


‫وفي رأس هذا األمر شخص واحد‪ ،‬وهو الشيخ سعد الكاندهلوي‪ ،‬فهو‬
‫يتكلم بما يخالف دليل القرآن والسنة ويعارض منهج أهل السنة والجماعة‪،‬‬
‫وكان يفعل هذا في خطباته منذ سنوات‪ ،‬فنبهه على ذلك العلماء الربانيون‪،‬‬
‫وسعى في إصالحه أساتذته المخلصون وجلساءه الصالحون‪ ،‬وكل هذه‬
‫المساعي كان يجري من وراء الحجاب‪ ،‬طوال سبع سنوات أو أكثر‪ ،‬وفي‬
‫سعي في إصالحه‪ ،‬ولكن الشيخ سعد لم‬ ‫هذه المدة لم يترك العلماء أي‬
‫ٍ‬
‫يرفع بهم رأسا‪.‬‬
‫فلما لم ينجح مساعي العلماء في إصالحه‪ ،‬اضطروا إلي تنبيه الناس‪،‬‬
‫ْ‬
‫مخالفة للقرآن والسنة وانحراف عن منهج‬
‫ٍ‬ ‫فنبهوا الناس على ما في قوله ِمن‬
‫أهل السنة والجماعة ومعارضة لجمهور علماء األمة‪ ،‬وإنما فعلوا هذا‬
‫للحف اظ على الدين وأِلداء مسؤوليتهم الدينية‪ .‬فقد قال رسولنا المصطفى‬
‫ِ‬
‫ََ‬
‫ف عدوله‪ ،‬ينفون عنه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬يحمل هذا العلم من كل خل ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تحريف الغالين‪ ،‬وانتحال المبطلين‪ ،‬وتأويل الجاهلين‪.‬‬

‫من يتحمل المسؤولية الدينية؟‬


‫وبعد تلك اآلراء الشاذة والمنكرة والتحريفات الخطرة التي سيأتي ذكر‬
‫ُّ‬
‫دينية‬
‫ٍ‬ ‫جماعة‬
‫ٍ‬ ‫بعضها‪ ،‬كيف ي َعد شخص أهال لتحمل مسؤولية الجماعة؟!‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪4‬‬


‫ودعوية تتمثل دعوة الناس إلى الخير والهداي ِة‪ ،‬ويعتقد الناس فيها أنها‬
‫ٍ‬
‫سبيل الهداية وأن زعماءها على الحق والهداية ؟! وال يخفى أن المسؤولية‬
‫قسمان‪ :‬مسؤولية إدارية محضة ومسؤو لية دينية‪ .‬أما المسؤولية اإلدارية‬
‫المحضة مثل المراقبة على صنع البناء أو المراقبة على الضيافة وأمثالهما‪،‬‬
‫فهذا شيء‪ ،‬ولكن المسؤولية الدينية شيء آخر‪ ،‬هو شيء خطير جدا‪،‬‬
‫ام شؤون الدعوة والتعليم‬ ‫المسؤولية الدينية التي بيد صاحبها مثال َم َه ُّ‬
‫ِ‬
‫والخطبة وأمثالها‪ ،‬فال بد أن يكون المسؤول مهتديا بنفسه حتى يقدر على‬
‫إرشاد الناس إلى طريق الهداية‪ .‬أما إذا لم يكن كذلك‪ ،‬بل وجد في كالم‬
‫المسؤول ما يخالف الشريعة ويعارض إجماع علماء األمة‪ ،‬وو ِجد في أقواله‬
‫ِ‬
‫ما يخرج عن منهج أهل السنة‪ ،‬فال يكون ذلك الشخص أهال لتحمل هذه‬
‫ِّ‬
‫المسؤولية‪ .‬فإن سل َم إليه المسؤولية الدينية لجماعة دينية فعاقبة تلك‬
‫الجماعة ليس إال التأسي بأسوته السيئة واتباع بدعه وضاللته‪ .‬فال يجوز أن‬
‫يفوض المسؤولية الدينية إلى من شذ عن الطريق‪.‬‬
‫وال شك أننا كنا نحب الشيخ سعد الكاندهلوي‪ ،‬ألن وعظه وبيانه في‬
‫ماضي األيام قد نفع ك ثيرا من الناس‪ ،‬فكان حبنا إياه هلل‪ ،‬وقد قال رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬من أحب هلل وأبغض هلل وأعطى هلل ومنع هلل‪ ،‬فقد‬
‫استكمل اإليمان‪ .‬فإن كنا أحببناه فيما مضى فقد أحببناه هلل‪ ،‬وإن تركنا اآلن‬
‫حبه وإطاعته فقد تركناه هلل أيضا‪ .‬نعم‪ ،‬ندعو اهلل تبارك وتعالى أن يرده‬
‫ويرجع به إلى ما كان عليه قبل الزيغ واالنحراف‪ .‬وما ذلك على اهلل بعزيز‪،‬‬
‫فاهلل على كل شيء قدير‪.‬‬

‫ماذا قصد العلماء بتنبيه الناس؟‬


‫وما فعله العلماء من تنبيه الناس على أخطاء الشيخ سعد‪ ،‬إنما أرادوا به‬
‫حفظ الجماعة من زيغه وانحرافه‪ ،‬وأن يبقى عمل الجماعة على ما كان‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪5‬‬


‫عليه من المنهج الصحيح المقبول‪ ،‬حتى يبقى ثقة الناس بالجماعة‪ ،‬ويوجد‬
‫في الجماعة ‪ -‬والحمد هلل ‪ -‬كثير من األكابر والمشايخ‪ ،‬وهم أكثر عمرا‬
‫وأقدم صحبة وأرسخ علما وأكثر تجربة في مجال الدعوة من الشيخ سعد‪،‬‬
‫ً‬
‫حتى إن كثيرا منهم صحبوا الشيخ يوسف بن الشيخ إلياس والشيخ زكريا ابن‬
‫أخي الشيخ إلياس وغيرهم‪ ،‬بخالف الشيخ سعد فلم يتشرف بصحبة هؤالء‬
‫المشايخ كما ينبغي‪ ،‬بل لم تحصل له رؤية الشيخين أعني جده وأبا جده‪.‬‬
‫ومعلوم أن قصدنا العمل والجهد ال االسم وال الشخص‪ ،‬فمنهج العمل‬
‫موجود‪ ،‬والمشايخ المستقيمون على الحق موجودون‪.‬‬

‫يلزم الرجل أن يخضع للحق ولو كان على نفسه‬


‫َ َ‬
‫فكان الواجب على كل أحد أن يَدع الشيخ سعد على حاله حتى يرجع عن‬
‫َ‬
‫االنحراف ويتوب إلى الحق‪ ،‬وهكذا كان يمكن إرجاعه إلى الحق ويحفظ‬
‫الجماعة من فتنته بإذن اهلل تعالى‪ .‬ولكن بعض اإلخوان لم يخضعوا للحق‬
‫ولم يقبلوا قول العلماء‪ ،‬بل أ َ‬
‫ص ُّروا على تأسيس إمارته غير الثابتة بطريقة‬
‫شرعية‪ ،‬وأكدوا أشد تأكيد على اتباع بدعه ومحدثاته‪ ،‬حتى أوقعوا التفريق‬
‫بين الجماعة وتسموا ‪ -‬في ديار بنجالديش ‪ -‬باسم "اإلطاعتيين"‪ ،‬وألزموا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أنفسهم إطاعة الشيخ سعد مع زيغه وانحرافه‪ ،‬ثم أباحوا ألنفسهم الكذب‬
‫واالفترا ء والبهتان والخديعة والخصومة والضرب والقتل وغير ذلك من‬
‫المحرمات الشرعية ‪ -‬العياذ باهلل تعالى ‪ ،-‬وأخذوا يستعينون بهذه‬
‫المحرمات في تأسيس أمرهم‪ ،‬فإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫أي دين أنتم يا إخوتي‪ ،‬وإلى ِّ‬
‫أي دين تدعون الناس؟!‬ ‫ُّ‬
‫فأي دين هذا وعلى ِّ‬
‫ن الكذب والخصومة والمكر والخديعة واإلدماء والتجريح‬ ‫فهل معنى الدي ِ‬
‫والقتل والتخريب؟! لماذا جعلتم بينكم وبين الحق عداوة؟! ألم تعلموا أن‬
‫الحق فوق كل شيء وعلى كل أحد؟! فإن كان الوالد في جانب والحق في‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪6‬‬


‫جانب‪ ،‬يفترض على الرجل أن يعترف بالحق ولو كان على أبيه‪ ،‬ويلزم‬
‫الرجل أن يخض ع للحق ولو كان على نفسه‪ ،‬فلماذا ال تعترفون بالحق وال‬
‫ْی‬ ‫تخضعون له؟! ألم تقرءوا قول اهلل عز وجل‪ :‬یٰٰۤاَیُّ َها ال َ ِذی َْن ٰا َم ُّن ْوا ك ُّْون ُّْوا ق َٰو ِم ْ َ‬
‫ْی اِ ْن یَ ُّك ْن َغ ِنیًّا ا َ ْو‬ ‫لِل َو ل َْو ع ٰ َٰٰۤل اَنْف ُِّسك ُّْم ا َ ِو ال َْوال َِدی ِْن َو ْاْل َ ْق َربِ ْ َۚ‬
‫بِالْ ِق ْس ِط ُّش َه َدٓا َء ِ ٰ ِ‬
‫َالِل ا َ ْو ٰٰل ِب ِه َم ۫ا ف َََل ت ََت ِب ُّعوا ال َْه ٰ ٰۤوی ا َ ْن ت َْع ِ‬
‫دل ْ ُّۚوا‪ .‬النساء‪135:‬‬ ‫ْیا ف ٰ ُّ‬
‫َف ِق ْ ًّ‬
‫وقوله‪َ :‬و َْل یَ ْج ِر َم َنك ُّْم َش َناٰ ُّن ق َْو ٍم ع ٰ َٰٰۤل ا َ َْل ت َْع ِدل ْ ُّؕوا اِعْ ِدل ُّْو۫ا ُّه َو ا َ ْق َر ُّب ل َ‬
‫ِلتق ْٰوی‪.‬‬
‫المائدة‪8 :‬‬
‫ً‬
‫علما أن اجتن اب كل ظلم وغلو واعتداء على اآلخرين واجب على الجميع‪،‬‬
‫إن ذلك واجب أيضا – بل باألولى‪ -‬على الذين مع الجماعة‪ ،‬فال يجوز‬
‫لهم ارتكاب أي عدوان عند الرد على الشذوذ وأهله‪ ،‬وعند السعي إلرجاع‬
‫الشاذين إلى الطريق المستقيم‪.‬‬

