Professional Documents
Culture Documents
SR2
SR2
نـصوص نـقابـيـة
-مدخل عام
-العمل الواجهي
-الديمقراطية والبيروقراطية
النقابيون الراديكاليون
مدخل عام
العمل النقابي ضرورة يقتضيها الواقع يهدف في األساس إلى تجميع قوى شريحة أو فئة أو طبقة للدفاع
عن مصالحها المادية والمعنوية المباشرة والغير مباشرة وهو تعبير جنيني عن حالة وعي سياسي أي انه
تحسس عفوي لعالقة فئة معينة بمحيطها والنقابة هي األداة األولى للتعاطي معه
إن الطلبة يمثلون شريحة تشترك في الفضاء والحياة اليومية والطموحات المستقبلية ولهم مصالح مشتركة
ينزعون للدفاع عنها او تحقيقها وال يعوق هذا العمل انتماءاتهم الجهوية أو الطبقية وان كان لها بعض
التأثير
إن انتماء بعض الطلبة لعائالت غنية وبعض أخر لعائالت فقيرة ال يمثل عائقا أمام وحدتهم وتضامنهم
ولكن قد يؤثر في طبيعة بعض المطالب التي ترفع أي بشكل أوضح وعلى سبيل المثال قد ال تعني رداءة
األكلة أو السكن الطلبة المنتمين للطبقات المرفهة ولكنهم سيجدون أنفسهم جنبا إلى جنب مع زمالئهم في
الدفاع عن قضاياهم البيداغوجية والمعرفية واستحقاقاتها
إن العمل عل توحيد مختلف الطلبة منوط بعهدة المناضل النقابي الذي يجب أن يكون على دراية واسعة
بمشاغلهم وهمومهم وصياغة الخطاب وخلق اآلليات الموحدة للحركة الطالبية
الدليل الواضح على ضرورة العمل النقابي والحاجة إليه يكمن في خوض الطلبة لنضاالت عدة حتى في
غياب منظمة أو إطار نقابي ولكنه يكون عفويا قابال لإلخماد في أي لحظة وهنا تنشا ضرورة التنظيم أي
إيجاد ذلك الهيكل الذي يعمل على تسليح الطلبة بالوعي وتحريضهم الدائم وصياغة البرنامج النضالي
وتوحيد مجهودات الطلبة على المستوى الوطني والعالمي والخروج بهم من حالة عزلة الفضاء الجامعي
ليطال المستويين الطالبي والشعبي
ويبقى نجاح العمل مرتبطا اشد االرتباط بمدى االنضباط األخالقي الصارم والعمق المعرفي للمناضلين
وارتباطهم بجماهير الطلبة من خالل نضال وعمل يومي دءوب حتى تعزز ثقة المحيطين بهم
إن أسئلة كثيرة قد يطرحها الطلبة في عالقة بالعمل النقابي واغلبها يكون نتاجا للواقع المعاش أي حالة
التهميش وضعف المنظومة التعليمية التي تربي أجياال على التحليل والرؤية الميكانيكية لألشياء وتربي
الفرد على األنانية والفر دانية والبحث عن المصالح الخاصة وتغليبها على المصلحة العامة للمجموعة
إن سؤاال رائجا كثيرا ما يجابه به مناضلو االتحاد العام لطلبة تونس حول مدى أهمية العمل النقابي
وجدواه فالحياة الجامعية قصيرة وفترة يمكن تحملها وتجاوزها وال حاجة للنضال من اجل تحسينها أو
تغييرها وهو سؤال مهم نوعا ما إذا نظرنا إليه من زاوية الزمن في عالقته بالطالب وهو يعزل الجانب
التراكمي للنضال النقابي ويغفل عمل أجيال متواصل ومكاسب تحققت وانتكاسات كانت لتحدث لوال
تصدي الحركة الطالبية لها فلوال نضال أجيال متواصل ضد وجود البوليس الجامعي لما رأينا هذا الحلم
ال يمكن تحقيق هذا العمل السياسي إال عبر تشكيل الوعي السياسي المناسب له يتشكل عبر حلقاته األدنى
أي الوعي النقابي لذلك قلنا إن العمل النقابي هو عمل سياسي في مرحلته الجنينية وهكذا فان العمل
