Professional Documents
Culture Documents
وتعدّ الدراسات الجامعية من أبرز مصادر الدراسات الجادة؛ وتنبع جديتها من أسباب
-1اشتراط التزام الباحث بمواصفات البحث العلمي التي تفرضها الجامعات على
الباحثين.
-2الرقابة التي تفرضها الجامعات على البحث العلمي (أثناء البحث) ،والمتمثل بوجود
-3الرقابة التي تفرضها الجامعات على البحث العلمي (بعد البحث) :والمتمثل بوجود
وتتعدد الدراسات كثرة وقلة تبعا لتأثير العلماء يف مجتمعاتهم .فكثرة الدراسات الجامعية
حول اإلمام األلباين -رحمه اهلل-تنبئك عن مكانة هذا اإلمام يف األمة اإلسالمية.
* ومن هذه الدراسات يف الجانب العقدي:
"-جهود اإلمام األلباين يف بيان عقيدة السلف يف اإليمان باهلل تعالى" ،رسالة ماجستير،
بجامعة تكريت ،العراق ،إعداد :أحمد صالح حسين الجبوري ،طبعت عن الدار األثرية يف
"-الشيخ األلباين ومنهجه يف تقرير مسائل االعتقاد" ،رسالة ماجستير ،بكلية دار العلوم
بالقاهرة ،إعداد :محمد سرور شعبان ،طبعت عن دار الكيان يف الرياض ،يف 823صفحة.
« -أثر زيادة الثقة يف التصحيح والتضعيف عند األلباين يف كتابه (سلسلة األحاديث
« -مقاييس نقد متن الحديث عند األلباين من خالل كتابه (سلسلة األحاديث الضعيفة
والموضوعة)» ،رسالة دكتوراه ،بجامعة الحاج لخضر ،الجزائر ،إعداد :عبد المجيد
مباركية.
« -منهج الشيخ األلباين يف دراسة األسانيد من خالل السلسلتين الصحيحة والضعيفة»،
رسالة دكتوراه ،بجامعة أسيوط ،كلية أصول الدين ،إعداد :رشوان أبو زيد محمود.
"-منهج العالمة المحدث األلباين يف تعليل الحديث" ،رسالة دكتوراه ،بالجامعة األردنية،
إعداد :محمد حمدي أبو عبده ،طبع عن دار اللؤلؤة ،يف 502صفحة.
"-منهج الشيخ األلباين يف تقوية األحاديث بالشواهد" ،رسالة دكتوراه ،بالجامعة األردنية،
« -آراء األلباين األصولية" ،جمعا وتوثيقا ودراسة ،رسالة ماجستير ،بجامعة اإلمام محمد
« -آراء الشيخ األلباين الفقهية يف العبادات» ،دراسة فقهية مقارنة ،رسالة دكتوراه ،بجامعة
أم القرى بمكة-كلية الشريعة ،إعداد :الدكتور الشريف مساعد محمد الحسني ،طبع عن
"-آراء الشيخ األلباين الفقهية يف المعامالت وبقية أبواب الفقه" ،رسالة دكتوراه ،بجامعة
أم القرى بمكة-كلية الشريعة ،إعداد :د .خالد بن راشد بن محمد المشعان ،طبع عن دار
« -االختيارات الفقهية لأللباين من خالل كتاب صفة صالة النبي صلى اهلل عليه وسلم»،
رسالة ماجستير ،بجامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية ،الجزائر ،إعداد :هند آكني،
" -منهج االستدالل بالحديث عند الشيخ األلباين" ،رسالة دكتوراه ،بدار
" -منهج االستدالل بالحديث عند الشيخ األلباين" ،رسالة ماجستير ،جامعة ابن زهر،
" -المنهج األصولي عند الشيخ األلباين" ،رسالة ماجستير ،بكلية دار العلوم ،جامعة
القاهرة ،إعداد :إبراهيم وفيق شعالن ،طبع عن دار اللؤلؤة بمصر ،يف مجلدين903 ،
صفحة.