‫ليس لكل خطأ حكم واحد‬


‫وكل ما نقوله اآلن عن الشيخ سعد وننبِّه عليه الناس فهو من الدين‬
‫ً‬
‫والنصيحة‪ ،‬وليس هذا من الغيبة‪ ،‬ومن سماه غيبة فقد َج ِهل تعريف الغيبة‬
‫أو تجاهل عنه‪ ،‬فالغيبة فضيحة‪ ،‬وبيان الحق والرد على الشذوذ نصيحة‪،‬‬
‫وأين النصيحة من الفضيحة؟! ثم إنه ال يخفى أن الخطأ أنواع‪ ،‬وليس لكل‬
‫نوع من الخطأ حكم واحد‪.‬‬
‫مثال إذا أكل الصائم أو شرب ناسيا وهو ال يذكر صومه‪ ،‬ال ينتقض صومه‪.‬‬
‫وإن دخل الماء في حلقه خطأ وهو ذاكر للصوم‪ ،‬انتقض صومه في الفقه‬
‫الحنفي وبعض المذاهب األخرى‪ ،‬وعليه القضاء فقط‪ .‬وإن أكل أو شرب‬
‫في نهار رمضان عامدا‪ ،‬فعليه القضاء والكفارة‪ .‬فهاهنا صور ثالثة‪ .‬ففي‬
‫األولى منها ال ينتقض الصوم‪ ،‬وفي الثانية ينتقض ويجب القضاء فقط‪،‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪7‬‬


‫وفي الثالثة يجب الكفارة أيضا مع لزوم اإلثم‪ .‬فثبت أنه ليس لكل خطأ‬
‫حكم واحد‪ ،‬بل بين الخطأ والخطأ فرق في الحقيقة والحكم‪ .‬فالخطأ في‬
‫األصول غير الخطأ في الفروع‪ ،‬والخطأ االعتقادي أشد من الخطأ العملي‪.‬‬
‫والشذوذ الفكري أشد وأخطر في بعض األحيان من الخطأ في بعض‬
‫االعتقاديات‪ ،‬والخطأ في السر أخف من الخطأ في العلن‪ .‬والخطأ من‬
‫مسؤول ديني ليس كالخطأ من عامة الناس‪ .‬والخطأ على رؤوس األشهاد‬
‫وبين يدي آالف من الناس ال يوزن بالخطأ أمام رجل أو رجلين‪.‬‬
‫والخطأ اسم عام تحته أنواع كثيرة‪ ،‬فمن جعل خطأ الضالل كالخطأ في‬
‫االجتهاديات‪ ،‬أو جعل الجرأة مع قلة العلم من باب االجتهاد في الرأي فقد‬
‫خلط تخليطا فاحشا‪ ،‬وهذا هو حال من يدافع اليوم عن الشيخ سعد قائال‪:‬‬
‫إن الشيخ سعد أخطأ فكان ما ذا؟ ومن الذي ال يخطئ ‪...‬‬
‫هكذا يدافع عنه من يتعص ب له شاعرا أو غير شاعر‪ ،‬واليعلم أن حكم‬
‫العلماء على الشيخ سعد ما كان من أجل أخطائه التي يمكن أن تغتفر‬
‫ويجوز صرف النظر عنها‪ ،‬وإنما كان حكمهم عليه من أجل أغالطه‬
‫الفاحشة الشديدة ومن أجل شذوذه الفكري‪.‬‬
‫فإلى بيان بعضها‪:‬‬

‫ذكره غير واحد من األنبياء بما ال يليق‬


‫بشأنهم‪ ،‬صلوات اهلل وسالمه عليهم‬
‫فمن مصائب الشيخ سعد الكبرى غلوه وإسرافه في بيان أهمية الدعوة‬
‫وتجاوزه الحد في بيان بعض آدابها المخترعة‪ ،‬وهذا الذي أداه إلى عرض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بعض الواقعات من سير األنبياء عليهم الصالة والسالم‪ ،‬عرضا ال يليق أبدا‬
‫بمنصب النبوة الرفيع‪ ،‬وشأنهم الفائق‪ ،‬الالئق بهم‪ ،‬فكأنه يعلي من أهمية‬
‫الدعوة على حساب مقام األنبياء عليهم الصالة والسالم‪ ،‬وأسلوبه في‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪8‬‬


‫عرض تلك الواقعات كأنه أسلوب البحث عن القصور والتقصير‪ ،‬والعياذ‬
‫باهلل تعالى‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن اهلل سبحابه وتعالى بعث األنبياء والرسل لهداية العالم‪،‬‬
‫وجعل حي اتهم وسيرتهم أسوة للناس‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪ :‬لقد كان لكم في‬
‫رسول اهلل أسوة حسنة‪ .‬فسير األنبياء والمرسلين‪ ،‬عليهم صلوات ربي‬
‫وسالمه‪ ،‬إنما هي ِلنَتأسى بهم ونهتدي بهديهم‪،‬ال لنتحدت عنها كالباحث‬
‫عن قصور أو تقصير العياذ باهلل تعالى من ذلك‪ ،‬ولكن ذلك موجود مرارا‬
‫وتكرارا في كالم الشيخ سعد‪.‬‬

‫كالمه في شأن موسى عليه السالم‬


‫قال الشيخ سعد الكاندهلوي في شأن سيدنا موسى عليه السالم ما لفظه‬
‫بلغة خطابه‪:‬‬

‫دوعت اک وھچت اجنا ہی امت یک رمگایہ اک ینیقی سبت ےہ‪ ،‬دوعت اک وھچت اجنا ہی امت یک‬
‫رمگایہ اک ینیقی سبت ےہ‪ ،‬دوعت اک وھچت اجنا ہی امت یک رمگایہ اک ینیقی سبت ےہ‪ ،‬املعء‬
‫ےن اھکل ےہ ہک دوعت ایل اہلل اک وھچت اجنا رمگایہ اک سبت ےہ ہکلب اہیں نک اھکل ےہ‬
‫رسفمنی ےن ہک ومیس ہیلع السالم ےناینپ وقم وک ےھچیپ وھچڑ رک اہلل یک ڑاض اوڑ اس وک‬
‫وخس رکےن ےک ےئل اہنت ابعدت ںیم وغشمل وہےئگ اوڑ وقم ےھچیپ ڑ ئبی‪ ،،‬اہلل ےن چواھ‬
‫وسى} [طه‪ ]83:‬اے ومیس ہیلع السالم‬ ‫ہک { َو َما أ َ ْع َج َل َك َع ْن َق ْوم َك ي َ ُ‬
‫ام َ‬
‫ِ‬
‫ل‬
‫ںیہمت دلجی ںیم سک ےن دال دنا؟ ومیس ہیلع ا سالم ےنرعض ایک ہک و ولگ ےھچیپ ڑ‬
‫ےئگ۔ ںیم ا ت وک ڑایض رکےن ےکےئل ا ےگ بڑھايگ۔‬

‫دايھں ےس سبنا نات وک‪ ،‬اہلل ےن فرامنا ہک اے ومیس ہیلع السالم! مہ ےن اہمتڑے‬
‫ےھچیپاہمتڑی وقم وک ہنتف اوڑ ا ڑامشئ ںیم دال دنا‪ ،‬املعء ےن اھکل ےہ ہک وہج ہی وہیئ ہک‬
‫ومیس ہیلع السالم اجبۓ وقم وک ساھت ےلرک ا ےن ےک وقم وک وھچڑ رکا ےئگ‪ 40 ،‬ڑات‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪9‬‬