النقابي عمل إصالحي ولكن في إطار عمل ثوري يتشكل عبر عملية تراكمية
إن االقتصار على االصالحوية يعني التو هان في حلقات مفرغة كما أن المرور المباشر للعمل الثوري
سيعني القفز على معطيات الواقع ويؤدي إلى انتكاسة وهي ثورجية خطيرة تولد حاالت الردة .إن دعاة
األطروحة األخيرة أشبه بمن يريد تعليم تالميذ االبتدائي نظرية النسبية
إن للطلبة حقوقا ودور المناضل النقابي هو نشر الوعي بتلك الحقوق واجتذاب أوسع الجماهير الطالبية
لاللتفاف حولها والتنظيم للدفاع عنها وعليه إن يكون على وعي تام بالحقيقة المذكورة سابقا ذلك أن
العمل الثوري هو عمل األقلية المحترفة على عكس عمل المنظمات النقابية كونها منظمات جماهيرية
يجب أن تضم بين صفوفها مختلف الطلبة بمختلف توجهاتهم ومشاربهم والنقابي الناجح هو ذلك الذي
يفلح في خلق األطر لمختلف المحيطين به فيدفع بالعمل النضالي على مستويات عدة تشمل الثقافي والفني
والبيداغوجي إلى أخر ذلك ويرسم خطة للتحريض الدائم فيقوم بتفكيك العمل إلى عناصر بهدف إعادة
تركيبها ضمن كل غير قابل للتجزئة في إستراتيجية شاملة
إن العمل النقابي عمل مطلبي باألساس ولكنه يفتح األفق أمام عمل أخر وهو النضال السياسي لذلك يجمع
العملين عالقة جدلية قوامها التأثير والتأثر فبقدر تطور العمل النقابي وتقدمه يجذب معه العمل السياسي
وبقدر تراجعه يتراجع العمل السياسي كما أن الوعي السياسي يجعل المناضل الطالبي أكثر الماما بطبيعة
المعضالت وأكثر قدرة في التعاطي معها وإيجاد الحلول
لذلك فان االتحاد العام لطلبة تونس ليس منظمة سياسية ولكن هذا ال ينفي أن له لونه السياسي من خالل
انحيازه إلى الفقراء والطلبة المهمشين والجموع التي ديست حقوقها تحت أحذية النظام وأعوانه
إن التوجه العام للنظام اليوم والذي يرى الطلبة مجرد مشروع استثماري يقاس بمدى مردوديته وأعدادا
يتمكن باسمها من الحصول على المنح والقروض من صناديق النقد الدولية تدفعه مثال اليوم إلى التخلي
عن إسداء الخدمات الجامعية بل و خوصصتها وتسليمها لرجال األعمال الذين لن يهتموا إال بجني
األرباح ومص دماء الطلبة ونهب أموالهم ولوال احتجاج الحركة الطالبية المتواصل لحصل المحظور
ولرأينا اعداد ضخمة متزايدة من الطلبة تنقطع عن الدراسة بسبب عدم قدرتها على مجابهة مصاريف
الحياة الجامعية وبذلك تكون الحركة الطالبية عبر تراكم نضالي نجحت في الحفاظ على الخدمات
الجامعية حتى بوضعها المتردي وهي مطالبة اليوم بمزيد النضال لتحسينها بما يلبي رغبات وطموحات
عموم الطلبة
إن الوضع الجامعي مأزوم اليوم ولكن لوال النضال النقابي لكان أكثر كارثية والحاجة تقتضي النضال
المستمر ال التساؤل حول جدوى العمل النقابي وذلك لتحقيق ظروف أفضل في الحاضر والمستقبل
ألجيال تأتي
إن النتائج الدنيا الممكن تحقيقها من خالل العمل النقابي تتمثل في حماية الجامعة والطلبة بشكل عام من
تراجعات ممكنة والحفاظ على كرامة الطلبة حقوقهم ويمكن أن يالحظ ببساطة معاناة الطلبة في األجزاء
الجامعية حيث يتغيب العمل النقابي وتعرضهم الدائم للتجاوزات اإلدارية والتعاطي معهم بعقلية القطيع بل