وقد يسر لي المولى -سبحانه بمنه وفضله وكرمه-اقتناء هذا البحث األخير ،فأسأل اهلل
العظيم رب العرش أن يكتب أجر كاتبه ،وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم.
وأثناء نظري يف هذا البحث انقدح يف الذهن بعض المالحظات التي ارتأيت أن تدوينها قد
أما األولى :فمن نظر يف الكتاب علم أنه جمع لـ (آراء اإلمام األلباين يف (بعض) المباحث
وهذا ما صرح به الباحث -حفظه اهلل-يف (الخطة المقترحة للدراسة) من مقدمته (،)18/1
فقال:
وال يخفى على أهل الصناعة األصولية أن ثم فروقا بين (المنهج األصولي) و (اآلراء
األصولية).
وإال لو عددنا رسالة الباحث –حفظه اهلل-يف (المنهج األصولي) = لترتب عليه فوت ليس
وأما المالحظة الثانية :أن الباحث -حفظه اهلل-لم يدرس إال (باب األدلة المتفق عليها)،
-الحكم الشرعي
-والدالالت.
-واالجتهاد والتقليد.
عقد الباحث-حفظه اهلل-فصال لبيان (المسائل الفقهية التي خالف فيها األلباين المذاهب
األربعة).
وحاول –جزاه اهلل خيرا-يف هذا الفصل تتبع انفرادات اإلمام األلباين –رحمه اهلل-عن
المذاهب األربعة.
وفات الباحث -حفظه اهلل-أن يبين ضابط التفرد عنده ،فال أدري هل بنى الباحث تفرد
اإلمام األلباين –رحمه اهلل :-على المعتمد يف المذهب ،أم على التفرد بعامة.
وإخاله فاته –أيضا-التأين يف بعض المواضع يف نسبة االنفراد إلى اإلمام األلباين –رحمه
األول :دعوى التفرد ،مع أن اإلمام األلباين قد وافق أحد المذاهب األربعة.
الثاين :دعوى التفرد ،مع أن اإلمام األلباين -رحمه اهلل-قد وافق رواية يف أحد المذاهب
األربعة.
الثالث :دعوى تفرد اإلمام األلباين –رحمه اهلل-تفردا مطلقا عن علماء األمة ،أي :أنه لم
(حكم الجمع بين التسميع والتحميد للمأموم)؛ ذلك أن الخالف يف (الجمع بين التسميع
والتحميد).
فأقول :بادئ ذي بدء ال بد من مراعاة فصل هذه المسألة عما يختلط بها من المسائل عند
وسنحقق مذاهب أهل العلم يف المسألة التي اختارها الباحث –حفظه اهلل ،-وهي بحسب
قال القدوري يف "مختصره" (" :)72ثم يرفع رأسه ،ويقول :سمع اهلل لمن حمده،
وبنحوه قال صاحب "الهداية" (" :)49/1ثم يرفع رأسه ،ويقول :سمع اهلل لمن حمده،
وقال النسفي يف "كنز الدقائق" ( " :)163واكتفى اإلمام بالتسميع ،والمؤتم والمنفرد
بالتحميد".
هذا توثيق قول الحنفية ،وأما المالكية ،فقال اإلمام مالك يف "المدونة" (:)72/1
" إذا قال اإلمام :سمع اهلل لمن حمده ،لم يقل :اللهم ربنا ولك الحمد.
وليقل من خلفه :اللهم ربنا ولك الحمد ،وال يقول من خلف اإلمام :سمع اهلل لمن حمده.