‫ومیس ہیلع السالم ےن ابعدت ںیم زگاڑی‪ ،‬اہلل یک ساں ہک ھچ الھک ینب ارسالیئ وج ست‬
‫ےک ست دہابت رپےھت‪ ،‬اں ںیم ےس ‪ 5‬الھک ‪ 88‬ہزاڑ ‪ 40‬ڑات یک وھچیٹ یس دمت ںیم‬
‫رمگا وہےئگ ۔ رصف ‪ 40‬ڑات ومیس ہیلع السالم ےن دوعت ایل اہلل اک اکم ںيہن ایک‪ ،‬ںیم‬
‫ہی ھجمس رک رہکاہوہں ہک رصف ‪ 40‬ڑات ومیس ہیلع السالم ےن دوعت اک لمع ںيہن ایک‪،‬‬
‫‪ 40‬ڑات ومیس ہیلع السالم ابعدت ںیم وغشمل ڑےہ ‪،‬اوڑ اس ‪ 40‬ڑات ےک رعہص ںیم‬
‫‪ 40‬الھک ‪ 88‬ہزاڑینب ارسالیئ ست ےک ست ڑھچبےیک ابعدت رپ عمج وہےئگ‬
‫الترجمة ‪ :‬ترك الدعوة هو السبب اليقيني لضالل األمة ‪ -‬قاله‬
‫ثالثا‪ ،‬ثم قال‪ - :‬وقد كتب العلماء‪ :‬أن ترك الدعوة إلى اهلل سبب‬
‫لضالل األم ة‪ ،‬حتى قال المفسرون‪ :‬إن موسى عليه السالم ترك‬
‫أمته وراءه وتخلى للعبادة ابتغاء مرضات اهلل تعالى‪ ،‬فسأله ربه‪:‬‬
‫وما أعجلك عن قومك يا موسى؟ قال موسى‪ :‬إنهم بقوا خلف‪،‬‬
‫وتقدمت إلرضائك‪.‬‬
‫أصغوا إلى ما أقول‪ :‬قال اهلل لموسى‪ :‬فإنا قد فتنا قومك من‬
‫بعدك‪ ،‬قال العلماء‪ :‬والسبب أن موسى عليه السالم لم يأت‬
‫بالقوم معه‪ ،‬بل ترك قومه وراءه وتخلى للعبادة لميقات أربعين‬
‫ليلة‪ ،‬ففي هذه المدة القصيرة ‪ -‬مدة أربعين ليلة ‪َ -‬‬
‫ضل‬
‫‪ 588000‬نفسا من بني إسرائيل‪ ،‬وكلهم كانوا مجتمعين على‬
‫الهداية قبل أن يتركهم موسى عليه السالم‪ .‬فكان موسى عليه‬
‫السالم ت رك الدعوة إلى اهلل لمدة أربعين ليلة فقط‪ ،‬أنا لما أقول‬
‫واع إن موسى عليه السالم تخلى للعبادة تاركا عمل الدعوة لمدة‬
‫أربعين ليلة‪ ،‬واجتمع ‪ 588000‬نفسا من بني إسرائيل على عبادة‬
‫العجل في خالل هذه المدة أربعين ليلة‪ .‬انتهى كالم سعد‪.‬‬
‫وال أعلق على قوله المنكر هذا إال بالقول المأثور‪ :‬سبحانك هذا بهتان عظيم!‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪10‬‬


‫كيف يقول الشيخ سعد في نبي من األنبياء ‪ -‬وهو من أولي العزم من الرسل ‪:-‬‬
‫إنه ترك الدعوة وتخلى بالعبادة حتى تسبب في ضالل ‪ 588000‬من بني‬
‫إسرائيل!! وسياق كالم سعد يشير إلى أنه يدعي أن سيدنا موسى عليه السالم‬
‫ترك الدعوة من قبل نفسه‪ ،‬تاركا َ‬
‫فرضه المنصبي! إنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ما هى حقيقة واقعة موسى عليه السالم؟‬


‫أمر اهلل موسى عليه السالم أن يأتي بقومه إلى جبل الطور‪،‬أي بطائفة من‬
‫َ‬
‫القوم‪ ،‬لي ِتم ميقات ربه أربعين ليلة‪ ،‬فخرج موسى عليه السالم بجماعة‬
‫منتخبين من قومه‪ ،‬وجعل على بقية قومه شقيقه هارون‪ ،‬وقال له‪ :‬اخلفني‬
‫في قومي وأصلح وال تتبع سبيل المفسدين‪ .‬فلما قرب موسى وأصحابه من‬
‫عجل وتقدم على من كان معه شوقا ورغبة إلى مناجاة اهلل‬ ‫الميقات‪ِ ،‬‬
‫سبحانه‪ ،‬فبلغ الميقات قبل أصحابه‪ ،‬وهم يأتون على أثره‪ ،‬فقال اهلل تعالى‬
‫له‪ :‬وما أعجلك عن قومك يا موسى‪ ،‬قال هم أوالء على أثري وعجلت‬
‫إليك رب لترضى‪.‬‬
‫قال عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما في تفسير هذه اآلية‪ :‬كان اهلل عالما‬
‫ولكن قال‪ :‬وما أعجلك عن قومك‪ ،‬رحمة لموسى وإكراما له بهذا القول‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتسكينا لقلبه ورقة عليه‪ ،‬فقال مجيبا لربه‪ :‬هم أوالء على أثري‪( .‬الجامع‬
‫ألحكام القرآن للقرطبي ج‪ ،11:‬ص‪ ،233:‬التفسير البسيط لإلمام الواحدي ج‪،14:‬‬
‫ص‪)487:‬‬

‫ثم ذكر اهلل تعالى له ما ابت ِل َي به قوم موسى في غيبوبته‪ ،‬والمراد بالقوم هنا‬
‫الذين تركهم موسى عند نبي اهلل هارون أخي موسى‪ ،‬فقد أضلهم السامري‬
‫فعبدوا العجل ولم يقبلوا نصيحة نبي اهلل هارون عليه السالم‪ .‬وليس المراد‬
‫بالقوم هنا الجماعة المنتخبون الذين خرجوا مع موسى‪ ،‬فتقدمهم موسى‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪11‬‬


‫وكانوا على أثره‪ ،‬عليه الصالة والسالم‪ ،‬كما هو واضح من قاعدة تفسير‬
‫القرآن بالقرآن‪ .‬هذه خالصة واقعة موسى عليه السالم(‪.)1‬‬
‫والذي يظهر من سورة البقرة‪ ،51:‬وسورة األعراف‪ ،142:‬وسورة طه‪80:‬‬
‫و‪ ،86‬أن خروج موسى عليه السالم إلى الطور لم يكن من ِقبَلِ نفسه‪،‬‬
‫وإنما كان سفره بأمر اهلل تعالى‪ ،‬وأنه أوتي التوراة في هذا السفر كما يفهم‬
‫من سورة األعراف‪ ،154-148:‬وأن موسى عليه السالم خلف في قومه‬
‫نبيا‪ ،‬وهو أخوه نبي اهلل هارون عليه السالم‪ ،‬كما ينكشف من سورة‬
‫األعراف‪ ،142:‬ويثبت من سورة طه‪ ،94-91:‬أن نبي اهلل هارون قد عمل‬
‫بما أمره به موسى عليه السالم قائال‪ :‬اخلفنى في قومى وأصلح وال تتبع‬
‫سبيل المفسدين‪ .‬ولكن بنى إسرائيل لم يقبلوا نصحية نبي اهلل لجهالتهم‪،‬‬
‫فاتبعوا السامري وعبدوا العجل‪.‬‬
‫ولكن الشيخ سعد يقول‪" :‬إن موسى عليه السالم لم يأت بالقوم معه‪ ،‬بل‬
‫ترك قومه من وراءه وتخلى للعبادة لميقات أربعين ليلة‪ ،‬وأنه من أجل ذلك‬
‫اجتمع ‪ 588000‬نفسا من بني إسرائيل على عبادة العجل" يقول ذلك‬
‫ويدعي أنه واع لما يقوله‪ ،‬فهو حسب دعواه يقول ما يقول عن بصيرة‪.‬‬
‫وليس هذا افتراء على نبي اهلل موسى َ‬
‫فح ْسب‪ ،‬بل فيه اعتراض على حكم‬
‫اهلل تعالى أيضا‪ ،‬ألن خروج موسى عليه السالم إلى الطور كان بأمر اهلل‬
‫فرض‪ ،‬فمن يقول بعد أمر اهلل ومواعدته جانب‬ ‫ٌ‬ ‫تعالى‪ ،‬وامتثال أمر اهلل‬

‫‪1‬‬
‫( ) وأخطأ من زعم أن موسى عليه السالم كان مأمورا بأن يأتي بجميع قومه‪ ،‬ولكنه‬
‫تركهم وراءه‪ ،‬وظن أنهم سيمشون خلفه‪ ،‬فأجاب موسى عليه السالم على الحسبان‪ :‬هم‬
‫أوالء على أثري‪ ،‬وهذا تفسير خاطئ يخالف ظواهر عدة آيات تتعلق بالقصة‪ ،‬وتخالف‬
‫أيضا عدة حقائق معلومة‪ ،‬ولكن الشيخ سعد لم يقتصر على هذا الخطأ‪ ،‬بل تغالى‬
‫وادعى على موسى عليه الس الم أنه ترك عمل الدعوة واشتغل بالخلوة فكان ذلك سببا‬
‫لضالل بني إسرائيل‪ ،‬والعياذ باهلل تعالى‪.‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪12‬‬


‫الطور أن بنى إسرائيل قد ضلوا بسبب خروج موسى إلى الطور وأنه كان‬
‫َ‬
‫ويدعوهم إلى اهلل‪ ،‬أ َوليس‬
‫َ‬ ‫ينبغى لموسى عليه السالم أن يكون مع قومه‬
‫َ‬ ‫َِّ‬
‫يكون قوله هذا اعتراضا على حكم اهلل؟! فهل يجوز الشيخ ترك أمر اهلل‪،‬‬
‫خشية أن يقع الخلل في الدعوة‪ ،‬فهل يترك الصلوات المفروضة للدعوة؟!‬
‫ً‬ ‫ََ‬
‫ألنه إن اشتغل الداعي مثال بصالة الظهر لمدة عشر دقائق‪ ،‬يمكن أن يضل‬
‫بعض الناس في هذا الوقت لترك الدعوة؟!‬
‫وال ندري كيف علل سعد ضالل بنى إسرائيل بترك الدعوة ؟! ألم يكن في‬
‫القوم نبي اهلل هارون؟! ألم ينصحهم ويدعهم إلى عبادة اهلل وحده؟! فكيف‬
‫يدعي على موسى أن بنى إسرائيل قد ضلوا بسبب خروجه‪ ،‬واهلل تعالى‬
‫ِّ‬
‫السامري‪ ،‬ال إلى‬ ‫امري؟! فنسب اهلل اإلضالل إلى‬ ‫ُّ‬ ‫يقول‪ :‬أضلهم الس‬
‫موسى‪ ،‬وسمى هذه الحالة باالبتالء والفتنة!‬
‫ٌ‬
‫* فاجتمع في كالمه هذا جملة من االعتراضات على نبي اهلل موسى‬
‫عليه السالم‪:‬‬
‫‪ . 1‬إن موسى عليه السالم ترك الدعوة إلى اهلل‪ ،‬والحقيقة أنه خرج إلى‬
‫الطور المتثال أمر اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ . 2‬إن بنى إسرائيل ضلوا بسبب موسى عليه السالم إذ ترك الدعوة‪ .‬واهلل‬
‫يقول‪ :‬أضلهم السامري!‬
‫‪ . 3‬االعتراض على موسى عليه السالم بلسان الحال أنه خرج إلى الطور من‬
‫ِقبَلِ نفسه مع أنه عليه السالم قد خرج بأمر اهلل تعالى‪.‬‬

