You are on page 1of 58

‫مائة مسألة ومسألة‬

‫في الصيام وما يتعلق به‬


‫(على مذهب اإلمام الشافعي)‬

‫للشيخ الدكتور‪ /‬لبيب نجيب عبد الله‬

‫قام بإدخالها وترتيبها‪ /‬خالد هاني مرشد‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على سيد المرسلين‪ ،‬سيدنا محمد وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مسألة ومسألةٌ كنت نشرتُها على صفحة الفيسبوك في شعبان ‪0441‬هـ‪،‬‬ ‫فهذه مائةُ‬
‫رغب األخ الفاضل خالد هاني مرشد حفظه الله بجمعها ٍ‬
‫بملف ورفعها للنفع العام‪،‬‬
‫خلل فغض الرر‪،،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فأجبتُهُ لعلي أفوز وإياه بدعوة صالحة من محب‪ ،‬وإن ُوجد ٌ‬
‫جميعا‪ ،‬والله أعلم وصلى الله وسلم على‬
‫وتجاوز سائالا الله تعالى أن يتجاوز عنا ا‬
‫سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫لبيب نجيب عبد الله‬

‫[‪]2‬‬
‫يثبت رمضان إما‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫ٍ‬
‫بثبوت عام‪ ،‬وذلك في صورتين‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫روية ٍ‬
‫عدل الهالل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يوما‪.‬‬
‫إكمال عدة شعبان ثالثين ا‬ ‫‪‬‬
‫خاصا‪ ،‬ويكون بأمور منها‪:‬‬
‫ب‪ -‬أو ثبوتًا ً‬
‫‪ ‬رؤية الهالل في حق من رآه ٍ‬
‫كعبد أو امرأةٍ أو فاسق‪.‬‬
‫فاسق إن وقع في القلب صدقهم‪.‬‬ ‫‪ ‬إخبار نحو صبي أو امرأة أو ٍ‬
‫اية [وهو من اجتمعت فيه شروط الشهادة إال الحرية والذكورة]‬ ‫‪ ‬إخبار عدل رو ٍ‬
‫سواء وقع في القلب صدقه أم ال‪.‬‬

‫صبي أو امرأةٌ فهل يلزم على من صدقهم الصيام ؟‬


‫الهالل ٌّ‬
‫َ‬ ‫إذا رأى‬ ‫‪)2‬‬
‫ثالثة أحوال‪:‬‬
‫األول‪ :‬إن اعتقد صدقهم‪ ،‬وجب عليه الصوم‪ ،‬ووقع من رمضان إن تبين أنه منه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إن ظن صدقه‪ ،‬جاز له الصوم‪ ،‬ولم يجب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬من لم يظن صدقه يحرم عليه الصوم(‪.)0‬‬

‫أركان الصيام ثالثة‪:‬‬ ‫‪)3‬‬


‫النية‪[ ،‬سيأتي الحديث عنها]‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ترك المفررات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬الصائم‪ :‬وعد جماعةٌ من فقهاء الشافعية رحمهم الله تعالى الصائم ركناا‪ ،‬ولم‬
‫أمر عدمي ال وجود له في الخارج [أي‪:‬‬ ‫يعدوا المصلي ركناا في الصالة؛ ألن الصوم ٌ‬

‫‪ )0‬قوت الحبيب القريب (ص‪)081‬‬


‫[‪]3‬‬
‫ال صورة له في الخارج]‪.‬‬

‫‪ )4‬تبييت النية‪:‬‬
‫نية صوم الفرض يجب تبيتها في كل ٍ‬
‫ليلة‪ ،‬فال تصح من النهار‪ ،‬سواء كان صوم رمضان‬
‫أو نذر أو كفارة‪ ،‬ويجب تعيين المنوي من الفرض‪ ،‬لكن ال تجب نية الفرضية‪.‬‬
‫أما نية صوم النفل فتصح من النهار قبل الزوال‪ ،‬وال يجب فيها التعيين على المعتمد‪،‬‬
‫وال يشترط فيها قصد النفلية‪.‬‬

‫من مفسدات الصيام‪:‬‬ ‫‪)5‬‬


‫األكل والشرب‪ ،‬وعبر عن ذلك فقهاء الشافعية رحمهم الله تعالى بقولهم‪( :‬كل عين‬
‫وصلت إلى الجو‪ ،‬من ٍ‬
‫منفذ مفتوح تفسد الصيام)‪.‬‬
‫والعين‪ :‬تشمل ما يؤكل عاد اة وما ال يؤكل‪.‬‬
‫والجو‪ ،‬هو‪ :‬البرن والدماغ وباطن األذن والدبر والقبل‪ ،‬أي‪ :‬سواء كان فيه قوة إحالة‬
‫أم ال‪.‬‬
‫درك‪.‬‬
‫فتحا يُ َ‬
‫والمنفذ المفتوح‪ :‬أي عرفاا أو ا‬
‫وبناءا على هذا الضابط ينبني كالم فقهاء الشافعية وموقفهم المستجدات المتعلقة‬
‫[‪]4‬‬
‫باإلفرار‪ ،‬وسيأتي اإلشارة إليها في منشورات الحقة إن شاء الله‪.‬‬

‫‪ )6‬بخاخ الربو‪:‬‬
‫يفرر به الصائم‪ ،‬وقد أفتى بذلك الدكتور نوح القضاة مفتي األردن‪ ،‬وهو شافعي‬
‫المذهب‪ ،‬ونص فتواه‪( :‬أخذ البخاخ عن طريق األنف أو الفم مفرر؛ ألن الدواء في‬
‫هذه البخاخات ير ُاد له الوصول إلى الرئتين‪ ،‬وهما من الجو‪.)،‬‬

‫[‪]5‬‬
‫وفي مناهل العرفان من فتاوى وفوائد الشيخ فضل بن عبد الرحمن (ص‪( ،)083‬ت‪:‬‬
‫نهارا‪ ،‬هل يبرل‬
‫‪0420‬هـ)‪ ،‬ما نصه‪( :‬يسأل الناس عن استعمال البخاخة في رمضان ا‬
‫ذلك الصوم ؟ ونحن نجيبهم باإلبرال‪ ،‬ويجوز استعماله للضرورة مع القضاء؛ ألن‬
‫عين سائل تبخره اآللة عند االستعمال)اهـ‬
‫الدواء وسط البخاخة ٌ‬
‫عددا من األطباء عن مكونات هذه البخاخ‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه يتكون من ماء‪،‬‬
‫ـألت ا‬
‫وقد س ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫وأكس ـ ــجين مركز‪ ،‬ومواد دوائية تعمل على توس ـ ــيع الشـ ـ ـ َعب الهوائية‪ ،‬وهذا الدواء‬
‫يتنــاول عن طريق الفم‪ ،‬حيــث يض ـ ـ ـ ـ ــع المريض العبوة في فمــه ثم يض ـ ـ ـ ـ ــغط عليهــا‬
‫لتنرلق بخـةٌ إلى جوفــه‪ ،‬وهــذه البخـة تتوجـه النسـ ـ ـ ـ ـ ـبــة األكبر منهـا إلى رئتيــه وجزء‬
‫يس ـ ـ ــير إلى معدته؛ ولكونه يس ـ ـ ـ اـيرا قال بعض الفقهاء المعاصـ ـ ـ ـرين؛ يُعفى عنه وال‬
‫يفسد الصوم‪.‬‬
‫[‪]6‬‬
‫إال أن مــا ذكره فقهــاؤنــا من الفرر بــالبخــاخ هو الــذي يجري على تقريرات المــذهــب؛‬
‫ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنهم ذكروا أن البرن جو‪ - ،‬وهذا بال خال‪ ،‬في المذهب – سـواء وصـلت‬
‫العين إلى الجهاز التنفسـ ـ ـ ـ ــي أو الهضـ ـ ـ ـ ــمي فال فر ؛ لكونها عيناا وصـ ـ ـ ـ ــلت إلى‬
‫الجو‪ ،‬من منفذ مفتوح‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬وعلى التس ـ ــليم بأن الجزء الواص ـ ــل إلى الجهاز الهض ـ ــمي يس ـ ـ ٌـير ا‬
‫جدا‪ ،‬ف ننا ال‬
‫نس ــلم العفو عنه‪ ،‬وقد قال الفقهاء‪( :‬لو بل خيراا بر فيق فه فرده إلى فمه وعليه رطوبةٌ‬
‫فيفرر‪ ،‬بخال‪ ،‬ما لو لم يكن على الخيط ما ينفصـ ـ ــل لقلتف فه أو‬
‫تنفصـ ـ ــل وابتلعها ُ‬
‫لعصره أو لجفافه؛ ف نه ال يضر‪ ،‬كأثر ماء المضمضة)(‪)2‬اهـ‬
‫الدخان السيجارة و (المداعة) تفطر الصائم‪:‬‬ ‫‪)7‬‬
‫عين كرائحة التتن‪ ،‬يعني التنباك‪ ،‬لعن الله من‬
‫ففي بغية المسترشدين‪( :‬ما فيه ٌ‬ ‫‪‬‬
‫أحدثه؛ ألنه من البدع القبيحة‪ ،‬ف نه يفرر به)اهـ‪.‬‬
‫‪ ‬وفي رسالة وضوح البرالن بالحكم بعدم الفرر باإلبرة بالحقن في نهار رمضان‬
‫عين كرائحة التنباك فيفرر به؛ ألنه لكثافته تنفصل منه عين)‬
‫ما نصه‪( :‬بخال‪ ،‬ما فيه ٌ‬
‫اهـ‪.‬‬
‫‪ ‬وفي إفادة السادة العمد شرح نظم الزبد ما نصه‪( :‬الدخان الذي يُشرب في‬
‫جمع متأخرون‪ ،‬وليس ذلك كريح البخور‬
‫البوصة (المداعة)‪ ،‬ف نه مفرر كما أفاد ذلك ٌ‬
‫الصاعد من نحو المجمرة؛ ألنه لقلته ال يتولد منه عي ٌن‪ ،‬فلذا جزم الشيخ ابن حجر‬
‫بعدم الفرر به‪ ،‬بخال‪ ،‬الدخان الصاعد من البوصة المسماة بالمداعة‪ ،‬ف نه يتولد منه‬
‫اكم مشاه ٌد‪ ،‬فال يحل تناولها للصائم)اهـ‪ ،‬وانظر للفائدة عمدة‬
‫وسخ متر ٌ‬
‫عين‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫ٌ‬
‫المفتي والمستفتي‪ ،‬للعالمة محمد بن عبد الرحمن األهدل‪.‬‬

‫( ‪2‬فتح المعين (ص‪.)206‬‬


‫[‪]7‬‬
‫وفي الفتاوى للعالمة علي بن عمر باكثير‪( :‬التنباك الذي ييشربه من ال خال‬ ‫‪‬‬
‫له مفرر بال شك؛ ألنه كثير)اهـ‬
‫ومن خالل كالمهم يظهر الفر بين دخان البخور ودخان السيجارة‪.‬‬

‫ومنظار المعدة ويكون عبر الفم‪،‬‬


‫ُ‬ ‫‪ )8‬التحاميل وكل ما يدخل من ال ُقبل أو الدبر‪،‬‬
‫ومثله ما يدخل عبر األنف‪ ،‬ف نها تفسد الصوم؛ ألنهما أعيان واصلةٌ إلى الجو‪ ،،‬من‬
‫منافذ مفتوحة‪.‬‬

‫في الفقه المنهجي‪( :‬الحقنة الشرجية مفررة‪ ،‬ألن الشرج منفذ مفتوح)اهـ‪ ،‬وقد نص‬
‫أيضا‪.‬‬
‫على ذلك الفقهاء المتقدمون ا‬
‫وقال د‪ .‬محمد الزحيلي في المعتمد في الفقه الشافعي‪( :‬إذا قرر في اإلحليل أو في‬
‫قُبل المرأة ف نه يفرر)اهـ‪.‬‬
‫أيضا القسررة البولية تفسد الصوم‪.‬‬
‫و ا‬

‫[‪]8‬‬
‫‪ )9‬تذوق الطعام‪:‬‬
‫قال الخريب الشربيني رحمه الله تعالى في المغني‪( :‬ويستحب أن يتحرز عن ذو‬
‫الرعام‪ ،‬خوفاا من وصوله إلى جوفه‪ ،‬أو تعاطيه لغلبة شهوته)اهـ‪.‬‬
‫وفي بغية المسترشدين للعالمة عبد الرحمن المشهور رحمه الله تعالى‪( :‬ال يضر وصول‬
‫يح ف‬
‫بالشم‪ ،‬وكذا من الفم كرائحة البخور أو غيره إلى الجو‪ ،‬وإن تعمده؛ ألنه ليس‬ ‫رٍ‬
‫عيناا)اهـ‬

‫قال شيخنا علي اسماعيل القديمي الشافعي نفع الله به في منظومته في المفررات‬
‫المعاصرة‪ ،‬في ما ال يفرر مع الكراهة‪:‬‬
‫تفرر‪.‬‬ ‫ف‬
‫التعرر … مكروهةٌ وهي ال ُ‬
‫تذو ُ الرعام و ُ‬

‫‪ )11‬التبرع بالدم فال يفسد الصوم ا‬


‫قياسا على الحجامة‪ ،‬وهي ال تفسده في‬
‫المذهب‪ ،‬بل عند الجمهور خالفاا للحنابلة‪ ،‬وكذلك أخذ الدم للتحليل‪ ،‬واألفضل‬
‫خورجا من الخال‪ ،،‬قال الناظم حفظه الله تعالى‪:‬‬
‫تأخيره إلى بعد الغروب ا‬
‫يل‬
‫التحليل … وبالحجامة لها تمث ُ‬
‫ُ‬ ‫تبرعٌ بالدم و‬
‫خروج من خال‪،‬‬
‫مفررا ولكن ذو خال‪ … ،‬أولى فتركه ٌ‬ ‫ليس ا‬

‫‪ )11‬وضع المراهم والكريمات واللصقات الجلدية ومرطب الشفاة ونحوها ال‬


‫يفسد الصيام‪ ،‬وإن تشربها المسام‪.‬‬
‫قال اإلمام النووي في المنهاج‪( :‬فال يضر وصول الدهن بتشرب المسام)اهـ‪.‬‬

‫[‪]9‬‬
‫قال الخريب الشربيني في المغني‪( :‬فال يضر وصول الدهن) إلى الجو‪ ،‬بتشرب‬
‫المسام وهي ثقب البدن ‪..‬كما لو طلى رأسه أو برنه به‪ ،‬كما ال يضر اغتساله بالماء‬
‫أثرا بباطنه بجامع أن الواصل إليه ليس من منفذ)اهـ‪.‬‬
‫البارد وإن وجد له ا‬
‫دار اإلفتاء األردنية – وهي تلتزم المذهب الشافعي غالباا – بعدم ضرر‬
‫وأفتت ُ‬
‫مرطب الشفاه ال يفسد الصوم؛ لعدم وصوله إلى الجو‪.،‬‬
‫ُ‬ ‫اللصوقات الجلدية‪ ،‬وكذا‬

‫‪ )12‬ما يدخل إلى األذن‪:‬‬


‫المعتمد في المذهب أن ما يدخل عبر األذن يفسد الصوم‪.‬‬
‫‪ ‬في التعليقات على بغية المسترشدين ما نصه‪( :‬قال في القالئد‪( :‬وأفتى شيخنا‬
‫فيمن دخلت في أذنه ذرةٌ فآذته بجواز إدخال الماء عليها‪ ،‬وأنه يفرر وعليه القضاء)اهـ‪.‬‬
‫وفي مغني المحتاج للخريب‪( :‬والتقرير في باطن األذن وإن لم يصل إلى‬ ‫‪‬‬
‫الدماغ) اهـ‪ ،‬أي‪ :‬مما يفرر‪.‬‬
‫وفي الفقه المنهجي‪( :‬القررة في األذن مفررة‪ ،‬ألنها منفذ مفتوح)اهـ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وأفتى بعض الشافعية بعدم اإلفرار بما يدخل من اإلذن‪ ،‬وهو رأي اإلمام الغزالي (ت‪:‬‬
‫‪ 515‬هـ)‪ ،‬وقبله أبو علي السنجي والقاضي حسين والفوراني من الشافعية‪.‬‬
‫قال العالمة الشاطري االبن رحمه الله تعالى في شرح الياقوت النفيس ‪( :‬وأتذكر قوالا‬
‫في المذهب الشافعي مقابل األصح‪ :‬ال يبرل الصوم بوصول الماء إلى باطن األذن‪،‬‬
‫وهو قول قوي‪ ،‬قال السيد أحمد بك الحسيني في شرحه لكتاب األم‪( :‬سقرت على‬
‫النساخ في األم كلمة (ال) من عبارتها وهي‪( :‬ويفرر بوصول شيء إلى أذنه)‪ ،‬وأصل‬
‫العبارة‪( :‬وال يفرر بوصول شيء إلى أذنه) لكن هذا الشرح لم يُربع‪ ،‬وتحقق اآلن أن‬
‫األذن منف ٌذ غير مفتوح)اهـ‪.‬‬