وقال القاضي عبد الوهاب يف " اإلشراف" ( " :)271/1ويقول المأموم :ربنا لك
وقال ابن بزيزة يف "روضة المستبين" (" :)344/1قوله( :ويقول المأموم :لربنا لك
وصنّف السيوطي –رحمه اهلل"-ذكر التشنيع يف مسألة التسميع" ،طبعت ضمن "الحاوي
وأما الوقفة الثالثة ،وهي األهم :فمع وهم الباحث -حفظه اهلل-يف إدراجه مسألة (حكم
التسميع والتحميد للمأموم) ( )630/2يف (المسائل الفقهية التي خالف فيها األلباين
المذاهب األربعة)!
ذلك أن اإلمام األلباين -رحمه اهلل-وافق القول الثاين ،وهو مذهب الحنابلة ،يف القول
بوجوب الجمع بين التسميع والتحميد؛ كما قرر ذلك الباحث –حفظه اهلل!-
مع أن اإلمام األلباين -رحمه اهلل-قد وافق رواية يف أحد المذاهب األربعة
ومن ذلك:
-1يف أول مثال ذكره الباحث –حفظه اهلل ،-وهي مسألة( :حكم الوضوء من حمل الميت)
(.)592/2
اختار فيها اإلمام األلباين –رحمه اهلل-القول الثاين ،وهو استحباب رفع اليدين يف القيام بعد
التشهد األول.
وهذا القول رواية عند المالكية-اختارها ابن وهب ،ورواية عند الشافعية – اختارها :ابن
المنذر والبيهقي والنووي ،ورواية عند الحنابلة –رجحها شيخ اإلسالم ابن تيمية.
اختار فيها اإلمام األلباين –رحمه اهلل-القول الثالث ،وهو أن عدد ركعات صالة التراويح
اختار فيها اإلمام األلباين –رحمه اهلل-القول الثاين ،وهو تحريم الدفن ليال إال لضرورة.
اختار فيها اإلمام األلباين –رحمه اهلل-القول الثالث ،وهو أن العقيقة واجبة.
ومن ذلك:
قال الباحث –حفظه اهلل " :)678/2(-وجه الداللة :أن هذه األحاديث واآلثار تدل على
وما سواها فإما ضعيف ال تقوم به الحجة !!! أو منسوخ ال يعمل به !!!".
-أما آخرها ،وهي دعوى النسخ ،فأين الدليل ،ثم أين تحقق شروط النسخ ؟!
-وأما أنها ضعيفة ال تقوم بها الحجة ،فانظر بطالنه فيما سيأتيك.
ثم نسب الباحث –حفظه اهلل-القول الثاين ،وهو أن عدد التكبيرات من أربع إلى تسع-إلى
وهذه دعوى باطلة ،فالخالف فيها عال؛ كما قال القاضي عياض يف "إكمال المعلم"
(:)416/3
"واختلف السلف من الصحابة يف ذلك من :ثالث تكبيرات إلى تسع".
ورد اإلمام األلباين –رحمه اهلل-الدعاوى السابقة بقوله يف "أحكام الجنائز" (:)142
" كان زيد بن أرقم يك ّبر على جنائزنا أربعا ،وإنه ك ّبر على جنازة خمسا ،فسألته فقال :كان
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يك ّبرها( ،فال أتركها (ألحد بعده) أبدا) ".
أخرجه مسلم ( )56 /3وأبو داود ( )68 ،67 /2والنسائي ( )281 /1والترمذي (/2
ثم أخرجه الطحاوي والدارقطني ( )192 ،191وأحمد ( )370/4من طرق أخرى عنه به
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا من أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم وغيرهم ،رأوا
وقال أحمد واسحاق :إذا ك ّبر االمام على الجنازة خمسا فإنه يتبع االمام ".
ج -وأما الست والسبع ،ففيها بعض اآلثار الموقوفة ،ولكنها يف حكم األحاديث المرفوعة،
ألن بعض كبار الصحابة أتى بها على مشهد من الصحابة دون أن يعترض عليه أحد منهم.