‫رجوع الشيخ سعد‬


‫ورسائله في ذلك إلى دار العلوم ديوبند‪ ،‬وبيان حقيقة كل ذلك‬
‫"الجامعة اإلسالمية دار العلوم ديوبند"‪ ،‬هذه الجامعة أكثر أثرا على حياة‬
‫األمة اإلسالمية في شبه القارة الهندية‪ ،‬منذ العصر االستعمار البريطاني إلى‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪13‬‬


‫اآلن‪ ،‬ولها خدمات جليلة في مجال التعليم والتربية والتصنيف والتزكية‬
‫والجهاد والسياسة‪ ،‬وال يسع لي ذكر محاسنه في هذا اجملال الضيق‪.‬‬
‫وقد سعى غير واحد من العلماء كما أشرنا إليه في إصالح الشيخ سعد‪،‬‬
‫فلم ينجح مساعيهم فيه‪ ،‬وقد وردت في دار اإلفتاء التابعة لدار العلوم‬
‫ديوبند أزهر الهند (تشبيها باألزهر القديم) استفتاءات كثيرة حول الشيخ‬
‫سعد وشذوذه‪ ،‬فقرر مسؤولوا الجامعة (دار العلوم) وأكابر أساتذتها ومفتيها‬
‫ِّ‬
‫إصدار فتوى في ذلك‪ ،‬فكتبت الفتيا ووقع عليها‪ ،‬ولكنها لم تصدر بعد‪،‬‬
‫وقد بلغ الشيخ سعد أن جامعة دار العلوم في طريق إصدار فتوى عنه‪،‬‬
‫فأرسل الشيخ سعد إلى الجامعة وأخبر أنه مستعد للرجوع‪ ،‬فأرسل مسؤولو‬
‫الجامعة نص الفتيا قبل إشاعتها إلى الشيخ سعد‪ ،‬لينظر فيه ويرجع عن‬
‫أخطائه وشذوذه‪ .‬فكتب الشيخ سعد رسالة إلى الجامعة وأعلن بالرجوع عن‬
‫ً‬
‫أخطائه إجماال‪ ،‬ولم يقل‪ :‬نسب إلي في هذه الفتيا ما لم أقله‪ ،‬وهذه‬
‫مالحظة هامة جدا‪ ،‬معنى ذلك أنه معترف بصدور تلك األمور عنه ولكنه‬
‫كتب في آخر تلك الرسالة ما نصه‪:‬‬

‫آپ ےسیج اعیمل یملع دینی رمکز ےک امہ ذہم دار رضحات وک ارقح و اےکس اسویھتں ےک ااکفر و‬
‫ت‬
‫ایخالت‪،‬ومفقوکلسمںیمیسکمسقیکوجدبامگینوہیئےہارقحاسوکاہنیاوسفسناکاور‬
‫دوعتوغیلبتواےلابمرکلمعاوراسےکرمکزےکاسھتدعماعتوناتھجمسےہ‪...‬‬

‫زین ارقح ےک ایبنات رپ وج ارتعاض ںیہ ان ےکقلعتم ارقح یک مک یملع ےک ناووجد وجولعمامت‬
‫اورانےکیملعرماعجوریغہںیہآدنئہاراسلرکےنیکوکششیکاجیگیئ۔‬
‫وحاصل كالمه هذا أن هذه الفتيا إنما نشأت من أجل إسائة الظن به‬
‫ُّ‬
‫وبأصحابه وأفكارهم ومسلكهم‪ ،‬وهذا عنده أمر مؤسف جدا‪ ،‬وأنه يَعد‬
‫ذلك عدم التعاون بمركز الدعوة والتبليغ‪ ،‬قال‪ :‬وسأرسل لكم إن شاء اهلل‬
‫تعالى معلومات ومصادر ألقوالي التي اعت ِرض عليه‪ .‬انتهى حاصل ما قاله‪.‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪14‬‬


‫فلما وصلت رسالته إلى مسؤولي الجامعة‪،‬كتبوا إلى الشيخ سعد‪" :‬إن أول‬
‫رسالتكم وإن كان يدل على الرجوع‪ ،‬ولكن آخرها يدل على خالفه‪،‬‬
‫صدر دار العلوم فتواها"‪،‬فأصدرت‪.‬‬
‫فت ِ‬
‫صدرت هذه الفتيا في آخر صفر ‪1438‬هـ وفي ‪ 11‬من ربيع األول‬
‫‪ 1438‬هـ أرسل الشيخ سعد رسالة الرجوع الثانية‪ ،‬وكانت عين الرسالة‬
‫األولى إال أنه قطع من آخرها الجمل التى لم يقبل بسببها الرجوع األول‪.‬‬
‫ومع ذلك لما وصلت دار العلوم رسالة رجوعه الثانية‪ ،‬كتبوا إليه أن أساتذة‬
‫دار العلوم ومفتيها قد قبلوا هذه الرسالة وسوف يرسلون الرسالة المفصلة‬
‫في هذا األمر‪ .‬وبعد يومين من الرجوع ‪ -‬يعنى في ‪ 13‬من ربيع األول‬
‫‪1438‬هـ ‪ -‬أرسلت دار العلو م رسالتها المفصلة إلى مركز نظام الدين‪ ،‬ولم‬
‫ً‬
‫تصل إلى نظام الدين وهي في الطريق بعد‪ ،‬إذ جاء النبأ أن الشيخ سعدا قد‬
‫أعاد مقولته المنكرة السابقة بعينها في شأن موسى عليه السالم صبيحة اليوم‬
‫‪ 13 -‬ربيع األول ‪1438‬هـ ‪ 13‬ديسمبر ‪2016‬م ‪ -‬في خطبة ألقاها بعد‬
‫الفجر بمر كز نظام الدين وزاد فتكلم على سيدنا يوسف عليه السالم أيضا‪.‬‬
‫َ ُّ‬
‫تحقق هذا الخبر اتصل رئيس الجامعة الشيخ المفتي أبو القاسم‬ ‫فبعد‬
‫النعماني بمن أرسل مع الرسالة الجديدة إلى نظام الدين‪ ،‬وأمره أن يرجع‬
‫من طريقه إلى دار العلوم‪.‬‬
‫وبعد شهر من هذه الواقعة أرسل الشيخ سعد رسالة الرجوع الثالثة‪،‬‬
‫واعترف فيها بالخطأ والرجوعِ عن بعض أقواله المنحرفة ولكنه حاول تأويل‬
‫ً‬
‫قوله في سيدنا موسى عليه السالم‪ ،‬متذرعا بما قاله بعض المفسرين‬
‫المتأخرين في تفسير قوله تعالى‪" :‬وما أعجلك عن قومك يا موسى"‪ ،‬من‬
‫حملهم االستفهام على االستفهام اإلنكاري‪ ،‬عفا اهلل عنهم‪ ،‬مع أن الشيخ‬
‫ً‬
‫سعدا لم يقف هنا بل جاوز الحد في الغلو بإلزامه عليه السالم بأنه ترك‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪15‬‬


‫عمل الدعوة وأنه تسبب في ضالل بني إسرائيل‪ ،‬وادعى أنه قوله له أصل‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫وأنه ليس تفسيرا باطال‪ ،‬وغاية ما فيه أنه تفسير مرجوح‪ ،‬فكتبَت دار العلوم‬
‫إليه أنه تفسير باطل‪ ،‬وليس بتفسير مرجوح‪ ،‬ثم أثبت بطالنه بالدالئل‪،‬‬
‫وكتبت مامعناه‪ :‬عليك أن ترجع عما قلت في شأن موسى عليه السالم من‬
‫غير تأويل‪ ،‬وال يكفى الرجوع بإرسال الرسالة‪ ،‬بل يلزم االعتراف بالخطأ‬
‫والرجوع على رؤوس األشهاد وبين أيدي الناس في االجتماعات الكبيرة‪،‬‬
‫ليسمعوا الرجوع كما سمعوا الخطأ‪.‬‬

‫ثم جاءت رسالة الرجوع الرابعة إلى دار العلوم‪ ،‬وقد اعترف فيها ببطالن ما‬
‫قال في شأن موسى عليه السالم‪ ،‬ولكن رئيس دار العلوم لم يقلبها وردها‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الكت ِاب ِّي‪ ،‬عليك أن ترجع في المال‬
‫قائال ما حاصله‪ :‬ال حاجة لهذا الرجوع ِ‬
‫َ‬
‫وبين يدي الماليين‪ ،‬كما قلت بين أيديهم‪ .‬هذه هي قصة رجوع الشخ سعد‬
‫‪ -‬حفظه اهلل تعالى وهداه إلى طريق الحق والهداية‪ ،‬وللقصة بقية تأتي بعد‬
‫إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫ً‬
‫وجدير بالذكر أن الشيخ سعدا كان قد جرح سيدنا موسى عليه السالم‬
‫ْ‬
‫بألفاظ أشد وأنكر من هذا في اجتماع "هاتورا بَندا" بالهند سنة ‪1434‬هـ‬
‫ً‬
‫فكتب إليه الشيخ المفتى زيد المظاهري الندوي رسالة مفصلة ونبهه على‬
‫ذلك‪ ،‬ولكنه لم يرفع به رأسا‪.‬‬

‫كالمه في نبي اهلل يوسف عليه صلوات اهلل وسالمه‬


‫وأما كالمه في شأن سيدنا يوسف عليه السالم ‪ -‬في الخطبة التى ألقاها بعد‬
‫الفجر بمركز نظام الدين ‪ 13‬ربيع األول ‪1438‬هـ ‪ 13‬ديسمبر ‪2016‬م ‪-‬‬
‫فهذا نصه‪:‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪16‬‬