‫[‪]01‬‬
‫‪ )13‬ما يدخل إلى العين‪:‬‬
‫مفتوحا إلى الجو‪ ،،‬وبالتالي ال يفرر‬
‫ا‬ ‫المعتمد في المذهب أن العين ليست منف اذا‬
‫الصائم بالقررة فيها‪ ،‬ولو وجد طعمها في حلقه‪.‬‬
‫واختار بعض الشافعية المعاصرين أن قررة العين تفرر الصائم‪ ،‬بناءا على اتفا أهل‬
‫مفتوحا‪ ،‬ففي الفقه المنهجي‪( :‬القررة في العين مفررة‪ ،‬ألنه‬
‫ا‬ ‫التشريح بأن لها منف اذا‬
‫منفذ غير مفتوح)اهـ‪.‬‬
‫لكن هذا المنفذ يشبه المسام‪ ،‬ولذا فال يؤثر ما دخل منه حتى ولو وصلت العين إلى‬
‫حلقه بأن وجد لون الكحل في نحو نخامته وطعمه بحلقه‪ ،‬قال السيد عمر البصري‬
‫جاب‪:‬‬
‫في حاشيته على التحفة‪( :‬أهل التشريح يثبتونه – أي‪ :‬منفذ العين ‪ ،-‬وقد يُ ُ‬
‫ملحق بالمسام)اهـ‪.‬‬
‫أنه لخفائه وصغره ٌ‬

‫‪ )14‬اإلبر‪:‬‬
‫حاصل األقوال في اإلفرار باإلبر [عند الشافعية المعاصرين] ثالثة‪:‬‬
‫كثير من فقهاء الشافعية في حضرموت‪،‬‬‫األول‪ :‬اإلفرار بها مرل اقا‪ ،‬وهو الذي أفتى به ٌ‬
‫سالم بن سعيد بكير رحمه الله تعالى رسالةا في الرد على‬
‫الد شيخي العالمةُ ُ‬ ‫وألف و ُ‬
‫من قال بعدم التفرير بها‪ ،‬سماها‪( :‬وضوح البرالن بالحكم بعدم الفرر باإلبرة بالحقن‬
‫في نهار رمضان)‪ُ ،‬وطبعت مذيل اة برسالة أخرى بعنوان‪( :‬حكم اإلبرة في نهار رمضان)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫نقوالت عن فقهاء المذاهب‪:‬‬ ‫للشيخ محمد عوض بن طاهر باوزير‪ ،‬جاء فيها بعد‬
‫(وبهذا يتضح‪ :‬أن الدواء المعرَى للصائم بواسرة اإلبرة مفس ٌد للصوم على المذاهب‬

‫[‪]00‬‬
‫األربعة سواء كان في العضالت أو الوريد أو تحت الجلد أو قناة النخاع‪ ،‬وسواء كان‬
‫للتغذية وللتقوية وإكثار الدم‪ ،‬أو لتخدير األعصاب أو لعالج مرض)اهـ‬

‫الثاني‪ :‬التفصيل‪ ،‬قال الشيخ حسن بن أحمد الكا‪( :،‬وقول فيه تفصيل – وهو‬
‫األصح – وهو‪:‬‬
‫إذا كانت مغذية فتبرل الصوم‪ ،‬وإذا كانت غير مغذية فننظر‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كانت في العرو المجوفة – وهي األوردة – فتُبرل‪.‬‬
‫ب‪ -‬وإذا كانت في العضل – وهي العرو غير المجوفة – فال تبرل) اهـ‬
‫الثالث‪ :‬عدم اإلفرار باإلبر مرل اقا‪ ،‬وممن قال بذلك د‪ .‬محمد حسن هيتو في فقه‬
‫الصيام‪ ،‬حيث قال‪( :‬الحقنة العضلية أو التي تكون في الوريد أو ما يسمى “باإلبرة”‬
‫ف نه يجوز التداوي بها في نهار رمضان للصائم‪ ،‬وبكل أنواع الدواء‪ ،‬وال تؤدي إلى‬
‫مفتوح‪ ،‬كما أن العضل أو الوريد ال يسمى‬
‫منفذ ٍ‬‫الفرر‪ ،‬وذلك ألن الدواء ال يدخل من ٍ‬
‫جوفاا‪ ،‬فمن أراد التداوي بها في نهار رمضان فال حرج عليه) اهـ‪.‬‬
‫ضـا عالمة مدينتي محمد بن سالم البيحاني رحمه الله تعالى‪،‬‬ ‫وممن قال بذلك أي ا‬
‫ونص كالمـه‪( :‬والحقنـة‪ :‬اإلبرة في العض ـ ـ ـ ـ ــد والفخـذ وفي كـل مك ٍ‬
‫ـان من الجس ـ ـ ـ ـ ــم ال‬
‫تفرر‪ ،‬وإن انتشر الدواء منها إلى الجسد ف‬
‫كله وإن َو َج َد طعمه في لسانه)(‪)3‬اهـ‪.‬‬
‫وهذا أقرب االقوال إلى الضابط المذهبي؛ ألن الفتحة التي تحدثها اإلبرة كفتحة‬
‫مفتوحا‪ ،‬ولذا قال العالمة ابن قاسم معل َقا على قول النووي‬ ‫ا‬ ‫المسام‪ ،‬فليست منف اذا‬
‫درك) اهـ‪.‬‬
‫فتحا يُ َ‬
‫رحمه الله تعالى‪(( :‬شرط الواصل كونه في منفذ مفتوح) أي‪ :‬عرفاا أو ا‬
‫ابع‪ ،‬وهو‪ :‬أن اإلبر في العض ـ ــل ال يبرل بها ص ـ ــوم الص ـ ــائم مرل اقا‪،‬‬
‫وهناك رأي ر ٌ‬
‫واإلبر في الوريــد إن لم تكن غــذائيــة فكــذلــك‪ ،‬وإال فــاألقرب‪ :‬أنهــا يبرــل بهــا ص ـ ـ ـ ـ ــوم‬

‫‪ (3‬فقه الصيام (ص‪.)87‬‬


‫[‪]02‬‬
‫الص ـ ـ ـ ــائم‪ ،‬وهذا رأي العالمة عبد الله بن عوض بكير‪ ،‬وله رس ـ ـ ـ ــالة في المس ـ ـ ـ ــألة(‪،)4‬‬
‫ويختلف هــذا الرأي عن س ـ ـ ـ ـ ــابقــه بــأنـه يرى التفرير بــاإلبر المغــذيــة في الوريــد‪ ،‬والرأي‬
‫الثالث‪ :‬يرى أنه إذا كانت في الوريد أفرر مرل اقا‪ ،‬ولو كانت غير مغذية‪.‬‬

‫‪ )15‬التخدير في أثناء الصوم هل يبطله ؟!‬


‫إذا كان التخدير بالحقن باإلبر‪ ،‬فيأتي فيه الخال‪ ،‬المتقدم‪ ،‬وعلى القول بعدم التفرير‪،‬‬
‫ننظر‪ – :‬ف ن كان موضعياا‪ ،‬فال يضر الصوم‪.‬‬
‫وإن كان كلياا واستغر جميع النهار برل الصوم‪ ،‬وإن أفا ولو لحظ اة فيصح صومه‪،‬‬
‫قياسا على اإلغماء‪ ،‬قال صاحب الزبد‪:‬‬
‫ا‬
‫وإن يفق مغمى عليه بعض يوم …‪ .‬ولو لحيظةا يصح منه صوم‪.‬‬

‫وأمــا إذا كــان التخــدير عن طريق األنف من خالل الغــازات (البخــاخــة)‪ ،‬نُظر فيهـا‬

‫‪ )4‬ولم أقف عليها‪ ،‬لكن ذكر خالصة رأيه ابنُه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بكير في تعليقه على شرح‬
‫والده على سفينة النجا الموسوم بـ(نسيم الحياة) (ص‪.)055‬‬
‫[‪]03‬‬
‫ف ن كانت مجرد أثر ال عين ف نها ال تؤثر وإال ف نها تُفس ـ ـ ــد الص ـ ـ ــوم إذا وص ـ ـ ــلت إلى‬
‫الجو‪ ،،‬والــذي يقولــه كثير من األطبــاء‪ :‬إنهــا – أي‪ :‬الغــازات – تص ـ ـ ـ ـ ــل إلى الــدمــاغ‬
‫والمعدة فتسبب الحالة التي تشبه اإلغماء‪ ،‬وعليه ف نها تفسد الصوم‪.‬‬
‫‪ )16‬العلك والحبة تحت اللسان‪:‬‬
‫العل ك يفسد الصوم إذا سرى إلى الحلق‪ ،‬قال د‪ .‬محمد حسن هيتو‪( :‬وأما العلك‬
‫معرو‪ ،‬في العلك‬
‫ٌ‬ ‫ف ن كان يتحلل منه شيء يختلط مع الريق‪ ،‬ويبتلعه الصائم‪ ،‬كما هو‬
‫الحالي المعاصر‪ ،‬فهذا حرام باإلجماع‪ ،‬ويفرر به الصائم‪ ،‬وأما إذا كان ال يتحلل منه‬
‫أبدا‪ ،‬كقرعة الرخو المراط مثالا‪ ،‬ف ن هذا يكره وال يحرم)اهـ‪.‬‬
‫شيء ا‬
‫وأما الحبة التي تُوض ع ع ععع تحت اللس ع ع ععان ويسـ ـ ـ ــتعملها مرضـ ـ ـ ــى القلب؛ ألنها تمنع‬
‫حـدو الـذبحـات الص ـ ـ ـ ـ ــدريـة – عـافـانـا الله وإياكم آمين – والتي يقول األطباء‪ :‬إنها‬
‫تُوض ـ ـ ــع تحت اللس ـ ـ ــان؛ ألن تلك المنرقة يُس ـ ـ ــرع من االمتص ـ ـ ــاص‪ ،‬فهي تدخل إلى‬
‫الجســم من مســامات في تلك المنرقة ال عن طريق الفم‪ ،‬لكن قد يتحلل منها ش ــيء‬
‫ويسري مع الريق إلى الجو‪ ،‬عبر البلعوم‪ ،‬وبناءا على كالمهم‪ ،‬أقول‪:‬‬

‫‪ -‬إن امتص ـ ـ ـ ــاص هذه الحبة من منرقة ما تحت اللس ـ ـ ـ ــان دون أن يسـ ـ ـ ـ ــري من‬
‫أجزائها شــيءٌ مع الريق إلى الجو‪ ،‬ال يفســد الصــوم؛ ألن الفم بالنســبة لدخول‬
‫غير الريق منه يعتبر من الظاهر ال من الباطن(‪ ،)5‬وامتص ـ ـ ـ ــاص األجزاء المتحللة‬
‫عبر المس ـ ـ ـ ــامات التي تحت اللس ـ ـ ـ ــان ال يؤثر على الص ـ ـ ـ ــوم؛ ألنه ليس منف اذا‬
‫مفتوحا‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ -‬أما لو تحللت أجزاء فدخلت مع الريق إلى الجو‪ ،‬ف نها تفس ـ ــد الص ـ ــوم؛ ألن‬
‫صـ ـا‪ ،‬فلو اختلط بما يغير لونَهُ أو طعمهُ‬
‫الريق ال يفرر الصـ ــائم بشـ ــرط كونه خال ا‬

‫‪ )5‬بشر الكريم (ص‪.)555‬‬


‫[‪]04‬‬
‫أيت قر اارا لمجمع الفقه اإلسـ ـ ـ ـ ــالمي يوافقه ما‬
‫أو ريحه ضـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬ثم ر ُ‬
‫ذكرت‪ ،‬فالحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ )17‬القات َّ‬
‫والشمة‪:‬‬
‫يفسدان الصوم إن سرى منهما شيء إلى الجو‪.،‬‬
‫قال العالمة محمد بن أحمد األهدل في إفادة السادة العمد‪( :‬ومنه اللبان الذي يُبل‬
‫قلت [أي‬
‫بالماء ويمضغ‪ ،‬ف ن ازدرد[ابتلع] الريق وهو متغيـٌر بلون ما يمضغه أفرر‪ُ ،‬‬
‫القات المعرو‪ ،‬باليمن‪ ،‬ف ن صار متفتتاا بحيث يصير‬
‫العالمة األهدل]‪ :‬ومن العلك ُ‬
‫إلى الحلق‪ ،‬ف نه يفرر به‪ ،‬كما يفرر بالنشو المسمى بالبردقان الذي يُوضع في الفم؛‬
‫ألن أجزاءه تسري في الريق حتى يصل إلى الحلق‪ ،‬ثم إلى الباطن‪ ،‬ومن زعم إلحاقه‬
‫بالعلك فقد وهم)اهـ‪.‬‬
‫البردقان ‪ :‬الشمة‪.‬‬

‫‪ )18‬السباحة‪ :‬قد تفسد الصوم‪ ،‬وذلك إذا وصل الماء إلى جوفه أو دماغه أو باطن‬
‫أذنه‪ ،‬حتى ولو دخل الماء سب اقا بال قصد‪.‬‬
‫قال الرملي‪( :‬لو عر‪ ،‬من عادته أنه يصل الماء منه إلى جوفه أو دماغه باالنغماس‬
‫قرعا)اهـ‬
‫ويفرر ا‬
‫وال يمكنه التحرز عنه أنه يحرم االنغماس ُ‬

‫‪ )19‬معجون األسنان‪:‬‬
‫ال يفرر به الصائم‪ ،‬إن لم يدخل شيءٌ منه‪ ،‬أو ابتلع الريق الذي اختلط به‪ ،‬قال السيد‬

‫[‪]05‬‬
‫عبد الله بن محفوظ الحداد‪ ،‬وقد ُسئل عنه‪( :‬ال يضر ذلك مع المحافظة أال يدخل‬
‫شيءٌ من نفس المعجون وال الريق المختلط به‪ ،‬وال يضر بقاء النكهة؛ ألنها أثر ال‬
‫عين)اهـ‬

‫وأما ما يتخلل بين األسنان من بقايا الرعام فيفرر به إذا ابتعله‪ ،‬قال د‪ .‬محمد حسن‬
‫هيتو‪( :‬ما يبقى في خلل األسنان من الرعام ف نه يجب عليه أن يتحراه ويخرجه‪ ،‬ف ن‬
‫عمدا أفرر عند الشافعية بال خال‪)،‬اهـ‪.‬‬
‫ابتلعه ا‬

‫‪ )21‬دواء منع الحمل‪:‬‬


‫استعمال المرأة الدواء لمنع الحيض؛ لتتمكن من الصيام مع الناس جائز‪ ،‬وفي فتاوى‬
‫القماط ما حاصله‪( :‬جواز استعمال الدواء لمنع الحيض)اهـ‪.‬‬
‫والعالمة القماط هو محمد بن حسن القماط الزبيدي (ت‪913 :‬هـ)‪ ،‬تولى قضاء‬
‫عدن‪ ،‬له ترجمة في النور السافر‪.‬‬

‫‪ )21‬سبق الماء إلى الجوف بغير اختيار‪:‬‬


‫على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫األول‪ :‬ما يفرر به مرل اقا سواء بالغ أم لم يبالغ‪ ،‬وهو إذا سبقه الماء في أمر غير مأمور‬
‫شرعا‪ ،‬كرابعة من مضمضة أو استنشا ‪ ،‬وكانغماس للصائم في الماء‪ ،‬وكغسل تبرد‬ ‫به ا‬
‫[‪]06‬‬
‫وتنظف‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كمضمضة أو استنشا مرلوبان في الوضوء أو‬ ‫الثاني‪ :‬ما يفرر به إذا بالغ فقط‪،‬‬
‫الغسل‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما ال يفرر به وإن بالغ‪ ،‬كمن بالغ إلزالة نجاسة من فمه‪.‬‬
‫من بغية المسترشدين (‪ )85/3‬نقالا عن العالمة الكردي رحمه الله تعالى‬