قال الشعبي " :وقدم علقمة من الشام ،فقال البن مسعود :إن اخوانك بالشام يك ّبرون على
فأطرق عبد اهلل ساعة ثم قال :انظروا جنائزكم ،فك ّبروا عليها ما ك ّبر أئمتكم ،ال وقت وال
عدد ".
أخرجه ابن حزم يف " المحلى " ( )126 /5بهذا التمام ،وقال " :وهذا إسناد غاية يف
الصحة ".
قلت :وقد أخرج منه قصة علي رضي اهلل عنه أبو داود يف مسائله عن االمام أحمد (ص
على شرط الشيخين ،وهي عند البخاري يف " المغازي " ( )253 /7دون قوله " ستا...
".
" كان علي رضي اهلل عنه يك ّبر على أهل بدر ستا ،وعلى أصحاب النبي صلى اهلل عليه
" إنه غلط ،ألن أبا قتادة رضي اهلل عنه بقي بعد علي رضي اهلل عنه مدة طويلة ".
" قلت :وهذه علة غير قادحة ،ألنه قد قيل :إن أبا قتادة مات يف خالفه علي ،وهذا هو
الراجح".
وسبقه إلى هذا ابن التركماين يف " الجوهر النقي " فراجعه.
قلت :فهذه آثار صحيحة عن الصحابة تدل على أن العمل بالخمس والست تكبيرات
استمر إلى ما بعد النبي صلى اهلل عليه وسلم ،خالفا لمن ادعى اإلجماع على األربع فقط.
ّ
وقد حقق القول يف بطالن هذه الدعوى ابن حزم يف "المحلى" (.)125-124/5
األول :عن عبد اهلل بن الزبير " :أن النبي صلى اهلل عليه وسلم صلى على حمزة فك ّبر عليه
وهذا العدد هو أكثر ما وقفنا عليه يف التكبير على الجنازةَ ،ف ُيو َق ُ
ف عنده وال ُيزاد عليه ،وله
قال ابن القيم يف "زاد المعاد" بعد أن ذكر بعض ما أوردناه من اآلثار واألخبار:
" وهذه آثار صحيحة ،فال موجب للمنع منها ،والنبي صلى اهلل عليه وسلم لم يمنع مما زاد
الثاين :ما جاء يف بعض األحاديث " :كان آخر ما ك ّبر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على
والجواب :أنه حديث ضعيف ،له طرق بعضها أشد ضعفا من بعض ،فال يصلح التمسك به
لرد الثابت عنه صلى اهلل عليه وسلم باألسانيد الصحيحة المستفيضة.
قال الحافظ يف " التلخيص " ( ،)167 /5ومن قبله الحازمي يف " االعتبار " (ص ،)95
" وعن ابن عباس رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صلى على قتلى أحد،
فك ّبر تسعا تسعا ،ثم سبعا سبعا ،ثم أربعا أربعا حتى لحق باهلل.
األول :أنه مخالف لقول الحافظ ابن حجر ومن قبله من األئمة الذين صرحوا بأن طرق
هكذا:
حدثنا أحمد بن القاسم الطائي ،ثنا بشر بن الوليد الكندي ،ثنا أبو يوسف القاضي ،حدثني
نافع بن عمر ،قال :سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث عن ابن عباس به.
قلت :وهذا إسناد ال ُيحسن مثله؛ فإن فيه ثالث فيه ثالث علل:
األولى :أبو يوسف القاضي ،وهو يعقوب بن إبراهيم ،ضعفه ابن المبارك وغيره ،ووصفه
الثالثة :المخالفة يف سنده؛ فقد أخرجه الطبراين ( ،)1 / 119 /3والحازمي يف "االعتبار "
( )95عن جماعة قالوا :عن نافع أبي هرمز ،عن عطاء ،عن ابن عباس ،به.
إلى أن قال" :أهل بدر" بدل " قتلى أحد" ،وهكذا أورده الهيثمي ،وقال:
وما وقع يف الطريق األول أنه نافع بن عمر -وهو ثقة :-وهم من بعض رواته.