ويصل األمر حد ترهيبهم إلى جانب تفشي الجهل بأبسط حقوقهم
كما أن النضال النقابي يضع نصب عينيه ال مجرد الحفاظ على الجامعة وحمايتها بل والعمل على تأسيس
البديل األفضل
ولكن من الذي يستهدف الحياة الجامعية ومن يقف وراء تردي األوضاع فيها .طبعا ليس الطلبة بل و
النظام القائم المنقاد بساسة عدم تدخل الدولة وترك األمور لقانون السوق مما يجعل التعليم العالي عبئا
عليه فيسعى للتخلص منه عبر الدفع الغير مباشر بالطلبة لهجران مقاعد الدراسة
فالدولة اليوم ال تتحمل مسؤولية التشغيل والتعليم أصبح مجاال لالستثمار وجني األرباح مما يقتضي
تشجيع الجامعات الخاصة والتعليم عن بعد والتخلي عن الخدمات الجامعية
فلماذا إذن كل هذه الضوضاء النقابية أفال يكون الحل بالمرور مباشرة إلسقاط النظام وحل المسالة بشكل
جذري .ان هذه األطروحة هي وراء تساءل الطلبة بشكل عفوي حول جدوى النضال النقابي أمام ما
يلمسونه من غياب نتائج مباشرة وملموسة ولكن دون أن يصل بهم األمر حدود إدراك طبيعة المشكلة
وخباياها فيدفعهم اإلحساس بصعوبة المهمة إلى االستقالة بتعلة عدم جدوى النضال وانسداد األفق
في الجانب األخر طرحت عديد األطراف تحويل الحركة الطالبية إلى هيئة ثورية إلسقاط النظام رافضة
العمل النقابي معتبرة إياه مضيعة للوقت واستنزافا للطاقات
نعم إن الحل يكمن في إسقاط النظام وبناء أخر جديد ولكن هذا عمل سياسي بامتياز
العمل النقابي وحدة حركة واطر
العمل النقابي هو دفاع عن مصالح فئة أو شريحة معينة وبالتالي فان هدفه هو تجميع هذه الفئة وتوحيدها
حول مطالبها بوصفها موضوعا مشتركا وهي لن تكون بأي حال من األحوال مسالة للخالف وتباين
وجهات النظر وبالتالي بان العمل النقابي ضرورة تستوجب وحدة الحركة أي وحدة الفعل ولهذه األخيرة
استحقاق أال وهو وحدة اإلطار أي وحدة المنظمة النقابية حيث يتجمع في الطلبة في مختلف هياكلها
إن الحاجة إلى تعددية نقابية منتفية وال ضرورة لها في الواقع فهل تحتاج المطالبة بتحسين األكلة
واالحتجاج على ترديها تكوين أكثر من منظمة نقابية
إن كثيرا من األطراف ترفع شعار التعدية تحت دعاوى الحرية وتخلط عمدا بين مفهوم العمل النقابي
والعمل السياسي فهذا األخير تعبير عن مشروع مجتمعي وتصور للدولة التي تحمل في أحشائها
تناقضات بين مختلف الطبقات التي تتصارع فيما بينها وقد تعبر الطبقة عن نفسها بأكثر من حزب وفقا
لمختلف الشرائح التي تتشكل منها وقد يعبر الحزب عن مصالح أكثر من طبقة أو طبقة واحدة لذلك فان
العمل السياسي يفترض التعدد انطالقا من واقعه ولكن وفي هذا الباب فان الحزب يسعى لتوحيد الطبقة آو
الشريحة التي يعبر عنها كذلك المنظمة النقابية تسعى إلى توحيد الطلبة حولها
إن ما سبق يبطل دعاوى المناداة بالتعددية النقابية تمثال بالتعددية السياسية ويكشف عنها ورقة التوت
التي تتستر به وخلطها المتعمد والمشوه بين العملين أي السياسي والنقابي
إن دوال كثيرة محسوبة على النظم الديمقراطية ال نجد فيها تعددية نقابية غير أننا نتساءل حول هذه
الظاهرة ونحاول البحث في أسبابها وخلفياتها
في األنظمة ذات الطابع الشمولي والدكتاتورية يلجا الحزب الحاكم اى تشكيل جناح طالبي يدين له