‫‪ )22‬تفصيل النخامة في المذهب الشافعي‪:‬‬


‫النخامة إذا لم تصل إلى حد الظاهر – وهو مخرج الحاء على المعتمد – ال‬ ‫أ‪-‬‬
‫تضر‪.‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وإذا وصلت إلى حد الظاهر ولم يقدر على قلعها ومجها ال تضــر ا‬ ‫ب‪-‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ال‬ ‫وإذا وصلت إلى حد الظاهر وقدر على قلعها ومجها وجب ذلك‬ ‫ت‪-‬‬
‫يفرر‪.‬‬
‫‪ -‬ف ن لم يقلعها ولم يمجها بل رجعت إلى حد الباطن أفرر على األصح‪ ،‬مقابله‬
‫ناسيا أنه في‬
‫جاهال أو ا‬
‫– وهو الصحيح – ‪ :‬ال يفرر ‪ ،‬وفي هذه الحالة إذا كان ا‬
‫أيضا‪.‬‬
‫صيام ال يفرر ا‬

‫‪ )23‬يوم الشك له صورتان‪:‬‬


‫األولى‪ :‬أنه يوم الثالثين من شعبان إذا لم يـَُر الهالل مع الصحو‪ ،‬وتحد الناس‬ ‫‪‬‬
‫عدل رآه‪.‬‬
‫برؤيته‪ ،‬ولم يُعلم ٌ‬
‫فلو لم يُر الهالل مع الغيم فليس يوم شك‪ ،‬بل هو من شعبان‪.‬‬
‫أيضا من شعبان‪.‬‬
‫وإذا لم يتحد الناس برؤيته فهو ا‬
‫وإذا ثبت أن عدالا رآه فهو من رمضان‪.‬‬

‫[‪]07‬‬
‫‪ ‬الثانية‪ :‬أن يشهد برؤيته من ال تقبل شهادته كامرأة ٍ‬
‫وعبد وصبي وفاسق‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كقضاء أو نذ ٍر‪ ،‬أو ورد‪.‬‬ ‫ويحرم صوم يوم الشك بال سبب يقتضي صومه‪،‬‬

‫شخص صوم يوم بعينه كاألحد مثال فصادف أنه يوم الشك فهل‬
‫ٌ‬ ‫‪ )24‬لو نذر‬
‫ينعقد نذره ويصح صومه ؟‬
‫قال الشبراملسي في حاشية النهاية‪( :‬تبين عدم انعقاد نذره فال يصح صومه)اهـ‬
‫وفي التحفة (‪ )407/3‬ما يخالفه‪ ،‬حيث قال مع المتن‪( ( :‬وله) من غير كراهة ‪..‬‬
‫والنذر كأن نذر صوم يوم كذا فوافق يوم الشك‪ ،‬أما نذر صوم يوم الشك فال ينعقد)اهـ‬
‫قال الشرواني‪( :‬وهذا – أي‪ :‬ما قاله الشبراملسي – مخالف لقول الشارح – أي‪ :‬ابن‬
‫مخلصا‪.‬‬
‫ا‬ ‫حجر – ولعله لم يرلع عليه فليراجع)اهـ‬
‫وانظر حاشية الجمل (‪)324/2‬‬

‫‪ )25‬الوطئ حال الصوم‪:‬‬


‫عامدا‪ ،‬وهو مكلف بالصوم‪،‬‬
‫إذا وطئ الصائم في الفرج في نهار رمضان حال كونه ا‬
‫ٍ‬
‫بقيود أخرى‪ ،‬ترتب على فعله ستة أمور‪:‬‬
‫اإلثم‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫فساد الصوم‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫وجوب اإلمساك بقية اليوم؛ لحرمة الشهر‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫فورا‪.‬‬
‫وجوب القضاء ا‬ ‫‪-‬‬
‫ج‪ -‬الكفارة المغلظة‪ ،‬وهي عتق رقبة‪ ،‬ف ن لم يجد صام شهرين متتابعين‪ ،‬ف ن لم‬
‫يسترع أطعم ستين مسكيناا‪ ،‬وتجب على الزوج دون الزوجة‪.‬‬

‫[‪]08‬‬
‫التعزير إن لم ف‬
‫يأت تائباا‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬

‫‪ )26‬االستمناء للصائم‪:‬‬
‫إنزال المني باالستمناء يفسد الصوم مرل اقا‪ ،‬سواء بحائل أو بغيره‪ ،‬بيده أو بيد حليلته‪.‬‬
‫بلمس أو ٍ‬
‫قبلة فأنزل ننظر‪:‬‬ ‫وإذا باشر زوجته ٍ‬
‫‪ ‬ف ن كان بمباشرة (أي‪ :‬من غير حائل) ف نه يفرر بذلك‪ ،‬وإن كان بغير مباشرٍة‬
‫فال يفرر‪.‬‬
‫وإذا نظر أو فكر فأنزل بمجرد ذلك‪ ،‬ننظر‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫جرت عادته باإلنزال من ذلك أفرر‪ ،‬على المعتمد عند الرملي خالفاا البن‬
‫فن ْ‬ ‫‪‬‬
‫حجر‪.‬‬
‫‪ ‬وإن لم تج فر عادته باإلنزال من ذلك لم يفرر‪.‬‬
‫‪ ‬ومع ذلك يحرم عليه تكرير النظر والفكر وإن لم ينزل كما اعتتمد الخريب‬
‫والرملي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫باحتالم فال يفرر به الصائم‪.‬‬ ‫‪ ‬أما خروج المني‬
‫وهذه المسألة فيها تشعب واختلفت فيها تقريرات العالمة ابن حجر في كتبه‪ ،‬وهذه‬
‫خالصتها‪.‬‬

‫‪ )27‬ابتالع الصائم للريق‪:‬‬


‫يفرر به الصائم في صور‪ ،‬وال يفرر به في صور‪:‬‬
‫ال يفرر الصائم ببلع ريقه ما دام في معدنه‪ ،‬حتى ولو جمعه فابتلعه لم يفرر‬ ‫‪‬‬

‫[‪]09‬‬
‫على األصح‪.‬‬
‫‪ ‬ولو أخرج لسانه وعليه الريق ثم رده وابتلع ما عليه ف نه ال يفرر ا‬
‫أيضا على‬
‫المعتمد‪.‬‬
‫نجسا‪.‬‬
‫طاهرا أو ا‬
‫ويفرر إذا ابتلع ريقه‪ ،‬وهو مختلط بغيره سواء كان ا‬ ‫‪‬‬
‫ويفرر إذا أخرج ريقه إلى ظاهر الشفة ثم رده وابتلعه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويفرر إذا بل خيراا بريقه ورده إلى فمه وعليه رطوبة تنفصل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ )28‬االستقاءة‪:‬‬
‫يفرر الصائم إذا تعمد إخراج القيء‪ ،‬حتى ولو تيقن أنه لم يرجع شيءٌ إلى جوفه‪ ،‬ألن‬
‫تعمد إخراجه مفرر بنفسه كاالستمناء‪ ،‬وأما من ذرعه القيء أي‪ :‬غلبه‪ ،‬بأن خرج بغير‬
‫اختياره‪ ،‬فال يفسد صومه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬من ذرعه القيء –غلبه–‬
‫ف‬
‫فليقض) أخرجه أبو داود‪ ،‬وقال النووي‪:‬‬ ‫وهو صائم‪ ،‬فليس عليه قضاء‪ ،‬ومن استقاء‬
‫(حسن بمجموع طرقه)‪.‬‬
‫قال الترمسي في حاشيته (‪( :)547/5‬لو احتاج المريض إلى التقيؤ ألجل التداوي‬
‫بقول طبيب أفرر) أي‪ :‬وعليه القضاء‪.‬‬

‫وحكم ال َقلَس حكم القيء‪ ،‬قال النووي‪( :‬هو بفتح القا‪ ،‬والالم وبالسين المهملة‪،‬‬
‫يقال‪ :‬قلس يقلس بكسر الالم‪ ،‬أي‪ :‬تقايا‪ ،‬والق ْلس باسكان الالم القئ‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ما‬
‫خرج من الجو‪ ،‬ولم يمأل الفم قاله الخليل بن أحمد)اهـ‪.‬‬

‫‪ )29‬الشك في غروب الشمس‪:‬‬


‫يحرم أكل الصائم آخر النهار إذا شك في غروب الشمس؛ ألن األصل بقاؤه‪ ،‬ف ذا‬

‫[‪]21‬‬
‫عدل بذلك جاز له أن يفرر‪ ،‬واألحوط أال يفرر‬
‫ظن انقضاء النهار باجتهاد أو أخبره ٌ‬
‫إال بعد اليقين‪.‬‬
‫وإذا أكل وتبين له بقاء النهار‪ ،‬فسد صومه ذلك اليوم‪ ،‬وعليه القضاء‪ ،‬لتحقق خال‪،‬‬
‫ما ظنه‪ ،‬وال عبرة بالظن إذا تبين خرؤه‪.‬‬

‫أما إذا لم يتبين له شيء أو بان له أن األمر كما ظنه من غروب الشمس فصومه‬
‫صحيح‪.‬‬
‫قال الشبراملسي‪ :‬واألقرب أنه ال يجب عليه السؤال عما يبين غلره أو عدمه‪.‬‬

‫‪ )31‬من يجب عليهم الصوم‪:‬‬


‫وشرعا‪.‬‬
‫حسا ا‬‫يجب الصوم على المسلم البالغ العاقل المقيم المريق للصوم ا‬
‫فال يجب ال أداءا وال قضاء على الكافر األصلي‪ ،‬أي‪ :‬وجوب مرالبة في الدنيا‪ ،‬وإن‬
‫كان يجب عليه وجوب ع ٍ‬
‫قوبة في اآلخرة‪.‬‬
‫وال يجب ال أداءا وال قضاءا على الصبي‪.‬‬
‫وال يجب ال أداء وال قضاءا على المجنون‪.‬‬
‫وال يجب الصوم على المسافر سفر قصر بشروط ستأتي وعليه القضاء‪.‬‬
‫وال يجب على غير المريق حسا لكب ٍر ٍ‬
‫وهرم‪ ،‬وعليه اإلطعام إن كان مرضه ال يُرجى‬ ‫ا‬
‫شرعا كالحائض والنفساء‪ ،‬وعليهما القضاء‪.‬‬
‫شفاؤه‪ ،‬وال على غير المريق ا‬

‫‪ )31‬أمر الصبي بالصوم‪:‬‬


‫يُؤمر الصبي والصبية وجوباا من قفبل وليه بالصيام عقب إتمام سبع سنين إن ميز‪ ،‬وإن‬
‫لم يميز فعند التمييز‪ ،‬فال يجب أمره إال بالتمييز بعد السبع‪ ،‬وإذا ميز قبل السبع قبل‬

‫[‪]20‬‬
‫السبع يؤمر ندباا‪ ،‬ويضرب على تركه بعد العشر السنين‪ ،‬خالفاا للرملي الذي اعتمد أنه‬
‫يضرب في أثناء العشر‪ ،‬ويكون أمره وضربه مقيدان ب طاقة الصوم‪ ،‬أما إذا لم يرق‬
‫الصوم ف نه ال يؤمر وال يضرب‪.‬‬
‫والتمييز‪ ،‬قيل‪ :‬أن يأكل وحده‪ ،‬ويلبس وحده‪ ،‬ويستنجي وحده‪ ،‬وأفضل منه‪ :‬أنه من‬
‫يفهم الخراب ويحسن الجواب‪.‬‬
‫قياسا على ما جاء في الصالة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫وما قرره الفقهاء هنا ا‬

‫‪ )32‬إفطار المريض‪:‬‬
‫يضا أو علىى‬
‫يجوز للمريض أن يفرر في رمضان؛ لقوله تعالى‪( :‬فمن كان منكم مر ا‬
‫سف ٍر) أي‪ :‬فأفرر (فعدة من أيام أخر)‪ ،‬تقدير اآلية‪ :‬فعليه صوم عدة أيام المرض‬
‫فحذ‪ ،‬المضا‪ ،‬والمضا‪ ،‬إليه‪ ،‬وإنما يجوز الفرر للمريض‬ ‫والسفر من أيام أُخر‪ُ ،‬‬
‫إذا كان الصوم يشق عليه مشقةا ظاهرةا‪ ،‬أي‪ :‬المشقة التي تبيح التيمم‪.‬‬
‫قال فقهاؤنا الشافعية رحمهم الله تعالى‪( :‬يجوز للمريض الفرر بالمرض المذكور حتى‬
‫قصدا‪ ،‬ومثله جواز القعود‬
‫نهارا ا‬
‫وإن تعدى بتسببه لنفسه‪ ،‬كأن تناول ليالا ما يمرضه ا‬
‫في صالة الفرض لمن تعدى بكسر رجله؛ النتهاء المعصية)اهـ بتصر‪ ،‬يسير من‬
‫حاشية الترمسي (‪.)613/5‬‬

‫‪ )33‬تبييت النية لمن استمر عليه المرض‪:‬‬


‫ونهارا‪ ،‬فال يجب عليه تبييت نية الصيام‪ ،‬لدوام‬
‫ليال ا‬‫مستمرا ا‬
‫ا‬ ‫المريض إذا كان مرضه‬
‫عذره‪ ،‬وإن كان مرضه متقرعا بأن كان يشتد وقتاا دون ٍ‬
‫وقت‪ ،‬ننظر‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬إن كان وقت الشروع في الصوم [قبل الفجر] مر ا‬
‫يضا جاز له ترك النية؛ لوجود‬
‫العذر عند الشروع في الصيام‪.‬‬

‫[‪]22‬‬
‫وإن كان وقت الشروع في الصوم [قبل الفجر] غير مريض فيجب عليه النية‬ ‫‪‬‬
‫نهارا بسبب اشتداد المرض فله الفرر‪.‬‬
‫والصوم‪ ،‬ف ن احتاج إلى الفرر ا‬
‫ولو أفرر المريض بسبب مرضه‪ ،‬ثم ُشفي في النهار‪ ،‬فال يجب عليه اإلمساك بقية‬
‫النهار‪ ،‬لكن يسن له ذلك‪.‬‬

‫‪ )34‬تقدم في المنشور (‪ )33/011‬أن المريض إذا اشتد عليه المرض ا‬


‫نهارا – بأن‬
‫ضررا يبيح التيمم – جاز له الفرر على ما اعتمده شيخ اإلسالم والخريب‬
‫تضرر به ا‬
‫والرملي‪ ،‬وقال ابن حجر وتبعه الزيادي‪ :‬يجب عليه الفرر‪ ،‬واتفقوا على أنه إذا خا‪،‬‬
‫الهالك أو فوات منفقة عضو وجب الفرر‪.‬‬
‫ويشترط لجواز فرره نية الترخص‪ ،‬بأن يعتقد أن اإلفرار جائز له ٍ‬
‫حينئذ‪ ،‬وأن الشرع‬ ‫ٌ‬
‫يسهل له هذا األمر بتجويزه له‪ ،‬ف ن أفرر دون هذه النية أثم‪ ،‬وإنما تجب نية الترخص‬
‫إذا شرع في الصوم ثم أفرر للمرض‪ ،‬دون من لم يصم إلطبا مرضه كما تقدم‪ ،‬حاشية‬
‫الجمل ‪332/2‬‬
‫قال في نهاية الزين‪( :‬ويلزم كل مترخص بالفرر نية الترخص ليتميز الفرر المباح عن‬
‫غيره)اهـ‬

‫‪ )35‬النوم والجنون واإلغماء للصائم‪:‬‬


‫الصوم ولو عم جميع النهار‪ ،‬ويحصل ثواب الصوم بذلك‪ ،‬وإن كان النائم‬
‫النوم َ‬
‫ال يضر ُ‬
‫قد فاته خير كثير‪.‬‬
‫الصوم بالجنون‪ ،‬ولو طرأ لحظةا ما في النهار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ويبرل‬
‫أما اإلغماء فال يبرل الصوم إال إذا استغر جميع النهار‪.‬‬
‫قال الرملي في النهاية‪( :‬فلو قلنا إن المستغر منه ال يضر كالنوم أللحقنا األقوى‪،‬‬

‫[‪]23‬‬
‫باألضعف‪ ،‬ولو قلنا إن اللحظة منه تضر كالجنون أللحقنا األضعف باألقوى‪ ،‬فتوسرنا‬
‫وقلنا إن اإلفاقة في لحظة كافية‪ ،‬والثاني يضر مرلقا‪ ،‬والثالث ال يضر إذا أفا أول‬
‫مثاال لقياس الشبه الذي هو تردد فرٍع بين أصلين‪.‬‬
‫النهار)اهـ‪ ،‬وهذا يصلح ا‬