‫ویفس ہیلع االسلم زب ے تخس احالت ںیمےھت‪ ،‬تمہت یگل یھتزعبز رصم ےک رھگ ےس‪ ،‬اور‬
‫ت‬
‫تہبتخساحالتےھت‪،‬نکیلدوچزياہللدانھکیاچےتہ يہدایعےس‪،‬ایوت ہیدانھکیاچ ہہتے‬
‫ت‬
‫ںیہہکاحالتےساتمبزوہرکدوعتایلاہللوھچڑوتہنديا‪،‬ایہیدےتھکی يہاہللاناءمہیلع‬
‫االسلموکہکہیاحالتےسرپاشینوہرک يہارےریغےسدمدوتںیہناچےتہ؟دورسےہیدانھکی‬
‫اچےتہںیہہکاحالتےساتمبزوہرکدوعتایلاہللاکلمعوھچڑوتںیہندےتی۔‬

‫دورسی نات ہی ےہ ہک رھپ ویفس ہیلع االسلم ےن ان وک ان ےک وخابیک ریبعت یھب التبدی‬
‫اورہیایخلوہاہکانںیمےسایآدیملیجےسراہوہرکاورنازعتبزیوہرکنادشاہےک‬
‫ناس اجۓاگ‪ ،‬لذا نادشاہ ےک ناس ہی اغیپم وہپاچن دوں۔ ونس دایھن ےس ہک ویفس ہیلع‬
‫االسلم ےن اےنت رعہص ےس لیج ںیم ےہ ھچک اس ےک دقمہم رپ وغر رکایلاجۓ اور اس وک‬
‫لیج ےس راہ رک دنا اجۓ‪ ،‬اہلل یک شان ویفس ہیلع االسلم وک اطیشن ےن اہلل یک ناد الھبدی‪،‬‬
‫ویفس ہیلع االسلم وکاطیشن ےن اہلل یکنادالھبدی‪ ،‬ویفس ہیلع االسلم وکاطیشن ےناہلل یک‬
‫نادالھبدیہکویفسہیلعاالسلمےنلیجےسنکلتےےکےئلمہےسویکںںیہناہک؟‬

‫دایع ےکےئل ہی دو زیچںی ااہتنیئ رضوری ںیہ‪ ،‬ااہتنیئ رضوری ہک ج اس ےک راہتس ںیم‬
‫وکیئ احلآۓ وتوہ اےنپاحل وک اس ےس ےہک سج یک رطف ےس اغیپمےلرکاجیھب وہاےہ‪،‬‬
‫داینںیمآپیسکادینےسادینالمزموکیسکادینےسادیناکمےکےئلںیجیھبارگاسےکاکم‬
‫ت ت‬
‫ںیم وکیئ راکوٹ شیپ آۓ یگ نا اےس وک‪‎‬یئ دق شیپ آ‪‎‬ۓیگ وتوہ روجع رکےاگ اور راہطب‬
‫رکےاگےنجیھبواےلےس‪،‬سجےناکمےکےئلاجیھبےہاسےسیہراہطبرکےاگہکآپ‬
‫اتبےیئ ہک ںیم ایک رکوں؟ ریمے اکم ںیم راکوٹ شیپ آگئیی ںیم ایک رکوں؟ ویفس ہیلع‬
‫ت‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫االسلم ےنراہ وہ ےن واےل ےس فزامنا‪ :‬اذك ْر ِني ِعند َر ِبِّك ہک ریما تذرکہ رکدانینادشاہ‬
‫ْ‬ ‫َِّ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ےکاسےنم‪ ،‬فأن َساه الش ْيطان ِذك َر َر ِبِّ ِه‪،‬اطیشنےن ویفسہیلع االسلموک ویفسہیلع‬
‫االسلمےکربیکنادالھبدی‪،‬اسےکدعبویفسہیلعاالسلمرعہصلیجںیمرےہ‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪17‬‬


‫الترجمة‪ :‬كان نبي اهلل يوسف عليه السالم في مصيبة شديدة‪ ،‬قد اتهم من‬
‫بيت عزيز مصر‪ ،‬ولكن اهلل تعالى يريد أن يمتحن الداعي بأمرين‪ ،‬أحدهما‪:‬‬
‫هل يستعين بغير اهلل إذا أصابته أحوال (ومصائب)؟ ثانيهما‪ :‬هل يترك‬
‫الدعوة بعد أن يصاب بالمصيبة أم يستمر على الدعوة؟‬
‫َ‬
‫واألمر الثاني أن يوسف عليه السالم نبأهما بتأويل رؤياهما‪ ،‬وظن أن‬
‫أحدهما سوف ينجو من السجن ويعود إلى الملك‪ ،‬فقال له يوسف عليه‬
‫الملك‪ ،‬اسمعوا وأصغوا‪ ،‬إن يوسف عليه السالم في‬ ‫السالم‪ :‬اذكرني عند ِ‬
‫الملك في أمره ويخرجه من السجن‪ .‬شأن‬‫السجن منذ كذا وكذا‪ ،‬لينظر ِ‬
‫ذكر اهلل! أنسى الشيطان يوسف عليه‬ ‫َ‬
‫يوسف عليه السالم َ‬ ‫اهلل! أنسى الشيطان‬
‫السالم ذكر اهلل! أنسى الشيطان يوسف عليه السالم ذكر اهلل! لماذا لم يستعن‬
‫يوسف بنا (أي باهلل تعالى) للخروج من السجن؟!‬

‫يلزم الداعي أمران‪ ،‬إذا أصيب بمصيبة في طريق الدعوة‪ ،‬فعليه أن يذكر‬
‫مصيبته من اهلل الذي خرج بدعوته وأن يستعين به‪ ،‬نرى في الدنيا أن أدنى‬
‫مانع في عمله‪ ،‬فهو يتصل‬ ‫موظف إذا أرسل في أدنى عمل‪ ،‬إذا وقع ُّ‬
‫أي‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫بالمرسل الذي أرسله ويراجعه ويطلب منه حله‪ ،‬ويوسف عليه السالم قال‬
‫ِ‬
‫ناج‪ :‬اذكرنى عند ربك‪ ،‬فأنساه الشيطان ذكر ربه‪ ،‬يعنى أنسى‬
‫للذي ظن أنه ٍ‬
‫الشيطان يوسف ذكر اهلل تعالى‪ ،‬فلبث في السجن سنين‪ .‬انتهى كالمه‪.‬‬

‫انظروا إخوتي كيف ادعى سعد على النبي الصديق البريء أنه استعان بغير‬
‫اهلل تعالى!! وأن الشيطان تسلط عليه وأنساه ذكر اهلل تعالى!!‬

‫انظروا إلى أسلوب عرضه الذي يوهم أن سيدنا يوسف عليه السالم لم ينتبه‬
‫إلى األدب العام الذي يهتم به أدنى موظف في الدنيا!‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪18‬‬


‫ما هي واقعة يوسف عليه السالم؟‬
‫قد جاء في القرآن الكريم أن يوسف عليه السالم دخل في السجن مظلوما‬
‫ودخل معه السجن فتيان‪ ،‬فاسفتياه في رؤياهما‪ ،‬فقال في تعبير رؤيا‬
‫واآلخر أنه ال ينجو‪ .‬ثم قال للذى ظن أنه ناج‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أحدهما أنه سوف ينجو‬
‫ِ‬
‫"اذكرنى عند ربك" هذا لفظ القرآن‪ ،‬فيجوز أن يراد بالذكر هنا "ذكر‬
‫التوحيد" عند الملك‪ ،‬ذلك التوحيد الذي دعا إليه يوسف هذا السجين‬
‫الذي سينجو بإذن اهلل تعالى‪ ،‬ويجوز أن يراد به ذكر يوسف عند الملك أنه‬
‫دخل في السجن مظلوما فلينظر في أمره‪ ،‬فلفظ القرآن يحتمل كال‬
‫االحتمالين‪ ،‬وربما كان االحتم ال الثاني أقرب‪ ،‬وال يبعد أنه التمس منه أن‬
‫يذكر عند الملك كل ذلك‪.‬‬
‫ثم جاء في لفظ القرآن‪" :‬فأنساه الشيطان ذكر ربه" يعنى أنسى الشيطان ذلك‬
‫السجين أن يذكر أمر يوسف عند الملك‪ ،‬وهذا هو المعنى الصحيح لآلية‪،‬‬
‫وهو الموافق لمنزلة الرسالة والمتعين بسياق اآلية‪،‬وبما جاء بعد من قوله‬
‫َال ال َ ِذ ْ‬
‫ی ن ََجا ِم ْن ُّه َما َو ادَك ََر َب ْع َد ا ُّ َم ٍة اَنَا اُّن َِب ُّئك ُّْم ِب َتاْ ِو ْیلِ ٖه فَاَ ْر ِسل ُّْو ِن‪ .‬ولكن‬ ‫تعالى‪َ :‬و ق َ‬
‫يوسف َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ذكر اهلل تعالى فلبث في السجن‬ ‫الشيخ سعدا يقول‪ :‬أنسى الشيطان‬
‫بعض سنين‪ ،‬كأنه يقول‪ :‬أنه كان ذلك عقابا الستعانته بغير اهلل تعالى ‪-‬‬
‫العياذ باهلل من هذا االفتراء‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َْ‬
‫يان إلى توحيد اهلل تعالى؟! أليس هذا ذكر‬ ‫ألم يدع يوسف عليه السالم الفت ِ‬
‫اهلل؟! وكيف علم الشيخ سعد أن سيدنا يوسف عليه السالم ما كان يستغيث‬
‫باهلل تعالى ويدعوه لينجيه من المحن؟ وهل بين اختيار سبب مباح وبين‬
‫التوكل واإلنابة من تناقض؟ فكيف يفترى عليه أنه نسي َ‬
‫ذكر اهلل؟! وهل‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ذكر الظلم عند الملك من االستعانة بغير اهلل؟! َمن سماه االستعانة‬ ‫طلب ِ‬
‫بغير اهلل؟! إن استعان المظلوم بمن يقدر على دفع ظلمه‪ ،‬أفال يجوز فعله‬
‫هذا؟! أليس هذا مباح شرعا؟! ألم ي ِج ِز الشريعة استعمال األسباب المباحة‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪19‬‬