بالوالء تحت غطاء نقابي وهذا مهم حتى ال يكون النشاط السياسي لهذا الجناح معلنا فيكون ذريعة
ألطراف أخرى لممارسة النشاط السياسي وهو ما يعتبر خطرا على هذه األنظمة وهذا ما يمكن أن نلمسه
في تونس وبقية دول الوطن العربي فقد حاول حزب الدستور تدجين االتحاد العام لطلبة تونس عبر
استخدام القمع واالختراق مستعمال الطلبة الموالين له ولما فشل عمد إلى إيجاد منظمة خاصة به وتشجيع
نشوء منظمات أخرى حتى يضمن تشتيت الحركة الطالبية وإضعافها من خالل خلق حالة من التجاذب
واالرتباك الداخلي
دون مبالغة فان اغلب االتحادات الطالبية في الدول النامية موالية للحزب الحاكم مما يدفع بالطلبة إلى
التنظم السري والعمل خارج األطر القانونية
قد تنشا التعددية النقابية في دول ذات تقاليد عريقة في الديمقراطية ولكن مرده في الغالب صراع
الزعامات والحسابات السياسية لبعض القوى التي تعمد إلى تنظيم فصائلها الشبابية تحت يافطات نقابية
إن أكثر ما يسعد األنظمة وأعداء الحركة الطالبية هي حالة التعددية النقابية إذ تتيح لهم هوامش كبرى
للمناورة بين مختلف التشكيالت عبر تغليب شق على أخر وتشجيع الصراع المحتدم بينها ورشوة مختلف
األطراف
قد تبرز منظمة تتمكن من حيازة تعاطف أوسع الجمهور الطالبي فتعمد السلطة إلى دعم منظمة أخرى
عبر المال وتقديمها كممثل شرعي للطلبة فتعقد معه الصفقات وتنال منه التنازالت التي سيقدمها طواعية
نظرا لحالة ضعفه وهكذا تخلق بيئة متميزة لتفشي أمراض االنتهازية
إن التعددية النقابية ما هي إال فتح الباب على مصراعيه أمام الطوابير الخامسة وكما قيل قديما " ال تأخذ
القالع إال من الداخل " فالحركة الطالبية قادرة تماما على مواجهة القمع والصمود في وجهه وتحقيق
االنتصارات ولكنها تنتكس يوم يتحول الصراع مع السلطة إلى صراع داخلي مع قوى جذب إلى الخلف
ودعاة الهدنة والتهدئة والتوافق والنموذج األبرز في تاريخنا هو الدور الذي لعبه الطلبة اإلسالميون
لصالح حزب الدستور في الثمانينات حي وصل بهم األمر حد تكفير العمل النقابي وجر الحركة الطالبية
إلى صراعات حول الهوية والدين والمسائل األخالقية واللباس وتفشت ظاهرة العنف المادي واللفظي
لينتهي بهم األمر إلى تأسيس منظمة نقابية موازية كانت سببا مباشرا لهجران جموع الطلبة للعمل النقابي
بعد ما لمسوه من حالة تشتت وانقسام وتصارع
يعود اليوم اإلسالميون ممثلين في طلبة حركة النهضة بعد وصولها إلى السلطة لتقديم أنفسهم على أنهم
نقابيون ويقدمون صراعهم مع االتحاد العام لطلبة تونس على انه صراع حول قيم الهوية واإلسالم
مقولبين العمل النقابي في إطار الدين محاولين خلق محاور صراع جانبية وجعل المتفق فيه محل جدل
خالفي وهو أمر مربك فعال للحركة الطالبية كما لم يدخروا جهدا في الدفاع عن شرعية السلطة
والترويج لها والتبرير لجرائمها بحق الجامعة فال عجب إذن أن تحسم الحركة الطالبية أمرها لتمنح ثقتها
لالتحاد العام لطلبة تونس على مدى سنتين متتاليتين حازت فيها منظمتنا النقابية أغلبية األصوات
واكتسحت نتائج انتخابات المجالس العلمية
إلى جانب هؤالء تنبعث بعض األصوات هنا وهناك من حزب الدستور ومشتقاته تطالب بنيل نصيب من