‫‪ )36‬رخصة السفر في رمضان‪:‬‬


‫احا‪،‬‬
‫طويال أن يترخص باإلفرار في رمضان‪ ،‬بشرط كون سفره مب ا‬
‫سفرا ا‬
‫يجوز للمسافر ا‬
‫أما إذا كان سفره معصية فال يجوز له الترخص بذلك‪ ،‬والسفر الرويل هو مسيرة يومين‪،‬‬
‫وتقديره عند بعض المعاصرين (‪ 83‬كم)‪ ،‬فلو كان المكان الذي يقصده بسفره يبتعد‬
‫هذه المسافة فأكثر فله الترخص باإلفرار‪ ،‬وإن كانت المسافة إليه أقل من ذلك [أي‪:‬‬
‫نحو ‪ 71‬كم مثال]‪ ،‬فليس له الترخص بالفرر؛ ألن اإلفرار في رمضان خاص بالسفر‬
‫الرويل‪.‬‬

‫‪ )37‬سفر المقيم‪:‬‬
‫قول عامة أهل العلم أن من كان مقيما في أول الشهر ثم سافر في أثنائه ف ن له اإلفرار‬
‫بعذر السفر؛ لما ثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج في شهر‬
‫رمضان لغزوة الفتح‪ ،‬فسار حتى بلغ الكديد‪ ،‬ثم أفرر‪ ،‬وأمر الناس بالفرر‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫من طلع عليه الفجر وهو صائم ثم سافر فال يجوز له اإلفرار في ذلك اليوم؛ ألن‬
‫العبادة إذا ابتُدت في الحضر استصحب لها حكم الحضر‪.‬‬
‫صباحا‪ ،‬حيث يصبح بعضهم‬
‫ومن هنا يتبين خرأ كثير من الناس الذين ممن سيسافر ا‬
‫صائما‪ ،‬وكل ذلك‬
‫مفررا مع أن سفره في أثناء النهار‪ ،‬وبعضهم يفرر بعدما أصبح ا‬
‫ا‬
‫خرأ‪.‬‬

‫[‪]24‬‬
‫‪ )38‬الشخص إذا نوى اإلقامة‪ :‬فله حالتان‪:‬‬
‫أن تكون أقل من أربعة أيام عدا يومي الدخول والخروج ف نه ٍ‬
‫حينئذ يعتبر مسافرا‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫وله أن يترخص باإلفرار وغيره من رخص السفر‪.‬‬
‫فصاعدا‪ ،‬فليس له الترخص باإلفرار‪.‬‬
‫ا‬ ‫ب‪ -‬أما إذا نوى اإلقامة أربعة ٍ‬
‫أيام‬
‫وإذا لم ينو اإلقامة بل أقام في بلد النتظار حاجة يتوقعها فاألصح عند الشافعية‪ :‬أنه‬
‫يوما فقط‪.‬‬
‫يترخص إلى ثمانية عشر ا‬

‫‪ )39‬علة اإلفطار للمسافر‪:‬‬


‫العلة في جواز اإلفرار في رمضان هي السفر ال المشقة؛ ألنها تختلف اختال‪ ،‬الناس‬
‫وال تنضبط‪ ،‬فنصب الشارع المظنة في موضع الحكمة؛ ضبرا للقوانين الشرعية‪ ،‬كما‬
‫يقول الشاطبي رحمه الله في الموافقات (‪ ،)396/0‬وبناءا عليه المسافر بالوسائل‬
‫الموصالت المريحة يجوز له الترخص بالفرر وغيره من رخص السفر‪.‬‬

‫‪ )41‬صوم المجنون والمغمى عليه‪:‬‬


‫تقدم أن المجنون ال يجب الصوم عليه وال يصح منه‪ ،‬ولو طرأ عليه أثناء النهار ولو‬
‫لحظةا برل صومه‪ ،‬وأن المغمى عليه ال يصح صومه إن استغر النهار سائر اليوم‪،‬‬
‫ف ن أفا ولو لحظةا صح صومه‪.‬‬
‫وهل يجب عليهما القضاء‪:‬‬
‫المذهب‪ :‬أنه ال يجب القضاء على المجنون‪ ،‬سواء قل جنونه أو كثر ‪ ،‬وسواء أفا‬
‫بعد رمضان أو في أثنائه‪ ،‬قاله النووي في المجموع‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬أنه يجب القضاء على المغمى عليه سواء استغر جميع رمضان أو‬
‫والمذهب ا‬

‫[‪]25‬‬
‫بعضه‪.‬‬
‫والفر بينهما‪ :‬أن اإلغماء مرض ويخالف الجنون ف نه نقص‪ ،‬ولهذا ال يجوز الجنون‬
‫على األنبياء صلوات الله وسالمه عليهم ويجوز عليهم اإلغماء‪ ،‬قاله الشيخ أبو إسحا‬
‫الشيرازي في المهذب‪.‬‬
‫ف ن قيل‪ :‬أليس المذهب عدم وجوب قضاء الصالة على المغمى عليه‪ ،‬فلماذا يجب‬
‫قضاء الصوم عليه؟‬
‫فالجواب‪ :‬أن الفر بين الصوم والصالة أن الصالة تتكرر فيشق قضاؤها بخال‪،‬‬
‫الصوم‪ ،‬وهذا هو الفر بين قضاء الحائض الصوم دون الصالة‪.‬‬

‫‪ )41‬أفطر حين الغروب ثم رأى الشمس وهو في الطائرة‪:‬‬


‫أفرر شخص حين غربت الشمس قبل صعوده الرائرة‪ ،‬فلما طارت رأى الشمس‪ ،‬صح‬
‫صومه؛ لوقوع اإلفرار في محله‪ ،‬وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬إذا أقبل الليل‬
‫وأدبر النهار‪ ،‬وغابت الشمس فقد أفرر الصائم) أخرجه مسلم‪.‬‬

‫واألصل أن كل إنسان متعبد بما يراه‪ ،‬فالذي يسكن في أرض منخفضة – كأهل‬
‫السواحل – يرى غروب الشمس قبل أن يراها من يسكن الجبال‪ ،‬وإن تقاربت المسافة‬
‫بينهم‪ ،‬فال يجوز ألهل الجبال الفرر مع من يرون غروب الشمس أوال من أهل‬
‫الساحل‪ ،‬وإن كانوا في نفس البلدة‪.‬‬
‫وبناءا عليه‪ :‬فالذين يسكنون األبراج العالية سيتأخر إفرارهم عمن يسكن في ذات‬
‫األبراج لكن في الروابق السفلية‪.‬‬
‫وقد ُحكى عن ابن أبي موسى الضرير من فقهاء الحنفية (ت‪334:‬هـ) أنه ُسئل عن‬
‫صعد منارة اإلسكندرية‪ ،‬فيرى الشمس بزمن طويل بعدما غربت عندهم في البلد‪،‬‬

‫[‪]26‬‬
‫أيحل له أن يفرر ؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬ويحل ألهل البلد‪ ،‬ألن كالا مخاطب بما عنده‪.‬‬

‫‪ )42‬سافر في طائرة قبل الغروب إلى بلد يتبقى للغروب ساعات‪:‬‬


‫مثال جاكرتا إلى عدن‬
‫مسافرا في الرائرة‪ ،‬فأقلعت قبل الغروب واتجهت غرباا‪ ،‬ا‬
‫من كان ا‬
‫ناظرا الشمس لساعات‪ ،‬فمتى يفرر‪ ،‬للمعاصرين ثالثة آراء‪:‬‬
‫[آمين]‪ ،‬ف نه يبقى ا‬
‫األول‪ :‬يفرر بتوقيت البلد الذي أقلعت منه الرائرة؛ استصحاباا لحكمه‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬يفرر إذا حان الغروب في البلد الذي فوقه الرائرة‪ ،‬وإن كان يرى الشمس –‬
‫وذلك بأن يخبر قائد الرائرة بأن الشمس غربت في المدينة التي نرير فوقها – ألن‬
‫للهواء حكم القرار‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬ال يفرر حتى تغرب الشمس‪ ،‬وإن طال الوقت لساعات‪.‬‬
‫وهذا هو األقوى – في ظني – وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬إذا أقبل‬
‫الليل وأدبر النهار‪ ،‬وغابت الشمس فقد أفرر الصائم) أخرجه مسلم‪ ،‬وهذا ال يزال يرى‬
‫الشمس‪ ،‬فلم يدخل وقت اإلفرار في حقه‪ ،‬ويضعف الرأي الثاني‪ ،‬ما تقدم في‬
‫المنشور السابق(‪.)40/011‬‬

‫‪ )43‬سفر المريض قبل الفجر‪:‬‬


‫إذا سافر المريض قبل الفجر‪ ،‬وكان قد نوى الصيام‪ ،‬ثم بدا له أن يفرر فله ذلك بال‬
‫اهة؛ لوجود سبب الترخص وهو السفر‪ ،‬ف ن قيل‪ :‬أليس إذا نوى إتمام الصالة ثم‬ ‫كر ٍ‬
‫أراد القصر ال يجوز له‪ ،‬فلماذا جاز هنا اإلفرار وقد نوى الصوم ؟!‬
‫فالجواب من وجهين‪:‬‬
‫ثبوت النص بذلك‪ ،‬فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج‬
‫عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم‪ ،‬فصام الناس‪ ،‬ثم دعا‬

‫[‪]27‬‬
‫بقدح من ماء فرفعه‪ ،‬حتى نظر الناس إليه‪ ،‬ثم شرب‪ ،‬فقيل له بعد ذلك‪ :‬إن بعض‬
‫الناس قد صام‪ ،‬فقال‪( :‬أولئك العصاة‪ ،‬أولئك العصاة) أخرجه مسلم‪.‬‬
‫أنه إذا ترك اإلتمام إلى القصر فقد تركه إلى غير بدل‪ ،‬وهنا يترك الصوم إلى بدل وهو‬
‫القضاء‪.‬‬

‫‪ )44‬أيهما أفضل الصوم أم الفطر في السفر؟‬


‫المذهب‪ :‬أن الصوم أفضل لمن ال يتضرر به‪ ،‬واستظهر بعض الشافعية أن المراد‬
‫بالضرر هنا‪ :‬ما يصعب معه تعاطي الصوم صعوبةا ال تحتمل غالباا‪ ،‬وإنما كان الصوم‬
‫أفضل ألمور‪:‬‬
‫أنه األغلب من أحوال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫أن األصل أفضل من الرخصة‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫أنه يحوز فضيلة الوقت‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫‪ -‬أنه فيه مسارعة لبراءة الذمة‪.‬‬
‫أما إذا خشي ضررا بالصوم في الحال أو االستقبال بأن يضعفه عن أعمال الراعات‬
‫والبر فالفرر أفضل‪ .‬بل قد يجب الفرر إن تضرر بالصوم ضررا يبيح التيمم‪ ،‬كتلف‬
‫نفس أو عضو أو منفعته ‪ ..‬إلخ‪ ،‬وعليه يحمل حديث‪( :‬أولئك العصاة‪ ،‬أولئك‬
‫العصاة)‪.‬‬

‫‪ )45‬القصر واالتمام في السفر‪:‬‬


‫األصح عند الشافعية أن ال قصر أفضل من اإلتمام لمن كان سفره ثالثة مراحل‪ ،‬ولم‬
‫يكن يديم السفر‪ ،‬بينما نصوا على أن األفضل للمسافر الصوم ال اإلفرار‪ ،‬فما الفر ؟‬

‫[‪]28‬‬
‫الفر أنه في الصوم ال يوجد خال‪ ،‬يعتد به في إيجاب الفرر‪ ،‬فكان أفضل‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بينما هناك من قال بوجوب القصر كاإلمام أبي حنفية رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫والفر الثاني‪ :‬بأن في القصر فيه إبراء للذمة‪ ،‬أما الفرر ففيه إشغال الذمة‬ ‫‪‬‬
‫القضاء‪.‬‬
‫والفر الثالث‪ :‬أن الغالب في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الصوم في‬ ‫‪‬‬
‫السفر‪ ،‬بينما ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم الصالة في السفر‪.‬‬

‫‪ )46‬زوال العذر المبيح ِ‬


‫للفطر‪:‬‬
‫إذا زال العذر المبيح للفرر بأن بلغ الصبي أو أقام المسافر أو شفي المريض فلهم‬
‫حالتان‪:‬‬
‫صياما‪ ،‬فيحرم عليهم الفرر؛ ألن ما جاز لعذ ٍر برل بزواله‪ ،‬وعليه‬
‫األولى‪ :‬أن يكونوا ا‬
‫لو حصل من أحدهم جماعٌ مثالا لزمته الكفارة المغلظة‪.‬‬
‫صياما‪ ،‬فيستحب لهم اإلمساك لحرمة الشهر‪ ،‬وال يجب عليهم؛‬ ‫الثانية‪ :‬أال يكونوا ا‬
‫لكونهم معذورين بالفرر‪ ،‬وإن أكلوا فليتخفوا؛ لئال يتعرضوا للتهمة ويوقعوا غيرهم بسوء‬
‫الظن‪.‬‬

‫‪ )47‬صوم المسافر والمريض غير رمضان‪:‬‬


‫قال اإلمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع شرح المهذب‪:‬‬
‫(فرع‪ :‬ال يجوز للمسافر وال للمريض أن يصوما في رمضان غيره من قضاء أو نذر أو‬
‫كفارة أو تروع ف ن صام شيئا من ذلك لم يصح صومه ال عن رمضان وال عما نوى‬
‫وال غيره‪ ،‬هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء‪.‬‬

‫[‪]29‬‬
‫وقال أبو حنيفة في المريض كقولنا وقال في المسافر يصح ما نوى‪ ،‬دليلنا القياس على‬
‫المريض) اهـ‪.‬‬

‫‪ )48‬التتابع في القضاء‪:‬‬
‫ال يجب التتابع على من عليه قضاء من رمضان‪ ،‬لكنه يستحب تعجيالا لبراءة الذمة‪،‬‬
‫وقد يجب التتابع في حالتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إذا تضيق عليه وقت القضاء‪ ،‬بأن كان عليه خمس أيام ولم َ‬
‫يبق من رمضان‬
‫إال خمسة أيام‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إذا تعمد الترك للصيام‪ ،‬بأن أفرر بغير عذر؛ ألنه ٍ‬
‫حينئذ يجب عليه القضاء‬
‫فورا‪.‬‬
‫ا‬

‫‪ )49‬مات وعليه صيام‪:‬‬


‫ٍ‬
‫كمرض يُرجى برؤه واستمر معه العذر حتى مات فال فدية‬ ‫من أفرر في رمضان بعذر‬
‫عليه وال صيام؛ لعدم التمكن من القضاء‪ ،‬وال إثم عليه لعدم تقصيره‪ ،‬ومثل صوم‬
‫رمضان في هذا صوم النذر والكفارة‪ ،‬كما في فتح الوهاب لشيخ اإلسالم‪ ،‬والمراد‬
‫بالتمكن أن يدرك زمنا قابال للصوم قبل موته بقدر ما عليه وليس به نحو مرض‪ ،‬أو‬
‫سفر‪.‬‬
‫ومن أفرر في رمضان بعذر وتمكن من قضاء فلم ف‬
‫يقض فمات لزمته عنه الفدية‪ ،‬ولوليه‬
‫أن يصوم عنه على القديم المعتمد‪.‬‬
‫فورا‪ ،‬وسيأتي ما يتعلق بذلك إن شاء الله‬
‫أما من أفرر في رمضان تعدياا لزمه القضاء ا‬
‫تعالى‪.‬‬

‫[‪]31‬‬
‫‪ )51‬الفدية في قضاء رمضان‪:‬‬
‫بدال عن الصوم غالباا‪ ،‬وتسمى ” الكفارة الصغرى” و “الكفارة‬ ‫تجب الفدية ا‬
‫ٍ‬
‫بشروط‪ ،‬والتي‬ ‫المخففة” لمقابلتها “الكفارة المغلظة” الواجبة بالجماع أثناء الصوم‬
‫تفصيال إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ا‬ ‫سيأتي الكالم عليها في منشورات الحقة‬
‫موجبات الفدية‪:‬‬
‫تجب الفدية بأحد ثالثة أسباب‪ ،‬هي‪:‬‬
‫كونها بدالا عن نفس الصوم‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫كونها لفوات فضيلة الوقت‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫كونها لتأخير القضاء عن وقته‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫دائما” ألن فدية الهرم ومن ال يُرجى‬
‫وإنما كانت الفدية بدال عن الصوم “غالباا” ال “ ا‬
‫بدال عن الصوم على األصح‪ ،‬ومقابله (الصحيح)‪ :‬أنها بدل عن‬‫برؤه تجب ابتداءا ال ا‬
‫الصوم‪ ،‬ويترتب على هذا الخال‪ ،‬مسائل سأشير إليها في المنشور القادم إن شاء الله‬
‫تعالى‪.‬‬