‫لألمر المباح؟! أليس ما فعله يوسف عليه السالم هو عين الشريعة؟! ألم‬
‫يبعث الرسل لتعليم الشريعة؟! فإن لم يعمل النبي بالشريعة‪ ،‬فهل نتعلم‬
‫الشريعة من غير النبي؟!‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫وإنما آفة الشيخ سعد أنه إذا تكلم في أهمية الدعوة غال فيها‪ ،‬ثم يفتش‬
‫لغلوه دليال ‪ -‬وأنى يوجد دليل صحيح على الغلو ‪ -‬فجعل يستدل‬
‫بالروايات المنكرة ويأخذ بشذوذ بعض العلماء أويستدل بما ال ينطبق‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫بدعواه أو يح ِّرف بعض وقائع األنبياء متذرعا برواية منقطعة منكرة‪ ،‬أو‬
‫بكالم خاطئ زل فيه بعض السابقين‪ ،‬ويجرح بذلك األنبياء عليهم السالم‬
‫َ‬
‫ليطبِّ َق وقائعهم على دعواه‪.‬‬
‫وال يبرر فعل الشيخ سعد هذا ما وقع في بعض كتب التفاسير من تسامح أو‬
‫من روايات منقطعة منكرة‪ ،‬كما هو ظاهر‪ ،‬وليراجع من شاء فهم الحقيقة‬
‫تفسير ابن كثير الدمشقي رحمه اهلل تعالى‪.‬‬
‫ً‬
‫ومما يذكر هنا أن الشيخ سعدا وإن أظهر رجوعه عن مقولته في نبي اهلل‬
‫موسى عليه السالم‪ ،‬ولكنه لم يرجع بعد ‪ -‬فيما نعلم ‪ -‬عما قال في سيدنا‬
‫يوسف عليه السالم‪.‬‬

‫كالمه في قصة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بطريقة منكرة‬
‫َْ ْ‬
‫كان الشيخ سعد يخطب في اجتماع أو َرنغ آباد بالهند‪ ،‬وكان يتكلم عن‬
‫اإلسراف في الوليمة‪ ،‬وهو موضوع صحيح واإلسراف ممنوع‪ ،‬ولكن‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسراف على مراتب‪ ،‬وليس كل ما ينفق في الوليمة إسرافا‪ ،‬وآفة الشيخ‬
‫َ‬
‫وليمة‬
‫ٍ‬ ‫سعد أنه إذا تكلم في أمر غال فيه‪ ،‬فحكى في أثناء خطبته قصة‬
‫لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وكان أسلوب حكايته لها منكرا‪ ،‬وأنقل‬
‫أوال كالم الشيخ سعد‪:‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪20‬‬


‫سادویں ںیم ارساف ےس وچب‪ ،‬انتج ارساف ڑناد وہتا اذا ادبت ڑناد وہح ۔ ا رڑ ارکم‬
‫ک‬
‫یلص اہلل ہیلع وملس ےن امتم سادویں ںیم ںیہک رینپ ھالنا‪ ،‬ںیہک وجھکڑںی میسقت‬
‫رکدںی‪،‬ںیہک وھچاڑے ریھکب د بئے۔ فرامنا اھک‪‎‬و اہمتڑی امں اک وہمیل ےہ۔ ا ج ارگ وکیئ‬
‫ک‬
‫وھچاڑے ھالدے وہمیل ںیم وتوکیئ وہمیل ہن امےنتا‪ ،‬وکیئ اس وک وہمیل ںيہن ام ےنتا‪،‬‬
‫احال ہکن ہی نیع سبت ےہ‪ ،‬ا ت یک انک سادی ںيہن ساڑی ساد ناں ایسی یہ وہیئ ںیہ‪،‬‬
‫وساےئ رضحت ڑبنی ڑض ےک ہک اس ںیم ا ت ےن وگست ڑویٹ اک ااظتنم ایک‪ ،‬رضحت‬
‫ڑبنی ڑض اس رپ رخف رک یت یھت ہک ریم ے اکنج ںیم وگست ڑویٹ اک ااظتنم وہاےہ‪ ،‬اہلل‬
‫یک ساں ہک ا تیک وجسادی ا ت ےک ومعملےس یٹہ ایس سادی ںیم ا ت وکا دبت وہیئ‪،‬‬
‫بیجع نات ےہ وج سادی ا ت یک ا ت ےک ومعمل ےس یٹہ ایس ںیم ا ت وکا دبت وہیئ‪،‬‬
‫وس ےنچیک نات ےہ مہ وغڑ رک ںی ہک ارگ دمحم یلص اہلل ہیلعوملس وک وگ ست ڑویٹ ےک ااظتنم‬
‫یک وہج ےس ا رک ےنھٹیب واولں ےک ااظتنڑ ےس ادبت وہیئ‪ ،‬اس ےس ادناڑ رکول ہک مہ ا ت‬
‫یک وگست ڑویٹ یک سبت ےس ےنتک ا ےگ بڑھ ےئگ ںیہ۔ ات ادوتیں یک قروضں یک‬
‫رپاشیوینں یک وسد یک اوڑ قروضں ںیم دت اجےن یک ینتک مسق یک ادںیتی ا ںیئگ ۔ ارگ دمحم‬
‫یلص اہلل ہیلع وملس وک وگست ڑویٹ یک وہج ےس ادبت وہ یتکس ےہ‪ ،‬وت مہ ا ت ےک اس‬
‫رطۂقی سبت ےس ےنتک دوڑ ےئگ؟!‬
‫َْ‬
‫فمه َما ازداد اإلسراف في النكاح‬ ‫الترجمة‪ :‬اجتنبوا اإلسراف في النكاح‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الناس في أنكحته كلها‬ ‫ازداد األذى‪ ،‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه يطعم‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫التمر ويقول‪ :‬هذه وليمة أمكم‪ ،‬وأما اليوم فإن نثر أحد التمر‬ ‫إما األقط أو‬
‫ٌ‬
‫في نكاحه‪ ،‬فهل يقبله أحد كوليمة؟! مع أنه عين السنة‪ ،‬وقد فعله رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم في سائر أنكحته سوى وليمة زينب رضي اهلل عنها‪،‬‬
‫فإنه أطعم فيها اللحم والخبز‪ ،‬وكانت زينب تفتخر بذلك‪ ،‬أن وليمتها كانت‬
‫ً‬
‫لحما وخبزا (انظروا إلى) شأن اهلل (وقدرته) أن زواجا انحرف عن معموله‬
‫(أي سنته التي كان يعمل بها باستمرار) صلى اهلل عليه وسلم أصابه فيه‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪21‬‬


‫(‪)1‬‬
‫من العجيب أن زواجه الذي كان منحرفا عن معموله هو الذي‬ ‫األذى!‬
‫أصابه فيه األذى‪.‬‬
‫ً‬
‫ولنتفكر أنه إن أصاب محمدا صلى اهلل عليه وسلم األذى من أجل إعداد‬
‫اللحم والخبز‪ ،‬بانتظار القاعدي ن (كذا قال‪ ،‬ولعله أراد أن يقول‪ :‬بإطالة‬
‫بعضهم الجلوس بعد الطعام)‪ ،‬فقيسوا بذلك أحوالنا‪ ،‬كم جاوزنا من سنة‬
‫اللحم والخبز‪ ،‬وكم أصابنا من األذى‪ ،‬من غموم الدين والربا‪ ،‬وغلبة‬
‫الدين‪ ،‬وأنواع من األذى‪ .‬إن كان محمد صلى اهلل عليه وسلم أصابه األذى‬
‫من أجل اللحم والخبز فنحن كم اعتدينا طريقة سنته‪ .‬انتهى كالم الشيخ سعد‪.‬‬

‫يقول الشيخ سعد في مقولته هذه‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خالف‬
‫َْ‬
‫معموله في نكاح زينب رضي اهلل عنها حيث أول َم فيه بالخبز واللحم‪.‬‬
‫ويقول‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قد أصابته األذى في هذه الوليمة‬
‫بسبب م خالفة معموله‪ .‬وفي هذا الكالم إيهام وإيماء إلى أنه ما كان ينبغي له‬
‫ً‬
‫صلى اهلل عليه وسلم أن يخالف معموله‪ ،‬فإن سعدا أردف ذلك قائال‪ :‬إنه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وقع في األذى من أجل مخالفة معموله‪ .‬فأسلوبه هذا‬
‫أسلوب يشبه أسلوب االستدراك‪ .‬والمؤمن يأخذ من السيرة النبوية األسوة‬
‫الحسنة مستفيدا من تعليم الفقهاء في السيرة‪ ،‬ال أنه ينظر فيها نظر الباحث‬
‫الفاحص لالستدراك‪.‬‬

‫والشيخ سعد يصرح بنفسه أن الخبز واللحم من السنة أيضا في الوليمة‪،‬‬


‫ومع ذلك نراه علل إصابة األذى بترك المعمول‪ ،‬فكيف يربط فرد من األمة‬
‫حادثة أذى لنبيها بعمل له‪ ،‬ب أسلوب يخيل أن األذى حصل من أجل انحرافه‬
‫عن المعمول الذي كان هو األولى؟!‬

‫‪1‬‬
‫( ) قارنوا ذلك بصدر كالم سعد‪ :‬فمهما ازداد اإلسراف في النكاح ازداد األذى‪.‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪22‬‬