قلت :أبعد كل هذه األدلة الصحيحة يقال( :وما سواها فإما ضعيف ال تقوم به الحجة !!!
فلو نازع الباحث –حفظه اهلل-اإلمام يف صحتها باألدلة والبراهين = لقلنا :لكالمه وجه.
ولو برهن الباحث –حفظه اهلل-على زعم النسخ = لقلنا :لكالمه وجه.
أما أن تلقى الدعاوى جزافا ،بال براهين :فهذا ال يليق بمقام التحقيق العلمي.
فنسب الباحث –حفظه اهلل-القول الثاين -وهو أن مانع الزكاة تؤخذ منه قهرا وشطر ماله-
وأما إذا امتنع من دفع الزكاة ،فيأخذها منه السلطان كرها ،وال يأخذ إال قدر الزكاة على
الجديد.
وممن صرح بهذا الطريق القاضي أبو الطيب يف تعليقه ،والماوردي ،والمحاملي يف كتبه
( -والطريق الثاين) وهو المشهور ،وبه قطع المصنف هنا ،واألكثرون.
فيه قوالن:
( -أحدهما) :أنما ادعوه من (كون العقوبة كانت باألموال يف أول اإلسالم) :ليس بثابت،
وال معروف.
(-والثاين) :أن النسخ إنما يصار إليه إذا ُع ِلم التاريخ ،وليس هنا علم بذلك.
(والجواب) الصحيح :تضعيف الحديث؛ كما سبق عن الشافعي رضي اهلل عنه ،وأبي
" وقال إسحاق بن راهويه وأبو بكر عبد العزيز :يأخذها وشطر ماله ".
" وقال بظاهر الحديث :األوزاعي ،واإلمام أحمد ،وإسحاق بن راهويه ،على ما فصل
عنهم.
وقال الشافعي يف القديم :من منع زكاة ماله أخذت منه وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه.
وجعل هذا الحديث منسوخا ،وقال :كان ذلك حين كانت العقوبات يف المال ،ثم نسخت.
ويف ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ،لم يثبت
وأما ما تولد من غير جنايته وقصده :فال يسوغ أحد عقوبته عليه.
وقول من حمل ذلك على (سبيل الوعيد دون الحقيقة) يف غاية الفساد ،ينزه عن مثله كالم
وقول من حمله على (أخذ الشطر الباقي بعد التلف) باطل؛ لشدة منافرته وبعده عن مفهوم
وقول الحربي( :إنه (وشطر) بوزن شغل) :يف غاية الفساد ،وال يعرفه أحد من أهل
كالم ساقط جدا؛ فإنه إذا لم يكن لضعفه سبب إال روايته هذا الحديث .وهذا الحديث إنما
وهذا نظير َرد من رد حديث عبد الملك بن أبي سليمان بحديث جابر يف شفعه الجوار،
فال يليق بعد ذلك رمي اإلمام األلباين –رحمه اهلل-بالتفرد به ،دون وجه حق.
نسب الباحث –حفظه اهلل-القول الثاين -وهو تحريم إفراد يوم السبت بالصوم-إلى اإلمام
أن الناظر يف "نخب األفكار" للعيني ( )432/8يجد أن القائلين بالكراهة جمع من
مع ّ
أهل العلم؛ قال العيني:
"ص :قال أبو جعفر -رحمه اهلل :-فذهب قوم إلى هذا الحديث ،فكرهوا صوم يوم
السبت تطوعا.
ش :أراد بالقوم هؤالء :مجاهدا ،وطاوس بن كيسان ،وإبراهيم ،وخالد بن معدان؛ فإنهم
قلت :ومن تأمل ديار العلماء المنقول عنهم القول بالكراهة وجدها مختلفة متباعدة:
فمجاهد حجازي مكي ،وطاوس يمني ،وإبراهيم عراقي كويف ،وخالد بن معدان شامي
حمصي.