‫‪ )51‬مسائل تترتب على وجوب الفدية‪:‬‬


‫بدال‬
‫تقدم في المنشور (‪ )011/51‬أن فدية الهرم ومن ال يُرجى برؤه تجب ابتداءا ال ا‬
‫عن الصوم على األصح‪ ،‬ومقابله (الصحيح)‪ :‬أنها بدل عن الصوم‪ ،‬ويترتب على األصح‬
‫مسائل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ ‬أنه إذا قدر على الصوم – ولو قبل إخراج الفدية – ف نه ال يلزمه القضاء بناءا‬
‫على األصح من أن الفدية وجبت ابتداءا‪.‬‬
‫الصوم ‪ ..‬لم يصح نذره؛ ألنه‬
‫َ‬ ‫العاجز لهرم أو ٍ‬
‫مرض ال يُرجى برؤه‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬أنه لو نذر‬
‫مخاطب بالفدية‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ليس مخاطباا بالصوم ابتداءا بل‬

‫[‪]30‬‬
‫وإذا تكلف الصوم فال فدية عليه؛ ألن محل مخاطبته بالمد ابتداءا إن لم يرد‬ ‫‪‬‬
‫الصوم‪ ،‬وإال خوطب به‪.‬‬

‫‪ )52‬مقدار الفدية‪:‬‬
‫مقدار الفدية عمن عجز عن الصوم مد عند الشافعية والمالكية وهو تقريباا (‪611‬‬
‫صاع (كيلوان‬
‫جرام)‪ ،‬وعند الحنفية – كما في البحر الرائق (‪ )318/2‬أنها‪ :‬نصف ٍ‬
‫وربع تقر ايبا)‪ ،‬وعند الحنابلة‪ :‬مد من ب ٍر (‪ 611‬جرام) أو نصف ٍ‬
‫صاع من غيره (كيلو‬
‫وربع)‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬الصاع عند الحنفية نحو أربعة كيلو ونصف تقريباا‪ ،‬بينما عند الجمهور كيلوان‬
‫ونصف‪.‬‬
‫والمد عند الحنفية كيلو و‪ 051‬جرام تقريباا‪ ،‬بينما عند الجمهور (‪ 611‬جرام تقريباا)‪.‬‬

‫‪ )53‬جنس الفدية‪:‬‬
‫جنس الفدية هو جنس ما يُخرج في زكاة الفرر‪ ،‬فيجب إخراج المقدار المتقدم ذكره‬
‫في المنشور السابق من غالب قوت البلد‪ ،‬والجمهور أنه ال يجزئ إخراجها نق ادا بل‬
‫طعاما‪.‬‬
‫يجب ا‬
‫وعند الحنفية‪( :‬تجزئ القيمة)‪ ،‬وإذا قلد الشخص مذهب الحنفية فيلزمه إخراج قيمة‬
‫المقدار الواجب عندهم‪ ،‬وهو كيلوان وربع تقريباا كما تقدم‪.‬‬
‫وتُعرى الفدية للفقراء والمساكين؛ لقوله تعالى (ففدية طعام مسكين)‪ ،‬والفقير أشد‬
‫حاجة منه‪ ،‬فهو من باب أولى‪ ،‬وال تُعرى لغيرهما ممن يستحقون الزكاة‪.‬‬

‫‪ )54‬إعطاء فدية أكثر من يوم لمسكين واحد‪:‬‬

‫[‪]32‬‬
‫احد‪ ،‬بل يجوز إعراء فدية جميع رمضان‬ ‫يجوز إعراء فدية يومين أو أكثر لمسكين و ٍ‬
‫احد‪ ،‬وإن كان خال‪ ،‬األفضل‪ ،‬قال العز بن عبد السالم رحمه الله‪( :‬سد‬‫لمسكي ٍن و ٍ‬
‫سد جوعة و ٍ‬
‫احد عشرة أيام) اهـ‪.‬‬ ‫جوعة عشرة مساكين أفضل من ف‬
‫احد‪ ،‬والصوم ال يتجزأ‪.‬‬ ‫بدل عن صوم ٍ‬
‫يوم و ٍ‬ ‫وال يجوز إعراؤه أقل من ٍ‬
‫مد؛ ألن المد ٌ‬
‫أما وقت إخراج الفدية‪ :‬ف ن فدية اليوم تُخر ُج بعد طلوع فجره أو في ليلته‪ ،‬وال يجزئ‬
‫إخراجها قبل دخول رمضان وال في أوله عن جميع الشهر‪ ،‬وتجزئ في آخر يوم منه‬
‫أو بعده عن جميع الشهر‪.‬‬

‫‪ )55‬سقوط الفدية عن العاجر‪:‬‬


‫أيضا عن اإلطعام‪ ،‬فهل‬ ‫ٍ‬ ‫إذا كان العاجز عن الصيام ٍ‬
‫عاجز ا‬
‫ومرض ال يُرجى برؤه ٌ‬ ‫لهرم‬
‫تسقط عنه الفدية أم تستقر في ذمته ؟ خال‪ ،‬في المذهب‪:‬‬
‫‪ ‬فالمعتمد عند شيخ اإلسالم زكريا األنصاري والخريب الشربيني والرملي أنها‬
‫تستقر في ذمته‪.‬‬
‫‪ ‬والمعتم د عن العالمة ابن حجر أنها تسقط عنه‪ ،‬وهو ما بحثه النووي في‬
‫أيضا‪ ،‬وهو األوفق بيسر الشريعة‬
‫المجموع شرح المذهب‪ ،‬وهو مذهب الحنفية ا‬
‫وتخفيفاتها‪.‬‬
‫وهو مقتضى الضابط المشهور‪( :‬أن الحقو المالية إذا لم تكن بسبب من الشخص‬
‫ف نها ال تستقر في ذمته كزكاة الفرر)‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ )56‬صوم الحامل والمرضع‪:‬‬

‫[‪]33‬‬
‫اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في الحامل والمرضع على أقوال‪:‬‬
‫مذهب الشافعية والحنابلة‪ :‬أنهما إذا خافتا على نفسيهما أو مع الولد عليهما‬ ‫أ‪-‬‬
‫القضاء فقط‪ ،‬وإذا أفررتا خوفاا على الجنين أو الرضيع فعليهما القضاء واإلطعام‪.‬‬
‫ب‪ -‬ومذهب الحنفية‪ :‬أن عليهما القضاء فقط‪.‬‬
‫وللمالكية أربعة أقوال‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫وروي عن بعض الصحابة أن عليهما اإلطعام فقط‪ ،‬عكس مذهب الحنفية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫قال ابن رشد في بداية المجتهد‪( :‬سبب اختالفهم‪ :‬تردد شبههما بين الذي يجهده‬
‫الصوم وبين المريض‪ ،‬فمن شبههما بالمريض قال‪ :‬عليهما القضاء فقط‪ ،‬ومن شبههما‬
‫بالذي يجهده الصوم … وأما من جمع عليهما األمرين فيشبه أن يكون رأى فيهما‬
‫شبها) اهـ‪.‬‬
‫من كل واحد ا‬

‫‪ )57‬علة جواز إفطار الحامل والمرضع‪:‬‬


‫العلة في جواز اإلفرار هي الحمل واإلرضاع‪ ،‬ولذا قال فقهاؤنا الشافعية رحمهم الله‬
‫تعالى‪ :‬إن المرضع يجوز لها اإلفرار سواء كانت اأما أو مستأجرةا أو متروعةا باإلرضاع‪،‬‬
‫كالسفر هو علة جواز اإلفرار‪ ،‬سواء سافر لغرض نفسه أو لغرض غيره‪.‬‬

‫قال الفقهاء المتقدمون‪( :‬الحامل ال يتصور فيها االستئجار والتروع)‪ ،‬كما في حاشية‬
‫موجودا – وإن كانت المجامع الفقهية‬
‫ا‬ ‫الترمسي (‪ ،)760/5‬وفي عصرنا أصبح ممكناا‬
‫حكما بتحريمه – إال أن له نفس حكم المرضع المستأجرة والمتروعة‪ ،‬والله‬
‫أصدرت ا‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪ )58‬الخوف المعتبر إلفطار الحامل والمرضع‪:‬‬

‫[‪]34‬‬
‫الخو‪ ،‬المعتبر الذي يُشرع معه الفرر‪ :‬أن تخا‪ ،‬الحامل من إسقاط الجنين‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ‬ ‫والمرضع من أن يقل اللبن‪ ،‬وقد يجب عليهما الفرر إذا خيف تضرر الولد‪،‬‬
‫تجب الفدية والقضاء‪.‬‬
‫مثال أشر‪،‬‬
‫شخص ا‬‫ٍ‬ ‫ويلحق بالحامل والمرضع في التفصيل السابق من أفرر إلنقاذ‬
‫ُ‬
‫على الهالك‪ ،‬كغريق‪ ،‬ف ن خا‪ ،‬على الغريق فقط الهالك‪ ،‬ولم يمكن تخليصه إال‬
‫بفرره وجب عليه‪ ،‬وعليه القضاء والفدية؛ ألن فرر ارتفق به شخصان‪ ،‬وإن وخا‪،‬‬
‫على نفسه فقط‪ ،‬أو على ٍ‬
‫مال فعليه القضاء فقط؛ فعليه القضاء فقط؛ ألنه فرر ارتفق‬
‫مثال‪.‬‬
‫به شخص واحد؛ إال أنه ال يجب الفرر إلنقاذ المال بخال‪ ،‬اآلدمي ا‬

‫‪ )59‬تعين اإلرضاع‪:‬‬
‫تقدم أن المرضع يجوز لها اإلفرار سواء كانت اأما أو مستأجرةا أو متروعةا باإلرضاع‪،‬‬
‫فهل يشترط تعين اإلرضاع عليهم ؟! بمعنى أنه ال يجوز لهم الفرر إذا ُوجدت مرضعة‬
‫مفررة أو صائمة ال يضرها الرضاع ‪.‬‬
‫أما األم فال يشترط في حقها ذلك‪.‬‬
‫وأما المتبرعة والمستأجرة فالذي اعتمده شيخ اإلسالم زكريا األنصاري والخريب‬
‫الشربيني وابن حجر في المنهج القويم وشرح اإلرشاد أنه يشترط ذلك في حقهم‪،‬‬
‫بمعنى أنه‪ :‬ال يجوز لهما الفرر إذا ُوجدت مفررة أو صائمةا ال يضرها اإلرضاع‪.‬‬
‫والذي اعتمده ابن حجر في التحفة أنه يجوز لهما الفرر وإن لم يتعين اإلرضاع عليهما‬
‫بأن تعددت المراضع‪ ،‬على العالمة الكردي في الحواشي المدنية‪( :‬وهذا هو منقول‬

‫[‪]35‬‬
‫المذهب) اهـ‪.‬‬

‫‪ )61‬مسألتان متعلقتان بإفطار الحامل والمرضع‪:‬‬


‫األولى‪ :‬نص الرملي في نهاية المحتاج أن الفدية تجب على الحامل والمرضع‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫((لزمتهما) مع القضاء (الفدية في األظهر) في مالهما) اهـ‪ ،‬وعند الحنابلة أنها على‬
‫من تلزمه نفقة الحمل والرضيع‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬ال تتعدد الفدية بتعدد األوالد‪ ،‬فلو أفررت المرأة ألنها حامل برفلين‪ ،‬أو ترضع‬
‫اثنين فأكثر فال تلزم إال فدية واحدة‪.‬‬

‫‪ )61‬سفر أو مرض الحامل والمرضع‪:‬‬


‫بع حاالت‪:‬‬
‫إذا كانت الحامل أو المرضع مسافرتين أو مريضتين فأفررتا‪ ،‬فلذلك أر ُ‬
‫األولى‪ :‬أن يكون فررهما ألجل السفر أو المرض فقط‪ ،‬فال تلزمهما الفدية‪.‬‬
‫ترخصا‪ ،‬ولم تقصدا الفرر ألجل السفر والمرض أو ألجل اإلرضاع‬ ‫ا‬ ‫الثانية‪ :‬أفررتا‬
‫والحمل‪ ،‬ال تلزمهما الفدية‪ ،‬صرح به الرملي في النهاية‪ ،‬ونقله الترمسي عن ابن قاسم‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يكون فررهما ألجل السفر والمرض مع قصد الخو‪ ،‬على الحمل والولد‬
‫فال تلزمهما الفدية‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬أفررتا ألجل اإلرضاع والحمل‪ ،‬عليهما الفدية على ما اعتمده الرملي وابن‬
‫حجر في التحفة‪ ،‬وإن خالفه في اإليعاب فقال‪ :‬ال تجب عليهما الفدية مرل اقا‪ ،‬أي‪:‬‬
‫إن كانتا مريضيتين أو مسافرتين‪ ،‬وظاهر كالم الخريب في اإلقناع شرح متن أبي‬

‫[‪]36‬‬
‫شجاع‪ ،‬وجوب الفدية مرل اقا‪ ،‬وهو ما نقله عنه الترمسي في حاشيته‪ ،‬ونقل عنه صاحب‬
‫المنهل النضاخ‪ :‬أنه ال تلزمهما‪.‬‬

‫‪ )62‬السفر الذي يجوز فيه الترخص بالقصر والجمع والفطر‪:‬‬


‫من شروط السفر الذي يجوز فيه الترخص بالقصر والجمع والفرر أال يكون لمجرد‬
‫مثال‪ ،‬فمن سافر‬
‫غرض صحيح كعالج أو تجارة ا‬ ‫رؤية البالد والتنزه‪ ،‬بل ال بد له من ٍ‬
‫لمجرد رؤية البالد فليس له الترخص ال بالقصر وال الجمع وال الفرر وال غيرها‪.‬‬
‫لكن إذا كان لسفره طريقان‪ :‬أحدهما طويل يجوز فيه الترخص (‪ 83‬كم فأكثر)‪،‬‬
‫واآلخر قصير ال يجوز فيه الترخص‪ ،‬فسلك الرريق الرويل بغرض التنزه [وهو يزيل‬
‫الكدورات النفسية ويعدل المزاج]‪ ،‬جاز له الترخص‪ ،‬بخال‪ ،‬ما إذا سلك الرريق‬
‫الرويل لمجرد رؤية البالد‪ ،‬ف نه عبث فال يترخص‪ ،‬كما في الفتاوي الفقهية (‪.)230/0‬‬
‫ولو أنشأ السفر أصال بقصد التنزه لم يجز له الترخص‪ ،‬قال البجيرمي في حاشية منهج‬
‫الرالب‪( :‬فالحاصل أن التنزه ال يصح أن يكون غرضا حامال على أصل السفر‪ ،‬ويصح‬
‫كونه غرضا حامال على العدول إلى الرويل) اهـ‪.‬‬

‫‪ )63‬إخراج الفدية أو الصوم عمن مات وعليه صوم‪:‬‬


‫خرج‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صوم من رمضان أو غيره كنذر أو كفارة‪ ،‬فالمذهب الجديد أنه يُ َ‬
‫من مات وعليه ٌ‬
‫من تركته مد لكل ٍ‬
‫يوم‪.‬‬
‫والقديم‪( ،‬وهو المعتمد) أن الولي يُخير بين اإلطعام أو يصوم عنه؛ لقول النبي صلى‬
‫صوم صام عنه وليه) متفق عليه‪ ، ،‬والمراد بالولي‪:‬‬
‫الله عليه وسلم‪( :‬من مات وعليه ٌ‬
‫القريب‪ ،‬سواء كان هذا القريب وارثاا أو عاصباا أو غيرهما‪.‬‬
‫قال اإلمام النووي رحمه الله تعالى‪( :‬وليس للجديد حجة من السنة‪ ،‬والخبر الوارد‬

‫[‪]37‬‬
‫باإلطعام ضعيف‪ ،‬ومع ضعفه فاإلطعام ال يمتنع عند القائل بالصوم) اهـ‪.‬‬
‫مسكينا)‬
‫ا‬ ‫يشير إلى حديث‪( :‬من مات وعليه صيام شهر فليرعم عنه مكان كل يوم‬
‫رواه الترمذي‪.‬‬