كعكة الجامعة فيعبرون عن استعدادهم لالنخراط صلب االتحاد العام لطلبة تونس بكل وقاحة فجة شجعهم
في ذلك انتهازية بعض األطراف وتذيلهم وتارة أخرى يعلنون عزمهم تأسيس منظمة خاصة بهم
إن االتحاد العام لطلبة تونس يواجه دعايات مختلفة لتضرب قيادته لحركة الطالبية وتحاول التشكيك فيها
من خالل الدعوة باسم الحرية المغلوطة للتعددية النقابية بل ويصل األمر حد تبريرها بتوفيرها مناخا
للتنافس والتباري والحل أنها ال توفر سوى أرضية تشتت القوى وتشرذمها
إن الرد والتصدي لمختلف الدعايات عمل يومي يقوم به مناضلو االتحاد العام لطلبة تونس دفاعا عن
منظمتهم وتاريخها النضالي العريق ودفاعا على الحركة الطالبية ووحدتها
العمل الواجهي
تعرف الدول القمعية حالة عزوف عن متابعة الشأن العام في ظل احتكار النظام لكل الفضاءات ومجاالت
التعبير فتنشا حالة من تجريم العمل السياسي وانتشار العفوية وتراجع الوعي السياسي وأما هذه الحالة ال
تجد التيارات واألطراف السياسية من حل سوى التخفي خلف ستار العمل النقابي والعمل من خالله
وباسمه على استقطاب الطالئع الطالبية فيحدث الخلط بين العمل السياسي والنقابي داخل الجامعة بل وقد
ينظر الطلبة إلى عمل كهذا على انه انتهازية ومتاجرة بمصالح الطلبة وهي نظرة صائبة نوعا ما أمام
ممارسة بعض األطراف التي ال ترى في العمل النقابي مجرد أداة للتعبئة واالستقطاب
إن العمل الواجهي ليس جريمة ولكن المعضلة في كيفية التعاطي معه فالمنظمات النقابية هي ضرورة
جماهيرية تستوجب تعبئة أوسع عموم الطلبة وتاطيرهم وبقدر ما يكون التيار أو الطرف السياسي أمينا
وصادقا في التعاطي مع القضايا النقابية والدفاع عن مصالح الطلبة بقدر ما تتعاظم ثقة الجماهير الطالبية
فيه وهو ما يخلق أمامه حقال واسعا يمكنه من االستقطاب وترويج أفكاره بين صفوف الجماهير الطالبية
غير أن أطرافا تحاول مماهاة عملها السياسي بعملها النقابي فتجعل المعبر لما هو نقابي سياسي بل أن
بعضها يجعل االنخراط الحزبي شرطا لالنخراط النقابي وهي ممارسة انتهازية تعبر عن اإلفالس
والضعف والخوف من الجماهير وانعدام الثقة في البرنامج والفكرة
ولعل تجربة اتحاد الشباب الشيوعي خير دليل على ذلك حيث استولت على قيادة االتحاد العام لطلبة
تونس وجعلت االنخراط حكرا على منتسبيه مقصية اآلخرين وعلى نقيض ذلك تقف تجارب أخرى
اهمها تجربة "الكتلة " التي ما انفكت تروج لتجريم العمل السياسي وتقديم نفسها على انها جهة نقابية
واعتبرت العمل السياسي داخل الجامعة شر مستطير يجب التصدي له متناسية أنها تناقض نفسها من
خالل الممارسة فهي تقوم بتجميع الطلبة تحت دعايتها الخطيرة تلك لتقوم فيما بعد بفرز عناصر
لمشروعها السياسي تعود إثرها لممارسة اإلقصاء
ان هذا الفهم المغلوط للعمل الواجهي يفسر فشل التجربتين ونفور الطلبة وانفراط عقدهم من حولهما
كما ال يفوتنا التعريج على بعض األطراف التي ال تؤمن بالعمل النقابي لكنها ال ترى مانعا من التظاهر
بممارسته لمجرد ضمان استمرار عملها السياسي
إن تجربة النقابيون الراديكاليون انطلقت لتعيد االعتبار للعمل النقابي وايالئه المقام األول في نشاطها