فإن قيل :من نقل عنهم القول بالمنع من السلف قالوا بالكراهة ،ال بالتحريم ،واإلمام
نسب الباحث –حفظه اهلل-القول الرابع -وهو حرمة تقبيل الرجل للرجل يف الوجه -إلى
أن الباحث –حفظه اهلل-فاته التنبيه على اختيار اإلمام األلباين –رحمه اهلل-يف لقب
أن لقب (الكراهة) إذا أطلق عند السلف ،فالمراد به (الكراهة التحريمية)؛ ألنه المعروف
ومن ذلك:
" وإن كنت ال أستبعد حمل (الكراهة) يف عبارة الشافعي المتقدمة خاصة على (الكراهة
فإذا وقفنا يف كالمه على لفظ له معنى خاص يف القرآن الكريم :وجب حمله عليه.
ال على المعنى المصطلح عليه عند المتأخرين ،فقد قال تعالى :ﭐﱡﭐ ﭐ ﱶﱷﱸ
المتقدم " :وأكره " .ويؤيده أنه قال عقب ذلك " :وإن صلى إليه أجزأه ،وقد أساء ".
فإن قوله " أساء " معناه :ارتكب سيئة ،أي :حراما.
فإنه هو المراد بالسيئة يف أسلوب القرآن أيضا؛ فقد قال تعالى يف سورة (اإلسراء) بعد أن
األصل يف النهي التحريم ،إال ما دل الدليل على أنه لمعنى آخر؛ كما صرح بذلك يف رسالته
" جماع العلم " (ص ،)125ونحوه يف كتابه " الرسالة " (ص .")343
-وقال يف "أصل صفة صالة النبي صلى اهلل عليه وسلم" (:)1020/3
" والكراهة إذا أطلقت؛ فهي للتحريم ،كما هو معروف عند علمائنا".
قلت :وسيأتي بعد قليل كالم لإلمام األلباين من كتابه "آداب الزفاف" يف الباب؛ فل ُينظر.
الحاصل :أن بيان الباحث (لمنهج اإلمام األلباين األصولي) يف التعامل مع لقب (الكراهة)
يف مدونات السلف ،والذي هو مقصد بحثه الذي أنشأه من أجله = أولى من رمي اإلمام –
وهذه المسألة من المسائل التي تفرد بها الشيخ األلباين !!! ".
دعوى الباحث -حفظه اهلل :-أن اإلمام األلباين –رحمه اهلل( -خرق إجماع العلماء) !!!
فأقول :هذه الدعوى ردها اإلمام األلباين –رحمه اهلل-يف كتابه "آداب الزفاف" ()238
بقوله:
اإلجماع الصحيح:
األول :أنه ال يمكن إثبات صحة اإلجماع يف هذه المسألة وإن نقله البيهقي يف "سننه" (4
ولكن هذا كأنه أشار لعدم ثبوته حين قال )260 / 10( :يف بحث خاتم الذهب:
ويأتي قريبا ما يبطل هذا اإلجماع؛ وذلك ألنه ال يستطيع أحد أن يدعي أنه إجماع معلوم
من الدين بالضرورة ،وغير هذا اإلجماع مما ال يمكن تصوره ،فضال عن وقوعه.
"من ادعى اإلجماع فهو كاذب [وما يدريه؟] لعل الناس اختلفوا".
وتفصيل القول يف هذا الموضوع الخطير ليس هذا موضعه ،فليراجع من شاء التحقيق
بعض كتب علم أصول الفقه التي ال يقلد مؤلفوها من قبلهم! مثل" :أصول األحكام"
الثاين :لو كان يمكن إثبات اإلجماع يف الجملة ،لكان ادعاؤه يف خصوص هذه المسألة غير
لقوله صلى اهلل عليه وسلم" :ال تجتمع أمتي على ضاللة".