‫‪ )64‬أيهما أفضل إخراج الفدية أو الصوم عمن مات وعليه صوم‪:‬‬


‫تقدم في المنشور السابق جواز الصيام واإلطعام عمن مات وعليه صوم‪ ،‬فأيهما‬
‫األفضل؟‬
‫اقتضى قول اإلمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم‪( :‬يسن) أي‪ :‬الصوم‪ ،‬أنه‬
‫أفضل من اإلطعام‪ ،‬وعبارة العالمة الخريب الشربيني في مغني المحتاج تشير إلى‬
‫ذلك حيث قال‪( :‬يصوم عنه وليه – أي يجوز له الصوم عنه – بل يندب له‪ ،‬ويجوز‬
‫له اإلطعام)اهـ‪ ،‬وبه صرح العالمة الباجوري في حاشيته‪ ،‬لكن قال العالمة ابن حجر‬
‫الهيتمي في شرح المقدمة الحضرمية‪ :‬اإلطعام أولى من الصوم؛ للخال‪ ،‬فيه دون‬
‫أيضا في بشرى الكريم‪.‬‬
‫اإلطعام‪ ،‬وهو ما قاله العالمة باعشن ا‬
‫ويقوي أولوية اإلطعام أيضا أن نفعه ٍ‬
‫متعد بخال‪ ،‬الصوم‪ ،‬ولهذا كان شيخي العالمة‬ ‫ا‬
‫علي بن سالم بكير حفظه الله يفضل اإلطعام‪.‬‬
‫وبناءا على ما تقدم فلو قال بعض الورثة‪ :‬نرعم‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬نصوم‪ ،‬أُجيب األولون‬
‫كما رجحه الزركشي وابن العماد‪ ،‬انظر حاشية الترمسي (‪.)751/5‬‬
‫اجب على الولي أم مستحب تفصيل يظهر في هذه الصورة‪:‬‬
‫وهل هذا الصوم و ٌ‬

‫[‪]38‬‬
‫‪ )65‬صوم األجنبي عن الغير‪:‬‬
‫تقدم أنه يُندب للولي – وهو القريب البالغ العاقل – أن يصوم عمن مات وعليه صوم‪،‬‬
‫وأن هذا هو القديم المعتمد‪ ،‬وإذا أراد أجنبي أن يصوم عن الميت فال يجوز له ذلك‬
‫وال يصح إال إذا أذن له الميت – أي‪ :‬قبل موته – أو أذن له الولي كما يجوز لقر ٍ‬
‫يب‬
‫أن يرلب من أجنبي أن يصوم عن الميت ولو بأجرةٍ‪ ،‬قال في قوت الحبيب‬
‫ف‬
‫الميت أو من الولي‪ ،‬بأجرةٍ أو دونها‬ ‫(ص‪( :)082‬ويجوز لألجنبي ذلك ب ٍ‬
‫ذن من‬
‫بخالفه بال إذن)اهـ‪.‬‬

‫‪ )66‬إطعام األجنبي عن الغير‪:‬‬


‫تقدم أنه ليس لألجنبي أن يصوم عن الميت إال ب ذنه أو ب ذن وليه‪ ،‬وهل له اإلطعام‬
‫عنه بغير إذن؟‬
‫اختلفت عبارات فقهائنا الشافعية‪:‬‬

‫[‪]39‬‬
‫فقال الباجوري في حاشيته ما نصه‪( :‬ولألجنبي ولو من غير ٍ‬
‫إذن اإلطعام من‬ ‫أ‪-‬‬
‫ماله عن الميت؛ ألنه من قبيل وفاء دين الغير)اهـ‪ ،‬وبه صرح الشيخ عوض في تقريراته‬
‫على اإلقناع للخريب‪.‬‬
‫صوم وال‬
‫ب‪ -‬والذي اعتمده العالمتان ابن حجر والرملي أنه ال يصح من األجنبي ٌ‬
‫إطعام إال ب ذن‪ ،‬قال الرملي في النهاية‪( :‬وهل له – أي‪ :‬األجنبي – اإلطعام؛ ألنه‬
‫مال كالدين أو يفر بأنه هنا بدل عما ال يستقل به ؟ األقرب لكالمهم –‬‫محض ٍ‬
‫وجزم به الزركشي – الثاني) أي‪ :‬ال يستقل به ‪.‬‬
‫وهذه من المسائل القليلة التي قرر فيها العالمة الباجوري في حاشيته خال‪ ،‬معتمد‬
‫ابن حجر والرملي رحم الله الجميع‪.‬‬

‫‪ )67‬صيام ثالثون شخصاً عمن مات وعليه ثالثون يوماً‪:‬‬


‫يوما مثال من رمضان أو نذر أو كفارة‪ ،‬فصام عنه‬
‫شخص وعليه صوم ثالثين ا‬
‫ٌ‬ ‫لو مات‬
‫ثالثون قريباا وأجنبياا باإلذن أجزأ ذلك‪ ،‬قال اإلمام النووي رحمه الله تعالى في‬
‫المجموع‪( :‬إذا قلنا إنه يجوز صوم الولي عن الميت وصوم االجنبي ب ذن الولي فصام‬
‫عنه ثالثون إنساناا في يوم واحد هل يجزئه عن صوم جميع رمضان؟ هذا مما لم أر‬
‫كالما فيه وقد ذكر البخاري في صحيحه عن الحسن البصري أنه يجزئه‬ ‫ألصحابنا ا‬
‫وهذا هو الظاهر الذي نعتقده) اهـ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جماعة‬ ‫قال الترمسي في حاشيته (‪( :)749/5‬وسواء في جواز فعل الصوم الواقع من‬
‫ٍ‬
‫شخص أكان قد وجب فيه التتابع أم ال؛ إذ التتابع إنما وجب في‬ ‫احد عن‬ ‫في ٍ‬
‫يوم و ٍ‬
‫لمعنى ال يوجد في حق القريب)اهـ‪.‬‬
‫حق الميت ا‬

‫‪ )68‬الصوم عن الحي‪:‬‬

‫[‪]41‬‬
‫قول النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬من مات وعليه صوم صام عنه وليه)‪ ،‬يدل بمفهوم‬
‫المخالفة أنه ال يصح الصوم عن الحي مرل اقا‪ ،‬وهو ما صرح به فقهاؤنا الشافعية‬
‫رحمهم الله تعالى‪ ،‬قال العالمة الخريب الشربيني (ال يصح الصوم عن حي بال خال‪،‬‬
‫معذورا كان أو غيره) اهـ‪.‬‬

‫تتمة‪:‬‬
‫لو مات وعليه صالة أو اعتكا‪ .. ،‬فال قضاء عنه وال فدية‪.‬‬
‫ولو مات ولم يحج ولم يكن قد استراع في حياته فيُسن لقريبه وأجنبي أن يحج عنه‬
‫سواءا أوصى بذلك أم ال‪.‬‬
‫ولو مات وعليه صوم صام عنه وليه أو أطعم‪ ،‬ويجوز ذلك لألجنبي ب ٍ‬
‫ذن‪ .‬فالحاالت‬
‫ثال ‪.‬‬

‫‪ )69‬وجوب الفدية لتأخير القضاء‪:‬‬


‫تقدم أنه تجب الفدية بأحد ثالثة أسباب‪ ،‬هي‪:‬‬
‫كونها بدالا عن نفس الصوم‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫كونها لفوات فضيلة الوقت‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ت‪ -‬كونها لتأخير القضاء عن وقته‪.‬‬
‫ومر الكالم على ما يتعلق بالسببين األول والثاني‪ ،‬أما الثالث‪ ،‬ف نه يجب على من أخر‬
‫قضاء رمضان دون غيره ككفارة أو نذر حتى دخل عليه رمضان اآلخر‪ ،‬مع تمكنه من‬
‫الصوم فديةٌ مع القضاء‪ ،‬وقد ورد في ذلك حديث ضعيف رواه الدار قرني‪ ،‬لكن‬
‫ستة من الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬هم‪ :‬علي بن أبي طالب‪ ،‬وابنه‬ ‫يعضده إفتاء ٍ‬
‫الحسين‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وجابر رضي الله عنهم‪ ،‬وال مخالف لهم‬

‫[‪]40‬‬
‫إجماعا سكوتياا‪.‬‬
‫ا‬ ‫فصار‬

‫‪ )71‬تأخير إخراج الفدية‪:‬‬


‫بدال عن‬
‫تقدم في المنشور (‪ )51‬أن فدية الهرم ومن ال يُرجى برؤه تجب ابتداءا ال ا‬
‫الصوم على األصح‪ ،‬وبناء عليه‪:‬‬
‫لو أخر الهرم ومن ال يُرجى برؤه إخراج الفدية حتى دخل عليه رمضان اآلخر مع تمكنه‬
‫لم يجب عليه بالتأخير مد آخر؛ ألن الفدية عليه واجبةٌ ابتداءا ال بدل الصوم‪ ،‬بخال‪،‬‬
‫الحامل والمرضع والميت ف نه يلزم بتأخيرها م ٌد آخر كما نقله الترمسي (‪ )759/5‬عن‬
‫الكردي رحمهما الله تعالى‪.‬‬
‫وهل يجوز له تقديم فدية التأخير قبل دخول رمضان اآلخر؟‬
‫قال شيخ اإلسالم زكريا األنصاري رحمه الله تعالى في أسنى المرالب‪(( :‬ثم تعجيلها)‬
‫أي فدية التأخير (قبل دخول رمضان الثاني) ليؤخر القضاء مع اإلمكان (كتعجيل‬
‫الكفارة قبل الحنث المحرم) فيجوز على األصح) اهـ‪ ،‬وانظر حاشية الترمسي‬
‫(‪.)774/5‬‬

‫‪ )71‬سنن الصيام‪:‬‬
‫سنن الصوم كثيرةٌ‪ ،‬وإن كانت أقل من سنن الصالة التي بلغت نحو (‪ )611‬سنة كما‬
‫قال الحافظ ابن حبان رحمه الله تعالى‪ ،‬وللصوم درجات ثال ‪ ،‬ذكر حجة اإلسالم‬
‫أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في إحياء علوم الدين‪ ،‬هي‪:‬‬
‫األولى‪ :‬صوم العموم‪ ،‬وهو االمتناع عن المفررات‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬صوم الخصوص‪ ،‬وهو كف السمع والبصر وسائر الجوارح عن اآلثام‪..‬‬
‫الثالثة ‪ :‬صوم خصوص الخصوص‪ ،‬وهو صوم القلب عن الهمم الدنية واألفكار‬

‫[‪]42‬‬
‫الدنيوية‪.‬‬

‫‪ )72‬تعجيل ِ‬
‫الفطر‪:‬‬
‫من سنن الصيام تعجيل الفرر إذا تحقق غروب الشمس؛ لحديث‪( :‬ال تزال أمتي‬
‫بخير ما عجلوا الفرر)‪ ،‬واألفضل أن يفرر قبل صالة المغرب‪ ،‬لحديث‪( :‬كان صلى‬
‫برطب ٍ‬
‫وماء فيأكل) أخرجه البيهقي‪.‬‬ ‫الله عليه وسلم ال يصلي إذا كان صائما حتى يُؤتى ٍ‬
‫ا‬
‫ولتعجيل الفرر ثال حاالت‪:‬‬
‫مثال‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمشاهدة ا‬ ‫األولى‪ :‬االستحباب‪ ،‬إذا تحقق غروب الشمس‬
‫الثانية‪ :‬اإلباحة‪ ،‬بأن ظن غروب الشمس‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬التحريم‪ ،‬بأن شك في غروب الشمس أو ظنه غير اجتهاد؛ ألن األصل بقاء‬
‫النهار‪.‬‬

‫‪ )73‬سنن اإلفطار‪:‬‬
‫يسن اإلفرار على ٍ‬
‫رطب فتمر فبسر فماء فحلو فحلوى‪.‬‬
‫والبسر‪ :‬ثمر النخل األصفر قبل أن يرطب بالكلية‪ ،‬والحلو‪ :‬ما لم تمسه النار كالزبيب‪،‬‬
‫والحلوى ما عملت بالنار‪.‬‬
‫قال الناظم‪:‬‬
‫فحلو ثم حلوى لك الفرر‬ ‫فمن ٍ‬
‫زمزم … فماءٌ ٌ‬
‫رطب فالبُسر فالتمر ُ‬
‫إال أنه قدم البُسر على التمر‪.‬‬
‫ويسن كون اإلفرار على وت ٍر‪ ،‬وفي الحديث‪( :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يفرر قبل أن يصلى على رطبات‪ ،‬ف ن لم تكن فعلى تمرات‪ ،‬ف ن لم تكن حسا‬
‫حسوات من ماء)‪.‬‬

‫[‪]43‬‬
‫وقد ذكر الفقهاء أن الحكمة في البدء في التمر أنه لم يمسه نار مع إزالته ضعف‬
‫البصر الحاصل من الصوم؛ إلزالته فضالت المعدة‪ ،‬وألنه يغذي األعضاء الرئيسية‪،‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫‪ )74‬الدعاء عند اإلفطار‪:‬‬
‫يسن أن يقول بعد فرره‪( :‬ذهب الظمأ‪ ،‬وابتلت العرو ‪ ،‬وثبت األجر إن شاء الله‬
‫تعالى)‪ ،‬رواه أبو داود والنسائي‪ ،‬وهو حسن‪ ،‬ويقول‪( :‬اللهم لك صمت‪ ،‬وعلى رزقك‬
‫أيضا وهو مرسل‪ ،‬وله شواهد‪.‬‬
‫أفررت)‪ ،‬رواه أبو داود ا‬
‫صمت) قدم الجار والمجرور إلفادة اإلخالص‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقوله‪( :‬لك‬
‫أفررت) أي‪ :‬بمحض فضلك‪ ،‬ال بحولي وال بقوتي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقوله‪( :‬وعلى رزقك‬
‫قال بعض العلماء‪( :‬وإنما قال‪( :‬ذهب الظمأ)‪ ،‬ولم يقل‪( :‬ذهب الجوع)؛ ألن أرض‬
‫الحجاز حارة فكانوا يصبرون على قلة الرعام ال العرش)اهـ‬
‫ومعنى ثبوت األجر‪ :‬أن يتقبل الله الصوم ويجازي عليه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ )75‬تفطير الصائمين‪:‬‬
‫صائما فله مثله‬
‫يستحب تفرير الصائمين –في رمضان وغيره– لحديث‪( :‬من فرر ا‬
‫ف‬
‫للمفرر مثل أجر‬ ‫أجره‪ ،‬وال ينقص من أجر الصائم شيءٌ)‪ ،‬قال بعض العلماء‪ :‬أي‬
‫ناقصا الرتكابه ما ينقص او يبرل ثواب الصوم كالغيبة‬
‫صوم الصائم‪ ،‬وإن كان ثوابه ا‬
‫ونحوها‪ ،‬وهذا هو الالئق بسعة فضل الله تعالى‪.‬‬
‫ولتفرير الصائم مرتبتان‪:‬‬
‫– األولى‪ :‬أن يكون على نحو تم ٍر وشربة ٍ‬
‫ماء‪.‬‬
‫– واألكمل‪ :‬أن يشبعهم‪ ،‬وفي الحديث‪( :‬من أشبع ا‬
‫صائما سقاه الله من حوضي‬
‫شربة ال يظمأ حتى يدخل الجنة) أخرجه البيهقي في الشعب‪.‬‬

‫[‪]44‬‬
‫‪ )76‬السحور‪:‬‬
‫يستحب السحور ألحاديث واردة في الترغيب فيه كحديث‪( :‬تسحروا ف ن في السحور‬
‫أجرا التباع السنة‪ ،‬وتقوي اة للبدن‪ ،‬وتنشيراا على الصوم‪،‬‬
‫بركة)‪ ،‬ومن وجوه البركة‪ :‬أن فيه ا‬
‫ومخالفةا ألهل الكتاب‪.‬‬
‫ويحصل فضل السحور ولو بجرعة ٍ‬
‫ماء‪ ،‬ويستحب أن يتسحر بتمر‪ ،‬ووقته‪ :‬ما بين‬
‫نصف الليل إلى طلوع الفجر‪ ،‬فاألكل قبل نصف الليل ليس بسحوٍر فال تحصل به‬
‫السنة‪ ،‬ويسن تأخيره ما لم يقع في شك في طلوع الفجر‪.‬‬
‫وإذا أكل ظاناا بقاء الليل ثم تبين أنه أكل بعد الفجر‪ ،‬لزمه اإلمساك لحرمة اليوم‪،‬‬
‫وعليه القضاء؛ إذ ال عبرة بالظن إذا تبين خرؤه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ )77‬اغتسال الصائم من الجنابة‪:‬‬


‫يستحب االغتسال من الجنابة للصائم – ومثله الحائض إذا طهرت – قبل طلوع‬
‫الفجر؛ ليؤدي الصوم على طهارةٍ‪ ،‬قال العالمة ابن حجر‪( :‬ولئال يصل الماء إلى نحو‬
‫مستحب قول عامة العلماء‪ ،‬ونُقل اإلجماع‬
‫ٌ‬ ‫باطن أذنه أو دبره) اهـ‪ ،‬وكون هذا االغتسال‬
‫على صحة صوم الجنب من احتالم أو جماع؛ لحديث عائشة رضي الله عنها‪( :‬كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم‬
‫فيغتسل ويصوم) متفق عليه‪.‬‬