داخل أسوار الجامعة لكن دون تجريم العمل السياسي بل والدفاع عن حرية العمل السياسي واعتباره حقا
مكتسبا للحركة الطالبية مركزة في دعايتها على ضرورة تحريض الشباب على االهتمام بالشأن العام
وكان نهجها نهج الوضوح والمصارحة في عالقة بجماهير الحركة الطالبية
ان القيام بالواجب النقابي على وجه الكمال وربطه بما هو سياسي يساهم في ارتقاء الوعي الطالبي كم
يعزز ثقة الطلبة بالنقابيين الراديكاليين وهو ما أثبتته التجربة من خالل سرعة االلتفاف الجماهيري من
حولنا وبقدر عملنا الجاد في المجال النقابي بقدر ما تتعاظم ثقة الحركة الطالبية بنا و يكون انخراط
الطلبة في تجربتنا طوعيا دون الحاجة إلى حبك األكاذيب وترويج المغالطات
العمل النقابي مقياس الوعي الطالبي
كيف يمكن لنا أن نقيس الوعي الطالبي .المسالة ال تخضع للمزاج أو للتقديرات العاطفية بل تخضع
لمعايير علمية ومقاييس .إن المقياس األبرز للوعي الطالبي يكمن في مدى انخراطها في الدفاع عن
مصالحها وحقوقها المادية والمعنوية أي مدى انخراطها في العمل النقابي
لقد بلغت الحركة الطالبية مستويات من الوعي تجاوزت حد الوعي النقابي لتنخرط جنبا إلى جنب في
النضال الشعبي والجماهيري وهو ما يثبته التاريخ من خالل انخراطها جنبا إلى جنب مع العمال
والتحامها بتحركاتهم خاصة في أحداث الخميس األسود بل وكانت طليعة الجماهير الشعبية في انتفاضة
الخبز وقدمت سلسلة من الشهداء وتجاوز األمر حد الحركة الشعبية على المستوى الوطني لتقدم قوافل
الشهداء والمقاتلين في فلسطين ومخيمات الشتات .
إن جماهير الحركة الطالبية تتغنى اليوم بمآثر حركة فيفري المجيدة حيث هبت جموع الطالب من
مختلف األجزاء للرد على انقالب قربة وتجمعت اآلالف بكلية الحقوق تونس لتخط قواعد وأسسا جديدة
للعمل النقابي هي أفضل تعبير عن نضال أكثر من عقد ضد الهيمنة واإللحاق واستطاعت بصبر وعناد
أن تفرض رؤيتها على ارض الواقع فتحقق حلم األجيال بانجاز المؤتمر 18خارق للعادة .
ورغم حاالت الجزر اثر موجات القمع المتكررة فان الحركة الطالبية والعمل النقابي يشهد انتعاشة
بمجرد ظهور بوادر انفراج حيث يقول الرفيق الراحل الطاهر قرقورة في سياق حديثه عن القمع
"عزاؤنا الوحيد في ذلك أن الساحات الوالدة " وبالتالي فالحركة الطالبية تزخر على الدوام بطاقات
خالقة رغم الدعاوى الدائمة بقلة وعي الطلبة والمباالتهم وتحميل الفشل لتخلف الطلبة
الوعي الطالبي يقاس بمدى انخراط الطلبة في العمل النقابي ولقد كانت تجربة المؤتمر الوطني الخامس
والعشرون خير دليل على تقدم هذا الوعي أمام ما الحظناه من إقبال ال مثيل له على اقتناء االنخراطات
وتزايد الطلب عليها .يبقى علينا أن نتساءل حول المطلوب من اجل الحفاظ على هذا الوعي وتعزيزه
إن تقدم هذا الوعي أو تراجعه ال يتحمل مسؤوليته الطلبة بل القيادة النقابية والمناضلون الذين عليهم أن
يقدموا العمل النقابي في أبهى صوره والعمل على الدعوة إليه وتشريك عموم الطلبة فيه
فإذا رأيت جزءا جامعيا يعزف فيه الطلبة عن العمل النقابي فاعلم أن مناضلي ذلك الجزء وحدهم من
يتحملون المسؤولية قوال وفعال سواء من خالل تقصيرهم في أداء الواجب المناط بعهدتهم أو تعاليهم عن