ومثل هذا اإلجماع ال وجود له إال يف الذهن والخيال ،وال أصل له يف الوجود والواقع.
قال أبو محمد بن حزم رحمه اهلل تعالى يف "أصول األحكام" (:)72- 71 / 2
"وقد أجاز بعض أصحابنا أن َيرِ َد حديث صحيح عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ،ويكون
أحدهما :أن ورود حديث صحيح يكون اإلجماع على خالفه ،معدوم لم يكن قط ،وال هو
يف العالم ،فمن ادعى أنه موجود فليذكره لنا ،وال سبيل له -واهلل -إلى وجوده أبدا.
فمضمون عند كل من يؤمن باهلل واليوم اآلخر أن ما تكفل اهلل عز وجل بحفظه ،فهو غير
وكالم النبي صلى اهلل عليه وسلم ك ّله وحي؛ بقوله تعالى :ﱡﭐﱋﱌ ﱍﱎﱏﱐﱑﱒ
ولو كان ذلك لسقط كثير مما َبلغ عليه السالم عن ربه ،وقد أبطل ذلك رسول اهلل صلى اهلل
قال" :ولسنا ننكر أن يكون حديث صحيح وآية صحيحة التالوة منسوخين ،إما بحديث
آخر صحيح ،وإما بآية متلوة ،ويكون االتفاق على النسخ المذكور قد ثبت ،بل هو موجود
عندنا.
إال أننا نقول :ال بد أن يكون الناسخ لهما موجودا أيضا عندنا ،منقوال إلينا محفوظا عندنا
وإنما الذي منعنا منه :فهو أن يكون المنسوخ محفوظا منقوال مبلغا إلينا ،ويكون الناسخ له
فهذا باطل عندنا ،ال سبيل إلى وجوده يف العالم أبد األبد؛ ألنه معدوم ألبتة ،قد دخل -بأنه
غير كائن -يف باب المحال والممتنع عندنا ،وباهلل تعالى التوفيق".
"ولم يزل أئمة اإلسالم على تقديم الكتاب على السنة ،والسنة على اإلجماع ،وجعل
وقال ابن القيم أيضا يف صدد بيان أصول فتاوى اإلمام أحمد:
"ولم يكن -يعني اإلمام أحمد-يقدم على الحديث الصحيح عمال ،وال رأيا ،وال قياسا،
وال قول صاحب ،وال عدم علمه بالمخالف ،الذي يسميه كثير من الناس إجماعا،
وقد كذب أحمد من ادعى هذا اإلجماع ،ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت ،وكذلك
الشافعي ...
أن يقدموا عليها توهم إجماع ،مضمونه عدم العلم بالمخالف .ولو ساغ لتعطلت
النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا يف حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على
النصوص".
قلت :وهذا ما فعله البعض هنا ،فقدموا ما زعموه إجماعا على النصوص المتقدمة ،مع أنه
الثالث :أنه قد ثبت ما ينقض باإلجماع المزعوم ،وهو ما روى عبد الرزاق يف "المصنف"
عساكر) ،وابن حزم ( )82 / 10بسند صحيح ،عن محمد بن سيرين ،أنه سمع أبا هريرة
يقول البنته:
وروى ابن عساكر ( )2 / 124 / 19من طريقين آخرين :أن ابنة ألبي هريرة قالت له:
إن الجواري يعيرنني ،يقلن :إن أباك ال يحليك الذهب!
فقال :قولي لهن" :إين أبي ال يحليني الذهب ،يخشى على من اللهب".