‫األذى إنما يأتي من اهلل ويكون من وراءه أسباب يعلمها اهلل تعالى‪ ،‬وما كان‬
‫لسعد أن يتكلم هنا عن ظن‪ .‬وجدير بالذكر أن األذى الذي يشير إليه الشيخ‬
‫سعد هنا هو ما نزل عنده آية سورة األحزاب الثالثة والخمسين‪ ،‬وتشير تلك‬
‫اآلية أن األذى إنما حصل من أجل عدم توجه بعض المدعوين إلى أدب‬
‫من آداب الدعوة‪ ،‬وهو عدم االنتظار للطعام قبل أوانه وعدم الجلوس بعد‬
‫الفراغ من الطعام‪َ ،‬‬
‫فعلم اهلل تعالى األمة ذلك األدب في تلك اآلية الكريمة‪،‬‬
‫ولكن سعدا يعلل األذى بخروج النبي صلى اهلل عليه وسلم عن معموله‬
‫وسنته األصلية‪ ،‬عفا اهلل عنه وهداه إلى الحق‪.‬‬

‫وبالجملة فمن عادة الشيخ سعد الكالم على العلماء والصلحاء حتى‬
‫الصحابة واألنبياء‪ ،‬عليهم صلوات اهلل وسالمه‪ ،‬وفي نقل كالمه وجروحه‬
‫من غير ما تقدم طول ال يسعه الوقت اآلن‪.‬‬

‫من انحراف الشيخ سعد‬


‫القول بالغيب من غير دليل‬
‫وإن من عادة الشيخ سعد أنه ربما يتكلم بالغيب ويد ِعى المغيبات التى ال‬
‫سبيل إلى علمها إال الوحي‪ ،‬وفي ذلك من فتح الباب ألهل البدع واألهواء‬
‫ً‬
‫ما ال يخفى على أهل البصيرة‪ ،‬فقال مثال عن مسجد نظام الدين ما نصه‪:‬‬

‫ہی دو زیچںی اگل اگل ںیہن ںیہ‪ ،‬ہک اعیمل وشمرہ اگل ےہ اور رمکز اگل ےہ‪ ،‬ہی نکمم ںیہن‬
‫ت ت‬
‫ےہ‪ ،‬ہی نکمم ںیہن ‪ ،‬ایقم ی نکمم ںیہن ‪ ،‬ای اعیملوشمرہ وہ اور ای اعیمل رمکزوہ ہی‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ںیہنوہاگ‪،‬ویکہکن"ہیرمکزےہاورناایقمرمکزےہ"‬
‫َ‬
‫الترجمة‪ :‬ليسا مفترقان‪ ،‬الشورى العالمية والمركز العال ِمى‪ ،‬وال‬
‫يكمن أن يفارق أحدهما اآلخر‪ ،‬ال يمكن هذا‪ ،‬ال يمكن إلى‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪23‬‬


‫قيام الساعة أن تكون شورى عالمية‪ ،‬وأن يكون مركز عالمي‪،‬‬
‫(كال على حدته)‪ ،‬كال‪ ،‬ال يكون هذا‪ ،‬فإن هذا (يعني مركز نظام‬
‫الدين) هو المركز‪ ،‬وهو مركز إلى يوم القيامة‪ .‬انتهى كالمه‬
‫ُّ‬
‫وقال أيضا ما نصه‪:‬‬

‫اطیشنےنانولوگںوکبزیوکشکںیمڈاالوہاےہبزیوکشکںیمڈاالوہاےہ"اسرے‬
‫اعملاکہیرمکزےہاوراسرےاعملوکاہیںےسروجعرکناےہہیاہللیکرطفےس طتےدشہ‬
‫ناتےہ"‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫الناس في شك عظيم‪ ،‬في شك‬ ‫إن الشيطان قد أوقع أولئك‬
‫ٌ‬
‫عظيم‪ ،‬هذا ‪ -‬يعنى مسجد نظام الدين ‪ -‬مركز لسائر العالم‬
‫ومرج ٌع لجميع الناس‪ ،‬هذا أمر قد قضي به من عند اهلل تعالى‪.‬‬
‫ِ‬
‫انتهى كالمه‪.‬‬

‫فانظروا كيف يتألى على اهلل تعالى‪ ،‬وكيف ينسب إلى اهلل تعالى ما ال برهان‬
‫له به من اهلل تعالى‪ ،‬كيف علم بما سيحدث في المستقبل في هذا المسجد‬
‫وفي هذا الموضع وفي هذه ال منطقة؟! ومن أنبأ الشيخ سعد أنه ال يتسلط‬
‫ْ‬
‫على هذا المركز ِبد ِع ٌّي في مستقبل األيام وكيف علم أنه ال يزال مركزا‬
‫لهداية العالم إلى يوم القيامة؟! أليس قوله هذا من المغيبات التى ال سبيل‬
‫إلى علمها إال الوحى؟! وقوله هذا منقوض بالمشاهدة‪ ،‬فإنا نشاهد في هذه‬
‫األيام أ ن هذا المسجد يشاع من منبره ومحرابه كثير من البدع واألهواء‪،‬‬
‫فأين المركزية في الهداية؟! فهل يجوز ألحد أن يقول مثل هذه األقوال؟!‬
‫وبهذه العبارة‪ :‬إنه قضاء من اهلل!! فإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬

‫وقد ورد في الحديث الشريف أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فضل ثالثة‬
‫مساجد‪ ،‬المسجد الحرام ومسجد النبي صلى اهلل عليه وسلم والمسجد‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪24‬‬


‫األقصى‪ ،‬وجاء في حديث آخر فضل مسجد قباء‪ ،‬وأثبت رسول اهلل صلى اهلل‬
‫َ‬
‫عليه وسلم لهذه المساجد فضائل تختص بها‪ ،‬أما مسجد نظام الدين فلم ي ِثبت‬
‫له الشارع أي فضيلة مخصوصة‪ .‬ولكن الشيخ سعد يقول ما نصه‪:‬‬

‫اسری داین اک احل ي ےہ ہک ہکم دمہنی ےک دعب ارگ وکیئ ہگج اقب ارتحام اور اقب ادتقاء اور‬
‫ت‬
‫اقبااطع اور اقب تمظعںیہ وتوہ دجسماظنمادلنی ےہ اورہیآپ سرضحات ےک‬
‫ےئلےئنرپاےن‪،....،‬ہشیمہےکےئل‪،‬اسریداینےکےئل‪،‬اسرےاومراکرمعجاوراسرے‬
‫اومراکرمکزوہاظنمادلنیےہ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫موضع يحترم‬ ‫الترجمة‪ :‬إن كان في الدنيا بعد مكة والمدين ِة‬
‫وي َعظم‪ ،‬ويطاع ويقتدى به‪ ،‬فهو مسجد نظام الدين‪ ،‬وهذا‬
‫ِّ‬
‫وقديمكم‪ ،‬وللعالم كله ولألبد‪ ،‬فهو مركز‬ ‫ِ‬ ‫جديدكم‬
‫ِ‬ ‫للجميع‬
‫ومرجع في جميع األمور ولسائر العالم‪ .‬انتهى كالمه‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫فهذا كما ترى أنه أثبت لمسجد نظام الدين فضيلة تختص به وأعلن أن هذه‬
‫الفضيلة ال يفارقه أبدا‪ ،‬فقال‪ :‬إن مكانته بعد المسجد الحرام ومسجد النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم مباشرة‪ ،‬فكأنه فضله على المسجد األقصى أيضا ‪ -‬العياذ‬
‫باهلل منه – ثم جعل إطاعة هذا المسجد واالقتداء به لسائر الناس في جميع‬
‫أمورهم إلى األبد‪ .‬فإن كان األمر كما قال‪ ،‬يجب لجميع الناس إطاعة هذا‬
‫المسجد واالقتداء به وإن كان أصحابه – في يوم من األيام‪ -‬ي َح ِّرفون الشريعة‬
‫ْ‬
‫ويَدعون الناس إلى البدع والضاللة؟! فهل يجوز هذا شرعا؟!‬
‫ً‬
‫ولنصرة دين اهلل مدة من الزمن‪،‬‬
‫ال ننكر أن هذا المسجد كان مركزا للهداية ِ‬
‫وقد سجد في أرضه عباد اهلل الصالحون‪ ،‬وكلما ازداد عبادة اهلل ونصرة دين‬
‫اهلل في موضع‪ ،‬ازداد به نورا وبركة‪ .‬ولكن ال يلزم منه أن يكون ذلك‬
‫َ‬
‫المكان مقتدى لسائر الناس إلى األبد‪ .‬وهذا النوع من االختصاص والفضيلة‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪25‬‬


‫النب ُّى صلى اهلل عليه وسلم للحرمين أيضا ‪ -‬وقد اعترف الشيخ‬
‫ت ِ‬ ‫لم ي ِثب ِ‬
‫سعد بأفضليتهما على مسجد نظام الدين ‪ -‬بأن يطاع الحرمان الشريفان في‬
‫كل أمر إلى األبد‪ ،‬وإن تسلط على الحرمين أو أحدهما – والعياذ باهلل من‬
‫ذلك ‪ -‬من ال يرجو لكتاب اهلل وال لسنة رسوله وقارا‪ ،‬بل أمر النبى صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أمته بالتمسك بكتاب اهلل وسنة رسول اهلل‪ ،‬واتباع منهج‬
‫الخلفاء الراشدين والصحابة‪ ،‬متى كانوا وحيث كانوا‪ ،‬وهذه الطريقة التي‬
‫سلكها الشيخ سعد يستطيع أن يسلكها أي واحد من الدعاة المبتدعين‬
‫فيدعي لمركزه ما ادعاه هو لمركز نظام الدين‪ ،‬فإن األدعاء من غير حجة‬
‫أمر هين ال يحتاج له إال االدعاء‪.‬‬