جموع الطلبة أو سوء سلوكهم بشكل عام والعكس صحيح تماما فكثيرة هي األجزاء التي يشارك فيها
الطلبة بكثافة عالية في مختلف التحركات وهذا راجع إلى الثقة العالية التي يحظى بها المناضلون بينهم
العمل النقابي بين االستقاللية و اإللحاقية
لقد سعى النظام في تونس بعد االستقالل المزعوم إلى تدجين مختلف مظاهر الحياة السياسية والنقابية
محتكرا إياها جاعال منها مجرد ملحقات ال دور لها سوى التأييد والمباركة وكان االتحاد العام لطلبة
تونس احد المنظمات المستهدفة بالتدجين واإللحاق عبر فرض طلبة حزب الدستور في داخله ودعمهم
ماديا وقمع كل من خالفهم وصل حد فرض فقرة في الميثاق الطالبي تنص " االتحاد العام لطلبة تونس
منظمة نقابية تعمل تحت إشراف الحزب االشتراكي الدستوري " وقد خاضت الحركة الطالبية معركة
االستقاللية بكل شراسة كانت حركة فيفري ابرز محطاتها والتي توجت بانجاز المؤتمر 18خارق للعادة
مقدمة في ذلك قوافل الشهداء والمساجين وبعد انقالب 7نوفمبر وجدت الحركة الطالبية وطليعتها
االتحاد العام لطلبة تونس أمام حالة جديدة بعد أن فهم حزب الدستور استحالة السيطرة على االتحاد العام
لطلبة تونس فسعى إلى إيجاد منظمة أخرى خاصة بطلبته واكتفى بالقمع وترهيب المناضلين مع بعض
محاوالت االختراق أما الحالة الجديدة فتمثلت في سيطرة فصيل حزبي أي الجناح الشبابي لحزب العمال
على هياكل المنظمة فجعل منها ملحقا حزبيا يعمل وفق أجندات موضوعة سلفا يناور بها لتحسين شروط
تفاوضه مع النظام ال غير فيجرم كل عمل نقابي وكل مظهر من مظاهر االحتجاج قد يوتر عالقة الحزب
بالسلطة كما يعمد إلى جر الحركة إلى معارك ال مصلحة للطلبة فيها سوى نيل الحزب لمكاسب وأمام
هذه الحالة لم تقف الحركة الطالبية مكتوفة األيدي بل تصدت للقيادة االنتهازية لتحاصرها وتعزلها
وتشهر بها وحققت في ذلك نجاحا أطاح بهيمنة حزب العمال وأطاح بمن أتى بعده والذي حاول تكرار
نفس التجربة مع تغيير المساحيق
إن حالة الردة تدفع بكثير من األحزاب والتيارات إلى محاولة تطويع الحركة الطالبية لخدمة أجنداتها
واستعمالها ألغراضها الخاصة
واليوم يسعى حزب العمال من جديد إلى إعادة الكرة بعد قيامه بانجاز مؤتمر وهمي باسم االتحاد العام
لطلبة تونس كي يتمكن من خالله من توظيف الحركة الطالبية لخدمة أجنداته في جبهة اإلنقاذ وتحسين
شروط وجوده وهو عمل باء بالفشل منذ البداية
إن الحركة الطالبية تتعرض بشكل دائم لمثل هذه المحاوالت أي التدجين أو اإللحاق ولكنها تنجح دائما
في إسقاط كل ما يحاك ضدها وإفشاله ونحن من خالل هذا النص نؤكد على ضرورة الحفاظ على
استقاللية المنظمة واستقاللية القرار الطالبي ولذلك رفع مؤتمر من اجل رد االعتبار للحركة الطالبية
شعار " ارفعوا أيديكم عن منظمتنا "
انم اسبق ال ينفي حق األفراد المتحزبين من االنتماء إلى المنظمة النقابية شرط أن ال يكونوا منتمين
للحزب الحاكم آو حزب السلطة وشرط أن ال يكون عملهم داخل المنظمة من اجل تطبيق أجندات سياسية
حزبية ضيقة تهدد مما يهدد جماهيرية المنظمة ويجعلها مجرد أداة لتحقيق مصالح اآلخرين