‫‪ )78‬ترك الشهوات المباحة للصائم‪:‬‬

‫[‪]45‬‬
‫قال فقهاؤنا الشافعية رحمهم الله تعالى‪( :‬يسن ترك الشهوات المباحة‪ ،‬كالتلذذ بشم‬
‫الرياحين والروائح الزكية‪ ،‬ولمسها والنظر إليها‪ ،‬ألن الكف عن الشهوات هو المقصود‬
‫األعظم من الصوم‪ ،‬إذ هو كسر النفس عن كل ما تشتهيه‪ ،‬وهل يترك الصائم الريب‬
‫شرعا كيوم الجمعة ؟!‬
‫إذا كان مرلوباا ا‬
‫قال ابن حجر في اإلمداد‪ :‬األقرب أن المراد ترك الشهوة التي تريدها النفس من حيث‬
‫كونها ال من حيث األمر برلبها‪.‬‬
‫تقديما للنهي الخاص على التريب فيه‬
‫وقال الرملي‪ :‬يترك الريب‪ ،‬ولو يوم الجمعة؛ ا‬
‫ملخصا من حاشية الترمسي (‪.)651/5‬‬
‫ا‬ ‫العام) اهـ‬

‫‪ )79‬ال ُقبلة للصائم‪:‬‬


‫ال ُقبلة للصائم خال‪ ،‬األولى إن لم تُحرك شهوته‪ ،‬وتحرم إن ُخشي إلى اإلنزال أو‬
‫يضا إلفساد الصوم‪ ،‬وهذا في صوم الفرض‪ ،‬أما في صوم‬ ‫الجماع؛ ألن في ذلك تعر ا‬
‫النفل فال تحرم‪ ،‬ومثل ال ُقبلة نحوها من اللمس والمعانقة‪ ،‬وفي الحديث أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم رخص بال ُقبلة للصائم‪ ،‬وقال‪( :‬الشيخ يملك إربه‪ ،‬والشاب يفسد صومه)‬
‫رواه البيهقي‪ ،‬والمعنى فيه خشية إفساد الصوم‪ ،‬ولذا قال الشافعية رحمهم الله تعالى‪:‬‬
‫(إذا لم يُخش إفساد الصوم فتجوز ولو من الشاب حتى ولو حصل إمذاء‪ ،‬وإذا ُخشي‬
‫ذلك فتحرم ولو من الشيخ)‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ )81‬الرفث للصائم‪:‬‬

‫[‪]46‬‬
‫يسن للصائم ترك الرفث – وهو الفحش في الكالم – والصخب – وهو الخصام‬
‫والصياح – ف ن تعرض له أح ٌد بالشتم فيسن أن يقول‪( :‬إني صائم‪ ،‬إني صائم)‪ ،‬وهل‬
‫يقولها بقلبه أو بلسانه ؟‬
‫– نقل الرافعي عن األئمة أنه يقولها بقلبه؛ ليصبر نفسه‪.‬‬
‫– ورجح النووي في األذكار أنه يقولها بلسانه؛ لينزجر خصمه عن ذلك‪.‬‬
‫وقال النووي في المجموع‪ :‬إن القولين حسنان‪ ،‬والقول باللسان أقوى‪.‬‬
‫قرعا‪ ،‬وأنه في النفل‬
‫فرضا قال ذلك بلسانه ا‬
‫وفصل بعض الفقهاء بأنه لو كان الصوم ا‬
‫يقوله بقلبه‪.‬‬

‫‪ )81‬السواك للصائم‪:‬‬
‫نفال‪ ،‬وعلل ذلك الفقهاء‬
‫فرضا أو ا‬
‫يكره السواك للصائم بعد الزوال سواء كان الصوم ا‬
‫الخلو‪ ،‬الذي‬
‫بأن السواك يزيل النغير الذي ينشأ من أثر فراغ المعدة من الرعام‪ ،‬وهو ُ‬
‫قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬لخلو‪ ،‬في الصائم أطيب عند الله من ريح‬
‫المسك)‪ ،‬وإنما خص الفقهاء الكراهة ببعد الزوال ألن التغير الذي ينشأ من عبادة‬
‫الصيام يكون غالباا بعده‪.‬‬
‫وتزول الكراهة بغروب الشمس‪ ،‬ولو قبل تناول المفرر‪ ،‬واختار اإلمام النووي رحمه‬
‫الله تعالى عدم الكراهة‪.‬‬

‫‪ )82‬فائدتان تتعلقان بالسواك للصائم‪:‬‬

‫[‪]47‬‬
‫األولى ‪ :‬قال الحافظ ابن حجر العسقالني رحمه الله تعالى في فتح الباري‪( :‬ويؤخذ‬
‫من قوله‪( :‬أطيب من ريح المسك) أن الخلو‪ ،‬أعظم من دم الشهادة؛ ألن دم الشهيد‬
‫ُشبفه ريحه بريح المسك‪ ،‬والخلو‪ُ ،‬و فصف بأنه أطيب‪ ،‬وال يلزم من ذلك أن يكون‬
‫الصيام أفضل من الشهادة لما ال يخفى‪ ،‬ولعل سبب ذلك النظر إلى أصل كل منهما‪،‬‬
‫يحا) اهـ‪.‬‬
‫ف ن أصل الخلو‪ ،‬طاهر‪ ،‬وأصل الدم بخالفه‪ ،‬فكان ما أصله طاهر أطيب ر ا‬
‫الثانية‪ :‬إن كراهة السواك للصائم بعد الزوال من مفردات المذهب الشافعي‪ ،‬وهذا غير‬
‫أيضا‪ ،‬قال في اإلنصا‪ – ،‬وهو من الكتب المعتمدة‬
‫صحيح‪ ،‬بل هو مذهب أحمد ا‬
‫عند الحنابلة – ‪(( :‬إال للصائم بعد الزوال‪ .‬فال يستحب) … يحتمل أن يكون مراده‬
‫الكراهة‪ .‬وهو إحدى الروايات عن أحمد‪ ،‬وهو المذهب) اهـ‪.‬‬

‫‪ )83‬حكم االعتكاف‪:‬‬
‫مما اختصت به العشر األواخر من رمضان‪ :‬االعتكا‪.،‬‬
‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف‬
‫العشر األواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى‪ ،‬ولما فاته صلى الله عليه وسلم‬
‫االعتكا‪ ،‬قضاه فاعتكف في شوال‪ ،‬وإنما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قرعا ألشغاله‪ ،‬وتفريغاا للياليه‪ ،‬وتخلياا‬
‫في هذه العشر التي يُرلَب فيها ليلة القدر ا‬
‫فاالعتكا‪ ،‬حقيق اة هو عكو‪ ،‬القلب على الله تعالى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫لمناجاة ربه وذكره ودعائه‪،‬‬
‫كف نفسه عن الشهوات‬ ‫ٍ‬
‫بحاجة إلى ف‬ ‫األنس به‪ ،‬فالمسلم‬
‫الفكر في تحصيل مرضاته‪ ،‬و ُ‬ ‫و ُ‬
‫المباحة‪ ،‬ورياضتها بحب الله تعالى‪ ،‬وتربيتها على البُعد عن ملذات الدنيا بين حي ٍن‬
‫وآخر‪ ،‬وهذه غاية االعتكا‪.،‬‬
‫وقت في رمضان وغيره‪ ،‬وهو سنةٌ مؤكدةٌ في العشر‬ ‫واالعتكا‪ ،‬مستحب في كل ٍ‬
‫ٌ‬
‫األواخر من رمضان؛ لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه‪ ،‬وهو من شرائع القديمة؛‬

‫[‪]48‬‬
‫لقوله تعالى إلبراهيم وإسماعيل عليهما الصالة والسالم‪( :‬أن ف‬
‫طهرا بيتي للرائفين‬
‫والعاكفين)‪ ،‬أي‪ :‬المعتكفين‪.‬‬

‫‪ )84‬مدة االعتكاف‪:‬‬
‫أقل االعتكا‪ ،‬أن يلبث في المسجد فو طمأنينة الصالة‪ ،‬ولذا يمكن للشخص أن‬
‫يعتكف ليل اة أو بعض الليالي أو بعض الساعات‪ ،‬بل إذا لبث في المسجد لدقائق‬
‫ناوياا االعتكا‪ ،‬حاز فضيلته‪ ،‬قال اإلمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم‪:‬‬
‫جالس في المسجد النتظا فر ٍ‬
‫صالة أو ٍ‬
‫لشغل آخر من آخرة أو دنيا أن‬ ‫ٍ‬ ‫(ينبغي لكل‬
‫ينوي االعتكا‪ ،،‬فيُحسب له‪ ،‬ويُثاب عليه ما لم يخرج من المسجد‪ ،‬ف ذا خرج ثم‬
‫فعل آخر سوى اللبث‬
‫مخصوص‪ ،‬وال ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ذكر‬
‫دخل جدد ني اة أخرى‪ ،‬وليس لالعتكا‪ٌ ،‬‬
‫في المسجد بنية االعتكا‪ ،،‬ولو تكلم بكالم دنيا أو عمل صنع اة من خياطة أو غيرها‬
‫لم يبرل اعتكافه)اهـ‪.‬‬

‫‪ )85‬شروط االعتكاف‪:‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ تجب نية الفرضية‪ ،‬ف ن نذر اعتكا‪،‬‬ ‫قد يكون االعتكا‪ ،‬واجباا‪ ،‬وذلك بالنذر‪،‬‬
‫معينة على سبيل التتابع لم يجز له الخروج من المسجد إال لحاجة‪ :‬كقضاء‬ ‫مدةٍ ٍ‬
‫تتابع اعتكافه‪.‬‬ ‫حاجة‪ ،‬ووضوء وغسل ٍ‬
‫ينقرع ُ‬
‫ْ‬ ‫جنابة‪ ،‬ف ن خرج لذلك لم يحرم ولم‬
‫فمحرم‪ ،‬وينقرع تتابع اعتكافه‪ ،‬ويجب عليه استئنا‪،‬‬ ‫أما خروجه لغير عذر ٍ‬
‫كنزهة‬
‫ٌ‬
‫االعتكا‪ ،،‬ويجوز له أن يقرع اعتكافه المستحب متى شاء‪.‬‬
‫اس‪.‬‬‫حيض ونف ٍ‬ ‫ف‬
‫المعتكف‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والعقل‪ ،‬والنقاء من ٍ‬ ‫وشرط‬
‫ف‬
‫للمعتكف أن يشتغل براعة الله تعالى كقراءة القرآن والصالة والذكر والدعاء‪،‬‬ ‫وينبغي‬
‫والنظر في عيوب نفسه وإصالحها‪ ،‬وأن يبتعد عن مخالرة الناس والتواصل بهم خاصة‬

‫[‪]49‬‬
‫مقصود االعتكا‪ ،‬وتُضي ُع فائدته‪.‬‬ ‫عبر مواقع التواصل التي تُ ف‬
‫فس ُد‬
‫َ‬

‫‪ )86‬وقت دخول االعتكاف‪:‬‬


‫فقد بينه ال حافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فقال‪( :‬أول الوقت الذي يدخل فيه‬
‫المعتكف بعد صالة الصبح‪ ،‬وهو قول األوزاعي والليث والثوري‪ ،‬وقال األئمة األربعة‬
‫وطائفة‪ :‬يدخل قبيل غروب الشمس وأولوا الحديث على أنه دخل من أول الليل‪،‬‬
‫ولكن إنما تخلى بنفسه في المكان الذي أعده لنفسه بعد صالة الصبح) اهـ‬
‫حديث عائشة رضي الله عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان النبي صلى الله عليه‬
‫َ‬ ‫ويقصد بالحديث‬
‫الصبح‬
‫َ‬ ‫فكنت أضرب له خباءا فيصلي‬
‫ُ‬ ‫وسلم‪ ،‬يعتكف في العشر األواخر من رمضان‪،‬‬
‫ثم يدخله) أخرجه البخاري‪.‬‬
‫بلمس وقُ ٍ‬
‫بلة إذا أنزل‪ ،‬والجنون‪ ،‬والردة‪ ،‬والحيض‬ ‫ويبرل االعتكا‪ ،‬بالجماع‪ ،‬والمباشرة ٍ‬
‫والنفاس‪ ،‬وال يبرل بنية قرعه‪.‬‬

‫‪ )87‬زكاة الفطر‪:‬‬
‫هي قدر معين من المال‪ ،‬يجب إخراجه عند غروب الشمس آخر يوم من أيام رمضان‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بشروط معينة‪ ،‬ولها أسماء منها‪( :‬صدقة رمضان)‪( ،‬زكاة البدن)‪( ،‬صدقة الفرر)‪.‬‬
‫وهي واجبة‪ ،‬وفُرضت في السنة الثانية من الهجرة في العام الذي فُرض فيه صوم‬
‫رمضان‪ ،‬ودل على وجوبها حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪ :‬أن رسول الله فرض‬
‫صاعا من شعير‪ ،‬على كل حر‬
‫صاعا من تمر‪ ،‬أو ا‬
‫زكاة الفرر من رمضان على الناس ا‬
‫أو عبد‪ ،‬ذكر أو أنثى من المسلمين‪.‬‬
‫وجبرا للصوم من ٍ‬
‫خلل قد يقع فيه‪ ،‬فهي كسجود‬ ‫ترهيرا للنفس‪ ،‬ا‬
‫وشرعت زكاة الفرر ا‬ ‫ُ‬
‫السهو للصالة‪ ،‬وطُعمةا للمساكين‪.‬‬

‫[‪]51‬‬
‫‪ )88‬شروط وجوب زكاة ِ‬
‫الفطر‪:‬‬
‫تجب زكاة الفرر بأربعة شروط‪ ،‬هي‪:‬‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫الحرية‪.‬‬
‫الوقت‪ :‬وذلك ب دراك ٍ‬
‫جزء من رمضان وجزء من شوال‪ ،‬بأن تغرب عليه شمس آخر‬
‫يوم من رمضان‪ ،‬وهو موجود متصف بصفات الوجوب‪ ،‬فال تجب على من مات قبل‬
‫غروب الشمس أو ُولد بعد غروبها‪ ،‬وال على من أسلم بعد غروب الشمس‪ ،‬وتجب‬
‫على من مات بعد غروب الشمس أو أسلم قبل غروبها أو ُولد قبل غروب الشمس؛‬
‫إلدراكه جزءاا من رمضان ومن شوال‪.‬‬
‫اليسار‪ :‬والمراد به هنا‪ :‬أن يكون عنده ما يزيد عن نفقته ونفقة من يجب عليه نفقتهم‬
‫معسرا بذلك عند غروب الشمس فال تجب عليه‪.‬‬ ‫يوم العيد وليلته‪ ،‬ف ن كان ا‬

‫‪ )89‬من تلزمهم زكاة ِ‬


‫الفطر‪:‬‬
‫يجب على من تحققت فيه شروط الوجوب السابقة إخراجها عن نفسه وعمن ينفق‬
‫زوجة – ولو رجعية – و ٍ‬
‫أوالد ووالدين‪ ،‬أما األوالد الكبار الذين ال يجب‬ ‫عليهم من ٍ‬
‫عليه أن ينفق عليهم لقدرتهم على االكتساب فال يجب إخراجها عنهم‪ ،‬إال إذا كانوا‬
‫صاع‬
‫عاجزين عن التكسب بسبب جنون أو إعاقة‪ ،‬وإذا استراع الشخص إخراج بعض ٍ‬
‫معسرا والزوجة غنية‬
‫وعجز عن أكثر منه وجب عليه إخراج ما تيسر‪ ،‬وإذا كان الزوج ا‬
‫فال يجب عليها إخراج زكاة الفرر عن نفسها على المعتمد في المذهب‪ ،‬لكن‬
‫يستحب لها ذلك‪.‬‬
‫واالبن البالغ الذي ال تجب نفقته على أبيه ال يجزئ إخراج األب زكاة الفرر عنه إال‬

‫[‪]50‬‬
‫لجنون أو ٍ‬
‫إعاقة كما تقدم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب ذنه بخال‪ ،‬غير البالغ‪ ،‬أو البالغ العاجز عن الكسب‬

