Professional Documents
Culture Documents
في لحظة عاصفة مجنونة قرر قراره ووضع متاريس حول عاطفته وحدث
نفسه " أجل ..سوف أتخلص من عذابك ..من السنوات المريرة التي
عشتها معك ..ثم أنسى صوتك المبحوح الذي تابع خطواتي وأقلق
غفواتي ..وأرتاح من أعمالك المدمرة سوف أنسلخ من ذاتي وأرمي بك
هناك " .كان يحدث نفسه وهو يقود سيارته وقد وصل أطراف مدينته
…
ثم حمل الصغيرة ووضعها بهدوء …نظر إليها نظرة الوداع … قاوم
.دموعه وركب سيارته قاصدا العودة
حاول أن يسرع بسيارته … لكن العاصفة هاجمته قبل أن يبتعد كثيرا
عن الصغيرة النائمة ضغط على مقود سيارته كأنه بطل سباق …
.فانغرست عجالت سيارته في التراب
لف معطفه وأحكم غطاء رأسه .وخرج يحاول عالج الموقف … فتح
باب السيارة … لفح وجهه الهواء البارد ..فارتعدت مفاصله .ثم سمع
صوت ذئب … فتضعضعت قواه … وبكى ،أغلق باب سيارته …
ووضع يده على جبينه واسترسل في البكاء … وأخذ يتذكر كالم أمها
:رحمها اهلل
تنهد بعمق وقال لنفسه :كم عانت أمها معها و صبرت … أما أنا فلم
.أحتملها سوى أشهر قليلة وها أنا أهرب من ذاتي وأرمي بها
أحس أن نبع مشاعره تفجر فأغرق كيانه … وعلم أنه سلك سبيل
الشقاء وجانب درب السعادة ..كيف يهرب من مشاعره األبوية مدى
.الحياة ؟ وهو الذي استسلم بعد دقائق معدودات
بل كيف يتركها للذئاب تنهشها ويرمي نفسه بين رحى األلسن الحادة
التي ستالحقه والنظرات المتسائلة التي ستتابعه ؟ اشتدت العاصفة
فنهض مسرعا وخرج من سيارته باحثا عنها كالمذعور ،وأخذ يركض بين
الشجر رأى جميع األشجار كبيرة ،فأخذ يبحث تحت كل شجرة
ويشهق لهفة عليها ،ويدعو اهلل أن ال يكون قد اختطفها ذئب … أو
.سرقها أحد
لم يكتشف أنه غبي بليد إال في تلك اللحظات … ركض ولهث وتعب
!!! .ثم سمع صوتها تبكي بذعر بالغ
تابع الركض … سارع الخطوات خفق قلبه ،قاوم مخاوفه ،إنه يريد أن
يصل إليها عبر كل المتاهات التي يراها أمامه ،بدأت خطواته تسير في
االتجاه الصحيح … وضح صوتها أكثر ،اقترب منها سبقت ذراعاه
قدميه … عانقها بلهفة … أغرقها بقبالته ودموعه ،حدق في عينيها
:وقال
به" " ..عيناك الجميلتان قدري وسوف أرضى
حملها ،ومسح رأسها وقال لنفسه :رغم "بالهتها " فهي ابنتي …
حبيبتي … وهي هبة الرحمن لي .حملها على ظهره المنهك ،وتذكر
:وجه أمها المضيء وثغرها الباسم وهي تردد اآلية الكريمة
أعلى الصفحة