‫اختراع البدع وإحداث المحدثات‬


‫َ‬
‫المحدثات في دين اهلل‬
‫ِ‬ ‫البدع ويحدث‬ ‫ومن آفة الشيخ سعد أنه يَخترع‬
‫تعالى‪ ،‬فيدخل في دين اهلل ما ليس منه‪ .‬فإذا تكلم تكلم في كثير من األحيان‬
‫من غير حجة وبرهان‪ ،‬ويدخل في الشرع ما ليس منه‪ ،‬ثم جعل يستدل‬
‫عليه باألحاديث المنكرة أوبشذوذ العلماء أو يفسر آية القرآن من ِقبَلِ نفسه‬
‫ْ َ‬
‫بما لم يفسر به َمن ق ْبله ويشرح الحديث بما ال يحتمل لفظه أو يستدل على‬
‫َ‬
‫كثيرة تتعلق بذلك الموضوع‪ ،‬فيطبِّق‬
‫ٍ‬ ‫أمنية له بحديث ويعرض عن أحاديث‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحديث الموافق على أمنيته وربما كان ذلك تطبيقا خاطئا‪ ،‬ثم يدعى أنه‬
‫يريد أن يجعل جهد الدعوة والتبليغ موافقا للسيرة‪ .‬فهو يخترع األصول المحدثة‬
‫معتمدا على مطالعته الناقصة وفهمه المختل واستنباطه الجرئ من األحاديث‬
‫والسيرة‪ ،‬ثم يدعى أنه يجعل جهد الدعوة موافقا للسيرة‪ .‬فهذه حقيقة دعواه‪.‬‬
‫ولهذا أمثلة كثيرة ‪ ،‬ولكن ال مجال لذكرها اآلن لضيق في الوقت‪.‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪26‬‬


‫آخر ما قال دار العلوم عن الشيخ سعد‬
‫آخر ما قال مشايخ جامعة دار العلوم عن الشيخ سعد بعنوان‬
‫وأختم قولى بذكر ِ‬
‫ِ‬
‫"ضرورى وضاحت"‪ ،‬حينما أعلن الشيخ سعد برجوعه عما قال في شأن موسى‬
‫عليه السالم‪ ،‬وكان إعالنه ذلك أوال بمركز نظام الدين في ‪ 2‬ديسمبر ‪2017‬م‪،‬‬
‫وثانيا بمركز ككرائل في شهر يناير ‪2018‬م‪ ،‬وكان الكالم المنكر في‬
‫االجتماعات أمام الماليين‪ ،‬واإلعالن بالرجوع في المسجد!! ثم كان هذا‬
‫الرجوع وذاك بلفظ فيه بعض اإلبهام‪ ،‬ولم يعترف فيه بالخطأ على نفسه‬
‫صراحة‪ ،‬ومع ذلك كان رجوعه هذا أولى من الرجوع الكتابي في الخلوة‪.‬‬
‫ولكن األمر الذي البد من االنتباه له أن خطأ الشيخ سعد لم ينحصر فيما‬
‫َ‬
‫قال عن نبي اهلل موسى عليه السالم‪ ،‬حتى يكتفى برجوعه عنه‪ .‬بل ألخطاءه‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫الفاحشة وتحاريفه الباطلة فهرست طويلة‪ ،‬ولم ي َ َزل يطول هذا الفهرست‬
‫بم ِّ‬
‫ضي األيام‪ ،‬ولم يرجع عن جميع أقاويله المنحرفة‪ ،‬مثال إنه لم يرجع ‪-‬‬
‫فيما نعلمه ‪ -‬عما قال في نبي اهلل يوسف عليه السالم‪ ،‬ال شفويا وال كتابيا‪.‬‬
‫بعض أقواله المنحرفة بعد رجوعه الخامسة والسادسة أيضا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وقد أعاد‬
‫وزاد أشياء أخرى منكرة‪ ،‬في خطباته الالحقة فمن أراد أن يَط ِلع عليه‪،‬‬
‫فليراجع رسالة الشيخ المفتى خضر محمود القاسمى "روجع ےک دعبومالنا دمحم دعس‬
‫ًّ‬
‫اصج ےک دنچ بانات اک یملع اجبزه"‪ ،‬وما أصدره وفاق علماء الهند حاليا بعنوان‬
‫ت‬
‫"ومالنا دمحم دعس اصج ےک ‪۲۰۱۸‬ء ےک دنچ بانات املعےئ رکام یک خذم م" ففي هاتين‬
‫الرس التين أمثلة عديدة ألقواله المنحرفة بعد الرجوع الخامس والسادس‪،‬‬
‫مع ذكر تاريخ البيان ومكانه‪.‬‬
‫ف على دار العلوم وأساتذتها‪،‬‬‫وما بينا من حال الشيخ سعد‪ ،‬لم ي َ ْخ َ‬
‫ْ‬
‫فأظهروا عن رأيهم األخير ‪ -‬الم َوقع بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪2018‬م ‪ -‬ونبهوا فيه‬
‫على أمر م ِه ٍّم‪ ،‬فقالوا ما نصه‪:‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪27‬‬


‫نبه مسؤولوا دار العلوم في هذه الكلمة على أمرين مهمين‪:‬‬
‫ً‬
‫األول‪ :‬أن الشيخ سعدا أصابه ما يسمى رکفی ےب راہ روی‪ ،‬يعني الضالل‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪28‬‬


‫َ‬ ‫ً‬
‫الفكري‪ .‬قالوا‪ :‬إنه بعد الرجوع مرارا توجد في خط ِبه أمور ثالثة بكل‬
‫وضوح‪:‬‬
‫أ‪ .‬أسلوب التدخل في االجتهاد (أي مع بعده عن أهلية االجتهاد‪ ،‬ولذلك‬
‫كان مبنى اجتهاداته على الظن والحسبان والتحريف في روايات‬
‫ً‬
‫الحديث والسيرة‪ ،‬شاعرا أو غير شاعر)‬
‫ب‪ .‬االستدالالت الخاطئة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ج‪ .‬تطبيق النصوص الشرعية تطبيقا خاطئا على فكرة دعوية له أوجدها‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬إن اجتهادات الشيخ سعد البعيدة (عن الحق والحقيقة والنافعية) تشير‬
‫خطير‪ ،‬وهو أن سعدا كأنه بصدد تشكيل جماعة جديدة يكون‬
‫ٍ‬ ‫إلى أمر‬
‫مسلكها مختلفا عن مسلك أهل السنة والجماعة عامة وعن مسلك‬
‫األكابر خاصة‪.‬‬
‫قال العبد الضعيف‪:‬‬
‫فنَص دار العلوم على وجود "الشذوذ الفكري"‪ ،‬في الشيخ سعد‪ ،‬ومعنى‬
‫ذلك أن خطأه لم ينحصر في أمر أو أمرين‪ ،‬أو كالم وكالمين‪ ،‬بحيث إذا‬
‫ٌ‬
‫وانحراف في ذوقه وأفكاره‪،‬‬ ‫رجع عن ذلك تَم األمر‪ ،‬ال بل حصل له ٌ‬
‫تغير‬
‫فال فائدة لرجوعه عن هذا وذاك‪ ،‬بل ال بد أن يصلح ذوقه وأفكاره ويجعل‬
‫ذلك موافقا لذوق السلف الصالحين وأفكارهم‪ .‬فإن فعل ذلك‪ ،‬كفى‬
‫برجوعه مرة‪ .‬وإن لم يفعل فال فائدة في الرجوع عن قولة منكرة ثم اإلتيان‬
‫بأنكر منها مرات وكرات‪ ،‬وال يخفى أنه إذا مست الحاجة إلى أن يرجع‬
‫واعتماد‪.‬‬ ‫ثقة‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬ ‫شخص عن أمر واحد مرارا‪ ،‬لم يبق لرجوعه أي ٍ‬
‫نسأل اهلل تبارك وتعالى أن يرزقه فكرا صائبا وذوقا معتدال‪ ،‬ويجعله متبعا‬
‫للسلف الصاحين ومقتفيا بآثارهم‪ ،‬وي ثبته على هديهم وسيرهم‪ .‬آمين‪.‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪29‬‬


‫سبحنك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬
‫قال العبد الضعيف محمد عبد المالك‪ :‬فرغت من النظر في هذا الكتيب‬
‫وتصحيحه للمرة الثانية في ‪1441/5/12‬هـ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪30‬‬


‫عناوين البحث‬

‫* مساعي العلماء في إصالح الشيخ سعد ‪4 ........................................‬‬


‫* من يتحمل المسؤولية الدينية؟ ‪4 ..................................................‬‬
‫* ماذا قصد العلماء بتنبيه الناس؟ ‪5 .................................................‬‬
‫* يلزم الرجل أن يخضع للحق ولو كان على نفسه ‪6 ............................‬‬
‫* ليس لكل خطأ حكم واحد ‪7 .....................................................‬‬
‫* ذكره غير واحد من األنبياء بما ال يليق بشأنهم‪،‬‬
‫صلوات اهلل وسالمه عليهم ‪8 ....................................................‬‬
‫‪9 ........................................‬‬ ‫كالمه في شأن موسى عليه السالم‬
‫ما هى حقيقة واقعة موسى عليه السالم؟ ‪10 ...................................‬‬
‫* رجوع الشيخ سعد ورسائله في ذلك إلى دار العلوم ديوبند‪،‬‬
‫وبيان حقيقة كل ذلك ‪13 .........................................................‬‬
‫كالمه في نبي اهلل يوسف عليه صلوات اهلل وسالمه ‪16 .......................‬‬
‫ما هي واقعة يوسف عليه السالم؟ ‪18 ..........................................‬‬
‫كالمه في قصة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بطريقة منكرة ‪20 ..........‬‬
‫* من انحراف الشيخ سعد القول بالغيب من غير دليل ‪23 .......................‬‬
‫* اختراع البدع وإحداث المحدثات ‪26 ............................................‬‬
‫* آخر ما قال دار العلوم عن الشيخ سعد ‪26 .....................................‬‬
‫* عناوين البحث ‪31 ..................................................................‬‬

‫من أخطاء الشيخ سعد ‖ ‪31‬‬

You might also like