‫‪ )91‬مقدار زكاة ِ‬
‫الفطر‪:‬‬
‫صاع من قوت البلد‪ ،‬والصاع‪ :‬أربعة أمداد‪ ،‬والمد يعادل (‪ 611‬جرام‬
‫يجب إخراج ٍ‬
‫تقريباا)‪ ،‬فالصاع‪ 2411( :‬جرام)‪ ،‬أي‪ :‬كيلوين ونصف تقريباا‪ ،‬ويكون إخراجه من قوت‬
‫البلد من البر أو الشعير أو األرز أو التمر أو غير ذلك مما يقتاته الناس‪ ،‬والبر أنفعها‪،‬‬
‫ويجزئ الجنس األعلى كـ(البر) عن الجنس األدنى‬
‫ُ‬ ‫واألرز أكثر انتشار في عصرنا‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬وال يجزئ الجنس األدنى عن األعلى‪ ،‬وال تجزئ‬
‫الذي هو قوت البلد كـ(األرز) ا‬
‫زكاة الفرر مما ليس قوتاا كـ(السكر) و (الشاي)‪ ،‬وال يجزئ الدقيق على المعتمد في‬
‫المذهب وإن اقتاته‪ ،‬وال يجزئ المسوس والمبلول والمعيب الذي ال يمكن ادخاره‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬يجزئ الدقيق عند الحنفية والحنابلة إذا كان يساوي الحب في الوزن‪ُ ،‬‬
‫ويسع‬
‫من يصعب عليه غيره أن يقلدهم‪.‬‬

‫‪ )91‬إخراج القيمة في زكاة ِ‬


‫الفطر‪:‬‬
‫المعتمد في المذهب الشافعي أنه ال يجزئ إخراج القيمة في زكاة الفرر‪ ،‬وهو قول‬
‫الجمهور‪ ،‬وأجاز ذلك اإلمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫– قال د‪ .‬محمد الزحيلي في كتابه المعتمد‪( :‬وال مانع اليوم من األخذ بقوله؛ ألنه‬
‫أنفع في هذا العصر للفقراء‪ ،‬مع تحقيق الغاية من زكاة الفرر في إغناء الفقير)اهـ‪.‬‬
‫– وفي الفقه المنهجي ما نصه‪( :‬ال بأس باتباع مذهب اإلمام أبي حنيفة رحمه الله‬
‫تعالى في هذه المسألة في هذا العصر‪ ،‬وهو جواز دفع القيمة‪ ،‬ذلك ًّ‬
‫ألن القيمة أنفع‬
‫أقرب إلى تحقيق الغاية المرجوة)اهـ‪.‬‬
‫للفقير اليوم من القوت نفسه‪ ،‬و ُ‬
‫وأفتى بذلك الشهاب الرملي رحمه الله تعالى‪ ،‬فتاواه (‪)55/0‬‬

‫[‪]52‬‬
‫تنبيه‪ :‬إذا أراد الشخص أن يخرج القيمة ا‬
‫تقليدا لإلمام أبي حنيفة رحمه الله فعليه أن‬
‫يخرج قيمة المقدار الواجب عنده؛ إذ الواجب عنده نصف صاع من ب ٍر (وهو كيلوان‬
‫وربع) أو صاعٌ من غيره (وهو أربعة كيلو ونصف)‪.‬‬

‫‪ )92‬وقت إخراج زكاة الفطر‪:‬‬


‫في المذهب الشافعي‪ :‬يجوز إخراج زكاة الفرر من أول رمضان؛ ألنها عبادة‬ ‫‪‬‬
‫قياسا على كفارة اليمين‪ ،‬وال يجزىء‬
‫مالية لها سببان فجاز تقديمها على أحدهما‪ ،‬ا‬
‫دفعها قبل رمضان‪.‬‬
‫إال أن األفضل أن تخرج بعد فجر يوم العيد وقبل الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويكره تأخير إخراجها إلى بعد الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬ويحرم تأخيرها عن يوم العيد‪ ،‬ف ن أخرها أثم‪ ،‬ولزمه إخراجها‪ ،‬ويجوز تأخيرها‬
‫لعذ ٍر كغياب ماله‪ ،‬وال يجوز تأخيرها عن يوم العيد ولو لقر ٍ‬
‫يب وجار‪.‬‬

‫‪ )93‬مستحقو زكاة ِ‬
‫الفطر‪:‬‬
‫تُعرى زكاة الفرر إلى من يستحقون الزكاة‪ ،‬وهم األصنا‪ ،‬الثمانية المذكورون في قوله‬
‫ات لفْل ُف َقر فاء والْمساكفي فن والْع فاملفين َعلَْيـها والْم َؤل َف فة قـُلُوبـهم وففي ال فرقَ ف‬
‫اب‬ ‫ف‬
‫ُُ ْ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ‬ ‫تعالى‪( :‬إن َما الص َدقَ ُ َ َ َ َ‬
‫يضةا فم َن الل فه َواللهُ َعلف ٌيم َح فك ٌيم)‪ ،‬والمذهب أنه‬ ‫ف‬ ‫والْغا فرفم ف‬
‫ين َوفي َسبف فيل الله َوابْ فن السبف فيل فَ فر َ‬
‫َ َ َ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫يجب استيعاب هذه األصنا‪ ،‬بزكاة الفرر ا‬
‫احد من صنف و ٍ‬
‫احد‬ ‫شخص و ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لكن اختار جماعةٌ من فقهاء الشافعية جواز صرفها إلى‬
‫كالشيخ أبي إسحا الشيرازي والروياني‪ ،‬قال الخريب الشربيني‪( :‬وهو مذهب األئمة‬
‫الثالثة) اهـ‪.‬‬

‫[‪]53‬‬
‫قال ابن عجيل اليمني‪( :‬ثال مسائل في الزكاة يُفتى فيها على خال‪ ،‬المذهب‪:‬‬
‫نقل الزكاة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ودفع زكاة واحد إلى واحد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬ودفعها إلى صنف واحد) اهـ‪.‬‬
‫وابن عجيل من مشاهير فقهاء الشافعية في اليمن اشتهر بالزهد وكثرة العبادة‪ ،‬اسمه‬
‫أحمد بن موسى بن علي وكنيته أبو العباس توفي سنة ‪791‬هـ‪ ،‬وبيت الفقيه ‪-‬المنرقة‬
‫المشهورة في تهامة – تُنسب إليه‪.‬‬

‫‪ )94‬النية في زكاة الفطر‪:‬‬


‫مثال‪ ،‬وال يشترط التلفظ‬
‫تجب النية في زكاة الفرر‪ ،‬فينوي بقلبه‪ :‬أن هذا زكاةُ بدنه ا‬
‫بعض الفقهاء‪ ،‬كما استحبوا أن يقول‪( :‬ربنا تقبل منا إنك أنت‬
‫بالنية‪ ،‬لكن استحبه ُ‬
‫السميع العليم)‪ ،‬وتجب نية الولي في زكاة الصبي والمجنون ونحوهم ممن يخرج عنهم‪،‬‬
‫وال تشترط نيتهم‪ ،‬ووقت النية عند مناولة المستحق لها أو الوكيل‪.‬‬

‫‪ )95‬الفقير والجنين في زكاة الفطر‪:‬‬


‫شخص زكاة فررته إلى فقي ٍر تلزمه زكاة الفرر‪ ،‬جاز لهذا الفقير إخراجها‬
‫ٌ‬ ‫‪ ‬لو دفع‬
‫عن فررته‪ ،‬بل ويجوز له دفعها لألول الذي أخذها منه إذا كان مستح اقا‪ ،‬بل لو دفع‬
‫مثال وكان مستح اقا للزكاة فأعرته الجمعية صدقته التي أخرجها جاز‬
‫فررته إلى جمعية ا‬
‫له أخذها؛ الختال‪ ،‬السبب‪.‬‬
‫ال يجب إخراج الفررة عن الجنين (الحمل) ال على أبيه وال في ماله‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لكافر‪ ،‬وال لمن تجب نفقتهم‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬ ‫زكاة الفرر كزكاة المال ال يجزئ دفعها‬ ‫‪‬‬
‫لهاشم ٍي وال مرلب ٍي‪.‬‬

‫[‪]54‬‬
‫كيل قبل يوم العيد كفى‬
‫شخصا يقبض له زكاة الفرر‪ ،‬فقبضها الو ُ‬
‫ا‬ ‫إذا وكل الفقير‬ ‫‪‬‬
‫ذلك‪ ،‬ولو تأخر وصولها إلى الفقير‪.‬‬
‫يجوز للمستحق إذا أخذ زكاة الفرر أن يبيعها أو يهديها؛ ألنه مالك لها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ )96‬ليلة القدر‪:‬‬
‫مما اختصت به العشر األواخر‪ :‬ليلة القدر‪.‬‬
‫وسميت بذلك لعظيم قدرها ومكانتها‪ ،‬وألن الله يقدر فيها ما أراده في السنة القادمة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وهي ليلة نزول القرآن الكريم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم {إفنا أَنْـَزلْنَاهُ ففي لَْيـلَ فة‬
‫ف َش ْه ٍر (‪ )3‬تَـنَـزُل‬ ‫الْ َق ْد فر (‪ )0‬وما أ َْدر َاك ما لَْيـلَةُ الْ َق ْد فر (‪ )2‬لَْيـلَةُ اْل َق ْد فر َخْيـر فمن أَلْ ف‬
‫ٌ ْ‬ ‫ََ َ َ‬
‫وح فف َيها بفف ْذ فن َربف فه ْم فم ْن ُك فل أ َْم ٍر (‪َ )4‬س َال ٌم فه َي َحتى َمرْلَ فع الْ َف ْج فر (‪})5‬‬ ‫الر‬
‫َ ُ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫الْم َالئف‬
‫َ‬
‫[سورة القدر‪]5-0 :‬‬
‫وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬من قام ليلة القدر إيماناا واحتساباا غُفر له ما تقدم‬
‫من ذنبه) متفق عليه‪.‬‬
‫حق‪.‬‬
‫ومعنى (إيماناا) أي‪ :‬تصدي اقا بأن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بها ٌ‬
‫و(احتساباا) أي‪ :‬إراد اة لثواب الله ال رياءا‪.‬‬
‫وقيامها‪ :‬هو إحياؤها بالتهجد فيها والصالة والقراءة والذكر‪.‬‬

‫‪ )97‬مراتب قيام ليلة القدر‪:‬‬


‫قال بعض العلماء‪ :‬إن مراتب قيام ليلة القدر ثال ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جماعة‪ ،‬ويعزم على صالة الصبح في جماعة‪.‬‬ ‫أقلها‪ :‬أن يصلي العشاء في‬
‫وأوسرها‪ :‬أن يقوم معظم الليل‪.‬‬
‫وأعالها‪ :‬أن يقوم جميع الليل‪.‬‬

‫[‪]55‬‬
‫وإذا قامها حصل له ثوابها‪ ،‬وإن لم يَـَرها‪ ،‬لكن ثواب من رآها أكمل‪ ،‬وفي المجموع‬
‫خالص ٍ‬
‫ونية‬ ‫ٍ‬ ‫شرح المهذب‪( :‬يستحب لمن رأى ليلة القدر أن يكتمها‪ ،‬ويدعو ب‬
‫ف‬
‫وصحة يقي ٍن بما أحب من دي ٍن ودنيا‪ ،‬ويكون أكثر دعائه للدين واآلخرة) اهـ‪.‬‬
‫وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها أن تقول في‬
‫فاعف عني) أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫عفو تحب العفو‪ُ ،‬‬
‫ليلة القدر‪( :‬اللهم إنك ٌ‬

‫‪ )98‬تحديد ليلة القدر‪:‬‬


‫أكثر العلماء أن ليلة القدر في العشر األواخر من رمضان‪ ،‬فعن ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪( :‬التمسوها في العشر األواخر من رمضان)‬
‫أخرجه البخاري‪.‬‬
‫قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم‪( :‬أكثر العلماء على أنها ليلةٌ مبهمةٌ من‬
‫العشر األواخر من رمضان‪ ،‬وأرجاها أوتارها‪ ،‬وأرجاها ليلةُ سبع وعشرين وثال وعشرين‬
‫وإحدى وعشرين‪ ،‬وأكثرهم أنها ليلةٌ معينة ال تنتقل‪ ،‬وقال المحققون‪ :‬إنها تنتقل فتكون‬
‫في سنة ليلة سبع وعشرين‪ ،‬وفي سنة ليلة ثال ‪ ،‬وسنة ليلة إحدى‪ ،‬وليلة أخرى‪ ،‬وهذا‬
‫أظهر‪ ،‬وفيه جمع بين األحاديث المختلفة فيها) اهـ‪.‬‬

‫(س َال ٌم فه َي َحتى َمرْلَ فع الْ َف ْج فر)‪ ،‬إلدخال الغاية‪،‬‬


‫و جيء بحر‪( ،‬حتى) في قوله تعالى‪َ :‬‬
‫أي‪ :‬لبيان أن ليلة القدر تمتد بعد مرلع الفجر بحيث إن صالة الفجر تعتبر واقعة في‬
‫اجتهاده في‬
‫ُ‬ ‫(أستحب أن يكون‬
‫ُ‬ ‫تلك الليلة‪ ،‬بل قال اإلمام الشافعي رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫يومها كاجتهاده في ليلتها)اهـ‪.‬‬

‫[‪]56‬‬
‫‪ )99‬تكبيرات العيد‪:‬‬
‫يشرع للمسلمين التكبير إذا غربت شمس آخر ٍ‬
‫يوم من رمضان؛ لقول الله تعالى‪:‬‬
‫(ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)‪.‬‬

‫والتكبير نوعان‪ :‬مقي ٌد ومرسل (ويسمى مرلق)‪ ،‬فالمقيد ما كان عقب الصلوات‪ ،‬وهو‬
‫ال يسن على المعتمد في عيد الفرر‪ ،‬وقال بعض الشافعية‪ :‬يسن بعد صالة المغرب‬
‫والعشاء والفجر‪ ،‬وأما في عيد األضحى فيسن من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق‪،‬‬
‫أيضا خلف الصلوات المقضية والنوافل‬ ‫ٍ‬ ‫أي‪ :‬ثالثاا وعشرين صال َة ٍ‬
‫فرض مؤداة‪ ،‬ويسن ا‬
‫الراتبة والمرلقة وصالة الجنازة‪.‬‬

‫التكبير المرسل‪:‬‬ ‫‪)111‬‬


‫أما التكبير المرسل فيكبر المقيم والمسافر في المساجد والررقات ومرافق العمل‬
‫واألسوا ‪ ،‬من غروب شمس آخر أيام رمضان في عيد الفرر‪ ،‬ومن فجر عرفة في عيد‬
‫األضحى إلى أن يحرم اإلمام بصالة العيد‪.‬‬

‫وصيغة التكبير‪( :‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬ال إله إال الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪،‬‬
‫أصيال‪ ،‬ال إله إال‬
‫كثيرا‪ ،‬وسبحان الله بكراة و ا‬
‫كبيرا‪ ،‬والحمد لله ا‬
‫ولله الحمد‪ ،‬الله أكبر ا‬
‫الله وحده‪ ،‬صد وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وأعز جنده‪ ،‬وهزم األحزاب وحده)‪.‬‬
‫قال اإلمام الشافعي رحمه الله في األم‪( :‬وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببته)اهـ‪.‬‬

‫[‪]57‬‬
‫تتمة‪:‬‬ ‫‪)111‬‬
‫شخص آخر أن يخرج عنه زكاة الفرر‪ ،‬وكان الوكيل في بلد غير بلد الموكفل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫لو وكل‬
‫وقوتهم الغالب يختلف عن القوت الغالب في بلد المزكفي‪ ،‬فمن أي القوتين تُخرج ؟‬

‫الجواب‪ :‬قال العالمة ابن حجر الهيتمي في التحفة (‪( :)306/3‬ولو كان المؤدى‬
‫عنه ببلد والمؤدي باآلخر وجب من قوت بلد المؤدى عنه)اهـ‪ ،‬هذا هو األصح بناءا‬
‫على أن التحمل كالحوالة‪ ،‬انظر مغني المحتاج (‪.)005/2‬‬

‫وبناء عليه‪ :‬فمن كان سيُخرج عنه القيمة – كما تقدم في المنشور (‪،)90/011‬‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫كشخص في السعودية وكل من يخرج زكاة الفرر عنه في اليمن‪ ،‬فيجب إخراج قيمة‬
‫الصاع في السعودية؛ ألنه البلد الذي يقيم فيه المؤدى عنه‪ ،‬ال قيمة الصاع في اليمن‬
‫الذي هو بلد المؤدي‪ ،‬ف ذا كان – مثال – قيمة الصاع في السعودية (‪ 01‬ر‪ .‬س)‬
‫تعادل باليمني (‪ 0511‬ر‪ .‬ي)‪ ،‬بينما قيمة الصاع في اليمن (‪ 0111‬ر‪ .‬ي) ‪،‬‬
‫فالواجب أن تخرج فررة هذا الشخص الذي في السعودية (‪ 0511‬ر‪.‬ي) ال (‪0111‬‬
‫ر‪.‬ي)‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫[‪]58‬‬

You might also like