الديمقراطية والبيروقراطية
شرط نجاح المنظمات الجماهيرية أو الحزبية هو احتكامها للديمقراطية في عملها وتسيير هياكلها
واالتحاد العام لطلبة تونس هم إحدى هذه المنظمات الجماهيرية لذلك بنيت هياكله بشكل يضمن انبثاقها
من عملية انتخاب ويجعلها مفصال رئيسيا في اتخاذ القرار لذلك نجد الهيئة اإلدارية التي تتشكل من
الكتاب العامين وأعضاء المكتب التنفيذي سلطة عليا في اتخذ القرار كما أن المؤتمر وهو اعلي سلطة
يجمع مختلف األعضاء المنتخبين من جمهور الطلبة للتعبير عنهم وعن إرادتهم وبقدر ما تعزز
الديمقراطية في العمل بقدر ما تتسع جماهيرية المنظمة ويزداد منخرطوها وأنصارها وان احد أهم ركائز
العملية الديمقراطية إلى جانب االنتخاب يتمثل أيضا في المحاسبة وتوفر آليات الرقابة لمل لها من دور
في منع االنحرافات وبناء العالقات التنظيمية السليمة داخل الهياكل ومنعا لالستفراد بالرأي والقرار
في غياب الديمقراطية تنشا البيروقراطية وهي فئة معزولة عن الجماهير تعمل فقط في خدمة مصالحها
الخاصة وهي مرض مالزم للعمل النقابي وقد القى بثقله في أكثر من مناسبة على االتحاد العام لطلبة
تونس
إن السلطة دائما تسعى إلى استمالة القيادة النقابية وتطويعها عبر الرشوة وشراء الذمم وتقديم اإلغراءات
المختلفة وفي ظل غياب الرقابة وعمل الهياكل ترتمي القيادة في أحضان السلطة لكنها تسعى إلى الحفاظ
على بعض الجعجعات الثورية لتحافظ على صورتها أمام الجماهير ومختلف الهياكل
إن البيروقراطية تعني التخلي عن النضال الجماهيري الواسع كحل رئيسي لكل المعضالت واستبداله
بالمفاوضات حصرا والميل للمهادنة وفي سبيل هذا تعمد القيادة النقابية إلى تعطيل الهياكل وتهميشها
لإلفالت من كل شكل من أشكال الرقابة
لعل في اتحاد الشغل يتوفر النموذج األبرز بوجود بيروقراطية تتوارث القيادة وتعادي نضال العمال بل
وكل أشكال النضال وتقبل به في بعض األحيان مكرهة وبهدف تحسين شروط تفاوضها مع السلطة من
اجل مكاسب خاصة ال غير أما في تاريخ االتحاد العام لطلبة تونس فلعل عز الدين زعتور ومن أحاط به
من أعضاء المكتب التنفيذي دليل أخر على خطورة البيروقراطية وهو ما دفع النقابيون الراديكاليون إلى
إصدار بيان سنة 2004اي مباشرة بعد سنة واحدة من المؤتمر 24فضحوا فيه العمل البيروقراطي
للمكتب التنفيذي رغم تواجد ثالث أعضاء ينتمون للتجربة ولم يمنع انتمائهم للنقابيين الراديكاليين من
التشهير بهم حتى يعلم الجميع ان ال احد خارج دائرة المحاسبة والرقابة وان مصلحة الحركة الطالبية
هي وحدها المرجع
وفي نفس اإلطار ال بد أن نشير إلى أن جوهر الخالف القائم اليوم بيننا وبين بعض األطراف في عالقة
بانجاز مؤتمر االتحاد العام لطلبة تونس يكمن حول ضرورة اعتماد االنتخابات واالحتكام إلى الصناديق
وهو ما رفضه اتحاد الشباب الشيوعي التونسي داعيا إلى عملية توافقية فوقية مقيتة تمكنه من االنقالب
والحصول على ما ال يمكنه أن يكون حقا ومثل هذا السلوك هو الطريق المعبد نحو البيروقراطية القاتلة
و من اجل ذلك فإننا نعتبر أن الطريق اليوم إلى التوحيد ال يمر إال عبر االحتكام إلى الصناديق وان
دعوات الوحدة الملغومة مرفوضة سلفا