ورواه عبد الرزاق ( )19938نحوه ،وعلقه البغوي يف شرح السنة (،)82 / 210 / 3
وحكى الخالف يف هذه المسألة ،فإنه بعد أن ذكر إباحة خاتم الذهب للنساء وتحليهن به
ثم ساق حديث أسماء بنت يزيد المتقدم بعضه يف المتن ( ،)236وتمامه يف التعليق
(.)237
وما حكاه البغوي رحمه اهلل من الكراهة عن أولئك الذين أشار إليهم من العلماء :فهي
الكراهة التحريمية؛ ألنه المعروف يف اصطالح السلف تبعا لألسلوب القرآين يف عديد من
وبين أيدينا مثال آخر قريب المنال ،وهو ما تقدم يف بحث خاتم الخطبة أن اإلمام أحمد
واإلمام إسحاق بن راهويه كرها خاتم الذهب للرجال ،فهذه الكراهة للتحريم أيضا
وكذلك األمر يف تحريم خاتم الذهب على النساء ألن األدلة صريحة أيضا فمن أطلق
كراهته عليهن :فإنما يعني الكراهة الشرعية ،وهي التحريم فتأمل منصفا.
أذين.
فأرسل إليها ،ثم قال لها :إن استطعت أن تجعلي هاتين الجمرتين يف أذنيك بعثت لك
بأخت لها!
ومن الظاهر أن اللؤلؤة كانت محالة بالذهب؛ ألنها ال تقوم بنفسها ،وال تحلى عادة إال بها.
ويؤيد ذلك لفظة" :الجمرتين" فإنها مستوحاة من بعض أحاديث التحريم المتقدمة
قلت :ولإلمام األلباين –رحمه اهلل-ر ّد مفصل على تعقبات الشيخ إسماعيل األنصاري عليه
يف مسألة الذهب المحلق ،سبق له أن طبع يف ثنايا كتاب "حياة األلباين وآثاره" لألستاذ
لكن شاب هذه الطبعة بعض النقص والتصحيف والتحريف ،مما دعا شيخنا مشهور بن
حسن آل سلمان –حفظه اهلل-إلى إعادة إخراجه ،بعد مقابلته على أصله الخطي ،أسـال أن
" وقد صرح العالمة ابن مفلح يف «اآلداب الشرعية» بنفي اإلجماع المزعوم ،حيث قال
(:)507/3
«فصل يف إباحة الحرير والذهب للنساء عند الجمهور ال إجماعا» ".
«يمكن دفعه بأن القائل بتحريم الذهب على النساء قد انقرض بعد الحسن وأبي هريرة،
واستقر اإلجماع بعدهما على القول باإلباحة إلى زمن البيهقي والنووي».
األول :أن عمدتنا يف اإلبطال ليس هو قول أبي هريرة والحسن فقط ،بل ويف نفي األئمة
ومن أراد التفصيل فليراجع كتاب اإلمام –رحمه اهلل-يف الرد على الشيخ إسماعيل
وأما الدعوى الثانية :وهي قول الباحث –حفظه اهلل( :-ومخالفة ظاهرة لجمهور علماء
األمة قاطبة)!
-ثم هل يثرب على من خالف قول جمهور العلماء مستندا إلى األدلة من السنة ،وآثار
الصحابة؟
فال أدري كيف يكون (تحكما ،ثم بال دليل) ،وقد كتب الباحث -حفظه اهلل-قبلها
وضوح
يف البحث
رأيت الباحث -حفظه اهلل-ال يفصح عن طريقة استنباط اإلمام األلباين -رحمه اهلل-
وإنما يذكر مصدر استدالل اإلمام األلباين -رحمه اهلل-على استحياء! مع كلمة موجزة يف
فليته بسط القول يف (طريقة نزع اإلمام للحكم الشرعي من مصدر االستدالل)؛ حتى
يتحقق المراد من هذه الرسالة ،وهو إظهار (المنهج األصولي عند اإلمام األلباين).
هذا ما َعن يف البال ،وسنح يف الخيال ،حال مطالعتي لهذه الرسالة الجامعية ،فإن كان صوابا
فالحمد هلل على توفيقه ،وإن كان خطأ فنرجع إلى الحق طائعين.